مباني ارث المنهاج

مباني ارث المنهاج15%

مباني ارث المنهاج مؤلف:
المحقق: السيد محسن الطباطبائى الحكيم
تصنيف: علم الفقه
الصفحات: 381

  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 46395 / تحميل: 6775
الحجم الحجم الحجم
مباني ارث المنهاج

مباني ارث المنهاج

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مباني ارث المنهاج

في شرح رسالة ارث منهاج الصالحين

تصنيف:

آية الله العظمى الحاج السيد محسن الطباطبائي الحكيم قدس سره

لمؤلفه:

آية الله الحاج الشيخ محمد الرحمتي السيرجاني

المطبعة الاسلامية - قم

١٣٩٨

١

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه واشرف بريته محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واللعنة على اعدائهم اجمعين الى يوم الدين.

وبعد فقد سنح بخاطري ان اكتب ما يجري على قلمي حول ما كتبه سيد علمائنا الابرار والذي انتهت اليه رياسة الامامية في عصره واوجد بموته جواً خالياص في الاوساط الشيعية في عصرنا العلامة آية الله الحاج السيد محسن الطباطبائي الحكيم اعلى الله مقامه في الارث في رسالته العملية (منهاج الصالحين) يكون كالشرح له مبيناً للمدارك موضحاً لمرامه قدس سره وتذكرة لنفسي وقد ورد الحث على تعلم الفرائض كما ورد على تعلم القرآن ففي النبوي المحكي عن ط تعلموا القرآن وعلموه الناس وتعلموا الفرائض وعلموه الناس فاني امرؤ مقبوض وسيقبض العلم وتظهر الفتن حتى يختلف الرجلان في فريضة لا يجدان من يفصل بينهما وفي آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تعلموا الفرائض وعلموها الناس فانها نصف العلم وهو ينسى وهو اول شيء ينتزع من امتي، ومن الله استمد المعونة فانه ولي التوفيق.

٢

قال قدس سره كتاب الميراث وفيه فصول

الفصل الأول

وفيه فوائد: الفائدة الأولى، في بيان موجباته وهي نوعان نسب وسبب، (اما النسب) فله ثلاث مراتب(١)

(المرتبة الأولى) صنفان: احدهما الابوان المتصلان دون الاجداد والجدات وثانيهما، الاولاد وان نزلوا ذكوراً واناثاً (المرتبة الثانية) صنفان ايضاً: احدهما الاجداد والجدات وان علوا كابائهم واجدادهم وثانيهما الاخوه والاخوات وان نزلوا كاولادهم واولاد اولادهم (المرتبة الثالثة) صنف واحد: وهم الاعمام والاخوال وان علوا كاعمام الاباء والامهات واخوالهم واعمام الاجداد والجدات واخوالهم وكذلك اولادهم وان نزلوا كاولاد اولادهم واولاد اولاد اولادهم وهكذا بشرط صدق القرابة للميت عرفاً (واما السبب) فهو قسمان: زوجية وولاء. والولاء ثلاث

___________________________________________________________

(١) ويشترط في الارث في المراتب الثلاث حصول القرابة بالنسب الصحيح او ما هو ملحق به، فلا ارث بالقرابة الحاصلة بالزنا سواء كان من الطرفين او احدهما وسيجيء تفصيل الكلام في فصله الخاص انشاء الله.

٣

مراتب (١) ولاء العتق ثم ولاء ضمان الجريرة ثم ولاء الامامة

(الفائدة الثانية) ينقسم الوارث الى خمسة اقسام (الأول) من يرث بالفرض لا غير دائما وهو الزوجة.

___________________________________________________________

(١) وزاد المحقق الطوسي بين الثاني والثالث قسمين آخرين كما في الجواهر ومفتاح الكرامة وهما ولاء من اسلم على يديه كافر وولاء من اعتق بالزكوة واستدل له في المفتاح بما رواه ١ - السكوني من قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام حين بثه الى اليمن.

فقال يا علي لا تقاتلن احداً حتى تدعوه (تدعوهم خ ل) وايم الله لان يهدي الله على يديك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت ولك ولائه يا علي قال قدس سره ونحوه ٢ - خبر مسمع ثم رماهما بالضعف وعطف عليهما خبراً عامياً (قال تميم سئلت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما السنة في رجل يسلم على يدي رجل من المسلمين قال هو اولى الناس بمحياه ومماته ثم استدل للثاني بما رواه ابن بابويه عن ايوب ٣ - بن الحر اخي اديم بن الحر قال قلت لابي عبد اللهعليه‌السلام مملوك يعرف هذا الامر الذي نحن عليه اشتريه من الزكوة. فاعتقه قال فقال اشتره واعتقه قلت فان هو مات وترك ما لا قال فقال ميراثه لاهل الزكوه لانه اشترى بسهمهم قال وفي حديث آخر بمالهم وما ذكره الطوسي مخالف لما عليه الاصحاب ولذلك يضعف ما استند اليه على تقدير قوته

____________________

(١) ئل ١١ الباب ١٠ ابواب جهاد العدو الحديث ١.

(٢) ئل ١١ الباب ١٠ جهاد العدو ذيل الحديث ١.

(٣) ئل ٦ الباب ٤٣ من ابواب المستحقين للزكاة الحديث ٣.

٤

فان لها الربع (١) مع عدم الولد والثمن معه ولا يرد (٢) عليها ابداً (الثاني) من يرث بالفرض دائماً وربما يرث معه بالرد كالام فان لها السدس (٣) مع الولد والثلث مع عدمه وربما يرد عليها زائداً على الفرض كما اذا زادت الفريضة على السهام (٤) وكالزوج (٥) فانه يرث الربع مع الولد والنصف مع عدمه ويرد عليه اذا لم يكن وارث الا الامام (٦) (الثالث) من يرث بالفرض

___________________________________________________________

في نفسه وعن جماعة عد الاخير في ولاء العتق.

(١) قال تعالى ولهن الربع مما تركتم ان لم يكن لكم ولد فانكان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها او دين.

(٢) كما سيأتي.

(٣) قال تعالى و لابويه لكل واحد منهما السدس مما ترك ان كان له ولد فان لم يكن له ولد وورثه ابواه فلامه الثلث فان كان له اخوة فلامه السدس.

(٤) مثل ما اذا مات عن ابوين وبنت واحدة فان لكل منهما السدس واللبنت النصف والسهام ستة والفريضة خمسة فيرد على كل بحسب فرضه.

(٥) قال تعالى ولكم نصف ما ترك ازواجكم ان لم يكن لهن ولد فانكان لهن ولد فلكم الربع مما تركن.

(٦) بخلاف الزوجة كما سيأتي.

٥

تارة وبالقرابة اخرى كالاب فانه يرث (٧) بالفرض مع وجود الولد وبالقرابة مع عدمه، والبنت والبنات فانها ترث مع الابن بالقرابة (٨) وبدونه بالفرض (٩) والاخت والاخوات للاب او للابوين فانها ترث مع الاخ بالقرابة (١٠) ومع عدمه بالفرض (١١) وكالاخوة والاخوات من الام فانها ترث بالفرض (١٢) اذا لم يكن جد للام وبالقرابة معه.

___________________________________________________________

(٧) كما سبق الاشارة الى آية الكتاب العزيز.

(٨) دل على توريثهن من الكتاب قوله تعالى يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين.

(٩) لما دل على توريث البنت الواحدة من الكتاب قوله تعالى وان كانت واحدة فلها النصف وعلى البنات قوله تعالى فان كن نساءاً فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك.

(١٠) لقوله تعالى واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله وقوله تعالى وان كانوا اخوة رجالاً ونساءاً فللذكر مثل حظ الانتثيين.

(١١) اما في الواحدة فقوله تعالى ان امرؤ هلك ليس له ولدو وله اخت فلها نصف ما ترك وفي الازيد قوله تعالى فان كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك.

(١٢) يدل على قوله تعالى وان كان رجل يورث كلالة او امراة وله اخ او اخت فلكل واحد منهما السدس فان كانوا اكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث واما استفادة القيد بانه اذا لم يكن جد للام فمن السنة.

٦

(الرابع) من لا يرث الا بالقرابة كالابن (١) والاخوة للابوين او للاب والجد والاعمام والاخوال. (الخامس) من لا يرث بالفرض ولا بالقرابة بل يرث بالولاء (٢) كالمعتق وضامن الجريرة والامام.

(الفائدة الثالثة) الفرض هو السهم المقدر في الكتاب المجيد وهو ستة انواع: النصف والربع، والثمن والثلثان، والثلث، والسدس، واربابها ثلاثة عشر (فالنصف) (٣) للبنت الواحدة والاخت للابوين او للاب فقط اذا لم يكن معها اخ، وللزوج (٤) مع عدم الولد للزوجة وان نزل (والربع) للزوج مع الولد للزوجة وان نزل وللزوجة مع عدم الولد للزوج وان نزل فان كانت واحدة اختصت به والافهو لهن بالسوية (والثمن) للزوجة وان تعددت مع الولد وان نزل (والثلثان) للبنتين فصاعداً مع عدم الابن المساوي وللاختين فصاعداً للابوين او للاب فقط مع عدم الاخ (والثلث) (٥) سهم الام مع عدم الولد وان نزل وعدم الاخوة على تفصيل يأتي وللاخ والاخت من

___________________________________________________________

(١) يدل على ذلك آية اولى الارحام في الكل.

