الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام18%

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 216

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام
  • البداية
  • السابق
  • 216 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 63470 / تحميل: 5982
الحجم الحجم الحجم
الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

ودخل عدي بن حاتم بعد مقتل أمير المؤمنينعليه‌السلام على معاوية ، فسأله معاوية عما أبقى الدهر من حب علي. قال عدي : كله. وإذا ذكر ازداد.

قال معاوية : ما أريد بذلك إلا إخلاق ذكره.

فقال عدي : « قلوبنا ليست بيدك يامعاوية »(1) .

واجتمع عند معاوية عمرو بن العاص ، والوليد بن عقبة ، والمغيرة ، وغيرهم ، فقالوا له : « إن الحسن قد أحيا أباه وذكره ، وقال فصدِّق ، وأمر فأطيع ، وخفقت له النعال ، وإن ذلك لرافعه إلى ماهو أعظم ثم طلبوا منه إحضاره للحط منه الخ »(2) . والشواهد على ذلك كثيرة

وقد بدأت بوادر نجاح هذه السياسة تجاه أهل البيت تظهر في وقت مبكر ، ويكفي أن نشير إلى ما تقدم من أن عمر يسأل عمن يقول الناس : إنه يتولى الأمر بعده ، فلا يسمع ذكراً لعليعليه‌السلام .

هـ : عقائد جاهلية وغريبة :

ثم يأتي دور الاستفادة من بعض العقائد الجاهلية ، أو العقائد الموجودة لدى أهل الكتاب ، وذلك من أجل تكريس الحكم لصالح أولئك المستأثرين ، والقضاء على مختلف عوامل ومصادر المناوأة والمنازعة لهم. هذه العقائد التي قاومها الأئمة بكل ما لديهم من قوة وحول

__________________

1 ـ الفتوح لابن أعثم ج 3 ص 134.

2 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 6 ص 285 والاحتجاج ج 1 ص 402 والبحار ج 44 ص 70 والغدير ج 2 ص 133 عن المعتزلي وعن المفاخرات للزبير بن بكار ، وعن جمهرة الخطب ج 2 ص 12. ونقل عن شرح النهج للآملي ج 18 ص 288 وعن أعيان الشيعة ج 4 ص 67.

٨١

ونذكر من هذه العقائد على سبيل المثال :

تركيز الاعتقاد بلزوم الخضوع للحاكم ، مهما كان ظالماً ومتجبراً وعاتباً ـ وهي عقيدة مأخوذة من النصارى ، حسب نص الإنجيل(1) ـ وقد وضعوا الأحاديث الكثيرة على لسان النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله لتأييد ما يرمون إليه في هذا المجال(2) وقد أصبح ذلك من عقائدهم(3) .

ومن قبيل الإصرار على عقيدة الجبر ، التي هي من بقايا عقائد المشركين ، وأهل الكتاب(4) . الأمر الذي يعني : أن كل تحرك ضد حكام الجور لا يجدي

__________________

1 ـ راجع رسالة بولس إلى أهل رومية ، وراجع الهدى إلى دين المصطفى ج 2 ص 316.

2 ـ راجع : سنن البيهقي ج 8 ص 157 و 159 و 164 و ج 4 ص 115 و ج 6 ص 310. وصحيح مسلم ج 6 ص 17 و 20 ج 2 ص 119 و 122 وكنز العمال ج 5 ص 465 و ج 3 ص 168 و 167 و 170 والعقد الفريد ج 1 ص 8 و 9 والمصنف لعبد الرزاق ج 11 ص 329 ـ 335 و 339 ـ 344 ولباب الآداب ص 260 والدر المثور ج 2 ص 177 و178 و 176 ومقدمة ابن خلدون ص 194 والإسرائيليات في التفسير والحديث ، ونظرية الإمامة ص 417 وقبلها وبعدها ، وتاريخ بغداد ج 5 ص 274 وطبقات الحنابلة ج 3 ص 58 و ص 56 ، والإبانة للأشعري ص 9 ومقالات الإسلاميين ج 1 ص 323 ومسند أحمد ج 2 ص 28 و ج 4 ص 382 / 383 البداية والنهاية ج 4 ص 249 و 226 ومجمع الزوائد ج 5 ص 229 و 224 وحياة الصحابة ج 2 ص 68 و 69 و 72 و ج 1 ص 12 والإصابة ج 2 ص 296 والكنى والألقاب ج 1 ص 167 والاذكياء ص 142 و الغدير ج 7 ص 136 حتى ص 146 و ج 6 ص 117 و 128 و ج 9 ص 393 و ج 10 ص 46 و 302 و ج 8 ص 256 ومستدرك الحاكم ج 3 ص 513 و 290 والسنة قبل التدوين ص 467 ونهاية الإرب ج 6 ص 12 و 13 ولسان الميزان ج 3 ص 387 و ج 6 ص 226 عن أبي الدرداء رفعه : « صلوا خلف كل إمام ، وقاتلوا مع كل أمير » وراجع : المجروحون لابن حبان ج 2 ص 102.

3 ـ راجع كتابنا : الحياة السياسية للإمام الرضا (ع) ص 312 متناً وهامشاً.

4 ـ راجع : الكفاية في علم الرواية للخطيب ص 166 وجامع بيان العلم ج 2 ص 148 و 149 و 150 وضحى الإسلام ج 3 ص 81 زشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 1 ص 340 و ج 12 ص 78 / 79 وقاموس الرجال ج 6 ص 36 ، والإمامة والسياسة ج 1 ص 183 والغدير ج 9 ص 34 و 95 و 192 و ج 5 ص 365 و ج 10 ص 333 و 245 و 249 و ج 7 ص 147 و 154 و 158 و ج 8 ص132 والإخبار الدخيلة ( المستدرك )

=

٨٢

ولا ينفع ، ما دام الإنسان مجبراً على كل حركة ، ومسيراً في كل موقف

ثم هناك عقيدة : أنه لا تضر مع الإيمان معصية. وأن الإيمان اعتقاد بالقلب ، وإن أعلن الكفر

قالوا : « الإيمان عقد بالقلب ، وإن أعلن الكفر بلسانه بلا تقية ، وعبد الأوثان ، أو لزم اليهودية ، أو النصرانية في دار الإسلام ، وعبد الصليب ، وأعلن

__________________

=

ج 1 ص 193 و 197 ومقارنة الإديان ( اليهودية ) ص 271 و 249 وأنيس الأعلام ج 1 ص 279 و 257 والتوحيد وإثبات صفات الرب ص 82 و 80 و 81 ومقدمة ابن خلدون ص 143 و 144 والإغاني ج 3 ص 76 ، وتأويل مختلف الحديث ص 35 والعقد الفريد ج 1 ص 206 و ج 2 ص 112 وتاريخ الطبري ط الاستقامة ج 2 ص 445 وبحوث مع أهل السنة والسلفية من ص 43 حتى 49 عن العديد من المصادر ، والمغزي للواقدي ص 904 وربيع الأبرار ج 1 ص 821 والموطأ ج 3 ص 92 و 93 وطبقات ابن سعد ج 7 ص 417 و ج 5 ص 148 وأنساب الأشراف ( بتحقيق المحمودي ) ج 2 ص 265 و 83 /84 ومصابيح السنة للبغوي ج 2 ص 67 ومناقب الشافعي ج 1 ص 17 والبخاري ج 8 ص 208 وفي خطط المقريزي ج 3 ص 297 : إن جهماً انفرد بالقول بجواز الخروج عل السلطان الجائر وحياة الصحابة ج 2 ص 12 و 95 و 94 و 330 و ج 3 ص 229 و 487 و 492 و 501 و 529 عن المصادر التالية : كنز العمال ج 3 ص 138 / 139 و ج 8 ص 208 و ج 1 ص 86. وصحيح مسلم ج 2 ص 86 وأبي داود ج 2 ص 16 والترمذي ج 1 ص 202 وابن ماجة ج 1 ص 209 وسنن البيهقي ج 9 ص 50 و ج 6 ص 349 ومسند أحمد ج 5 ص 245 ومجمع الزوائد ج 6 ص 3 و ج 1 ص 135 والطبري في تاريخه مقتل برير و ج 4 ص 124 و ج 3 ص 281 والبداية والنهاية ج 7 ص 79. انتهى.

والمعتزلة ص 7 و 87 و 39 / 40 و 91 و 201 و 265 عن المصادر التالية : المنية والأمل ص 12 وعن الخطط ج 4 ص 181 / 182 و 186 والملل والنحل ج 1 ص 97 / 98 والعقائد النسفية ص 85 ووفيات الأعيان ص 494 والإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج 3 ص 45 عن الطبري ج 6 ص 33 و ج 3 ص 207 وعن الترمذي ص 508 في رسالة عمر بن عبد العزيز

والتصريح بذلك في الكتب الكلامية ، وكتب فرق أهل السنة ، لا يكاد يحصى كثرة. وكنت قد جمعت فيما مضى قسماً كبيراً من كلمات التوراة وغيرها حول هذا الموضوع ، أسأل الله التوفيق لإتمامه.

٨٣

التثليث ، في دار الإسلام ، ومات على ذلك »(1) .

وهذه العقيدة ، وإن كانت هي عقيدة المرجئة ، إلا أنها كانت عامة في الناس آنئذٍ ، حيث لم يكن المذهب العقائدي لأهل السنة قد غلب وشاع بعد.

ومعنى هذا هو أن الحكام مؤمنون مهما ارتكبوا من جرائم وعظائم.

بل إنهم ليقولون : إن يزيد بن عبد الملك أراد أن بسيرة عمر عمر بن عبد العزيز ، فشهد له أربعون شيخاً : أن ليس على الخليفة حساب ولا عذاب(2) .

وحينما دعا الوليد الحجاج ليشرب النبيذ معه ، قال له : « يا أمير المؤمنين ، الحلال ما حللت »(3) .

بل إننا لنجد الحجاج نفسه يدَّعي نزول الوحي عليه ، وأنه لا يعمل إلا بوحي من الله تعالى(4) كما يدعي نزول الوحي على الخليفة أيضاً(5)

و : قدسية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

هذا كله فضلاً عن سياستهم القاضية بتقليص نسبة الاحترام والتقديس للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتفضيل الخليفة عليه بل وسلب معنى العصنة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حتى لقد قالت قريش ـ في حياة الرسول ـ في محاولة منها لمنع عبد الله بن عمرو بن العاص من كتابه أقوالهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنه بشر يرضى

__________________

1 ـ الفصل في الملل والأهواء والنحل ج 4 ص 204.

2 ـ البداية والنهاية ج 9 ص 232 وراجع : تاريخ الخلفاء ص 246 وراجع ص 223.

3 ـ تهذيب تاريخ دمشق ج 4 ص 70.

4 ـ تهذيب تاريخ دمشق ج 4 ص 73 وراجع الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج 1 ص 115.

5 ـ تهذيب تاريخ دمشق ج 4 ص 72.

