كليات في علم الرجال

كليات في علم الرجال11%

كليات في علم الرجال مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 530

كليات في علم الرجال
  • البداية
  • السابق
  • 530 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 148997 / تحميل: 5391
الحجم الحجم الحجم
كليات في علم الرجال

كليات في علم الرجال

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

بخلاف الغرس(١) .

فإن قال صاحب الغرس : لا تقلعه وعلَيَّ أُجرة الأرض ، لم يُجبر صاحب الأرض عليه ؛ لأنّ أحداً لا يملك الانتفاع بملك غيره بأُجرته إلّا برضاه.

ولو انعكس الفرض ، فقال صاحب الأرض : أقرّه في الأرض وادفع إلَيَّ الأُجرة ، وقال الغارس : اقلعه وعليك ما نقص ، لم تجب إجابته ؛ لأنّ صاحب الغرس لا يُجبر على اكتراء الأرض له.

ولو قال صاحب الأرض : خُذْ قيمته ، وقال الغارس : بل أقلعه وعلَيَّ ما نقص ، فالقول قول الغارس ؛ لأنّا لا نجبره على بيع ماله.

ولو قال ربّ الأرض : اقلعه وعلَيَّ ما نقص ، وقال الغارس : ادفع إلَيَّ قيمته ، قدّم قول صاحب الأرض ؛ لأنّا لا نجبره على ابتياع مال غيره.

ولو قال ربّ الأرض : خُذ القيمة ، وقال الغارس : خُذ الأُجرة وأقرّه في الأرض ، أو قال الغارس : ادفع إلَيَّ قيمته ، وقال ربّ المال : ادفع إلَيَّ الأُجرة وأقرّه ، لم يُجبَر واحد منهما على ذلك.

مسألة ٢١٦ : إذا أذن المالك للعامل في التصرّف وأطلق ، اقتضى الإطلاق فعل ما يتولّاه المالك من عرض القماش على المشترين والراغبين ونشره وطيّه وإحرازه وبيعه وقبض ثمنه وإيداعه الصندوق واستئجار ما يعتاد للاستئجار له ، كالدلّال والوزّان والحمّال.

ولو استأجر لما يجب عليه مباشرته ، كانت الأُجرة عليه خاصّةً ، ولو‌ عمل بنفسه ما يستأجر له عادةً ، لم يستحق أُجرةً ؛ لأنّه متبرّع في ذلك ،

____________________

(١) راجع : التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٩ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٣ ، وروضة الطالبين ٣ : ١٩٩.

٤١

وفي الأوّل استأجر لما يجب عليه فعله ، فتكون الأُجرة عليه.

مسألة ٢١٧ : لو خصّص المالك الإذنَ ، تخصّص ، فلا يجوز للعامل التعدّي ، فإن خالف ضمن ، ولا يبطل القراض بالتخصيص ، فلو قال له : لا تشتر إلّا من رجلٍ بعينه ، أو سلعة بعينها ، أو لا تبع إلّا على زيد ، أو لا تشتر إلّا ثمرة بستانٍ معيّن ، أو نخلة بعينها ، أو لا تشتر إلّا ثوباً بعينه ، جاز ، ولزم هذا الشرط ، وصحّ القراض ، سواء كان وجود ما عيّنه عامّاً في الأصقاع والأزمان ، أو في أحدهما ، أو خاصّاً فيهما ، وسواء قلّ وجوده وعزّ تحصيله وكان نادراً ، أو كثر ، عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة وأحمد(١) - لأنّه لـمّا جاز أن تكون المضاربة خاصّةً في نوعٍ جاز أن تكون خاصّةً في رجلٍ بعينه أو سلعةٍ بعينها ، كالوكالة.

ولما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : في الرجل يعطي الرجل مضاربةً فيخالف ما شرط عليه ، قال : « هو ضامن ، والربح بينهما »(٢) .

وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يعطي المال مضاربةً وينهى أن يخرج به ، فيخرج به ، قال : « يضمن المال ، والربح بينهما »(٣) .

وفي الصحيح عن رجلٍ(٤) عن الصادقعليه‌السلام : في رجلٍ دفع إلى رجلٍ‌

____________________

(١) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٢ ، بدائع الصنائع ٦ : ٩٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٣١ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٨٧ / ٣٤٥٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٠٤ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٣٨ ، الاستذكار ٢١ : ١٤١ / ٣٠٨١٥ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٥ / ١٢٤٩ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، المغني ٥ : ١٨٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٢٥.

(٢) التهذيب ٧ : ١٩٠ / ٨٣٨.

(٣) التهذيب ٧ : ١٨٩ / ٨٣٦.

(٤) كذا قوله : « رجل » في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة ، وبدله في المصدر : « جميل ».

٤٢

مالاً يشتري به ضرباً من المتاع مضاربةً ، فذهب فاشترى غير الذي أمره ، قال : « هو ضامن ، والربح بينهما على ما شرط »(١) .

وقال الشافعي ومالك : يشترط في صحّة القراض أن لا يضيّق المالك على العامل بالتعيين ، فلو عيّن المالك نوعاً بعينه ، فإن كان ممّا يندر وجوده كالياقوت الأحمر والخَزّ الأدكن والخيل البُلق والصيد حيث يوجد نادراً ، فسد القراض ؛ لأنّ هذا تضييق يُخلّ بمقصوده ، وهو التقليب وطلب الربح.

وإن لم يكن نادرَ الوجود فإن كان ممّا يدوم شتاءً وصيفاً - كالحبوب والحيوان والخَزّ والبَزّ - صحّ القراض ، وإن لم يدم كالثمار الرطبة ، فوجهان ، أحدهما : إنّه لا يجوز ، كما إذا قارضه مدّةً معيّنة ، ومَنَعه من التصرّف بعدها.

ولو قال : لا تشتر إلّا من رجلٍ بعينه ، أو سلعة بعينها ، لم يصح القراض - وبه قال مالك - لأنّ ذلك [ يمنع ](٢) مقصود القراض ، وهو التقليب وطلب الربح ، لأنّه إذا لم يشتر إلّا من رجلٍ بعينه فإنّه قد لا يبيعه ، وقد يطلب منه أكثر من ثمنه ، وكذا السلعة ، وإذا كان كذلك لم يصح ، كما لو قال : لا تبع ولا تشتر إلّا من فلان(٣) .

والجواب : نمنع كون هذا الشرط مانعاً من مقصود القراض.

نعم ، إنّه يكون مخصّصاً للإطلاق ، وذلك جائز بالإجماع ، فكذا هنا.

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٩٣ / ٨٥٣.

(٢) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٣١٤ - ٣١٦ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٦ - ١٩٧ ، الوسيط ٤ : ١٠٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، البيان ٧ : ١٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠١ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٨٧ / ٣٤٥٥ ، الاستذكار ٢١ : ١٤١ / ٣٠٨١٣ ، و ١٤٢ / ٣٠٨١٨ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٣٨ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٤ / ١٢٤٩ ، المغني ٥ : ١٨٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٢٥ - ١٢٦.

٤٣

فروع :

أ - لو شرط أن لا يشتري إلّا نوعاً بعينه ، وذلك النوع يوجد في بعض السنة وينقطع ، جاز عندنا وعند أكثر الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : لا يجوز(٢) ؛ لأنّ الشافعي قال بعد هذه المسألة : وإن اشترط أن يشتري صيداً موجوداً كما إذا قارضه مدّةً وشرط أنّها إذا انقضت لا يبيع ولا يشتري ، فإنّه لا يصحّ القراض(٣) .

والصحيح عندهم : الأوّل(٤) ؛ لأنّ ذلك لا يمنع مقصود المضاربة ، بخلاف ما إذا قدّره بمدّةٍ ؛ لأنّه قد تنقضي المدّة وبيده أعيان لا فائدة فيها إلّا ببيعها ، فإذا منعه البيع تعذّر المقصود بالمضاربة ، وما ذكرناه لا يوجد فيه ذلك ، فافترقا ، على أنّا نمنع بطلان القراض مع الاقتران بالمدّة ، أقصى ما في الباب أنّ هذا التأقيت لا يفيد إلّا منع العامل من العمل بعدها ،

ب - لو قال : اشتر هذا الشي‌ء - وكان ممّا ينقطع - فإذا انقطع فتصرَّف في كذا ، جاز.

أمّا عندنا : فظاهر.

وأمّا عند الشافعي : فلدوام القراض(٥) .

ج - لا فرق عندنا بين أن يقول : لا تشتر إلّا هذه السلعة وإلّا هذا العبد ، وبين أن يقول : لا تشتر هذا العبد ولا هذه السلعة في الجواز.

____________________

(١ و ٢ و ٤) حلية العلماء ٥ : ٣٤٥.

(٣) لم نهتد إلى مظانّه فيما بين أيدينا من المصادر.

(٥) راجع : بحر المذهب ٩ : ١٩٧ ، والتهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ - ٣٨٥ ، والبيان ٧ : ١٧٣ ، والعزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، وروضة الطالبين ٤ : ٢٠١.

٤٤

ومَنَع الشافعي من الأوّل - كما تقدّم(١) - دون الثاني ؛ لأنّ للعامل السعي فيما سواهما ، وهو كثير لا ينحصر(٢) .

