الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي0%

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 611

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

مؤلف: السيد سامي البدري
تصنيف:

الصفحات: 611
المشاهدات: 152895
تحميل: 5263

توضيحات:

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 611 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 152895 / تحميل: 5263
الحجم الحجم الحجم
الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

مؤلف:
العربية

فاشتراه أبو جعفر فقال له يوما يا أمير المؤمنين هذه سفن منحدرة من الموصل فيها مبيضة تريد إبراهيم بالبصرة قال فضم إليه جندا فلقيهم بباحمشا بين بغداد والموصل فقتلهم أجمعين وكانوا تجارا فيهم جماعة من العباد من أهل الخير وغيرهم وفيهم رجل يدعى أبا العرفان جارك إنما شخصت برقيق لي فبعتهم فلم يقبل وقتلهم أجمعين وبث برؤوسهم إلى الكوفة فنصبت ما بين دار إسحاق الأزرق إلى جانب دار عيسى بن موسى إلى مدينة ابن هبيرة قال أبو أحمد عبد الله بن راشد فأنا رأيتها منصوبة على كوم التراب.

قال وحدثنا أبو علي القداح قال حدثني داود بن سليمانونيبخت وجماعة من القداحين قالوا كنا بالموصل وبها حرب الراوندي رابطة في ألفين لمكان الخوارج بالجزيرة فأتاه كتاب أبي جعفر يأمره بالقفل إليه فشخص فلما كان بباحمشا اعترض له أهلها وقالوا لا ندعك تجوزنا لتنصر أبا جعفر على إبراهيم فقال لهم ويحكم إني لا أريد بكم سوءا انما أنا مار دعوني قالوا لا والله لا تجوزنا أبدا فقاتلهم فأبارهم وحمل منهم خمسمائة رأس فقدم بها على أبي جعفر وقض عليه قصتهم قال أبو جعفر هذا أول الفتح.

قال جعفر بن ربيعة قال الحجاج بن قتيبة لقد دخلت على أمير المؤمنين المنصور في ذلك اليوم مسلما وما أظنه يقدر على رد السلام لتتابع الفتوق والخروق عليه والعساكر المحيطة به ولمائة ألف سيف كامنة له بالكوفة بإزاء عسكره ينتظرون به صيحة واحدة فيثبون.(1)

الخلاصة :

مصِّرت الكوفة على عهد الخليفة عمر بن الخطاب وكان طابعها العام هو العمل بسيرة الشيخين شانها شان بلدان الفتوح ثم تبنت نهضة علي والحسن والحسينعليه‌السلام ولم تتخلف عن نصرة مشروعهم الإحيائي للسنة النبوية ودفعت الثمن غاليا حين حاول الأمويون والمروانيون والزبيريون محو ولاية علي وأهل بيتهعليهم‌السلام والأحاديث النبوية التي

__________________

(1) الطبري ،تاريخ الطبري ، ج 6 ص 249.

٣٤١

تدعو إلى ولايتهم من ساحتها فلم يفلحوا ، ثم برزت مرة أخرى في الثلث الأول من القرن الثاني الهجري قلعة لمشروع عليعليه‌السلام الإحيائي للسنة النبوية بخطين الأول خط مرجعية الأئمة من ذرية الامام الصادقعليه‌السلام والثاني خط الثوار بقيادة زيد وولده والثوار من ولد عبد الله بن الحسن المثنى.

٣٤٢
٣٤٣

الباب الثالث

العباسيون يحذون حذو الأمويين

في تحريف التاريخ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفصل الأول 351 تحريف الأمويين للتاريخ

الفصال الثاني 371 انشقاق العباسيين عن المحسنيين والأئمة من أهل البيتعليهم‌السلام

الفصل الثالث 380 سياسة الاعلام العباسي

الفصل الرابع 401 الروايات الطاعنة في عقيدة الوصية بعليعليه‌السلام

الفصل الخامس 405 كتاب أبي مخنف في مقتل الحسينعليه‌السلام

الفصل السادس 412 الروايات الطاعنة في أهل الكوفة على لسان علي والحسنعليه‌السلام

الفصل السابع 441 الروايات الطاعنة في الحسنعليه‌السلام

الفصل الثامن 453 ملاحظات نقدية حول رواية البخاري في الصلح وشرح ابن حجر لها

الفصل التاسع 491 الروايات التي تطعن في أهل الكوفة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

٣٤٤
٣٤٥

استهدف الباب الثالث في تسعة فصول تفسير وجود ذلك الكم الهائل من الروايات الذي انتج رؤية الانهيار المبين للحسن وللكوفيين ، وكونها من وضع الامويين والعباسيين لمواجهة اخطر ثلاثي متعاون واجهه الحكم العباسي وهم الحسنيون الثائرون عليهم ـ مرجعية الامام الصادق الدينية الآخذة بالتوسع ـ الكوفة القلعة التاريخية التي تمد كلا الخطين بالقاعدة الشعبية.

ففيالفصل الأول عرضٌ مختصر في تحريف الأمويين لتاريخ خصومهم بوصفه التجربة الأقدم التي شهدها العباسيون الآباء ثم استفاد منها الأبناء لتحريف خصومهم ، وقد انتزعنا هذا الفصل من كتابنا المدخل إلى دراسة مصادر السيرة والتاريخ.

وفيالفصل الثاني عرض مختصر لانشقاق العباسيين عن الحسنيين والأئمة من أهل البيتعليهم‌السلام فكريا وسياسيا إذ كانوا في بدء الأمر جزء من حركة العلويين ثم انشقوا عنها.

