منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٢

منتهى المقال في أحوال الرّجال16%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
ISBN: 964-5503-90-6
الصفحات: 500

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 500 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 247675 / تحميل: 4746
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٩٠-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

وفيكش ما ذكره(١) .

وفيست : له كتاب ، ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عنه(٢) .

أقول : فيمشكا : ابن المغيرة النصري الثقة(٣) ، عنه صفوان بن يحيى ، وأبو عمارة ، وربيع الأصم ـ كما في الفقيه ـ(٤) وابن مسكان ، وعليّ ابن النعمان ، ويحيى بن عمران الحلبي ، وجعفر بن بشير(٥) .

٦٥٦ ـ الحارث بن النعمان :

شهد بدرا ،صه (٦) .

وزاد ل : وأحدا. وبعد النعمان : ابن أميّة الأنصاري(٧) .

أقول : هو في القسم الأوّل.

وفي الحاوي في القسم الرابع(٨) .

٦٥٧ ـ الحارث بن همّام النخعي :

صاحب لواء الأشتر يوم صفّين ، ي(٩) .

وزادصه بدل النخعي : من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (١٠) .

__________________

(١) رجال الكشّي : ٣٣٧ / ٦١٩ و ٦٢٠.

(٢) الفهرست : ٦٥ / ٢٦٥.

(٣) في المصدر : الفقيه.

(٤) الفقيه ٤ : ٢٨ / ٧٣.

(٥) هداية المحدّثين : ٣٥.

(٦) الخلاصة : ٥٤ / ٣.

(٧) رجال الشيخ : ١٧ / ٢٣.

(٨) حاوي الأقوال : ٢٥١ / ١٤٠٧.

(٩) رجال الشيخ : ٣٩ / ٢٥.

(١٠) الخلاصة : ٥٤ / ٥ ، و :عليه‌السلام ، لم ترد في نسخة « م ».

٣٢١

قلت : هو فيهما كسابقه(١) .

٦٥٨ ـ حارثة بن سراقة :

بالمهملة المضمومة ؛ شهد بدرا ،صه (٢) .

وزادل : وقتل بها ، وبدل الترجمة : الأنصاري النجاري ، آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبين السائب بن مطعون(٣) .

قلت : هو كسابقيه(٤) (٥) .

٦٥٩ ـ حارثة بن قدامة :

ي .(٦) ووجد على كتاب الشيخرحمه‌الله هكذا : قال محمّد بن إدريس : هذا إغفال واقع في التصنيف ، وإنّما هو جارية بالجيم ، وهو جارية ابن قدامة السعدي التميمي ، أحد خواصّ عليّعليه‌السلام ، صاحب السرايا والألوية والميل يوم صفّين ، وكان ينبغي أن يكون في باب الجيم بغير شك ، انتهى ، فتأمّل.

٦٦٠ ـ حازم بن إبراهيم البجلي :

الكوفي ، أسند عنه ،ق (٧) .

٦٦١ ـ حبّة :

بالمهملة قبل الموحدة ، ابن جوين ـ بضمّ الجيم والنون بعد المثنّاة‌

__________________

(١) حاوي الأقوال : ٢٥١ / ١٤٠٥.

(٢) الخلاصة : ٥٧ / ٢.

(٣) رجال الشيخ : ١٨ / ٣٧ ، وفيه بعد بدرا : وأحدا.

(٤) في نسخة « ش » كسابقه.

(٥) حاوي الأقوال : ٢٥١ / ١٤٠٦.

(٦) رجال الشيخ : ٣٩ / ٢٩.

(٧) رجال الشيخ : ١٨١ / ٢٨١ ، وفيه بعد الكوفي زيادة : سكن البصرة.

٣٢٢

تحت ـ العرني ،صه (١) ، ن ، إلاّ الترجمة(٢) .

وقي : في أصحابهعليه‌السلام من اليمن(٣) .

وزادي : كوفي ، وكنية حبّة أبو قدامة ، وقيل : ابن جوية العرني(٤) .

وفيد : العرني ـ بالمهملة المضمومة والراء المفتوحة والنون ـ منسوب إلى عرينة بن عون بن بدير بن قسر ، ثمّ قال : ي نجخ كش ، ممدوح(٥) .

