منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٢

منتهى المقال في أحوال الرّجال12%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
ISBN: 964-5503-90-6
الصفحات: 500

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 500 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 247620 / تحميل: 4742
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٩٠-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

بأمره ، وهو خير الحاكمين(1) .

ونهض أبيّ الضيم ، وترك معاوية يتميّز مِن الغيظ ، وقد استبان له أنّه لا يتمكّن أنْ يخدع الإمام الحُسين (عليه السّلام) ويأخذ البيعة منه.

إرغامُ المعارضين :

وغادر معاوية يثرب متّجهاً إلى مكّة وهو يطيل التفكير في أمر المعارضين ، فرأى أنْ يعتمد على وسائل العنف والإرهاب ، وحينما وصل إلى مكّة أحضر الإمام الحُسين (عليه السّلام) ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الرحمن بن أبي بكر ، وعبد الله بن عمر ، وعرض عليهم مرّة أُخرى البيعة إلى يزيد فأعلنوا رفضهم له ، فانبرى إليهم مغضباً ، وقال : إنّي أتقدّم إليكم أنّه قد أُعذِرَ مَنْ أنذر. كنتُ أخطب فيكم فيقوم إليّ القائم منكم فيكذّبني على رؤوس الناس ، فأحمل ذلك وأصفح ، وإنّي قائم بمقالة فأُقسم بالله لئن ردّ عليّ أحدكم كلمة في مقامي هذا لا ترجع إليه كلمة غيرها حتّى يسبقها السّيف إلى رأسه ، فلا يسبقني رجل إلاّ على نفسه.

ودعا صاحب حرسه بحضرتهم ، فقال له : أقم على رأس كلّ رجل مِن هؤلاء رجلين ، ومع كلّ واحد سيف ، فإنْ ذهب رجل منهم يردّ عليّ كلمة بتصديق أو تكذيب فليضرباه بسيفيهما.

ثمّ خرج وخرجوا معه ، فرقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : إنّ هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم ، لا يبتزّ أمرٌ دونهم ،

__________________

(1) الإمامة والسياسة 1 / 195 ـ 196.

٢٢١

ولا يُقضى إلاّ عن مشورتهم ، وإنّهم رضوا وبايعوا ليزيد ، فبايعوا على اسم الله.

فبايعه الناس ، ثمّ ركب رواحله وغادر مكّة(1) ، وقد حسب معاوية أنّ الأمر قد تمّ لولده ، واستقر المُلْكُ في بيته ، ولمْ يعلم أنّه قد جرّ الدمار على دولته ، وأعدّ المجتمع للثورة على حكومة ولده.

موقفُ الإمام الحُسين (عليه السّلام) :

كان موقف الإمام الحُسين (عليه السّلام) مع معاوية يتّسم بالشدّة والصرامة ، فقد أخذ يدعو المسلمين بشكل سافر إلى مقاومة معاوية ، ويحذّرهم مِنْ سياسته الهدّامة ، الحاملة لشارات الدمار إلى الإسلام.

وفودُ الأقطار الإسلاميّة :

وأخذت الوفود تترى على الإمام (عليه السّلام) مِنْ جميع الأقطار الإسلاميّة وهي تعجّ بالشكوى إليه ، وتستغيث به ممّا ألمّ بها مِن الظلم والجور ، وتطلب منه القيام بإنقاذها مِن الاضطهاد.

ونقلت الاستخبارات في يثرب إلى السّلطة المحلية تجمّع الناس واختلافهم على الإمام الحُسين (عليه السّلام) ، وكان الوالي مروان ، ففزع مِنْ ذلك وخاف إلى حدٍّ بعيدٍ.

__________________

(1) الكامل 3 / 252 ، الأمالي 2 / 73 ، ذيل الأمالي / 177 ، عيون الأخبار 2 / 210 ، البيان والتبيين 1 / 300.

٢٢٢

مذكّرةُ مروان لمعاوية :

ورفع مروان مذكّرة لمعاوية سجّل فيها تخوّفه مِنْ تحرك الإمام (عليه السّلام) ، واختلاف الناس عليه ، وهذا نصها : أمّا بعد ، فقد كثُر اختلاف الناس إلى حُسين ، والله إنّي لأرى لكم منه يوماً عصيباً(1) .

جوابُ معاوية :

وأمره معاوية بعدم القيام بأيّ حركة مضادّة للإمام (عليه السّلام) ، فقد كتب إليه : اترك حُسيناً ما تركك ولمْ يُظهر لك عداوته ويبد صفحته ، وأكمن عنه كمون الثرى إنْ شاء الله ، والسّلام(2) .

لقد خاف معاوية مِنْ تطور الأحداث ، فعهد إلى مروان بعدم التعرّض له بأيّ أذى أو مكروه.

رأيُ مروان في إبعاد الإمام (عليه السّلام) :

واقترح مروان على معاوية إبعاد الإمام (عليه السّلام) عن يثرب ، وفرض الإقامة الجبرية عليه في الشام ؛ ليقطعه عن الاتصال بأهل العراق ، ولمْ يرتضِ معاوية ذلك ، فردّ عليه : أردت والله أنْ تستريح منه وتبتليني به ، فإنْ صبرت عليه صبرت على ما أكره ، وإنْ أسأت إليه قطعت رحمه(3) .

__________________

(1) و (2) أنساب الأشراف 1 / ق 1.

(3) العقد الفريد 2 / 116.

٢٢٣

رسالةُ معاوية للحُسين (عليه السّلام) :

واضطرب معاوية مِنْ تحرك الإمام (عليه السّلام) واختلاف الناس عليه ، فكتب إليه رسالة ، وقد رويت بصورتين :

1 ـ رواها البلاذري ، وهذا نصّها : أمّا بعد ، فقد أُنهيت إليّ عنك اُمورٌ إنْ كانت حقّاً فإنّي لمْ أظنّها بك ؛ رغبة عنها ، وإنْ كانت باطلة فأنت أسعد الناس بمجانبتها ، وبحظّ نفسك تبدأ ، وبعهد الله توفي ، فلا تحملني على قطيعتك والإساءة إليك ؛ فإنّك متى تنكرني أنكرك ، ومتى تكدني أكِدْكَ ، فاتّقِ الله يا حُسين في شقّ عصا الأُمّة ، وأنْ ترِدهم في فتنة(1) .

2 ـ رواها ابن كثير ، وهذا نصّها : إنّ مَنْ أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير بالوفاء ، وقد أُنبئتُ أنّ قوماً مِنْ أهل الكوفة قد دعوك إلى الشقاق ، وأهل العراق مَنْ قد جرّبت ، قد أفسدوا على أبيك وأخيك ، فاتّقِ الله واذكر الميثاق ؛ فإنّك متى تكدْني أكِدْكَ(2) .

واحتوت هذه الرسالة حسب النّص الأخير على ما يلي :

1 ـ أنّ معاوية قد طالب الإمام (عليه السّلام) بتنفيذ ما شرطه عليه في بنود الصلح أنْ لا يخرج عليه ، وقد وفّى له الإمام (عليه السّلام) بذلك ، إلاّ أنّ معاوية لمْ يفِ بشيء ممّا أبرمه على نفسه مِنْ شروط الصلح.

2 ـ أنّ معاوية كان على علمٍ بوفود أهل الكوفة التي دعت الإمام (عليه السّلام) للخروج عليه ، وقد وسمهم بأنّهم أهل الشقاق ، وأنّهم قد غدروا بعلي والحسن (عليهما السّلام) مِنْ قبل.

3 ـ التهديد السافر للإمام (عليه السّلام) بأنّه متى كاد معاوية فإنّه يكيده.

__________________

(1) أنساب الأشراف 1 / ق 1.

(2) تاريخ ابن كثير 8 / 162.

٢٢٤

جوابُ الإمام (عليه السّلام) :

ورفع الإمام (عليه السّلام) إلى معاوية مذكّرةً خطيرةً كانت جواباً لرسالته ، حمّله مسؤوليات جميع ما وقع في البلاد مِن سفك الدماء ، وفقدان الأمن ، وتعريض الأُمّة للأزمات ، وهي مِنْ أروع الوثائق الرسمية التي حفلت بذكر الأحداث التي صدرت مِنْ معاوية ، وهذا نصّها :

«أمّا بعد ، فقد بلغني كتابك تذكر فيه أنّه انتهت إليك عنّي اُمور أنت عنها راغب ، وأنا بغيرها عندك جدير ، وإنّ الحسنات لا يهدي لها ولا يُسدّد إليها إلاّ الله تعالى.

أمّا ما ذكرت أنّه رقي إليك عنّي ، فإنّه إنّما رقاه إليك الملاّقون ، المشّاؤون بالنميمة ، المفرّقون بين الجمع ، وكذب الغاوون. ما أردت لك حرباً ، ولا عليك خلافاً ، وإنّي لأخشى الله في ترك ذلك منك ، ومن الإعذار فيه إليك وإلى أوليائك القاسطين حزب الظلمة.

ألست القاتل حِجْرَ بن عدي أخا كندة وأصحابه المصلّين العابدين الذين كانوا يُنكرون الظلم ، ويستعظمون البدع ، ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر ، ولا يخافون في الله لومة لائم ، ثمّ قتلتهم ظُلماً وعدواناً مِنْ بعد ما أعطيتهم الأيمان المغلّظة والمواثيق المؤكدة ؛ جرأة على الله واستخفافاً بعهده؟!

أوَلست قاتل عمرو بن الحمق الخزاعي صاحب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، العبد الصالح الذي أبلته العبادة ، فنحل جسمه واصفرّ لونه ، فقتلته بعد ما أمنته وأعطيته ما لو فهمته العصم لنزلت مِنْ رؤوس الجبال؟!