وفيالفصل الثالث عرض وثائق الاعلام العباسي ضد الحسن والكوفة والتشيع من خلال خطب أبي العباس السفاح وأبي جعفر الدوانيقي والشعر ومحاورات الدوانيقي مع مالك بن انيس وغيره.

وفيالفصل الرابع عرض لشخصيتين مارستا الوضع في العهد العباسي المبكر لمواجهة حركة التشيع اليت يقودها الامام الصادق حين وضعتا اخبارا وصفت التشيع لعلي بانه من وضع شخص يهودي من صنعاء اسلم على عهد عثمان اظهر القول بالوصية لعلي

٣٤٦

وقرنه بالطعن على الخلفاء وبالتالي فان الشيعة من تأسيس يهودي حاقد على الإسلام ، وهاتان الشخصيتان هما سيف بن عمر وعبد الرحمن بن مالك بن مغول وقد عُرفا في كتب الرجال بانهما وضّاعان للاخبار.

وفيالفصل الخامس عرض لكتاب أبي مخنف الذي استهدف تحميل أهل الكوفة تبعة قتل الحسين تعبيرا عن خذلانهم وضعف إرادتهم بخلاف ما بينه أهل البيتعليهم‌السلام من قتلة الحسين هم من أهل الشام وان أهل الكوفة انصارهم الاوفياء.

وفيالفصل السادس عرض للاخبار الطاعنة في أهل الكوفة على لسان علي والحسن ، وانها من وضع الأخباريين العباسيين من خلال ترجمة الكثير من رواة تلك الاخبار.

وفيالفصل السابع عرض للاخبارالطاعنة في الحسنعليه‌السلام وترجمة لرواتها ممن كان يعمل مع العباسيين.

وفي الفصل الثامن مناقشة لرواية البخاري في الصلح وشرح ابن حجر العسقلاني لها.

وفيالفصل الثامن عرض للروايات الطاعنة في الكوفيين على لسان الرواة الآخرين وذكر المنبهات على انها من وضع الأخباريين العباسيين أيضا.

٣٤٧

الباب الثالث / الفصل الأول

تحريف الأمويين للتاريخ

أوردنا في كتابنا «المدخل إلى دراسة مصادر السيرة والتاريخ» اربع وثائق تتحدث عن تحريف بني أمية للحديث والتاريخ ننقلها بتمامها لكفايتها :

1. ما رواه الزبير بن بكار في كتابه الموفقيات

قال الزبير بن بكار : حدثنا أحمد بن سعيد قال : حدثني الزبير قال : حدثني عمي مصعب بن عبد الله عن الواقدي قال : حدثني ابن أبي سبرة عن عبد الرحمن بن زيد قال :

وفد علينا سليمان بن عبد الملك حاجّاً سنة اثنتين وثمانين ، وهو ولي عهد ، فمرَّ بالمدينة ، فدخل عليه الناس ، فسلَّموا علهي ، وركب إلى مشاهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله التي صلَّى فيها وحيث أُصيب أصحابه في أحد ، ومعه أبان بن عثمان ، وعمرو بن عثمان ، وأبو بكر بن عبد الله بن أبي أحمد ، فأتوا به قُباء ، ومسجد الفضيخ ، ومشربة أم إبراهيم ، وأحد ، وكل ذلك يسألهم ، ويخبرونه عمَّا كان.

ثم أمر أبان بن عثمان أن يكتب له سِيَر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ومغازيه.

فقال أبان : هي عندي قد أخذتها مصححة ممن أتق به ، فأمر بنسخها ، وألقى فيها إلى عشرة من الكُتَّاب ، فكتبوها في رقّ.

٣٤٨

فلما صارت إليه ، نظر فإذا فيها ذكر الأنصار في العقبتين وذكر الأنصار في بدر ، فقال : ما كنت أرى لهؤلاء القوم هذا الفضل فإمَّا أن يكون أهل بيتي غمصوا عليهم وإمَّا أن يكونوا ليس هكذا.

فقال أبان بن عثمنا : أيها الأمير لا يمنعنا ما صنعوا بالشهيد المظلوم من خذلانه من القول بالحق : هم على ما وصفنا لك في كتابنا هذا ، قال : ما حاجتي إلى أن أنسخ ذاك حتَّى أذكره لأمير المؤمنين لعله يخالفه ، فأمر بذلك الكتاب فحُرِّق ، وقال : أسأل أمير المؤمنين إذا رجعت ، فإن يوافقه فما أيسر نسخه.

فرجع سليمان بن عبد الملك فأخبر أباه بالذي كان من قول أبان.

فقال عبد الملك : وما حاجتك أن تقدم بكتاب ليس لنا فيه فضل ، تُعرِّف أهل الشام أموراً لا نريد أن يعرفوها!

قال سليمان : فلذلك يا أمير المؤمنين أمرت بتخريق ما كنتُ نسخته حتَّى أستطلع رأي أمير المؤمنين ، فصوّب رأيه ، وكان عبد الملك يثقل عليه ذلك.

ثم إنَّ سليمان جلس مع قبيصة بن ذؤيب ، فأخبره خبر أبان بن عثمان وما نسخ من تلك الكتب وما خالف أمير المؤمنين فيها.

فقال قبيصة : لولا ما كرهه أمير المؤمنين لكان من الحظِّ أنْ تَعْلَمها وتُعلِّمَها ولدك وأعقابهم ، إنَّ حظَّ أمير المؤمنين فيها لوافر ، إنَّ أهل بيت أمير المؤمنين لأكثر من شهد بدراً فشهدها من بني عبد شمس ستة عشر رجلاً من أنفسهم وحلفائهم ومواليهم وحليف القوم منهم ومولى القوم منهم. وتوفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعمَّاله من بني أمية أربعة : عتاب بن أُسيد على مكة ، وأبان بن سعيد على البحرين ، وخالد بن سعيد على اليمن ، وأبو سفيان بن حرب على نجران ، عاملاً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولكنِّي رأيت أمير المؤمنين كره من ذلك شيئاً فما كره فلا تخالفه.

