فضل الجمعة والجماعة

فضل الجمعة والجماعة0%

فضل الجمعة والجماعة مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 69

فضل الجمعة والجماعة

مؤلف: الشيخ عبد الزهراء الكعبي الاهوازي
تصنيف:

الصفحات: 69
المشاهدات: 23159
تحميل: 3880

توضيحات:

فضل الجمعة والجماعة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 69 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23159 / تحميل: 3880
الحجم الحجم الحجم
فضل الجمعة والجماعة

فضل الجمعة والجماعة

مؤلف:
العربية

فضل الجمعة والجماعة

للشيخ عبدالزهراء الكعبي الاهوازي

١

٢

بسم اللّه الرحمن الرحيم

٣

٤

الاهداء

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الى ولي اللّه الأعظم صاحب العصر والزمان عجل اللّه فرجه الشريف.

الى روح قائد الثورة الاسلامية الامام الخميني - رضوان اللّه تعالى عليه -.

الى شهداء المحراب أئمة الجمعة الذين ضرجوا بدمائهم، وعرجوا الى روح وريحان، وجاوروا سادة شباب أهل الجنة.

الى الذين لبّو نداء ربهم حيث يقول: يا أيها الذين آمنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر اللّه

الى الذين يهتفون في صلاة جماعتهم: الموت للمستكبرين والملحدين ولاسرائيل الغاصبة.

الى الذين أقاموا صلاة الجمعة وطائرات العدو تقصفهم بنيرانها وهو يهتفون «هيهات منا الذلة، هيهات منا الذلة».

الى كل الذين سارعوا على طريق الحق والخير، وقالوا ربنا اللّه ثم استقاموا نقدم هذا المجهود هدية متواضعة.

عبد الزهراء الكعبي الاهوازي

٥

بسم اللّه الرحمن الرحيم

لا يخفى على أهل الايمان ما لصلاة الجمعة من الأهمية في نظر التشريع الاسلامي حيث ورد الحث الشديد عليها كتاباً وسنة، والتهديد والوعيد لمن ترك الحضور فيها من غير علة، وكيف لا تكون كذلك وهي العبادة الالهية التي من بركاتها وفوائدها اجتماع الناس في كل مدينة وتداول ما يهمهم من امور الدين والدنيا، وطرح المشاكل الاجتماعية التي تتعرض لها البلدان الاسلامية ومحاولة المشاركة في علاجها والاهتمام بها.

ولم تتهيّأ الفرصة لاقامة العبادة المقدسة بشروطها وشرائطها نتيجة ظلم الجبّارين وجور السلاطين إلا بعد إقامة الجمهورية الاسلامية في إيران حيث أكد زعيمها فقيد الانسانية الراحل الامام الخميني - قدس اللّه سره - ومنذ أيامها الاولى على إقامة الجمعة والاهتمام بها أشدّ الاهتمام فكان يقول - رضوان اللّه تعالى عليه -: إن صلاة الجمعة ساعد الثورة وحصنها المنيع.

ومشاركة منا في تعظيم هذا الفريضة رأينا لزاماً علينا أن نشير الى ما يتعلق بهذه العبادة من فضائل وأحكام وآداب.

والذي دعاني وحثّني على إعداد هذا الكراس هو مارواه رئيس المحدّثين الشيخ الصدوق - رحمة اللّه عليه - في أماليه بإسناده عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه قال

٦

المؤمن اذا مات وترك ورقة واحدة وعليها علم تكون تلك الورقة يوم القيامة ستراً له فيما بينه وبين النار، وأعطاه اللّه تبارك وتعالى بكل حرف مكتوب عليها مدينة أوسع من الدنيا سبع مرات، وما من مؤمن يقعد ساعة عند العالم إلا ناداه ربه عز وجل: جلست الى حبيبي وعزتي وجلالي لأسكننّك الجنة معه ولا ابالي(١) .

