حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ٣

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام16%

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 470

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 470 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 307277 / تحميل: 6764
الحجم الحجم الحجم
حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ولمّا انقضى شهر محرّم مضى القوم على الحرب ، ولكنّها لم تكن عامة ، وإنّما كانت منقطعة تخرج الكتيبة للكتيبة ، والفرقة للفرقة.

وسئم الفريقان هذه الحرب المتقطّعة ، وتعجّلوا الحرب العامة ؛ فعبّأ الإمام (عليه السّلام) جيوشه تعبئة عامة ، وكذلك فعل معاوية ، والتحم الجيشان التحاماً رهيباً واقتتلوا أبرح قتال وأعنفه ، وانكشفت ميمنة جيش الإمام (عليه السّلام) انكشافاً بلغ الهزيمة ، فقاتل الإمام ومعه الحسن والحسين (عليهم السّلام)(١) ، وانحاز الإمام (عليه السّلام) إلى ميسرة جيشه من ربيعة فاستماتت ربيعة دونه (عليه السّلام) ، وكان قائلهم يقول : لا عذر لكم بعد اليوم عند العرب إنْ اُصيب أمير المؤمنين (عليه السّلام) وهو فيكم.

وتحالفت ربيعة على الموت وصمدت في الحرب ، ورجعت ميمنة الإمام (عليه السّلام) إلى حالها بفضل الزعيم مالك الأشتر ، واستمرت الحرب بأعنف ما يتصوّر ، وقد ظهر الضعف وبان الانكسار في جيش معاوية ، وهمّ معاوية بالفرار لولا أنّه تذكّر قول ابن الأطنابة :

أبت لي همّتي وأبى بلائي

وإقدمي على البطلِ المُشيحِ

وإعطائي على المكروهِ مالي

وأخذي الحمدَ بالثَّمنِ الربيحِ

وقولي كلّما جشأتْ وجاشتْ

مكانك تَحمَدي أو تستريحي

وقد ردّه هذا الشعر إلى الصبر والثبات ، كما كان يتحدّث بذلك أيّام المُلْك والسلطان.

منعُ الحسنين (عليهما السّلام) من الحرب :

ومنع الإمام (عليه السّلام) أمير المؤمنين سبطي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من الاشتراك في عمليات الحروب ، فقال (عليه السّلام) : «املكوا عنّي هذين الغلامين ـ يعني

__________________

(١) أنساب الأشراف ١ ق ١.

٦١

الحسن والحسين (عليهما السّلام) ـ لئلاّ ينقطع بهما نسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله)»(١) .

لقد حرص الإمام (عليه السّلام) على ريحانتي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ؛ لأنّ بهما امتداداً لنسله ، وإبقاءً لذرّيّته.

مصرعُ عمّار :

وعمّار بن ياسر من ألمع أصحاب النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، وأكثرهم جهاداً وبلاءً في الإسلام ، وقد شايع عليّاً ولازمه بعد وفاة النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، فقد أيقن أنّه مع الحقّ والحقّ معه كما قال فيه النّبي (صلّى الله عليه وآله). وكان في أيّام صفّين شيخاً قد نيف على التسعين عاماً ، ولكنّ قلبه وبصيرته كانت بمأمن من الشيخوخة ؛ فقد كان في تلك المعركة كأنّه في ريعان الشباب ، وكان يحارب راية ابن العاص ، وهو يشير إليها قائلاً : والله ، إنّ هذه الراية قاتلتها ثلاث عركات وما هذه بأرشدهن. وكان يقول لأصحابه لمّا رأى انكشافهم في المعركة : والله ، لو ضربونا حتّى يبلغونا سعفان هجر لعلمنا أنّا على الحقّ ، وأنّهم على الباطل.

ويقول الرواة : إنّه جلس مبكراً في يوم مِنْ أيّام صفّين ، وقد ازداد قلبه شوقاً إلى ملاقاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وملاقاة أبويه ، فخفّ إلى الإمام مسرعاً يطلب منه الإذن في أنْ يلجَ الحرب لعلّه يُرزق الشهادة ، فلمْ يسمح له الإمام (عليه السّلام) بذلك ، وظلّ يعاود الإمام مستأذناً فلمْ تطب نفس الإمام بذلك ، وراح يلح عليه فأذن له ، وأجهش الإمام (عليه السّلام) بالبكاء حزناً وموجدة عليه.

وانطلق عمّار إلى ساحات الحرب وهو موفور القوى ، قد استردّ نشاطه ، وهو جذلان فرح بما يصير إليه من الشهادة ، وقد رفع صوته عالياً :

__________________

(١) نهج البلاغة

٦٢

«اليوم ألقى الأحبّهْ محمّداً وحزبَهْ ..».

وكان صاحب الراية في الكتيبة التي يقاتل فيها عمّار هو هاشم بن عتبة المرقال ، وكان من فرسان المسلمين وخيارهم ، وأحبّهم للإمام (عليه السّلام) وأخلصهم له ، وكان أعور ، فاتّجه نحوه عمّار فجعل تارة يدفعه بعنف إلى الحرب ، ويقول له : تقدّم يا أعور. واُخرى يرفق به أشدّ الرفق ويقول له : احمل فداك أبي واُمّي! وهاشم يقول له : رحمك الله يا أبا اليقظان ، إنّك رجل تستخفّ الحرب ، وإنّي إنّما أزحف لعلّي أبلغ ما اُريد.

وضجر هاشم فحمل وهو يرتجز :

قد أكثروا لومي وما أقلاّ

إنّي شريتُ النّفس لن اعتلاّ

أعور يبغي نفسهُ مَحلاّ

لا بدّ أن يفُلّ أو يُفلاّ

قد عالج الحياة حتّى ملاّ

أشلّهم بذي الكعوب شلاّ

وقد دلّ هذا الرجل على تصميمه على الموت وسئمه مِن الحياة ، وجال في ميدان القتال ، وعمّار معه يقاتل ويرتجز :

نحنُ ضربناكُم على تنزيلِهِ

واليوم نضربكُمْ على تأويلِهِ

ضرباً يُزيل الهامَ عن مقيلهِ

ويذهل الخليلُ عن خليلِهِ

أو يرجع الحقّ إلى سبيلِهِ

لقد قاتل عمّار بإيمان وإخلاص المشركين مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وناضل كأشدّ ما يكون النضال دفاعاً عن كلمة التوحيد ، وقاتل أعنف القتال مع أخي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) دفاعاً عن تأويل القرآن ، ودفاعاً عن إمام المسلمين ، فما أعظم عائدة عمّار وألطافه على الإسلام!

والتحم عمّار مع القوى الغادرة التحاماً رهيباً ، وحمل عليه رجس من أرجاس البشرية يسمّى أبو الغادية ، فطعنه برمحه طعنة قاتلة ، فهوى إلى الأرض ذلك الصرح الشامخ من العقيدة والإيمان يتخبّط بدمائه الزكية ،

٦٣

وقد أضرّ به العطش ، فبادرت إليه امرأة بلبن ، فلما رآه تبسّم وأيقن بدنو أجله ، وراح يقول بنبرات هادئة مطمئنة : قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : «آخر شرابك مِن الدنيا ضياح مِنْ لبن ، وتقتلك الفئة الباغية». ولمْ يلبث قليلاً حتّى لفظ أنفاسه الأخيرة ، وانطوت بموته أروع صفحة مشرقة مِن الإيمان والجهاد ، وارتفع ذلك العملاق الذي أضاء الحياة الفكرية بإخلاصه واندفاعه نحو الحق.

وكان الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) برحاً لمْ يقرّ له قرار حينما برز عمّار إلى ساحة الجهاد ، فكان يقول : «فتّشوا لي عن ابن سمية». وانطلقت فصيلة من الجند تبحث عنه ، فوجدوه قتيلاً مضمّخاً بدم الشهادة ، فانبروا مسرعين إلى الإمام (عليه السّلام) فاخبروه بشهادته ، فانهدّ ركنه وانهارت قواه ، وسرت موجات من الألم القاسي في مُحيّاه ؛ فقد غاب عنه الناصر والأخ.

ومشى الإمام (عليه السّلام) لمصرعه كئيباً حزيناً وعيناه تفيضان دموعاً ، وسار معه قادة الجيش وقد أخذتهم المائقة ؛ حزناً على البطل العظيم ، ولمّا انتهى إليه ألقى بنفسه عليه وجعل يوسعه تقبيلاً ، وقد انفجر بالبكاء ، وجعل يؤبّنه بحرارة قائلاً : «إنّ امرأً مِن المسلمين لمْ يعظم عليه قتلُ ابن ياسر ، وتدخل عليه المصيبة الموجعة لَغير رشيد. رحم الله عمّاراً يوم أسلم. رحم الله عمّاراً يوم قُتل. رحم الله عمّاراً يوم يُبعث حيّاً. لقد رأيت عمّاراً وما يُذكر مِن أصحاب رسول الله أربعة إلاّ كان رابعاً ، ولا خمسة إلاّ كان خامساً ، وما كان أحد مِن قدماء أصحاب رسول الله يشكّ أنّ عمّاراً قد وجبت له الجنّة في غير موطن ولا اثنين ،

٦٤

فهنيئاً لعمار بالجنّة».

وأخذ الإمام (عليه السّلام) رأسه فجعله في حجره ودموعه تتبلور على خديه ، وانبرى الإمام الحسن (عليه السّلام) وغيره فأبّنوا الشهيد العظيم بقلوب مذابة مِن الحزن ، ثمّ قام الإمام (عليه السّلام) فواراه في مقرّه الأخير.

ويقول المؤرّخون : إنّ الفتنة وقعت في جيش معاوية حينما اُذيع مقتل عمّار ، فقد سمعوا أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال في فضل عمّار إنّ الفئة الباغية تقتله ، وقد اتضح لهم أنّهم الفئة الباغية التي عناها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ولكن ابن العاص استطاع أن يزيل الخلاف ، فقال لهم : إنّ الذي أخرج عمّاراً هو الذي قتله ، وأذعن بسطاء أهل الشام لما قاله ابن العاص.

واشتد القتال بأعنفه بعد مقتل عمّار ، وقد تفلّلت جميع قوى معاوية ، وبان الضعف في جيشه.

