منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٢

منتهى المقال في أحوال الرّجال12%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
ISBN: 964-5503-90-6
الصفحات: 500

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 500 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 247398 / تحميل: 4736
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٩٠-٦
العربية

١
٢

٣
٤

٢٨٣ ـ أُسامة بن حفص :

كان قيّما لهعليه‌السلام ،ظم (١) .

وفيصه : كان قيّما للكاظمعليه‌السلام (٢) .

وفيكش : قال حمدويه : قال محمّد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى ، قال : كان أسامة بن حفص قيّما لأبي الحسنعليه‌السلام (٣) .

وفي التهذيب : عن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى(٤) ، عن أسامة بن حفص ، وكان قيّما لأبي الحسنعليه‌السلام (٥) .

وفيتعق : فيه إشارة إلى الوثاقة ، كما مرّ في الفوائد(٦) .

قلت : ولذا ذكرهصه في القسم الأوّل.

وفي الوجيزة : كان قيّما للكاظمعليه‌السلام (٧) .

٢٨٤ ـ أُسامة بن زيد :

قالكش : روي أنّه رجع ونهينا أن نقول إلاّ خيرا ، في طريق ضعيف‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٣٤٤ / ٣١.

(٢) الخلاصة : ٢٣ / ٢.

(٣) رجال الكشي : ٤٥٣ / ٨٥٧ ، وفيه : لأبي الحسن موسى.

(٤) في المصدر زيادة : عن عثمان بن عيسى.

(٥) التهذيب ٧ : ٣٦٣ / ١٤٧٠ ، وفيه : لأبي الحسن موسى.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٥١ ، وفيها : الوثاقة والاعتماد.

(٧) الوجيزة : ١٥٧ / ١٦١ ، وفيها : كان وكيلا ، وفي النسخ الخطيّة منها : كان قيّما.

٥

ذكرناه في كتابنا الكبير ، والأولى عندي التوقّف في رواياته ،صه (١) .

وفي ل : ابن زيد بن شراحيل الكلبي ، مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، امّه أمّ أيمن اسمها بركة ، مولاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

وفيكش : محمّد بن مسعود ، عن أحمد بن منصور ، عن أحمد بن الفضل ، عن محمّد بن زياد ، عن سلمة بن محرز ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : ألا أخبركم بأهل الوقوف؟ قلنا : بلى ، قال : أسامة بن زيد وقد رجع فلا تقولوا إلاّ خيرا ، ومحمّد بن مسلمة ، وابن عمر مات منكوبا(٣) .

وفيه : عن أيّوب بن نوح ، عمّن رواه ، عن أبي مريم الأنصاري ، عنهعليه‌السلام (٤) : إنّ الحسن بن عليعليه‌السلام كفّن أسامة بن زيد في برد أحمر حبرة(٥) .

وهذا ينافيه ما ذكره جماعة كابن حجر وهب من أنّ أسامة مات سنة أربع وخمسين(٦) .

والحسنعليه‌السلام توفّي سنة تسع وأربعين أو خمسين ، فالظاهر أنّ المكفّن الحسينعليه‌السلام . على أنّ الرواية لم تصحّ وإن تكرّرت في الكتب.

__________________

(١) الخلاصة : ٢٣ / ١ ، وفيها : الوقف ( خ ل ) عن روايته.

(٢) رجال الشيخ : ٣ / ١.

(٣) رجال الكشي : ٣٩ / ٨١.

(٤) في المصدر : عن أبي جعفرعليه‌السلام قال.

(٥) رجال الكشي : ٣٩ / ٨٠.

(٦) تهذيب التهذيب ١ : ١٨٢ / ٣٩١ ، تقريب التهذيب ١ : ٥٣ / ٣٥٧ ، الكاشف ١ : ٥٧ / ٢٦٣.

٦

وفيه : وجدت في كتاب أبي عبد الله الشاذاني ، حدّثني جعفر بن محمّد المدائني أن(١) قال : كتب عليّعليه‌السلام إلى والي المدينة : لا تعطين سعدا ولا ابن عمر من الفي‌ء شيئا ، فإمّا أسامة بن زيد فانّي قد عذرته في اليمين الّتي كانت عليه(٢) .

قلت : أمّا المكفّن فقد صرّح في البحار بأنّه الحسينعليه‌السلام (٣) . وأنّهعليه‌السلام رآه عند موته يتضجّر من ديونه فقضاها عنه في مجلسه ، وهي ستّون ألف درهم(٤) .

وأمّا اليمين الّتي كانت عليه : فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان بعثه ـ على ما في تفسير عليّ بن إبراهيم ـ في خيل إلى بعض قرى اليهود ليدعوهم إلى الإسلام ، وكان رجل من اليهود يقال له مرداس بن نهيك. لمّا أحسّ بهم جمع أهله(٥) وماله وصار في ناحية الجبل وهو يقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمرّ به أسامة فقتله.

ولمّا رجع قال لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قتلت رجلا يشهد الشهادتين.

قال : يا رسول الله قالها تعوّذا من القتل.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله (٦) : لا ما قال بلسانه قبلت ، ولا ما كان‌

__________________

(١) كذا ، والظاهر : إلى أن قال.

(٢) رجال الكشي : ٣٩ / ٨٢.

(٣) هذا التصريح لم نعثر عليه في البحار ، وإنّما المذكور فيه أنّ المكفّن الحسنعليه‌السلام ، بحار الأنوار ٢٢ : ١٣٤ / ١١٥ ، ٧٨ : ٣٢٥ / ٢٠.

(٤) بحار الأنوار ٤٤ : ١٨٩ / ٢.

(٥) في نسخة « ش » : إبله.

(٦) في المصدر زيادة : فلا شققت الغطاء عن قلبه ، و.

٧

بقلبه(١) علمت.

وفيه نزلت آية( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً. ) الآية(٢) ، فحلف أسامة أن لا يقاتل رجلا يشهد الشهادتين. فتخلّف عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في حروبه(٣) .

هذا ، ويظهر من جملة من الأخبار ذمّه ، وأنّ رجوع المتخلّفين عن جيشه إلى المدينة كان برضاه ومشورته.

وفي شرح ابن أبي الحديد ، إنّه ممّن لم يبايع عليّاعليه‌السلام بعد قتل عثمان(٤) ، فتأمّل(٥) .

وفي كتاب سليم بن قيس ـ وهو معتمد كما سيجي‌ء إن شاء الله ـ بعد ذكره : إنّ الناس بايعت عليّاعليه‌السلام طائعين غير مكرهين. قال : غير ثلاثة رهط بايعوه ثمّ شكّوا في القتال معه ، وقعدوا في بيوتهم : محمّد بن مسلمة(٦) وسعد بن أبي وقّاص وابن عمر ، وأسامة بن زيد سلم بعد ذلك ورضي ودعا لعليّعليه‌السلام واستغفر له ، وبرأ من عدوّه ، وشهد أنّه على الحق ومن خالفه ملعون حلال الدم(٧) ، انتهى ، فتدبّر.

وفي الوجيزة : مختلف فيه(٨) .

__________________

(١) في المصدر : في نفسه.

(٢) سورة النساء : ٤ / ٩٤.

(٣) تفسير القمي : ١ / ١٤٨.

(٤) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٩.

(٥) فتأمّل ، لم ترد في نسخة « ش ».

(٦) في المصدر : سلمة.

(٧) كتاب سليم بن قيس الهلالي : ١٧٣.

(٨) الوجيزة : ١٥٧ / ١٦٢.

٨

٢٨٥ ـ أسباط بن سالم الكوفي :

بيّاع الزطي ،ق (١) .

وزادجش : أبو علي مولى بني علي(٢) من كندة ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وأبي الحسنعليه‌السلام ، ذكره أبو العبّاس وغيره في الرجال.

له كتاب ، أخبرناه(٣) عدّة من أصحابنا ، عنه ذبيان بن حكيم أبو عمرو الأزدي(٤) .

وفيست بعد الزطي : له كتاب أصل(٥) ، أخبرنا به ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عنه.

وأحمد بن عبدون ، عن ابن الأنباري ، عن حميد ، عن القاسم بن إسماعيل القرشي ، عنه(٦) .

وفيتعق : في رواية ابن أبي عمير عنه إشعار بالوثاقة.

ويأتي في يعقوب بن سالم عنصه أنّه أخو أسباط بن سالم ، ثقة(٧) .

وعن الشهيد الثاني : قوله : أخو أسباط ، يقتضي كون أسباط أشهر منه ، مع أنّه لم يذكره في القسمين ولا غيره ، مع أنّه كثير الرواية خصوصا‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ١٥٣ / ٢٢٠.

