من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه0%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

من لا يحضره الفقيه

مؤلف: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (الشيخ الصدوق)
تصنيف:

الصفحات: 640
المشاهدات: 235801
تحميل: 6933


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 235801 / تحميل: 6933
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء 2

مؤلف:
العربية

باب ابتدا الكعبة وفضلها وفضل الحرم

٢٢٩٦ - قال أبوجعفر عليه السلام: " لما أراد الله عزوجل أن يخلق الارض أمر الرياح (الاربع)(١) فضربن متن الماء حتى صار موجا، ثم أزبد(٢) فصار زبدا واحدا فجمعه في موضع البيت، ثم جعله جبلا من زبد ثم دحا الارض من تحته وهو قول الله عزوجل: " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا "(٣) فأول بقعة خلقت من الارض الكعبة، ثم مدت الارض منها ".

٢٢٩٧ - وقال الصادق عليه السلام: " إن الله تبارك وتعالى دحا الارض من تحت الكعبة إلى منى، ثم دحاها من منى إلى عرفات، ثم دحاها من عرفات إلى منى فالارض من عرفات، وعرفات من منى، ومنى من الكعبة(٤) ، وكذلك علمنا بعضه من بعض ".

٨ ٢٢٩ - و " إن الله عزوجل أنزل البيت من السماء وله أربعة أبواب على كل باب قنديل من ذهب معلق(٥) ".

٢٢٩٩ - وروي عن موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال: " في خمسة وعشرين(٦) من

___________________________________

(١) ما بين القوسين نسخة في جميع النسخ وليس في الكافى.

(٢) أزيد: أخرج الزبد وقذف به.

(٣) الرواية إلى هنا في الكافى ج ٤ ص ١٨٩ مسندا عن أبى حسان عنه عليه السلام وعن سيف بن عميرة عن أبى بكر الحضرمى عن أبى عبدالله عليه السلام، وبكة لغة في مكة وقيل: مكة: البلد، وبكة موضع البيت.

(٤) الخبر في الكافى ج ٤ ص ١٨٩ إلى هنا رواه بسند ضعيف، ويمكن أن يكون المراد به أن ابتداء بسط الارض كان من كعبة إلى منى ومنها إلى عرفات وانتهى إلى ما أراد الله تعالى من فوقها ثم دحاها من تحتها حتى انتهى إلى منى فصارت كرة. (م ت)

(٥) يمكن أن يكون خبرا برأسه ولم أجده أو من تتمة الخبر السابق.

(٦) تقدم تحت رقم ١٨١٥ وفيه " في تسع وعشرين ".

٢٤١

ذي القعدة أنزل الله عزوجل الكعبة البيت الحرام فمن صام ذلك اليوم كان كفارة سبعين سنة، وهو أول يوم انزلت فيه الرحمة من السماء على آدم عليه السلام ".

٢٣٠٠ - وقال الرضا عليه السلام: " ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة دحيت الارض من تحت الكعبة فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستين شهرا(١) ".

٢٣٠١ - وسأل محمد بن عمران العجلي أبا عبدالله عليه السلام " أي شئ كان موضع البيت حيث كان الماء في قول الله تعالى " وكان عرشه على الماء "؟ قال: كانت مهاة بيضاء - يعني درة - ".

٢٣٠٢ - وفي رواية أبي خديجة عن أبي عبدالله عليه السلام " إن الله عزوجل أنزله لآدم عليه السلام من الجنة وكان درة بيضاء(٢) فرفعه الله تعالى إلى السماء وبقي اسه وهو بحيال هذا البيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يرجعون إليه أبدا فأمر الله عز وجل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ببنيان البيت على القواعد ".

٢٣٠٣ - وفي رواية عيسى بن عبدالله الهاشمي، عن أبيه، عن أبي عبدالله عن أبيه عليهما السلام قال: " كان موضع الكعبة ربوة من الارض بيضاء(٣) تضئ كضوء الشمس

___________________________________

(١) تقدم تحت رقم ١٨١٤ بزيادة عن الحسن بن على الوشاء عنه عليه السلام.

(٢) في الكافى ج ٤ ص ١٨٨ باسناده عن أبى خديجة قال: " ان الله عزوجل أنزل الحجر لآدم عليه السلام من الجنة وكان بيت درة بيضاء فرفعه الله الخبر " وقال المولى المجلسى رحمه الله: والتغيير الذى من الصدوق هو التصريح دون الاضمار ويفهم منه أنه فهم أن معنى الخبرين واحد والذى يظهر من الخبرين وباقى الاخبار أنه كان هنا ثلاثة أشياء: موضع البيت حين كان عرشه على الماء وكان منيرا كاللؤلؤة، والبيت الذى أنزله الله لادم عليه السلام وكان من ياقوتة حمراء في الصفاء كالؤلؤة، والظاهر أنه البيت المعمور لقوله عليه السلام " يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك، كما ورد في الاخبار المتواترة ان البيت المعمور في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ولا يرجعون اليه إلى يوم القيامة، والحجر الاسود الذى أنزله الله تعالى أيضا.

(٣) أى موضع أساس الكعبة، والربوة بفتح الراء وكسرها: ما ارتفع من الارض.

٢٤٢

والقمر حتى قتل ابنا آدم أحدهما صاحبه فاسودت، فلما نزل آدم عليه السلام رفع الله عزوجل له الارض كلها حتى رآهائم قال: هذه لك كلها قال: يا رب ما هذه الارض البيضاء المنيرة؟ قال: هي حرمي في أرضي، وقد جعلت عليك أن تطوف بها كل يوم سبعمائة طواف ".

٢٣٠٤ - وروى سعيد بن عبدالله الاعرج عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " أحب الارض إلى الله تعالى مكة، وما تربة أحب إلى الله عزوجل من تربتها، ولا جحر أحب إلى الله عزوجل من حجرها، ولا شجر أحب إلى الله عزوجل من شجرها، ولا جبال أحب إلى الله عزوجل من جبالها، ولا ماء أحب إلى الله عزوجل من مائها ".

٢٣٠٥ - وفي خبر آخر: " ما خلق الله تبارك وتعالى بقعة في الارض أحب إليه منها - وأومأ بيده إلى الكعبة - ولا أكرم على الله عزوجل منها، لها حرم الله الاشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات والارض ".

٢٣٠٦ - وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " إن الله عزوجل اختار من كل شئ شيئا [و] اختار من الارض موضع الكعبة ".

