حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ٢

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام11%

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 529

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 529 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 217921 / تحميل: 6634
الحجم الحجم الحجم
حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

أبو سفيان وهند :

وأبو سفيان من ألدّ أعداء النبي (ص) فهو الذي قاد الأحزاب ، وظاهر اليهود ، وناصر جميع القوى المعادية للإسلام ، وتضاعف حقده على النبي (ص) حينما وتره بأسرته وبسبعين رجلا من صناديد قريش ممن كانوا تحت لواء الشرك في غزوة بدر الكبرى ، فأترعت نفسه الأثيمة بالحزن عليهم ، وظل يناجز الرسول (ص) ويؤلب عليه الأحقاد ، ولكن الله رد كيده ، فنصر رسوله ، وأعز دينه ، وأذل أبا سفيان وحزبه ، فقد فتح النبي (ص) مكة ودخل ظافرا منتصرا فحطم الأصنام ، وكسر الأوثان ودخل أبو سفيان ـ على كره منه ـ في الاسلام ذليلا مقهورا يلاحقه العار والخزي ، وظل بعد إسلامه محتفضا بجاهليته لم يغير الاسلام شيئا من طباعه وأخلاقه ، وكان بيته وكرا للخيانة وكان هو كهفا للمنافقين(١) .

ولما فجع المسلمون بالنبي (ص) وتقمص أبو بكر الخلافة أقبل أبو سفيان يشتد إلى أمير المؤمنين (ع) يطلب منه الثورة ومناجزة أبي بكر لارجاع الخلافة إليه ، ولم يكن ذلك منه إيمانا بحق أمير المؤمنين ، ولكن ليجد بذلك منفذا يسلك فيه للتخريب والهدم ، ولم يخف على الامام نواياه الشريرة فأعرض عنه وزجره ، وظل أبو سفيان بعد ذلك قابعا في زوايا الخمول ينظر إليه المسلمون نظرة ريبة وشك في اسلامه ، ولما آل الأمر الى عثمان وقرّب بني أمية ، وفوض إليهم أمور المسلمين ، ظهر أبو سفيان وعلا نجمه ، وراح يظهر الأحقاد ، والعداء الى النبي ، فوقف يوما قبال مرقد سيد الشهداء حمزة (ع) فألقى ببصره المتغور على القبر ثم حرّك شفتيه قائلا :

__________________

(١) الاستيعاب

١٤١

« يا أبا عمارة! إن الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمس في يد غلماننا يلعبون به. »

ثم ركل القبر الشريف برجله ، ومضى مثلوج الصدر ، ناعم البال ، قرير العين ، كل ذلك بمرأى ومسمع من عثمان فلم يوجّه له عتابا ولم ينزل به عقابا ( فإنا لله وإنا إليه راجعون ).

هذا واقع أبي سفيان في كفره وحقده على الإسلام ، وأما زوجته هند فانها لا تقل ضراوة عن زوجها وكانت أحقد منه على رسول الله (ص) فكانت تحرض المشركين على قتاله ومناجزته ، ولما انتهت واقعة بدر بقتل أهلها ومن يمت إليها من المشركين ، لم تظهر الحداد والحزن(١) عليهم ، تحرض بذلك قريشا على الطلب بثارهم وجاءتها نسوة قريش قائلات لها :

« ألا تبكين على أبيك ، وأخيك ، وعمك ، وأهل بيتك »؟

فانبرت إليهن قائلة بحرارة :

« حلأني أن أبكيهم فيبلغ محمدا وأصحابه فيشمتوا بنا ونساء بني الخزرج لا والله حتى أثأر محمدا وأصحابه ، والدهن عليّ حرام إن دخل رأسي حتى نغزوا محمدا ، والله لو أعلم أن الحزن يذهب عن قلبي لبكيت ، ولكن لا يذهبه إلا أن أرى ثأري بعينى من قتلة الأحبة. »

ومكثت على حالها لم تظهر الأسى ، ولم تقرب من فراش أبي سفيان

__________________

(١) كانت العادة في الجاهلية تأخير البكاء على القتيل منهم حتى يؤخذ بثأره فاذا أخذ بكت عليه نسوتهم وفي ذلك يقول شاعرهم :

من كان مسرورا بمقتل مالك

فليأت نسوتنا بوجه نهار

يجد النساء حواسرا يندبنه

يلطمن حر الوجه بالاسحار

صبح الأعشى ١ / ٤٠٥.

١٤٢

ولم تدهن حتى صارت واقعة أحد(١) فأخذت ثارها من سيد الشهداء حمزة فمثلت به ، وفعلت معه ذلك الفعل الشنيع ، فعند ذلك أظهرت السرور والفرح وأخذت ترتجز قائلة :

شفيت نفسي بأحد

حين بقرت بطنه عن الكبد

أذهب عني ذاك ما كنت أجد

من لوعة الحزن الشديد المعتمد

والحرب تعلوكم بشؤبوب برد

نقدم إقداما عليكم كالأسد

ولما رأى رسول الله (ص) ما فعلته هند بعمه من التنكيل غاظه ذلك والتاع أشد اللوعة ، وقال :

« ما وقفت موقفا أغيظ إلي من هذا الموقف ».

وقال (ص) ثانيا :

« لن أصاب بمثل حمزة أبدا »(٢)

ولما كان يوم الفتح ودخل المسلمون مكة قام أبو سفيان في أزقة مكة وشوارعها مناديا على كره منه من ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن دخل داره فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، فلما سمعت هند منه ذلك لطمته على وجهه وجعلت تصيح بلا اختيار :

« اقتلوا الخبيث الدنس ، قبّح من طليعة قوم »

ثم التفت الى جماهير قريش محرضة لهم على الحرب قائلة بنبرات تقطر حماسا : « هلاّ قاتلتم عن بلادكم ، ودفعتم عن أنفسكم »

تثير بذلك حفاظ النفوس ، وتلهب نار الثورة في قومها ، ولكن الله ردّ كيدها ، وخيّب سعيها ، فنصر الاسلام وأهله. هذان أبوا معاوية

__________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ٣ / ٣٤٢.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ٣ / ٣٨٧.

١٤٣

وبقاعدة الوراثة نجزم بأن ما استقر في نفسيهما من الغل والحقد والبغض والعداء للإسلام ولرسول الله (ص) قد انتقل إلى معاوية ، ومضافا إلى ذلك فان رسول الله قد لاقى الأمويين عموما بالاستهانة والتحقير وذلك لما لاقى منهم من العناء والآلام ، فأمر بابعادهم عن يثرب كالحكم وابنه مروان وسعيد بن العاص والوليد ، وأمر المسلمين بالتجنب عنهم وسماهم بالشجرة الملعونة ، وهذه الامور التي شاهدها معاوية قد أولدت في نفسه حقدا على النبيّ (ص) وعلى أهل بيته.

ما أثر عن النبي في معاوية :

وتضافرت الأخبار الواردة عن النبي (ص) في ذم معاوية وفي الاستهانة به وهي :

١ ـ قال (ص) يطلع من هذا الفج رجل يحشر على غير ملتي.

فطلع معاوية(١) .

٢ ـ ورأى رسول الله (ص) أبا سفيان مقبلا على حمار ، ومعاوية يقود به ، ويزيد ابنه يسوق به ، قال : لعن الله القائد والراكب والسائق(٢) .

٣ ـ وروى البراء بن عازب قال : أقبل أبو سفيان ومعه معاوية فقال

__________________

(١) تاريخ الطبري ١١ / ٣٥٧ ، وروى نصر بن مزاحم في كتاب صفين ص ٢٤٧ ان النبيّ (ص) قال : يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت حين يموت على غير سنتي.