٨٤

ويغضب(1)

بل لقد حاولوا المنع من التسمية باسمهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد نجحوا في ذلك بعض الشيء(2)

كما أن معاوية يتأسف ، لأنه يرى : أن اسم النبي المبارك يذكر في الاذان ويُقْسِم على دفن هذا الاسم(3)

إلى غير ذلك من الوقائع الكثير جداً وقد ذكرنا شطراً منها في تمهيد كتابنا : الصحيح من سيرة النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمن أراده فليراجعه.

ولعل ذلك قد كان يهدف إلى فسح المجال للمخالفات ، التي كان يمكن أن تصدر عن الحكام ، والتقليل من شأن وأثر وأهمية ما كان يصدر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أقوال ومواقف سلبية تجاه بعض أركان الهيئة الحاكمة ، أو من تؤهلهم لتولي الأمور الجليلة في المستقبل ، ثم التقليل من شأن مواقفهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الإيجابية تجاه خصوم الهيئة الحاكمة ، أو من ترى فيهم منافسين لها.

ز : تولية المفضول :

ويدخل أيضاً في خيوط هذه السياسة : القول بجواز تولية المفضول مع

__________________

1 ـ راجع : سنن الدرامي ج 1 ص 125 وجامع بيان العلم ج 1 ص 85 وليراجع ج 2 ص 62 و 63 ومستدرك الحاكم ج 1 ص 104 / 105 وتلخيصه للذهبي بهامشه وليراجع أيضاً سنن أبي داود ج 3 /318 والزهد والرقائق ص 315 والغدير ج 11 ص 91 و ج 6 ص 308 و 309 والمصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 34 و 35 و ج 11 ص 237 وإحياء علوم الدين ج 3 ص 171 وتمهيد كتابنا : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى عليه وآله وسلم وغير ذلك كثير.

2 ـ الغدير ج 6 ص 309 عن عمدة القاري ج 7 ص 143 والجزء الأول من كتابنا : الصحيح في سيرة النبي (ص).

3 ـ الموفقيات ص 577 ومروج الذهب ج 3 ص 454 وشرح النهج للمعتزلي ج 5 ص 129 و 130 وقاموس الرجال ج 9 ص 20.

٨٥

وجود الفضل ، كما هو رأي أبي بكر(1) الذي صار أيضاً رأي المعتزلة فيما بعد وذلك عندما فشلت محاولاتهم التي ترمي لرفع شأن الخلفاء ، الذين ابتزوا علياً حقه في أن فشلت محاولاتهم في الحط من عليّ(2) ، ووضع الأحاديث الباطلة في ذمه والعمل على جعل الناس ينسون فضائله وكراماته حيث لم يجدهم كل ما وضعوه واختلقوه في هذا السبيل شيئاً ولا أفاد قتيلاً

ح : سياسة التجهيل :

وهناك سياسة التجهيل التي كانت تتعرض لها الأمة من قبل الحكام ، ولا سيما أهل الشام ويكفي أن نذكر : أن البعض « قال لرجل من أهل الشام ـ من زعمائهم وأهل الرأي والعقل منهم ـ : من أبو تراب هذا الذي يلعنه الأمام على المنبر؟! فقال : أراه لصاً من لصوص الفتن »(3) !!

وفي صفين يسأل هاشم المرقال بعض مقاتلي أهل الشام : عن السبب الذي دعاه للمشاركة في تلك الحرب ، فيعلل ذلك بأنهم أخبروه : أن علياًعليه‌السلام لايصلي(4) .

__________________

1 ـ الغدير ج 7 ص 131 عن السيرة الحلبية ج 3 ص 386. ونقل أيضاً عن الباقلاني في التمهيد ص 195 إشارة إلى ذلك..

2 ـ راجع على سبيل المثال : الأغاني ط ساسي ج 19 ص 59.

3 ـ مروج الذهب ج 3 ص 38.

4 ـ تاريخ الطبري ج 4 ص 30 والكامل لابن الأثير ج 3 ص 313 والفتوح لابن اعثم ج 3 ص 196 وصفين ليصر بن مزاحم ص 354 وشرح النهج للمعتزلي ج 8 ص 36 والغدير ج 10 ص 122 و 290 عن أكثر من تقدم. وأنساب الأشراف ، بتحقيق المحمودي ج 2 ص 184 وترجمة الإمام عليعليه‌السلام لابن عساكر بتحقيق المحمودي ج 3 ص 99 ونقله المحمودي عن ابن عساكر ج 38 حديث رقم 1139. وراجع : المعيار والموازنة ص 160.

٨٦

وبلغ معاوية : أن قوماً من أهل الشام يجالسون الأشتر وأصحابه ، فكتب إلى عثمان : « إنك بعثت إلي قوماً أفسدوا مصرهم وانغلوه ، ولا آمن أن يفسدوا طاعة من قِبَلي ، ويعلموهم ما لا يحسنونه ، حتى تعود سلامتهم غائلة »(1) .

قال ابن الاسكافي : « فبلغ من عنايتهم في هذا الباب : أن أخذوا معلميهم بتعليم الصبيان في الكتاتيب، لينشئوا عليه صغيرهم ، ولا يخرج من قلب كبيرهم. وجعلوا لذلك رسالة يتدارسونها بينهم. ويكتب لهم مبتدأ الأئمة : أبو بكر بن أبي قحافة ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، ومعاوية بن أبي سفيان. حتى ان أكثر العامة منهم ما يعرف علي بن أبي طالب ولا نسبه ، ولا يجري على لسان أحد منهم ذكره.

ومما يؤكد هذا ما يؤثر عن محمد بن الحنفية يوم الجمل ، قال : حملت على رجل فلما غشيته برمحي قال : أنا على دين عمر بن أبي طالب وقال : فعلمت أنه يريد علياً فأمسكت عنه(2) .

وجاء حمصي إلى عثمان بنصيحة ، وهي : « لا تكل المؤمن إلى إيمانه ، حتىتعطيه من المال ما يصلحه. أو قال : ما يعيشه ـ ولا تكل ذا الأمانة إلى أمانته حتى تطالعه في عملك ، ولا ترسل السقيم إلى البرئ ليبرئه ، فإن الله يبرئ السقيم ، وقد يسقم البرئ. قال : ما أردت إلا الخير ـ قال : فردهم ، وهم زيد بن صوحان ، وأصحابه »(3) .

وقدمنا : أنه قد حلف للسفاح جماعة من قواد أهل الشام ، وأهل الرياسة والنعم فيها : أنهم ما كانوا يعرفون أهل البيت للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يرثونه غير بني أمية

__________________

1 ـ أنساب الأشراف ج 5 ص 43 ، والغدير ج 9 ص 32. وليراجع البداية والنهاية ج 7 ص 165.

2 ـ المعيار والموازنة ص 19.

3 ـ المصنف ج 11ص 334.

٨٧

بل إن أهل الشام يقبلون من معاوية أن يصلي بهم ـ حين مسيرهم إلى صفين ـ صلاة الجمعة في يوم الأربعاء ، كما قيل(1) .

وفي وصية معاوية ليزيد : « وانظر أهل الشام ، وليكونوا بطانتك ، فإن رابك شيء فانتصر بهم ، فإذا أصبتهم : فاردد أهل الشام إلى بلادهم ، فإنهم إن أقاموا بها تغيرت أخلاقهم »(2) .

وحينما وقف أبو ذر في وجه طغيان معاوية ، وأثرته ، وانحرافاته ، في الشام ، قال حبيب بن مسلمة لمعاوية : « إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام ، فتدارك أهله ، إن كان لك فيه حاجة(3) .

وحسب نص آخر : « إن أبا ذر يفسد عليك الناس بقوله : كيت وكيت. فكتب معاوية إلى عثمان بذلك. فكتب عثمان : أخرجه إلي. فلما صار إلى المدينة ، نفاه إلى الربذة »(4) .

وحينما جاء المصريون إلى المدينة يسألون عمر عن سبب عدم العمل ببعض الأحكام القرآنية ، أجابهم بقوله : « ثكلت عمر أمُّه ، أتكلفونه أن يقيم الناس على كتاب الله ، وقد علم ربنا : أن سيكون لنا سيئات؟ ، وتلا :( إن تجتنبوا كبائِر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ، وندخلكم مدخلاً كريماً ) هل علم أهل المدينة فيما قدمتم؟! قالوا : لا. قال لو علموا لوعظت بكم ».

قال لهم هذا بعد أن أخذ منهم اعترافاً بأنهم لم يحصوا القرآن لا بالبصر ، ولا في اللفظ ، ولا في الأثر(5) .

وبعد كلام جرى بين معاوية ، وعكرشة بنت الأطرش بن رواحة ، قال لها

__________________

1 ـ مروج الذهب ج 3 ص 32 والغدير ج 10 ص 196 عنه.

2 ـ الفخري في الآداب السلطانية ص 112 والعقد الفريد ج 3 ص 373 مع تفاوت يسير.

3 ـ الغدير ج 8 ص 304 عن ابن أبي الحديد.

4 ـ الأمالي للشيخ المفيد ص 122.

5 ـ حياة الصحابة ج 3 ص 260 عن كنز العمال ج 1 ص 228 عن ابن جرير.

٨٨

معاوية : « هيهات يا أهل العراق ، نبهكم علي بن أبي طالب ، فلن تطاقوا ، ثم أمر برد صدقاتهم فيهم ، وإنصافها »(1) .

والعجيب في الأمر هنا : أننا نجد عمر بن الخطاب يصر على الهمدانيين ـ إصراراً عجيباً ـ أن لا يذهبوا إلى الشام ، وإنما إلى العراق(2) !!

ونظير ذلك أيضاً قد جرى لقبيلة بجيلة ، فراجع(3) .

وقال عبد الملك بن مروان لولده سليمان ، حينما أخبره : أنه أراد أن يكتب سيرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ومغازيه ، ورأى ما للأنصارمن المقام المحمود في العقبتين ، قال له : « وما حاجتك أن تُقدِم بكتاب ليس لنا فيه فضل ، تعرِّف أهل الشام أموراً لا نريد أن يعرفوها؟! » ، فأخبره بتخريقه ما كان نسخه فصوب رأيه(4) .

وحينما طلب البعض من معاوية : أن يكف عن لعن عليعليه‌السلام ، قال : « لا والله ، حتى يربو عليه الصغير ، ويهرم عليه الكبير ، ولا يذكر ذاكر له فضلاً »(5) .

وحينما أرسل عليعليه‌السلام إلى معاوية كتاباً فيه :

محمـد النبـي أخـي وصهـري

وحمـزة سيـد الشهـداء عمّـي

الأبيات

__________________

1 ـ العقد الفريد ج 2 ص 112 وبلاغات النساء ص 104 ط دار النهضة وليراجع صبح الأعشى أيضاً.

2 ـ المصنف لعبد الرزاق ج 11 ص 50.

3 ـ راجع : الكامل في التاريخ ج 2 ص 441.