أوَلست بمدّعي زياد بن سُميّة المولود على فراش عبيد ثقيف ، فزعمت أنّه ابن أبيك ، وقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : الولد للفراش ، وللعاهر الحَجَرَ

٢٢٥

فتركت سُنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تعمّداً ، وتبعت هواك بغير هدىً مِن الله ، ثمّ سلّطته على أهل الإسلام يقتلهم ، ويقطع أيديهم وأرجلهم ، ويسملُ أعينهم ، ويصلبهم على جذوع النّخل ، كأنّك لست مِنْ هذه الأُمّة ، وليسوا منك؟!

أوَلست قاتل الحضرمي الذي كتب فيه إليك زيادٌ أنّه على دين علي (عليه السّلام) ، فكتبت إليه أنْ اقتل كلّ مَنْ كان على دين علي. فقتلهم ومثّل بهم بأمرك ، ودينُ علي هو دين ابن عمّه (صلّى الله عليه وآله) الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه ، ولولا ذلك لكان شرفك وشرف آبائك تجشّم الرحلتين ؛ رحلة الشتاء والصيف؟!

وقلتَ فيما قلت : انظر لنفسك ودينك ولأُمّة محمّد (صلّى الله عليه وآله) ، واتّقِ شقّ عصا هذه الأُمّة وأنْ تردهم إلى فتنة. وإنّي لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأُمّة مِنْ ولايتك عليها ، ولا أعظم لنفسي ولديني ولأُمّة محمّد (صلّى الله عليه وآله) أفضل مِنْ أنْ أجاهرك ؛ فإنْ فعلتُ فإنّه قربة إلى الله ، وإنْ تركته فإنّي استغفر الله لديني ، وأسأله توفيقه لإرشاد أمري.

وقلتَ فيما قلت : إنّني إنْ أنكرتك تنكرني ، وإنْ أكِدْك تكدني. فكِدْني ما بدا لك ؛ فإنّي أرجو أنْ لا يضرّني كيدك ، وأنْ لا يكون على أحدٍ أضر منه على نفسك ؛ لأنّك قد ركبت جهلك ، وتحرّصت على نقض عهدك.

ولعمري ما وفيتَ بشرطٍ ، ولقد نقضت عهدك بقتل هؤلاء النّفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان ، والعهود والمواثيق ، فقتلتهم مِنْ غير أنْ يكونوا قاتَلوا وقُتِلوا ، ولمْ تفعل ذلك بهم إلاّ لذكرهم فضلنا ، وتعظيمهم حقّنا ؛ مخافة أمر لعلّك لو لمْ تقتلهم متّ قبل أنْ يفعلوا ، أو ماتوا قبل أنْ يدركوا.

٢٢٦

فأبشر يا معاوية بالقصاص ، واستيقن بالحساب ، واعلم أنّ لله تعالى كتاباً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها. وليس الله بناسٍ لأخذك بالظنّة ، وقتلك أولياءَه على التّهم ، ونفيك إيّاهم مِنْ دورهم إلى دار الغربة ، وأخذك الناس ببيعة ابنك الغلام الحدث ، يشرب الشراب ويلعب بالكلاب ، ما أراك إلاّ قد خسرت نفسك ، وتبرتَ دينك(1) ، وغششت رعيتك ، وسمعت مقالة السّفيه الجاهل ، وأخفت الورع التّقي ، والسّلام»(2) .

لا أكاد أعرف وثيقةً سياسةً في ذلك العهد عرضت لعبث السلطة ، وسجّلت الجرائم التي ارتكبها معاوية ، والدماء التي سفكها ، والنفوس التي أرعبها غير هذه الوثيقة ، وهي صرخة في وجه الظلم والاستبداد.

واللهِ كم هي هذه الكلمة رقيقة شاعرة «كأنّك لست مِنْ هذه الأُمّة وليسوا مِنك». هذه الكلمة المشبعة بالشعور القومي الشريف ، وقديماً قال الصابي : إنّ الرجل مِنْ قومٍ ليست له أعصاب تقسو عليهم. وهو اتّهام مِن الحُسين لمعاوية في وطنيته وقوميته ، واتّخذ مِن الدماء الغزيرة المسفوكة عنواناً على ذلك(3) .

لقد حفلت هذه المذكّرة بالأحداث الخطيرة التي اقترفها معاوية وعمّاله ، خصوصاً زياد بن سُميّة الذي نشر الإرهاب والظلم بين الناس ؛ فقتل على الظنّة والتّهمة ، وأعدم كلّ مَنْ كان على دين الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) الذي هو دين ابن عمّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وقد أسرف هذا الطاغية في سفك الدماء بغير حقّ.

ومِن الطبيعي أنّه لمْ يقترف ذلك إلاّ بإيعاز مِنْ معاوية ، فهو الذي عهد إليه بذلك.

__________________

(1) تبرت : أهلكت دينك.

(2) الإمامة والسياسة 1 / 284 ، رجال الكشّي / 32 ، الدرجات الرفيعة / 334.

(3) الإمام الحُسين (عليه السّلام) / 338.

٢٢٧

صدى الرسالة :

ولمّا انتهت رسالة الإمام (عليه السّلام) إلى معاوية ضاق بها ذرعاً ، وراح يراوغ على عادته ، ويقول : إنّ أثرنا بأبي عبد الله إلاّ أسداً(1) .

المؤتمرُ السياسي العام :

وعقد الإمام (عليه السّلام) في مكة مؤتمراً سياسياً عامّاً ، دعا فيه جمهوراً غفيراً ممّن شهد موسم الحجّ ؛ مِن المهاجرين والأنصار ، والتابعين وغيرهم مِن سائر المسلمين ، فانبرى (عليه السّلام) خطيباً فيهم ، وتحدّث ببليغ بيانه بما ألمّ بعترة النّبي (صلّى الله عليه وآله) وشيعتهم مِن المحن والخطوب التي صبّها عليهم معاوية ، وما اتّخذه مِن الإجراءات المشدّدة مِنْ إخفاء فضائلهم ، وستر ما أُثِرَ عن الرسول الأعظم في حقّهم ، وألزم حضّار مؤتمره بإذاعة ذلك بين المسلمين ، وفيما يلي نصّ حديثه ، فيما رواه سليم بن قيس :

قال : ولمّا كان قبل موت معاوية بسنة حجّ الحُسين بن علي ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن جعفر ، فجمع الحُسين بني هاشم ونساءهم ومواليهم ، ومَنْ حجّ مِن الأنصار ممّن يعرفهم الحُسين وأهل بيته ، ثمّ أرسل رسلاً ، وقال لهم : «لا تدَعوا أحداً حجّ العام مِنْ أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، المعروفين بالصلاح والنُّسك إلاّ اجمعوهم لي». فاجتمع إليه بمِنى أكثر مِنْ سبعمئة رجل وهم في سرادق ، عامّتهم مِن التابعين ، ونحو مِنْ مئتي رجل مِنْ أصحاب النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، فقام فيهم خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «أمّا بعد ، فإنّ هذا الطاغية ـ يعني معاوية ـ قد فعل بنا وبشيعتنا

__________________

(1) سير أعلام النبلاء 3 / 198.

٢٢٨

ما قد رأيتم ، وعلمتم وشهدتم ، وإنّي أُريد أنْ أسألكم عن شيء ؛ فإنْ صدقت فصدّقوني ، وإنْ كذبت فكذّبوني. اسمعوا مقالتي واكتبوا قولي ، ثمّ ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم ، فمَنْ أمنتم مِن الناس ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون مِنْ حقّنا ؛ فإنّي أتخوف أنْ يُدرسَ هذا الأمر ويُغلب ، والله مُتِمّ نوره ولو كرِه الكافرون».

وما ترك شيئاً ممّا أنزله الله فيهم مِن القران إلاّ تلاه وفسّره ، ولا شيئاً ممّا قاله رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في أبيه وأخيه وفي نفسه وأهل بيته (عليهم السّلام) إلاّ رواه ، وكلّ ذلك يقول أصحابه : اللهمّ نعم ، قد سمعنا وشهدنا. ويقول التابعي : اللهمّ قد حدّثني به مَنْ أُصدّقه وأئتمنه مِن الصحابة. فقال (عليه السّلام) : «أنشدُكم اللهَ إلاّ حدّثتم به مَنْ تثقون به وبدينه»(1) .

وكان هذا المؤتمر أوّل مؤتمر إسلامي عرفه المسلمون في ذلك الوقت ، وقد شجب فيه الإمام (عليه السّلام) سياسة معاوية ، ودعا المسلمين لإشاعة فضائل أهل البيت (عليهم السّلام) ، وإذاعة مآثرهم التي حاولت السّلطة حجبها عن المسلمين.

رسالةُ جعدة للإمام (عليه السّلام) :

وكان جعدة بن هبيرة بن أبي وهب مِنْ أخلص الناس للإمام الحُسين (عليه السّلام) ، وأكثرهم مودّة له ، وقد اجتمعت عنده الشيعة وأخذوا يلحّون عليه في مراسلة الإمام للقدوم إلى مصرهم ؛ ليعلن الثورة على حكومة معاوية.

ورفع جعدة رسالةً للإمام (عليه السّلام) ، وهذا نصها : أمّا بعد ، فإنّ مِنْ قِبَلِنا مِنْ شيعتك متطلّعة أنفسهم إليك ، لا يعدلون بك أحداً ، وقد كانوا عرفوا رأي الحسن أخيك في الحرب ، وعرفوك باللين

__________________

(1) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) 2 / 216 ـ 217.

٢٢٩

لأوليائك ، والغلظة على أعدائك ، والشدّة في أمر الله ، فإنْ كنت تحبّ أنْ تطلب هذا الأمر فاقدم علينا ؛ فقد وطنّا أنفسنا على الموت معك.