٢٣٠٧ - وقال عليه السلام: " لا يزال الدين قائما ما قامت الكعبة ".

٢٣٠٨ - وقال زرارة بن أعين لابي جعفر عليه السلام: " أدركت الحسين عليه السلام؟ قال: نعم أذكر وأنا معه في المسجد الحرام وقد دخل فيه السيل والناس يتخوفون على المقام(١) يخرج الخارج فيقول: قد ذهب به السيل، ويدخل الداخل فيقول: هو مكانه، قال: فقال: يا فلان(٢) ما يصنع هؤلاء؟ فقلت: أصلحك الله(٣) يخافون أن يكون

___________________________________

(١) أى خافوا أن يذهب به السيل. وفى بعض النسخ " يقومون ".

(٢) كذا في جميع النسخ والكافى أيضا كأنه دعا رجلا كان هناك وقوله " فقلت " مصحف " فقال ".

(٣) قال المحقق التسترى صاحب " الاخبار الداخلية " فيما كتب إلى ان فيه سقطا أو تصحيفا فان خطاب الامام عليه السلام ابن ابنه وهو ابن أقل من أربع سنين بيا فلان وجوابه هو أيضا بأصلحك الله في غاية البعد، وفى الكافى " فقال لى: يا فلان " والظاهر أن الاصل " فقال لرجل: يا فلان ما يصنع هؤلاء فقال: أصلحك الله " فصحف.

٢٤٣

السيل قد ذهب بالمقام، قال:(١) إن الله عزوجل قد جعله علما لم يكن ليذهب به، فاستقروا ".

وكان(٢) موضع المقام الذي وضعه إبراهيم عليه السلام عند جدار البيت فلم يزل هناك حتى حوله أهل الجاهلية إلى المكان الذي هو فيه اليوم، فلما فتح النبي صلى الله عليه وآله مكة رده إلى الموضع الذي وضعه إبراهيم عليه السلام، فلم يزل هناك إلى أن ولي عمر فسأل الناس من منكم يعرف المكان الذي كان فيه المقام فقال له رجل(٣) : أنا قد كنت أخذت مقداره بنسع(٤) فهو عندي، فقال: ائتني به، فأتاه فقاسه ثم رده إلى ذلك المكان.

٢٣٠٩ - وروي أنه " قتل الحسين بن علي عليهما السلام ولابي جعفر عليه السلام أربع سنين "(٥) .

٢٣١٠ - وروي " أن الكعبة شكت إلى الله عزوجل في الفترة بين عيسى و محمد صلوات الله عليهما فقالت: يا رب مالي قل زواري، مالي قل عوادي؟ فأوحى الله جل جلاله إليها أني منزل نورا جديدا على قوم يحنون إليك(٦) كما تحن الانعام إلى أولادها ويزفون إليك(٧) كما تزف النسوان إلى أزواجها يعني امة محمد صلى الله عليه وآله ".

٢٣١١ - وروى حريز عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " وجد في حجر: إني أنا

___________________________________

(١) الشراح تكلفوا في معناه وكأن فيه سقطا وفى الكافى " قال: ناد أن الله الخ " فحينئذ يستقيم المعنى بلا تكلف.

(٢) ظاهره من كلام أبى جعفر عليه السلام ويمكن أن يكون من زرارة ذكره بالمناسبة.

(٣) هو المطلب بن أبى وداعة السهمى القرشى سبط حارث بن المطلب وامه أروى، راجع اتحاف الورى باخبار ام القرى حوادث سنة سبع عشرة وفى نسب الرجل جمهرة أنساب العرب لابن حزم الاندلسى ص ١٦٤.

(٤) النسع بالكسر: سير ينسج عريضا على هيئة أعنة النعال تشد به الرحال و القطعة منه نسعة وسمى نسعا لطوله.

(٥) ذكر ذلك للتوجه بسن أبى جعفر عليه السلام.

(٦) أى يشتاقون، والحنين الشوق.

(٧) أى يجيئون اليك في نهاية الشوق.

٢٤٤

الله ذو بكة صنعتها(١) يوم خلقت السماوات والارض، ويوم خلقت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حفا(٢) مبارك لاهلها في الماء واللبن، يأتيها رزقها من سبل من أعلاها وأسفلها والثنية "(٣) .

٢٣١٢ - وروي أنه وجد في حجر آخر مكتوب: " هذا بيت الله الحرام بمكة، تكفل الله عزوجل برزق أهله من ثلاثة سبل، مبارك لاهله في اللحم والماء ".

٢٣١٣ - وروي عن أبي حمزة الثمالي قال: " قال لنا علي بن الحسين عليهما السلام: أي البقاع أفضل؟ فقلنا: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، فقال: أما أفضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أن رجلا عمر ما عمر نوح عليه السلام في قومه - ألف سنة إلا خمسين عاما - يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك المكان ثم لقي الله عزوجل بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئا ".(٤)

٢٣١٤ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة: " إن الله تبارك وتعالى حرم مكة يوم خلق السماوات والارض فهي حرام إلى أن تقوم الساعة لم تحل لاحد قبلي

___________________________________

(١) في بعض النسخ " خلقتها ". وفى الكافى في الصحيح عن سعيد الاعرج عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " ان قريشا لما هدموا الكعبة وجدوا في قواعدها حجرا فيه كتاب لم يحسنوا قراء‌ته حتى دعوا رجلا فقرأه فاذا فيه: أنا الله ذو بكة، حرمتها يوم خلقت السماوات والارض ووضعتها بين هذين الجبلين وحففتها بسبعة أملاك حفا " وفى طرق العامة " أملاك حنفاء ".

(٢) أى يحفظونها من الاشرار، وهذه أيضا من آياتها مع كثرة الكفرة المعاندين وفى بعض النسخ " مباركا " والبركة بمعنى الزيادة الصورية والمعنوية.

(٣) فمن طريق الطائف من التمر وسائر الثمار، ومن العراق ونجد من أصناف النعم، ومن طريق الثنية العقبة طريق المدينة المشرفة والشام ومصر من التمر والارز والحنطة وغيرها كما هو المشاهد أنها اكثر بلاد الله نعما وفوائد، وهذه أيضا من آياتها. (م ت)

(٤) يدل على أفضلية الحطيم للعبادة وعلى أن الايمان شرط في جميع العبادات كما هو مذهبنا معاشر الامامية. (م ت)

٢٤٥

ولا تحل لاحد من بعدي، ولم تحل لي إلا ساعة من النهار ".(١)

٢٣١٥ - وروى كليب الاسدي عن أبي عبدالله عليه السلام " أن رسول الله صلى الله عليه وآله استأذن الله عزوجل في مكة(٢) ثلاث مرات من الدهر فأذن الله له فيها ساعة من النهار ثم جعلها حراما ما دامت السماوات والارض ".

