الفاطمة المعصومة (سلام الله عليها)

الفاطمة المعصومة (سلام الله عليها)0%

الفاطمة المعصومة (سلام الله عليها) مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 254

الفاطمة المعصومة (سلام الله عليها)

مؤلف: محمّد علي المعلّم
تصنيف:

الصفحات: 254
المشاهدات: 32449
تحميل: 3919

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 254 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32449 / تحميل: 3919
الحجم الحجم الحجم
الفاطمة المعصومة (سلام الله عليها)

الفاطمة المعصومة (سلام الله عليها)

مؤلف:
العربية

إعلانه، ولم يدركوا أن المأمون يسعى بذلك لتوطيد الحكم وتثبيته عن طريق هذا الإجراء، كما أن فيه توجيه تحذير خفي إلى العباسيين، ومضمونه أن هناك من يعتمد عليهم ويستند إليهم، فيما إذا تخلوا عنه، أو فكروا في القيام بعمل مضاد.

ثم أعقب المأمون ذلك برغبته في استقدام الإمامعليه‌السلام من المدينة إلى عاصمة الدولة، وقد بعث إليه رجاء بن أبي الضحاك لحمل الإمامعليه‌السلام وحدد له طريق المسير بأن يكون على طريق البصرة والأهواز ولا يمر به الكوفة، وفي ذلك غرض أخفاه المأمون ولم يفصح عنه على ما كشفت عنه الأبحاث التاريخية التحليلية وأشارت إلى الأسباب والأهداف من وراء استقدام الإمامعليه‌السلام من المدينة إلى مرو، ومنها الخوف من الرضاعليه‌السلام لشياع أمره في الحرمين، وانتشار ذكره وإقبال الناس عليه، وغيرها من الأمور التي جعلت المأمون يتخذ قرارا حاسما في الحد من هذا الانتشار، وليكون الإمامعليه‌السلام تحت رقابة مفروضة صارمة لا يمكنه الإفلات منها، وليتسنى للمأمون أن ينفذ خططه السياسية المبيتة(1) .

حتى إذا وصل الإمامعليه‌السلام إلى مرو عاصمة المأمون وأظهر العناية والاحتفاء به واستقر به المقام عرض المأمون على الإمام أمر الخلافة، فأباها الإمامعليه‌السلام أشد الإباء، وكان الإمامعليه‌السلام على بصيرة بما يخطط له

____________________

(1) للاستزادة يراجع كتاب الحياة السياسية للإمام الرضاعليه‌السلام .

١٢١

المأمون، وإذا كان الإمامعليه‌السلام قد أبى الخلافة فإنه لم يكن له بد من قبول ولاية العهد، وقد كشف الإمامعليه‌السلام سر قبوله لها في حديثه مع الريان بن الصلت الذي قال: دخلت على علي بن موسى الرضاعليهما‌السلام ، فقلت له:

يا بن رسول الله يقولون: إنك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا، فقالعليه‌السلام : قد علم الله كراهتي لذلك، فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل(1) .

ومما يدل على علم الإمامعليه‌السلام بألاعيب المأمون ومخططاته أنهعليه‌السلام واجه المأمون ببعض الحقيقة حين قال له: وإني لأعلم ما تريد، فقال المأمون: وما أريد؟ قال: الأمان على الصدق، قال: لك الأمان، قال:

تريد بذلك أن يقول الناس: إن علي بن موسى الرضاعليهما‌السلام لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة، فغضب المأمون ثم قال: إنك تتلقاني أبدا بما أكرهه، وقد أمنت سطوتي، فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك، فإن فعلت وإلا ضربت عنقك، فقال الرضاعليه‌السلام : قد نهاني الله تعالى أن ألقي بيدي إلى التهلكة، فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل ذلك على أني لا أولي أحدا، ولا أعزل أحدا، ولا أنقض رسما ولا سنة، وأكون في الأمر من بعيد مشيرا، فرضي منه بذلك وجعله ولي عهده على كراهية منهعليه‌السلام بذلك(2) .

____________________

(1) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 139.

(2) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 140.

١٢٢

إن هذا الموقف من الإمامعليه‌السلام يدلنا على أنه عالم بأن المأمون يريد أن يحقق أغراضه السياسية، وأهمها إثباته للعباسيين أن بإمكانه أن يعتمد على خصومهم فضلا عن غيرهم.

