مباني ارث المنهاج

مباني ارث المنهاج15%

مباني ارث المنهاج مؤلف:
المحقق: السيد محسن الطباطبائى الحكيم
تصنيف: علم الفقه
الصفحات: 381

  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 46403 / تحميل: 6775
الحجم الحجم الحجم
مباني ارث المنهاج

مباني ارث المنهاج

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

ولاية علي بن مسلم على الموصل ثم انتزاعها منه وانقراض أمر بني المسيب من الموصل:

ولما قتل إبراهيم وملك تُتُش الموصل ولّى عليها علي بن أخيه مسلم بن قريش، فدخلها مع أمه صفية عند ملك شاه، واستقرت هي وأعمالها في ولايته، وسار تُتُش إلى ديار بكر فملكها، ثم إلى أذربيجان فاستولى عليها. وزحف إليه بركيارق وابن أخيه ملك شاه وتقاتلا فانهزم تُتُش، وقام بمكانه ابنه رضوان وملك حَلب وأمره السلطان بركيارق بإطلاق كربوقا فأطلقه. واجتمعت عليه رجال، وجاء إلى حران فملكها، فكاتبه محمد بن مسلم بن قريش وهو بنصيبين ومعه توران بن وهيب وأبو الهيجاء الكردي يستنصرونه على علي بن مسلم بن قريش بالموصل، فسار إليهم وقبض على محمد بن مسلم وسار به إلى نصيبين فملكها. ثم سار إلى الموصل فامتنعت عليه ورجع إلى مدينة بلد. وقتل بها محمد بن مسلم غريقاً، وعاد إلى حصار الموصل، واستنجد علي بن مسلم بالأمير جكرمش صاحب جزيرة ابن عمر، فسار إليه منجداً له، وبعث كربوقا إليه عسكراً مع أخيه ألتوتناش، فرده مهزوماً إلى الجزيرة، فتمسك بطاعة كربوقا وجاء مدداً له على حصار الموصل، واشتد الحصار بعلي بن مسلم، فخرج من الموصل ولحق بصدقة بن مزيد بالحلَّة وملك كربوقا بلد الموصل بعد حصار تسعة أشهر. وانقرض ملك بني المسيب من الموصل وأعمالها واستولى عليها ملوك الغز من السلجوقية أمراؤهم والبقاء لله وحده.

ما جاء من أخبارهم بتاريخ أبي الفداء الجزء الثالث:

في هذه السنة (٣٨٠) استولى أبو الذوّاد محمد بن المسيب بن رافع بن المقلَّد بن جعفر أمير بني عقيل على الموصل، وقتل أبا الطاهر ابن ناصر الدولة بن حمدان، وقتل أولاده وعدة من قواده بعد قتال جرى بينهما واستقر أمر أبي الذوّاد بالموصل.

وفي سنة ٣٨٦ مات أبو ذَوّاد بن المسيب أمير الموصل وولي بعده أخوه المقلَّد بن المسيب.

وفي سنة ٣٩١ قتل حسام الدولة المقلَّد بن المسيب بن رافع بن

٢٢١

المقلَّد بن جعفر بن عمر بن مهنا بن يُزَيدْ (بالتصغير) بن عبد الله بن زيد من ولد ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن العقيلي، وكان المقلَّد المذكور أعور، وأخوه أبو الذوّاد محمد بن المسيب هو أول من استولى منهم على الموصل وملكها في سنة ثمانين وثلاثمائة. واستمر مالكها حتى قتل في هذه السنة، قتله مماليكه التُّرك بالأنبار وكان قد عظم شأنه، ولما مات قام مقامه ابنه قرواش بن المقلَّد بن المسيب. وفي هذه الصفحة في حوادث سنة ٣٩٢ جرى بين قرواش بن المقلَّد بن المسيب العقيلي وبين عسكر بهاء الدولة حروب انتصر فيها قرواش، ثم انتصر عسكر بهاء الدولة.

وفي حوادث سنة ٤١١ في الموصل قبض معتمد الدولة قرواش بن المقلَّد على وزيره أبي القاسم المغربي، ثم أطلقه فيما بعد وقبض أيضاً على سليمان بن فهد، وكان ابن فهد في حداثته بين يدي الصابي ببغداد، ثم صعد إلى الموصل وخدم المقلَّد بن المسيب والد قرواش، ثم نظر في ضياع قرواش فظلم أهلها، ثم سخط قرواش عليه وحبسه، ثم قتله وهو المذكور في شعر ابن الزمكدم في أبياته وهي:

ولـيل كـوجه البرقعيدي مظلم وبـرد أغـانيه وطـول قرونه

سـريت ونومي فيه نوم مشرد كـعقل سـليمان بن فهد ودينه

عـلى أولـق فـيه التفات كأنه أبـو جـابر في خطبه وجنونه

إلـى أن بدا نور الصباح كأنه سنى وجه قرواش وضوء جبينه

وكان من حديث هذه الأبيات أن قرواشاً جلس في مجلس شرابه في ليلة شاتية، وكان عنده المذكورون، وهم البرقعيدي وكان مغنياً لقرواش وسليمان بن فهد الوزير المذكور، وأبو جابر وكان حاجباً لقرواش. فأمر قرواش الزمكدم أن يهجو المذكورين ويمدحه فقال هذه الأبيات البديهية.

في حوادث سنة ٤٢٥ وفيها تُوفِّي بدران بن المقلَّد صاحب نصيبين فقصد ولده قريش عمه قرواشاً، فأقر عليه حاله وماله وولاية نصيبين واستقر قريش بها.

في حوادث سنة ٤٣٧ قتل عيسى بن موسى لهَمَذاني صاحب أربل،

٢٢٢

قتله ابنا أخ له وملكا قلعة أربل، وكان لعيسى أخ آخر اسمه سلار بن موسى قد نزل على قرواش صاحب الموصل لوحشة كانت بين سلار وأخيه عيسى. فلما بلغه قتل أخيه سار قرواش إلى أربل ومعه سلار فملكها وتسلمها سلار وعاد قرواش إلى الموصل.

في حوادث سنة ٤٤٢ استولى أبو كامل بركة بن المقلَّد، على أخيه قرواش بن المقلَّد، ولم يبق لقرواش مع أخيه المذكور تصرف في المملكة وغلب عليها أبو كامل المذكور ولقبُه زعيم الدولة.

في حوادث سنة ٤٤٣ تُوفِّي بركة بن المقلَّد بن المسيب بتكريت، واجتمع العرب وكبراء الدولة على إقامة ابن أخيه قريش بن بدران بن المقلَّد وكان بدران بن المقلَّد المذكور صاحب نصيبين، ثم صارت لقريش المذكور بعده. وكان قرواش تحت الاعتقال منذ اعتقله أخوه بركة مع القيام بوظائفه ورواتبه، فلما تولّى قريش نقل عمه قرواشاً إلى قلعة الجراحية من أعمال الموصل فاعتقله بها.

في حوادث سنة ٤٤٤ مستهل رجب تُوفِّي معتمد الدولة، أو منيع قرواش بن المقلَّد بن المسيب العقيلي الذي كان صاحب الموصل، وكان محبوساً بقلعة الجراحية من أعمال الموصل، وحمل فدفن بتل توبة من مدينة نينوى شرقي الموصل. وقيل: إن ابن أخيه قريش بن بدران المذكور أحضر عمه قرواشاً المذكور من الحبس إلى مجلسه وقتله فيه. وكان قرواش من ذوي العقل وله شعر حسن منه:

لـلـه در الـنـائبات فـإنه صدأ القلوب وصيقل الأحرار

مـا كنت إلاَّ زبرة فطبعنني سيفاً وأطلق صرفهن غراري

وجمع قرواش المذكور بين أختين في نكاحه، فقيل له: إن الشريعة تحرم ذلك، فقال: وأي شيء عندنا تجيزه الشريعة. وقال مرة: ما برقبتي غير خمسة أو ستة قتلتهم من البادية، وأما الحاضرة فلا يعبأ الله بهم.

في حوادث سنة ٤٥٠ سار إبراهيم نيال بعد انفصاله عن الموصل إلى هَمَذان وسار طغرلبك من بغداد في أثر أخيه أيضاً إلى هَمَذان، وتبعه من كان ببغداد من التُّرك، فقصد البساسيري بغداد ومعه قريش بن بدران

٢٢٣

العقيلي في مائتي فارس، ووصل إليها يوم الأحد ثامن ذي القعدة ومعه أربعمائة غلام ونزل بمشرعة الزوايا. وخطب البساسيري بجامع المنصور للمستنصر بالله العلوي خليفة مصر، وأمر فأذّن بحي على خير العمل ثم عبر عسكره إلى الزاهر، وخطب بالجمعة الأُخرى من وصوله للمصري بجامع الرصافة أيضاً، وجرى بينه وبين مخالفيه حروب في أثناء الأسبوع. وجمع البساسيري جماعته ونهب الحريم، ودخل الباب النوبي فركب الخليفة القائم لابساً للسواد، وعلى كتفه البردة وبيده سيف وعلى رأسه اللواء، وحوله زمرة من العباسيين والخدم بالسيوف المسلولة وسرى النهب إلى باب الفردوس من داره، فلما رأى القائم ذلك رجع إلى ورائه، ثم صعد إلى المنظرة ومع القائم رئيس الرؤساء، وقال رئيس الرؤساء لقريش بن بدران: يا علم الدين أمير المؤمنين القائم يستذم بذمامك وذمام رسول الله وذمام العربية على نفسه وماله وأهل وأصحابه، فأعطى قريش بحضرته ذماماً، فنزل القائم ورئيس الرؤساء إلى قريش من الباب المقابل لباب الحَلبة وسارا معه، فأرسل البساسيري إلى قريش، وقال له: أتخالف ما استقر بيننا وتنقض ما تعاهدنا عليه، وكانا قد تعاهدا على المشاركة وأن لا يستبد أحدهما دون الآخر. ثم اتفقا على أن يسلم رئيس الرؤساء إلى البساسيري؛ لأنه عدوه ويبقى الخليفة عند قريش. وحمل قريش الخليفة إلى معسكره ببردته والقضيب ولوائه، ونهبت دار الخليفة وحريمها أياماً، ثم سلم قريش الخليفة إلى ابن عمه مهارس. وسار به مهارس والخليفة في هودج إلى حديثة عانة، فنزل بها وسار أصحاب الخليفة إلى طغرلـبك، وأما البساسيري فإنه ركب يوم عيد النحر إلى المصلّى بالجانب الشرقي وعلى رأسه ألوية خليفة مصر، وأحسن إلى الناس، ولم يتعصب لمذهب، وكانت والدة القائم باقية، وقد قاربت تسعين سنة، فأفرد لها البساسيري داراً وأعطاها جاريتين من جواريها، وأجرى لها الجِراية، وكان قد حبس البساسيري رئيس الرؤساء، فأحضره من الحبس، فقال رئيس الرؤساء: العفو، فقال له البساسيري: أنت قدرت فما عفوت، وأنت صاحب طيلسان وفعلت الأفعال الشنيعة مع حرمي وأطفالي. وجرى على رئيس الرؤساء أمور من التشهير الممقوت ما ندع ذكره، ومات تعذيباً وصلباً وأرسل البساسيري إلى المستنصر العلوي بمصر يعرِّفه بإقامة الخطبة له بالعراق، وكان الوزير هناك ابن أخي أبي القاسم المغربي، وهو ممن هرب

٢٢٤

من البساسيري. فبرَّد فعل البساسيري وخوف من عاقبته فتركت أجوبته مدة ثم عادت بخلاف ما أمله. ثم سار البساسيري من بغداد إلى واسط والبصرة فملكها. وأما طغرلبك فكان قد خرج عليه أخوه إبراهيم نيال وجرى بينه وبينه قتال، وآخره أن طغرلبك انتصر على أخيه إبراهيم نيال وأسره وخنقه بوتر، وكان قد خرج عليه مراراً وطغرلبك يعفو عنه، فلم يعف عنه في هذه المرة. وفي هذه السنة أعاد طغرلبك القائم إلى مقر ملكه وانتهى الأمر بقتل البساسيري.