أسأل اللّه تعالى أن يتقبل مني عملي، ويوفقني لما يحبّه ويرضاه، وصلّى اللّه على حبيبه ونجيبه محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين، وآخر دعوانا أن الحمد للّه رب العالمين.

عبد الزهراء الكعبي

______________________________

(١) أمالي الصدوق: ص ٤٠ المجلسي العاشر ح ٣.

٧

دعاء يوم الجمعة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه الأول قبل الانشاء والاحياء، والآخر بعد فناء الأشياء العليم الذي لا ينسى من ذكره، ولا ينقص من شكره، ولا يخيب من دعاه، ولا يقطع رجاء من رجاه، اللهم إني اشهدك وكفى بك شهيداً واشهد جميع ملائكتك وسكان سماواتك وحملة عرشك ومن بعثت من أنبيائك ورسلك وأنشأت من أصناف خلقك أني أشهد أنك انت اللّه لا إلاه إلا أنت، وحدك لا شريك لك، ولا عديل ولا خلف لقولك ولا تبديل، وأن محمداً صلى اللّه عليه وآله وسلم عبدك ورسولك أدّى ما حمّلته الى العباد وجاهد في اللّه عز وجل حق الجهاد، وأنه بشّر بما هو حق من الثواب وأنذر بما صدق من العقاب، اللهم ثبّتني على دينك ما أحييتني، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب، صل على محمد وعلى آل محمد، واجعلني من أتباعه وشيعته، واحشرني في زمرته ووفقني لأداء فرض الجمعات، وما أوجبت عليّ فيها من الطاعات، وقسمت لأهلها من العطاء في يوم الجزاء، إنك أنت العزيز الحكيم(١) .

______________________________

(١) مفاتيح الجنان: ص ٢٧.

٨

فضل المسجد والجماعة

فصل الصلاة في المسجد:

قوله تعالى(وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين) (١) هو حثّ وترغيب للمسلمين على إقامة الصلاة اليومية في المساجد، كما وردت بذلك الأخبار.

منها: ما روي أن في التوراة مكتوباً:إن بيوتي في الأرض المساجد، فطوبى لمن تطهر في بيتي، وحقّ على المزور أن يكرم الزائر(٢) .

وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: الجلسة في الجامع خير لي من الجلسة في الجنة، لأن الجنة فيها رضا نفسي والجامع فيه رضا ربي(٣) .

وعن الامام الصادق عليه السلام أنه قال: صلوا من المساجد بقاعاً مختلفة فإن كل بقعة تشهد للمصلي عليها يوم القيامة(٤) .

وعنه عليه السلام أنه قال: من مشى إلى المسجد لم يضع رجله على رطب ولا يابس إلا سبّحت له الارض الى الأرضين السابعة(٥) .

وعن علي عليه السلام قال: صلاة في بيت المقدس تعدل ألف صلاة، وصلاة في المسجد

______________________________

(١) الاعراف ٢٩

(٢) و(٣) الوسائل: ج ٣ ص ٤٨٢ ب ٣ من أبواب أحكام المساجد ح ٥ و ٦..

(٤) الوسائل: ج ٣ ص ٤٧٤ ب ٤٢ من أبواب مكان المصلي ح ٧.

(٥) الوسائل: ج ٣ ص ٤٨٢ ب ٤ من أبواب أحكام المساجد ح١.

٩

الأعظم مائة صلاة، وصلاة في مسجد القبيلة خمس وعشرون صلاة، وصلاة في مسجد السوق اثنتا عشرة صلاة، وصلاة الرجل في بيته وحده صلاة واحدة(١) .

ويكره تعطيل المسجد، ففي الخبر عن الصادق عليه السلام قال: ثلاثة يشكون الى اللّه عز وجل: مسجد خراب لا يصلي فيه أهله، وعالم بين جهال، ومصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه(٢) .