د - لا فرق عندنا بين أن يقول المالك : لا تبع إلّا من فلان ولا تشتر إلّا من فلان ، وبين أن يقول : لا تبع من فلان ، أو لا تشتر منه في جواز القراض ووجوب الامتثال.

وفرّق أكثر الشافعيّة فجوّزوا الثاني دون الأوّل(٣) على ما مرّ(٤) .

وقال بعضهم : إنّ الثاني لا يجوز أيضاً كالأوّل(٥) .

ه - لا فرق بين أن يعيّن شخصاً للمعاملة وسلعةً للشراء لا ينقطع عنده المتاع الذي يتّجر على نوعه غالبا ، وبين شخصٍ ينقطع عنده ذلك المتاع الذي يتّجر على نوعه غالباً في جواز القراض معهما.

وأكثر الشافعيّة على عدم الفرق في عدم الجواز معهما(٦) .

وقال بعض الشافعيّة : يجوز في الأوّل دون الثاني ، فقال : إذا كان الشخص - الذي نصّ المالك على تعيين المعاملة معه - بيّاعاً لا ينقطع عنده المتاع الذي يتّجر على نوعه غالباً ، جاز تعيينه(٧) .

مسألة ٢١٨ : يجوز للمالك أن يطلق المشيئة إلى العامل في شراء أيّ نوعٍ شاء وبيع أيّ نوعٍ أراد ، ولا يشترط في صحّة القراض تعيين نوعٍ يتصرّف فيه العامل ؛ لأنّ الغرض تحصيل الفائدة والاسترباح ، فربما رأى العامل المصلحة في نوعٍ يخفى عن المالك ، فكان له أن يفوّض الأمر إليه‌

____________________

(١) في ص ٤٢.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠١.

(٣ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠١.

(٤) في ص ٤٢.

(٦ و ٧) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠١.

٤٥

تحصيلاً للغاية الذاتيّة.

وللشافعيّة قولان في اشتراط تعيين نوعٍ يتصرّف فيه العامل ، كالخلاف في الوكالة.

والظاهر عندهم : إنّه لا يشترط ؛ لأنّ الوكالة نيابة محضة ، والحاجة تمسّ إليها في الأشغال الخاصّة ، والقراض معاملة يتعلّق بها غرض كلّ واحدٍ من المتعاقدين ، فمهما كان العامل أبسط يداً كان أفضى إلى مقصودها(١) .

ونحن نجوّز تعميم المشيئة للوكيل.

مسألة ٢١٩ : لا خلاف في أنّه إذا جرى تعيين صحيح ، لم يكن للعامل مجاوزته ، ولا له العدول عنه ، كما في سائر التصرّفات المستفادة من الإذن ، فإن تجاوز ضمن ، وإن ربح كان الربح بينهما على ما شرطاه ؛ لما تقدّم(٢) من الروايات.

ولما رواه أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يعطي الرجل مالاً مضاربةً وينهاه عن أن يخرج به إلى أرض أُخرى ، فعصاه ، فقال : « هو له ضامن ، والربح بينهما إذا خالف شرطه وعصاه »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فالإذن في البزّ يتناول كلّ ما يُلبس من المنسوج من الإبريسم أو القطن أو الكتّان أو الصوف ، ولا يتناول البُسُط والفُرُش.

وفي الأكسية احتمال ؛ لأنّها ملبوسة ، لكن بائعها لا يُسمّى بزّازاً.

والأقرب : اتّباع الاسم.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ - ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٢) في ص ٤١ - ٤٢.

(٣) تقدّم تخريجه في ص ٨ ، الهامش (٩)

٤٦

وللشافعيّة فيه وجهان(١) .

مسألة ٢٢٠ : قد بيّنّا أنّ المضاربة عقد جائز من الطرفين لكلٍّ منهما فسخها متى شاء ، وهي تتضمّن تصرّف العامل في رقبة مال ربّ المال بإذنه ، فكان جائزاً كالوكالة ، فلا معنى للتأقيت فيها ، ولا يعتبر فيها بيان المدّة ، بخلاف المساقاة ؛ لأنّ العامل في المساقاة لا يتصرّف في رقبة المال ، وإنّما يعمل في إصلاح المال ، ولهذا افتقرت المساقاة إلى مدّةٍ معلومة ، والمقصود من المساقاة الثمرة ، وهي تنضبط بالمدّة ، فإنّ للثمرة أمداً معيّناً ووقتاً مضبوطاً ، أمّا المقصود من القراض فليس له مدّة مضبوطة ، فلم يشترط فيه التأقيت.

إذا عرفت هذا ، فلو وقّت القراض فقال : قارضتك على هذا المال سنةً ، فلا يخلو إمّا أن يُطلق أو يُقيّد.

فإن أطلق واقتصر ، لم يلزم التأقيت ، ولكلٍّ من المالك والعامل فسخ القراض قبل السنة.

نعم ، إنّه يفيد منع العامل بعد ذلك من التصرّفات إلّا بإذنٍ مستأنف ؛ لأنّ الأصل عصمة مال الغير ، ومنع الغير من التصرّف فيه إلّا بإذن مالكه ، والإذن لم يقع عامّاً ، فيتبع ما عيّنه المالك.

وإن قيّد فقال : قارضتك سنةً فإذا انقضت لا تبع ولا تشتر ، فالأقوى(٢) عندي : الجواز ؛ عملاً بالشرط ، ولأنّه مقتضى الإطلاق.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣١٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٧ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٥ ، البيان ٧ : ١٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٢) في « ث ، ج ، ر » : « فالأقرب » بدل « فالأقوى ».

٤٧

وقال الشافعي : يبطل القراض ؛ لأنّه شرط شرطاً فاسداً فأفسده ؛ لأنّ عقد القراض يقع مطلقاً ، فإذا شرط قطعه لم يصح ، كالنكاح ، ولأنّ هذا الشرط ليس من مقتضى العقد ، ولا له فيه مصلحة ، فلم يصح ، كما لو قال : على أن لا تبع ، وإنّما لم يكن من مقتضاه ؛ لأنّ القراض يقتضي ردّ رأس المال تامّاً ، فإذا منعه من التصرّف لم يكن له ذلك ، ولأنّ هذا الشرط يؤدّي إلى الإضرار بالعامل وإبطال غرضه ؛ لأنّ الربح والحظّ قد يكون في تبقية المتاع وبيعه بعد سنةٍ ، فيمنع ذلك مقتضاه(١) .

ونحن نمنع فساد العقد ؛ فإنّه المتنازع. نعم ، إنّه لا يلزم وقوع العقد مطلقاً ، ولا ينافي قطعه بالشرط ، كسائر الشروط في العقود ، والمقيس عليه ممنوع على ما يأتي ، وإنّما يقتضي القراض ردّ رأس المال لو لم يمنعه المالك ، وبالشرط قد منعه ، وإضرار العامل ينتفي بدفع أُجرته إليه ، ومراعاة مصلحة العامل كمراعاة مصلحة المالك ، فقد يكون المالك محتاجاً إلى رأس ماله.

مسألة ٢٢١ : لو قال : قارضتك سنةً على أنّي لا أملك منعك فيها ، فسد القراض ؛ لأنّ القراض من العقود الجائزة لكلٍّ من المتعاقدين فسخه ، فلا يجوز أن يشترط فيه لزومه ، كالشركة والوكالة ؛ لأنّه شرط ما ينافي مقتضى العقد ، وكذا لو قال : قارضتك سنةً على أنّي(٢) لا أملك الفسخ قبل‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣١١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٥ ، الوجيز ١ : ٢٢٢ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٣ ، البيان ٧ : ١٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢ ، المغني ٥ : ١٨٥ - ١٨٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٨.

(٢) في « خ » والطبعة الحجريّة : « أن » بدل « أنّي ».

٤٨

انقضائها ، وبه قال الشافعي(١) أيضاً.

ولو قال : قارضتك سنةً فإذا انقضت السنة فلا تشتر بعدها وبِعْ ، صحّ القراض ، وبه قال الشافعي(٢) أيضاً ، وكذا لو قال : قارضتك سنةً على أن لا تشتر بعد السنة ولك البيع ؛ لأنّ لصاحب المال أن يرجع عن القراض أيّ وقتٍ شاء ، ويتمكّن من منع العامل من الشراء مهما شاء ، فإذا شرط منعه من الشراء ، كان قد شرط ما يقتضيه الإطلاق ، فلا يمنع ذلك صحّة العقد.

ولو قال : قارضتك سنةً فإذا مضت فلا تبع بعدها ، فالأقرب : الصحّة.

وقال الشافعي : إنّه يبطل ، وصار كما لو شرط منعه من التصرّف مطلقاً بعد السنة ؛ لأنّه يُخلّ بمقصود العقد ، ويخالف مقتضاه.

أمّا أنّه يُخلّ بالمقصود : فلأنّه قد لا يجد راغباً في المدّة ، فلا تحصل التجارة والربح.

وأمّا مخالفة مقتضاه : فلأنّه قد يكون عنده عروض عند انقضاء السنة ، وقضيّة عقد القراض أن ينضّ العامل ما في يده في آخر الآمر ليتميّز رأس المال عن الربح(٣) .

