الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي0%

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 611

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

مؤلف: السيد سامي البدري
تصنيف:

الصفحات: 611
المشاهدات: 152974
تحميل: 5265

توضيحات:

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 611 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 152974 / تحميل: 5265
الحجم الحجم الحجم
الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

مؤلف:
العربية

عن رجل من الأنصار عن أنس ابن مالك قال قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم دعوا لي أصحابي وأصهاري.(1)

اما بنو فراس بن غَنْم :

فقد قال ابن أبي الحديد في شرح الفقرة : (وبنو فراس بن غنم بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر وهم بنو فراس بن غنم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة(2) حي مشهور بالشجاعة منهم علقمة بن فراس وهو جذل الطعان ، ومنهم ربيعة بن مكدم بن حدثنا بن جذيمة بن علقمة بنفراس الشجاع المشهور حامي الظعن حيا وميتا ولم يحم الحريم وهو ميت أحد غيره. عرض له فرسان من بني سليم ومعه ظعائن من أهله يحميهم وحده فطاعنهم فرماه نبيشة بن حبيب بسهم أصاب قلبه فنصب رمحه في الأرض واعتمد عليه وهو ثابت في سرجه لم يزل ولم يمل وأشار إلى الظعائن بالرواح ، فسرن حتى بلغن بيوت الحي وبنو سليم قيام إزاءه لا يقدمون عليه ويظنونه حيا حتى قال قائل منهم : إني لا أراه إلا ميتا ولو كان حيا لتحرك ، إنه والله لماثل راتب على هيئة واحدة لا يرفع يده ولا يحرك رأسه ، فلم يقدمأحد منهم على الدنو منه حتى رموا فرسه بسهم فشب من تحته [أي رفع يديه] فوقع وهو ميت وفاتتهم الظعائن.(3)

قال ابن ابي الحديد : قال القطب الراوندي : بنو فراس بن غنم هم الروم ، وليس بجيد والصحيح ما ذكرناه.(4)

ونظير هذا الطعن نجده في خطب أخرى كما في الخطبة الآتية.

__________________

(1) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 59 ص 104.

(2) قال عمر كحالة فيمعجم قبائل العرب ج 3 ص 911 : فراس بن غنم : بطن من كنانة ، من العدنانية ، وهم : بنو فراس ابن غنم بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. من ديارهم : برزة ، أقاموا بمصر. وأوقعت بنو فراس ببني سليم ببزرة. وكانوا على غاية من الشجاعة والفروسية.

(3) ابن ابي الحديد ،شرح نهج البلاغة ج 1 ص 342.

(4) ابن ابي الحديد ،شرح نهج البلاغة ج 1 ص 348.

٤٢١

النموذج الثاني : خطبة يرويها الشيخي المفيد تنسب

إلى علي عليه‌السلام فيها طعن على أهل الكوفة

روى الشيخ المفيد خطبة لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام حذف السند وهي :

أيها الناس ، إني استنفرتكم لجهاد هؤلاء القوم فلم تنفروا ، وأسمعتكم فلم تجيبوا ، ونصحت لكم فلم تقبلوا ، شهود كالغُيَّب ، أتلو عليكم الحكمة فتعرضون عنها ، وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها ، كأنكم حمر مستنفرة فرت من قسورة ، وأحثكم على جهاد أهل الجور فما أتي على آخر قولي حتى أراكم متفرقين أيادي سبأ ، ترجعون إلى مجالسكم تتربعون حلقا ، تضربون الأمثال ، وتناشدون الأشعار ، وتجسسون الأخبار ، حتى إذا تفرقتم تسألون عن الأسعار ، جهلة من غير علم ، وغفلة من غير ورع ، وتتبعا في غير خوف ، نسيتم الحرب والاستعداد لها ، فأصبحت قلوبكم فارغة من ذكرها ، شغلتموها بالأعاليل والأباطيل.

العجب كل العجب وما لي لا أعجب من اجتماع قوم على باطلهم ، وتخاذلكم عن حقكم!

يا أهل الكوفة ، أنتم كأم مجالد ، حملت فأملصت ، فمات قيمها ، وطال تأيمها ، وورثها أبعدها.

والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، إن من ورائكم للأعور الأدبر جهنم الدنيا لا يبقي ولا يذر ، ومن بعده النهاس الفراس الجموع المنوع ، ثم ليتوارثنكم من بني أمية عدة ، ما الآخر بأرأف بكم من الأول ، ما خلا رجلا واحدا ، (بلاء قضاه الله) على هذه الأمة لا محالة كائن ، يقتلون خياركم ، ويستعبدون أراذلكم ، ويستخرجون كنوزكم وذخائركم من جوف حجالكم ، نقمة بما ضيعتم من أموركم وصلاح أنفسكم ودينكم.

يا أهل الكوفة ، أخبركم بما يكون قبل أن يكون ، لتكونوا منه على حذر ، ولتنذروا به من اتعظ واعتبر.

كأني بكم تقولون : إن عليا يكذب ، كما قالت قريش لنبيها ـصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وسيدها نبي الرحمة محمد بن عبد الله حبيب الله ، فيا ويلكم ، أفعلى من أكذب؟!

٤٢٢

أعلى الله ، فأنا أول من عبده ووحده ، أم على رسوله ، فأنا أول من آمن به وصدقهونصره! كلا ، ولكنها لهجة خدعة كنتم عنها أغبياء. والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لتعلمن نبأه بعد حين ، وذلك إذا صيركم إليها جهلكم ، ولا ينفعكم عندها علمكم.

فقبحا لكم يا أشباه الرجال ولا رجال ، حلوم الأطفال وعقول ربات الحجال(1) ، أم والله أيها الشاهدة أبدانهم ، الغائبة عنهم عقولهم ، المختلفة أهواؤهم ، ما أعز الله نصر من دعاكم ، ولا استراح قلب من قاساكم ، ولا قرت عين من آواكم ، كلامكم يوهي الصم ، الصلاب ، وفعلكم يطمع فيكم عدوكم المرتاب. يا ويحكم ، أي دار بعد داركم تمنعون! ومع أي إمام بعدي تقاتلون!

المغرور ـ والله ـ من غررتموه ـ من فاز بكم بالسهم الأخيب ، أصبحت لا أطمع في نصركم ، ولا أصدق قولكم ، فرق الله بيني وبينكم ، وأعقبني بكم من هو خير لي منكم ، وأعقبكم من هو شر لكم مني. إمامكم يطيع الله وأنتم تعصونه ، وإمام أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه ،

والله لوددت أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم ، فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني واحدا منهم.

