وهدوا إلى صراط الحميد

وهدوا إلى صراط الحميد0%

وهدوا إلى صراط الحميد مؤلف:
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 331

وهدوا إلى صراط الحميد

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مؤسسة الإمام الحسين (عليه السلام)
تصنيف: الصفحات: 331
المشاهدات: 65013
تحميل: 3522

توضيحات:

وهدوا إلى صراط الحميد
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 331 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 65013 / تحميل: 3522
الحجم الحجم الحجم
وهدوا إلى صراط الحميد

وهدوا إلى صراط الحميد

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بَيْدَ أن هذه الحقيقة لا تعني أن الديانة الكاثوليكية قوية حالياً في أستورياس؛ فتحالف الكنيسة الكاثوليكية مع التمرد العسكري الذي دبره فرانكو ضد الجمهورية الثانية ومع دكتاتوريته التي استمرت أربعين عاماً قد قوض بشكل خطير صدقية الكنيسة. كما أن انتشار الاشتراكية والشيوعية في أستورياس وفي إسبانيا شكل عاملاً رئيسياً آخر يفسر عملية العلمنة السريعة التي شهدها المجتمع الإسباني. في الوقت الحاضر لا تزيد نسبة الإسبان الكاثوليك الذين يمارسون طقوسهم الدينية على العشرين بالمئة، فيما يمارس مليون آخرون طقوس ديانات أخرى.

كانت عائلتي عائلة كاثوليكية تقليدية؛ وأحد أعمامي هو كاهن. وقد تلقيت تعاليم ذلك الدين في أولى سنوات عمري، إلا أن البيئة التي نشأت فيها (الأصدقاء والمدرسة وما شاكل) كانت علمانية للغاية.

عندما بلغت سن المراهقة المبكرة بدأت بالتخلي عن الممارسات الكاثوليكية التي صرت أعتبرها بشكل متزايد عبئاً لا يطاق. فقد أقلعت عن الذهاب إلى الكنيسة أيام الآحاد، وأصبح أسلوب حياتي أكثر علمانية. كما أنني انتسبت إلى الحزب الشيوعي وحركة الشباب الشيوعي.

اكتشاف الإسلام:

في الحزب الشيوعي، عملت في مجال العلاقات الدولية. وصرت أشارك في حملات التضامن مع الشعب الفلسطيني. في عام 4891، أصبحت عضواً في «رابطة أصدقاء الشعب الفلسطيني»، التي يوجد مقرها في خيخون. بدأت في قراءة المزيد عن تاريخ المقاومة الفلسطينية ضد القمع الصهيوني، وازداد اهتمامي بهذه المسألة خصوصاً لأنني تألمت لرؤية المجتمع الدولي يسمح للصهاينة بالقيام بأعمالهم الإجرامية من دون أن يفعل أي شيء.

احتكاكي الأول مع العالمين العربي والإسلامي كان أيضاً لقائي الأول مع الإسلام. ففي عام 9791، عندما كان عمري 41 عاماً فقط، شاهدت على شاشة التلفاز سقوط نظام الشاه وإنشاء الجمهورية الإسلامية في إيران تحت شعار «لا شرقية ولا غربية». لقد أثارت إيران إعجابي كبلد لم يخضع للضغوط أو التهديدات الغربية، بخلاف العديد من الدول الأخرى في العالم.

٢٤١

ومن خلال «رابطة أصدقاء الشعب الفلسطيني» تمكنت من الحصول على بعض الكتب عن قضايا المسلمين. ولقد راسلت سفارات دول إسلامية طالباً المزيد من المعلومات؛ وكانت سفارة جمهورية إيران الإسلامية واحدة من عدد قليل من السفارات التي أجابتني. وقد أرسل لي شخص مسلم إسباني يعمل هناك بعض الكتب ومعلومات عن جمعية إسلامية تتألف بشكل رئيسي من أشخاص إسبان اهتدوا إلى الإسلام.

من خلال قراءة هذه الكتب أدركت أن الإسلام هو ما كنت أنتظره منذ فترة طويلة. وبدا الإسلام في نظري نهج حياة واضح وقوي (وليس مجرد دين فحسب) لا يكتنفه غموض وأسرار. لقد مثل لي طريقة سهلة للوصول إلى الله، الذي لم أكن قادراً على التواصل معه خلال الفترة التي عشتها ككاثوليكي.

تحادثت هاتفياً مع أصدقائي الجدد المسلمين، فدعوني لزيارتهم في مدريد. وقد أمضيت معهم بضعة أيام اكتشفت خلالها نمط حياة جديد، فيه قيم مختلفة هي أكثر جاذبية بكثير: الكرم، وحياة سعيدة وصحية، والصبر، والصمود، والضيافة. وفي اليوم التالي، اتخذت قراري: لقد تغلغل حب الإسلام في قلبي. وفي يوم 12 حزيران/يونيو 9891، بعد أسبوعين من وفاة الإمام الخميني، وهو شخصية ألهمتني كمثال وفكر، نطقت بالشهادتين في كافتيريا أمام اثنين من الإخوة الإسبان ومنفي عراقي.

منذ البداية، كنت أعرف أنني سوف أواجه بعض الصعوبات؛ فعلى سبيل المثال، ساءت علاقتي مع أصدقائي بسبب أسلوب حياتهم، وخاصة شرب الكحول كوسيلة للاختلاط الاجتماعي والذي كان غير مقبول بالنسبة لي، ناهيك عن أن اعتناقي الإسلام جعلني في عيونهم شخصاً جديداً أكثر غرابة، بل إن بعضهم اعتقد أنني قد انضممت إلى ديانة سرية ضارة.

أما عائلتي فقد احترمت قراري، ولا سيما أنهم شهدوا الكثير من التغيّرات الرائعة في حياتي الجديدة، فقد أقلعت عن تعاطي الكحول كما أن سلوكي ومواقفي أصبحت إيجابية للغاية. بَيْدَ أن بعض أقاربي لم يعجبهم أن يروا صورتي أو مقالاتي في الصحف التي تحدثت عن حياتي كمسلم أو عن الجمعيات الإسلامية التي أنشط فيها. في الوقت الراهن، أنا أمين سر اتحاد المسلمين في إسبانيا (ثاني أكبر اتحاد للمسلمين في هذا البلد).