ولم أجده فيكش .

وفيقب : صدوق ، وله أغلاط ، وكان غاليا في التشيّع ، من الثانية ، وأخطأ من زعم أنّ له صحبة. مات سنةست وقيل : سبع وسبعين(٦) ، انتهى.

قلت : هو مذكور في آخر الباب الأوّل منصه في أصحابهعليه‌السلام من اليمن.

وفي الوجيزة : ممدوح(٧) .

وعن كتاب ميزان الاعتدال : حبّة العرني ، من الغالين في التشيّع(٨) .

٦٦٢ ـ حبيب بن أبي ثابت :

ي (٩) . وزادقر : الأسدي الكوفي ، تابعي(١٠) .

__________________

(١) الخلاصة : ١٩٤.

(٢) رجال الشيخ : ٦٧ / ٥ ، وفيه : ابن جوير.

(٣) رجال البرقي : ٦.

(٤) رجال الشيخ : ٣٨ / ٩ ، ولم يرد فيه : كوفي.

(٥) رجال ابن داود : ٦٩ / ٣٧٥ ، وفيه : عرين بن بدر.

(٦) تقريب التهذيب ١ : ١٤٨ / ١٠٣ ، وفيه تسع وسبعين : بدل سبع وسبعين.

(٧) الوجيزة : ١٨٢ / ٤٣٢.

(٨) ميزان الاعتدال ١ : ٤٥٠ / ١٦٨٨.

(٩) رجال الشيخ : ٣٩ / ٢٤.

(١٠) رجال الشيخ : ١١٦ / ٣٠.

٣٢٣

وزاد ين : أبو يحيى ، وكان فقيه الكوفة ، أعور ، مات سنة تسع عشرة ومائة(١) .

وفيقب : ابن أبي ثابت قيس ، ويقال : هند بن دينار الأسدي ، مولاهم ، أبو يحيى الكوفي ، ثقة ، فقيه ، جليل ، وكان كثير الإرسال والتدليس. مات سنة تسع عشرة ومائة(٢) .

أقول : عدّه في الوجيزة ممدوحا(٣) ، فتأمّل.

٦٦٣ ـ حبيب الأحول الخثعمي :

كوفي ،ق (٤) .

وفيست : حبيب الخثعمي ، له أصل ، عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عنه(٥) ، انتهى.

والظاهر أنّ هذا ابن المعلّل الخثعمي الآتي عنجش (٦) ، أمّا كونه الأحول فمحتمل.

قلت : ظاهر الحاوي أيضا اتّحاد ما فيست مع الآتي عنجش (٧) . ويشهد له رواية ابن أبي عمير عنه.

وفيمشكا : الأحول الخثعمي ، عنه ابن أبي عمير(٨) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ٨٧ / ٧.

(٢) تقريب التهذيب ١ : ١٤٨ / ١٠٦.

(٣) الوجيزة : ١٨٢ / ٤٣٣.

(٤) رجال الشيخ : ١٨٥ / ٣٤٤.

(٥) الفهرست : ٦٤ / ٢٥٣ و ٢٥٢.

(٦) رجال النجاشي : ١٤١ / ٣٦٨.

(٧) حاوي الأقوال : ٦٥ / ٣٣٨.

(٨) هداية المحدّثين : ٣٦.

٣٢٤

٦٦٤ ـ حبيب بن أوس :

أبو تمّام الطائي ، كان إماميّا ، وله شعر في أهل البيتعليهم‌السلام كثير.

وذكر أحمد بن الحسينرحمه‌الله أنّه رأى نسخة عتيقة ، قال : لعلّها كتبت في أيامه أو قريبا منها ، فيها(١) قصيدة يذكر فيها الأئمّةعليهم‌السلام حتّى انتهى إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام لأنّه توفّي في أيامه.

وقال الجاحظ في كتاب الحيوان : حدثني أبو تمام الطائي ، وكان من رؤساء الرافضة(٢) ،صه (٣) .

وزادجش : له كتاب الحماسة ، وكتاب مختار شعر القبائل. أخبرنا أبو أحمد عبد السلام بن حسين البصري(٤) .

أقول : جعله في ب من الشعراء المتّقين(٥) .