ثم قال قبيصة : لقد رأيتني وأنا وهو ـ يعني عبد الملك ـ وعدةً من أبناء المهاجرين ما لنا علم غير ذلك حتَّى أحكمناه ، ثم نظرنا بعد في الحلال والحرام ، فقال سليمان : يا أبا إسحاق ألا تخبرني عن هذا البغض من أمير المؤمنين وأهل بيته لهذا الحيَّ من الأنصار وحرمانهم إيَّاهم لِمَ كان؟ فقال : يا ابن أخي أوّل من أحدث ذلك معاوية بن

٣٤٩

أبي سفيان ، ثم أحدثه أبو عبد الملك (يريد مروان) ثم أحدثه أبوك.

فقال : علامَ ذلك؟

قال : فوالله ما أريد به إلَّا لأعلمه وأعرفه.

قال : لأنَّهم قتلوا قوماً من قومهم ، وما كان من خذلانهم عثمان فحقدوه عليهم ، وحنقوه وتوارثوه ، وكنت أحب لأمير المؤمنين أن يكون على غير ذلك لهم وأن أخرج من مالي فكلَّمه.

فقال سليمان : أفعل والله. فكلَّمه وقبيصة حاضر ، فأخبر قبيصة بما كان من محاورتهم.

فقال عبد الملك : والله ما أقدر على غير ذلك فدعونا من ذكرهم فأسكت القوم.(1)

وحكى الزهري(2) : (أن عبد الملك رأى عند بعض ولده حديث المغازي فأمر به فأحرق ، وقال : عليك بكتاب الله فاقرأه والسنة فاعرفها واعمل بها).

قال الدكتور حسين عطوان : (ولم يزل الخلفاء الأمويون يحظرون رواية المغازي والسير إلى نهاية القرن الأول فلما استخلف عمر بن عبد العزيز ، أقرَّ بأنَّ من سبقه من الخلفاء الأمويين حاربوا رواية المغازي والسير ، ومنعوا أهل الشام من معرفتها ، ودفعوهم عن الإطلاع عليها ، وردعوهم عن الاشتغال بها وأنكر صنيعهم ، وشهَّر به تشهيراً قوياً).(3)

قال ابن عساكر في ترجمة عاصم بن عمر بن قتادة : ووفد عاصم عيل عمر بن عبد العزيز في خلافته في دين لزمه فقضاه عنه عمر وأمر له بعد ذلك بمعونة وأمره أنْ يجلس في مسجد دمشق فيحدِّث الناس بمغازي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومناقب أصحابه وقال إنَّ بني مروان كانوا يكرهون هذا وينهون عنه فاجلس فحدِّث الناس بذلك ففعل.(4)

أقول : ومن الجدير ذكره ، ان عمر بن عبد العزيز حين رفع الحظر عن رواية

__________________

(1) الزبير بن بكار ،الاخبار الموفقيات 331 ـ 334.

(2) البلاذري ،أنساب الأشراف ج 1 ص 1165.

(3) حسين عطوان ،رواية الشاميين للمغازي والسير في القرنين الأول والثاني الهجري ط / 1986 ص 22 ـ 27.

(4) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، تراجم حرف العين من عاصم إلى عايذ ص 68.

٣٥٠

المغازي والحديث لم يكن قد رفعه بشكل كامل ، لذلك فإن من عُرِف بروايته لفضائل علي وسيرته وأُمِرَ بلزوم الإقامة الجبرية في بلده كعامر بن وائلة ، لم يرفع الحظر عنه ، وقد روى ابن عساكر في ترجمة عامر بن واثلة أبي الطفيل أنَّه أدركته إمرة عمر بن عبد العزيز فكتب يستأذنه في القدوم عليه ، فقال عمر : ألم تؤمر بلزوم البلد(1) ؟

ومن الثابت أنَّ أبا الطفيل كان صحابياً من شيعة عليعليه‌السلام وقد ترك البخاري حديثه لأنّه كان (بزعمه) يفرط في التشيع.(2)

2. ما رواه أبو الفرج في كتابه الأغاني

روى أبو الفرج بسنده عن ابن شهاب(3) قال : قال لي خالد بن عبد الله القسري : اكتب لي النسب فبدأت بنسب مضر فمضيت فيه أياماً ثم أتيته ، فقال لي ما صنعت؟ فقلت بدأت بنسب مضر وما أتممته ، فقال : اقطعه قطعه الله مع أصولهم ، واكتب لي السيرة ، فقلت له : فإنَّه يمر بي الشيء من سيرة علي بن أبي طالب افأذكره؟

فقال : لا إلَّا أنْ تراه في قعر الجحيم.(4)

وهذا الحديث يفسِّر لنا بوضوح لماذا جاءت روايات الزهري للسيرة التي رواها عنه عبد الرزاق الصنعاني بواسطة معمر خالية من ذكر عليعليه‌السلام وفيما يلي نماذج من روايات الزهري بواية عبد الرزاق الصنعاني في كتابه المصنّف :

1. روى عبد الرزاق في المصنف عن معمر قال سألت الزهري : (عن أوّل من أسلم)؟ قال : ما علمنا أحداً أَسلم قبل زيد بن حارثة.(5)

__________________

(1) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق 26 : 138.

(2) نفس المصدر ص 294 ، وانظر ترجمة أبي الطفيل في ابن عبد البر ،الاستيعاب ص 1696 قال كان متشيعاً في علي وبفضله.