والله لوددت أني لم أعرفكم ولم تعرفوني ، فإنها معرفة جرت ندما.

لقد وريتم صدري غيظا ، وأفسدتم علي أمري بالخذلان والعصيان ، حتى لقد قالت قريش : إن عليا رجل شجاع لكن لا علم له بالحروب ، لله درهم ، هل كان فيهم أحد أطول لها مراسا مني! وأشهد لها مقاساة! لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين ، ثم ها أنا ذا قد ذرفت على الستين ، لكن لا أمر لمن لا يطاع.

أم والله ، لوددت أن ربي قد أخرجني من بين أظهركم إلى رضوانه ، وإن المنية لترصدني فما يمنع أشقاها أن يخضبها ـ وترك يده على رأسه ولحيته ـ عهد عهده إلي النبي الأمي وقد خاب من افترى ، ونجا من اتقى وصدق بالحسنى.

يا أهل الكوفة ، دعوتكم إلى جهاد هؤلاء ليلا ونهارا وسرا وإعلانا ، وقلت لكم اغزوهم ، فإنه ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا ، فتواكلتم وتخاذلتم ، وثقل

__________________

(1) الحجال : جمع حجلة ، وهي بيت يزين بالثياب والأسرة والستور ، يهيا للعروس.

٤٢٣

عليكم قولي ، واستصعب عليكم أمري ، واتخذتموه وراءكم ظهريا ، حتى شنت عليكم الغارات ، وظهرت فيكم الفواحش والمنكرات تمسيكم وتصبحكم ، كما فعل بأهل المثلات من قبلكم ، حيث أخبر الله تعالى عن الجبابرة والعتاة الطغاة ، والمستضعفين الغواة ، في قوله تعالى (يذبحون أبناءكم ، ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) " أم والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لقد حل بكم الذي توعدون ، عاتبتكم ـ يا أهل الكوفة ـ بمواعظ القرآن فلم أنتفع بكم ، وأدبتكم بالدرة فلم تستقيموا ، وعاقبتكم بالسوط الذي يقام به الحدود فلم ترعووا(1) ، ولقد علمت أن الذي يصلحكم هو السيف ، وما كنت متحريا صلاحكم بفساد نفسي ، ولكن سيسلط عليكم من بعدي سلطان صعب ، لا يوقر كبيركم ، ولا يرحم صغيركم ، ولا يكرم عالمكم ، ولا يقسم الفيء بالسوية بينكم ، وليضربنكم ويذلنكم ويجمرنكم(2) في المغازي ويقطعن سبيلكم ، وليحجبنكم على بابه ، حتى يأكل قويكم ضعيفكم ، ثم لا يبعد الله إلا من ظلم منكم ، ولقلما أدبر شيء ثم أقبل ، وإني لأظنكم في فترة ، وما في إلا النصح لكم.

يا أهل الكوفة ، منيت منكم بثلاث واثنتين صم ذووا أسماع ، ولكم ذوو ألسن ، وعمي ذوو أبصار ، لا إخوان صدق عند اللقاء ، ولا إخوان ثقة عند البلاء.

اللهم إني قد مللتهم وملوني ، وسئمتهم وسئموني. اللهم لا ترض عنهم أميرا ولا ترضهم عن أمير ، وأمث قلوبهم كما يماث الملح في الماء.

أم والله ، لو أجد بدا من كلامكم ومراسلتكم ما فعلت ، ولقد عاتبتكم في رشدكم حتى لقد سئمت الحياة ، كل ذلك تراجعون بالهزء من القول فرارا من الحق ، وإلحادا(3) إلى الباطل الذي لا يعز الله بأهله الدين ، وإني لأعلم أنكم لا تزيدونني غير تخسير ، كلما أمرتكم بجهاد عدوكم اثاقلتم إلى الأرض ، وسألتموني التأخير دفاع ذي الدين المطول. إن قلت لكم في القيظ : سيروا ، قلتم : الحر شديد ، وإن قلت لكم في البرد : سيروا ، قلتم : القر شديد ، كل ذلك فرارا عن الجنة. إذا كنتم عن الحر والبرد

__________________

(1) الإرعواء : وهو الندم على الشيء والانصراف عنه والترك له.

(2) التجمير : ترك العسكر في وجه العدو.

(3) الحادا أي ميلا.

٤٢٤

تعجزون ، فأنتم عن حرارة السيف أعجز ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

يا أهل الكوفة ، قد أتاني الصريخ يخبرني أن أخا غامد(1) قد نزل الأنبار على أهلها ليلا في أربعة آلاف ، فأغار عليهم كما يغار على الروم والخزر ، فقتل بها عاملي ابن حسان وقتل معه رجالا صالحين ذوي فضل وعبادة ونجدة ، بوأ الله لهم جنات النعيم ، وإنه أباحها ، ولقد بلغني أن العصبة من أهل الشام كانوا يدخلون على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة ، فيه تكون سترها ، ويأخذون القناع من رأسها ، والخرص(2) من أذنها ، والأوضاح(3) من يديها ورجليها وعضديها ، والخلخال والمئزر من سوقها ، فما تمتنع إلا بالاسترجاع والنداء : يا للمسلمين ، فلا يغيثها مغيث ، ولا ينصرها ناصر. فلو أن مؤمنا مات من دون هذا أسفا ما كان عندي ملوما ، بل كان عندي بارا محسنا.

واعجبا كل العجب ، من تضافر هؤلاء القوم على باطلهم وفشلكم عن حقكم! قد صرتم غرضا يرمى ولا ترمون ، وتغزون ولا تغزون ، ويعصى الله وترضون ، تربت أيديكم يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها ، كلما اجتمعت من جانب تفرقت من جانب "(4) .

أقول : والتأمل في فقرات هذه الخطبة يكشف عن تجميعها من روايات مختلفة ، وقد ورد كثير من فقراتها مسندا في مصادر أخرى وفي اسانيدها رجال غير مؤتمنين على أهل الكوفة كما بينا.