مكيدةُ ابن العاص :

لعلّ أبشع مهازل التاريخ البشري في جميع فترات التاريخ هي مكيدة ابن العاص في رفع المصاحف ، وقد وصفها (راو حوست ميلر) بأنّها من أشنع المهازل وأسوئها في التاريخ البشري(١) . وأكاد أعتقد أنّ هذه المكيدة لم تكن وليدة المصادفة أو المفاجئة ، فقد حيكت اُصولها ووضعت مخططاتها قبل هذا الوقت ، فقد كان ابن العاص على اتصال دائم أحيط بكثير مِن الكتمان مع جماعة مِن قادة الجيش العراقي في طليعتهم الأشعث بن قيس ، فهما اللذان دبّرا هذا الأمر ، وقد ذهب إلى هذا الرأي الدكتور طه حسين ، قال : فما أستبعد أنْ يكون الأشعث بن قيس وهو ماكر أهل

__________________

(١) العقيدة والشريعة في الإسلام / ١٩٠.

٦٥

العراق وداهيتهم ، قد اتصل بعمرو بن العاص ماكر أهل الشام وداهيتهم ، ودبّرا هذا الأمر بينهم تدبيراً ، ودبّروا أنْ يقتتل القوم ؛ فإنْ ظهر أهل الشام فذاك ، وإنْ خافوا الهزيمة أو أشرفوا عليها رفعوا المصاحف فأوقعوا الفرقة بين أصحاب علي ، وجعلوا بأسهم بينهم شديداً(١) .

وعلى أيّ حالٍ ، فإنّ الهزيمة لمّا بدت بأهل الشام وتفلّلت جميع قواعدهم ، فزع معاوية إلى ابن العاص يطلب منه الرأي ، فأشار عليه برفع المصاحف ، فأمر بالوقت برفعها ، فرُفعت زهاء خمسمئة مصحف على أطراف الرماح ، فعلت الأصوات من أهل الشام بلهجة واحدة : هذا كتاب الله بيننا وبينكم من فاتحته إلى خاتمته. مَنْ لثغور أهل الشام بعد أهل الشام؟ ومَنْ لثغور أهل العراق بعد أهل العراق؟ ومَنْ لجهاد الروم؟ ومَنْ للترك؟ ومَنْ للكفار؟

وكانت هذه الدعوى كالصاعقة على رؤوس الجيش العراقي ، فقد انقلب رأساً على عقب ، فتدافعوا كالموج نحو الإمام (عليه السّلام) وهم ينادون : لقد أعطاك معاوية الحقّ ؛ دعاك إلى كتاب الله فاقبل منه. ودلّهم الإمام (عليه السّلام) على زيف هذه الحيلة ، وأنّها جاءت نتيجة فشلهم في العمليات العسكرية ، وأنّها لمْ يقصد بها إلاّ خداعهم ، وأنّهم رفعوا المصاحف لا إيماناً بها وإنّما هو من الخداع والمكر.

وممّا يؤسف له أنّهم لمْ يقرروا حقّ مصيرهم ومصير الأُمّة في تلك الفترات الحاسمة من تاريخهم التي أشرفوا فيها على الفتح والنصر ، ولمْ يبقَ من دكِّ حصون الظلم ونسف قواعد الجور إلاّ لحظات.

يا للمصيبة والأسف! لقد أصرّوا على التمرّد والعناد ، فانحاز منهم اثنا عشر ألفاً وهم أهل الجباه السود ، فخاطبوا الإمام (عليه السّلام) باسمه الصريح قائلين :

__________________

(١) الفتنة الكبرى ٢ / ٨٩.

٦٦

«يا علي ، أجب القوم إلى كتاب الله إذ دعيت له ، وإلاّ قتلناك كما قتلنا ابن عفان ، فوالله لنفعلنّها إنْ لمْ تجبهم ...».

فكلّمهم الإمام (عليه السّلام) برقّة ولطف ليقلع روح التمرّد منهم ، إلاّ أنّ كلام الإمام ذهب هباءً ، وراح القوم في غيّهم يعمهون وهم يصرّون على إرغام الإمام على إيقاف القتال ، وكان الأشعث بن قيس هو الذي يدفعهم إلى ذلك وينادي بأعلى صوته بالرضاء والقبول لدعوة أهل الشام.

ولمْ ير الإمام (عليه السّلام) بدّاً من إجابتهم ، فأصدر أوامره بإيقاف عمليات الحروب ، وقلبه الشريف يتقطّع ألماً وحزناً ، فقد أيقن أنّ الباطل قد انتصر على الحقّ ، وأنّ جميع متاعبه ودماء جيشه قد ذهبت سدى. وأصرّ المتمرّدون على الإمام بسحب مالك الأشتر من ساحة الحرب ، وكان قد أشرف على الانتصار ، ولم يبقَ بينه وبين الفتح إلاّ حلبة شاة ، فأرسل إليه الإمام (عليه السّلام) بالقدوم إليه ، فلم يعن بما أمر به ، وقال لرسول الإمام : قل لسيدي : ليست هذه بالساعة التي ينبغي لك أنْ تزيلني فيها عن موقفي ، إنّي قد رجوت الله أن يفتح لي فلا تعجلني.

ورجع الرسول فأخبر الإمام بمقالة القائد العظيم ، فارتفعت أصوات اُولئك الوحوش بالإنكار على الإمام (عليه السّلام) قائلين : والله ، ما نراك إلاّ أمرته أن يقاتل. وامتحن الإمام (عليه السّلام) في أمرهم كأشدّ ما تكون المحنة ، فقال لهم : «أرأيتموني ساررت رسولي (إليه)؟ أليس إنّما كلّمته على رؤوسكم علانية وأنتم تسمعون؟».

وأصرّوا على الغي قائلين : فابعث إليه فليأتيك ، وإلاّ فوالله اعتزلناك. وأجمعوا على الشرّ ، وأوشكوا أن يفتكوا بالإمام (عليه السّلام) ، فأصدر أوامره المشدّدة

٦٧

بانسحاب مالك من ساحة الحرب ، واستجاب الأشتر لأمر الإمام (عليه السّلام) ، فقفل راجعاً وقد تحطّمت قواه ، وقال ليزيد الذي كان رسول الإمام : ألرفع هذه المصاحف؟ ـ يعني حدثت هذه الفتنة ـ [فقال :] نعم.

وعرف الأشتر مكيدة ابن العاص فقال : أما والله لقد ظننت أنّها حين رفعت ستوقع اختلافاً وفرقة ، إنّها مشورة ابن العاهرة. ألا ترى إلى الفتح؟ ألا ترى إلى ما يلقون؟ ألا ترى إلى الذي يصنع الله لنا؟ أينبغي أن ندع هذا وننصرف عنه؟!

وأحاطه يزيد علماً بحراجة الموقف ، والأخطار الهائلة التي تحفّ بالإمام قائلاً : أتحبّ أنّك إنْ ظفرت هاهنا ، وأنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) بمكانه الذي هو به يفرج عنه ويسلّم إلى عدوه؟! فقال الأشتر مقالة المؤمن : سبحان الله! لا والله ما اُحبّ ذلك. [قال :] فإنّهم قالوا : لترسلنّ إلى الأشتر فليأتينّك ، أو لنقتلنك بأسيافنا كما قتلنا ابن عفان ، أو لنسلمنّك إلى عدوّك.

وقفل الأشتر راجعاً وقد استولى الحزن على إهابه ، فقد ذهبت آماله أدراج الرياح ، فتوجّه نحوهم يلومهم ويعنّفهم ، ويطلب منهم أن يخلّوا بينه وبين عدوهم ، فقد أشرف على النصر والفتح. ولمْ يذعن اُولئك الممسوخون لمقالة الأشتر ، فقد أصروا على الذلّ والوهن قائلين له :

«لا لا».

٦٨

ـ أمهلوني عدوة فرس فإنّي قد طمعت في النصر.

ـ إذن ندخل معك في خطيئتك.

وانبرى الأشتر يحاججهم وينقد ما ذهبوا إليه قائلاً : حدّثوني عنكم ـ وقد قُتل أماثلكم وبقي أرذالكم ـ متى كنتم محقّين؟ أحين كنتم تقتلون أهل الشام ، فأنتم الآن حين أمسكتم عن القتال مبطلون؟! أم أنتم الآن في إمساككم عن القتال محقّون؟ فقتلاكم إذن الذين لا تنكرون فضلهم ، وكانوا خيراً منكم في النار.

ولم يجد معهم هذا الكلام المشرق فقالوا له : دعنا منك يا أشتر ، قاتلناهم في الله ، إنا لسنا نطيعك فاجتنبنا. وردّ عليهم الأشتر بعنف حينما يئس من إصلاحهم ، وأخذ يحذرهم من مغبّة هذه الفتنة ، وأنّهم لا يرون بعدها عزاً أبداً. وحقّاَ إنّهم لمْ يروا عزّاً ، فقد أفلت من اُفقهم دولة الحقّ ، وآل أمرهم إلى معاوية فأخذ يسومهم سوء العذاب.

وطلب مالك من الإمام (عليه السّلام) أن يناجزهم الحرب فأبى ؛ لأنّ العارضين كانوا يمثّلون الأكثرية الساحقة في جيشه ، وفتْح باب الحرب يؤدي إلى أفظع النتائج ؛ فإنّ الاُمّة تقع فريسة سائغة بأيدي الاُمويِّين. وأطرق الإمام (عليه السّلام) برأسه وقد طافت به موجات من الآلام ، وأخذ يطيل التفكير في العاقبة المرّة التي جرّها هؤلاء العصاة للأُمّة.

ويقول المؤرّخون : إنّهم قد اتخذوا سكوته رضىً منه بالتحكيم فهتفوا : إنّ علياً أمير المؤمنين قد رضي الحكومة ، ورضي بحكم القرآن. والإمام غارق في الهموم ، فقد أفلت منه الأمر ، وتمرّد عليه جيشه ، وليس باستطاعته أنْ يعمل شيئاً ، وقد أدلى (عليه السّلام) بما مُنِيَ به ، بقوله :

٦٩

«لقد كنتُ أمس أميراً فأصبحتُ اليوم مأموراً ، وكنتُ أمس ناهياً فأصبحتُ اليوم منهيّاً».

التحكيمُ :

ولمْ تقف محنة الإمام وبلاؤه في جيشه المتمرّد إلى هذا الحد من العصيان والخذلان ، وإنّما تجاوز الأمر إلى أكثر مِنْ هذا ، فقد أصرّ المتمردون بقيادة الأشعث بن قيس على انتخاب أبي موسى الأشعري الذي هو مِنْ ألدّ أعداء الإمام ، وأكثرهم حقداً عليه ، وألحّوا على انتخابه لعلمهم بأنّه سيعزل الإمام عن الحكم ، وينتخب غيره ممّن يحقق أطماعهم ، وقد احتف هؤلاء العصاة بالإمام (عليه السّلام) ، وهم يهتفون : إنّا رضينا بأبي موسى الأشعري.