(٢) في المصدر : بني عدي.

(٣) في المصدر : أخبرنا.

(٤) رجال النجاشي : ١٠٦ / ٢٦٨.

(٥) في المصدر : له أصل ، وفي الحاشية : له كتاب ( خ ل ).

(٦) الفهرست : ٣٨ / ١٢٢.

(٧) الخلاصة : ١٨٦ / ٢.

٩

بوساطة ولده علي(١) ، انتهى.

وفيضح : الزطيّ : بضمّ الزاي وكسر المهملة المخفّفة وتشديد الياء ، وسمعت السيّد جمال الدين أنّه بضمّ(٢) الزاي وفتح الطاء المهملة المخفّفة مقصورا(٣) ، انتهى.

وفي القاموس : الزط بالضّم : جيل من الهند ، معرّب جت بالفتح ـ والقياس يقتضي فتح معرّبة أيضا ـ الواحد زطي(٤) ، انتهى.

والذي سمعناه مذاكرة أنّه ههنا نوع من الثياب ، ولم نجد في القاموس ما يناسب ذلك ، ويحتمل كونه بيّاعا لهم أو لمتاع لهم ، ويؤيّده ما في النهاية أنّ الزطي : جنس من السودان والهنود(٥) (٦) .

أقول : يدلّ على ما ذكره سلّمه الله تعالى(٧) من سماعه مذاكرة ما في حواشي السيّد الداماد علىكش : الزطّي : بضمّ الزاي وإهمال الطاء المشدّدة : نوع من الثياب.

قال في المغرب : الزط : جيل من الهند ، إليه(٨) تنسب الثياب الزطيّة(٩) .

ثمّ نقل كلام الجوهري وما مرّ عن الفيروزآبادي من ضبط الزطّ بضمّ‌

__________________

(١) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ٨٨.

(٢) في المصدر : وسمعت من السيّد جمال الدين أحمد بن طاوسرحمه‌الله بضمّ.

(٣) إيضاح الاشتباه : ٨٤.

(٤) القاموس المحيط : ٢ / ٣٦٢.

(٥) النهاية لابن الأثير : ٢ / ٣٠٢ ، وفيه : الزط.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٥١.

(٧) تعالى ، لم ترد في نسخة « ش ».

(٨) في المغرب والتعليقة : إليهم.

(٩) المغرب : ١ / ٢٣٢.

١٠

الزاي وتشديد الطاء ، وقال : فأمّا قول العلاّمة فيضح وما نقله فلا مساغ(١) له إلى الصحّة(٢) .

هذا ، وممّا يشعر(٣) بالاعتماد عليه رواية كتابه عدّة من أصحابنا كما في جش. وهو عند الشيخ وجش إمامي ، لما ذكرناه غير مرّة ، وكذا عند ب ، حيث ذكره وقال : له أصل(٤) .

وفي الحاوي : لم يذكره فيصه مع تكرّر ذكره في أسانيد الأخبار(٥) .

٢٨٦ ـ إسحاق بن آدم بن عبد الله :

ابن سعد الأشعري القمّي ، روى عن الرضاعليه‌السلام ، له كتاب ، ترويه(٦) جماعة ،جش (٧) .

وفيست : له كتاب ، ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن محمّد بن أبي الصهبان ، عنه(٨) .

وفيتعق : هو أخو زكريّا الجليل ، ويأتي في عمران بن عبد الله ما يشير إلى نباهته(٩) .

قلت : لعلّ ذلك ما يأتي من مدح أهل قم وأنّهم نجباء عموما ، وأمّا مدحه بخصوصه فلم أجده ، فلاحظ. وهو عندجش وست إمامي كما مرّ‌

__________________

(١) في المصدر : فلا مساق.

(٢) حاشية السيّد الداماد على الاختيار : ٢ / ٥٨٤.

(٣) في نسخة « ش » : ممّا يشير ، بدل : هذا وممّا يشعر.

(٤) معالم العلماء : ٢٨ / ١٤٢.

(٥) حاوي الأقوال : ٢٣٠ / ١٢٢٣.

(٦) في المصدر : يرويه.

(٧) رجال النجاشي : ٧٣ / ١٧٦.

(٨) الفهرست : ١٥ / ٥٤.

(٩) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٥١.

١١

مرارا.

٢٨٧ ـ إسحاق بن أبان :

هو ابن محمّد بن أحمد ،تعق (١) .

٢٨٨ ـ إسحاق بن إبراهيم الأزدي :

العطّار ، أبو يعقوب الكوفي ، أسند عنه ،ق (٢) .

٢٨٩ ـ إسحاق بن إبراهيم الحضيني :

بالمهملة المضمومة ثمّ المعجمة المفتوحة ، جرت الخدمة على يده للرضاعليه‌السلام ، وكان الحسين(٣) بن سعيد الذي أوصل إسحاق بن إبراهيم إلى الرضاعليه‌السلام حتّى جرت الخدمة على يده ، وعليّ بن مهزيار بعد إسحاق بن إبراهيم ، وكان سبب معرفتهم لهذا الأمر. فمنه سمعوا الحديث وبه يعرفون ، وكذلك فعل بعبد الله الحضيني(٤) .

هذا جملة ما وصل إلينا في معنى هذا الرجل ، والأقرب قبول قوله ،صه (٥) .

ويأتي أنّ الموصل الحسن لا الحسين ، وهو الموافق أيضا للكشّي(٦) (٧) حتّى بخطّطس (٨) ، كما نقله شه. والموجود في جميع نسخصه : الحسين ، كما أنّ الموجود هناك : الحسن.

__________________

(١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٥١ : وفيه : هو إسحاق بن أحمد بن محمّد.

(٢) رجال الشيخ : ١٥٠ / ١٥١.

(٣) في المصدر : الحسن.

(٤) في المصدر : لعبد الله بن محمّد الحضيني.

(٥) الخلاصة : ١١ / ٢.

(٦) في نسخة « ش » : للكشي أيضا.

(٧) رجال الكشي : ٥٥١ / ١٠٤١.

(٨) التحرير الطاووسي : ٣٨١ / ٢٦٦ و ٢٦٧.

١٢

وليس فيضا إلاّ : إسحاق بن محمّد الحضيني(١) . لكن في ج : إسحاق بن إبراهيم الحضيني ، لقي الرضاعليه‌السلام (٢) .

وفيتعق : قبول قوله لكونه وكيلا ، وهو يقتضي الوثاقة.

وقول المصنّف : لكن في ج إلى آخره ، لا يبعد اتّحادهما ويكون الثاني نسبة إلى الجدّ ، كما سنشير في محمّد بن إبراهيم الحضيني وعبد الله ابن محمّد الحضيني وعبد الله بن إبراهيم(٣) ، فيكون هذا أخا عبد الله(٤) .

أقول : يأتي في الحسن بن سعيد حتّى عنصه أنّه أوصل عليّ بن الريّان أيضا(٥) ، وأسقطه الناسخ فيصه هنا ، فبقي ضمير الجمع بلا مرجع.

وفيطس أيضا عليّ بن الريّان موجود ، وفيه أيضا أنّ الموصل الحسن ابن سعيد(٦) ، فتدبّر.

وفي الوجيزة : ممدوح(٧) .

وفيمشكا : ابن إبراهيم الحضيني ، عن الحسين بن سعيد وأخيه الحسن(٨) ، وهو في طبقة أصحاب الرضاعليه‌السلام (٩) .

٢٩٠ ـ إسحاق بن أحمد بن عبد الله :

ابن مهران بن خانبة ، في ترجمة عمّه محمّد بن عبد الله أنّهم بيت من‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٣٦٩ / ٢٦.

(٢) رجال الشيخ : ٣٩٧ / ١.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٢٧٣ ، ٢١٠ ، ١٩٧.

(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٥١.

(٥) الخلاصة : ٣٩ / ٣.

(٦) التحرير الطاووسي : ٣٨٠ / ٢٦٦ و ٢٦٧.

(٧) الوجيزة : ١٥٧ / ١٦٤.

(٨) في المصدر : أو أخيه الحسن بن سعيد.

(٩) هداية المحدثين : ١٧.

١٣

أصحابنا كبير(١) ،تعق (٢) .

٢٩١ ـ إسحاق أبو هارون الجرجاني :

أسند عنه ،ق (٣) .

٢٩٢ ـ إسحاق بن إسماعيل النيسابوري :

ثقة ، كر(٤) .

وزادصه : من أصحاب أبي محمّد العسكريعليه‌السلام (٥) .

