الاستغاثة الجزء ٢

الاستغاثة0%

الاستغاثة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 87

الاستغاثة

مؤلف: أبو القاسم علي بن أحمد الكوفي
تصنيف:

الصفحات: 87
المشاهدات: 6473
تحميل: 5270


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 87 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 6473 / تحميل: 5270
الحجم الحجم الحجم
الاستغاثة

الاستغاثة الجزء 2

مؤلف:
العربية

١

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الذين دخلت عليهم الشبهة في امرهم بما وصفناه في هذه الابواب ما قد اسفر من لوامع الحق وتبين فيه من وجوه الصدق ، قد ركبنا الحجة فيما رواه اصحاب الحديث فيهم من الفضائل والمناقب التي بها يصولون وعليها في حسدهم يعولون(1) وذلك (مثل) روايتهم ان رسول الله صلى الله

__________________

(1) لقد اجحف اصحاب الحديث من اوليائهم فكانوا لهم مناقب وفضائل كيلا جزافا ورفعوهم فوق مستوى البشر ونحتوا لهم روايات ونسبوها الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم افكار زور وقبلوا احاديث كثيرة وردت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فضل صهره ووصيه الامام امير المؤمنين علي عليه السلام فزادوا فيها ونقصوا وغيروا وبدلوا ورووها في فضائل اوليائهم ، ذلك ليرفعوا من شأنهم الى رتبة الامام علي (ع) الذي ورد عن النبي (ص) في فضله ما ملاء الخافقين بالرغم من اخفاء اعدائه فضائله ومناقبه بكل ما لديهم من حول وقوة ، فترى ابن حجر الهيثمي في الصواعق والمحب الطبري في الرياض النضرة وغيرهما يروون عن النبي (ص) في فضائل اوليائهم ما تمجه الاسماع ولا يتفق مع المنطق الصحيح وكلها موضوعة مكذوبة على النبي (ص) ويتضح ذلك جليا لمن تتبع اسنادها فان رجالها اكثرهم من اولياء بني امية المستأجرين لهم ومن المشهورين بالنصب والعداوة لاهل البيت النبوي ومن المطلعون فيهم عند علماء الجرح والتعديل منهم وقد دسوا في الاحاديث اكاذيب ارضاء لشهوات اوليائهم مما لا يعد ولا يحصى ، فهذا العلامة الفقيه الشيخ مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز ابادي الشيرازي صاحب القاموس المتوفى سنة 826 يحدثنا في كتابه سفر السعادة (ص 142 ـ 143) من طبع مصر سنة 1332 ماهذا نصه : خاتمة الكتاب في الاشارة الى ابواب ورى فيها احاديث وليس منها شئ صحيح ولم يثبت منها عند جهابذة علماء الحديث (ثم قال) اشهر المشهورات من ـ

٢

عليه وآله وسلم امر بتقديم ابي بكر للصلاة في مرضه الذي توفي فيه ، فاحتج بذلك محجتهم وقال لما رضيه رسول الله لديننا رضيناه لدنيانا

(ومثل) روايتهم وحجتهم في قول الله تعالى «ثاني اثنين» إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا «وهذه فضيلة ليست ولا لمثلها لاحد إذ سماه الله صاحبا لرسوله (ص)»

(ومثل) روايتهم ان ابا بكر وعمر كانا وزيري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (ومثل) روايتهم ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال ما نفعني مال كمال ابي بكر لقد زوجني ابنته وانفق علي اربعين الف دينار ـ أو قال درهما ـ

ومثل روايتهم اقتدوا باللذين من بعدي ابي بكر وعمر(1)

__________________

ـ الموضوعات ان الله يتجلى للناس عامة ولابي بكر خاصة (وحديث) ما صب الله في صدري شيئا الا وصبه في صدر ابي بكر «وحديث» كان صلى الله عليه واله وسلم إذا اشتاق الى الجنة قبل شيبة ابي بكر «وحديث» انا وابو بكر كفرسي رهان «وحديث» ان الله لما اختار الارواح اختار روح ابي بكر ، وامثال هذه المفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل (انتهى ما ذكره) وقد وفقه على ذلك كثير من الاساطين المنقبين في مؤلفاتهم التي الفوها في ذكر الاحاديث الموضوعة كالسيوطي في اللئالئ المصنوعة وابن الجوزي في الموضوعات والمقدسي في تذكرة الموضوعات والشيخ محمد بن درويش الشهير بالحوت البيروتي في شتى المطالب وغيرهم ، فهلا في ذلك مقتنع لمن انصف وتدبر يا اولي الالباب

الكاتب

(1) قال العلامة المحدث الشيخ محمد بن درويش الحوت البيروتي في اسنى المطالب «ص 48 :» خبر اقتدوا بالذين من بعدي ابي بكر وعمر. ـ

٣

ومثل رويتهم هذان سيدا كهول اهل الجنة(1)

ومثل روايتهم ان رسول الله (ص) قال ليؤمكم افضلكم واعلمكم قالوا فلما اختاره المسلمون واجمعوا عليه للامامة دل ذلك منهم على انه اعلمهم وافضلهم.