وقد بيّنّا أنّ للعامل مع فسخ العقد الأُجرة ، وهو يدفع المحاذير.

ولو قال : قارضتك سنةً ، وأطلق ، فقد بيّنّا الجواز عندنا ، وعدم‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣١١ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، البيان ٧ : ١٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣١٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، البيان ٧ : ١٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٣) الوسيط ٤ : ١٠٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

٤٩

اللزوم.

وللشافعيّة وجهان :

أصحّهما عندهم : المنع ؛ لأنّ قضيّة انتفاء القراض امتناع التصرّف بالكلّيّة ، ولأنّ ما يجوز فيه الإطلاق من العقود لا يجوز فيه التأقيت ، كالبيع والنكاح.

والثاني : يجوز ، ويُحمل على المنع من الشراء دون البيع ، استدامةً للعقد(١) .

على أنّ لهم وجهاً ضعيفاً فيما إذا قارضه سنةً وشرط أن لا يشتري بعدها ، قاضياً بالبطلان ؛ لأنّ ما وضعه على الإطلاق من العقود لا يجوز فيه التأقيت(٢) .

لكن المعتمد عندهم : الجواز(٣) .

تذنيب : لو قال : قارضتك الآن ولكن لا تتصرّف حتى يجي‌ء رأس الشهر ، جاز ؛ عملاً بمقتضى الشرط - وهو أحد وجهي الشافعيّة - كما جاز في الوكالة.

والثاني - وهو الأصحّ عندهم - : المنع ، كما لو قال : بعتك بشرط أن لا تملك إلّا بعد شهرٍ(٤) .

____________________

(١) الوسيط ٤ : ١١٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، البيان ٧ : ١٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٢ و ٣) الوسيط ٤ : ١١٠ ، البيان ٧ : ١٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

٥٠

والفرق ظاهر.

البحث الخامس : في الربح.

وشروطه أربعة :

الأوّل : اختصاصه بالمتعاقدين ، فلو شرط بعض الربح لغيرهما ، لم يصح ، سواء كان قريباً أو بعيداً ، كما لو قال : على أن يكون لك ثلث الربح ، ولي الثلث ، ولزوجتي أو لابني أو لأجنبيٍّ الثلثُ الآخَر ، ويبطل القراض ؛ لأنّه ليس بعاملٍ ولا مالكٍ للمال.

أمّا لو شرط عمل الثالث فإنّه يصحّ ، ويكون في الحقيقة هنا عاملان لا واحد.

ولو كان المشروط له عبدَ المالك أو عبدَ العامل ، فقد بيّنّا أنّه يجوز ؛ لأنّه يكون ما شرطه للعبد للمالك ، فقد ضمّ المالك أو العامل إلى حصّته حصّةً أُخرى.

ولو قال : نصف الربح لك ونصفه لي ومن نصيبي نصفه لزوجتي ، صحّ القراض ، وكان ما عيّنه للزوجة وعداً منه لها إن شاء أعطاها وإن شاء منعها.

ولو قال للعامل : لك الثلثان على أن تعطي امرأتَك نصفَه أو ابنك ، لم يلزم الشرط ، فإن أوجبه فالأقوى : البطلان.

وقال بعض الشافعيّة : إن أوجب ذلك عليه فسد القراض ، وإلّا‌

٥١

لم يفسد(١) .

الشرط الثاني : أن يكون الربح مشتركاً بينهما ، فلو شرط أن يكون جميع الربح للمالك بأن قال : قارضتك على أن يكون جميع الربح لي ، فسد القراض - وبه قال الشافعي(٢) - لمنافاة الشرط مقتضاه ؛ فإنّ مقتضاه الاشتراك في الربح ؛ لأنّ إسحاق بن عمّار سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن مال المضاربة ، قال : « الربح بينهما ، والوضيعة على المال »(٣) .

وقال أبو حنيفة : إنّه يبطل القراض ، ويكون بضاعةً(٤) .

وقال مالك : يصحّ القراض ، ويكون الربح للمالك ؛ عملاً بشرطه ، لأنّهما دخلا في القراض ، فإذا شرط الربح لأحدهما جعل كأنّه وهب له الآخَر نصيبه ، فلا يمنع ذلك صحّة العقد(٥) .

وهو غلط ؛ لأنّ الهبة لا تصحّ قبل حصول الموهوب.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ١٩٥ ، البيان ٧ : ١٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٢ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٩ ، الوسيط ٤ : ١١١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨١ ، البيان ٧ : ١٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٦ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٨١ / ٣٤١٩ ، المغني ٥ : ١٤٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.

(٣) التهذيب ٧ : ١٨٨ / ٨٢٩ ، الاستبصار ٣ : ١٢٦ / ٤٥٢.

(٤) الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٢٨ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٢ : ٢٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٠٢ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٨١ / ٣٤١٨ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٢ - ٣٣٣ ، البيان ٧ : ١٦٨ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ - ٦٤٣ / ١١١٦ ، المغني ٥ : ١٤٤ - ١٤٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.

(٥) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٦ ، المعونة ٢ : ١١٢٣ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، المغني ٥ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.

٥٢

ولو قال : قارضتك على أن يكون جميع الربح لك ، فسد القراض أيضاً عندنا - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(١) - لما تقدّم(٢) .

وقال مالك : يصحّ ، ويكون الربح بأسره للعامل ؛ لأنّهما دخلا في القراض ، فإذا شرط الربح للعامل أو المالك ، كان لمن جعل له ، كأنّ المالك قد وهبه نصيبه من الربح ، فلا يمنع ذلك صحّة العقد(٣) .

وقد تقدّم(٤) بطلانه ، وأنّ هذا الشرط منافٍ للقراض ؛ لاقتضاء القراض كون الربح بينهما ؛ لأنّه عبارة عن أن يكون من أحدهما المال ومن الآخَر العمل ، وذلك يقتضي الاشتراك ، فإذا شرطا ما يخالف ذلك فسد ، كشركة العنان إذا شرطا أن يكون الربح لأحدهما.

إذا عرفت هذا ، فإذا قال : قارضتك على أن يكون الربح كلّه لك ، فالقراض فاسد.

وما حكمه؟ للشافعيّة وجهان :

أحدهما : إنّه قراض فاسد ؛ رعايةً للّفظ.

والثاني : إنّه قرض صحيح ؛ رعايةً للمعنى(٥) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٢ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٢ - ٣٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨١ ، البيان ٧ : ١٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٢٨ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٣٨ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٦ ، المعونة ٢ : ١١٢٣ ، المغني ٥ : ١٤٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.

(٢) في ص ٥١.

(٣) بداية المجتهد ٢ : ٢٣٨ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٦ ، المعونة ٢ : ١١٢٣ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، المغني ٥ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.

(٤) في ص ٥١.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨١ ، البيان ٧ : ١٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ - ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

٥٣

ولو قال : قارضتك على أنّ الربح كلّه لي ، فهو قراض فاسد أو إبضاع؟ فيه الوجهان للشافعيّة(١) .

أمّا لو قال : خُذْ هذه الدراهم وتصرَّفْ فيها والربح كلّه لك ، فهو قرض صحيح ، وبه قال ابن سريج(٢) ، بخلاف ما لو قال : قارضتك على أنّ الربح كلّه لك ؛ لتصريح اللّفظ بعقدٍ آخَر.

وقال بعض الشافعيّة : لا فرق بين الصورتين(٣) .

وليس جيّداً.

وعن بعضهم : إنّ الربح والخسران للمالك ، وللعامل أُجرة المثل ، ولا يكون قرضاً ؛ لأنّه لم يملكه(٤) .

ولو قال : تصرَّفْ في هذه الدراهم والربح كلّه لي ، فهو إبضاع.

مسألة ٢٢٢ : لو ضمّن المالكُ العاملَ ، انقلب القراض قرضاً ، وكان الربح بأسره للعامل ؛ لأنّ عقد القراض ينافي الضمان.

ولما رواه محمّد بن قيس عن الباقرعليه‌السلام قال : « مَنْ ضمّن مُضاربه فليس له إلّا رأس المال ، وليس له من الربح شي‌ء »(٥) .

وعن محمّد بن قيس عن الباقرعليه‌السلام قال : « مَنْ ضمّن تاجراً فليس له إلّا رأس ماله ، وليس له من الربح شي‌ء »(٦) .

إذا عرفت هذا ، فإن أراد المالك الاستيثاق ، أقرضه بعضَ المال ،

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢٠ ، البيان ٧ : ١٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٢) البيان ٧ : ١٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٥) التهذيب ٧ : ١٨٨ / ٨٣٠ ، الاستبصار ٣ : ١٢٦ - ١٢٧ / ٤٥٣.

(٦) الكافي ٥ : ٢٤٠ / ٣ ، التهذيب ٧ : ١٩٢ - ١٩٣ / ٨٥٢.

٥٤

وضاربه على الباقي ، ويكون ذلك قرضاً صحيحاً وقراضاً جائزاً ؛ لأنّ كلّ واحدٍ منهما سائغ ، ولم يحدث عند الاجتماع شي‌ء زائد.