وفيكش : حكى بعض الثقات بنيسابور أنّه خرج لإسحاق بن إسماعيل توقيع من أبي محمّدعليه‌السلام : يا إسحاق بن إسماعيل سترنا الله وإيّاك بستره ، وتولاّك في جميع أمورك بصنعه. إلى أن قال :

ولقد كانت منكم أمور في أيّام الماضيعليه‌السلام . إلى أن قال :

وأنت رسولي(٦) يا إسحاق إلى إبراهيم بن عبدة وفّقه الله ، أن يعمل بما ورد عليه في كتابي مع محمّد بن موسى النيسابوري إن شاء الله تعالى. إلى أن قال :

وليحمل ذلك إبراهيم بن عبدة إلى الرازيرضي‌الله‌عنه ، أو إلى من يسمّي له الرازي ، فإنّ ذلك عن أمري ورأيي إن شاء الله.

ويا إسحاق إقرأ كتابي(٧) على البلاليرضي‌الله‌عنه ، فإنّه الثقة‌

__________________

(١) منهج المقال : ٢٨٠ ، وفيه : محمّد بن أحمد بن عبد الله.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٥١.

(٣) رجال الشيخ : ١٥٠ / ١٥٠.

(٤) رجال الشيخ : ٤٢٨ / ٦.

(٥) الخلاصة : ١١ / ٣.

(٦) في نسخة « ش » : وأنت رسول.

(٧) في المصدر : كتابنا.

١٤

المأمون العارف بما يجب عليه ، واقرأه على المحمودي عافاه الله تعالى فما أحمدنا(١) لطاعته ، وإذا وردت بغداد فاقرأه على الدهقان وكيلنا وثقتنا والذي يقبض من موالينا. ، الحديث(٢) .

أقول : فيمشكا : ابن إسماعيل الثقة النيسابوري ، في طبقة أصحاب العسكريعليه‌السلام (٣) .

٢٩٣ ـ إسحاق الأنباري :

في جعفر بن واقد ما يشير إلى حسنه في الجملة(٤) ،تعق (٥) .

أقول : نذكر ما أشار إليه في الكنى في أبي السمهري ، ويظهر بالتأمّل ما أشار إليه وأزيد.

٢٩٤ ـ إسحاق بن بريد بن إسماعيل الطائي :

أبو يعقوب ، مولى ، كوفي ، ثقة ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وروى أبوه عن أبي جعفرعليه‌السلام ،صه (٦) .جش ، إلاّ أنّ في الأوّل : ابن يزيد بالزاي.

وزاد الثاني : محمّد بن علي أبو سمينة الصيرفي ، عنه بكتابه(٧) .

وفي د : ابن بريد ، بالمفردة تحت والراء المهملة ، ومن أصحابنا من صحّفه فقال : يزيد ، بالياء المثنّاة تحت والزاي ، والحقّ الأوّل(٨) .

__________________

(١) في المصدر زيادة : له.

(٢) رجال الكشي : ٥٧٥ ـ ٥٧٩ / ١٠٨٨.

(٣) هداية المحدثين : ١٧.

(٤) منهج المقال : ٨٦.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٥١ وفيه : إسحاق بن الأنباري.

(٦) الخلاصة : ١١ / ٤.

(٧) رجال النجاشي : ٧٢ / ١٧٢ ، وفيه : ابن يزيد.

(٨) رجال ابن داود : ٤٨ / ١٦١.

١٥

وكأنّه يريد أنّ العلاّمة صحّفه ، وليس في كلامه بالياء المثنّاة في الضبط على ما قدّمنا ، وبدونه فيما أراده نظر.

وفيتعق : سيذكر فيما بعد عنصه بالمثنّاة(١) ، فتأمّل ، وسيجي‌ء عنها كذلك في ذكر طرق الصدوق(٢) .

ويأتي عنق : بريد بن إسماعيل الطائي(٣) ، بالمفردة(٤) .

قلت : تركناه لجهالته ، وليس فيه زائدا على ما ذكر إلاّ : أبو عامر الطائي.

وقول الميرزا : وبدونه نظر ، عجيب بعد ذكرصه بالزاي ، لتعيّن الياء المثنّاة تحت حينئذ وإن لم يصرّح به ، وأعجب منه تصريحه نفسه فيما بعد بأنّ فيصه : ابن يزيد ، فتدبّر. نعم ما فيق يعين ما في د.

وفيمشكا : ابن بريد الثقة ، عنه محمّد بن علي أبو سمينة ، وهو عن الصادقعليه‌السلام (٥) .

٢٩٥ ـ إسحاق بن بشر :

أبو حذيفة الكاهلي الخراساني ، ثقة ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، من العامّة ، ذكروه في رجال أبي عبد اللهعليه‌السلام ، له كتاب ، عنه أحمد بن سعيد ،جش (٦) .

صه ، إلى قوله : في أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام (٧) .

__________________

(١) منهج المقال : ٥٤.

(٢) منهج المقال : ٤٠٨.

(٣) رجال الشيخ : ١٥٨ / ٦٢.

(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٥١.

(٥) هداية المحدثين : ١٦.

(٦) رجال النجاشي : ٧٢ / ١٧١.

(٧) الخلاصة : ٢٠٠ / ٤.

١٦

وفيق : أسند عنه(١) .

أقول : فيمشكا : ابن بشر العامي الكاهلي الخراساني ، عنه أحمد ابن محمّد بن سعيد ، وهو عن الصادقعليه‌السلام حيث لا مشارك(٢) .

٢٩٦ ـ إسحاق بيّاع اللؤلؤ :

الكوفي ،ق (٣) .

وفيتعق : في الصحيح عن صفوان عن ابن مسكان عنه(٤) ، وفيه إشعار بالاعتماد بل الوثاقة ، ويظهر من روايته كونه شيعيّا(٥) .

٢٩٧ ـ إسحاق بن جرير بن يزيد :

ابن جرير بن عبد الله البجلي ،ق (٦) .

وزادجش : أبو يعقوب ، ثقة ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ذكر ذلك أبو العبّاس. له كتاب ، يرويه عنه جماعة ، محمّد بن أبي عمير ، عنه به(٧) .

وفيصه قبل ثقة : كان ، وبدل : ذكر ذلك. إلى آخره : وكان واقفيّا ، فالأقوى عندي التوقّف في رواية ينفرد بها(٨) .

وفيظم : واقفي(٩) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ١٤٩ / ١٣٨.

(٢) هداية المحدثين : ١٦.

(٣) رجال الشيخ : ١٥٠ / ١٤٧.

(٤) الكافي ٤ : ٤٤٩ / ٤.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٥١.

(٦) رجال الشيخ : ١٤٩ / ١٣٠ وفيه : البجلي الكوفي.

(٧) رجال النجاشي : ٧١ / ١٧٠.

(٨) الخلاصة : ٢٠٠ / ٢.

(٩) رجال الشيخ : ٣٤٣ / ٢٤.

١٧

وفيست : له أصل ، ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عنه.

وعنه أحمد بن ميثم(١) .

وفيتعق : يروي عنه حمّاد(٢) ، وابن محبوب(٣) ، وابن أبي عمير(٤) ، وكلّ ذلك يشعر بالوثاقة.

والظاهر من عبارة المفيد الآتية في زياد بن المنذر(٥) أنّه من فقهاء الأصحاب والرؤساء الأعلام(٦) .

وعن المنتهى الحكم بصحّة روايته(٧) (٨) .

قلت : إن صحّ فالمراد المعنى الأعم ، والباقي لا ينافي الوقف.

وتوقّف في أصل وثاقته في الحاوي لاحتمال رجوع الضمير فيجش إليها ، واحتمال كونه ابن عقدة(٩) . وفيه ما فيه.

وفي الوجيزة : ثقة غير إمامي(١٠) .

وفي ب : له أصل(١١) .

__________________

(١) الفهرست : ١٥ / ٥٣.

(٢) الكافي ٥ : ٥٣٦ / ٥.

(٣) الكافي ٥ : ٥٣٦ / ٣.

(٤) رجال النجاشي : ٧١ / ١٧٠.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٤٢.

(٦) مصنفات الشيخ المفيد ـ الرسالة العددية ـ : ٩ / ٢٥ و ٣٥.

(٧) منتهى المطلب : ١ / ٩٥.

(٨) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٥١.

(٩) حاوي الأقوال : ١٩٦ / ١٠٤٠.

(١٠) الوجيزة : ١٥٨ / ١٦٨.

(١١) معالم العلماء : ٢٦ / ١٣٤.

١٨

وفيمشكا : ابن جرير الثقة الواقفي ، عنه أحمد بن ميثم ، ومحمّد بن أبي عمير ، والحسن بن محبوب(١) .