وزجرهم الإمام (عليه السّلام) ، ونهاهم عن انتخابه قائلاً : «إنّكم قد عصيتموني في أوّل الأمر فلا تعصوني الآن ، إنّي لا أرى أنْ اُولّي أبا موسى». وأصرّوا على غيهم وعنادهم قائلين : لا نرضى إلاّ به ، فما كان يحذرنا وقعنا فيه.

وأخذ الإمام (عليه السّلام) يدلي عليهم واقع أبي موسى وانحرافه عنه ، قائلاً : «إنّه ليس لي بثقة ؛ قد فارقني وخذّل الناس عنّي ، ثمّ هرب عنّي حتّى آمنته بعد أشهر ، ولكنْ هذا ابن عباس نولّيه».

وامتنعوا من ترشيح ابن عباس ، فأرشدهم ثانياً إلى انتخاب مالك الأشتر فرفضوه ، وأصرّوا على انتخاب الأشعري ، ولم يجد الإمام (عليه السّلام) بعد هذا بدّاً من الرضا والإذعان.

٧٠

وثيقةُ التحكيم :

واتفق الفريقان على أنْ يحكموا ابن العاص من قبل أهل الشام ، وأبا موسى الأشعري من قبل العراقيين ، وقد كتبوا صحيفة سجلوا فيها ما اتفقوا عليه من الأخذ بما يتفق عليه الحكمان ، وهذا نصها ، كما رواها الطبري :

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ، قاضي علي على أهل الكوفة ومَنْ معهم من شيعتهم من المؤمنين والمسلمين ، وقاضي معاوية على أهل الشام ومَنْ كان معهم مِن المؤمنين والمسلمين ، إنا ننزل عند حكم الله عز وجل وكتابه ، ولا يجمع بيننا غيره ، وأنّ كتاب الله عز وجل من فاتحته إلى خاتمته نحيي ما أحيا ، ونميت ما أمات ، فما وجد الحكمان في كتاب الله عز وجل ، وهما أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس ، وعمرو بن العاص القرشي عملنا به ، وما لم يجدا في كتاب الله عز وجل فالسُنّة العادلة الجامعة غير المفرّقة.

وأخذ الحكمان مِنْ علي ومعاوية ومِن الجُندين مِن العهود والميثاق ، والثقة من الناس أنّهما آمنان على أنفسهما وأهلهما ، والأُمّة لهما أنصار على الذي يتقاضيان عليه ، وعلى المؤمنين والمسلمين من الطائفتين كلتيهما عهد الله وميثاقه العمل على ما في هذه الصحيفة ، وأنْ قد وجبت قضيتهما على المؤمنين ؛ فإنّ الأمن والاستقامة ووضع السلاح بينهم أينما ساروا ، على أنفسهم وأهليهم وأموالهم وشاهدهم وغائبهم ، وعلى عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص عهد الله وميثاقه أنْ يحكما بين هذه الأُمّة ، ولا يردّاها في حرب ولا فرقة حتّى يعصيا ، وأجل القضاء إلى رمضان ، وإنْ أحبّا أنْ يؤخّرا ذلك أخّراه على

٧١

تراضٍ منهما. وإنْ توفي أحد الحكمين فإنّ أمير الشيعة يختار مكانه ، ولا يألوا مِنْ أهل المعدلة والقسط ، وإنّ مكان قضيتهما الذي يقضيان فيه مكان عدل بين أهل الكوفة وأهل الشام ، وإنْ رضيا وأحبّا فلا يحضرهما فيه إلاّ مَنْ أرادا ، ويأخذ الحكمان مَنْ أرادا مِن الشهود ثم يكتبان شهادتهما على ما في هذه الصحيفة ، وهم أنصار على مَنْ ترك ما في هذه الصحيفة وأراد فيها إلحاداً وظلماً. اللّهم إنّا نستنصرك على مَنْ ترك ما في هذه الصحيفة(١) .

ووقّع عليها طائفة مِن الفريقين ، وأصبحت نافذة المفعول ، وقد حقّقت آمال معاوية ، وأنقذته مِن الأخطار التي كادت أنْ تطوي حياته وتقضي على أتباعه.

والشيء المهم في هذه الوثيقة إنّها أهملت المطالبة بدم عثمان فلمْ تعرض لا بقليل ولا بكثير ، وإنّما كانت تنشد إيقاف الحرب ، ونشر السلم والعافية بين الفريقين ، وفيما أعتقد إنّها كُتِبَت ولم يكن للإمام (عليه السّلام) فيها أي رأي ، فقد خلّى بين جيشه وبين ما يريدون.

رجوعُ الإمام (عليه السّلام) للكوفة :

وغادر الإمام صفّين متّجهاً إلى الكوفة ، ولا أعتقد أنْ يلمّ كاتب بتصوير المحنة الكبرى التي ألمّت بالإمام ، فقد رجع مثقلاً بالهموم ، يرى باطل معاوية قد استحكم ، وأمره قد تمّ ، وينظر إلى جيشه أصبح متمرّداً يدعوه فلا يستجيب ، ويأمره فلا يطيع ، قد مزّقت الفتنة جميع كتائبه ، فقد كانوا فيما يقول المؤرّخون : يتشاتمون ويتضاربون بالسياط ، ويبغي بعضهم على بعض. وأخطر ما حدث فيه انبثاق الفكرة الحروريّة التي سنتحدث

__________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٣٠.

٧٢

عنها ، فإنّها كانت سوسة تنخر في المعسكر العراقي ، وأهم من أي خطر داهم عليه ، فقد أخذت تعمل على تفلل وحدة جيش الإمام (عليه السّلام) ، وتذيع الفتنة والخوف بين صفوفه.

ودخل الإمام (عليه السّلام) الكوفة فرأى لوعة وبكاءً قد سادت في جميع أرجائها ، وحزناً على مَنْ قُتل منها في صفّين ؛ فإنّ قتلى صفّين بالقياس إلى قتلى الجمل كانوا أضعافاً أضعافاً.

مع المارقين :

ويقول الرواة : إنّ النّبي (صلّى الله عليه وآله) سمّى أهل النهروان بالمارقين ، وأنّه قد عهد إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بقتالهم كما عهد إليه بقتال الناكثين والقاسطين من بعده.

والظاهرة البارزة في اتجاهات الخوارج هي الالتواء في السلوك ، والإصرار على الجهل والعناد ، فقد بنوا واقعهم على التعصّب ، وعدم التدبر والإمعان في حقائق الأمور ، وقد كان شعارهم الذي تفانوا في سبيله وقدّموا له المزيد من الضحايا (لا حكم إلاّ لله) ، ولكنّهم لمْ يلبثوا أنْ جعلوا الحكم للسيف ، فنشروا الإرهاب والخوف والفساد في الأرض ، كما سنذكر ذلك.

وعلى أي حال ، فإنّ الإمام (عليه السّلام) لمّا نزح من صفّين إلى الكوفة لمْ يدخلوا إليه ، وإنّما انحازوا إلى (حروراء) فنسبوا إليها ، وكان عددهم فيما يقول المؤرّخون : اثني عشر ألفاً ، وقد جعلوا أميرهم على القتال شبث بن ربعي ، وعلى الصلاة عبد الله بن الكوّاء اليشكري ، وخلعوا الإمام (عليه السّلام) عن الخلافة ، وجعلوا الأمر شورى بين المسلمين.

والتاع الإمام (عليه السّلام) من تمرّدهم فأوفد للقياهم عبد الله بن عباس ، وأمره

٧٣

أنْ لا يخوض معهم في ميدان الخصومة والنزاع حتّى يأتيه ، إلاّ أنّه لمْ يجد بداً من الحوار معهم ، وبينما هو يحاورهم إذ أطلّ عليهم الإمام (عليه السّلام) فنهى ابن عباس عن مناظرتهم ، وأقبل عليهم فقال لهم : «اللهمّ ، إنّ هذا مقام مَنْ أفلج فيه كان أولى بالفلج يوم القيامة ، ومَنْ نطق وأوعث فيه فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً». ثم قال لهم : «مَنْ زعيمكم؟».

ـ ابن الكواء.

ـ «ما أخرجكم علينا؟».

ـ حكومتكم يوم صفّين.

ـ «أنشدكم بالله ، أتعلمون أنّهم حيث رفعوا المصاحف فقلتم نجيبهم إلى كتاب الله ، قلتُ لكم : إنّي أعلم بالقوم منكم ؛ إنّهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ، إنّي صحبتهم وعرفتهم أطفالاً ورجالاً ، فكانوا شرّ أطفال وشرّ رجال. امضوا على حقّكم وصدقكم ، فإنّما رفع القوم هذه المصاحف خديعة ودهناً ومكيدة ، فرددتم عليّ رأيي وقلتم : لا ، بل نقبل منهم. فقلت لكم : اذكروا قولي لكم ومعصيتكم إيّاي ، فلمّا أبيتم إلاّ الكتاب اشترطت على الحكمين أنْ يحييا ما أحيا القرآن ، وأنْ يميتا ما أمات القرآن ، فإنْ حكما بحكم القرآن فليس لنا أنْ نخالف حكماً يحكم بما في القرآن ، وإنْ أبيا فنحن من حكمها براء».

وأبطلت هذه الحجّة النيرة جميع أوهامهم ، فهم المسؤولون عن التحكيم ، كما هم مسؤولون عن كلّ ما حدث من الفتنة والفساد ، وليس للإمام (عليه السّلام) ظلع في ذلك ، وأيقنوا أنّ الذنب ذنبهم ، وليس على الإمام (عليه السّلام) أي تبعة في ذلك ، فقالوا له : أتراه عدلاً تحكيم الرجال في الدماء؟

٧٤

ـ «لسنا حكّمنا الرجال إنما حكّمنا القرآن ، وهذا القرآن إنّما هو خط مسطور بين دفّتين لا ينطق ، وإنّما يتكلّم به الرجال».

ـ خبّرنا عن الأجل لِمَ جعلته فيما بينك وبينهم؟

ـ «ليعلم الجاهل ، ويثبت العالم ، ولعلّ الله يصلح في هذه الهدنة هذه الأُمّة».

وسدّ عليهم الإمام (عليه السّلام) كلّ نافذة ينفذون منها ، ووجد منهم تقارباً وإذعاناً لمقالته ، فخاطبهم بناعم القول : «ادخلوا مصركم رحمكم الله». فأجابوه إلى ذلك ودخلوا عن آخرهم معه إلى الكوفة ، إلاّ أنّهم بقوا مصرّين على فكرتهم يذيعونها بين البسطاء ، حتّى شاع أمرهم وقويت شوكتهم ، وأخذوا ينشرون الخوف والإرهاب ، ويدعون إلى البغي ، وعزل الإمام (عليه السّلام) ، وجعل الأمر شورى بين المسلمين(١) .