ومثل روايتهم ان الرسول قال لما اسري بي الى السماء رأيت مكتوبا على ساق العرش لا اله الا الله محمد رسول الله أبو بكر الصديق عمر الفاروق عثمان ذو النورين(2)

__________________

ـ رواه أحمد والترمذي وحسنه واعسله أبو حاتم وقال البرار؟ كابن حزم لا يصح

الكاتب

(1) قال العلامة الخبير الشيخ محمد الحوت في اسنى المطالب ص 123 خبر سيدا كهول اهل الجنة أبو بكر وعمر وان ابا بكر في الجنة مثل الثريا في السماء فيه يحيى بن عنبسة ذكره الذهبي في الضعفاء قال ابن حيان دجال يضع الحديث

(2) اورد الحديث السيوطي في اللئالئ المصنوعة ص 165 وفي سنده أبو بكر عبد الرحمن بن عفان الصوفي قال السيوطي أبو بكر وشيخه كذابان وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ص 113 عبد الرحمن بن عفان كذبه يحيى ابن معين ، وقال ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان ج 3 ص 423 من طبع حيدر آباد عبد الرحمن بن عفان السرخسي سكن بغداد يروي عن السماع والفضل بن عياض الرقاق والحكايات ، قال ابن الجنيد سمعت يحيى بن معين وذكر ابا بكر بن عفان ختن مهدي بن حفص فقال كذاب مكذوب رأيت له حديثا حدث به عن ابي اسحق الفزاري كذبا قلت وله خبر آخر عن محمد بن محمد بن الصائغ عن جعفر بن محمد عن ابيه عن جده مرفوعا لما اسري بي رأيت على العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله أبو بكر الصديق عمر الفاروق عثمان ذو النورين يقتل ظلما رواه الختلي في الديباج ـ

٤

ومثل روايتهم ان الرسول «ص» قال يوم بدر حين انزل الله «لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما اخذتم عذاب عظيم» فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لو انزل من السماء عذاب ما نجا منا غير ابن الخطاب

«ومثل» روايتهم ان الرسول «ص» قال ما ابطأ عني الوحي الا ظننت انه نزل على عمر

(ومثل) روايتهم ان الشيطان كان يهرب من عمر ويخاف من حسه

ومثل روايتهم ان السكينة تنطق على لسان عمر

ومثل روايتهم ان الشيطان كان لا يأمر بالمعاصي في ايام عمر كراهة ان ينهى عنها عمر فلا يعود فيها احد من بعد نهيه

ومثل روايتهم ان الرسول صلى الله عليه واله وسلم قال لو لم ابعث فيكم لبعث عمر بن الخطاب(1)

ومثل روايتهم ان عمر نادى قوما بنهاوند وهو يومئذ بالمدينة وكان قد بعث جيشا وقدم عليه رجلا يقال له سارية الى نهاوند فوقعت عليهم الهزيمة بنهاوند وعمر يخطب على المنبر بالمدينة فنظر إليهم عمر فصاح يا سارية الجبل قال سارية فسمعت صوت عمر فالتجأت مع اصحابي الى الجبل فسلمنا(2)

ومثل روايتهم ان الرسول «ص» قال اللهم اعز الاسلام باحب الرجلين

__________________

عنه والمتهم به صاحب الترجمة «انتهى ومراده بصاحب الترجمة عبد الرحمن ابن عفان (1) قال العلامة الشيخ محمد بن درويش الحوت في اسنى المطالب ص 184 خبر لو لم ابعث لبعث عمر موضوع نص عليه الحافظ ابن حجر (2) قال العلامة الشيخ محمد بن درويش الحوت في اسنى المطالب ص 265 خبر يا سارية الجبل هو من كلام عمر قاله على المنبر حين كشف له عن سارية وهو نهاوند من ارض فارس ، ورى قصته الواحدى والبيهقي بسند ضعيف وهم في المناقب يتوسعون

الكاتب

٥

اليك بعمر بن الخطاب أو بابي جهل بن هشام فسبقت الدعوة لعمر(1) «ومثل» روايتهم عن عبد الله بن مسعود انه قال لما مات عمر ذهب تسعة اعشار العلم(2)

ومثل روايتهم ان الله جل اسمه لم يعبد علانية حتى اسلم عمر وشهر سيفه وقال لا يعبد الله سرا بعد اليوم

ومثل روايتهم ان شاعرا كان عند رسول الله (ص) ينشده إذ اقبل عمر الى رسول الله (ص) فاشار رسول الله (ص) الى الشاعر ان اسكت حتى إذا خرج عمر من عنده استعاده الرسول ص النشيد وان عمر عاد الى الرسول ص فاشار الى الشاعر ان اسكت حتى فعل ذلك ثلاث مرات فلما كان في الرابعة وخرج عمر من عنده استعاده الرسول ص النشيد فقال الشاعر يا رسول الله من الذي إذا جاء اسكتني وإذا خرج استنشدتني فقال صلى الله عليه واله وسلم هذا رجل لا يحب الباطل ـ أو قال يكره الباطل ـ

ومثل روايتهم ان لا رسول ص شهد لعشرة من اصحابه بالجنة منهم أبو بكر وعمر

ومثل روايتهم ان رسول الله ص قال لما اسري بي الى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قصرا من ذهب (وفي رواية اخرى) قصرا ابيض فاعجبني فقلت لمن هذا القصر فثبل لي لفتى من قريش فقلت من هو قيل

__________________

(1) اخرج هذا الحديث الترمذي والطبراني عن ابن مسعود وانس عن النبي (ص) كما ذكره ابن حجر الهيثمي في الصواعق ولكن ابن مسعود وانسا حالهما في الضعف معلوم