في سنة ٤٥٢ تُوفِّي قريش بن بدران بن المقلَّد بن المسيب صاحب الموصل ونصيبين، وكانت وفاته بنصيبين، وقام بالأمر بعده ابنه شرف الدولة أبو المكارم مسلم بن قريش.

في سنة ٤٥٨ أقطع ألب ارسلان شرف الدولة مسلم بن قريش بن بدران بن المقلَّد بن المسيب صاحب الموصل، الأنبار، وتكريت زيادة على الموصل.

في سنة ٤٧٧ سار فخر الدولة بن جهير بعساكر السلطان ملكشاه إلى قتال شرف الدولة مسلم بن قريش، ثم سير السلطان ملكشاه إلى فخر الدولة جيشاً آخر فيهم الأمير أرتق بن أكسك، وقيل: أكسب، والأول أصح جد الملوك لأرتقية، فانهزم شرف الدولة مسلم وانحصر في آمد ونزل الأمير أرتق على آمد فحصره، فبذل له مسلم بن قريش مالاً جليلاً ليمكِّنه من الخروج من آمد، فأذن له أرتق وخرج شرف الدولة من آمد في حادي عشرين ربيع الأول من هذه السنة، فسار إلى الرقة وبعث إلى أرتق ما وعده به ثم سير السلطان عميد الدولة إلى الموصل، فاستولى عليها عميد الدولة، وهذا اقسنقر هو والد عماد الدولة زنكي، ثم أرسل مؤيد الملك بن نظام الملك إلى شرف الدولة بالعهود يستدعيه إلى السلطان. فقدم شرف الدولة إليه وأحضره عند السلطان ملكشاه بالبوازيج وكان قد ذهبت أمواله فاقترض شرف الدولة مسلم ما خدم به السلطان وقدم إليه خيلاً من جملتها فرسه الذي نجا عليه في المعركة، وكان اسم الفرس بشّار، وكان سابقاً وسابق به السلطان الخيل، فجاء سابقاً فقام السلطان قائماً لما تداخله من العجب فرضي السلطان على مسلم وخلع عليه وأقرَّه على بلاده.

٢٢٥

في حوادث هذه السنة نفسها قال: لما ملك سليمان بن قطلومش أنطاكية أرسل شرف الدولة مسلم بن قريش صاحب الموصل وحَلب يطلب منه ما كان يحمله إليه أهل أنطاكية، فأنكر سليمان ذلك. وقال: إن صاحب أنطاكية كان نصرانياً فكنت تأخذ منه ذلك على سبيل الجزية. ولم يعطه شيئاً، فجمعا واقتتلا في الرابع والعشرين من صفر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة في طرف أعمال أنطاكية، فانهزم عسكر مسلم، وقتل شرف الدولة مسلم في المعركة، وقُتِل بين يدي أربعمائة غلام من أحداث حَلب. وكان شرف الدولة مسلم بن قريش بن بدران بن المقلَّد بن المسيب أحول، واتسع ملكه، وزاد على ملك من تقدمه من أهل بيته، فإنه ملك السندية التي على نهر عيسى إلى منبج، وديار ربيعة ومضر عن الجزيرة وحَلب وما كان لأبيه وعمه قرواش من الموصل وغيرها. وكان مسلم يسوس مملكته سياسة حسنة بالأمر والعدل. ولما قتل قصد بنو عقيل أخاه إبراهيم بن قريش وهو محبوس، فأخرجوه وملَّكوه، وكان قد مكث في الحبس سنين كثيرة بحيث صار لم يقدر على المشي لما خرج.

وأما قلعة حَلب فكان بها منذ قتل مسلم بن قريش سالم بن مالك بن بدران بن المقلَّد بن المسيب العقيلي، وهو ابن عم شرف الدولة مسلم، فحاصر تُتُش القلعة سبعة عشر يوماً، فبلغه وصول مقدمة أخيه السلطان ملكشاه.

ولما قتل سليمان بن قطلومش مسلم بن قريش أرسل إلى ابن الْحُتَّيتي العباسي مقدم أهل حَلب يطلب منه تسليمها، فاستمهله إلى أن يكاتب السلطان ملكشاه، وأرسل ابن الْحُتَّيتي استدعى تُتُش إلى حَلب، وكان مع تُتُش أرتق بن أكسك؛ وقد فارق خدمة ملكشاه خوفاً من إطلاق مسلم بن قريش من آمد، وكان ابن الْحُتَّيتي قد كاتب السلطان ملكشاه في أمر حَلب فسار إليها من أصفهان في جمادى الآخرة، فملك في طريقه حران وأقطعها لمحمد بن شرف الدولة مسلم بن قريش. ثم سار إلى الرها فملكها وملك قلعة جعبر، ثم ملك منبج وسار إلى حَلب فلما قاربها رحل أخوه تُتُش عنها على البرية وتوجَّه إلى دمشق، ووصل السلطان إلى حَلب وتسلمها وتسلم القلعة من سالم بن مالك بن بدران العقيلي على أن يعوضه بقلعة جعبر

٢٢٦

فبقيت بيده ويد أولاده إلى أن أخذها منهم نور الدين محمود بن زنكي.

سنة ٤٨٦ وفيها تحرك تُتُش من دمشق لطلب السلطنة بعد موت أخيه ملكشاه، واتفق معه اقسنقر صاحب حَلب، وخطب له باغي سيان صاحب أنطاكية وبران صاحب الرها. وسار تُتُش ومعه اقسنقر فافتتح نصيبين عنوة ثم قصد الموصل، وكنا قد ذكرنا (أبو الفداء) في سنة سبع وسبعين وأربعمائة أنه لما قتل شرف الدولة مسلم بن قريش صاحب الموصل وحَلب وغيرهما استولى على الموصل إبراهيم بن قريش أخو مسلم. ثم إن ملكشاه قبض على إبراهيم سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، وأخذ منه الموصل، وبقي إبراهيم معه حتى مات ملكشاه، فأطلق إبراهيم وسار إلى الموصل وملكها. فلما قصد تُتُش في هذه السنة الموصل خرج إبراهيم لقتاله، والتقوا بالمضيّع من أعمال الموصل، وجرى بينهم قتال شديد انهزمت فيه المواصلة، وأخذ إبراهيم بن قريش أسيراً وجماعة من أمراء العرب، فقُتلوا وملك تُتُش الموصل، واستثاب عليها علي بن مسلم بن قريش وأمه صفية عمة تُتُش، وأرسل تُتُش إلى بغداد يطلب الخطبة فتوقفوا فيها. ثم سار تُتُش واستولى على ديار بكر.

في سنة ٤٨٩ بعد مقتل تُتُش سنة ٤٨٨ قصد كربوغا نصيبين، وبها محمد بن شرف الدولة مسلم بن قريش، فطلع محمد إلى كربوغا واستحلفه ثم غدر كربوغا بمحمد، وقبض عليه وحاصر نصيبين وملكها، ثم سار إلى الموصل وقتل في طريقه محمد بن مسلم بن قريش بن بدران بن المقلَّد بن المسيب، وحصر الموصل وبها علي بن مسلم أخو محمد المذكور من حين استنابه بها تتش، فلما ضاق عليه الأمر هرب من الموصل إلى صدقة بن مزيد بالحلَّة بعد حصار تسعة أشهر.

سنة ٥١٩ وفيها مات سالم بن مالك بن بدران بن المقلَّد بن المسيب صاحب قلعة جعبر، وملكها بعده ابنه مالك بن سالم.

الجزء الثالث ص١٨ سنة (٥٤١) سار عماد الدين زنكي، ونزل على قلعة جعبر وحصرها وصاحبها علي بن مالك بن سالم بن مالك بن بدران بن المقلَّد بن المسيب العقيلي، وأرسل عسكراً إلى قلعة فنك وهي تجاور جزيرة ابن عمر، فحصرها أيضاً وصاحبها حسام الدين الكردي البشنوي.

٢٢٧

ولما طال على زنكي منازلة قلعة جعبر أرسل مع حسَّان البعلبكي الذي كان صاحب منبج يقول لصاحب قلعة جعبر: قل لي من يخلصك مني،فقال صاحب قلعة جعبر لحسَّان: يخلصني منك الذي خلصك من بلك بن بهرام بن أرتق، وكان بلك محاصراً منبج، فجاءه سهم قتله فرجع حسَّان إلى زنكي ولم يخبره بذلك فاستمر زنكي منازلاً قلعة جعبر، فوثب عليه جماعة من مماليكه وقتلوه في خامس ربيع الآخر من هذه السنة بالليل وهربوا إلى قلعة جعبر، فصاح من بها على العسكر وأعلموهم بقتل زنكي فدخل أصحابه إليه وبه رمق ودفن بالرقة.

سنة ٥٦٤ في هذه السنة ملك نور الدين محمود قلعة جعبر وأخذها من صاحبها شهاب الدين مالك بن علي بن مالك بن سالم بن مالك بن بدران بن المقلَّد بن المسيب العقيلي، وكانت بأيديهم من أيام السلطان ملكشاه، ولم يقدر نور الدين على أخذها إلا بعد أن أسر صاحبها مالك المذكور بنو كِلاب، وأحضروه إلى نور الدين محمود، واجتهد به على تسليمها فلم يفعل، فأرسل عسكراً مقدمهم فخر الدين مسعود بن أبي علي الزعفراني وردفه بعسكر آخر مع مجد الدين أبي بكر المعروف بابن الداية، وكان رضيع نور الدين وحصروا قلعة جعبر، فلم يظفروا منها بشيء وما زالوا على صاحبها مالك حتى سلمها وأخذ عنها عوضاً مدينة سروج بأعمالها والملوحة من بلد حَلب وعشرين ألف دينار معجلة وباب بزاعة.

ما جاء في كامل ابن الأثير من أوليتهم وأخبارهم

الجزء التاسع في سنة ٣٠٨ لما ملك أبو طاهر والحسين ابنا حمدان بلاد الموصل طمع فيها باذ وجمع الأكراد، فأكثر وممن أطاعه الأكراد البشنوية أصحاب قلعة فنك، وكانوا كثيراً وكاتب أهل الموصل فاستمالهم فأجابه بعضهم، فسار إليهم ونزل بالجانب الشرقي فضعفا عنه. وراسلا أبا الذوّاد محمد بن المسيب أمير بني عقيل واستنصراه، فطلب منهما جزيرة ابن عمر ونصيبين وبلداً غير ذلك. فأجاباه إلى ما طلب، وانتهى الأمر بانتصار الأميرين الحماديين بمناصرة أبي الذوّاد على باذ، فكانت هذه أول إمرة لبني عقيل في دولة بني حمدان.

في سنة ٣٨٠ لما انهزم أبو طاهر بن حمدان من أبي علي بن مروان

٢٢٨

سار إلى نصيبين في قلة من أصحابه وكانوا قد تفرقوا، فطمع فيه أبو الذوّاد محمد بن المسيب أمير بني عقيل، وكان صاحب نصيبين حينئذ، فثار بأبي طاهر، فأسره وأسر ولده وعدة من قوادهم، وقتلهم وسار إلى الموصل فملكها وأعمالها، وكاتب بهاء الدولة يسأله أن ينفذ إليه من يقيم عنده من أصحابه يتولّى الأمور. فسيَّر إليه قائداً من قواده وكان بهاء الدولة قد سار من العراق إلى الأهواز، وأقام نائب بهاء الدولة وليس له من الأمر شيء، ولا يحكم إلا فيما يريده أبو الذوَّاد.