وفي الوجيزة : ممدوح(٦) .

وفي مل : حبيب بن أوس ، أبو تمّام الطائي العاملي الشامي ، الشاعر المشهور ، كان شيعيا فاضلا أديبا منشأ.

وقال صاحب طبقات الأدباء ـ بعد مدحه ـ : رثاه محمّد بن عبد الملك وهو حينئذ وزير فقال :

نبأ أتى من أعظم الإنباء

لما ألمّ مقلقل الأحشاء

__________________

(١) في نسخة « ش » : منها.

(٢) كتاب الحيوان للجاحظ : ١ / ٦٧ و ٦ / ٢٤٦ ، ولم يرد فيهما كونه من رؤساء الرافضة.

(٣) الخلاصة : ٦١ / ٣.

(٤) رجال النجاشي : ١٤١ / ٣٦٧.

(٥) معالم العلماء : ١٥٢.

(٦) لم يرد في النسخة المطبوعة من الوجيزة ، وورد في النسخ الخطيّة ، وفيها : ابن طاوس الطائي.

٣٢٥

قالوا حبيب قد ثوى فأجبتهم

ناشدتكم لا تجعلوه الطائي

وقال ابن خلكان : كان واحد عصره في فصاحة لفظه ، ونصاعة شعره ، وحسن أسلوبه.

له كتاب الحماسة التي دلت على غزارة فضله ، وله مجموع آخر سمّاه فحول الشعراء ، جمع فيه طائفة كثيرة من شعراء الجاهلية والمخضرمين والاسلاميين ؛ وكتاب الاختيارات من شعر الشعراء ، وكان له من المحفوظ ما لا يلحقه فيه غيره. قيل : إنّه كان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة غير القصائد والمقاطيع. إلى آخر كلامه(١) .

وما مرّ من أنّه ذكر الأئمّةعليهم‌السلام إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام فقد نقل في مل عن ابن شهرآشوب في مناقبه : له شعرا يذكر فيه الأئمّةعليهم‌السلام كلّهم إلى القائمعليه‌السلام (٢) ، فلاحظ وتأمّل.

ومن شعره :

السيف أصدق إنباء من الكتب

في حدّه الحد بين الجدّ واللعب

بيض الصفائح لا سود الصحائف في

متونهن جلاء الشك والريب

والعلم في شهب الأرماح لامعة

بين الخميسين لا في السبعة الشهب

إنّ الأسود أسود الغاب همتها

يوم الكريهة في المسلوب لا السلب

(٣) وذكره في الحاوي في القسم الرابع(٤) ، فتأمّل جدا.

٦٦٥ ـ حبيب الجماعي :

في نسختي من عبارة المفيد وسنشير إليها في زياد بن المنذر أنّه من‌

__________________

(١) وفيات الأعيان : ٢ / ١٢.

(٢) مناقب ابن شهرآشوب : ١ / ٣١٢.

(٣) أمل الآمل ١ : ٥٠ / ٤١.

(٤) حاوي الأقوال : ٢٥٤ / ١٤٢٢.

٣٢٦

الفقهاء الأعلام(١) ؛ ويحتمل أن يكون الجماعي مصحّف الخثعمي ،تعق (٢) .

قلت : في نسخة عندي من رسالة المفيدقدس‌سره أيضا حبيب الجماعي.

٦٦٦ ـ حبيب السجستاني :

ين (٣) . وزادقر : روى عنه وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام (٤) .

وفيصه : قالكش : قال محمّد بن مسعود : حبيب السجستاني كان أوّلا شاريا ثم دخل في هذا المذهب ، وكان من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام منقطعا إليهما(٥) ، انتهى.

وفيكش ما ذكره(٦) .

ويأتي ابن المعلى السجستاني.

وفيتعق : حكم خالي وفي البلغة بحسنه(٧) ، ولعلّه لحكاية الانقطاع إليهماعليهما‌السلام ، ولا يخلو من التأمّل. ثم حكم خالي بوثاقته ، ولعلّه لاتحاده مع ابن المعلّل الآتي ، وهذا أيضا لا يخلو من التأمّل. لكن الجماعة وصفوا حديثه بالصحة في كتاب الديات ، واتفاقهم على إرادة الصحة إليه بعيد(٨) .