أورد قسما منها الشريف الرضي في المختار من خطب الإمام علي ولم يكن همهرحمه‌الله حين اختار من الخطب والرسائل التحقيق ، ومن المؤسف انه لم يورد مصادر ولا أسانيد مختاراته ، ولكن الباحث لا يعسر عليه ان يجد اسانيدها في هذا المصدر أو ذاك(5) ، ومن خلال مقارنتها بعضها مع بعض يستطيع الباحث ان يحكم على الاصيل

__________________

(1) أخا غامد ، هو سفيان بن عرف بن المغفل الغامدي ، أمره معاوية على جيش لغارة على أهل الأنبار والمدائن في أيام عليعليه‌السلام ، وقتل حسان بن حسان عامل عليعليه‌السلام على الأنبار.

(2) الخرص : الحلقة من الذهب والفضة.

(3) الاوضاح : حلي من الفضة.

(4) الشيخ المفيد ،الإرشاد ج 1 ص 278 ـ 284.

(5) وقد انبرى في عصرنا اكثر من باحث لتتبع اسانيد هذه الخطب منهم الباحث عبد الله نعمة ،مصادر

٤٢٥

من الدخيل من كلامهعليه‌السلام وبخاصة عندما يستريبه فقرة أو اكثر من الخطبة لمخالفتها المعروف والثابت من سيرتهعليه‌السلام .

وفيما يلي بعض روايات مسندة أخرى تضمنت الفقرات الآنفة الذكر :

منها ما رواه البلاذري عن حدثني يحيى بن معين ، حدثنا سليمان أبو داود الطيالسي أنبأنا شعبة ابن الحجاج ، أنبأنا محمد بن عبيد الله الثقفي ، قال : سمعت أبا صالح يقول : شهدت عليا ووضع المصحف على رأسه حتى سمعت تقعقع الورق! فقال : اللهم إني سألتهم ما فيه فمنعوني ذلك! اللهم إني قد مللتهم وملوني ، وأبغضتهم وأبغضوني وحملوني على غير خلقي وعلى أخلاق لم تكن تعرف لي! فأبدلني بهم خيرا لي منهم ، وأبدلهم بي شرا مني ، ومث قلوبهم ميث الملح في الماء.

وفي سند الرواية أبو داود الطيالسي البصري وشيخه شعبة وكلاهما بصريان متهمان في أهل الكوفة.

مضافا إلى انها تخالف المعروف عن أهل الكوفة ، فانهم لم يبغضوا عليا ، كيف وقد شهد معاوية بحبهم له ووفائهم له بقوله : هيهات يا أهل العراق والله لوفاؤكم له اعجب إلي من حبكم له في حياته ، فضلا عن دفعهم الثمن غاليا واثروا قطع الايدي والقتل والسجن على البراءة منه.

ومنها أيضا رواية أبي الفرج في كتابه الاغاني قال فحدثني العباس بن علي بن العباس النسائي ، قال : حدثنا محمد بن حسان الأزرق ، قال : حدثنا شبابة بن سوار(1) ، قال : حدثنا قيس بن الربيع ، عن عمرو بن قيس ، عن أبي صادق قال :

__________________

نهج البلاغة وأسانيده ، طبعة دار الهدى بيروت سنة 1392 هـ 1972 م والمرحوم السيد عبد الزهراء الخطيب في أربعة أجزاء طبعة الأعلمي بيروت ، سنة 1395 هـ ..

(1) شبابة بن سوار المدائني : قال الفضل با شاذان ت 260 هـ في كتابهالايضاح ص 450 : هو من أعدى الناس لعليعليه‌السلام . وفيتاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 9 ص 294 ـ 299 قال : اصله من خراسان نزل في المدائن وحدث بها وببغداد ، قال ابن حجر فيتهذيب التهذيب ج 4 ص 264 ـ 266 : قيل اسمه مروان حكاه ابن عدي اخرج له الستة. روى عن حريز بن عثمان الرحبي وشعبة وشيبان ويونس بن أبي إسحاق وابن أبي ذئب والليث وغيرهم وقال البخاري يقال مات سنة (204) أو (205) وقال أبو موسى وغيره مات سنة (206) وقال العجلي فيمعرفة الثقاة ج 1 ص 41 : مولده في حدود عام 130 هـ ومات بمكة في 206 هـ قال ابن حجر : وقال أبو بكر بن أحمد بن أبي

٤٢٦

أغارت خيل لمعاوية على الأنبار ، فقتلوا عاملا لعليعليه‌السلام يقال له حسن بن حسان ، وقتلوا رجالا كثيرا ونساءا ، فبلغ ذلك علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، فخرج حتى أتى المنبر ، فرقيه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم قال :

إن الجهاد باب من أبواب الجنة ، فمن تركه ألبسه الله ثوب الذلة ، وشمله البلاء وديث بالصغار ، وسيم الخسف! وقد قلت لكم اغزوهم قبل أن يغزو بكم ، فإنه لم يغز قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا! فتواكلتم وتخاذلتم وتركتم قولي وراءكم ظهريا حتى شنت عليكم الغارات ، هذا أخو غامد قد جاء الأنبار فقتل عاملي عليها حسان بن حسان ، وقتل رجالا كثيرا ونساء ، والله لقد بلغني أنه كان يأتي المرأة المسلمة ، والأخرى المعاهدة فينزع حجلها ورعائها ثم ينصرفون موفورين لم يكلم أحد منهم كلما فلو أن امرأ مسلما مات من دون هذا أسفا لم يكن عليه ملوما ، بل كان به جديرا! يا عجبا ـ عجبا يميت القلب ويشعل الأحزان؟! ـ من اجتماع هؤلاء القوم على ضلالتهم وباطلهم وفشلكم عن حقكم! حتى صرتم غرضا ، ترمون ولا ترمون وتغزون ولا تغزون ، ويعصى الله وترضون! إذا قلت لكم اغزوهم في الحر قلتم : هذه حمارة القيظ فأمهلنا وإذا قلت لكم اغزوهم في البرد قلتم : هذا أوان قر وصر فأمهلنا فإذا كنتم من الحر والبرد تفرون فأنتم والله من السيف أشد فرارا! يا أشباه الرجال ـ ولا رجال ـ ويا طغام الأحلام وعقول ربات الحجال.