٢٤٢

لقد غيَّر الإسلام حياتي إلى الأبد. قبل اعتناقي الإسلام، كنت شخصاً عصبياً لا يرى معنى لوجوده؛ وكانت لديَّ نظرة متشائمة بشأن الحياة والمستقبل. وقد أصبحت الآن إنساناً هادئاً وحيوياً وإيجابياً يحمل نظرة متفائلة للحياة، والتي ليست سوى قطعة صغيرة وقصيرة من الوجود والبوابة إلى الحياة الأبدية التي وعدنا الله تعالى بها. لقد أسهم الإسلام في زيادة سعادتي في أوقات الرخاء وحماني وأراحني، ومثّل لي درعاً لا يتزعزع في الأوقات العصيبة. كما أن الإسلام علّمني الشعور بقيمة الأشياء. أحياناً، عندما أرى أشخاصاً يغضبون بسبب أشياء بسيطة وغير مهمة، أرى بوضوح أن حياتهم فارغة وأنهم لم يجدوا بعد معنى وجودهم. وهم - بالتالي - يبقون أنفسهم بعيداً عن السعادة الحقيقية.

الدعوة إلى الإسلام:

بخصوص الدعوة إلى الإسلام، أعتقد أنه ينبغي على المسلمين أن يستخدموا التكنولوجيا الحديثة، وخاصة شبكة الأنترنت، للوصول إلى عامة السكان. فالكثير من الشباب في الوقت الحاضر يستخدمون الإنترنت كمصدر رئيسي للمعلومات. ويجب أن تكون هناك مواقع بلغات مختلفة ذات محتويات جذابة وشروحات واضحة. حتى الآن، الأشخاص الذين يعتنقون الإسلام في الغرب بحاجة إلى الانخراط في عملية طويلة وصعبة للحصول على معلومات دقيقة عن المسائل الإسلامية. ومعظمهم لا يجد سوى الأمور السلبية والخاطئة التي يواظب أعداء الإسلام على نشرها.

في عام 2003م. نظمت الرابطة الإسلامية التي أنتمي إليها أول مؤتمر للمسلمين الناطقين بالإسبانية، والذي حضره العديد من المسلمين من دول مثل المكسيك وتشيلي والبرازيل والأرجنتين وكولومبيا وبنما.

إن الأنشطة الدعوية في أمريكا اللاتينية أسهل بكثير مما هي عليه في أوروبا نظراً لطابع الانفتاح والعناصر التي تميز الشخصية لدى شعوب أمريكا اللاتينية، كما إن تلك الدول تزداد أهمية بشكل متواصل. وفي هذا الإطار، أقترح أن يتم دعم المواقع الإسلامية الناطقة باللغة الإسبانية وأن يتم إرسال المزيد من العاملين في مجال الدعوة إلى تلك القارة (أمريكا اللاتينية).

٢٤٣

في إسبانيا، آفاق الدعوة جيدة على الرغم من أن العمل في هذا المجال ليس كافياً. ومما يؤسف له أن بعض المسلمين لا يزال يتمسك بالمقاربة الخاطئة «للمساجد فقط» وهم غير مستعدين لتقديم أي دعم مالي إلا لبناء المساجد، في حين أنهم لا يدعمون الأدوات الأخرى والتي هي أكثر أهمية للوصول إلى السكان من غير المسلمين (كوسائل الإعلام والمراكز الثقافية، وغيرها). فحتى الآن، لا يوجد في إسبانيا صحيفة مكتوبة للمسلمين.

٢٤٤

المسلم الكندي

چريج سودين (علي مهدي)

يقول:

· رحلتي إلى الإسلام لم تكن سهلة ولكنني ممتن له سبحانه لأنني وجدت السبيل الحق.

كتب الأخ چريج سودين قصة تحوّله إلى الإسلام وأرسلها إلينا قائلاً:

اسمي چريج سودين. لقد اعتنقت الإسلام بعد أن كنت كاثوليكياً وذلك في 51 كانون أول (ديسمبر) 1002 (92 رمضان 2241هـ)، أي عندما كنت في السادسة عشرة من عمري. وقد اخترت «علي مهدي» اسماً لي بعد أن أصبحت مسلماً. أنا الآن في الرابعة والعشرين من العمر (ولدت في 5891م). وقد درست التاريخ في جامعة ويلفريد لورييه بواترلو، أونتاريو، كندا، وآمل أن أدرس في الحوزة (المدرسة الدينية) في المستقبل القريب. وُلدت في ميناء دوفر، أونتاريو، كندا، ونشأتُ في مزرعة دواجن وبقر تبلغ مساحتها 004 فدان. لقد تربيتُ على المذهب الكاثوليكي. وقبل أن أُسلم كنت أذهب إلى الكنيسة كل أسبوع، ولم أشك في معتقداتي قط. وأنا أعتبر أنني كنت كاثوليكياً ملتزماً عندما كنت أشب عن الطوق. وكنت كلما سمعتُ أحدهم ينال من الكاثوليكية أحاول تفنيد ما يقوله، على الرغم من أنني أدرك الآن أن معرفتي بالكاثوليكية كانت محدودة نوعاً ما.

أنا لم أكن أتفحص إمكانية التحول إلى الإسلام عندما بدأت بإجراء أبحاث عنه؛ لقد شرعتُ في القراءة عن الإسلام من منطلق أن الدين أثار اهتمامي فحسب. فمنذ كنت صغيراً طالما أثار اهتمامي أن أتعرف على أديان وثقافات الشعوب الأخرى. المجموعات الضخمة من مجلة «ناشيونال جيوجرافيك» التي كانت لدى جدتي لأبي كان من بينها أعداد تعود إلى العام 0391، وتناول العديد منها الإسلام، وهو ما فتنني. كما أنني بدأت في قراءة الأطلس وهو ما جعلني مهتماً بالجغرافيا والأحداث المعاصرة. وبما إنني كنت أعيش في بلدة صغيرة، لم أكن أعرف أحداً ذا خلفية غير مسيحية، الأمر الذي أثار فضولي حيال العالم الخارجي.

٢٤٥

وفي العام 0002، بدأتُ أبحث عن أشخاص من دول أخرى لأتحدث معهم عبر الإنترنت بسبب افتتاني بالتعرف على عادات الشعوب الأخرى. وفي أحد مواقع شبكة الإنترنت تعرفتُ على يحيى، وهو فتى شيعي من الكويت. وبدأت أطرح عليه أسئلة عن دينه لأنني لم أكن أعرف الكثير عن ذلك. لم أفكر قط في التحول إلى الإسلام لأنني كنت أعتقد أنني كنت سعيداً لكوني كاثوليكياً. وعندما بدأتُ بدراسة مادة في المدرسة الثانوية تدعى «الديانات في العالم» ازداد اهتمامي. كان في كتابي المدرسي بعض المعلومات عن مكانة السيد المسيح (عليه السلام) في الإسلام كما يتضح من خلال القرآن الكريم. كنت أعرف أن الإسلام يعتبر المسيح (عليه السلام) نبياً، ولكنني لم أعرف مدى أهميته في الدين. كما أنني لم أكن أعلم أن الإسلام يعتبر والدته، مريم (عليها السلام)، واحدة من أعظم أربع نساء في التاريخ! بعد عودتي من المدرسة في أحد الأيام ذهبتُ إلى البيت وأجريت بحثاً عبر الإنترنت عن دور المسيح (عليه السلام) في الإسلام. كما أنني وجدتُ بعض الكتب في مكتبة المدرسة تتحدث عن الإسلام بشكل عام. لقد فتحت العقيدة الإسلامية عقلي على أمور لم يسبق أن فكرت فيها حول المسيح (عليه السلام) والمسيحية بصفة عامة. وكلما ازدادت معرفتي حول المسيح (عليه السلام) والمعتقدات الإسلامية ازدادت معها رغبتي في التحول إلى الإسلام. المعلومات التي قرأتها أقنعتني أن الإسلام هو الحقيقة. كانت الحجج بالغة، بل كان هناك دليل بشأن النبي محمد (ص) والإسلام في الكتاب المقدس.