(3) ابن شهاب : هو محمد بن مسلم القرشي الزهري ت 125 هـ.

(4) أبو الفرج الاصفهاني ،الأغاني ج 22 ص 23 ، أخبار خالد بن عبد الله القسري.

(5) روى أصحاب السير والتواريخ روايات كثيرة جداً بأسانيد صحيحة أنَّ عليّاً أوّل من آمن بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وصدّقه وقد أورد ابن كثير في كتابه البداية والنهاية حديثاً صحيحاً باسناد الأمام احمد ثم أردفه بقوله وهذا لا يصح من أي وجه كان روي عنه ، ورد عليه العلامة الأميني فيالغدير ج 3 / ص 220 ـ 247 وأورد ستاً وستين نصّاً للنبي والصحابة والتابعين تؤكد إنَّ عليّاً أوّل من صدق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، منها ما

٣٥١

2. وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في حديث عن عروة قال : كانت وقعة أحد في شوال ، على رأس ستة أشهر من وقعة بني النضير.

قال الزهري عن عروة في قوله (وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون) : إنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم أحد حين غزا أبو سفيان وكفّار قريش : إنَّي رأيت كأنِّي لبست درعاً حصينة ، فأوّلتها المدينة ، فاجلسوا في ضيعتكم وقاتلوا من ورائها ، وكانت المدينة قد شبكت بالبنيان ، فهي كالحِصن ، فقال رجلٌ مسنٌ لم يشهد بدراً : يا رسول الله ، اخرج بنا إليهم فلنقاتلهم ، وقال عبد الله بن أبي سلول : نعم ، والله ، يا نبي الله ، ما رأيت إنّا والله ما نزل بنا عدو قط فخرجنا إليه ، إلَّا أصاب فينا ، ولا يأتينا في المدينة ، وقاتلنا من ورائها إلَّا هَزَمنا عدوُّنا.

فكلَّمه أُناس من المسلمين ، فقالوا : بلى ، يا رسول الله ، أخرج بنا إليهم ، فدعا بلأمته فلبسها ، ثم قال : أظنُّ الصرعى إلَّا ستكثر منكم ومنهم ، إنِّي أرى في النوم منحورة ، فأقول بقر ، والله بخير فقال رجل : يا رسول الله ، بأبي أنت وأُمي فاجلس بنا ، فقال : إنَّه لا ينبغي لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتَّى يلقى الناس ، فهل من رجل يدلنا الطريق على القوم من كثب؟ فانطلقت به الأدلاء بين يديه ، حتَّى إذا كان بالشوط من الجبانة انخذل عبد الله بن أبي بثلث الجيش ، أو قريب من ثلث الجيش ، فانطلق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حتَّى لقوهم بأحد ، وصافوهم ، وقد كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عهد إلى أصحابه

__________________

رواه الطبري في تاريخه ج 2 ص 309 ـ 314 عن عليعليه‌السلام وزيد بن ارقم وعبد الله بن عباس.

أقول : أمَّا عن إسلام أبي بكر فقد روى الطبري بسند صحيح عن محمد بن سعيد قال : قلت لأبي : أكان أبو بكر أوّلكم إسلاماً؟ فقال : ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين ج 2 ص 316.

أمَّا كون زيد أوّل من أسلم فهو المروي عن عروة بن الزبير ت 98 وسليمان بن يسار ت 100 هـ والزهري والغريب هو قول الزهري : (ما علمنا أحداً أسلم قبل زيد) فإنَّه من المؤكد ليس مطابقاً للواقع فإنَّ مثل الزهري وهو المقدَّم على غيره في أخبار السيرة والمغازي لا تخفى عليه الحقيقة غير إنَّها سياسة الأمويين وهو من رجالهم الاعلاميين والدينيين المعتمدين ولم يخف على عبد الرزاق صاحب المصنف ذلك فأضاف إلى رواية معمر عن الزهري رواية معمر عن قتادة عن الحسن وغيره قوله : كان أول من آمن به علي بن أبي طالبعليه‌السلام وهو ابن خمس عشرة أو ست عشرة سنة وروايته عن عثمان الجندي عن مقسم عن ابن عباس قال : علي أوّل من أسلم.

٣٥٢

أنَّهم هزموهم ، أنْ لا يدخلوا لهم عسكراً ، ولا يتَّبعوهم ، فلمَّا التقوا هزموا(1) ، وعصوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتنازعوا ، واختلفوا ، ثم صرفهم الله عنهم ليبتليهم ، كما قال الله وأقبل المشركون ، وعلى خيلهم خالد بن الوليد بن المغيرة ، فقتل من المسلمين سبعين رجلاً وأصابهم جراح شديدة ، وكسرت رباعية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ودمي وجهه ، حتَّى صاح الشيطان بأعلى صوته : قتل محمد.

قال ابن إسحاق حدَّثني ابن شهاب الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك أخو بني سلمة قال : قال كعب : عرفت عينيه تزهران من تحت المغفر فناديت بأعلى صوتي : يا معشر المسلمين ابشروا هذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأشار إليَّ أنْ أنصت ، فلما عرف المسلمون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهضوا به ، ونهض معهم نحو الشعب ، معه : أبو بكر بن أبي قحافة ، وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب ، وطلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، والحارث بن الصمة ، في رهط من المسلمين ، فلما أسند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الشعب ، أدركه أبي بن خلف وهو يقول : أين يا محمد أين يا محمد لا نجوت إنْ نجوت ، فقال القوم : أيعطف عليه يا رسول الله رجل منّا؟ فقال : دعوه فلمَّا دنا تناول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الحربة من الحارث بن الصمة ، يقول بعض القوم فيما ذكر لي ، فلمَّا أخذها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعر من ظهر البعير إذا أنتفض بها ، ثم استقبله فطعنه بها طعنة تردّى بها عن فرسه مراراً.(2)