ولما رواه عبد الملك بن عتبة قال : سألتُ بعضَ هؤلاء - يعني أبا يوسف وأبا حنيفة - فقلت: إنّي لا أزال أدفع المال مضاربةً إلى الرجل فيقول : قد ضاع ، أو قد ذهب ، قال : فادفع إليه أكثره قرضاً والباقي مضاربةً ، فسألت أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام عن ذلك ، فقال : « يجوز »(١) .

وسأل عبدُ الملك بن عتبة الكاظمَعليه‌السلام : هل يستقيم لصاحب المال إذا أراد الاستيثاق لنفسه أن يجعل بعضه شركةً ليكون أوثق له في ماله؟ قال : « لا بأس به »(٢) .

الشرط الثالث : أن تكون الحصّة لكلٍّ منهما معلومة ، فلو قارضه على أن يكون له في الربح شركة أو نصيب أو حصّة أو شي‌ء أو سهم أو حظّ أو جزء ، ولم يبيّن ، بطل القراض ، ولا(٣) يحمل الشي‌ء ولا السهم ولا الجزء على الوصيّة ؛ اقتصاراً بالنقل على مورده ، ولا خلاف في بطلان القراض مع تجهيل الربح.

ولو قال : خُذْه مضاربةً ولك من الربح مثل ما شرطه فلان لعامله ، فإن علما معاً ما شرطه فلانٌ صحّ ؛ لأنّهما أشارا إلى معلومٍ عندهما ، ولو جهلاه معاً أو أحدهما بطل القراض ؛ لأنّه مجهول.

ولو قال : والربح بيننا ، ولم يقل : نصفين ، صحّ ، وحُكم بالنصف للعامل والنصف للمالك ، كما لو أقرّ بالمال ، ولو قال : إنّه بيني وبين فلان ،

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٨٨ - ١٨٩ / ٨٣٢ ، الاستبصار ٣ : ١٢٧ / ٤٥٥.

(٢) التهذيب ٧ : ١٨٩ / ٨٣٣ ، الاستبصار ٣ : ١٢٧ / ٤٥٦.

(٣) فيما عدا « ج » من النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « ولم » بدل « ولا ».

٥٥

فإنّه يكون إقراراً بالنصف ، فكذا هنا ، والأصل في ذلك أصالة عدم التفاوت ، وقد أضاف الربح إليهما إضافة واحدة ، لم يرجّح فيها أحدهما على الآخَر ، فاقتضى التسوية ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة.

والثاني : الفساد ؛ لأنّه لم يبيّن ما لكلّ واحدٍ منهما ، فأشبه ما إذا شرطا أن يكون الربح بينهما أثلاثاً ، ولم يبيّن صاحب الثلثين مَنْ هو ، ولا صاحب الثلث مَنْ هو ، ولأنّ التثنية تصدق مع التفاوت كصدقها مع التساوي ، والعامّ لا دلالة له على الخاصّ(١) .

ونحن نمنع صدقها بالتواطؤ ، بل دلالتها على التنصيف أقوى ، وعليه يُحمل إطلاقها ، ويفتقر التفاوت إلى قرينةٍ.

مسألة ٢٢٣ : لو قال : خُذْ هذا المال مضاربةً ، ولم يُسمّ للعامل شيئاً من الربح ، فسد القراض ، وكان الربح بأسره لربّ المال ، وعليه أُجرة المثل للعامل ، والوضيعة على المالك - وبه قال الثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأحمد وأصحاب الرأي(٢) - لأنّ المضارب إنّما يستحقّ بالشرط ولم يوجد.

وقال الحسن وابن سيرين والأوزاعي : الربح بينهما نصفين ؛ لأنّه لو قال : والربح بيننا ، كان بينهما نصفين ، وكذا إذا لم يزد شيئاً(٣) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٧ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٢ ، الوسيط ٤ : ١١٣ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٠ ، البيان ٧ : ١٦٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٢) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٣٩ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٧ - ٢١٨ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، المغني ٥ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣١.

(٣) نفس المصادر ما عدا « الحاوي الكبير » و « بحر المذهب » و « حلية العلماء ».

٥٦

وهو ممنوع ؛ لأنّ قوله : « مضاربةً » يقتضي أنّ له جزءاً من الربح مجهولاً ، فلا يصحّ.

ولو قال : على أنّ ثلث الربح لك وما بقي فثلثه لي وثلثاه لك ، صحّ.

وحاصله اشتراط سبعة أتساع الربح للعامل ؛ لأنّ الحساب من عدد لثلثه ثلاث ، وأقلّه تسعة.

هذا إذا علما عند العقد أنّ المشروط للعامل بهذه اللفظة كم هو ، فإن جهلاه أو أحدهما ، فوجهان للشافعيّة ، أحدهما : الصحّة(١) .

وهو حسن ؛ لسهولة معرفة ما تضمّنه اللّفظ.

وكذا لو قال : على أنّ لك من الربح سُدس رُبْع عُشْر الثُّمْن ، وهُما لا يعرفان قدره عند العقد ، أو أحدهما.

ولو قال : لك الرُّبْع ورُبْع الباقي ، فله ثلاثة أثمان ونصف ثُمنٍ ، سواء عرفا الحساب أو جهلاه ؛ لأنّها أجزاء معلومة.

ولو قال : لك ثلث الربح ورُبْع ما بقي ، فله النصف.

الشرط الرابع : أن يكون العلم به من حيث الجزئيّة المشاعة ، كالنصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك من الأجزاء الشائعة ، لا بالتقدير ، فلو قال : قارضتك على أنّ لك من الربح مائة والباقي بيننا بالسويّة ، فسد القراض ؛ لأنّه ربما لا يربح إلّا ذلك القدر ، فيلزم أن يختصّ به أحدهما.

وكذا إذا قال : على أنّ لي من الربح مائة والباقي بيننا ، لم يصح القراض.

وكذا لو قال : لك نصف الربح سوى درهم ، أو : لك نصف الربح‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

٥٧

ودرهم.

مسألة ٢٢٤ : لو دفع إليه ألفين وقال : قارضتك على هاتين الألفين على أن يكون لك ربح ألفٍ منهما ولي ربح الألف الأُخرى ، فإمّا أن تكونا متميّزتين أو ممتزجتين.

فإن كانتا متميّزتين وشرط تميّزهما ، لم يصح القراض ؛ لأنّه لا شركة بينهما في الربح ؛ إذ كلّ واحدةٍ من الألفين متميّزة عن الأُخرى ، وربح إحداهما بعينها للمالك لا يشاركه العامل فيه ، وربح الأُخرى بعينها للعامل لا يشاركه المالك فيه ، مع أنّ كلّ واحدةٍ منهما مال قراضٍ ، فلا يوجد فيه مقتضى القراض فيبطل ، ولأنّه ربما يختصّ الربح بإحداهما دون الأُخرى ، فيحصل كلّ الربح لأحدهما ويمنع الآخَر منه ، وذلك منافٍ لمقتضى القراض.

وإن كانتا ممتزجتين غير متميّزتين ، فالأقرب : الصحّة ، ويُحمل على الإشاعة والتسوية في الربح ؛ إذ لا فرق بين ذلك وبين قوله : الربح بيننا نصفين ، ولا بينه وبين أن يقول : نصف ربح الألفين لك ونصفه لي ، وهو قول بعض الشافعيّة(١) .

وقال ابن سريج : لا يصحّ ؛ لأنّه خصّصه بربح بعض المال ، فأشبه ما إذا كان الألفان متميّزين ، وما إذا دفع إليه ألفاً على أن يكون له ربحها ليتصرّف له في ألف أُخرى(٢) .

والفرق ظاهر.

ولو قال : على أنّ لي ربح أحد الثوبين ولك ربح الآخَر ، أو : على أنّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٧.

٥٨

لي ربح إحدى السفرتين ولك ربح الأُخرى ، أو : على أنّ لك ربح تجارة شهر كذا ولي ربح تجارة شهر كذا ، لم يصح.

إذا عرفت هذا ، فإذا دفع إليه مالاً قراضاً وشرط أن يكون له نصف ربحه ، جاز ، وكذا لو شرط له ربح نصفه.

ولو قال : على أنّ لك من الربح عشرةً ولي عشرة ، احتُمل البطلانُ ؛ لعدم العلم بحصولهما ، والصحّةُ إن قصد التناسب في مطلق الربح ، قلّ عن ذلك أو كثر أو ساواه.

مسألة ٢٢٥ : لو دفع إليه مالاً قراضاً وشرط عليه أن يولّيه سلعة كذا إذا اشتراها برأس المال ، احتُمل الصحّة ؛ عملاً بقولهعليه‌السلام : « المسلمون(١) عند شروطهم »(٢) ، والبطلانُ - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه ربما لا يحصل الربح إلّا منها.

ولو شرط أن يلبس الثوب الذي يشتريه ويركب الدابّة التي يشتريها ، قال الشافعي : يبطل القراض أيضاً ؛ لأنّ القراض جُوّز على العمل المجهول بالعوض المجهول [ للحاجة ](٤) - ولا حاجة إلى ضمّ ما ليس من الربح إليه ، ولأنّه ربما ينتقص بالاستعمال ويتعذّر عليه التصرّف(٥) .

والأقوى عندي : الجواز.

تذنيب : لو دفع إليه ألفاً قراضاً على أنّ الربح بينهما ، وشرط المالك‌

____________________

(١) في النُّسَخ الخطّيّة : « المؤمنون ».