٢٣١٦ - وقال عليه السلام: " إن الله عزوجل حرم مكة يوم خلق السماوات والارض ولا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها، ولا يلتقط لقطتها الا لمنشد، فقام إليه العباس بن عبدالمطلب فقال: يا رسول الله إلا الاذخر(٣) فانه للقبر ولسقوف بيوتنا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله ساعة وندم العباس على ما قال، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إلا الاذخر"(٤) .

٢٣١٧ - وقال الصادق عليه السلام: أساس البيت من الارض السابعة السفلى إلى الارض السابعة العليا ".

٢٣١٨ - وروى أبوهمام - إسماعيل بن همام - عن الرضا عليه السلام أنه قال لرجل: " أي شئ السكينة عندكم؟ فلم يدر القوم ما هي، فقالوا: جعلنا الله فداك ما هي؟ قال: ريح تخرج من الجنة طيبة، لها صورة كصورة الانسان تكون مع الانبياء عليهم السلام وهي التي انزلت على إبراهيم عليه السلام حين بنى الكعبة فأخذت تأخذ كذا وكذا وبنى

___________________________________

(١) في يوم الفتح، رواه الكلينى ج ٤ ص ٢١٦ في الصحيح عن معاوية بن عمار.

و قوله: " لا تحل لاحد قبلى " أى الدخول فيه بغير احرام ويظهر من هذه الاخبار أنها فتحت عنوة.

(٢) أى في باب قتال مكة بأن يفتح له صلحا أو الاعم أو قهرا.

(٣) في النهاية في حديث تحريم مكة: " لا يختلى خلاها " الخلا مقصورا النبات الرطب الرقيق ما دام رطبا واختلاه أى قطعه واختلت الارض كثر خلاها فاذا يبس فهو حشيش انتهى " وفى الصحاح: الاذخر بكسر الهمزة وسكون الذال المعجمة وكسر الخاء: نبت، والواحدة اذخرة انتهى.

ويعضده أى يقطعه وعضد الشجرة قطعها بالمعضد وقوله " الا لمنشد " أى لقاصد الانشاد لا للتملك.

والخبر مروى نحوه في الكافى ج ٤ ص ٢٢٥ بزيادة عن حريز وطريق المصنف إلى حريز صحيح.

(٤) كانه سكت صلى الله عليه وآله انتظارا لنزول الوحى كما في بعض الاخبار.

٢٤٦

الاساس عليها ".

٢٣١٩ - وقال الصادق عليه السلام: " كان طول الكعبة تسعة أذرع، ولم يكن لها سقف، فسقفها قريش ثمانية عشر ذراعا، ثم كسرها الحجاج على ابن الزبير فبناها وجعلها سبعة وعشرين ذراعا".(١)

٢٣٢٠ - وروي عن سعيد بن عبدالله الاعرج عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " إن قريشا في الجاهلية هدموا البيت فلما أرادوا بناء‌ه حيل بينه وبينهم والقي في روعهم الرعب(٢) حتى قال قائل منهم: ليأت كل رجل منكم بأطيب ماله ولا تأتوا بمال اكتسبتموه من قطيعة رحم أو حرام ففعلوا، فخلي بينهم وبين بنيانه، فبنوه حتى انتهوا إلى موضع الحجر الاسود فتشاجروا فيه أيهم يضع الحجر في موضعه حتى كاد أن يكون بينهم شر، فحكموا أول من يدخل من باب المسجد، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله فلما أتاهم أمر بثوب فبسط ثم وضع الحجر في وسطه ثم أخذت القبائل بجوانب الثوب فرفعوه، ثم تناوله عليه السلام فوضعه في موضعه فخصه الله عزوجل به ".

٢٣٢١ - وروي " أن الحجاج لما فرغ من بناء الكعبة سأل علي بن الحسين عليهما السلام أن يضع الحجر في موضعه، فأخذه ووضعه في موضعه ".

٢٣٢٢ - وروي أنه " كان بنيان إبراهيم عليه السلام الطول ثلاثين ذراعا، والعرض اثنتين وعشرين ذراعا، والسمك تسعة أذرع، وإن قريشا لما بنوها كسوها الاردية ".

٢٣٢٣ - وروى البزنطي، عن داود بن سرحان عن أبي عبدالله عليه السلام " أن

___________________________________

(١) الظاهر أن المراد ببناء عبدالله بن الزبير تسقيفها وهدم الحجاج الكعبة من قبل عبدالملك بن مروان لما خرج ابن الزبير وادعى الامامة بعد زوال ملك بنى سفيان واستولى على العراقين عشر سنين وخطب باسمه على المنابر فبعث الحجاج بجند عظيم اليه فتحصن ابن الزبير بالمسجد الحرام فوضع المنجنيق عليه حتى هدم الكعبة وغلب الحجاج فأخذه وصلبه سنين حتى شفعت له أمه أسماء ذات النطاقين بنت أبى بكر فأنزله ودفنه وقتل جماعة كثيرة بسبب خروجه. (م ت)

(٢) الروع بالضم: القلب أو موضع الفزع منه أو سواده، والذهن والعقل.

٢٤٧

رسول الله صلى الله عليه وآله ساهم قريشا في بناء البيت فصار لرسول الله صلى الله عليه وآله من باب الكعبة إلى النصف ما بين الركن اليماني إلى الحجر الاسود "(١) .

٢٣٢٤ - وفي رواية اخرى أنه " كان لبني هاشم من الحجر الاسود إلى الركن الشامي ".

[من أراد الكعبة بسوء] (٢)

وما أراد الكعبة أحد بسوء إلا غضب الله عزوجل لها، ونوى يوما تبع الملك أن يقتل مقاتلة أهل الكعبة ويسبي ذريتهم ثم يهدم الكعبة فسالت عيناه حتى وقعتا على خدية فسأل عن ذلك، فقالوا: ما نرى الذي أصابك إلا بما نويت في هذا البيت لان البلد حرم الله والبيت بيت الله، وسكان مكة ذرية إبراهيم خليل الله، فقال: صدقتم فما مخرجى مما وقعت فيه؟ قالوا: تحدث نفسك بغير ذلك فحدث نفسه بخير فرجعت حدقتاه حتى ثبتتا في مكانهما، فدعا القوم الذين أشاروا عليه بهدمها فقتلهم ثم أتى البيت فكساه الانطاع وأطعم الطعام ثلاثين يوما كل يوم مائة جزور حتى حملت الجفان إلى السباع في رؤوس الجبال ونثرت الاعلاف للوحوش، ثم انصرف من مكة إلى المدينة فأنزل بها قوما من أهل اليمن من غسان وهم الانصار(٣) .