__________________

(1) روى الطبري وابن هشام والواقدي في مغازيه ج 1 ص 225 ـ 226 إنَّ عليّاًعليه‌السلام قتل طلحة كبش الكتيبة وسُرَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأظهر التكبير وكبَّر المسلمون ، وفي رواية الشيخ المفيد في الإرشاد عن الصادقعليه‌السلام بعد ذكره قتل أمير المؤمنينعليه‌السلام لأصحاب اللواء (وإنهزم القوم وطارت مخزوم فضحها عليعليه‌السلام يومئذ) وقد روى ذلك أيضاً ابن أبي الحديد ج 13 ص 293 وقال الطبري ج 2 / 514 قتل علي أصحابه الألوية.

(2) ابن جرير الطبري ، تاريخ الطبري ج 2 ص 518 ومحمد بن إسحاق سيرة ابن إسحاق (كتاب السير والمغازي) ، تحقيق سهيل زكار ، دار الفكر بيروت 1398 هـ 1978 م ، ص 330 ـ 331.أقول : من البعيد أن يكون ما ذكره ابن شهاب هذا ، وقد قال الطبري : إنَّ المسلمين أًابهم ما أصابهم من البلاء أثلاثا ، ثلث قتيل وثلث جريح وثلث منهزم وقد جهدته الحرب حتى ما يدري ما يصنع وأصيبت رباعية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله السفلى وشُقَّت شفته وكلم في وجنتيه وجبهته في أصول شعره ، وكيف يقوم بذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي بين يديه وقد واساه بنفسه ، قال الطبري : حدثنا أبو كريب قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا حبان بن علي عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه

٣٥٣

قال عبد الرزاق قال معمر حدثني الزهري : فنادى أبو سفيان بعدما مُثِّل ببعض أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجُدِعوا ، ومنهم من بُقِرَ بطنُه.

فقال أبو سفيان : إنَّكم ستجدون في قتلاكم بعض المثل ، فإنَّ ذلك لم يكن عن ذوي رأينا ولا سادتنا(1) ، ثم قال أبو سفيان : أعلُ هُبَل. فقال عمر بن الخطاب : الله أعلى وأجل.

فقال : أنعمت عيناً(2) ، قتلى بقتلى بدر.

فقال عمر : لا يستوي القتلى ، قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار.

فقال أبو سفيان : لقد خِبنا إذا ، ثم انصرفوا راجعين.

وندب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه في طلبهم ، حتَّى إذا بلغوا قريباً من حمراء الأسد ، وكان

__________________

عن جده قال : لما قتل علي بن أبي طالب أصحاب الألوية أبصر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جماعة من مشركي قريش فقال لعلي : إحمل عليهم فحمل عليهم ففرَّق جمعهم ثم أبصر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جماعة من مشركي قريش فقال لعلي : احمل عليهم فحمل عليهم ، ففرق جماعتهم فقال جبرئيل : يا رسول الله إنَّ هذه للمواساة. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنَّه منِّي وأنا منه ، فقال : جبرئيل وأنا منكما قال : فسمعوا صوتاً :

لا سيف إلَّا ذو الفقر ولا فتى إلَّا علي

قال المحمودي : وقد روى حديث المواساة أحمد بن حنبل في كتاب الفضائل الحديث رقم 241 ، كذلك في الحديث رقم 242 أيضاً الطبراني فيالمعجم الكبير (ترجمة الامام عليعليه‌السلام من تاريخ مدينة دمشق ص 138 ـ 149 الهامش). وللمزيد من المصادر انظر السيد جعفر مرتضى العاملي :الصحيح من سيرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ج 4 ص 227.

(1) في رواية الواقدي ،المغازي والسير ج 1 ص 297 ـ 299 ، (فقال أبو سفيان : اعل هبل ، فقال عمر : الله أعلى وأجل ، فقال أبو سفيان : إنَّها قد أنعمت ، فعال عنها) أي تجاف عن آلهتنا ولا تذكرها بسوء (فلما قدم أبو سفيان على قريش بمكة ، لم يصل إلى بيته حتى أتى هبل ، فقال : قد أنعمت ونصرتني وشفيت نفسي من محمد وأصحابه ، وحلق رأسه).

روى الطبري وابن هشام والواقدي في مغازيه ج 1 ص 225 ـ 226 إنَّ عليّاًعليه‌السلام قتل طلحة كبش الكتيبة وسُرَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأظهر التكبير وكبَّر المسلمون ، وفي رواية الشيخ المفيد في الإرشاد عن الصادقعليه‌السلام بعد ذكره قتل أمير المؤمنينعليه‌السلام لأصحاب اللواء (وإنهزم القوم وطارت مخزوم فضحها عليعليه‌السلام يومئذ) وقد روى ذلك أيضاً ابن أبي الحديدشرح نهج البلاغة ج 13 ص 293 وقال الطبري في تاريخه ج 2 ص 514 قتلعلي أصحاب الألوية.

(2) جاء فيسيرة ابن اسحق ص 334 (ثم بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علي بن أبي طالب ، فقال : اخرج في أثر القوم فانظر ما يصنعون).

