وهدوا إلى صراط الحميد

وهدوا إلى صراط الحميد0%

وهدوا إلى صراط الحميد مؤلف:
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 331

وهدوا إلى صراط الحميد

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مؤسسة الإمام الحسين (عليه السلام)
تصنيف: الصفحات: 331
المشاهدات: 64973
تحميل: 3521

توضيحات:

وهدوا إلى صراط الحميد
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 331 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 64973 / تحميل: 3521
الحجم الحجم الحجم
وهدوا إلى صراط الحميد

وهدوا إلى صراط الحميد

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

اعتناق

شون أوليفر ستون الإسلام

شون أوليفر ستون: «اعتناق الإسلام لا يعني التخلّي عن المسيحية أو اليهودية، بل هو الاعتراف بمحمد (ص) الذي هو استمرارية لتلك الديانتين وربي لا يزال هو نفسه وحده لا شريك له».

أعلن شون ستون (27 عاماً) نجل المخرج العالمي أوليفر ستون الحائز على جائزة الأوسكار, اعتناقه الإسلام والمذهب الشيعي الجعفري في إيران في الرابع عشر من شهر شباط من العام الجاري, خلال تصويره فيلماً وثائقياً, مشيراً إلى أنه اتخذ لنفسه اسماً جديداً؛ هو «علي شون».

لكنه شدّد على أنّ اعتناق الإسلام لا يعني التخلّي عن اليهودية أو المسيحية اللتين ولد فيهما، إنّما ذلك على حد قوله «يعني القبول بمحمد (ص) نبياً، كما قبلت بغيره من الأنبياء».

وزار علي شون أماكن عدة في إيران لتصوير فيلم وثائقي هناك عن الشاعر والمتصوِّف جلال الدين الرومي. وأبدى تأثّره كثيراً بأفكار الرومي الصوفية التي اطّلع عليها بواسطة زوجين إيرانيين يمتلكان شركة إنتاج في أميركا.

والجدير بالذكر أنّ والد شون، المخرج أوليفر ستون من أتباع الديانة اليهودية وأمّه من أتباع الكنيسة المسيحية.

وهذه مقتطفات من مقابلة أجرتها قناة السي أن أن الأميركية مع شون، نُظهر بها أسباب اعتناقه للإسلام.

٢٨١

شون، أخبرنا، ما الذي حدث في تلك الرحلة إلى إيران؟ ما الذي أغراك باعتناق الإسلام؟

حسناً، لن أسمّيه إغراءاً، كل ما هنالك أنني وافقت وقبلت بمحمد (ص) نبياً كما قبلت بغيره من الأنبياء، فكما تعرفين، قبل ذهابي إلى إيران، كنت مطّلعاً على الدين الإسلامي وقرأت القرآن ودرست الإسلام في جامعتي أوكسفورد وبرينستون على حد سواء، فشعرتُ بأنّ الإسلام هو امتداد للتراث اليهودي والمسيحي، ومحمد (ص) هو رسول تماماً كإبراهيم وعيسى (عليهما السلام)، لذلك وببساطة، لم لا نظهر ذلك للعلن؟ أنا أشهرتُ ذلك للعلن بدلاً من إبقائه سرّاً داخلي. واقعاً، هذا الشيء الوحيد اليوم الذي يجعلني مسلماً.

إذاً أفهم منك أنّ اهتمامك بأن تتحول إلى «مسلم» بدأ قبل ذهابك إلى إيران؟

أن أصبح مسلماً ليس بالشيء الغريب وغير المقبول حتى أحاكم عليه، فأنا لم أتخلَّ عن اليهودية أو المسيحية، ولا أزال بعبادتي أعتقد بذات الإله الذي كنت أعبده آنفاً وحده لا شريك له، إنّ هدفي هو مساعدة الأمريكيين والغرب على فهم الإسلام، على أمل أن يستوعبوا بأنّ الإسلام ليس وجهاً من وجوه الفاشيّة. فمثلاً محمد علي كلاي، واحد من أبطال الملاكمة لدينا كان مسلماً، ولكن اليوم الوضع تغيّر، أصبح هناك فوبيا من الإسلام، وأنا أشعر بأنّه يجب الاعتراف بكافة المعتقدات تماماً كما المسيحية واليهودية.

٢٨٢

إذاً، أنت لا تنكر أو تستبدل كونك يهودياً أو مسيحياً بدينك الجديد «الإسلام» ولكنك تقول بأنّك دمجت الإسلام في ذلك، ولكن دعني أسألك، التحوّل يعني أنّك تترك شيئاً لصالح شيء آخر والإنجيل المقدّس ينصّ تحديداً بأنّك لا تستطيع أن تخدم سيدين، فكيف تشرح بأن انقلابك إلى الإسلام لا يعني بالضرورة تخلّيك وهجرانك لرب والديك، كيف ترد على ذلك؟

حسناً، كما قلتُ سابقاً، إنّ تحوّلي للإسلام هو من خلال قبولي بمحمد (ص) رسولاً ونبياً، ومحمد (ص) هو استمرارية هؤلاء الرسل، فعلينا تقبّل ذلك، وبهذا القبول نكون أسلمنا، فدين محمد (ص) هو استمرارية للطريق الذي سلكه أبناء اليهودية والمسيحية. وأنا دائماً أؤكد بأنني أؤمن برب واحد هو نفسه رب اليهود والمسيحيين. وأنت تختارين كيف تخدمين ذلك الرب، فأنا مثلاً اخترت خدمته من خلال السجود له، وأنت تعلمين أنّه حتى في الديانتين المسيحية واليهودية يوجد العديد من المذاهب ولكنائس لنفس الديانة.

ويبدو أنّ اعتناق شون للإسلام سيلحقه اعتناق الممثل الإيرلندي الكاثوليكي الشهير ليام نيسون، وتبدو هذه الموجة المتسارعة في السنوات الأخيرة نحو اعتناق الإسلام، ردة فعل عكسيَّة على الصورة المشوّهة التي تحاول وسائل الإعلام الغربية تسويقها عن المسلمين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر والحروب المتلاحقة على العراق وأفغانستان.

