• البداية
  • السابق
  • 399 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 25305 / تحميل: 5442
الحجم الحجم الحجم
المباحثات

المباحثات

مؤلف:
العربية

إن كان شيئان وليس وجود أحدهما من الآخر ، بل وجوده له من نفسه أو من شيء ثالث ، لكن وجود الثاني من هذا الأول ، [فله من الأول](265) وجوب الوجود الذي ليس له من ذاته ، بل له من ذاته الإمكان على تجويز من أن يكون [ذلك الأول مهما وجد](266) لزم وجوده أن يكون علة لوجوب وجود هذا الثاني ، فإن الأول يكون متقدما بالوجود لهذا الثاني.

مثاله تحريك اليد للمفتاح ـ وإن كان معا في الزمان ـ وإذا وجدت العلة وجب وجود المعلول.

فإذن وجود كل معلول واجب مع وجود(267) علته ، ووجود علته واجب عنه وجود المعلول ، وهما معا في الزمان أو الدهر أو غير ذلك ، ولكن ليسا معا بالقياس إلى حصول الوجود. وذلك لأن(268) وجود ذلك لم يحصل من هذا ، فذلك له حصول وجود ليس من حصول وجود هذا ، ولهذا حصول وجود هو(269) من حصول وجود ذلك ، فذلك أقدم بالقياس إلى حصول الوجود.

(811) كل ما ليس موجودا ولا له قوة على أن يوجد ، فإنه مستحيل الوجود ؛ والشيء الذي هو ممكن أن يكون فهو ممكن أن لا يكون ؛ وإلا كان واجبا [75 آ] أن يكون ؛ والممكن أن يكون لا يخلو إما أن يكون شيئا إذا وجد كان قائما بنفسه حتى يكون إمكان وجوده(270) يمكن أن يكون قائما مجردا ، أو يكون إذا كان موجودا وجد في غيره.

فإن كان الممكن بمعنى أنه يمكن أن يكون شيئا في غيره ، فإن كان إمكان وجوده أيضا في ذلك الغير ، فيجب أن يكون ذلك الغير موجودا مع

__________________

(265) لر : يلزم الأول.

(266) لر : كذلك الأول منهما يوجد.

(267) ب : وجوده. (268) لر : ان.

(269) «هو» ساقطة من لر.

(270) الشفاء+ هو انه.

__________________

(811) الفقرتان مأخوذتان من الشفاء : الإلهيات ، م 4 ، ف 2 ، ص 177 ـ 178 ملخصا.

٢٨١

إمكان وجوده ـ وهو موضوعه ـ

وإن كان إذا كان قائما بنفسه لا في غيره ولا من غيره بوجه من الوجوه ولا علاقة(271) له مع مادة من المواد ـ علاقة ما يقوم فيها أو يحتاج في أمرها(272) إليها ـ فيكون إمكان وجوده(273) إن كان(274) سابقا [عليه من غير تعلّق بمادة دون](275) مادة ، ولا جوهر دون جوهر ، إذ ذلك الشيء لا علاقة له مع شيء ، فيكون إمكان وجوده جوهرا لأنه شيءموجود بذاته.

(812) وبالجملة إن لم يكن إمكان وجوده حاصلا كان غير ممكن الوجود ممتنعا ، و(276) إذ هو حاصل موجود قائم بذاته ـ كما فرض ـ فهو موجود جوهرا ، وإذ هو جوهر فله ماهيّة ليس بها(277) من المضاف ؛ إذ كان الجوهر ليس بمضاف الذات ، بل يعرض له المضاف ؛ فيكون [لهذا القائم بذاته وجود](278) أكثر من إمكان وجوده الذي هو به مضاف ، وكلامنا في نفس إمكان وجوده ، وعليه حكمنا أنه ليس في موضوع ، والآن فقد صار أيضا في موضوع ـ(279) هذا خلف ـ.

فإذن لا يجوز أن يكون لما يبقى قائما بنفسه لا في موضوع ولا من موضوع بوجه من الوجوه وجود بعد ما لم يكن ، بل يجب أن يكون له(280) علاقة ما مع الموضوع حتى يكون. وأما إذا كان الشيء الذي يوجد(281) قائما بنفسه لكنه يوجد من شيء غيره أو مع وجود شيء غيره فإن إمكان وجوده يكون متعلقا بذلك الشيء ـ لا على أن ذلك الشيء [بالقوة هو ، ولا أن](282) فيه قوة أن يوجد هو منطبعا فيه ـ بل(283) على أن يوجد معه أو عند حال له.

__________________

(271) لر : فلا علاقة. (272) الشفاء : أمر ما.

(273) لر : وجودها. (274) لر : ان كان له.

(275) لر : غير متعلق. (276) الواو ساقطة من لر.

(277) الشفاء : لها. (278) لر : لها القائم بأنه وجود.

(279) لر : وهذا.

(280) «له» ساقطة من لر.

(281) لر : وجد.

(282) لر : بالقوة ولان.

(283) «بل» ساقطة من لر.

__________________

(812) الفقرتان مأخوذتان من الشفاء : الإلهيات ، م 4 ، ف 2 ، ص 177 ـ 178 ملخصا.

٢٨٢

(813) الممكن أن يوجد ما(284) قد سبقه إمكان وجود أو إنه(285) ممكن الوجود ، فلا يخلو إمكان وجوده من أن يكون معنى معدوما أو معنى موجودا [75 ب] ومحال أن يكون معنى معدوما ، وإلا فلم يسبقه(286) إمكان وجوده ؛ فهو إذن معنى موجود ، وكل معنى موجود فإما قائم في موضوع ، أو قائم لا في موضوع ، وكل ما هو قائم لا في موضوع فله وجود خاصّ لا يجب أن يكون به مضافا ،(287) وإمكان الوجود إنما هو ما هو بالإضافة إلى ما هو إمكان وجود له(288) ، فليس إمكان الوجود جوهرا لا في موضوع(289) وعارض لموضوع.

(814) الفاعل الذي يفعل وجودا مثل نفسه فإن المشهور أنه أولى وأقوى في الطبيعة التي تفيدها من غيره ، وليس هذا المشهور ببيّن ولا حقّ من كل وجه ، إلا أن يكون ما يفيده هو نفس الوجود والحقيقة ، فحينئذ يكون المفيد أولى بما يفيده(290) من المستفيد.