جوابُ الإمام (عليه السّلام) :

ولم يكن مِنْ رأي الإمام الحُسين (عليه السّلام) الخروج على معاوية ؛ وذلك لعلمه بفشل الثورة وعدم نجاحها ؛ فإنّ معاوية بما يملك مِنْ وسائل دبلوماسية وعسكرية لا بدّ أنْ يقضي عليها ، ويخرجها مِنْ إطارها الإسلامي إلى حركة غير شرعية ، ويوسم القائمين بها بالتمرّد والخروج على النظام ، وقد أجابهم (عليه السّلام) بعد البسملة والثناء على الله بما يلي :

«أمّا أخي فإنّي أرجو أنْ يكون الله قد وفّقه وسدّده ، وأمّا أنا فليس رأيي اليوم ذلك ، فالصقوا رحمكم الله بالأرض ، واكمنوا في البيوت ، واحترسوا مِن الظنّة ما دام معاوية حيّاً ، فإنْ يُحدث الله به حدثاً وأنا حيّ كتبت إليكم برأيي ، والسّلام»(1) .

لقد أمر (عليه السّلام) شيعته بالخلود إلى الصبر ، والإمساك عن المعارضة ، وأنْ يلزموا بيوتهم خوفاً عليهم مِن سلطان معاوية الذي كان يأخذ البريء بالسّقيم ، والمُقبل بالمُدبر ، ويقتل على الظنّة والتهمة. وأكبر الظنّ أنّ هذه الرسالة كانت في عهد زياد الذي سمل عيون الشيعة ، وصلبهم على جذوع النخل ، ودمّرهم تدميراً ساحقاً.

__________________

(1) الأخبار الطوال / 203 ، أنساب الأشراف 1 / ق 1.

٢٣٠

نصيحةُ الخدري للإمام (عليه السّلام) :

وشاعت في الأوساط الاجتماعية أنباء وفود أهل الكوفة على الإمام الحُسين (عليه السّلام) واستنجادهم به لإنقاذهم مِن ظلم معاوية وجوره ، ولمّا علم أبو سعيد الخدري بذلك خفّ مسرعاً للإمام (عليه السّلام) ينصحه ويحذّره ، وهذا نص حديثه : يا أبا عبد الله ، إنّي أنا ناصح ، وإنّي عليكم مشفق ، وقد بلغني أنّه قد كاتبك قوم مِنْ شيعتكم بالكوفة يدعونكم إلى الخروج إليهم ، فلا تخرج إليهم ؛ فإنّي سمعت أباك يقول بالكوفة : «والله لقد مللتهم وأبغضتهم ، وملّوني وأبغضوني ، وما يكون منهم وفاء قط ، ومَنْ فاز به فاز بالسّهم الأخيب. والله ما لهم ثبات ولا عزم على أمر ، ولا صبر على السّيف»(1) .

وليس مِنْ شك في أنّ أبا سعيد الخدري كان مِنْ ألمع أصحاب الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، وأكثرهم إخلاصاً وولاءً لأهل البيت (عليهم السّلام) ، وقد دفعه حرصه على الإمام الحُسين (عليه السّلام) وخوفه عليه مِنْ معاوية أنْ يقوم بالنصيحة له في عدم خروجه على معاوية. ولمْ تذكر المصادر التي بأيدينا جواب الإمام الحُسين (عليه السّلام) له.

استيلاءُ الحُسين (عليه السّلام) على أموال للدولة :

وكان معاوية يُنفق أكثر أموال الدولة على تدعيم مُلْكه ، كما كان يهبُ الأموالَ الطائلة لبني أُميّة لتقوية مركزهم السياسي والاجتماعي ، وكان الإمام الحُسين (عليه السّلام) يشجب هذه السياسة ، ويرى ضرورة إنفاذ الأموال مِنْ معاوية وإنفاقها على المحتاجين. وقد اجتازت على يثرب أموال مِن اليمن إلى خزينة دمشق ، فعمد الإمام (عليه السّلام) إلى الاستيلاء عليها ، ووزّعها على

__________________

(1) البداية والنهاية 8 / 161 ، تاريخ ابن عساكر 13 / 67.

٢٣١

المحتاجين مِنْ بني هاشم وغيرهم ، وكتب إلى معاوية :

«مِن الحُسين بن علي إلى معاوية بن أبي سفيان. أمّا بعد ، فإنّ عيراً مرّت بنا مِن اليمن تحمل مالاً وحُللاً ، وعنبراً وطيباً إليك ، لتودعها خزائن دمشق ، وتعل بها بعد النهل بني أبيك ، وإنّي احتجت إليها فأخذتها ، والسّلام».

وأجابه معاوية : مِنْ عبد الله معاوية إلى الحُسين بن علي. أمّا بعد ، فإنّ كتابك ورد عليّ تذكر أنّ عيراً مرّت بك مِن اليمن تحمل مالاً وحُللاً ، وعنبراً وطيباً إليّ لأودعها خزائن دمشق ، وأعل بها بعد النهل بني أبي ، وإنّك احتجت إليها فأخذتها ، ولم تكن جديراً بأخذها إذ نسبتها إليّ ؛ لأنّ الوالي أحقّ بالمال ، ثمّ عليه المخرج منها. وأيم الله ، لو تركت ذلك حتى صار إليّ لمْ أبخسك حظّلك منها ، ولكنّني قد ظننت يابن أخي أنّ في رأسك نزوة ، وبودّي أنْ يكون ذلك في زماني فأعرف لك قدرك وأتجاوز عن ذلك ، ولكنّني والله ، أتخوّف أنْ تُبلى بمَنْ لا ينظرك فواق ناقة.

وكتب في أسفل كتابه هذه الأبيات :

يا حُسينُ بنَ عليٍّ ليس ما

جئتَ بالسائغِ يوماً والعلل

أخذكَ المالَ ولمْ تُؤمر بهِ

إنّ هذا مِنْ حُسينٍ لَعجلْ

قد أجزناها ولمْ نغضبْ لها

واحتملنا مِنْ حُسينٍ ما فعلْ

يا حُسينُ بنَ عليٍّ ذا الأملْ

لك بعدي وثبةٌ لا تُحتملْ

وبودّي أنّني شاهدُها

فإليها مِنك بالخلقِ الأجلْ

إنّني أرهبُ أنْ تصلَ بمَنْ

عنده قد سبق السيفُ العذلْ(1)

__________________

(1) شرح نهج البلاغة 4 / 327 الطبعة الأولى.

٢٣٢

وفي هذا الكتاب تهديد للإمام بمَنْ يخلف معاوية ، وهو ابنه يزيد ، الذي لا يؤمن بمقام الحُسين ومكانته مِنْ رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

وعلى أيّ حالٍ ، فقد قام الإمام بإنقاذ هذه الأموال مِنْ معاوية وأنفقها على الفقراء ، في حين أنّه لمْ يكن يأخذ لنفسه أيّ صلة مِنْ معاوية ، وقد قدّم له مالاً كثيراً وثياباً وافرة وكسوة فاخرة ، فردّ الجميع عليه(1) .

وقد روى الإمام موسى بن جعفر (عليه السّلام) أنّ الحسن والحُسين كانا لا يقبلان جوائز معاوية(2) .

حديثٌ موضوع :

مِن الأخبار الموضوعة ما روي أنّ الإمام الحُسين وفد مع أخيه الحسن على معاوية فأمر لهما بمئة ألف درهم ، وقال لهم : خُذاها وأنا ابن هند ، ما أعطاها أحدٌ قبلي ، ولا يُعطيها أحد بعدي.

فانبرى إليه الإمام الحُسين قائلاً : «والله ، ما أعطى أحدٌ قبلك ولا بعدك لرجلين أشرف منّا».

ولا مجال للقول بصحة هذه الرواية ، فإنّ الإمام الحُسين (عليه السّلام) لمْ يفد على معاوية بالشام ، وإنّما وفد عليه الإمام الحسن (عليه السّلام) لا لأجل الصلة والعطاء ، كما يذهب لذلك بعض السذّج مِن المؤرّخين ، وإنّما كان الغرض إبراز الواقع الاُموي والتدليل على مساوئ معاوية ، كما أثبتت ذلك

__________________

(1) الحُسين ـ لعلي جلال 1 / 117.

(2) حياة الإمام موسى بن جعفر (عليه السّلام) 2 / 332.

٢٣٣

مناظراته مع معاوية وبطانته ، والتي لمْ يقصد فيها إلاّ تلك الغاية ، وقد أوضحنا ذلك بصورة مفصلّة في كتابنا (حياة الإمام الحسن).

الحُسين مع بني أُميّة :

كانت العداوة بين الحُسين وبين بني أُميّة ذاتية ، فهي عداوة الضد للضد ، وقد سأل سعيد الهمداني الإمام الحُسين عن بني أُميّة ، فقال (عليه السّلام) : «إنّا وهم الخصمان اللذان اختصما في ربّهم»(1) .

أجل ، إنّهما خصمان في أهدافهم ، وخصمان في اتّجاههم ، فالحُسين (عليه السّلام) كان يُمثّل جوهر الإيمان بالله ، ويُمثّل القيم الكريمة التي يشرف بها الإنسان ، وبنو أُميّة كانوا يُمثّلون مساوئ الجاهلية التي تهبط بالإنسان إلى مستوى سحيق ، وكان الاُمويّون بحسب طباعهم الشريرة يحقدون على الإمام الحُسين ، ويبالغون في توهينه ، وقد جرت منازعة بين الحُسين وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان في مال كان بينهما فتحامل الوليد على الحُسين في حقّه ، فثار الإمام في وجهه ، وقال : «أحلف بالله لتنصفي مِنْ حقّي أو لآخذنّ سيفي ، ثمّ لأقومنّ في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأدعونّ بحلف الفضول».

لقد أراد أنْ يُحيي حلف الفضلول الذي أسسه الهاشميون ، والذي كان شعاره إنصاف المظلومين والأخذ بحقوقهم ، وقد حاربه الاُمويّون في جاهليتهم ؛ لأنّه يتنافى مع طباعهم ومصالحهم.