وكان نيسون قد صرّح لصحيفة الصن البريطانية أنّه وخلال زيارته إلى تركيا لتصوير فيلم، كان صوت الأذان خمس مرّات خلال اليوم يفقده صوابه ولكن مع مرور الوقت، ألفت روحه ذلك الصوت وولّد في اعماقه إحساساً رائعاً وصفه بالشيء الأجمل على الإطلاق.

فهل سيلتحق ليام بشون؟ أبواب الإسلام دائماً مفتوحة أمام الجميع.

٢٨٣

«ليزا جورج هاتشنسون البريطانية»

· تتحدث عن قصة إسلامها في حوار خاص:

عرّفي القراء عن نفسك؟

اسمي «ليزا جورج هاتشنسون»، عمري 23 سنة من مواليد لندن.

درست السياسة والاقتصاد، واللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية في جامعة «ساوث بانك» في لندن، متزوجة من عصام أحمد فايد منذ خمس سنوات.

متى دخلتِ في دين الإسلام؟

لقد مَنَّ الله عليَّ بالهداية، فدخلت في دين الإسلام قبل سنوات في المركز الإسلامي في لوزان على يد الأخ كعبة والأخت السويسرية لبابة.

والقصة بدأت عندما التقيت ببعض اللبنانيين في (جنيڤ) أثناء وجودي هناك، وكنت أعمل كمربية أطفال. كنت أريد أن أعرف ما هي حقيقة الإسلام، لأن وسائل الإعلام في بلدي كانت تصور الإسلام على غير حقيقته، وتتعمد تشويه صورته، وبالنسبة لي لم أكن أعرف عن المسلمين إلّا أنهم لا يشربون الخمر، ولا يأكلون لحم الخنزير.

والذي دفعني للذهاب إلى لوزان هو أن الإخوة والأخوات كانوا لطفاء، وأظهروا صورة الإسلام الحقيقية، وفي لوزان تحدث معي الأخ كعبة المسؤول عن المركز، وكان عندي الكثير من الأسئلة، ووجدت عنده الإجابة عليها، ولم أجد في كلامه وشرحه شيئاً لا يقبله العقل السليم، لم أجد أوهاماً أو أكاذيب إنّما وجدت حقائق شرعية تقوم على العقل السليم.

وبعد ساعتين من الجلسة دخلت في دين الإسلام، ونطقت بالشهادتين.

٢٨٤

كيف تابعت حياتك بعد ذلك؟

بعد ذلك بدأت أتعلّم أصول ومبادئ الدين من زوجي عصام، وكانت إحدى الأخوات المسلمات في المركز الإسلامي في لوزان ترسل لي كل فترة الدروس الشرعية.

وفي أثناء ذلك اضطررت أن أترك سويسرا لأبدأ دراستي الجامعية في لندن، وعن طريق أحد أصدقاء زوجي الموجودين هناك تابعت دراستي للشرع الإسلامي.

وقد درست خلال سنة هناك المبادئ الضرورية للدين التي يعتبر تعلّمها فرضاً على كل مسلم مكلّف.

ومن حسن حظي أنه يوجد مصلى للمسلمين في الجامعة التي كنت أدرس فيها، وكنا نقوم بالاحتفالات كل يوم جمعة وفي أيام شهر رمضان، وكان يشاركنا في هذه الاحتفالات إخوة لنا بريطانيون دخلوا الإسلام، وباكستانيون مسلمون.

ثم انتقلت لمتابعة الدراسة في فرنسا.

هل تتكلمين العربية؟

للأسف لا أتكلّم اللغة العربية، ولكن أنوي أن أتعلّمها إن شاء الله، لأنها لغة القرآن الكريم ولغة أهل الجنّة وأفضل اللغات.

كيف صارت علاقتك بأهلك بعد إسلامك؟

أستطيع أن أصف علاقتي بهم بأنها جيدة، وأنا أعاملهم بالحسنى، في محاولة لاقناعهم بالدخول في الإسلام، وهذا ما أتمناه لهم لأن الإسلام هو طريق النجاة.

٢٨٥

حدثينا عن صورة الحياة الاجتماعية في بلدك؟

الحياة الاجتماعية في بلدي لها وجهان: وجه خارجي وهو ما نراه من الأشياء الجميلة والحدائق وأن كل الأشياء متوفرة لنا، يعني أن الشخص إذا رأى هذه الأشياء يتمنى أن يمضي عمره في هذه البلاد، أما إذا نظرنا إلى الداخل فلا نرى إلّا الأشياء المقززة، فهناك المخدرات والزنى، ومرض السيدا وتمزق هائل في الحياة الأُسرية، فنرى الأُسرة مشتتة، إذ عندما يبلغ الولد أو البنت السادسة عشرة، يترك أهله ولا يزورهم إلّا في المناسبات، لذلك نقرأ في الصحف هناك يومياً عن أشخاص يموتون ولا أحد يعرف أولادهم فيطلبون، في الصحف ممن يعرفه أن يأتي لدفنه، وهذا شيء مثير للاشمئزاز.

أما في الإسلام فالأمر مختلف تماماً، فهناك صلة الرحم، وهذا شيء جميل ومهم ونفتقده في أوروبا.

كيف علاقتكِ بالمسلمين في المركز الإسلامي في سويسرا؟

علاقتي جيدة والحمد لله، فما لاحظته أنهم متمسكون بدينهم متماسكون فيما بينهم، ويفعلون ما بوسعهم لمساعدة بعضهم البعض.

ما هي خططكِ للمستقبل؟

من ضمن الأشياء التي نخطط لها: السكن الدائم في لبنان إن شاء الله لأنّي أنتظر مولوداً قريباً، واتفقنا أنا وزوجي عصام أن نعود بعد فترة لنستقر في لبنان لأجل تعليم أولادنا، وكثيرات من صديقاتي المسلمات عدن من سويسرا إلى لبنان، كذلك عائلة زوجي عصام فايد في بيروت، وأحب أن أسكن معهم لأشعر بدفء الأُسرة.