(2) ذكره ابن حجر الهيثمي في الصواعق ص 59 وقال اخرجه الطبراني والحاكم عن ابن مسعود ولكن بلفظ لو ان علم يوضع في كفة ميزان ووضع علم احياء الارض في كفة لرجح علم عمر بعلمهم ولقد كانوا يرون انه ذهب بتسعة اعشار العلم

الكاتب

٦

عمر بن الخطاب فما منعني ان ادخله الا ما اعرفه من غيرتك يا عمر فبكى عمر عند ذلك وقال وعلى مثلك يغار يا رسول الله(1)

ومثل روايتهم ان اهل الجنة ليترأؤن في عليين كما يترأءى الكوكب الدري لاهل الارض وان ابا بكر وعمر لمنهم(2)

ومثل روايتهم ان عثمان كان اقرب الناس مجلسا من رسول الله «ص» بحيث تمس ركبتاه ركبتيه ، فلما توفيت زوجته رقية بنت رسول الله ـ ص جلس في طرق البساط فمر به عمر فقال مالك يابن عفان نزلت عن مجلسك فقال اليوم انقطع صهري فعرفت نفسي فدعاه رسول الله صلى الله عليه واله فزوجه زينب اخت رقية بنت رسول الله ص فعاد الى مجلسه فلما توفيت زينب قال رسول الله ص لو كانت لنا ثالثة لزوجناكها ـ أو قال ما عدوناك

(ومثل) روايتهم ان عثمان جهزه جيش العسرة بمال عظيم من ماله(3)

__________________

(1) ذكره ابن حجر الهيثمي في الصواعق ص 59 بتغيير يسير وقال اخرجه احمد والترمذي وابن حبان في صحيحه عن انس ، واحمد والشيخان عن جابر ، واحمد عن بريدة وعن معاذ ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال الحديث (قلت يلوح على هذا الحديث آثار الوضع كما لا يخفى على اولي البصيرة

الكاتب

(2) ذكر هذا الحديث المقدسي في تذكرة الموضوعات ص 27 بلفظ ان اهل الجنة ليرون اهل عليين وان ابا بكر وعمر منهم وانعما ، ثم قال فيه مجاهد بن سعيد ضعيف ، وذكره ايضا ابن حجر في الصواعق ص 46 بلفظ ان النبي ص قال ان اهل الدرجات العلى ليراهم من هو اسفل منهم كما ترون الكوكب الدري في افق السماء وان ابا بكر وعمر منهم وانعما ، وقال رواه ابن عساكر عن ابن عمر وعن ابي هريرة قلت) وحال ابن عمر وابي هريرة معلوم فلا يعتمد على ما يرويان

الكاتب

(3) روي ذلك المحب الطبري في الرياض النضرة عند ترجمته لعثمان ـ

٧

ومثل روايتهم ان الرسول صلى الله عليه واله وسلم قال من يشتري بئر رومة وله الجنة فاشتراها عثمان من ماله وجعلها للناس سبيلا(1) ومثل روايتهم ان عثمان حمل الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم دنانير كثيرة فجعل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقلبها بيده ويقول ما على ابن عفان ما فعل بعد هذا(2) ومثل روايتهم ان رسول الله صلى الله عليه واله كان يوما جالسا في حجرته فدخل عليه جماعة من اصحابه وفيهم أبو بكر وعمر ورسول الله

__________________

وابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة في ترجمته ايضا عن عبد الرحمن الجناب وعن عبد الرحمن بن سمرة وقال اخرجه الترمذي والحاكم وصححه وذكره ايضا البغوي في مصابيح السنة في ترجمته

(1) رواه ابن حجر في الصواعق عن ابي هريرة وقال اخرجه الحاكم ورواه ايضا المحب الطبري في الرياض النضرة عن بشر بن بشير الاسلمي عن ابيه وقال ان عثمان اشتراها بخمسة وثلاثين الف درهم ، ورواه ايضا البغوي في المصابيح

(2) قال ابن حجر الهيثمي في الصواعق ص 65 أخرج الترمذي عن عبد الرحمن بن جناب قال شهدت النبي (ص) وهو يحث على جيش العسرة فقال عثمان بن عفان يا رسول الله على مائة بعير باحلاسها واقتابها في سبيل الله ثم حض على الجيش فقال عثمان يا رسول الله علي مائتا بعير باحلاسها واقتابها في سبيل الله ثم حض على الجيش فقال عثمان يا رسول الله علي ثلثمائة بعير باحلاسها واقتابها في سبيل الله فنزل رسول الله (ص) وهو يقول ما على عثمان ما فعل بعد هذه ، وروى ايضا عن عبد الرحمن بن سمرة ان عثمان جاء الى النبي (ص) بالف دينار حين جهز جيش العسرة فنثرها في حجره رسول الله يقلبها ويقول ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم ، ورواه ايضا المحب الطبري في الرياض النضرة مثل ذلك

الكاتب

٨

مكشوف الفخذ لم يغط فخذه حتى دخل عثمان فغطى فخذه فقيل يا رسول الله صلى الله عليك وآلك لم ذلك فقال الا استحي ممن تستحي منه الملائكة(1)

ومثل رويتهم ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال عمر سراج اهل الجنة في الجنة(2)