في سنة (٣٨٢) كان بهاء الدولة قد أنفذ أبا جعفر الحجاج بن هرمز في عسكر كثير إلى الموصل، فملكها آخر سنة إحدى وثمانين، فاجتمعت عقيل وأميرهم أبو الذواد محمد بن المسيب على حربه، فجرى بينهم عدة وقائع ظهر من أبي جعفر فيها بأس شديد حتى أنه كان يضع له كرسياً بين الصفين ويجلس عليه. فهابه العرب، واستمد من بهاء الدولة عسكراً فأمده بالوزير أبي القاسم علي بن أحمد، وكان مسيره أول هذه السنة. فلما وصل إلى العسكر كتب بهاء الدولة إلى أبي جعفر بالقبض عليه، فعلم أبو جعفر أنه إن قبض عليه اختلف العسكر وظفر به العرب، فتراجع في أمره. وكان سبب ذلك أن ابن المعلم كان عدواً له، فسعى به عند بهاء الدولة فأمر بقبضه، وكان بهاء الدولة أذناً يسمع ما يقال له ويفعل به، وعلم الوزير الخبر، فشرع في صلح أبي الذوّاد وأخذ رهائنه والعود إلى بغداد فأشار عليه أصحابه باللحاق بأبي الذوّاد، فلم يفعل أنفة وحسن عهد فلما وصل إلى بغداد رأى ابن المعلم قد قُبِض وقُتِل وكُفِي شره. ولما أتاه خبر قبض ابن المعلم وقتله ظهر عليه الانكسار، فقال له خواصه: ما هذا الهم وقد كفيت شر عدوك، فقال: إن ملكاً قرب رجلاً كما قرب بهاء الدولة ابن المعلم، ثم فعل به هذا لحقيق بأن تخاف ملابسته. وكان بهاء الدولة قد أرسل الشريف أبا أحمد الموسوي رسولاً إلى أبي الذوّاد فأسره العرب ثم أطلقوه، فورد إلى الموصل وانحدر إلى بغداد.

سنة (٣٨٦) في هذه السنة ملك المقلَّد بن المسيب مدينة الموصل، وكان سبب ذلك أن أخاه أبا الذَّوّاد تُوفِّي في هذه السنة، فطمع المقلَّد في الإمارة فلم تساعده عقيل على ذلك، وقلدوا أخاه علياً؛ لأنه أكبر منه فشرع المقلَّد واستمال الديلم الذين كانوا مع أبي جعفر الحجاج بالموصل فمال

٢٢٩

إليه بعضهم، وكتب إلى بهاء الدولة يضمن منه البلد بألفي ألف درهم كل سنة، ثم حضر عند أخيه علي وأظهر له أن بهاء الدولة قد ولاه الموصل وسأله مساعدته على أبي جعفر؛ لأنه قد منعه عنها، فساروا ونزلوا على الموصل، فخرج إليهم كل من استماله المقلَّد من الديلم، وضعف الحجاج وطلب منهم الأمان فأمنوه ووعدهم يوماً يخرج إليهم فيه. ثم إنه انحدر في السفن قبل ذلك اليوم، فلم يشعروا به إلا بعد انحداره، فتبعوه فلم ينالوا منه شيئاً ونجا بماله منهم، وسار إلى بهاء الدولة ودخل المقلَّد البلد. واستقر الأمر بينه وبين أخيه على أن يخطب لهما ويقدِّم علي لكبره ويكون له معه نائب يجبي المال، واشتركا في البلد والولاية وسار علي إلى البر وأقام المقلَّد وجرى الأمر على ذلك مدة مديدة، ثم تشاجروا واختصموا وكان المقلَّد يتولّى حماية غربي الفرات من أرض العراق، وكان له ببغداد نائب فيه تهور، فجرى بينه وبين أصحاب بهاء الدولة مشاجرة، فكتب إلى المقلَّد يشكو، فانحدر من الموصل في عساكره وجرى بينه وبين أصحاب بهاء الدولة حرب انهزموا فيها. وكتب إلى بهاء الدولة يعتذر وطلب إنفاذ من يعقد عليه ضمان القصر وغيره، وكان بهاء الدولة مشغولاً بمن يقاتله من عساكر أخيه، فاضطر إلى المغالطة، ومد المقلَّد يده فأخذ الأموال، فبرز نائب بهاء الدولة ببغداد وهو حينئذ أبو علي بن إسماعيل، وخرج إلى حرب المقلَّد، فبلغ الخبر إليه فأنفذ أصحابه ليلاً فاقتتلوا وعادوا إلى المقلَّد، فلما بلغ الخبر إلى بهاء الدولة بمجيء أصحاب المقلَّد إلى بغداد أنفذ أبا جعفر الحجاج إلى بغداد وأمره بمصالحة المقلَّد والقبض على أبي علي بن إسماعيل. فسار إلى بغداد في آخر ذي الحجَّة، فلما وصل إليها أرسله المقلَّد في الصلح، فاصطلحا على أن يحمل لبهاء الدولة عشرة آلاف دينار، ولا يأخذ من البلاد إلا رسم الحماية، ويخطب لأبي جعفر بعد بهاء الدولة، وأن يخلع على المقلَّد الخلع السلطانية،ويُلقَّب بحسام الدولة، ويقطع الموصل والكوفة والقصر والجامعين. واستقر الأمر على ذلك، وجلس القادر بالله له ولم يف المقلَّد من ذلك بشيء إلا بحمل المال، واستولى على البلاد ومد يده في المال وقصده المتصرفون والأماثل وعظم قدره.

سنة (٣٨٧): في هذه السنة قبض المقلَّد على أخيه علي؛ وكان سبب ذلك ما تقدم ذكره من الاختلاف الواقع بين أصحابهما واشتغل المقلَّد بما

٢٣٠

سبق بيانه بالعراق، فلما خلا وجهه وعاد إلى الموصل عزم على الانتقام من أصحاب أخيه، ثم خافه وعمل الحيلة في قبض أخيه، فأحضر عسكره من الديلم والأكراد، وأعلمهم أنه يريد قصد دقوقا وحلَّفهم على الطاعة، وكانت داره ملاصقة دار أخيه، فنقب في الحائط ودخل عليه وهو سكران فأخذه وأدخله الخزانة، وقبض عليه وأرسل إلى زوجته يأمرها بأخذ ولديه قرواش وبدران واللحاق بتكريت قبل أن يسمع أخوه الحسن الخبر. ففعلت ذلك وخلصت، وكانت في الحلَّة التي له على أربعة فراسخ من تكريت وسمع الحسن الخبر، فبادر إلى الحلَّة ليقبض أولاد أخيه فلم يجدهم. وأقام المقلَّد بالموصل يستدعي رؤساء العرب ويخلع عليهم، واجتمع عنده زهاء ألفي فارس، وسار الحسن إلى حلل أخيه ومعه أولاد أخيه علي وحرمه ويستنفرهم على المقلَّد، واجتمع معهم نحو عشرة آلاف وراسل المقلَّد يؤذنه بالحرب، فسار عن الموصل وبقي بينهم، فنزل واحد ونزل بإزاء العلث، فحضره وجوه العرب واختلفوا عليه، فمنهم من أشار بالحرب منهم رافع بن محمد بن مقن، ومنهم من أشار بالكف عن القتال وصلة الرحم منهم غريب بن محمد بن مقن، وتنازع هو وأخوه فبينما هم في ذلك قيل للمقلَّد: إنّ أختك رهيلة بنت المسيب تريد لقاءك وقد جاءتك، فركب وخرج إليها، فلم تزل معه حتى أطلق أخاه علياً ورد إليه ماله ومثله معه وأنزله في خيم ضربها له. فسر الناس بذلك، وتحالفا وعاد إلى حلته وعاد المقلَّد إلى الموصل، وتجهَّز للمسير إلى أبي الحسن علي بن مزيد الأسدي؛ لأنه تعصب لأخيه علي وقصد ولاية المقلَّد بالأذى فسار إليه. ولما خرج علي من محبسه اجتمع العرب إليه، وأشاروا عليه بقصد أخيه المقلَّد فسار إلى الموصل، وبها أصحاب المقلَّد وامتنعوا عليه فافتتحها، فسمع المقلَّد بذلك فعاد إليه، واجتاز في طريقه بحلة أخيه الحسن، فخرج إليه ورأى كثرة عسكره، فخاف على أخيه علي منه، فأشار عليه بالوقوف ليصلح الأمر، وسار إلى أخيه علي، وقال له: إن الأعور يعني المقلَّد قد أتاك بحده وحديده وأنت غافل، وأمره بإفساد عسكر المقلَّد، فكتب إليهم فظفر المقلَّد بالكتب، فأخذها وسار مجدِّاً إلى الموصل، فخرج إليه أخواه علي والحسن وصالحاه ودخل الموصل وهما معه. ثم خاف علي فهرب من الموصل ليلاً وتبعه الحسن وتردُّدت الرسل بينهم، فاصطلحوا على أن يدخل أحدهما البلد في غيبة الآخر، وبقوا كذلك

٢٣١

إلى سنة تسع وثمانين ومات علي سنة تسعين وقام الحسن مقامه، فقصده المقلَّد ومعه بنو خفاجة، فهرب الحسن إلى العراق وتبعه المقلَّد، فلم يدركه فعاد، ولما استقر أمر المقلَّد بعد أخيه علي سار إلى بلد علي بن مزيد الأسدي، فدخله ثانية والتجأ ابن مزيد إلى مهذّب الدولة، فتوسط ما بينه وبين المقلَّد. وأصلح الأمر معه، وسار المقلَّد إلى دقوقا فملكها ثم ملكها عليه جبريل بن محمد، ثم عادت إلى المقلَّد، ثم ملكها محمد بن عناز بعده، ثم أخذها بعده قرواش، ثم انتقلت إلى فخر الدولة أبي غالب ثم إلى جبريل وموصك بن جكويه من أمراء الأكراد، ثم قصدها بدران بن المقلَّد وأخذها منهما.

سنة (٣٩١): في هذه السنة قتل حسام الدولة المقلَّد بن المسيب العقيلي غيلة قتله مماليك له ترك. وكان سبب قتله أن هؤلاء الغلمان كانوا قد هربوا منه فتبعهم وظفر بهم وقتل منهم وقطع وأعاد الباقين، فخافوه على نفوسهم فاغتنم بعضهم غفلته وقتلوه بالأنبار. وكان قد عظم أمره وراسل وجوه العساكر ببغداد، وأراد التغلب على الملك، فأتاه الله من حيث لا يشعر. ولما قُتِل كان ولده الأكبر قرواش غائباً، وكانت أمواله وخزائنه بالأنبار فخاف نائبه عبد الله بن إبراهيم بن شهرويه بادرة الجند، فراسل أبا منصور بن قراد اللديد، وكان بالسندية فاستدعاه إليه، وقال له: أن أجعل بينك وبين قراوش عهداً وأُزوجه ابنتك، وأقاسمك على ما خلفه أبوه وتساعده على عمه الحسن إن قصده وطمع فيه. فأجابه إلى ذلك وحمى الخزائن والبلد، وأرسل عبد الله إلى قرواش يحثه على الوصول، فوصل وقاسمه على المال وأقام قراد عنده، ثم إن الحسن بن المسيب جمع مشايخ عقيل وشكا قرواشاً إليهم وما صنع مع قراد، فقالوا له: خوفُه منك حمله على ذلك، فبذل من نفسه الموافقة له والوقوف عند رضاه، وسفر المشايخ بينهما فاصطلحا، واتفقا على أن يسير الحسن إلى قرواش شبه المحارب ويخرج هو وقراد لقتاله، فإذا لقي بعضهم بعضاً عادوا جميعاً على قراد فأخذوه. فسار الحسن وخرج قرواش وقراد لقتاله. فلما تراءى الجمعان جاء بعض أصحاب قراد إليه فأعلمه الحال، فهرب على فرس له وتبعه قرواش والحسن فلم يدركاه، وعاد قرواش إلى بيت قراد، فأخذ ما فيه من الأموال التي أخذها من قرواش وهي بحالها. وسار قرواش إلى الكوفة فأوقع بخفاجة

٢٣٢

عندها وقعة عظيمة، فساروا بعدها إلى الشام، فأقاموا هناك حتى أحضرهم أبو جعفر الحجاج.