(٢) كما يأتي الدليل عليه.

(٣) اشرنا آنفاً الى آيتيه.

(٤) اشرنا الى ما دل عليه من الكتاب وكذلك ما يأتي.

(٥) اشرنا الى آيتها آنفاً.

٧

الام مع التعدد (١) (والسدس) لكل واحد من الابوين مع الولد وان نزل وللام مع الاخوة للابوين او للاب على تفصيل يأتي وللاخ الواحد من الام والاخت الواحدة منها.

(الفائدة الرابعة) الورثة اذا تعددوا فتارة يكونون جميعاً ذوى فروض، واخرى لا يكونون جميعاً ذوي فروض، وثالثة يكون بعضهم ذا فرض دون بعض، واذا كانوا جميعاً ذوي فروض فتارة تكون فروضهم مساوية للفريضة، واخرى تكون زائدة عليها وثالثة تكون ناقصة عنها، فالأولى مثل ان يترك الميت ابوين وبنتين فان سهم كل واحد من الابوين السدس وسهم البنتين الثلثان ومجموعها مساو للفريضة، والثانية مثل ان يترك الميت زوجاً وابوين وبنتين فان السهام في الفرض الربع والسدسان، والثلثان، وهي زائدة على الفريضة وهذه هي مسألة العول (٢).

___________________________________________________________

(١) اشرنا الى ما دل عليه وغيره من السهام في الايات المتقدمة آنفاً.

(٢) مأخوذ من العول بمعنى الميل او الارتفاع او الزيادة او النقيصة ولكل مناسبة والاصل فيها حيرة عمر لما اجتمعت والتفت الفرائض عنده فلم يدر ما يصنع واستشار الصحابة ورأى ان يقسم المال بنسبة السهام ويدخل النقص على كل ذي سهم بنسبة سهمه فلم يقروه على ذلك خصوصاً علي بن ابيطالبعليه‌السلام فلم يحتفل ووافقه عليه ابن

٨

مسعود ثم فقهائهم وامرائهم على ذلك من بعد حتى ان اميرالمؤمنينعليه‌السلام لم يقدر على تغيير هذه السنة السيئة ككثير من امثالها فقالعليه‌السلام فيما رواه الفريقان عنهعليه‌السلام في المسئلة المعروفة ١ - بالمنبرية.

وهي ما اذا كان الوارث زوجة وبنتين وابوين (صار ثمنها تسعاً) وان كان من المحتمل قريباً انهعليه‌السلام لم يقل ذلك اخباراً بل انكاراً وخالف عمر في ذلك ابن عباس ومحمد بن الحنفية وداود بن علي حتى ان ابن عباس قال فيما حكى عنه اترون ان الذي احصى ورمل عالج عدداً جعل في المال نصفاً ونصفاً وثلثاً ذهب النصفان بالمال فاين الثلث انما جعل الله نصفاً ونصفاً واثلاثاً وارباعاً.

وايم الله لو قدموا من قدمه الله واخروا من اخره الله لما عالت الفريضة قط قال في الخلاف ٢ - روى الزهري عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبه (عبيد) ابن مسعود انه قال التقيت انا وزفر بن اوس البصري فقلنا نمضي الى ابن عباس نتحدث (فنتحدث خ ل) عنده فمضينا فتحدثنا فكان مما نتحدث ذكر الفرائض والمواريث.

فقال ابن عباس سبحان الله العظيم اترون ان الذي الى اخر ما ذكرنا آنفاً، قلت من الذي قدمه الله ومن الذي اخره الله قال الذي اهبطه الله من فرض الى فرض فهو الذي قدمه الله والذي اهبطه من فرض الى ما بقى فهو الذي اخره الله.

فقلت من اول من اعال الفرائض فقال عمر بن الخطاب قلت هلا

____________________

١ - ئل ٧ الباب ٧ موجبات الارث حديث ١٣ - ١٤.

٢ - خلاف الشيخ ج ٢ ص ٦١.

٩

اشرت به عليه قال هبته وكان امرء (اميراً) مهيباً.

وروى نحوه في الوسائل باختلاف في بعض الفقرات كقول ١ - زفر فمن اول من اعال الفرائض فقال عمر بن الخطاب لما التفت الفرائض عنده ودفع بعضها بعضاً فقال والله ما ادري ايكم قدم الله وايكم اخّرو ما اجد شيئاً هو اوسع من ان اقسم عليكم هذا المال بالحصص فادخل على كل ذي سهم ما دخل عليه من عول الفرائض.

وقال اميرالمؤمنينعليه‌السلام في ما رواه يونس بن يعقوب عن ابي عبد الله عنهعليه‌السلام ٢ - الحمد لله الذي لا مقدّم لما اخّر ولا مؤخر لما قدّم ثم ضرب باحدى يديه على الاخرى ثم قال يا ايتها الامة المتحيرة بعد نبيها لو كنتم قدمتم من قدم الله واخرتم من اخر الله وجعلتم الولاية والوراثة لمن جعلها الله ما عال ولى الله ولا طاش سهم من فرائض الله ولا اختلف اثنان في حكم الله ولا تنازعت الامة في شيء من امر الله الا وعند على علمه من كتاب الله فذوقوا وبال امركم وما فرطتم فيما قدمت ايديكم

وما الله بظلام للعبيد. وللعامة في العول استدلال مردود قياسي على الديون اذا قصرت التركة عنها والوصايا. وحيث ان المصنف قدس سره اشار الى ان العول لا يتحقق الا بدخول الزوج والزوجة فنبّه ائمتنا المعصومون عليهم السلام فيما روى عنهم الى رده بعدم نقصانهما عن الربع والثمن والنصف. قال الصادقعليه‌السلام ٣ - في رواية اسحق بن عمار اربعة لا يدخل عليهم ضرر في الميراث. للوالدين السدسان او ما فوق ذلك وللزوج

____________________

١ و ٢ - ئل ١٧ الباب ٧ ابواب موجبات الارث الحديث ٦ - ٥.

٣ - ئل ١٧ الباب ٧ من ابواب موجبات الارث الحديث ١٠.

١٠

ومذهب المخالفين فيها ورود النقص على كل واحد من ذوى الفروض على نسبة فرضه وعندنا يدخل النقص على بعض منهم معين دون بعض ففي ارث اهل المرتبة الأولى يدخل

___________________________________________________________

النصف او الربع وللمرأة الربع او الثمن وروى ١ - محمد بن مسلم عن الباقرعليه‌السلام قال لا يرث مع الام ولا مع الاب ولا مع الابن ولا مع الابنة الا الزوج والزوجة وان الزوج لا ينقص من النصف شيئاً اذا لم يكن ولد والزوجة لا تنقص من الربع شيئاً اذا لم يكن ولد فاذا كان معها ولد فللزوج الربع وللمرأة الثمن ثم انه جمع بعض الفضلاء صور التزاحم التي تحقق موضوع العول وحصرها على ما خطر في ذهنه في ٢٢ - مورداً، ثلاثة عشر منها متفق عليها في وقوعها بين المسلمين.

١ - وهي زوج وبنت وام واب وربع الزوج على العول ثلاثة من ثلاثة عشر ونصف البنت ستة من ثلاثة عشر وكل من سدسي الاب والام اثنان منها.

٢ - زوج وبنتان فما فوق وام واب، ربعه على العول ثلاثة من خمسة عشر وثلثا البنات ثمانية ولكل من الوالدين اثنان منها.

٣ - زوج وابنتان فما فوق وواحد من الابوين، ربع الزوج ثلاثة من ثلاثة عشر، وثلثاهما ثمانية وللواحد من الابوين اثنان منها.

٤ - زوج واخت من الابوين او الاب واثنان من كلالة الام، فنصف الزوج ثلاثة من ثمانية وكذلك نصف الاخت ولكل واحد من الكلالة واحد منها.

____________________

١ - ئل ١٧ الباب ٧ من ابواب موجبات الارث، الحديث ٧.

١١

٥ - الصورة بحالها الا في الكلالة فهي اكثر من اثنين فالنصفان كالسابقة وثلث الكلالة ربع.

٦ - الصورة مع وحدة كلالة الام، لكل من النصفين ثلاثة وللكلالة واحد من سبعة.

٧ - زوج واختان فازيد للابوين او الاب فنصفه ثلاثة من سبعة وثلثا والاخوات اربعة منها.

٨ - الصورة مع واحد من كلالة الام، فنصف الزوج ثلاثة من ثمانية وثلثا الاخوات اربعة وللكلالة واحد منها.