___________________________________

(١) المساهمة: العمل بالقرعة وصار لرسول الله صلى الله عليه وآله قريبا من ربع البيت (م ت) وقال العلامة المجلسى رحمه الله قوله " من باب الكعبة إلى النصف " أى إلى منتصف الضلع إلى بين اليمانى والحجر، ولا يخفى أنها تنافى الرواية الاخرى الا أن يقال: انهم كانوا أشركوه صلى الله عليه وآله مع بنى هاشم في هذا الضلع وخصوه بالنصف من الضلع الاخر فجعل بنو هاشم له صلى الله عليه وآله ما بين الحجر والباب.

(٢) العنوان زيادة منا وليس في الاصل.

(٣) راجع الكافى ج ٤ ص ٢١٥ روى خبر ذلك على وجهه عن على عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن اسماعيل بن جابر عن أبى عبدالله عليه السلام.

والنطع بساط من الاديم جمعه انطاع ونطوع.

وراجع مفصل تاريخ تبع اخبار مكة الازرقى ج ١ ص ٨٤ ط ١٢٧٥.

٢٤٨

وروي: أنه ذبح له ستة آلاف بقرة بشعب ابن عامر، وكان يقال لها مطابخ تبع(١) حتى نزلها ابن عامر فاضيفت إليه فقيل: شعيب ابن عامر، ولم يكن تبع مؤمنا ولا كافرا ولكنه كان ممن يطلب الدين الحنيف، ولم يملك المشرق إلا تبع وكسرى.

وقصده أصحاب الفيل وملكهم أبو يكسوم: أبرهة بن الصباح الحميري ليهدمه.

فأرسل الله عليهم طيرا ابابيل(٢) ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول.

وإنما لم يجر على الحجاج ما جرى على تبع وأصحاب الفيل لان قصد الحجاج لم يكن إلى هدم الكعبة إنما كان قصده إلى ابن الزبير وكان ضدا لصاحب الحق، فلما استجار بالكعبة أراد الله أن يبين للناس أنه لم يجره فامهل من هدمها عليه.

٢٣٢٥ - وروي عن عيسي بن يونس قال: " كان ابن أبي العوجاء من تلامذة الحسن البصري فانصرف عن التوحيد فقيل له: تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة فقال: إن صاحبي كان مخلطا كان يقول طورا بالقدر، وطورا بالجبر، وما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه، قال: ودخل مكة تمردا وإنكارا على من يحج وكان يكره العلماء مساء‌لته إياهم ومجالسته لهم لخبث لسانه وفساد ضميره فأتى جعفر بن محمد عليه السلام فجلس إليه في جماعة من نظرائه، ثم قال له: إن المجالس أمانات ولابد لكل من كان به سعال أن يسعل(٣) أفتاذن لي في الكلام؟ فقال: تكلم فقال: إلى كم تدوسون هذا البيدر وتلوذون بهذا الحجر وتعبدون هذا البيت المرفوع

___________________________________

(١) أى قبل نزول ابن عامر فيها.

(٢) أبابيل جماعات في تفرقة، زمرة زمرة، وقيل: لا واحد لها، وقيل: كعباديد واحدها أبول وزان عجول، وقيل: واحدها ابالة وهى بكسر الهمزة: الجماعة.

(٣) السعال حركة للهواء تحدث في قصبة الرية تدفع الاخلاط المؤذية عنها.

٢٤٩

بالطوب والمدر(١) وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر، من فكر في هذا أو قدر علم أن هذا فعل أسسه غير حكيم ولا ذي نظر، فقل فانك رأس هذا الامر وسنامه وأبوك اسه ونظامه.

فقال أبو عبدالله عليه السلام: إن من أضله الله وأعمى قلبة، استوخم الحق(٢) فلم يستعذبه، وصار الشيطان وليه يورده مناهل الهلكة ثم لا يصدره، وهذا بيت استعبد الله به خلقه، ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثهم على تعظيمه وزيارته، وجعله محل أنبيائه وقبلة للمصلين له، فهو شعبة من رضوانه وطريق يؤدي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال ومجتمع العظمة والجلال، خلقه الله قبل دحو الارض بألفي عام، وأحق من أطيع فيما أمر وانتهي عما نهى عنه وزجر، الله المنشئ للارواح بالصور.

فقال ابن أبي العوجاء: ذكرت يا أبا عبدالله فأحلت على غائب، فقال أبوعبدالله عليه السلام: ويلك وكيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد، وإليهم أقرب من حبل الوريد، يسمع كلامهم ويرى أشخاصهم ويعلم أسرارهم، وإنما المخلوق(٣) الذي إذا انتقل عن مكان اشتغل به مكان وخلا منه مكان، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه، فأما الله العظيم الشأن الملك الديان فانه لا يخلو منه مكان، ولا يشتغل به مكان، ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان، والذي بعثه بالآيات المحكمة، والبراهين الواضحة، وأيده بنصره، واختاره لتبليغ رسالته صدقنا قوله بأن ربه بعثه وكلمه.

فقام عنه ابن أبي العوجاء فقال لاصحابه: من ألقاني في بحر هذا، سألتكم

___________________________________

(١) الدوس: الوطأ على الرجل، والبيدر: الموضع الذى يداس فيه الطعام ويدق ليخرج الحب من السنبل، والطوب: الاجر.

(٢) الاستيخام: الاستثقال وعد الشئ غير موافق.

واستوخمه أى وجده وخيما ثقيلا. وقوله " لم يستعذبه " أى لم يجده عذبا.

(٣) أى انما الغائب هو المخلوق الذى كذا أو انما المخلوق هو الذى.