ذا كان المعنى في المعلول(291) والعلة متساويا في الشدة والتنقّص(292) ؛ فإنه يكون للعلة بما هو(293) علة التقدم الذاتي لا محالة في ذلك المعنى ، والتقدم الذاتي الذي له في ذلك المعنى معنى من حال ذلك المعنى غير موجود للثاني ، فيكون ذلك الأول(294) إذا اخذ بحسب وجوده وأحواله التي له [من جهة وجوده أقدم من الآخر](295) ، فيزول إذن مطلق المساواة ، لأن المساواة شيء

__________________

(284) «ما» ساقطة من لر.

(285) لر : وإنه. (286) لر : سبقه.

(287) لر : أن يكون مضافا.

(288) «له» ساقطة من لر.

(289) لر+ فهو إذن في موضوع.

(290) لر : ما يفيده. (291) لر : المعقول.

(292) لر ، م : النقص. الشفاء : والضعف.

(293) الشفاء : بما هي. (294) الشفاء : فيكون ذلك المعنى مساويا للأول.

(295) لر : من جهة وجوده أقدم من جهة وجوده أقدم من الأخير.

__________________

(813) من الشفاء : الإلهيات ، م 4 ، ف 2 ، ص 182.

(814) من الشفاء : الإلهيات ، م 6 ، ف 3 ، ص 268 ـ 270.

٢٨٣

في الحدّ ، وهما من جهة ما لهما ذلك الحد متساويان ، وليس أحدهما علة ولا معلولا.

فأما من جهة أن أحدهما علة والآخر معلول ، فواضح(296) أن اعتبار وجود ذلك الحدّ لأحدهما أولى ، إذ كان له [أولا من الثاني ، ولم يكن للثاني إلا منه](297) ، فظاهر من هذا أن هذا(298) المعنى إذا كان نفس الوجود لم يمكن(299) أن يتساويا فيه البتة إذا(300) كان يمكن أن يساويه باعتبار الحدّ ، ويفضل عليه باعتبار استحقاق الوجود.

[والآن فإن استحقاق الوجود](301) هو من جنس الحد بعينه إذ قد اخذ هذا المعنى نفس الوجود ، فبيّن أنه لا يمكن أن يساويه إذا كان المعنى نفس الوجود فمفيد وجود الشيء من حيث هو وجود أولى بالوجود من الشيء [76 آ].

(815) الفاعل والمبدأ الذي ليس منفعله مشاركا له في النوع ولا في المادة ـ وإنما يشاركه بوجه ما في معنى الوجود ـ ليس(302) يمكن أن يعتبر فيه حال المعنى الذي له الوجود ، لأنهما ليسا يشتركان فيه ، فبقي فيه حال اعتبار الوجود نفسه ، وقد كان في ساير تلك(303) المتساوية والزائدة على المبدأ الفاعل إذا رجع إلى حال اعتبار الوجود ، فإن(304) المبدأ الفاعل غير مساو له ،(305) لأن وجوده بنفسه ووجود المنفعل من حيث ذلك الانفعال مستفاد(306) منه.

ثم الوجود بما هو وجود(307) لا يختلف في الشدة والضعف ، ولا يقبل الأقل والأنقص ، وإنما يختلف في ثلاثة أحكام : وهي التقدم والتأخّر ، والاستغناء(308) والحاجة ، والوجوب والإمكان. فيصير العلة(309) لهذه المعاني

__________________

(296) لر : فواضع.

(297) الشفاء ، لر : أولا لا من الثاني ، ولم يكن الثاني إلا منه

(298) «ان هذا» ساقطة من لر.

(299) لر : لم يكن. (300) لر : إذ.

(301) ساقطة من لر. (302) الشفاء : وليس.

(303) الشفاء+ ما كان من.

(304) الشفاء : كان. (305) لر : غير متساو له.

(306) لر : مستفادا. (307) لر : موجود.

(308) لر : والاستعانة. (309) لر : بالعلة.

__________________

(815) من الشفاء : الإلهيات ، م 6 ، ف 3 ، ص 276 ، 278.

٢٨٤

الثلاثة أولى بالوجود من المعلول ؛ والعلة أحق من المعلول ، ولأن الوجود المطلق إذا جعل وجود شيء صار حقيقة(310) .

فبين أن المبدأ المعطي للحقيقة المشارك فيها أولى بالحقيقة(311) ، فإذا صحّ أن هاهنا مبدأ أولا هو المعطي لغيره [الحقيقة ، صح أنه الحق بذاته](312) ، وصح أن العلم به هو العلم بالحق مطلقا.

(816) واجب الوجود لا يصحّ أن يكون له ماهيّة يلزمها وجوب الوجود فإنه(313) يلزم أن يكون ذلك الوجوب من الوجود يتعلّق بتلك الماهية ولا يجب دونها ، فيكون معنى واجب الوجود [من حيث هو واجب الوجود ـ يوجد لشيء(314) ليس هو ؛ فيكون واجب الوجود من حيث هو واجب الوجود](315) ليس بواجب الوجود ، لأن له شيئا به يجب ـ وهذا محال ـ وليس هكذا حال الوجود مطلقا غير مقيد بالوجوب الصرف الذي يلحق(316) الماهية.

(817) ـ فلا ضير ـ لو قال قائل «إن ذلك الوجود معلول الماهيّة من هذه الجهة أو لشيء آخر» ـ وذلك لأن الوجود يجوز أن يكون معلولا ، والوجوب المطلق الذي للذات لا يكون معلولا ـ فبقي أن يكون واجب الوجود بالذات مطلقا متحقّقا من حيث هو واجب الوجود [بنفسه [76 ب] واجب الوجود](317) من دون تلك الماهية ، [فلا ماهيّة](318) لواجب الوجود غير أنه واجب الوجود ـ وهذه هي الإنيّة ـ.(319)

__________________

(310) الشفاء : حقيقيا

(311) الشفاء ، لر : بالحقيقة.

(312) محرف فى لر.

(313) لر : بأنه.

(314) الشفاء : بشيء.

(315) ساقطة من لر.

(317) ساقطة من لر. (318) ساقطة من لر.

(316) لر : يلحقه. (319) لر+ : والله أعلم

__________________

(816 ـ 817) من الشفاء : الإلهيات ، م 8 ، ف 4 ، ص 344 ـ 346.

٢٨٥

(818) إنمايتعيّن وجود الشخص بلوازمه وأعراضه إذا كانت حقيقة نوعية تحتمل الشركة فيها بوجه من الاحتمال ، وأما الحقيقة التي لذاتها لا تحتمل الشركة فلا تفتقر في التعين إلى اللوازم والأعراض وإن كانت له لوازم.