وانبرى عبد الله بن الزّبير فانضمّ للحُسين وانتصر له ، وقال :

__________________

(1) الكنى والأسماء ـ لأبي بشر الدولابي 1 / 77.

٢٣٤

وأنا أحلف بالله ، لئن دعا به لآخذنّ سيفي ثمّ لأقومنّ معه حتى ينتصف مِنْ حقّه أو نموت جميعاً.

وبلغ المسوّر بن مخرمة بن نوفل الزهري الحديث فانضمّ للحُسين وقال بمثل مقالته ، وشعر الوليد بالوهن والضعف فتراجع عن غيّه ، وأنصف الحُسين (عليه السّلام) مِنْ حقّه(1) .

ومِنْ ألوان الحقد الاُموي على الحُسين أنّه كان جالساً في مسجد النّبي (صلّى الله عليه وآله) فسمع رجلاً يُحدّث أصحابه ، ويرفع صوته ليُسمع الحُسين ، وهو يقول : إنّا شاركنا آل أبي طالب في النّبوة حتّى نلنا مِنها مثلَ ما نالوا مِنها مِن السّبب والنّسب ، ونلنا مِن الخلافة ما لمْ ينالوا فبِمَ يفخرون علينا؟

وكرّر هذا القول ثلاثاً ، فأقبل عليه الحُسين ، فقال له : «إنّي كففت عن جوابك في قولك الأول حلماً ، وفي الثاني عفواً ، وأمّا في الثالث فإنّي مجيبك. إنّي سمعت أبي يقول : إنّ في الوحي الذي أنزله الله على محمّد (صلّى الله عليه وآله) ، إذا قامت القيامة الكبرى حشر الله بني أُميّة في صوَرِ الذر يطؤهم الناس حتى يفرغ مِن الحساب ، ثمّ يُؤتى بهم فيحاسبوا ويُصار بهم إلى النار»(2) . ولمْ يطق الاُموي جواباً وانصرف وهو يتميّز مِن الغيظ.

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن موقف الإمام مع معاوية وبني أُميّة ، ونعرض فيما يلي إلى وفاة معاوية وما رافقها مِن الأحداث.

__________________

(1) سيرة ابن هشام 1 / 142.

(2) المناقب والمثالب للقاضي نعمان المصري / 61.

٢٣٥

مرضُ معاوية :

ومرض معاوية وتدهورت صحته ، ولمْ تُجْدِ معه الوصفات الطيبة ، فقد تناهبت جسمه الأمراض ، وقد شعر بدنوّ أجله ، وكان في حزن على ما اقترفه في قتله لحِجْرِ بن عَدِي ، فكان ينظر إليه شبحاً مخيفاً ، وكان يقول :

ويلي مِنكَ يا حِجْر! إنّ لي مع ابن عَدِي ليوماً طويلاً(1) ، وتحدّث الناس عن مرضه ، فقالوا : إنّه الموت ، فأمر أهله أنْ يحشوا عينيه أثمداً ، ويسبغوا على رأسه الطيب ويجلسوه ، ثمّ أذن للناس فدخلوا وسلّموا عليه قياماً ، فلمّا خرجوا مِنْ عنده أنشد قائلاً :

وتجلُّدي للشامتين أريهمُ

أنّي لريبِ الدهرِ لا اتضعضعُ

فسمعه رجل مِن العلويِّين فأجابه :

وإذا المنيّةُ أنشبتْ أظفارَها

ألفيتَ كلَّ تميمةٍ لا تنفعُ(2)

وصاياه :

ولمّا ثقل حال معاوية عهد بوصيته إلى يزيد ، وقد جاء فيها : يا بُني ، إنّي قد كفيتك الشرّ والترحال ، ووطأت لك الأمور وذللت لك الأعداء ، وأخضعت لك رقاب العرب وجمعت لك ما لمْ يجمعه أحدٌ ، فانظر أهل الحجاز فإنّهم أصلك وأكرم مَنْ قدم عليك منهم وتعاهد مَنْ غاب ، وانظر أهل العراق فإنْ سألوك أنْ تعزل كلّ يوم عاملاً فافعل ؛ فإنّ عزل عامل

__________________

(1) الفتنة الكبرى 2 / 245.

(2) حياة الحيوان للدميري 1 / 59.

٢٣٦

أيسر مِنْ أنْ يُشهر عليك مئة ألف سيف ، وانظر أهل الشام فليكونوا بطانتك وعيبتك ، فإنْ رابك مِنْ عدوك شيء فانتصر بهم ، فإذا أصبتهم فارددْ أهل الشام إلى بلادهم ؛ فإنْ أقاموا بغير بلادهم تغيّرت أخلاقهم.

وإنّي لست أخاف عليك أنْ ينازعك في هذا الأمر إلاّ أربعة نفر مِنْ قريش : الحُسين بن علي ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزّبير ، وعبد الرحمن بن أبي بكر ؛ فأمّا ابن عمر فإنّه رجل قد وقذته العبادة ، فإذا لمْ يبقَ أحدٌ غيره بايعك ، وأمّا الحُسين بن علي فهو رجل خفيف ، ولنْ يترك أهل العراق حتّى يخرجوه ، فإنْ خرج وظفرت به فاصفح عنه ؛ فإنّ له رحماً ماسة وحقّاً عظيماً وقرابة مِنْ محمّد ، وأمّا ابن أبي بكر فإنْ رأى أصحابه صنعوا شيئاً صنع مثله ليس له همّة إلاّ في النساء واللّهو ، وأمّا الذي يجثم لك جثوم الأسد ، ويراوغك مراوغة الثعلب فإنْ أمكنته فرصة وثب فذاك ابن الزّبير ، فإنْ هو فعلها بك فظفرت به فقطّعه إرباً إرباً ، واحقنْ دماء قومك ما استطعت(1) .

وأكبر الظنّ أنّ هذه الوصية مِن الموضوعات ؛ فقد افتُعلتْ لإثبات حلم معاوية ، وإنّه عهد إلى ولده بالإحسان الشامل إلى المسلمين وهو غير مسؤول عن تصرفاته.

وممّا يؤيد وضعها ما يلي :

1 ـ إنّ المؤرّخين رووا أنّ معاوية أوصى يزيد بغير ذلك ، فقال له : إنّ لك مِنْ أهل المدينة يوماً ، فإنْ فعلوها فارمهم بمسلم بن عقبة ، فإنّه رجل قد عرفنا نصيحته(2) ، وكان مسلم بن عقبة جزّاراً جلاداً لا يعرف الرحمة والرأفة ، وقد استعمله يزيد بعهد مِنْ أبيه في واقعة الحرّة فاقترف كلّ موبقة

__________________

(1) تاريخ ابن الأثير 3 / 259.

(2) تاريخ خليفة خياط 1 / 229.

٢٣٧

وإثم ، فكيف تلتقي هذه الوصيّة بتلك الوصيّة التي عهد فيها بالإحسان إلى أهل الحجاز؟!

2 ـ إنّه أوصاه برعاية عواطف العراقيين والاستجابة لهم إذا سألوه في كلّ يوم عزل مَنْ ولاّه عليهم ، وهذا يتنافى مع ما ذكره المؤرّخون أنّه عهد بولاية العراق إلى عبيد الله بن زياد وهو يعلم شدّته وصرامته وغدره ؛ فهو ابن زياد الذي أغرق العراق بدماء الأبرياء ، فهل العهد إليه بولايته العراق من الإحسان إلى العراقيين والبرّ بهم؟!

3 ـ إنّه جاء في هذه الوصية أنّه يتخوّف عليه مِنْ عبد الله بن عمر وقد وصفه بأنّه قد وقذته العبادة ، وإذا كان كذلك فهو بطبيعة الحال منصرف عن السّلطة والمنازعات السّياسية فما معنى التخوّف منه؟!

4 ـ إنّه جاء في هذه الوصية أنّه يتخوّف عليه مِنْ عبد الرحمن بن أبي بكر ، وقد نصّ المؤرّخون أنّه توفي في حياة معاوية ، فما معنى التخوّف عليه مِنْ إنسان ميّت؟

5 ـ إنّه أوصاه برعاية الحُسين (عليه السّلام) وإنّ له رحماً ماسّة ، وحقًّا عظيماً وقرابةً مِنْ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ومن المؤكد أنّ معاوية بالذّات لمْ يرعَ أيّ جانب مِنْ جوانب القرابة مِنْ رسول الله فقد قطع جميع أواصرها ، فقد فرض سبّها على رؤوس الأشهاد ، وعهد إلى لجان التربية والتعليم بتربية النشء ببغض أهل البيت ، ولمْ يتردّد في ارتكاب أيّ وسيلة للحطّ مِنْ شأنهم.

وقد علّق الاُستاذ عبد الهادي المختار على هذه الفقرات مِنْ الوصيّة بقوله : وتقول بعض المصادر إنّ معاوية أوصى ولده يزيد برعاية الحُسين ، والذي نعتقده أنّه لا أثر لها من الصحة ؛ فإنّ معاوية لمْ يتردّد في اغتيال

٢٣٨

الإمام الحسن حتّى بعد ما بايعه ، فكيف يوصي ولده بالعفو عن الحُسين إنْ ظفر به.

لم يكن معاوية بالذي يرعى لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) حرمةً أو قرابةً حتّى يوصي ابنه برعاية آل محمّد ، كلاّ أبداً ، فقد حارب الرسول في الجاهلية حتّى أسلم كُرها يوم فتح مكّة ، ثمّ حارب صهر الرسول وخليفته وابن عمّه علي ، ونزا على خلافة المسلمين وانتزعها قهراً ، وسمّ ابن بنت الرسول الحسن ، فهل يُصدَّق بعد هذا كلّه أنْ يوصي بمثل ما أوصى به؟!