ويستحب التردد الى المساجد، ففي الخبر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: من مشى الى مسجد من مساجد اللّه فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع الى منزله عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات(٣) .

ويكره لجار المسجد أن يصلى في غيره لغير علة، ففي الخبر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: لا صلاة لجار المسجد إلا في مسجده(٤) .

فضل صلاة الجماعة:

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: من مشى الى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكل خطوة سبعون ألف حسنة، ويرفع له من الدرجات مثل ذلك، فإن مات وهو على ذلك وكّل اللّه به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره ويبشرونه ويؤنسونه في وحدته، ويستغفرون له حتى يبعث(٥) .

وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم: من صلى الخمس في جماعة فظنوا به خيراً(٦) .

وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: من صلى الفجر في جماعة ثم جلس يذكر اللّه عز وجل

______________________________

(١) الوسائل: ج ٣ ص ٥٥١ ب ٦٤ من أبواب المساجد ح ٢.

(٢) الوسائل: ج ٣ ص ٤٨٣ ب ٥ من أبواب أحكام المساجد ح ١.

(٣) الوسائل: ج ٣ ص ٤٨٣ ب ٤ من أبواب أحكام المساجد ح ٣.

(٤) الوسائل: ج ٣ ص ٤٧٨ ب ٢ من أبواب أحكام المساجد ح ١.

(٥) الوسائل: ج ٥ ص ٣٧٢ ب١ من أبواب صلاة الجماعة ح ٧.

(٦) الوسائل: ج ٥ ص ٣٧١ ب ١ من أبواب صلاة الجماعة ح ٤.

١٠

حتى تطلع الشمس كان له في الفردوس سبعون درجة، بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد المضمر سبعين سنة، ومن صلى الظهر في جماعة كان له في جنات عدن خمسون درجة، بعد كل درجتين كحضر الفرس الجواد خمسين سنة، ومن صلى العصر في جماعة كان له كأجر ثمانية من ولد إسماعيل كلهم رب بيت يعتقهم، ومن صلى المغرب في جماعة كان له كحجة مبرورة وعمرة مقبولة، ومن صلى العشاء في جماعة كان له كقيام ليلة القدر(١) .

وقال الصادق عليه السلام: من صلى الغداة والعشاء الآخرة في جماعة فهو في ذمة اللّه عز وجل(٢) .

وعن الرضا عليه السلام قال: إنما جعلت الجماعة لئلا يكون الاخلاص والتوحيد والاسلام والعبادة للّه إلا ظاهراً مكشوفاً مشهوراً، لأن في إظهاره حجة على أهل الشرق والغرب للّه وحده، وليكون المنافق والمستخف مؤدياً لما أقر به يظهر الاسلام والمراقبة، وليكون شهادات الناس بالاسلام بعضهم لبعض جائزة ممكنة، مع ما فيه من المساعدة على البر والتقوى، والزجر عن كثير من معاصي اللّه عز وجل(٣) .

وعن أبي سعيد الخدري قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بخمس وعشرين درجة(٤)

وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: أتاني جبرئيل مع سبعين ألف ملك بعد صلاة الظهر، فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام، وأهدى اليك هديتين لم يهدهما الى نبي قبلك، قلت: ما الهديتان ؟ قال: الوتر ثلاث ركعات والصلوات الخمس في جماعة قلت: يا جبرئيل، وما لامتي في الجماعة ؟ قال: يا

______________________________

(١) الوسائل: ج ٥ ص ٣٧٣ ب ١ من أبواب صلاة الجماعة ح ١١.

(٢) الوسائل: ج ٥ ص ٣٧٨ ب ٣ من أبواب صلاة الجماعة ح ٢.

(٣) الوسائل: ج ٥ ص ٣٧٢ ب ١ من أبواب صلاة الجماعة ح ٩.

(٤) الوسائل: ج ٥ ص ٣٧٤ ب ١ من أبواب صلاة الجماعة ح ١٤.

