الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام9%

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 216

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام
  • البداية
  • السابق
  • 216 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 63453 / تحميل: 5978
الحجم الحجم الحجم
الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام

مؤلف:
العربية

١

٢

٣

٤

تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين ، من الأولين والآخرين ، إلى قيام يوم الدين.

وبعد

فإن حياة الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ، وحتى عضوياً بحياة أخيه السبط الشهيد الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام

وبالأخص حياتهما السياسية ، فهما شريكان في صنع الأحداث ، أو في التأثير فيها ، سواء على مستوى الموقف ، أو على مستوى نتائجه وآثاره

ولا يقتصر ذلك على الفترة التي عاشاها كإمامين ، يتحملان بالفعل مسؤولية القيادة والهداية للأمة بل وينسحب أيضاً حتى على الفترة التي عاشاها في كنف جدهما الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فضلاً عما تلاها من تحولات وتطورات في عهد الخلفاء الثلاثة ، ثم إبان تصدي أبيهما أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه للإمامة الظاهرة

بل إننا حتى بعد استشهاد الإمام الحسنعليه‌السلام ، لنجد ملامح الآثار

٥

المباشرة لمواقفهعليه‌السلام (١) على مجمل المواقف والأحداث التي كان للإمام الحسينعليه‌السلام التأثير فيها ، أو المسؤولية في صنعها

وليس ذلك ـ فقط ـ لأجل أن دور أحدهما ـ كإمام ـ لا بد أن يكون امتداداً لدور الآخر وإنما يضاف إلى ذلك طبيعة الظروف التي رافقت حياتهما ، والمسؤوليات المتميزة التي فرض عليهما القيام بها في تلك الفترة الزمنية ، ذات الطابع الخاص جداً

ولأجل ذلك فإن على من يريد البحث والتعرف على الحياة السياسية لأحدهما عليهما الصلاة والسلام ، أن لا يهمل النظر إلى حياة الآخر ، وملاحظة مواقفه. بل لا بد وأن يبقى على مقربة منها ، إذا أراد أن يستفيد الكثير ممّا يساعده على فهم أعمق لما هو بصدد البحث فيه ، ويهدف إلى التعرف عليه ، وعلى أسبابه ، وعلى آثاره ونتائجه

ونحن في هذا البحث المقتضب ، وإن كنا لم نستطع أن نؤمن ـ حتى الحد الأدنى في مجال الالتزام بهذا الاتجاه ، وذلك بسبب عدم توفر الفرصة ، وكثرة الصوارف إلا أننا لا نُبعد كثيراً إذا قلنا : إن ملامح هذا الاتجاه ليست مطموسة تماماً في بحثنا هذا

وأخيراً فإن هذه الدراسة الموجزة ، قد تكون قادرة ـ ولو جزئياً ـ على رسم صورة تكاد تكون واضحة عن الحياة السياسية للإمام الحسن عليه الصلاة والسلام. كما أنها يمكن أن تساعد بشكل فعال في الحصول على تصورٍ ـ ولو محدود ـ عن بعض التيارات والمناحي السياسية لتلك الفترة فـ :

إلى ما يلي من صفحات

٢٠/ ١ / ١٤٠٤ هـ. ق

٥ / ٨ / ١٣٦٢ هـ. ش

جعفر مرتضى الحسيني العاملي

__________________

١ ـ كتربيته للعديد من الشخصيات ، وكلماته وخطبه التي ألقاها في المناسبات المختلفة ، ثم صلحه الذي ساهم في حفظ كيان الشيعة ، وفي فضح الأمويين والمنافقين ، وكشف نواياهم من خلال أقوالهم وممارساتهم اللا إسلامية واللا إنسانية تجاه الأمة.

٦

ما هي السياسة ؟ :

قيل :

سأل بعض الناس الإمام الحسنعليه‌السلام عن رأيه في السياسة ، فقالعليه‌السلام :

« هي أن تراعي حقوق الله ، وحقوق الأحياء ، وحقوق الأموات. فأما حقوق الله ، فأداء ما طلب ، والاجتناب عما نهى. وأما حقوق الإحياء ، فهي أن تقوم بواجبك نحو إخوانك ، ولا تتأخر عن خدمة أمتك ، وأن تخلص لولي الأمر ما أخلص لأمته ، وأن ترفع عقيرتك في وجهه إذا حاد عن الطريق السوي. وأما حقوق الأموات ، فهي أن تذكر خيراتهم ، وتتغاضى عن مساوئهم ، فإن لهم رباً يحاسبهم »(١) .