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٣٥ ، الهامش (٣) ، وفي التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، والاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، والجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣ : « المؤمنون ».

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٣١٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٢ ، البيان ٧ : ١٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٤.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « للراحة ». والمثبت من المصدر.

(٥) نفس المصادر في الهامش (٣) ما عدا « التهذيب ».

٥٩

أن يدفع إليه ألفاً يعمل بها بضاعةً بحيث يكون الربح بأسره للمالك فيها ، فالوجه : صحّة القراض والشرط معاً.

وقيل : يصحّ القراض ، ويبطل الشرط(١) .

وقيل : يبطلان معاً(٢) .

مسألة ٢٢٦ : لو دفع إلى عاملٍ ألفَ درهمٍ ، فقال له : اعمل على هذه وربحها لي ، ودفع إليه ألفاً أُخرى وقال : اعمل على هذه ويكون ربحها لك ، فإن قصد القراض ، بطل ؛ لأنّه شرط أن يكون جميع الربح في إحداهما للمالك وفي الأُخرى للعامل ، وهو باطل ؛ لأنّه لا يجوز أن ينفرد أحدهما بالربح ؛ لأنّ الربح يحصل بالمال والعمل معاً ، فلا يصحّ في واحدةٍ من الألفين.

وإن لم يقصد القراض ، صحّ ، وكان ما شرطه المالك له بضاعةً ، وما شرطه العامل لنفسه قرضاً.

ولو دفع الألفين وقال : قارضتك على هذه على أن يكون ربح ألفٍ منها لي وألف لك ، فالأقوى : الصحّة - وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور(٣) - لأنّه بمنزلة أن يقول : نصف الربح لي ونصفه لك ؛ لأنّه بمعناه.

قال ابن سريج : وهذا غلط ؛ لأنّ وضع القراض على أن يكون كلّ جزءٍ من المال ربحه بينهما ، فإذا شرط ربح ألفٍ فقد شرط لنفسه الانفراد بربح جزءٍ منه ، فكان فاسداً ، بخلاف ما إذا شرط نصف الربح ؛ لأنّ شرطه لم يتضمّن الانفراد بجزءٍ منه(٤) .

____________________

(١) كما في شرائع الإسلام ٢ : ١٤٥.

(٢) قال به الطوسي في المبسوط ٣ : ١٩٧ ، والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٤٦٦.

(٣) بحر المذهب ٩ : ١٩٨ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٠.

(٤) راجع : العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٧.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

حسين بن حنظلة ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال : أكل الكباب يذهب بالحمى(١) .

وروى أيضاً عن عدة من اصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن ابي نصر ، عن عبد اللَّه بن محمد الشامي ، عن الحسين بن حنظلة قال : الدباء يزيد في الدماغ(٢) .

وروى البرقي في المحاسن بسنده عن أحمد بن محمد بن ابي نصر ، عن عبد اللَّه بن محمد الشامي ، عن الحسين بن حنظلة ، عن احدهماعليهما‌السلام قال : السمك يذيب الجسد(٣) .

اما وجه النقض فان عبداللَّه بن محمد ، من رجال كتاب « نوادر الحكمة » وقد ضعف عدة من رجالها ، وذكرها النجاشي في ترجمة مؤلفها ، منهم عبد اللَّه بن محمد الشامي ، واليك نص النجاشي في ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري القمي : « كان ثقة في الحديث إلا ان اصحابنا قالوا : كان يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل ، ولا يبالي عمن أخذ ، وما عليه في نفسه مطعن في شيء وكان محمد بن الحسن بن الوليد يستثنى من رواية محمد بن أحمد بن يحيى ، ما رواه عن موسى بن محمد الهمداني ـ إلى ان قال : او عبد الله بن محمد الشامي ، او عبد الله بن أحمد الرازي »(٤) .

اقول : ان عبد اللَّه بن محمد الشامي ، الذي يروي عنه محمد بن أحمد بن يحيى صاحب « نوادر الحكمة » غير عبد اللَّه بن محمد الشامي الذي يروي عنه البزنطي ، فان الأول شيخ صاحب النوادر وتلميذ أحمد بن محمد بن

__________________

١ ـ الكافي : ج ٦ كتاب الاطعمة باب الشواء والكباب ، الحديث ٤.

٢ ـ الكافي : ٦ / ٣٧١ كتاب الاطعمة باب القرع ، الحديث ٤.

٣ ـ المحاسن : ٤٧٦ ، الحديث ٤٨٣.

٤ ـ رجال النجاشي : الرقم ٩٣٩.

٢٦١

عيسى قال الشيخ : « عبد الله بن محمد يكنى ابا محمد الشامي الدمشقي يروي عن أحمد بن محمد بن عيسى وغيره من اصحاب العسكريعليه‌السلام » وقال في فصل من لم يرو عنهمعليهم‌السلام : « عبد الله بن محمد الشامي روى عنه محمد بن أحمد بن يحيى » وهذا هو الذي استثناه ابن الوليد من روايات كتاب « نوادر الحكمة ».

واما عبد الله بن محمد الشامي الذي يروي عنه أحمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي ، فهو متقدم على سميّه بواسطتين : ١ ـ أحمد بن محمد بن عيسى ٢ ـ أحمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي ، وذلك لأن ابن عيسى يروي كثيراً عن البزنطي ، وهو يروي عن عبد الله بن محمد الشامي ، فلا يمكن ان يكونا شخصاً واحداً.

وبعبارة اخرى ؛ توفي مؤلف النوادر حوالي ٢٩٠ ، وتوفي أحمد بن محمد بن عيسى بعد ٢٧٤ ، أو بعد ٢٨٠ ، وتوفي البزنطي ٢٢١ ، فكيف يمكن ان يروي صاحب « نوادر الحكمة » عن شيخ البزنطي وهو عبد الله بن محمد الشامي. ومنشأ الاشتباه اتحاد الراويين في الاسم والنسبة.

ولأجل ان يقف القارئ على تعددهما ذاتاً وطبقة ، فليلاحظ ما رواه الصدوق في عيون اخبار الرضا باب النص على الرضاعليه‌السلام قال : حدثنا ابي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، وأحمد بن محمد بن يحيى العطار ، ومحمد بن علي ماجيلويه ـ رضي اللَّه عنهم ـ قالوا حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ( مؤلف نوادر الحكمة ) عن عبد الله بن محمد الشامي ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن علي بن أسباط ، عن الحسين مولى ابي عبداللهعليه‌السلام (١) . ترى فيه ان عبد الله بن محمد الشامي يروي عن علي

__________________

١ ـ عيون اخبار الرضا : ١٦ ، الطبعة الحجرية.

٢٦٢

بن اسباط بواسطة ، وكان علي بن اسباط معاصراً لعلي بن مهزيار ، وقد دارت بينهما رسائل ، وعلي بن مهزيار متأخر عن البزنطي(١) . وليسا في طبقة واحدة ، فكيف يمكن ان يكون الشامي الذي هو شيخ صاحب النوادر ، شيخاً للبزنطي؟ ولأجل ذلك يحكم بتعدد الراويين.

٤ ـ عبد الرحمن بن سالم : روى الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد بن ابي نصر ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن اسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر(٢) .

وروى ايضاً بهذا السند عن عبد الرحمن بن سالم ، عن مفضل بن عمر قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام جعلت فداك ما تقول في المرأة تكون في السفر مع الرجال ليس فيهم لها ذو محرم(٣) .

وروى أيضاً عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن مفضل بن عمر قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : من غسل فاطمةعليها‌السلام ؟...(٤) .

اقول : ويروي عنه ابن ابي عمير أيضاً. روى الكليني عن علي بن إبراهيم عن ابيه ، عن ابن ابي عمير ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن ابيه ،

__________________

١ ـ توفي ابن مهزيار في ايام إمامة الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام ، روى الكليني مكاتبته عنه في الحج لاحظ ج ٤ ، الصفحة ٣٠ باب بلا عنوان بعد باب الحج عن المخالف ، وقد تقلد الإمام العسكريعليه‌السلام الإمامة بعد وفاة ابيه عام ٢٥٤ هـ ، وعلى ذلك يكون موت ابن مهزيار حوالي تلك السنة.

٢ ـ الوسائل : ج ١ باب ٤ من ابواب الوضوء ، الحديث ٤.

٣ ـ الوسائل : ج ٢ باب ٢٢ من ابواب غسل الميت ، الحديث ١.

٤ ـ الوسائل : ج ٢ باب ٢٤ من ابواب غسل الميت الحديث ٦ والظاهر سقوط الواسطة بين أحمد بن محمد بن عيسى ، وعبد الرحمن بن سالم وهو أحمد بن محمد بن ابي نصر ، كما في الاستبصار الرقم ( ٧٣٠ ) ويشهد بذلك السندان السابقان.

٢٦٣

عن ابي جعفرعليه‌السلام قال : قلت له : هل يكره الجماع في وقت من الأوقات وان كان حلالاً؟(١) .