٩ - الصورة مع كون الكلالة اثنين، نصف الزوج ثلاثة من تسعة وثلثا الاخوات اربعة ولكل واحد من كلالة الام واحد منها.

١٠ - الصورة ابقة مع كون الكلالة اكثر من اثنين والقسمة كالسابقة وانما يكون ثلث الكلالة اثنين من تسعة.

١١ - زوجة وبنتان فازيد والابوان، فثلثا البنات ستة عشر من سبعة وعشرين ولكل من الابوين اربعة وثمن الزوجة ثلاثة منها وهي التسع وهذه هي المسئلة المنبرية المعروفة.

١٢ - زوجة واختان فازيد للاب او للابوين واثنان من كلالة الام والقسمة كالسابقة.

١٣ - الصورة مع كون الكلالة ازيد من اثنين فثلث الكلالة ثمانية من سبعة وعشرين، هذه هي الصور المتفقة بين اهل السنة والشيعة الامامية وما يختص باهل السنة تسعة.

١٤ - زوج واخت من الاب او من الابوين وام، فكل نصف ثلاثة

١٢

من ثمانية وثلث الام اثنان منها.

١٥ - زوج وام واختان فازيد للاب او للابوين، نصف الزوج ثلاثة من تسعة وثلثا الاخوات اربعة وثلث الام اثنان منها.

١٦ - الصورة مع واحد من كلالة الام، فنصف الزوج ثلاثة من عشرة وللام اثنان وللاخوات اربعة (ثلثاهن) وللكلالة واحد منها.

١٧ - الصورة السابقة مع كون الكلالة اثنين، نصف الزوج ثلاثة من احد عشر وللام اثنان والاختين اربعة ولكل واحد من الكلالة واحد منها.

١٨ - الصورة السابقة مع كون الكلالة اكثر من اثنين، وثلثها اثنان منها.

١٩ - زوجة وام واختان فازيد من الاب او الابوين، ربع الزوجة ثلاثة من خمسة عشر وهو الخمس وثلث الام اربعة وللاختين ثمانية منها.

٢٠ - الصورة مع واحد من كلالة الام فربعها ثلاثة من سبعة عشر وللام اربعة وللاخوات ثمانية والكلالة اثنان منها.

٢١ - الصورة السابقة مع اثنين من كلالة الام فربع الزوجة ثلاثة من تسعة عشر وللام اربعة وللاخوات ثمانية ولكل من الكلالة اثنان منها.

٢٢ - الصورة مع كون الكلالة اكثر من اثنين وثلثهم اربعة من تسعة عشر.

ثم انه قدس سره طفق يورد عليهم الاشكال باستلزام الالتزام بالعول كون السهام المذكورة في القرآن (من الثمن والربع والنصف

١٣

النقص (١) على البنت او البنات وفي ارث المرتبة الثانية كما اذا ترك زوجاً واختاً من الابوين واختين من الام فان سهم الزوج النصف وسهم الاخت من الابوين النصف وسهم الاختين من الام

___________________________________________________________

والسدس والثلث والثلثين) مستعملة في معانيها الحقيقية وغيرها كاستعمال الثمن بمعنى التسع في الصور الثلاث ١١ و ١٢ و ١٣ والربع للزوجة بمعنى الخمس في الصورة ١٩ وبمعنى ثلاثة من سبعة عشر في الصورة (٢٠) وثلاثة من تسعة عشر في ٢١ و ٢٢ وربع الزوج ثلاثة من ثلاثة عشر في الصورة ١ و ٣ - وبمعنى الخمس في الصورة ١٢ - ونصف الزوج ثلاثة من سبعة في الصورتين ٦ و ٧ - وثلاثة من ثمانية في الصور ٤ و ٥ و ٨ و ١٤ - وبمعنى الثلث في الصور ٩ و ١٠ و ١٥ وثلاثة من عشرة في الصورة ١٦ وثلاثة من احد عشر في الصورتين ١٧ و ١٨.

وهكذا بالنسبة الى باقي السهام واستنتج من ما ذكره ان يكون الشارع في موارد يترائي بالنظر البدوي تزاحم الفرائض من اطلاقها قد قيّد بعض مطلقاتها واخرج بعض مصاديقها منها بحيث لا يحصل التزاحم واوكل امر هذه المصاديق الى عمومات الارث بالقرابة وآيات الاقربين واولى الارحام، وحيث انه يطول بنا الكلام في نقل كلّ ما ذكره في المقام فلنكتف بهذا المقدار شكر الله سعيه وجزاه عن الاسلام خير الجزاء.

(١) روى عبيدة ١ - في ذيل ما نقله عن جماعة من اصحاب عليعليه‌السلام انّه اعطى الزّوج الرّبع مع الابنتين وللابوين السّدسين والباقي

____________________

١ - ئل ١٧ الباب ٧ ابواب موجبات الارث الحديث ١٤.

١٤

الثلث ومجموعها زائد على الفريضة يدخل النقص (١) على المتقرب بالابوين كالاخت في المثال دون الزوج ودون المتقرب بالام، والثالثة ما اذا ترك بنتاً واحدة فان لها النصف وتزيد الفريضة نصفاً وهذه هي مسألة التعصيب... (٢).

___________________________________________________________

رد على الابنتين وذلك هو الحقّ وان اباه قومنا.

(١) روى محمد - ١ - بن مسلم عن ابي جعفرعليه‌السلام قال قلت له ما تقول في امرأة تركت زوجها واخوتها لامّها واخوة واخوات لابيها قال للزّوج النصف ثلاثة اسهم ولاخوتها من امها الثلث سهمان الذكر والانثى فيه سواء وبقى سهم للاخوة والاخوات من الاب للذكر مثل حظ الانثيين لان السهام لا تعول ولان الزوج لا ينقص من النصف ولا الاخوة من الام من ثلثهم فان كانوا اكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث وان كان واحد فله السدس.

(٢) هي كمسئلة العول ايضاً من مخترعات العامة حيث استبدوا بآرائهم وانحرفوا من اول يوم عن الأئمة آل الرسول خصوصاً اميرالمؤمنينعليه‌السلام فاخطأوا في فهم القرآن مع ان الرسول الاعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يهمل امر الامة بعده بل قرن العترة بالقرآن فمن اخذ بالقرآن بدون العترة ضل واضل كالقوم.

واعلم ان الارث بالتعصيب يدور على انحصار سهم الوارث الانثى بما ذكر له في الكتاب العزيز بدون رد عليها بل الباقي يعطى المنتسبين الى الميت وان بعدوا في المرتبة او الطبقة عن الوارث ذى الفرض

____________________

١ - ئل ١٧ الباب ٧ من ابواب موجبات الارث حديث ١٧.

١٥

كالاخت مع البنت وكالعم او ابنه مع البنت.

ولهم في ذلك استدلال بالقرآن يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين.

وبما رواه وهيب ١ - عن ابن طاوس عن ابيه عن اب عباس ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال الحقوا الفرائض فما ابقت فلاولى عصبة ذكر.

وبما رواه عبد الله ٢ - بن محمد بن عقيل عن جابر ان سعد بن الربيع قتل يوم احد وان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى امرأته فجائت بابنتي سعد فقالت يا رسول الله ان اباهما قتل يوم احد واخذ عمهما المال كله ولا تنكحان الا ولهما مال فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيقضى الله في ذلك فانزل الله تعالى يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين حتى ختم الاية فدعى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمهما وقال اعط الجاريتين الثلثين واعط امهما الثمن وما يبقى لك.

وقد اجمعت الامامية على بطلان التعصيب كالعول وان الميراث انما يرثه الاقرب الى الميت فا لاقرب سواء كان ذا فرض ام لا وان ذا الفرض اذا اخذ فرضه فزاد المال فالزائد يرد عليه واحداً كان او متعدداً غير الزوج والزوجة فانه في صورة تعدد ذى الفرض لا يرد على الزوج كما ان الاصح ان الزوجة لا يرد اليها اصلا بل ما زاد عن فرضها فللامامعليه‌السلام ان لم يكن معتق اوضامن جريرة.

ووردت الروايات ان العصبة في ٣ - فيه التراب، وما استدل به العامة آية ورواية فمردود اما استدلالهم بالاية فليس على ما رأوا

____________________

١ و ٢ - خلاف الشيخ ٢ مسئلة ٨٠ كتاب الفرائض.

٣ - ئل ١٧ باب ٨ من ابواب موجبات الارث حديث ١.

١٦

فانها لا تورث العصبة في ما زاد على الفرض بل اللازم الركون الى قوله تعالى واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله فلا مجال لارث العم مع البنت ولا ابن الابن والعم معها بل المال كله للبنت فرضاً ورداً.

