كليات في علم الرجال

كليات في علم الرجال3%

كليات في علم الرجال مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 530

كليات في علم الرجال
  • البداية
  • السابق
  • 530 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 148446 / تحميل: 5347
الحجم الحجم الحجم
كليات في علم الرجال

كليات في علم الرجال

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الهادي الامين وعترته الطيبين الطاهرين.

أما بعد ، فإن الحضارة البشرية وهي سائرة نحو التقدم تستدعي التوسع في كل ما يكون مؤثرا فيها بمرور الزمن ، ومما يكون مؤثرا فيها هو معرفة أحوال الرجال أولا ، ثم معرفة آثارهم وما قدموه للبشرية من عطاء ثانيا. وقد ازدادت ضرورة هذه التوسعة في خصوص مذهب الشيعة الامامية من جهة توقف الاجتهاد إلى حد ما على ذلك ، والاجتهاد هو المحور الاساسي الذي يدور عليه فقه أهل البيتعليهم‌السلام ، والذي يمثل نقطة التفوق على سائر المذاهب الفقهية الاخرى ، وهو الذي أعطى الفقه الامامي صبغة الحيوية والمؤونة والمضي مع الزمن ، وأما وجه توقف الاجتهاد على معرفة أحوال الرجال فواضح بعد أن كانت السنة النبوية المبينة من طريق أهل البيتعليهم‌السلام تشكل مصدرا أساسيا لمعرفة الاحكام الالهية بعد القرآن ، وقد وصلت هذه السنة إلى أيدي العلماء الذين دونوا الاصول والموسوعات الحديثية بطرق ، وفي هذه الطرق رجال فيهم من يعتمد عليه ، وفيهم من لايعتمد عليه ، وفيهم المجهول وغير ذلك ، ولما كان الحجة في الاستدلال هو الحديث المروي

٣

عنهمعليهم‌السلام بطريق يعتمد عليه حسبما ثبت في محله كان في اللازم معرفة الطريق المعتبر عن غيره لتتم الحجة للفقيه في الاستدلال على الاحكام.

ولما كان هناك فراغ في الحوزات العلمية من هذا العلم علم الرجال وعدم دراسة طلبة العلوم الاسلامية في مرحلة السطوح لهذا العلم حتى موجزه وكلياته بحيث يكونون متهيئين لمرحلة السطوح العالية ودراستها ونقدها قام سماحة الاستاذ المحقق الشيخ السبحاني لسد هذا الفراغ وألف هذا السفر المبارك خدمة للعلم والعلماء فجزاه الله عن الاسلام خير الجزاء.

وقد قامت المؤسسة والحمدلله بإعادة طبعه ونشره ليكون في متناول أيدي رواد العلم والفضيلة سائلة الله سبحانه أن يمد في عمر المؤلف ويوفق الجميع لنشر تعاليم الدين المبين إنه خير ناصر ومعين.

٣ valign=top>

٣ valign=top>

مؤسسة النشر الاسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه وآله وعلى رواة سنته وحملة أحاديثه وحفظة كلمه.

٥
٦

تصدير

لما كانت السنَّة المطهَّرة الشّاملة لأحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعترته الطّاهرة ، هي المصدر الرئيسي الثاني من مصادر التشريع الإسلامي ، وكان الوقوف على الأحاديث الشَّريفة ، والاستفادة منها تتطلّب التثبّت منها ، والتحقّق من صدورها ، أو الحصول على ما يجعلها حجَّة على المكلَّفين ، لذلك يجب الوقوف على أحوال الرواة الَّذين حملوا إلينا تلك الأحاديث جيلاً بعد جيل ، منذ عصر الرِّسالة والإمامة ، وهذا هو ما يسمّى بـ : « علم الرجال » الّذي يتعيَّن على كلِّ فقيه يريد استنباط الاحكام ، وممارسة عمليَّة الاجتهاد ، الإلمام به على نحو يمكنه من تمحيص الأحاديث ، والتثبّت منها.

وإحساساً بأهميّة هذا العلم في الدراسات الإسلامية ، طلبت منّي « لجنة إدارة الحوزة العلمية بقم المقدسة » ، إلقاء سلسلة منتظمة من المحاضرات على طلاّب الحوزة العلميَّة المباركة لتكون مقدِّمة لمرحلة التخصّص.