(٢) تاريخ الطبري ١١ / ٣٥٧ ، ورواه الإمام السبط الحسن (ع) عن جده ذكره نصر بن مزاحم في كتاب صفين ٢٤٧.

١٤٤

رسول الله (ص) : اللهم عليك بالأقيعس ، وسأل ابن البراء أباه عن الأقيعس ، فقال له : إنه معاوية(١) .

٤ ـ وجاءت الى النبي (ص) امرأة تستشيره في الزواج من معاوية فنهاها ، وقال لها : إنه صعلوك.

٥ ـ وروى أبو برزة الأسلمي(٢) قال : كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسمعنا غناء فتشرفنا له ، فقام رجل فاستمع له وذاك قبل أن تحرم الخمر فأتانا وأخبرنا أنه معاوية وابن العاص يجيب أحدهما الآخر بهذا البيت :

يزال حواري تلوح عظامه

زوى الحرب عنه أن يحس فيقبرا(٣)

فلما سمع بذلك رسول الله رفع يديه بالدعاء وهو يقول :

« اللهم اركسهم في الفتنة ركسا ، اللهم دعهم إلى النار دعا(٤) »(٥)

__________________

(١) كتاب صفين ص ٢٤٤ ورواه الإمام الحسن أيضا.

(٢) أبو برزة : هو نضلة بن عبيد كان صاحبا لرسول الله ، وروى عنه وعن أبي بكر وروى عنه جماعة آخرون قال ابن سعد : كان من ساكني المدينة ثم البصرة ، وغزا خراسان ، وقال الخطيب شهد مع علي (ع) فقاتل الخوارج بالنهروان ، وغزا بعد ذلك خراسان ، فمات بها ، وقيل إنه مات بنيسابور ، وقيل بالبصرة وقيل غير ذلك. تهذيب التهذيب ١٠ / ٤٤٦.

(٣) الحس القتل الشديد وفي الكتاب ( إذ تحسونهم بأذنه ).

(٤) الأركاس والركس : الرد والإرجاع. وفي التنزيل ( والله أركسهم بما كسبوا ) والدع : الدفع الشديد. وفى الكتاب ( يوم يدعون إلى نار جهنم دعا ) وقد ورد الحديث في اللسان ركس. بلفظ ( اللهم اركسهما في الفتنة ركسا ).

(٥) وقعة صفين ص ٢٤٦ مسند أحمد ٤ / ٤٢١.

١٤٥

واستشف رسول الله (ص) من وراء الغيب ان معاوية سوف يتولى شئون الحكم فحذر المسلمين منه وأمرهم بقتله فقال (ص) :

إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاضربوا عنقه(١) .

وكان الحسن (ع) إذا حدث بهذا الحديث يقول والتأثر ظاهر عليه.

« فما فعلوا ولا أفلحوا »(٢) .

وهكذا كان معاوية في زمان النبي (ص) مهان الجانب ، محطم الكيان ، صعلوكا ذليلا ، يلاحقه العار ، ويتابعه الخزي ، يتلقى من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اللعن ، ومن المسلمين الاستهانة والتحقير ، ولما آل الأمر الى عمر جافى ما أثر عن النبي (ص) فيه فقربه وأدناه ، ورفعه بعد الضعة والهوان ، فجعله واليا على الشام ، ومنحه الصلاحيات الواسعة ، وفوض إليه أمر القضاء والصلاة ، وجباية الأموال ، وغير ذلك من الشؤون العامة التي تتوقف على الوثاقة والعدالة ، وبلغ من عظيم حبه وتسديده له أنه كان في كل سنة يحاسب عماله ، وينظر في أعمالهم إلا معاوية فانه لم يحاسبه ، ولم يراقبه ، وقد قيل له إنه قد انحرف عن الطريق القويم فبدد في الثروات

__________________

(١) تناول المحرفون هذا الحديث الشريف فرووه بصورة أخرى رواه الخطيب في تاريخه عن جابر مرفوعا قال رسول الله ( إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقبلوه فانه أمين ) وروى الحاكم في تاريخه عن ابن مسعود قال رسول الله :( إذا رأيتم معاوية على منبري فاقبلوه فانه أمين مأمون ) ومتى كان ابن هند أمينا ومأمونا أبمحاربته لوصي رسول الله ، أو لولوغه فى دماء المسلمين ، وقتله الأخيار والصلحاء ، وغير ذلك من الأحداث الجسام التي تكشف عن جاهليته وعدم تحرجه فى الدين.

(٢) وقعة صفين.

١٤٦

ولبس الحرير والديباج ، فلم يلتفت لذلك ، وأضفى عليه ثوب الأبهة والمجد ، فقال : « ذاك كسرى العرب » ولما فتل حبل الشورى لأجل إقصاء عترة النبيّ (ص) عن الحكم ، وجعله في بني أمية ، أشاد بمعاوية وهو في أواخر حياته ، ونفخ فيه روح الطموح ، فقال لأعضاء الشورى : « إن تحاسدتم وتقاعدتم ، وتدابرتم ، وتباغضتم غلبكم على هذا معاوية بن أبي سفيان ، وكان إذ ذاك أميرا على الشام »(١) .

وما أكثر عماله وولاته فلما ذا أشاد به دونهم؟! وكيف ساغ له أن يهدد أعضاء الشورى بسطوته وهم ذوو المكانة العليا وقد مات رسول الله (ص) وهو عنهم راض ـ كما يقول ـ وإذا كان يخاف عليهم منه فكيف أبقاه فى جهاز الحكم إن هذه الأمور تدعو إلى التساؤل والاستغراب.

وعلى أي حال فان معاوية كان أثيرا عند عمر وعزيزا عليه ، ولما آل الأمر إلى عثمان زاد في رقعة سلطانه وفي تقوية نفوذه كما أوضحنا ذلك في الجزء الأول من هذا الكتاب(٢) فصار يعمل في الشام عمل من يريد الملك والسلطان ، ولما قتل المسلمون عثمان نظرا للأحداث الجسام التي ارتكبها ، اتخذ معاوية قتله وسيلة لتحقيق مأربه وأهدافه ، فبغى على أمير المؤمنين بدعوة أنه رضى بقتله وآوى قتلته ، وأعقبت ذلك من الخطوب والمحن ما بلي بها الإسلام ، وتصدع بها شمل المسلمين فأدت الأحداث المؤسفة إلى انتصاره ، وخذلان الإمام أمير المؤمنين ، وولده الإمام الحسن ، ولما صار الأمر إليه بعد الصلح أخذ يعمل مجدا في إحياء جاهليته الأولى والقضاء على كلمة الإسلام وتحطيم أسسه ، وإلغاء نصوصه ، وقد ظهرت منه تلك الأعمال

__________________

(١) نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ / ١٨٧.

(٢) ص ٢٤٧.

١٤٧

بوضوح لما خلا له الجو وصفا له الملك ، فلم يخش أو يراقب أحدا في اظهار نواياه ، وفي ابراز اتّجاهه وعدائه للإسلام وللمسلمين ، وقد أوضح الإمام الحسن في صلحه حقيقته وبين واقعه وسلبه ذلك الغشاء الرقيق الذي تستر به باسم الدين ودونك أيها القارئ الكريم النزر اليسير من نواياه وأعماله :

١ ـ عداؤه للنبى :

كان معاوية يكن في نفسه بغضا عارما للنبى ولذريته ويحاول بكل جهوده القضاء على كلمة الإسلام ومحو أثره وقد أدلى بذلك في حديثه مع المغيرة بن شعبة فقد حدث عنه ولده مطرف قال وفدت مع أبي المغيرة على معاوية فكان أبي يأتيه يتحدث عنده ثم ينصرف إلىّ فيذكر معاوية وعقله ويعجب بما يرى منه ، وأقبل ذات ليلة فأمسك عن العشاء وهو مغتم أشد الغم ، فانتظرته ساعة وظننت أنه لشىء حدث فينا أو في عملنا فقلت له :

ـ مالي أراك مغتما منذ الليلة؟.

