وهدوا إلى صراط الحميد

وهدوا إلى صراط الحميد0%

وهدوا إلى صراط الحميد مؤلف:
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 331

وهدوا إلى صراط الحميد

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مؤسسة الإمام الحسين (عليه السلام)
تصنيف: الصفحات: 331
المشاهدات: 64969
تحميل: 3521

توضيحات:

وهدوا إلى صراط الحميد
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 331 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 64969 / تحميل: 3521
الحجم الحجم الحجم
وهدوا إلى صراط الحميد

وهدوا إلى صراط الحميد

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الألمانية المسلمة تانيا بولينغ

· مما استحوذ على اهتمامي في الإسلام، هو العلاقة المعنوية للمسلمين مع ربّهم وعلاقتهم الحميمة فيما بينهم.

المولد والنشأة

ولدت الأخت تانيا بولينغ عام (6791م) في ألمانيا. هذه الدولة التي تعتبر واحدة من الدول المتقدمة والمهمة في أوروبا والعالم، وفيها بضعة ملايين من المسلمين ينحدرون من أصول (ألمانية، تركية، إيرانية، عربية) في الأعم الأغلب، ويقيم أكثرهم في مدن (ميونخ، هامبورغ، فرانكفورت، آخن، هانوڤر).

وقد نشأت الأخت تانيا وسط عائلة مسيحية لها تقاليدها التي تتسم بها كل عائلة غربية.

تشرّفت الأخت تانيا عام 9991م باعتناق الدين الإسلامي الحنيف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، متحوّلة من الديانة المسيحية في عمر ناهز اثنين وعشرين عاماً، بعد مدّة طوتها - حسب قولها - في الضياع وجهل الذات إلى أن أخذ الله بيدها وانتشلها من قعر الظلمات ليرفعها إلى حيث سناء النور.

مرحلة الضياع الفكري:

كانت تانيا تعيش في أجواء تصفها بنفسها: «كنا يومئذ نعيش سوياً بعضنا إلى جنب بعض، لكن بحالة لا يبالي فيها أحدنا بالآخر، وكان الكل يحيا لنفسه ومن أجل نفسه، إذ كنا نتقاسم معاً الوحدة والعزلة، ولعلي لا أغالي إن قلت: إنّ أحدنا لم يكن يعيش حتى مع ذاته التي هجرها، ولم نكن نمعن النظر حتى في مستقبلنا! بل لم يجرؤ أحد على سؤال نفسه: لماذا أحيا؟ ولماذا وُلدت؟ ومن أين جئت؟ وإلى أين المصير؟.

فكان الكل يهيم على وجهه في طرقات ومنعطفات مظلمة لا يلوي على شيء، وكنا جميعاً نتسكع في أزقة الحياة الغوغائية، ولا نفكر في مأوى أو دار هنيئة. وهكذا أمضينا حياتنا في ضياع الغايات، وضياع الأخلاق والعقيدة والمعنويات».

٢٦١

أسباب ترك الدين في الغرب:

كان هذا الأمر في أوائل ردّة الفعل التي حدثت في الغرب إزاء الدين، نتيجة تصرفات رجال الكنيسة، ووقوع التحريف في الديانة المسيحية، التي فشلت في أداء مهامها ودورها في حياة الفرد والمجتمع المسيحي، فإنّ رجال الكنيسة وضعوا لمجتمعاتهم قوانين وتشريعات جعلت ديانة المسيح أكثر الأديان السماوية والوضعية تعقيداً، وعلى خلاف ما جاء به عيسى (عليه السلام) الذي قدّمها ببساطة.

وظنّ علماء المسيحيّة أنهم بذلك قد أسسوا بنياناً فكرياً صالحاً لتنظيم حياة الإنسان الفردية والاجتماعية، لكن بمجرد أنّ وُضعت هذه النظريات موضع التنفيذ لم يستقم أمرها فاضطربت وتعثرت، ولم يكن من الممكن أن تعيش هذه التعاليم والمبادئ في أرض الواقع، وكان ثمرتها حصاد الفشل الذريع والوقوع في الكوارث المريرة، التي أدت إلى نشوء ردود فعل معاكسة إزاءها، بل إزاء الدين بالكامل، مما جعل الغرب يعيش حالات الضياع بصورة عامة.

تقول الأخت تانيا: «كان يعيش أكثر من 05% من الناس، وأكثر من 06% من الشباب والشابات في منطقتنا حالة الوحدة، رغم علاقات الصداقة والرفقة والصلات العائلية والأسرية الظاهرية، بل إنّ جميع الصلات الإنسانية في شكلها المادي والظاهري من قبيل الترفيه واللهو واللعب وغيرها، كان لا يطبقها هؤلاء إلا لبضع ساعات من ليلهم ونهارهم، فيما يمضون ما تبقى من عمرهم في غرفة أو شقة منزوين عن الآخرين».

بدء الرحلة من الظلمات إلى النور:

عاشت الأخت تانيا عشرين عاماً في مثل هذه الأجواء، حتى عثرت بفضل الإسلام الأصيل المتمثل بمذهب أهل البيت (عليهم السلام) على ذاتها التي فقدتها طيلة هذه المدّة، فتعرّفت على ربّها بعد أن كانت عنه غريبة.

٢٦٢

وكان بدء قصة رحلتها من الظلمات إلى النور: أنها التقت صدفة في سوق مدينة «هامبورغ» بفتاة مسلمة محجبة، وتصف الأخت تانيا هذه الحادثة بقولها: «إنني كنت في ذلك الحين طائشة مثل أي فتاة ألمانية، فسخرت من حجاب تلك المرأة وحقَّرتها وقلت لها: أيّ مرض ألمّ بك فجعلك تغطين جسدك بهذه الصورة؟

فردّت الفتاة المحجبة عليَّ بهدوء واتزان وحاورتني قائلة: «إنّ ستر وحياء وعفة المرأة دليل على سلامة نفسها، وإنّ الحجاب يمنح المرأة حرية معنوية تمكّنها من صيانة أمنها الاجتماعي، فيما التعري أمر يخالف الفطرة».