__________________

١ ـ حياة الحسنعليه‌السلام للقرشي : ج ١ ص ١٤٢ / ١٤٣ عن مجلة العرفان : ج ٤ جزء ٣ نقلاً عن التذكرة المعلوفية : ج ٩ والإمام الحسن بن علي ، لمحمد علي دخيل ص ٥٢ / ٥٣ ، وسيرة الأئمة الأثني عشر : ج ١ ص ٥٢٥.

ويرى بعض المحققين : أن هذا الخبر منقول بالمعنى ، وأنه غير صحيح أصلاً. ولكنني لم أفهم سر حكمه هذا؟!.

٧
٨

الفصل الأول :

في عهد الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

روي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال في حديث له : « لو كان العقل رجلاً لكان الحسن »

( فرائد السمطين ج ٢ ص ٦٨ وعن مقتل الحسين للخوارزمي )

٩
١٠

بداية :

لقد ولد الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام في حياة جده الرّسول الأكرم ، محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبالذات في النصف من شهر رمضان المبارك ، من السنة الثالثة للهجرة النبوية ، على المشهور وعاش في كنف جده المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله سبع سنوات من عمره الشريف ، وكانت تلك السنوات على قلتها ، كافية لأن تجعل منه الصورة المصغرة عن شخصية الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتى ليصبح جديراً بذلك الوسام العظيم ، الذي حباه به جده ، حينما قال له ـ حسبما روي :

« أشبهت خلْقي وَخُلُقي »(١) .

وقال المحقق العلامة الأحمدي : « أضف إلى ذلك ما لصحبة العظماء من الأثر الروحي على الإنسان ، فمن عاشر كبيراً ، وصاحب عظيما ، فيشرق عليه من نوره ، ويلفح عليه من عطره المعنوي ما تَغْنى به نفسه ، وتسمو به ذاته وقد ألمحت الأحاديث الكثيرة الورادة في العِشْرة ، واختيار الصديق إلى هذا

__________________

١ ـ حياة الحسنعليه‌السلام للقرشي : ج ١ ص ٢٩ ، وسيرة الأئمة الاثني عشر للحسني : ج ١ ص ٥١٣ ، وصلح الإمام الحسنعليه‌السلام لفضل الله ص ١٥ عن الغزالي في إحياء العلوم. وحول شبههعليه‌السلام بجده راجع : تاريخ اليعقوبي ط صادر : ج ٢ ص ٢٢٦ والبحار ج ١٠ وأعيان الشيعة ج ٩ وذكر ذلك العلامة المحقق الأحمدي عن : كشف الغمة ص ١٥٤ والفصول المهمة للمالكي ، والإصابة ج ١ ص ٣٢٨ وكفاية الطالب ص ٢٦٧ وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج ٤ ص ٢٠٢ وينابيع المودة ص ١٣٧ وتاريخ الخلفاء ص ١٢٦ / ١٢٧ والتنبيه والاشراف ص ٢٦١ والبحار عن الإرشاد ، والروضة وأعلام الورى ، والعكبري ، والترمذي ، وشرف النبوة.

١١

المعنى، وأشار أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى صحبته لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في خطبته القاصعة ، فقال : « ولقد كنت اتبعه إتباع الفصيل أثر أمه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً ، ويأمرني بالاقتداء به الخ ».

أضف إلى ذلك : أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد نحل الحسنينعليهما‌السلام نحلة سامية ، حينما قال : أما الحسن فإن له هيبتي وسؤددي ، وأما الحسين فله جودي وشجاعتي »(١) انتهى.

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومستقبل الأمة :

والرسول الأعظم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله هو ذلك الشخص الذي يتحمل مسؤولية هداية ورعاية الأمة ، ومسؤولية تبليغ وحماية مستقبل الرسالة ، ثم وضع الضمانات التي لا بد منها في هذا المجال

وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المطلع عن طريق الوحي على ما ينتظر هذا الوليد الجديد ، الإمام الحسنعليه‌السلام من دَور قيادي هام على هذا الصعيد كما أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله مأمور بأن يساهم هو شخصياً ، وبما هو ممثل للإرادة الإلهية بالإعداد لهذا الدور ، سواء فيما يرتبط ببناء شخصية هذا الوليد اليافع ، ليكون الإنسان الكامل الذي يمتلك الصفات الإنسانية المتميزة ، أو فيما يرتبط ببنائه بناء فذّاً يتناسب مع المهام الجسام ، التي يؤهل للاضطلاع بها على صعيد هداية ورعاية وقيادة الأمة.