٢٩٨ ـ إسحاق بن جعفر بن محمّد :

ابن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام المدني ،ق (٢) .

وفي الإرشاد : كان من أهل الفضل والصلاح والورع والاجتهاد ، وروى عنه الناس الحديث والآثار ، وكان ابن كاسب إذا حدّث عنه يقول : حدّثني الثقة الرضا(٣) إسحاق بن جعفر.

وكان إسحاقرضي‌الله‌عنه يقول بامامة أخيه موسىعليه‌السلام ، وروى عن أبيه النصّ بالإمامة على أخيه(٤) .

أقول : فيمشكا : يعرف ابن الصادقعليه‌السلام الممدوح ، بروايته عن أبيهعليه‌السلام ، وبرواية ابن كاسب عنه(٥) .

٢٩٩ ـ إسحاق بن جندب :

أبو إسماعيل الفرائضي ، ثقة ثقة ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، له كتاب ، عنه عبيس وغيره ،جش (٦) .

__________________

(١) هداية المحدثين : ١٦ وفيه : الموثق الواقفي.

(٢) رجال الشيخ : ١٤٩ / ١٢٧.

(٣) ورد في حاشية نسخة « ش » ما نصه : في نسختي من الإرشاد : الثقة الرضي ، وفي نسخة : ثقة الرضاعليه‌السلام . ( منه ).

وفي المصدر : الثقة الرضي.

(٤) إرشاد المفيد : ٢ / ٢١١ ، ولم يرد فيه الترضّي بعد إسحاق.

(٥) هداية المحدثين : ١٧ وفيه : ابن جعفر الصادق. عن أبيه الصادقعليه‌السلام .

(٦) رجال النجاشي : ٧٣ / ١٧٥.

١٩

صه إلى قوله : روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ثقة ثقة(١) .

أقول : فيمشكا : ابن جندب الثقة ، عنه عبيس(٢) .

٣٠٠ ـ إسحاق بن الحسن بن بكران :

أبو الحسين العقراي(٣) التمّار ، كثير السماع ، ضعيف في مذهبه ، رأيته بالكوفة وهو مجاور ، وكان يروي كتاب الكليني عنه ، وكان في هذا الوقت غلوا(٤) ، فلم أسمع منه شيئا.

له كتاب الردّ على الغلاة ، وكتاب نفي السهو عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكتاب عدد الأئمّةعليهم‌السلام ،جش (٥) .

صه إلى قوله : مجاور ، وفيها : العقراني ، بالمهملة المفتوحة والقاف الساكنة بعدها راء ، وقبل رأيته : كذا قال النجاشي ، قال(٦) .

وفيضح أيضا : العقراي ، بعد الألف ياء(٧) . ود : بالنون(٨) ، كصه.

وفيتعق : تأليفه كتاب الردّ على الغلاة يشعر بعدم غلوّه.

ولعلّ رميه به لتأليفه كتاب نفي السهو عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما هو عند معظم القدماء(٩) ، كما يظهر من الفقيه(١٠) ، فلا وثوق في الحكم‌

__________________

(١) الخلاصة : ١١ / ٧.

(٢) هداية المحدثين : ١٧.

(٣) في المصدر : العقرائي.

(٤) في المصدر : علوّا.

(٥) رجال النجاشي : ٧٤ / ١٧٨.

(٦) الخلاصة : ٢٠١ / ٦.

(٧) إيضاح الاشتباه : ٩٥ / ٤٣ ، وفيه : العقرابي ، بعد الألف باء.

(٨) رجال ابن داود : ٢٣١ / ٤٨.

(٩) في التعليقة : الفقهاء.

(١٠) الفقيه : ١ / ٢٣٤.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

4 ـ إنّه تحدّث عمّا يجب أنْ يتّصفَ به الإمام والقائد لمسيرة الاُمّة مِنْ الصفات ، وهي :

أ ـ العمل بكتاب الله.

ب ـ الأخذ بالقسط.

ج ـ الإداناة بالحقّ.

د ـ حبس النفس على ذات الله.

ولم تتوفّر هذه الصفات الرفيعة إلاّ في شخصيته الكريمة التي تحكي اتّجاهات الرسول (صلّى الله عليه وآله) ونزعاته.

وتسلّم مسلم هذه الرسالة ، وقد أوصاه الإمام بتقوى الله وكتمان أمره(1) ، وغادر مسلم مكّة ليلة النصف مِنْ رمضان(2) ، وعرج في طريقه على يثرب فصلّى في مسجد الرسول (صلّى الله عليه وآله) وطاف بضريحه ، وودّع أهله وأصحابه(3) ، وكان ذلك هو الوداع الأخير لهم ، واتّجه صوب العراق وكان معه قيس بن مسهر الصيداوي ، وعمارة بن عبد الله السلولي وعبد الرحمن بن عبد الله الأزدي ، واستأجر مِنْ يثرب دليلين مِنْ قيس يدلاّنه على الطريق(4) .

وسارت قافلة مسلم تجذّ في السير لا تلوي على شيء ، يتقدّمها الدليلان وهما يتنكبان الطريق ؛ خوفاً مِن الطلب فضلاً عن الطريق ، ولم يهتديا له وقد أعياهما السير واشتدّ بهما العطش ، فأشارا إلى مسلم بسنن الطريق بعد

__________________

(1) تاريخ ابن الأثير 3 / 267.

(2) مروج الذهب 2 / 86.

(3) تاريخ الطبري 6 / 198.

(4) الأخبار الطوال / 231 ، تاريخ ابن الأثير 3 / 267.

٣٤١

أنْ بان لهما وتوفيا في ذلك المكان حسبما يقوله المؤرّخون(1) ، وسار مسلم مع رفقائه حتّى أفضوا إلى الطريق ووجدوا ماءً فأقاموا فيه ؛ ليستريحوا ممّا ألمَّ بهمْ مِنْ عظيم الجهد والعناء.

رسالة مسلم للحُسين (عليهما السّلام) :

ويقول المؤرّخون : إنّ مسلم تخوّف مِنْ سفره وتطيّر بعد أنْ أصابه مِن الجهد وموت الدليلين ، فرفع للإمام رسالة يرجو فيها الاستقالة مِنْ سفارته ، وهذا نصها : أمّا بعد ، فإنّي أقبلت مِن المدينة مع دليلين ، فجازا(2) عن الطريق فضلاّ ، واشتدّ عليهما العطش فلمْ يلبثا أنْ ماتا ، وأقبلنا حتّى انتهينا إلى الماء فلمْ ننجُ إلاّ بحشاشة أنفسنا ، وذلك الماء بمكان يدعى (المضيق) مِنْ بطن الخبث ، وقد تطيّرت مِنْ توجّهي هذا ، فإنْ رأيت أعفيتني مِنه وبعثت غيري ، والسّلام.

جواب الحُسين (عليه السّلام) :

وكتب الإمام الحُسين جواباً لرسالة مسلم ندد فيه بموقفه واتّهمه بالجبن ، وهذا نصها : أمّا بعد ، فقد خشيت أنْ لا يكون حمَلَك على الكتاب إليّ في الاستعفاء مِن الوجه الذي وجّهتك له إلاّ الجبن ، فامضِ لوجهك الذي

__________________

(1) الإرشاد / 227.

(2) جازا عن الطريق : أي تركاه خلفهما.

٣٤٢

وجّهتك فيه ، والسّلام(1) .

أضواء على الموضوع :

وأكبر الظنّ أنّ رسالة مسلم مع جواب الإمام مِن الموضوعات ، ولا نصيب لها مِن الصحة ؛ وذلك لما يلي :

1 ـ إنّ مضيق الخبث الذي بعث منه مسلم رسالته إلى الإمام يقع ما بين مكّة والمدينة حسب ما نصّ عليه الحموي(2) ، في حين أنّ الرواية تنصّ على أنّه استأجر الدليلين مِنْ يثرب ، وخرجوا إلى العراق فضلّوا عن الطريق وماتا الدليلان. ومِن الطبيعي أنّ هذه الحادثة وقعت ما بين المدينة والعراق ولمْ تقع ما بين مكّة والمدينة.