٢٨٦

الأخت آسية عبد الظاهر

«لماذا اعتنقت الإسلام»

· لقد نُعِتَ الإسلام بأنه دين الفطرة والطبيعة الفطرية لجميع البشر. فإنه بالتالي ليس من المستغرب عندما يتم قبول الإسلام كوسيلة وحيدة للحياة يمكن للشخص أن يتبعها، وكذا ملايين من معتنقيه في جميع أنحاء العالم. تبين الإحصاءات أن من بين كل خمسة أشخاص يعتنقون الإسلام، هناك أربع إناث. وهذا يبعد المفهوم الخاطئ بأن الإسلام دين يقمع المرأة. فيما يلي نص قدمته أخت كإقرار بعبوديتها لله ربها، بعد قبولها بالاسلام كدين لها، وبمحمد (ص) كرسول لها.

منذ أن تطورت القدرة لديَّ على التفكير العميق، كنت أؤمن بوجود خالق واحد، يُعتمد عليه في كل شيء في الوجود. على الرغم من كون والديَّ يدينان بالبوذية، فلقد صلَّيت من سن 13 لهذا الخالق بثبات وأثمرت هذه الصلاة عن توجيهه إياي كل يوم. مع ذلك، بسبب كون دراستي كانت في بيئة مسيحية، بطبيعة الحال عرفت نفسي كمسيحية.

وللأسف، كانت معرفتي بالإسلام بالحد الأدنى. لقد تخيلته كدين شاذ يقتصر أتباعه فقط على دول قليلة متخلفة، معظمها في منطقة الشرق الأوسط، دين يؤيد أسلوب حياة قمعية بشكل مذهل، لا سيما بالنسبة للمرأة. تخيلت النساء المسلمات يعاملن وكأنهن بمنزلة متدنّية من الرجال كإماء يعشن حياة العبودية، ويُعتبَرن أقل شأناً، وغالباً ما يُجبَرن على المنافسة مع أربع زوجات أخريات من أجل محبة الزوج الذي بمقدوره أن يحجب نفسه عنهن لو أراد ذلك. كانت معظم هذه الأفكار قد تبلورت في ذهني فقط من الإشاعات، والأفلام الوثائقية القليلة عن إيران والمملكة العربية السعودية التي كنت قد شاهدتها على شاشة التلفزيون.

عندما دخلت الجامعة قبل ثلاث سنوات تقريباً، تعرفتُ إلى عدد كبير من الطلاب المسلمين من مختلف الخلفيات. والغريب أنني وجدت نفسي أميل إليهم. ورغبت أن أتعلم وأفهم المزيد عن دينهم. لاحظت كيف كانوا قانعين، وكنت معجبة جداً بانفتاحهم الذهني تجاهي وتجاه بعضهم البعض، ولكن الأهم هو كونهم فخورين بالانتماء إلى الدين الذي خلته يحمل دلالات سلبية كثيرة.

٢٨٧

أصبحت تدريجياً مفتونة بالإسلام، وخلال عملية التعليم، وجدت نفسي أكنُّ المزيد من الاحترام لهذا الدين أكثر من المسيحية التي كنت أحبها. لقد صدمت بمقدار الخطأ في تصوري السابق خاصة وأن الإسلام قد اعترف بالمرأة وساواها بالرجل، بحيث حصلت على استحقاقات هائلة. أدركت واقع الحياة الإسلامية كما هي، وحقيقة الاختلاق والتلفيق فيما يتعلق بضعف الاصطلاح الأمريكي الذي يطلق عليه «الأصولية الإسلامية».

يقال إن أي شخص يمتلك العقل المنفتح والعقلانية ينبغي أن يعترف بالمنطق وبالحقيقة عندما يحتك بهما، وكذا كان الحال معي.

بدأت أكتشف أكثر فأكثر، وحفزني الفكر. أردت أن أعرف كل شيء عن الإسلام، وشعرت بالفعل بشعور الأخوّة والانتماء بين أتباعه.

ما أثار اعجابي أكثر من أي شيء هو كون الإسلام عملي - كيف أنه يشتمل على قاعدة وعلى عبرة لكل جانب تقريباً من جوانب الحياة التي نعيشها. وبفضل من الله فهمت في النهاية أخطاء الديانة المسيحية والمفاهيم التي كنت قد قبلت سابقاً بها دون تردد.

في منتصف النهار، في الرابع من أغسطس (آب) سنة 1994، وأمام أكثر من 20 شاهداً، نطقت بالشهادة وأصبحت مسلمة رسمياً.

لن أنسى أبدا ذلك اليوم المبارك وإلى أي مدى تغيرت حياتي في غضون عام واحد فقط.

غالباً ما يُطلب مني أن أصف التحول من ديانة إلى أخرى وما هي الصعوبات التي يجب علي أن أتحمَّلها. على الرغم من أنني لا أرغب بالخوض في هذا الموضوع، ذلك لأن استدرار الشفقة ليس من أولوياتي، أود أن أعطي بعض الأمثلة على ما عشته.

كانت الفترة حتى نهاية شهر رمضان هي الأصعب بالنسبة لي. الخلافات العائلية كانت تحدث يومياً تقريباً، الكلام السيء والألفاظ الساخرة والإيذاء والتهديدات. في مناسبات عديدة، كانت غرفتي تمزق تمزيقاً، وتختفي كتبي في ظروف غامضة، وأرسلت إلي وإلى أصدقائي وأولياء أمورهم رسائل هاتفية كلها افتراءات.