ومما يدلنا على سوء نوايا المأمون وعدم إخلاصه في هذه القضية إكراه الإمامعليه‌السلام على القبول وتهديده بالقتل، واكتفائه منه بالقبول الصوري، والتشديد على الإمامعليه‌السلام ، ورصد جميع تحركاتهعليه‌السلام ومحاسبته عليها، مضافا إلى ما سبق هذه القضية وما لحقها من أحداث مما يدل دلالة قاطعة على أن المأمون إنما أراد من هذا الإجراء تحقيق طموحاته السياسية التي لا تتحقق إلا بهذا النحو من التدبير، ولسنا في مقام دراسة هذا الموضوع، ونكتفي بهذه الإشارة التي تدل على أن الإمامعليه‌السلام عاش ظروفا قاسية وأياما صعبة عانى منها الآلام.

ولما كان الإمامعليه‌السلام يعلم بقساوة الأيام التي سيعيشها تحت رقابة المأمون في عاصمة ملكه وبما بيته له من مكائد، كان خروجه من مدينة جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حالة من اللوعة والأسى، وقد نعى فيها نفسه.

روى الصدوق بسنده عن مخول السجستاني، قال: لما ورد البريد بإشخاص الرضاعليه‌السلام إلى خراسان، كنت أنا بالمدينة، فدخل المسجد ليودع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فودعه مرارا كل ذلك يرجع إلى القبر ويعلو صوته بالبكاء والنحيب، فتقدمت إليه وسلمت عليه فرد السلام وهنأته، فقال: زرني، فإني أخرج من جوار جديصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأموت في

١٢٣

غربة وأدفن في جنب هارون(1) ...

وما أقسى أن يخرج الإنسان عن موطنه ويبعد عن أهله وذويه من دون أن يكون له خيار في ذلك، وما أشبه ذلك بالإلقاء في السجن حيث يفرض عليه نمط معين من الحياة، ويرى نفسه مقيدا بالالتزام به، وهو يخالف طبعه وما نشأ عليه.

وإذا كانت السنوات الأخيرة من حياة الإمام الكاظمعليه‌السلام قد مضت وهو ينقل من سجن إلى سجن، ويعاني من ثقل الحديد، فإن السنوات الأخيرة من حياة ابنه الرضاعليه‌السلام وإن لم تكبل فيها يداه ورجلاه بالأغلال إلا أنه كبل بقيود من نوع آخر، كان يعاني من ثقلها، وليس السجن الذي أودع فيه الرضاعليه‌السلام بأحسن حالا من السجن الذي أودع فيه الإمام الكاظمعليه‌السلام .

ثم إن الإمام الرضاعليه‌السلام لما أراد الخروج من المدينة نظر إلى ولده الإمام الجوادعليه‌السلام وأقبل به إلى قبر جدهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما يحدث بذلكعليه‌السلام فيقول: ثم أخذت أبا جعفر - ولم يكن له ولد غيره في أشهر الأقوال وله من العمر سبع سنوات(2) - فأدخلته المسجد ووضعت يده على حافة القبر وألصقته به، واستحفظته رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فالتفت إلي أبو جعفرعليه‌السلام فقال لي: بأبي أنت، والله تذهب إلى الله، وأمرت جميع وكلائي وحشمي له بالسمع والطاعة، وترك مخالفته، وعرفتهم أنه القيم مقامي(3) .

____________________

(1) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 217.

(2) منتهى الآمال ج 2 ص 451.

(3) منتهى الآمال ج 2 ص 450.

١٢٤

ومما يثير الاستغراب أن الإمام الرضاعليه‌السلام قد أقام العزاء على نفسه قبل مغادرته المدينة، فقد روى الصدوق بسنده عن الحسن بن علي الوشاء، قال: قال لي الرضاعليه‌السلام : إني حيث أرادوا الخروج بي من المدينة، جمعت عيالي، فأمرتهم أن يبكوا علي حتى أسمع، ثم فرقت فيهم اثني عشر ألف دينار، ثم قلت: أما إني لا أرجع إلى عيالي أبدا(1) .

ووجه الغرابة أن العادة جرت على أن إقامة العزاء والبكاء إنما هي بعد الموت، فما معنى أن يأمر الإمام الرضاعليه‌السلام عياله بالبكاء عليه ليسمع بكاءهم؟! مع أنهم علموا بشهادته في يوم وقوعها، فقد روى محمد بن أحمد بن يحيى بسنده عن أمية بن علي قال: كنت بالمدينة، وكنت أختلف إلى أبي جعفرعليه‌السلام ، وأبو الحسنعليه‌السلام بخراسان، وكان أهل بيته وعمومة أبيه يأتونه ويسلمون عليه، فدعا يوما الجارية فقال:

قولي لهم يتهيأون للمأتم، فلما تفرقوا قالوا: ألا سألناه مأتم من؟ فلما كان من الغد فعل مثل ذلك، فقالوا مأتم من؟ قال: مأتم خير من على ظهرها، فأتانا خبر أبي الحسن بعد ذلك بأيام، فإذا هو قد مات في ذلك اليوم(2) .