٣٥٤

فيمن طلبهم يومئذ عبد الله بن مسعود ، وذلك حين قال الله( الذين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) آل عمران / 173.(1)

3. قال عبد الرزاق قال معمر قال الزهري في حديثه عن المسيب : وذكر قصَّة نعيم بن مسعود الأشجعي وسعيه في الوقعية بين أبي سفيان وبني قريضة وما أرسل الله تعالى من الريح على المشركين وإنهزامهم بغير قتال ، ثم قال : فذلك حين يقول( وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله عزيزاً ) الأحزاب / 25.(2)

4. عبد الرزاق عن معمر عن الزهري ، قال : لمَّا انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتَّى أتى المدينة ، فغزا خيبر من الحديبية فأنزل الله عليه( وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه ) إلى( ويهديكم صراطاً مستقيماً ) فلمَّا فتحت خيبر جعلها لمن غزا معه الحديبية ، وبايع تحت الشجرة ، ممَّن كان غائباً أو شاهداً ، من أجل أنَّ الله كان وعدهم إيَّاها ، وخمَّس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خيبر ، ثم قسم سائرها مغانم بين من شهدها من المسلمين ، ومن غاب عنها من أهل الحديبية.(3)

__________________

(1) فيتاريخ الطبري عن ابن اسحق : ثم بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علي بن أبي طالب فقال : أخرج في آثار القوم فانظر ماذا يصنعون وماذا يريدون.

(2) قال السيوطي في الدر المنثور ج 5 ص 192 في قوله تعالى (وكفى الله بالمؤمنين القتال) : أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن ابن مسعود (رض) أنَّه كان يقرأ هذا الحرف وكفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب. وذكر ذلك أيضاً الطبرسي في مجمع البيان وقال : وهو المروي عن أبي عبد الله وأخرجه ابن عساكر فيتاريخ مدينة دمشق في ترجمة عليعليه‌السلام ج 2 ص 420.أقول : قوله يقرأ أي يفسر وروى الشيخ المفيد في الإرشاد ص 54 عن جابر بن عبد الله الانصاري وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعثه مع عليعليه‌السلام لينظر ما يكون منه ومن عمرو قال فما شبهت قتل علي عمراً إلّما بما قصَّ الله تعالى من قصة داودعليه‌السلام وجالوت حيث يقول جلَّ شأنه (فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت). وقال أبو جعفر الاسكافي ت 220 هـ في المعيار والموازنة ص 91 (خرج عليعليه‌السلام إلى عمرو والمسلمون مشفقون قد اقشعرت جلودهم وزاغت أبصارهم وبلغت الحناجر قلوبهم وظن قوم بالله الظنون والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ليدعو له بالنصر ملح في ذلك مستغيث بربِّه ففرَّج الله به تلك الكرب وأزال الظنون وثبت اليقين بعلي بن أبي طالب وفي ذلك يؤثر عن حذيفة بن اليمان أنَّه قال : لقد أيد الله تبارك وتعالى رسوله والمؤمنين بعلي في موقفين لو جمع جميع أعمال المؤمنين لما عدل بهما يوم بدر ويوم الخندق ثم قصَّ قصته فيهما).

(3) روى البخاري ومسلم وأحمد وابن عساكر وغيرهم عن أبي هريرة ، وسهل بن سعد وسلمة بن الاكوع وبريدة بن الحصيب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس ، وغيرهم والروايات تزيد وتنقص

٣٥٥

5. عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : أخبرني كُثّير بن العباس بن عبد المطلب عن أبيه العباس قال : شهدت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم حنين ، قال : فلقد رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وما معه إلَّا أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، فلزمنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم نفارقه ، وهو على بغلة شهباء وربما قال معمر : بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي.

قال : فلمَّا التقى المسلمون والكفَّار ولَّى المسلمون مدبرين(1) ، وطفق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

في بعض الالفاظ وحاصلها : أنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبا بكر إلى خيبر فلم يُفتح عليه وبعث عمر فلم يُفتح عليه فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لأعطينَّ الراية رجلاً كراراً غير فرَّار يحب الله ورسوله ويحبُّه الله ورسوله يُفتح الله على يديه ، فبات الناس يدوكون ليلتهم فلمَّا أصبح الصباح دعا علياًعليه‌السلام وهو أرمد العين فتفل في عينه ففتح عينه وكأنه لم يرمد قط وقال له : خذ هذه الراية واذهب ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك فمشى عليعليه‌السلام هنيهة ، قال ابن مكي : ولم يلتفت للعزمة ، فقال : يا رسول الله علام أقاتل الناس؟ قال : قاتلهم حتى يشهدوا أنَّ لا إله إلَّا الله وأنِّي رسول الله فإذا قالوها منعو منِّي. فخرج علي يهرول حتى ركز رايته في أرضهم تحت الحصن فاطلع رجلٌ يهودي من رأس الحصن وقال : من أنت؟ قال : أنا علي بن أبي طالبعليه‌السلام فالتفت إلى أصحابه وقال : غلبتم والذي أنزل التوراة على موسى ، فما رجع علي حتى فتح الله عليه (ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 89).

(1) قال اليعقوبي في تاريخه ج 2 ص 62 انهزم المسلمون عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم حنين حتى بقي في عشرة من بني هاشم وقيل تسعة وهم علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث ونوفل بن الحارث وربيعة بن الحارث وعتبة ومعتب ابنا أبي لهب والفضل بن العباس وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب وقيل أيمن بن أم أيمن. وروى ذلك أيضاً البلاذري في انساب الاشراف ج 1 ص 365 وكذلك رواه ابن عبد البر في الاستيعاب ص 813 ونقل عن ابن إسحاق قول العباس :