اجتماعُ الحكمين :

وانتهت المدّة التي عيّنها الفريقان للتحكيم ، وقد استردّ معاوية قواه التي فقدها أيّام صفّين ، واستحكم أمره ، وقد أرسل إلى الإمام (عليه السّلام) يطلب منه الوفاء بالتحكيم ، وإنّما سارع إلى ذلك لعلمه بما مُنِيَ به جيش الإمام (عليه السّلام) من الفرقة والخلاف ، ثمّ هو على علم بأنّ النتيجة ستكون من صالحه ؛ لأنّ المنتخب للتحكيم هو أبو موسى الأشعري ، وهو على علم بانحرافه عن الإمام (عليه السّلام).

وأشخص الإمام (عليه السّلام) أبا موسى الأشعري إلى التحكيم ، وأرسل أربعمئة من أصحابه جعل عليهم شريح بن هاني ، وعبد الله بن عباس يصلّي بهم ، والتقى

__________________

(١) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ١ / ٤٦٩ ـ ٤٧٢.

٧٥

الحكمان الضالاّن على حدّ تعبير النّبي (صلّى الله عليه وآله)(١) في دومة الجندل أو في أذرح. ويقول المؤرّخون : إنّ ابن العاص لمْ يفتح الحديث مع الأشعري ثلاثة أيّام ، فقد أفرد له مكاناً خاصاً ، وجعل يقدّم له أطائب الطعام والشراب حتّى استبطنه وأرشاه ، ولمّا أيقن أنّه صار ألعوبة بيده أخذ يضفي عليه النعوت الحسنة والألقاب الكريمة حتّى ملك مشاعره وعواطفه ، فقد قال له : يا أبا موسى ، إنّك شيخ أصحاب محمّد (صلّى الله عليه وآله) وذو فضله ، وذو سابقته ، وقد ترى ما وقعت فيه هذه الأُمّة من الفتنة العمياء التي لا بقاء معها ، فهل لك أنْ تكون ميمون هذه الأُمّة فيحقن الله بك دماءها ، فإنّه يقول في نفس واحدة : (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا). فكيف بمَنْ أحيا هذا الخلق كلّه؟!

ومتى كان الأشعري شيخ صحابة النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، ومِن ذوي الفضائل والسوابق في الإسلام؟! وانخدع الأشعري بهذه الكلمات المعسولة ، فطفق يسأل ابن العاص عن سبل الإصلاح وحقن الدماء ، فأجابه ابن العاص : تخلع أنت علي بن أبي طالب ، وأخلع أنا معاوية بن أبي سفيان ، ونختار لهذه الأُمّة رجلاً لمْ يحضر في شيء مِن الفتنة ، ولمْ يغمس يده فيها.

فبادر أبو موسى يسأل عن الرجل الذي لمْ ينغمس في الفتنة قائلاً :

__________________

(١) روى سويد بن غفلة قال : كنت مع أبي موسى الأشعري على شاطئ الفرات في خلافة عثمان ، فروى لي خبراً عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : سمعته يقول : «إنّ بني إسرائيل اختلفوا فلمْ يزل الاختلاف بينهم حتّى بعثوا حكمين ضالّين ضلاّ وأضلاّ مَنْ اتّبعهما ، ولا تنفك أمر اُمّتي حتّى يبعثوا حكمين يضلاّن ويضلاّن مَنْ اتّبعهما». فقلت له : احذر يا أبا موسي أن تكون أحدهما. قال : فخلع قميصه وقال : أبرأ إلى الله مِن ذلك كما برأ قميصي من هذا. جاء ذلك في شرح نهج البلاغة ١٣ / ٣١٥.

٧٦

مَنْ يكون ذلك؟

وكان ابن العاص قد عرف ميول الأشعري واتجاهاته نحو عبد الله بن عمر فقال : إنّه عبد الله بن عمر. وسرّ الأشعري بذلك واندفع يطلب منه العهود على الالتزام بما قاله : كيف لي بالوثيقة منك؟

ـ يا أبا موسى ، ألا بذكر الله تطمئن القلوب. خذ منّي العهود والمواثيق حتّى ترضى.

ولم يبقَ يميناً إلاّ أقسم على الالتزام بما قاله ، وأيقن الأشعري بمقالة ابن العاص ، فأجابه بالرضا والقبول ، وعيّنا وقتاً خاصاً يذيعان فيه ما اتفقا عليه.

وأقبلت الساعة الرهيبة التي كانت تنتظرها الجماهير بفارغ الصبر ، وأقبل الماكر ابن العاص مع زميله الأشعري إلى منصة الخطابة ليعلنا للناس ما اتّفقا عليه ، واتّجه ابن العاص نحو الأشعري فقال له : قم فاخطب الناس يا أبا موسى.

ـ قم أنت فاخطبهم.

وراح ابن العاص يخادع الأشعري قائلاً له : سبحان الله! أنا أتقدمك وأنت شيخ أصحاب رسول الله! والله ، لا فعلت ذلك أبداً.

داخل الأشعري العجب بنفسه مِن هذه الألقاب الفخمة التي أضفاها عليه ابن النابغة ، وطلب الخامل المخدوع مِن ابن العاص الأيمان أنْ يفي له بما قال ، فأقسم له على الوفاء بما اتّفقا عليه(١) ، ولمْ تخفَ هذه

__________________

(١) العقد الفريد ٣ / ٣١٥.

٧٧

الخديعة على حبر الأُمّة عبد الله بن عباس ، فالتفت إلى الأشعري يحذّره مِنْ مكيدة ابن العاص قائلاً له : ويحك! والله إنّي لأظنّه قد خدعك. إنْ اتفقتما على أمر فقدّمه فليتكلّم بذلك الأمر قبلك ، ثم تكلّم أنت بعده ؛ فإنّ عمراً رجل غادر لا آمن مِنْ أنْ يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه ، فإذا قمت في الناس خالفك.

ولمْ يعنَ الغبي بابن عباس ، وإنّما راح يشتدّ نحو منصّة الخطابة ، فلمّا استوى عليها حمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، ثم قال : أيّها الناس ، إنّا قد نظرنا في أمرنا فرأينا أقرب ما يحضرنا مِن الأمن والصلاح ، ولَمِّ الشعث ، وحقن الدماء ، وجمع الأُلفة خلعنا عليّاً ومعاوية ، وقد خلعت عليّاً كما خلعت عمامتي هذه ـ وأهوى إلى عمامته فخلعها ـ واستخلفنا رجلاً قد صحب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بنفسه ، وصحب أبوه النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، فبرز في سابقته وهو عبد الله بن عمر(١) .

أُفٍّ للزمان! وتعساً للدهر أنْ يتحكّم في المسلمين أمثال هؤلاء الصعاليك الذين ران الجهل على قلوبهم!

لقد عزل الأشعري الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) حكيم هذه الأُمّة ، ورائد العدالة الكبرى في الأرض ، الذي طوّق الدين بعبقرياته ومواهبه. لقد جعل الأشعري قيادة الأُمّة بيد عبد الله بن عمر وهو لا يحسن طلاق زوجته على حدّ تعبير أبيه. إنّها مِن مهازل الزمن التي تمثّلت على مسرح الحياة العامّة في ذلك العصر الذي أُخمدت فيه أضواء العقل ، وراح الإنسان يسير خلف رغباته وميوله.

وعلى أيّ حالٍ ، فقد انبرى الخاتل الماكر ابن العاص إلى منصّة الخطابة

__________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٣٩.

٧٨

فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :

أيّها الناس ، إنّ أبا موسى عبد الله بن قيس خلع عليّاً ، وأخرجه مِن هذا الأمر الذي يطلب وهو أعلم به ، ألا وإنّي خلعت عليّاً معه وأثبتّ معاوية عليَّ وعليكم. وإنّ أبا موسى قد كتب في الصحيفة(١) أنّ عثمان قد قُتِلَ مظلوماً شهيداً ، وأنّ لوليه أنْ يطلب بدمه حيث كان ، وقد صحب معاوية رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بنفسه ، وصحب أبوه النّبي (صلّى الله عليه وآله). ثم أخذ يثني على معاوية ويصفه بما هو ليس أهلاً له ، ثم قال : هو الخليفة علينا ، وله طاعتنا وبيعتنا على الطلب بدم عثمان(٢) .

واشتدّ الأشعري نحو ابن العاص بعد ما غرّر به ونكث عهده ، فصاح به : ما لك عليك لعنة الله! ما أنت إلاّ كمثل الكلب إنْ تحمل عليه يلهث ، وإنْ تنركه يلهث. فزجره ابن العاص : لكنّك مثل الحمار يحمل أسفاراً.

وصدق كلّ منهما في وصف صاحبه ، لقد جرّ هذا التحكيم إلى الأُمّة كثيراً مِن المصاعب والفتن ، وأخلد لها الخطوب والويلات.

وماج العراقيون في الفتنة ، وأيقنوا بضلال ما أقدموا عليه ، وانهزم الأشعري نحو مكّة يصحب معه العار والخزي له ولذرّيّته(٣) ، فقد غدر في

__________________

(١) وهي غير الصحيفة التي تمّ عليها إيقاف القتال.

(٢) أنساب الأشراف ١ / ق ١ ، الإمامة والسياسة ١ / ١٤٣.

(٣) لقد كان الناس يحقّرون ذرّية أبي موسى ويسخرون منهم ، فقد سمع الفرزدق أبا بردة بن أبي موسى يقول : كيف لا أتبختر وأنا ابن أحد الحكمين! فردّ عليه الفرزدق قائلاً : أمّا أحدهما فمائق ؛ وأمّا الآخر

٧٩

المسلمين غدرة منكرة ، وأكثر شعراء ذلك العصر في هجاء الكوفيين وهجاء الأشعري.