4 ـ أخبار الموفقيات ص 332 ـ 334 وليراجع الأغاني ط ساسي ج 19 ص 59 في قضية أخرى.

5 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 4 ص 57 والإمام الحسن بن عليعليه‌السلام لآل يس ص125 ، والنصائح الكافية ص 72.

٨٩

« قال معاوية : أخفوا هذا الكتاب ، لا يقرأه أهل الشام : فيميلون إلى علي بن أبي طالب »(1) .

وليراجع كلام المدائني في هذا المجال ، فإنه مهم أيضاً(2) .

عليُّ عليه‌السلام يبثّ العلم والإيمان :

ولكن أمير المؤمنينعليه‌السلام قد حاول بكل ما أوتي من قوة وحول : أن يبث المعارف الإسلامية في الناس ، وينقذهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم ، حتى لقد قال ـ كما سيأتي ـ : « وركزت فيكم راية الإيمان ، ووقفتكم على معالم الحلال والحرام ». هذاً فضلاً عن التوعية السياسية ، التي كان هو ووُلْدُه الأماجد يتمون في بثها وتركيزها.

ط : موقفهم من حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

ثم هناك التدبير الذكي والدقيق ، الذي كان من شأنه أن يحرم الأمة من الإطلاع على كثير من توجيهات ، وأقوال ، وقرارات ، ومواقف الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآلهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، المتمثلة في المنع عن رواية الحديث النبوي مطلقاً ، أو ببينة ، والضرب ، ثم الحبس ، بل والتهديد بالقتل على ذلك.

المنع عن كتابته والاحتفاظ به ،

ثم إحراق ما كتبه الصحابة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله (3) .

__________________

1 ـ البداية والنهاية ج 8 ص 8 و9.

2 ـ النصائح الكافية ص 72 / 73 /74.

3 ـ راجع في ذلك كله وحول كل ما يشير إلى التحديد والتقليل في رواية الحديث : المصادر التالية : جامع بيان العلم ج 1 ص 42 و 65 و 77 و ج 2 ص 173 و 174 و 135 و 203 و 147 و 159 و 141 و 148 والمصنف لعبد الرزاق ج 11 ص 258 و 262 و 325 و 377 و ج 10 ص 381 وهوامش الصفحات عن مصادر كثيرة ، والسنة

٩٠

..................................................................................

____________

=

قبل التدوين ص 97 / 98 و 91 و 103 و 113 و 92 و 104 وتذكرة الحفاظ ج 1 ص 5 و 7 و 6 و 8 و 3 / 4 وشرف أصحاب الحديث ص 88 و 89 و 91 و 92 و 87 و 93 وتاريخ الطبري ج 3 ص 273 وكنز العمال ج 5 ص 406 عن التيهقي و ج 10 ص 179 و 174 و 180 ومجمع الزوائد ج 1 ص 149 وتأويل مختلف الحديث ص 48 والتراتيب الإدارية ج 2 ص 248 و 427 حتى 432 وطبقات ابن سعد ج 6 ص 2 و ج 4 قسم 1 ص 13 ـ 14 و ج 3 قسم 1 ص 306 و ج 5 ص 140 و 70 و 173 ، و ج 2 قسم 2 ص 274 ومكاتيب الرسول ج 1 ص 61 وأضواء على السنة المحمدية ص 47 و54 و 55 ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 4 ص 64 و 61 وكشف الأستار عن مسند البزار ج 2 ص 196 وحياة الصحابة ج 2 ص 82 و 569 و 570 و ج 3 ص 257 و 258 و 259 و 272 و 273 و 252 و 630 عن مصادر عديدة ، والبداية والنهاية ج 8 ص 106 و 107 وتقييد العلم ص 50 و 51 و 52 و 53 ومستدرك الحاكم ج 1 ص 102 و 110 وتاريخ الخلفاء ص 138 عن السلفي في الطيورات بسند صحيح ، ومسكل الآثار ج 1 ص 499 حتى 501 ومسند أحمد ص 157 و ج 4 ص 370 و 99 و ج 3 ص 19 والدر المنثور ج 4 ص 159 ووفاء الوفاء ج 1 ص 488 و 483 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج 6 ص 114 وحلية الأولياء ج 1 ص 160 ومآثر الإناقة. وراجع أيضاً : تاريخ الخلفاء ص 138 والمجروحون ج 1 ص 35 / 36.

ونقل أيضاً في الغدير ج 6 ص 294 حتى 302 و 265 و 263 و 158 و ج 10 ص 351 و 352 عن المصادر التالية : الكامل لابن الاثير ج 2 ص 227 وابن الشحنة بهامشه ج 7 ص 176 وفتوح البلدان ص 53 وصحيح البخاري ط الهند ج 3 ص 837 وسنن أبي داود ج 2 ص 340 وصحيح مسلم ج 2 ص 234 كتاب الأدب انتهى.

ونقله في النص والاجتهاد ص 151 عن المصادر التالية : كنز العمال ج 5 ص 239 رقم 4845 و 4860 و 4865 و 4861 و 4862 والأم للشافعي ، وشرح النهج للمعتزلي ج 3 ص 120 والمعتصر من المختصر ج 1 ص 459 وابن كثير في مسند الصديق وصفين ص 248 والتاج المكلل ص 265 وشرح صحيح مسلم للنووي ج 7 ص 127.

ونقل أيضاً عن المصادر التالية : قبول الأخبار للبلخي ص 29 ، والمحدث الفاصل ص 133 والبخاري بحاشية السندي ج 4 ص 88 وصحيح مسلم ج 3 ص 1311 و 1694 والموطأ ج 2 ص 964 ورسالة الشافعي ص 435 ومختصر جامع بيان العلم

٩١

ي ـ تشجيع القصاصين ورواية الإسرائيليات :

مع تشجيعهم للقصاصين ، ولرواية الإسرائيليات.

وقد وضعوا الأحاديث المؤيدة لذلك(1) .

ثم السماح بالرواية لأشخاص معينين ، دون من عداهم(2) حتى إن أبا

__________________

=

ص 32 و 33. وثمة مصادر أخرى لامجال لتتبعها..

1 ـ راجع فيما تقدم حول رواية الاسرائيليات وتشجيع القصاصين ، المصادر التالية : التراتيب الإدارية ج 2 ص 224 حتى 227 و 238 و 338 و 345 و 325 و 326 و 327 وأضواء على السنة المحمدية ص 124. حتى 126 و 145 حتى 192 وشرف أصحاب الحديث ص 14 و 15 و 16 و 17 وفجر الإسلام ص 158 حتى 162 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص 34 حتى 37 والزهد والرقائق ص 17 و 508 وتقييد العلم ص 34 وفي هامشه عن حسن التنبيه ص 192 وعن مسند أحمد ج 3 ص 12 و 13 و 56. وراجع أيضاً : جامع بيان العلم ج 2 ص 50 و 53 ، ومجمع الزوائد ج 1 ص 150 و151 و 191 و 192 و 189 والمصنف لعبد الرزاق ج 6 ص 109 و 110 وهوامشه ومشكل الآثار ج 1 ص 40 و 41 والبداية والنهاية ج 1 ص 6 و ج 2 ص 132 و 134 وكشف الأستار ج 1 ص 120 و 122 و 108 و 109 وحياة الصحابة ج 3 ص 286.

2 ـ راجع : الصحيح من سيرة النبي ج 1 ص 26.

بل لم يسمحوا بالفتوى إلا للأمراء ، راجع : جامع بيان العلم ج 2 ص 175 203 وراجع ص 194 و 174 ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 4 ص 62 وسنن الدرامي ج 1 ص 61 والتراتيب اللإدارية ج 2 ص 367 و 368 وطبقات ابن سعد ج 6 ص 179 ط ليدن و 258 ط صادر وكنز العمال ج 10 ص 185 عن غير واحد وعن الدينوري في المجالسة ، وعن ابن عساكر. والمصنف لعبد الرزاق ج 8 ص 301 وفي هامشه عن أخبار القضاة لوكيع ج 1 ص 83.

بل إن عثمان يتوعد رجلاً بالقتل ، إن كان قد استفتى أحداً غيره ، راجع تهذيب تاريخ دمشق ج 1 ص 54 وحياة الصحابة ج 2 ص 390 / 391 عنه

٩٢

موسى ليمسك عن الحديث ، حتى يعلم ما أحدثه عمر(1) .

أضف إلى ذلك كله : حبسهم لكبار الصحابة بالمدينة ، وعدم توليتهم الأعمال الجليلة ، خوفاً من نشر الحديث ، ومن استقلالهم بالأمر(2) : وذلك بعد أن قرروا عدم السماح بالفتوى إلا للأمراء كما أوضحناه في كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ك : لا خير في الإمارة لمؤمن :

وإذا كان الأمراء هم الذين ينفذون هذه السياسات ، وقد يتردد المؤمنون منهم في تنفيذها على النحو الأفضل والأكمل ، فقد اتجه العلم نحو الفجار ليكونوا هم أعوانه وأركانه.

وقد رووا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : لا خير في الإمارة لرجل مؤمن(3) .

__________________

1 ـ مسند أحمد ج 4 ص 393 وفي ص 372 يمتنع أنس عن الحديث.

2 ـ راجع : تاريخ الطبري حوادث سنة 35 ج 3 ص 426 ومروج الذهب ج 2 ص 321 و 322 وراجع مستدرك الحاكم ج 3 ص 120 و ج 1 ص 110 وكنز العمال ج 10 ص 180 وتذكرة الحفاظ ج 1 ص 7 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 20 ص 20 وسيرة الأئمة الإثني عشر ج 1 ص 317 و 334 و 365 وراجع : التاريخ الإسلامي والمذهب المادي في التفسير ص 208 و 209 والفتنة الكبرى ص 17 و 46 و 77 وشرف أصحاب الحديث ص 87 ومجمع الزوائد ج 1 ص 149 وطبقات ابن سعد ج 4 ص 135 و ج 2 قسم 2 ص 100 و 112 وحياة الصحابة ج 2 ص 40 و 41 و ج 3 ص 272 و 273 عن الطبري ج 5 ص 134 وعن كنز العمال ج 7 ص 139 و ج 5 ص 239.

وفي هذا الأخير عن ابن عساكر : أن عمر بن الخطاب جمع الصحابة من الآفاق ووبخهم على إفشائهم الحديث.

3 ـ البداية والنهاية ج 5 ص 83 ومجمع الزوائد ج 5 ص 204 عن الطبراني. وحياة الصحابة ج 1 ص 198 / 199 عنهما وعن كنز العمال ج 7 ص 38 وعن البغوي وابن

=

٩٣

وقد قال حذيفة لعمر : إنك تستعين بالرجل الفاجر. فقال : إني أستعمله لأستعين بقوته ، ثم أكون على قفائه.

وذكر أيضاً : أن عمر قال غلبني أهل الكوفة ، استعمل عليهم المؤمن فيضعف ، واستعمل الفاجر ، فيفجر(1) .