سنة (٣٩٢): في هذه السنة سيَّر قرواش بن المقلَّد جمعاً من عقيل إلى المدائن، فحصروها فسيَّر إليهم أبو جعفر نائب بهاء الدولة جيشاً فأزالوهم عنها، فاجتمعت عقيل وأبو الحسن مزيد في بني أسد وقويت شوكتهم. فخرج الحجاج إليهم واستنجد خفاجة وأحضرهم من الشام فاجتمعوا معه واقتتلوا بنواحي (باكرم) في رمضان، فانهزمت الديلم والتُّرك وأُسر منهم خلق كثير واستبيح عسكرهم، فجمع أبو جعفر من عنده من العسكر وخرج إلى بني عقيل وابن مزيد، وقتل من أصحابهم خلق كثير وأسر مثلهم وسار إلى حلل ابن مزيد فأوقع بمن فيها فانهزموا أيضاً، فنهبت الحلل والبيوت والأموال، ورأوا فيها من العين والمصاغ والثياب ما لا يقدر قدره.

سنة (٣٩٧): في المحرم جرت وقعة بين معتمد الدولة أبي المنيع قرواش بن المقلَّد العقيلي وبين أبي علي بن ثمال الخفاجي. وكان سببها أن قرواش جمع جمعاً كثيراً وسار إلى الكوفة وأبو علي غائب عنها، فدخلها ونزل بها وعرف أبو علي الخبر فسار إليه فالتقوا واقتتلوا، فانهزم قرواش وعاد إلى الأنبار مغلولاً، وملك أبو علي الكوفة وأخذ أصحاب قرواش فصادرهم.

سنة (٣٩٩): في هذه السنة قتل عيسى بن خلاط العقيلي أبا علي بن ثمال الخفاجي الذي كان والياً للحاكم بأمر الله صاحب مصر على الرحبة، وملكها، وأقام فيها مدة ثم قصده بدران بن المقلَّد، فأخذها منه وبقيت لبدران، فأمر الحاكم بأمر الله نائبه بدمشق لؤلؤاً البشاري بالمسير إليها، فقصد الرقة أولاً وملكها، ثم سار إلى الرحبة وملكها، ثم انتهى أمر ملكها إلى صالح بن مرداس صاحب حَلب.

سنة (٤٠١): في هذه السنة أيضاً خطب قرواش بن المقلَّد أمير بني عقيل للحاكم بأمر الله العلوي صاحب مصر بأعماله كلها، وهي الموصل والأنبار والمدائن والكوفة وغيرها، وكان ابتداء الخطبة بالموصل: (الحمد لله الذي انجلت بنوره غمرات الغضب، وانهدَّت بقدرته أركان النصب، وأطلع

٢٣٣

بنوره شمس الحق من العرب. فأرسل القادر بالله أمير المؤمنين القاضي أبا بكر بن الباقلاني إلى بهاء الدولة يعرفه ذلك، وأن العلويين والعباسيين انتقلوا من الكوفة إلى بغداد، فأكرم بهاء الدولة القاضي أبا بكر، وكتب إلى عميد الجيوش يأمره بالمسير إلى حرب قرواش، وأطلق له مائة ألف دينار ينفقها في العسكر، وخلع على القاضي أبي بكر وولاّه قضاء عمان والسواحل، وسار عميد الجيوش إلى حرب قرواش، فأرسل يعتذر وقطع خطبة العلويين وأعاد خطبة القادر بالله.

سنة (٤٠١): وفيها تُوفِّي أبو عبد الله محمد بن مقن بن مقلد بن جعفر بن عمر بن المهيا العقيلي، وفي مقلد يجتمع آل المسيب وآل مقن، وكان عمره مائة وعشرة سنين، وكان بخيلاً شديد البخل وشهد مع القرامطة أخذ الحجر الأسود.

سنة (٤١٧): في هذه السنة اجتمع دُبيس بن علي بن مزيد الأسدي وأبو الفتيان منيع بن حسَّان أمير خفاجة، وجمعا عشائرهما وغيرهم، وانضاف إليهما عسكر بغداد على قتال قرواش بن المقلَّد العقيلي؛ وكان سببه أن خفاجة تعرضوا إلى السواد وما بيد قرواش منه، فانحدر من الموصل لدفعهم فاستعانوا بدُبيس، فسار إليهم واجتمعوا، فأتاهم عسكر بغداد فالتقوا بظاهر الكوفة وهي لقرواش، فجرى بين مقدمته ومقدمتهما مناوشة وعلم قرواش أنه لا طاقة له بهم، فسار ليلاً جريدة في نفر يسير وعلم أصحابه بذلك فتبعوه منهزمين، فوصلوا إلى الأنبار وسارت أسد وخفاجة خلفهم. فلما قاربوا الأنبار فارقها قرواش إلى حلله، فلم يمكنهم الإقدام عليه واستولوا على الأنبار ثم تفرقوا.

وفي هذه السنة أصعد الأثير عنبر إلى الموصل من بغداد، وكان سببه أن الأثير كان حاكماً في الدولة البويهية ماضي الحكم نافذ الأمر والجند من أطوع الناس له وأسمعهم لقوله. فلما كان الآن زال ذلك وخالفه الجند فزالت طاعته عنهم، فلم يلتفتوا إليه فخافهم على نفسه، فسار إلى قرواش فندم الجند على ذلك وسألوه أن يعود فلم يفعل. وأصعد إلى الموصل مع قرواش فأخذ ملكه وإقطاعه بالعراق. ثم إن نجدة الدولة بن قراد ورافع بن الحسين جمعا جمعاً كثيراً من عقيل، وانضم إليهم بدران أخو قرواش وساروا يريدون حرب قرواش. وكان قرواش لما سمع خبرهم قد اجتمع

٢٣٤

هو وغريب بن معن والأثير عنبر، وأتاه مدد من ابن مروان، فاجتمع في ثلاثة عشر ألف مقاتل، فالتقوا عند بلد واقتتلوا وثبت بعضهم لبعض وكثر القتل. ففعل ثروان بن قراد فعلا جميلاً، وذلك أنه قصد غريباً في وسط المصاف واعتنقه وصالحه، وفعل أبو الفضل بدران بن المقلَّد بأخيه قرواش كذلك، فاصطلح الجميع وأعاد قرواش إلى أخيه بدران مدينة نصيبين.

الصفحة نفسها والسنة نفسها سار منيع بن حسَّان أمير خفاجة في الجامعين وهي لنور الدولة دُبيس فنهبها، فسار دُبيس في طلبه إلى الكوفة، ففارقها وقصد الأنبار، وهي لقرواش كان استعادها بعد ما ذكرناه قبل. فلما نازلها منيع قاتله أهلها، فلم يكن لهم بخفاجة طاقة، فدخل جنود خفاجة الأنبار ونهبوها وأحرقوا أسواقها، فانحدر قرواش إليهم ليمنعهم، وكان مريضاً ومعه غريب والأثير عنبر، ثم تركها ومضى إلى القصر فاشتد طمع جنود خفاجة وعادوا إلى الأنبار فأحرقوها مرة ثانية. وسار قرواش إلى الجامعين فاجتمع هو ونور الدولة دُبيس بن مزيد في عشرة آلاف مقاتل. فلم يقدر قرواش في ذلك الجيش العظيم على هذه الألف، وشرع أهل الأنبار في بناء سور على البلد وأعادهم قرواش، وأقام عندهم الشتاء، ثم إن منيع بن حسَّان سار إلى الملك أبي كاليجار فأطاعه، فخلع عليه وأتى منيع الخفاجي إلى الكوفة، فخطب فيها لأبي كاليجار وأزال حكم عقيل عن سقي الفرات.

سنة (٤١٩): في هذه السنة في جمادى الأولى سار بدران بن المقلَّد العقيلي في جمع من العرب إلى نصيبين وحصرها، وكانت لنصر الدولة بن مروان، فخرج إليه عسكر نصر الدولة الذين بها وقاتلوه، فهزمهم واستظهر عليهم، وقتل جماعة من أهل نصيبين والعسكر، فسيَّر نصر الدولة عسكراً آخر نجدة لمن بنصيبين، فأرسل إليهم بدران عسكراً فلقوهم فقاتلوهم وهزموهم وقتلوا أكثرهم، فأزعج ذلك ابن مروان وأقلقه، فسير عسكراً آخر ثلاثة آلاف فارس، فدخلوا نصيبين واجتمعوا بمن فيها وخرجوا إلى بدران فاقتتلوا، فانهزم بدران ومن معه بعد قتال شديد وقت الظهر وتبعهم عسكر ابن مروان، ثم عطف عليهم بدران وأصحابه، فلم يثبتوا له. فأكثر فيهم القتل والأسر وغنم الأموال، فعاد عسكر ابن مروان مغلوبين، فدخلوا نصيبين فاجتمعوا بها، واقتتلوا مرة أُخرى وكانوا على السواء. ثم سمع بدران بأن

٢٣٥

أخاه قرواشاً قد وصل إلى الموصل، فرحل خوفاً منه؛ لأنهما كانا مختلفين.

في سنة (٤٢٠) يذكر دخول الغز ديار بكر ومقاومة قرواش لهم ويذكر ملكهم مدينة الموصل ومقاومة قرواش لهم وانكساره، ثم يذكر ظفر قرواش بهم ص ١٦٣ مما يجب أن يضم إلى أخبار بني المقلَّد مع ما ذكر في ص١٦٤.

في سنة (٤٢١) قد ذكرنا محاصرة بدران نصيبين، وأنه رحل عنها خوفاً من قرواش، فلما رحل شرع في إصلاح الحال معه فاصطلحا، ثم جرى بين قرواش ونصر الدولة بن مروان نفرة كان سببها أن نصر الدولة كان قد تزوج ابنة قرواش، فآثر عليها غيرها فأرسلت إلى أبيها تشكو منه، فأرسل يطلبها إليه، فسيرها فأقامت بالموصل، ثم إن ولد مستحفظ جزيرة ابن عمر وهي لابن مروان هرب إلى قرواش، وأطمعه في الجزيرة، فأرسل إلى نصر الدولة يطلب منه صداق ابنته، وهو عشرون ألف دينار ويطلب الجزيرة لنفقتها، ويطلب نصيبين لأخيه بدران ويحتج بما أخرج بسببها عام أول، وتردُّدت الرسل بينهما في ذلك، فلم يستقر حال فسير جيشاً لمحاصرة الجزيرة وجيشاً مع أخيه بدران إلى نصيبين، فحصرها بدران وأتاه قرواش، فحصرها معه فلم يُمْلَك واحِد من البلدين، وتفرق من كان معه من العرب والأكراد. فلما رأى بدران تفرق الناس عن أخيه سار إلى نصر الدولة بن مروان بميافارقين يطلب منه نصيبين، فسلمها إليه وأرسل من صداق ابنة قرواش خمسة عشر ألف دينار واصطلحا.

وفي هذه السنة في جمادى الأولى اختلف قرواش وغريب بن مقن؛ وكان سبب ذلك أن غريباً جمع جمعاً كثيراً من العرب والأكراد، واستمد جلال الدولة فأمده بجملة صالحة من العسكر، فسار إلى تكريت فحصرها وهي لأبي المسيب رافع بن الحسين، وكان قد توجه إلى الموصل وسأل قرواشاً النجدة، فجمعا وحشدا وسارا منحدرين فيمن معهما، فبلغا الدكة وغريب يحاصر تكريت، وقد ضيَّق على من بها وأهلها يطلبون منه الأمان فلم يؤمنهم، فحفظوا نفوسهم وقاتلوا أشد قتال. فلما بلغه وصول قرواش ورافع سار إليهم، فالتقوا بالدكة واقتتلوا، فغدر بغريب بعض من معه ونهبوا سواده وسواد الأجناد الجلالية، فانهزم وتبعهم قرواش ورافع، ثم كفوا عنه وعن أصحابه ولم يتعرضوا إلى حلته وماله فيها وحفظوا ذلك أجمع، ثم إنهم تراسلوا واصطلحوا وعادوا إلى ما كانوا عليه من الوفاق.