يقول أيمن بن خريم الأسدي :

لو كان للقومِِ رأيٌ يُعصمون به

مِن الضلال رموكُم بابنِ عبّاسِ

لله درّ أبيه أيُّما رجلٍ

ما مثلُهُ لفصالِ الخطب في الناسِ

لكنْ رموكُمْ بشيخٍ مِن ذوي يمنٍ

لمْ يدرِ ما ضربُ أخماسٍ لأسداسِ

إنْ يخلُ عمرو به يقذفْهُ في لُججٍ

يهوي به النّجمُ تيساً بين أتياسِ

أبلغ لديك علياً غير عاتبهِ

قول امرئٍ لا يرى بالحقِّ من باسِ

ما الأشعريّ بمأمونٍ أبا حسنٍ

فاعلمْ هُديتَ وليس العَجزُ كالراسِ

فاصدم بصاحبكَ الأدنى زعيمَهُمُ

إنّ ابن عمّك عباسٍ هو الآسي(١)

وظفر معاوية بالنصر ، فقد عاد إليه أهل الشام يسلّمون عليه بإمرة المؤمنين ، وأمّا الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقد أغرق جيشه في الفتنة والفرقة والخلاف ، فجعل بعضهم يتبرأ مِنْ بعض ، وقد شاع فيهم الخلاف ، وعرفوا وبال ما جنت أيديهم ، فخطب الإمام الحسن (عليه السّلام) خطاباً مسهباً دعاهم فيه إلى الأُلفة والمودّة ، وكذلك خطب فيهم عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن جعفر ، وقد شجبا في خطابهما التحكيم ، ودعا الناس إلى الطاعة ونبذ الخلاف(٢) ، وقد استجاب لهم بعض الناس ، وأصرّ آخرون على التمرّد والعصيان.

ولمّا انتهى خبر التحكيم إلى الإمام (عليه السّلام) بلغ به الحزن أقصاه ، فجمع الناس وخطبهم خطاباً مؤثّراً ، صعّد فيه آلامه وأحزانه على مخالفة أوامره في إيقاف

__________________

ففاسق فكن ابن أيّهما شئت. جاء ذلك في شرح نهج البلاغة ١٩ / ٣٥٣.ونظر رجل إلى بعض ولد أبي موسى يختال في مشيته ، فقال : ألا ترون مشيته؟! كأن أباه خدع عمرو بن العاص!

(١) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ١ / ٥٢٩.

(٢) أنساب الأشراف ١ / ق ١.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

يخفى سخافة هذا الاحتمال(1) .

أقول : فيمشكا : ابن عمرو بن سعيد الزيّات الثقة ، عنه علي بن محمّد بن السندي(2) ، ومحمّد بن خالد البرقي. وهو عن الرضاعليه‌السلام (3) .

2796 ـ محمّد بن عمرو بن العاص :

ابن وائل السهمي ، عداده في الشاميّين ، وكان مع معاوية يوم صفّين ،ل (4) .

2797 ـ محمّد بن عمرو بن عبد الله :

ابن عمرو بن مصعب بن الزبير بن العوام ، متكلّم حاذق ، من أصحابنا ،صه (5) .

وزادجش : له كتاب في الإمامة حسن يعرف بكتاب الصورة(6) .

2798 ـ محمّد بن عمر :

واقفي ،ظم (7) . ومضى : ابن عمرو(8) .

2799 ـ محمّد بن عمر بن أُذينة :

غلب عليه اسم أبيه ، مدني ، مولى عبد القيس ، ق(9) ». وتقدّم ما فيه‌

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 312.

(2) في المصدر : علي بن محمّد السندي.

(3) هداية المحدّثين : 247. والمذكور عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

(4) رجال الشيخ : 30 / 49.

(5) الخلاصة : 154 / 86.

(6) رجال النجاشي : 339 / 909 ، وفيه بدل عمرو بن مصعب : عمر بن مصعب.

(7) رجال الشيخ : 362 / 46.

(8) عن الخلاصة : 251 / 16.

(9) رجال الشيخ : 322 / 682.

١٤١

في أبيه(1) (2) .

2800 ـ محمّد بن عمر البغدادي :

الحافظ(3) ، هو ابن عمر بن محمّد بن سلم ،تعق (4) .

2801 ـ محمّد بن عمر الجرجاني :

مختلط الأمر ، قاله أبو العبّاس بن نوح ،صه (5) .

وزادجش : عنه أحمد بن أبي عبد الله(6) .

أقول : فيلم : محمّد بن عمرو الجرجاني بغدادي روى عنه البرقي(7) . وهو هذا.

وذكر الميرزا ما فيلم على حدة(8) ظنّاً منه التعدّد ، ( وتبعه أيضاً فيمشكا حيث قال في باب ابن عمرو : وابن عمرو الجرجاني ، عنه أحمد بن أبي عبد الله البرقي(9) . ثمّ قال في باب ابن عمر : ابن عمر الجرجاني ، عنه أحمد بن أبي عبد الله )(10) .

2802 ـ محمّد بن عمر الزيّات :

له كتاب رويناه بهذا الإسناد عن أحمد بن أبي عبد الله ،ست (11) .

__________________

(1) في المنهج : وتقدّم ما فيه في عمر بن أُذينة.

(2) عن رجال الكشّي : 334 / 612.

(3) ذكره الصدوق بهذا العنوان في عيون أخبار الرضاعليه‌السلام 2 : 68 / 316.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 312.

(5) الخلاصة : 255 / 47 وفيها : ابن عمرو ، وفي النسخة الخطيّة منها : ابن عمر.

(6) رجال النجاشي : 344 / 929.

(7) رجال الشيخ : 513 / 121 وفيه : ابن عمر ، وفي مجمع الرجال : 6 / 9 نقلاً عنه : ابن عمر ، عمرو ( خ ل ).

(8) منهج المقال : 312.

(9) هداية المحدّثين : 247.

(10) هداية المحدّثين : 247. وما بين القوسين لم يرد في نسخة « ش ».

(11) الفهرست : 154 / 695 ، وفيه : ابن عمرو.

١٤٢

والإسناد : جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة(1) .

وفيتعق : يحتمل كونه ابن عمرو السابق(2) .

2803 ـ محمّد بن عمر الزيدي :

له كتاب الفرائض عن الصادقعليه‌السلام ،صه (3) .

وزادست : أخبرنا ابن عبدون(4) ، عن الدوري ، عن أبي محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي ابن أخي طاهر ، عن الحسن بن قادم الدمشقي ، عن أبيه ، عن علي بن جعفر البصري ، عنه(5) .

وفيد : لم (6) . وهو كما ترى.

أقول : ذكرهصه ود في القسم الأوّل ، فتأمّل.

وفيمشكا : ابن عمر الزيدي ، عنه علي بن جعفر البصري(7) .

2804 ـ محمّد بن عمر بن سلام :

الجعابي أبو بكر ، أخبرنا عنه محمّد بن محمّد بن النعمان ،لم (8) . ويأتي : ابن عمر بن محمّد سالم(9) .

__________________

(1) الفهرست : 154 / 692.

(2) لم يرد له ذكر في نسخنا من التعليقة.

(3) الخلاصة : 146 / 42.

(4) في نسخة « م » : أحمد بن عبدون.

(5) الفهرست : 151 / 658.

(6) رجال ابن داود : 180 / 1469.

(7) هداية المحدّثين : 247. وما ذكر عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

(8) رجال الشيخ : 513 / 118 ، وفيه : ابن سلم.

(9) في المنهج : 312 : وسيأتي أنّه ابن عمر بن محمّد بن سالم ، انتهى. وذلك في ترجمة محمّد بن عمر بن محمّد بن سلم.

١٤٣

أقول : فيمشكا : ابن عمر بن سلام ، عنه المفيد(1) .

2805 ـ محمّد بن عمر بن عبد العزيز :

الكشّي ، يكنّى أبا عمرو ، بصير بالأخبار والرجال ، حسن الاعتقاد ، وكان ثقةً عيناً ، روى عن الضعفاء ، وصحب العيّاشي وأخذ عنه وتخرّج عليه ، له كتاب الرجال كثير العلم إلاّ أنّ فيه أغلاطاً كثيرة ،صه (2) .

وفيجش : كان ثقةً عيناً ، وروى عن الضعفاء كثيراً ، وصحب العيّاشي وأخذ عنه وتخرّج عليه في داره الّتي كانت مرتعاً للشيعة وأهل العلم ، له كتاب الرجال كثير العلم إلاّ أنّ فيه أغلاطاً(3) كثيرةً ، جعفر بن محمّد عنه بكتابه(4) .

وفيست : ثقة ، بصير بالأخبار والرجال ، حسن الاعتقاد ، وله كتاب الرجال ، أخبرنا جماعة ، عن أبي محمّد هارون بن موسى ، عنه(5) .

وفيلم : من غلمان العيّاشي ، ثقة ، بصير بالرجال والأخبار ، مستقيم المذهب(6) .

أقول : ذكر جملة من مشايخنا أنّ كتاب رجاله المذكور كان جامعاً لرواة العامّة والخاصّة خالطاً بعضهم ببعض ، فعمد إليه شيخ الطائفة طاب مضجعه فلخّصه وأسقط منه الفضلات وسمّاه باختيار الرجال ، والموجود في هذه الأزمان بل وزمان العلاّمة وما قاربه إنّما هو اختيار الشيخ لا الكشّي‌

__________________

(1) هداية المحدّثين : 247. وما ورد عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

(2) الخلاصة : 146 / 39.

(3) في المصدر : وفيه أغلاط.

(4) رجال النجاشي : 372 / 1018.

(5) الفهرست : 141 / 614.

(6) رجال الشيخ : 497 / 38.

١٤٤

الأصل.

وفيمشكا : ابن عمر بن عبد العزيز الثقة ، عنه هارون بن موسى. وهو عن العيّاشي(1) .

2806 ـ محمّد بن عمر بن عبيد :

الأنصاري العطّار الكوفي مولاهم ، وهو ابن أبي حفص ، أسند عنه ،ق (2) .

وزادصه : من أصحاب الصادقعليه‌السلام (3) .

ثمّ زادا : قيل إنّه قيل إنّه كان يعدل بألف رجل ، مات سنة ستّ وسبعين ومائة.

2807 ـ محمّد بن عمر بن علي :

ابن الحسينعليه‌السلام الهاشمي المدني ، أسند عنه ، مات سنة إحدى وسبعين(4) ومائة ، وله أربع وستّون(5) سنة ، ق(6) ».

2808 ـ محمّد بن عمر بن محمّد :

ابن سلم بغير ميم بن البراء بن سبرة بن سيّار بالراء التميمي أبو بكر المعروف بالجعابي الحافظ القاضي ، كان من حفّاظ الحديث وأجلاّء أهل العلم والناقدين للحديث ،صه (7) .

__________________

(1) هداية المحدّثين : 247. وما ورد عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

(2) رجال الشيخ : 296 / 254.

(3) الخلاصة : 138 / 8.

(4) في نسخة « ش » : وثمانين.

(5) في نسخة « ش » : وأربعون.

(6) رجال الشيخ : 279 / 2 ، وفيه : ابن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام . إلى آخره.

(7) الخلاصة : 146 / 41.

١٤٥

جش إلاّ الترجمة إلى قوله : أهل العلم ؛ وفيه سلام بالألف ، ويسار بدل سيّار(1) .