تقول تانيا: «لكنني رفضت كلامها جملةً وتفصيلاً! ثم انطلقت مع رفاقي إلى شؤوني، لكنني بقيت أفكّر لفترة بمنطق تلك الفتاة المحجبة وثقتها بنفسها، وحرصها على مبادئها، وسعة اطلاعها، حتى سنحت لي فرصة دفعني خلالها حبّ الاستطلاع إلى أن أذهب إلى مسجد الإمام عليّ (ع) في «هامبورغ»، فتحدثت وتحاورت مع عدد من المسلمين الشيعة الذين اجتمعوا هناك وكانوا من شعوب مختلفة، فلاحظت فيهم المنطق وقوّة الدليل، فقوّيت صلتي مع عدد منهم لأتعرف على الحقائق التي كنت أجهلها من قبل، وبالتدرج أخذ عقلي وروحي ينقادان لأفكارهم وعقائدهم، حتى وصلت بي الحالة أن بدأت أشعر كأنني مسلمة مثلهم ولا أختلف عنهم في شيء».

كان من حسن حظ الأخت تانيا أنها تعرّفت على الإسلام بصورة مباشرة، ولم تتعرّف على الإسلام عبر المسيحية التي حاولت اختراق الفكر الإسلامي باتخاذ نهج التشكيك والمغالطة وتشويه الحقائق والافتراء، لتحريف التاريخ الإسلامي وتشويه مبادئه وثقافته تحت عنوان الاستشراق.

٢٦٣

القيم الإسلامية الرائعة:

تقول الأخت تانيا: «وممّا استحوذ على اهتمامي بالإسلام، هو العلاقة المعنوية للمسلمين مع ربّهم، وعلاقتهم الصميمية فيما بينهم وأفراد أُسرهم وتوادهم، ووجود الغاية من الحياة عندهم، وتضامنهم الذي لا يعرف حدوداً، سواء على الصعيد العنصري أو القومي أو الانتماء الجغرافي، إضافة إلى تمسكهم بدينهم واعتقادهم الراسخ بالقضايا العقائدية».

وتضيف الأخت تانيا: «إنّ المسلمين أخذوا هذه الأمور من الإسلام نفسه، وهم يمارسون حياتهم اليومية إلى حد ما وفق ذلك، وبالطبع فإنني لو كنت قد التقيت بمسلمين غرباء عن دينهم وإسلامهم لما كنت ركنت إلى الإسلام».

دور أهل البيت(عليهم السلام) في صيانة الإسلام:

نشأت في نفس الأخت تانيا جاذبية فائقة إلى مطالعة الكتب الفكرية والعقائدية للإسلام، فقرأت القرآن أوّلاً، ثم أحاديث الرسول وأهل بيته (عليهم السلام) فزاد ذلك في تنمية إيمانها، واستيقاظ عقلها وقلبها وإشراق وجهها بنور الإيمان، وذلك لما تمثل هذه الأحاديث من معالجة مشاكل الإنسان وتعميق وعيه الديني.

وجدت الأخت تانيا، في ظل هذه التعاليم الأمن والسكينة الروحية التي كانت تفتقدها من قبل، وقد وصفت حالتها بعد اعتناقها لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) قائلة:

«إنني اكتسبتُ من القرآن وأحاديث الرسول وأهل البيت (عليهم السلام) كل ما يتمناه المرء في دينه، ولو أنني فقدتُ وخسرتُ كلّ شيء في حالة إسلامي! لكنني في مقابل ذلك وجدت نفسي وكسبت ذاتي، فقد كنت أجد كل شيء إلا الله! ومع ذلك كنت أشعر بالضياع والحيرة. واليوم بعد أن عثرتُ على ذاتي التي فقدتها منذ عشرين عاماً وعرفتُ ربّي الذي كنتُ عنه غريبة بالمرّة، حصلتُ على كل شيء، بل وكل ما أريد بفضل الإسلام. لقد حصلتُ على الحرية المعنوية، كما حصلتُ على إخوة وأخوات في الله في كل مكان، في هامبورغ وألمانيا، بل في العالم قاطبة، والأهم من كل ذلك أنني عثرتُ على رسالة الله إلى الإنسانية، التي بعثها منذ قرون متمادية، عثرتُ عليها في خزانة كنوز التاريخ، فأخذتها وكانت أعظم رأس مال في حياتي.

٢٦٤

أجل قد طويتُ ليل العشرين عاماً من عمري عبر طلوع فجر يوم جديد، بحيث منحتني شمس الإسلام الدفء، وبعثت في نفسي النشاط والحيوية بعد سبات شتائي طويل امتد لسنوات طوال.

ثم تصف الأخت تانيا حالها مع الآخرين ولا سيما مع عائلتها بعد تشرفها بالإسلام قائلة: «أمّا أنا فعلى الرغم ممّا أعيشه من وحدة ظاهرية ومشاكل كثيرة مع عائلتي بسبب تشرّفي بالإسلام، إلا أنني لا زلتُ أعيش مع والدي ووالدتي، وبالطبع كانت فيما بيننا طيلة هذه الفترة مساجلات ونقاشات عديدة، لكنهما أدركا أنني جادة في انتمائي للإسلام، وهو ما قلل إلى حدّ كبير شدّة النزاعات فيما بيننا، وأضحى والدي ووالدتي يستحسنان في واقع الأمر أخلاقي وشخصيتي الإسلامية على نحو أفضل مما كانت عليه تصرفاتي في السابق».

وبهذه العزيمة الراسخة والإرادة المتينة تمكنت تانيا من اجتياز الكثير من العقبات التي اعترضت طريقها إلى الإسلام، وذلك بفضل ارتقاء مستواها الفكري الذي اكتسبته من معارف مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، فتمكنت من الصمود أمام التيارات المعاكسة، وإثبات جدارتها في ميدان العمل لتكون نموذجاً لكل إنسان حرّ متمسكٍ بمبادئه لا تأخذه في الله لومة لائم.

أمنية: تقول: «أتمنى أن يهدي الله أبي وأمي للإسلام».

٢٦٥

كريستوفر (سيد) وفيليب

حوار: أحمد المتبولي - ڤيينا

· «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه». وقصة اليوم ما هي إلا مصداق لهذا الحديث الشريف. فقد وُلد كريستوفر وأخوه فيليب لأبوين كاثوليكيين. وقررت أُمهم منذ البداية أن تتركهما ليختارا دينهما بعيداً عن أي تأثيرات عائلية أو اجتماعي.