قد يكون أوصاه أنْ يغتاله سرّاً ويدسّ له السمّ ، أو يبعث له مَنْ يطعنه بليل ، ربّما كان هذا الفرض أقرب إلى الصحة مِنْ تلك الوصية ، ولكنّ المؤرّخين ـ سامحهم الله ـ أرادوا أنْ يُبرِّئوا ساحة الأب ويلقوا جميع التبعات على الابن ، وهما في الحقيقة غرسُ إثمٍ واحدٌ وثمرةُ جريمةٍ واحدة.

وأضاف يقول : ولو أنّ الوصيّة المزعومة كانت صحيحةً لما كان يزيد لاهمَّ له بعد موت أبيه إلاّ تحصيل البيعة مِن الحُسين وتشديده على عامله بالمدينة بلزوم إجبار الحُسين على البيعة(1) .

موتُ معاوية :

واستقبل معاوية الموت غير مطمئن فكان يتوجّع ويظهر الجزع على ما اقترفه مِن الإسراف في سفك دماء المسلمين ونهب أموالهم ، وقد وافاه الأجل في دمشق محروماً عن رؤية ولده الذي اغتصب له الخلافة ، وحمله

__________________

(1) مجلة الغري السنة الثامنة العدد 9 و 10.

٢٣٩

على رقاب المسلمين ، وكان يزيد فيما يقول المؤرّخون مشغولاً عن أبيه في أثناء وفاته برحلات الصيد ، وعربدات السكر ونغمة العيدان.

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن حكومة معاوية وما رافقها من الأحداث الجسام.

٢٤٠

يومئ إلى حسنه وكونه من مشايخه(١) ، وكذا في محمّد بن قيس البجلي(٢) (٣) .

أقول : صرّح العلاّمة في إجازته الكبيرة بكونه من مشايخ الشيخرحمه‌الله (٤) .

٥٤٦ ـ جعفر بن الحسين :

روى عنه ابن بابويه ، لم(٥) .

ومرّ عنصه : ابن الحسن بن علي بن شهريار(٦) . وعنجش : ابن الحسين(٧) .

٥٤٧ ـ جعفر بن حمدان الحضيني :

يظهر من رواية في كمال الدين جلالة قدره(٨) .

وذكر الصدوقرحمه‌الله أنّ ممّن رأى القائمعليه‌السلام ووقف على معجزته من أهل همدان جعفر بن حمدان(٩) ،تعق (١٠) .

أقول : مرّ ذلك في المقدّمة الأولى ، ومرّ أيضا : ومن أهل الأهواز الحضيني(١١) ، فتأمّل.

__________________

(١) الفهرست : ١٥٦ / ٧٠٥.

(٢) الفهرست : ١٣١ / ٥٨٩.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٢.

(٤) بحار الأنوار : ١٠٧ / ١٣٧.

(٥) رجال الشيخ : ٤٦١ / ٢٤.

(٦) الخلاصة : ٣٣ / ٢٠.

(٧) رجال النجاشي : ١٢٣ / ٣١٧.

(٨) كمال الدين : ٤٤٥ / ١٩ ، وفيه الحصيني.

(٩) كمال الدين : ٤٤٢ / ١٦.

(١٠) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٢.

(١١) مرّ ذكر هذا في المقدّمة الثانية لا الأولى.

٢٤١

٥٤٨ ـ جعفر بن حيّان الكوفي :

ق(١) . ثمّ فيهم بزيادة : الصيرفي(٢) . ثمّ فيهم بدل الكوفي : أخو هذيل(٣) .

ثمّ فيظم : ابن حيّان واقفي(٤) .

إلاّ أنّ فيصه ود : جهيم بن جعفر بن حيّان واقفي(٥) ، ونسبه إليه د(٦) .

والذي وجدناه فيهم في نسخ : جهيم جعفر بن حيّان. ولعلّ ابن ساقط من نسخنا.

أقول : في نسختي منجخ ( فيق كما مرّ بثلاث تراجم. وأمّا فيظم ففي نسخة : جهيم. جعفر بن حيّان ، وفي أخرى : )(٧) جهيم بن جعفر بن حيّان واقفي(٨) .

ونقل في الحاوي عنجخ : جهيم بن جعفر(٩) ، لكن في المجمع عنه كما ذكرنا(١٠) : جهيم.

جعفر بن حيّان(١١) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ١٦٢ / ١٤.

(٢) رجال الشيخ : ١٦٢ / ١٠.

(٣) رجال الشيخ : ١٦٥ / ٧٣.

(٤) رجال الشيخ : ٣٤٦ / ٦ ، وفيه : جهم بن جعفر بن.

(٥) الخلاصة : ٢١١ / ١ ، وفيها : جهم.

(٦) رجال ابن داود : ٢٣٦ / ١٠٠.

(٧) ما بين القوسين لم يرد في نسخة « م ».

(٨) في نسخة « م » : جهيم جعفر بن حيّان.

(٩) حاوي الأقوال : ٢٤٠ / ١٣٢٢.

(١٠) كما ذكرنا ، لم ترد في نسخة « ش ».

(١١) مجمع الرجال : ٢ / ٢٦ ، ٦٦.

٢٤٢

وفي الوجيزة : جعفر بن حيّان ضعيف(١) . ويأتي في جهيم ما فيه.

٥٤٩ ـ جعفر بن خلف :

ظم (٢) . وزادق : الكوفي(٣) .

وفيكش : جعفر بن أحمد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن جعفر بن خلف ، قال : سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول : سعد امرؤ لم يمت حتّى يرى منه خلفا ، وقد أراني الله ابني هذا خلفا. وأشار إليه ، دلالة على خصوصه(٤) .

وفيتعق : في البلغة : فيه مدح(٥) ، وفي الوجيزة : مدح عظيم(٦) .

ولعلّه غير ما ذكرهكش ، أو لم أفهمه ، إذ غايته أنّه روى الإشارة إلى ابنه الرضا عنهعليه‌السلام بالإمامة ، ورجوع الإشارة والضمير إليه بعيد. ويأتي نظير الرواية في موسى بن بكر(٧) (٨) .

أقول : الذي نقله في المجمع : وأشار إليه ـ يعني الرضاعليه‌السلام ـ وفيه دلالة على خصوصيّته.

وقال في الحاشية : هذا كلام الشيخ الجليل الكشّيرحمه‌الله في مقام الاستدلال على اعتبار الراوي(٩) .

__________________

(١) الوجيزة : ١٧٥ / ٣٥٥.

(٢) رجال الشيخ : ٣٤٦ / ٥.

(٣) رجال الشيخ : ١٦٢ / ١٨.

(٤) رجال الكشّي : ٤٧٧ / ٩٠٥ ، وفيه : دلالة على خصوصيّته.

(٥) بلغة المحدّثين : ٣٣٩ / ٤ ، وفيها : فيه مدح ما.

(٦) الوجيزة : ١٧٥ / ٣٥٦ ، وفيها بدل عظيم : ضعيف ، وسيشير المصنّف إليه.

(٧) رجال الكشّي : ٤٣٨ / ٨٢٥.

(٨) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٢.

(٩) مجمع الرجال : ٢ / ٢٧ ، وفيه : على جلالة الراوي.

٢٤٣

ولعلّ فيكش الذي عند الفاضلين المذكورين أيضا كذلك ، وفهما منه ذلك.

وفي نسختي من الاختيار والتحرير : وأشار إليه دلالة على خصوصيّته(١) ، فتدبر(٢) .

هذا ، وفي وجيزتي : فيه مدح ضعيف ، أي : المدح ضعيف ، فتأمّل.

٥٥٠ ـ جعفر بن زياد الأحمر :

أبو عبد الله الكوفي ،ق (٣) .

هب إلاّ أبو عبد الله ، وزاد : صدوق ، شيعي(٤) . ونحوهقب (٥) .

وفيتعق : أشرنا في الفوائد إلى ما فيه(٦) .

أقول : عن ميزان الاعتدال : جعفر بن زياد الأحمر ، ثقة صالح الحديث صدوق شيعي ومن رؤسائهم ، حبسه أبو جعفر مع جماعة من الشيعة بخراسان في المطبق دهرا(٧) ، انتهى.

فهو حسن لا محالة.

٥٥١ ـ جعفر بن سليمان الضبعي :

بالمعجمة والمفردة المفتوحتين والمهملة ، البصري ،ق ،جخ ، ثقة ، د(٨) .

__________________

(١) التحرير الطاووسي : ١٠٧ / ٧٣.

(٢) فتدبر ، لم ترد في نسخة « ش ».

(٣) رجال الشيخ : ١٦١ / ٧.

(٤) الكاشف ١ : ١٢٩ / ٧٩٩.

(٥) تقريب التهذيب ١ : ١٣٠ / ٨١.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٢.

(٧) ميزان الاعتدال ١ : ٤٠٧ / ١٥٠٣.

(٨) رجال ابن داود : ٦٣ / ٣٠٨.

٢٤٤

ولم أجد ابن سليمان فيق أصلا.

وفيقب : جعفر بن سليمان الضبعي ـ بضمّ المعجمة وفتح الموحّدة ـ أبو سليمان البصري ، صدوق زاهد لكنّه كان يتشيّع(١) . مات سنة ثمان وسبعين ومائة(٢) .

وفيهب : ثقة فيه شي‌ء ، ومع كثرة علومه كان أمّيّا ، وهو من زهّاد الشيعة. توفّي سنة ثمان وسبعين ومائة(٣) .

وفيتعق : فيه ما أشرنا إليه في الفوائد(٤) .

أقول : هو مذكور فيق منجخ في نسختي موثّقا(٥) كما نقله في(٦) د.

ونقل التوثيق عنق في المجمع أيضا(٧) ، إلاّ أنّه(٨) لم يذكره في الحاوي والوجيزة أصلا. ولعلّه في بعض نسخه دون بعض.

وفيمخهب : جعفر بن سليمان الإمام العابد أبو سليمان الضبعي ، من ثقات الشيعة وزهّادهم. ثمّ قال : وثّقه ابن معين ، وكان راوية ثابت البناني. وأحسن ابن سعد حيث يقول : كان ثقة فيه ضعف(٩) ، انتهى.