(819) ليس الوجود معلولا من حيث هو وجود ، بل من حيث هو وجود لما هو ممكن الوجود له ماهيّة اخرى ليس يدخل فيها الوجود.

فصل(*)

(316) (820) الصفات التي من باب الوجود للأشياء(317) إما أن يكون بحيث يجوز أن يكون الشيء الموصوف بها سببا لها ـ اعتبر ذلك الشيء موجودا ، أو اعتبر غير موجود ـ وذلك مثل إمكان الوجود للماهيات الممكنة الوجود ، فإن إمكان الوجود لها هذه سبيله ؛ ومثل هذا الشيء قد يجوز أن يكون شيئا له حالتا الوجود والعدم ـ كالحادثات(318) ـ فيكون في كل واحدة من الحالتين متصفا بتلك الصفة.

وقد يجوز أن يكون شيئا ليس له إلا إحدى الحالتين ، وهي الوجود ـ كالأزليّات التي ليست(319) لها إلا حالة واحدة ، وهي حالة الوجود ـ فتكون في الحالة الواحدة التي لها متّصفة بهذه الصفة ؛ ولو اتّفق أن كان لها الحالتان جميعا لكانت موصوفة في الحالتين جميعا بها ، إذ كان معنى هذه الصفة ـ وهي إمكان الوجود ـ أن الشيء في نفسه وباعتبار ذاته جايز(320) عليه

__________________

(316) ليس هذا العنوان في : د ، م.

(317) لر : الأشياء.

(318) لر : الحادثات.

(319) لر ، ج : ليس.

(320) ج ، م : جار. د : جاز.

__________________

(818) تكرر في الرقم (654).

(819) تكرر في الرقم (701). راجع الشفاء : م 8 ، ف 4 ، ص 347.

(820) راجع الشفاء : الإلهيات ، م 1 ، ف 6 ، ص 37.

٢٨٦

الوجود ونسبته إلى الوجود هذه النسبة. وإن كان منه ما هو دائم الوجود واجب باعتبار سببه ، ومنه ما ليس كذلك بل يوجد في الاعتبار تارة لأجل وجود السبب ولا يوجد تارة لاجل عدم السبب.

(821) وإما أن تكون بحيث لا يجوز أن يكون الشيء الموصوف بها سببا لها ، بل يكون سببها أمر من خارج ، ثم إن اعتبر موجودا صحّ أن تكون موصوفا بتلك الصفة ، وإن كان غير موجود فلا يصحّ.

ومثل هذا الشيء أيضا يصح أن يعتبر لها في نفسها حالة الوجود والعدم معا(321) ، ولكنه [77 آ] إنما يجوز أن يكون متّصفا بتلك الصفة في إحدى الحالتين معا ،(322) ، ذلك مثل الوجود للماهيات الممكنة الوجود ، فإن كل ماهية ممكنة الوجود [فإنها توصف بالوجود حالة كونها](323) موجودة ، ولا يجوز أن تكون الماهية سببا لهذه الصفة ـ لما ذكر في موضعه ـ بل يكون [أبدا سببها أمر من خارج](324) ، فالحال في هذه الصفة التي هي الوجود مقابلة للحال في الصفة الاخرى المتقدمة ـ وهي إمكان الوجود.

أما أولا فمن جهة أن الشيء توصف في حالتي(325) الوجود والعدم بالإمكان ـ سواء كان شيئا [وجوده دائم ، أو شيئا](326) وجوده غير دائم ، ولا يوصف بالوجود إلا في إحدى الحالتين.

وأما ثانيا فمن جهة أن إمكان الوجود يكون للشيء من نفسه ، والوجود له من غيره.

(822) وإما أن يكون بحيث لا يجوز أن يكون الموصوف بها سببا لها ، ولا أيضا أمر من خارج سببا لها ، ولا يصحّ لمثل(327) هذا الشيء أن يكون [له حالتا وجود وعدم](328) ، بل ليس له إلا إحدى الحالتين ـ وهي الوجود ـ فهو دائما موصوف

__________________

(321) «معا» ساقطة من لر. (322) «معا» ساقطة من ج.

(323) لر : بانها توصف بالوجود حالة تكون.

(324) لر : ابدا سببها من خارج. ج : أبدا من جهة سببها أمر من خارج.

(325) لر : في حال. (326) ساقطة من لر.

(327) لر : بمثل. (328) لر : حالتا وجود وعدم. ج : حالتي وجوده وعدمه له.

__________________

(821) راجع الشفاء : الإلهيات ، م 1 ، ف 6 ، ص 37.

(822) راجع الشفاء : الإلهيات ، م 1 ، ف 6 ، ص 37.

٢٨٧

بتلك الصفة ، وذلك وجوب الوجود للأول ،(329) فإنه لا يجوز أن يكون هو نفسه سببا لوجوب وجوده ،(330) ولا أمر من خارج سببا لذلك ـ لما قد ذكر في موضعه ـ ولا يجوز أن يكون له [حالتا وجود وعدم](331) ـ بل ليس له إلا إحدى الحالتين ـ فهو(332) دائما موصوف بهذه الصفة ، والحال في هذه الصفة مقابلة للحال في كل واحد(333) من الصفتين المقدمتين من الصفات ، وهما إمكان الوجود. [والوجود.

(823) أما(334) مخالفته للصنف الأول وهو(335) إمكان الوجود](336) من جهة اعتبار الأسباب [فلأن إمكان](337) الوجود للشيء يكون له سبب هو نفس الشيء الموصوف بإمكان الوجود ،(338) ووجوب الوجود لا يكون له سبب(339) ـ لا نفس الموصوف [بوجوب الوجود](340) ، ولا غيره ـ

ومخالفته للصنف الثاني الذي هو الوجود باعتبار هذه الجهة [77 ب] فلأن الوجود للشيء يكون له سبب هو غير نفس الشيء الموصوف بالوجود ، ووجوب الوجود لا يكون له سبب(341) ـ لا نفس [الموصوف به ولا أمر خارج من غيره ـ.](342)

ومخالفته للصنف الأول أيضا ـ وهو إمكان الوجود ـ من جهة جواز الوجود والعدم ، فلأن(343) إمكان الوجود يوصف به الشيء في حالتي الوجود والعدم ، والموصوف به(344) العام يصحّ فيه هاتان الحالتان ، ووجوب الوجود يوصف به

__________________

(329) لر : الأول.