فهل كان أمر الإمام الرضاعليه‌السلام عياله بالبكاء عليه لأنه يموت في الغربة بعيدا عن الأهل والوطن؟ أو لأنه كان يريد إشعارهم بأنه لن يعود فلا يأملون في لقائه؟

أو لأنه اعتبر نفسه ميتا فأمرهم بالبكاء لشدة ما سيلاقي من المحن

____________________

(1) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 217 - 218.

(2) إعلام الورى ج 2 ص 100.

١٢٥

والمآسي؟

وعلى أي حال فقد كان أمرا غريبا لم يعهد من أحد من الأئمةعليهم‌السلام (1) .

وبعد، فأين كانت السيدة فاطمة المعصومة من هذا كله؟ وما هي حالها وهي ترى شقيقها يتركها في المدينة وينتقل إلى خراسان حيث الغربة والعناء وفراق الأهل وجوار الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ ولو كان الأمر بيده أو بيدها لخرجت معه ولسارت حيث يسير، وعاشت حيث يعيش، ولكنه خرج مقهورا تاركا عياله وأخواته حتى ابنه الإمام الجوادعليه‌السلام ، الذي كان له من العمر سبع سنوات(2) ، بل أقل من ذلك كما يستفاد مما ذكره الشيخ المفيد رحمه الله حيث قال: ومضى الرضا علي بن موسىعليهما‌السلام ولم يترك ولدا نعلمه إلا ابنه الإمام بعده أبا جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام وكانت سنه يوم وفاة أبيه سبع سنين وأشهرا(3) .

وكان خروج الإمام الرضاعليه‌السلام من المدينة سنة 200 هـ وشهادته

____________________

(1) ورد في أحوال عبد المطلبعليه‌السلام أنه أمر بذلك قبل أن يموت، فقد ذكروا أنه لما أدركت عبد المطلب الوفاة، بعث إلى أبي طالب وهو في سكرات الموت ومحمد على صدره، فوصاه برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورعايته وأن يحفظه بلسانه وماله ويده، وقال له: إنه والله سيسودكم ويملك أمركم، ثم أخذ عهدا من أبي طالب، وقال:

الآن هان علي الموت، ثم جعل محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على صدره وبكى، وأمر بناته بالبكاء عليه ورثائه قبل أن يموت، فجاءت ست من بناته وأنشدت كل واحدة منهن قصيدة في حقه، إلى أن توفي، وكان عمره الشريف حينذاك مائة وعشرين سنة. لاحظ منتهى الآمال ج 1 ص 110.

أقول: والفرق بين الأمرين أوضح من أن يذكر.

(2) منتهى الآمال ج 2 ص 451.

(3) الإرشاد ج 2 ص 271.

١٢٦

سنة 203 هـ(1) .

وقد اعتصر قلب السيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام من الألم ولوعة الفراق، وعلمت من خلال ما جرى أن أخاها لن يعود، وكانت في جملة الباكين عليه، وقد سمع بكاءها وحسرتها على فراقه، ولعله أسر إليها أو علمت من خلال مجرى الأحداث بما سيقدم عليه من آلام ومآسي، ولذا لم تكتف بوداعه بل كما حدثني أحد أساتذتي الأجلاء بأنه سمع أو قرأ في كتاب أنه لما سار ركب الإمامعليه‌السلام من المدينة صعدت السيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام على السطح وبقيت تنظر إلى أخيها وهو يمشي حتى غاب عن عينيها.

وإن هذا الموقف يحمل من الدلالات شيئا كثيرا، ويبين مدى الصلة بين الأخ وشقيقته، كما يدل على مدى أثر لوعتها بفراقه وحزنها عليه.

وليست هذه الصلة الوثيقة بين الشقيقين لمجرد الرابطة النسبية وأنهما يلتقيان في أب واحد وأم واحدة، وإنما هي لما ذكرناه فيما سبق من علمها ومعرفتهاعليها‌السلام بمقام الإمامة المتمثلة في أخيها الإمام الرضاعليه‌السلام .

إلى الرضاعليه‌السلام :

وسار الموكب الرضوي يقطع البيد والمفاوز والقفار ميمما نحو

____________________

(1) منتهى الآمال ج 2 ص 451 وص 499.