ل : أينعت الثمار واخضرّ الجناب :

وبعد ذلك كله فقد تهيأت الفرصة لمن سمح لهم بالرواية عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعن بني إسرائيل ، لأن يمدّوا الأمة بما يريدون ، ويتوافق مع أهدافهم ومراميهم ، من أفكار ومعارف ، وأقوال ومواقف ، حقيقية ، أو مزيفة

ثم تحريف ، بل وطمس الكثير من الحقائق التي رأوا أنها لا تتناسب مع أهدافهم ، ولا تخدم مصالحهم.

بل لقد طمست معظم معالم الدين ، ومحقت أحكام الشريعة ، كما أكدته نصوص كثيرة(2) .

بل يذكرون : أنه لم يصل إلى الأمة سوى خمس مئة حديث في أصول

__________________

= عساكر وغيرهما.

1 ـ الفائق للزمخشري ج 3 ص 215 و ج 2 ص 445 والنصائح الكافية ص 175 ولسان العرب ج 13 ص 346 و ج 11 ص 452. والاشتقاق ص 179.

2 ـ راجع الصحيح من سيرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ج 1 ص 27 ـ 30 بالإضافة إلى : المصنف ج 2 ص 63و مسند أبي عوانة ج 2 ص 105 والبحر الزخار ج 2 ص 254 وكشف الأستار عن مسند البزار ج 1 ص 260 ومسند أحمد ج 4 ص 428 و 429 و 432 و 441 و 444 والغدير ج 8 ص 166 ، وراجع أيضاً مروج الذهب 3 ص 85 ومكاتيب الرسول ج 1 ص 62.

٩٤

لأحكام ومثلها من أصول السنن(1) الأمر ، الذي يلقي ضلالاً ثقيلة من الشك والريب في عشرات بل مئات الألوف ، بل في الملايين(2) من الأحاديث ، التي يذكرون : أنها كانت عند الحفاظ ، أو لاتزال محفوظة في بطون الكتب إلى الأن. ولأجل ذلك ، فإننا نجدهم يحكمون بالكذب والوضع على عشرات بل مئات الألوف منها(3) .

وقد بلغ الجهل بالناس : أننا نجد جيشاً بكامله ، لايدري : أن من لم يُحْدِث ، فلا وضوء عليه ، « فأمر ( أبو موسى ) مناديه : ألا ، لا وضوء إلا على من أحدث. قال : أوشك العلم أن يذهب ويظهر الجهل ، حتى يضرب الرجل أمه بالسيف من الجهل »(4) .

بل لقد رأينا : أنه : « قد أطبقت الصحابة إطباقاً واحداً على ترك كثير من النصوص ، لما رأوا المصلحة في ذلك »(5) .

ويقول المعتزلي الشافعي عن عليعليه‌السلام : « وإنما قال أعداؤه : لا رأي له ؛ لأنه كان متقيداً بالشريعة لا يرى خلافها ولا يعمل بما يقتضي الدين

__________________

1 ـ مناقب الشافعي ج 1 ص 419 وعن الوحي المحمدي لمحمد رشيد رضا ص 243.

2 ـ راجع على سبيل المثال : الكنى والألقاب ج 1 ص 414 ، ولسان الميزان ج 3 ص 405 وتذكرة الحفاظ ج 2 ص 641 و 430 و 434 و ج 1 ص 254 و 276.

وهذا الكتاب مملوء بهذه الأرقام العالية ، فمن أراد فليراجعه.

والتراتيب الإدارية ج 2 ص 202 حتى ص 208 و 407 و 408.

3 ـ راجع لسان الميزان ج 3 ص 405 و ج 5 ص 228 والفوائد المجموعة ص 246 و 427 وتاريخ الخلفاء ص 293 وأنساب الأشراف ( بتحقيق المحمودي ) ج 3 ص 96 وميزان الاعتدال ج 1 ص 572 و 406 و 509 و 316 و 321 و 12 و 17 و 108 و 148 والكفاية للخطيب ص 36 و سائر الكتب التي تتحدث عن الموضوعات في الأخبار. وراجع : المجرمون لابن حبان ج 1 ص 156 و 185 و 155 و 142 و 96 و 63 و 62 و ص 65 حول وضع الحديث للملوك وراجع أيضاً ج 2 ص 189 و 163 و 138 و ج 3 ص 39 و 63.

4 ـ حياة الصحابة ج 1 ص 505 عن كنز العمال ج 5 ص 114 وعن معاني الآثار للطحاوي ج 1 ص 27.

5 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 12 ص 83.

٩٥

تحريمه. وقد قالعليه‌السلام لولا الدين والتقى لكنت أدهى العرب. وغيره من الخلفاء كان يعمل بمقتضى ما يستصلحه ويستوقفه ، سواء أكان مطابقاً للشرع أم لم يكن. ولا ريب أن من يعمل بما يؤدي إليه اجتهاده ولا يقف مع ضوابط وقيود يمنتع لأجلها مما يرى الصلاح فيه ، تكون أحواله الدنيوية إلى الانتثار أقرب »(1) انتهى.

ولعل ما تقدم من موقف عمر من المصريين المعترضين يشير إلى ذلك أيضاً.

كما أن الفقهاء ، قد « رجح كثير منهم القياس على النص ، حتى استحالت الشريعة ، وصار أصحاب القياس أصحاب شريعة جديدة »(2) .

كما أن أبا أيوب الأنصاري لا يجرؤ على العمل بسنة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في زمن عمر ، لأن عمر كان يضرب من عمل بها(3) .

ويصرح مالك بن أنس ، بالنسبة لغير أهل المدينة من المسلمين بـ : « أن غيرهم إنما العمل فيهم بأمر الملوك »(4) .

وسيأتي المزيد مما يدل على إصرار الخلفاء ، وغير الخلفاء منهم ، على مخالفة أحكام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتى من أمثال مروان بن الحكم ، والحجاج بن يوسف.

ماذا بعد أن تمهد السبيل :

وبعد هذا فإن الحكام والأمراء الذين مُنِحُوا ـ دون غيرهم ـ حق

__________________

1 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 28.

2 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 12 ص 84.

3 ـ المصنف ج 2 ص 433.

4 ـ جامع بيان العلم ج 2 ص 194.

٩٦

الفتوى! ، من قبل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب قد أصبح بإمكانهم أن يفتوا بغير علم. بل أن يفتوا بما يعلمون مخالفته لما ورد عن سيد الخلق أجمعين ، محمد رسول الله صلى عليه وآله وسلم ، ما داموا قد أمنوا غائلة اعتراض من يعلمون الحق ، ولم يعد يخشى من انكشاف ذلك للملأ من غيرهم الأمر الذي ربما يؤدي ـ لو انكشف ـ إلى التقليل من شأنهم ، وإضعاف مراكزهم ، ويقلل ويحد من فعالية القرارات والأحكام التي يصدرونها.

كما أن ذلك قد هيأ الفرصة لكل أحد : أن يدعي ما يريد ، وضع له الحديث الذي يناسبه ، بأييداً ، أو نفياً وتفنيداً.

كما أنهم قد أمنوا غائلة ظهور كثير من الأقوال ، والأفعال ، والمواقف النبوية ، والوقائع الثابتة ، التي تم مركز وشخصية من يهتمون بالتنويه باسمه ، وإعلاء قدره وشأنه ، أو ترفع من شأن ومكانة الفريق الآخر : أهل البيتعليهم‌السلام ، ولا سيما سيدهم وعظيمهم أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، وكل من يمت إليه وإليهم بأية صلة أو رابطة ، أو له فيهم هوى ، أو نظرة إيجابية وواقعية ، انطلاقاً مما يملكه من فكر واع ، ووجدان حي.

أضف إلى ذلك كله : أن سياستهم هذه تجاه الحديث ، وسنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تنسجم مع رأي بعض الفرق اليهودية ، التي كان لأتباعها نفوذ كبير لدى الحكام آنئذ(1) .

ولسنا هنا في صدد شرح ذلك.

وعلي عليه‌السلام ماذا يقول :

هذا ولكننا نجد أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وشيعته ، والواعين من رجال هذه الأمة ، قد تصدوا لهذه الخطة بصلابة وحزم ، حتى لقد رفضعليه‌السلام في الشورى عرض الخلافة في مقابل اشتراط العمل بسنة الشيخين. وقد

__________________

1 ـ راجع كتابنا : الصحيح من سيرة النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ج 1 ص 26 / 27 متناً وهامشاً.

٩٧

طردعليه‌السلام القصاصين من المساجد ، ورفع الحظر المفروض على رواية الحديث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (1) .

وقد رووا عنه : أنهعليه‌السلام قال : « قيدوا العلم ، قيدوا العلم » مرتين. ونحوه غيره(2) .

كما أنهعليه‌السلام يقول :

« من يشتري منا علماً بدرهم؟ قال الحارث الأعور : فذهبت فاشتريت صحفاً بدرهم ، ثم جئت بها ».

وفي بعض النصوص : « فاشترى الحارث صحفاً بدرهم ، ثم جاء بها علياً ، فكتب له علماً كثيراً »(3) .

وعن عليعليه‌السلام قال تزاوروا ، وتذاكروا الحديث ، ولا تتركوه يدرس(4) .

وعنهعليه‌السلام : « إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بإسناده ، فإن يك حقاً كنتم شركاء في الأجر ، وإن يك باطلاً كان وزره عليه »(5) . ومثل ذلك كثير

__________________

1 ـ سرگذشت حديث ( فارسي ) هامش ص 28 وراجع كنز العمال ج 10 ص 171 و 172 و122.

2 ـ تقييد العلم ص 89 و 90 وبهامشه قال : « وفي حض عليّ على الكتابة انظر : معادن الجوهر للأمين العاملي 1 : 3 ».

3 ـ التراتيب الإدارية ج 2 ص 259 وطبقات ابن سعد ج 6 ص 116 ط ليدن و ص 68 ط صادر وتاريخ بغداد ج 8 ص 357 وكنز العمال ج 10 ص 156 وتقييد العلم ص 90 وفي هامشه عمن تقدم وعن كتاب العلم لابن أبي خيثمة 10 والمحدث الفاصل ج 4 ص 3.

4 ـ كنز العمال ج 10 ص 189.

5 ـ كنز العمال ج 10 ص 129 ورمز له بـ ( ك ، وأبو نعيم ، وابن عساكر ).

٩٨

عنهعليه‌السلام (1) .

والإمام الحسن عليه‌السلام أيضاً :

وفي مجال العمل على إفشال هذه الخطة تجاه العلم والحديث ، وكتابته ، وكسر الطوق المفروض ، نجد النص التاريخي يقول : « دعا الحسن بن علي بنيه ، وبني أخيه ، فقال : « يا بني ، وبني أخي ، إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين ، فتعلموا العلم ، فمن لم يستطع منكم أن يرويه ، فليكتبه ، وليضعه في بيته »(2) .