٢٨٨

كانت هناك أوقات أقفل فيها باب منزلي، وأُجبرت على الامتناع عن تناول العشاء لأن لحم الخنزير كان يقدَّم لي عمداً. حتى يومنا هذا، يتم فتح كل ما يصلني عبر البريد الإلكتروني قبل أن تتاح لي الفرصة للقيام بذلك بنفسي. وبصرف النظر عن السكن وتناول الوجبات، لا بد لي الآن من الاعتماد على نفسي مالياً. قراءاتي، وكما هو حال محادثاتي عبر الهاتف، تتم في سرية تامة. يجب دائماً أن أخفي كتاباتي وزياراتي للمساجد أو الأماكن الإسلامية الأخرى. أنا لست قادرة على زيارة الأصدقاء في كثير من الأحيان إذ قد أكون امرأة قد غسل دماغها أكثر من أي شيء آخر.

لا أستطيع أداء صلاتي إلا بعد أن أتأكد انه لا يوجد أحد حولي. ولا يمكن لي أن أعرب عن بهجتي واحتفالي بشهر رمضان. لا أستطيع أن أتقاسم فرحة معرفة أن أختاً أخرى قد تحجبت، ولا أستطيع مناقشة الدرس الذي تعلمته هذا اليوم أو الخطاب الذي ألقاه رجل دين/عالم إسلامي. علاوة على كل ذلك، يجب أن أدافع باستمرار عن المسلمين والإسلام الذين تسيء تصويرهم وسائل الإعلام، ومحاربة الصور النمطية التي يصر والدي بعناد على الاحتفاظ بها.

تعريفي لما أعربوا عنه من الاشمئزاز تجاهي أمر لا أكاد أطيقه. أنا الآن لا أشعر بالأمان ولا بحب والديَّ، وقلقي يستمر من مدى الأذى الذي أسببه لهما. خلال شهر رمضان بكامله، لم تحدِّثني والدتي ولو مرة واحدة. كان علي أن أسمعها مراراً وتكراراً تقول كيف أني قد خنت الأسرة. لم تجدِ توسلاتي إليها نفعاً. يقال لي مراراً وتكراراً أن ما فعلته لا يغتفر، وإذا كان أي من أقربائنا أو العدد القليل من الأصدقاء يعرفون الأمر بالفعل، فسيكون والداي بالتأكيد منبوذين من قبلهم.

ومع ذلك، أنا لا أدَّعي أن لديّ حياة بائسة. أنا أشعر باطمئنان أكثر، وأشعر بسلام الآن أكثر مما كنت في أي وقت مضى. هدفي في سرد كل هذا هو محاولة تعريفك بالفرص العديدة التي لديك والتي كثيراً ما نراها وكأنها أمرٌ مفروغٌ منه، لذلك استغليت القليل منها، وهي عزيزة علي وعلى العديدين من أمثالي الذين يعتنقون هذا الدين لأول مرة.

٢٨٩

والتفكير في هذه المصاعب وحده قد يعني أني لم أكتسب شيئاً من قبولي أن أصبح مسلمة سوى الألم. على العكس من ذلك، فإن الإسلام قد أعطاني بالفعل الكثير من المكافآت الواسعة، وأنا أرتعش كلما أفكر في أكثر الهدايا روعة: الجنة!

في وقت اعتناقي الإسلام، على الرغم من أنني قد قبلته على أنه دين الحق، لم تكن لدي أية فكرة عن التغييرات الواسعة داخل نفسي التي سأحملها على عاتقي. حتى أني في حالة ذهول مما أنا فيه من التهام المعرفة، كيف أن الإسلام هو في خاطري دائماً، وكيف أشعر بمسؤوليتي تجاه الأمة، وكيف أني أصبح كل شهر أكثر إسلاماً بكثير من ذي قبل.

كلما تقدمت حياة شخص في الإسلام، فإن الاسلام ينتشر ليغطي كل أبعاده، وتتحكم الروحانية في النفس.

قال رسول الله (ص) ذات مرة: (إن الله قال:... عبدي يقترب إليّ... حتى أصبح أذنه التي يسمع بها، وعينه التي يبصر بها، ويده التي يبطش بها...). هذه هي على وجه التحديد تجربتي.

بشكل ملحوظ، لقد اكتسبت من دين التوحيد رؤية عميقة في السلوك البشري وعلم الاجتماع، وكذلك الجيوفيزياء وعلم الفلك. وكلما أستمر في النضوج، يتّضح لديَّ أكثر فأكثر أن الإسلام هو الذي يملك الإجابة على المعضلات الإجتماعية والاقتصادية في عصرنا هذا.

خلال العام الماضي، اتسعت معارفي الإسلامية. درست آيات من القرآن الكريم في تفاصيل أكثر دقة بكثير من ذي قبل. لم يحدث قط ولو لمرة واحدة أني مررت بشيء من شأنه أن يجعلني أشك في أهمية صحة القرآن والإسلام وملاءمته للمجتمع المعاصر، ولا حتى لدقيقة واحدة.

علاوة على كل ذلك، ها أنا ذا قد حددت هويتي، وأنا الآن أكثر ثقة بنفسي وأقوى، وأنا أكثر وعياً لوجودي وأكثر أمناً في حياتي.

٢٩٠

إذا كنت قد حققت شيئاً من خلال هذه المقالة، أملي هو أنني قد صوَّرت عظمة ورحمة المليك الجبار الذي يجعل كل شيء ممكناً. يقول الله (سبحانه وتعالى) :﴿ هُوَ الَّذِی أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ وَکَفَى بِاللَّهِ شَهِیدًا ﴿28﴾ ﴾ [فتح - 28 ] حقاً، لقد أنعم الله علي لأكون واحدة من أولئك الذين تلقوا شخصياً النور، ولقد ارتضاه قلبي لي مثلما ارتضاه ربي لي.

ميلاني جيورجيادس (ديامز)

· أعلنت مغنية الراب الفرنسية الشهيرة «ديامز» في كتاب يتناول سيرة حياتها اعتناقها الإسلام وارتداءها الحجاب. ورغم كل الجدل القائم في فرنسا والمحيط حول الإسلام عامّة والحجاب خاصّة، فإنّ مغنية الراب الفرنسية فاجأت معجبيها باعتناقها الإسلام وارتدائها الحجاب.