«أُريد أن أصبح مصوراً لأنقل الصورة الصحيحة عن المسلمين». بهذه الكلمات بدأ سيد (16 سنة - كريستوفر سابقاً) حديثه الذي أوضح كيف هداه الله إلى الإِسلام، وأسباب اعتناقه الدين الحنيف.

وأردف سيد: «أقبلتُ على الإِسلام بنفس راضية وإقناع كامل.. ولا يسعني إلا أن أشكر لأُمي دورها في إنارة الطريق لي، وأكرر لها شكري لأنها تركت لي حرية الاختيار ولم تجبرني يوماً على تحديد هويتي الدينية».

ومضى سيد يقول: «اعتنقت أُمي الإِسلام منذ عامين ونصف تقريباً بعد أن تزوجت من مصري مسلم وهداها الله على يديه، بعد أن تعرفت على الإِسلام من خلال قراءاتها بإرشاد من زوجها. وانتقل الاهتمام بالإِسلام من أُمي إليّ أنا وفيليب أخي فقررنا سوياً أن نحذو حذو أمنا ونعتنق الإِسلام، وتحقق لنا ذلك بأن أعلنا إسلامنا منذ عام ونصف أمام أسرتنا الصغيرة المكونة من أمي وزوجها. أما اليوم فنحن معكم هنا في المركز الإِسلامي لنحتفل بالعيد ونعلن إسلامنا أمام هذا الجمع الغفير من إخواننا المسلمين في يوم نحتفل به بانتهاء شهر رمضان الكريم».

ويقول سيد، الذي يسكن مع أسرته في مدينة كريمز في إقليم النمسا السفلى، إنه على علاقة مستمرة بعائلته، رغم أنها رفضت فكرة اعتناقه الإِسلام، كما توقع هو شخصياً. فقد قوبل إسلامه هو وأخوه فيليب باستنكار من أفراد العائلة. وكان مدير المركز الإِسلامي في ڤيينا أعلن بعد صلاة العيد أمس أن الشابين كريستوفر (سيد) وفيليب يريدان إشهار إسلامهما أمام المصلين. وبعد النطق بالشهادتين وسط تكبيرات مدوية من المصلين، اصطحب المدير الأسرة وتجول بها في ساحة المركز حيث قدّم لها الهدايا.

٢٦٦

وفي لقاء مع الشابين المسلمين سألت سيد: ما هو الشيء الذي جذبك للإِسلام؟ لماذا اخترت الإِسلام دون غيره؟ سكت الشاب المسلم لحظة ثم أجاب: «لا أدري.. كل ما يمكنني قوله أنني قرأتُ عنه وكلما زادت قراءتي أحببته أكثر.. ولكن أهم ما جذبني إلى الإِسلام أني شعرتُ أن المسلمين يعبدون الله على الوجه الأكمل، فهم يتواصلون مع الله على مدار اليوم، ليلاً ونهاراً وهو ما تثبته فريضة الصلاة التي نؤديها خمس مرات في اليوم والليلة.. أما عبادة أصحاب الديانات الأخرى فتقتصر على أيام محددة في الأسبوع، إن قاموا بتأديتها».

هل صُمت رمضان؟ - جاءت إجابة سيد سريعة كأنه يترقب طرح هذا السؤال، فابتسم وقال: نعم والحمد لله لقد صمت رمضان كاملاً إلا يوماً واحداً كنت مريضاً فيه وكان لدي في ذلك اليوم امتحان في المدرسة، وهي المرة الأولى التي أصوم فيها، لقد كان صعباً وخاصة في الأيام الأولى. ثم أردف: «لقد تحدتني أمي أنني لن أستطيع الصيام، ولكني صمت ولم يصدّق أحد ذلك».

أما فيليب أخوه (12 سنة) فتمنى أن يتمكن من صوم رمضان المقبل كاملاً بعد أن خاض تجربة الصيام ليوم واحد هذا العام.

وأعرب سيد عن أمنيته أن يتمكن من تعلم اللغة العربية وإتمام حفظ القرآن الكريم، «خاصة أن الله منَّ عليّ أنا وأخي بحفظ سورة الفاتحة وبعض قصار السور وهو ما مكَّننا من تأدية الصلوات الخمس المفروضة علينا».

أما عن خططه للمستقبل فقال سيد: «أريد أن أصبح مصوراً لأنقل الصورة الصحيحة عن المسلمين والإِسلام. لقد شاهدت الكثير من الأفلام التي تشوِّه صورة المسلمين، كما شاهدتُ العديد من الأفلام الجيدة عن الإِسلام والتي أصدرها أشخاص أعتبرهم مثلي الأعلى وقد اعتنقوا الإِسلام. وسأقوم بدراسة الإِسلام في جامعة ڤيينا، فقد عرفتُ أن لديهم برنامجاً جيداً في الدراسات الإِسلامية».

ومع رفع أذان الظهر نظر سيد وفيليب إلينا وقالا: هل تسمح لنا بالانصراف؟، ثم قاما وسلّما وانصرفا في الوقت الذي اغرورقت فيه عيوننا بالدموع!

٢٦٧

يقول المركز الإِسلامي في ڤيينا إن المئات من النمساويين أشهروا إسلامهم داخل المركز الإِسلامي على مدار سنوات وجوده داخل النمسا. فقد أسلم 1100 منذ إنشاء المركز، وأسلم 700 نمساوي في السنوات العشر الأخيرة وغالبيتهم من الشباب.

«من المؤكد أن هناك برامج خاصة لاستيعاب المسلمين الجدد والوقوف على مدى رغبتهم الحقيقية في اعتناق الإِسلام.. وتشتمل هذه البرامج على لقاءات تتم 4 مرات أسبوعياً لمدة ثلاثة أشهر، نهتم في البداية أن ينطق المسلم الجديد الشهادتين ليكون على ملّة الإِسلام إذا قدَّر الله له الوفاة، ثم ينخرط في برامج الإعداد التي تعطيه فكرة عن الدين وتعاليمه الأساسية دون الدخول في تفاصيل قد تجعله يتشتت. ونعرّف المسلم الجديد سماحة الدين الإِسلامي ومنطقيته فلكل حكم في الإِسلام حكمة. فنحن نهتم أن نبيّن له حكمة فرض الصلاة والصيام، وندعم ذلك بكتيبات موجزة بالألمانية».