٢٥٠

أن تلتمسوا لي خمرة فألقيتموني على جمرة(١) قالوا له: ما كنت في مجلسه إلا حقيرا فقال: إنه ابن من حلق رؤوس من ترون ".(٢)

٢٣٢٦ - وقال الصادق عليه السلام في خبر آخر حديث يذكر في الاسلام والايمان: " ولو أن رجلا دخل الكعبة فبال فيها معاندا اخرج من الكعبة ومن الحرم، وضربت عنقه ".(٣)

٢٣٢٧ - وسأل عبدالله بن سنان أبا عبدالله عليه السلام " عن قول الله عزوجل: " ومن دخله كان آمنا " قال: من دخل الحرم مستجيرا به فهو آمن من سخط الله عزوجل، وما دخل من الوحش والطير كان آمنا من أن يهاج أو يؤذى حتى يخرج من الحرم ".

[الالحاد في الحرم والجنايات] (٤)

ومن أتى بموجب الحد في الحرم اخذ به في الحرم لانه لم ير للحرم حرمة.(٥)

٢٣٢٨ - وروى معاوية بن عمار أنه " اتي أبوعبدالله عليه السلام فقيل له: إن

___________________________________

(١) الخمرة بالفتح بمعنى الخمر، وبالضم ألمها وصداعها، ومراد اللعين أنى سألتكم أن تأتونى إلى من أجادله وألعب وأستهزى به وأضحك عليه لا إلى من يحرقنى ببلاغة بيانه وبرهانه، وقال المولى المجلسى: الخمرة ما يخمر به وعكر النبيذ وحصيرة صغيرة من السعف والورس واشياء من الطيب تطلى به المرأة لتحسن وجهها ولكل مناسبة، والجمرة النار الموقدة، أى كنت أردت منكم أن تحصلوا لى شخصا لاباحث معه وأغلبه وحصلتم لى مباحثا الزمنى وأهلكنى وضيعنى.

(٢) يعنى هذا هو ابن من أمر هذا الخلق الذى ترون بحلق الرأس فأطاعوه مع أن حلق الرأس عندهم عار عظيم وليس العجز لجهلى بل لاحتشامى اياه.

(٣) رواه الكلينى بتمامه في الكافى ج ٢ ص ٢٧ وهذا الكلام في ذيله.

(٤) العنوان زيادة منا.

(٥) كما في صحيحة معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام في الكافى ج ٤ ص ٢٢٨، وحسنة الحلبى عن أبى عبدالله (ع) ص ٢٢٦.

٢٥١

سبعا من سباع الطير على الكعبة ليس يمر به شئ من حمام الحرم إلا ضربه، فقال: انصبوا له واقتلوه فأنه قد ألحد"(١) .

٢٣٢٩ - قال: و " سألته عن قول الله عزوجل: " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقة من عذاب أليم " قال: كل ظلم إلحاد، وضرب الخادم في غير ذنب من ذلك الالحاد "(٢) .

٢٣٣٠ - وفي رواية أبي الصباح الكناني(٣) عنه عليه السلام قال: " كل ظلم يظلمه الرجل نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد أو شئ من الظلم فإني أراه إلحادا، ولذلك كان يتقي الفقهاء أن يسكنوا مكة".

 [اظهار السلاح بمكة] (٤)

٢٣٣١ - وسأله أبوبصير " عن رجل يريد مكة أو مدينة أيكره أن يخرج منه بالسلاح؟ فقال: لا بأس أن يخرج بالسلاح من بلده ولكن إذا دخل مكة لم يظهره ".

٢٣٣٢ - وفي رواية حريز بن عبدالله عنه عليه السلام قال: " لا ينبغي أن يدخل الحرم بسلاح إلا أن يدخله في جوالق(٥) أو يغيبه - يعني حتى يلف على الحديد شيئا - ".(٦)

 [الانتفاع بثياب الكعبة]

٢٣٣٣ - وسأل عبدالملك بن عتبة أبا عبدالله عليه السلام " عما يصل إلينا من ثياب

___________________________________

(١) و(٢) راجع الكافى ج ٤ ص ٢٢٧.

(٣) لم يذكر المصنف طريقه اليه والظاهر أنه مأخوذ من كتابه فيكون صحيحا ورواه الكلينى عنه أيضا وفى الطريق محمد بن الفضيل الازدى الضعيف، فان كان محمد بن الفضيل الضبى فهو ثقة.

(٤) العنوان زيادة منا هنا وما يأتى.

(٥) الجوالق بالضم والكسر: العدل من صوف أو شعر جمع جالق معرب جوال.

(٦) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٢٢٨ عن على عن أبيه عن ابن أبى عمير عن حماد عن حريز، قال في المنتقى: الظاهر أن ذكر ابن أبى عمير في هذا السند سهو، و النسخ التى عندى متفقة فيه.

وقوله " يغيبه " أى يجعله غائبا.

٢٥٢

الكعبة هل يصلح لنا أن نلبس شيئا منها؟ فقال: يصلح للصبيان والمصاحف والمخدة تبتغي بذلك البركة إن شاء الله تعالى ".(١)

 [كراهية أخذ تراب البيت وحصاه] (٢)

٢٣٣٤ - وروي عن معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " أخذت سكا(٣) من سك المقام وترابا من تراب البيت وسبع حصيات، فقال: بئس ما صنعت أما التراب والحصى فرده ".(٤)

٢٣٣٥ - وروي محمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " لا ينبغي لاحد أن يأخذ من تربة ما حول البيت وإن أخذ من ذلك شيئا رده ".(٥)

٢٣٣٦ - وقال حذيفة بن منصور لابي عبدالله عليه السلام: " إن عمي كنس الكعبة فأخذ من ترابها فنحن نتداوى به فقال: رده إليها ".(٦)

٢٣٣٧ - وقال له زيد الشحام: " أخرج من المسجد حصاة(٧) ، قال: فردها أو اطراحها في مسجد".(٨)

___________________________________

(١) يدل على جواز الانتفاع واستحباب التبرك بها وعلى جواز الباس الصبيان بها و يحمل على غير المميز جمعا بين الروايات، ولا يرد أنه وقف للكعبة فلا يجوز التصرف فيها لانه هكذا وقف بأن يكون سنة لباس الكعبة وبعدها يكون للخدمة.والابتغاء: الطلب. (م ت)

(٢) العنوان زيادة منا هنا وما يأتى.

(٣) السك بالضم ضرب من الطيب ويطلق على كل طيب، وقيل: هو المسمار.

(٤) يدل على عدم جواز اخراج الحصى من المسجد الحرام وكذا قمامة الكعبة على الظاهر، ويمكن أن يكون المراد ترابة المحكوك.(م ت)

(٥) ظاهره الكراهة والمشهور الحرمة ووجوب الرد اليه مع الامكان.