واما الروايات فضعيفة سنداً بلا اشكال بل ما اسندوه الى ابن عباس رووا ما يناقضه فعن قارية ١ - بن مضرب قال جلست الى ابن عباس وهو بمكة فقلت يابن عباس حديث يرويه اهل العراق عنك وطاوس مولاك يرويه ان ما ابقت الفرائض فلاولى عصبة ذكر، قال امن اهل العراق انت قلت نعم، قال ابلغ من وراك اني أقول ان قول الله عزوجل آبائكم وابنائكم لا تدرون ايهم اقرب لكم نفعاً فريضة من الله وقوله واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله وهل هذه الا فريضتان وهل ابقتا شيئاً؟ ما قلت هذا ولا طاوس يرويه على.

قال قارية بن مضرب فلقيت طاوساً فقال لا والله ما رويت هذا على ابن عباس قط وانما القاه الشيطان على السنتهم.

قال سفيان (وهو في سند الرواية) اراه من قبل ابنه عبد الله بن طاوس، فانه كان على خاتم سليمان بن عبد الملك وكان يحمل على هؤلاء القوم حملا شديداً (يعني بني هاشم) كما انها لا تتم دلالتها.

بل اورد عليهم اشكالات كثيره والزامات شنيعة قد ذكر بعضها شيخ الطائفة قدس سره في كتاب الخلاف.

منها كون الولد الذكر للصلب اضعف سبباً من ابن ابن ابن العم في ما فرضه قدس سره من موت رجل ترك ٢٨ بنتاً وابناً واحداً فانه

____________________

١ - ئل ١٧ الباب ٨ موجبات الارث الحديث ٤.

١٧

ومذهب المخالفين فيها اعطاء النصف الزائد الى العصبة وهم الذكور الذين ينتسبون الى الميت بغير واسطة او بواسطة الذكر وربما عمموها للانثى على تفصيل عندهم، واما عندنا فيرد على ذوى الفروض كالبنت في الفرض فترث النصف بالفرض والنصف بالرد، واذا لم يكونوا جميعا ذوى فروض قسم المال بينهم على تفصيل يأتي، واذا كان بعضهم ذا فرض دون آخر اعطى ذو الفرض فرضه واعطى الباقي لغيره على تفصيل يأتي انشاء الله تعالى.

___________________________________________________________

لا اشكال في كون ميراث الابن سهمين من ثلاثين والباقي للبنات لكل واحدة سهم مع انه لو فرض مكان الابن ابن ابن ابن العم جعلوا له عشرة اسهم من ثلاثين سهماً والعشرين للثمانية والعشرين بنتاً وفي هذا كما قال خروج من العرف والشريعة.

كما ان تعليلهم بتوريث بنت الابن في ما اذا كان الوارث بنتاً وبنت ابن والعم بتوريث البنت النصف وبنت الابن السدس.

وكذلك في ما إذا كان بنت وبنت ابن وابن بان للبنتين الثلثين فللواحدة النصف والزائد على النصف للثلثين لبنت الابن في المسئلة الأولى وبان للذكر مثل حظ الانثيين فتعطى بنت الابن وابن الابن النصف للذكر مثل حظ الانثيين باطل لاختلاف النصيب للبنت في انفرادها عن صورة اجتماعها مع البنت الاخرى وكذلك الاخت الواحدة مع الاخت الثانية.

فلا مجال لتوريث الزائد على النصف في صورة الانفراد لغيرها.

١٨

الفصل الثاني

موانع الارث ثلاثة:

(١) الكفر ، والقتل، والرق، والكلام في الأول يقع في مسائل...

(مسألة ١) لا يرث الكافر (٢) من المسلم وان قرب

___________________________________________________________

(١) وربما زيد عليها بل انهى الى عشرين لكن الانسب عدم جعل الزائد من الموانع بل يرجع اكثرها الى عدم المقتضى من النسب والسبب كاللعان والحمل والزنا.

(٢) المراد بالكافر هنا معناه المعروف الذي يخرج به الانسان عن زمرة المسلمين اعتقاداً كان او عملاً اصليا حربياً او ذمياً كان او ارتداداً عن ملة او فطرة نصباً كان او غلواً في حق احد الائمة عليهم السلام.

وعلى عدم الارث الاجماع بل في الجواهر لا خلاف فيه بين المسلمين والنصوص عليه متضافره كقول ابي عبد اللهعليه‌السلام في ما رواه ١ - ابو ولاد المسلم يرث امرأته الذمية وهي لا ترثه وقوله عليه السلام في ما رواه ٢ - حسن بن صالح المسلم يحجب الكافر ويرثه والكافر لا يحجب المسلم ولا يرثه وقول الباقرعليه‌السلام ٣ - حيث سأله عبد الرحمن بن اعين في النصراني يموت وله ابن مسلم ايرثه قال نعم، ان الله عزوجل لم يزدنا

____________________

الى ٣ - ئل ١٧ الباب ١ ابواب موانع الارث الاحاديث ١ - ٢ - ٤.

١٩

ولا فرق (١) في الكافر بين الاصلي ذمياً كان او حربياً والمرتد (٢) فطرياً كان او ملياً ولا في المسلم بين المؤمن (٣) وغيره.

(مسئلة ٢) الكافر لا يمنع (٤) من يتقرب به فلومات مسلم وله ولد كافر وللولد ولد مسلم كان ميراثه لولد ولده ولو مات المسلم وفقد الوارث المسلم كانه ميراثه للامام (٥).

___________________________________________________________

بالاسلام الا عزاً فنحن نرثهم وهم لا يرثونا وروى ايضاً عن ١ - الصادقعليه‌السلام لا يتوارث اهل ملتين نحن نرثهم ولا يرثونا ان الله عزوجل لم يزدنا بالاسلام الا عزاً او ان ٢ - الاسلام لم يزده في ميراثه الاشدة.

(١) دل على ذلك مضافاً الى بعض ما سبق قول ابي جعفرعليه‌السلام في ما سمعه ٣ - محمد بن قيس لا يرث اليهودي والنصراني المسلمين ويرث المسلمون اليهود والنصارى، وروى ٤ - علي بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر عليهما السلام في نصراني يموت ابنه وهو مسلم، هل يرث؟ فقالعليه‌السلام لا يرث اهل ملة.

(٢) سيجيء الكلام فيه انشاء الله.

(٣) كما سيجيء في مسئله ٦.

(٤) كما دل عليه قولهعليه‌السلام في رواية حسن بن صالح.

(٥) كما هو مقتضى ما دل على عدم ارث الكافر من المسلم وفرض عدم وارث غير الامام وهوعليه‌السلام وارث من لا وارث له ودل عليه ذيل رواية ٥ - ابي بصير المرادي في موت رجل مسلم وله قرابة نصارى من قول

____________________

١ الى ٤ - ئل ١٧ الباب ١ ابواب موانع الارث الاحاديث ٦ - ١٤ - ٧ - ٢٤.

٥ - ئل ١٧ الباب ٣ موانع الارث الحديث ١.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

وانتهت الوفود إلى دمشق لعرض آرائها على عاهل الشام ، وقد قام معاوية بضيافتهم والإحسان إليهم.

مؤتمرُ الوفود الإسلاميّة :

وعقدت وفود الأقطار الإسلاميّة مؤتمراً في البلاط الاُموي في دمشق لعرض آرائها في البيعة ليزيد ، وقد افتتح المؤتمر معاوية بالثناء على الإسلام ، ولزوم طاعة ولاة الاُمور ، ثمّ ذكر يزيد وفضله وعمله بالسّياسة ، ودعاهم لبيعته.

المؤيّدون للبيعة :

وانبرت كوكبة مِنْ أقطاب الحزب الاُموي فأيّدوا معاوية ، وحثّوه على الإسراع للبيعة ، وهم :

1 ـ الضحّاك بن قيس

2 ـ عبد الرحمن بن عثمان

3 ـ ثور بن معن السلمي

4 ـ عبد الله بن عصام

5 ـ عبد الله بن مسعدة

وكان معاوية قد عهد إليهم بالقيام بتأييده ، والردّ على المعارضين له.

٢٠١

خطابُ الأحنف بن قيس :

وانبرى إلى الخطابة زعيم العراق وسيّد تميم الأحنف بن قيس ، الذي تقول فيه ميسون اُمّ يزيد : لو لمْ يكن في العراق إلاّ هذا لكفاهم(1) . وتقدّم فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ التفت إلى معاوية قائلاً :

أصلح الله أمير المؤمنين ، إنّ الناس في منكر زمان قد سلف ، ومعروف زمان مؤتنف ، ويزيد ابن أمير المؤمنين نعم الخلف ، وقد حلبت الدهر أشطره.

يا أمير المؤمنين ، فاعرف مَنْ تسند إليه الأمر مِنْ بعدك ثمّ اعصِ أمر مَنْ يأمرك ، ولا يغررك مَنْ يُشير عليك ولا ينظر لك ، وأنت أنظر للجماعة ، وأعلم باستقامة الطاعة ، مع أنّ أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا ، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيّاً.