١٢٧

خراسان حيث مركز حكم المأمون وسلطانه، ولم يكن للإمامعليه‌السلام مناص من الرحيل عن المدينة، موطن الأهل وحرم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فرحل الإمامعليه‌السلام عنها تاركا أهله وعياله وديعة عند جده المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

حتى إذا وصل الموكب إلى مرو ونفذت أولى خطط المأمون من ولاية العهد، وأخذ البيعة وضرب الدراهم والدنانير، ولم يكن الإمامعليه‌السلام بذلك مسرورا، فقد أسر إلى بعض أصحابه أن ذلك أمر لا يتم(1) ، وأنه حلقة من سلسلة المخطط الذي يهدف المأمون إلى تنفيذه، وكان ذلك في سنة 200 هـ، ومرت الأيام بطيئة ثقيلة لم يلق فيها الإمامعليه‌السلام يوم راحة واطمئنان، فقد حقق المأمون من الإمام أغلى أمانيه.

وكان الإمامعليه‌السلام وهو في غربته يعاني من فراق أهله وعياله، فقد انقطعت الأخبار فما حال أولئك الثكالى؟ وما حال شقيقته الوحيدة؟

فهي بالأمس تفقد أباها، وهي في زهرة العمر، واليوم ينتزع منها شقيقها ولا ترجو له عودة.

ومضى عام على رحيل أخيها عنها فهاجت بها لواعج الحنين والشوق إلى أخيها الغريب، وقد علم الإمامعليه‌السلام بحال أخته، فإنها لم تغب عن قلبه، وهو يعلم شدة تعلقها به، فكتب إليها كتابا يطلب منها القدوم عليه، وأعطاه أحد غلمانه، وأمره بالمسير إلى المدينة ولا

____________________

(1) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 202.

١٢٨

يلوي علي شئ، ولا يقف في طريقه إلا بمقدار الضرورة ليوصل الكتاب في أسرع وقت ممكن، وقد أعلمه الإمامعليه‌السلام بالمكان والبيت لئلا يسأل أحدا من الناس.

وأغد الغلام المسير يواصل ليله ونهاره، حتى شارف المدينة، وجاء إلى بيت الإمامعليه‌السلام وسلم الكتاب إلى فاطمة المعصومةعليها‌السلام (1) .

وما إن وقع بصرها على خط الإمام حتى تذكرت أخاها، وما كان له معها من شأن، وكأنه لم يمض عام واحد فحسب، وإنما عشرات الأعوام.

ثم إنها تهيأت للمسير.

وهذا الأمر هو ما نرجحه على القول بأن فاطمة المعصومةعليها‌السلام غادرت المدينة من تلقاء نفسها، فإن ذلك ينافي جلالة قدرها، وعظمة شأنها، وسمو نفسها، وإن كان الخطب جليلا، على أنها كانت في حمى ابن أخيها الجوادعليه‌السلام ، فعلى فرض أن موضوع الكتاب لم يثبت من ناحية تاريخية إلا أنها وهي العالمة بأن ابن أخيها إمام معصوم مفترض الطاعة فلا بد من استئذانه.

على أن التهيؤ بموكب قوامه اثنان وعشرون شخصا من الأخوة وأبنائهم والغلمان(2) في مسيرهاعليها‌السلام لم يكن ليتم إلا عن رضا وموافقة

____________________

(1) كريمة أهل البيتعليهم‌السلام ص 493 - 494.

(2) سيدة عش آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ص 73. والحياة السياسية للإمام الرضاعليه‌السلام ص 428.

١٢٩

وإذن.

ولذا فإنا وإن لم يثبت لنا الأمر من ناحية تاريخية - وما أكثر ما ضاع من الأحداث والوقائع وحل محلها الزيف والبهتان - إلا أننا بملاحظة حال السيدة فاطمة وشأنها ومكانتها في العلم والمعرفة لا نقبل بل لا نتوهم أنها خرجت من تلقاء نفسها لمجرد أنها رغبت في لقاء أخيها، فإذن ذلك يتنافى مع ما علمناه من مقامها.

وهي وإن كانت على موعد مع مدينة قم وأهلها الذين سيسعدون بها، وسينفتح لهم باب من أبواب الجنة، وستكون فاطمة المعصومةعليها‌السلام سيدة هذه البلدة الطيبة، وهو السر الخفي الذي يحدو بها للمسير - وسيوافيك الحديث في ذلك - إلا أن جلالة قدرها وعظمة شأنها تقتضيان أن يكون خروجها مرعيا بنظر المعصومعليه‌السلام .