ويوضح أن «هناك عدداً من الوافدين إلينا لإشهار إسلامهم إلا أنهم ينكصون خلال فترة الإعداد.. فمنهم من يرغب في التقدم لوظيفة تشترط الديانة الإِسلامية، ومنهم من يرنو إلى الزواج من امرأة مسلمة فيسلم للزواج بها».

ويستقبل المركز الإِسلامي سنوياً أكثر من 30 ألف مواطن نمساوي من الراغبين في التعرف على الإِسلام دون وسيط. ومعظم هؤلاء الأشخاص من طلبة الجامعات والمدارس يحدد المركز المواعيد المناسبة لاستقبالهم.

كما ينظم المركز أسبوع المسجد المفتوح والذي يتم فيه الترحيب بضيوف المركز وسط جو إسلامي يتعرفون فيه على صلاة المسلمين، إضافة إلى جولات داخل المركز ومكان الصلاة بقيادة كوادر مؤهلة لغوياً ودينياً.

٢٦٨

البحث عن الحقيقة

فاطمة، فتاة مكسيكية عمرها (28) عاماً نشأت في أسرة يهودية وفي مجتمع يهودي.. ترى كيف كانت لحظة التحول والاختيار؟ وما هي قصة إسلامها بل ولادتها الحقيقية؟

تروي قصتها بنفسها فتقول:

قبل أربع سنوات لم يكن لحياتي أي معنى وكان لدي الكثير من الأسئلة التي تبحث عن إجابات ولم أجد في كتب اليهود والنصارى ما يشفي غليلي ويملأ فكري وقلبي وخاصة فيما يتعلق بعلاقة الإنسان المباشرة بالله (عزّ وجل).

البداية في لندن

وتواصل حديثها قائلة:

عندما كنت في لندن أتابع دراستي الجامعية تعرّفت على عائلة عربية مسلمة ثم توثقت صلتي بها وقد لفت انتباهي الهدوء والاستقرار الذي تنعم به الأم. وعندما سألتها عن السر قالت: إن الإسلام قد كفل حقوق المرأة ورفع من شأنها ومن مكانتها لدى زوجها وأسرتها، كما وضع للزوجين منهجاً يسيران عليه في تربية أبنائهما. لقد كانت هذه الكلمة بداية الشرارة التي أثّرت في عقلي وقلبي وزادتني إصراراً للبحث عن الحقيقة.

دخولي إلى المسجد

وتسترجع فاطمة ذكرياتها فتقول: خرجت في يوم من الأيام إلى أحد منتزهات لندن الكبرى.. وفي طريقي إلى هناك مررت أمام أحد المساجد الكبيرة فدخلت ووجدت شيخاً بلحية بيضاء طويلة.. رحَّب بي جداً وطلب مني بكل أدب أن أرتدي الحجاب احتراماً للمسجد فلم أجد أي مانع نفسي. ثم دخلت مع الشيخ وجلس معي وأهداني نسخة من القرآن الكريم.. وكتباً باللغة الإنكليزية تشرح مفاهيم الإسلام، خرجت من المسجد والفرحة والطمأنينة تملأ قلبي ثم بدأت أقرأ الكتب على فترات متباعدة..

٢٦٩

وبدأت أحضر الندوات التي تعقد أسبوعياً داخل المسجد والتي ساعدتني في فهم المعاني السامية للإسلام وأنه يضع منهجاً للإنسان المسلم ليسير عليه طوال حياته وحتى بعد مماته، وما شد انتباهي في الإسلام هو إيمان الفرد المسلم بجميع الأنبياء والرسل من أول نبي وهو آدم (ع) وحتى عيسى (ع)، وجذبتني أيضاً تلك العلاقة المباشرة بين المسلم وربه دون وسيط، فظللت في صراع نفسي لمدة سنتين بين حبي ورغبتي القوية في اعتناق الإسلام وخوفي من عائلتي وعدم تقبلها لإشهار إسلامي.

ولكنني فجأة وخلال تواجدي في المحاضرة داخل المسجد وقفت أمام الإمام وأعلنت رغبتي في اعتناق الإسلام وارتداء الحجاب، فكانت فرحته كبيرة وفرحتي أنا أكبر لأنني أصبحت الآن مسلمة وأرتدي الحجاب.

عائلتي بعد إسلامي

وتكمل فاطمة حديثها:

بقيت في لندن فترة ليست بطويلة بعد اعتناقي الإسلام وارتداء الحجاب والحمد لله لم أواجه أي صعوبة في التكيف مع المجتمع هناك خصوصاً وأنني كنت لا زلت أدرس في الجامعة، وبعد فترة من الزمن.. عدت إلى المكسيك لأعيش مع أسرتي حيث لاحظ والدي التغيير الذي طرأ على تصرفاتي وسلوكي والمنديل الذي أضعه دائماً على رأسي إلى أن دخل عليَّ والدي فجأة ووجدني أصلي فكانت الصدمة.. لم يتقبَّل فكرة إسلامي أبداً. ولم يمنحني حتى فرصة أن أبيِّن أسباب اعتناقي للإسلام. صدمت أمي وفوجئ أخي وابتعد عني كل أصدقائي وأقاربي. فالمجتمع اليهودي مجتمع متماسك ومترابط لا يتقبل أي تغيرات في داخله، وقرر أبي طردي من المنزل ولم تستطع أمي أن تمنعه بل سكتت ولم تعلق وامتنعا عن محادثتي سنة كاملة. أما أخي فلم يكن مقتنعاً بإسلامي ولم يقتنع بشكلي في الحجاب، لم أغضب من أسرتي فمن صفات المسلم الصبر على والديه وبرهما فخرجت من البيت وعشت وحدي وبقيت على اتصال بأسرتي أطمئن عليهم وأحاول التقرب منهم مرة أخرى.

٢٧٠

اندماجي في المجتمع

وتقول فاطمة: لم أجد أي صعوبة في تقبّل المجتمع المكسيكي لإسلامي لكن العديد من الأصدقاء والمعارف كانوا يعتقدون أنني أصبت بمرض السرطان لذلك أرتدي الحجاب لأغطِّي شعري المتساقط. أو أنني رزقت بطفل حديثاً فلذلك أغطي رأسي خوفاً من البرد فكنت أستغل هذه الفرصة وأشرح معاني الإسلام السامية فأجد نفسي محاطة بالأخوات اللاتي يرغبن في اعتناق الإسلام والحمد لله استطعت أن أؤثر على العديد من صديقاتي المقربات فدخلن إلى الإسلام.