عندما ازدادت معرفتي وانهمكتُ في دراسة الإسلام، أرسلتُ رسالة بالبريد الالكتروني إلى صديقي الكويتي أخبرته عن نتائج أبحاثي. وقلت له إنه «ربما ينبغي لي أن أتحول (إلى الإسلام) بعد أن أتعلم المزيد عن الدين». لم أكن أنوي القيام بذلك قريباً، لأنه لم يكن من السهل أن أطبق التعاليم الإسلامية من دون أن أكون في وسط مجتمع إسلامي. واعتقدت أنني سأعتنق الإسلام عندما ألتحق بالجامعة، لأنه لم يكن بمقدوري الوصول إلى مسجد حيث كنت أسكن. وقد قلت هذا لصديقي الكويتي، وقال إنني أستطيع التلفظ بالشهادتين. وهكذا، في يوم 51 كانون الأول (ديسمبر) (92 رمضان 2241هـ) نطقت بالشهادة: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله) عبر الـ«أم. أس. أن.». ولدى تلفظي بتلك الكلمات الرائعة أصبحت مسلماً، ولله الحمد.

٢٤٦

موقف عائلتي:

التحول إلى الإسلام سبّب لي بالكثير من المشاكل مع عائلتي، وخاصة مع والدتي، التي كانت الأكثر جهراً ضد اعتناقي للإسلام. وكانت تشعر بالقلق لأني لم أعد أتبع «الدين الحق». وكانت تفتقد ذهابي إلى الكنيسة مع بقية عائلتنا، وهذا أمر أتفهمه تماماً. وهي تقول لي باستمرار إنني كنت سعيداً بديني من قبل، ولذلك هي تتساءل: لماذا غيّرت ديني؟

عندما أكّدتُ لها أنني أصبحتُ مسلماً، استاءت استياءً بالغاً، واستمر غضبها حتى حوالي عام 4002، لكن منذ ذلك الحين قبلت بالأمر الواقع، رغم أنها ليست راضية عن اختياري. وعندما وصلتني بعض الكتب، بما في ذلك القرآن الكريم، بالبريد بعد اعتناقي للإسلام، اضطررت لإخفائها عنها. أمي استاءت للغاية أيضاً عندما رأتني أسجد، إذ إن ذلك شكل علامة بالغة الوضوح على أنني لم أعد كاثوليكياً. كثيرون من عائلتي الأوسع لم يعلقوا سلباً على تحولي، رغم أن جدي لأمي (توفي مؤخراً)، الذي كان معروفاً بعناده، لم يحب ذلك، وقد قال ذلك صراحة. جدتي لأمي المتدينة جداً، والتي كان شقيقها قساً متقاعداً في إنكلترا، نسبياً لم تتقبل الأمر. أنا لم أفقد أي أصدقاء لأنه لم يكن لديَّ العديد منهم في المقام الأول. فأنا لم أكن أتفق قط مع معظم من كانوا في عمري، وطالما شعرت بأنني لا أستطيع الانخراط معهم بالشكل الملائم.

من المؤسف أن عائلتي لا تعرف ما هو الإسلام، وأنا لا ألومهم مع كل تلك المعلومات المضللة التي يسمعونها في نشرات الأخبار. لقد حاولتُ أن أشرح لهم معتقداتي، ولكنهم لا يبدون أي اهتمام بالتعرف عليها ويرفضون قراءة أي من الكتب. قبل أن أغادر إلى الجامعة جعلتني أمي أذهب إلى الكنيسة كل أسبوع. واصلت الذهاب إلى الكنيسة حتى تشرين أول (أكتوبر) 3002، الذي تزامن مع شهر رمضان المبارك. كان من الصعب تجنب المناولة بسبب ضغط والدتي، ولكن بما أنني كنت صائماً أخفيت مناولتي (خبز القربان المقدس) في جيبي، ولكن أمي ضبطتني، ولم أذهب إلى الكنيسة بعد ذلك، إلا عندما شاركت في جنازة جدي.

٢٤٧

في رحاب المسجد:

لقد كان من دواعي سروري العثور على جالية مسلمة رائعة في كيتشنر، في واترلو، وهذه الجالية فتحت لي ذراعيها، وفي يوم الأربعاء 01 أيلول (سبتمبر) 3002، ذهبت إلى المسجد لأول مرة، وهو ما شكّل تجربة فتحت عيني على أمور جديدة، لا سيما وأنها كانت مختلفة للغاية عن الصلاة في الكنيسة. لقد كنت أذهب إلى الجامعة برفقة الأخ حسنين (الذي تعرفت عليه من خلال المنتديات الإسلامية). كنا طالبين جامعيين في واترلو في أونتاريو. هو كان في جامعة واترلو وأنا في جامعة ويلفريد لورييه، والمسافة بين الجامعتين حوالي 51 دقيقة سيراً على الأقدام. الحدث الذي حضرناه في المسجد كان احتفالاً بذكرى ولادة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ابن عم النبي محمد (ص) وصهره الحبيب على قلبه. وقد استقلينا الحافلة للوصول إلى المسجد، إلا أننا ضللنا الطريق تقريباً خلال السير في الشارع، لأن المسجد كان في وسط منطقة سكنية. ثم رأينا امرأة محجبة تدخل إلى المسجد فدخلناه. لقد وصلنا متأخرين ولكن استمعنا إلى معظم المحاضرة التي كان يلقيها الشيخ شفيق هدى. وبعد ذلك أدينا صلاتي المغرب والعشاء. وكانت تلك المرة الأولى التي أصلي فيها مع مسلمين آخرين، وكان تجربة رائعة. بعدها عرّفني حسنين على بعض الإخوة، وتحدثنا لبضع دقائق. ثم حان وقت العودة إلى الجامعة. وقد أوصلنا الشيخ سليم بهمجي بسيارته أنا وحسنين إلى المنزل ودلّنا على المطاعم التي تبيع لحماً على الطريقة الإسلامية والأماكن الإسلامية في المدينة.