__________________

(1) ذكر هذا الحديث كل من ابن حجر في الصواعق والمحب الطبري في الرياض النضرة والبغوي في مصابيح السنة في مناقب عثمان وقالوا اخرجه الشيخان واحمد وابو حاتم ورزين كلهم عن عائشة بنت ابي بكر. ليت شعر ما الذي رأت من عثمان ـ ان كان ما روت فيه صحيحا ـ حين حرضت على قتله يوم الدار قائلة بملاء فيها اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا فلقد غير سنة النبي (ص) أفلا كان الاحرى بها ان تقتدي بالنبي (ص) فتستحي ممن تستحي منه الملائكة ، فهل من المعقول ان يعتمد على مثل هذه الروايات الغريبة فاحكم وانصف

(2) ذكر هذه الحديث ابن حجر في الصواعق ص 58 وقال اخرجه البزار عن ابن عمر وابو نعيم في الحلية عن ابي هريرة وابن عساكر عن الصعب بن جثامة ، وذكره ايضا المحب الطبري في الرياض النضرة في ترجمة عمر (ثم قال) ومعنى ذلك والله اعلم ان الجنة هم المؤمنون وكانوا قبل اسلام عمر في ظلمة ظلم الكفار من قريش فلما اسلم عمر انقذهم من ظلمهم واظهر شعار الاسلام فان فائدة السراج ضوءه في الظلمة والجنة لا ظلمة فيها فكان معناه ما ذكرناه (انتهى بحروفه) ولعمري ان هذا التفسير مما يضحك الثكلى لو كان الحديث صحيحا ولكنه من الموضوعات فلا يحتاج الى التجشم في تفسيره بالتافهات فقد قال العلامة الخبير الشيخ محمد بن درويش الحوت في اسنى المطالب ص 144 ان خبر عمر بن الخطاب سراج اهل الجنة ، فيه عمر الواقدي وهو مالك وساقط عند المحدثين

الكاتب

٩

ومثل روايتهم ان افضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أبو بكر وعمر وعثمان ثم علي ، فزعموا ان ابا بكر افضل من عمر وعثمان وغيره وان عمر افضل من عثمان بعد ابي بكر ، ثم منهم من ساوى بين عثمان وعلي عليه السلام ومنهم من فضل عثمان على علي عليه السلام ويشهدون للعشرة انهم من اهل الجنة وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وابو عبيدة بن الجراح

ومثل روايتهم ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال ان الله اطلع على اهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم

ومثل روايتهم في قول الله عز وجل (والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم) قالوا أبو بكر وعمر من المهاجرين والانصار الاولين(1)

ومثل روايتهم في تأويل قول الله عز وجل (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) قالوا العشرة ممن بايعوا تحت الشجرة وممن رضى الله عنهم وهم اهل الجنة

ومثل روايتهم في قول الله عز وجل (والذي جاء بالصدق وصدق به) ان ذلك كان ابا بكر سماه الله صديقا

ومثل روايتهم في تأويل قول الله عز وجل (فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى) الى قوله (وسيجنبها الاتقى الذي يؤتى ماله يتزكى وما لاحد عنده من نعمة تجزي الا ابتغاء وجه ربه الاعلى ولسوف يرضى) قالوا هذا أبو بكر

__________________

(1) ذكر ابن حجر الهيثمي في الصواعق ص 139 اثنتي عشرة آية من آيات القرآن المجيد وقال انها نزلت في ابي بكر فاقرأ واعجب فان اكثرها نزلت في فضل الامام امير المؤمنين عليه السلام على ما ذكره ثقات المفسرين

١٠

ومثل روايتهم ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال اوحى الله سبحانه الي ان قل لابي بكر انى عنك راض فهل انت عني راض(1)

(وكان الجواب) عن ذلك وبالله المستعان وعليه التوفيق ، ان القوم قدرووا ذلك وهم ينقلونه بينهم ، ومن ناصح نفسه وصح له تمييزه ونظر وتدبر في حقايق ما يروونه لم يشتبه عليه باطل جميع هذا وشبهه إذ كان كل باب منه فيه من ادلة الفساد ما لا يخفى على ذي فهم ونظر وتمييز وصحة فكر ، والواجب على طالب النجاة ان يقصد في تحقيق الاثار وصحة الاخبار الى معرفة الشواهد والعلامات والدلائل الواضحات التي يتحقق معها الحق ويبطل بها الباطل ، فاول ما نبدأ به من القول في ذلك انه قد علم ذو الفهم ان الاثار منقولة عن الرسول صلى الله عليه واله وسلم في ايامه وايام من كان بعده من وجهين في الامامة لا ثالث لهما (احدهما) طرق اهل البيت عليهم السلام وشيعتهم (والثاني) طرق الحشوية من اصحاب الحديث ، فمن ادعى من جميع الامة ممن تقدم في الاعصار السالفة غير هذين الوجهين فهو متخرص كذاب ضال مضل فاسد المعرفة داحض الحجة ، وإذا كان ذلك كذلك فيعلم ذو الفهم ان ما كان يرويه الحشويه من طرق اهل البيت وشيعتهم ولم

__________________

(1) قال ابن حجر في الصواعق ص 44 اخرج البغوي وابن عساكر عن ابن عمر قال كنت عند النبي (ص) وعنده أبو بكر الصديق وعليه عباءة قد خللها في صدره بخلال فنزل عليه جبرئيل فقال يا محمد مالي ارى ابا بكر عليه عباءة قد خللها في صدره بخلال فقال يا جبرئيل اتفق ماله علي قبل الفتح قان فان الله يقرأ عليه السلام ويقول قل له اراض انت عني في فقرك هذا ام ساخط فقال أبو بكر اسخط على ربي راض انا عن ربي راض انا عن ربي راض ثم قال ابن حجر وسنده غريب ضعيف جدا ثم قال أبو نعيم عن ابي هريرة وابن مسعود مثله وسندهما ضعيف ايضا وابن عساكر نحوه من حديث ابن عباس