٢٣٦

سنة (٤٢٥): وفيها تُوفِّي بدران بن المقلَّد وقصد ولده عمه قرواشاً، فأقر عليه حاله وماله وولاية نصيبين، وكان بنو نُمير قد طمعوا فيها وحصروها، فسار إليهم ابن بدران فدفعهم عنها.

سنة (٤٣٣) يذكر الحلف بين جلال الدولة وقرواش صاحب الموصل.

سنة (٤٤٠) ذكر الحلف بين قرواش والأكراد الحميدية والهذبانية. وفيها كانت الوحشة بين معتمد الدولة قرواش بن المقلَّد وبين أخيه زعيم الدولة أبي كامل بن المقلَّد، فانضاف قريش بن بدران بن المقلَّد إلى عمّه قرواش وجمع جمعاً، وقاتل عمه أبا كامل، فظفر ونصر وانهزم أبو كامل ولم يزل قريش يغري قرواشاً بأخيه حتى تأكدت الوحشة وتفاقم الشر بينهما.

ظهور الخلاف بين قرواش وأخيه أبي كامل وصلحهما:

سنة (٤٤١): في هذه السنة ظهر الخلاف بين معتمد الدولة قرواش وبين أخيه زعيم الدولة أبي كامل ظهوراً آل إلى المحاربة، وقد تقدم سبب ذلك. فلما اشتد الأمر وفسد الحال فساداً لا يمكن إصلاحه جمع كل منهما جمعاً لمحاربة صاحبه، وسار قرواش في المحرم وعبر دجلة بنواحي بلد، وجاءه سليمان بن نصر الدولة بن مروان، وأبو الحسن بن عيسكان الحميدي وغيرهما من الأكراد، وساروا إلى معلثايا، فأخرجوا المدينة ونهبوها ونزلوا بالمُغيثة، وجاء أبو كامل فيمن معه من العرب وآل المسيب فنزلوا بمرج بابنيثا وبين الطائفتين نحو فرسخ واقتتلوا يوم السبت ثاني عشر المحرم، وافترقوا من غير ظفر، ثم اقتتلوا يوم الأحد كذلك ولم يلابس الحرب سليمان بن مروان بل كان ناحية، ووافقه أبو الحسن الحُميدي وساروا عن قرواش، وفارقه جمع من العرب وقصدوا أخاه، فضعف أمر قرواش وبقي في حلته وليس معه إلا نفر يسير فركبت العرب من أصحاب أبي كامل لقصده، فمنعهم وأسفر الصبح يوم الاثنين، وقد تسرع بعضهم ونهب بعضاً من عرب قرواش، وجاء أبو كامل إلى قرواش واجتمع به ونقله إلى حلته وأحسن عشرته، ثم أنفذه إلى الموصل محجوراً عليه وجعل معه بعض زوجاته في دار. وكان مما فت في عضد قرواش وأضعف نفسه أنه كان قد قبض على قوم من الصيادين بالأنبار؛ لسوء طريقهم وفسادهم فهرب الباقون

٢٣٧

منهم وبقي بعضهم بالسندية، فلما كان الآن سار جماعة منهم إلى الأنبار وتسلقوا السور ليلة خامس المحرم من هذه السنة، وقتلوا حارساً وفتحوا الباب ونادوا بشعار أبي كامل، فانضاف إليهم أهلوهم وأصدقاؤهم ومن له هوى في أبي كامل، فكثروا وثار بهم أصحاب قرواش، فاقتتلوا فظفروا وقتلوا من أصحاب معتمد الدولة قرواش جماعة وهرب الباقون. فبلغه خبر استيلاء أخيه، ولم يبلغه عود أصحابه. ثم إن المسيب وأمراء العرب كلفوا أبا كامل ما يعجز عنه واشتطوا عليه، فخاف أن يؤول الأمر بهم إلى طاعة قرواش وإعادته إلى مملكته، فبادرهم إليه وقبل يده، وقال له: إنني وإن كنت أخاك فإنني عبدك وما جرى هذا إلا بسبب من أفسد رأيك فيَّ وأشعرك الوحشة مني، والآن فأنت الأمير وأنا الطائع لأمرك والتابع لك. فقال له قرواش: بل أنت الأخ والأمر لك مسلّم، وأنت أقوم به مني، وصلح الحال بينهما وعاد قرواش إلى التصرف على حكم اختياره. وكان أبو كامل قد أقطع بلال بن غريب بن مقن حربى وأوانا، فلما اصطلح أبو كامل وقرواش أرسلا إلى حربى من منع بلالاً عنها، فتظاهر بلال بالخلاف عليهما وجمع إلى نفسه جمعاً، وقاتل أصحاب قرواش وأخذ حربى وأوانا بغير اختيارهما، فانحدر قرواش من الموصل إليهما وحصرهما وأخذهما.

وفي هذه السنة سار جمع من بني عقيل إلى بلد العجم من أعمال العراق وبادوريا، فنهبوها وأخذوا من الأموال الكثير وكانا في إقطاع البساسيري، فسار من بغداد بعد عوده من فارس إليهم، فالتقوا هم وزعيم الدولة أبو كامل بن المقلَّد، واقتتلوا قتالاً شديداً أبلى الفريقان فيه بلاء حسناً وصبرا صبراً جميلاً وقُتل جماعة من الفريقين.

في هذه السنة في ذي القعدة ملك البساسيري الأنبار ودخلها أصحابه، وكان سبب ملكها أن قرواشاً أساء السيرة في أهلها، ومد يده إلى أموالهم فسار جماعة من أهلها إلى البساسيري ببغداد، وسألوه أن ينفذ معهم عسكراً يسلمون إليه الأنبار. فأجابهم إلى ذلك وسيّر معهم جيشاً، فتسلموا الأنبار ولحقهم البساسيري، وأحسن إلى أهلها وعدل فيهم ولم يمكن أحداً من أصحابه أن يأخذ رطل الخبز بغير ثمنه. وأقام فيها إلى أن أصلح حالها وقرر قواعدها وعاد إلى بغداد.

سنة (٤٤٢) وفي هذه السنة في جمادى الأولى استولى زعيم الدولة

٢٣٨

أبو كامل بركة بن المقلَّد على أخيه قرواش، وحجر عليه ومنعه من التصرف على اختياره؛ وسبب ذلك أن قرواشاً كان قد أنف من تحكم أخيه في البلاد، وأنه قد صار لا حكم له فعمل على الانحدار إلى بغداد ومفارقة أخيه. وسار عن الموصل، فشق ذلك على بركة وعظم عنده، ثم أرسل إليه نفراً من أعيان أصحابه يشيرون عليه بالعود واجتماع الكلمة ويحذرونه من الفرقة والاختلاف، فلما بلّغوه ذلك امتنع عليهم، فقالوا: أنت ممنوع عن فعلك والرأي لك القبول والعود ما دامت الرغبة إليك، فعلم حينئذ أنه يُمنع قهراً، فأجاب إلى العود على شرط أن يسكن دار الإمارة بالموصل، وسار معهم. فلما قارب حلة أخيه زعيم الدولة لقيه وأنزله عنده، فهرب أصحابه وأهله خوفاً فأمّنهم زعيم الدولة، وحضر عنده وخدمه وأظهر له الخدمة وجعل عليه من يمنعه من التصرف على اختياره.

سنة (٤٤٣) وفي هذه السنة في شهر رمضان تُوفِّي زعيم الدولة أبو كامل بركة بن المقلَّد بتكريت، وكان انحدر إليها في حلله قاصداً نحو العراق لينازع النواب به عن الملك الرحيم وينهب البلاد. فلما بلغها انتقض عليه جرح كان أصابه من الغز لما ملكوا الموصل، فتُوفِّي ودفن بمشهد الخضر بتكريت. واجتمعت العرب من أصحابه على تأمير علم الدين أبي المعالي قريش بن بدران بن المقلَّد، فعاد بالحلل والعرب إلى الموصل وأرسل إلى عمه قرواش، وهو تحت الاعتقال يعلمه بوفاة زعيم الدولة وقيامه بالإمارة، وأنه يتصرف على اختياره ويقوم بالأمر نيابة عنه. فلما وصل قريش إلى الموصل جرى بينه وبين عمه قرواش منازعة ضعف فيها قرواش وقوي ابن أخيه ومالت العرب إليه، واستقرت الإمارة له وعاد عمه إلى ما كان عليه من الاعتقال الجميل والاقتصار به على قليل من الحاشية والنساء والنفقة، ثم نقله إلى قلعة الجراحية من أعمال الموصل فاعتُقل بها.

سنة (٤٤٤): في هذه السنة جرى حِلف بين علم الدين قريش بن بدران وبين أخيه المقلَّد، وكان قريش قد نقل عمه قرواشاً إلى قلعة الجراحية من أعمال الموصل وسجنه بها وارتحل يطلب العراق، فجرى بينه وبين أخيه المقلَّد منازعة أدت إلى الاختلاف، فسار المقلَّد إلى نور الدولة دُبيس بن مزيد ملتجئاً إليه فحمل أخاه الغيظ منه على أن نهب حلته وعاد

٢٣٩

إلى الموصل، واختلَّت أحواله واختلفت العرب عليه، وأخرج نواب الملك الرحيم ببغداد إلى ما كان بيد قريش من العراق بالجانب الشرقي من عُكبرا والعلث وغيرهما من قبض غلته، وسلم الجانب الغربي من أوانا ونهر بيطر إلى أبي الهندي بلال بن غريب. ثم إن قريشاً استمال العرب وأصلحهم، فأذعنوا له بعد وفاة عمه قرواش، فإنه تُوفِّي هذه الأيام، وانحدر إلى العراق؛ ليستعيد ما أخذ منه، فوصل إلى الصالحية وسير بعض أصحابه إلى ناحية الحظيرة وما والاها، فنهبوا ما هناك وعادوا فلقوا كامل بن محمد بن المسيّب صاحب الحظيرة، فأوقع بهم وقاتلهم فأرسلوا إلى قريش يعرفونه الحال، فسار إليهم في عدة كثيرة من العرب والأكراد، فانهزم كامل وتبعه قريش فلم يلحقه، فقصد حلل بلال بن غريب وهي خالية من الرجال، فنهبها وقاتله بلال وأبلى بلاء حسناً فجرح ثم انهزم، وراسل قريش نواب الملك الرحيم يطلب ببذل الطاعة ويطلب تقرير ما كان له عليه، فأجابوه إلى ذلك على كره؛ لقوته وضعفهم واشتغال الملك الرحيم بخوزستان عنهم، فاستقر أمره وقوي شأنه. وفي هذه الصفحة: وفي السنة نفسها مستهل رجب تُوفِّي معتمد الدولة أبو المنيع قرواش بن المقلَّد العُقيلي الذي كان صاحب الموصل محبوساً بقلعة الجراحية من أعمال الموصل، وحُمل ميتاً إلى الموصل، ودفن بتل توبة من مدينة نينوى شرقي الموصل. وكان من رجال العرب وذوي العقل منهم وله شعر حسن. وأورد له عن (دمية القصر) البيتين المنقولين عن تاريخ ابن خلدون وهذه الأبيات التي لم يوردها ابن خلدون:

مـن كان يحمد أو يذم موّرث لـلمال مـن آبـائه وجدوده

إنـي امـرؤ لـله أشكر وحده شـكراً كـثيراً جـالباً لمزيده

لـي أشقرٌ سمح العنان مغاور يعطيك ما يرضيك من مجهوده

ومـهند عـضب إذا جـردته خلت البروق تموج في تجريده

ومـثقف لـدنُ الـسنان كأنم أم الـمنايا رُكـبت في عوده

وبـذا حـويُت المال إلا أنني سـلّطت جود يدي على تبديده

وفي هذه السنة ورد سعدي بن أبي الشوك في جيش من عند السلطان طغرلبك إلى نواحي العراق، فدوَّخ كثيراً منها وأسرف في

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

احتمال تقدم موته عكس ما سبق في ارث ماله الاصلي.