وسوسة الشيطان

وكأي إنسان... حاول الشيطان أن يتسلل إلى قلبي وعقلي أكثر من مرة ليثنيني عن إسلامي.. فالمكسيك بلاد حارة وارتداء الحجاب فيها صعب لارتفاع درجة الحرارة فكان الشيطان يدخل لي من باب أنني إن خلعته بسبب حرارة الجو، فلن يحدث شيء ولا يوجد رقيب علي لكنني كنت أستعيذ بالله من الشيطان وأقرأ المعوذات وأستغفر الله كثيراً.

الحلم الذي غيّر أخي

وبعد فترة من الوقت...تفاجأت بأخي يسألني هل لديك صورة لنبيكم محمد؟

فأجبته بالنفي، فقال لي: أعتقد أن نبيكم محمد قد جاءني في المنام وقال لي إننا لا نجبر أحداً على الدخول إلى الإسلام.. وبعد هذا الحلم لمست تغيّراً في تعامل أخي معي فأصبح أكثر تقبلاً لشكلي بالحجاب وأصبح يكلمني بشكل مستمر ويزروني دائماً.

الشكر لله

وتختم فاطمة حديثها قائلة: أحمد الله (عزّ وجل) على نعمة الإسلام الذي شرح قلبي وعقلي وملأ جوارحي بالهداية والحب، وأنا أحمد الله (سبحانه وتعالى) لأنه اختارني لأخرج من الظلام إلى النور. فالإسلام دين سلام وحب وتكاتف وتسامح ويحترم جميع الديانات السماوية تعلمت منه الثقة بالنفس والاعتزاز بالشخصية وأنه (سبحانه وتعالى) قريب يجيب الدعاء.

٢٧١

المسلم الدانمركي: عبد الواحد

مطرب روك دنماركي، يطلق على نفسه اليوم اسم «عبد الواحد» مال قلبه بالفطرة إلى الإسلام، فشدّ الرحال إلى أكثر من بلد عربي بحثاً عن الدين الحقّ حتى هداه الله لإعلان إسلامه وتكريس حياته للدعوة.

ويروي بيترسون قصة إسلامه قائلاً: «كنت شاباً يافعاً أملك صوتاً جيداً وكنت أعمل في الغناء أتنقل بين المطاعم والملاهي، وأقصى أحلامي تحقيق الشهرة، لكن فجأة وبلا ترتيب.. شعرت بنداء قادم من السماء يدعوني إلى التعرف على الله واتباع دينه».

«حينها - يستطرد بيترسون - لم أكن أعرف شيئاً عن الإسلام، ولم يدر في خلدي.. فأنا كنت مسيحياً اسماً فقط، فقررت أن أدرس مختلف الأديان لأتعرّف على الدين الحقّ، وبالفعل تيقنت أنّ الإسلام هو الطريق الوحيد إلى الله؛ لأنه الدين الذي يخاطب العقل والقلب معاً، وكان ذلك عام 1982 تقريباً».

ورداً على سؤال عن كيفية تعرفه على الإسلام، خاصةً وأن بلاده لم تكن تضم إلا عدداً قليلا من المسلمين، يجيب: «سافرت‏ ‏إلى‏ ‏عدد‏ٍ من‏ ‏البلاد‏ ‏العربية‏ ‏وأتقنت‏ ‏اللغة‏ ‏العربية‏، ‏وعندما‏ ‏عدت‏ ‏إلى‏ ‏الدنمارك‏ ‏قررت‏ ‏أن‏ ‏أهب‏ ‏حياتي‏ ‏للدعوة‏ إلى الإسلام‏ وسط حضارة مادية لا تعترف إلا بكل ما هو مادي».

ويؤكد بيترسون أن أكثر ما يجعله يشعر بالدين الكبير نحو الله (عزّ وجل) أنه لم يتأثر بشيء مادي للدخول في الإسلام، ولم يكن هناك من يدعوه إلى هذا الدين.

وبعد دخوله الإسلام نشط بيترسون في العمل الخيري من خلال إشرافه على عددٍ من المشاريع الخيرية في مجموعة من الدول الفقيرة كتأسيس مدرسة لتعليم الأولاد والفتيات في أفغانستان. كما يترأس جمعية «دانش مسلم إيد» التي ساهمت في إعادة بناء 500 منزل دمرها زلزال في كشمير.

٢٧٢

حلم المسجد

وعن أحلامه يقول: «ينقصنا فقط ‏وجود‏ ‏مسجد كبير ‏يكون‏ ‏مكانا‏ً ‏يجتمع‏ ‏فيه‏ ‏المسلمون،‏ ‏ومنذ‏ ‏إسلامي‏ ‏كنت‏ ‏أحلم‏ ‏ببناء‏ ‏هذا‏ ‏المسجد،‏ ‏وبالفعل حصلنا على التصاريح اللازمة من الحكومة الدنماركية، ولم يبق لنا سوى الشروع في تنفيذه بعد جمع التبرعات اللازمة لذلك، ‏فلا‏ ‏يعقل‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏الديانة‏ ‏الثانية‏ ‏في‏ ‏الدنمارك‏ ‏بلا‏ ‏بيت‏ ‏للعبادة‏».‏

وبحسب بيترسون فإن المسلمين‏ ‏الأوائل‏ ‏دخلوا‏ ‏‏‏الدنمارك‏ ‏في‏ ‏نهاية ‏الستينيات‏ ‏وأوائل‏ ‏السبعينيات‏، ‏وكانوا‏ ‏من‏ ‏العمّال،‏ ‏ولم‏ ‏يكونوا‏ ‏متدينين‏ ‏بالأساس،‏ ‏وبالتالي‏ ‏لم‏ ‏ينتشر‏ ‏الإسلام‏ ‏آنذاك‏، ‏لكن النهضة‏ ‏الإسلامية‏ ‏الحقيقية‏ ‏بدأت‏ ‏في‏ ‏نهاية‏ ‏السبعينيات‏ ‏وأوائل‏ ‏الثمانينيات؛‏ ‏بسبب‏ ‏وجود‏ ‏مهاجرين‏ ‏مسلمين‏ واهتمام‏ ‏عدد‏ ‏من‏ ‏الدنماركيين‏ ‏بالديانة‏ ‏الإسلامية‏، كما أدت‏ ‏أحداث‏ ‏كل‏ ‏من‏ ‏الحادي‏ ‏عشر‏ ‏من‏ ‏سبتمبر‏ وأزمة الرسوم المسيئة ‏إلى‏ ‏زيادة‏ ‏اهتمام‏ ‏الدنماركيين‏ ‏بالتعرف‏ ‏على‏ ‏هذا الدين.‏