وإذا كانت هذه المهام هي ـ تقريباً ـ نفس المهام التي كان يضطلع بها الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله فإن من الطبيعي أن تتجلى في

__________________

١ ـ راجع هذا الحديث في : روضة الواعظين ، وكفاية الطالب ص ٢٧٧ ، وحلية الأولياء ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج ٤ ص ٢١٤ ، وكشف الغمة ص ١٥٤ وينابيع المودة ص ٢٥٩ ، والبحار عن قرب الإسناد. وإسعاف الراغبين ، بهامش نور الأبصار ص ١١٦

١٢

شخصية من يخلفه نفس الصفات والمؤهلات التي كانت للشخصية النبوية المباركة

وهكذا فإنه يتّضح المراد من قوله فإن قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام الحسنعليه‌السلام : أشبهت خَلْقي وَخُلُقي فأما شبهه له في الخلق ، فذلك أمر واقع ، كما عن أبي جحيفة(١) وأما شبهه له في الخُلُق فلا بد أن يعتبر وسام الجدارة والاستحقاق لذلك المنصب الإلهي ، الذي هو وراثة وخلافة النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم وصيه علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام.

نعم لابد من ذلك ، سواء بالنسبة لما يرتبط بشخصية ذلك الوليد أو بالنسبة إلى خلق المناخ النفسي الملائم لدى الأمة ، التي يفترض فيها أن لا تستسلم لمحاولات الابتزاز لحقها المشروع في الاحتفاظ بقيادتها الإلهية ، التي فرضها الله تعالى لها أو على الأقل أن لا تتأثر بعمليات التمويه والتشويه ، وحتى الإعدام والنسف للمنطلقات والركائز ، التي تقوم عليها رؤيتها العقائدية والسياسية ، التي يعمل الإسلام على تعميقها وترسيخها في ضمير الأمة ووجدانها

ومن هنا نعرف السر والهدف الذي يرمي إليه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في تأكيداته المتكررة ، تصريحاً ، أو تلويحاً على ذلك الدور الذي ينتظر الإمام الحسن وأخاهعليهما‌السلام ، وإلى المهمات الجلّى التي يتم إعدادهما لها ، حتى ليصرح بأنهماعليهما‌السلام : إمامان قاما أو قعدا(٢) كما أنه يقول

__________________

١ ـ راجع : ذكر أخبار أصبهان ج ١ ص ٢٩١ وتاريخ الخلفاء ص ١٨٨ و ١٨٩ عن عبد الله ابن الزبير.

٢ ـ أهل البيت ، تأليف توفيق أبو علم ص ٣٠٧ والارشاد للمفيد ص ٢٢٠ ومجمع البيان ج ٢ ص ٤٥٣ وكشف الغمة للأربلي ج ٢ ص ١٥٩ وروضة الواعظين ص ١٥٦ ، وحياة الحسن بن عليعليه‌السلام للقرشي ج ١ ص ٤٢ ، والبحار ج ٤٤ ص ٢ ، وعلل الشرايع ج ١ ص ٢١١ ، وإثبات الهداة ج ٥ ص ١٤٢ و ١٣٧ و ١٣٥ والمناقب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ٣٦٧ وعبر عنه بالخبر المشهور ، وقال ص ٣٩٤ : « اجتمع أهل

=

١٣

لهما : أنتما الإمامان ، ولأمكما الشفاعة(١) .

وفي مودة القربى أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال للحسينعليه‌السلام : « أنت سيد ، ابن سيد ، أخو سيد ، وأنت إمام ، ابن إمام ، أخو إمام ، وأنت حجة ، ابن حجة ، أخو حجة ، وأنت أبو حجج تسعة ، تاسعهم قائمهم »(٢) .

وفي حديث عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول فيه عن الإمام الحسنعليه‌السلام : « وهو سيد شباب أهل الجنة ، وحجة الله على الأمة ، أمره أمري ، وقوله قولي ، من تبعه فإنه مني ، ومن عصاه فإنه ليس مني الخ »(٣) وثمة أحاديث أخرى تدل على إمامتهما ، وإمامة التسعة من ذرية الحسينعليه‌السلام : فلتراجع(٤) .