ثم روى الخطيب ما يقرب من ذلك عن الحسين بن عليعليه‌السلام ، ثم قال : « كذا قال : جمع الحسين بن علي. والصواب : الحسن ، كما ذكرناه أولاً ، والله أعلم »(3) .

ولسنا هنا في صدد تفصيل ذلك ، ونسأل الله أن يوفقنا للتوفر على دراسة هذه الناحية في فرصة أخرى إن شاء الله تعالى.

مشرعون جدد ، أو أنبياء صغار :

وطبيعي بعد ذلك كله وبعد أن كانت السياسة تقضي بتقليص نسبة

__________________

1 ـ راجع على سبيل المثال كنز العمال ج 10 كتاب العلم

2 ـ تقييد العلم ص 91 ونور الأبصار ص 122 وكنز العمال ج 10 ص 153 وسنن الدرامي ج 1 ص 130 وجامع بيان العلم ج1 ص 99 ، والعلل ومعرفة الرجال ج 1 ص 412 وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 227 وفي هامش تقييد العلم عن بعض من تقدم ، وعن تاريخ بغداد ج 6 ص 399 ، ولم أجده ، وعن ربيع الأبرار 12 عن عليعليه‌السلام وراجع أيضاً التراتيب الإدارية ج 2 ص 246 / 247 عن ابن عساكر ، وعن البيهقي في المدخل.

3 ـ تقييد العلم ص 91.

٩٩

الاحترام للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعمل على علو نجم قوم ، ورفعة شأنهم ، وأقول نجم آخرين ، والحط منهم وبعد أن مست الحاجة إلى المزيد من الأحكام الإسلامية ، والتعاليم الدينية ـ كان من الطبيعي ـ أن تعتبر أقوال الصحابة ، ولا سيما الخليفتين الأول ، والثاني ـ سنة كسنة النبي ، بل وفوق سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد ساعد الحكام أنفسهم ـ لمقاصد مختلفة ـ على هذا الامر. وكنموذج مما يدل على ذلك ، وعلى خطط الحكام في هذا المجال ، نشير إلى قول البعض : « أنا زميل محمد » بالإضافة إلى ما يلي :

1 ـ « قال الشهاب الهيثمي في شرح الهمزية على قول البوصيري عن الصحابة : « كلهم في أحكامه ذو اجتهاد : أي صواب »(1) .

2 ـ وقال الشافعي : « لا يكون لك أن تقول إلا عن أصل ، أو قياس على أصل. والأصل كتاب ، أو سنة ، أو قول بعض أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو إجماع الناس »(2) .

3 ـ وقال البعض عن الشافعية : « والعجب! منهم من يستجيز مخالفة الشافعي لنص له آخر في مسألة بخلافه ، ثم لا يرون مخالفته لأجل نص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(3) .

4 ـ ويقول أبو زهرة بالنسبة لفتاوى الصحابة : « وجدنا مالكاً يأخذ بفتواهم على أنها من السنة ، ويوازن بينها وبين الأخبار المروية ، إن تعارض الخبر مع فتوى صحابي. وهذا ينسحب على كل حديث عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حتى ولو كان صحيحاً »(4) .

ولا بأس بمراجعة كلمات الشوكاني في هذا المجال أيضاً(5) .

__________________

1 ـ التراتيب الإدارية ج 2 ص 366.

2 ـ مناقب الشافعي ج 1 ص 367 ، وراجع ص 450.

3 ـ مجموعة المسائل المنيرية ص 32.

4 ـ ابن حنبل لأبي زهرة ص 251 / 255 ومالك ، لأبي زهرة ص 290.

5 ـ ابن حنبل لأبي زهرة ص 254 / 255 عن إرشاد الفحول للشوكاني ص 214.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

دار(١) .

فكيف إذا كان ذلك الذي ينسب إليه مما يأباه حتى الرعاع من الناس ، فضلاً عن خامس أصحاب الكساء ، وأشبه الناس برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خلقاً وخُلُقاً وهدياً ، وسلوكاً ، ومنطقاً.

رابعا : وبعد فهل يعقل أن يكون الإمام الحسنعليه‌السلام ، الذي عاش في كنفي جده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأبيه علي الإمام الحسن ، الذي كان بحراً من العلم لا ينزف ، وقد أجاب منذ طفولته على الأسئلة التي أحالها إليه جده ، ثم أبوه بعد ذلك ، كما تقدم ، هل يعقل : أنه لم يكن يحسن الوضوء(٢) ؟!

خامساً : إنه إذا كانعليه‌السلام عثمانياً بالمعنى الدقيق للكلمة ـ كما يزعمه طه حسين فإنَّ معنى ذلك : هو أنه يبارك جميع تصرفات عثمان ، وأعماله التي تخالف كتاب الله وسنة نبيه(٣) .

وهذا مما لا يحتمل في حقهعليه‌السلام وهو الذي يذكر في تعريفه للسياسة : أن من جملة مراعاة حقوق الأحياء : أن تخلص لولي الأمر ما أخلص لأمته ، وأن ترفع عقيرتك في وجهه ، إذا حاد عن الطريق السوي فإن من الواضح : إن عثمان وعماله ، قد كانوا من أجلى مصاديق كلمته هذه ، كما قرره طه حسين نفسه.

سادساً : وبالنسبة للرواية الأخرى نقول :

١ ـ إن ما ذكرته ، من أنه أشار على أبيه بترك المدينة لم يكن بالرأي السديد إطلاقاً فإن طلحة والزبير ، وغيرهما من الطامعين والمستأثرين ، قد كانوا ينتظرون فرصة كهذه قال المعتزلي ن وهو يفند الرأي القائل بأنه كان على أمير المؤمنين أن يعتزل الناس ، وينفرد بنفسه ، أو يخرج عن المدينة إلى

__________________

١ ـ راجع إن شئت : كشف الغمة للأربلي ج ١ ص ١٤٣ ـ ١٤٨ فقد ذكر روايات كثيرة جداً.

٢ ـ سيرة الأئمة الأثني عشر ج ١ ص ٥٤٤.

٣ ـ سيرة الأئمة الأثني عشر ج ١ ص ٥٤٥.

١٨١

بعض أمواله ، ولا يدخل في الشورى ، فإنهم سيطلبونه ، وسيضربون إليه آباط الإبل ـ قال المعتزلي : « ليس هذا الرأي عندي بمستحسن ، لأنه لو فعل ذلك لولّوا عثمان ، أو واحداً منهم غيره. ولم يكن عندهم من الرغبة فيهعليه‌السلام ما يبعثهم على طلبه ، بل كان تأخره عنهم قرة أعينهم ، وواقعاً بإيثارهم ، فإن قريشاً كلها كانت تبغضه أشد البغض ».

إلى أن قال : « ولست ألوم العرب ، ولا سيما قريشاً في بغضها له ، وانحرافها عنه ، فإنه وَتَرَها ، وسَفَك دماءها ».

ثم ذكر أن الأحقاد باقية ، حتى ولو كان إسلامهم صحيحاً ثم قال : « لا كإسلام كثير من العرب ، فبعضهم تقليداً ، وبعضهم للطمع والكسب ، وبعضهم خوفاً من السيف ، وبعضهم على طريق الحمية والانتصار ، أو لعداوة قوم آخرين ، من أضداد الإسلام وأعدائه »(١) .

وبعد فإن الناس في تلك الظروف الحرجة ، لم يكونوا ليتركوا علياًعليه‌السلام يترك المدينة ، وهم الذين بقوا يلاحقونه أياماً من مكان لمكان حتى بايعو

وأمَّا بالنسبة لانتظارهعليه‌السلام حتى تضرب إليه العرب آباط الإبل فإن الإمام الحسنعليه‌السلام نفسه لم ينتظر ذلك ، حينما بايعوه بعد استشهاد أمير المؤمنينعليه‌السلام

كما أنه هو نفسه يقول ، وهو يتكلم عن قضية التحكيم ، فيما يرتبط بابن عمر :

« وثالثة : أنه لم يجتمع عليه المهاجرون والأنصار ، الذين يعقدون الإمارة ، ويحكمون بها على الناس »(٢) .

وبعد فهل أن تغيُّب أمير المؤمنينعليه‌السلام عن المدينة سيمنع

__________________

١ ـ شرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٣٩٩ / ٣٠٠.

٢ ـ قد تقدمت المصادر لهذه القضية عن قريب ، وإن لم نذكر نصها كاملاً.

١٨٢

الأمويين ، وغيرهم من الذين في قلوبهم مرض ، من اتهامه بالتحريض على عثمان ، وتأليب الناس عليه؟!.

وها هو تغيب إلى ينبع حسبما تقدم فلم يمنعهم ذلك من الافتراء عليه ،عليه‌السلام

٣ ـ وأما بالنسبة إلى أنهعليه‌السلام لم يكن راضياً بقتال أبيه لطلحة والزبير كما يقول طه حسين ؛ فلا يصح أيضاً ، لأنه هو نفسه قد ذهب إلى الكوفة وعزل أبا موسى الأشعري ، وحرض الناس واستنهضهم للالتحاق بأمير المؤمنينعليه‌السلام ، ليحارب بهم عائشة وطلحة والزبير. كما أنه هو نفسه قد شارك في هذه الحرب شخصياً.

ولعل المقصود من الروايتين وأشباههما هو اتهام الإمام عليعليه‌السلام بالاعتداء على عثمان ، والاشتراك في قتله ، أولا أقل من تحريضه على ذلك ثم الطعن في خلافته بعدم اجتماع كلمة المسلمين عليه ، ثم تبرير موقف المتخاذلين عن نصرته(١) .

هذا ويلاحظ هنا :

ألف : إن الظاهر هو : أن نهي أمير المؤمنين عن البقاء في المدينة ، قد كان من قبل أسامة بن زيد ، ثم نُسِبَ إلى الإمام الحسنعليه‌السلام ، مع بعض التحوير والتطوير ، فقد روي : أن أسامة قال لعليعليه‌السلام : « يا أبا الحسن ، والله إنك لأعز علي من سمعي ، وبصري ، وإني أعلمك : أن هذا الرجل ليقتل ، فاخرج من المدينة ، وصر إلى أرضك ينبع ، فإنه إن قتل وأنت بالمدينة شاهد ، رماك الناس بقتله ، وإن قتل وأنت غائب لم يعذل بك أحد من الناس بعد

فقال له علي : ويحك ، والله إنك لتعلم : أني ما كنت في هذا الأمر إلا كالآخذ بذنب الأسد ، وما كان لي فيه ، من أمرٍ ولا

__________________

١ ـ راجع بعض ما تقدم في كتاب صلح الإمام الحسن للعلامة السيد محمد جواد فضل اللهرحمه‌الله ص ٢١١ ـ ٢١٩.

١٨٣

نهي »(١) .