فاستجبت لهذا الطَّلب ، ووفَّقنا الله لإلقاء هذه المحاضرات التي تشتمل على قواعد وكليّات من هذا العلم ، لا غنى للمستنبط عن الوقوف عليها ، وقد استخرجناها عمّا ذكره أساطين الفنّ في مقدَّمات الكتب الرجاليّة أو خواتيمها ، وهم بين موجِز في القول ، ومفصّل ومُسهِب في الكلام ـ شكر الله مساعيهم

٧

الجميلة ـ ونحن نقتصر على أُمَّهات المطالب وأهمّ مفاتيح هذا العلم الشريف التي يسهل على الطالب تناولها وفهمها ، سائلين من المولى سبحانه التَّوفيق لتحصيل مرضاته.

وقد ارتأت « لجنة الادارة » أن تقوم بطبع وإخراج هذه المحاضرات تعميماً للفائدة ، فكان هذا الكتاب ، فحيّا الله هذه اللجنة وشكر مساعيها الخالصة ، في خدمة الإسلام ، ونرجو من القرّاء الكرام إرسال نظريّاتهم القيّمة حتّى تتكامل هذه المجموعة بإذن الله تعالى وتتبع هذه الخطوة العلميّة المباركة ، خطوات أوسع على هذا الصعيد.

٣ valign=top>

٣ valign=top>

قم المقدسة. الحوزة العلمية

جعفر السبحاني

يوم ميلاد فاطمة الزهراءعليها‌السلام

٢٠ / جمادى الآخرة / ١٤٠٨ هـ

٨

الفصل الأول

المبادئ التصورية لعلم الرجال.

علم الرجال ، موضوعه ومسائله.

التراجم وعلم الرجال.

الدراية وعلم الرجال.

٩
١٠

ما هو علم الرجال؟

الرجال : علم يبحث فيه عن أحوال الرواة من حيث اتّصافهم بشرائط قبول أخبارهم وعدمه. وإن شئت قلت : هو علم يبحث فيه عن أحوال رواة الحديث التي لها دخل في جواز قبول قولهم وعدمه.

وربّما يعرَّف بأنّه علم وضع لتشخيص رواة الحديث ذاتاً ووصفاً ، ومدحاً وقدحاً. والمراد من تشخيص الراوي ذاتاً ، هو معرفة ذات الشخص وكونه فلان بن فلان. كما أنّ المراد من التشخيص الوصفي ، هو معرفة أوصافه من الوثاقة ونحوها. وقوله : « مدحاً وقدحاً » بيان لوجوه الوصف ، إلى غير ذلك من التعاريف.

والمطلوب المهمّ في هذا العلم حسبما يكشف عنه التعريف ، هو التعرّف على أحوال الرواة من حيث كونهم عدولاً أو غير عدول ، موثّقين أو غير موثّقين ، ممدوحين أو مذمومين ، أو مهملين ، أو مجهولين(١) والاطّلاع على مشايخهم وتلاميذهم وحياتهم وأعصارهم وطبقاتهم في الرواية حتّى يعرف

__________________

١ ـ سيوافيك الفرق بين المهمل والمجهول.

١١

المرسل عن المسند ويميّز المشترك ، إلى غير ذلك ممّا يتوقّف عليه قبول الخبر.

ما هو موضوع علم الرجال؟

موضوعه عبارة عن رواة الحديث الواقعين في طريقه ، فبما أنّ كلّ علم يبحث فيه عن عوارض موضوع معيّن وحالاته الطارئة عليه ، ففي المقام يبحث عن أحوال الرواة من حيث دخالتها في اعتبار قولهم وعدمه ، أمّا حالاتهم الأُخرى التي ليست لها دخالة في قبول قولهم فهو خارج عن هذا العلم ، فالبحث في هذا العلم إنَّما هو عن اتّصاف الراوي بكونه ثقة وضابطاً أو عدلاً أو غير ذلك من الأحوال العارضة للموضوع ، أمّا الأحوال الأُخرى ككونه تاجراً أو شاعراً أو غير ذلك من الأحوال التي لا دخالة لها في قبول حديثهم فهي خارجة عن هذا العلم.