والخبر رواه الكلينى في الصحيح والشيخ بسندين صحيحين.

(٦) ظاهر هذه الاخبار وجوب الرد إلى الكعبة أو المسجد الحرام.(م ت)

(٧) في الكافى " أخرج من المسجد وفى ثوبى حصاة ".

(٨) يدل على جواز الرد إلى مسجد آخر مع امكان الرد اليه وهو خلاف المشهور.(المرآة)

٢٥٣

[كراهية المقام بمكة]

٢٣٣٨ - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " لا ينبغي للرجل أن يقيم بمكة سنة، قلت: كيف يصنع؟ قال: يتحول عنها ولا ينبغي أن يرفع بناء فوق الكعبة ".(١)

٢٣٣٩ - وروي " أن المقام بمكة يقسي القلب ".(٢)

٢٣٤٠ - وروي داود الرقي(٣) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " إذا فرغت من نسكك فارجع فانه أشوق لك إلى الرجوع ".

 [شجر الحرم]

٢٣٤١ - وروي عن معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " شجرة أصلها في الحل وفرعها في الحرم؟ فقال: حرم أصلها لمكان فرعها، قلت: فان أصلها في الحرم وفرعها في الحل؟ قال: حرم فرعها لمكان أصلها".

٢٣٤٢ - وروى حريز عنه عليه السلام أنه قال: " كل شئ ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلا ما أنبته أنت أو غرسته ".(٤)

___________________________________

(١) يدل على كراهة المجاورة ورفع بناء فوق الكعبة بأن يكون سمكه ارفع من سمك الكعبة فلا يكره البناء في الجبال المرتفعة عليها كأبى قبيس مطلقا بل مع زيادة السمك، وروى الشيخ في الصحيح عن على بن مهزيار قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام المقام بمكة أفضل أو الخروج إلى الامصار؟ فكتب عليه السلام: المقام عند بيت الله أفضل " (م ت) أقول: المشهور كراهة المجاورة بمكة وعلل بخوف الملالة وقلة الاحترام أو الخوف من ملامسة الذنب لانه فيها أعظم أو بأن المقام فيها يقسى القلب.

(٢) رواه في الكافى ج ٤ ص ٢٣٠ مرسلا أيضا وفيه بدل القلب " القلوب " وكأنه محمول على الغالب كما هو المشاهد فيها وفى مشاهد الائمة صلوات الله عليهم.

(٣) طريق المصنف اليه غير نقى، لكن رواه الكلينى في الحسن كالصحيح عن ابن أبى عمير عمن ذكره عن ذريح المحاربى عنه عليه السلام.

(٤) من قوله " الا ما أنبته " ليس في الكافى وسيأتى تحت رقم ٢٠٤٧ تفصيله.

٢٥٤

٢٣٤٣ - وقال عليه السلام: " يخلى عن البعير في الحرم يأكل ما شاء ".(١)

٢٣٤٤ - و " ما يأكله الابل فليس به بأس أن ينزعه ".(٢)

٢٣٤٥ - وسأله سليمان بن خالد " عن الرجل يقطع من الاراك الذي بمكة قال: عليه ثمنه يتصدق به ولا ينزع من شجر مكة شيئا إلا النخل وشجر الفواكه ".

٢٣٤٦ - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " قلت له: المحرم ينزع الحشيش من غير الحرم؟ فقال: نعم، قلت: فمن الحرم؟ قال: لا ".(٣)

٢٣٤٧ - وسأل إسحاق بن يزيد أبا جعفر عليه السلام " عن الرجل يدخل مكة فيقطع من شجرها، فقال: اقطع ما كان داخلا عليك ولا تقطع ما لم يدخل منزلك عليك ".(٤)

___________________________________

(١) قال في المدارك: يجوز للمحرم أن يترك ابله لترعى الحشيش وان حرم عليه قطعه، بل لو قيل بجواز نزع الحشيش للابل لم يكن بعيدا لصحيحة جميل ومحمد بن حمران (المشار اليها فيما يأتى).

(٢) كما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل ومحمد بن حمران قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن النبت الذى في أرض الحرم أينزع؟ فقال: أما شئ يأكله الابل فليس به بأس أن تنزعه ".

وحمله الشيخ على نزع الابل والاحوط الترك.

(٣) يدل على أن قطع الحشيش من محرمات الحرم لا الاحرام كما يظهر من الاخبار المتواترة من العامة والخاصة من أنه لا يختلى خلاها وقد تقدم بعضها ويؤيده ما رواه الكلينى ج ٤ ص ٣٦٥ عن عبدالله بن سنان قال: قلت لابى عبدالله عليه السلام: " المحرم ينحر بعيره أو يذبح شاته قال: نعم، قلت له: يحتش لدابته وبعيره؟ قال: نعم ويقطع ما شاء من الشجر حتى يدخل الحرم فاذا دخل الحرم فلا ".

(٤) " ما كان داخلا " ظاهره جواز قطع أغصان شجر دخل على الانسان في منزلة و ان لم ينبت فيه وهو خلاف المشهور، ويمكن أن يكون المراد جواز قطع ما نبت بعد اتخاذ الموضع منزلا وعدم جواز قطع ما نبت قبله (المرآة) أقول: روى الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٢٣١ والشيخ في التهذيب بسند ضعيف عن حماد بن عثمان عن أبى عبدالله عليه السلام " في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم، قال: ان بنى المنزل والشجرة فيه فليس له أن يقلعها وان كانت نبتت في منزله وهو له فليقلعها " ويمكن حمل النهى في غير الداخل على الكراهة كما يظهر من رواية صحيحة رواها الشيخ في التهذيب عن جميل عن الصادق عليه السلام قال: " رآنى على بن الحسين عليهما السلام وأنا أقلع الحشيش من حول الفساطيط بمنى فقال: يا بنى ان هذا لا يقلع ".

٢٥٥

٢٣٤٨ - وسأل منصور بن حازم أبا عبدالله عليه السلام " عن الاراك يكون في الحرم فأقطعه، قال: عليك فداؤه".(١)

 [لقطة الحرم]

٢٣٤٩ - وروى إبراهيم بن عمر عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " اللقطة لقطتان لقطة الحرم تعرف سنة فإن وجدت صاحبها وإلا تصدقت بها، ولقطة غير الحرم تعرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فهي كسبيل مالك ".(٢)

___________________________________

(١) أى ثمنه كما تقدم، والاراك شجر يتخذ ساقه للسواك.