نصرنا رسول الله في الحرب سبعة

وقد فر من فر عنه واقشعوا

وثامننا لاقى الحمام بسيفه

بما مسَّه في الله لا يتوجع

قال ابن إسحاق : السبعة علي والعباس والفضل وابو سفيان بن الحارث وابنه جعفر وربيعة بن الحارث واسامة بن زيد والثامن ايمن ، قال ابن عبد البر : وجعل غير ابن اسحق في موضع أبي سفيان عمر بن الخطاب والصحيح ان أبا سفيان بن الحارث كان يومئذ معه لم يختلف فيه واختلف في عمر ،أقول : في كل الروايات اسم عليعليه‌السلام ثابت. وفي امتاع الأسماع ج 2 ص 14 للمقريزي قال أبو الفضل بن العباس : التفت العباس يومئذ وقد اقشع الناس (أي تفرقوا تصدعوا وانكشفوا) عن بكرة ابيهم فلم ير عليا فيمن ثبت فقال : شُوهةً وبُوهة (أي بعداً له) أوَ في مثل هذه الحال يرغب ابن أبي طالب بنفسه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو صاحبه فيما هو صاحبه / قال المقريزي يعني في المواطن المشهورة له / فقلت بعض قولك لابن أخيك اما تراه في الرهج؟ قال : اشعِره لي يا بني (أي اذكر علامته) قلت : ذو كذا ، ذو كذا ، ذو البردة ، قال : فما تلك البرقة؟ قلت : سيفه يرفل (أي يتبختر) به بين الاقران ، فقال : بَرٌّ ابنُ بَرّ ، فِداه عمٌّ وخال ، قال : فضرب علي يومئذ أربعين مبارزا كلهم

٣٥٦

يُركِض بغلتَه نحو الكفار قال العباس : وأنا آخذ بلجام بغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ألقفها ، وهو لا يألو ما أسرع نحو المشركين ، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بغرز(1) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا عباس ، ناد أصحاب السمرة ، قال : وكنت رجلاً صيتاً ، فناديت بأعلى صوتي : أي أصحاب السمرة؟ قال : فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها ، يقولون : يا لبيك ، يا لبيك ، يا لبيك.

وأقبل المسلمون ، فاقتتلوهم والكفار.

فنادت الأنصار : يا معشر الأنصار ، ثم قصر الداعون على بني الحارث بن الخزرج ، فنادوا : يا بني الحارث بن الخزرج.

قال : فنظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هذا حين حمي الوطيس.

قال ثم أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حصيات فرمى بهن وجوه الكفَّار ، ثم قال : انهزموا وربِّ الكعبة.

قال : فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى.

قال : فوالله ما هو إلَّا أن رماهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحصياته ، فما زلت أرى حدَّهم كليلاً وأمرهم مدبراً حتَّى هزَّمهم الله تعالى ، قال : وكأنِّي أنظر إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يركض خلفهم على بغلة له.

3. رواية المدائني في كتابه الأحداث

روى ابن أبي الحديد عن علي بن محمد بن أبي سيف المدائني (ت 225 هـ)(2) في

__________________

يقُدُّه حتى يقد انقه ، وذكره قال : وكانت ضرباته منكرة. (قال لسان العرب : قدد : القَدّ : القطع المستأصل والشق طولا. وضربه بالسيف فَقَدَّه بنصفين. وفي الحديث : أن علياعليه‌السلام كان إذا اعتلى قدَّ وإذا اعترض قطَّ وفي رواية : كان إذا تطاول قدَّ وإذا تقاصر قطَّ أي قطع طولا وقطع عرضا).

(1) الغرز : ركاب للرحل من جلد ، وغرز رجله في الغرز يغرزها عرزا : وضعها فيه ليركب وأثبتها. (ابن منظور لسان العرب مادة غرز).

(2) قال الخطيب البغدادي فيتاريخ بغداد ج 12 ص 54 ـ 55 في ترجمة المدائني (كان عالماً بأيام الناس وأخبار العرب وأنسابهم عالماً بالفتوح والمغازي ورواية الشعر ، صدوقاً في ذلك ، وقال يحيى بن معين ثقة ثقة ثقة. وقال ابن النديم فيالفهرست ص 113 ولد سنة 135 هـ وتوفي سنة 225 هـ وله ثلاث وتسعون ثم ذكر أسماء كتبه في أربع صفحات.

٣٥٧

كتابه (الأحداث) قال :

[كتب معاوية نسخة واحدة إلى عُمَّاله بعد عام الجماعة.

(أن برئت الذمَّة ممَّن روى شيئاً من فضل أب تراب وأهل بيته).

فقالمت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليَّاًعليه‌السلام ويبرؤون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته.

وكان أشدَّ الناس بلاءً حينئذ أهلُ الكوفة لكثرة من بها من شيعة عليعليه‌السلام فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضمَّ إليه البصرة فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف ، لأنه كان منهم أيام عليعليه‌السلام فقتلهم تحت كل حجر ومدر ، وأخافهم وقَطَّع الأيدي والأرجل وسَمَّلَ العيون وصلَّبهم على جذوع النخل وطردهم وشرَّدهم عن العراق فلم يبق بها معروف منهم.

وكتب معاوية إلى عُمَّاله في جميع الآفاق :

(ألَّا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة).

وكتب إليهم : (أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقرِّبوهم وأكرموهم واكتبوا لي بكلِّ ما يروي كلَّ رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته).

ففعلوا ذلك حتَّى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصِّلات والكِساء والحِباء والقَطائع ، ويفيضه في العرب مهم والموالي ، فكثر ذلك في كل مصر ، وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فليس يجيءُ أحد مردود من الناس عاملاً من عمَّال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلَّا كتب اسمه وقرَّبه وشفَّعه فلبثوا بذلك حيناً.