فكل ما تقدم إنما يعني : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد بث في الحسنينعليهما‌السلام من العلوم النافعة ، والحكمة الساطعة ، وربى فيهما من المؤهلات ما يكفي لأن يجعلهما ، جديرين بمقام خلافته ، وهداية الأمة بعده

كما أننا نلاحظ حرصهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ربط قضاياهما عقيدة وتشريعاً ، وحتى عاطفياً ووجدانياً بنفسهصلى‌الله‌عليه‌وآله شخصياً ، حتى

__________________

=

القبلة على أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال الخ » وسيرة الأئمة الاثني عشر للحسني ج ١ ص ٥٥٤ و ٥٤٤ وقال : « بإجماع المحدثين ».

١ ـ نزهة المجالس ج ٢ ص ١٨٤ وحياة الحسن بن علي للقرشي ج ١ ص ٤٢ عنه وعن الاتحاف بحب الاشراف ص ١٢٩ وإثبات الهداة ج ٥ ص ٥٢.

٢ ـ ينابيع المودة ص ١٦٨ وراجع منهاج السنة لابن تيمية ج ٤ ص ٢٠٩ وإثبات الهداة ج٥ ص ١٢٩ والبحار ج ٣٦ ص ٢٩٠ و ٢٩١ عن كفاية الأثر.

٣ ـ فرائد السمطين ج ٢ ص ٣٥ وأمالي الصدوق ص ١٠١ وحول ما يثبت إمامة الإمام الحسنعليه‌السلام راجع : ينابيع المودة ص ٤٤١ و ٤٤٢ و ٤٤٣ و ٤٨٧ عن المناقب. وفرائد السمطين ج ٢ ص ١٤٠ و ١٣٤ و ١٥٣ و ٢٥٩ وفي هوامشه عن المصادر التالية : غاية المرام ص ٣٩ وكفاية الأثر المطبوع في آخر الخرائج والجرائح ص ٢٨٩ عيون أخبار الرضا باب ٦ ص ٣٢ والبحار ج ٣ ص ٣٠٣ و ج ٣٦ ص ٢٨٣ و ج ٤٣ ص ٢٤٨ وأمالي الصدوق ص ٣٥٩ المجلس رقم ٦٣.

٤ ـ راجع : ينابيع المودة ص ٣٦٩ و٣٧٢ و٣٧٣ و ٣٧٤ حتى ٣٩٩ وإثبات الهداة ج ٥ ص ١٣٢.

١٤

ليقول لهما : أنما سلم لمن سالمتم ، وحربٌ لمن حاربتم(١) والأحاديث بهذا المعنى كثيرة جداً لا مجال لاستقصائها.

وفي نص آخر عن أنس بن مالك قال : دخل الحسن على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأردت أن أمطيه عنه ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ويحك ياأنس ، دع ابني ، وثمرة فؤادي ، فإن من آذى هذا آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله »(٢) .

بل إنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليخبر الناس بما يجري على الإمام الحسنعليه‌السلام بعده ، فيقول حسبما روي : « إن ابني هذا سيد ، وسيصلح الله على يديه بين فئتين عظيمتين »(٣) .

__________________

١ ـ راجع سنن الترمذي ج ٥ ص ٦٩٩ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٥٢ وينابيع المودة ص ١٦٥ عنهما و ص ٢٣٠ و ٢٦١ و ٣٧٠ عن جامع الأصول وغيره وروضة الواعظين ص ١٥٨ وذخائر العقبى ص ٢٥ ، ومقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ٥ و ٦١ وترجمة الإمام الحسن لابن عساكر بتحقيق المحمودي ص ٩٧ / ٩٨ وترجمة الإمام الحسين لابن عساكر بتحقيق المحمودي ص ١٠٠ والصواعق المحرقة ص ١٤٢ وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج ٤ ص ٢١١ وأُسد الغابة ج ٥ ص ٥٢٣ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٦٩ ، والمناقب للخوارزمي ص ٩١ و ٢١١ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٤٩ ومناقب الإمام علي لابن المغازلي ص ٦٣ والبداية والنهاية ج ٨ ص ٢٠٥ وتايخ بغداد ج ٧ ص ١٣٧ ومسند أحمد ج ١ ص ٤٤٢ وفرائد السمطين ج ٢ ص ٣٨ و ٤٠ وفي هامشه عن الرياض النضرة ج ٢ ص ١٨٩ وعن المعجم الصغير للطبراني ج ٢ ص ٣ وعن المعجم الكبير ج ٣ ص ٣٠ ط ١ وعن سمط النجوم ج ٢ ص ٤٨٨ ، وفي بعض الهوامش الأخرى عن تهذيب الكمال.