وعن ميزان الاعتدال : جعفر بن سليمان الضبعي من علماء الزهّاد على تشيّعه(١٠) ، انتهى.

__________________

(١) في نسخة « م » : تشيع.

(٢) تقريب التهذيب ١ : ١٣١ / ٨٣.

(٣) الكاشف ١ : ١٢٩ / ٨٠١.

(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٣.

(٥) رجال الشيخ : ١٦٢ / ١٩.

(٦) في ، لم ترد في نسخة « ش ».

(٧) مجمع الرجال : ٢ / ٢٨.

(٨) في نسخة « ش » : قال لأنّه.

(٩) راجع تذكرة الحفّاظ ١ : ٢٤١ / ٢٢٧.

(١٠) ميزان الاعتدال ١ : ٤٠٨ / ١٥٠٥.

٢٤٥

فهو حسن بلا ريب.

٥٥٢ ـ جعفر بن سليمان القمي :

أبو محمّد ، ثقة من أصحابنا ،صه (١) .

وزادجش : القميّين ، له كتاب ثواب الأعمال ، أخبرنا عليّ بن أحمد ابن أبي جيد ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد ، عنه(٢) .

وفيظم ثمّ فيدي : ابن سليمان(٣) .

وفي د : لم ،جش ، ثقة(٤) . ولم نجده في لم ، فتأمّل.

أقول : ذكرنا غير مرّة ما في عدم وجدانه.

ولا يخفى أنّه ليس أحد المذكورين فيظم ودي ، كما يظهر من ذكر الميرزا إيّاهما. واحتمل في الوسيط كونه الأخير(٥) ، وهو(٦) أيضا بعيد ، لما رأيت من روايةجش عنه بواسطتين ، ولذا لم يذكرهما في المجمع والحاوي في ترجمته(٧) ، فلا تغفل.

وفيمشكا : ابن سليمان القمّي ، عنه محمّد بن الحسن بن الوليد(٨) .

٥٥٣ ـ جعفر بن سماعة :

ق (٩) . وزادظم : واقفي(١٠) .

__________________

(١) الخلاصة : ٣٣ / ١٦.

(٢) رجال النجاشي : ١٢١ / ٣١٢.

(٣) رجال الشيخ : ٣٤٥ / ٢ و ٤١٢ / ٧.

(٤) رجال ابن داود : ٦٣ / ٣٠٧.

(٥) الوسيط : ٤٢.

(٦) في نسخة « ش » : وهو كذلك.

(٧) مجمع الرجال : ٢ / ٢٨ ، حاوي الأقوال : ٣٩ / ١٢٣.

(٨) هداية المحدّثين : ١٨٢.

(٩) رجال الشيخ : ١٦٥ / ٧٠.

(١٠) رجال الشيخ : ٣٤٦ / ٨.

٢٤٦

والحق أنّه جعفر بن محمّد بن سماعة. ويأتي.

وفيتعق : جعفر بن محمّد بن سماعة أخو الحسن بن محمّد بن سماعة فكيف يكونق! وأيضا يأتي في محمّد بن سماعة والد جعفر أنّهضا (١) ، فكيف يكون ابنه من أصحاب الصادقعليه‌السلام والكاظمعليه‌السلام !

وفي الأخبار : عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن صفوان ، عن جعفر بن سماعة(٢) ، فتأمّل.

ويشير هذا إلى وثاقته كما مرّ في الفوائد(٣) .

أقول : في الحاوي والمجمع أيضا أنّهما واحد(٤) ، واستظهره في النقد(٥) ، وحكم به في الوجيزة ، ثمّ قال : وقيل : ضعيف غيره(٦) . وليس بذلك البعيد.

وضرر كونه أخا الحسن غير مفهوم ، لأنّهظم (٧) وهذاق أيضا ، مع أنّه يأتي أنّه أكبر إخوته.

وأمّا كون والدهضا فكيف يكون الابن من أصحابهماعليهما‌السلام ، فربما يقال : لا يستلزم من ذكر الأب فيضا عدم دركه غيرهعليه‌السلام ، بل الظاهر من ذكر الراوي في أصحاب إمامعليه‌السلام روايته عنهعليه‌السلام ، ومن عدم ذكره عدم روايته عنهعليه‌السلام وإن عاصره ، يشير إليه‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٣٨٩ / ٣١.

(٢) التهذيب ٣ : ٨٥ / ٢٤٢.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٣.

(٤) حاوي الأقوال : ١٩٩ / ١٠٥١ ، مجمع الرجال : ٢ / ٢٨.

(٥) نقد الرجال : ٦٩ / ٣٢.

(٦) الوجيزة : ١٧٥ / ٣٥٨.

(٧) رجال الشيخ : ٣٤٨ / ٢٤.

٢٤٧

قول الشيخ في بعض التراجم : عاصره ولا أدري روى عنه أم لا. وقوله في أوّل رجاله : ولمن لم يرو عنهمعليهم‌السلام : لم(١) ، ينادي بذلك.

وهذا الحسن بن محمّد بن سماعة لم يذكره إلاّ فيظم مع أنّه أدرك الرضا والجوادعليهما‌السلام ، بل والهادي والعسكريعليهما‌السلام أيضا كما يأتي تاريخ وفاته.

وأيضا ، كما ينافي وجود الأب فيضا وجود الابن فيق وظم ينافي ذلك وجوده فيظم وحده أيضا ، وسيأتي ذكر الحسن فيظم مع ذكر الأب فيضا ، فتدبّر.

وفيمشكا : ابن سماعة ، عنه الحسن بن محمّد بن سماعة كما يظهر من باب المواقيت من التهذيب(٢) (٣) .

٥٥٤ ـ جعفر بن سهيل الصيقل :

وكيل أبي الحسن وأبي محمّد وصاحب الدارعليهم‌السلام ،دي (٤) .

وزادصه بعد الصيقل : من أصحاب أبي محمّد العسكريعليه‌السلام (٥) .

وفيتعق : هذا يشير إلى الجلالة ، بل الوثاقة كما مرّ في الفوائد(٦) .

قلت : سيّما بعد وكالته لثلاثة منهمعليهم‌السلام . ولذا ذكره في‌

__________________

(١) راجع رجال الشيخ : ٢ ، باختلاف.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٤٣ / ٩٦٤.

(٣) هداية المحدّثين : ٣٠.

(٤) رجال الشيخ : ٤٢٩ / ١ إلاّ أنّه لم يذكره في أصحاب الإمام الهاديعليه‌السلام ، بل ذكره في أصحاب الإمام العسكريعليه‌السلام .

(٥) الخلاصة : ٣١ / ٤.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٣.

٢٤٨

القسم الأوّل.

وفي الوجيزة : كان وكيلا(١) .

وذكره في الحاوي في الضعاف(٢) ، لعدم دلالة الوكالة على مدح ، فتأمّل.

٥٥٥ ـ جعفر بن عبد الله :

رأس المذري ، ابن جعفر الثاني ابن عبد الله بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، أبو عبد الله. كان وجها في أصحابنا وفقهائنا(٣) ، وأوثق الناس في حديثه ،صه (٤) .

وزادجش قبل كان : أمّه آمنة بنت عبد الله بن عبيد الله بن الحسن بن عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، وبعد في حديثه : وروى عن أخيه محمّد عن أبيه عبد الله بن جعفر ، وله عقب بالكوفة والبصرة ، وابن ابنه أبو الحسن العبّاس بن أبي طالب عليّ بن جعفر روى عنه هارون بن موسى.

وروى جعفر عن جلّة(٥) أصحابنا مثل الحسن بن محبوب ، ومحمّد بن أبي عمير ، والحسن بن عليّ بن فضّال ، وعبيس بن هشام ، وصفوان ، وابن جبلة.

قال أحمد بن الحسينرحمه‌الله : رأيت له كتاب المتعة ، يرويه عنه أحمد بن محمّد بن سعيد بن عبد الرحمن ، وقد أخبرنا جماعة عنه(٦) ،

__________________

(١) الوجيزة : ١٧٦ / ٣٥٩.

(٢) حاوي الأقوال : ٢٣٦ / ١٢٨٥.

(٣) في الخلاصة والنجاشي : وفقيها.

(٤) الخلاصة : ٣٢ / ١٢.

(٥) في نسخة « م » : أجلّة.

(٦) رجال النجاشي : ١٢٠ / ٣٠٦.

٢٤٩

انتهى.

ويقال له : جعفر بن عبد الله المحمّدي ، كما يأتي في ابن ابنه أبي الحسن العبّاس بن أبي طالب عليّ(١) .

وفيتعق : يأتي عنجش في محمّد بن الحسن وصفه بالمحدّث(٢) (٣) .

أقول : وكذا قال في المجمع(٤) .

وقال ولد الأستاذ العلاّمة دام علاهما : كونه المحمّدي سهو واضح ، فإنّ الذي يقال له جعفر المحمّدي هو جدّ المذري وجدّ العباس بن عليّ ، فيكون العباس المذكور ابن عمّ المذري لا ابن ابنه ، انتهى ، فتأمّل جدا فانّجش كما ترى صرّح بكونه ابن ابنه.

ويأتي في سماعه رواية ابن عقدة عن جعفر بن عبد الله المحمّدي(٥) ، فتدبّر.

وفيمشكا : ابن عبد الله رأس المذريّ الممدوح في الجملة ، عنه ابن عقدة. وهو عن الحسن بن محبوب ، ومحمّد بن أبي عمير ، والحسن بن عليّ ابن فضّال ، وعبيس بن هشام ، وصفوان ، وابن أبي جيد(٦) .

٥٥٦ ـ جعفر بن عبد الله بن جعفر :

ابن محمّد بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، أسند عنه ،ق (٧) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ٤٨٠ / ٢٤.

(٢) رجال النجاشي : ٣٣٧ / ٩٠٠ ، في ترجمة : محمّد بن الحسين بن سعيد الصائغ.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٣.