ـ يا بني إني جئت من أخبث الناس!!.

ـ وما ذاك؟.

ـ خلوت بمعاوية فقلت له : إنك قد بلغت مناك يا أمير المؤمنين ، فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا فانك قد كبرت ، ولو نظرت إلى اخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم ، فو الله ما عندهم اليوم شيء تخافه.

فقال لي :

« هيهات هيهات!! ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل ، فو الله ما عدا أن هلك ، فهلك ذكره ، إلا أن يقول قائل أبو بكر. ثم ملك أخو عدى فاجتهد ، وشمر عشر سنين ، فو الله ما عدا أن هلك فهلك ذكره إلا أن يقول قائل عمر ، ثم ملك أخونا عثمان فملك ، رجل لم يكن أحد في مثل نسبه ،

١٤٨

فعمل ما عمل وعمل به ، فو الله ما عدا أن هلك فهلك ذكره وذكر ما فعّل به ، وإن أخا هاشم يصرخ به في كل يوم خمس مرات « أشهد أن محمدا رسول الله » فأي عمل يبقى بعد هذا لا أم لك ، إلا دفنا دفنا »(١) .

وهذه البادرة تدل بوضوح على كفره والحاده ، وعلى حقده البالغ على النبي فقد أزعجه وساءه أن يذكر اسمه كل يوم خمس مرات في الأذان ولو وجد سبيلا لمحا ذلك ولشدة بغضه وعدائه لذريته أنه مكث في أيام خلافته أربعين جمعة لا يصلي فيها على النبيّ (ص) وقد سئل عن ذلك فقال :

« لا يمنعني من ذكره إلا أن تشمخ رجال بانافها »(٢) .

٢ ـ تعطيله الحدود :

ولم يعتن معاوية بالحدود الإسلامية ولم يهتم باقامتها فقد عفا عمن ثبت عليه الحد ، فقد جيء إليه بجماعة سارقين فقطع أيديهم ، وبقى واحد منهم فقال السارق :

يميني أمير المؤمنين أعيذها

بعفوك أن تلقى مكانا يشينها

يدى كانت الحسناء لو تمّ سترها

ولا تعدم الحسناء عيبا يشيبها

فلا خير في الدنيا وكانت حبيبة

إذا ما شمالي فارقتها يمينها

وغزت هذه الأبيات قلب معاوية فقال له :

« كيف أصنع بك؟ قد قطعنا أصحابك ».

فاجابته أم السارق :

« يا أمير المؤمنين اجعلها في ذنوبك التي تتوب منها ».

__________________

(١) ابن أبي الحديد ( ج ٢ ص ٣٥٧ ).

(٢) النصائح الكافية ص ٩٧.

١٤٩

فخلى سبيله وأطلق سراحه ، فكان أول حد ترك في الإسلام(١) .

٣ ـ اباحته الربا :

ومنع الإسلام من الربا أشد المنع وجعله من الموبقات والكبائر ، فلعن المعطي والآخذ والوسيط والشاهد ، ولم يعتن معاوية بتحريم الإسلام له فعن عطاء بن يسار أن معاوية باع سقاية من ذهب ، أو ورق بأكثر من وزنها فقال له أبو الدرداء(٢) : « سمعت رسول الله (ص) ينهى عن مثل هذا إلا مثلا بمثل ».

فانبرى معاوية مظهرا له عدم اعتنائه بنهي رسول الله ، وتحريمه له قائلا :

« ما أرى بمثل هذا بأسا ».

فاستاء أبو الدرداء من هذه الجرأة واندفع وهو غضبان متألم قائلا :

« من يعذرني من معاوية أنا أخبره عن رسول الله (ص) ويخبرني عن رأيه ، لا أساكنك بأرض أنت بها ».

__________________

(١) البداية والنهاية ٨ / ١٣٦.

(٢) أبو الدرداء : اختلف في اسمه فقيل عامر وعويمر ، واختلف في اسم أبيه فقيل عامر ومالك وعبد الله ، ينتهي نسبه إلى كعب بن الخزرج الأنصاري ، أسلم أبو الدرداء يوم بدر وشهد أحدا قال (ص) في حقه :( أبو الدرداء حكيم أمتي ) كان تاجرا قبل الإسلام فلما أسلم ترك التجارة ، ولاه معاوية قضاء دمشق في خلافة عمر توفى لسنتين بقيتا من خلافة عثمان ، وقيل مات سنة ٣٢ ، وقيل مات بعد صفين ، جاء ذلك فى الإصابة ٤ / ٤٦ وجاء في الكنى والأسماء ص ٧٢ أن أبا الدرداء روى عن رسول الله أنه قال : ( إن أثقل شيء في ميزان المؤمن خلق حسن وإن الله يبغض الفاحش البذى ).

١٥٠

ثم ترك الشام وانصرف إلى عاصمة الرسول وهو ثائر غضبان واستقال من وظيفته(١) .

٤ ـ الأذان فى صلاة العيد :

وقضى الشرع الإسلامي باتيان الأذان والإقامة في خصوص الصلاة اليومية الواجبة ، وأما ما عداها من الصلاة المندوبة كصلاة النوافل أو الواجبة كصلاة العيدين والآيات فان الشرع قد حكم بتركهما ، فقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

« ليس في العيدين أذان ، ولا إقامة »(٢) وسار على هذه السنة الخلفاء من بعد رسول الله (ص)(٣) ولكن معاوية لم يبال بذلك فقد أحدث الأذان والإقامة في صلاة العيد(٤) وبذلك خالف رسول الله وجافى ما أثر عنه وكان مبدعا في تشريعه.

٥ ـ الخطبة قبل صلاة العيد :

والزمت السنة الإسلامية فى صلاة العيد بالخطبة بعد فراغ الإمام من الصلاة فقد صلى النبي (ص) صلاة عيد الفطر وبعد الفراغ منها قام خطيبا بين أصحابه وفعل النبيّ كقوله سنة يجب اتباعه ، وصلى من بعده الخلفاء على وفق صلاته(٥) ولكن معاوية لم يعتن بذلك فقد قدّم الخطبة على الصلاة »

__________________

(١) النصائح ص ٩٤.

(٢) كشف الغمة للشعراني ١ / ١٢٣.

(٣) سنن أبى داود ١ / ٧٩.

(٤) شرح ابن أبي الحديد ١ / ٤٧٠.

(٥) سنن أبي داود ١ / ١٧٨.

١٥١

واقتفي بفعله الأمويون(١) وبذلك فقد هجر سنة النبيّ.

٦ ـ أخذه الزكاة من الأعطية :

وفرض الإسلام الزكاة في موارد مخصوصة ذكرها الفقهاء وما عداها فلا تجب فيه الزكاة ، ولكن معاوية قد أعرض عن ذلك فأخذ الزكاة من الأعطية ولم تشرع فيها الزكاة باجماع المسلمين وقد ارتكب معاوية ذلك(٢) .

أما جهلا منه بالحكم الشرعي أو تعمدا منه على مخالفة السنة والثاني أولى بسيرته.

٧ ـ تطيبه فى الإحرام :

ويجب على المحرم في الحج أن يترك الطيب ما دام محرما ، فاذا حلّ من إحرامه جاز له استعماله ، ولكن معاوية خالف ذلك فتطيب في حال إحرامه(٣) عنادا منه للإسلام أو لجهله بتعاليمه وفروضه.