__________________

(١) الرسالة العددية ـ ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ـ : ٩ / ٤٣.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩١.

(٣) رجال الشيخ : ٨٨ / ٢٤.

(٤) رجال الشيخ : ١١٦ / ٣٢.

(٥) الخلاصة : ٦١ / ١.

(٦) رجال الكشّي : ٣٤٧ / ٦٤٦.

(٧) بلغة المحدّثين : ٣٤٢ / ٤.

(٨) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩١.

٣٢٧

أقول : الظاهر وقوع اشتباه في نسخته سلمه الله من الوجيزة ، والذي رأيته في نسختين : ابن المعلى السجستاني : ممدوح ، وابن المعلل الخثعمي : ثقة ، وفي بعض نسخ الحديث : ابن المعلى(١) ، انتهى فتدبّر.

وذكره في الحاوي في القسم الرابع(٢) ، فتأمّل.

٦٦٧ ـ حبيب بن مظاهر :

ن (٣) ،سين (٤) . وزادي : الأسدي(٥) .

وفيصه : ابن مظهّر الأسدي ـ بضم الميم وفتح الظاء المعجمة وتشديد الهاء والراء أخيرا ـ وقيل : مظاهر ، مشكور ،رحمه‌الله ، قتل مع الحسينعليه‌السلام بكربلاء(٦) ، انتهى.

وفيكش : جبرئيل بن أحمد ، عن محمّد بن عبد الله بن مهران ، عن أحمد بن النضر ، عن عبد الله بن زيد(٧) الأسدي ، عن فضيل بن الزبير قال : مرّ ميثم التمّار على فرس له فاستقبله حبيب بن مظاهر الأسدي عند مجلس بني أسد ، فتحدثا حتى اختلفت أعناق فرسيهما ، ثم قال حبيب : لكأنّي بشيخ أصلع ضخم البدن(٨) يبيع البطيخ عند دار(٩) الرزق قد صلب في حب‌

__________________

(١) الوجيزة : ١٨٣ / ٤٣٦. و ٤٣٥.

(٢) حاوي الأقوال : ٢٥٤ / ١٤٢٤.

(٣) رجال الشيخ : ٦٧ / ١.

(٤) رجال الشيخ : ٧٢ / ١.

(٥) رجال الشيخ : ٣٨ / ٣.

(٦) الخلاصة : ٦١ / ٢.

(٧) في المصدر : يزيد.

(٨) في المصدر : البطن.

(٩) في نسخة « ش » : عند باب.

٣٢٨

أهل بيت نبيّهعليه‌السلام ويبقر ببطنه(١) على الخشبة.

فقال ميثم : وإنّي(٢) لأعرف رجلا أحمر له ضفيرتان يخرج لنصرة ابن بنت نبيّه فيقتل ويجال برأسه في الكوفة ، ثم افترقا.

فقال أهل المجلس : ما رأينا أحدا أكذب من هذين. قال : فلم يفترق أهل المجلس حتى أقبل رشيد الهجري فطلبهما فسأل أهل المجلس عنهما فقالوا : قد افترقا وسمعنا يقولان كذا وكذا.

فقال رشيد : رحم الله ميثما ، نسي : ويزداد في عطاء الذي يجي‌ء بالرأس مائة درهم ، ثم أدبر. فقال القوم : هذا والله أكذبهم.

فقال القوم : والله ما ذهبت الأيام والليالي حتى رأينا ميثما مصلوبا على باب دار عمرو بن حريث! وجئ برأس حبيب بن مظاهر قد قتل مع الحسينعليه‌السلام ! ورأينا كلّ ما قالوا.

وكان حبيب من السبعين الرجال الّذين نصروا الحسينعليه‌السلام ، ولقوا جبال الحديد ، واستقبلوا الرماح بصدورهم ، والسيوف بوجوههم ، وهم يعرض عليهم الأمان والأموال فيأبون ويقولون : لا عذر لنا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان قتل الحسينعليه‌السلام ومنّا عين تطرف ، حتى قتلوا حوله.