ما هي مسائله؟

إنّ مسائل علم الرجال هي العلم بأحوال الاشخاص من حيث الوثاقة وغيرها ، وعند ذلك يستشكل على تسمية ذلك علماً ، فإنّ مسائل العلم تجب أن تكون كليّة لا جزئيّة ، وأُجيب عن هذا الاشكال بوجهين :

الأوّل : ان التعرّف على أحوال الراوي كزرارة ومحمَّد بن مسلم يعطي ضابطة كليّة للمستنبط بأنّ كلّ ما رواه هذا أو ذاك فهو حجّة ، والشخص مقبول الرواية ، كماأنّ التعرّف على أحوال وهب بن وهب يعطي عكس ذلك ، وعلى ذلك فيمكن انتزاع قاعدة كليّة من التعرّف على أحوال الاشخاص ، فكانت المسألة في هذا العلم تدور حول : « هل كلّ ما يرويه زرارة أو محمّد بن مسلم حجّة أو لا؟ » والبحث عن كونه ثقة أو ضابطاً يعدّ مقدّمة لانتزاع هذه المسألة الكليّة.

وهذا الجواب لا يخلو من تكلّف كما هو واضح ، لأنّ المسألة الاصليّة

١٢

في هذا العلم هو وثاقة الراوي المعين وعدمها ، لا القاعدة المنتزعة منها.

الثاني : وهو الموافق للتَّحقيق أنّ الالتزام بكون مسائل العلوم مسائل كلية ، التزام بلا جهة ، لأنّا نرى أنّ مسائل بعض العلوم ليست إلا مسائل جزئيّة ، ومع ذلك تعدّ من العلوم ، كالبحث عن أحوال الموضوعات الواردة في علمي الهيئة والجغرافيّة ، فإنَّ البحث عن أحوال القمر والشَّمس وسائر الكواكب بحوث عن الاعيان الشخصيّة ، كماأنّ البحث عن الأرض وأحوالها الطبيعيَّة والاقتصاديّة والأوضاع السياسيّة الحاكمة على المناطق منها ، أبحاث عن الأحوال العارضة للوجود الشخصيّ ، ومع ذلك لايوجب ذلك خروجهما عن نطاق العلوم ، ويقرب من ذلك « العرفان » ، فإنّ موضوع البحث فيه هو « الله » سبحانه ومع ذلك فهو من أهمّ المعارف والعلوم ، وبذلك يظهر أنّه لا حاجة إلى ما التزموا به من لزوم كون مسائل العلوم كليّة خصوصاً العلوم الاعتبارية كالعلوم الأدبية والرجال التي يكفي فيها كون المسألة ( جزئيّة كانت أو كليّة ) واقعة في طريق الهدف الذي لأجله أسّس العلم الاعتباري.

علم التراجم وتمايزه عن علم الرجال

وفي جانب هذا العلم ، علم التراجم الّذي يعدُّ أخاً لعلم الرجال وليس نفسه ، فان علم الرجال يبحث فيه عن أحوال رجال وقعوا في سند الأحاديث من حيث الوثاقة وغيرها ، وأمّا التراجم فهو بحث عن أحوال الشخصيات من العلماء ، وغيرهم ، سواء كانوا رواة أم لا وبذلك يظهر أن بين العلمين بوناً شاسعاً.

نعم ، ربّما يجتمعان في مورد ، كما اذا كان الراوي عالماً مثلاً ، كالكليني والصَّدوق ، ولكن حيثيّة البحث فيهما مختلفة ، فالبحث عن أحوالهما من حيث وقوعهما في رجال الحديث واتّصافهما بما يشترط في قبول الرواية ، غير البحث عن أحوالهما وبلوغهما شأواً عظيماً من العلم وأنَّهما مثلاً قد ألّفا كتباً

١٣

كثيرة في مختلف العلوم.