٢ ـ أهل البيت ، تأليف توفيق أبو علم ص ٢٧٤ ، وراجع سنن ابي ماجة ج ١ ص ٥١.

٣ ـ أُسد الغابة ج ٢ ص ١٣ والبدء والتاريخ ج ٥ ص ٢٣٨ ودلائل الإمامة ص ٦٤ وسنن الترمذي ج ٥ ص ٦٥٨ وقال عنه : هذا حديث حسن صحيح ، وتاريخ الخلفاء ص ١٨٨ وعن سنن أبي داود ص ٢١٩ ، و ٥٢٠.

ولكن قد جاء في مصادر كثيرة التعبير بـ « فئتين من المسلمين » أو « من المؤمنين » ونحسب أنها من تزيد الرواة ، من أجل هدف سياسي خاص هو إثبات الإيمان والإسلام للخارجين على إمام زمانهم. ولعل أول من زادها هو معاوية نفسه كما تدل عليه قصة ذكرها المسعودي ، وفيها إشارة صريحة للهدف السياسي المشار إليه ، قال في مروج الذهب ج ٢ ص ٤٣٠ : إن معاوية حينما أتاه البشير بصلح الحسن كبّر ، فسألته زوجته

=

١٥

أما إخباراتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يجري على أخيه السبط الشهيد الإمام الحسينعليه‌السلام ، فهي كثيرة أيضاً ، وليس هنا موضع التعرض لها.

وبعد ذلك كله ، فإننا نجدهصلى‌الله‌عليه‌وآله يُقَبّل الإمام الحسنعليه‌السلام في فَمِه ، يُقَبل الإمام الحسينعليه‌السلام في نحره ، في إشارة صريحة منه إلى سبب استشهادهماعليهما‌السلام ، واعلاماً منه عن تعاطفه معهما ، وعن تأييده لهما في مواقفهما وقضاياهما

هذا كله ، بالإضافة الى كثير من النصوص التي تحدثت عن دور الأئمة وموقعهم بشكل عام ، ككونهم باب حطة ، وربانيي هذه الأمة ، ومعادن العلم ، وأحد الثقلين ، بالإضافة الى الأحاديث التي تشير الى ما سوف يلاقونه من الأمة ، وغير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه

وعلى كل حال فإن الشواهد على أن الرسول الأعظم ، محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يهتم في إعطاءالملامح الواضحة للركائز والمنطلقات ، التي لا بد منها لتكوين الرؤية العقائدية والسياسية الصحيحة والكاملة ، تجاه الدور الذي ينتظر السبطين الشهيدين صلوات الله وسلامه عليهما ، والتي تمثل الضمانات الكافية ، والحصانة القوية لضمير الأمة ضد كل تمويه او تشويه ـ هذه الشواهد ـ كثيرة جداً لا مجال لا ستقصائها ، ولكننا نؤكد بالإضافة الى ما تقدم على الأمور التالية :

ألف : العاطفة قد تعني موقفاً :

لقد كان الإمام الحسنعليه‌السلام أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه

__________________

= عن سبب ذلك فقال : « أتاني البشير بصلح الحسن وانقياده ، فذكرت قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن ابني هذا سيد أهل الجنة ، وسيصلح له بين فئتين عظيمتين من المؤمنين ، فالحمد لله الذي جعل فئتي إحدى الفئتين » انتهى.

١٦

وآله وسلم(١) بل لقد بلغ من حبهصلى‌الله‌عليه‌وآله له ولأخيهعليهما‌السلام : أنه يقطع خطبته في المسجد ، وينزل عن المنبر ليحتضنهما ، بالإضافة الى بعض ما تقدم وما سيأتي من النصوص الكثيرة ، والتي ذكرنا بعضها ، حيث لا مجال لتتبعها جميعاً في عجالة كهذه

والكل يعلم : أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن ينطلق في مواقفه ، وكل أفعاله وتروكه من منطلق المصالح ، أو الأهواء الشخصية ، ولا بتأثير من النزعات والعواطف ، وإنما كان صلى عليه وآله فانياً في الله بكل وجوده ، وبكل عواطفه وأحاسيسه ، وبكل ما يملك من فكر ، ومن طاقات ومواهب ، فهوصلى‌الله‌عليه‌وآله من الله سبحانه كان ، ومن أجل دينه ورسالته يعيش ، وعلى طريق حبه ، وحال اللقاء معه يموت فالله سبحانه هو البداية ، وهو الاستمرار ، وهو النهاية الأمر الذي يعني : أن كل موقف لا يكون خطوة على طريق خدمة دين الله ، وإعلاء كلمته ، لا يمكن أن يصدر عنه ، أياً كان نوعه ، ومهما كان حجمه.