وقد أصبحتُ عضواً نشطاً في الجالية، وأنا أشغل حالياً منصب سكرتير اللجنة الإسلامية للإغاثة، وهي مؤسسة خيرية مقرها في كيتشنر، وأنا أشكر الله تعالى على أن الجالية المسلمة في كيتشنر - واترلو قبلتني عضواً فيها، وبذلت الكثير من الجهد لمساعدتي.

رحلتي إلى الإسلام لم تكن سهلة دائماً، وقد كان عليّ أن أناضل وأبذل الكثير من التضحيات على الطريق. إنني كثيراً ما أخفقتُ في الارتقاء إلى واجباتي نحو الله تعالى، ولكنني ممتن له سبحانه لأنني وجدت السبيل الحق... الإسلام على مذهب أهل البيت (عليهم السلام). وأنا أعرف أن الخضوع لله من خلال الاقتداء بأهل بيت النبي محمد الأطهار (عليهم السلام) وتوحيد الله هو الهدف الأسمى في هذه الحياة.

٢٤٨

كيف وجدت طريق الحق؟

الأخت المسلمة الأميركية كاثي كوشيش (معصومة)

تحكي قصّة إسلامها:

· كيف يمكن للمرء أن ينظر إلى الوراء ليسترجع الحدث الأهم في حياته، ويضعه تحت المجهر؟

الحدث بالنسبة لي كان اكتشاف «طريق الحق»، أي الإسلام، والخضوع لله الواحد. هذا الحدث، أعني اعترافي بقوة الإسلام، وقراري الواعي بالخضوع لله سبحانه وتعالى هو الذي تسبب بأهم تغيير في حياتي.

ولكن عندما أعود إلى الوراء، أتساءل كيف وصلت إلى حيث أنا اليوم، أي كمسلمة؟ بالتأكيد، كوني ذات خلفية ريفية من ولاية أركنسو الأمريكية، وبما أنني لم أسمع عن الإسلام قبل أواخر سنوات مراهقتي، فإن هذين الأمرين لم يعدّاني لهذا التغيير الكبير. ولطالما تساءلت، ما الذي جعلني مختلفة عن سائر الآخرين الذين يسمعون عن الإسلام، ويرفضونه؟ أو الذين لا يدركون أنه يمثل الحقيقة؟ عادة ما أبدأ بالعودة إلى ماضٍ بعيد، قبل أن أعرف حتى كلمة الإسلام، لأشرح كيف انتهى بي الأمر إلى حيث أنا اليوم.

عندما كنت طفلة صغيرة، كانت أمي عليلة جداً، لقد وُلدت ولديها مشاكل في القلب، وقد أصيبت بالسكتة الدماغية لأول مرة عندما كان عمري ثلاثة أعوام. المشاكل الصحية التي عانت منها أمي جعلتني أدرك هشاشة الحياة، وأنها هبة عظيمة.

انفصل والداي بالطلاق عندما كنت في السابعة، وبقيت مع والدتي. في اعتقادي أن السنوات القليلة التي قضيناها معاً بعد ذلك ساعدت في تشكيل وقولبة الشخص الذي أنا عليه اليوم.

لم تكن والدتي مسلمة، لكنها كانت مسيحية صادقة. كانت تؤمن من كل قلبها أن هدفنا في الحياة هو عبادة الله، على الرغم من أننا لم نكن نتردد إلى الكنيسة بانتظام، إلا أن الإيمان شكَّل جزءاً هاماً من حياتنا. لقد اعتمدت كل منا على الأخرى، وقد كبرنا معاً خلال تلك السنوات القليلة. تعرضت والدتي في نهاية المطاف لسكتة دماغية أخرى، ما تسبب بإعاقتها، وأجبرني على الانتقال للعيش مع والدي وزوجته. في ذلك الوقت، كانت تلك بمثابة صدمة لي، لا سيما أنني لم أكن أرغب في التغيير، ولكنني أحب والدي كثيراً، وإذا نظرت إلى الوراء، فإنّني أمضيت فترة نَشأتُ خلالها في بيته.

٢٤٩

لم يكن والدي شخصاً متديناً، لكنه كان روحانياً. ولطالما كان عادلاً وأخلاقيّاً؛ وبين إيمان والدتي وأخلاق والدي، نَشأتُ ولديَّ إحساس قوي بالمسؤولية تجاه الله. لم أكن أواظب على الذهاب إلى الكنيسة، أو أشارك في نشاطات دينية منظمة، ولكنني كنت أشعر أنني في حالة سلام مع الله، وخاصة خلال التجول الذي كنت أقوم به في غابة تقع بالقرب من منزلنا. كنت أرى قوة وجلال الله في كل ما هو حولي، في الحيوانات والأشجار، وجمال خلقه. لم أشك قط في أن الله كان موجوداً وقوياً، ولكن لم أكن أعرف كيف أعبّر عن إيماني. لذلك بدأت بالتطلع إلى الكنيسة. حضرت مراسم لمختلف الطوائف، من «كنيسة المسيح» إلى «جمعية الله»، و«المعمدانية العامة». وقد قضيت معظم الوقت في الكنيسة المعمدانية العامة حيث تعرفت إلى العديد من الأصدقاء، وإن كنت أعتقد أن مصادقة الآخرين كانت السبب الرئيس الذي جعلني أتمسك بالحضور في الكنيسة.

أذكر أنه كان لديَّ العديد من الأسئلة التي لم أتمكن من الحصول على إجابة لها (مثل مفهوم الثالوث). وقد تصورت أن إيماني لم يكن قوياً بما فيه الكفاية، أو أنني لم أتمتع بما يكفي من الذكاء لفهم الأمر. لم يستطع أحد أن يشرح لي ذلك على نحوٍ كافٍ. وفي النهاية، تركت الحيرة والشك وراء ظهري، وقررت أن ذلك أمر سأفهمه إذا أراد الله. كنت أعرف بدون شك أن الله موجود. وكنت أعرف أيضاً أنني بحاجة إلى الإيمان لتحقيق الخلاص. ولكن بما أن المسيحية كانت الدين الوحيد الذي عرفته طوال حياتي، فإنه لم يخطر ببالي أن أنظر في أي مكان آخر.