· ميلاني جيورجيادس، المعروفة بـ «ديامز»، وعلى غير عادة، غابت عن الساحة الفنية، مما أثار الجدل لمدة ثلاث سنوات حول مكان تواجدها، رغم ظهورها بعض المرات أمام الجمهور بزي غريب مع إصرارها على تغطية الرأس.

· الكتاب الذي ألَّفته «ديامز» يتناول سيرة حياتها، المصاعب التي واجهتها، وتحولها إلى الإسلام.

· «في قمة النجاح، عانيت من الضغط النفسي الهائل، وزرت العديد من الأطباء النفسيين، ولكن أحداً لم يقدر على مساعدتي» تقول ديامز. أمّا الطريق للنجاة من الاكتئاب، فقد وجدته في إقامة الصلاة وتلاوة القرآن.

الشابة صاحبة الـ32 ربيعاً، قالت أنّ اعتناقها للإسلام جاء من خلال زيارتها لجزيرة موريشيوس في العام 2008، عندها قررت ارتداء الحجاب وافتتاح مركز لرعاية الأيتام.

حديثاً، قامت «ديامز» بظهورها التلفزيوني الأول، بحلّتها الجديدة، في مقابلة حصرية لصالح قناة «تي أف 1»، لتتكلم عن تجاربها السابقة والمريرة مع المخدرات ومكوثها في مستشفى الأمراض العقلية ومراكز إعادة التأهيل، حتى اكتشافها «الصفاء في الإسلام».

٢٩١

قالت «ديامز» أنها تعرفت إلى الدين عن طريق الصدفة، عندما رأت صديقة مسلمة تؤدي الصلاة وأضافت: «لقد كنت مشهورة جداً، وكان لدي كل ما يطمح أي شخص مشهور للحصول عليه، ولكنني كنت دائماً أبكي وحدي بمرارة في المنزل، وهذا ما لم يشعر به المعجبين بي» وتابعت القول: «لقد كنت مدمنة شرهة للمخدرات ولجأت إلى مركز للتأهيل حتى أتعالج، ولكن كل ذلك لم يجدِ نفعاً، إلى أن سمعت إحدى صديقاتي المسلمات تقول: «أنا ذاهبة لأداء فريضة الصلاة لفترة وسأعود»، فقلت لها وأنا أود الصلاة معك أيضاً».

مسترجعة تلك اللحظة بذهنها تقول ديامز «كانت المرة الأولى التي يلامس فيها رأسي مستوى الأرض، فانتابني شعور قوي لم أشعر به من قبل، وأنا اليوم أؤمن بأن السجود في الصلاة لا ينبغي القيام به إلا لله».

وتتابع ديامز القول بأن إسلامها جاء نتيجة قناعة شخصية، بعد دراسة وفهم عميقين للإسلام والقرآن».

وعندما سألها المحاور عن ارتدائها للحجاب في فرنسا، البلد الذي حارب هذه الظاهرة وبالأخص النقاب، أجابت ديامز «أؤمن بأنني أعيش في مجتمع متسامح ولا أشعر بأي ضرر جراء الإنتقادات ولكن ما يشعرني بالسوء هي الشتائم والأحكام المسبقة».

وكان ردها على سؤال المحاور لها عن سرّ ارتدائها الحجاب في حين أنّ هناك الكثيرات من النساء المسلمات لسن ملتزمات بارتدائه، ولا يجدنه واجباً دينياً، بأنها ترى مسألة الحجاب أمراً مقدّساً ومشورة إلهية، فالحجاب - كما تقول - يجلب لقلبها السلام والسعادة وهذا كاف بالنسبة لها.

أما بالنسبة لنظرتها إلى الإسلام وهؤلاء المتشددين الذين يقومون بارتكاب الجرائم وكافة المظاهر الوحشية باسم الدين، فقالت: «أعتقد بأنه يجدر بنا الفصل بين العاقل والجاهل، والجاهل يجدر به الصمت وعدم الحديث عمّا لا يعرفه، الإسلام لا يسمح بقتل النفس المحترمة ولا يسمح بوقوع ضحايا أبرياء بالطريقة الهمجية التي نراها اليوم».

ديامز التي تختم حديثها بالقول بأن الإسلام أكسبها الراحة النفسية وغمر قلبها بالدفء مشيرة إلى أن النجومية لم تعد تتلاءم وأسلوب حياتها الجديد، وأنها عرفت الغرض من وجودها ولمَ هي هنا على الأرض.

٢٩٢

مويشا كريفتسكي

من اليهودية إلى الإسلام

· كل إنسان له طريقته في التوصل إلى الحقيقة. بالنسبة لمويشا كريڤيتسكي، هذا الطريق كان عبر كلية الحقوق والكنيس اليهودي. من مشروع محامي إلى حاخام، ثم تحوَّل إلى الإسلام ووجد نفسه داخل السجن.

موسى اليوم (وهو الاسم الذي اختاره لنفسه بعد اعتناقه للإسلام)، يعيش في مسجد صغير في البركان، منطقة جبلية في ماخاتشكالا، ويعمل كحارس في مسجد الجمعة، موسى، وقبل البدء بالحديث معه، سأل عمَّ سوف نتكلم ونسأله، فأجبنا: عنك. فقال: ما المثير بي؟ أنا مجرد إنسان يعيش داخل مسجد فسألتُ: ولمَ تعيش داخل مسجد؟

حسناً، لقد سكنتُ بعض الوقت ومن ثم قررت البقاء.

س: هل وجدت طريقك بسهولة؟

ج: كلا، بصعوبة بالغة، ولا أزال أشعر بصعوبة الأمر حتى الآن، عندما تتعمق في الإسلام، وفي معانيه الداخلية، تجد أنّ هذه الديانة بسيطة للغاية، ولكن الطريق الذي عليك سلوكه للتوصل إليه هو طريق شاق للغاية. غالباً، ما يستغرب الناس، كيفية تحول شخص من ديانة معينة إلى الإسلام إذا جاز التعبير. ولكن بالنسبة لي، ليس هناك من ديانات أخرى، فالإسلام هو كل الديانات.