هذا، وقد ذكرت المصادر أنها لما أزمعت الرحيل إلى لقاء أخيها في طوس، أعدت للسفر عدته، وتهيأ ركب قوامه اثنان وعشرون شخصا ضم بعض إخوتها، وبعض أبنائهم وغلمانهم، وساروا يقطعون البيد والقفار واتخذوا من الطريق المؤدي إلى قم مسارا لهم إلى طوس.

وفي الوقت نفسه تهيأ ركب آخر من بقية إخوتها ومن انضم إليهم، وخرجوا قاصدين إلى طوس حيث الإمام الرضاعليه‌السلام ، فقد ذكروا أن الإمام الرضاعليه‌السلام قد استأذن المأمون في قدومهم، وكان قوام هذا الركب ثلاثة آلاف شخص، فقد التحق بهم عدد كبير من بني أعمامهم

١٣٠

وأولادهم وأقاربهم ومواليهم، كما التحق بهم في مسيرهم أعداد كبيرة من الشيعة رجالا ونساء حتى بلغوا قريبا من خمسة عشر ألف شخص(1) .

وقد اختاروا المسير عن طريق شيراز وكان في طليعة هذا الركب أحمد ومحمد والحسين أبناء الإمام الكاظمعليه‌السلام (2) .

وقد بلغت أنباء هذا التحرك إلى المأمون فأثار في نفسه التوجس فإن عددا ضخما كهذا العدد لا بد وأن يثير في نفسه تخوفا وتهيبا، ولا سيما أنه يعلم أن الإمام الكاظمعليه‌السلام ذهب ضحية غدر أبيه هارون الرشيد، ولم تمض مدة كافية ينسى هؤلاء المثكولون فقد أبيهم، وما خلفه موته من أحزان وآلام، ولا شك أن هؤلاء يعلمون أن ما اتخذه المأمون من تدابير سياسية - على خلاف ما هو المعهود والمألوف من بني العباس من الفتك والبطش بالعلويين - ما هي إلا مجرد تغطية واحتواء للأزمة الخانقة آنذاك.

على أن وصول الركب العلوي بهذا العدد إلى عاصمة الحكم قد يشكل خطرا على سياسة الحكم، ويفشل الخطط المرسومة، ولذا ما إن وصل الركب إلى أطراف شيراز حتى أوعز المأمون إلى ولاته بصدهم ومنعهم عن المسير وإرجاعهم إلى المدينة(3) .

____________________

(1) سيدة عش آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ص 69.

(2) سيدة عش آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ص 71.

(3) سيدة عش آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ص 69 - 70.

١٣١

وما راعهم إلا أربعون ألف شخص من جنود بني العباس تحت إمرة والي شيراز يقطعون الطريق عليهم، وهم على مقربة من شيراز، ودخل الطرفان في معركة دامية أسفرت عن انكسار الوالي وجنوده، فلجؤا إلى الحيلة فأشاعوا فيهم أنه إذا كان الغرض الوصول إلى لقاء الرضا فإن الرضا قد مات، الأمر الذي قد أدى إلى زعزعة أفراد هذا الركب وتشتت شملهم وتفرقهم في أطراف البلاد(1) .

وهذه القضية تكشف لنا سرا من أسرار التاريخ، فإن من المعروف انتشار قبور العلويين في بلدان إيران المختلفة، وقد أشرنا إلى ذلك في مطلع هذا البحث.

وإن انتشار هذه المراقد الطاهرة في مختلف القرى والمدن مما يثير الالتفات، إذ لا تكاد تخلو مدينة أو قرية من قبر أو أكثر للعلويين حتى أن بعضهم شكك في مصداقية ذلك، وادعى أن ذلك من فعل الناس وبمرور الزمن وتوارث الأجيال تقديس هذه المواضع وقصدها واللجوء إليها واقتران ذلك بأهل البيتعليهم‌السلام أصبح عند المتأخرين أن هذه القبور لأبناء الأئمةعليهم‌السلام ، وإلا فقد تكون هذه القبور لأناس عاديين، ماتوا ودفنوا في هذه الأماكن من دون أن يكونوا من أهل البيتعليهم‌السلام فضلا عن أن يكون لهم شأن.

ولكن بالوقوف على قضايا التاريخ، وما جرى في تلك الحقبة من

____________________

(1) سيدة عش آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ص 70 - 71.

١٣٢

الزمن في عهد حكام بني العباس، وتتبعهم لبني هاشم، ومحاولة استئصالهم والحوادث الدامية التي جرت عليهم، والرعب والتشريد والملاحقة تكفي للاطمئنان بأن انتشار هذه القبور في أطراف القرى والمدن أمر لا يبعد تصديقه، والأحداث ومجرياتها تؤيده.