ولكن ذلك لا يعني أبداً : أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن يملك العواطف البشرية ، والأحاسيس الطبيعية ، ولا يمنحها قسطها الطبيعي في مجال التأثير الإيجابي في الحياة ، أو حتى الاستفادة المباحة منها.

وإنما نريد أن نقول : إنه حينما يتخذ ذلك التأثير العاطفي صفة الموقف ، بإعطائه صفة العلنية ، ويصبح واضحاً : أن ثمة إصراراً أكيداً على إبرازه وإظهاره للملأ العام ، وحتى على المنبر أحياناً ، فلابد أن يكون ذلك في خدمة الرسالة ، وعلى طريق الهدف الأسمى.

بل وحتى على صعيد منحهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحاسيسه وعواطفه قسطها الطبيعي في التأثير في مجاله الشخصي البحت فإنه سيحولها إلى عبادة زاخرة بالعطاء ، غنية بالمواهب ، تمنحه المزيد من الطاقة ، وتؤثر المزيد من

__________________

١ ـ نسب قريش لمصعب الزبيري ص ٢٣ ـ ٢٥.

١٧

القرب من الله سبحانه وتعالى

نعم وان هذا الذي ذكرناه هو الذي يفسر لنا ذلك القدر الهائل من النصوص والآثار ، التي وردت عنه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله تجاه العلاقة التي تربطه بالحسنين صلوات الله وسلامه عليهما ، مثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بالنسبة للإمام الحسنعليه‌السلام : اللهم إن هذا ابني وأنا أحبُّه ، فأحبَّه ، وأحبَّ من يحبه(١) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أحب أهل بيتي إليَّ : الحسن والحسين إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة جداً(٢) .

فإن هذا الموقف المتميز من الحسنينعليهما‌السلام ، وتلك الرعاية الفريدة لهما زاخرة ولا شك بالعديد من الدلالات والإشارات الهامة حستما ألمحنا إليه

ولنا أن نخص بالذكر هنا موقف ، ومبادرات ، وأقوال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حين ولادتهماعليهما‌السلام ، فنجده حين ولادة الإمام الحسنعليه‌السلام يأتي إلى بيت الزهراء صلوات الله وسلامه عليها ن ويقول : « يا أسماء هاتي ابني » ، أو « هلمي ابني »(٣) .

__________________

١ ـ تهذيب تاريخ ابن عساكر ج ٤ ص ٢٠٥ و ٢٠٦ و٢٠٧ والغدير ج ٧ ص ١٢٤.

٢ ـ راجع الكثير من هذه النصوص في تهذيب تاريخ ابن عساكر ج ٤ ص ٢٠٥ ـ ٢٠٧ و ٢١٠ ، والغدير ج ٧ ص ١٢٤ ـ ١٢٩ و ج ١٠ وسيرتنا وسنتنا ص ١١ ـ ١٥ ، وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ، وفرائد السمطين ، وتاريخ بغداد ج ١ ص ١٤١ وتاريخ الخلفاء ص ١٨٩.

وترحمة الحسن ، وترجمة الحسين من تاريخ ابن عساكر بتحقيق المحمودي ، والفصول المهمة للمالكي ، وترجمة الإمام الحسنعليه‌السلام من أنساب الأشراف ، ونور الأبصار ، والصواعق المحرقة ، والبحار ج ٤٤ و ٤٣ والإرشاد للمفيد ، وأسد الغابة ، والإصابة ، والاستيعاب ترجمة الحسنينعليهما‌السلام ، وحياة الحسنعليه‌السلام للقرشي ، وغير ذلك من المصادر التي تقدمت وستأتي.

٣ ـ راجع البحار ، ترجمة الإمام الحسنعليه‌السلام . وغير ذلك من المصادر التي تقدمت في الحاشية السابقة.