وأثار خطاب الأحنف موجةً مِن الغضب والاستياء عند الحزب الاُموي ، فاندفع الضحّاك بن قيس مندِّداً به ، وشتم أهلَ العراق ، وقدح بالإمام الحسن (عليه السّلام) ، ودعا الوفد العراقي إلى الإخلاص لمعاوية والامتثال لما دعا إليه. ولمْ يعن به الأحنف ، فقام ثانياً فنصح معاوية ودعاه إلى الوفاء بالعهد الذي قطعه على نفسه مِنْ تسليم الأمر إلى الحسن (عليه السّلام) مِنْ بعده ؛ حسب اتفاقية الصلح التي كان من أبرز بنودها إرجاع الخلافة مِنْ بعده إلى الإمام الحسن (عليه السّلام) ، كما أنّه هدّد معاوية بإعلان الحرب إذا لمْ يفِ بذلك.

__________________

(1) تذكرة ابن حمدون / 81.

٢٠٢

فشلُ المؤتمر :

وفشلَ المؤتمر فشلاً ذريعاً بعد خطاب الزعيم الكبير الأحنف بن قيس ، ووقع نزاع حاد بين أعضاء الوفود وأعضاء الحزب الاُموي ، وانبرى يزيد بن المقفّع فهدّد المعارضين باستعمال القوّة قائلاً : أمير المؤمنين هذا ـ وأشار إلى معاوية ـ ، فإنْ هلك فهذا ـ وأشار إلى يزيد ـ ، ومَنْ أبى فهذا ـ وأشار إلى السيف ـ.

فاستحسن معاوية قوله ، وراح يقول له : اجلس فأنت سيّد الخطباء وأكرمهم.

ولمْ يعن به الأحنف بن قيس ، فانبرى إلى معاوية فدعاه إلى الإمساك عن بيعة يزيد ، وأنْ لا يُقدّمَ أحداً على الحسن والحسين (عليهما السّلام). وأعرض عنه معاوية ، وبقي مصرّاً على فكرته التي هي أبعد ما تكون عن الإسلام.

وعلى أي حالٍ ، فإنّ المؤتمر لمْ يصل إلى النتيجة التي أرادها معاوية ؛ فقد استبان له أنّ بعض الوفود الإسلاميّة لا تُقِرّه على هذه البيعة ولا ترضى به.

سفرُ معاوية ليثرب :

وقرّر معاوية السفر إلى يثرب التي هي محطّ أنظار المسلمين ، وفيها أبناء الصحابة الذين يُمثّلون الجبهة المعارضة للبيعة ؛ فقد كانوا لا يرون يزيداً نِدّاً لهم ، وإنّ أخذ البيعة له خروجٌ على إرادة الأُمّة ، وانحراف عن الشريعة الإسلاميّة التي لا تُبيح ليزيد أنْ يتولّى شؤون المسلمين ؛ لما عُرِفَ به مِن الاستهتار وتفسّخ الأخلاق.

٢٠٣

وسافر معاوية إلى يثرب في زيارة رسمية ، وتحمّل أعباء السفر لتحويل الخلافة الإسلاميّة إلى مُلْكٍ عضوض ، لا ظل فيه للحقّ والعدل.

اجتماعٌ مغلق :

وفور وصول معاوية إلى يثرب أمر بإحضار عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن جعفر ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمر ، وعقد معهم اجتماعاً مغلقاً ، ولمْ يُحضر معهم الحسن والحسين (عليهما السّلام) ؛ لأنّه قد عاهد الحسن (عليه السّلام) أنْ تكون الخلافة له مِنْ بعده ، فكيف يجتمع به؟ وماذا يقول له؟ وقد أمر حاجبه أنْ لا يسمح لأي أحدٍ بالدخول عليه حتّى ينتهي حديثه معهم.

كلمةُ معاوية :

وابتدأ معاوية الحديث بحمد الله والثناء عليه ، وصلّى على نبيّه ، ثمّ قال : أمّا بعد ، فقد كبر سنّي ، ووهن عظمي ، وقرب أجلي ، وأوشكت أنْ اُدعى فأُجيب ، وقد رأيت أنْ استخلف بعدي يزيد ، ورأيته لكم رضا. وأنتم عبادلة قريش وخيارهم وأبناء خيارهم ، ولمْ يمنعني أنْ أُحضِرَ حسناً وحُسيناً إلاّ أنّهما أولاد أبيهما علي ، على حُسنِ رأي فيهما ، وشدّة محبّتي لهما ، فردّوا على أمير المؤمنين خيراً رحمكم الله.

ولم يستعمل معهم الشدّة والإرهاب ؛ استجلاباً لعواطفهم ، ولمْ يخفَ عليهم ذلك ، فانبروا جميعاً إلى الإنكار عليه.

٢٠٤

كلمةُ عبد الله بن عباس :

وأوّل مَنْ كلّمه عبد الله بن عباس ، فقال بعد حمد الله ، والثناء عليه : أمّا بعد ، فإنّك قد تكلّمت فأنصتنا ، وقلت فسمعنا ، وإنّ الله جلّ ثناؤه وتقدّست أسماؤه اختار محمّداً (صلّى الله عليه وآله) لرسالته ، واختاره لوحيه ، وشرّفه على خلقه ، فأشرف الناس مَنْ تشرّف به ، وأولاهم بالأمر أخصّهم به ، وإنّما على الأُمّة التسليم لنبيّها إذا اختاره الله له ؛ فإنّه إنّما اختار محمّداً (صلّى الله عليه وآله) بعلمه ، وهو العليم الخبير ، واستغفر الله لي ولكم.

وكانت دعوة ابن عباس صريحةً في إرجاع الخلافة لأهل البيت (عليهم السّلام) ، الذين هم ألصق الناس برسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأمسّهم به رحماً ؛ فإنّ الخلافة إنّما هي امتداد لمركز رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فأهل بيته أحقّ بمقامه وأولى بمكانته.

كلمةُ عبد الله بن جعفر :

وانبرى عبد الله بن جعفر ، فقال بعد حمد الله والثناء عليه : أمّا بعد ، فإنّ هذه الخلافة إنْ أُخذ فيها بالقرآن فاُولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ، وإنْ أُخذ فيها بسنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فاُولوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وإنْ أُخذ فيها بسنّة الشيخين أبي بكر وعمر فأي الناس أفضل وأكمل وأحق بهذا الأمر مِنْ آل الرسول (صلّى الله عليه وآله)؟ وأيمُ الله ، لو ولّوها بعد نبيّهم لوضعوا الأمر موضعه ؛ لحقّه وصدقه ، ولأُطيع الرحمن وعُصي الشيطان ، وما اختلف في الأُمّة سيفان ، فاتقِ الله يا معاوية ، فإنّك قد صرت راعياً ونحن رعيّة ، فانظر لرعيتك فإنّك مسؤول عنها غداً ،

٢٠٥

وأمّا ما ذكرت مِن ابنَي عمّي وتركك أنْ تحضرهم ، فوالله ما أصبت الحقّ ، ولا يجوز ذلك إلاّ بهما ، وإنّك لتعلم أنّهما معدن العلم والكرم ، فقل أو دع ، واستغفر الله لي ولكم.

وحفل هذا الخطاب بالدعوة إلى الحقّ ، والإخلاص للأُمّة ، فقد رشّح أهل البيت (عليهم السّلام) للخلافة وقيادة الأُمّة ، وحذّره مِنْ صرفها عنهم كما فعل غيره مِن الخلفاء ، فكان مِنْ جرّاء ذلك أنْ مُنِيَتِ الأُمّة بالأزمات والنّكسات ، وعانت أعنف المشاكل وأقسى الحوادث.

كلمةُ عبد الله بن الزبير :

وانطلق عبد الله بن الزبير للخطابة ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : أمّا بعد ، فإنّ هذه الخلافة لقريش خاصة ، نتناولها بمآثرها السنيّة وأفعالها المرضيّة ، مع شرف الآباء وكرم الأبناء ، فاتّقِ الله يا معاوية وأنصف نفسك ؛ فإنّ هذا عبد الله بن عباس ابن عمّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وهذا عبد الله بن جعفر ذي الجناحين ابن عمّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأنا عبد الله بن الزبير ابن عمّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وعلي خلّف حسناً وحُسيناً ، وأنت تعلم مَنْ هما وما هما؟ فاتّقِ الله يا معاوية ، وأنت الحاكم بيننا وبين نفسك.

وقد رشح ابن الزبير هؤلاء النفر للخلافة ، وقد حفّزهم بذلك لمعارضة معاوية وإفساد مهمّته.

٢٠٦

كلمةُ عبد الله بن عمر :

واندفع عبد الله بن عمر ، فقال بعد حمد الله والصلاة على نبيّه : أمّا بعد ، فإنّ هذه الخلافة ليست بهرقليّة ، ولا قيصريّة ، ولا كسرويّة يتوارثها الأبناء عن الآباء ، ولو كان كذلك كنت القائم بها بعد أبي ، فوالله ما أدخلني مع الستّة مِنْ أصحاب الشورى إلاّ على أنّ الخلافة ليست شرطاً مشروطاً ، وإنّما هي في قريش خاصة لمَنْ كان لها أهلاً ؛ ممّن ارتضاه المسلمون لأنفسهم ، ممّن كان أتقى وأرضى ، فإنْ كنت تريد الفتيان مِنْ قريش فلعمري أنّ يزيد مِنْ فتيانها ، واعلم أنّه لا يُغني عنك مِن الله شيئاً.