على أننا نقول إنه ليس كل هؤلاء أولاد الأئمةعليهم‌السلام لأصلابهم، بل قد يكون بعضهم أحفادا وأبناء أحفاد، أو أسباطا وأبناء أسباط.

ثم إننا لا نستبعد أن تكون هناك عنايات إلهية خفية كانت وراء إظهار هذه القبور، ولو بعد عشرات السنين، فإن أهلها فروع من الشجرة الطيبة.

ومما يؤيد ذلك ما ورد في كتب الرجال في ترجمة السيد عبد العظيم الحسني - وهو من أصحاب الهادي والعسكريعليهما‌السلام - وبيان بعض أحواله، فقد روى النجاشي في كتابه بسنده عن أحمد بن محمد ابن خالد البرقي قال: كان عبد العظيم ورد الري هاربا من السلطان، وسكن سربا في دار رجل من الشيعة في سكة الموالي، فكان يعبد الله في ذلك السرب، ويصوم نهاره، ويقوم ليله، فكان يخرج مستترا فيزور القبر المقابل قبره، وبينهما الطريق، ويقول: هو قبر رجل من ولد موسى بن جعفرعليه‌السلام ، فلم يزل يأوي إلى ذلك السرب ويقع خبره إلى الواحد بعد الواحد من شيعة آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى عرفه أكثرهم، فرأى رجل من الشيعة في المنام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له: إن رجلا من ولدي يحمل

١٣٣

من سكة الموالي ويدفن عند شجرة التفاح في باغ عبد الجبار بن عبد الوهاب، وأشار إلى المكان الذي دفن فيه، فذهب الرجل ليشتري الشجرة ومكانها من صاحبها، فقال له: لأي شئ تطلب الشجرة ومكانها؟ فأخبره بالرؤيا، فذكر صاحب الشجرة أنه كان رأى مثل هذه الرؤيا، وأنه قد جعل موضع الشجرة مع جميع (الباغ) وقفا على الشريف، والشيعة يدفنون فيه، فمرض عبد العظيم ومات رحمة الله عليه، فلما جرد ليغسل وجد في جيبه رقعة فيها ذكر نسبه فإذا فيها: أنا أبو القاسم عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب(1) .

وأضف إلى ذلك ما شاهده الناس من آثار البركات واستجابة الدعوات وقضاء الحوائج عند هذه المراقد الشريفة، وذلك مما يؤكد هذه الحقيقة.

وهذا الموضوع حري بدراسة مستوعبة يكشف فيها النقاب عن جانب من جوانب تاريخ سلالات الأئمةعليهم‌السلام ، ومواطن قبورهم في مكة والمدينة وأطرافهما والعراق والشام واليمن ومصر وبلاد المغرب العربي وإيران وغيرها من الأماكن، وأسأل الله أن يقيض لهذه المهمة الكبيرة من يتصدى للقيام بها.

هذا، ولكن ذكر بعض المحققين في قضايا التاريخ أن الركب العلوي

____________________

(1) رجال النجاشي ج 2 ص 66 - 67.

١٣٤

إنما خرج بعد ما بلغه أن المأمون العباسي قد غدر بالإمام الرضاعليه‌السلام ، وكان خروجه من أجل الطلب بالثأر.

يقول السيد العاملي: كما أن بعض المصادر التأريخية تذكر أن أحمد بن موسى أخا الإمام الرضا لما بلغه غدر المأمون بأخيه الرضا، وكان آنذاك في بغداد خرج من بغداد للطلب بثأر أخيه، وكان معه ثلاثة آلاف من العلوية، وقيل: اثنا عشر ألفا... وبعد وقائع جرت بينه وبين (قتلغ خان) الذي أمره المأمون فيهم بأمره، والذي كان عاملا للمأمون على شيراز... استشهد أصحابه واستشهد هو وأخوه محمد العابد أيضا... ثم نقل السيد العاملي عن أحد الكتاب قوله: إن كثيرا من العلويين قد قصدوا خراسان أيام تولي الإمام العهد من المأمون، لكن أكثرهم لم يصل، وذلك بسبب استشهاد الإمامعليه‌السلام وأمر المأمون الحكام وأمراء البلاد بقتل أو القبض على كل علوي(1) .

وهذا ينافي ما نقلناه من أن الركب إنما خرج من أجل لقاء الإمامعليه‌السلام وليس طلبا للثأر.

وعلى أي حال فإن ذلك يؤكد ما ذكرناه من انتشار قبور السادة العلويين في مدن وقرى إيران المتنائية الأطراف وسيأتي ما يعزز ذلك أيضا.