الكاتب

١١

يرو ذلك اهل البيت وشيعتهم فلا حجة للحشوية ومن تابعهم في ذلك على مخالفيهم ، وكذلك إذا رووا اهل البيت وشيعتهم آثارا من طرقهم وعن رجالهم المتصلين عن رجل من الحشوية ولم يرو ذلك الحشوية فلا حجة لشيعة اهل البيت في ذلك على الحشوية وان كانت الرواية في نفسها كثيرة صحيحة محقة ، وهذا هو وجه النصفة والنصيحة فإذا اجمعوا على رواية من طريقيهم المتضادين المختلفين فتكون تلك الرواية مما لا يشك في صحتها وعليها الفقهاء من الفريقين المعول في الاحتجاج والنظر عليهم ، وإذا اختلفوا في رواية فروى كل فريق منهم من طريقه ضد ما رواه الفريق الاخر كان المعول في ذلك عند اهل النظر على الفحص عن الاسباب المتضادة بشواهد الكتاب ودلالات الاخبار المجمع عليها فايهما ثبت وجوبه من المتضادين لزمت حجته وايهما وجدت شواهده باطلة بطلت حجته ومهما لم توجد شواهد تحققه ولا علامات تبطله كان سبيله الوقوف فيها فلا يلزم الخصم فيها حجة يطالب فيها بواجب ثم يجب النظر بعد ذلك في معرفة الفريقين من نقلة الاخبار من اهل البيت عليهم السلام ومن الحشوية ايهما اولى بالاتباع عند وقوع التنازع والاختلافات فايهما ثبت صدقة وصحت تزكيته من الرسول (ص) والامر منه باتباعه منهما وجب قبول آثاره واطراح ما خالفها أو ضادها ، وقد اجمعوا جميعا على الرواية في تزكية اهل البيت عليهم السلام واشارة الرسول إليهم بالهدى والعبد من الضلالة والامر منه باتباعهم والكينونة معهم فقال عليه السلام (اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي لن تضلوا ما ان تمسكتم بهما فان اللطيف الخبير نبأني انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) وقد اخبرنا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان اهل بيته عليهم السلام مع القرآن والقرآن مع اهل بيته عليهم السلام ، وهذه دلالة الصحة على ان اهل بيته عليهم السلام معدن العلم إذ كان علموا ما يحتاج إليه في كتاب الله تعالى ولم يقل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قرناه؟ القرآن

١٢

الا بعد علمهم به ثم شهدو بازالة عمن تبعهم وتمسك بهم وإذا زالت الضلالة عنهم وعمن تبعهم وتمسك بهم كانوا غير مفارقين للهدى وان يكونوا كذلك حتى يكونوا قد حووا جميع العلوم هي خارجة من كل ضلالة ، وإذا كان ذلك كذلك واختلفت الحشوية واهل البيت عليهم السلام في الروايات وتضادا في التحقيقات كان الاتباع لمن شهد الرسول (ص) لهم بازالة الضلالة عن المتمسك بهم اولى واجدر ، وهذه الروايات التي رويناها من مناقبهم وفضائلهم فهو شئ تفردوا بنقله دون مخالفيهم من نقله طرق اهل العلم من اهل البيت عليهم السلام وشيعتهم ، بل هؤلاء قد روا فيهم ضدها وانكروا روايتهم هذه التي تخرصوها فلو انصفونا وجروا معنا في ميدان النظر وحقائق التمييز كانت الحجة عنا ساقطة في جميع ذلك ولما احتججنا الى شرح فسادها واظهار باطلها إذ كانوا نقلوها دون غيرهم ، ولعمري لو اقتصرنا على هذه الحجة لكان فيها كفاية ومقنع ونهاية مع ما قد شرحناه من بدع القوم وتغييرهم وتبديلهم لدين الله عز وجل وحدوده ولعبادته ولكن من مذهبنا الاستقصاء في الشرح والبيان وايضاح للبرهان علينا ولنا (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة) و(الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور والذين كفروا اولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون) فنقول في ذلك وبالله نهتدي (اما ما رووا) من التقديم لابي بكر في الصلاة فروايتهم في ذلك عن بلال عن عائشة فلو كنا ممن يميل الى ابطال الاحاديث من جهة ناقليها دون شواهد وعلامات لابطالها لكان في ابطال هذا الخبر اوكد مقال وذلك ان الحشوية يزعمون ان الحديث يثبت لهم من جهة ناقليه ويفسد عندهم كذلك من جهة ناقليه على قدر تزكيتهم الناقل وانحرافهم عنه من غير نظر في معانيه ولا طلب لشواهد تصديقه وعلامات باطلة ، وهذه حالة لا يرضاها الا قليل البصيرة ناقص التمييز والمعرفة زائل الفهم ، فاما نحن فلا نعول على ذلك