ولقد خرج حبيب بن مظاهر(٣) يوم الطف وهو يضحك فقال له برير(٤) ابن حصين الهمداني ـ وكان يقال له سيد القرّاء(٥) ـ : يا أخي ليس هذا ساعة‌

__________________

(١) في نسخة « ش » : بطنة.

(٢) في نسخة « ش » : إنّي.

(٣) في نسخة « م » : المظاهر.

(٤) في المصدر : زيد ، وفي نسخة منه : برير.

(٥) في النسخ : القرى ، وما أثبتناه من المصدر.

٣٢٩

ضحك.

فقال له : وأي موضع أحق من هذا بالسرور ، والله ما هذا إلاّ أن تميل علينا هذه الطغاة بسيوفهم فنعانق الحور العين.

قالكش : هذه الكلمة مستخرجة من كتاب مفاخرة الكوفة والبصرة(١) .

أقول : ذكره فيصه في القسم الأوّل ، والحاوي في القسم الثاني.

وفي الفقيه ، في باب من قطع عليه طوافه : حبيب بن مظاهر ، إلى أن قال : فذكرت ذلك لأبي عبد اللهعليه‌السلام (٢) ، والظاهر أنّه غير هذا.

قال في الحاوي : ويحتمل على بعد أن يكون أبو عبد الله المذكور هو الحسينعليه‌السلام ، انتهى(٣) .

ولا يخفى أنّ الراوي عنه حمّاد بن عثمان ، إلاّ أن تكون الرواية مرسلة ، فتدبّر.

٦٦٨ ـ حبيب بن المعلّى :

ق (٤) . وزادقر : السجستاني(٥) .

وتقدّم حبيب السجستاني.

٦٦٩ ـ حبيب بن المعلّل :

بالميم المضمومة والعين المهملة ، الخثعمي ، المدائني ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن والرضاعليهم‌السلام .

__________________

(١) رجال الكشي : ٧٨ / ١٣٣.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٤٧ / ١١٨٨.

(٣) حاوي الأقوال : ١٨٢ / ٩١٧.

(٤) رجال الشيخ : ١٨٢ / ٢٩٢.

(٥) رجال الشيخ : ١١٧ / ٤٣.

٣٣٠

قالجش : إنّه ثقة ثقة ، صحيح ،صه (١) .

جش ، إلاّ الترجمة وقوله : قالجش إنّه ، وزاد : له كتاب رواه محمّد ابن أبي عمير(٢) .

وزادصه : وروى ابن عقدة ، عن محمّد بن أحمد بن خاقان النهدي ، قال : حدّثنا حسن بن الحسين اللؤلؤي ، قال : حدّثنا عبد الله بن محمّد الحجّال ، عن حبيب الخثعمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مضمونه أنّه كان يكذب عليّ ، مع أنّه لا يزال لنا كذّابا.

وهذه الرواية لا أعتمد عليها ، والمرجع إلى قول جش.

وفيست ما تقدّم في حبيب الأحول(٣) .

وفيق : ابن المعلّل الخثعمي ، مولى كوفي(٤) .

وفيتعق : في الوجيزة والبلغة : في بعض نسخ الحديث : ابن المعلّى(٥) .

قلت : ربما يتصرّف في الألقاب والأسامي الحسنة بالردّ إلى الرديّة إهانة ، وبالعكس تعظيما أو تنزّها ، فلعلّه معلّل وقيل : معلّى ، أو بالعكس ، ويؤيّده عدم توجّهجش إلى المشهور الذي توجّه إليهكش ، لكنّه يبعّده بقاؤه من زمان زين العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام إلى زمان الرضاعليه‌السلام .

هذا ، وقال جدّي : ذكر أصحاب الرجال هذا الخبر وغفلوا عن أنّه لا‌

__________________

(١) الخلاصة : ٦٢ / ٤.

(٢) رجال النجاشي : ١٤١ / ٣٦٨.

(٣) الفهرست : ٦٤ / ٢٥٢ و ٢٥٣.

(٤) رجال الشيخ : ١٧٢ / ١١٦ ، وفيه بدل المعلل : معلل.

(٥) الوجيزة : ١٨٣ / ٤٣٥ ، بلغة المحدّثين : ٣٤٣.