١١

محمد، اذا كانا اثنين كتب اللّه لكل واحد بكل ركعة مائة وخمسين صلاة، واذا كانوا ثلاثة كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة ستمائة صلاة، واذا كانوا أربعة كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة ألفاً ومائتي صلاة، واذا كانوا خمسة كتب اللّه لكل واحد بكل ركعة ألفين وأربعمائة صلاة، واذا كانوا ستة كتب اللّه لكل واحد بكل ركعة أربعة آلاف وثمانمائة صلاة، واذا كانوا سبعة كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة آلاف وستمائة صلاة، واذا كانوا ثمانية كتب اللّه تعالى لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة عشر ألفاً ومائتي صلاة، واذا كانوا تسعة كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة ستة وثلاثين ألفاً وأربعمائة صلاة، واذا كانوا عشرة كتب اللّه تعالى لكل واحد بكل ركعة سبعين ألفاً وألفين وثمانمائة صلاة، فإن زادوا على العشرة فلو صارت بحار السماوات والأرض كلها مداداً والأشجار أقلاماَ والثقلان مع الملائكة كتاباً لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة واحدة.

يا محمد، تكبيرة يدركها المؤمن مع الامام خير له من ستين ألف حجة وعمرة، وخير من الدنيا وما فيها سبعين ألف مرة، وركعة يصليها المؤمن مع الامام خير من مائة ألف دينار يتصدق بها على المساكين، وسجدة يسجدها المؤمن مع الامام في جماعة خيرمن عتق مائة رقبة(١) .

وعن الامام الصادق عليه السلام: الصلاة خلف العالم بألف ركعة، وخلف القرشي بمائة(٢) .

ولا يخفى أنه اذا تعددت جهات الفضل تضاعف الأجر، فاذا كانت في مسجد السوق الذي تكون الصلاة فيه باثنتي عشر صلاة يتضاعف بمقداره، واذا كانت في مسجد القبيلة الذي تكون الصلاة فيه بخمسة وعشرين فكذلك، واذا كانت في مسجد الجامع الذي تكون الصلاة فيه بمائة يتضاعف بقدره، وكذا اذا كانت في

______________________________

(١) مستدرك الوسائل: ج ١ ص ٤٨٧ ب ١ عن أبواب صلاة الجماعة ح ٣.

(٢) مستدرك الوسائل: ج ١ ص ٤٩٢ ب ٢٣ من أبواب صلاة الجماعة ح ٦.

١٢

مسجد الكوفة الذي بالف، أوكانت عند علي عليه السلام الذي فيه بمائتي الف، واذا كانت خلف العالم أو السيد فأفضل، وكلما كان الامام أوثق وأورع وأفضل فأفضل، واذا كان المأمومون ذو فضل فتكون أفضل، وكلما كان المأمومون أكثر كان الأجر أزيد.

ولا يجوز تركها رغبة عنها أو استخفافاً بها، ففي الخبر عن الصادق عليه السلام: لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد مع المسلمين إلا من علة(١) .

وعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه قال: لا غيبة إلا لمن صلى في بيته ورغب عن جماعتنا، ومن رغب عن جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته، وسقطت بينهم عدالته ووجب هجرانه، واذا دفع الى إمام المسلمين أنذره وحذره، فإن حضر جماعة المسلمين وإلا احرق عليه بيته(٢) .

وفي آخر: أن أمير المؤمنين عليه السلام بلغه أن قوماً لا يحضرون الصلاة في المسجد فخطب فقال: إن قوماً لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا، فلا يؤاكلونا ولا يشاربونا ولا يشاورونا ولا يناكحونا ولا يأخذوا من فيئنا شيئاً أو يحضروا معنا صلاتنا جماعة، وإني لاوشك أن آمرهم بنار تشعل في دورهم فاحرق عليهم أو ينتهون، قال: فامتنع المسلمون من مؤاكلتهم ومشاربتهم ومناكحتهم حتى حضروا الجماعة مع المسلمين(٣) .

وعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه قال: ألا أدلكم على شيء يكفر اللّه به الخطايا ويزيد في الحسنات ؟ قيل: بلى يا رسول اللّه قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى الى هذه المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وما منكم أحد يخرج من بيته متطهراً فيصلي الصلاة في الجماعة مع المسلمين ثم يقعد ينتظر للصلاة

______________________________

(١) الوسائل: ج ٥ ص ٣٧٦ ب ٢ من أبواب صلاة الجماعة ح ٨.

(٢) الوسائل: ج ١٨ ص ٢٨٩ ب ٤١ من أبواب الشهادات ح ٢.

(٣) الوسائل: ج ٣ ص ٤٧٩ ب ٢ من أبواب أحكام المساجد ح ٩

١٣

الاخرى إلا والملائكة تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، فاذا قمتم الى الصلاة فاعدلوا صفوفكم وأقيموها وسدوا الفرج، واذا قال إمامكم: اللّه اكبر، فقولوا: اللّه أكبر، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد إن خير الصفوف صف الرجال المقدم وشرها المؤخر(١)

الىغير ذلك من الأخبار الكثيرة.

فمقتضى الايمان عدم الترك من غير عذر، سيما مع الاستمرار عليه، فإنه كما ورد لا يمنع الشيطان من شيء من العبادات منعها، ويعرض عليهم الشبهات من جهة العدالة ونحوها، حيث لا يمكنهم إنكارها، لأن فضلها من ضروريات الدين(٢) .

أول جماعة في الاسلام:

عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال: أول جماعة كانت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كان يصلي وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام معه إذ مر به أبو طالب وجعفر معه فقال: يا بني صل جناح ابن عمك، فلما أحس رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم تقدمهما وانصرف أبوطالب مسروراً - الى أن قال: - فكانت أول جماعة جمعت ذلك اليوم(٣)

___________________________

(١) أمالي الشيخ الصدوق: ص ٢٦٤ المجلسي ٥٢ ح ١٠.

(٢) العروة الوثقى: ص ٢٥٢ مطبعة المرتضوية في النجف الاشرف سنة ١٣٤٥ هـ.

(٣) الوسائل: ج ٥ ص ٣٧٣ ب ١ من أبواب صلاة الجماعة ح ١٢.

١٤

الجمعة فضلها وآدابها وأحكامها

فضل يوم الجمعة وليلته:

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: اطرقوا أهاليكم كل يوم جمعة بشيء من الفاكهة واللحم حتى يفرحوا بالجمعة(١) .

وعن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: إن للجمعة حقاً وحرمة، فإياك أن تضيّع أو تقصّر في شيء من عبادة اللّه والتقرب إليه بالعمل الصالح وترك المحارم كلها، فإن الله يضاعف فيه الحسنات ويمحو في السيئات ويرفع فيه الدرجات، وأن يومه مثل ليلته، فإن استطعت أن تحييها بالصلاة والدعاء فافعل(٢) الحديث.

وعن الرضا عليه السلام قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم: إن يوم الجمعة سيد الأيام يضاعف اللّه فيه الحسنات ويمحو فيه السيئات ويرفع فيه الدرجات ويستجيب فيه الدعوات ويكشف فيه الكربات ويقضي فيه الحوائج العظام وهو يوم المزيد للّه فيه عتقاء وطلقاء من النار، ما دعا به أحد من الناس وقد عرف حقه وحرمته إلا كان حقاً على اللّه عز وجل أن يجعله من عتقائه وطلقائه من النار، فإن مات في يومه وليلته مات شهيداً وبعث آمناً، وما استخف أحد بحرمته وضيّع حقه إلا كان حقاً على اللّه عز وجل أن يصليه نار جهنم، إلا أن يتوب(٣) .