٨ ـ استعماله أواني الذهب والفضة :

ويحرم استعمال أواني الذهب والفضة إلا أن معاوية قد عمد إلى مخالفة ذلك وأخذ يستعملها في مأكله ومشربه ، ولما تلي عليه قول رسول الله (ص) في التحريم قال :

« لا أرى بأسا في ذلك »(٤) .

٩ ـ لبسه الحرير :

وحرم الإسلام لبس الحرير على الرجال إلا في حال الحرب ولكن

__________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ٣ / ٤٧٠.

(٢) تأريخ اليعقوبي ٢ / ٢٠٧.

(٣) النصائح ص ١٠٠ وغيره.

(٤) النصائح ص ١٠١.

١٥٢

معاوية قد جافى ذلك فقد عمد إلى لبسه(١) غبر معتن بتحريم الإسلام ونهيه عنه.

١٠ ـ استحلاله أموال الناس :

وحرم الإسلام أموال الناس وأخذها بالباطل ، ولكن معاوية لم يلتزم بذلك فقد استصفى أموال الناس من دون عوض(٢) .

١١ ـ شراؤه الأديان :

وليس في سوق التجارة رذيلة أسوأ من شراء ضمائر الناس وأديانهم فانه ينم عن سوء سريرة البائع والمشتري ، وقد مهر معاوية في هذه الصنعة وكان يتجاهر بها من دون خيفة وحذر فقد ذكر الرواة أنه وفد عليه الأحنف بن قيس وجارية بن قدامة والجون بن قتادة والحتات بن يزيد فأعطى معاوية كل واحد منهم مائة الف ، وأعطى الحتات سبعين الفا ، فلما كانوا فى الطريق ذكر كل منهم جائزته فرجع الحتات مغضبا فالتفت إليه معاوية قائلا له :

« ما ردّك؟ ».

ـ فضحتني في بني تميم أما حسبى فصحيح ، أو لست ذا سن؟

ألست مطاعا في عشيرتي؟ ».

فأجابه معاوية :

« بلى ».

واندفع الحتات قائلا :

« فما بالك خست بي دون القوم وأعطيت من كان عليك أكثر ممن

__________________

(١) النصائح ص ١٠١.

(٢) تأريخ اليعقوبي ٢ / ٢٠٧.

١٥٣

كان لك ـ يريد الأحنف وجارية فهما كانا مع علي في حرب الجمل ـ وهو قد اعتزل القتال ».

فقال له معاوية بلا حياء ولا خجل.

ـ إني اشتريت من القوم دينهم ووكلتك إلى دينك.

ـ وأنا اشتري مني ديني.

فأمر له باتمام الجائزة(١) .

١٢ ـ خلاعة ومجون :

واتسعت الدعارة وانتشر المجون في الحاظرة الإسلامية في عصر بني أمية ، فكان الشعراء يتشببون ويتغزلون بالنساء ، وأول من فتح باب الدعارة معاوية فقد حدثوا أن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت(٢) قد تشبب بابنة

__________________

(١) الكامل ٣ / ١٨٥.

(٢) عبد الرحمن بن حسان بن ثابت الأنصاري الخزرجي : ولد في زمن النبي (ص) كان شاعرا قليل الحديث ، ذكره ابن معين في تابعي أهل المدينة ، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين ، توفى سنة ١٠٤ ، وأبطل هذا القول ابن عساكر فقال : إنه قيل إنه عاش ثماني وأربعين ، ومقتضاه أنه ما أدرك أباه لأنه مات بعد الخمسين بأربع أو نحوها وقد ثبت أنه كان رجلا في زمان أبيه وأبوه القائل :

فمن للقوافي بعد حسان وابنه

ومن للمثاني بعد زيد بن ثابت

( قلت ) وإن يثبت أنه ولد في العهد النبوي وعاش إلى سنة ١٠٤ يكون عاش ٩٨ فلعل الأربعين محرفة ، جاء ذلك في الإصابة ٣ / ٦٧ وذكر الزمخشري في الكشاف أن عبد الرحمن قال في معاوية قصيدة منها :

ألا أبلغ معاوية بن حرب

أمير الظالمين نثا كلامى

معاوية بن هندو ابن صخر

لحاك الله من مرء حرامى ـ

١٥٤

معاوية فبلغ ذلك يزيد فغضب ودخل على أبيه قائلا بنبرات تقطر ألما :

ـ يا أبة أقتل عبد الرحمن بن حسان.

ـ لم؟.

ـ تشبب بأختي.

ـ وما قال؟

ـ قال :

طال ليلي وبت كالمحزون

ومللت الثواء في جيرون

فأجابه معاوية باستهزاء وسخرية :

« يا بني وما علينا من طول ليله وحزنه ، أبعده الله ».

فالتفت يزيد إلى أبيه انه يقول :

فلذا اغتربت بالشام حتى

ظن أهلي مرجات الظنون

« يا بني وما علينا من ظن أهله ».

ـ إنه يقول :

هي زهراء مثل لؤلؤة الغوا

ص ميزت من جوهر مكنون

ـ صدق يا بني هي كذلك.

ـ إنه يقول :

وإذا ما نسبتها لم تجدها

في سناء من المكارم دون

ـ صدق يا بني :

ـ إنه يقول :

__________________

جشمنا بامرتك المنايا

وقد درج الكرام بنو الكرام

أمير المؤمنين أبو حسين

مفلق رأس جدك بالحسام

وإنا صابرون ومنظروكم

إلى يوم التغابن والخصام

١٥٥

ثم خاصرتها إلى القبة الخض

راء تمشي في مرمر مسنون

ـ : ولا كل هذا يا بني.

وما زال يزيد يذكر له ما قاله عبد الرحمن من التشبيب بأخته ، ومعاوية يدافعه عن ذلك ، ويظهر براءته وعدم استحقاقه العقاب ، وانتشر تشبب عبد الرحمن ، وافتضحت ابنة معاوية ، فأقبلت إليه طائفة فأكبروا هذه الجسارة على ابنته وقالوا له : « لو جعلته نكالا » فامتنع معاوية من اجابتهم ، وقال لهم : ـ لا ـ ولكن أداويه بغير ذلك ، واتفق أن عبد الرحمن وفد على معاوية فاستقبله أحسن استقبال وأجلسه على سريره وأقبل عليه بوجهه ، ثم قال :

إن ابنتي الأخرى عاتبة عليك.

ـ في أي شيء؟

ـ في مدحك أختها وتركك إياها.

ـ لها العتبى وكرامة أنا أذكرها.

وأخذ يتغزل بابنة معاوية فلما علم الناس ذلك قالوا : « قد كنا نرى أن تشبب حسان بابنة معاوية لشيء فاذا هو على رأي معاوية وأمره »(١)

وهذه البادرة تدل على ميوعته وتفسخ أخلاقه وقد فتح بذلك باب الفساد ومكن الماجنين من التعرض ببنات المسلمين حتى بلغ التهالك على اللذة منتهاه في عصره وعصر بني أمية.

وتشبب أبو دهبل الجحمي(٢) بابنته فعامله باللين وأوصله

__________________

(١) الأغاني ١٣ / ١٤٩.

(٢) أبو دهبل الجحمي : اسمه وهب بن زمعة بن أسيد ، كان شاعرا محسنا مداحا وهو القائل : ـ

١٥٦

وأعطاه(١) وسار بنو أمية على هذه الخطة ، وقد حاولوا أن يقلبوا الدنيا إلى مسارح للعبث والمجون ، فحببوا إلى الناس الفسق والدعارة وساقوهم إلى الضلال والباطل والفساد.

ومن تهتك معاوية ومجونه أنه اشترى جارية بيضاء جميلة ، فادخلها عليه مولاه ( خديج ) وهي مجردة عارية ليس عليها شيء ، وكان بيده قضيب فجعل يهوى به إلى ( متاعها ) وهو يقول :

« هذا المتاع ، لو كان لي متاع »(٢) .