(٤) مجمع الرجال : ٢ / ٢٩.

(٥) رجال النجاشي : ١٩٣ / ٥١٧.

(٦) هداية المحدّثين : ١٨٢ ، وفيه بدل ابن أبي جيد : ابن جبلة.

(٧) رجال الشيخ : ١٦١ / ١.

٢٥٠

قلت : هو جدّ السابق عليه.

٥٥٧ ـ جعفر بن عبد الله بن الحسين :

ابن جامع ، قمّي ، حميري ،دي (١) .

قلت : هو ابن عبد الله بن جعفر بن الحسين بن جامع ، كما يأتي في أخيه محمّد(٢) وأبيه عبد الله(٣) إلاّ أنّ فيه : ابن الحسن.

ويأتي في محمّد أنّ له مكاتبة ، فلا تغفل.

٥٥٨ ـ جعفر بن عبيد الله :

ابن جعفر ، له مكاتبة ،صه (٤) .

وفي نسخة منسوبة إلى ولدهرحمه‌الله : مكانة ؛ على ما نقل عنشه (٥) .

وفيلم : ابن عبيد الله روى عن الحسن بن محبوب ، روى عنه ابن عقدة(٦) .

قلت : لعلّ الظاهر اتّحاد ما فيصه مع ما مرّ عندي ، فإنّه الذي له مكاتبة ، والأمر في التصغير سهل ، مع أنّه نقله في الحاوي عنصه : ابن عبد الله(٧) .

وأمّا المذكور عن لم فهو ابن عبد الله رأس المذري ، والتصغير مختصّ بنسخة الميرزا ، فإنّ في الحاوي والمجمع : ابن عبد الله ، وذكراه في الترجمة‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٤١١ / ٥.

(٢) رجال النجاشي : ٣٥٤ / ٩٤٩ ، وفيه : ابن الحسين بن جامع بن مالك.

(٣) رجال النجاشي : ٢١٩ / ٥٧٣ ، وفيه : ابن الحسين بن مالك بن جامع.

(٤) الخلاصة : ٣٣ / ٢٣ ، وفيها : ابن عبد الله.

(٥) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ٢٠.

(٦) رجال الشيخ : ٤٦١ / ٢٢ ، وفيه : عبد الله ، عبيد الله ( خ ل ).

(٧) حاوي الأقوال : ٢٣٧ / ١٢٨٩ ، غير أنّه لم ينسبه إلى الخلاصة.

٢٥١

المذكورة(١) .

٥٥٩ ـ جعفر بن عثمان الرواسي :

الكوفي ،ق (٢) .

وفيصه : روىكش عن حمدويه عن أشياخه أنّه ثقة فاضل خيّر(٣) .

وفيكش : حمدويه ، قال : سمعت أشياخي يذكرون أنّ حمّادا وجعفرا والحسين بني عثمان بن زياد الرواسي ـ وحمّاد يلقّب(٤) بالناب ـ كلّهم فاضلون خيار ثقات(٥) .

أقول : ذكره في الحاوي في الثقات ، وقال : لا يتوهّم أنّ ما نقلهكش مرسل فلا يفيد التوثيق ، لأنّ بعض مشايخ حمدويه ثقة ، والإضافة تفيد العموم.

قيل : وفيه نظر. وقد ذكرته في القسم الرابع أيضا لذلك(٦) ، انتهى.

ولم أره في القسم الرابع من نسختي.

٥٦٠ ـ جعفر بن عثمان بن شريك :

ابن عدي الكلابي ، الوحيدي ، ابن أخي عبد الله بن شريك ، وأخوه الحسين بن عثمان ، رويا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

له كتاب رواه عنه جماعة ، ابن أبي عمير ، عنه به ،جش (٧) .

وليس فيكش إلاّ ما تقدّم.

__________________

(١) حاوي الأقوال : ٣٩ / ١٢٤ ، مجمع الرجال : ٢ / ٢٩.

(٢) رجال الشيخ : ١٦١ / ٦.

(٣) الخلاصة : ٣٢ / ١١.

(٤) في النسخ الخطّية : ويلقب.

(٥) رجال الكشّي : ٣٧٢ / ٦٩٤.

(٦) حاوي الأقوال : ٤٠ / ١٢٥.

(٧) رجال النجاشي : ١٢٤ / ٣٢٠.

٢٥٢

وفيست : ابن عثمان صاحب أبي بصير ؛ له كتاب ، رويناه بالإسناد الأوّل عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عنه(١) .

والإسناد : عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله(٢) .

هذا ، واحتمال الاتّحاد لا يخفى.

وفيتعق : لعلّ ظاهر العلاّمة هنا وما يذكره في الحسين أخيه ذلك(٣) .

وفي رواية ابن أبي عمير عنه إشعار بالوثاقة.

وقال جدّي : مشترك بين الثقة وغيره ، وظنّي أنّهما واحد(٤) .

وقال خالي : ثقة ، ويطلق على مجهولين ، والغالب هو الثقة(٥) ، انتهى فتأمّل(٦) .

أقول : حكم في المجمع بالاتّحاد ، وقال : الظاهر أنّ أبا بصير هذا ـ أي الذي فيست ـ ليث بن البختري المرادي ، فإنّ حمّادا أخاه روى عنه.

وهذا قرينة أنّ المذكور فيست هو الرواسي(٧) ، انتهى.

قلت : وقرينة أخرى على الاتّحاد كون الأخ في الموضعين الحسين ، ويأتي عن العلاّمة ظهور اتّحاد الحسينين ، فتدبّر.

وفيمشكا : ابن عثمان بن شريك ، عنه ابن أبي عمير ، ومحمّد بن‌

__________________

(١) الفهرست : ٤٤ / ١٥٠.

(٢) الفهرست : ٤٣ / ١٤٨.

(٣) الخلاصة : ٥١ / ١٥.

(٤) روضة المتقين : ١٤ / ٧٨.

(٥) الوجيزة : ١٧٦ / ٣٦٢.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٣.

(٧) مجمع الرجال : ٢ / ٣٠.

٢٥٣

خالد البرقي. ويمكن الاتّحاد مع الرواسي(١) .

٥٦١ ـ جعفر بن عفّان الطائي :

حدّثني نصر بن الصباح ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن يحيى ابن عمران ، عن محمّد بن سنان ، عن زيد الشحّام ، قال : كنّا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ونحن جماعة من الكوفيّين ، فدخل جعفر بن عفّان ، فقرّبهعليه‌السلام وأدناه ، ثمّ قال :

يا جعفر ، بلغني أنّك تقول الشعر في الحسينعليه‌السلام وتجيد؟

قال : نعم جعلني الله فداك.

قال : قل. فأنشدهعليه‌السلام فبكى ومن حوله حتّى صارت الدموع على وجهه ولحيته. ثمّ قال :

يا جعفر ، والله لقد شهدك ملائكة الله المقرّبون هاهنا يسمعون قولك في الحسينعليه‌السلام ، ولقد بكوا كما بكينا أو أكثر(٢) ، ولقد أوجب الله لك يا جعفر في ساعته الجنّة بأسرها ، وغفر لك. فقال : ألا أزيدك؟

قال : نعم يا سيدي.

قال : ما من أحد قال في الحسينعليه‌السلام شعرا فبكى أو(٣) أبكى به إلاّ أوجب الله له الجنّة وغفر له ،كش (٤) .

وفيصه : نصر بن الصباح ومحمّد بن سنان ضعيفان ، فالوجه التوقّف في روايته(٥) .

__________________

(١) هداية المحدّثين : ١٨٣.

(٢) في النسخ الخطّيّة : وأكثر ( خ ل ).

(٣) في المصدر : و.

(٤) رجال الكشّي : ٢٨٩ / ٥٠٨.

(٥) الخلاصة : ٣٢ / ٨.

٢٥٤

قلت : مع ذلك ذكره في القسم الأوّل. ويأتي عدم ضعف كليهما.

وفي الوجيزة : ممدوح(١) .

٥٦٢ ـ جعفر بن عليّعليه‌السلام :

أخوهعليه‌السلام قتل معه ، أمّه أمّ البنين ، سين(٢) .

٥٦٣ ـ جعفر بن عليّ بن أحمد :

القمّي ، المعروف بابن الرازي ، لم ،جخ ، أبو محمّد ، ثقة ، مصنّف ، د(٣) .

ولم أجده في غيره.

وفيتعق : الظاهر أنّه من مشايخ الصدوقرحمه‌الله ، وشيخ الإجازة على ما قيل ، ففيه إشعار بوثاقته. وكثيرا ما يروي عنه مترضّيا واصفا له بالفقيه(٤) ، وهذا أيضا يشعر بالوثاقة ، وربما يصفه بالقمّي الإيلاقي(٥) (٦) .

أقول : في نسختين عندي منجخ في لم : جعفر بن عليّ بن أحمد القمّي المعروف بابن الرازي ، يكنّى أبا محمّد ، صاحب المصنّفات(٧) . وليس فيه التوثيق. لكن نقله في المجمع عن لم كما(٨) ذكره د(٩) .

ولم يذكره في الحاوي والوجيزة أصلا ، وهو يؤيّد العدم.

__________________

(١) الوجيزة : ١٧٦ / ٣٦٣.

(٢) رجال الشيخ : ٧٢ / ٢.

(٣) رجال ابن داود : ٦٤ / ٣١٦.

(٤) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١ : ١٧٩ / ١.

(٥) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١ : ١٥٤ / ١.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٣.

(٧) رجال الشيخ : ٤٥٧ / ١.

(٨) في نسخة « م » : ما.

(٩) مجمع الرجال : ٢ / ٣١.

٢٥٥

٥٦٤ ـ جعفر بن عليّ بن الحسن :

ابن عليّ بن عبد الله بن المغيرة ، يروي عنه الصدوق مترضّيا(١) ، وهو في طريقه إلى جدّه الحسن بن علي(٢) .