الديانات الأخرى التي كنت قد سمعتُ عنها كانت تُمارَس من قِبَل أشخاص «هناك» في أنحاء أخرى من العالم، والأرواح المسكينة، كانت بحاجة إلى «الخلاص».. على الأقل وفقاً للمعلمين في كنيستي. ومع هذا، فلطالما شكَّل هذا الأمر مشكلة لي؛ أعني التخليص. فبالنسبة لي، يجب أن يكون الله عادلاً (والحمد لله، أجد اليوم أنه كذلك حقاً). لكن لم أستطع أن أفهم كيف يمكن أن يطرد الله أي شخص إلى الجحيم الأبدي، لأنه لم يعرف الحقيقة. كنت أعتقد بأن الله سيغفر أخطاءنا إذا كنا جاهلين (العدل، الذي أؤمن به الآن...). ولكن بما أنه لم يكن لديَّ أي معرفة بأيّ دين آخر، واصلت محاولة فهم المسيحية.

٢٥٠

لقد كنت دائماً، وما زلت، مهتمة بالتعرف على الثقافات الأخرى، فأنا أحب أن أعرف وأستكشف أديان وثقافات الآخرين. بَيْدَ أنني لم أظن قط أنني سأتقبّل في أي وقت الاختلافات الثقافية في حياتي الخاصة. عندما ينشأ الأطفال في أمريكا غالباً ما يتعلمون أن «الغرب هو الأفضل» وبقية العالم.. «العالم الثالث».. يحاول اللحاق بنا فحسب. لم أكن أؤمن بهذا بالضرورة، ولكن الموقف المعتقِد بالتفوق الإثني من طرف من كانوا حولي قد تلاشى في بعض المناطق. كان الخوف العارم لديَّ من نار جهنم يحول دون قبولي بأي رأي آخر لمجرد قراءتي عنه. كنت بحاجة إلى رؤية الإسلام على الأرض قبل أن أدرك جماله. وهذا لم يحدث إلا بعد وقت طويل.

عندما ازدادت سنوات عمري و(نوعاً ما) خبرتي، أدركت أن الإشكاليات التي واجهتها الكنيسة المسيحية لم تكن مجرد خلافات بين المذاهب. في تلك الفترة كنت أقفز من كنيسة إلى أخرى في أواخر سنوات مراهقتي (ومجدداً، معتقدة أنه ليس لديَّ بديل عن الكنيسة)، حتى وصلت إلى نقطة التحوّل عن الأمر برمته. لم أتمكن من فهم بعض الأفكار التي كانوا يدرسونها، وكان لديَّ الكثير من الأسئلة التي لم يتمكنوا من الإجابة عليها. فقررت أن أؤمن بالله فحسب، من دون أن أنتمي إلى أي ديانة معيّنة. كنت تواقة للـ «شعور» بالله حولي، ذلك الشعور الذي كنت أجده خلال المشي بمفردي في الغابة؛ والمسيحية لم تقدّم لي ذلك. ورأيت أن حالي سيكون أفضل إن مضيت لوحدي.

على هذه الكيفية قضيت الجزء الأكبر من فترة استمرت عامين. كنت لا أزال أعتبر نفسي مسيحية، ولكن في ذلك الوقت بالتأكيد لم أكن أعيش أي مظهر من مظاهر حياة أخلاقية. بحثي عن الفهم والطريق إلى الله أبعدني عن الكنيسة المسيحية، ولكن إلى ماذا؟ فأنا لم ألتقِ قط أي شخص غير مسيحي. لم يكن لديَّ أي فكرة إلى أين ينبغي أن أمضي، ولكنني همت في الظلام لبعض الوقت. وكلما همت أكثر، ازددت بعداً عن الله، واقتربت أكثر من الأمور التي طالما كرهتها. وبلغت حالة الضياع الكامل. أخيراً، مع علمي أن الكنيسة المسيحية لم توفر لي بغيتي، ولكن لعدم وجود أية بدائل أمامي، بدأت البحث بجدية ومحاولة التعرف على الأديان الأخرى.

لقد قمت ببعض الدراسات بمفردي، والتحقت بصف تدريس الدين المقارن. لا أستطيع القول بأنني كنت فعلاً أبحث عن عقيدة معيّنة في ذلك الوقت، لكنني كنت منفتحة على كل شيء. اخترت مادة الدراسات في مقارنة الثقافات والتي من شأنها في نهاية المطاف أن تغير حياتي.

٢٥١

خلال دراستي تلك المادة، تعرَّفت على الإسلام لأول مرة في حياتي. كان في المادة فصلٌ دراسيٌّ عن الإسلام، والأستاذ الذي تحدث إلى صفنا أحضر معه نسخة ضخمة من القرآن الكريم (بالعربية). وبعض الصور الجميلة لمساجد من مختلف أنحاء العالم. أذكر أنني فكرت حينها أن ثقافة الإسلام غنية بالتأكيد، وأنني رغبت في معرفة المزيد، ولكن كلما درست أكثر وشاركت في الصف، ازداد إدراكي أن هذا الدين ليس كما يصوَّر في وسائل الإعلام. فقد كان ديناً متسامحاً، وأخوياً، ويهتم بالآخرين، وليس متعصباً وقمعياً كما تدفعك وسائل الإعلام للاعتقاد.

أتذكر أنني فكرت أنه، وللمرة الأولى، أن باباً قد فُتِح لي للإجابة على بعض الأسئلة التي لديَّ. ولكن للأسف، فإن المادة انتهت، ووجدت نفسي مجدداً عالقة حيث كنت قد بدأت (وإن كان لديَّ معلومات أكثر).

أدركت أنني بحاجة إلى تغيير في حياتي، وإلى الابتعاد عن التأثيرات السيئة التي رافقتني. فانتقلت إلى منزل آخر، وكان هذا أفضل ما قمت به. ثم انتقلت إلى جامعة أخرى، وهناك التقيت الرجل الذي أصبح زوجي الآن. وهو بدوره عرّفني على مسلمين آخرين، وتطورت دراستي.

كان زوجي من إيران مسلماً شيعياً، لذلك فإن غالبية الذين التقيت بهم في ذلك الوقت كانوا من المسلمين الشيعة. وكانوا مثالاً للأمور التي كانوا يعلّمونني إياها. ففي كل الجوانب كانوا يطبقون ما يعلّمونه للآخرين. ولقد احترمت هذا الأمر قبل كل شيء، بسبب ما كنت قد شاهدته من نفاق في الكنائس التي كنت أتردد إليها. كان أمراً ينعش الأمل أن ترى أشخاصاً يؤمنون بهذا القدر من القوة بدينهم حتى أنهم كانوا يخافون أن يعصوا الله. ولم يكونوا مبالين برأي بقية العالم - لم يعنهم إلا الله.

لم يهتموا بتحويلي إلى التشيع، بل بتعليمي الإسلام، وتركي أتخذ قراراتي الخاصة. وأياً تكن الأسئلة التي تجول في خاطري، كانوا هناك جاهزين للرد. لقد ساعدوني أن أبدأ بإنشاء المكتبة الخاصة بي، واقتناء الكتب التي لم تكن معادية للشيعة، ولكن منطقية ومدروسة.