(330) ج : لوجوب الوجود.

(331) ج : حالتي وجوده وعدمه.

(332) لر : وهو. (333) لر : واحدة. (334) لر : انما.

(335) «هو» ساقطة من لر.

(336) ج : والوجود. م ، د ساقطة.

(337) ج : فان إمكان. لر : ولان.

(338) لر : فامكان الوجوب. (339) ج : ليس له سبب.

(341) ج : ليس له سبب. (340) ساقطة من ج.

(342) ج : الموصوف ولا غيره. لر : الموصوف به ولا أمر من خارج غيره.

(343) ج : فان.

(344) الواو ساقطة من لر. «به» ساقطة من ج.

__________________

(823) راجع الشفاء : الإلهيات ، م 1 ، ف 6 ، ص 37.

٢٨٨

الأول دائما ، والموصوف به لا يصحّ أن يكون له الحالتان ـ أعني حالتي الوجود والعدم ـ.

ومخالفته للصنف الثاني الذي(344) هو الوجود باعتبار هذه الجهة ، فلأن الوجود وإن كان يوصف به الشيء في(345) حالة الوجود فقط ، فإن الموصوف به العام يصح [عليه الوجود تارة ، والعدم [تارة ، ووجوب الوجود لا يصح](346) لما يوصف](347) به الحالتان جميعا ، بل حالة واحدة.

ومخالفته للصنفين جميعا من جهة اخرى : فلأن(348) كل واحد من إمكان الوجود والوجود ، فالشيء الموصوف بهما(349) يكون(350) لا محالة ماهيّة مفردة موضوعة للاتّصاف(351) بكل واحد(352) من الصفتين ، هي غير كل واحد(353) من الصفتين ، فلذلك يصحّ أن يعتبر لها تارة الاتّصاف بالصفتين ، وتارة الخلوّ [عنهما بحسب اعتبار](354) ذات الموصوف ؛ ووجوب الوجود ، فإن الموصوف به لا يجوز أن يكون ماهيّة(355) مفردة موضوعة للاتّصاف هي غير هذه الصفة ـ لما بيّن في موضعه ـ فلذلك لا يصحّ(356) أن يعتبر له تارة الاتّصاف به وتارة الخلوّ عنها(357) بحسب اعتبار ذات الموصوف.

فصل(358)

(824) للماهية لا محالة نسبة إلى الوجود ، فإما أن يكون نسبتها إليه أن

__________________

(344) لر : لزم. (345) «فى» غير موجود فى ج.

(346) ساقطة من لر.

(347) ج : اخرى ، ووجوب الوجود لا يوصف.

(348) ج : فان. (349) لر : والشيء الموصوف بها.

(350) «يكون» ساقطة من ج.

(351) الانصاف. (352) لر : واحدة. ج ساقطة.

(353) «واحد» ساقطة من ج.

(354) ج : عنها باعتبار.

(355) لر : ماهيته مفرده موضوعه الاتصاف.

(356) «لا يصح» ساقطة من لر.

(357) ج ، لر : عنه. (358) العنوان غير موجود فى ج ، م ، د.

__________________

(824) راجع الشفاء : الإلهيات ، م 8 ، ف 4 ، ص 346. ويحتمل كون هذا الفصل (الى آخر الفقرة 826) من كلام بهمنيار كتبه تعليقا على الفقرة (867) فادخل في المتن.

٢٨٩

تكون بحيث لا يجوز لها الاتّصاف بالوجود ، ولا أن يجوز أن يكون [لها الوجود](359) فهذه الماهيّة هي التي يقال لها : «إنها ممتنعة الوجود(360) » وإما أن يكون نسبتها إلى الوجود أن يكون بحيث يجوز لها الاتّصاف بالوجود ، ويجوز أن لا يكون لها(361) الوجود ، فهذه الماهيّة هي التي يقال [78 آ] لها : «إنها ممكنة الوجود ».

ثمّ إن هذه النسبة لذات الماهية بالذات وهي من مقتضى الذات ، وواجبة أن يكون مقتضى الذات سواء كانت تلك الماهية معتبرة أنها في الوجود ، أو معتبرة أنها معدومة ، فإنها في كل واحدة(362) من الحالتين المعتبرتين مقتضية لهذه النسبة التي تسمى الإمكان ، لا تفارقها(363) ، ولا توجد خالية عنها ، فإنها وإن كانت أيضا موجودة فإنها توصف بأن نسبتها إلى الوجود نسبة جواز أن يكون لها الوجود ، فتستحيل بهذه الشبهة في الأزليّات ، [إذ كانت سبيلها سبيل الحادثات](364) .

بلى(365) بينهما فرق من وجه آخر ، وهو(366) أن الحادثات سبق وجود إمكانها وجودها ، والأزليّات(367) لم يسبق وجود إمكانها وجودها.

وفرق آخر ، و(368) هو أن الحادثات ليس إمكانها موجودا في الأعيان دائما ، وذلك لأجل أن تلك الماهية(369) التي لها الإمكان ليس وجودها في الأعيان دائما [، [وأن(370) الأزليات إمكانها موجود في الأعيان دائما](371) ، وذلك لأجل أن تلك الماهيّة التي لها الإمكان وجودها في الأعيان دائما ،](372) فكان للحادثات(373) إمكانا واحدا وهو الذي [هو مقتضى الماهية فقط ـ أعني إمكانا](374) غير مأخوذ معها الوجود في الأعيان ـ وللأزليّات إمكانان : أحدهما

__________________

(359) لر : له. (360) «الوجود» ساقطة من ج.

(361) لر : له. (362) «واحدة» ساقطة من لر.

(363) لر : لا يفارقه. (364) لر : إن كانت سبيلها في ذلك سبيل الحادثات.

(365) ج : بل. لر ساقطة.

(366) «وهو» ساقطة من لر. ج : هو.

(367) لر : والازل. (368) الواو ساقطة من ج.

(369) لر : الماهيات. (370) لر : فان.

(371) ساقطة من د ، م. (372) ساقطة من ج.

(373) ج : للحادث.

(374) لر : يقتضي الماهية فقط. أعني إمكانها.

٢٩٠

هذا الإمكان المذكور ؛ وإمكان آخر : وهو الإمكان الذي هو مقتضي الماهيّة مأخوذا معها الوجود في الأعيان.