باء : وأما رواية الوضوء ، فإننا نجد : أنها تنسب إلى الحسن البصري ، الذي ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر(٢) ، مع وجود بعض الاختلاف بين الروايتين ، قال المعتزلي :

« ومما قيل عنه : أنه يبغض علياًعليه‌السلام ويذمه : الحسن بن أبي الحسن البصري ، أبو سعيد إلى أن قال : وروي عنه. أن علياًعليه‌السلام رآه وهو يتوضأ للصلاة ـ وكان ذا وسوسة ـ فصب على أعضائه ماء كثيراً ، فقال له : أرقت ماء كثيراً يا حسن! فقال : ما أراق أمير المؤمنين من دماء المسلمين أكثر. قال : أوَساءك ذلك؟ قال : نعم. قال : فلا زلت مسوءاً.

قالوا : فما زال الحسن عابساً قاطباً مهموماً إلى أن مات »(٣) .

وفي نص آخر عنه نفسه ، قال : « لما قدم علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام البصرة مرّ بي ، وأنا أتوضأ ، فقال : ياغلام ، أحسن وضوءك يحسن الله إليك. ثم جازني ، فأقبلت أقفو أثره ، فحانت منه التفاتة ، فنظر إلي ، فقال : يا غلام ، ألك حاجة؟ قلت : نعم ، علمني كلاماً ينفعني الخ »(٤) .

فيلاحظ : أنه يذكر كلام علي عليه الصلاة والسلام له ، ولا يذكر جوابه هو اياه لكنه يحاول أن يذكر لنفسه فضيلة تبعد عنه شبهة انحرافه عن عليعليه‌السلام مع ان رواية المعتزلي الشافعي تصرح بانحرافه عنهعليه‌السلام .

ولعل مما يشير إلى ذلك : ما رواه البعض ، من أن امير المؤمنينعليه‌السلام قد أخرجه من المسجد ، ونهاه عن التكلم(٥) .

__________________

١ ـ الفتوح لابن أعثم ج ٢ ص ٢٢٧ وأنساب الأشراف ج ٥ ص ٧٧.

٢ ـ وفيات الأعيان ط سنة ١٣١٠ هـ. ج ١ ص ١٢٩.

٣ ـ راجع : شرح النهج للمعتزلي ج ٤ ص ٩٥ وقاموس الرجال ج ٣ ص ١٣٥.

٤ ـ أمالي المفيد ص ١١٩ والبحار ج ٧٧ ص ٤٢٤ و ج ٨٠ ص ٣١٠ وتيسير المطالب ص ١٧٧ / ١٧٨.

٥ ـ راجع : التراتيب الإدارية ج ٢ ص ٢٧٢.

١٨٤

كما أنه كان إذا جلس ، فتمكن في مجلسه ذكر عثمان ، فترحم عليه ثلاثاً ، ولعن قتلته ثلاثاً ، ويقول : لو لم نلعنهم لَلُعِنَّا. ثم يذكر علياً ، فيقول : لم يَزَل أمير المؤمنين صلوات الله عليه مظفراً مؤيداً حتى حَكَّم ، ثم يقول : ولم تحكم والحق معك؟ ألا تمضي قدماً لا أباً لك(١) ؟.

بل لقد اشتهر بغضه لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، فحاول أن يبرئ نفسه من ذلك ، فقد قالوا : إنه جاء رجل إليه فقال له : « أبا سعيد ، إنهم يزعمون : أنك تبغض علياً » فبكى ثم تذكر الرواية تبرئته لنفسه من ذلك ، ومدحه لأمير المؤمنينعليه‌السلام (٢) .

وفي نص آخر : أن ذلك الرجل قال له : « بلغنا أنك تقول : لو كان عليٌّ بالمدينة يأكل من حشفها لكان خيراً له مما صنع ، فقال له الحسن الخ »(٣) .

جيم : وتذكرنا هذه الرواية المفتعلة لأهداف سياسية مفضوحة ، بروايات أخرى مفتعلة لأغراض مفضوحة أيضاً ، وذلك من قبيل تلك الرواية التي تحكي لنا قصة زواج أم كلثوم بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام بعمر بن الخطاب ، حيث جاء فيها : أن أمير المؤمنين قال لولديهعليهما‌السلام : « زوِّجا عمكما. فقالا : هي امرأة من النساء ، تختار لنفسها ، فقال ( فقام ظ ) علي مغضباً ، فأمسك الحسن بثوبه ، وقال : لا صبر لي على هجرانك يا أبتاه. قال : فزوجاه »(٤) .

فإن الهدف من افتعال هذه الرواية هو إظهار : أن علياًعليه‌السلام كان مهتماً بتزويج ابنته لعمر بن الخطاب مع أن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً ، كما تدل عليه النصوص التاريخة(٥) .

__________________

١ ـ العقد الفريد ج ٢ ص ٢٣٥ والكامل للمبرد ج ٣ ص ٢١٦.

٢ ـ العقد الفريد ج ٢ ص ٢٢٩ وفي هامشه عن الأمالي ج ٣ ص ١٩٤.

٣ ـ البيان والتبيين ج ١ ص ١٠٨.

٤ ـ حياة الصحابة ج ٢ ص ٥٢٧ عن كنز العمال ج ٨ ص ٢٩٦.

٥ ـ راجع : مثلاً الفتوحات الإسلامية لدحلان ج ٢ ص ٤٥٥ / ٤٥٦ عن غير واحد وغير ذلك.

١٨٥

وقد جاء عن الإمام الصادقعليه‌السلام قوله : « إن ذلك فَرْجٌ غُصِبناه »(١) .

أضف إلى ما تقدم : أن الشيخ المفيدرحمه‌الله قد ناقش في صحة حديث التزويج هذا ، فراجع كلامهرحمه‌الله (٢) .

دال : كما أن ثمة رواية تقول : إن أمير المؤمنينعليه‌السلام قد اعتبر الإمام الحسنعليه‌السلام « صاحب جفنة وخوان ، فتى من فتيان قريش ، ولو قد التقت حلقتا البطان ، لم يغن عنكم شيئاً في الحرب »(٣) .

مع أن الإمام الحسنعليه‌السلام هو الذي يقول : « لم يكن معاوية بأصبر عند اللقاء ، ولا أثبت عند الحرب مني »(٤) .

كما أن حملاته في الجمل(٥) وفي صفين معروفة ومشهورة ، حتى لقد طلب أمير المؤمنينعليه‌السلام من الناس أن يملكوا عنه الإمام الحسن لا يهده ، حسبما تقدمت الإشارة إليه.

هذا وستأتي في كلام العلامة الأحمدي الأبيات التي أرسلها معاوية إلى زياد ، حينما بلغه جرأته على الإمام الحسنعليه‌السلام .

هاء : وقد ذكر المدائني : أن الإمام الحسنعليه‌السلام خطب إلى رجل فزوجه ، وقال : « إني مزوجك ، واعلم : إنك ملق ، طلق ، غلق ، ولكنك خير الناس نسباً ، وأرفعهم جداً وأباً ».

ولا شك في كونها مفتعلة أيضاً ، فإنه لم يكنعليه‌السلام فقيراً ، ليعبر عنه بأنه « مَلِق » وسيرته ، وهباته ، وجوده وسخاؤه ، مما لا مجال لإنكاره ، فلتراجع

__________________

١ ـ الكافي ج ٥ ص ٣٤٦ وراجع قاموس الرجال ج ١٠ ص ٤٠٦.

٢ ـ راجع عدة رسائل للشيخ المفيد ، أجوبة المسائل السروية ، المسألة العاشرة ص ٢٢٧ فما بعدها.

٣ ـ شرح النهج للمعتزلي ج ١٦ ص ١١ و ج ٢٠ ص ٢٨٤.

٤ ـ شرح النهج للمعتزلي ج ١٦ ص ١٥.

٥ ـ راجع سيرة الأئمة الاثني عشر ج ١ ص ٥٤٩ و ٥٤٦.

١٨٦

كتب التاريخ والحديث في ذلك

وأما بالنسبة لكثرة طلاقه للنساء ، وزواجه ، فقد تحدث العلماء والباحثون حول كذب هذه القضية بما لا مزيد عليه ، ولذلك فلا نرى حاجة للتعرض لها(١) .

وأما أنه غلق ، فقد قال ابن أبي الحديد المعتزلي : « أما قوله : غلق ، فلا ، فإن الغلق الكثير الضجر ، وكان الحسنعليه‌السلام أوسع الناس صدراً ، وأسجحهم خُلُقاً »(٢) .

نعم ، ولقد أقر له المؤالف والمخالف بأنه قد أشبه النبي في خلقه ، وفي خُلقهِ وكريم خصاله ، وجميل فعاله

وهذه الرواية صريحة في أن المقصود منها هو إظهار : أن الإمام الحسن بن عليعليه‌السلام لا فضيلة له في نفسه ، سوى أنه جده النبي ، وأبوه علي بل هو لا يهتم إلا بالبحث عن الحسناوات والجميلات ، ثم التمتع بهن فترة ، ثم تركهن إلى غيرهن

وإذن فلماذا يلام يزيد الخمور والفجور على أفاعيله ما دام أنه وإن كان يبحث عن ملذاته ، إلا أنه ليس طلقاً ، ولا ملقاً ، ولا غلقاً ، كما هو الحال بالنسبة لغيره

« ما عشت أراك الدهر عجباً »!!.

وأخيراً فإن المحقق العلامة الإحمدي يقول : « ليس غريباً على هؤلاء أن يفتعلوا الأكاذيب على الحسنين عليهما الصلاة والسلام ، فقد افتعلوا على الحسنعليه‌السلام : أنه أشار على أبيه : بأن لا يكره طلحة والزبير على البيعة ، ويدع الناس يتشاورون ولو عاماً كاملاً ، فإن الخلافة لا تزوى عنه ، ولا يجدون منه

__________________

١ ـ راجع على سبيل المثال : صلح الحسن للعلامة السيد محمد جواد فضل اللهرحمه‌الله وحياة الحسن بن علي للعلامة باقر شريف القرشي.

٢ ـ شرح النهج للمعتزلي ج ١٦ ص ٢١.

١٨٧

بداً ، وأن يقيل طلحة والزبير بيعتهما ، لأن الغدر ظهر منهما(١) وثمة كلمات أخرى منسوبة إليهعليه‌السلام تفيد هذا المعنى أيضاً.

ورغم تناقض هذا النص نقول إن هذا الكلام مفتعل انتصاراً لطلحة والزبير ، لإظهار أن بيعتهما كانت عن إكراه ، وأن البيعة لعلي لم تكن عن حزم وتشاور.

ولكن ألم يكن الإمام الحسن يرى إباء أبيه للبيعة ، وقوله لهم : دعوني والتمسوا غيري ، ثم إصراره الشديد على ذلك؟!.

ألم يكن يرى انثيال الناس عليه للبيعة كعرف الضبع حتى لقد وطيء الحسنان ، وشق عطفاه؟.

ألم يكن يرى سرور الناس ببيعته حتى الأطفال والشيوخ؟.