س: ولكن يا موسى، لنكن واقعيين، ليس من السهل القول بأنّ «حاخاماً» أصبح مسلماً!!

ج: أعترف، ولم يكن ذلك سهلاً عليّ أيضاً، فقد تطلب الأمر بحوثاً ودراسات كثيرة، لقد مضى أكثر من عام على اعتناق الإسلام، وكان وقع ذلك غريباً علىّ بعض الشي، ولكنّ قراري اعتناق الإسلام ليس ارتجالياً، بل جاء نتيجة قراءة العديد من الكتب، لقد كنت مهتماً لأعرف.

س: حسناً، هل كنت قد حصلتَ على الشهادة الثانوية قبل دخولك في الكنيس اليهودي؟

ج: نعم، أنهيت الدراسات الدينية العليا، وبعد التخرج، انتقلت إلى ماخاشتكالا، حيث أصبحت حاخاماً محلياً.

٢٩٣

س: ومن أين أتيت؟

ج: آه، جئت من مكان بعيد، ولكني أصبحت الآن داغستاني أصلي، لديَّ الكثير من الأصدقاء هنا، سواء كانوا مسلمين أو ممن هم أبعد ما يكون عن الإسلام.

س: دعنا نعود للحديث عن عملك داخل الكنيس.

ج: كان الوضع متناقضاً جداً، كان هناك مسجد قريب من الكنيس، مسجد البلدة. بعض الأحيان كان يأتي بعض الأصدقاء وهم من أتباع المسجد ورعيته إليّ، فقط للدردشة. وأنا بنفسي، كنت أدخل المسجد أحياناً، لأرى كيف يقومون بتقديم الخدمات، كنت مهتماً للغاية، لذا كنا نعيش معاً كجيران متحابين، وذات مرة، خلال شهر رمضان، جاءت إليّ أمرأة، تبيّن لاحقاً، أنها تنتمي إلى عائلة مسلمة عريقة، وطلبت مني التعليق على الترجمة الروسية للقرآن التي قام بها كراشكوفوڤسكي.

س: طلبت تعليقاً من حاخام؟!

ج: نعم وكانت قد طلبت مني إعطاءها التوراة لتطَّلع عليه بدورها، لذلك حاولت قراءة القرآن، تقريباً حوالى عشر مرات. كان صعباً للغاية، ولكن شيئاً فشيئاً بدأت أفهم، وبدأت أكوّن المفاهيم والقواعد الأولية حول الإسلام، ولاحقاً، أعادت تلك المرأة كتاب التوراة. تبيّن أنه كان من الصعب جداً عليها قراءة التوراة وفهم معانيه لأنّ الأدب الديني يتطلب اهتماماً وتركيزاً شديدين.

س: موسى، خلال قراءتك للترجمة، لا بد وأنك كنت تقارن بين القرآن والتوراة؟

ج: لقد وجدتُ الكثير من الأجوبة داخل القرآن، ليس لكل أسئلتي طبعاً، لأنه لم يكن النسخة العربية الأصلية، ولكن مجرد ترجمة. ولكن كان كفيلاً بتفسير بعض الأمور.

س: هل أفهم منك أنك لم تكن تحصل على إجابتك لتساؤلاتك في اليهودية؟

ج: على ما يبدو، أنّ اليهود الذين اعتقنوا الإسلام في عهد الرسول (ص) لم يستطيعوا الحصول على بعض الإجابات في اليهودية، ووجدوها في الإسلام.

٢٩٤

س: وما هي بالتحديد، الأسئلة التي لم تستطع الحصول على إجابات لها في اليهودية؟

ج: قبل احتكاكي بالإسلام، كانت هناك أسئلة، لم أحاول حتى الحصول على إجابات لها، لربما الحدث المهم هنا، هو كتاب كنت قرأته قبل، يجري مقارنة بين القرآن والإنجيل. كانت هناك عبارة مهمة جداً للمطلعين على الدراسات الدينية: «اتبعوا النبي الذي لم يأتِ بعد»، وعندما درستُ الإسلام، عرفتُ أن الرسول (ص) هو النبي الذي بشّر به كلٌّ من الإنجيل والتوراة. وأنا لم أخترع شيئاً من عندي.

س: وماذا يقول التوراة عن النبي (ص) ؟

ج: إنّ اسم محمد غير مذكور صراحة في التوراة، ولكن يمكنك استنتاج ذلك عبر استعمال مفاتيح خاصة، ودلالات معينة، على سبيل المثال: الصيغة التي تصنف الرسول المنتظر بأنه يدعو إلى عبادة خالق واحد لا شريك له، هي الصفات التي تنطبق على الرسول محمد (ص)، عندما قرأتُ ذلك، شعرتُ بالاهتمام الشديد، لم أكن أعرف أي شيء عن الإسلام قبل ذلك، وعندها قررتُ الغوص أعمق في المسألة، والبحث إن كان ثمة هناك أي معجزات وعلامات مرتبطة باسم النبي محمد (ص). الإنجيل يقول: إن الله كان يبعث كل رسول بمعجزة لثبت للناس نبوته، سألتُ العلماء حول هذا الموضوع، وقد قالوا لي:

إليك مجموعة الأحاديث هذه، التي تصنّف المعجزات المرتبطة بالرسول (ص)، ومن ثم قرأت أن الرسول كان دائماً يذكر الأنبياء والرسل الذين جاؤوا قبله. ويمكن أن نجد أسماءهم في التوراة والإنجيل، وخلال قراءاتي واطلاعاتي، كانت بعض الشكوك قد بدأت تساورني، وبدأتُ أفقد ثقتي بإيماني بعض الشيء، فكنتُ أقول في قرارة نفسي، يجب عليّ تلاوة «التوبة» لأن تلك الأفكار راودتني.