وقع بعنوان « عبد الرحمن بن سالم » في اسناد ثلاث وعشرين رواية ، فهو يروي عن ابي بصير وابيه ، واسحاق بن عمار ، والمفضل بن عمر ، وروى عنه ابن ابي عمير ، وابن ابي نصر ، والحسن بن ظريف ، وسهل بن زياد ، ومحمد بن أسلم وغيرهم.

قال النجاشي : « عبد الرحمن بن سالم بن عبد الرحمن الكوفي العطار ـ وكان سالم بياع المصاحف ـ وعبد الرحمن اخو عبد الحميد بن سالم ، له كتاب » ثم ذكر سنده اليه(٢) . وعده الشيخ في رجاله من اصحاب الصادقعليه‌السلام كما عده البرقي من اصحابه(٣) .

ولم يضعفه إلا ابن الغضائري وقال : « روى عن ابي بصير ، ضعيف » ومن المعلوم ان تضعيفاته غير موثوق بها ، لما أوضحنا حالها.

حصيلة البحث : قد تعرفت على النقوض المتوجهة إلى الضابطة من جانب المحقق مؤلف « معجم رجال الحديث » والفاضل المعاصر مؤلف « مشايخ الثقات » وان شيئاً منها لا يصلح لأن يكون نقضاً للقاعدة ، وذلك لجهات شتى نشير اليها :

١ ـ ان كثيراً من هؤلاء الضعاف لم يكونوا مشايخ للثقات ، بل كانوا أعدالهم وأقرانهم ، وانما توهمت الرواية عنهم بسبب وجود « عن » مكان « الواو » ، فتصحيف العاطف بحرف الجر ، صار سبباً لأوهام كثيرة. وقد نبه

__________________

١ ـ الكافي : ٥ / ٤٩٧ ، كتاب النكاح باب الاوقات التي يكره فيها الباه.

٢ ـ رجال النجاشي : الرقم ٦٢٩.

٣ ـ رجال الشيخ : الرقم ٧١١.

٢٦٤

على هذه القاعدة صاحب « منتقى الجمان » كما أوضحناه فتصور العديل استاذاً لهم.

٢ ـ ان كثيراً ممن اتهم بالضعف ، مضعفون من حيث المذهب والعقيدة ، لا من حيث الرواية ، وهذا لا يخالف وثاقتهم وصدقهم في الحديث. وقد وقفت في كلام الشيخ على ان المراد من الثقات هم الموثوق بهم من حيث الرواية والحديث لا المذهب ، وبعبارة اخرى كانوا ملتزمين بالنقل عن الثقات سواء كانوا إماميين أم غيرهم.

٣ ـ ان منشأ بعض النقوض هو الاشتراك في الاسم بين المضعف وغيره ، كما مر نظيره في عبد الله بن محمد الشامي.

٤ ـ ان بعض من اتهم بالضعف لم يثبت ضعفهم أوّلاً ، ومعارض بتعديل الآخرين ثانياً. وعلى ضوء ما تقدم ، تقدر على الاجابة عن كثير من النقوض المتوجهة إلى الضابطة ، التي ربما تبلغ خمسة واربعين نقضاً. وأغلبها مستند إلى سقم النسخ وعدم إتقانها.

نعم من كان له إلمام بطبقات الرواة ، وميز الشيخ عن التلميذ ، يقف على كثير من الاشتباهات الواردة في الاسناد التي لم تقابل على النسخ الصحيحة.

فابتلاؤنا بكثير من هذهالاشتباهات وليد التقصير في دراسة الحديث ، وعدم معرفتنا بأحوال الرواة ، وطبقاتهم ومشايخهم وتلاميذهم ، وفقدان النسخ الصحيحة.

محاولة للاجابة عن النقوض

ان هنا محاولة للاجابة عن هذه النقوض لا بأس بطرحها ، وهي :

ان شهادة الشيخ في المقام لا تقصر عن شهادة ابن قولويه وعلي بن

٢٦٥

إبراهيم في أول كتابيهما بأنهما لا يرويان فيهما إلا عن ثقة. فكما انه يجب الاخذ بشهادتهما مطلقاً ، إلا إذا عارضها تنصيص آخر ، وعند التعارض اما ان يتوقف ، او يؤخذ بالثاني لو ثبت رجحانه ، فهكذا المقام يؤخذ بهذه الشهادة إلا إذا ثبت خلافها ، او تعارضت مع نصّ اخر ، فكما ان ثبوت الخلاف في مورد شهادة ابن قولويه وعلي بن إبراهيم ، لا يضر بالاخذ بقولهما في غير مورده فهكذا المقام.

وجه ذلك ان الشهادة الاجمالية في هذه المقامات تنحل إلى شهادات حسب عدد الرواة ، فالتعارض او ثبوت الخلاف في موارد خاصة يوجب عدم الأخذ بها في الموارد التي ثبت خلافها دون ما لم يثبت ، وقد اورد على هذه المحاولة بوجهين :

الوجه الأول : ان هذا الجواب انما يتم لو كانت الشهادة منتهية إلى نفس هؤلاء الثلاثة ، بأن كانوا مصرحين بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة فعند ذلك تؤخذ بشهادتهم إلا في صورة التعارض او ثبوت الخلاف ، اما إذا كانت الشهادة مستندة إلى نفس الشيخ ، بأن يشهد هوقدس‌سره بأن هؤلاء المشايخ لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة ، فعندئذ يكون الوقوف على مشايخ لهم مضعفين بنفس الشيخ ، موجباً لسقوط هذه الشهادة عن الاعتبار فلا يبقى لها وثوق.

والفرق بين كون الشهادة منتهية إلى نفس الأقطاب الثلاثة ، وكونها منتهية إلى نفس الشيخ واضح ، إذ لو كانت الشهادة منتهية إلى نفس المشايخ ، يكون معناه انهم شهدوا على انهم ما كانوا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة عندهم. فاذا تبين الخلاف ، او تعارض مع تنصيص اخر ، يحمل على انه صدر اشتباهاً من هؤلاء في هذه الموارد المتبينة ، فحسبوا غير الثقة ثقة فرووا عنه. وهذا لا يضر بالاخذ بها في غير تلك الموارد وكم له من نظائر في عالم الشهادات.

٢٦٦

واما إذا كانت الشهادة منتهية إلى نفس الشيخ ، وكانت شهادته على انهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة ، مبنية على استقرائه في مشايخهم ، فلا تعتدّ بها إذا تبين الخلاف ، واعلم انهم يروون عن غير الثقة أيضاً ، إذ عندئذ يتبين ان استقراء الشيخ كان استقراء ناقصاً غير مفيد لامكان انتزاع الضابطة الكلية ، فلا يصح الأخذ بها لبطلان اساسها.

هذا ما يرومه معجم رجال الحديث. وان كانت العبارة غير وافية بهذا التقرير ، ولكن الإجابة عن هذا الاشكال ممكنة بعد الدقة في عبارة « العدة ». لأن الظاهر من عبارة الشيخ هو استكشاف الطائفة التزامهم بأنهم ما كانوا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة ، على وجه كانت القضية مشهورة في الأوساط العلمية قبل زمن الشيخ إلى ان انتهت اليه ، فعند ذاك يكون الشيخ حاكياً لهذا الاستكشاف ، لا انه هو الذي كشف ذلك ، وادعى الإجماع عليه. ألا ترى انه يقول : « سوت الطائفة بين ما يرويه هؤلاء وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عمن يوثق به ».

فالطائفة التي سوت بين ما يرويه هؤلاء هي التي كشفت هذا الالتزام عنها وعرفها الشيخ ، وبذلك يسقط الاشكال عن الصلاحية ، لانه كان مبنياً على ان الشيخ هو الذي كشف الضابطة عن طريق الاستقراء ، وبالعثور على مشايخ ضعفهم الشيخ نفسه في كتبه ، يكون ذلك دليلاً على نقصان الاستقراء.

ولكنك عرفت ان احتمال كون الشيخ هو المستكشف ، فضلاً عن كون استكشافه مبنياً على الاستقراء ، أمر لا توافقه عبارة « العدة ». وعلى ذلك يؤخذ بهذه الشهادة ، ويحكم بوثاقة مشايخهم عامة ، وان لم يذكروا في الكتب الرجالية بشيء من الوثاقة والمدح.

الوجه الثاني : ربما يقال ان هذه المحاولة انما تنتج في المسانيد ، فيحكم بوثاقة كل من جاء فيها إلا من ثبت ضعفه. وأما المراسيل فلا تجري

٢٦٧

فيها ، إذ من المحتمل أن تكون الواسطة هي من ثبت ضعفه فعندئذ لا يمكن الأخذ بها ، لأنه يكون من قبيل التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية(١) .

وأجاب عنه السيد الشهيد الصدر ـ رضوان الله عليه ـ على أساس حساب الاحتمالات ، وحاصله : أن الوسيط المجهول إذا افترضنا أنه مردّد بين جميع مشايخ ابن أبي عمير ، وكان مجموع من روى عنه أربعمائة شخص ، وكان ثابت الضعف منهم بشهادة أخرى ، لا يزيدون على خمسة أو حوالي ذلك ، فعندئذ يكون احتمال كون الوسيط المحذوف أحد الخمسة المضعفة ٨٠/١ ، وإذا افترضنا أن ثابت الضعف من الاربعمائة هم عشرة ، يكون احتمال كون الوسيط المحذوف منهم ٤٠/١ ومثل هذا الاحتمال لا يضرّ بالاطمئنان الشخصي ، وليس العقلاء ملتزمين على العمل والاتباع ، إذا صاروا مطمئنين مائة بالمائة.