٢٥٢

كانت الحجج المنطقية مقنعة، ولكنني أردت أن أعرف المزيد عن الأيام الأولى للإسلام، لذلك بدأت بقراءة المزيد عن تاريخ الإسلام والمعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام)، فقرأت عن شخصيات مثل الإمام علي (عليه السلام)، والإمام الحسين (عليه السلام)، وأبي الفضل العباس (عليه السلام)، إلى جانب العديد من الآخرين في تاريخ الإسلام، الذين مضوا في طريق الكفاح العظيم في سبيل عقيدتهم. ومع الحجج المنطقية التي قرأتها لصالح الإسلام، ولدى رؤيتي الممارسة العملية لهذا الدين من قبل أصدقائي الجدد، أيقنت أن أولئك الأشخاص الذين كافحوا ببسالة في الأيام الأولى للإسلام، لا يمكن أن يكونوا على خطأ.

عندما قرأت نهج البلاغة وحِكَم الإمام علي (عليه السلام)، تيقنت أن هذا الرجل كان بشكل مؤكد أخا النبي محمد (ص)، والهادي الأفضل للناس من بعده، فشخصيته وأخلاقه وشجاعته وحكمته كلها كانت على نمط ما كان لدى النبي (ص)، وأيقنت أنه لا يمكن أن يكون على خطأ.

استغرقت الدراسة بعض الوقت، ولكن منذ البداية كنت أعرف أن هذا هو ما كنت أبحث عنه طيلة حياتي. تلفظت بالشهادة رسمياً في يوم زفافي، وقد شهد ذلك العديد من الأصدقاء، على الرغم من أنني في ذلك الوقت كنت أعيش بالفعل حياة المسلمين، حيث كنت أرتدي الحجاب وأتعلم الصلاة. بعد ذلك بوقت قصير، قررت أن لا آكل إلَّا اللحم الحلال.

كوني مسلمة شيعية، تعرضت لضغوط خلال بحثي عن الحقيقة. أولاً عائلتي لم تكن داعمة لبحثي، وثانياً من المحيط الذي أعيش فيه حتى من بعض المسلمين، فبلدتنا صغيرة، ونحن المسلمين الشيعة - حوالى سبع عائلات فقط. على الرغم من ذلك، الحمد لله، شكلت هذه الأسر السبع أمثلة حية رائعة للإسلام.

٢٥٣

شيئاً فشيئاً، على مدى قرابة الأعوام العشرة التي اهتديت خلالها إلى الإسلام، حاولت تطبيق تعاليم الإسلام في حياتي. لم يكن الأمر سهلاً دائماً، وأنا في صراع دائم في نفسي، وهذا هو حقاً «الجهاد الأكبر»، وأنا سأخوض هذا الصراع في ما تبقى من حياتي. علينا نحن المهتدين أن نتذكر أن الإسلام نزل بالوحي على الناس على مدى 32 عاماً؛ وليس بين عشية وضحاها. نحن في اندفاعنا لـ «التقاط الأمر بشكل صائب» غالباً ما نريد أن نفعل كل شيء «الآن». من الأفضل أن نتقدم رويداً رويداً، وأن نتعلم أهمية كل عمل عبادي خلال تقدمنا. عندها نكون أكثر قدرة على الفهم وأقل ميلاً للعودة إلى الوراء عندما تصعب الأمور.

أحمد الله يوميّاً على أنه أظهر لي الإسلام، صحيحاً ونقياً، وعلى أنني قد أُعطِيت هذه الفرصة لعبادة ربي بأفضل طريقة ممكنة. أدعو الله أن أرقى إلى مستوى المسؤولية الكبيرة التي منحني الله إياها، وأن أكون من بين أول من سيناصرون إمام الزمان (عج) عند ظهوره.

٢٥٤

الشابّ كريج روبرتسون الكاثوليكي السابق من كندا:

.. هكذا كانت رحلتي من الظلام إلى النور

بعد أن تربى في أسرة كاثوليكية وأمضى معظم طفولته المبكرة مواظباً على الحضور في كنيسة، «كريج» ينتقل إلى «الحياة على الخط السريع». كما يحلو له أن يقول وهو يحكي للقراء قصّة تحوّله إلى الإسلام الذي اقتنع به وأحبه بعد طول معاناة وضياع!

اسمي الآن عبد الله. وقد وُلدت في فانكوفر، في كندا. والداي من الروم الكاثوليك، وقد ربياني كاثوليكياً حتى أصبح عمري 21 عاماً. وأنا الآن مسلم منذ ما يقرب من ست سنوات، وأود أن أروي لكم قصة رحلتي إلى الإسلام:

أثناء طفولتي كنت تلميذاً في إحدى المدارس الدينية الكاثوليكية، وكانوا يدرسونني مادة الدين مع غيرها من المواد، ولطالما كانت مادة الدين هي المفضلة عندي. ولكن كلما تعلمت عن ديني أكثر، ازدادت شكوكي حوله! أذكر هذا الحوار الذي جرى في طفولتي: فقد سألتُ والدتي خلال القداس: «هل ديننا هو دين الحق؟» ولا تزال إجابة أمي تدوي في أذني حتى يومنا هذا: «يا كريغ، كلها (الأديان) واحدة وهي جميعاً جيدة!» بالنسبة لي لم يبد هذا أمراً صائباً. فما الفائدة لي في تعلم ديانتي إذا كانت الأديان جميعاً جيدة بقدر مساو!؟

عندما كنت في سن الثانية عشرة، أصيبت جدتي لأمي بسرطان القولون، وتوفيت بعد بضعة أشهر بعد صراع مؤلم مع المرض. لم أدرك عمق أثر وفاتها فيّ إلا بعد فترة طويلة من الزمن. ففي عمر الثانية عشرة الغض، قررت أن أصبح ملحداً. كنت فتى صغيراً غاضباً، لقد صببت جام غضبي على العالم، وعلى نفسي والأسوأ، على الله. لقد تعثرت خلال سنوات المراهقة المبكرة فانطويت على نفسي، وانكفأت إلى ما يسمى «الصَدَفة العاطفية».

٢٥٥

كانت مراهقتي مليئة بالبؤس والشعور بالوحدة. وقد حاول والداي المسكينان التحدث معي، لكني كنت معادياً ومتعالياً جداً تجاهما. تخرجت من المدرسة الثانوية في صيف عام 6991، وشعرت أن الأمور يجب أن تتغير نحو الأفضل، تم قبولي في إحدى المدارس المهنية المحلية، وقررت أنه ينبغي عليَّ مواصلة دراستي، وربما كسب مال وفير، كي أكون سعيداً. وحصلت على وظيفة في مطعم للوجبات السريعة قريب من بيتي لأتمكن من المساهمة في دفع تكاليف المدرسة.