ولمْ تعبّر كلمات العبادلة عن شعورهم الفردي ، وإنّما عبّرت تعبيراً صادقاً عن رأي الأغلبية السّاحقة مِن المسلمين الذين كرهوا خلافة يزيد ، ولمْ يرضوا به.

كلمةُ معاوية :

وثقلَ على معاوية كلامهم ، ولمْ يجد ثغرة ينفذ منها للحصول على رضاهم ، فراح يشيد بابنه فقال : قد قلت وقلتم ، وإنّه قد ذهبت الآباء وبقيت الأبناء ، فابني أحبّ إليّ مِن أبنائهم ، مع أنّ ابني إنْ قاولتموه وجد مقالاً ، وإنّما كان هذا الأمر لبني عبد مناف ؛ لأنّهم أهل رسول الله ، فلمّا مضى رسول الله ولّى الناس أبا بكر وعمر مِنْ غير معدن المُلْك والخلافة ، غير أنّهما سارا بسيرةٍ جميلةٍ ، ثمّ رجع المُلْك إلى بني عبد مناف ، فلا يزال فيهم إلى يوم القيامة ، وقد

٢٠٧

أخرجك الله يابن الزبير ، وأنت يابن عمر منه ، فأمّا ابنا عمّي هذان فليسا بخارجين مِن الرأي إنْ شاء الله(1) .

وانتهى اجتماع معاوية بالعبادلة ، وقد أخفق فيه إخفاقاً ذريعاً ؛ فقد استبان له أنّ القوم مصمّمون على رفض بيعة يزيد. وعلى إثر ذلك غادر يثرب ، ولمْ تذكر المصادر التي بأيدينا اجتماعه بسبطي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فقد أهملت ذلك ، وأكبر الظن أنّه لمْ يجتمع بهما.

فزعُ المسلمين :

وذُعِرَ المسلمون حينما وافتهم الأنباء بتصميم معاوية على فرض ابنه خليفة عليهم ، وكان مِنْ أشدّ المسلمين خوفاً المدنيون والكوفيون ، فقد عرفوا واقع يزيد ، ووقفوا على اتجاهاته المعادية للإسلام.

يقول توماس آرنولد : كان تقرير معاوية للمبدأ الوراثي نقلة خطيرة في حياة المسلمين الذين ألِفوا البيعة والشورى ، والنُّظم الاُولى في الإسلام ، وهم بعدُ قريبون منها ؛ ولهذا أحسّوا ـ وخاصة في مكّة والمدينة ، حيث كانوا يتمسّكون بالأحاديث والسّنن النّبوية الاُولى ـ أنّ الاُمويِّين نقلوا الخلافة إلى حكم زمني متأثر بأسباب دنيوية ، مطبوع بالعظمة وحبّ الذات بدلاً مِنْ أنْ يحتفظوا بتقوى النّبي وبساطته(2) .

لقد كان إقدام معاوية على فرض ابنه يزيد حاكماً على المسلمين تحوّلاً خطيراً في حياة المسلمين الذين لمْ يألفوا مثل هذا النظام الثقيل الذي فُرِضَ عليهم بقوّة السّلاح.

__________________

(1) الإمامة والسياسة 1 / 180 ـ 183 ، جمهرة الخطب 2 / 233 ـ 236.

(2) الخلافة ـ لتوماس / 10.

٢٠٨

الجبهةُ المعارضة :

وأعلن الأحرار والمصلحون في العالم الإسلامي رفضهم القاطع لبيعة يزيد ، ولمْ يرضوا به حاكماً على المسلمين ، وفيما يلي بعضهم :

1 ـ الإمام الحسين (عليه السّلام) :

وفي طليعة المعارضين لبيعة يزيد الإمام الحُسين (عليه السّلام) ، فقد كان يحتقر يزيد ويكره طباعه الذميمة ، ووصفه بأنّه صاحب شراب وقنص ، وأنّه قد لزم طاعة الشيطان وترك طاعة الرحمن ، وأظهر الفساد ، وعطّل الحدود ، واستأثر بالفيء ، وأحلّ حرام الله وحرّم حلاله(1) . وإذا كان بهذه الضِعة ، فكيف يبايعه ويقرّه حاكماً على المسلمين؟!

ولمّا دعاه الوليد إلى بيعة يزيد قال له الإمام (عليه السّلام) : «أيّها الأمير ، إنّا أهل بيت النّبوة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، بنا فتح الله وبنا يختم ، ويزيد رجل فاسق ، شارب الخمر ، وقاتل النّفس المحترمة ، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله».

ورفض بيعة يزيد جميع أفراد الأُسرة النّبوية تبعاً لزعيمهم العظيم ، ولمْ يشذّوا عنه.

الحرمان الاقتصادي :

وقابل معاوية الأسرة النّبوية بحرمان اقتصادي ؛ عقوبةً لهم لامتناعهم عن بيعة يزيد ، فقد حبس عنهم العطاء سنةً كاملة(2) ، ولكنّ ذلك لمْ يثنهم عن عزمهم في شجب البيعة ورفضها.

__________________

(1) تاريخ ابن الأثير.

(2) تاريخ ابن الأثير 3 / 252 ، الإمامة والسياسة 1 / 200.

٢٠٩

2 ـ عبد الرحمن بن أبي بكر :

ومِن الذين نقموا على بيعة يزيد عبد الرحمن بن أبي بكر ، فقد وسمها بأنّها هرقلية ، كلّما مات هرقل قام مكانه هرقل آخر(1) . وأرسل إليه معاوية مئة ألف درهم ليشتري بها ضميره فأبى ، وقال : لا أبيع ديني(2) .

3 ـ عبد الله بن الزبير :

ورفض عبد الله بن الزبير بيعة يزيد ، ووصفه بقوله : يزيد الفجور ، ويزيد القرود ، ويزيد الكلاب ، ويزيد النشوات ، ويزيد الفلوات(3) . ولمّا أجبرته السّلطة المحلّية في يثرب على البيعة فرّ منها إلى مكّة.

4 ـ المنذر بن الزبير :

وكره المنذر بن الزبير بيعة يزيد وشجبها ، وأدلى بحديث له عن فجور يزيد أمام أهل المدينة ، فقال : إنّه قد أجازني بمئة ألف ، ولا يمنعني ما صنع بي أنْ أخبركم خبره. والله ، إنّه ليشرب الخمر. والله ، إنّه ليسكر حتّى يدع الصلاة(4) .

5 ـ عبد الرحمن بن سعيد :

وامتنع عبد الرحمن بن سعيد مِن البيعة ليزيد ، وقال في هجائه :

__________________

(1) الاستيعاب.

(2) الاستيعاب ، البداية والنهاية 8 / 89.

(3) أنساب الأشراف 4 / 30.

(4) الطبري 4 / 368.

٢١٠

لستَ منّا وليس خالُك منّا

يا مضيعَ الصلاةِ للشهواتِ(1)

6 ـ عابس بن سعيد :

ورفض عابس بن سعيد بيعة يزيد حينما دعاه إليها عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال له : أنا أعرَفُ به منك ، وقد بعتَ دينك بدنياك(2) .

7 ـ عبد الله بن حنظلة :

وكان عبد الله بن حنظلة مِن أشدّ الناقمين على البيعة ليزيد ، وكان مِن الخارجين عليه في وقعة الحرّة ، وقد خاطب أهل المدينة ، فقال لهم : فو الله ، ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أنْ نُرمى بالحِجارة مِن السّماء.

حياة الإمام الحُسين

إنّ رجلاً ينكح الأُمّهات والبنات ، ويشرب الخمر ، ويدع الصلاة ، والله لو لمْ يكن معي أحدٌ مِن الناس لأبليت لله فيه بلاءً حسناً(3) .

وكان يرتجز في تلك الواقعة :

بعداً لمَنْ رام الفساد وطغى

وجانب الحقّ وآيات الهدى

لا يبعد الرحمنُ إلاّ مَنْ عصى(4)

__________________

(1) الحُسين بن علي (عليه السّلام) 2 / 6.

(2) القضاة ـ للكندي / 310.

(3) طبقات ابن سعد.

(4) تاريخ الطبري 7 / 12.