(825) فهذا معنى قول القائل :الإمكان من لوازم الماهيّة تقتضيها الماهيّة كما تقتضي الماهيّة أشياء كثيرة ، فإذا وجدت الماهية التي لا يسبقها إمكانها ـ أي الأزليّات ـ وجد لها ذلك الإمكان من حيث هو موجود ـ لا [ـ [من حيث هو مقتضى [الماهية ـ أي وجد لها أيضا ذلك الإمكان](375) من حيث هو](376) موجود.](377) .

(826) ثم قال :والشيء من حيث هو موجود غيره من حيث هو مقتضى الماهية [78 ب] ـ أي إن الإمكان على الضربين المذكورين.

ثم قال : ـفأما إن كان إمكانها يسبقها ـ أي(378) الحادثات ـ فوجوده(379) بماهيتها ـ أي إمكانها ـ هو الذي(380) هو مقتضى الماهية فقط ، [وقد حذف من حكم الأزليّات لفظة «أيضا» ومن حكم الحادثات لفظة «فقط»](381)

فاعتاص به الكلام ، ثمّ صرح بالحكم فقال :ويكاد أن يكون لما يسبقه ماهيته إمكانان ـ أي الأزليّات ، فلأن الأزليّات سبقت ماهيتها إمكانها ، إذ كان ماهيتها هي المقتضية لإمكانها ـ أي النسبة التي لها إلى الوجود.

(827) سؤال : من يتشكك فيقول : هل يكون(382) للإمكان إمكان (383) وجود أم لا؟ فإنه إن لم يكن له إمكان وجود فهو ممتنع أن يوجد ، وإن كان له

__________________

(375) ساقطة من ج. (376) ساقطة من م.

(377) ساقطة من د. (378) لر : إلى.

(379) لر : وجوده. ج : فوجوه.

(380) «هو الذي» ساقطة من ج.

(381) ساقطة من لر.

(382) «يكون» ساقطة من م ، د ، ج.

(383) «امكان» ساقطة من لر.

__________________

(825) راجع الرقم (867).

(826) راجع الرقم (867).

٢٩١

إمكان تسلسل إلى غير النهاية.

جوابه ـ (384) قال الحكيم ـ كالجواب عن(385) معنى الإضافة. وتحقيق ذلك أن لذلك الإمكان أيضا إمكان ، وللثاني أيضا إمكان إلى غير النهاية ، إذ كان لكل واحد منها(386) نسبة جواز إلى الوجود لا يتفرد بكون هذه النسبة له واحد منها(387) دون الباقيات.

وسبيلها كلها سبيل الماهيات في أن لها هذه النسبة إلى الوجود.

(828) وهذا حكم مطرد أيضا في الإضافة ، إذ كان بين(388) المضافين لا محالة نسبة هي غير كل واحد من المضافين ، وكيف لا ـ والإضافة عرض ، وكل واحد من المضافين جوهر ، وتكون هذه النسبة موجودة ولها إضافة ما اخرى موجودة إلى كل واحد من المضافين الموجودين ، إذ كان بين كل معنيين مختلفين موجودين إضافة ما موجودة ، والحكم في هذه الإضافة الثانية هو الحكم في الإضافة الاولى ، ثم إلى غير النهاية.

ولا يلزم من ذلك المحال الذي يظن أنه يلزم لحصول(389) أشياء لا نهاية لها في الوجود ؛ فليس بمحال أن يوجد أشياء لا نهاية لها بالفعل على الإطلاق ، وإن كان ذلك محالا(390) في أشياء مخصوصة ، و(391) على أن في(392) تلك الأشياء [79 آ] المخصوصة وفي البرهان على إحالة ذلك فيها بحث وكلام(393) ـ هل هو فيها محال؟ أو ليس بمحال ـ وسنفرد فيه نظرا ونحكم بالحق فيه بإذن الله تعالى.

فصل(394)

(829)كون الشيء بسبب (395) أمر متفرع على جواز وجوده في نفسه

__________________

(384) لر : كما قال.

(385) ج : من. (386) ج : منهما.

(387) ج : منهما. لر فيها.

(388) لر : من.

(389) لر : بحصول.

(390) ب ، د ، م : محال.

(391) الواو ساقطة من ج.

(392) «في» ساقطة من لر.

(393) لر : كلام وبحث.

(394) يوجد العنوان في ب ولر فقط.

(395) لر : لسبب. ج : سبب.

٢٩٢

ـ الذي هو معنى الإمكان ـ وعلى النسبة التي له(396) إلى الوجود ، فما لم نثبت للشيء هذه النسبة ـ وهو الجواز ـ لم يعتبر أنه بسبب(397) أو ليس بسبب ، فإنه ما لم يكن الشيء بحيث هذه النسبة له إلى الوجود ، النسبة المذكورة ـ سواء كانت هذه النسبة موجودة في الأعيان أو موجودة في النفس ـ لم يصح أن يقال : «إنه يوجد بسبب».

(830) وقد يفهم معنى الإمكان ولا يفهم مع(398) ذلك أنه موجود بسبب ، أو بلا سبب(399) ، فإن كونه موجودا بسبب أمر عارض لكونه جايز الوجود في نفسه ، ولا يمتنع أن يظنّ ظانّ أنه موجود بلا سبب ، حتى يتبيّن له ذلك(400) بالبرهان أو بالتنبيه.(401)

(831) كل ما يوصف بشيء هو اسم الفاعل عن (402) معنى اشتقّ منه ، فيقال إنه كذا ، فلا يخلو إما أن يكون معناه إنه لذاته لا بسبب آخر خارج عنه بحيث يوجد أو يصدر عنه شيء بذاته لا بتوسّط أمر آخر غيره داخل عليه ،(403) ولا لأجل غاية خارجة عن ذاته هي غير ذاته ، فيوصف بذلك الوصف بحصوله على هذه الحالة المذكورة.

فيكون مثل هذا الشيء لا يكون له سبب في وصفه بأنه كذا ، لا سبب(404) هو فاعل أو جار مجرى الفاعل ـ إذ كان له(405) لذاته لا لسبب(406) آخر خارج عنه وصف بأنه كذا ـ ولا سبب هو صورة أو جارى(407) مجرى الصورة ـ إذ كان بحيث يوجد(408) أو يصدر عنه شيء بذاته لا بتوسّط

__________________

(396) لر : لها. (397) ج : سبب.

(398) لر : معنى.

(399) ج : أو لا بسبب. د ، لر ساقطة.

(400) لر : بين ذلك.

(401) لر : أو بالبينة. ج : او التنبيه.

(402) لر : من.