ثمَّ إنهقدس‌سره أورد على ما أجاب به إشكالاً هذا حاصله : إن هذا الجواب إنما يتم إذا كانت الاحتمالات الاربعمائة في الوسيط المجهول ، متساوية في قيمتها الاحتمالية ، إذ حينئذ يصحّ أن يقال احتمال كونه أحد الخمسة المضعفين قيمة ٨٠/١ ، وإذا فرضنا أن ثابت الضعف عشرة في أربعمائة ، كان احتمال كون الوسيط أحدهم ٤٠/١ ، وأما إذا لم تكن الاحتمالات متساوية ، وكانت هناك أمارة احتمالية تزيد من قيمة احتمال أن يكون الوسيط المجهول أحد الخمسة ، فسوف يختلّ الحساب المذكور ، ويمكن أن ندّعي وجود عامل احتمالي ، يزيد من قيمة هذا الاحتمال ، وهو نفس كون ابن أبي عمير يروي الرواية عن رجل او بعض اصحابه ، ونحو ذلك من التعبيرات التي تعرب عن كون الراوي بدرجة من عدم الاعتناء ، وعدم الوثوق بالرواية ، يناسب أن يكون المرويّ عنه أحد أولئك الخمسة ، وإلا لما

__________________

١ ـ معجم رجال الحديث : ١ / ٨٠ ، ومشايخ الثقات : ٤١.

٢٦٨

كان وجه لترك اسمه والتكنية عنه برجل ونحوه وعندئذ يختلّ الحساب المذكور ويكون المظنون كون المرويّ هو أحد الخمسة ، لا أحد الباقين ، فتنقلب المحاسبة المذكورة(١) .

ولا يخفى أن الجواب المذكور غير واف لدفع الاشكال ، وعلى فرض صحّته فالذي اُورد عليه غير تامّ.

أما الأول ، فلأن العقلاء في الاُمور المهمّة ، يحتاطون بأكثر من ذلك ، فلا يأخذون بخبر يحتمل كذبه بنسبة ٨٠/١ فلو علم العقلاء أن قنبلة تصيب بناية من ثمانين بناية ، لا يقدمون على السكنى في أحدها ، كما أنه لو وقفوا على أن السيل سيجرف إحدى السيارات التي تبلغ العدد المذكور لا يجرأون على ركوب أي منها ، وهكذا غير ذلك من الامور الخطيرة.

نعم الاُمور الحقيرة التي لا يهتمّ العقلاء باضرارها ، ربّما يأخذون بخبر يحتمل صدقه حتى بأقل من النسبة المذكورة. والشريعة الالهية من الامور المهمة ، فلا يصحّ التساهل فيها ، مثل ما يتساهل في الاُمور غير المهّمة.

ولأجل ذلك قلنا إن أصل الجواب غير تامّ. اللّهم إلا أن يقال : إنَّ تسويغ الشارع العمل بمطلق قول الثقة ، يكشف عن أنه اكتفى في العمل بالشريعة ، بالمراتب النازلة من الاطمئنان ، وإلا لما سوَّغ العمل بقول الثقة على وجه الاطلاق ، وليس قول كل ثقة مفيداً للدرجة العليا من الاطمئنان.

وأما الثاني ، وهو أن الاشكال غير وارد على فرض صحَّة الجواب ، فلأن النجاشي يصرّح بأن وجه إرساله الروايات ، هو أن اُخته دفنت كتبه في حال استتاره ، وكونه في الحبس أربع سنين ، فهلكت الكتب وقيل : بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت ، فحدَّث من حفظه وممّا كان سلف له في أيدي

__________________

١ ـ مشايخ الثقات : ٤٤ ـ ٤٥.

٢٦٩

الناس ، فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله(١) .

وعلى هذا فقوله « عن رجل » وما شاكله ، لأجل أنه نسي المرويّ عنه ، وإلا لصرّح باسمه ، لا كأنه بلغ من الضعف إلى درجة يأنف عن التصريح باسمه ، حتى يستقرب بأنه من أحد الخمسة الضعاف.

نعم هاهنا محاولة لحجيّة مراسيله لو صحت لاطمأنّ الإنسان بأنّ الواسطة المحذوفة كانت من الثقات لا من الخمسة الضعاف.

وحاصلها أن التتبع يقضي بأن عدد رواياته عن الضعاف قليل جدّاً بالنسبة إلى عدد رواياته عن الثقات ، مثلاً إنه يروي عن أبي أيوب في ثمانية وخمسين مورداً ، كما يروي عن ابن اذينة في مائة واثنين وخمسين مورداً ، ويروي عن حمّاد في تسعمائة وخمسة وستّين مورداً ، ويروي عن عبد الرحمن بن الحجّاج في مائة وخمسة وثلاثين مورداً ، كما يروي عن معاوية بن عمّار في أربعمائة وثمانية وأربعين مورداً ، إلى غير ذلك من المشايخ التي يقف عليها المتتبّع بالسبر في رواياته.

وفي الوقت نفسه لا يروي عن بعض الضعاف إلا رواية او روايتين او ثلاثة ، وقد عرفت عدد رواياته في الكتب الاربعة عن هذه الضعاف.

فاذا كانت رواياته من الثقات أكثر بكثير من رواياته عن الضعاف ، يطمئن الانسان بأن الواسطة المحذوفة في المراسيل هي من الثقات ، لا من الضعاف. ولعلّ هذا القدر من الاطمئنان كاف في رفع الاشكال.

نعم لمّا كانت مراسيله كثيرة مبسوطة في أبواب الفقه ، فلا جرم إن الانسان يذعن بأن بعض الوسائط المحذوفة فيها من الضعفاء.

__________________

١ ـ رجال النجاشي : الرقم ٨٨٧.

٢٧٠

ولكن مثل هذا العلم الاجمالي أشبه بالشبه غير المحصورة ، لا يترتب عليها أثر ، كالعلم بأن بعض الاخبار الصحيحة غير مطابق للواقع ، ولا صادر عن المعصوم.

٢٧١
٢٧٢

٣ ـ العصابة المشهورة بأنهم لا يروون إلا عن الثقات

* أحمد بن محمد بن عيسى.

* بنو فضال كلهم.

* جعفر بن بشير البجلي.

* محمد بن اسماعيل بن ميمون الزعفراني.

* علي بن الحسن الطاطري.

* أحمد بن علي النجاشي صاحب الرجال.

٢٧٣
٢٧٤

قد عرفت حقيقة الحال في ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي. هلمّ معي ندرس حال الباقين ممَّن قيل في حقّهم إنهم لا يروون إلا عن ثقة ، وهم عبارة عن عدّة من أجلاء الاصحاب منهم :

ألف ـ أحمد بن محمد بن عيسى القمي

لا شكّ أن أحمد بن محمد بن عيسى ثقة جليل وثَّقه النجاشي والشيخ ، ونقل العلاّمة في خلاصته(١) أنه أخرج أحمد بن محمد بن خالد البرقي القمي من قم لانه كان يروي عن الضعاف ، لكنه أعاده اليها ، معتذراً اليه ، ولمّا توفي مشى أحمد بن محمد بن عيسى في جنازته حافياً حاسراً ليبرء نفسه ممّا قذفه به وهذا يدلّ على أن أحمد بن محمد بن عيسى ما كان يروي عن الضِّعاف وإلا لما أخرج سميّه ومعاصره من قم ، فيعدّ هذا دليلاً على أنه لا يروي إلا عن ثقة.

والظاهر بطلان هذا الاستنتاج ، لأنه لم يخرج البرقي من قم لأجل روايته عن ضعيف او ضعيفين او ضعاف معدودين ، بل لأجل أنه كان يكثر الرواية عن

__________________

١ ـ الخلاصة : ١٤ ، طبعة النجف. ونقل النجاشي في فهرسه ( الرقم : ٤٩٠ ) قريباً منه في حق سهل بن زياد الآدمي ، وان ابن عيسى اخرجه من قم وكان يشهد عليه بالغلو والكذب.

٢٧٥

الضعاف ويعتمد عليهم. قال الشيخ في ترجمته : « وكان ثقة في نفسه غير أنه أكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل »(١) وقال العلاّمة في « الخلاصة » : « أصله كوفي ثقة غير أنه اكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل ، قال ابن الغضائري : طعن عليه القميون وليس الطعن فيه ، إنما الطعن فيمن يروي عنه فانه كان لا يبالي عمَّن أخذ على طريقة أهل الاخبار ».

والمتحصل من ذلك أن أحمد بن محمد بن عيسى أخذ على البرقي إكثار الرواية من الضعاف ، وهو يدل على عدم اكثاره منها لا أنه لا يروي عن ضعيف قطّ.

أضف إلى ذلك أن أحمد بن محمد بن عيسى بنفسه روى عن عدَّة من الضعفاء نظراء :

١ ـ محمد بن سنان : روى الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن اسماعيل بن جابر ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : العلماء أمناء ، والاتقياء حصون(٢) .