2 ـ إنّه لو كان هناك مكان يُدعى بهذا الاسم يقع ما بين يثرب والعراق لمْ يذكره الحموي ، فإنّ السفر منه إلى مكّة ذهاباً وإياباً يستوعب زماناً يزيد على عشرة أيّام ، في حين أنّ سفر مسلم مِنْ مكّة إلى العراق قد حدّده المؤرّخون فقالوا : إنّه سافر مِنْ مكّة في اليوم الخامس عشر مِنْ رمضان وقدم إلى الكوفة في اليوم الخامس مِنْ شوال ، فيكون مجموع سفره عشرين يوماً ، وهي أسرع مدّة يقطعها المسافر مِنْ مكّة إلى المدينة ؛ فإنّ المسافة بينهما تزيد على ألف وستمئة كيلو متر.

وإذا استثنينا مِنْ هذه المدّة سفر رسول مسلم مِنْ ذلك المكان ورجوعه إليه فإنّ مدّة سفره مِنْ مكّة إلى الكوفة تكون أقلّ مِنْ عشرة أيّام ، ويستحيل عادة قطع تلك

__________________

(1) الإرشاد / 226 ، وفي الحدائق الوردية 1 / 117 خرج مسلم مِنْ مكّة حتّى أتى المدينة ، وأخذ منها دليلين ، فمرّا به في البريّة فأصابهما عطش فمات أحد الدليلين ، فكتب مسلم إلى الحُسين يستعفيه ، فكتب إليه الحُسين (عليه السّلام) : «أنْ امضِ إلى الكوفة».

(2) معجم البلدان 2 / 343.

٣٤٣

المسافة بهذه الفترة مِن الزمن.

3 ـ إنّ الإمام اتّهم مسلماً في رسالته بالجبن ، وهو يناقض توثيقه له مِنْ أنّه ثقته وكبير أهل بيته والمبرز بالفضل عليهم ، ومع اتّصافه بهذه الصفات كيف يتّهمه بالجبن؟!

4 ـ إنّ اتّهام مسلم بالجبن يتناقض مع سيرته ؛ فقد أبدى هذا البطل العظيم مِن البسالة والشجاعة النادرة ما يبهر العقول ، فإنّه حينما انقلبت عليه جموع أهل الكوفة قابلها وحدّه مِنْ دون أنْ يعينه أو يقف إلى جنبه أيّ أحد ، وقد أشاع في تلك الجيوش المكثّفة القتل ممّا ملأ قلوبهم ذعراً وخوفاً ، ولمّا جيء به أسيراً إلى ابن زياد لمْ يظهر عليه أيّ ذلّ أو انكسار.

ويقول فيه البلاذري : إنّه أشجع بني عقيل وأرجلهم(1) ، بل هو أشجع هاشمي عرفه التاريخ بعد أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام).

إنّ هذا الحديث مِن المفتريات الذي وضِعَ للحطّ مِنْ قيمة هذا القائد العظيم الذي هو مِنْ مفاخر الاُمّة العربية والإسلاميّة.

في بيت المختار :

وسار مسلم يطوي البيداء حتّى دخل الكوفة فاختار النزول في بيت المختار الثقفي(2) ، وهو مِنْ أشهر أعلام الشيعة وأحد سيوفهم ومِنْ أحبّ الناس وأنصحهم للإمام الحُسين.

__________________

(1) أنساب الأشراف 1 / ق 1.

(2) الإرشاد / 226 ، تاريخ ابن الأثير 3 / 267 ، وقيل : نزل مسلم في بيت مسلم بن عوسجة ، وقيل : نزل في بيت هانئ بن عروة ، جاء ذلك في كلّ مِن الإصابة 1 / 332 ، وتهذيب التهذيب.

٣٤٤

لقد اختار مسلم النزول في بيت المختار دون غيره مِنْ زعماء الشيعة ؛ وذلك لوثوقه بإخلاصه للإمام الحُسين وتفانيه في حبّه ، كما أنّ هناك عاملاً آخر له أهمّيته ، فقد كان المختار زوجاً لعمرة بنت النعمان بن بشير حاكم الكوفة ، ولا شك أنّ يده لنْ تمتد إلى المسلم طالماً كان مقيماً في بيت صهره المختار ، وقد دلّ ذلك على إحاطة مسلم بالشؤون الاجتماعية.

وفتح المختار أبواب داره لمسلم وقابله بمزيد مِن الحفاوة والتكريم ، ودعا الشيعة إلى مقابلته ، فأقبلوا إليه مِنْ كلّ حدب وصوب وهم يظهرون له الولاء والطاعة.

ابتهاج الكوفة :

وعمّت الأفراح بمقدم مسلم جميع الأوساط الشيعية في الكوفة ، وقد وجد منهم مسلم ترحيباً حارّاً وتأييداً شاملاً ، وكان يقرأ عليهم رسالة الحُسين وهم يبكون ويبدون التعطّش لقدومه والتفاني في نصرته ؛ لينقذهم مِنْ جور الاُمويِّين وظلمهم ويعيد في مصرهم حكم الإمام أمير المؤمنين ، مؤسس العدالة الكبرى في الأرض ، وكان مسلم يوصيهم بتقوى الله وكتمان أمرهم حتّى يقدم إليهم الإمام الحُسين.

البيعة للحُسين (عليه السّلام) :

وانثالت الشيعة على مسلم تبايعه للإمام الحُسين (عليه السّلام) ، وكانت صيغة البيعة الدعوة إلى كتاب الله وسنّة رسوله وجهاد الظالمين ، والدفع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين وقسمة الغنائم بين المسلمين بالسويّة ، وردّ المظالم إلى

٣٤٥

أهلها ونصرة أهل البيت (عليهم السّلام) ، والمسالمة لمَنْ سالموا والمحاربة لمَنْ حربوا. وقد شبّه السيّد المقرّم هذه البيعة ببيعة الأوس والخزرج للنّبي (صلّى الله عليه وآله)(1) ، وكان حبيب بن مظاهر الأسدي يأخذ البيعة منهم للحُسين(2) .

كلمة عابس الشاكري :

وانبرى المؤمن الفذ عابس بن شبيب الشاكري فأعرب لمسلم عن ولائه الشخصي واستعداده للموت في سبيل الدعوة ، إلاّ إنّه لمْ يتعهد له بإيّ أحد مِنْ أهل مصره قائلاً : أمّا بعد ، فإنّي لا أخبرك عن الناس ولا أعلم ما في أنفسهم وما أغرّك منهم. والله ، إنّي محدّثك عمّا أنا موطّن عليه نفسي. والله ، لاُجيبنَّكم إذا دعوتم ولاُقاتلنَّ معكم عدوكم ، ولأضربنَّ بسيفي دونكم حتّى ألقى الله ، لا أريد بذلك إلاّ ما عند الله.

وقد صدق عابس ما عاهد عليه الله ؛ فلمْ يخن ضميره ففدى بنفسه ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) واستشهد بين يديه في كربلاء. وانبرى حبيب ابن مظاهر فخاطب عابساً قائلاً له : رحمك الله ، فقد قضيت ما في نفسك بواجز مِنْ قولك ، وأنا والله الذي لا إله إلاّ هو على مثل ما أنت عليه.

واندفع سعيد الحنفي فأيّد مقالة صاحبيه(3) ، وهؤلاء الأبطال مِنْ

__________________

(1) الشهيد مسلم بن عقيل / 103.

(2) الحدائق الوردية 1 / 125 مِنْ مخطوطات مكتبة الإمام كاشف الغطاء العامّة.

(3) تاريخ الطبري 6 / 199.

٣٤٦

أنبل مَنْ عرفهم التاريخ صدقاً ووفاءً ، فقد بذلوا أرواحهم بسخاء إلى الإمام الحُسين واستشهدوا بين يديه في كربلاء.

عدد المبايعين :

وتسابقت جماهير الكوفة إلى بيعة الحُسين على يد سفيره مسلم بن عقيل ، وقد اختلف المؤرّخون في عدد مَنْ بايعه ، وهذه بعض الأقوال :

1 ـ أربعون ألفاً(1) .

2 ـ ثلاثون ألفاً ، ومِنْ بينهم حاكم الكوفة النعمان بن بشير(2) .

3 ـ ثمانية وعشرون ألفاً(3) .

4 ـ ثمانية عشر ألفاً ، حسب ما جاء في رسالة مسلم إلى الحُسين ، يقول فيها : وقد بايعني مِنْ أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً فعجل الإقبال(4) .

__________________

(1) شرح شافية أبي فراس 1 / 90 مِنْ مصوّرات مكتبة الإمام الحكيم ، مثير الأحزان لابن نما / 11.

(2) دائرة معارف وجدي 3 / 444 ، حقائق الأخبار عن دول البحار ، روضة الأعيان في أخبار مشاهير الزمان ـ محمد بن أبي بكر المتوفى سنة (730 هـ) / 67 مِنْ مصوّرات مكتبة الحكيم ، مناقب الإمام علي بن أبي طالب / 13 ، وجاء فيه : أنّ النعمان قال : يا أهل الكوفة ، ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أحبّ إليكم مِن ابن بنت بجدل.