وعن أسباب إقبال كثير من الغربيين على الإسلام، يوضح بيترسون: «الناس هنا في الغرب غارقون في ‏مجتمعات مادية‏، ومؤخراً انتبهوا إلى أن الحياة مهما كان فيها من متع وملذات فهي في النهاية ستزول، ومن هنا أخذ بعضهم ‏يبحثون‏ ‏عن‏ ‏الجوانب‏ ‏الروحية‏، ‏وكما‏ ‏أصبحنا‏ ‏نجد‏ ‏الكثيرين‏ ‏من‏ ‏الملحدين،‏ ‏أصبحنا‏ ‏نجد‏ ‏الكثيرين‏ ‏الذين‏ ‏يبحثون‏ ‏عن‏ ‏ديانة‏ ‏تمنحهم‏ ‏الهدوء‏ ‏النفسي، ولذلك أعتقد أنّ ‏مستقبل‏ ‏الإسلام‏ ‏في‏ ‏ ‏أوروبا‏ ‏عموماً‏ كبيرٌ جداً، لأنه الدين الذي يبعث على الهدوء النفسي في كل شيء».

المفارقة هي أنّ الدنمارك يعدّ البلد الأول الذي منه انطلقت الحملات المسيئة ضدّ الإسلام والرسول الأكرم محمد (ص) عبر الرسومات المسيئة التي رسمها بعض الرسامين الدنماركيين. ولكن هذه الأحداث المكثّفة دفعت بالكثير من الأوروبيين إلى الاهتمام والبحث ومعرفة ماهية الإسلام ومن هو هذا الشخص الذي يسعى الكثيرون ممن ينصبون العداء للإسلام إلى تشويه صورته. فالرسوم المسيئة جعلتهم يرغبون في التعرف على هذه الشخصية التي نراها عظيمة وهم يجهلونها فكان ذلك سبباً إمّا في دخولهم الإسلام وإمّا حجة عليهم حتى لا يقولوا ماسمعنا.

٢٧٣

ممثِّلة بريطانيَّة

تهديها سيرة النبي (ص) لاعتناق الإسلام

تقول أختنا مريم:

اعتنقتُ الإسلام بعد تخرُّجي من جامعة كيمبردج. قبل ذلك كنت كاثوليكية مشكِّكة بعقيدتي رغم إيماني بالله ولكن غير واثقة بعقيدة منظمة.

لقد لعب القرآن دوراً محورياً في حياتي. في البداية، حاولت أن أتحدّاه بغضب كمحاولة منّي لإثبات أنّ صديقي المسلم كان على خطأ. بعد ذلك بدأت قراءة القرآن بعقليَّة أكثر انفتاحاً.

أوقفتني سورة الفاتحة بخطابها الذي وجَّهته للبشرية جمعاء، أوقفتني نفسياً. وجدتها تتحدَّث عن الكتب المقدَّسة من الأزمنة الغابرة بطريقة اعترفت بها ولكن أيضاً اختلفت معها. لقد أوضحت لي هذه السورة الشكوك التي كانت تساورني عن المسيحية وجعلتني أشعر بأنني إنسانة بالغة، مصيرها وأعمالها والآثار المترتبة عليها هي الآن المسؤولة عنها.

في عالم تحكمه النسبية، رسمت هذه السورة حقائق معنوية هادفة، وكذلك حجر أساس لنظام كامل في علم الأخلاق. كإنسانة كنت دائماً أحرص على دراسة الفلسفة، شعرت أن القرآن هو ذروة كل هذه التأملات الفكرية. إنه يجمع بين أفكار «كانت» و«هيوم» و«سارتر» و«أرسطو» و«طاليس». لقد تمكن القرآن من أن يخاطب ويجيب على أسئلة فلسفية عميقة أثيرت عبر قرون من الوجود البشري ويجيب على السؤال الأهم وهو: لماذ نحن هنا؟

لقد وجدت في شخص النبي محمد (ص) إنساناً حَمَلَ مهمَّة هائلة كما سبق وحَملها موسى وعيسى وابراهيم (عليهم السلام). كان عليّ أن أعزل نفسي عن كثير من القذف والتشهير الذي أحاطه بهما المستشرقون كي أحصل على الحقيقة، ذلك لأن النسبية التأريخية التي يتعامل بها الناس حينما يدرسون شخصيات تأريخية غالباً ما تكون غائبة عندما يحاولون أن يحطوا من قدر هذا الانسان العظيم (ص).

٢٧٤

أعتقد أن الكثير من أصدقائي المقرَّبين ظنوا أنني كنت أمر بمرحلة ما، ولسوف أخرج منها في الجانب الآخر بسلام، لكنهم لم يلحظوا أن التغيير كان أكثر جدية مما كانوا يتصورون. حاول بعض أصدقائي المقربين جهدهم لمساندتي ولتفهم قراراتي. بقيت محتفظة بصلات وثيقة مع بعض أصدقاء طفولتي، وعن طريقهم أعترف بأن رسالة السماء تعم الكون كله، سيما وأن مُثُل الله تشع في الأعمال الصالحة التي يعملها أي انسان كان، مسلماً أو غير مسلم.