قبل بدء العام الدراسي ببضعة أسابيع، دعيت للانتقال والعيش مع بعض أصدقائي في العمل. بدا هذا لي وكأنه الحل لمشاكلي! فسأنسى عائلتي وأكون مع أصدقائي طيلة الوقت. لقد أشعرتني حريتي الجديدة بالجرأة، وأحسست كمن أطلق سراحه، وأن بمقدوري اتباع رغباتي كما أشاء. انتقلت للعيش مع أصدقائي ولم أتحدث إلى والديّ لوقت طويل بعد ذلك.

كنت أعمل وأذهب إلى المدرسة عندما عرّفني من يعيشون معي في الشقة على الماريجوانا. وبدأت أدخن منها قليلاً عندما أعود إلى المنزل للراحة والاسترخاء. ولكنني صرت أدخن أكثر فأكثر دون أن أشعر، ولم أعد إلى المدرسة بعد ذلك قط. وأدركت أن وضعي الممتاز هو ذلك الطعام السريع الذي أتمكن من سرقته، وكل المخدرات التي أتمكن من تدخينها، فما الحاجة بعد ذلك إلى المدرسة؟!

كنت أعيش حياة رائعة، أو هكذا ظننت؛ أصبحت الولد الشرير «المقيم» في العمل. والغريب هو أنني عندما لا أكون في حالة سكر عالية كنت أشعر بالبؤس، وبأنني عديم الجدوى ولا قيمة لي إطلاقاً. كنت أسرق من العمل والأصدقاء لتأمين المخدرات. وأصبت بحال من الرهاب ممن هم حولي، بحيث أصبحت على وشك الانهيار، وبحاجة إلى حل، وحسبت أن الدين من شأنه أن يساعدني من جديد.

٢٥٦

خلال كل هذا، كان هناك صديق واحد ظل بجانبي. كان مسيحياً «وُلد من جديد» وكان دائماً يعظني، رغم أنني كنت أسخر من إيمانه كلما سنحت الفرصة؛ كان الصديق الوحيد لي في ذلك الوقت الذي لم يحكم عليَّ. لذلك عندما دعاني للذهاب إلى مخيم للشباب في عطلة نهاية الأسبوع، قررت الذهاب معه ولم يكن لديَّ أي توقعات. اعتقدت أنني سأضحك ملياً وأسخر من كل أولئك «الواعظين بالكتاب المقدس». وخلال الأمسية الثانية، أقاموا صلاة حاشدة في إحدى القاعات. وعزفوا جميع أنواع الموسيقى التي تمجِّد الله. وأخذت أراقبهم صغاراً وكباراً، ذكوراً وإناثاً يصرخون مستغفرين وهم يذرفون الدموع على كل شيء. لقد تأثرت فعلاً، وتلوت صلاة صامتة على غرار «اللهم، أنا أعلم أنني كنت شخصاً رهيباً، أرجوك ساعدني، واغفر لي واجعلني أبدأ بداية جديدة».

وشعرت بموجة من العاطفة تجتاحني، وأحسست بالدموع تجري على خدي. وقررت في تلك اللحظة أن أحتضن يسوع المسيح «كربي» ومخلصي الشخصي.

عدت إلى بيتي وتجنبت جميع المخدرات والمسكرات، والفتيات. وبدأت على الفور أدعو أصدقائي للالتزام بالمسيحية كي ينجوا. لقد انتهى بي الأمر بأن عدت للسكن مع والداي بعد غياب طويل، وقررت الانتقال من المنزل مرة أخرى، ولكن هذه المرة بشروط أفضل.

وبدأت أتردد إلى «بيت شباب» مسيحي كان معدّاً للمراهقين للابتعاد عن الضغوط العائلية ومناقشة مسائل مسيحية. كنت أكبر سناً من معظم الأولاد، ولذلك أصبحت أحد الذين يتحدثون أكثر من الآخرين ويحاولون جعل الأولاد يشعرون أنهم محل ترحيب. على الرغم من ذلك، شعرت وكأنني محتال، فقد عدت لتعاطي الكحول. وخلال كل هذا، كان صديقي المسيحي الوحيد يحاول أن ينصحني ويبقيني على جادة الصواب.

٢٥٧

ولا زلت أذكر إلى يومنا هذا أول لقاء لي مع مسلم. أحد الفتية أحضر صديقه إلى بيت الشباب. وكان فتى مسلماً وقد نسيت اسمه. ما أتذكره فعلاً هو أن الصبي قال: «لقد أحضرت صديقي «فلان»؛ إنه مسلم وأريد أن أساعده ليصبح مسيحياً». لقد أدهشني كثيراً هذا الطفل الذي يبلغ من العمر 41 سنة، فقد كان هادئاً وودوداً! صدِّق أو لا تصدق، لقد دافع عن نفسه وعن الإسلام مقابل اثني عشر مسيحياً يقصفونه والإسلام بالإساءات! وفيما كنا جالسين هناك نتصفح دون جدوى أناجيلنا ونستشيط غضباً، جلس بهدوء وهو يبتسم ويحكي لنا عن عبادة الله، وكيف أنه يوجد حُب في الإسلام. كان مثل غزال محاصر من قبل عشرات الضباع، ولكنه كان طوال الوقت هادئاً وودوداً ومحترماً، وهذا ما كاد أن يفقدني صوابي!

ترك الفتى المسلم نسخة من القرآن على الرف، إما أنه نسيها أو تركها عمداً، أنا لا أعرف، لكني بدأت قراءتها. وسرعان ما أثار هذا الكتاب غضبي عندما رأيت أنه منطقي أكثر من «الكتاب المقدس»، فألقيته على الأريكة، ومشيت مبتعداً وأنا غاضب جداً، ومع ذلك أصبح في داخلي شك متواصل. لقد بذلت قصارى جهدي لنسيان أمر الفتى المسلم والاستمتاع بوقتي مع أصدقائي في بيت الشباب. وكانت مجموعة الشباب تذهب إلى كنائس مختلفة في عطلة نهاية الأسبوع لإقامة صلوات، كما كانوا يمضون ليالي السبت في كنيسة ضخمة بدلاً من الحانة. أتذكر أنه في أحد تلك الاحتفالات وكان يطلق عليه اسم «الخير» شعرت بأنني قريب جداً من الله وأردت أن أتواضع أمامه وأبيّن لخالقي حبي له، ففعلت ما شعرت أنه طبيعي: لقد سجدت، مثل ما يفعل المسلمون في الصلوات اليومية، ولكنني لم أكن أعرف ما الذي كنت أفعله، كل ما عرفته هو شعور رائع غمرني... أحسست أنني أقوم بما هو صائب أكثر من أي شيء آخر كنت قد فعلته في أي وقت مضى. شعرت بالورع والروحية واستمريت في طريقي، ولكن، كالعادة، بدأت أشعر أن الأمور تسوء.