وقالشه : ( قالد : إنّه ابن سالم ، ابن يسار )(2) ، وبعض أصحابنا توهّم سلماً حيث رآه بغير ألف حتّى أوقعه هذا الوهم إلى أن قال : سلم بغير ميم ، كأنّه(3) احترز أنْ يُتوهّم مسلماً بالميم ؛ وأثبت جدّه سيّار وإنّما هو يسار بتقديم الياء(4) ، انتهى(5) .

ثمّ زادجش : له كتاب الشيعة من أصحاب الحديث وطبقاتهم ، وهو كتاب كبير سمعناه من أبي الحسين محمّد بن عثمان ، وأخبرنا بسائر كتبه شيخنا أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمانرضي‌الله‌عنه .

وفيست : أحد الحفّاظ والناقدين للحديث ، أخبرنا عنه(6) بلا واسطة الشيخ أبو عبد الله وأحمد بن عبدون(7) .

وفيتعق : في أمالي الصدوق : محمّد بن عمر بن محمّد بن سلمة البراء الحافظ(8) ، وفي الخصال : ابن سالم البراء(9) ، ومضى : عمر(10) بن‌

__________________

(1) رجال النجاشي : 394 / 1055 ، وفيه : سالم ، وسيار بدل يسار.

(2) ما بين القوسين لم يرد في نسخة « م ».

(3) في نسخة « م » : كان.

(4) رجال ابن داود : 181 / 1473.

(5) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : 69.

(6) في نسخة « ش » : به.

(7) الفهرست : 151 / 651 ، وفيه : محمّد بن عمر بن مسلم الجعابي ، وفي مجمع الرجال : 6 / 12 نقلاً عنه : ابن سالم.

(8) الأمالي : 189 / 9 ، وفيه : ابن البراء.

(9) الخصال : 303 / 80 ، وفيه : ابن البراء.

(10) في نسخة « ش » : عمرو.

١٤٦

محمّد بن سليم(1) ، وبالجملة : تختلف النسخ في ذلك. هذا وروى عنه الصدوق(2) مترحّماً(3) .

وفي الوجيزة أنّه أُستاذ المفيد(4) (5) .

أقول : فيمشكا : ابن عمر بن محمّد بن سلم عنه المفيد ، والظاهر اتّحاده مع ابن عمر بن سلام ، وعنه التلعكبري ، وأحمد بن عبدون(6) .

أقول : في أنساب السمعاني : الجِعابي بكسر الجيم وفتح العين المهملة وفي آخرها الباء الموحّدة اشتهر بهذه النسبة أبو بكر محمّد بن عمر بن محمّد بن سالم بن البراء بن سبرة بن يسار(7) التميمي المعروف بابن الجعابي قاضي الموصل ، كان أحد الحفّاظ المجودين المشهورين بالحفظ والذكاء والفهم ، صحب أبا العبّاس ابن عقدة الكوفي الحافظ وعنه أخذ ، وله تصانيف كثيرة ، وكان كثير الغرائب ، ومذهبه في التشيّع معروف. إلى أن قال : وكان إماماً في معرفة نقل الحديث(8) وثقات الرجال وضعفائهم وأسمائهم وأنسابهم وكناهم ومواليدهم وأوقات وفاتهم ومذاهبهم وما يطعن به على كلّ واحد وما يوصف به من الشذاذ(9) ، وكان في آخر عمره قد انتهى هذا العلم إليه حتّى لم يبقَ في زمانه مَن يتقدّمه فيه‌

__________________

(1) عن الفهرست : 114 / 504 والخلاصة : 119 / 3.

(2) الصدوق ، لم ترد في نسخة « ش ».

(3) الخصال : 303 / 80 ، وورد فيه الترضّي بدل الترحّم.

(4) الوجيزة : 311 / 1746.

(5) تعليقة الوحيد البهبهاني : 312.

(6) هداية المحدّثين : 247. والمنقول عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

(7) في المصدر : ابن سلم. ابن سيّار.

(8) في المصدر : في المعرفة بعلل الحديث.

(9) في المصدر : من السداد.

١٤٧

في الدنيا ، وقال أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي : سمعت الجعابي يقول : أحفظ أربعمائة ألف حديث وأُذاكر بستمائة ألف حديث ، وكانت ولادته في صفر سنة خمس(1) وثمانين ومائتين ، وقيل : سنة ستّ وثمانين ومائتين ، ومات ببغداد في النصف من رجب سنة أربع وأربعين(2) وثلاثمائة(3) .

2809 ـ محمّد بن عمران العجلي :

للصدوق طريق إليه(4) وحسّنه خالي لذلك(5) ، وطريقه إليه إلى ابن أبي عمير صحيح وهو يروي عنه(6) ، وفي ذلك إشعار بوثاقته ،تعق (7) .

2810 ـ محمّد بن عوام الخلقاني :

روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، كوفي ثقة قليل الحديث ،صه (8) .

وزادجش : له كتاب ، عنه به علي بن حسّان(9) .

أقول : فيمشكا : ابن عوام الثقة ، علي بن حسّان عنه(10) .

2811 ـ محمّد بن عيّاش بن عروة :

__________________

(1) في المصدر : أربع.

(2) في المصدر : خمس وخمسين.

(3) الأنساب : 3 / 263. والمذكور عن الأنساب.

(4) الفقيه المشيخة ـ : 4 / 93.

(5) الوجيزة : 410 / 313.

(6) الفقيه المشيخة ـ : 4 / 93 بسنده عن محمّد بن علي ماجيلويهرضي‌الله‌عنه عن عمّه محمّد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن محمّد بن أبي عمير عنه.

(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 312.

(8) الخلاصة : 157 / 114.

(9) رجال النجاشي : 356 / 953.

(10) هداية المحدّثين : 143. والمنقول عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

١٤٨

العامري الكوفي ، أسند عنه ، ق(1) ».

2812 ـ محمّد بن عيسى بن عبد الله :

ابن سعد بن مالك الأشعري أبو علي ، شيخ القمّيّين ووجه الأشاعرة ، متقدّم عند السلطان ، ودخل على الرضاعليه‌السلام وسمع منه ، وروى عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ،صه (2) .

وزادجش : له كتاب الخطب ، عنه به ابنه أحمد(3) .

وفيتعق : صحّح العلاّمة طريقاً هو فيه(4) ، وفي حاشية البلغة عن مصنّفها : جزم شيخنا الشهيد الثاني في شرح الشرائع في بحث البهيمة الموطوءة بتوثيقه(5) ونظم حديثه في الصحيح ، وجزم به بعض مشايخنا والمعاصر دام فضله في الوجيزة(6) ، وليس بذلك البعيد(7) ، انتهى(8) .

أقول : فيمشكا : ابن عيسى بن عبد الله بن سعد شيخ القمّيين ووجه الأشاعرة ، عنه أحمد بن محمّد ابنه.

وهو عن ابن أبي عمير ، وعن الرضا وأبي جعفر ( سلام الله عليها ).

قالشه في حاشيته علىصه : المصنِّفرحمه‌الله يصف الروايات الّتي هو فيها بالصحّة(9) .

__________________

(1) رجال الشيخ : 296 / 258.

(2) الخلاصة : 154 / 83.

(3) رجال النجاشي : 338 / 905.

(4) مختلف الشيعة : 1 / 290 ، التهذيب 1 : 90 / 237.

(5) مسالك الأفهام : 2 / 192 حجري‌

(6) الوجيزة : 311 / 1751.

(7) بلغة المحدّثين : 413.

(8) تعليقة الوحيد البهبهاني : 312.

(9) لم ترد هذه العبارة في نسختنا من تعليقة الشهيد الثاني.

١٤٩

وقال الشيخ عبد النبي : لا يبعد توثيقه ممّا ذكر من كونه شيخ القمّيين ووجه الأشاعرة ومن قرائن اخرى(1) ، انتهى(2) .

2813 ـ محمّد بن عيسى الطلحي :

له دعوات الأيام الّتي تنسب إليه يقال : أدعية الطلحي ، أخبرنا بها ابن أبي جيد ، عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسين بن عبد العزيز ، عن محمّد بن عيسى الطلحي ،ست (3) .

وفيتعق : فيه ما أشرنا إليه في ابن علي بن عيسى(4) .

أقول : فيمشكا : ابن عيسى الطلحي ، محمّد بن الحسين بن عبد العزيز عنه(5) .

2814 ـ محمّد بن عيسى بن عبيد :

ابن يقطين بن موسى مولى أسد بن خزيمة ، أبو جعفر ، جليل في أصحابنا ، ثقة ، عين ، كثير الرواية ، حسن التصانيف ، يروي عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام مكاتبة ومشافهة ؛ ذكر أبو جعفر بن بابويه عن ابن الوليد أنّه قال : ما تفرّد به محمّد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يعتمد عليه ؛ ورأيت أصحابنا ينكرون هذا القول ويقولون : مَن مثل أبي جعفر محمّد بن عيسى.

قال أبو عمرو : قال القتيبي : كان الفضل بن شاذان يحبّ العبيدي ويثني عليه ويمدحه ويميل إليه ويقول : ليس في أقرانه مثله ، وبحسبك هذا‌

__________________

(1) حاوي الأقوال : 141 / 550.

(2) هداية المحدّثين : 248. والمذكور عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

(3) الفهرست : 130 / 587.

(4) لم يرد له ذكر في نسخنا من التعليقة.

(5) هداية المحدّثين : 248. والمذكور عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

١٥٠

الثناء من الفضلرحمه‌الله ،جش (1) .

وفيست : ضعيف استثناه أبو جعفر بن بابويه من رجال نوادر الحكمة وقال : لا أروي ما يختصّ بروايته ، وقيل : إنّه كان يذهب مذهب الغلاة ، أخبرنا بكتبه ورواياته جماعة ، عن التلعكبري ، عن ابن همّام ، عنه(2) .

وفيضا : بغدادي(3) . وزاد فيكر : يونسي(4) . وفيدي : ضعيف(5) . وكذا فيلم (6) .

وفيصه بعد ذكر ما فيكش وجش وست : الأقوى عندي قبول روايته(7) .

وفيتعق : قال جدّي : الظاهر أنّ تضعيف الشيخ لتضعيف الصدوق ، وتضعيفه لتضعيف ابن الوليد ، وتضعيف ابن الوليد لاعتقاده أنّه يعتبر في الإجازة أن يقرأ على الشيخ أو يقرأ(8) الشيخ ويكون السامع فاهماً لما يرويه ، وكان لا يعتبر الإجازة المشهورة بأن يقال : أجزت لك أن تروي عنّي ، وكان محمّد صغير السن ولا يعتمدون على فهمه عند القراءة ولا على إجازة يونس له.