(403) لر+ ولا لأجل علته.

(404) ج ، لر : لا بسبب.

(405) «له» ساقطة من لر.

(406) ج : بسبب.

(407) ج : د ، م : جار.

(408) «يوجد» ساقطة من لر.

__________________

(831) راجع الشفاء : الإلهيات ، م 8 ، ف 4 ، ص 343.

٢٩٣

أمر آخر غيره يكون صورة فيه أو جارى(409) مجرى الصورة ، وهو السبب في وصفه بأنه كذا ـ [ولا سبب هو هيولى](410) أو [جارى (ج : د ، م : جار)] مجرى الهيولى ـ إذ كانت لا صورة هناك داخلة عليه هي السبب في وصفه بأنه كذا ، فلا هيولى(411) أو ما يجري مجرى الهيولى له. [79 ب] فالهيولى أو(412) ما يجري مجراه إنما يكون بالقياس إلى الصورة ، فإذا لم يكن [صورة لم يكن](413) الموصوف بأنه هيولى لها ، ولا سبب هو غاية قريبة أو بعيدة ، إذ كان لا لأجل(414) غاية خارجة عن ذاته هي غير ذاته(415) يوصف بأنّه كذا ، فيكون مثل هذا الشيء لذاته وبذاته ولأجل ذاته ما يوصف بذلك الوصف.

(832) وأما أن يكون معناه أنه بسبب آخر(416) خارج عنه بحيث يوجد أو يصدر عنه شيء لا بذاته ، بل بتوسط أمر آخر غيره داخل عليه ، ولأجل غاية خارجة عن ذاته [هي غير ذاته](417) هو على تلك الصفة ، فيكون لمثل(418) هذا الشيء السبب(419) في وصفه بأنّه كذا فاعل(420) أو جار مجرى الفاعل ، إذ كان لسبب آخر خارجا(421) عنه وصف بأنه كذا وصورة أو جار مجرى الصورة ، إذ(422) كان بحيث يوجد أو يصدر عنه شيء لا بذاته ـ بل بتوسط أمر آخر غيره داخل عليه هو السبب في وصفه بأنه كذا ، وهيولى أو جار مجرى الهيولى ، إذ كان لا بد للصورة التي له من موضوع وغاية قريبة أو بعيدة ، إذ كان لأجل غاية خارجة عن ذاته هي غير ذاته يوصف(423) بأنه كذا ، فيكون مثل هذا الشيء لا لذاته ، بل لفاعل ، ولا بذاته بل لصورة ، ولا [لأجل ذاته بل](424) لأجل غاية خارجة عن ذاته ما يوصف بذلك الوصف.

__________________

(409) ج : جاريا. د ، م : جار.

(410) لر : لسبب هو للهيولى

(411) لر : ولا هيولى

(412) لر : والهيولى و. ج : فالهيولى و.

(413) ساقطة من لر. (414) لر : كان لاجل.

(415) «هي غير ذاته» ساقطة من ج.

(416) لر : لسبب آخر. ج ، د ، م : بسبب أمر آخر.

(417) ساقطة من لر. (418) لر :؟؟؟ مثل.

(419) ج : سبب. (420) لر : وفاعل.

(421) ج : خارج. (422) لر : أو.

(423) لر : لوصف. (424) ساقطة من لر.

٢٩٤

(833) والقسم الثاني مقابل للقسم الأول ونقيض(425) له بالحقيقة ، إذ كان كل ما له سبب فاعل في وصفه بأنه كذا ، فلا بدّ له من صورة بها صيّره الفاعل على تلك الصفة وموضوع فيه يوجد(426) الصورة وغاية لها ولأجلها وجدت الصورة في المادة ، فوصف بتلك(427) الصفة.

وكذلك إن كان له صورة فله موضوع وفاعل وغاية ، وان كان له موضوع فله صورة وفاعل وغاية ، وإن كان له(428) غاية خارجة فله فاعل وصورة وموضوع ، فلا يخلو هذا القسم من حصول الأسباب الأربعة له كلها مجتمعة ، كما يخلو القسم الأول من حصولها(429) كلّها مجتمعة.

(834) ونقول : (430) إن لكل واحد من هذين القسمين وجودا في الأعيان [80 آ] فالذي هو على سبيل القسم الأول ، فالأوّل الحقّ ؛ وذلك أنه لا فاعل له في حصوله بما يوصف(431) به على ما يوصف(432) ، ولا صورة له أو ما يجري مجراها في حصوله بحيث هو على ما يوصف به ولا هيولى أو ما يجري مجراها في ذلك. ولا غاية له خارجة عن ذاته في ذلك أيضا ، إذ لو كان له سبب فاعلي [في ذلك الوصف لما كان](433) واجبا من تلك الجهة ، ولبطل أوليّته(434) الواجبة له ، ولو كان له سبب صوري في ذلك لكان(435) مركب الذات متكثّرا بها ، ولاحتاج(436) إلى موجب له تلك الصورة ، [فبطل وحدانيّته وبطل](437) أوليّته أيضا.

وكذلك لو كان له هيولى أو موضوع ، فإنه كان يحتاج إلى جامع بين صورته وموضوع الصورة ، وكذلك(438) لو كان له غاية خارجة لأجلها كان على ذلك الوصف لكان(439) تلك الغاية سببا له فيه ـ بل سبب سببه ـ فإن الغاية سبب

__________________

(425) لر : ونقض. (426) لر : لوجد.

(427) لر : بذلك. (428) لر : لها.

(429) لر : حصوله لها. (430) ج : والقول.

(431) د ، م ، ج ، لر : وصف.

(432) لر : وصف.

(433) لر : من ذلك الوصف بما كان.

(434) ج : وبطل أولية. (435) ج : كان.

(436) ج : واحتاج.(437) ج : فتبطل وحدانيته و.

(438) ج : وكذا. (439) ج : كان. لر : له كان.

٢٩٥

لكون الفاعل فاعلا ؛ وإن(440) لم يكن سببا لسببيّته(441) وذلك أيضا يوجب(442) بطلان أوليّته التي وجبت له ، ولا يوجد على هذا السبيل إلا الأوّل الحق وحده ، وجميع ما يوصف به فإنما يوصف به على معنى القسم الأول وشرائطه.