______________________________

(١) الوسائل: ج ٥ ص ٨٢ ب ٥٠ من أبواب صلاة الجمعة ح ١.

(٢) و (٣) الكافي: ج ٣ ص ٤١٤ ح ٦ و ٥.

١٥

عن أبي جعفر عليه السلام وقد سئل عن يوم الجمعة وليلتها فقال: ليلتها غراء ويومها يوم زاهر، وليس على الأرض يوم تغرب فيه الشمس أكثر معافاً من النار، من مات يوم الجمعة عارفاً بحق اهل هذا البيت كتب اللّه له براءة من النار وبراءة من العذاب، ومن مات ليلة الجمعة اعتق من النار(١) .

وروي أنه ما طلعت الشمس في يوم أفضل من يوم الجمعة وكان اليوم الذي نصب فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أمير المؤمنين عليه السلام بغدير خم يوم الجمعة، وقيام القائم عجل اللّه فرجه يكون يوم الجمعة، وتقوم القيامة في يوم الجمعة(٢) .

روى أبو بصير أن أحدهما عليهما السلام قال: إن العبد المؤمن ليسأل اللّه الحاجة فيؤخر اللّه قضاء حاجته التي سأل عنها الى يوم الجمعة ليخصه بفضل يوم الجمعة(٣) .

عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يريد أن يعمل شيئاً من الخير مثل الصدقة والصوم ونحوها قال: يستحب أن يكون ذلك يوم الجمعة، فإن العمل يوم الجمعة يضاعف(٤)

أهمية غسل الجمعة

قال الصادق عليه السلام: من اغتسل يوم الجمعة للجمعة فقال: أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، كان طهراً له من الجمعة الى الجمعة(٥) .

______________________________

(١) الكافي: ج ٣ ص ٤١٥ ح ٨.

(٢) الفقيه: ج ١ ص ٢٧٢ باب وجوب الجمعة وفضلها ح ٢٣.

(٣) الوسائل: ج ٥ ص ٧٤ ب ٤٤ من أبواب صلاة الجمعة ح ٤.

(٤) الوسائل: ج ٥ ص ٦٦ ب ٤٠ من أبواب صلاة الجمعة ح ١٤.

(٥) الوسائل ج ٢ ص ٩٥١ ب ١٢ من أبواب الاغسال المسنونة ح ١.

١٦

وقال عليه السلام أيضاً: غسل الجمعة طهور وكفارة لما بينهما من الذنوب من الجمعة الى الجمعة(١) .

وقال عليه السلام في علة غسل يوم الجمعة: إن الانصار كانت تعمل في نواضحها وأموالها، فاذا كان يوم الجمعة حضروا المسجد، فتأذى الناس بأرواح آباطهم، وأجسادهم، فأمرهم رسول اللهّ صلى اللّه عليه وآله وسلم بالغسل، فجرت بذلك السنة(٢) .

وعن سهل بن اليسع قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يدع غسل الجمعة ناسياً أو غير ذلك، قال: إن كان ناسياً فقد تمّت صلاته، وأن كان متعمداً فالغسل أحب إلي، فإن هو فعل فليستغفر اللّه ولا يعود(٣) .

وعن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة في أول النهار، قال: يقضيه آخر النهار، فإن لم يجد فليقضه من يوم السبت(٤) .

فضيلة صلاة الجمعة

عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: جاء أعرابي الى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يقال له: قليب، فقال: يا رسول اللّه: إني تهيأت الى الحج كذا وكذا مرة فما قدر لي ؟ فقال صلى اللّه عليه وآله: يا قليب عليك بالجمعة فإنها حج المساكين(٥) .

وورد ان موسى بن جعفر عليه السلام كان يتهيأ يوم الخميس للجمعة(٦) .