وددت والله أني لم أعرفكم ، بل وددت أني لم أركم! معرفة والله جرعت بلاء وندما؟! وملأتم جوفي غيظا بالعصيان والخذلان ، حتى لقد قالت قريش : إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب! ويحهم! هل فيهم [أحد]) أشد مراسا لها

__________________

الثلج حدثني أبو علي بن سختي المدائني رجل معروف من أهل المدائن قال رأيت في المنام رجلا نظيف الثوب حسن الهيئة فقال لي من أين أنت قلت من أهل المدائن قال من أهل الجانب الذي فيه شبابة قلت نعم قال فاني ادعو الله فأمن على دعائهم اللهم إن كان شبابة يبغض أهل نبيك فاضربه الساعة بفالج قال فانتبهت وجئت إلى المدائن وقت الظهر وإذا الناس في هرج فقلت ما للناس فقالوا فلج شبابة في السحر ومات الساعة.

٤٢٧

مني ، والله لقد دخلت فيها وأنا ابن عشرين ، وأنا الآن قد نيفت على الستين ، ولكن لا رأي لمن لا يطاع.

فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أنا كما قال الله تعالى (لا أملك إلا لنفسي وأخي) [25 / المائدة] فمرنا بأمرك فوالله لنعطينك ولو حال بيننا وبينك جمر الغضى وشوك القتاد ، قال : وأين تبلغان مما أريد؟ ـ [قال لهما] : هذا أو نحوه ـ ثم نزل [عليه‌السلام ].

قال العلامة المحقق المحمودي بعد ان أورد الخطبة بالسند السابق يذكر المصادر :

ذكرها ابو الفرج تحت عنوان : (أخبار أم حكيم ومقتل ابني عبيد الله بن العباس) من كتاب الأغاني : ج 15 ، ص 266 ط تراثنا.

وذكرها أيضا السيد الرضيرحمه‌الله في المختار : (27) من خطب النهج ،

وذكرها قبله المبرد ، في كتاب الكامل : ج 1 ، ص 19.

وذكرها جماعة آخرون كقالضي النعمان في دعائم الإسلام : ج 1 ، ص 390 وغيره.

وذكره البلاذري أيضا في الحديث : (490) من ترجمة أمير المؤمنين من أنساب الأشراف : ج 1 ص 418. وفي الطبعة الأولى : ج 2 ص 442.

ورواه ابن عبد ربه أيضا في العقد الفريد : ج 2 ص 353 وفي ط : ج 4 ص 136.

وذكره الدينوري أيضا قبيل مقتلهعليه‌السلام من كتاب الأخبار الطوال ص 211.(1)

ولها مصادر أخر ...

والقاري الكريم يلاحظ في السند شبابة وقد أوردنا ترجمته في هذا الكتاب انظر هامش الصفحة رقم 429 ، وهو معروف بعدائه لأهل البيت فضلا عن شيعتهم.

أقول :

نحن لا ننفي ان تكون هناك كلمات عتب وتوبيخ لقسم من الكوفيين وبخاصة

__________________

(1) الشيخ المحمودي ،نهج السعادة ج 2 ص 560 ـ 566.

٤٢٨

في الفترة ما قبل معركة النهروان حيث استطاع الخوارج ان يوجدوا نوعا من الشلل العام في المجتمع ولم تكن سياسة عليعليه‌السلام استعمال القوة في قمع المناقشات التي كان يصيرها الخوارج ضده املا منه ان يثوب إلى رشده من يثوب منهم ، وهذه الأحاديث والتوبيخات تخلوا من الطعن الذي اشتملت عليه الخطب السابقة ونموذجه ما أورده صاحب كتاب الغارات بسنده : ورواه المحمودي في كتابه نهج السعادة(1) : عن إبراهيم بن محمد الثقفيرحمه‌الله عن إسماعيل بن أبان الأزدي ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن رفيع بن فرقد البجلي قال : سمعت علياعليه‌السلام يقول :

ألا ترون يا معاشر أهل الكوفة؟ والله لقد ضربتكم بالدرة التي أعظ بها السفهاء فما أراكم تنتهون ، ولقد ضربتكم بالسياط التي أقيم بها الحدود فما أراكم ترعوون فما بقي إلا [أن أضربكم] بسيفي وإني لأعلم الذي يقومكم بإذن الله ، ولكني لا أحب أن آتي ذلك منكم.

والعجب منكم ومن أهل الشام؟ إن أميرهم يعصي الله وهم يطيعونه ، وإن أميركم يطيع الله وأنتم تعصونه!

إن قلت لكم : انفروا إلى عدوكم [في أيام الصيف قلتم : هذه حمارة القيظ أمهلنا يسلخ عنا الحر ، وإذا قلت لكم : انفروا إليهم في الشتاء] قلتم : القر يمنعنا. أفترون [أن] عدوكم لا يجدون [الحر] والقر كما تجدونه؟! ولكنكم أشبهتم قوما قال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : انفروا في سبيل الله. فقال [لهم] كبراؤهم : لا تنفروا في الحر. فقال الله لنبيه : (قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون) [81 / التوبة].

والله لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ، ولو صببت الدنيا بحذافيرها على الكافر ما أحبني! وذلك إنه قضى ما قضى على لسان النبي الأمي : أنه لا يبغضك مؤمن ولا يحبك كافر(2) وقد خاب من حمل ظلما وافترى.

يا معاشر أهل الكوفة والله لتصبرن على قتال عدوكم أو ليسلطن الله عليكم قوما أنتم أولى بالحق منهم فليعذبنكم ، أفمن قتلة بالسيف تحيدون إلى موتة على الفراش؟

__________________

(1) ج 2 ص 587 ـ 591.

(2) الرواية المشهورة في كتب الحديث تذكر لفظة (منافق) وهي الصحيحة.

٤٢٩

فأشهد أني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [يقول : والله] لموتة على الفراش أشد من ضربة ألف سيف! ، أخبرني به جبرئيل. فهذا جبرئيل يخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما تسمعون(1) .