(835) وأما الذي هو على سبيل القسم الثاني فسائر الموجودات غير الحق الأول(443) ، فإن جميعها يوصف بما يوصف به على معنى القسم الثاني وشرائطه إذا كانت كلّها ممكنة في حدّ ذاتها ؛ و(444) لوجودها ووجود عامة أحوالها وأوصافها سبب هو السبب الأول ، فإن الموجود الأول هو السبب(445) لوجود سائر الموجودات ـ منها بواسطة ، ومنها بغير واسطة ـ فيكون الأول إذا وصف مثلا بأنه قادر معناه أنه لذاته لا لسبب آخر(446) خارج عنه بحيث يصدر عنه ما يشاء إذا شاء ، ولا يصدر عنه ما لا يشاء إذا لم يشاء ـ(447) لا بتوسط أمر آخر غيره داخل عليه كقدرة مثلا بتوسطها هو على ما هو عليه ، ولا لأجل غاية خارجة [80 ب] عن(448) ذاته هي غير ذاته هو على ذلك ـ فيكون ذاته قدرة إذ كانت القدرة هو الأمر الذي به يكون الشيء على الوصف المذكور ، والأول ذاته هو الأمر الذي به على الوصف المذكور.

(836) وإذا وصف بأنه مريد فمعناه أنه لذاته لا لسبب آخر خارج عنه(449) ، بحيث يصدر(450) ما يصدر عنه متعقّلا له لتعقّله ذاته(451) مبدء له وراضيا به و(452) متعقّلا لرضاه بنفسه ، وتعقّله لذاته ، لا بتوسّط أمر آخر غيره داخل عليه ـ كإرادة مثلا ـ بتوسّطها هو على ما ذكر ، ولا لأجل غاية خارجة عن ذاته هي غير ذاته هو على ذلك ، فتكون ذاته إرادة ،(453) [إذ كانت الإرادة هو

__________________

(440) ج : والا.

(441) ج ، لر : لسببه.

(442) لر : يوجب أيضا.

(443) لر : الأول الحق. (444) لر : أو.

(445) ج : السبب الأول.

(446) ج : لا بسبب أمر خارج. لر : لا لسبب خارج.

(447) لر : اذا لم يشاء بذاته.

(448) لر : من. (449) لر : لا لسبب أمر خارج عن ذاته. ج : لا بسبب أمر خارج عنه.

(450) لر : يصدر عنه. (451) لر خ : لذاته.

(452) الواو ساقطة من ج. (453) لر : ارادته.

٢٩٦

الأمر الذي](454) به يكون الشيء على الوصف المذكور ، والأول ذاته هو الأمر الذي هو(455) به على الوصف المذكور.

(837) وإذا وصف بأنه عالم فمعناه أنه لذاته لا لسبب آخر(456) خارج عنه بحيث هو متجرد عن المادّة التجرّد التام ، فيحصل له لتجرده عن المادة(457) التجرد التام ، وهو ذاته الذي(458) يكون بما حصل له المتجرد(459) ـ وهو ذاته ـ عاقلا له ، وبما حصل للمتجرد(460) الذي هو ذاته أيضا معقولا. لا بتوسط أمر آخر غيره داخل عليه ـ كعقل مثلا يتوسط(461) على ما ذكر ـ ولا لأجل غاية خارجة عن ذاته هو على ذلك ، فيكون ذاته عقله ، إذ كان العقل(462) هو الأمر الذي به يكون الشيء على الوصف المذكور ، والأول ذاته هو الأمر الذي هو به على الوصف المذكور.(463) وإنه(464) عقل وإنه عاقل وإنه معقول ، فيه(465) شيء واحد.

(838) وتحقيق ذلك من وجه آخر أن العقل بالحقيقة هو صورة المعقول وحصولها ، وذات الأول هو المعقول له ، فذاته عقله ، وهو العقل والعاقل والمعقول.

(839) وإذا وصف بأنه حيّ فمعناه أنه لذاته [لا لسبب أمر آخر](466) خارج عنه ، بحيث له الصفتان المتقدمتان جميعا ـ أعني الإدراك. والفعل ـ لا بتوسط أمر آخر غيره داخل عليه [81 آ] كحياة مثلا بتوسطه(467) هو على ما ذكر ،(468) ولا لأجل غاية خارجة عن ذاته هو على ذلك ، فيكون ذاته حياته ؛ إذ كانت الحياة هو(469) الأمر الذي به يكون الشيء على الوصف المذكور من الإدراك والفعل ، [والأول ذاته](470) هو الأمر الذي هو(471) به على الوصف المذكور من الإدراك والفعل.

__________________

(454) ج : إذ الإرادة أمر.

(455) «هو» ساقطة من لر. (456) ج : لا بسبب أمر.

(457) لر+ ما هو متجرد عن المادة. (458) ج : التي.

(459) لر : التجرد. (460) لر : وربما حصل للتجرد.

(461) ج : بتوسط. لر : بتوسطه. (462) لر : عقله.

(463) ج+ : والأول ذاته. (464) لر : فانه.

(465) لر : وفيه. (466) ج : لسبب أمر.

(467) لر : بتوسط هو. (468) ج : ما ذكره.

(469) «هو» ساقطة من ج. (470) ج : فذاته.

(471) «هو» ساقطة من لر.

٢٩٧

(840) وكذلك في أنه حق ـ أي بحيث له خصوصيّة وجوده [الذي يثبت(472) له ، وأيضا بحيث وجوده دائم ، وأيضا بحيث يكون الاعتقاد في وجوده](473) صادقا ـ ولا أحق بالحقيقة(474) . في هذه المعاني منه.

وكذلك في أنه خير ـ أي بحيث لا نقص فيه بوجه ولا عدم كمال ، وأيضا بحيث عنه وجود كل ما سواه.

وكذلك في أنه جواد ، أي بحيث يعطي كل وجود وكل كمال وجود لا لغرض ولا غاية أو أمر يستفيده(475) بفعله في إعطائه ما يعطيه ، بل لذاته.

(841) وإذا وصف بأنه واحد فمعناه أنه لذاته لا لسبب آخر خارج عنه(476) ، بحيث لا ينقسم إلى(477) أجزاء كميّة أو معنويّة ، وأيضا بحيث لا نظير له ولا وجود في رتبة وجوده وأوليته ؛ لا بتوسّط أمر آخر غيره داخل عليه ـ كوحدة مثلا ـ بتوسطه هو على ما ذكر من وحدانيّته ، وإذ كان معنى الوحدة فيه سلب الكثرة ، ومعنى الوحدة في غيره ما تصير الجملة به(478) متّحدا ، فيكون واحدا بوحدة(479) دخيلة هي السبب في تأحّده ، فلهذا لا واحد غيره إلا وفيه كثرة من جهة.