٣٣١

يمكن عادة أن يروي الراوي على نفسه مثل هذه الرواية ، والظاهر أنّ حبيبا ينقل هذا على غيره المتقدّم ذكره ، فتوهّموا أنّه ذكره على نفسه(١) (٢) .

أقول : فيمشكا : ابن المعلّل الخثعمي الثقة ، عنه ابن أبي عمير ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وعبد الله بن محمّد الحجّال ، وعبد الله بن المغيرة الثقة(٣) .

٦٧٠ ـ حبيب بن نزار بن حيّان :

الهاشمي ، مولاهم الكوفي الصيرفي ، أسند عنه ،ق (٤) .

٦٧١ ـ حبيش بن مبشّر :

أخو جعفر بن مبشّر ، أبو عبد الله ، كان من أصحابنا ، وروى من أحاديث العامّة فأكثر ، له كتاب كبير حسن سمّاه أخبار السلف ، وفيه الطعون على المتقدّمين على أمير المؤمنينعليه‌السلام .

أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد بن أحمد ، قال : حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن وهبان الدبيلي ، قال : حدّثنا أحمد بن كثير الصوفي ، قال : حدّثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن محمّد العسكري الزعفراني المعروف بما كردويه ، قال : حدّثنا عليّ بن الحسين بن موسى الزرّاد ، قال : حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن مبشّر يلقّب حبيش ، أخو جعفر بن مبشّر الكاتب ،جش (٥) .

صه ، إلى قوله : وأكثر ، وزاد بعد حبيش : وقيل : حبش ، مكبّرا(٦) .

__________________

(١) روضة المتقين : ١٤ / ٨٥.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩١.

(٣) هداية المحدّثين : ٣٦.

(٤) رجال الشيخ : ١٧٢ / ١١٩.

(٥) رجال النجاشي : ١٤٦ / ٣٧٩.

(٦) الخلاصة : ٦٤ / ٧.

٣٣٢

وفيقب : ابن مبشّر ـ بموحّدة ومعجمه مثقّلة ـ بن أحمد بن محمّد الثقفي أبو عبد الله الطوسي ، ثقة فقيه سنّي ، من الحادية عشرة ، وكان أخوه جعفر من كبار المعتزلة.

مات سنة ثمان وخمسين(١) . أي : بعد المائة.

أقول : فيضح بعد ترجمة حروفه قال : واسم حبيش محمّد ، وحبيش لقب(٢) . ومرّ أيضا عنجش هذا.

وذكره في الحاوي في القسم الرابع(٣) .

ولا ريب أنّ المستفاد منجش حسنه لكونه من علماء الإماميّة والفضلاء الاثني عشريّة ، على أنّ توثيققب ممّا يؤنس أيضا بحاله ، بل هو مدح معتدّ به للإمامي وإن زعمه سنّيّا. ولذا ذكره فيصه في القسم الأوّل ، وفي الوجيزة : ممدوح(٤) .

٦٧٢ ـ حجّاج بن رفاعة :

أبو رفاعة وقيل : أبو علي الخشّاب ، كوفي ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ثقة ، ذكره أبو العبّاس. له كتاب يرويه عدّة من أصحابنا ، منهم محمّد بن يحيى الخزّاز ،جش (٥) .

صه ، إلى قوله : ذكره أبو العبّاس ، وفيها التوثيق مكرّر(٦) .

وقالشه : تكرير توثيقه مرّتين لم يذكره أحد من أصحاب الرجال غير‌

__________________

(١) تقريب التهذيب ١ : ١٥٢ / ١٤٣.

(٢) إيضاح الاشتباه : ١٦٧ / ٢٣٩.

(٣) حاوي الأقوال : ٢٥٧ / ١٤٤٩.

(٤) الوجيزة : ١٨٣ / ٤٣٨.

(٥) رجال النجاشي : ١٤٤ / ٣٧٣.

(٦) الخلاصة : ٦٤ / ٦.

٣٣٣

المصنّف ، والمعلوم من طريقة المصنّف أن ينقل في كتابه لفظجش في جميع الأبواب ويزيد ما يقبل الزيادة ، ولفظجش هنا بعينه جميع ما ذكره المصنّف ، غير أنّه اقتصر على توثيقه مرّة واحدة ، والنسخة بخطّ السيّد ابن طاوس ، انتهى(١) .