١٣

ولا يقتصر عليه دون الشواهد والعلامات والدلائل الواضحات الدالة على تحقيقها أو بطلانها إذ كان من يظن به امثالنا الصدق قد يجوز ان يكذب بحال من الاحوال الحقيقية وكذلك من يظن به امثالنا الكذب يجوز ان يصدق بحال يقوم له في ذلك ، فلهذا أو شبهه لم يثق باطراح خبر ولا بحقيقة من عدو ولا ولي حتى يعلم صحته أو بطلانه بالشواهد اللائحة والاعلام الواضحة ، واتبعنا في ذلك تأديب الله عز وجل من قائل إذ يقول (افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها) وقال (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) فامر الله ان يتدبروا لكتابه ليتحقق حقه ويزول الخلاف فيه وعنه ، وإذا كان جمع ابواب الحق ووجوهه متفقة متسقة كان جمع ابواب الباطل وسبله متضادة مختلفة. وقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم سيكذب علي فاعرضوا ما تحدثوا به عني على كتاب ربي فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فانبذوه واخبر ان كتاب الله مع اهل بيته مقرونا بهم لا يفارقهم ولا يفارقونه فدل ذلك على انهم علماؤه فوجب الرجوع الى اهل بيته (ع) في تحقيق الاشياء إذ كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم امرنا ان نحقق اخباره بكتاب الله ولسنا نحيط بكتاب الله علما ولا شك في احاطة اهل بيت رسول الله (ع) بعلمه إذ قرنهم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم به فاوجبنا عند ذلك في كل ما نقل الينا من اخبار رسول الله (ص) النظر والتمييز ليتحقق لنا حقها ويتضح لنا باطلها ولو عولنا في ذلك على ما تذهب إليه الحشوية في الاخبار لقلنا ان بلالا مولى ابي بكر وعائشة ابنته ويجوز ان يتهم بلال في الميل الى مولاه وتتهم عائشة في الميل الى ابيها ويبطل الحديث من هذه الجهة لكن هذه الحالة لا نرضاها لانفسنا فنقول في فساد هذا الخبر وبالله التوفيق. ان اول ما يدل على فساده انهم مختلفون في روايتهم (فمنهم من روى ان ابا بكر صلى بالناس اياما في حياة الرسول (ص) في علته (ومنهم) يقول انه قدمه لصلاة واحدة وهي

١٤

الصلاة التي توفي عقبها وقالوا لما كبر أبو بكر في المحراب خرج رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بين علي (ع) والفضل بن العباس ورجلاه تخطان في الارض ضعفا من العلة فدخل المحراب وصلى بالناس في روايتهم قاعدا ثم اختلفوا ايضا فقالوا انه ازال ابا بكر عن المحراب واقامه بينه وبين الصف الاول فكان أبو بكر يصلي بصلاة الرسول (ص) والناس يصلون بصلاة ابي بكر. وفي قول آخر بقى معه في المحراب يصليان جميعا ، فلما اختلفوا في هذه الرواية هذا الاختلاف الذي شرحناه وهي عندهم من افضل مناقب صاحبهم التي بها بزعمهم استحق الامامة عندهم كان اختلافهم فيها دليلا على ابطال ما ادعوه من تقديم رسول الله (ص) له ولو قدمه كما زعموا ما اختلفوا فيه على هذا الحال كما لم يختلفوا في تقديم عتاب بن اسيد للصلاة بالناس بمكة حين فتحها الرسول (ص) ومحال ان يكون الرسول (ص) يقدم رجلا للصلاة في مسجده فيجهل له اولياؤه حتى لا يدرون هل صلى ام لم يصل أو هل ازاله الرسول (ص) عن المحراب ان لم يزله. فهذا احد الدلائل على ابطال ما يدعونه من هذه الرواية وقد اجمعوا مع ذلك في روايتهم ان الرسول ص خرج حين كبر أبو بكر في المحراب في آخر صلاة صلاها رسول الله ص وهي صلاة العصر التي توفي عقبها قبل ان تغرب الشمس. فنقول ان كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قدمه للصلاة على زعمهم وبدعواهم ثم خرج بعد ذلك فازاله عن الصلاة بالناس وصلى هو بهم فان الحال لا يخلوا في هذا من ان يكون الرسول صلى الله عليه واله وسلم قدمه للصلاة بوحي من الله أو برأي قد رآه من نفسه فان كان قدمه للصلاة بوحي من الله ثم خرج فمنعه من الصلاة بالناس فقد عصى الله بمخالفته الله فيما امره من تقديم ابي بكر للصلاة بالناس ، وقائل هذا كافر بلا خلاف ، وان كان الرسول (ص) قدمه برأي رآه من نفسه فليس يخلو حاله في ازالنا؟ من ان يكون برأي منه أو بوحي من الله ، فان كان ازاله

١٥

برأيه كما فيه فدفعه الاخير ناسخ للاول فقد عزله عن فضل قد كان اهله. وقبح ان يعزله رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن فضل قد كان اهله(1) بزعم اوليائه الا وقد علم انه غير مستحق لذلك الفضل ، وان كان اخوه؟ بوحي من الله كان سبيله في ذلك كسبيله فيما بعثه بسورة براءة ليقرأها على الناس بمكة من بعد الفتح ومن بعد رجوعه من غزاة تبوك فلما سار أبو بكر بالسورة نحو مكة بعث خلفه عليا (ع) فاسترجعها منه ورده الى الرسول (ص) وتقدم علي على السلام بالسورة الى مكة فقرأها على اهل مكة ورجع أبو بكر الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال يا رسول الله هل نزل في شئ استوجب استرجاعي واخذ الصورة من ي فقال يا ابا بكر ان الله اوحى الي ان لا يؤدي عني الا انا أو رجل مني وان عليا مني وانا منه. وهذا مما لا خلاف فيه بين الامة فان صحت لهم رواية تقديمه في الصلاة فسبيله فيما وصفناه في ازالته عنها كسبيله باداء سورة براءة. فهذا حال يهدم كل فضيلة لابي بكر من دون ان ينسب ويثبت له فضيلة لكن اولياؤه (صم بكم عمى فهم لا يعقلون)