وأمر بها إلى يزيد ، ثم عدل عن ذلك ووهبها إلى عبد الله بن مسعدة الفزاري(٣) فقال له :

__________________

ـ

يا ليت من يمنع المعروف يمنعه

حتى يذوق رجال غب ما صنعوا

وليت رزق أناس مثل نائلهم

قوت كقوت ووسع كالذي وسعوا

وليت للناس حظا في وجوههم

تبين أخلاقهم فيه إذا اجتمعوا

وليت ذا الفحش لاقى فاحشا أبدا

ووافق الحلم أهل الجهل فارتدعوا

جاء ذلك في معجم الشعراء ١ / ١١٧ وقد نشر الشيء الكثير من شعره في مجلة الآسيوية البريطانية.

(١) الأغاني ٦ / ٣٩ ، ١٥٩.

(٢) البداية والنهاية ٨ / ١٤٠.

(٣) عبد الله بن مسعدة بن حكمة الفزارى جيء به وهو صغير في سبى فزارة فوهبه رسول الله لابنته فاطمة فأعتقته وكان صغيرا ثم كان عند علي ، والتحق بمعاوية فكان من أشد الناس وأعداهم إلى علي ، وكان على جند دمشق بعد وقعة ( الحرة ) وبقى الى خلافة مروان ، وقيل أنه غزا سنة ٤٩ ، وكان أميرا على الجيش عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فمات في أرض الروم فاستخلف من بعده عبد الله ـ

١٥٧

« دونك هذه الجارية الرومية فبيض ولدك »(١) .

وذكر المؤرخون بوادر كثيرة من استهتاره ومجونه دلت على تحلله من جميع القيم الإنسانية.

١٣ ـ افتعال الحديث :

قال الله تعالى في كتابه الكريم : « إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون »(٢) وقرب معاوية من يفترى الكذب على الله ورسوله ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فقربهم إليه وأدناهم منه ومنحهم الأموال الضخمة ، وأوعز إليهم أن يضعوا الأحاديث الكاذبة على رسول الله (ص) فى فضله وفي فضل الأمويين والصحابة ، وفي الحط من كرامة العترة الطاهرة وانتقاصها خصوصا سيدها الإمام أمير المؤمنين (ع) ، وكتب مذكرة بذلك إلى جميع عماله وولاته جاء فيها :

« أنظروا من قبلكم من شيعة عثمان الذين يرون فضله ، ويتحدثون بمناقبه فاكرموهم ، وشرفوهم ، واكتبوا إليّ بما يروي كل واحد منهم فيه باسمه واسم أبيه وممن هو ».

فامتثل عماله وولاته ذلك فأدنوا الرواة المستأجرين وأشادوا بهم ، ومنحوهم الأموال الكثيرة ودونوا ما افتعلوه في فضل عثمان ، وأرسلوه إليه ،

__________________

ـ الفزاري وهي أول ولاية وليها وفيه يقول الشاعر :

أقم يا ابن مسعود قناة قويمة

كما كان سفيان بن عوف يقيمها

ولما دخل على معاوية سأله عن الشعر ، فقال إن الشاعر ضمني إلى من لست له بكفء وهو سفيان بن عوف جاء ذلك في الإصابة ٢ / ٣٥٩.

(١) البداية والنهاية ٨ / ١٤٠.

(٢) سورة النحل ـ آية ١٠٥.

١٥٨

ولما رأى الناس أن الحكومة تشجع الوضاعين وتقابلهم بالحفاوة والتكريم ، وتمنحهم الأموال والثراء العريض بادر من غرته الدنيا إلى وضع الأحاديث وأخذ عوضها من الجهة المختصة ، وقد رووا فى فضل معاوية طائفة كبيرة ، فمن جملة ما وضعوه : أن النبي قال : « اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب ، وادخله الجنة ». وأخرج الترمذي أن النبيّ قال لمعاوية : اللهم اجعله هاديا مهديا.

وروى الحارث بن أسامة أنه (ص) قال : أبو بكر أرق أمتي ، وأرحمها ، ثم ذكر مناقب الخلفاء الأربعة ، ومناقب جماعة آخرين من أصحابه ثم ذكر (ص) معاوية فقال (ص) : ومعاوية بن أبي سفيان أحلم أمتي وأجودها(١) .

ورووا أن النبي (ص) أشاد بفضل أصحابه ، ثم قال في معاوية : وصاحب سري معاوية بن أبي سفيان(٢) .

وحكى القدسي أنه كان بجامع واسط وإذا برجل قد اجتمع عليه الناس فدنا منه فإذا هو يروي حديثا بسنده عن النبيّ (ص) ان الله يدني معاوية يوم القيامة فيجلسه إلى جنبه ويغلفه؟ بيده ثم يجلوه على الناس كالعروس

__________________

(١) تطهير الجنان واللسان المطبوع على هامش الصواعق المحرقة ص ٢٤.

(٢) تطهير الجنان واللسان ص ٢٦ ، وقد استند ابن حجر إلى هذه الروايات الموضوعة في فضل معاوية ونزهه عن كل ما ارتكبه من الماثم والموبقات ، والحقه بالصحابة المتحرجين في دينهم ، وقد أعمى الله بصيرة ابن حجر وأضله عن الطريق القويم ، فراح يمجد أعداء الله ، وخصوم الإسلام الذين هم صفحة عار وخزي على المجموعة الإنسانية ، لقد بلي المسلمون بأمثال هؤلاء المؤرخين الذين لا ينظرون إلى الواقع إلا بمنظار أسود فجنوا على الإسلام والمسلمين بمفترياتهم وأكاذيبهم.

١٥٩

فقال له المقدسي : بما ذا؟ قال بمحاربته عليا ، فأجابه المقدسي : كذبت يا ضال!! فقال خذوا هذا الرافضي فتدافع الناس عليه للبطش به وأنقذه شخص كان يعرفه(١) وحكى المقدسي أيضا أنه تعرض للقتل حينما أنكر على رجل قوله : ان معاوية نبى مرسل(٢) .

وحدث بعضهم قال رأيت رسول الله (ص) وعنده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية ، إذ جاء رجل فقال عمر يا رسول الله هذا ينتقصنا فكأنه انتهره رسول الله (ص) فقال يا رسول الله : إني لا أنتقص هؤلاء ولكن هذا ـ يعنى معاوية ـ فقال : ويلك أوليس هو من أصحابي؟ قالها ثلاثا ثم أخذ رسول الله (ص) حربة فناولها معاوية ، فقال جابهه في لبته فضربه بها ، وانتبهت إلى منزلي فاذا ذلك الرجل قد أصابته الذبحة من الليل ومات وهو راشد الكندي(٣) .

وتعصب البسطاء والسذج لمعاوية ، وبالغوا في تقديره نظرا لهذه الأخبار الموضوعة والدعايات الكاذبة ، فقد ذكر المؤرخون ان عبد الرحمن النسائي دخل دمشق فسئل عن معاوية وما روى من فضائله فقال : أما يرضى معاوية أن يخرج رأسا برأس حتى يفضّل؟ وفي رواية أنه قال : ما أعرف له فضيلة إلا « لا أشبع الله له بطنا » فثاروا عليه وداسوه فحمل إلى الرملة فمات بسبب ذلك(٤) .

لقد أراد معاوية بهذه الأحاديث التي أصدرتها لجان الوضع أن يضفي

__________________

(١) المقدسي ص ١٢٦.

(٢) المنتظم ص ٦٠.

(٣) الغدير ١٠ / ١٣٨.