وقد أدخل القدماء من الرجاليين تراجم خصوص العلماء من علم التراجم في علم الرجال ، من دون أن يفرّقوا بين العلمين حتّى إنَّ الشيخ منتجب الدين ابن بابويه ( الّذي ولد سنة ٥٠٤ وكان حيّاً إلى سنة ٥٨٥ ) ألَّف فهرساً في تراجم الرواة والعلماء المتأخّرين عن الشيخ الطوسي ( المتوفّى سنة ٤٦٠ ) وتبع في ذلك طريقة من سبقه من علماء الرجال أعني الشيخ الكشّي والنجاشي والشيخ الطوسي الذين هم أصحاب الأُصول لعلم الرجال والتراجم في الشيعة ، وكذلك فعل الشيخ رشيد الدين ابن شهر آشوب ( المتوفّى عام ٥٨٨ ) فألَّف كتاب « معالم العلماء » وألحق بآخره أسماء عدَّة من أعلام شعراء الشيعة المخلصين لأهل البيت. وبعده أدرج العلاّمة الحلّي ( المتوفّى عام ٧٢٦ هـ ) في كتاب « الخلاصة » بعض علماء القرن السابع ، كما أدرج الشيخ تقي الدين الحسن بن داود ( المولود عام ٦٤٧ ) أحوال العلماء المتأخّرين في رجاله المعروف بـ « رجال ابن داود » واستمَّر الحال على ذلك إلى أن استقلّ « التراجم » عن « علم الرجال » فصار كلّ ، علماً مستقلاً في التأليف.

ولعلَّ الشيخ المحدِّث الحرّ العاملي من الشيعة أوَّل من قام بالتفكيك بين العلمين فألَّف كتابه القيّم « أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل » في جزءين : الجزء الأوّل بهذا الاسم والجزء الثاني باسم « تذكرة المتبحّرين في ترجمة سائر علماء المتأخّرين » وقد توفّي الشيخ عام « ١١٠٤ » وشرع في تأليف ذلك الكتاب عام « ١٠٩٦ » ، وبعده توالى التأليف في التراجم فألَّف الشيخ عبد الله الأفندي التبريزي ( المتوفّى قبل عام ١١٣٤ هـ ) ، « رياض العلماء » في عشر مجلَّدات إلى غير ذلك من التآليف القيّمة في التراجم كـ « روضات الجنّات » للعلاّمة الاصفهاني و « أعيان الشيعة » للعلاّمة العاملي و « الكنى والألقاب » للمحدّث القمي و « ريحانة الأدب » للمدرّس التبريزي ( قدّس الله أسرارهم ).

١٤

والغرض من هذا البحث ايقاف القارئ على التمييز بين العلمين لاختلاف الاغراض الباعثة إلى تدوينهما بصورة علمين متمايزين ، والحيثيّات الراجعة إلى الموضوع ، المبيّنة لاختلاف الاهداف ، فنقول :

ان الفرق بين العلمين يكمن بأحد الوجوه التالية على سبيل مانعة الخلوّ :

١ ـ العلمان يتّحدان موضوعاً ولكنَّ الموضوع في كلّ واحد يختلف بالحيثّية ، فالشخص بما هو راو وواقع في سند الحديث ، موضوع لعلم الرجال ؛ وبما أنَّ له دوراً في حقل العلم والاجتماع والادب والسياسة والفنّ والصناعة ، موضوع لعلم التراجم. نظير الكلمة العربيّة التي من حيث الصحّة والاعتلال موضوع لعلم الصّرف ، ومن حيث الاعراب والبناء موضوع لعلم النحو. ولأجل ذلك يكون الموضوع في علم الرجال هو شخص الراوي وان لم تكن له شخصيّة اجتماعية ، بخلاف التراجم فإنّ الموضوع فيه ، الشخصيات البارزة في الاجتماع لجهة من الجهات.

٢ ـ العلمان يتّحدان موضوعاً ويختلفان محمولاً ، فالمحمول في علم الرجال وثاقة الشخص وضعفه ، وأمّا التعرّف على طبقته وعلى مشايخه وتلاميذه ومقدار رواياته كثرة وقلّة ، فمطلوب بالعرض والبحث عنها لأجل الوقوف على المطلوب بالذّات وهو تمييز الثقة الضابط عن غيره ، إذ الوقوف على طبقة الشخص والوقوف على مشايخه والراوين عنه خير وسيلة لتمييز المشتركين في الاسم ، ولا يتحقّق التعرّف على الثقة إلا به. كما أنّ الوقوف على مقدار رواياته ومقايسة ما يرويه مع ما يرويه غيره من حيث اللّفظ والمعنى ، سبب للتعرّف على مكانة الراوي من حيث الضبط.