وفي بعض النسخ : جعفر بن محمّد بن علي ، ولعلّه الظاهر.

وجعفر بن عليّ الكوفي هو هذا ، وكذا جعفر بن محمّد الكوفي الآتي.

٥٦٥ ـ جعفر بن عليّ بن سهل :

ابن فروخ الدقّاق ، الدوري ، الحافظ ، بغدادي ، يكنّى أبا محمّد ؛ سمع منه التلعكبري سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وما بعدها ، وله منه إجازة ، لم(٣) .

٥٦٦ ـ جعفر بن عمارة الخارقي :

الهمداني ، الكوفي ؛ أبو عمارة ،ق (٤) .

أقول : في التهذيب في باب صفة الوضوء : وأمّا ما رواه ابن عقدة ، عن فضل بن يوسف ، عن محمّد بن عكاشة ، عن جعفر بن عمارة أبي عمارة الحارثي. إلى أن قال : فالوجه فيه التقيّة ، لأنّ رجاله رجال العامّة والزيديّة(٥) ، انتهى.

ولذا ذكره في الوجيزة وضعّفه(٦) .

٥٦٧ ـ جعفر بن عمرو :

المعروف بالعمري. روىكش عن محمّد بن إبراهيم بن مهزيار أنّ‌

__________________

(١) الفقيه ـ المشيخة ـ : ٤ / ٥٦.

(٢) الفقيه ـ المشيخة ـ : ٤ / ٤٠.

(٣) رجال الشيخ : ٤٦٠ / ٢١.

(٤) رجال الشيخ : ١٦٢ / ٨.

(٥) التهذيب ١ : ٥٩ / ١٦٦.

(٦) الوجيزة : ١٧٦ / ٣٦٤.

٢٥٦

أباه لمّا حضره الموت دفع إليه مالا وأعطاه علامة لمن يسلّم إليه المال ، فدخل إليه شيخ فقال : أنا العمري ، فأعطاه المال.

وسند الرواية ذكرناه في كتابنا الكبير ، وفيه ضعف ،صه (١) .

وتقدّمت الرواية في إبراهيم بن مهزيار(٢) .

ولا يخفى أنّ المراد بالعمري حفص بن عمرو لا جعفر ، كما صرّح بهكش بعد الرواية كما يأتي ، فكأنّ جعفرا تصحيف له.

قلت : وصرّح به في العنوان أيضا كما سبق في إبراهيم بن مهزيار ؛ ولا يخفى أنّ أصل الاشتباه من ناسخطس كما رأيته في التحرير(٣) ، كما هو كذلك في أكثر كثير ، فلاحظ.

٥٦٨ ـ جعفر بن عيسى بن يقطين :

روىكش رحمه‌الله عن حمدويه وإبراهيم ، قالا : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عيسى(٤) العبيدي ، عن هشام بن إبراهيم الختلي المشرقي ـ وهو أحد من أثني عليه في الحديث ـ أنّ أبا الحسنعليه‌السلام قال فيه خيرا ،صه (٥) .

وفيكش السند(٦) المذكور. وبعد الختلي(٧) : وهو المشرقي ، يقول : استأذنت لجماعة على أبي الحسنعليه‌السلام في سنة تسع وتسعين ومائة ، فحضروا. إلى أن قال : قال له جعفر بن عيسى : أشكو إلى الله وإليك ما‌

__________________

(١) الخلاصة : ٣٢ / ٩.

(٢) رجال الكشّي : ٥٣١ / ١٠١٥.

(٣) التحرير الطاووسي : ١١٠ / ٧٨.

(٤) في الخلاصة : علي.

(٥) الخلاصة : ٣٢ / ١٠.

(٦) في نسخة « م » : بالسند.

(٧) في المصدر : الجبلي ، وفي نسخة منه : الختلى.

٢٥٧

نحن فيه من أصحابنا.

فقال : وما أنتم فيه منهم؟

فقال جعفر : هم والله يا سيّدي يزندقونا ويكفّرونا ويبرؤون منّا. إلى أن قال :

فقالعليه‌السلام : ما أعلمكم إلاّ على هدى ، وجزاكم الله على النصيحة(١) القديمة والحديثة خيرا.

فتأوّلوا القديمة عليّ بن يقطينرحمه‌الله ، والحديثة خدمتنا له ، والله أعلم. إلى أن قال :

قال حمدويه : هشام المشرقي هو ابن إبراهيم البغدادي ، فسألته عنه وقلت : ثقة هو؟ فقال : ثقة(٢) (٣) .

وفيتعق : عدّ ممدوحا لما ذكر ، والظاهر أنّه من متكلّمي أصحابهمعليهم‌السلام وأجلاّئهم ، وأخوه الجليل محمّد كثيرا ما يروي عنه(٤) ، ولهما أخ ثالث اسمه موسى.

ثمّ إنّه يظهر من هذه الترجمة وغيرها من كثير من التراجم أنّ أصحاب الأئمّةعليهم‌السلام كان يقع بعضهم في بعض بالانتساب إلى الكفر والغلو والتزندق ، بل وفي حضورهمعليهم‌السلام ، وربما كانواعليهم‌السلام لا يمنعونهم لمصالح ، وأنّ هذه النسب لا أصل لها.

فإذا كانوا في زمان الحجّةعليه‌السلام ، بل وحضوره(٥) كذلك ، فما‌

__________________

(١) في المصدر : عن الصحبة ، وفي نسخة منه : النصيحة.

(٢) في المصدر : ثقة ثقة.

(٣) رجال الكشّي : ٤٩٨ / ٩٥٦.

(٤) الكافي ٧ : ٤٠٠ / ١ ، التهذيب ٩ : ١٨٤ / ٧٤٣ ، ٢٣٣ / ٩١٤.

(٥) في نسخة « ش » زيادة :عليه‌السلام .

٢٥٨

ظنّك بزمان الغيبة ، بل الذي نراه في زماننا أنّه لم يسلم جليل مقدّس عن قدح جليل فاضل متديّن ، فما ظنّك بغيرهم.

وجمع منهم يكفّرون معظم فقهائنا لأنّهم يجعلون للعامّة نصيبا في الإسلام ، حتّى أنّ فاضلا ورعا متديّنا منهم كان يعبّر عن مولانا الأردبيلي بالكودن(١) مع أنّ تقدّسه أشهر من أن يذكر.

وغيرهم ربما ينسبون هؤلاء إلى الغلو.

والأخباريّون يطعنون على المجتهدين رضوان الله عليهم بتخريب الدين والخروج عن طريقة الأئمّة الطاهرينعليهم‌السلام ، ومتابعة أبي حنيفة ، بل ربما يفسّقون من قرأ كتبهم ، بل ربّما يقولون فيهم ما لا يقصر عن التكفير.

ومن هذا يظهر التأمّل في ثبوت الغلو واضطراب المذهب بأمثال ما ذكر من مجرّد رمي علماء الرجال في الرجال قبل تحقيق الحال(٢) .

أقول : حكى لي غير واحد ممّن أثق به عن رجل صالح ورع ممّن يدّعي الأخباريّة من أبناء هذا الزمان : أنّه كان في دار شيخنا الشيخ يوسف البحراني فتناول كتابا لينظر فيه ما هو ، فقيل له قبل أن يفتحه : إنّه كتاب الشرائع ، فطرحه من يده مسرعا كأنّه عقربة لدغته ، ثمّ أشار إلى كتاب آخر ، فقيل : إنّه كتاب المفاتيح ، ففتحه وجعل ينظر فيه.

وحكى الأستاذ العلاّمة أدام الله أيّامه : إنّ أوائل قدومه العراق كان يرى الرجل منهم إذا أراد أن ينظر إلى كتاب من كتب فقهائنا رضي الله عنهم كان يحمله مع منديل.

ونقل أنّه شهد بعض الطلبة عند الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ‌

__________________

(١) في التعليقة : بالكودني المركل ، وهي كلمة أعجميّة بمعنى البليد ، أي بطي‌ء الفهم.

(٢) التعليقة : ٨٣ ـ ٨٤.

٢٥٩

العاملي بشهادة ، فأجازها ؛ فقال المدّعى عليه ـ وهو من بعض تلامذته ـ : تقبل شهادة هذا ، وأقيم لك الشهود على أنّهم رأوه يطالع في كتاب زبدة الأصول! فقال : إذن لا نقبله(١) .

وهذا أفضل فضلائهم وأصلح صلحائهم شيخنا الشيخ يوسف البحراني يقول في مقام الردّ على المحقّق الشيخ حسن في تقسيمه الحديث إلى صحر وصحّي : الاعراض عن كلامه أحرى ، فإنّه ممّا زاد في الطنبور نغمة أخرى(٢) .

فشبّه أصول فقه الطائفة بالطنبور.

وذكرنا نبذة من مقالاتهم في رسالتنا عقد اللآلي البهيّة في الردّ على الطائفة الغبيّة.

هذا ، وذكره في الحاوي في الحسان(٣) .

وفي الوجيزة : ممدوح(٤) .

٥٦٩ ـ جعفر بن مالك :

أبو عبد الله الفزاري ، هو ابن محمّد بن مالك الآتي ،تعق (٥) .

٥٧٠ ـ جعفر بن المثنّى :

الخطيب ، مولى لثقيف ، كوفي ، واقفي ،ضا (٦) ،صه (٧) .

__________________

(١) روضات الجنات : ٧ / ١٠٤.

(٢) راجع لؤلؤة البحرين : ٤٦ ، وفيها مضمون الكلام والحدائق الناظرة : ١ / ١٤ ، المقدمة الثانية.

(٣) حاوي الأقوال : ١٨٢ / ٩١٢.

(٤) الوجيزة : ١٧٦ / ٣٦٥.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٤.

(٦) رجال الشيخ : ٣٧٠ / ١.

(٧) الخلاصة : ٢١٠ / ٢.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500