(٤) طبقات السبكي ٢ / ٨٤ وفيات الأعيان ١ / ٣٧.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

(٤)

رواية الخوارزمي

فقد قال ما نصه: « حدثنا سيّد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي - فيما كتب إليّ من همدان - حدثنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله ابن عبدوس الهمداني كتابة، أخبرنا الشيخ أبو طاهر الحسين بن علي بن سلمةرضي‌الله‌عنه - من مسند زيد بن عليرضي‌الله‌عنه ، - حدثنا الفضل بن الفضل ابن العباس، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن سهل، حدّثنا محمد بن عبد الله البلدي، حدثني إبراهيم بن عبيد الله بن العلا، حدثني أبي عن زيد بن عليرضي‌الله‌عنه عن أبيه عن جدّه عن علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه قال:

قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم فتحت خيبر: لولا أن يقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم، لقلت اليوم فيك مقالاً لا تمرّ على ملأٍ من المسلمين إلّا أخذوا من تراب نعليك وفضل طهورك يستشفون به.

ولكنْ حسبك أن تكون مني وأنا منك، ترثني وأرثك. وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي. أنت تؤدّي ديني وتقتل على سنتي، وأنت في الآخرة أقرب الناس مني، وأنك غداً على الحوض خليفتي وتذود عنه المنافقين، وأنت أول من يرد على الحوض، وأنت أول داخل الجنة من أمتي، وإن شيعتك على منابر من نور رواء مرويين مبيضّة وجوههم حولي، أشفع لهم فيكونون غداً في الجنة جيراني. وإن عدوّك ظماء مظمئون مسودّة وجوههم مقمحون، حربك حربي وسلمك سلمي، وسرك سري وعلانيتك علانيتي، وسريرة صدرك كسريرة صدري، وأنت باب علمي.

وإن ولدك ولدي، ولحمك لحمي، ودمك دمي. وإن الحق معك، والحق

٣٨١

على لسانك، وفي قلبك، وبين عينيك، والإِيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي. وإن الله عزّ وجلّ أمرني أن أبشرّك أنك وعترتك في الجنة وأن عدوك في النار، لا يرد الحوض عليّ مبغض لك، ولا يغيب عنه محب لك.

قال علي: فخررت له سبحانه وتعالى ساجداً، وحمدته على ما أنعم به علي من الإسلام والقرآن، وحبّبني إلى خاتم النبيين وسيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(١) .

(٥)

رواية العطّار الهمداني

وأما رواية الحفاظ أبي العلاء العطّار فستعلمها من عبارة الكنجي، فإنه من أعلام سند روايته.

(٦)

رواية الصالحاني

وأما رواية أبي حامد الصالحاني فتعلم من عبارة ( توضيح الدلائل )، فقد نقل عنه الحديث.

____________________

(١). مناقب أمير المؤمنين. وعنه القندوزي في الينابيع: ٦٣.

٣٨٢

(٧)

رواية الكنجي

وأما رواية الكنجي الشافعي فقد قال ما نصه: « أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن بركة الكتبي، أخبرنا الحافظ أبو العلاء الهمداني، أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله الهمداني، حدثنا أبو طاهر الحسين بن علي بن سلمة عن مسند زيد بن عليرضي‌الله‌عنه ، حدثنا الفضل بن الفضل بن العباس » إلى آخره(١) ، كما تقدم في الخوارزمي.

(٨)

رواية شهاب الدين أحمد

وأما رواية شهاب الدين أحمد فهي: « عن زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب، عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وعنهم، قال قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم فتحت خيبر: لولا أن تقول طوائف من أمتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم

رواه الامام الحافظ الصالحاني وقال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي نصر بدانكفاد بقراءتي عليه قال: حدثنا الحسن بن أحمد قال: أخبرنا الامام الحافظ العالم الرباني أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصفهاني بسنده إلى زيد بن علي. فذكر سنده

____________________

(١). كفاية الطالب: ٢٦٤.

٣٨٣

ورواه أيضاً الإِمام أبو سعد في شرف النبوة بتغيير يسير في اللفظ وزيادة هي: ليس أحد من الأمة يتقدّمك، وأن أمير المؤمنين علياً كرم الله تعالى وجهه خرَّ ساجداً، ثم قال: الحمد لله الذي أنعم عليَّ بالاسلام، وهداني بالقرآن، وحبّبني إلى خير البرية خاتم النبيين وسيد المرسلين، إحساناً منه وتفضّلاً.

أقول: هذا حديث جامع يدخل فيه أشتات أبواب المناقب، ويشتمل أسباب خصائص الفضائل وعلو المراتب، قد رواه أجلة الثقات من أهل السنة وعناه أدلة الثقاة، ولله الفضل والمنة، والمراد من إيراده في هذا الباب كما خطّه قلمي لفظة: وتقاتل على سنتي والايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي »(١) .

(٩)

رواية القندوزي

وأما رواية القندوزي فهي: « الموفق بن أحمد قال: أخبرنا سيّد الحفاظ أبو منصور » إلى آخر ما تقدم في الخوارزمي(٢) .

____________________

(١). توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل - مخطوط.

(٢). ينابيع المودة: ٦٣.

٣٨٤

(١٣)

عيبة علمي وبابي الذي أوتى منه

ومن رواته:

١ - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصفهاني.

٢ - أبو المؤيّد الموفّق بن أحمد الخوارزمي.

٣ - أبو القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي.

٤ - أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي.

٥ - أبو المجامع صدر الدّين الحموئي.

٦ - حسام الدين أبو عبد الله حميد المحلي.

٧ - السيد شهاب الدين أحمد.

٨ - محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني.

٩ - سليمان بن إبراهيم البلخي القندوزي.

٣٨٥

(١)

رواية أبي نعيم

رواه أبو نعيم الاصفهاني بإسناده عن ابن عباس - حيث قال: « حدثنا أبو الفرج أحمد بن جعفر النسائي قال: حدثنا محمد بن جرير قال: حدّثنا عبد الله بن داهر الرازي قال: حدّثني أبي داهر بن يحيى الأحمري المقري قال: حدّثنا الأعمش عن عباية، عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هذا علي بن أبي طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي.

وقال: يا أم سلمة، إشهدي واسمعي: هذا علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين وعيبة علمي بابي الذي أوتي منه، والوصي على الأموات من أهل بيتي، أخي في الدنيا وخديني في الآخرة، ومعي في السّنام الأعلى »(١) .

(٢)

رواية الخوارزمي

ورواه الموفّق بن أحمد المكي الخوارزمي في ( المناقب ) بقوله: « أنبأني مهذب الأئمة هذا قال: أنبأنا محمد بن علي الشاهد قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقري - قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا حبيب بن الحسن قال: حدثنا

____________________

(١). منقبة المطهرين أهل بيت محمد سيد الاولين والآخرين - مخطوط.

٣٨٦

عبدالله بن أيوب القرني قال: حدّثنا زكريا بن يحيى المنقري قال: حدّثنا إسماعيل ابن عباد المدني، عن شريك، عن منصور، عن ابراهيم بن علقمة، عن عبد الله قال:

خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عند زينب بنت جحش، فأتى بيت أم سلمة - وكان يومها من رسول الله - فلم يلبث أن جاء عليرضي‌الله‌عنه فدقّ الباب دقّاً خفيفاً، فاستثبت رسول الله الدقّ وأنكرته أمّ سلمة، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قومي فافتحي له الباب. فقالت: يا رسول الله من هذا الذي بلغ من خطره ما أفتح له الباب فأتلقاه بمعاصمي وقد نزلت فيَّ آية من كتاب الله بالأمس؟ فقال - كالمغضب -: إنّ طاعة الرسول طاعة الله، ومن عصى الرسول فقد عصى الله. إنّ بالباب رجلاً ليس بالنزق ولا الخرق، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. ففتحت له الباب، فأخذ بعضادتي الباب، حتى إذا لم يسمع حسّاً ولا حركة، وصرت إلى خدري - استأذن فدخل.