أقول :

والقارئ الكريم يجد الخطبة خالية من كلمات الطعن الآنفة الذكر ، ونسق التوبيخ ينسجم مع حالة الشلل اوجدها الخوارج في المجتمع وقد تربوا على منهج الخلفاء ولم ينفتحوا على منهج عليعليه‌السلام على الرغم من معرفتهم ان منهجه هو منهج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وان منهج الخلفاء هو منهج انفسهم مخالفين فيه سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والدولة التي منحتهم حرية التعبير عن آرائهم.(2)

النموذج الثالث : ما رواه ابن عساكر في

تاريخ مدينة دمشق ج 12 ص 169

قال وأنبأنا محمد بن عبد الله الحافظ أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الصنعاني بمكة أنبأنا إسحاق بن إبراهيم نبأنا عبد الرزاق أخبرنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار عن الحسن قال : قال علي لأهل الكوفة اللهم كما ائتمنتهم فخانوني ونصحت لهم فغشوني فسلط عليهم فتى ثقيف الذيال الميال يأكل خضرتها ويلبس فروتها ويحكم فيها بحكم الجاهلية ، قال يقول الحسن وما خلق الله الحجاج يومئذ انتهى

أقول :

والرواية التي يرويها القاضي النعمان الذي اشار اليه المحموديرحمه‌الله تشير إلى ان هذه الكلمات في أهل البصرة وليس أهل الكوفة كما في الخبر الآتي :

روى القاضي النعمان عن رجل من أهل البصرة قال : قال عليعليه‌السلام ـ على المنبر ـ : يا أهل البصرة ، إن كنت قد أديت لكم الأمانة ونصحت لكم بالغيب ،

__________________

(1) المحمودي ، نهج السعادة ، ج 2 ص 560 ـ 566.

(2) من المفيد للقارئ الكريم قراءة جواب العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه مختصر مفيد ج 8 ص 106 ـ 128 في سائل سأله عن كلمات امير المؤمنينعليه‌السلام الموبخة لأصحابه.

٤٣٠

واتهمتموني ، وكذبتموني ، فسلط الله عليكم فتى ثقيف.

فقام رجل ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، وما فتى ثقيف؟ قال : رجل لا يدع الله حرمة إلا انتهكها ، به داء يعتري الملوك ، لو لم تكن إلا النار لدخلها.(1)

وفي رواية أخرى عن الدغشي ، باسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : لما انهزم أهل البصرة قام فتى إلى علي صلوات الله عليه ، فقال : ما بال ما في الأخبية لا تقسم؟ فقال عليعليه‌السلام : لا حاجة لي في فتوى المتعلمين. قال : ثم قام إليه فتى آخر. فقال مثل ذلك. فرد عليه مثل ما ردَّ أولا». فقال له الفتى : أما والله ما عدلت. فقال له عليعليه‌السلام : إن كنت كاذبا» فبلغ الله بك سلطان فتى ثقيف.

ثم قال عليعليه‌السلام : اللهم إني قد مللتهم وملوني ، فأبدلني بهم ما هو خير منهم ، وأبدلهم بي ما هو شر لهم. قال الأصبغ بن نباتة : فبلغ ذلك الفتى سلطان الحجاج ، فقتله.(2)

أقول :

وليس من شك ان الفقرة ما قبل الأخيرة ان صدق الراوي في ايرادها ، فهي دعوة على كثير من أهل البصرة حين نكثوا بيعته واستجابوا لقريش الناكثة وقاتلوا عليا. ولا تصدق على أهل الكوفة لانه نصروه وقاتلوا معه أهل البصرة ولولا نصرتهم له لكانت الأمور تتجه اتجاها آخر.

وقد ذكرهم علي أيضا بقوله :

(كنتم جند المرأة ، وأتباع البهيمة ، رغا فأجبتم ، وعقر فهربتم ، أخلاقكم دقاق ، وعهدكم شقاق ، ودينكم نفاق ، وماؤكم زعاق ، والمقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه ، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه ، كأني بمسجدكم كجؤجؤ سفينة ، قد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها ، وغرق من في ضمنها. وفي رواية : وأيم الله ، لتغرقن بلدتكم ، حتى كأني أنظر إلى مسجدها كجؤجؤ سفينة ، أو نعامة جاثمة.(3)

__________________

(1) القاضي النعمان المغربي ،شرح الأخبار ، ج 2 ص 290 ـ 291.

(2) القاضي النعمان المغربي ،شرح الأخبار ، ج 2 ص 290.

(3) ابن أبي الحديد ،شرح نهج البلاغة ، ج 1 ص 251.

٤٣١

النموذج الرابع : رواية أبي مخنف وغيره في تفرق الكوفيين

بعد النهروان بخلاف رواية أبي عوانة التي تؤكد

اجتماع كلمة الكوفيين على علي عليه‌السلام

قال البلاذري : وحدثني عباس بن هشام ، عن أبيه ، عن لوط بن يحيى أبي مخنف : أن عمارة بن عقبة بن أبي معيط كتب إلى معاوية من كوفة يعلمه أنه خرج على علي قراء أصحابه ونساكهم فسار إليهم فقتلهم فقد فسد عليه جنده وأهل مصره ، ووقعت بينهم العداوة ، وترقوا أشد الفرقة.

أقول :

وقد روى الثقفي في الغارات قال : قال : أبو مخنف عمن ذكره عن زيد بن وهب ان عليا قال للناس وهو أول كلام قال لهم بعد النهر :

أيها الناس استعدوا للمسير إلى عدو في جهاده القربة إلى الله ودرك الوسيلة عنده ، حيارى في الحق ، جفاة عن الكتاب نكب عن الدين ، يعمهون في الطغيان ويعكسون في غمرة الضلال ، فأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ، وتوكلوا على الله وكفى بالله وكيلا وكفى بالله نصيرا.

قال : فلا هم نفروا ولا تيسروا فتركهم أياما حتى إذا أيس من أن يفعلوا دعا رؤساءهم ووجوههم ، فسألهم عن رأيهم وما الذي ينظرهم فمنهم المعتل ومنهم المكره وأقلهم من نشط.

فقام فيهم خطيبا فقال : عبد الله مالكم إذا أمرتكم أن تنفروا اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة وبالذل والهوان من العز؟! أو كلما ندبتكم إلى الجهاد دارت أعينكم كأنكم من الموت في سكرة ، وكأن قلوبكم مألوسة فأنتم لا تعقلون ، وكأن أبصاركم كمه فأنتم لا تبصرون لله أنتم ما أنتم ..! الا أسود الشرى في الدعة وثعالب رواغة حين تدعون إلى البأس ، ما أنتم لي بثقة لي بثقة سجيس الليالي ، ما أنتم يركب يُصال بكم ولا ذوي عز يعتصم إليه ، لعمرو الله لبئس حشاش الحرب أنتم ، انكم تكادون ولا تكيدون ويتنقص أطرافكم ولا تتحاشون ، ولا ينام عنكم وأنتم

٤٣٢

في غفلة ساهون ، ان أخا ـ الحرب اليقظان ذو عقل ، وبات لذل من وادع ، وغلب المتجادلون والمغلوب مقهور ومسلوب.