ومحمد بن سنان هذا ممَّن ضعفه النجاشي وقال : « قال أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد : إنه روى عن الرضاعليه‌السلام قال : وله مسائل عنه معروفة ، وهو رجل ضعيف جدّاً لا يعوَّل عليه ولا يلتفت إلى ما تفرّد به ، وقد ذكره ابو عمرو في رجاله ، قال أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري قال : قال أبو محمد الفضل بن شاذان : لا اُحلّ لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان »(٣) .

٢ ـ علي بن حديد : روى الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن

__________________

١ ـ فهرست الشيخ : الرقم ٥٥.

٢ ـ الكافي : ١ / ٣٣ ، كتاب فضل العلم ، الباب الثاني ، الحديث ٥.

٣ ـ رجال النجاشي : الرقم ٨٨٨ ، ورجال الكشي : ٤٢٨.

٢٧٦

محمد بن عيسى ، عن علي بن حديد ، عن مرازم ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شيء(١) .

وقد مضى أن علي بن حديد في الضعاف.

٣ ـ اسماعيل بن سهل : روى الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن اسماعيل بن سهل ، عن حماد ، عن ربعي ، عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال : قال امير المؤمنينعليه‌السلام : ان الندم على الشر يدعو إلى تركه(٢) .

واسماعيل بن سهل هذا ضعفه النجاشي. قال : « اسماعيل بن سهل الدهقان ضعفه اصحابنا ، له كتاب »(٣) وقال العلاّمة في القسم الثاني من الخلاصة وابن داود مثله(٤) .

٤ ـ بكر بن صالح : روى الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن علي ، عن عبدالله بن إبراهيم ، عن علي بن أبي علي اللهبي ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى ليعطي العبد من الثواب على حسن الخلق كما يعطي المجاهد في سبيل الله يغدو عليه ويروح(٥) .

وبكر بن صالح هذا ممَّن ضعفه النجاشي. قال : « مولى بني ضبَّة روى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، ضعيف له كتاب نوادر »(٦) .

__________________

١ ـ الكافي : ١ / ٥٩ ، كتاب فضل العلم ، باب الرد إلى الكتاب والسنة ، الحديث ٢١.

٢ ـ الكافي : ٢ / ٤٢٧ ، كتاب الايمان والكفر ، باب الاعتراف بالذنوب ، الحديث ٧.

٣ ـ رجال النجاشي : الرقم ٥٦.

٤ ـ الخلاصة : ٢٠٠ ، ورجال ابن داود : ٢٣١ ، وذكراه في القسم الثاني.

٥ ـ الكافي : ٢ / ١٠١ باب حسن الخلق ، الحديث ١٢.

٦ ـ رجال النجاشي : الرقم ٢٧٦.

٢٧٧

وقال العلاّمة في القسم الثاني من الخلاصة : « بكر بن صالح الرازي مولى بني ضبَّة ، وروى عن أبي الحسن الكاظمعليه‌السلام ، ضعيف جدّاً كثير التفرّد بالغرائب »(١) .

ب ـ بنو فضّال

قد استدلّ على وثاقة كل من روى عنه بنو فضال بالحديث التالي : روى الشيخ في كتاب « الغيبة » عن أبي محمد المحمدي قال : وقال أبو الحسين بن تمام : حدثني عبدالله الكوفي خادم الشيخ الحسين بن روح ( رضي الله عنه ) قال : سئل الشيخ ـ يعني أبا القاسم ( رضي الله عنه ) ـ عن كتب ابن ابي العزاقر(٢) بعد ما ذمّ وخرجت فيه اللعنة ، فقيل له : فكيف نعمل بكتبه وبيوتنا منها ملآى؟ فقال : أقول فيها ما قاله أبو محمد الحسن بن عليعليه‌السلام وقد سئل عن كتب بني فضال ، فقالوا : كيف نعمل بكتبهم وبيوتنا منها ملآى؟ فقال ـ صلوات الله عليه ـ : خذوا بما رووا وذروا ما رأوا(٣) .

وهذه الرواية ممّا استند اليه الشيخ الانصاريرحمه‌الله في كتاب صلاته عند ما تعرض لرواية داود بن فرقد وقال : « روى الشيخ عن داود بن فرقد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي بمقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات ، فاذا مضى مقدار ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر ـ ثم قال : وهذه الرواية وإن كانت مرسلة إلا أن سندها إلى الحسن بن فضّال صحيح وبنو فضّال ممّن أُمروا بالأخذ بكتبهم ورواياتهم »(٤) .

__________________

١ ـ الخلاصة : ٢٠٧ ـ ٢٠٨.

٢ ـ هو محمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن ابي العزاقر وقد خرج التوقيع بلعنه على يد الشيخ ابي القاسم الحسين بن روح في ذي الحجة من شهور سنة ٣١٢ هـ ، وله كتاب « التكليف ».

٣ ـ كتاب الغيبة للشيخ الطوسي : ٢٣٩ ، طبعة النجف.

٤ ـ صلاة الشيخ الانصاري : ١.

٢٧٨

غير أن الاستدلال بهذا الحديث على فرض صحة سنده قاصر ، لأن المقصود من الجملة الواردة في حقّ بني فضال هو أن فساد العقيدة بعد الاستقامة لا يضرّ بحجية الرواية المتقدمة على الفساد ، لا انه يؤخذ بكل رواياتهم ومراسيلهم ومسانيدهم من غير أن يتفحص عمَّن يروون عنه ، بل المراد أنه يجري على بني فضال الحكم الذي كان يجري على سائر الرواة ، فكما أنه يجب التفتيش عنهم حتى تتبيّن الثقة منهم عن غيرها فهكذا بنو فضال.

ج ـ جعفر بن بشير

قد استدل المحدث النوري في مستدركه(١) على وثاقة كل من روى جعفر بن بشير عنهم ومن رووا عنه بما ذكره النجاشي في رجاله حيث قال : « جعفر بن بشير البجلي الوشاء من زهاد اصحابنا وعبّادهم ونسّاكهم وكان ثقة وله مسجد بالكوفة ـ إلى أن قال : مات جعفررحمه‌الله بالأبواء سنة ٢٠٨ هـ. كان أبو العباس بن نوح يقول : كان يلقّب فقحة العلم(٢) روى عن الثقات ورووا عنه ، له كتاب المشيخة »(٣) .

ولكن الظاهر أن العبارة غير ظاهرة في الحصر ، بل المراد أن جعفر بن بشير يروي عن الثقات كما تروي الثقات عنه ، وأما إنه لا يروي عنه إلا الثقات وهو لا يروي إلا عنهم ، فلا تفيده العبارة ، كيف ومن المستبعد عادة أن لا يروي عنه إلا ثقة وهو خارج عن اختياره ، وأقصى ما تفيده العبارة أن القضية غالبية.

كيف وقد روى جعفر بن بشير عن الضعيف أيضاً.

__________________

١ ـ مستدرك الوسائل : ٣ / ٧٧٧ ، الفائدة العاشرة.

٢ ـ هكذا ضبطه في الايضاح على ما نقله قاموس الرجال والفقحة من النبت الزهرة ، كما ضبطه في الخلاصة : ٣٢ ، ورجال ابن داود بـ « قفة العلم ».

٣ ـ رجال النجاشي : الرقم ٣٠٤.

٢٧٩

روى الشيخ عن محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن صالح بن الحكم قال : سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الصلاة في السفينة إلى آخره(١) .

وصالح بن الحكم ممن ضعفه النجاشي وقال : « صالح بن الحكم النيلي الاحول ، ضعيف »(٢) .

د ـ محمد بن اسماعيل بن ميمون الزعفراني

وقد قيل(٣) في حقه ما قيل في حقّ جعفر بن بشير مستدلاً بما ذكره النجاشي في حقه أيضاً حيث قال : « محمد بن اسماعيل بن ميمون الزعفراني أبو عبدالله ثقة عين روى عن الثقات ورووا عنه ولقي أصحاب أبي عبداللهعليه‌السلام »(٤) .

والمراد من هذه العبارة ما ذكرناه في حقّ المتقّدم عليه.

هـ ـ علي بن الحسن الطاطري

قال الشيخ في ترجمة الرجل : « كان واقفياً شديد العناد في مذهبه ، صعب العصبية على ما خالفه من الإمامية ، وله كتب كثيرة في نصرة مذهبه وله كتب في الفقه رواها عن الرجال الموثوق بهم وبروايتهم فلأجل ذلك ذكرناها »(٥) .

استدل بذيل كلام الشيخ من أن كل من روى علي بن الحسن الطاطري عنه فهو ثقة ، لأن الشيخ شهد على أنه روى كتبه عن الرجال الموثوق بهم

__________________

١ ـ التهذيب : ٣ / ٢٩٦ ، باب الصلاة في السفينة ، الحديث ٨٩٧.

٢ ـ رجال النجاشي : الرقم ٥٣٣.

٣ ـ مستدرك الوسائل : ٣ / ٧٧٧ ، الفائدة العاشرة.

٤ ـ رجال النجاشي : الرقم ٩٣٣.

٥ ـ فهرست الشيخ : ١١٨ ، الرقم ٣٩٢.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530