وأما ركب السيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام فقد اتخذ طريق قم كما أسلفنا، ولكن ما إن وصل إلى ساوة - وهي بلدة لا تبعد كثيرا عن قم -

____________________

(1) الحياة السياسية للإمام الرضاعليه‌السلام ص 427 - 428.

١٣٥

حتى حوصر الركب فقتل وشرد كل من فيه، وجرحوا هارون أخا الإمام الرضاعليه‌السلام ، ثم هجموا عليه وهو يتناول الطعام(1) فقتلوه.

وكان ذلك كله بمرأى من السيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام فقد شاهدت مقتل إخوتها وأبنائهم، ورأت تشرد من بقي منهم، فماذا سيكون حالها آنذاك؟ واكتفى بعض المؤرخين بالقول إنها مرضت، فسألت عن المسافة بينها وبين قم فقيل لها عشرة فراسخ، فأمرت خادما لها أن يحملها إلى قم، ومكثت في قم في منزل موسى بن خزرج الأشعري سبعة عشر يوما ثم ماتت(2) .

وذكر آخرون إنها قد دس إليها السم في ساوة، ولم تلبث إلا أياما قليلة واستشهدت(3) .

واختلفوا أيضا في أن ما جرى على هذا الركب من المآسي والقتل والتشريد هل كان بإيعاز من المأمون إلى شرطته وأمره بمحاصرة الركب وقتل رجاله وتشريدهم؟ أو أن أهل ساوة الذين كانوا آنذاك من أشد الناس عداوة لأهل البيتعليهم‌السلام ، فلما وصل الركب إلى ساوة حاصره أهلها، ثم حملوا عليه ووقعت معركة دامية قتل فيها أخوة السيدة فاطمة وأبناؤهم وتشرد من بقي منهم، ولما شاهدت السيدة فاطمة إخوتها وأبناءهم صرعى وقد قطعت أجسادهم أصابها الحزن

____________________

(1) حياة الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام ج 2 ص 435.

(2) تاريخ قم ص 213.

(3) الحياة السياسية للإمام الرضاعليه‌السلام ص 428.

١٣٦

الشديد وضعفت قواها وعلى أثر ذلك اشتد بها المرض؟(1) ولا نملك السند التاريخي لترجيح أحد القولين، وبناء على أن الجمع أولى من الطرح وصحة تطبيقه في المقام فيمكن أن يقال بأنه لا تنافي بين الأمرين، وكلا الطرفين قد اشترك في إحداث هذه الفاجعة، وساهم في القضاء على هذا الموكب بمن فيه.

ولعل ما يؤيد ذلك انحراف أهل ساوة عن أهل البيتعليهم‌السلام ، على ما ذكره ياقوت الحموي في معجم البلدان حيث قال: ساوة مدينة حسنة بين الري وهمذان في وسط بينهما، وبين كل واحد من همذان والري ثلاثون فرسخا، وبقربها مدينة يقال لها آوه، فساوة سنية شافعية، وآوة أهلها شيعة إمامية وبينهما نحو فرسخين ولا يزال يقع بينهما عصبية وما زالتا معمرتين إلى سنة 617...(2) .

ومن الطبيعي أن العصبية - ولا سيما العصبية المذهبية - تدعو إلى العداء، وهو قد يجر إلى سفك الدماء، وقد كانت الظروف آنذاك وسياسة الحكام يوم ذاك إنما تقوم على تأجج نار العصبية وإلقاء الفتن بين الناس تفريقا لكلمتهم وعملا بالمقولة المشهورة « فرق تسد ».

وأما ما ذكره بعض الباحثين من قضية دس السم للسيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام فهي وإن كنا لا نملك دليلا قاطعا على وقوعها أو عدمه إلا أننا لا ننفي ذلك، نظرا إلى أن السم كان أحد أمضى الأسلحة الفتاكة

____________________

(1) الحياة السياسية للإمام الرضاعليه‌السلام ص 428 وكريمة أهل البيتعليهم‌السلام ص 174 - 175.

(2) معجم البلدان ج 3 ص 201.

١٣٧

التي كان العباسيون يستخدمونها ضد مناوئيهم، وكم لهم من قتيل ذهب ضحية شربة من سم دسها بنو العباس، وكان أكثر ضحاياهم من آل أبي طالبعليهم‌السلام ، حتى أن ستة من أئمة أهل البيت الاثني عشرعليهم‌السلام قد استشهدوا عن هذا الطريق.