ثم قال : أما بعد فان لي عليكم حقا ، وان لكم علي حقا ، فأما حقكم علي فالنصيحة لكم ما صحبتكم ، وتوفير فيئكم عليكم ، وتعليمكم كيما لا تجهلوا ، وتأديبكم كي تعلموا ، وأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة والنصح لي في المغيب والمشهد ، والاجابة حين أدعوكم ، والطاعة حين آمركم ، فان يرد الله بكم خيرا تنتزعوا عما أكره ، وتراجعوا إلى ما احب تنالوا ما تطلبون وتدركوا ما تأملون.(1)

قال البلاذري : وحدثني هشام بن عمار الدمشقي أبو الوليد [قال] : حدثني صدقة بن خالد ، عن زيد بن واقد ، عن أبيه ، عن أشياخهم أن معاوية لما بويع وبلغه قتال علي أهل النهروان ، كاتب وجوه من معه مثلالأشعث ابن قيس وغيره ووعدهم ومناهم وبذل لهم حتى مالوا إليه وتثاقلوا عن المسيرمع عليعليه‌السلام ، فكان يقول فلا يلتفت إلى قوله ، ويدعو فلا يسمع لدعوته!

فكان معاوية يقول : لقد حاربت عليا بعد صفين بغير جيش ولا عناء ـ أو قال : ولا عتاد.

أقول :

في سند الرواية الأولى أبو مخنف وهو متهم في أهل الكوفة من خلال كتابه مقتل الحسين ،

وفي سند الرواية الثانية هشام بن عمار الدمشقي وأهل دمشق متهمون في أهل الكوفة وقال ابن حجر حدث باربعمائة حديث ليس لها اصل.(2)

مضافا إلى ذلك فهي معارضة بروايات أخرى رواها البلاذري في ترجمة عليعليه‌السلام في رسالته إلى قيس بن سعد واليه على آذربايجان : ان الناس قد اجتمعت كلمتهم وليس لنا شغل الا انتظارك.

قال البلاذري وحدثني أبو مسعود الكوفي ، عن عوانة : أن عليا [عليه‌السلام ]

__________________

(1) إبراهيم بن محمد الثقفي ، الغارات ، ج 2 ص 691.

(2) ابن حجر ، مقدمة فتح الباري ص 448.

٤٣٣

كتب إلى قيس ابن سعد [بن عبادة] وهو عامله على آذربيجان : «أما بعد فاستعمل على عملك عبيد الله ابن شبيل الأحمسي وأقبل فإنه قد اجتمع ملأ المسلمين وحسنت طاعتهم ، وانقادت لي جماعتهم ولا يكن لك عرجة ولا لبث ، فإنا جادون معدون ، ونحن شاخصون إلى المحلين ، ولم أؤخر المسير إلا انتظارا لقدومك علينا إن شاء الله والسلام.

وروى أيضا عن أبي مسعود قال : قال عوانة : قال عمرو بن العاص ـ حين بلغه ما عليه على من الشخوص إلى الشام وأن أهل الكوفة قد انقادوا له :

لا تحسبني يا علي غافلا

لأوردن الكوفة القبائلا

ستين ألفا فارسا وراجلا

فقال : علي :

لأبلغن العاصي بن العاصي

ستين ألفا عاقدي النواصي

مستحقبين حلق الدلاص(1)

ويؤكد ذلك ما رواه سليم في كتابه من ان الناس قد ازدادت بصيرتهم بعلي واستبصر عامة من كان يشك في ضلالة من خالفه.(2)

النموذج الخامس : رواياتموضوعة على لسان الحسن عليه‌السلام

ضد الكوفيين نذكر منها

ما رواه الطبري قال : حدثني عبد الله بن أحمد المروذي قال أخبرني أبي قال حدثنا سليمان قال حدثني عبد الله عن يونس (الايلي) عن الزهري قال بايع أهل العراق الحسن بن علي بالخلافة فطفق يشترط عليهم الحسن إنكم سامعون مطيعون تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت فارتاب أهل العراق في أمرهم حين اشترط عليهم هذا الشرط وقالوا ما هذا لكم بصاحب وما يريد هذا القتال فلم يلبث الحسنعليه‌السلام بعدما بايعوه إلا قليلا حتى طعن طعنة أشوته فازداد لهم بغضا وازداد منهم ذعرا فكاتب

__________________

(1) البلاذري ،انساب الاشراف ، ص 480 ـ 481.

(2) سليم بن قيس الهلالي ،كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 670 ـ 671.

٤٣٤

معاوية وأرسل إليه بشروط قال إن أعطيتني هذا فأنا سامع مطيع وعليك أن تفي لي به ووقعت صحيفة الحسن في يد معاوية وقد أرسل معاوية قبل هذا إلى الحسن بصحيفة بيضاء مختوم على أسفلها وكتب إليه أن اشترط في هذه الصحيفة التي ختمت أسفلها ما شئت فهو لك فلما أتت الحسن اشترط أضعاف الشروط التي سأل معاوية قبل ذلك وأمسكها عنده وأمسك معاوية صحيفة الحسنعليه‌السلام التي كتب إليه يسأله ما فيها فلما التقى معاوية والحسنعليه‌السلام سأله الحسن أن يعطيه الشروط التي شرط في السجل الذي ختم معاوية في أسفله فأبى معاوية أن يعطيه ذلك فقال لك ما كنت كتبت إلى أولا تسألني أن أعطيكه فاني قد أعطيتك حين جاءني كتابك قال الحسنعليه‌السلام وأنا قد اشترطت حين جاءني كتابك وأعطيتني العهد على الوفاء بما فيه فاختلفا في ذلك فلم ينفذ للحسنعليه‌السلام من الشروط شيئا.(1)

وروى بالسند نفسه قال : جعل عليعليه‌السلام قيس ابن سعد على مقدمته من أهل العراق إلى قبل آذربيجان وعلى أرضها وشرطة الخميس التي ابتدعتها العرب وكانوا أربعين ألفا بايعوا علياعليه‌السلام على الموت ولم يزل قيس يدارئ ذلك البعث حتى قتل عليعليه‌السلام واستخلف أهل العراق الحسن بن عليعليه‌السلام على الخلافة وكان الحسن لا يرى القتال ولكنه يريد أن يأخذ لنفسه ما استطاع من معاوية ثم يدخل في الجماعة وعرف الحسن أن قيس بن سعد لا يوافقه على رأيه فنزعه وأمر عبد الله بن عباس فلما علم عبد الله بن عباس بالذي يريد الحسنعليه‌السلام أن يأخذه لنفسه كتب إلى معاوية يسأله الأمان ويشترط لنفسه على الأموال التي أصابها فشرط ذلك له معاوية.(2)

أقول :

وفي سند الرواية الزهري وهو فقيه ورواية البلاط الأموي الرسمي ، ثم تلميذه الاثير يونس الايلي(3) مولى معاوية بن أبي سفيان رافقه اثنتا عشرة سنة في أخريات عمره

__________________

(1) الطبري ،تاريخ الطبري ج 4 ص 123 ـ 124.