كان القس يعلمنا دائماً أننا يجب أن نُخضع مشيئتنا أمام مشيئة الله، وأنا لم أرد أي شيء أكثر من القيام بذلك، ولكنني لم أكن أعرف كيف أفعل! كنت دائماً أصلي وأقول «أرجوك يا الله، اجعل إرادتي إرادتك، اجعلني أتبع إرادتك» وهلم جراً؛ ولكن لم يحدث أي شيء على الإطلاق. وأحسست بنفسي تنزلق ببطء بعيداً عن الكنيسة فيما انحسر إيماني.

٢٥٨

لقد تحطم عالمي! وأصبحت فارغاً من جديد. وأخذت أمشي كما مشيت من قبل، كأعمى يسير على غير هدى، أعمل وأنام وأذهب إلى الحفلات الصاخبة. لقد لف الشعور بالذنب، والغضب والحزن كياني كله. كيف سمح خالقي أن يحدث لي ذلك؟ كم كنت أنانياً!

بعد فترة وجيزة، قال لي مديري في العمل إن «مسلماً» سيعمل معنا، وكان متديناً حقاً، وعلينا أن نحاول أن نكون لائقين أمامه. حالما جاء هذا «المسلم» شرع يخبرنا كل شيء عن الإسلام والجميع قالوا له إنهم لا يريدون سماع أي شيء عن الإسلام، إلا أنا!

كانت روحي تصرخ وحتى عنادي لم يتمكن من إسكات تلك الصرخات، وبدأنا العمل سوياً وأخذنا نناقش عقائدنا. كنت قد يئست من المسيحية تماماً، ولكن عندما بدأ يسألني أسئلة، هبّ إيماني وشعرت كأنني من «المقاتلين الصليبيين» أدافع عن العقيدة أمام هذا «المسلم» الشرير!

حقيقة الأمر هي أن هذا «المسلم» على وجه التحديد لم يكن شريراً مثل ما قيل لي. في الواقع، كان أفضل مني. هو لم يكن يشتم، ولم يغضب قط، وكان دائم الهدوء، ولطيفاً ومحترماً. لقد أعجبني حقيقة، وقررت أن من شأنه أن يكون مسيحياً ممتازاً. وواصلنا طرح الأسئلة، كل منا يسأل أموراً عن دين الآخر، ولكن بعد فترة، شعرت أنني أصبح أكثر فأكثر في وضعية دفاعية. وفي مرحلة معينة، استشطت غضباً... كنت أحاول إقناعه بحقيقية المسيحية ولكنني شعرت أنه هو الذي كان يؤمن بالحق! وازدادت حيرتي أكثر فأكثر ولم أعرف ماذا أفعل.

كل ما عرفته هو أن عليَّ أن أقوي إيماني، فاتجهت إلى سيارتي ومضيت مسرعاً إلى احتفال «الخير». كنت مقتنعاً بأنه إذا ما تمكنت فقط أن أصلي هناك مرة أخرى، فإنني سأستعيد ذلك الشعور والإيمان القويين، وعندئذ يمكنني أن أقنع ذلك المسلم. وصلت وبدأت أدرك أنني كمن يتم دفعه في اتجاه معين، لذلك دعوت مراراً وتكراراً خالقي أن يجعل إرادتي مطابقة لإرادته. وشعرت أن دعائي يُستجاب؛ ذهبت إلى البيت وتمددت على السرير، وفي تلك اللحظة أدركت أنني بحاجة إلى الصلاة أكثر من أي وقت مضى. جلست على السرير وصرخت: «يا يسوع، يا الله، يا بوذا، كائناً من كنت، أرجوك، أرجوك أرشدني، أنا بحاجة إليك! لقد ارتكبت الكثير من الأعمال الشريرة في حياتي، وأنا بحاجة إلى مساعدتك. إذا كانت المسيحية هي الطريق الصحيح امنحني القوة، وإذا كان الإسلام كذلك، اجذبني إليه!

٢٥٩

وتوقفت عن الدعاء وكفكفت دموعي، وفي أعماق نفسي شعرت بالسكينة، وعرفت ماذا كان الجواب. ذهبت للعمل في اليوم التالي وقلت للأخ المسلم «كيف يمكنني أن أقول لك مرحباً»؟ سألني عما قصدته فقلت له: «أريد أن أصبح مسلماً». فنظر إليَّ وقال «الله أكبر!» وتعانقنا لبرهة وشكرته على كل شيء، وبدأت رحلتي إلى الإسلام.

أعود بذاكرتي مسترجعاً كل الأحداث التي وقعت في حياتي مع مرور الوقت، لأدرك أنه كان يجري إعدادي لأصبح مسلماً. لقد ظهر لي الكثير من رحمة الله. في كل ما حدث في حياتي، كان ثمة أمور لأتعلمها. لقد تعرفت إلى جمال التحريم الإسلامي للمسكرات، وحظر ممارسة الجنس غير المشروع، والحاجة إلى الحجاب. أخيراً، ها أنا أعيش حالاً من الاستقرار، لم أعد أعيش الأمور بإسراف، بل أعيش حياة معتدلة، وأبذل قصارى جهدي لأكون مسلماً لائقاً.

هناك دائماً تحديات، ولكن من خلال هذه التحديات، ومن خلال هذه الآلام العاطفية، نصبح أقوى، ونتعلم ونتجّه إلى الله تعالى وللذين قبلوا الإسلام في مرحلة ما في حياتهم أقول نحن محظوظون ومباركون حقاً. لقد أُعطينا الفرصة، وهي فرصة لنيل الرحمة العظمى! هي رحمة لا نستأهلها، ولكن - مع ذلك بإذن الله - سنعطاها يوم القيامة. لقد تصالحت مع عائلتي، وبدأت أبحث لإنشاء عائلتي الخاصة إن شاء الله. الإسلام هو فعلاً طريقة للحياة، وحتى لو عانينا سوء المعاملة من قبل إخواننا المسلمين أو غير المسلمين، يجب علينا أن نتحلّى دائما بالصبر ونتجه إلى الله وحده.

كل الحمد والتمجيد لله تعالى وصلوات الله ورحمته وبركاته على النبي الأكرم محمد (ص).

أدعو الله أن يزيدنا إيماناً وأن يوفقنا لما يحب ويرضى وأن يرزقنا جنته، آمين.

٢٦٠