وأمّا ذكر غلوّه فذكره الشيخ بقيل ولم ينقلوا عنه ما يشعر به ، بل مع‌

__________________

(1) رجال النجاشي : 333 / 896.

(2) الفهرست : 140 / 611.

(3) رجال الشيخ : 393 / 76.

(4) رجال الشيخ : 435 / 3.

(5) رجال الشيخ : 422 / 10.

(6) رجال الشيخ : 511 / 111.

(7) الخلاصة : 141 / 22.

(8) في المصدر : أو يقرأه.

١٥١

تتبّعي كتب الأخبار جميعاً لم أطّلع على شي‌ء يوجب طرح خبره(1) ، انتهى.

وقال الشيخ محمّد : والظاهر أنّ منشأ توهّم الشيخ ضعفه قول ابن بابويه عن ابن الوليد ، وفي القدح بهذا تأمّل لاحتمال كون ذلك لغر الفسق ، وما قيل من احتمال صغر السن أو غيره(2) ممّا يوجب الإرسال قد يشكل باقتضائه الطعن فيه من حيث إنّه تدليس ، وقد يمكن الجواب بأنّ أهل الدراية غير متّفقين على المنع من الرواية إجازة من دون ذكر هذه اللفظة ، فعلى هذا لا قدح لاحتمال تجويزه ذلك.

أقول : الظاهر أنّ بناء تضعيفه على ما ذكره ، ويمكن أن يوجّه عدم اعتماده على ما تفرّد به من كتب يونس أنّه من جهة انقطاع الإسناد إليه كما هو الحال في استثنائه ، مع أنّ الجارح في الحقيقة إنّما هو ابن الوليد ، والصدوق تبعه لحسن ظنّه به كما هو غير خفّي على العارف بحاله معه وما ذكره في أوّل الفقيه بالنسبة إليه(3) ، وأمّا الشيخ فمتابعته ظاهرة ، وقول القيل‌

__________________

(1) روضة المتّقين : 14 / 54.

(2) في نسخة « ش » : وغيره.

(3) الفقيه : 1 / 3 و 5 ، حيث وصف جامعه بأنّه مشهور وعليه المعوّل المرجع.

وقال في ذيل خبر صوم يوم الغدير : وأمّا خبر صلاة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه ، فإنّ شيخنا محمّد بن الحسن رضي‌الله‌عنه كان لا يصحّحه ويقول : إنّه من طريق محمّد بن موسى الهمداني وكان غير ثقة وكلّ ما لم يصحّحه ذلك الشيخ قدّس الله روحه ولم يحكم بصحّته من الأخبار فهو عندنا متروك غير صحيح. الفقيه 2 : 55 / 241.

وقال أيضاً في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام 2 : 21 / 45 في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الأخبار المنثورة : قال مصنّف هذا الكتاب رضي‌الله‌عنه : كان شيخنا محمّد بن الحسن بن الوليد رضي‌الله‌عنه : عنه سي‌ء الرأي في محمّد بن عبد الله المسمعي راوي هذا الحديث ، وإنّما أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب لأنّه كان في كتاب الرحمة وقد قرأته عليه فلم ينكره ورواه لي.

١٥٢

لم يثبت بَعْد الاعتداد به بحيث يقاوم مثلجش ، مع أنّ المعدّل جماعة ومنهم ابن نوح(2) وعبائرهم صريحة ، وكلام الجارح كما رأيته يعطي عدم التأمّل في شأنه نفسه ، ولا بُدّ من حمل عبارته المطلقة على المقيّدة.

وفي الوجيزة : ثقة(3) (4) .

أقول : فيمشكا : ابن عيسى بن عبيد المختلف في شأنه ، عنه عبد الله بن جعفر الحميري ، وسعد بن عبد الله ، وعلي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عنه ، وعنه أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عيسى ، ومحمّد بن الحسن الصفّار ، ومحمّد بن أحمد بن يحيى ، ومحمّد بن علي بن محبوب.

وما في بعض الأخبار : عن أبي جعفر عن أبيه عن محمّد بن عيسى(1) . فلا يخفى ما فيه ، ويمكن أن يكون محمّد بن عيسى المروي عنه هو العبيدي اليقطيني فلا إشكال ، هذا على تقدير ثبوت « عن »(12) .

2815 ـ محمّد بن فرات الجعفي :

كوفي ، ضعيف ، له كتاب ، عبّاد بن يعقوب عنه به ،جش (13) .

وفيصه عنغض : ضعيف ابن ضعيف(14) .

__________________

(2) قال النجاشي في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى : 348 / 939 : قال أبو العبّاس بن نوح : وقد أصاب شيخنا أبو جعفر محمّد بن الحسن بن الوليد في ذلك كلّه وتبعه أبو جعفر بن بابويهرحمه‌الله على ذلك إلاّ في محمّد بن عيسى بن عبيد فلا أدري ما رابه فيه ، لأنّه كان على ظاهر العدالة والثقة.

(3) الوجيزة : 311 / 1752.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 313.

(1) التهذيب 2 : 318 / 1301 ، الاستبصار 1 : 343 / 1291 ، 402 / 1535.

(12) هداية المحدّثين : 248. وما ذكر عن الهداية لم يرد في نسخة « ش ».

(13) رجال النجاشي : 363 / 976.

(14) الخلاصة : 245 / 39.

١٥٣

وفيكش أخبار متعددة في ذمّه(1) . ومضى في بنان ذمّه(2) .

أقول : فيمشكا : ابن فرات ، عنه عبّاد بن يعقوب ، ومحمّد بن الوليد ، وجعفر بن الفضيل(3) .

2816 ـ محمّد بن الفرج الرُّخَجى :

ثقة ،ضا (4) . وفيدي : ابن الفرج(5) . وزاد فيج : الرخجي من أصحاب الرضاعليه‌السلام (6) .

وزادصه علىضا : من أصحاب أبي الحسن الرضاعليه‌السلام (7) .

وفيضح : الراء ثمّ المعجمة المفتوحة والجيم بعدها ، قرية بكرمان(8) .

وفيجش : روى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، له كتاب مسائل(9) .

وفي الإرشاد روايات في مدحه(10) .

2817 ـ محمّد بن الفضل :

دي (11) وزادضا : الأزدي كوفي ثقة(12) .

__________________

(1) رجال الكشّي : 554 / 1046 1046.

(2) عن رجال الكشّي : 302 / 544 ، وفيه قول الإمام أبو الحسن الرضاعليه‌السلام : والّذي يكذب عليَّ محمّد بن فرات.

(3) هداية المحدّثين : 144. وما ذكر عن الهداية لم يرد في نسخة « ش ».

(4) رجال الشيخ : 378 / 9 ، وذكره ثانياً من دون توثيق : 392 / 71.

(5) رجال الشيخ : 422 / 3.

(6) رجال الشيخ : 405 / 2.

(7) الخلاصة : 140 / 16.

(8) إيضاح الاشتباه : 285 / 657 ، ولم يرد فيه : قرية بكرمان.

(9) رجال النجاشي : 371 / 1014.

(10) الإرشاد : 2 / 304 306.

(11) رجال الشيخ : 432 / 19.

(12) رجال الشيخ : 386 / 3.

١٥٤

وزادصه قبل ثقة : من أصحاب أبي الحسن الرضاعليه‌السلام (1) .

أقول : فيمشكا : ابن الفضل الأزدي الثقة يعرف بما سنذكره في ابن الفضيل مصغّراً(2) .

2818 ـ محمّد بن الفضل بن زيدويه :

الهمداني ، يروي عنه الصدوق مترضّياً(3) ،تعق (4) .

2819 ـ محمّد بن الفضل بن عبيد الله :

ابن أبي رافع المدني أبو عبد الله أسند عنه ، ق(5) ».

2820 ـ محمّد بن الفضل بن عطيّة :

الخراساني ، أسند عنه ، ق(6) ».

2821 ـ محمّد بن الفضيل :

بالياء ، من أصحاب الرضاعليه‌السلام ، أزدي صيرفي ، يرمى بالغلو ،صه (7) .

وزادضا : له كتاب(8) .

وفيظم : ابن فضيل الأزدي الكوفي ضعيف(9) .

وفيست : ابن الفضيل الأزرق له كتاب ، أخبرنا به ابن أبي جيد ، عن محمّد بن الحسن ، عن سعد والحميري ، عن أحمد بن محمّد بن‌

__________________

(1) الخلاصة : 139 / 13.

(2) هداية المحدّثين : 249. وما ذكر عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

(3) الخصال : 515 / 1 ، ولم يرد فيه الترضّي.

(4) لم يرد له ذكر في نسخنا من التعليقة.

(5) رجال الشيخ : 297 / 279.

(6) رجال الشيخ : 297 / 278.

(7) الخلاصة : 251 / 19.

(8) رجال الشيخ : 389 / 35.

(9) رجال الشيخ : 360 / 25.

١٥٥

عيسى وأحمد بن أبي عبد الله ، عن علي بن الحكم ، عنه(1) .

وفيجش : ابن فضيل بن كثير الصيرفي الأزدي أبو جعفر الأزرق روى عن أبي الحسن موسى والرضاعليهما‌السلام ، له كتاب ومسائل ، يرويها جماعة(2) .

وفيق : ابن فضيل بن كثير الأزدي كوفي صيرفي(3) .

وفيتعق : قال الفاضل التستري في حاشيته على التهذيب : الّذي يفهم من الصدوق في الفقيه حيث روى عن محمّد بن الفضيل عن أبي الصباح(4) ثمّ ذكر طريقه إلى محمّد بن الفضيل أنّ هذا هو محمّد بن الفضيل صاحب الرضاعليه‌السلام (5) ، ولم أعرف في كتب الرجال من أصحاب الرضا مَن يوصف بالبصري ، بل إنّما وصف بالأزدي وبالكوفي وضعّف ، انتهى.

والظاهر أنّ في نسخته من الفقيه سقطاً ، فإنّ الّذي وصفه بصاحب الرضاعليه‌السلام والبصري هو محمّد بن القاسم بن الفضيل الآتي. نعم لا يبعد إطلاق محمّد بن الفضيل عليه أيضاً ، والقرينة عليه رواية محمّد بن خالد البرقي أو عمرو بن عثمان أو سعد بن سعد عنه ، أو يروي عن الحسن بن الجهم(6) .

__________________

(1) الفهرست : 147 / 632.

(2) رجال النجاشي : 367 / 995.

(3) رجال الشيخ : 297 / 283.

(4) الفقيه 1 : 324 / 1485 ، 2 : 75 / 326 ، 209 / 955 ، 3 : 67 / 224 و 143 / 631 ، 4 : 15 / 23 و 75 / 231 و 142 / 485.