(2) المصدر السابق.

(3) هو يونس بن يزيد بن أبي النجاد الايلي أبو يزيد القرشي. ذكره خليفة في الطبقة الثالثة من أهل

٤٣٥

ولذلك اعتبروه الأثبت فيه من أصحابه.

وما رواه الطبري أيضا قائلا : وحدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال حدثنا عثمان بن عبد الحميد أو ابن عبد الرحمن الخزاعي أبو عبد الرحمن قال حدثنا إسماعيل بن راشد قال بايع الناس الحسن بن عليعليه‌السلام بالخلافة ثم خرج بالناس حتى نزل المدائن وبعث قيس بن سعد على مقدمته في اثنى عشر ألفا وأقبل معاوية في أهل الشام حتى نزل مسكن فبينا الحسن في المدائن إذ نادى مناد في العسكر ألا إن قيس بن سعد قد قتل فانفروا فنفروا ونهبوا سرادق الحسنعليه‌السلام حتى نازعوه بساطا كان تحته وخرج الحسن حتى نزل المقصورة البيضاء بالمدائن وكان عم المختار بن أبي عبيد عاملا على المدائن وكان اسمه سع دبن مسعود فقال له المختار وهو غلام شاب هل لك في الغنى والشرف قال وما ذاك قال توثق الحسن وتستأمن به إلى معاوية فقال له سعد عليك لعنة الله أثب على ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأوثقه بئس الرجل أنت فلما رأى الحسنعليه‌السلام تفرق الأمر عنه بعث إلى معاوية يطلب الصلح وبعث معاوية إليه عبد الله بن عامر وعبد الرحمن ابن سمرة بن حبيب بن عبد شمس فقدما على الحسن بالمدائن فأعطياه ما أراد وصالحاه على أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف في أشياء اشترطها ثم قام الحسن في أهل العراق فقال يا أهل العراق إنه سخى بنفسي عنكم ثلاث قتلكم أبى وطعنكم إياي وانتهابكم متاعي ودخل الناس في طاعة معاوية ودخل معاوية الكوفة فبايعه الناس.

وفي سند الرواية موسى المسروقي كوفي عامي سنة 258 هـ.

ثم : عثمان بن عبد الحميد أو ابن عبد الرحمن الخزاعي أبو عبد الرحمن.

أقول :

هو عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم الحراني الطرائفي ت سنة 203 هـ والخزاعي

__________________

مصر صحب الزهري اثني عشر سنة. وكان الزهري إذا قدم ايلة نزل عند يونس وإذا سار إلى المدينة زامله يونس. قال محمد بن سعد حديثه حلو ربما جاء بالشيء المنكر ، توفي في صعيد مصر سنة 159 ه أو 160 هـ. كان تعداده في بني أمية. (ايلة مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام وقيل هي آخر الحجاز واول الشام. الحموي ،معجم البلدان ج 1 ص 232.

٤٣٦

تصحيف الحراني(1) .

قال ابن حجر : عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم الحراني أبو عبد الرحمن ويقال أبو عبد الله ويقال أبو محمد ويقال أبو هاشم المكتب المعروف بالطرائفي اخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة ، مولى منصور بن محمد بن مروان وقيل مولى بني تيم ..

قال البخارييروي عن قوم ضعاف ،

وقال ابن أبي حاتم عن أبيه إسحاق بن منصور عن ابن معين عثمان بن عبد الرحمن التيمي ثقة. قال وسألت أبي عنه فقال صدوق وأنكر على البخاري إدخاله في الضعفاء يشبه بقية في روايته عن الضعفاء.

وقال أبو أحمد الحاكم إنما لقب بالطرائفي لأنه كان يتبع طرائف الحديث يرويعن ثم ضعاف حديثه ليس بالقائم.

وقال ابن عدي سمعت أبا عروبة ينسبه إلى الصدق وقال لا بأس به متعبد ويحدث عن قوم مجهولين بالمناكير وعنده عجائب وهو في الجزريين كبقية في الشاميين.

قال أبو أحمد وصوبه عثمان انه لابأس به وتلك العجائب من جهة المجهولين وما يقع في حديثه من الانكار فإنما يقع من جهة من يروي عنه.

قال ابن حجر : وقال ابن أبي عاصم صدوق اللسان

وقال الساجي عنده مناكير.

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه لا أجيزه

وقال الأزدي متروك ،

وقال ابن نمير كذاب ،

وقال ابن حبان يروي عن قوم ضعاف أشياء يدلسها لا يجوز الاحتجاج به.

ووثقه ابن شاهين

مات سنة (203) وقيل سنة (202).(2)

__________________

(1) انظر ابن الدمشقي ،جواهر المطالب ت 871 تحقيق المحمودي ص 89 ، حيث رواها عن الطبري بلفظ الحراني وليس الخزاعي.

(2) ابن حجر ،تهذيب التهذيب ج 7 ص 123 ـ 124.