كما أن رجالات الإسلام يصرون عليه بالبيعة ، وفي مقدمتهم طلحة والزبير بالذات ن وكلمات الناس آنئذٍ خير شاهد على ما نقول

ألم يكن يرى : أن العدو الأموي الغاشم يترصد الفرصة لينقض على البقية الباقية ليلتهمها ويقضي عليها؟.

أما كان يعلم أن وجود الناصر يوجب على العالم القيام بالأمر؟.

بلى لقد كان يرى ذلك كله ويعلمه وإن كلماته الخالدة في المناسبات المختلفة ، لتدل على كمال موافقته لسياسة أبيه في البيعة ، والحرب ، وفي كل مواقفه ، وهو يؤكد ذلك قولاً وعملاً ، فهو يستنفر أهل الكوفة إلى الجهاد ، وهو يمعن في الحرب ، حتى يقول أبوه : أملكوا عني هذا الغلام لا يهدني.

هذا وقد كذبوا على الإمام كذبة أخرى ، وهي أنه قال لأبيه في الربذة ،

__________________

١ ـ حياة الحسنعليه‌السلام للقرشي ج ١ ص ١٦٣ / ١٦٤ عن الإمامة والسياسة ج ١ ص ٤٩.

١٨٨

وهو يبكي : أمرتك فعصيتني ، فأنت اليوم تقتل بمضيعة ، لا ناصر لك ، فقال أمير المؤمنين : مالك تحن حنين الأمة ، وما الذي أمرتني فعصيتك الخ(١) .

كما أن ابن قتيبة ينقل ما يدل على أن الإمام المجتبىعليه‌السلام قد كان من بدء الأمر عازماً على تسليم الأمر لمعاوية

وكل ذلك مما تكذبه جميع أقوال ومواقف الإمام الحسنعليه‌السلام ، وقد افتعلوه طمعاً بالمال والمناصب ، من أجل أن يشيعوا عنهعليه‌السلام : أنه كان ضعيفاً ، ولم يكن رجل سياسة ، وحزم وعزم وشجاعة

ولكنهم قد نسوا أو تناسوا سائر مواقفه واحتجاجاته على معاوية والامويين ، وتجاهلوا كل خطبه ، وكتبه ، ومواقفه في الحروب ، حتى ليطلب عليعليه‌السلام منهم منعه من الحرب بقوله : أملكوا عني هذا الغلام لا يهدني(٢) .

وحتى ليكتب معاوية إلى زياد عنه :

أما حسن فابن الذي كـان قبلـه

إذا سار سار الموت حيـث يسيـر

وهـل يلد الـرئبـال إلا نظيـره

وذا حسن شـبه لـه ونـظـيـر

ولكنه لو يـوزن الـحلم والحجى

بأمرٍ لقالوا : يذبل ، وثـبـيـر(٣)

هذا كله عدا عن أن أمر الإمامة بمعناه الحقيقي قد كان من المسلمات عندهمعليهم‌السلام ، ولكن قاتل الله العصبية العمياء ، والتكالب على الدنيا.

وبعد كل ما تقدم ، فإننا نعلم مدى صحة قولهم : أن الإمام الحسنعليه‌السلام كان لا يحب إهراق الدماء ، وذلك طعناً منهم في أبيه علي ، وأخيه الحسينعليهما‌السلام

مع احتمال إرادتهم الطعن في الإمام الحسنعليه‌السلام ن إذا كان لا يحب

__________________

١ ـ تاريخ الطبري ط ليدن ج ٦ ص ٣١٠٧ و ٣١٠٨.

٢ ـ نهج البلاغة وتذكرة الخواص وعن الطبري ووقعة صفين وبهج الصباغة ج ٣ ص ٢١٦ و ٢١٧ عنهم.

٣ ـ شرح النهج للمعتزلي ج ١٦ ص ١٩٥ ، وصلح الحسن لآل يس ص ٢٠٢.

١٨٩

إهراق الدماء حتى ولو وجب ذلك عليه ، وأدى تركه إلى ذل المؤمنين ، وضياع الدين.

أما ما افتعلوه ، من أن الإمام علياًعليه‌السلام قد قال عنه : إنه إذا كانت الحرب ، فإن الحسن لا يغني عنهم شيئاً. وكذلك قول معاوية ، حينما أعطى الحسنين وابن جعفر مالاً : إن الحسن سوف يشتري لبناته طيباً ، فيكذبه جميع ما تقدم ، وإنما افتعلت أمثال هذه الأساطير من أجل التشهير به زوراً وبهتاناً : بأنه مشغوف بالنساء ، وذلك للتغطية على فسق يزيد وفجوره

وقد افتعلوا كذلك قصة خلاف الحسين مع أخيهعليهما‌السلام في قضية الصلح ، وجرأته عليه ، ثم جواب الحسين له بما لا يليق. مع أن الحسينعليه‌السلام قد مدح أخاه على صلحه مع معاوية ، حينما أبّنه عند وفاتهعليه‌السلام . وقد روى في الكافي : أن الحسينعليه‌السلام لم يكن يتكلم في مجلس أخيه الإمام الحسنعليه‌السلام تأدباً. كما أنه كان يعطي أقل من أخيه تأدباً كذلك

وأخيراً فإننا نجده يعيش بعد أخيه عدة سنين ، ولا يحارب معاوية ، وغم كتابة أهل الكوفة إليه بدعوته لذلك

انتهى كلام العلامة الأحمدي ، وليكن هو مسك الختام.

والحمد لله أولاً وآخراً ، وظاهراً وباطناً ، وصلاته وسلامه على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين.

١٩٠

كلمة ختامية :

كانت تلك إلمامة موجزة عن الحياة السياسية للإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه في عهد الرسول الأعظم ، والخلفاء الثلاثة بعده

وكنت أودّ أن أكمل هذه الدراسة لتصل إلى حين تولي الإمام الحسنعليه‌السلام للخلافة وبعد ذلك إلى حين استشهاده. ولكن الظروف القاهرة قد حالت دون ذلك ، إلا أن ما لا يدرك كله لا يترك كله فها أنا أقدم للقراء الكرام ما تم إنجازه. على أمل أن يوفق الله سبحانه لإتمام هذا العمل في فرصة اخرى إن شاء الله تعالى.

وليلاحظ هنا : أنني قد تعمدت الحديث عن ذلك الجانب الذي قلّما تعرض له الباحثون في كتاباتهم عن الإمام الحسنعليه‌السلام وقد اضطرني ذلك الى بعض التفصيل بالنسبة لبعض القضايا حيث كان ذلك أمراً لا مفر منه ، لو أريد إيضاح الموقف السياسي الذي كان الإمام الحسنعليه‌السلام يتعامل معه ، ويسجل موقفاً تجاه من خلال ما يكتنف ذلك من ظروف وعوامل مؤثرة فيه

وعلى كل حال فإنني استميح القارئ العذر ، إذا كان يرى في هذا البحث بعض ما لا ينسجم مع وجهات نظره ، أو مع ما هو الشائع المتسالم عليه بصورة عفوية ، ومن دون بحث او تمحيص

١٩١

وفي الختام ، فإنني آمل ان يتحفني القارئ الكريم بملاحظاته ، وبوجهات نظره وله منِّي جزيل الشكر ، ووافر التقدير.

والحمد لله ، وصلاته وسلامه على عباده الذي اصطفى محمد وآله الأطهار.

جعفر مرتضى العاملي

١٩ ٦ ١٤٠٤ هـ. ق.

٣ ١ ١٣٦٣ هـ. ق.

١٩٢

الفهارس

١ ـ المصادر والمراجع

٢ ـ محتويات الكتاب

١٩٣

١٩٤

١ ـ المصادر والمراجع

لقد اعتمدنا في هذا الكتاب على المصادر والمراجع التالية :

١ ـ القرآن الكريم :

ـ الف ـ

٢ ـ الإبانة ، لأبي الحسن الأشعري.

٣ ـ ابن حنبل ، للشيخ محمد أبو زهرة ، طبع دار الفكر العربي.

٤ ـ الاتحاف بحب الأشرف ـ للشبراوي الشافعي ـ المطبعة الأدبية بمصر.

٥ ـ إثبات الهداة ، للبحراني ، المطبعة العليمة ـ قم ـ ايران.

٦ ـ إثبات الوصية ، للمسعودي ، ط النجف الأشرف ـ العراق.

٧ ـ الاحتجاج ، للطبرسي ، ط سنة ١٣٨٦ هـ. ق.

٨ ـ إحقاق الحق (الملحقات) للسيد شهاب الدين المرعشي النجفي ، ط قم ـ ايران.

٩ ـ أحكام القرآن للجصاص ـ نشر دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ لبنان.

١٠ ـ إحياء علوم الدين ، لابي حامد الغزالي ، ط دار المعرفة ، بيروت.

١١ ـ الأخبار الدخيلة ، للشيخ محمد تقي التستري ، ط غفاري ايران.

١٢ ـ الأخبار الطوال ، للدينوري ، ط دار إحياء الكتب العربية ـ سنة ١٩٦٠ ميلادية.

١٣ ـ الاختصاص ، للشيخ المفيد رحمة الله تعالي ، من منشورات جماعة المدرسين ـ قم ـ ايران.

١٤ ـ اختلاف الحديث ، للشافعي ، مطبوع بهامش كتب : الأم.

١٥ ـ اختيار معرفة الرجال ، (المعروف برجال الكشي) ، الذي هذبة الشيخ الطوسي رضوان الله تعالى عليه ، ط جامعة مشهد ـ ايران ـ سنة

١٩٥

١٣٤٨ هـ. ش.

١٦ ـ الأدب في ظل التشيع ، عبدالله نعمة.

١٧ ـ الأذكياء ، لأبي الفرج ابن جوزي ، ط النجف ـ العراق ـ سنة ١٣٨٩ هـ. ق.

١٨ ـ الإرشاد ، للشيخ المفيد ، ط النجف الأشرف ـ العراق.

١٩ ـ أساب النزول ، للواحدي ، ط مصر سنة ١٣٨٧ هـ. ق.

٢٠ ـ الاستيعاب ، لأبي عمر ابن عبد البر القرطبي ، المطبوع بهامش الإصابة سنة ١٣٢٨ هـ. ق.

٢١ ـ أسد الغابة ، لابن الأثير الجزري ط سنة ١٢٨٠ هـ. ق.

٢٢ ـ الإسرائيليات في التفسير والحديث ، لرمزي نعناعة سنة ١٣٩٠ هـ. ق.

٢٣ ـ إسعاف الراغبين ، للصبان ، بهامش كتاب نو ر الأبصار.

٢٤ ـ الإصابة في معرفة الصحابة ، لابن حجر العسقلاني ، ط مصر سنة ١٣٢٨ هـ. ق.

٢٥ ـ أضواء على السنة المحمدية ، للشيخ محمود أبو رية رحمه الله تعالى ، ط دار المعارف بمصر.

٢٦ ـ الأعلاق النفيسة ، لابن رسته ، ط ليدن.

٢٧ ـ إعلام الورى ، للطبرسي ، ط النجف ـ العراق ـ سنة ١٣٩٠ هـ. ق.