واما ما اختلفوا فيه من وقوف ابي بكر بالمحراب مع رسول الله (ص) أو خلفه فانا نقول في ذلك لو كان أبو بكر قام مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في المحراب محازيا له لوجب مشاركته للرسول (ص) في الامامة ولوجب ان يكون سنة مستعملة في الاسلام وغير مطرحة فيصلي بالناس امامان في محراب واحد إذ ليس كان معهم نهى من الرسول (ص) عنه وكان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قد فعله في اخر افعاله التي لم ينسخها شئ من بعدها ولم ينه الرسول عنها. فلما كنا نجد اولياءه مجمعين على منع الشركة من ابي بكر ورسول الله صلى الله عليه واله وسلم في الامامة

__________________

(1) اهله هنا وفيما قبله بصيغة الفعل الماضي وبفتح الهاء المشددة

الكاتب

١٦

ووجدناهم مجمعين على منع امامين يصليان بالناس في محراب واحد بطل قول من يزعم ان ابا بكر قام مع رسول الله (ص) في المحراب محازيا له. وثبت قول من قال انه اقامه خارجا عنه بينه وبين الصف ولعمري لقد فعل ذلك به ، ولو ميز اولياؤه هذه المنزلة لعلموا ان اقامته له في ذلك المقام دليل على انه قد انزله منزلة لا دين له إذ كانت الامة مجمعة على انه لا يجوز ان يصلي رجل جماعة فيقوم فرادى صفا وحده وانه من فعل ذلك وقد عقد صلاته بنية الجماعة فلا صلاة له ومن لا صلاة له فلا دين له فلما قام رسول الله (ص) صاحبهم فرادى بينه وبين الصف كان قد اقامه مقام من لا صلاة له ومن لا صلاة فلا دين له ، ام كفى بهذا المقام خزيا لصاحبه ودليلا لمن فهم ما شرحناه وبيناه وهذا المقام أجل منقبة لصاحبهم عندهم وقد شرحنا ما عليهم وما على صاحبهم عندهم فيه ، وكان قول ابي بكر (وددت اني سألت رسول الله عن هذا الامر لمن هو فكان لا ينازع فيه) دالا على انه لم يكن له فيه حق يعرفه إذ لم يعرف هو لمن ولو كان له فيه حق لعرفه ولما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (علي مني وانا من علي) دل على ان منزلة علي في دين الاسلام باثبات الحجة لله على الناس منزلة الرسول في ذلك بعد وفاته وفي التأدية عنه في حياته ، وهذا تحقيق قوله صلى الله عليه واله وسلم (علي مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي) فلما كان رسول الله ص نبيا اماما وكان هارون نبيا اماما مع موسى (ع) فاستثناء رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بمنع اسم النبوة في علي (ع) يثبت له الامامة ضرورة إذ لم يستثن بها الرسول (ص) كما استثنى بالنبوة. وقد شرحنا من معنى هذا الخبر في كتاب الاوصياء ما فيه كفاية لمن فهم. فهذه فضيلة صاحبهم التي يعولون بزعمهم قد اوضحنا ما عليه فيها وان التقدمة لم تكن من قبل الرسول (ص) ولو صحت ايضا لهم من قبل الرسول (ص) عند الضرورة لعلة وثبت عند ذلك ايمانه وتطيره لكان ذلك مما لم يوجب ولايه لاحد

١٧

على المسلمين ولو كان ذلك مما يوجب ولاية لاحد لكان عتاب بن اسيد احق بالخلافة منه إذ كان رسول الله (ص) قد قدمه يصلي بالناس حين فتح رسول الله (ص) مكة ورسول الله (ص) مقيم بمكة وابو بكر معه يصلي خلف عتاب فقدمه رسول الله (ص) يصلي بالناس في المسجد الحرام من غير علة ولا ضرورة دعته الى ذلك وهذا باجماع الامة فكان رسول الله (ص) يصلي بالناس الظهر والعصر وعتاب بن اسيد يصلي بالناس الثلاث الصلوات باجماع. وكان باجماع ان المسجد الحرام افضل من مسجد المدينة ومكة افضل من المدينة. ويلزم في النظر ان من قدمه رسول الله (ص) في الموطن الافضل من غير علة افضل ممن قدمه في مسجد هو دونه في الفضل من ضرورة العلة ، فان زعم جاهل ان مسجد المدينة هو مسجد رسول (ص) دون المسجد الحرام والخلافة لرسول الله (ص) فالمقدم في مجسده اولى من المقدم في غير مسجده قيل له هذا جهل وعمى فان كان رسول الله (ص) حيث صلى من البلاد فهو مسجده وموطنه وهو الحاكم فيه دون غيره والامر له واليه وشاهد ذلك قوله صلى الله عليه واله وسلم جعلت في الارض مسجدا وطهورا. فجميع الارض مسجد لرسول الله (ص) وهذا مالا يحتج به ذو فهم

واما رواية اهل البيت عليهم السلام(1) في تقديمه للصلاة فانهم رووا بأن بدلا صار الى باب رسول الله (ص) فنادى الصلاة وكان قد اغمى على