٤٣٧

الباب الثالث / الفصل السابع

الروايات الطاعنة في الحسن عليه‌السلام

روايات الواقدي (207 هـ)

روى ابن سعد عن محمد بن عمر الواقدي(1) عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال قال علي : يا أهل الكوفة لا تزوجوا الحسن بن علي فانه رجل مطلاق ، فقال رجل من همدان : والله لنزوجنَّه فما رضي امسك وما كره طلَّق.(2)

وروى ابن سعد أيضا عن محمد بن عمر عن علي بن عمر عن أبيه(3) عن علي بن حسين قال كان الحسن بن علي مطلاقا للنساء وكان لا يفارق امرأة الا وهي تحبه.(4)

وروى أيضا قال اخبرنا محمد بن عمر قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن

__________________

(1) المزي ،تهذيب الكمال : قال محمد بن سعد أخبرني أنه اي الواقدي ولد في أول سنة ثلاثين ومئة وقال في موضع أخر محمد بن عمر بن واقد الأسلمي مولى عبد الله بن بريدة الأسلمي كنا من أهل المدينة فقدم بغداد في سنة ثمانين ومئة في دين لحقه فلم يزل بها وخرج إلى الشام والرقو ثم رجع إلى بغداد فلم يزل بها إلى أن قدم المأمون من خراسان فولاه القضاء بعسكر المهدي فلم يزل قاضيا حتى مات ببغداد ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة سبع ومئتين ودفن يوم الثلاثاء في مقابر الخيزران وهو ابن ثمان وسبعين سنة وذكر أنه ولد سنة ثلاثين ومئة.

(2)ترجمة الحسن من طبقات ابن سعد القسم غير المطبوع ص 69.

(3) مجهولان هو وولده.

(4) المصدر السابق ص 67.

٤٣٨

محمد عن أبيه قال قال علي : ما زال الحسن بن علي يتزوج ويطلق حتى خشيت ان يورثنا عدواة في القبائل.(1)

روايات جرير بن حازم (175 هـ)

روى ابن سعد عن وهب بن جرير بن حازم عن أبيه قال اخبرنا شعبة عن أبي إسحاق عن معدي كرب ان عليا مر على قوم مجتمعين ورجل يحدثهم فقال من هذا قالوا الحسن فقال طحن ابل لم تعوَّد طحنا. ان لكل قوم صداد وان صدادنا الحسن.(2)

رواية سحيم بن حفص الأنصاري احد شيوخ

المدائني (238 هـ) وابن سعد

روى ابن سعد عن علي بن محمد عن سحيم بن حفص الأنصاري. عن عيسى بن أبيه ارون المزني. قال : تزوج الحسن بن علي حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر. وكان المنذر بن الزبير هويها. فأبلغ الحسن عنها شيئافطلقها الحسن. فخطبها المنذر فأبت أن تزوجه وقالت : شهرني. فخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب فتزوجها فرقي إليه المنذر أيضا شيئا ، فطلقها. ثم خطبها المنذر. فقيل لها : تزوجيه فيعلم الناس أنه كان يَعْضَهُكِ (أي يبهتك) فتزوجته فعلم الناس أنه كذب عليها. فقال الحسن لعاصم بن عمر : انطلق بنا حتى نستأذن المنذر فندخل على حفصة فاستأذناه. فشاور أخاه عبد الله بن الزبير فقال دعهما يدخلان عليها. فدخلا فكانت إلى عاصم أكثر نظرا منها إلى الحسن وكانت إليه أبسط في الحديث. فقال الحسن للمنذر خذ بيدها فأخذ بيدها. وقام الحسن وعاصم فخرجا وكان الحسن يهواها وإنما طلقها لما رقا إليه المنذر. فقال الحسن يوما لابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن وحفصة عمته هل لك في العقيق؟ قال : نعم. فخرجا فمرا على منزل حفصة. فدخل إليها الحسن فتحدثا

__________________

(1) ابن سعد ،الطبقات الكبرى القسم الناقص ج 1 ص 301.

(2) ابن سعد ،الطبقات الكبرى القسم الناقص ج 1 ص 277 ـ 278 ورواه أيضاً ابن معين عن ذر عن شعبة عن أبي اسحق عن معدي كرب (ابن معين ،تاريخ ابن معين ج 2 ص 419).

٤٣٩

طويلا ثم خرج. ثم قال أيضا بعد ذلك بأيام لابن أبي عتيق : هل لك في العقيق؟ قال : نعم. فخرجا فمرا بمنزل حفصة. فدخل الحسن فتحدثا طويلا. ثم خرج ثم قال الحسن مرة أخرى لابن أبي عتيق : هل لك في العقيق؟ فقال : يا ابن أم ألا تقول هل لك في حفصة؟.(1)

روايات الوضاح اليشكري الواسطي البصري ابو عوانة (176 هـ)

روى ابن سعد عن يحيى بن حماد قال اخبرنا أبو عوانة(2) عن سليمان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي إدريس عن المسيب بن نجبة قال سمعت عليا يقول الا احدثكم عني وعن أهل بيتي؟ اما عبد الله بن جعفر فصاحب لهو ، واما الحسن بن علي فصاحب جفنة وخوان فتى من فتيان قريش لوقد التقتا حلقتا البطان لم يغن في الحرب عنكم شيئا ، واما أنا وحسين فنحن منكم وانتم منا.(3)

وروى أيضا موسى بن إسماعيل قال حدثنا ابو عوانة عن المغيرة عن ثابت بن هرمز قال لما أتى الحسن بن علي قصر المدائن قال المختار لعمه هل لك في أمر تسود به العرب؟ قال وما هو؟ قال تدعني ان اضرب عنق هذا واذهب برأسه إلى معاوية قال : ما ذاك بلاهم عندنا أهل البيت.(4)

__________________

(1) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، ط 5 ، ج 1 ، ص : 307 ، سحين بن حفص الأنصاري كنيته أبو اليقظان واسمه عامر بن حفص وسحيم لقب له. ذكره ابن النديم في الفهرست ص 106. وقد ورد في إسناد عند الطبري تاريخ الطبري ، ج 4 ص 449 المدائني عن سحيم مولى وبرة التميمي عن عبيد بن عمرو القرشي وذكره ياقوت فيمعجم الأدباء : ج 11 ص 180 ولم يزد على ما ذكره صاحب الفهرست وهو أخباري نسابة من شيوخ المدائني.

(2) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، ج 7 ص 287 أبو عوانة واسمه الوضاح مولى يزيد بن عطاء وكان ثقة صدوقا أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا مهدي بن ميمون قال رأيت أبا عوانة وهو غلام زمان خالد بن عبد الله يقرأ بالأصوات ، يحيى بن حماد قال توفي أبو عوانة سنة ست وسبعين ومائة في خلافة هارون وعلينا جعفر بن سليمان وكان أصله من أهل واسط ثم انتقل إلى البصرة فنزلها حتى مات بها.

(3) ابن سعد ،الطبقات الكبرى القمس الناقص ج 1 ص 297 ، ابن أبي الحديدشرح نهج البلاغة ج 16 ص 11.

(4) المصدر السابق ص 62.

٤٤٠