(3) تاريخ أبي الفداء 1 / 300.

(4) تاريخ الطبري 6 / 224.

٣٤٧

5 ـ اثنا عشر ألفاً(1) .

رسالة مسلم للحُسين :

وازداد مسلم إيماناً ووثوقاً بنجاح الدعوة حينما بايعه ذلك العدد الهائل مِنْ أهل الكوفة ، فكتب للإمام يستحثّه فيها على القدوم إليهم ، وكان قد كتبها قبل شهادته ببضع وعشرين ليلة(2) ، وهذا نصها : أمّا بعد ، فإنّ الرائد لا يكذب أهله ، وقد بايعني مِنْ أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً(3) فعجّل حين يأتيك كتابي ، فإنّ الناس كلّهم معك ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوي(4) .

لقد كتب مسلم هذه الرسالة ؛ لأنّه لمْ يرَ أيّة مقاومة لدعوته ، وإنّما رأى إجماعاً شاملاً على بيعة الإمام وتلهّفاً حارّاً لرؤيته ، وحمل الكتاب جماعة مِنْ أهل الكوفة وعليهم البطل العظيم عابس الشاكري ، وقدم الوفد مكّة المكرّمة وسلّم الرسالة إلى الإمام ، وقد استحثّوه على القدوم إلى الكوفة وذكروا إجماع أهلها على بيعته وما قالاه مسلم مِن الحفاوة البالغة منهم ؛ وعند ذلك تهيأ الإمام إلى السفر للكوفة.

__________________

(1) مروج الذهب 3 / 4 ، الصراط السوي في مناقب آل النّبي / 86 مِنْ مصوّرات مكتبة الإمام الحكيم ، تهذيب التهذيب 2 / 350 ، الإصابة 1 / 332 ، الحدائق الوردية 1 / 117.

(2) أنساب الأشراف 1 / ق 1.

(3) وفي رواية البلاذري (إنّ جميع أهل الكوفة معك).

(4) تاريخ الطبري 6 / 224.

٣٤٨

موقف النعمان بن بشير :

كان موقف النعمان بن بشير(1) من الثورة موقفاً يتّسم باللين والتسامح ، وقد اتّهمه الحزب الاُموي بالضعف ، أو التضاعف في حفظ مصلحة الدولة والاهتمام بسلامتها ، فأجابهم : لأنْ أكون ضعيفاً وأنا في طاعة الله أحبّ إليّ مِنْ أن أكون قويّاً في معصية الله ، وما كنت لأهتك ستراً ستره الله(2) .

وقد أعطى الشيعة بموقفه هذا قوّة وشجعهم على العمل ضد الحكومة علناً ، ولعلّ سبب ذلك يعود لأمرين :

1 ـ إنّ مسلم بن عقيل كان ضيفاً عند المختار ، وهو زوج ابنته عمرة ، فلم يعرض للثوار بسوء رعايةً للمختار.

__________________

(1) النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي ، كان قد ولاّه معاوية الكوفة بعد عبد الرحمن بن الحكم ، وكان عثماني الهوى ؛ يجاهر ببغض علي ويسيء القول فيه ، وقد حاربه يوم الجمل وصفين ، وسعى بإخلاص لتوطيد المُلْك إلى معاوية ، وهو الذي قاد بعض الحملات الإرهابيّة على بعض المناطق العراقيّة. ويقول المحقّقون : إنّه كان ناقماً على يزيد ، ويتمنّى زوال المُلْك عنه شريطة أنْ لا تعود الخلافة لآل علي (عليه السّلام). ومِن الغريب في شأن هذا الرجل أنّ يزيد لمّا أوقع بأهل المدينة وأباحها لجنده ثلاثة أيّام لمْ يثأر النعمان لكرامة وطنه وقومه ، وفي الإصابة 3 / 530 إنّه لمّا هلك يزيد دعا النعمان إلى ابن الزّبير ، ثمّ دعا إلى نفسه فقاتله مروان ، فقُتل وذلك في سنة (65 هـ). وكان شاعراً مجيداً ، له ديوان شعر طُبع حديثاً.

(2) سير أعلام النبلاء 3 / 206.

٣٤٩

2 ـ إنّ النعمان كان ناقماً على يزيد ؛ وذلك لبغضه للأنصار. فقد أغرى الأخطل الشاعر المسيحي في هجائهم ، فثار لهم النعمان كما ألمعنا إلى ذلك في البحوث السابقة ، ولعل لهذا ولغيره لمْ يتّخذ النعمان أيّ إجراء مضاد للثورة.

خطبة النعمان :

وأعطى النعمان للشيعة قوّة في ترتيب الثورة وتنظيماً ، وهيأ لهم الفرص في أحكام قواعدها ممّا ساء الحزب الاُموي ، فأنكروا عليه ذلك وحرّضوه على ضرب الشيعة ، فخرج النعمان وصعد المنبر فأعلن للناس سياسته المتّسمة بالرفق ، فقال بعد حمد الله والثناء عليه : أمّا بعد ، فاتّقوا الله عباد الله ، ولا تُسارعوا إلى الفتنة والفرقة ؛ فإنّ فيها تهلك الرجال وتُسفك الدماء وتُغصب الأموال. إنّي لمْ اُقاتل مَنْ لمْ يُقاتلني ، ولا أثب على مَنْ لا يثب عليّ ، ولا اُشاتمكم ، ولا أتحرّش بكم ، ولا آخذ بالقرف(1) ولا الظنّة ولا التّهمة ، ولكنّكم إنْ أبديتم صفحتكم لي ونكثتم بيعتكم وخالفتم إمامكم ، فوالله الذي لا إله إلاّ هو ، لأضربنّكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولو لمْ يكن منكم ناصر. أما إنّي أرجو أنْ يكون مَنْ يعرف الحقّ منكم أكثر ممّنْ يرديه الباطل(2) .

وليس في هذا الخطاب أيّ ركون إلى وسائل العنف والشدّة ، وإنّما كان فيه تحذير مِنْ مغبّة الفتنة وحبّ للعافية ، وعدم التعرّض لمَنْ لا يثب على السلطة ، وعدم أخذ الناس بالظنّة والتّهمة كما كان يفعل زياد بن أبيه

__________________

(1) القرف : التهمة.

(2) تاريخ ابن الأثير 3 / 267.

٣٥٠

والي العراق. وعلّق أنيس زكريا على خطاب النعمان بقوله :

ولنا مِنْ خطبه ـ أيّ خطب النعمان ـ في الكوفة برهان آخر على أنّه كان يرى الفتنة يقظى ولا بد أنْ تشتعل ، وإنّه لنْ يهاجم القائمين بها قبل أنْ يهاجموه ، فجعل لأنصارها قوّة وطيدة الأركان ويداً فعالة في ترتيب المؤامرة وتنظيمها على الأسس المتينة(1) .

سخط الحزب الاُموي :

وأغضبت سياسة النعمان عملاء الحكم الاُموي ، فانبرى إليه عبد الله بن مسلم الحضرمي حليف بني اُميّة ، فأنكر خطّته قائلاً : إنّه لا يصلح ما ترى إلاّ الغشم(2) ، وإنّ هذا الذي أنت عليه فيما بينك وبين عدوّك رأي المستضعفين!(3) .

ودافع النعمان عن نفسه بأنّه لا يعتمد على أيّة وسيلة تبعده عن الله ، ولا يسلك طريقاً يتجافى مع دينه ، وقد استبان للحزب الاُموي ضعف النعمان وانهياره أمام الثورة.

اتصال الحزب الاُموي بدمشق :

وفزع الحزب الاُموي مِنْ تجاوب الرأي العام مع مسلم واتّساع نطاق الثورة ، في حين أنّ السلطة المحليّة أغضّت النظر عن مجريات الأحداث

__________________

(1) الدولة الاُمويّة في الشام / 41.

(2) الغشم : الظلم.

(3) تاريخ ابن الأثير 3 / 267.

٣٥١

وقد اتّهمتها بالضعف أو بالتواطؤ مع الثوار ، وقام الحزب الاُموي باتّصال سريع بحكومة دمشق ، وطلبوا منها اتّخاذ الإجراءات الفورية قبل أنْ يتّسع نطاق الثورة ، ويأخذ العراق استقلاله وينفصل عن التبعية لدمشق.