(مسئلة ٢) اذا ماتا حتف انفهما بلا سبب فلا توارث بينهما (١)

___________________________________________________________

ابنه لكونه مات عن ولد ويرث هذا السدس مع ماله الاصلي سوى ما يختص به ابنه الغريق اولاده الاحياء وكذلك الابن يرث سهمه من ابيه ويرثه في هذا السهم وخمسة اسداس ماله الاصلي اولاده الاحياء.

والفرق بين هذين الفرضين ظهور الروايات في التوارث بين الغرقى والمهدوم عليهم في ذلك فيفرض كل منهما سابقاً في الموت كي يرثه الاخر وحده او مع سائر الورثة سهمه ويفرض لاحقاً كي يورث ماله الاصلي او بعضه مع ما ورثه من الاخر المفروض موته سابقاً لوارثه الذي هو حي ولا اشكال في دلالة الروايات في ما ذكره قدس سره بلا غبار عليها واذا كانوا اكثر من اثنين فكما ذكر في الاثنين يفرض موت كل وحياة الاخرين فيرثانه او يرثونه ويرثهما او يرث منهم غير ما ورثهم...

(١) لعدم احراز شرط الارث من الموت عن حياة الوارث او وحياته على ما تقدم في بعض المباحث السابقة وهذا وان لم يكن شرطاً في خصوص الموت حتف الانف بل في كل مورد حتى الغرقى والمهدوم عليهم لكن خرجنا فيهما عن مقتضى القاعدة بالنصوص الخاصة والا فنفى التقارن على فرض كونه مجرى الاصل لا يثمر في المقام لعدم كون الموت عن حياة الاخر من آثاره كما ان اصل عدم موت كل قبل الاخر ايضاً كذلك مع عدم نتيجة فيه بالنسبة الى المتوارثين لو اثبت التأخّر.

٣٤١

نعم اذا كان الاثر يترتب على واحد منهما لا غير كما اذا فرض اخوان لاحدهما ولد وليس للاخر الا اخوه فيمكن جريان اصل عدم موته قبل الاخر كي يرثه ذو الولد لو جرى الاصل في مجهول التاريخ الواقعي بالنسبة الى الاخر كما عن بعضهم والا ففيه اشكال لقصر مجرى الاصل في جرّ المستصحب في امد الزمان ويحتمل جريان استصحاب حياة كل الى حال موت الاخر واقعاً اذا لم نشترط في الارث تأخر حياة الوارث عن موت المورث ولا موته عن حياته بل كان الموضوع مركباً من موت المورث وحياة الوارث كما ليس ببعيد بالنظر الى ظواهر الادلة لو لا اشكال قصر الاستصحاب في جر المشكوك بالنسبة الى امد الزمان فقط بدون نظر منه الى حادث آخر والا فالعلم الاجمالي ببطلان احد الاصلين في الواقع ليس بمنجز ولا يؤثر في منع جريانهما ما لم يصادم التكليف الالزامي وليس المقام كذلك فما نحن فيه من قبيل جريان استصحاب الحدث وطهارة البدن لمن توضأ غفلة بمايع مردد بين الماء والبول فتدبر ولعل نظر بعض من عمم حكم المسئلة في بحث الغرقى والمهدوم عليهم الى موت المتوارثين حتف الانف الى بعض ما ذكرنا او الى ما ذكروه في الحاق القتل والحرق بالغرق والهدم كما سيأتي.

وقد يستدل على المدعى في المقام بما روى ابن القداح ١ - عن جعفر عن ابيه عليهم السلام قال ماتت ام كلثوم بنت علي عليه السلام وابنها زيد بن عمر بن الخطاب في ساعة واحدة لا يدري ايهما هلك قبل فلم يورث احدهما من الاخر وصلى عليهما ورمى هذا الخبر بالضعف وعند

____________________

١ - ئل ١٧ الباب ٥ من ابواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم الحديث ١

٣٤٢

ان احتمل التقارن وان علم بعدم التقارن ففي نفي التوارث بينهما كما لعله المشهور اشكال (١) والاقرب انه ان علم تاريخ موت احدهما وجهل تاريخ موت الاخر ورث من

___________________________________________________________

بعضهم منجبر بالاجماع او عدم الخلاف وثبوت الاتفاق على الحكم وهو عدم التوارث في الموت حتف الانف وقد عرفت ما فيه كما رمى بحمله على الاقتران لكن ينافيه قوله لا يدري ايهما هلك قبل فتدبر كما ان الضعف ليس على ما ينبغي لصحة اسناد الشيخ الى محمّد بن احمد بن يحيى الاشعري ووثاقة ابن القداح وما نقل في جعفر بن محمّد الاشعري القمي الذي هو الواسطة بين محمّد بن احمد بن يحيى وابن القداح في السند لااقل من ان يلحقه بالحسان فراجع، نعم يمكن الاشكال في الرواية ببطلان نكاح عمر لام كلثوم وعدم صحته اولا وان كان هناك رواية معتبرة مذكورة في طهارة الوسائل في الاعتذار عنه بانه اول فرج غصبناه واحتمال الاقتران لا ينفيه الرواية ثانياً وعدم الارث على فرض التسليم لا يستند الى المعصوم وتقريره ثالثاً فتأمل.

(١) لما حكى من الاتفاق او الشهرة على عدم التوارث في الموت حتف الانف وان كان في غير محله ولخبر القداح وما هو المسلم في حصول شرط الارث في واحد منهما مردّداً وفي الجواهر حكى عن يه وط وئر والمهذّب في تعليل عدم التوارث في الموت حتف الانف بان التوارث انما يجوز في ما يشتبه فيه الحال فيجوز تقدم كل منهما على الاخر لا فيما علم الاقتران وعن ابي علي وابي الصلاح التصريح بذلك. قال بل قيل انه ظ كثير من الاصحاب وان كنّا لم نتحققه الى آخر

٣٤٣

جهل (١) تاريخ موته ممن علم تاريخ موته ولا عكس (٢) وان جهل التاريخان عمل بالقرعة (٣).

(مسئلة ٣) اذا ماتا بسبب غير الغرق والهدم كالحرق والقتل

___________________________________________________________

ما قال وقد ذكر في مفتاح الكرامة ان جريان حكم الغرقى في الموت حتف الانف صريح ابي الصلاح وابي علي وظاهر المفيد في المقنعة والشيخ في يه وط والطوسي في الطبقات وئر والقاضي في المهذب بل ربما لاح من المراسم ثم ذكر عبارات كثير منهم.

(١) وفاقاً لما استقواه صاحب العروة في حاشية النجاة فيه وفي الغرقى والمهدوم عليهم ولعله لجريان استصحاب حياته الى حال موت معلوم التاريخ وليس مثبتاً لان اللازم هو حياة الوارث وموت المورث والاول يثبت بالاستصحاب والثاني بالوجدان ولا يلزم كون الارث مفاد نفس الاستصحاب.

(٢) لعدم جريان الاستصحاب في معلوم التاريخ بالنسبة الى مجهوله لقصور دليله عن ذلك وان احتمله او قال به بعضهم.

(٣) كما استقواه صاحب الجواهر في المقام وفي ما اذا كان الموت للغرق او الهدم لكن ترتب زمان موتهم وكان مع الفصل الطويل ولم نعلم السابق من اللاحق واقّره عليه صاحب العروة في حاشية النجاة ولا مجال هنا لجريان الاستصحاب للتعارض عند بعض ولعدم جريانه بالنسبة الى حادث آخر زماني على التحقيق كما اشرنا اليه قريباً واما ما يدل على القرعة في المقام فعموم رواياتها لكل امر مجهول والمسلّم المتيقن هو الشبهة الموضوعية التي لها تعين في الواقع كما نحن فيه.

٣٤٤

في معركة قتال او افتراس سبع او نحو ذلك ففي الحكم بالتوارث من الطرفين كما في الغرق والهدم قولان (١) اقواهما العدم (٢) فان علم تاريخ موت احدهما وجهل تاريخ موت

___________________________________________________________

(١) حكى اولهما عن المفيد في المقنعة وابي الصلاح وابن حمزة في الوسيلة والمحقق الطوسي في الطبقات وابي علي والقاضي وابن سعيد والشيخ في النهاية والمبسوط وابي يعلى في المراسم وابي عبد الله في السرائر وعن المهذب وحكى الميل اليه عن الرياض ويظهر من صاحب مفتاح الكرامة ايضاً وقواه السيد الخوئي في منهاجه كما قوى ذلك في الموت حتف الانف وثانيهما عن الاكثر كما عن ضه ولك وجماهير المتاخرين وبعض القدماء على ما في مفتاح الكرامة.

(٢) لضعف دليل الاولين وعدم ما يقتضى الركون الى قولهم من قاعدة واصل كما عرفت في بعض المباحث السابقه فانهم استندوا في التعميم الى استظهار كون العلة للتوارث في الغرقى والمهدوم عليهم اما مطلق الاشتباه او القتل بسبب معه والثاني موجود في القتل في المعركة او افتراس السبع او الحريق ونحوهما والاول فيها وفي مطلق الموت ولو لا لسبب بل حتف الانف وهذه العلة هي التي اقر عليها ابو عبد الله عليه السلام عبدالرحمن بن الحجاج في الصحيحين المتقدمين حيث قال عليه السلام في الاولى لقد شنعها (سمعها) وهو هكذا بعد ما نقل ابن الحجاج له عليه السلام ما ادخل ابو حنيفة عقيب ما سأله عليه السلام عن بيت وقع على قوم مجتمعين فلا يدري ايهم مات قبل وجوابه بقوله عليه السلام يورث بعضهم من بعض.

وفي الثانية رجل وامرأة سقط عليهما البيت فماتا وقال عليه السلام يورث

٣٤٥

الرجل من المرأة والمرأة من الرجل قال عبدالرحمن قلت فان اباحنيفة الخ فابن الحجاج لم يستفد من جواب الامام عليه السلام له في الروايتين خصوصيته للهدم بل الكلية فطبقها على صورة الغرق واقره الامام عليه السلام على هذه الاستفاده.

فالقتل سواء كان بالغرق او بالهدم او غيرهما من الاسباب بل مطلق الموت وصار موجباً للاشتباه محقق للتوارث ولم يثبت ما عن الايضاح في قتلى اليمامة وصفين والحرّة انه لم يورث بعضهم من بعض وقد يزاد على الاستدلال عدم احراز شرط ارث الاحياء في المقام وهو عدم وارث اقرب وانت ترى انه لم يشر في الروايتين الى قاعدة كلية ولا علة بل انما اجاب عليه السلام عن سؤال الهدم فيهما وذكر الراوي مسئلة ادخال ابي حنيفه وهو عليه السلام صدق ما نقل عن ابي حنيفه وفي الأولى بين للراوي انه سمعها فاين العلة وكيف استنبط السائل واقره عليه.

ولعل نظرهم الى استفادته ثبوت التوارث فيما اذا ماتوا ولم يدرايهم مات قبل بلا نظر الى خصوص السبب بل لعلة الاشتباه فاعترض على ابي حنيفة انه كيف خص المال بورثة الذي ليس له مال في فرض الغرق مع انه لم يتقدم ذكر له وانما الموت في الهدم والاشتباه فاجابه عليه السلام ولم يجبهه بعدم ربط لما ادخل ابو حنيفة للمقام.