فقال رسول الله: أتعرفينه؟ قلت: نعم، هذا علي بن أبي طالب. قال: صدقت. سجيّته من سجيّتي، ولحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو عيبة علمي.

إسمعي واشهدي: وهو قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين من بعدي. إسمعي واشهدي: لو أن عبداً عبد الله ألف عام من بعد ألف عام بين الركن والمقام، ثمّ لقى الله مبغضاً لعليرضي‌الله‌عنه لأكبّه الله يوم القيامة على منخريه في نار جهنم ».

وقال الخوارزمي: « أنبأني أبو العلاء هذا، أخبرنا الحسن بن أحمد المقري قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو الفرج أحمد بن جعفر النسائي » إلى آخر ما تقدم في أبي نعيم.

٣٨٧

(٣)

رواية الرّافعي

ورواه عبد الكريم الرافعي في ( التدوين في أخبار قزوين ) حيث قال: « كتب إلينا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي - وقرأت على يوسف بن عمر بسماعه منه - قال: ثنا أبو الفضل أحمد بن حسن خيرون، أنبأ أبو علي أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان، ثنا أبوبكر بن كامل، ثنا القاسم بن العباس، ثنا زكريا بن يحيى الحراز، ثنا إسماعيل بن عبّاد، ثنا شريك عن منصور عن إبراهيم، عن علقمة عن عبد الله قال: خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بيت زينب » بنحو ما تقدم إلى آخره.

(٤)

رواية الكنجي

ورواه أبو عبد الله الكنجي بقوله: « أخبرنا المعمَّر أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري، أخبرنا الشيخان ابن النبطي والكاغذي، قال أبو الفتح أخبرنا أبو الفضل ابن خيرون، وقال أبو المظفر أخبرنا أبوبكر أحمد بن علي الطريثيثي قالا: أخبرنا أبو علي ابن شاذان، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، أخبرنا الحافظ أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفارسي الفسوي في مشيخته، حدثنا أبو طاهر محمد بن قسيم الحضرمي، حدثنا حسن بن حسين العرني، حدثني يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير

٣٨٨

عن ابن عباس قال:

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأمّ سلمة: هذا علي بن أبي طالب، لحمه من لحمي ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي. يا أم سلمة: هذا علي أمير المؤمنين وسيّد المسلمين ووعاء علمي ووصيي وبابي الذي أوتى منه. أخي في الدنيا والآخرة، ومعي في المقام الأعلى، يقتل القاسطين والناكثين والمارقين »(١) .

وقال الكنجي الشافعي: « الباب السادس والثمانون: في أن خلق عليرضي‌الله‌عنه مثل خلق النبي: أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن [ أبي ] الحسن الأرجي بدمشق، عن الحافظ أبي الفضل محمد بن ناصر بن علي السّلامي، أخبرنا محمد بن علي بن عبيد الله، ثنا عمي أحمد بن عبيد الله، حدثنا أبو الحسين بن الصواف، حدثنا عبد الله بن أبي سفيان، حدثنا محمد بن الكديمي، حدثنا زكريا ابن يحيى، حدثنا إسماعيل بن عبّاد عن شريك النخعي، عن سعيد بن زيد قال: خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بيت زينب حتى دخل بيت أم سلمة - وكان يومها من رسول الله - فلم يلبث أن جاء علي بن أبي طالب فدقّ الباب » إلى آخر ما تقدم(٢) .

(٥)

رواية الحموئي

ورواه صدر الدّين الحموئي بسنده عن ابن درستويه عن الفسوي عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، كما تقدم

____________________

(١). كفاية الطالب: ١٦٧.

(٢). المصدر: ١٩٨.

٣٨٩

في الكنجي(١) .

(٦)

رواية المحلي

ورواية حميد المحلي تعلم من كلام الأمير الصنعاني الآتي.

(٧)

رواية شهاب الدين أحمد

ورواه السيد شهاب الدين أحمد في ( توضيح الدلائل ) عن ابن عباس، كما تقدم.

(٨)

رواية الأمير الصنعاني

ورواه محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني في ( الروضة الندية - شرح التحفة العلوية ) حيث قال: « ذكر الفقيه العلامة حميدرحمه‌الله في شرحه بعضاً من الروايات في الخوارج ولم يستوف كما سقناه، إلّا أنه ذكر ما لم نذكره فيما مضى، وذكر بسنده الى ابن عباس قال: كان ابن عباس جالساً بمكة يحدّث الناس على شفير زمزم، فلما انقضى حديثه نهض إليه رجل من القوم فقال: يا ابن عباس، إنّي رجل من أهل الشام. قال: أعوان كلّ ظالم إلّا من عصم الله منكم، سل عما

____________________

(١). فرائد السمطين ١ / ١٤٩.

٣٩٠

بدالك قال: يا ابن عباس إني جئت أسألك عن علي بن أبي طالب وقتله أهل لا إله إلّا الله لم يكفروا بقبلة ولا حج ولا صيام رمضان. فقال له: ثكلتك أُمّك سلْ عما يعنيك قال: يا عبد الله ما جئتك أضرب من حمص لحج ولا عمرة، ولكن أتيتك لتخرج لي أمر علي وفعاله. فقال ويحك إن علم العالم صعب لا يحتمل، ولا تقربه القلوب ( إلى أن نقل عن ابن عباس أنه قال في خطاب الشامي ) فاجلس حتى أخبرك الذي سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعاينته:

إن رسول الله تزوّج بنت جحش فأولم، وكانت وليمته الحيس، وكان يدعو عشرة عشرة من المؤمنين، فكانوا إذا أصابوا من طعام نبي الله استأنسوا إلى حديثه فمكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبعة أيام ولياليها، ثم تحوّل إلى بيت أم سلمة بنت أمية - وكان ليلتها وصبحها ويومها من رسول الله - فلما تعالى النهار وانتهى علي إلى الباب، فدقه دقاً خفيفاً، فعرف رسول الله دقّه وأنكرته أم سلمة، فقال: يا أم سلمة قومي وافتحي الباب

فقال الشامي: فرّجت عني يا ابن عباس، أشهد أن علياً مولاي ومولى كل مسلم ».

(٩)

رواية القندوزي

ورواه القندوزي عن الخوارزمي بسنده عن ابن عباس. وعن الحمويني بسنده عن ابن مسعود ».

أقول: ويؤيد هذاالحديث:

١ - قول أمير المؤمنينعليه‌السلام في كلام له « أنا عيبة العلم أنا أوبة الحلم » رواه صاحب ( توضيح الدلائل ) وقد تقدّم النص الكامل له في الكتاب.

٣٩١

٢ - قولهعليه‌السلام في خطبة له في وصف آل محمد: « هم موضع سره ولجأ أمره وعيبة علمه » رواها باختصار القندوزي في ( ينابيع المودة - ٥٢٠ ).

٣ - قول سيدنا علي بن الحسينعليه‌السلام : « نحن أبواب الله ونحن الصراط المستقيم ونحن عيبة علمه » وسيأتي نصّه قريباً.

٣٩٢

(١٤)

وهو بابي الذي أوتى منه

ومن رواته:

١ - أبوبكر أحمد بن موسى بن مردويه.

٢ - أبو القاسم علي بن الحسن ابن عساكر.

٣ - أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي.