٢٩٥

س: ماذا أفهم منك موسى، أنّك تشعر بثقل العبء على عاتقك لاعتناقك الإسلام، أم أن لديك مشاعر أخرى تجاه هذا الموضوع؟

ج: نعم، أشعر بالمسؤولية ولكنني أشعر بالثقة أيضاً، الآن أصبحت كلتا قدمي ثابتتان في الأرض، نعم، أقرّ بأن ليس كل من يدعي الإسلام هو مسلم حقيقي، فالإسلام يتطلب الإلتزام الخاص، أحياناً لا ألتزم بما تطلبه مني السُّنة النبوية، أحاول، ولكن عندما لا أستطيع، أختلق لنفسي بعض الأعذار. وهذا الجهد في اختلاق الأعذار، يجب توظيفه في تحقيق الالتزام الأكمل، صعب عليّ الاعتراف بهذا. أحياناً، يضللني ما يدور حولي، لم أحصل حتى الآن على القوة الكافية لمقاومة هذا التضليل، وضعف شخصيتي يظهر جلياً في هذا الموضوع. عندما قررتُ اعتناق الإسلام، ظننتُ أنّ الإسلام دين موحّد لدى جميع المسلمين، ثم بدأت تظهر البدع وأصابني التشتت، وبدأت أسئلة جديدة تجول في خاطري. يأتيك مثلاً شخص معين، ويقول لك أنه أدرك القرآن بشكل جيد، وأنه يستطيع إثبات صحة كل الأحاديث، فتتبعه بنية إرضاء الله (عزّ وجل)، ولاحقاً، يتبيّن لك أنه ثمة أمور، لم يكن تفسيرها صحيحاً، فيصيبك التشتت وتقول في نفسك، إن كانت هذه الطريقة الصحيحة لتفسير الأمور، لماذا يوجد تيارات أخرى؟ آمل أن أحصل على الإجابات قريباً.

وعندها قاطعنا صوت جميل جداً، صوت المؤذن في ذلك المسجد، فاستأذن موسى للتهيؤ للصلاة وكان الناس قد بدأوا يدخلوا المسجد، فتوضأت واستعددت للصلاة كذلك.

٢٩٦

كريستيان بايكر

من الأم تي ڤي إلى مكة

· لا نسمع كل يوم عن إعلامية ومقدمة برامج في قناة (الأم تي ڤي) الأوروبية تؤلف كتاباً عن الإسلام. «من الأم تي ڤي إلى مكّة: كيف ألهم الإسلام حياتي» هو عنوان الكتاب الذي يشرح كيفية اعتناق واحدة من أبرز الوجوه المعروفة على شاشة (الأم تي ڤي) في أوروبا للإسلام بعد لقائها مع لاعب الكريكيت الأسطورة عمران خان، الذي أصبح سياسياً اليوم.

كريستيان بايكر، إعلامية مشهورة جداً، إنضمت إلى قناة (الأم تي ڤي) في العام 1989 وفي السنوات اللاحقة، بدأت تظهر نجوميتها من خلال الكثير من البرامج، وفي العام 1992 جنباً إلى جنب مع ظهورها على قناة (الأم تي ڤي) بدأت بتقديم برنامج شبابي على شاشة التلفزيون الوطني الألماني: برافو تي في.

ما الذي دفعك إلى تأليف هذا الكتاب؟

«ألّفت هذا الكتاب لأنني كنت ضحية «الإسلاموفوبيا»، فالإسلام الذي كنت أقرأ وأسمع عنه في وسائل الإعلام بشكل يومي ليس نفسه الإسلام الذي أعتنقه اليوم. لقد كانت هناك فجوة واسعة بين الإسلام الحقيقي والإسلام في الإعلام الغربي، لذلك قررت تأليف هذا الكتاب، حتى أمسك بيد العالم وأريهم كيف اكتشفت الإسلام وتخطيت كل تلك الأحكام المسبقة والنظرة السيئة، فقررت إظهار القيم والتعاليم الحقيقية والسماوية لدين الإسلام».

ما هي الأسباب التي جعلتك تبحثين عن الإسلام؟

«كنت في قمة النجومية، أملك كل ما يمكن للمرء أن يتمنى الحصول عليه، ومع ذلك، كنت أحسّ بفراغ عميق، وكنت بعد يوم صاخب في العمل مع الناس، أعود إلى المنزل لأجد نفسي وحيدة يفترسني شبح الفراغ القاتل. اعتقدت أنّ ذلك الإحساس بالوحدة نتيجة افتقادي لوجود رجل في حياتي ولكنني عرفت لاحقاً أنّ ذلك الفراغ لن يملأه سوى الله وحده لا شريك له. فالناس تأتي وتذهب، نقع في الحب ولكن سرعان ما يزول ويتلاشى. إلا أنّ هناك حب واحد أزلي لا يزول وهو حب الله (سبحانه وتعالى) ».

٢٩٧

تضيف بايكر: «بدأت أعيش أزمة نفسية حادة، حيث وصلت بي الضغوط النفسية إلى حد الإستسلام للموت، كنت في قمة الإكتئاب. أذكر أنني كنت أحضّر في تلك الفترة لتقديم برنامج في بلجيكا وكان عليّ السفر وقلت في نفسي: لو تحطمت الطائرة اليوم فلن يهم، إذ لا يوجد لذة في البقاء على قيد الحياة!».

وتتابع: «وبعدها بفترة وجيزة، وفي العام 1992 تحديداً، كنت مدعوة على العشاء في منزل صديق عندما التقيت بعمران خان، وبدأنا نلتقي. خان بالمناسبة في ذلك الوقت كان يشق بنفسه طريقه للإيمان. وكان يقرأ الكثير من الكتب عن الإسلام وبدأ يشاركني معارفه بحماس. كنت نوعاً ما متقبّلة لتلك المعارف إذ أنني لطالما كنت أهتم بالفلسفة والأخلاق والدين في المدرسة.

تحدث معي عن الله، وعن هدفنا في الحياة والهدف الأعلى الذي يجب التوجّه إليه».