وفيه انه وان لم يجز ذكر للغرق ولكن الادخال فيها او عليهم يصدق بخلط احدى المسئلتين بالاخرى وان لم تندرجا في موضوع واحد مع ان اعتراضه انما هو على حرمان ورثة ذي المال الا ان يجعل هذا قرينة على استفادة الكلية ولكن قوله في ذيل الاولى، قلت ولو

٣٤٦

الاخر ورث من جهل (١) تاريخ موته ممن علم تاريخ موته وان جهل التاريخان فان احتمل التقارن فلا توارث (٢) من الطرفين وان علم بعدم التقارن عمل بالقرعة (٣).

___________________________________________________________

ان مملوكين اعتقت انا احدهما واعتقت انت الاخر لاحدهما مأة الف درهم والاخر ليس له شيء. فقال مثله يؤيد تعجبه من حرمان وارث ذي المال وكيف كان فالتوارث في ما اذا لم يحرز حياة الوارث حال موت المورث في الموت حتف الانف او لعلة غير الهدم والغرق لا موجب له وثبوته في المهدوم عليهم والغرقى انما هو للاخبار والاجماع، بل فيهما ايضاً المسلم الظاهر من الاخبار ما اذا يعلم التقدم والتأخر واشتبه احدهما بالاخر وكان الموتان متقاربين، نعم لا مجال للتوقف في ثبوته في الغرق بالماء المضاف او القير او الطين او النفط او الموت بهدم الجبل او كسر الشجر او تحت الخيمة بوقوعها او الغرق في غير البحر كالبالوعة والمسبح لعدم انفهام الخصوصية من الدليل وان كان يظهر من صاحب الجواهر شيء من التردد.

فظهر بما ذكرنا قصر الحكم في الغرقي والمهدوم عليهم فيما اذا لم يعلم هناك تقدم وتأخر ولم يكن هناك ترتب في الموت ولا يسرى الى ما اذا كان الموت مستنداً بسبب آخر فضلا عما اذا كان حتف الانف.

(١) لما ذكرنا في مسئلة ٢.

(٢) لعدم احراز شرط الارث في كل من الجانبين.

(٣) لما تقدم في مسئلة ٢.

٣٤٧

(مسئلة ٤) اذا كان الغرقى والمهدوم عليهم يتوارث بعضهم مع بعض دون بعض آخر الا على تقدير غير معلوم كما اذا غرق الاب وولداه فان الولدين لا يتوارثان الا مع فقد الاب ففي الحكم بالتوارث (١) اشكال (٢) بل الاظهر العدم (٣)

(مسئلة ٥) المشهور اعتبار (٤) صلاحية التوارث من الطرفين فلو انتفت من احدهما لم يحكم بالارث (٥) من احد الطرفين كما اذا غرق اخوان لاحدهما ولد دون الاخر وقيل (٦)

___________________________________________________________

(١) يعني بين الولدين.

(٢) لاحتمال انصراف الادلة عن هذه الصورة فلا يشمله الاطلاقات ولا مكان دعوى الاطلاق.

(٣) كما هو الحق لعدم نظر في روايات الباب الا الى مجرد اسقاط اشتراط تقدم الموت على حياة الوارث مع اجتماع كل ما يعتبر شرطاً في الارث بحيث لو مات احدهما يرثه الاخر بلا توقف كما بين الوالد وولديه اما بينهما فله شرط موضوعي آخر غير محرز.

(٤) استدل عليه باجماع الغنية وبكون الحكم بالتوارث على خلاف القاعدة والمتيقّن الخروج هو مورد القابلية من الجانبين.

(٥) كما عن ط و يه والغنية وئر ويع والنافع ويروس واللمعة والمسالك والروضة وغيرها.

(٦) كما تقدم عن الطوسي في الطبقات نقله عن قوم واختاره العلامة الخوئي.

٣٤٨

لا يعتبر ذلك ويحكم بالارث من احد الطرفين وهو ضعيف (١)...

فصل في ميراث المجوس

(مسئلة ١) لا اشكال في ان المجوس يتوارثون بالنسب والسبب الصحيحين وهل يتوارثون بالنسب والسبب الفاسدين كما اذا تزوج من يحرم عليه نكاحها عندنا فاولدها؟ قيل نعم (٢) فاذا تزوج اخته فاولدها ومات ورثت اخته نصيب

___________________________________________________________

(١) لما عرفت ويمكن ان يقال بالاطلاق كما فيما اذا كان لاحدهما مال ولم يكن للاخر ولا ينافيه ما في الروايات من ثبوت الارث من الجانبين وارث كل من الاخر لعدم كون ارث كل منهما قيداً وشرطاً لارث الاخر بل يتوارثان فيما اذا كان هناك مورد له والا فمن جانب واحد ولكنه في النفس شيء.

(٢) حكاه في مفتاح الكرامة عن التهذيب والاستبصار والنهاية والمبسوط والخلاف والوسيلة والمراسم وبعض نسخ المقنعة ونقل عن محكى المهذي والايجاز واستظهره من التحرير والدروس ومن ابن الجنيد بل قال وهو المشهور كما في التحرير وظاهر الاستبصار كما نقل

٣٤٩

الزوجة وورث ولدها نصيب الولد وقيل لا (١) ففي المثال لا ترثه اخته الزوجة ولا ولدها وقيل بالتفصيل (٢) بين النسب والسبب فيرثه في المثال المذكور الولد ولا ترثه الزوجة والاقوال المذكورة كلها مشهورة واقواها الأول للنص (٣)

___________________________________________________________

عن المقنعة قوله ترث عندنا من الوجهين واستظهر منه الاجماع.

(١) هذا القول منسوب الى يونس بن عبد الرحمن والمفيد قدس سره في احد النقلين والمرتضى والتقي والحلي والفاضل وعن كتاب اعلام الورى نسبته الى جمهور الامامية وعن موصليات المرتضى الاجماع عليه.

(٢) هذا القول حكى عن الفضل بن شاذان وعن المفيد واستظهر من الحسن بن ابي عقيل والصدوق وابن نما نجيب الدين وابن سعيد صاحب الجامع وحكى عن المحقق وآلابي والفخر وابي العباس في المقتصر والصيمري في غاية المرام والشهيدين في غاية المراد واللمعة ولك وضه واستقر به العلامه في عد وعن ض عن جده المجلسي نسبته الى الاكثر

(٣) هو ما رواه الشيخ قدس سره باسناده ١ - عن محمد بن احمد بن يحيى عن بنان بن محمد عن ابيه عن ابن المغيرة عن السكوني عن جعفر عن ابيه عليهما السلام انه كان يورث المجوسي اذا تزوج بامه وبابنته من وجهين، من وجه انها امه ووجه انها زوجته ورواه ايضاً الصدوق قدس سره بطريقه الى السكوني وطريق الشيخ الى محمد صحيح وبنان وان اهمله في مجمع الفائدة وجهله الكاظمي لكن الوحيد قدس سره نفي البعد عن وثاقته لرواية محمّد

____________________

١ - ئل ١٧ الباب ١ من ابواب ميراث المجوس الحديث ١.

٣٥٠

ابن احمد بن يحيى عنه.

ونقل عن جده المجلسي قدس سره انه كثير الرواية ومن مشايخ الاجازة وابوه محمد بن عيسى بن عبد الله بن سعد الاشعري ممدوح مدحاً لا يقصر عن التوثيق بل عن غير واحد توثيقه وابن المغيرة هو عبد الله ابو محمّد البجلي عده الكشي من اصحاب الاجماع ووثقه النجاشي ولم يعدل به احدا من جلالته ودينه وورعه والسكوني وان اشتهر انه من العامة (ورب مشهور لا اصل له) لكن عن الشيخ عدّة من جملة من اجمعت الامامية على العمل برواياتهم.

فالسند كما وصفه في الجواهر قوى لو لم يكن صحيحاً مضافاً الى ما رواه الكليني قدس سره في الصحيح عن عبد الله بن سنان ١ - قال قذف رجل مجوسياً عند ابي عبد الله عليه السلام فقال مه، فقال الرجل انه ينكح امه واخته. فقال ذاك عندهم نكاح في دينهم والى الروايات المتعددة المستفيضة الواردة في قاعدة الالزام فمنها ما رراه ابن مسلم ٢ - بسند معتبر ظاهراً عن ابي جعفر عليه السلام قال سألته عن الاحكام قال تجوز على اهل كل ذي دين بما يستحلون ومنها رواية ابي بصير ٣ - عن ابي عبد الله عليه السلام قال كل قوم يعرفون النكاح من السفاح فنكاحهم جائز وفي ذيل اخرى له ٤ - عنه عليه السلام ايضاً فان لكل قوم نكاحاً.

____________________

١ - ئل ١٧ الباب ٢ من ابواب ميراث المجوس الحديث ١ وئل ١٤ الباب ٨٣ من ابواب نكاح العبيد والاماء الحديث ١.

٢ - ئل ١٧ الباب ٣ من ابواب ميراث المجوس الحديث ١.

٣ - ٤ - ئل ١٤ الباب ٨٣ من ابواب نكاح العبيد والاماء الحديث ٣ - ٢

٣٥١

ومنها ما رواه ابو الحسن الحذاء ١ - قال كنت عند ابي عبد الله عليه السلام فسألني رجل ما فعل غريمك قلت ذاك ابن الفاعلة فنظر الى ابو عبد الله عليه السلام نظراً شديداً. قال فقلت جعلت فداك انه مجوسى. امه اخته فقال اوليس ذلك في دينهم نكاحاً، ثم انه بالنظر الى هذه الروايات يندفع ماشنع به صاحب السرائر على الشيخ قدس سرهما واساء الادب معه فلا يكون الفتوى بمضمونها حكماً بغير ما انزل الله وبخلاف القسط ولا باطلا

كما اندفع بما ذكرنا من رواية السكوني وغيرها ما استند اليه الفريق الثاني وهم يونس ومن وافقه من الاصل والاجماع وانصراف ادلة الارث الى الصحيح مع ان الاجماع على فرض اعتباره لم ينعقد على العدم.

فرع

ذكر صاحب الجواهر قدس سره فرضاً لا واقع له ظاهراً وهو انه لو فرض مشروعية الاشتراك في الزوجة عندهم فتزوج اثنان منهم امرأة كانا معاً شريكين في نصيب الزوجيّة منها النصف والربع لا ان كل واحد منهما يستحق ذلك ثم نفي البعد عن استحقاقها من كل منهما نصيب الزوجية الثمن او الربع لا نصفهما مع احتماله فتأمل.

____________________

١ - ئل ١٨ الباب ١ من ابواب حد القذف الحديث ٣.

٣٥٢

ولو لاه لكان الاخير (١) هو الاقوى.

(مسئلة ٢) اذا اجتمع للوارث سببان ورث بهما معاً (٢) كما اذا تزوج امه فمات ورثته امه نصيب الام ونصيب الزوجة (٣) وكذا اذا تزوج بنته فانها ترثه نصيب الزوجة ونصيب البنت واذا اجتمع سببان احدهما يمنع الاخر ورث من جهة المانع (٤) دون الممنوع كما اذا تزوج امه فاولدها فان الولد اخوه من امه فهو يرث من حيث كونه ولداً ولا يرث من حيث كونه اخاً وكما اذا تزوج بنته فاولدها فان ولدها ولدله وابن بنته فيرث من السبب الاول ولا يرث من السبب الثاني.

(مسئلة ٣) المسلم لا يرث بالسبب الفاسد (٥) ويرث بالنسب

___________________________________________________________

(١) هو التفصيل الذي ركن اليه الفضل وموافقوه استناداً الى ان النسب الناشيء عن شبهة صحيح شرعاً فيشمله ادلة الارث بخلاف السبب الفاسد، فليست الموطوئة شبهة زوجة ولا الواطي زوجاً وكذا ما يتفرع عليه فلا يندرج في العمومات واما وجه كونه اقوى فلقوة دليله ولما سيجيء في الناسب شبهة من ثبوت الارث.