وكذلك في نسخة عليها خطّ ابن إدريس وخطّ ابن طاوس رحمهما الله.

وفيست : حجّاج الخشّاب له كتاب ، أخبرنا به عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن حميد ، عن أحمد بن ميثم ، عنه(٢) .

أقول : فيمشكا : ابن رفاعة الخشّاب الثقة ، عنه محمّد بن يحيى الخزّاز ، وأحمد بن ميثم ، والعبّاس بن عامر ، وجعفر بن بشير(٣) .

٦٧٣ ـ حجّاج بن عزبة الأنصاري :

ي (٤) . وفي نسخة : ابن عربة ، بالمهملتين والموحّدة.

وفيقب : حجّاج بن عمرو بن غزيّة ـ بفتح المعجمة وكسر الزاي وتشديد التحتانيّة ـ الأنصاري المازني المدني ، صحابي ، وله رواية عن زيد ابن ثابت ، وشهد صفّين مع عليّعليه‌السلام (٥) .

أقول : عن الاستيعاب : الحجّاج بن عمرو بن عزية(٦) الأنصاري من أهل المدينة ، شهد مع عليّعليه‌السلام ، وهو الذي كان يقول عند القتال :

__________________

(١) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ٣٣.

(٢) الفهرست : ٦٥ / ٢٦٠.

(٣) هداية المحدّثين : ٣٦.

(٤) رجال الشيخ : ٣٨ / ١١ ، وفيه : غزية ، وفي نسخة « م » : عزية.

(٥) تقريب التهذيب ١ : ١٥٣ / ١٥٨.

(٦) في المصدر : غزية.

٣٣٤

يا معشر الأنصار ، أتريدون أن نقول لربّنا إذا لقيناه : إنّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فاضلّونا السبيلا؟! يا معشر الأنصار ، انصروا أمير المؤمنين آخرا كما نصرتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أوّلا ، والله إنّ الآخرة لشبيهة بالأولى إلاّ أنّ الأولى أفضلهما ، انتهى(١) .

ومرّ عنتعق أنّ صاحب هذه المقالة حارث بن عزبة ، فتأمّل.

ويؤيّد ما هنا أيضا عدم ذكر الحارث في شي‌ء من كتب الرجال.

٦٧٤ ـ حجر بن زائدة :

الحضرمي ،ق (٢) .

وزادجش : أبو عبد الله ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، ثقة ، صحيح المذهب ، صالح ، من هذه الطائفة(٣) .

وفيصه : حجر بن زائدة وحمران بن أعين ، روى كش. ثمّ نقل حديث الحواريّين ، ثمّ قال :

وروي أنّ أبا عبد اللهعليه‌السلام قال : لا غفر الله له ـ إشارة إلى حجر ابن زائدة ـ إلاّ أنّ الراوي الحسين بن سعيد رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وقال جش. ثمّ نقل ما مرّ عنه(٤) .

وقالشه : في الطريق عليّ بن سليمان بن داود ، وهو مجهول الحال ، وحديث القدح فيه مرسل ، فبقي الاعتماد على توثيقجش (٥) ، انتهى.

__________________

(١) الاستيعاب : ١ / ٣٤٦ ، ولم يرد فيه ما ذكر ، بل ورد بعضه في ترجمة الحارث بن غزية : ١ / ٣٠٦.

(٢) رجال الشيخ : ١٧٩ / ٢٤٧ ، وفيه زيادة : الكوفي.

(٣) رجال النجاشي : ١٤٨ / ٣٨٤.

(٤) الخلاصة : ٥٩ / ٢.

(٥) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ٣١.

٣٣٥

والذي فيكش : عليّ بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد يرفعه ، عن عبد الله بن الوليد ، قال : قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما تقول في المفضّل؟قلت : وما عسيت أن أقول فيه بعد ما سمعت منك.

فقال :رحمه‌الله ، لكن عامر بن جذاعة وحجر بن زائدة أتياني فعاباه عندي ، فسألتهما الكفّ عنه فلم يفعلا ، ثمّ سألتهما أن يكفّى عنه وأخبرتهما بسروري بذلك فلم يفعلا ، فلا غفر الله لهما(١) .