وعن ابي جعفر عليه السلام: أن الملائكة المقربون يهبطون في كل يوم جمعة معهم قراطيس الفضة وأقلام الذهب فيجلسون على أبواب المسجد على كراسي من نور فيكتبون من حضر الجمعة الأول والثاني والثالث حتى يخرج الامام، فاذا خرج

______________________________

(١) و(٢) الوسائل ج ٢ ص ٩٤٥ ب ٦ من أبواب الاغسال المسنونة ح ١٤ و ١٥.

(٣) الوسائل: ج ٢ ص ٩٤٨ ب ٧ من أبواب الاغسال المسنونة ح ٣.

(٤) الوسائل: ج ٢ ص ٩٤٩ ب ١٠ من أبواب الاغسال المسنونة ح ٣.

(٥) الوسائل: ج ٥ ص ٥ ب ١ من أبواب صلاة الجمعة ح ١٧.

(٦) الوسائل: ج ٥ ص ٤٧ ب ٣١ من ابواب صلاة الجمعة ح ٣.

١٧

الامام طووا صحفهم(١) .

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يشرب أحدكم الدواء يوم الخميس، فقيل: يا أمير المؤمنين ولم ؟ قال: لئلا يضعف عن إتيان الجمعة(٢) .

من أحكامها وبعض آدابها

قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا كلام والامام يخطب، ولا التفات إلا كما يحل في صلاة، وإنما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين جعلتا مكان الركعتين الأخيرتين فهما صلاة حتى ينزل الامام(٣) .

وعن أبي عبد اللّه قال: اذا أدرك الرجل ركعة فقد أدرك الجمعة وإن فاتته فليصل أربعاً(٤) .

ويستحب أن يعتمّ الرجل يوم الجمعة وأن يلبس أحسن أثوابه وأنظفها ويتطيب فيدهن بأطيب دهنه(٥) ويقلم أظفاره ويقص شاربه(٦) ويغتسل للجمعة(٧) .

وقال الامام الصادق عليه السلام: صلاة الجمعة مع الامام ركعتان(٨) .

وقال عليه السلام أيضاً: إنما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين فهي صلاة حتى ينزل الامام(٩) .

وقال عليه السلام: اذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة وليلبس - يعني الامام - البرد والعمامة، ويتوكأ على قوس أو عصا، وليقعد قعدة بين الخطبتين، ويجهر

_____________________________

(١) و (٢) الفقيه: ج ١ ص ٢٧٤ باب وجوب الجمعة وفضلها ح ٤٢ و ٤٤.

(٣) الوسائل: ج ٥ ص ٢٩ ب ١٤ من أبواب صلاة الجمعة ح ٢.

(٤) الوسائل: ج ٥ ص ٤١ ب ٢٦ من أبواب صلاة الجمعة ح ٢.

(٥) الفقيه: ج ١ ص ٢٧٤ باب وجوب الجمعة وفضلها ذيل ح ٤٠.

(٦) راجع الوسائل: ج ٥ ص ٤٨ ب ٣٣ من أبواب صلاة الجمعة.

(٧) راجع الوسائل: ج ٢ ص ٩٤٣ ب ٦ من أبواب الاغسال المسنونة.

(٨) الوسائل: ج ٥ ص ١٤ ب ٦ من أبواب صلاة الجمعة ح ٢.

(٩) الوسائل ج ٥ ص ١٥ ب ٦ من أبواب صلاة الجمعة ح ٤.

١٨

بالقراءة ويقنت في الركعة الاولى منهما قبل الركوع(١) .

وسأله محمد بن مسلم عن صلاة الجمعة فقال: بأذان وإقامة يخرج الامام بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب ولا يصلي الناس ما دام الامام على المنبر، ثم يقعد الامام على المنبر قدر ما يقرأ قل هو اللّه أحد، ثم يقوم فيفتتح خطبة، ثم ينزل فيصلي بالناس فيقرأ بهم في الركعة الاولى بالجمعة وفي الثانية بالمنافقين(٢) .