ثم كتب إلى عُمَّاله :

(إنَّ الحديث في عثمان قد كَثُر وفَشا في كل مِصر وفي كل وجه وناحية فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلَّا وتأتوني بمناقض له في الصحابة فإنَّ هذا أحبُّ إليَّ وأقرُّ لعيني وأدحض لِحُجَّة أبي تراب وشيعته وأشدُّ عليهم من مناقب عثمان وفضله).

٣٥٨

فقُرئت كتبه على الناس فرُويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها.

وجَدَّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتَّى أشادوا بذكر ذلك على المنابر وأُلقِيَ إلى معلِّمي الكتاتيب فعلَّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتَّى رووه وتعلَّموه كما يتعلمون القرآن ، وحتى علَّموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم ، فلبثوا بذلك ما شاء الله.

ثم كتب إلى عُمَّاله نسخة واحدة إلى جميع البلدان :

(انظروا من قامت عليه البيِّنة أنَّه يحبُّ عليَّاً وأهل بيته فامحوه من الديوان وأسقطوا عطاءه ورزقه).

وشفع ذلك بنسخة أُخرى :

(من اتهمتوه بموالاة هؤلاء القوم فنكِّلوا به واهدموا داره).

فلم يكن البلاء أشدُّ ولا أكثر منه بالعراق ولا سيَّما بالكوفة ، حتَّى إنَّ الرجل من شيعة عليعليه‌السلام ليأتيه من يثق به فيدخل بيته فيلقي إليه سرَّه ويخاف من خادمه ومملوكه ولا يحدثه حتَّى يأخذ عليه الأيمان الغليظة لَيَكْتُمَنَّ عليه).

قال ابن ابي الحديد :

فظهر حديث كثير موضوع وبهتان منتشر.

ومضى على ذلك الفقهاء والقضا والولاة.

وكان أعظم الناس في ذلك بليَّةً القُرّاء المُراؤون ، والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ويقرِّبوا مجالسهم ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل.

حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديّانين الذين لا يستحلُّون الكذب والبهتان فقبلوها ورووها وهم يظنون أنَّها حق ولو علموا أنَّها باطلة لما رووها ولا تديَّنوا بها.(1)

__________________

(1) ابن أبي الحديد ،شرح نهج البلاغة ج 11 ص 45 ـ 46. وتكملة الرواية قال : فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن عليعليه‌السلام فازداد البلاء والفتنة فلم يبق أحد من هذا القبيل إلَّا وهو خائف

٣٥٩

قال ابن أبي الحديد : وقد روي أنَّ أبا جعفر محمد بن علي الباقرعليه‌السلام قال لبعض أصحابه : يا فلان ما لقينا من ظلم قريش إيَّانا وتظاهرهم علينا وما لَقِيَ شيعتنا ومحبونا من الناس ...

وكان عُظْمُ ذلك وكُبْرهُ زمنَ معاوية بعد موت الحسنعليه‌السلام .

فقتلت شيعتنا بكل بلدة وقطِّعت الأيدي والأرجل على الظِّنة.

وكان من يُذْكَر بحبِّنا والانقطاع إليه سُجِنَ أو نُهِب مالُه ، أو هُدِمَت دارهُ ، ثمَّ لم يزل البلاء يشتدُّ ويزداد إلى زمان عبيد الله قاتل الحسينعليه‌السلام .

ثم جاء الحجَّاج فقتلهم كلَّقتلة وأخذهم بكلَّ ظنَّة وتهمة ، حتَّى إنَّ الرجل ليقال له زنديق أو كافر أحبُّ إليه من أن يقال له شيعة علي.

وحتَّى صار الرجل الذي يذكر بالخير ولعله يكون ورعاً صدوقاً يحدِّث بأحاديث عظيمة عجيبة من تفضيل بعض من سلف من الولاة ولم يخلق الله تعالى شيئاً منها ولا كانت ولا وقعت وهو يحسب أنَّها حقٌّ لكثرة من قد رواها ممَّن لم يُعرَف بكذب ولا بقلة ورع.(1)

أقول :

ومن الغريب أنَّ ابن أبي الحديد بعد أن يورد ذلك كله يعقِّب عليه بقوله :

(واعلم أنَّ أصل الأكاذيب في أحاديث الفضائل كان من جهة الشيعة. فإنَّهم وضعوا في مبدأ الأمر أحاديث مختلفة في صاحبهم ، حملهم على وضعها عداوة خصومهم ، نحو :

حديث (السطل). وحديث (الرمانة). وحديث (غزوة البئر) التي كان فيها

__________________

على دمه أو طريد في الأرض. ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسينعليه‌السلام وولي عبد الملك بن مروان فاشتدَّ على الشيعة وولَّى عليهم الحجَّاج بن يوسف فتقرَّب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض عليعليه‌السلام وموالاة أعدائه وموالاة من يدَّعي من الناس أنَّهم أيضاً أعؤه فأكثروا في الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم وأكثروا من الغضِّ من عليعليه‌السلام وعيبه والطعن فيه والشنآن له حتى إنَّ إنساناً وقف للحجَّاج ويقال أنَّه جدُّ الأصمعي (عبد الملك بن قريب) فصاح به أيُّها الأمير إنَّ أهلي عقُّوني فسمُّوني عليَّاً وإنِّي فقير بائس وأنا إلى صلة الأمير محتاج فتضاحك له الحجَّاج وقال : للطف ما توسَّلت به قد ولَّيتك موضع كذا. انظر أيضاً سليم بن قيس :كتاب سليم بن قيس ، تحقيق الانصاري قح 1422 هـ ، ج 2 / 781 ، 784 ـ 788.

(1) ابن أبي الحديد ،شرح نهج البلاغة ج 15 / 43 ـ 44.

٣٦٠