ولذا فإنا لا نستبعد وقوع هذه الحادثة - وإن كانت تفتقر إلى السند التاريخي كما هو مقتضى الصناعة -، إذ لم يكن ثمة ما يحول بينهم وبين الفتك بمن يتوهمون فيه أن وجوده يشكل خطرا يتهدد دوام حكمهم وسلطتهم ومصالحهم، وأي حاجز كان يمنعهم وهم الذين قتلوا الأطفال والشيوخ ووضعوا أجسادهم في أساس البنيان، ودفنوا بعضهم أحياء، وسلبوا النساء، وفعلوا ببني عمهم ما لا يخطر على بال، حتى أنه لو أوصى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقتل ذريته وتشريد عترته لما زادوا على ما صنعوا بهم.

وقد أعترف المأمون نفسه بفظاعة ما ارتكب العباسيون من جرائم الإبادة في حق بني علي وفاطمةعليهم‌السلام ، وأن بني أمية برغم بشاعة ما اقترفوا كانوا أخف وطأة على العلويين منهم، فقال يخاطب بني العباس: ويحكم إن بني أمية إنما قتلوا منهم من سل سيفا، وإنا معشر بني العباس قتلناهم جملا، فلتسألن أعظم الهاشمية بأي ذنب قتلت؟

ولتسألن نفوس ألقيت في دجلة والفرات؟ ونفوس دفنت ببغداد

١٣٨

والكوفة أحياء؟...(1) .

وعلى أي حال فقد كانت الأيام الأخيرة من حياة السيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام مريرة مؤلمة عانت فيها آلاما في الروح وآلاما في الجسد حتى آذنت شمسها بالمغيب.

في قم:

ورحلت السيدة المعصومةعليها‌السلام من ساوة وهي مثقلة بالهموم والآلام والأحزان ميمنة نحو قم، وكانت على موعد مع هذه البلدة الطيبة، والتي ستزداد مكانتها رفعة وشأنا وشرفا يوم تطأ أرضها قدما السيدة فاطمةعليها‌السلام ، ولنا حديث حول قم وتاريخها سيأتي في موضعه.

لقد علمت السيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام بأنها المعنية في ما ورد عن جدها الإمام الصادقعليه‌السلام يوم قال... وإن لنا حرما وهو بلدة قم وستدفن فيها امرأة من أولادي تسمى فاطمة فمن زارها وجبت له الجنة.

وذكر الرواة أن الإمامعليه‌السلام قد حدث بذلك قبل ولادة الإمام الكاظمعليه‌السلام (2) .

وعلمت السيدة فاطمةعليها‌السلام بقرب رحيلها عن الدنيا، وأنها لن تلبث إلا أياما قليلة، كما علمت أن مواصلة المسير إلى طوس أصبح عسيرا

____________________

(1) الطرائف ج 1 ص 278.

(2) تاريخ قم ص 215 وبحار الأنوار ج 60 ص 216 - 217.

١٣٩

بعد أن فقدت إخوتها وأبناءهم قتلا وتشريدا، ولم تكن أرض ساوة ولا أهلها آنذاك أهلا لاستضافتها، ومن أجل ذلك كان لا بد أن ترحل عن ساوة إلى قم، فأمرت خادمها أن يحملها إليها.

ولما بلغ أهل قم نبأ قرب وصولها خرج الأشراف لاستقبالها، ولعلهم كانوا يعلمون بما حدث به الإمام الصادقعليه‌السلام ، وأن هذه المرأة الجليلة هي التي وعدوا بها، وكان في طليعة مستقبليها موسى بن خزرج بن سعد الأشعري، فلما وصل إليها أخذ بزمام ناقتها، وجرها إلى منزله وكانت في داره سبعة عشر يوما(1) .

ولا زال موضع المنزل ماثلا إلى اليوم، حيث أصبح مدرسة علمية ومسكنا لطلاب العلوم الدينية في قم، وقد اتخذت من بيته موضعا جعلته محرابا لها تصلي فيه.

يقول الشيخ المحدث القمي: والمحراب الذي كانت فاطمة رضي الله عنها تصلي فيه موجود إلى الآن في دار موسى ويزوره الناس.

وما يزال هذا المحراب المبارك موجودا إلى يومنا هذا ويقع في محله (ميدان مير) ومعروف بـ (ستية) والتي بمعنى السيدة(2) .

لقد كانت السيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام تأمل في أن تحظى بلقاء شقيقها الرضاعليه‌السلام ، لتطفئ لواعج الشوق والحنين، وتروي ظمأ الفؤاد، وكانت تغذ السير نحو طوس لا تلوي على شئ... ولكنها الأقدار

____________________

(1) تاريخ قم ص 213.

(2) منتهى الآمال ج 2 ص 379.

١٤٠