(٢) لوجود المقتضى وعدم المانع.

(٣) لعدم منع احد الموجبين من الاخر وكذا في المثال الاتى.

(٤) لحصول المقتضى من جهته دون الاخر الا ان نمنع الارث بالفاسد فيختص بالصحيح.

(٥) اجماعاً لالغاء السبب شرعاً فلا يؤثر ولما تقدم ولا فرق بين المتعمد والجاهل كما لا فرق بين ما اذا كان التحريم اجماعياً اتفاقياً كالام

٣٥٣

الفاسد (١) ما لم يكن زنا فولد الشبهة يرث ويورث واذا كانت الشبهة من طرف واحد اختص (٢) التوارث به دون الاخر والله سبحانه العالم.

___________________________________________________________

الرضاعية او مختلفاً فيه كام المزنى بها اذا صار الترافع عند مجتهد يرى التحريم فان الاكثر على التحريم كام الزوجة والمفيد والمرتضى وغير واحد على الحلية، اما التمثيل بالمختلقة من ماء الزاني كما في يع واقره عليه صاحب الجواهر فليس على ما ينبغي للاجماع ظاهراً على التحريم اما لكونها بنتاً لغة وعرفاً كما عن الشيخ وجماعة ولحرمة بنت الزانية واما لما عن الشيخ ابي عبد الله من انها كافرة ولا يجوز تزويج الكافرة.

(١) لثبوت النسب بوطي الشبهة واللحوق شرعاً وان لم يصدق الفراش

(٢) للحوق في حقه وعدمه بالنسبة الى الزاني او الزانية.

٣٥٤

خاتمة

مخارج السهام (١) المفروضة (٢) في الكتاب العزيز خمسة

___________________________________________________________

ارشاد

(١) في الجواهر وفقاً للقواعد (وفي المفتاح ان هذه العبارة بادنى تفاوت عبارة المحقق الطوسي) اعلم ان عادة اهل الحساب اخراج الحصص من اقل عدد ينقسم على ارباب الحقوق من دون كسر ويضيقون حصة كل واحد الى ذلك العدد، فاذا كان ابنان مثلا قالوا لكل ابن سهم من سهمين من تركته ولا يقولون التركة بينهما نصفان ويسمون العدد المضاف اليه اصل المال ومخرج السهام ونعنى بالمخرج اقل عدد يخرج منه ذلك الجزء المطلوب صحيحاً وما ذكرناه في تفسير المخرج فسره به جمع من الاصحاب كما في المفتاح، قال وقيل انه العدد الذي يكون نسبة الواحد اليه كنسبة الكسر الى الواحد وقيل ان المخرج ما ماثل في العدد لما اشتمل عليه الواحد من الكسر.

(٢) قد تقدم في ثالثة الفوائد التي ذكرها في الفصل الأول ان الفرض

٣٥٥

الاثنان مخرج النصف والثلاثة مخرج الثلث والثلثين والاربعة مخرج الربع والستة مخرج السدس والثمانية مخرج الثمن

(مسئلة) لو كان في الفريضة كسران فان كانا متداخلين (١)

___________________________________________________________

هو السهم المقدر في الكتاب المجيد وهو ستة انواع. ثم ذكر في الجواهر بعد بيان مخارج الفروض المذكورة في الكتاب العزيز طبقاً لقواعد العلامة ثم الورثة ان لم يكن فيهم ذو فرض وتساووا في الارث فعدد رؤسهم اصل المال كاربعة اولاد ذكور وان كان يقسمون للذكر مثل حظ الانثيين فاجعل لكل ذكر سهمين ولكل انثى سهماً فما اجتمع فهو اصل المال وان كان فيهم ذو فرض او اصحاب فروض فاطلب عدداً له ذلك السهم او تلك السهام واقسم الباقي بعد السهم او السهام على رؤس باقي الورثة ان تساووا وعلى سهامهم ان اختلفوا.

ثم قال وفقاً لما في المفتاح معلقاً على قول العلامة قدس سره وان كان فيهم ذو فرض الخ وذلك بان تطلب اولا مخرج الفروض فما بقي ان لم ينكسر على من بقي من غير ارباب الفروض كفى ما طلبته كزوج وابوين و بنين خمسة او ابنين وبنت فتطلب اولا مخرج السدس والربع وهو اثنا عشر فتعطى الزوج ثلاثة والابوين اربعة والباقي خمسة لا تنكسر على الباقين (للبنين الخمسة من دون كسر) (او للابنين والبنت) وان انكسر الباقي ضربت سهامهم في العدد الذي حصّلته اولا فان كان في المثال ابنان فاضربهما في الاثنى عشر وان كان ابن وبنت فاصرب الثلاثة التي هي مخرج قسمتهما في الاثنى عشر وهكذا.

(١) قال في الجواهر العددان اما متساويان كخمسة وخمسة مثلا

٣٥٦

بان كان مخرج احدهما يفنى مخرج الاخر اذا اسقط منه مكرراً كالنصف والربع فان مخرج النصف وهو الاثنان يفنى مخرج الربع وهو الاربعة وكالنصف والثمن والثلث والسدس فاذا كان الامر كذلك كانت الفريضة مطابقة للاكثر فاذا اجتمع النصف والربع (١) كانت الفريضة اربعة واذا اجتمع النصف والسدس (٢) كانت ستة واذا اجتمع النصف والثمن (٣) كانت ثمانية وان كان الكسران متوافقين بان كان (٤) مخرج احدهما لا يفنى مخرج

___________________________________________________________

واما مختلفان كخمسةت وعشرة مثلاً والمختلفان اما متداخلان او متوافقان او متباينان، فالمتداخلان هما اللذان يفنى اقلهما الاكثر مرتين او مراراً ولذا لا يتجاوز الاقل منه نصف الاكثر بل يدخل فيه وان شئت سميتهما بالمتناسبين كالثلاثة بالقياس الى الستة والتسعة وكالاربعة بالقياس الى الثمانية والاثنى عشر الخ ما ذكره.

فالمتداخلان هما العددان المختلفان اللذان يفنى اقلهما الاكثر مرتين او ازيد او التداخل هو ان يكون اكثر العددين منقسماً على الاقل قسمة صحيحة كالستة والاثنين.

(١) كزوج وبنت او كزوجة واخت لاب اولهما.

(٢) كاحد الابوين او كليهما والبنت.

(٣) كزوجة وبنت واحدة.

(٤) هذا تفسير التوافق بالمعنى الاخص وهو المراد هنا وقد يفسر بالاعم فيشمل المتداخلين والمتوافقان بهذا المعنى هما العددان اللذان اذا اسقط اقلهما من الاكثر مرة او مراراً بقي اكثر من واحد.

٣٥٧

الاخر اذا سقط منه مكرراً ولكن يفنى مخرجيهما عدد ثالث اذا اسقط مكرراً من كل منهما كالربع والسدس فان مخرج الربع اربعة ومخرج السدس ستة والاربعة لا تفنى الستة ولكن الاثنين يفنى كلا منهما وذلك العدد وفق بينهما (١) فاذا كان الامر كذلك ضرب احد المخرجين في وفق الاخر وتكون الفريضة مطابقة لحاصل الضرب فاذا اجتمع الربع والسدس ضربت نصف الاربعة في الستة او نصف الستة في الاربعة وكان الحاصل هو عدد الفريضة وهو اثنا عشر.

واذا اجتمع السدس والثمن (٢) كانت الفريضة اربعة وعشرين حاصلة من ضرب نصف مخرج السدس وهو ثلاثة في

___________________________________________________________

(١) قال في الجواهر وان كان العدد الذي يفنيهما مما فوق العشرة فان كان مضافاً كالاثنى عشر والاربعة عشر والخمسة عشر فالموافقة بذلك الكسر المضاف المنسوب الى الجزء كنصف السدس في الاول ونصف السبع في الثاني وثلث الخمس في الثالث وان كان العدد اصمّ لا يرجع الى كسر منطق ولا الى جزئه كاحد عشر وثلاثة عشر وسبعة عشر وتسعة عشر وثلاثة وعشرين فالموافقة بجزء من ذلك العدد وح ففي الاول فلو بقي احد عشر فالموافقة بالجزء منهما كاثنين وعشرين وثلاثة وثلاثين فانه لا يعدهما الا احد عشر فالموافقة بينهما بجزء من احد عشر فيرد احدهما اليه وتضربه في الاخر فتضرب اثنين في ثلاثة وثلثين او ثلاثة في اثنين وعشرين.

(٢) كاحد الابوين او كليهما مع الزوجة وابن واحد او ازيد.

٣٥٨

الثمانية او نصف مخرج الثمن وهو الاربعة في الستة: وان كان الكسران متبائنين بان كان مخرج احدهما لا يفنى مخرج الاخر ولا يفنيهما عدد ثالث غير الواحد كالثلث والثمن (١) ضرب مخرج احدهما في مخرج الاخر وكان المتحصل هو عدد الفريضة ففي المثال المذكور تكون الفريضة اربعة وعشرين حاصلة من ضرب الثلاثة في الثمانية واذا اجتمع الثلث والربع (٢) كانت الفريضة اثني عشر حاصلة من ضرب الاربعة في الثلاثة.

(مسئلة) اذا تعدد اصحاب الفرض الواحد (٣) كانت الفريضة حاصلة من ضرب عددهم في مخرج الفرض كما اذا ترك اربع زوجات وولداً فان الفريضة تكون من اثنين وثلاثين (٤) حاصلة من ضرب الاربعة (عدد الزوجات) في الثمانية مخرج

___________________________________________________________

(١) الظاهر انه اشتباه فان الثلث ليس الا للام بدون الولد للميت وعدم الحاجب فالزوجة ح لها الربع او للازيد من واحد من كلالة الام فكذلك لها الربع اللهم ان تكون الزوجة نصفها حراً او يكون نظره قدس سره الى مجرد المثال للتباين ولو لا في السهام.

(٢) كما في الزوجة والام بدون الحاجب او اكثر من واحد من كلالة الام والزوجة.

(٣) ولم ينقسم عليهم صحيحاً.

(٤) فلكل من الاربع سهم من اثنين وثلاثين وللولد ثمانية وعشرون وقد جرى قدس سره على الاصطلاح الدارج بين اهل العراق في تسمية الابن بالولد.

٣٥٩

الثمن واذا ترك ابوين واربع زوجات كانت الفريضة من ثمانية واربعين حاصلة من ضرب الثلاث التي هي مخرج الثلث (١) في الاربع التي هي مخرج الربع فتكون اثني عشر فتضرب في الاربع (عدد الزوجات) ويكون الحاصل ثمانية واربعين وهكذا تتضاعف الفريضة بعدد من ينكسر عليه السهم هذه نبذة مما ينبغي ذكره في المقام ومن اراد التفصيل فليرجع الى المطولات.

___________________________________________________________

(١) بل نصف الستة المتوافقة مع الاربع في النصف مخرج الاثنين.

فوائد

الاولى. الفريضة اما توافق السهام او تزيد عليها او تنقص عنها وقد استعرض لها المصنف قدس سره في رابعة فوائد الفصل الاول، فنقول اما اذا وافقتها فلا يخ اما ان تنقسم بغير كسر او معه وعلى الثاني فاما على فريق واحد او اكثر، فان انقسمت بغير كسر فلا كلام كاخت لاب مع زوج فالفريضة من اثنين لكل منهما نصف او بنتين وابوين اوهما وزوج مع الحاجب فالفريضة من ستة واذا كان الانقسام مع الكسر على فريق واحد فاما ان يكون بين نصيبهم وعدد رؤسهم توافق اولا فعلى الاول تضرب الوفق من عدد رؤسهم في اصل الفريضة كابوين وستة بنات فالفريضة ستة واربعة البنات

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381