أمّا المطلوب في علم التراجم فهو التعرّف على أحوال الاشخاص لا من حيث الوثاقة والضّعف ، بل من حيث دورهم في حقل العلم والأدب والفنّ والصناعة من مجال السياسة والاجتماع وتأثيره في الاحداث والوقائع إلى غير ذلك ممّا يطلب من علم التراجم.

١٥

٣ ـ إنّ علم الرجال من العلوم التي أسَّسها المسلمون للتعرّف على رواة آثار الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة من بعده حتّى يصحّ الركون اليها في مجال العمل والعقيدة ، ولولا لزوم التعرّف عليها في ذاك المجال لم يؤسَّس ولم يدوَّن.

وأمّا علم التراجم فهو بما أنّه كان نوعاً من علم التاريخ وكان الهدف التعرّف على الأحداث والوقائع الجارية في المجتمع ، كان علماً عريقاً متقدّماً على الإسلام ، موجوداً في الحضارات السابقة على الإسلام. وبهذه الوجوه الثلاثة نقتدر على تمييز أحد العلمين عن الآخر.

الفرق بين علم الرجال والدراية

علم الرجال والدراية كوكبان في سماء الحديث ، وقمران يدوران على فلك واحد ، يتّحدان في الهدف والغاية وهو الخدمة للحديث سنداً ومتناً ، غير أنّ الرجال يبحث عن سند الحديث والدراية عن متنها ، وبذلك يفترق كلّ عن الآخر ، افتراق كلّ علم عن العلم الآخر بموضوعاته.

وان شئت قلت : إنَّ موضوع الأوَّل هو المحدِّث ، والغاية ، التعرّف على وثاقته وضعفه ومدى ضبطه ; وموضوع الثاني ، هو الحديث ، والغاية التعرّف على أقسامه والطوارئ العارضة عليه.

نعم ، ربَّما يبحث في علم الدراية عن مسائل ممّا لا يمتُّ إلى الحديث بصلة مثل البحث عن مشايخ الثقات ، وأنَّهم ثقات أو لا؟ أو أنّ مشايخ الاجازة تحتاج إلى التَّوثيق أو لا؟

ولكنَّ الحقّ عدّ نظائرهما من مسائل علم الرجال ، لأنَّ مآل البحث فيهما تمييز الثقة عن غيرها عن طريق القاعدتين وأمثالهما. فإنَّ البحث عن وثاقة الشخص يتصوَّر على ثلاثة أوجه :

١٦

١ ـ البحث عن وثاقة شخص معيَّن كـ « زرارة » و « محمَّد بن مسلم » و

٢ ـ البحث عن وثاقة أشخاص معيَّنة كـ « كون مشايخ الأقطاب الثلاثة : محمّد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى والبزنطي » ثقات.

٣ ـ البحث عن وثاقة عدّة ينطبق عليهم أحد العنوانين المذكورين كـ « كونهم من مشايخ الاجازة أو من مشايخ الثقة أو الثقات ».

مدار البحث في هذه المحاضرات

لمّا كان علم الرجال يركّز البحث على تمييز الثقة عن غيره ، يكون أكثر أبحاثه بحثاً صغروياً وأنَّه هل الراوي الفلاني ثقة أو لا؟ ضابط أو لا؟ وهذا المنهج من البحث ، لا يليق بالدراسة وإلقاء المحاضرة لكثرتها أوّلاً وغنى القارئ عنها بالمراجعة إلى الكتب المعدّة لبيان أحوال تلك الصغريات ثانياً.

نعم هناك نمط آخر من البحث وهو المحرّك لنا إلى إلقاء المحاضرات ، وهو البحث عن ضوابط كلية وقواعد عامّة ينتفع منها المستنبط في استنباطه وعند مراجعته إلى الكتب الرجاليّة ، وتوجب بصيرة وافرة للعالم الرجالي وهي لا تتجاوز عن عدّة أُمور نأتي بها واحداً بعد آخر ، وقد طرحها الرجاليون في مقدَّمات كتبهم أو مؤخَّراتها. شكر الله مساعيهم.

١٧
١٨

١ ـ أدلّة مثبتي الحاجة إلى علم الرجال

* حجّية خبر الثقة.

* الامر بالرجوع إلى صفات الراوي.

* وجود الوضّاعين والمدلّسين والعامي في الاسانيد وبين الرواة.

١٩
٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530