قال في مرآة العقول: اعلم أن تحريم قطع الشجر والحشيش على المحرم مجمع عليه في الجملة وقد استثنى من ذلك أربعة أشياء: الاول ما ينبت في ملك الانسان وفى دليله كلام، ولا ريب في جواز ما أنبته الانسان لصحيحة حريز.

الثانى شجر الفواكه وقد قطع الاصحاب بجواز قلعه مطلقا وظاهر المنتهى أنه موضع وفاق.

الثالث شجر الاذخر ونقل الاجماع على جواز قطعه.

الرابع عودا المحالة وهما اللذان يجعل عليهما المحالة ليستقى بها، ولا بأس بقطع اليابس من الشجر والحشيش، واعلم أن قطع شجر الحرم كما يحرم على المحرم يحرم على المحل أيضا كما صرح به الاصحاب ودلت عليه النصوص.

(٢) الخبر صحيح وظاهره جواز أخذ لقطة الحرم وعدم جواز تملكها بعد التعريف و اختلف الاصحاب في ذلك اختلافا كثيرا فذهب الشيخ في النهاية وجماعة إلى أنه لا تحل لقطة الحرم مطلقا، وذهب المحقق في النافع وجماعة إلى الكراهة مطلقا، وذهب جماعة إلى جواز القليل مطلقا، والكثير على كراهية مع نية التعريف، والقول بالكراهة لا يخلو من قوة، ثم اختلف في حكمها بعد الالتقاط فذهب المحقق وجماعة إلى التخيير بين التصدق ولا ضمان، وبين ابقائها أمانة لانه لا يجوز التملك مطلقا وقال في موضع آخر يجوز تملك ما دون الزائد وخير بين ابقائها أمانة والتصدق ولا ضمان، ونقل عن أبى الصلاح أنه يجوز تملك الكبير أيضا والاظهر والاحوط وجوب التصدق بها بعد التعريف كما دل عليه هذا الخبر. (المرآة)

٢٥٦

وروي أن في أسماء مكة أنها مكة وبكة وأم القرى وأم رجم والباسة كانوا إذا ظلموا بها بستهم - أى أهلكتهم - وكانوا إذا ظلموا رحموا.(١)

باب تحريم صيد الحرم وحكمه

٢٣٥٠ - روى زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إذا أصاب المحرم في الحرم حمامة إلى أن تبلغ الظبي فعليه دم يهريقه، ويتصدق بمثل ثمنه أيضا(٢) فإن أصاب منه وهو حلال فعليه أن يتصدق بمثل ثمنه ".(٣)

٢٣٥١ - وسأل سليمان بن خالد أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل أغلق بابه على طير فمات، فقال: إن كان أغلق الباب عليه بعدما أحرم فعليه دم، وإن كان أغلقه قبل أن يحرم وهو حلال فعليه ثمنه".(٤)

___________________________________

(١) " أم رجم " بالجيم كما في أكثر النسخ والصواب كما في خبر أبى بصير " ام رحم " بالحاء المهملة هكذا " وتسمى أم رحم كانوا إذا لزموها رحموا " والظاهر أن ما ذكره المصنف مضمون هذا الخبر وكان التصحيف من النساخ، أو يكون خبرا آخر ولا منافاة بينهما.

وفى النهاية " الرحم " بالضم الرحمة ومنه حديث مكة " هى ام رحم " أى أصل الرحمة وفى حديث مجاهد: من أسماء مكة الباسة سميت بها لانها تحطم من أخطا فيها.

والبس: الحطم ويروى بالنون من النس أى الطرد (م ت) أقول روى الازرقى في أخبار مكة ج١ص١٩٧ عن جده عن داود بن عبدالرحمن عن ابن جريج عن مجاهد قال: من أسماء مكة هى مكه وهى بكة وهى أم رحم وهى أم القرى وهى صلاح وهى كوثا وهى الباسة.

وفى آخر عن ابن أبى يحيى قال: بلغنى أن أسماء مكة مكة وبكة وأم رحم وأم القرى والباسة والبيت العتيق والحاطمة تحطم من استخف بها، والباسة تبسهم بسا أى تخرجهم اخراجا إذا غشموا وظلموا.

(٢) " إلى أن تبلغ الظبى " أى في الجثة، من الطيور وغيرها " فعليه دم يهريقه " أى باعتبار كونه محرما " ويتصدق بمثل ثمنه " باعتبار كونه في الحرم. (م ت)

(٣) " فان أصاب منه " أى من الصيد في الحرم أو من الحرم تجوزا " وهو حلال " أى غير محرم فعليه أن يتصدق بمثل ثمنه والحاصل أن الفداء للاحرام والقيمة للحرم.

(٤) الطريق حسن بابراهيم بن هاشم وسليمان ثقة وهو الذى خرج مع زيد بن على بن الحسين عليهما السلام وقطع اصبعه، والخبر رواه الشيخ في الصحيح ويدل على أن الحكم في المحرم الفداء وفى الحرم القيمة، وعلى أن السبب كالمباشر في الضمان، والظاهر أن الضمان للموت لا بمجرد الاغلاق وان ورد الجواب بالاعم لان الظاهر انصراف الجواب إلى السؤال ولو لم يكن ظاهرا فيه فليس بظاهر في العموم فلا يمكن الاستدلال به للاجمال (م ت) وقال سلطان العلماء قوله عليه السلام " فعليه دم " أى من حيث الاحرام فلا ينافى وجوب شئ آخر عليه لو كان في الحرم.

٢٥٧

٢٣٥٢ - وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل أغلق باب بيت على طير من حمام الحرم فمات، قال: يتصدق بدرهم أو يطعم به حمام الحرم ".(١)

٢٣٥٣ - وروى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال: " سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم وهو في الحرم غير محرم، فقال: عليه قيمتها وهو درهم يتصدق به أو يشتري به طعاما لحمام الحرم، فإن قتلها وهو محرم في الحرم فعليه شاة وقيمة الحمامة ".(٢)

٢٣٥٤ - وروى حفص بن البختري(٣) عن أبي عبدالله عليه السلام " فيمن أصاب طيرا في الحرم، قال: إن كان مستوي الجناح فليخل عنه، وإن كان غير مستو [ي الجناح] نتفه وأطعمه وأسقاه، فإذا استوى جناحاه خلى عنه ".(٤)

___________________________________

(١) الظاهر أنه للمحرم وان وقع السؤال بالاعم، ويدل على أن الدرهم قيمة الحمامة شرعا وعلى التخيير بين الصدقة والعلف لحمام الحرم. (م ت)

(٢) الطريق ضعيف وفى الكافى ج ٤ ص ٢٣٣ في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال: " من أصاب طيرا في الحرم وهو محل فعليه القيمة، والقيمة درهم يشترى به علفا لحمام الحرم ".