(١)

رواية ابن مردويه

أما رواية أبي بكر ابن مردويه الاصبهاني فهذا نصها على ما نقل: « حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا عبد الله بن داهر: قال حدثني أبي عن الأعمش عن عباية الأسدي عن ابن عباس قال: ستكون فتنة فمن أدركها - أو فإنْ أدركها أحد منكم - فعليه بخصلتين، كتاب الله وعلي بن أبي طالب، فإنّي سمعت رسول الله

٣٩٣

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول - وهو آخذ بيد علي بن أبي طالب -: هذا أوّل من آمن بي وأوّل من يصافحني يوم القيامة، وهو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة، وهو الصّديق الأكبر وهو بابي الذي أوتى منه ».

(٢)

رواية ابن عساكر

وأما رواية ابن عساكر، فقد ذكرها الكنجي، وإليك نص كلامه:

(٣)

رواية الكنجي

في الباب الرابع والأربعين من كتابه: « أخبرنا العلّامة مفتي الشام أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي، أخبرنا أبو القاسم الحافظ، أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أخبرنا أبو القاسم ابن مسعدة، أخبرنا أبو عبد الرحمن بن عمرو الفارسي، أخبرنا أبو أحمد ابن عدي، حدثنا علي بن سعيد بن بشير، حدثنا عبد الله بن داهر الرازي، حدثنا أبي عن الأعمش عن عباية عن ابن عباس قال: ستكون فتنة فمن أدركها منكم فعليه بخصلة من كتاب الله تعالى وعلي بن أبي طالب هكذا أخرجه محدّث الشّام في فضائل علي في الجزء التاسع والأربعين بعد الثلاثمائة من كتابه بطرق شتى »(١) .

____________________

(١). كفاية الطالب ١٧٨ - ١٨٨.

٣٩٤

(١٥)

علي بن أبي طالب باب حطّة

ومن رواته:

١ - أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني.

٢ - أبو شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي.

٣ - السيد علي بن شهاب الهمداني.

٤ - جلال الدين عبد الرحمن السيوطي.

٥ - عبد الوهاب بن محمد رفيع البخاري.

٦ - أحمد بن محمد - ابن حجر المكي.

٧ - علي بن حسام الدين المتقي.

٨ - شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني.

٩ - علي بن أحمد العزيزي الشافعي.

١٠ - ميزا محمد بن معتمد خان البدخشاني.

١١ - محمد صدر العالم.

١٢ - محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني.

٣٩٥

١٣ - أحمد بن عبد القادر العجيلي.

١٤ - سليمان بن إبراهيم القندوزي.

(١)

رواية الدّارقطني

أما رواية الدارقطني، فستعلمها من نقل السيوطي وابن حجر والمتقي وغيرهم.

(٢)

رواية الديلمي

وأمّا الديلمي، فقد رواه عن ابن عباس في كتاب ( فردوس الأخبار ) حيث قال: « ابن عباس: علي باب حطة من دخل منه كان مؤمناً، ومن خرج منه كان كافراً ».

(٣)

رواية الهمداني

وأمّا الهمداني، فقد رواه في ( روضة الفردوس ) وفي ( المودة في القربى ) كذلك عن ابن عباس باللفظ المتقدم.

٣٩٦

(٤)

رواية السيوطي

وأما السيوطي فرواه بقوله: « علي باب حطة من دخل منه كان مؤمناً ومن خرج منه كافراً. قط في الأفراد »(١) .

وهو الحديث التاسع والثلاثون من ( القول الجلي ).

(٥)

رواية ابن حجر

وأما ابن حجر المكي، فرواه عن الدارقطني في ( الصواعق ) حيث جعله الحديث الرابع والثلاثين من مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٢) .

(٦)

رواية المتقي

وأما المتقي، فقد رواه بقوله: « علي بن أبي طالب باب حطة من دخل منه كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً. قط في الأفراد عن ابن عباس »(٣) .

____________________

(١). الجامع الصغير ٢ / ٦٦.

(٢). الصواعق المحرقة: ٧٥.

(٣). كنز العمال ١٢ / ٢٠٣.

٣٩٧

(٧)

رواية العيدروس

وأما العيدروس، فرواه عن الدارقطني عن ابن عباس كذلك(١) .

(٨)

رواية العزيزي

وأما العزيزي، فقال في شرحه: « علي باب حطة - أي طريق حط الخطايا، من دخل منه كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً. يحتمل أن المراد الحثّ على اتّباعه والزجر عن مخالفته. وقال المناوي: أي إنه تعالى كما جعل لبني اسرائيل دخولهم الباب متواضعين خاشعين سبباً للغفران، جعل الاهتداء بهدي علي سبباً للغفران. وهذا نهاية المدح. وقال العلقمي: أشار إلى قوله تعالى( وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ ) أي قولوا حط عنا ذنوبنا، وارتفعت على معنى مسألتنا أو أمرنا. فعلىرضي‌الله‌عنه ومن اقتدى به واهتدى بهديه وتبعه في أحواله وأقواله كان مؤمناً كامل الإِيمان. قط الأفراد عن ابن عباس »(٢) .

____________________

(١). العقد النبوي والسر المصطفوي - مخطوط.

(٢). السراج المنير - شرح الجامع الصغير - ٢ / ٤١٧.

٣٩٨

(٩)

رواية الأمير الصنعاني

وأما الأمير الصنعاني فقد قال:

قل من المدح بما شئت فلم

تأت فيما قلته شيئاً فريّا

كلّ من رام يداني شأوه

في العلى فاعدده روماً أشعبيا

هذه فذلكة لما تقدم من فضائله، كأنه قال: إذا قد عرفت أنه أحرز كل كمال وبذ في كل فضيلة كملة الرجال، فقلت ما شئت في مدحه. كأن تمدحه بالعبادة فإنه بلغ رتبتها العليّة. وبالشجاعة فإنه أنسى من سبقه من أبطال البرية، وبالزهادة فإنّه إمامها الذي به يقتدى، وبالجود فإنه الذي إليه فيه المنتهى. وبالجملة، فلا فضيلة إلّا وهو حامل لوائها ومقدَّم أمرائها. فقل في صفاته ما انطلق به اللسان، فلن يعيبك في ذلك إنسان.

وفي هذا إشارة إلى عدم انحصار فضائله كما قد أشرنا إليه سابقاً، وكيف تحصر لنا وقد قال إمام المحدثين أحمد بن حنبل: إنه ما ثبت لأحد من الفضائل الصحيحة مثل ما ثبت للوصيعليه‌السلام . وقد علم أن كتب السنة قد شرقت وغربت وبلغت مبلغ الرياح، فلا يمكن حصرها. ولنشر إلى ما لم نورده سابقاً.

فمن ذلك: إنه من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنزلة الرأس من البدن. كما أخرجه الخطيب من حديث البراء. و الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي مني بمنزلة رأسي من بدني. ومن ذلك: إنه باب حطّة كما أخرجه الدارقطني في الأفراد عن ابن عباس عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي باب حطة من دخل منه كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً ».

٣٩٩

(١٦)

علي بن أبي طالب باب الدين

ومن رواته:

١ - أبو شجاع شيرويه الديلمي

٢ - السيد علي الهمداني.

٣ - سليمان القندوزي البلخي.

روى القندوزي في ( ينابيع المودة ) عن كتاب ( السبعين ) للسيّد علي الهمداني: « الحديث الأربعون - عنه - أي عن ابن عباس - قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي ابن أبي طالب باب الدين. من دخل فيه كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً. رواه صاحب الفردوس »(١) .

ويؤيد هذاالحديث : قول أم الخير بنت حريش بن سراقة البارقي، في كلام لها في فضل أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فإلى أين تريدون - يرحمكم الله - عن ابن عم رسول الله وصهره وأبي سبطيه؟ خلق من طينته وتفرّغ من نبعته وجعله

____________________

(١). ينابيع المودة ٢٣٦.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529