٢١١

موقفُ الأُسرة الاُمويّة :

ونقمت الأُسرة الاُمويّة على معاوية في عقده البيعة ليزيد ، ولكن لمْ تكن نقمتهم عليه مشفوعة بدافع ديني أو اجتماعي ، وإنّما كانت مِنْ أجل مصالحهم الشخصية الخاصة ؛ لأنّ معاوية قلّد ابنه الخلافة وحرمهم منها ، وفيما يلي بعض الناقمين :

1 ـ سعيد بن عثمان :

وحينما عقد معاوية البيعة ليزيد أقبل سعيد بن عثمان إلى معاوية ، وقد رفع عقيرته قائلاً : علامَ جعلت ولدك يزيد وليّ عهدك؟! فوالله لأبي خير مِنْ أبيه ، وأُمّي خير مِنْ أُمّه ، وأنا خيرٌ مِنه ، وقد ولّيناك فما عزلناك ، وبنا نلت ما نلت!

فراوغ معاوية وقال له : أمّا قولك إنّ أباك خير مِنْ أبيه فقد صدقت ، لعمر الله إنّ عثمان لخير مِنّي ؛ وأمّا قولك إنّ أُمّك خير مِنْ أُمّه فحسب المرأة أنْ تكون في بيت قومِها ، وأنْ يرضاها بعلها ، ويُنجب ولدها ؛ وأمّا قولك إنّك خير مِنْ يزيد ، فوالله ما يسرّني أنّ لي بيزيد ملء الغوطة ذهباً مثلك ؛ وأمّا قولك إنّكم ولّيتموني فما عزلتموني ، فما ولّيتموني إنّما ولاّني مَنْ هو خير مِنكم عمر بن الخطاب فأقررتموني.

وما كنت بئس الوالي لكم ؛ لقد قمت بثأركم ، وقتلتُ قتلة أبيكم ، وجعلت الأمر فيكم ، وأغنيت فقيركم ، ورفعت الوضيع منكم ...

٢١٢

وكلّمه يزيد فأرضاه ، وجعله والياً على خراسان(1) .

2 ـ مروان بن الحكم :

وشجب مروان بن الحكم البيعة ليزيد وتقديمه عليه ، فقد كان شيخ الاُمويِّين وزعيمهم ، فقال له : أقم يابن أبي سفيان ، واهدأ مِنْ تأميرك الصبيان ، واعلم أنّ لك في قومك نُظراء ، وأنّ لهم على مناوئتك وزراً.

فخادعه معاوية ، وقال له : أنت نظير أمير المؤمنين بعده ، وفي كلّ شدّة عضده ، فقد ولّيتك قومك ، وأعظمنا في الخراج سهمك ، وإنّا مجيرو وفدك ، ومحسنو وفدك(2) .

وقال مروان لمعاوية : جئتم بها هرقلية ، تُبايعون لأبنائكم!(3) .

3 ـ زياد بن أبيه :

وكره زياد بن أبيه بيعة معاوية لولده ؛ وذلك لما عرف به مِن الاستهتار والخلاعة والمجون.

ويقول المؤرّخون : إنّ معاوية كتب إليه يدعوه إلى أخذ البيعة بولايته العهد ليزيد ، وإنّه ليس أولى مِن المغيرة بن شعبة. فلمّا قرأ كتابه دعا برجل مِنْ أصحابه كان يأتمنه حيث لا يأتمن أحداً غيره ، فقال له : إنّي اُريد أنْ ائتمنك على ما لم ائتمن على بطون الصحائف ؛ ائت معاوية وقل له : يا أمير المؤمنين ، إنّ كتابك ورد عليّ بكذا ، فماذا يقول

__________________

(1) وفيات الأعيان 5 / 389 ـ 390.

(2) الإمامة والسّياسة 1 / 128.

(3) الإسلام والحضارة العربية 2 / 395.

٢١٣

الناس إنْ دعوناهم إلى بيعة يزيد ، وهو يلعب بالكلاب والقرود ، ويلبس المصبغ ، ويدمن الشراب ، ويمسي على الدفوف ، ويحضرهم ـ أي الناس ـ الحُسين بن علي ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمر؟! ولكن تأمره أنْ يتخلّق بأخلاق هؤلاء حولاً أو حولين ، فعسانا أنْ نموه على الناس. وسار الرسول إلى معاوية فأدّى إليه رسالة زياد ، فاستشاط غضباً ، وراح يتهدّده ويقول :

ويلي على ابن عُبيد! لقد بلغني أنّ الحادي حدا له أنّ الأمير بعدي زياد. والله ، لأردّنه إلى أُمّه سُميّة وإلى أبيه عُبيد(1) .

هؤلاء بعض الناقدين لمعاوية مِن الأُسرة الاُمويّة وغيرهم في توليته لخليعه يزيد خليفة على المسلمين.

إيقاعُ الخلاف بين الاُمويِّين :

واتّبع معاوية سياسة التفريق بين الاُمويِّين حتّى يصفو الأمر لولده يزيد ؛ فقد عزل عامله على يثرب سعيد بن العاص واستعمل مكانه مروان بن الحكم ، ثمّ عزل مروان واستعمل سعيداً مكانه ، وأمره بهدم داره ومصادرة أمواله ، فأبى سعيد مِنْ تنفيذ ما أمره به معاوية فعزله وولّى مكانه مروان ، وأمره بمصادرة أموال سعيد وهدم داره ، فلمّا همّ مروان بتنفيذ ما عهد إليه أقبل إليه سعيد وأطلعه على كتاب معاوية في شأنه ، فامتنع مروان مِن القيام بما أمره معاوية.

وكتب سعيد إلى معاوية رسالة يندّد فيها بعمله ، وقد جاء فيها : العجب ممّا صنع أمير المؤمنين بنا في قرابتنا له ، أنْ يضغن بعضنا

__________________

(1) تاريخ اليعقوبي 2 / 196.

٢١٤

على بعض! فأمير المؤمنين في حلمه وصبره على ما يكره مِن الأخبثين ، وعفوه وإدخاله القطيعة بنا والشحناء ، وتوارث الأولاد ذلك!(1) .

وعلّق عمر أبو النّصر على سياسة التفريق التي تبعها معاوية مع أُسرته بقوله : إنّ سبب هذه السّياسة هو رغبة معاوية في إيقاع الخلاف بين أقاربه الذين يخشى نفوذهم على يزيد مِنْ بعده ، فكان يضرب بعضهم ببعضٍ حتّى يظلّوا بحاجة إلى عطفه وعنايته(2) .

تجميدُ البيعة :

وجمّد معاوية رسمياً البيعة ليزيد إلى أجل آخر حتّى يتمّ له إزالة الحواجز والسدود التي تعترض طريقه. ويقول المؤرّخون : إنّه بعد ما التقى بعبادلة قريش في يثرب ، واطّلع على آرائهم المعادية لما ذهب إليه ، أوقف كلّ نشاط سياسي في ذلك ، وأرجأ العمل إلى وقت آخر(3) .

اغتيالُ الشخصيات الإسلاميّة :

ورأى معاوية أنّه لا يمكن بأي حالٍ تحقيق ما يصبوا إليه مِنْ تقليد ولده الخلافة مع وجود الشخصيات الرفيعة التي تتمتّع باحترام بالغ في نفوس المسلمين ، فعزم على القيام باغتيالهم ؛ ليصفو له الجو ، فلا يبقى أمامه أي مزاحم ،

__________________

(1) تاريخ الطبري 4 / 18.

(2) السياسة عند العرب ـ عمر أبو النّصر / 98.

(3) الإمامة والسياسة 1 / 182.

٢١٥

وقد قام باغتيال الذوات التالية :

1 ـ سعد بن أبي وقاص :

ولسعد المكانة العليا في نفوس الكثيرين مِن المسلمين ، فهو أحد أعضاء الشورى ، وفاتح العراق ، وقد ثقل مركزه على معاوية فدسّ إليه سُمّاً فمات منه(1) .

2 ـ عبد الرحمن بن خالد :

وأخلص أهل الشام لعبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وأحبّوه كثيراً ، وقد شاورهم معاوية فيمَنْ يعقد له البيعة بعد وفاته ، فقالوا له : رضينا بعبد الرحمن بن خالد ، فشقّ ذلك عليه ، وأسرّها في نفسه.

ومرض عبد الرحمن ، فأمر معاوية طبيباً يهودياً كان مكيناً عنده أنْ يأتيه للعلاج فيسقيه سقية تقتله ، فسقاه الطبيب فمات على أثر ذلك(2) .

3 ـ عبد الرحمن بن أبي بكر :

وكان عبد الرحمن بن أبي بكر مِنْ أقوى العناصر المعادية لبيعة معاوية لولده ، وقد أنكر عليه ذلك ، وبعث إليه معاوية بمئة ألف درهم فردّها عليه ، وقال : لا أبيع ديني بدنياي. ولمْ يلبث أنْ مات فجأة بمكة(3) .

وتعزو المصادر سبب وفاته إلى أنّ معاوية دسّ إليه سُمّاً فقتله.

__________________

(1) مقاتل الطالبيِّين / 29.

(2) الاستيعاب.

(3) المصدر نفسه.

٢١٦

4 ـ الإمام الحسن (عليه السّلام) :

وقام معاوية باقتراف أعظم جريمة وإثم في الإسلام ، فقد عمد إلى اغتيال سبط النّبي (صلّى الله عليه وآله) وريحانته الإمام الحسن (عليه السّلام) ، الذي عاهده بأنْ يكون الخليفة مِنْ بعده.