٢٨ ـ أعيان الشيعة ، للسيد محسن الأمين العامليرحمه‌الله .

٢٩ ـ الأغاني ، لأبي الفرج الأصفهاني ط ساسي.

٣٠ ـ أقرب الموارد ، للشرتوني ، ط ايران ـ سنة ١٤٠٣ هـ. ق.

٣١ ـ الإلمام ، للنويري الاسكندراني ، ط الهند.

٣٢ ـ الأمالي ، للشيخ االصدوق رحمه الله تعالى ، ط الحيدرية في النجف ـ العراق ـ.

٣٣ ـ الأمالي ، للشيخ الطوسي رحمه الله تعالى ـ ط النجف ـ العراق.

٣٤ ـ الأمالي ، للشيخ المفيد رحمه الله تعالى ، من منشورات جماعة المدرسين ـ قم ـ ايران.

٣٥ ـ الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ، للشيخ أسد حيدر ، ط بيروت.

١٩٦

سنة ١٣٩٢ هـ. ق.

٣٦ ـ الإمام الحسن بن علي سيرة وتاريخ للشيخ محمد بن حسن آل يس ، ط بيروت سنة ١٤٠٠ هـ. ق.

٣٧ ـ الإمام الحسن بن علي ، لمحمد علي دخَخيَّل ، ط بيروت سنة ١٣٩٤ هـ. ق.

٣٨ ـ الإمام الحسين ، للشيخ عبدالله العلايلي ، مكتبة التربية ـ بيروت.

٣٩ ـ الإمامة والسياسة ، لابن قتيبة الدينوري ط مصر سنة ١٣٨٨. هـ. ق.

٤٠ ـ الإنجيل .

٤١ ـ أنساب الأشرف ، للبلاذري ، بتحقيق المحمودي ط بيروت.

٤٢ ـ أنيس الأعلام ، لمحمد صادق فخر الإسلام ط طهران ـ سنة١٣٥٥هـ ش.

٤٣ ـ الأوائل ، لأبي هلال العسكري ، ط دمشق سنة ١٩٧٥ ميلادية.

٤٤ ـ أهل البيت ، لتوفيق أبو علم ، ط سنة ١٣٩٠ هـ. ق.

٤٥ الايضاح ـ لابن شاذان ـ ط سنة١٣٩٢هـ. ق. ونشر جامعة طهران ـ ايران.

ـ ب ـ

٤٦ ـ البحار ، للعلامة المجلسي رحمه الله تعالى ، ط ايران ـ الطبعة الجديدة.

٤٧ ـ البحر الرائق ، لابن نجيم ط سنة ١٣١١ هـ. ق ـ وعنها بالافست في بيروت ـ دار المعرفة.

٤٨ ـ البحر الزخار ، لابن المرتضى ، ط سنة ١٣٦٦ هـ. ق.

٤٩ ـ بحوث في تاريخ السنة المشرفة ، لأكرم ضياء العمري ، ط بيروت سنة ١٣٩٥ هـ. ق.

٥٠ ـ بحوث مع أهل السنة السلفية ، للسيد مهدي الروحاني ، ط بيروت سنة ١٣٩٩ هـ. ق.

٥١ ـ البدء والتاريخ ، للمقدسي ، ط سنة ١٩٨٨ م.

٥٢ ـ بداية المجتهد ، لابن رشد الأندلسي ، ط مصر سنة ١٣٨٦ هـ. ق.

٥٣ ـ البداية والنهاية ، لأبي الفداء ابن كثير ، ط سنة ١٩٦٦ م.

٥٤ ـ البرهان في تفسير القرآن ، للبحراني رحمه الل ، ط آفتاب ـ طهران.

١٩٧

٥٥ ـ بغداد ـ لطيفور ط سنة ١٣٦٨ هـ. ق.

٥٦ ـ بلاغات النساء ، لطيفور ط بيروت سنة ١٩٧٢ م دار النهضة الحديثة.

٥٧ ـ بهج الصباغة ـ للشيخ محمد تقي التستري ، ط ايران سنة ١٣٩٧ هـ. ق.

ـ ت ـ

٥٨ ـ التاريخ الإسلامي ، والمذهب المادي في تفسير ط الكويت سنة ١٩٦٩ م.

٥٩ تاريخ الأمم والملوك ، لمحمد بن جرير الطبري ، ط الاستقامة.

٦٠ ـ تاريخ بغداد ـ للخطبيب البغدادي ، ط دار الكتاب العربي.

٦١ ـ تاريخ التمدن الإسلامي ، لجرجي زيدان ـ ط بيروت ـ دار مكتبة الحياة.

٦٢ ـ تاريخ جرجان ، للسهمي ، ط الهند ـ حيدر آباد ، سنة ١٣٨٧ هـ. ق.

٦٣ ـ تاريخ الخلفاء لجلال الدين السيوطي ط مصر ، سنة ١٣٧١ هـ. ق.

٦٤ ـ تاريخ الخميس ، للديار البكري ، ط مصر سنة ١٢٨٣ هـ. ق.

٦٥ تاريخ الدولة العربية ، تأليف يوليوس فلهوزن ، ط القاهرة سنة ١٩٥٨ م.

٦٦ ـ تاريخ مختصر الدول ، لابن العبري ، ط لبنان ـ المطبعة الكاثوليكية.

٦٧ ـ تاريخ المدينة ، لابن شبّه ـ ط سنة ١٤١٠ هـ. ق. دار الفكر ـ قم ـ ايران.

٦٨ ـ تاريخ اليعقوبي ، لابن واضح ، ط دار صادر ـ بيروت.

٦٩ ـ تأويل مختلف الحديث ، لابن قتيبة الدينوري ط دار الجيل ـ لبنان ـ سنة ١٣٩٣ هـ. ق.

٧٠ ـ التبرك ، تبرك الصحابة والتابعين بآثار الأنبياء والصالحين ، للشيخ علي الأحمدي الميانجي ، ط الدار الإسلامية ، بيروت.

٧١ ـ التبيان في تفسير القرآن ، للشيخ الطوسي رضوان الله تعالى عليه ، ط النجف الأشرف ، العراق.

٧٢ ـ تبيين الحقائق ، للزيعلي ، ط سنة ١٣١٥ هـ. ق.

٧٣ ـ تحف العقول ، لابن شعبة الحراني. سنة ١٣٨٥ هـ. ق. النجف الأشرف ، العراق.

٧٤ ـ تذكرة الحفاظ ، للذهبي ، ط دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٩٨

٧٥ ـ تذكرة الخواص ، لسبط ابن الجوزي ط سنة ١٣٨٣ هـ. ق. النجف الأشرف العراق.

٧٦ ـ التراتيب الإدارية ، للكتاني ، ط دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٧٧ ـ ترجمة الإمام الحسن (ع) من تاريخ دمشق ، لا بن عساكر ، بتحقيق المحمودي ط سنة ١٤٠٠ هـ. ق.

٧٨ ـ ترجمة الإمام الحسين ، من تاريخ دمشق لابن عساكر ، بتحقيق المحمودي سنة ١٣٩٨ هـ. ق.

٧٩ ـ تشييد المطاعن ، للسيد محمد قلي ، ط سنة ١٢٨٣ هـ. ق.

٨٠ ـ التفسير الحديث ، لمحمد عزت دروزه ، ط مصر سنة ١٣٨٢ هـ. ق.

٨١ ـ تفسير الخازن ، ط مصر ، سنة ١٣١٧ هـ. ق.

٨٢ ـ تفسير العياشي ، ط ايران ـ المكتبة الاسلامية.

٨٣ ـ تفسير فرات ، ط النجف.

٨٤ ـ تفسير القرآن العظيم ، لابن كثير ، منشورات دار الفكر.

٨٥ ـ تفسير القمي ، لعلي بن ابراهيم بن هاشمرحمه‌الله ، ط بيروت سنة ١٣٨٧ هـ. ق.

٨٦ ـ التفسير الكبير للفخر الرازي ، منشورات دار الكتب العلمية ، طهران.

٨٧ ـ تفسير النفسي ، بهامش تفسير الخازن. ط سنة ١٣١٧ هـ. ق. مصر.

٨٨ ـ تفسير النيسابوري ، بهامش ] جامع البيان [ وهو تفسير الطبري.

٨٩ ـ تقييد العلم ، للخطيب البغدادي ، ط سنة ١٩٧٤ م.

٩٠ ـ تلخيص الشافي للشيخ الطوسي رحمه الله تعالى ط سنة ١٣٩٤ هـ. ق.

٩١ ـ تلخيص المستدرك على الصحيحين ، للذهبي ، المطبوع بهامش المستدرك في الهند سنة ١٣٤٢ هـ. ق.

٩٢ ـ تهذيب الأحكام ، للشيخ الطوسي رحمه الله تعالى ، ط النجف ـ العراق.

٩٣ ـ تهذيب تاريخ دمشق ، لعبد القادر بدران ، ط دار المسيرة ـ بيروت.

٩٤ ـ تهذيب التهذيب ، لابن حجر العسقلاني ، ط دار صادر بيروت.

٩٥ ـ التوحيد وإثبات صفات الرب ، لابن خزيمة ، ط سنة ١٣٩٣ هـ. ق.

٩٦ ـ تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب ، لأبي طالب الزيدي ط سنة

١٩٩

١٣٩٥ هـ.ق ـ بيروت.

٩٧ ـ تيسير الوصول لابن بديع ، ط سنة ١٨٩٦ م.

ـ ث ـ

٩٨ ـ الثقات ، لابن حبان ، ط الهند سنة ١٣٩٧ هـ. ق.

٩٩ ـ ثلاث رسائل ، للجاحظ ـ ط سنة ١٣٨٢ هـ المطبعة السلفية ومكتبتها.

ـ ج ـ

١٠٠ ـ جامع البيان (تفسير) لمحمد بن جرير الطبري ، ط مصر سنة ١٣٢٣ هـ. ق.

١٠١ ـ جامع بيان العلم وفضله ، لابن عبد البر القرطبي ، ط مصر سنة ١٣٨٨ هـ. ق.

١٠٢ ـ الجوهرة في نسب علي بن أبي طالب وآله ، للبري التلمساني ، ط الأعلمي ـ بيروت سنة ١٤٠٢ هـ. ق.

ـ ح ـ

١٠٣ ـ حاشية على سنن البيهقي ، لابن تركماني ، مطبوعة بهامش السنن ،

المطبوع في الهندسة ١٣٤٤ هـ. ق.

١٠٤ ـ حديق الإفك ، لجعفر مرتضى مؤلف هذا الكتاب ، ط دار التعارف ـ بيروت سنة ١٤٠٠ هـ. ق.

١٠٥ ـ حلية الأولياء ، لأبي نعيم ، ط دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ سنة ١٣٨٧ هـ. ق.

١٠٦ ـ حليم أهل البيت ، لموسى محمد علي ، من منشورات المؤسسة العصرية ـ صيدا ـ بيروت.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216