لم ولن أعتبر اعتناقي الإسلام كردِّ فعل تجاه أي مجتمع متمدِّن أو كندٍّ له. بالعكس تماماً، إنه إعلان عن شرعيَّة كل ما كنت أظنه جديراً بالإطراء، وفي نفس الوقت، إنّه هداية لأماكن هي بحاجة للتحسُّن. وجدت أيضاً عدة مساجد غير مستعدَّة للترحيب بي وقواعد وبروتوكولات جعلتني مشوَّشة فكرياً، ووجدتها مرهِقة. لم أجد نفسي في الحال كجزء من المجتمع الإسلامي. وجدت أموراً كثيرة تدعو للإستغراب وكذلك وجهات نظر تربك الذهن. إنَّ الإهتمام بالعالم الخارجي على حساب عالم النفس والذات لا ينفك يزعجني كثيراً.

هناك حاجة ماسة لشخصية بريطانية مسلمة تتمتع ببلاغة البيان كي تساهم في حوارات هذه الآونة. ليس المقصود من الإسلام هو أن يكون ديناً أجنبياً، وليس علينا أن نشعر أننا فقدنا آثار خطانا. الإسلام هو مصداق كل ما هو خير فينا، وهو الطريق لإصلاح كل ما هو سيء. الإسلام هو أن تحافظ على توازنك. أعتقد أن رسالة النبي محمد (ص) هي في الأساس من أجل خلق توازن وتجانس في كل ما نفعله. إن رسالة النبي (ص) هي أن تقابل الإساءة بالإحسان، وأن تقابل الشر بالخير حتى مع من يجور عليك جوراً فاحشاً. عليك مسؤولية أخلاقية وواجب تجاه الله أن تجعل الحق نصب عينيك، وأن لا تتجاوز حدوده.

٢٧٥

قال النبي محمد (ص):«أُعف عمّن ظلمك، وأحسن إلى مَن أساء إليك، وقل الحق ولو على نفسك» .

إنَّ جمال الإسلام يتجلَّى حينما يصبح وسيلتك لتحسين وضع المجتمع والإنسانية والعالم أجمع.

إن المثل الأعلى من وجهة نظر الإسلام هو حينما تتحول المثل إلى مجموعة من القيم بحيث لا تبقى هذه القيم في معزل عن عالم التطبيق قابعة في جامع في مكان ما، محبوسة عن عالم الواقع.

* * *

حازت الأخت «مريم فرانكو سرة» على شعبية كبيرة عندما كانت طفلة شاركت في التمثيل في فيلم نال شعبية هائلة في التسعينات من القرن الماضي عنوانه «الحس والإحساس». أما الآن، فإن شعبيَّتها في اطّراد بسبب كونها من أفراد الطبقة الوسطى بين السيدات اللواتي اعتنقن الإسلام في بريطانيا.

لقد اشتركت الأخت مريم في عدة مسلسلات فيديو عن الإسلام تم إخراجها في المملكة المتحدة بعنوان «محمد (ص) مصدر إلهامي».

٢٧٦

الدكتورة إنجريد ماتسون

إنجريد ماتسون (48 سنة): هي كندية الأصل، تحمل شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية وناشطة سياسية في أمريكا الشمالية. ولدت في مدينة أونتاريو ودرست الفلسفة في جامعة واترلو وحصلت على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية من جامعة شيكاغو سنة 1999. وكان موضوعها حول المساواة في الإسلام.

وهي تعمل الآن أستاذة للدراسات الإسلامية ومديرة مركز ماكدونالد للدراسات الإسلامية والعلاقات الإسلامية المسيحية في معهد هارتفورد بولاية كونيتيكت. قضت فترة كمتطوعة في باكستان لإغاثة اللاجئين الأفغان بين سنتي 1987 و1988. انتخبت سنة 2001 كنائب رئيس ثم كرئيس سنة 2006 للجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية، وهي واحدة من أبرز المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة. وتحظى ماتسون باحترام كبير في الأوساط الدينية والسياسية في الولايات المتحدة؛ حيث كانت ضيفاً بارزاً في العديد من احتفالات وزارة الخارجية الأمريكية، كما تحدثت في المراسم الدينية للمؤتمر القومي للحزب الديمقراطي في دنفر في 2008، وفي حفل تنصيب الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم 20 يناير 2009.

اعتنقت ماتسون الإسلام في آخر سنة من سنوات دراستها الجامعية.

قصة إسلامها:

نشأت إنجريد مسيحية غير متدينة، وكانت بداية تفكيرها في الإسلام عن طريق عشقها للفن؛ حيث تحكي الدكتورة إنجريد عن رحلاتها إلى كبرى المتاحف في تورونتو، ومونتريال، وشيكاجو، إلى أن زارت متحف اللوفر في باريس، وانبهرت بشدة بفنون الرسم عبر مراحل التاريخ الإنساني.

ثمَّ التقت بمجموعة من المسلمين، وتقول عنهم: «التقيت بأناس لم يبنوا تماثيل أو لوحات حسِّية لإلههم، وعندما سألتهم أجابوا عن حذر الإسلام الشديد من الوثنية، ومن عبادة الأشخاص، وبأنَّ التعرف على الله أمر يسير جدّاً عن طريق التأمل في مخلوقاته».

٢٧٧

كانوا طلبة من غرب أفريقيا يعيشون في ضواحي باريس، وكانت سلوكياتهم الممتازة هي التي شدتني إلى الإسلام. كانت تصرفاتهم عبارة عن ترجمة لسنن النبي محمد (ص) وأنا لم أكن حينها أعرف النبي أو أي شيء عن الإسلام، كانوا يتصفون بصفات إنسانية رائعة وكانوا كرماء جداً، ويشاركونني طعامهم ومسكنهم. وعبر أسفاري المتلاحقة في العالم الإسلامي، لمست نفس الصفات الإنسانية وحب العطاء والمشاركة والكرم، فتعرفت على النبي محمد (ص) عبر متبعيه.

وعندما سافرت إلى باكستان، قضيت فترة كمتطوعة لإغاثة اللاجئين الأفغان وهناك تزوجت من شاب مسلم مصري ولم نكن نمتلك الكثير من المال، وبعد أيام قليلة من زواجنا،عدت إلى مخيم اللاجئين الأفغان، فاقتربت مني امرأة أفغانية وطلبت مني بخجل أن أريها ما قدمه لي زوجي من هدايا الزفاف من ملابس ومجوهرات وهذا جزء من العادات هناك، ولكنني أريتها خاتمي المتواضع وأخبرتها بأنني أضطررت لاستعارة فستان الزفاف، فبدت على وجه المرأة علامات الأسى والشفقة. وبعد أسبوع، ترجع إلي المرأة التي كانت قد فقدت زوجها وأولادها وطردت من منزلها وتقدم لي زي زفاف أفغاني تقليدي، كانت الهدية الأكثر استثنائية التي تلقيتها في أي وقت مضى، وليس مجرّد الزي، بل العبرة في التعاطف النقي الذي هو واحد من أحلى ثمار الإيمان الحقيقي.