(5) الّذي وصف بكونه بصريّاً صاحب الرضاعليه‌السلام في مشيخة الفقيه إنّما هو محمّد بن القاسم بن الفضيل : 4 / 91 كما سيأتي التنبيه عليه ، وأمّا عنوان محمّد بن الفضيل فلم يرد له ذكر فيها.

(6) وقال السيّد الخوئيرحمه‌الله في رجاله : 17 / 147 : وهذا الّذي ذكره وإن كان محتملاً كما ذكره المجلسي في الوجيزة إلاّ أنّ الجزم به في غير محلّه ، فإنّ محمّد بن الفضيل الأزدي الصيرفي هو رجل معروف ذو كتاب وله روايات كثيرة ، فإطلاق محمّد بن الفضيل وإرادة محمّد بن القاسم بن الفضيل من دون قرينة إطلاق على خلاف قانون المحاورة ، فلا يصار إليه.

١٥٦

هذا ، والّذي يروي عن أبي الصباح روى عنه محمّد بن أحمد بن يحيى في الصحيح(1) ولم تستثن روايته ، ويروي عنه محمّد بن إسماعيل بن بزيع ويكثر(2) ، فتأمّل ، وكذا أحمد بن محمّد(3) والحسين بن سعيد(4) ومحمّد بن عبد الله بن زرارة(5) .

وفي النقد احتمال كونه محمّد بن القاسم بن الفضيل الثقة لأنّ الصدوق يكثر الرواية عنه عن أبي الصباح وذكر في المشيخة طريقه إلى محمّد بن القاسم بن الفضيل ولم يذكر إلى أبي الصباح وغيره مع كثرة الرواية عنه في الفقيه(6) ،

__________________

(1) التهذيب 3 : 132 / 290 بسنده عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن الفضيل عن أبي الصبّاح قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام .

(2) الكافي 1 : 362 / 5 و 5 : 431 / 6 و 6 : 60 / 13 ، التهذيب 7 : 286 / 1207 ، الإستبصار 3 : 170 / 620.

(3) الكافي 5 : 333 / 10 و 6 : 130 / 5 ، التهذيب 5 : 77 / 254 ، الاستبصار 2 : 166 / 547.

(4) الكافي 6 : 28 / 8 و 41 / 6 ، التهذيب 1 : 7 / 8 ، الاستبصار 1 : 80 / 250 و 2 : 115 / 374.

(5) التهذيب 1 : 390 / 1203 ، الإستبصار 111 : 143 / 489.

(6) في المصدرين ورد بدل قوله ( : ولم يذكر إلى أبي. إلى آخره ) : ولم يذكر في المشيخة طريقه إلى محمّد بن الفضيل أصلاً ، إلاّ أن يقال إنّ الشيخ لم يذكر في المشيخة طريقه إلى محمّد بن الفضيل كما لم يذكر طريقه إلى أبي الصباح الكناني وغيره مع أنّ روايته في الفقيه عنه كثيرة ، والله العالم. انظر نقد الرجال : 15 / 127 ترجمة إبراهيم بن نعيم العبدي أبو الصباح الكناني.

وقال السيّد الخوئي في معجمة : 17 / 148 : أنّ روايات أبي الصباح في الفقيه أكثر من رواية محمّد بن الفضيل ، وروى الصدوق في الفقيه عن أشخاص يزيد عددهم على مائة ولم يذكر طريقه إليهم في المشيخة ، وفيهم من هو كثير الرواية مثل محمّد بن الفضيل ، منهم : أبو عبيدة ، وبريد ، وجميل بن صالح ، وحمران بن أعين ، وموسى بن بكر ، ويونس بن عبد الرحمن ، إذاً لا دليل على أنّ محمّد بن الفضيل الّذي يروي عن أبي الصباح الكناني هو محمّد بن القاسم بن الفضيل.

١٥٧

انتهى(1) .

وعدّه(2) المفيد من فقهاء الأصحاب كما مرّ في زياد بن المنذر(3) ؛ وتروي(4) عنه الأجلّة وفي ذلك بعد قولجش « يرويها جماعة » شهادة واضحة على الاعتماد عليه ؛ والظاهر أنّ تضعيفظم لرميه بالغلو ، وفيه ما مرّ مراراً ، مضافاً إلى أنّ ظاهر أخباره عدمه كما هو ظاهرجش وغيره ، ( وجش أضبط من الشيخ ، مع أنّ الشيخ وأنّ ضعّفه فيظم إلاّ أنّه قال فيضا : يرمى بالغلو ، من دون تضعيف ولم يقل أيضاً غال ، فالظاهر توقّفه في ذلك ورجوعه عن تضعيفه ولذا لم يشر إلى ذلك فيست أصلاً ، مع أنّهرحمه‌الله هو الّذي عمل بروايته المنفردة المخالفة للقواعد كما فعل في شراء الدين(5) ، وغيره من المشايخ وافقه(6) ، ولما ذكر اقتصرصه ، ود (7) على‌

__________________

(1) من بداية كلام التعليقة إلى هنا لم يرد في نسخة « م ».

(2) في نسخة « م » : عدّه.

(3) الرسالة العدديّة : 25 31 ، ضمن سلسلة مصنّفات الشيخ المفيد : 9.

(4) في نسخة « م » تروي.

(5) ذكره الشيخقدس‌سره في التهذيب 6 : 189 / 401 و 191 / 410 روايتين منفردتين عنه تفيد جواز بيع الدين بأقل منه وأنّه لا يلزم المدين دفع أكثر ممّا دفعه المشتري لصاحب الدين ، وأفتى بمضمونها في كتابه النهاية : 311 في باب بيع الدين ، وذكر ابن إدريس في السرائر : 2 / 43 في باب وجوب قضاء الدين إلى الحيّ والميت ردا على ما تمسّك به الشيخ : فهل يحلّ لمحصّل وعامل بالأدلّة أن يرجع في ديانته إلى العمل بهذين الخبرين وفيهما ما فيهما من الاضطراب وأصلهما وراويهما واحد وهو محمّد بن الفضيل ، وأخبار الآحاد عندنا لا يعمل عليها ولا يرجع في الأدلّة إليها.

(6) فممّن وافق الشيخ على ذلك الشهيد في اللمعة : 4 / 21 ، وابن البراج كما ذكره العلاّمة في المختلف : 5 / 371.

(7) رجال ابن داود : 275 / 477 ، وذكره في قسم الممدوحين : 181 / 1481 قائلاً : محمّد بن فضيل بن كثير الصيرفي الأزدي الرقّي أبو جعفر الأزرق ق م ضا جخ جش.

١٥٨

« يرمى بالغلو » )(1) ، ولعلّه لهذا حكمشه بصحّة رواية الكناني وهو فيها.

وفي العيون رواية صريحة عن الرضاعليه‌السلام في تشيّعه وإنْ كان هو الراوي لها(2) ، فتدبّر(3) .

أقول : فيمشكا : ابن الفضيل الأزدي الثقة على ما في بعض النسخ ، عنه محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، وموسى بن القاسم ، والحسين بن سعيد.

والّذي يظهر من كتاب(4) الرجال أنّ محمّد بن الفضيل الأزدي غير محمّد بن الفضل ، لأنّهم ذكروا أنّ ابن الفضيل له كتاب وانّه الأزرق ولم ينصّوا عليه بتوثيق وذكروا أنّ الراوي عنه محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب(5) ، وهذه كلّها لم تذكر لمحمّد بن الفضل إلاّ التوثيق فإنّه وثّق ، ولذا لم يذكر الميرزارحمه‌الله الاتّحاد ولا احتمله مع عنايته لتحقيق الحال في تمييز الرجال.

قال الشيخ محمّد في حاشيته على الاستبصار : هذا الحديث ضعيف باشتراك محمّد بن الفضيل بين الضعيف والثقة.

__________________

(1) ما بين القوسين لم يرد في نسخنا من التعليقة.

(2) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام 2 : 221 / 39 ، وفيه أنّه قال : أصابني العرق المديني في جنبي ورجلي فدخلت على الرضاعليه‌السلام . إلى أن قال : فأشارعليه‌السلام إلى الّذي في جنبي تحت الإبط وتكلّم بكلام وتفل عليه ثمّ قالعليه‌السلام : ليس عليك بأس من هذا ، ونظر إلى الّذي في رجلي فقال : قال أبو جعفرعليه‌السلام : من بلي من شيعتنا ببلاء فصبر كتب الله عزّ وجلّ له مثل أجر ألف شهيد ، فقلت في نفسي : لا أبرأ والله من رجلي أبداً. الحديث.

(3) تعليقة الوحيد البهبهاني : 314.

(4) في المصدر : كتب.

(5) وهو الّذي وقع في طريق النجاشي إليه ، رجال النجاشي : 367 / 995.

١٥٩

واعترض أبوه على العلاّمة عند وصفه طريقاً بالصحّة بأنّ فيه محمّد بن الفضيل وهو مشترك بين جماعة من الضعفاء ولا قرينة على التمييز(1) ، انتهى.

قلت : كذا يحصل الضعف بطريق فيه محمّد بن الفضيل لأنّه مشترك بين ثقتين وجامعة مجاهيل(2) .

2822 ـ محمّد بن فضيل بن غزوان :

الضبّي ، مولاهم أبو عبد الرحمن ، ثقة ، ق(3) ».

وزادصه : من أصحاب الصادقعليه‌السلام ، وترجمة الحروف(4) .

وفيقب بعد أبو عبد الرحمن : الكوفي ، صدوق عارف رمي بالتشيّع ، من التاسعة ، مات سنة خمس وتسعين(5) .

وفيهب : ثقة شيعي(6) .

أقول (7) . وعن السمعاني أنّه كان يغلو في التشيّع ، وهو أُستاذ أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه(8) .

2823 ـ محمّد بن فضيل الكوفي :

الأزدي من أصحاب الكاظمعليه‌السلام ، ضعيف ،صه (9) . وهو الأزدي أبو‌

__________________

(1) في منتقى الجمان : 2 / 475 و 3 / 209 عدّ روايته من الصحيح.

(2) هداية المحدّثين : 249. وما ورد عن المشتركات لم يرد في نسخة « م ».

(3) رجال الشيخ : 297 / 281.

(4) الخلاصة : 138 / 5.

(5) تقريب التهذيب 9 : 200 / 628.

(6) تهذيب التهذيب 9 : 359 / 660.

(7) في نسخة « ش » : قلت.

(8) الأنساب : 8 / 145 ، إلاّ أنّ الّذي فيه : روى عنه أحمد بن حنبل وعلي بن المنذر الطريقي وأهل العراق.

(9) الخلاصة : 250 / 10.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470