(842) وإذا وصف بأنّه موجود فمعناه أنه لذاته لا لسبب(480) أمر آخر خارج عنه بحيث(481) له الحصول في الأعيان خارج عن الذهن ـ لا بتوسط أمر آخر غيره داخل عليه ، كوجود مثلا بتوسطه هو(482) على ما ذكر ، بخلاف ما عليه ساير الموجودات ، فإن عامّتها مشتركة في أنها بوجود داخل عليها ، مباين لماهيتها صارت موجودة ، والأول غير محتاج إلى وجود مستفاد من خارج غريب عن حقيقته به صار موجودا.

__________________

(472) ج : ثبت له.

(473) ساقطة من لر.

(474) «بالحقيقة» ساقطة من ج.

(475) لر : ولا غاية أو أمر مستفيده.

(476) ج : لا بسبب أمر خارج عنه.

(477) «الى» ساقطة من لر.

(478) ج ، لر : به الجملة.

(479) لر : بواحدة.

(480) ج : بسبب.

(481) ج : يجب.

(482) لر : هو بتوسطه هو.

٢٩٨

(843) وهذا معنى قولهم : «إن ماهيّته إنيّته » أي ليست إنيّته(482) أمرا غريبا عن حقيقته داخلا عليه ومستفادا(483) من غيره ، ولا لأجل غاية خارجة عن ذاته هو غير ذاته هو على ذلك ـ أي(484) موجودا ـ فيكون ذاته وجوده ، إذ كان(485) الوجود هو الأمر الذي به يكون على الوصف المذكور ، والأول ذاته هو الأمر [81 ب] الذي هو به على الوصف المذكور ، فليس إذن إنيّته غير ماهيّته.

والموجود(486) إذا كان وصفه بأنه موجود هو على الشرائط المذكورة وكان بذلك متميّزا عن ساير الموجودات فإنه يخصّ باسم «واجب الوجود» ،(487) كما أن القادر إذا كان وصفه بأنه قادر على الشرائط المذكورة في قادريّة(488) الأول وكان بذلك متميّزا عن ساير القادرين فإنّه يخصّ باسم «القادر بذاته» ، وكذلك في المريد(489) يقال : «إنه المريد بذاته» ، وفي الحيّ «إنه الحيّ بذاته» ، وفي العاقل «إنه العاقل بذاته» وفي الحقّ «إنّه الحقّ المحض» ، وفي الخير «إنه الخير المحض» ، وفي الجواد «إنه الجواد الحق» وفي الواحد «إنه الفرد والأحد الحق(490) ».

(844) [العقل البسيط في الأول هو ذاته ، بخلاف [العقل البسيط الذي فينا ؛ وكما يلزم](491) العقل البسيط الذي يحصّل لنا المعقولات المفصّلة فكذلك(492) يلزم](493) العقل البسيط في الأول الذي هو ذاته لوازمه(494) التي هي المعقولات المفصّلة ، وهذه اللوازم هي هيئات في الأول لا على السبيل(495) الانفعالي ـ بل على السبيل(496) الفعلي.

__________________

(482) ب : اينيته. (483) لر : ومستفاد.

(484) ج : كان. (485) ج : وإذ كان. لر : إذا كان.

(486) لر : والموجودات. (487) لر : الواجب الوجود.

(488) ج : قادريته. (489) لر : وكذلك مريد.

(490) بعد هذا في ب بياض قليل وكتب في الهامش : «تتلو الموضع الخالي أول القائمة التي بعد هذه إلى آخرها بكماله».

(491) هذه الفقرة توجد في نسخة لر فقط والكلام لا يستقيم بدونها.

(492) لر : وكذلك. (493) ساقطة من ى.

(494) ج : لوازم. (495) لر : سبيل.

(496) لر : سبيل.

__________________

(844) راجع الشفاء : الالهيات ، م 8 ، ف 7 ، 362.

٢٩٩

وهي إما أن لا تعتبر غير متناهية ـ إذ ليس فيها الترتيب الطبيعي الذي يكون اعتبار اللانهاية فيه بالفعل ممتنعا وقام البرهان على امتناعه.

وإما أن تعتبر(496) غير متناهية لا على ذلك الترتيب ، فلا يعرض منه محال ، بل أمثالها موجودة بالفعل عارضة للأمور المتناهية ، فإن المثلث لا يمتنع أن يكون له لوازم وخواصّ غير متناهية.

وهذا العقل [البسيط في الأول لا يكون هيئة فيه ، بل هو ذاته ، لأنه الفعّال لهذه المعقولات ، والفعّال](497) لها ذاته ، وفينا فالنفوس غير فعّالة إلا لحصول(498) تلك الهيئة.

(845) العقل الذي يفعل(499) المعقولات فيه أيضا المعقولات كاللوازم لذاته ، فهو يفعلها في ذاته عن ذاته ، وفي غيره أيضا.

وقد كان هذا إحدىالمسائل العشر التي كانت في جانب الكتمان(500) فبيح بها ، إذ(501) لم تسمع وعنده جلايا مقدسات.

(846) معنى (502) قوله : «يفعلها» ليس بالفعل(503) العامي الذي بعد أن لم يفعل(504) ، بل معنى وجود لازم ـ كما تعلم(505) ـ.

هذا جواب من يسئل «أنه كيف يكون الشيء فاعلا وقابلا لما [82 آ] يفعله(506) ؟». وشرحه أنه(507) إنما يمتنع أن يكون فاعلا ومنفعلا عن ذلك الفعل إذا كان زمانيّا ، فإن مثل هذا يكون فيه بالقوة فيخرج عن ذاته إلى الفعل ـ وهذا محال ـ فإذا(508) كان على الوجه المذكور و(509) غير زماني فإنه لا يلزم المحال(510) .

__________________

(496) لر : لا تعتبر.

(497) ساقطة من لر.

(498) ج ، لر : بحصول.

(499) د ، م : يعقل.

(500) ج : الكتاب. (501) ى : أو. لر ساقطة.

(502) لر : ومعنى. (503) ج : الفعل.

(504) لر : بعد لم يفعل. (505) لر : كما يعمله.

(506) «لما يفعله» ساقطة من لر.

(507) «انه» ساقطة من لر. (508) لر : وإذا

(509) الواو غير موجود في لر.

(510) لر : من المحال.

__________________

(845) راجع الشفاء : الفصل السابق.

٣٠٠