تقول إنغريد: «كان زوجي يخبرني عن مدى إعجابه بامرأة أفغانية مسلمة، ويتحدث عن مدى ذكائها وكرمها. كانت تحرص دائماً على رحلاتها الشاقة لمخيمات اللاجئين ودور الأيتام وتقدم لهم المساعدة ووجبات الطعام. وعندما التقيت بها أخيراً وجدت أنّ هذه المرأة تغطّي جسدها بالكامل من رأسها حتى أخمص قدميها في اللباس الإسلامي التقليدي، أدركت مع بعض الدهشة بأن زوجي لم يرها، ولم ير وجهها، ومع ذلك فهو يعرفها من خلال تصرفاتها التي تركت آثارها على الآخرين».

ومن هذه المواقف بدأت إنجريد في رحلتها للتعرف على الإسلام والتي انتهت بإسلامها، لتنطلق بعد ذلك في تحصيل العلم، ثمَّ تقتحم مجال العمل الدعوي.

٢٧٨

تقول إنغريد: «في صيف عام 1987، كنت أركب القطار إلى كولومبيا البريطانية لبدء مهمة غرس الأشجار في الجبال. كنت قد أنهيت للتو دراستي الجامعية في الفلسفة ومؤخراً فقط بدأت دراستي الشخصية للإسلام. دخلت الإسلام عبر كتاب «إسلام فضل الرحمن» في محل لبيع الكتب قبل بضعة أيام من رحلتي. خلال قراءة هذا الكتاب أثناء سفري عبر المروج الكندية، اتخذت قراري بأن أنتسب إلى كلية الدراسات العليا في الدراسات الإسلامية. لقد حرّضني كتابه على دراسة القانون الإسلامي. فكتبت رسالة الى رحمن (وكان هذا قبل أن نستخدم البريد الإلكتروني) تصف حالتي والاستفسار إذا كنت قد أكون قادرة على الدراسة معه. وتركت هذه الرسالة في صندوق في مكان ما في جبال الروكي ونسيت أمرها حتى عدت في أغسطس. هناك وجدت مذكرة مكتوبة بخط اليد منه، تدعوني للحضور الى جامعة شيكاغو للدراسة معه. توفي فضل الرحمن قبل وصولي إلى شيكاغو، ولكن كان كتابه وتشجيعه لي هو الذي أوحى إلي للبدء على طريق الدراسة التي وجدتها لاحقاً تستحق العناء.

إسهاماتها

أنشأت إنجريد أوَّل برنامج ديني إسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 2001م تمَّ انتخابها رئيسة للجمعية الإسلامية في أمريكا الشمالية، وتضم الجمعية في عضويتها حوالي 20 ألف عضو في الولايات المتحدة وكندا، كما يتبعها 350 مسجداً ومركزاً إسلاميّاً، وتُعَدُّ ماتسون أوَّل امرأة تصل إلى هذا المنصب في تاريخ الجمعية.

٢٧٩

وتعمل على تعريف الشعب الأمريكي بالعقيدة الإسلامية بصورة أفضل لوقف تنامي المشاعر «المعادية للإسلام» وتدعو وسائل الإعلام الأمريكية التي أخذت على عاتقها مهمّة تشويه صورة الإسلام وبثّ الخوف من المسلمين أن تتحرّى الدقّة والموضُوعية في ما تنشره وتُذيعه عن الإسلام والمسلمين.

قالت إنغريد: «إننا نقوم بتعريف أنفسنا لأنه ينظر إلينا كنساء مسلمات نظرة سلبية.. رافضة ما يقال عن الوضع الصعب للمرأة في المجتمع الإسلامي».

وقالت إنغريد رداً على مغالطات بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر التي تنم عن جهل واضح بالاسلام, إنها تشعر «بخيبة أمل» لتصريحات البابا الأخيرة بشأن الإسلام والجهاد والعنف، وتوضح أن «الربط الواضح بين الإسلام ودين يوجد العنف في صلبه أمر غير صحيح وإذا بدأنا القيام بمقارنة بين العنف الذي ارتكب باسم الكنيسة وذلك الذي ارتكب باسم الإسلام فإن هذه المقارنة ستأخذ الكثير من الوقت، في إشارة منها إلى محاكم التفتيش التابعة للكنيسة والحروب الصليبية.

وما صرَّحت به للصحافة هناك: «لم ينزل الإسلام للسود والسمر فقط. غريب!! عندما يصير أمريكي أسود مسلماً، يقولون إنَّ هذا مفهوم، لكن، عندما أصير أنا البيضاء مسلمة، يقولون إنني كفرت، وكأن عليَّ أن أختار بين لوني والإسلام».

وطبَّقت إنغريد الشيء نفسه على موضوع الحجاب، معتبرة أن هناك آراء مختلفة في الموضوع. هل يجب أن تكشف المرأة شعر رأسها، أو وجهها، أو كتفيها، أو ذراعيها، أو قدميها؟ وشرحت: الحجاب يعني الغطاء. وتقول السنَّة: أنَّ على المرأة المسلمة أن تغطّي جسدها خارج البيت.

تقول إنغريد بأن الحضارة الغربية سعت لتثبيت بأن الرؤية واللمس هي من وسائل الحصول على الحقيقة وكان ذلك عبر تجسيد آلهتهم بالنحت والرسم، بيد أن الحضارة الإسلامية لا تقبل التمثيل المرئي كوسيلة لتذكُّر الله وتكريمه وتكريم الناس، فمعرفة الله تكمن في التأمّل بعظمة خلقه وقوته الإبداعية

فعوضاً عن رسم النبي محمد (ص) نجد اسم النبي قد نُقش في المساجد جنباً إلى جنب مع أسماء الله الحسنى وآيات من القرآن الكريم، وأفضل تمثيل مرئي لشخصية الرسول وحياته يكون عبر إحياء سننه.

٢٨٠