ولم يتحرّج الطاغية مِنْ هذه الجريمة في سبيل إنشاء دولة اُمويّة تنتقل بالوارثة إلى أبنائه وأعقابه ، وقد وصفه (الميجر اُوزبورن) بأنّه مخادع ، وذو قلب خال مِنْ كلّ شفقة ، وأنّه كان لا يتهيّب مِنْ الإقدام على أيّة جريمة مِنْ أجل أنْ يضمن مركزه ؛ فالقتل إحدى وسائله لإزالة خصومه ، وهو الذي دبّر تسميم حفيد الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، كما تخلّص مِنْ مالك الأشتر قائد علي بنفس الطريقة(1) .

وقد استعرض الطاغية السفّاكين ليعهد إليهم القيام باغتيال ريحانة النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، فلمْ يرَ أحداً خليقاً بارتكاب الجريمة سوى جُعيدة بنت الأشعث ؛ فإنّها مِنْ بيت قد جُبِلَ على المكر ، وطُبِعَ على الغدر والخيانة ، فأرسل إلى مروان بن الحكم سُمّاً فاتكاً كان قد جلبه مِنْ مَلكِ الروم ، وأمره بأنْ يُغري جُعيدة بالأموال وزواج ولده يزيد إذا استجابت له ، وفاوضها مروان سرّاً ففرحت ، فأخذت مِنه السُّمّ ودسّته للإمام (عليه السّلام) ، وكان صائماً في وقت ملتهب مِن شدّة الحرّ ، ولمّا وصل إلى جوفه تقطّعت أمعاؤه ، والتفت إلى الخبيثة فقال لها : «قتلتيني قتلك الله. والله لا تصيبنَّ مِنّي خَلفاً ، لقد غرّك ـ يعني معاوية ـ وسخر مِنك ، يخزيك الله ويخزيه».

وأخذ حفيد الرسول (صلّى الله عليه وآله) يعاني الآلام الموجعة مِنْ شدّة السُّمّ ،

__________________

(1) روح الإسلام / 295.

٢١٧

وقد ذبلت نضارته ، واصفرّ لونه حتّى وافاه الأجل المحتوم. وقد ذكرنا تفصيل وفاته مع ما رافقها مِن الأحداث في كتابنا (حياة الإمام الحسن (عليه السّلام».

إعلانُ البيعة رسميّاً :

وصفا الجو لمعاوية بعد اغتياله لسبط الرسول (صلّى الله عليه وآله) وريحانته ، فقد قضى على مَنْ كان يحذر منه ، وقد استتبت له الاُمور ، وخلت السّاحة مِنْ أقوى المعارضين له ، وكتب إلى جميع عمّاله أنْ يبادروا دونما أي تأخير إلى أخذ البيعة ليزيد ، ويُرغموا المسلمين على قبولها. وأسرع الولاة في أخذ البيعة مِن الناس ، ومَنْ تخلّف عنها نال أقصى العقوبات الصارمة.

مع المعارضين في يثرب :

وامتنعت يثرب مِنْ البيعة ليزيد ، وأعلن زعماؤهم وعلى رأسهم الإمام الحُسين (عليه السّلام) رفضهم القاطع للبيعة ، ورفعت السّلطة المحلّية ذلك إلى معاوية ، فرأى أنْ يسافر إلى يثرب ليتولّى بنفسه إقناع المعارضين ، فإنْ أبوا أجبرهم على ذلك. واتّجه معاوية إلى يثرب في موكب رسميّ تحوطه قوّة هائلة مِن الجيش ، ولمّا انتهى إليها استقبله أعضاء المعارضة فجفاهم وهدّدهم.

وفي اليوم الثاني أرسل إلى الإمام الحُسين (عليه السّلام) ، وإلى عبد الله بن عباس ، فلمّا مَثُلا عنده قابلهما بالتكريم والحفاوة ، وأخذ يسأل الحُسين (عليه السّلام) عن أبناء أخيه والإمامُ (عليه السّلام) يُجيبه ، ثمّ خطب معاوية فأشاد بالنّبي (صلّى الله عليه وآله) وأثنى عليه ، وعرض إلى بيعة يزيد ، ومنح ابنه الألقاب الفخمة ، والنعوت الكريمة ، ودعاهما إلى بيعته.

٢١٨

خطابُ الإمام الحُسين (عليه السّلام) :

وانبرى أبيّ الضيم فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «أمّا بعد يا معاوية ، فلن يؤدّي المادح وإنْ أطنب في صفة الرسول (صلّى الله عليه وآله) مِنْ جميع جزءاً ، وقد فهمتُ ما لبست به الخلف بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مِنْ إيجاز الصفة ، والتنكّب عن استبلاغ النّعت ، وهيهات هيهات يا معاوية! فضح الصبح فحمة الدجى ، وبهرت الشمس أنوار السُّرج ، ولقد فضلّتَ حتّى أفرطت ، واستأثرتَ حتّى أجحفت ، ومنعتَ حتّى بخلت ، وجُرْتَ حتّى جاوزت ، ما بذلت لذي حقٍّ مِنْ اسمٍ حقّه مِنْ نصيب حتّى أخذ الشيطان حظّه الأوفر ، ونصيبه الأكمل.

وفهمتُ ما ذكرته عن يزيد مِن اكتماله ، وسياسته لأُمّة محمّد (صلّى الله عليه وآله) ؛ تريد أنْ توهم الناس في يزيد ، كأنّك تصف محجوباً ، أو تنعت غائباً ، أو تُخبر عمّا كان ممّا احتويته بعلم خاص ، وقد دلّ يزيد مِنْ نفسه على موقع رأيه ، فخذ ليزيد فيما أخذ به مِن استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش ، والحَمام السبق لأترابهنَّ ، والقيان ذوات المعازف ، وضروب الملاهي تجده ناصراً ، ودع عنك ما تحاول ؛ فما أغناك أنْ تلقى الله بوزر هذا الخلق بأكثر ممّا أنت لاقيه ، فوالله ما برحتَ تقدح باطلاً في جور ، وحنقاً في ظلم حتّى ملأت الأسقية ، وما بينك وبين الموت إلاّ غمضة ، فتُقدم على عمل محفوظ ، في يوم مشهود ، ولات حين مناص.

ورأيتك عرضت بنا بعد هذا الأمر ، ومنعتنا عن آبائنا تُراثاً ، ولعمر الله أورثنا الرسول (صلّى الله عليه وآله) ولادة ، وجئت لنا بها ما حججتم به القائمَ عند موت الرسول ، فأذعن للحجّة بذلك ، وردّه الإيمان إلى النّصف ، فركبتم الأعاليل ، وفعلتم الأفاعيل ، وقلتم : كان

٢١٩

ويكون ، حتّى أتاك الأمر يا معاوية مِنْ طريق كان قصدها لغيرك ، فهناك فاعتبروا يا اُولي الأبصار.

وذكرتَ قيادة الرجل القوم بعهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وتأميره له ، وقد كان ذلك ولعمرو بن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول وبيعته له ، وما صار ـ لعمر الله ـ يومئذ مبعثهم حتّى أنِفَ القوم إمرته ، وكرهوا تقديمه ، وعدّوا عليه أفعاله ، فقال (صلّى الله عليه وآله) : لا جرم يا معشر المهاجرين ، لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري. فكيف تحتجّ بالمنسوخ مِنْ فعل الرسول في أوكد الأحكام وأولاها بالمجتمع عليه مِن الصواب؟ أم كيف صاحبت بصاحب تابعاً وحولك مَنْ لا يُؤمن في صحبته ، ولا يعتمد في دينه وقرابته ، وتتخطّاهم إلى مسرف مفتون ، تريد أنْ تُلبس الناس شبهةً يسعد بها الباقي في دنياه ، وتشقى بها في آخرتك؟! إنّ هذا لهو الخسران المبين! واستغفر الله لي ولكم».

وفنّد الإمام (عليه السّلام) في خطابه جميع شبهات معاوية ، وسدّ عليه جميع الطرق والنوافذ ، وحمّله المسؤولية الكبرى فيما أقدم عليه مِنْ إرغام المسلمين على البيعة لولده. كما عرض للخلافة وما منيت به مِن الانحراف عمّا أرادها الله مِنْ أنْ تكون في العترة الطاهرة (عليهم السّلام) ، إلاّ أنّ القوم زووها عنهم ، وحرفوها عن معدنها الأصيل.

وذُهل معاوية مِنْ خطاب الإمام (عليه السّلام) ، وضاقت عليه جميع السّبل ، فقال لابن عباس : ما هذا يابن عباس؟!

ـ لعمر الله إنّها لذرّيّة الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، وأحد أصحاب الكساء ، ومِن البيت المطهّر ، فاله عمّا تريد ؛ فإنّ لك في الناس مقنعاً حتّى يحكم الله

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381