__________________

(1) وقد حرفت ولعبت يد التغيير بهذه الرواية في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما من الصحاح بما يوافق رغبتهم وميلهم ومن تصفح الصحاح الستة ير العجائب والغرائب من التحريفات والتغييرات الشائعة التي يرجع بعضها الى مؤلفيها واكثرها الى الجنة التحريف والتغيير في مطابع مصر وغير مصر من البلاد التي لا يروق لاهلها احقاق الحق وابطال الباطل لاسيما في الاحاديث الواردة في فضائل ومناقب اهل البيت النبوي ع

الكاتب

١٨

رسول الله (ص) ورأسه في حجر علي عليه السلام فقالت عائشة لبلال مر الناس ان يقدموا ابا بكر ليصلي بهم فان رسول الله مشغول بنفسه فظن بلال ان ذلك عن رسول الله ص فقال للناس قدمو ابا بكر فيصلي بكم فتقدم أبو بكر فلما كبر افاق رسول الله (ص) من غشوته فسمع صوته قال لعلي عليه السلام ماهذا قالت عائشة امرت بلالا يأمر الناس بتقديم ابي بكر يصلي بهم فقال (ص) اسندوني أما انكن كصويحبات يوسف فخرج بين ميمونة زوجته وبين علي بن ابي طالب (ع) الى باب الحجرة فاستقبله الفضل بن العباس فرد ميمونة واخذ الفضل بن العباس بعضده فجاء الى المحراب بين الفضل وعلي عليه السلام(1) واقام ابا بكر خلفه بين المحراب وبين

__________________

(1) في صحيح البخاري في كتاب الصلات باب حد المريض ان يشهد الجماعة فخرج النبي (ص) يهاى بين رجلين وفي صحيح مسلم في كتاب الصلاة باب استخلاف الامام إذا عرض له عذر ، والرواية عن عائشة وفيها (فخرج بين رجلين تخط رجلاه في الارض بين عباس بن عبد المطلب وبين رجل آخر ، قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبه بن مسعود فاخبرت عبد الله بالذي قالت عائشة فقال لي عبد الله بن عباس هل تدري من الرجل الاخر الذي لم تسم عائشة قال قلت لا قال ابن عباس هو علي عليه السلام) وفي رواية اخرى لمسلم فخرج ويدله على الفضل بن عباس ويدله على رجل آخر وهو يخط برجليه في الارض فقال عبيد الله فحدثت به ابن عباس فقال اتدري من الرجل الذي لم تسم عائشة هو علي عليه السلام وفي رواية اخرى لمسلم فقام يهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الارض واورد روايات اخرى لم يذكر فيها كيفية خروجه ولا غرابة من عائشة حيث لم تسم الرجل الذي خرج النبي (ص) معتمدا عليه فكيف تسمي عليا عليه السلام وعداوتها له ظاهرة وحسدها له لا ينكر فكم عارضته بمحضر من النبي (ص) والنبي ينهرها ، وقضا اياما معه عليه السلام بعد وفاة النبي (ص) لا سيما في حرب ـ

١٩

الصف وكان يسمع الناس التكبير إذا كبر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كسبيل من يسمع الناس التكبير يوم الجمعة وصلى بالناس قاعدا

واما ما زعمت العامة في الرواية من انه قال صلى الله عليه وآله وسلم قدموا ابا بكر فقالت عائشة ان ابا بكر رقيق القلب ولعله لا يتهيأ له ان يصلي بهم فليقدموا عمر فقال رسول الله صلى الله عليه واله ابى الله ورسوله الا تقديم ابي بكر اما انكن كصويحبات يوسف فهو شئ لا معنى له لان هذا شئ لا يشبه فعل يوسف وانما مثل رسول الله ص بقوله في رواية اهل البيت عليهم السلام اما انكن كصويحبات يوسف لكذبهن على يوسف كذلك ايضا كان قولها لبلال قدموا ابا بكر فليصل بالناس فان رسول الله مشغول بنفسه دليل على الكذب على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فلو كان ما رواه حقا لكان ذلك طعنا على عائشة إذ عارضت رسول الله (ص) في امره ومن عارض الرسول في امره فقد ظن انه اعلم منه بما عارضه فيه ومن ظن ذلك فقد كفر بلا خلاف ، فليقدموا لعائشة ان شاؤا في الحالين من روايتهم ورواية اهل البيت عليهم السلام ثم ليذموا اباهله ان شاؤا فيما وصفناه في مقامه في تلك الصلاة إذ كان مقام من لا صلاة له وكل ذلك عليهم لا لهم والحمد لله رب العالمين

واما قول جهالهم لما رضيه رسول الله لديننا رضيناه لدنيانا بزعمهم فهذا جهل واختلاط ، وتخبط وافراط ، وذلك ان القوم ان كانوا انما اقاموا ابا بكر لدنياهم فقد يلزم في حق النظر ان يكون أبو بكر وكيلا لهم في دنياهم وإذا قالوا ان ابا بكر كان وكيلا لمن اقامه لزم في حق النظر وحكم الاسلام ان يكون الناس مخيرين في اقامته لدنياهم وازالته عن دنياهم وليس على كل الناس فرض ان يقيموا لدنياهم وكيلا بل ذلك إليهم ان شاؤا اقاموا ذلك وان شاؤا لم يقيموا ، وإذا كان ذلك كذلك واختاره قوم اقاموه وكيلا

__________________

البصرة اخزى واشنع سامح الله أمنا عائشة وعاملها بعدله

الكاتب

٢٠