ومِنْ بين الرسائل التي وفدت على يزيد رسالة عبد الله الحضرمي ، جاء فيها : أمّا بعد ، فإنّ مسلم بن عقيل قدم الكوفة وبايعته الشيعة للحُسين بن علي ، فإنْ كان لك بالكوفة حاجة فابعث إليها رجلاً قويّاً ينفّذ أمرك ويعمل مثل عملك في عدوّك ؛ فإنّ النعمان بن بشير رجل ضعيف أو هو يتضعّف(1) .

وتدعو هذه الرسالة إلى إقصاء النعمان عن مركزه ، واستعمال شخص آخر مكانه قوي البطش ؛ ليتمكن مِن القضاء على الثورة ، فإنّ النعمان لا يصلح للقضاء عليها. وكتب إليه بمثل ذلك عمارة بن الوليد بن عقبة وعمر بن سعد.

فزع يزيد :

وفزع يزيد حينما توافدت عليه رسائل عملائه في الكوفة بمبايعة أهلها للحُسين ، فراودته الهواجس وظلّ ينفق ليله ساهراً يطيل التفكير في الأمر ؛ فهو يعلم أنّ العراق مركز القوّة في العالم الإسلامي وهو يبغضه ويحقد على أبيه ، فقد أصبح موتراً منهم لما صبّوه عليه مِن الظلم والجور ، وإنّ كراهية أهل العراق ليزيد لا تقلّ عن كراهيتهم لأبيه ، كما إنّه على

__________________

(1) تاريخ ابن الأثير 3 / 267.

٣٥٢

يقين أنّ الأغلبية الساحقة في العالم الإسلامي تتعطّش لحكم الإمام الحُسين ؛ لأنّه المثل الشرعي لجدّه وأبيه ولا يرضون بغيره بديلاً.

استشارته لسرجون :

وأحاطت الهواجس بيزيد وشعر بالخطر الذي يهدّد مُلْكه فاستدعى سرجون الرومي ، وكان مستودع أسرار أبيه ومِنْ أدهى الناس ، فعرض عليه الأمر ، وقال له : ما رأيك إنّ حُسيناً قد توجّه إلى الكوفة ، ومسلم بن عقيل بالكوفة يبايع للحُسين ، وقد بلغني عن النعمان ضعف وقول سيئ ، فما ترى مَنْ أستعمل على الكوفة؟

وتأمّل سرجون وأخذ يطيل التفكير ، فقال له : أرأيت أنّ معاوية لو نُشر أكنت آخذاً رأيه؟ فقال يزيد : نعم. فأخرج سرجون عهد معاوية لعبيد الله بن زياد على الكوفة ، وقال : هذا رأي معاوية وقد مات ، وقد أمر بهذا الكتاب(1) .

أمّا دوافع سرجون في ترشيح ابن زياد لولاية الكوفة فهي لا تخلو مِنْ أمرين :

1 ـ إنّه يعرف قسوة ابن زياد وبطشه وأنّه لا يقوى أحد على إخضاع العراق غيره ؛ فهو الذي يتمكّن مِن القضاء على الثورة بما يملك مِنْ وسائل الإرهاب والعنف.

2 ـ إنّه قد دفعته العصبية القومية لهذا الترشيح ؛ فإنّ ابن زياد رومي.

__________________

(1) تاريخ ابن الأثير 3 / 268.

٣٥٣

ولاية ابن زياد على الكوفة :

وكان يزيد ناقماً على ابن زياد كأشدّ ما تكون النقمة ، وأراد عزله عن البصرة(1) ؛ وذلك لمعارضة أبيه في البيعة له ، إلاّ إنّه استجاب لرأي سرجون ؛ فقد رأى فيه الحفاظ على مصلحة دولته ، فعهد له بولاية الكوفة والبصرة ، وبذلك فقد خضع العراق بأسره لحكمه ، وكتب إليه هذه الرسالة : أمّا بعد ، فإنّه كتب إليّ شيعتي مِنْ أهل الكوفة يخبرونني أنّ ابن عقيل بالكوفة يجمع الجموع لشقّ عصا المسلمين ، فسرْ حين تقرأ كتابي هذا حتّى تأتي الكوفة فتطلب ابن عقيل كطلب الخرزة حتّى تثقفه فتوثقه أو تقتله أو تنفيه ، والسّلام.

وأشارت هذه الرسالة إلى مدى قلق السلطة في دمشق وفزعها مِنْ مسلم بن عقيل ، وقد شدّدت على ابن زياد في الإسراع بالسفر إلى الكوفة لإلقاء القبض عليه.

وتنصّ بعض المصادر أنّ يزيد كتب إلى ابن زياد : إنْ كان لك جناحان فطر إلى الكوفة(2) ، وهذا ممّا ينبئ عن الخوف الذي ألمّ بيزيد مِنْ الثورة في العراق. وحمل مسلم بن عمرو الباهلي العهد لابن زياد بولاية الكوفة مع تلك الرسالة.

ويقول المؤرّخون : إنّ الباهلي كان مِنْ عيون بني اُميّة في الكوفة ومِنْ أهمّ عملائهم ، كما كان مِنْ أجلاف العرب ، وهو الذي ضنّ على مسلم أنْ يشرب جرعة مِن الماء حينما جيء به أسيراً إلى ابن زياد.

__________________

(1) البداية والنهاية 8 / 152.

(2) سير أعلام النبلاء 3 / 201.

٣٥٤

وتسلّم ابن زياد مِن الباهلي العهد له بولاية الكوفة وقد طار فرحاً ؛ فقد تمّ له الحكم على جميع أنحاء العراق بعد ما كان مهدّداً بالعزل عن ولاية البصرة ، وقد سرّ ما خولته دمشق مِن الحكم المطلق على العراق.

وبما سوّغت له مِن استعمال الشدّة والقسوة وسفك الدماء لكلّ مَنْ لا يدخل في طاعة يزيد أو يشترك بأيّة مؤامرة ضدّه ، وكان هذا التفويض المطلق في استعمال القسوة على الناس ممّا يتّفق مع رغبات ابن زياد وميوله ؛ فقد كان مِنْ عوامل استمتاعاته النفسية حبّ الجريمة والإساءة إلى الناس ، وعدم التردّد في سفك الدماء.

خطبة ابن زياد في البصرة :

وتهيأ ابن زياد لمغادرة البصرة والتوجّه إلى الكوفة ، وقبل مغادرته لها جمع الناس وخطب فيهم خطاباً قاسياً ، جاء فيه : إنّ أمير المؤمنين يزيد ولاّني الكوفة وأنا غاد إليها الغداة. فوالله ، إنّي ما تقرن بي الصعبة ولا يقعقع لي بالشنآن ، وإنّي لنكل لمَنْ عاداني وسمّ لمَنْ حاربني ، أنصف القارة مِنْ راماها.

يا أهل البصرة ، قد استخلفت عليكم عثمان بن زياد بن أبي سفيان ، وإيّاكم والخلاف والإرجاف ، فوالله الذي لا إله غيره ، لئن بلغني عن رجلٍ منكم خلاف لأقتلنّه وعرينه(1) ووليّه ، ولآخذنّ الأدنى بالأقصى حتّى تسمعوا لي ، ولا يكون فيكم مخالف ولا مشاق أنا ابن زياد أشبه

__________________

(1) العرين : الجماعة.

٣٥٥

بين مَنْ وطأ الحصا ، ولمْ ينتزعني شبه خال ولا ابن عم(1) .

ما أهون سفك الدماء عند اُولئك البرابرة الوحوش مِنْ ولاة بني اُميّة! لقد تحدّث الطاغية عن نفسيته الشريرة التي توغّلت في الإثم ، فهو يأخذ البريء بالسقيم والمقبل بالمدبر والأدنى بالأقصى ، ويقتل على الظنّة والتهمة كما كان يفعل أبوه زياد ، الذي أشاع القتل في ربوع العراق.

سفر الطاغية إلى الكوفة :

وسار الخبيث الدنس مِن البصرة متّجهاً إلى الكوفة ؛ ليقترف أعظم موبقة لمْ يقترفها شقي غيره ، وقد صحبه مِنْ أهل البصرة خمسمئة رجل فيهم عبد الله بن الحارث بن نوفل وشريك بن الأعور الحارثي(2) ، وهو مِنْ أخلص أصحاب الإمام الحُسين ، وقد صحب ابن زياد ليكون عيناً عليه ويتعرّف على خططه ، وقد صحب ابن زياد هذا العدد ليستعين بهم على بثّ الإرهاب وإذاعة الخوف بين الناس ، والاتصال بزعماء الكوفة لصرفهم عن الثورة.