١٨

ثم إنه لم يكن ليسبق ربه في تسمية المولود الجديد ، فينزل الوحي لينبئه عن الخالق الحكيم قوله له : « سمه حسناً » ثم يعق عنه بكبش ويتولى بنفسه حلق شعره ، والتصدق بزنته فضة ، وطلي رأسه بالخلوق بيده المباركة وقطع سرته إلى آخر ما هنالك مما جاء عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله في هذه الواقعة(١) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أسماء هاتي ابني وذلك في أول يوم من عمر الإمام الحسنعليه‌السلام له مغزى عميق ، وهدف بعيد ، سنلمح إليه في الفترة التالية إن شاء الله تعالى.

ب ـ قضية المباهلة :

ومما يدخل في الحياة السياسية للإمام الحسنعليه‌السلام في عهد جده النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله قضية المباهلة.

ويرجح العلامة الطباطبائي رضوان الله تعالى عليه ، أن هذه القضية قد كانت في سنة ست من الهجرة ، أو قبلها(٢) .

ومجملها :

ان علماء نصارى نجران وفدوا على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وناظروه في عيسى ، فأقام عليهم الحجة فلم يقبلوا ثم اتفقوا على المباهلة(٣) أمام الله ، فيجعلوا لعنة الله الخالدة ، وعذابه المعجل على الكاذبين

__________________

١ ـ تاريخ الخميس ج ١ ص ٤١٨ ، والإمام الحسن بن علي ، لآل ياسين ص ١٦ و ١٧ وحياة الحسنعليه‌السلام للقرشي ج ١ ص ٢٤ حتى ص ٢٨ عن بعض المصادر والمصادر المتقدمة في الحاشية ما قبل السابقة ، وفير ذلك مما سيأتي مما يتعرض لترجمة الإمام الحسنعليه‌السلام .

٢ ـ تفسير الميزان ج ٣ ص ٣٦٨.

٣ ـ من البهلة ، وهي اللعنة ، ثم كثر استعمال الابتهال في المسألة والدعاء ،

=

١٩

قال تعالى :( إنَّ مَثَلَ عيسَى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ. الحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ، فَلاَ تَكُنْ مِنَ المُمْتَرينَ. فَمَنْ حاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ العِلمِ ، فَقُلْ : تَعَالُوا ، نَدْعُ أَبنَاءَنَا وَأَبْنَاءكُمْ ، وُنِسَاءنَا وِنسَاءكُمْ ، وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ، ثمَّ نَبتَهِل ، فَنَجعل لَعنَةَ اللهِ عَلَى الكاذِبين ) (١) .

فلما رجعوا الى منازلهم قال رؤساؤهم ، السيد ، والعاقب ، والأهتم : إن باهلنا بقومه باهلناه : فإنه ليس نبياً ، وإن باهلنا بأهل بيته خاصة لم نباهله ، فإنه لايُقدِمُ الى أهل بيته إلا وهو صادق.

وفي اليوم المحدد خرج إليهم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه علي ، وفاطمة ، والحسنانعليهم‌السلام ، فسألوا عنهم ، فقيل لهم : هذا ابن عمه ، ووصيه ، وختنه علي بن أبي طالب ، وهذه ابيته فاطمة ، وهذان ابناه الحسن والحسين ، ففرِقوا : فقالوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعطيك الرضا فاعفنا من المباهلة. فصالحهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على الجزية ، وانصرفوا

هذه خلاصة ما ذكره القميرحمه‌الله في تفسيره.

وفي بعض النصوص أنهم قالوا له : لم لا تباهلنا بأهل الكرامة والكبر ، وأهل الشارة ممن أمن بك واتبعك؟! فقاصلى‌الله‌عليه‌وآله : أجل ، أباهلكم بهؤلاء خير أهل الأرض ، وأفضل الخلق.

ثم تذكر الرواية قول الأسقف لأصحابه : « أرى وجوهاً لو سأل الله بها أحد أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله إلى أن قال : أفلا ترون الشمس قد تغير لونها ، والأفق تنجع فيه السحب الداكنة ، والريح تهب هائجة سوداء ، حمراء ، وهذه الجبال يتصاعد منها الدخان؟! لقد أطلَّ علينا العذاب! انظروا إلى الطير وهي تقيء حواصلها ، وإلى الشجر كيف يتساقط أوراقها ،

__________________

= إذا كان إلحاح.

١ ـ آل عمران : ٥٩ ـ ٦١.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216