العدد:

قال الامام الصادق عليه السلام: يجمع القوم يوم الجمعة اذا كانوا خمسة فما زادوا فإن كانوا أقل من خمسة فلا جمعة لهم(٣) وجاء في بعض الروايات سبعة(٤) وفي رواية ذكر السبعة والخمسة معاً كما في رواية زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: على من تجب الجمعة ؟ فقال: تجب على سبعة نفر من المسلمين، ولا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين أحدهم الامام(٥) .

الخطبتان:

قال الامام الصادق عليه السلام: يخطب - يعني إمام الجمعة - وهو قائم يحمد اللّه ويثني عليه ثم يوصي بتقوى اللّه، ثم يقرأ سورة من القرآن قصيرة، ثم يجلس، ثم يقوم فيحمد اللّه ويثني عليه ويصلي على محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى أئمة المسلمين ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات، فاذا فرغ من هذا أقام المؤذن فصلى بالناس ركعتين، يقرأ في الاولى بسورة الجمعة وفي الثانية بسورة المنافقين(٦) .

قال إمام الامة السيد روح اللّه الموسوي الخميني - قدس اللّه سره الشريف - في

______________________________

(١) و (٢) الوسائل: ج ٥ ص ١٥ ب ٦ من أبواب صلاة الجمعة ح ٥ و ٧.

(٣) الوسائل: ج ٥ ص ٨ ب ٢ من أبواب صلاة الجمعة ح ٧.

(٤) الوسائل: ج ٥ ص ٩ ب ٢ من أبواب صلاة الجمعة ح ٩ و ١٠.

(٥) الوسائل: ج ٥ ص ٨ ب ٢ من أبواب صلاة الجمعة ح ٤.

(٦) الوسائل: ج ٥ ص ٣٨ ب ٢٥ من أبواب صلاة الجمعة ح ٢.

١٩

بحثه لصلاة الحمعة: ينبغي للامام الخطيب أن يذكر في ضمن خطبته ما هو من مصالح المسلمين في دينهم ودنياهم ويخبرهم بما جرى في بلاد المسلمين وغيرها ومن الأحوال التي لهم فيها المضرة أو المنفعة، وما يحتاج المسلمون إليه في المعاش والمعاد: والامور السياسية والاقتصادية مما هي دخلية في استقلالهم وكيانهم، وكيفية معاملتهم مع سائر الملل والتحذيرعن تدخل الدول الظالمة المستعمرة في أمورهم سيما السياسية والاقتصادية المنجر الى استعمارهم واستثمارهم. وبالجملة الجمعة وخطبتاها من المواقف العظيمة للمسلمين كسائر المواقف العظيمة مثل الحج - الى أن يقول إمام الامة - ومع الأسف أغفل المسلمون عن الوظائف المهمة السياسية فيها وفي غيرها من المواقف السياسية الاسلامية. فالاسلام دين السياسة بشؤونها يظهر لمن له أدنى تدبر في أحكامه الحكومية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية فمن توهّم أن الدين منفك من السياسة فهو جاهل لم يعرف الاسلام ولا السياسة(١) انتهى كلامه رفع مقامه.

من المكلف بصلاة الجمعة؟

قال الامام محمد الباقر عليه السلام: إنما فرض اللّه على الناس من الجمعة الى الجمعة خمساً وثلاثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها اللّه في جماعة وهي الجمعة، ووضعها عن تسعة: عن الصغير والكبير - أي الشيخ الهرم - والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين(٢) .

ما قاله الشهيد الثاني في الجمعة:

قال الشهيد الثاني زين الدين العاملي - قدس سره - في «أسرار الصلاة»:

_____________________________

(١) تحرير الوسيلة: ج ١ ص ٢١٢ مسألة ٩ من شرائط صلاة الجمعة.

(٢) الوسائل: ج ٥ ص ٢ ب ١ من أبواب صلاة الجمعة ح ١.

٢٠