ما هي الخطوات الأولى التي وضعتك على طريق البحث عن الإسلام؟

واحدٌ من الكتب التي قرأتها، والذي كان له أثر عميق، «الطريق إلى مكة»، من تأليف (محمد أسد)، وهو صحفي يهودي، اعتنق الإسلام في برلين في عام 1926 بعد سفره إلى الأراضي العربية. وقد وصف الروح العربية النبيلة الجميلة ببلاغة قبل اكتشاف النفط، وذلك عندما كان في شبه الجزيرة العربية، بصحبة البدو. ووصف كيف يمكن للمرء السفر في جميع أنحاء البلاد العربية من دون حاجة لأن تدفع فلساً واحداً بما أنّ الناس كانوا مضيافين جداً. وقد لاحظ التباين الكبير بين دفء الشعب العربي المتواجد في الصحراء والشعب الأوروبي الذي يعيش من أجل القشور والمظاهر الخارجية الخدّاعة، وأعتقد أنني كنت من خلال بعض المسلمين الذين كنت أعرفهم أعيش تجربة متوازية مع تجربة أسد.

فمع توطّد العلاقة بيني وبين خان، دعاني للسفر معه إلى المنطقة الشمالية في باكستان. وقد تأثرت بالضيافة التي أبداها أهالي القرية مع أنهم كانوا يعيشون الفقر.

٢٩٨

كنت أنظر الى الناس لأرى نوراً في عيونهم، وعند عودتي أدركت مقصد محمد أسد. عرفت سبب تعاسة الناس هنا! كنت أتنقل بين عالمين وكنت أرى بنفسي الفرق بين المواقف، على سبيل المثال، كنت في طريق العودة من باكستان حيث جلست في الطائرة قرب رجل باكستاني مسلم، وكنا نتجاذب أطراف الحديث، وعند وصولنا إلى لندن، كانت هناك قبيلة بأكملها تنتظر قدومه في المطار، وقد لاحظ أنني كنت أقف وحيدة، فاقترح عليّ مع بعض أفراد عائلته توصيلي إلى المنزل أولاً مع أنّ ذلك أخّر موعد زيارة عائلته ساعة أو أكثر! أمر لا يصدَّق، لم أكن أعرف حتى هؤلاء الناس. وبعدها بفترة كنت في ألمانيا للمشاركة في حدث تلفزيوني، فقام مدير القناة التي أعمل فيها بالاتصال بالمنتج الذي كان قد انطلق من الأوتيل ليسأله إذا كان بإمكانه الإلتفاف ليستقلوا السيارة معاً، فرفض المنتج طلبه معللاً ذلك بأن الإلتفاف سيؤخره 10 دقائق والوقت من مال.

ولكن ليس هذا التباين فقط هو ما دفعني لاعتناق الإسلام، بالنسبة إلي، انجذابي للديانة الإسلامية جاء على مستويات مختلفة، كان عمران خان يؤسس مستشفى لمرضى السرطان، وكنت أرى جيشاً من المتطوعين يتبرعون بأموالهم وبوقتهم وبمجهودهم فقط للمساعدة في بناء ذلك المشفى للباكستانيين، حيث يتم معالجة الفقراء من دون مقابل. لم يكن يوجد في باكستان مستشفى لأمراض السرطان، أو بالأحرى أي نظام صحّي، وهذا أمر محزن. وكنت أسافر إلى جبال كراكوروم وكان الناس هناك من شدة الفقر يعيشون في بيوت مصنوعة من الطين وينامون ليلاً مع الحيوانات التي يربونها ليشعروا بالدفء. ولكن رغم ذلك كانوا كرماء جداً، فكانوا يقدمون للضيوف كل ما يملكون من مؤن كاللوز والمشمش المجفف والجوز.

٢٩٩

ماذا كلّفك اعتناق الإسلام؟ وما هي التضحيات التي بذلتها في سبيله؟

إنّ اهتمامي بالديانة الإسلامية كلّفني خسارة عملي. ففي العام 1995، كنت أحتفل بالحلقة المئة من برنامج الشباب على القناة الألمانية (برافو تي ڤي)، حيث كان أحد الصحفيين قد أجرى استطلاعاً حول علاقتي بعمران خان وتحرّكاتي الأخيرة، فسألني إن كنت قد اعتنقت دين «صديقي»، وأنا لم أكن أنعت عمران بهذا اللقب احتراماً مني لعادات وتقاليد عمران ومحيطه الإسلامي. أجبته حينها بالنفي ولكنني في أعماقي كنت قد آمنت بالإسلام وهذه الملحوظة كانت كفيلة بإنهاء مسيرتي الإعلامية حيث بدأت وسائل الإعلام تشن حملة ساخرة ضدي تصوّر ظهوري في الحلقات القادمة أرتدي البرقع وأدافع عن الإرهاب!.

وبعد كل هذه البلبلة انفصلنا أنا وعمران وخسرت وظيفتي مع أنني كنت قد وقّعت عقداً مع القناة ولكن بعد علمهم بميولي الإسلامية زعموا بأنه لا وجود فعلي للعقد القانوني. ولكن على الرغم من ذلك ازداد تعلقي بالإسلام وقررت اعتناق هذه الديانة بشكل نهائي.

ما الذي جعلك تتشبثين بالإسلام رغم كل ما اعترضك من ضغوطات؟

كان إيماني بالله هو الذي ساعدني على تخطّي كل تلك المحن والمصاعب. خسرت كل شيء دفعة واحدة، مهنتي وعلاقاتي، ولكنني ربحت الإيمان بالله وهو الجائزة الكبرى. كنت أذهب إلى مسجد حيث كنت ألتقي بأناس ساعدوني لكي أرى تلك الصعوبات من منظور أسمى وأستوعب أنَّ ما يحصل معي هو مخاض ولادة شيء جديد وجيد. فحتى في المعاناة تكمن السعادة. هناك حديث يقول: «إنّ الله إذا أحبّ عبداً ابتلاه» ومن الذي ابتلي بأشد المحن والصعوبات؟ إنهم الأنبياء. لذلك أعتقد بأنّ الخوض في الصعوبات لربما هو إشارة جيدة بأنّ الله يحبّني.

٣٠٠