(٣) الطريق اليه صحيح وهو ثقة.

(٤) " نتفه " أى نزع ريشه. والغرض من النتف أن يسرع نبات الريش وظاهره الوجوب لانه في المعنى فلينتف. وفى معنى الخبر ما رواه الكلينى ج ٤ ص ٢٣٧ في الصحيح عن داود بن فرقد قال: كنا عند أبى عبدالله عليه السلام بمكة وداود بن على بها، فقال لى أبوعبدالله عليه السلام قال لى داود بن على: ما تقول يا أبا عبدالله في قمارى اصطدناها وقصيناها؟

فقلت: تنتف فاذا استوت خلى سبيلها " واصل قصيناها ابدلت الثانية تاء و المراد بداود حاكم المدينة وهو عباسى.

٢٥٨

٢٣٥٥ - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يحرم وعنده في أهله صيد إما وحش وإما طير، قال: لا بأس ".(١)

٢٣٥٦ - وروى ابن أبي عمير، عن خلاد عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل ذبح حمامة من حمام الحرم، قال: عليه الفداء، قال: قلت: فيأكله؟ قال لا، قلت: فيطرحه؟ قال: إذا يكون عليه فداء آخر قال: قلت: فما يصنع به؟ قال: يدفنه ".(٢)

٢٣٥٧ - وروى ابن فضال، عن يونس بن يعقوب قال: " أرسلت إلى أبي الحسن عليه السلام " إن أخا لي اشترى حماما من المدينة فذهبنا بها معنا إلى مكة فاعتمرنا وأقمنا إلى الحج، ثم أخرجنا الحمام معنا من مكة إلى الكوفة هل علينا في ذلك شئ فقال للرسول: إني أظنهن كن فرهة(٣) قل له: يذبح مكان كل طير شاة ".(٤)

٢٣٥٨ - وروى صفوان، عن العيص بن القاسم قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام

___________________________________

(١) يدل على أن الصيد لا يخرج عن ملك صاحبه بالاحرام، ويؤيده صحيح جميل المروى في الكافى [ج ٤ ص ٣٨٢] قال: " قلت لابى عبدالله (ع) الصيد يكون عند الرجل من الوحش في أهله أو من الطير يحرم وهو في منزله؟ قال: لا بأس لا يضره " ولا مناسبة لهذا الخبر في هذا الباب لانه من أحكام المحرم لا الحرم. (م ت)

(٢) عمل به جماعة من الاصحاب وقال الشهيد رحمه الله في الدروس: يدفن المحرم الصيد إذا قتله، فان أكله أو طرحه فعليه فداء آخر على الرواية. (المرآة)

(٣) جملة معترضة أى أظن نقلهن إلى بلده لكونهن حاذقة سريعة السير (سلطان) " فرهة " جمع فاره التى لا عيب فيها، وفى القاموس فره ككرم فراهة وفراهية: حذق فهو فاره بين الفروهة والجمع فره كركع وسكرة وسفرة، وغرضه عليه السلام أن سبب اخراجهن من مكة إلى الكوفة لعله كان حذاقتهن في ايصال الكتب ونحو ذلك. (المرآة)

(٤) لعله محمول على ما إذا لم يمكن اعادتها وظاهر كلام الشيخ في التهذيب أن بمجرد الاخراج يلزمه الدم، وظاهر الاكثر انه انما يلزم إذا تلفت (المرآة) والامر بوجوب الفداء لانها وان كانت من المدينة لكن بادخالها الحرم صارت من الحرم ويحرم اخراجها منه. (م ت)

٢٥٩

عن شراء القماري(١) بمكة والمدينة فقال: ما احب أن يخرج منها شئ ".(٢)

٢٣٥٩ - وروى حريز، عن زرارة " أن الحكم سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل اهدي له في الحرم حمامة مقصوصة " فقال: انتفها وأحسن علفها(٣) حتى إذا استوى ريشها فخل سبيلها ".

٢٣٦٠ - وروى حريز، عن محمد بن مسلم قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل اهدي له حمام أهلي وجئ به وهو في الحرم محل، قال: إن أصاب منه شيئا فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه".(٤)

٢٣٦١ - وروى صفوان بن يحيى، عن عبدالرحمن بن الحجاج قال: " سألت أبا - عبدالله عليه السلام(٥) عن رجل رمى صيدا في الحل وهو يؤم الحرم فيما بين البريد والمسجد فأصابه في الحل فمضى برميته حتى دخل الحرم فمات من رميته هل عليه جزاء؟ فقال: ليس عليه جزاء إنما مثل ذلك مثل من نصب شركا في الحل إلى جانب الحرم فوقع فيه صيد فاضطرب حتى دخل الحرم فمات فليس عليه جزاؤه لانه نصب حيث نصب وهو له حلال، ورمى حيث رمى وهو له حلال فليس عليه فيما كان بعد ذلك شئ فقلت: هذا القياس عند الناس، فقال: إنما شبهت لك الشئ بالشئ لتعرفه ".

٢٣٦٢ - وروى المثنى، عن كرب الصيرفي قال: " كنا جميعا فاشترينا طيرا فقصصناه فدخلنا به مكة فعاب ذلك أهل مكة فأرسل كرب إلى أبي عبدالله عليه السلام فسأله فقال: استودعوه رجلا من أهل مكة مسلما أو امرأة [مسلمة] فإذا استوى

___________________________________

(١) القمارى: طائر معروف حسن الصوت أصغر من الحمام، واحده قمرى.

(٢) ظاهره جواز اخراج القمارى مع كراهة وهو مشكل والحرام غير محبوب و اطلاقه على الحرام غير عزيز في الاخبار والاحتياط في الترك. (م ت)

(٣) لا خلاف فيه ولو أخرجه فتلف فعليه ضمانة اجماعا. (م ت)

(٤) يظهر منه وجوب القيمة ولو أتلفه بغير رضا صاحبه لزمه قيمته أيضا فانه لا منافاة بينهما. (م ت)

(٥) في الكافى " سألت أبا الحسن موسى عليه السلام، ويمكن أن يكون وقع سؤاله منهما.

٢٦٠