وعلى أيّ حالٍ ، فقد أخذ ابن زياد يجذّ في السير لا يلوي على شيء قد واصل السير إلى الكوفة مخافة أنْ يسبقه الحُسين إليها ، وقد جهد أصحابه وأعياهم المسير ، فسقط منهم جماعة منهم عبد الله بن الحارث فلمْ يعبأ.

ولمّا ورد القادسية سقط مولاه (مهران) ، فقال له ابن زياد : إنْ أمسكت على هذا الحال فتنظر إلى القصر فلك مئة ألف. فقال له مهران : لا والله لا أستطيع. ونزل الطاغية فلبس ثياباً

__________________

(1) الطبري 6 / 200.

(2) الطبري 6 / 199.

٣٥٦

يمانية وعمامة سوداء وتلثّم ؛ ليوهم مَنْ رآه أنّه الحُسين ، وسار وحده فدخل الكوفة ممّا يلي النجف(1) ، وكان قلبه كجناح طائر مِنْ شدّة الخوف ، ولو كانت عنده مسكة مِن البسالة والشجاعة لما تنكّر وغيّر بزّته وأوهم على الناس أنّه الحُسين.

وقد تذرّع الجبان بهذه الوسائل لحماية نفسه ، وتنصّ بعض المصادر أنّه حبس نفسه عن الكلام خوفاً مِنْ أنْ يعرفه الناس فتأخذه سيوفهم.

في قصر الإمارة :

وأسرع الخبيث نحو قصر الإمارة(2) وقد علاه الفزع وساءه كأشدّ ما يكون الاستياء ؛ مِنْ تباشير الناس وفرحهم بقدوم الإمام الحُسين ،

__________________

(1) مقتل الحُسين ـ المقرم / 165.

(2) قصر الإمارة : هو أقدم بناية حكومية شُيّدت في الإسلام ، بناها سعد بن أبي وقاص ، وقد اندثرت معالمه كما اندثرت جميع معالم الكوفة ما عدا الجامع. وقد اهتمت مديرية الآثار العامّة في العراق بالتعرّف عليه ؛ فكشفت في مواسم مختلفة اُسسه ، وقد أظهرت نتائج الحفائر التي اُجريت عليه أنّه يتألّف مِنْ سور خارجي يضمّ أربعة جدران ، تقريباً طولها 170 متراًً ، ومعدل سمكها 4 أمتار ، وتدعم كلّ ضلع مِنْ الخارج ستة أبراج نصف دائرية باستثناء الضلع الشمالي ، حيث يدعمها برجان فقط. والمسافة ما بين كلّ برج وآخر 24 و 60 سنتمتر ، وارتفاع هذا السور بأبراجه يصل إلى ما يقرب مِنْ عشرين متراً. وقد بُني القصر بناء محكماً ، وصُمّمت هندسته على غاية حربية ؛ ليكون في حماية آمنة مِنْ كلّ غزو خارجي ، جاء ذلك في تخطيط مدينة الكوفة للدكتور كاظم الجنابي / 135 ـ 155 =

٣٥٧

ولمّا انتهى إلى باب القصر وجده مغلقاً والنعمان بن بشير مشرف مِنْ أعلا القصر ، وكان قد توهّم أنّ القادم هو الحُسين ؛ لأنّ أصوات الناس قد تعالت بالترحيب به والهتاف بحياته ، فانبرى يخاطبه : ما أنا بمؤدٍ إليك أمانتي يا بن رسول الله ، ومالي في قتالك مِنْ إرب.

ولمس ابن مرجانة في كلام النعمان الضعف والانهيار فصاح به بنبرات تقطر غيظاً : افتحْ لا فتحت ، فقد طال ليلك. ولمّا تكلم عرفه بعض مَنْ كان خلفه فصاح بالناس : إنّه ابن مرجانة وربّ الكعبة!

ومِن الغريب أنّ ذلك المجتمع لمْ يُميّز بين الإمام الحُسين وبين ابن مرجانة ، مع أنّ كلاً منهما قد عاش فترة في ديارهم ؛ ولعلّ الذي أوقعهم في ذلك تغيير ابن زياد لبزّته ولبسه للعمامة السوداء.

وعلى أيّ حالٍ ، فإنّ الناس حينما علموا إنّه ابن زياد جفلوا وخفّوا مسرعين إلى دورهم وهم يتحدّثون عمّا عانوه مِن الظلم والجور أيّام أبيه ، وقد أوجسوا مِنْ عبيد الله الشرّ.

وبادر ابن زياد في ليلته فاستولى على المال والسّلاح ، وأنفق ليله ساهراً قد جمع حوله عملاء الحكم الاُموي ، فأخذوا يحدّثونه عن الثورة ويعرّفونه بأعضائها البارزين ، ويضعون معه المخططات للقضاء عليها.

__________________

= وقد وقفت عليه غير مرّة ، وتطلّعت إلى كثير مِنْ معالمه ، ففي بعض أبوابه الرئيسة مظلاّت لحرّاس القصر قد ردمت ولمْ يبقَ منها إلاّ بعض معالمها ، وفي جانب منه بعض الغرف التي اُعدّت للسجن ، وقد صُمّمت بشكل غريب ، وفي جانب منه مطابخ القصر ـ ولم يشر الاُستاذ الجنابي إليها ـ وقد اُحكم بناء القصر حتّى كان مِن المتعذّر اقتحامه والاستيلاء عليه.

٣٥٨

خطابه في الكوفة :

وعندما انبثق نور الصبح أمر ابن مرجانة بجمع الناس في المسجد الأعظم ، فاجتمعت الجماهير وقد خيّم عليها الذعر والخوف ، وخرح ابن زياد متقلداً سيفه ومعتمّاً بعمامة ، فاعتلى أعواد المنبر وخطب الناس ، فقال : أمّا بعد ، فإنّ أمير المؤمنين أصلحه الله ولاّني مصركم وثغركم وفيئكم ، وأمرني بإنصاف مظلومكم وإعطاء محرومكم ، وبالإحسان إلى سامعكم ومطيعكم وبالشدّة على مريبكم ، فأنا لمطيعكم كالوالد البرّ الشفيق ، وسيفي وسوطي على مَنْ ترك أمري وخالف عهدي ، فليبق امرؤ على نفسه الصدق ينبئ عنك لا الوعيد(1) .

وحفل هذا الخطاب بما يلي :

1 ـ إعلام أهل الكوفة بولايته على مصرهم وعزل النعمان بن بشير عنه.

2 ـ تعريفهم أنّ حكومة دمشق قد عهدت له بالإحسان على مَنْ يتبع السلطة ولمْ يتمرّد عليها ، واستعمال الشدّة والقسوة على الخارجين عليها.

ولمْ يعرض ابن مرجانة في خطابه للإمام الحُسين وسفيره مسلم ؛ خوفاً مِن انتفاضة الجماهير عليه وهو بعدُ لمْ يحكم أمره.

__________________

(1) مقاتل الطالبيِّين / 97.

٣٥٩

نشر الإرهاب :

وعمد ابن زياد إلى نشر الإرهاب وإذاعة الخوف ، ويقول بعض المؤرّخين : إنّه لمّا أصبح ابن زياد بعد قدومه إلى الكوفة صالَ وجالَ وأرعدَ وأبرقَ ، وأمسكَ جماعةً مِنْ أهل الكوفة فقتلهم في الساعة(1) ، وقد عمد إلى ذلك لإماتة الأعصاب وصرف الناس عن الثورة.

وفي اليوم الثاني أمر بجمع الناس في المسجد وخرج إليهم بزي غير ما كان يخرج به ، فخطب فيهم خطاباً عنيفاً تهدّد فيه وتوعّد ، فقد قال بعد حمد الله والثناء عليه : أمّا بعد ، فإنّه لا يصلح هذا الأمر إلاّ في شدّة مِنْ غير عنف ولين مِنْ غير ضعف ، وأنْ أخذ البريء بالسقيم ، والشاهد بالغائب ، والولي بالولي.

فانبرى إليه رجل مِنْ أهل الكوفة يُقال له : أسد بن عبد الله المرّي فردّ عليه : أيّها الأمير ، إنّ الله تبارك وتعالى يقول :( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ‏ ، إنّما المرء بجدّه ، والسيف بحدّه ، والفرس بشدّه ، وعليك أنْ تقول وعلينا أنْ نسمع ، فلا تقدّم فينا السيئة قبل الحسنة.

وأُفحم ابن زياد فنزل عن المنبر ودخل قصر الإمارة(2) .

__________________

(1) الفصول المهمة / 197 ، وسيلة المال / 186.

(2) الفتوح 5 / 67.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500