وفيست : له كتاب ، ابن أبي جيد ، عن محمّد بن الحسن ، عن الحسن بن متيل ومحمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين ، عنه.

ورواه الحسين بن أبي الخطّاب(٢) ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن مسكان ، عنه(٣) .

وفيتعق : في الروضة في الصحيح عن ابن أبي عمير ، عن حسين بن أحمد المنقري ، عن يونس بن ظبيان ، قال : قلت للصادقعليه‌السلام : ألا تنهى هذين الرجلين عن هذا الرجل؟ فقال : من هذا الرجل ومن هذين الرجلين؟قلت : ألا تنهى حجر بن زائدة وعامر بن جذاعة عن المفضّل بن عمر؟ قال :

يا يونس ، قد سألتهما أن يكفّى عنه فلم يفعلا ، فلا غفر الله لهما إلى أن قال : لو أحبّاني لأحبّا من أحبّ(٤) . ورواه في الكافي في كتاب‌

__________________

(١) رجال الكشّي : ٤٠٧ / ٧٦٤.

(٢) في المصدر : محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب.

(٣) الفهرست : ٦٣ / ٢٥١.

(٤) الكافي ٨ : ٣٧٣ / ٥٦١.

٣٣٦

الحجّة(١) .

وفي متن الروايتين شي‌ء ربما لا يقبله العقل ، مضافا إلى ما في السند. وسيجي‌ء في المفضّل ما يزيد التحقيق ، فتأمّل(٢) .

أقول : فيمشكا : ابن زائدة الثقة ، عنه ابن مسكان ، وجعفر بن بشير.

وهو عن الباقر والصادقعليهما‌السلام (٣) .

٦٧٥ ـ حجر بن عدي الكندي :

الكوفي ، ن(٤) . وفي ي بدل الكوفي : وكان من الأبدال(٥) .

وزادصه على ي : بضمّ الحاء ، وبعد ابن عدي : من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٦) .

وفي القاموس : رجل بدل ـ بالكسر ويحرّك ـ : شريف كريم ، الجمع أبدال(٧) .

وفيكش : قال الفضل بن شاذان : ومن التابعين الكبار ورؤسائهم وزهادهم جندب بن زهير قاتل الساحر ، وعبد الله بن بديل ، وحجر بن عدي(٨) .

وفيه أيضا في ترجمة عمرو بن الحمق فيما كتب الحسينعليه‌السلام في جواب معاوية : ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة والمصلّين‌

__________________

(١) لم نجده فيه.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩٢.

(٣) هداية المحدّثين : ٣٦.

(٤) رجال الشيخ : ٦٧ / ٤ ، ولم يرد فيه : الكندي الكوفي.

(٥) رجال الشيخ : ٣٨ / ٦.

(٦) الخلاصة : ٥٩ / ١.

(٧) القاموس المحيط : ٣ / ٣٣٣.

(٨) رجال الكشّي : ٦٩ / ١٢٤.

٣٣٧

العابدين الّذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع ولا يخافون في الله لومة لائم؟! ثم قتلتهم ظلما وعدوانا ، وبعد ما أعطيتهم الأيمان المغلّظة والمواثيق المؤكّدة(١) .

أقول : فيطس : مشكور ،رحمه‌الله (٢) .

وفي الوجيزة : من الشهداء السعداء(٣) .

وذكره في الحاوي في القسم الثاني(٤) .

وفيمشكا : يعرف ابن عدي بروايته عن عليّعليه‌السلام (٥) ، انتهى.

قلت : وعن الحسن وعن الحسين(٦) عليهما‌السلام .

٦٧٦ ـ حديد بن حكيم :

أبو علي الأزدي المدائني ، ثقة ، وجه ، متكلم ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسنعليهما‌السلام ،صه (٧) .

وزادجش : له كتاب يرويه محمّد بن خالد(٨) .

وفيست : حديد والد علي بن حديد ، له كتاب ، أخبرنا به عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن‌

__________________

(١) رجال الكشّي : ٤٩ / ٩٩.

(٢) التحرير الطاووسي : ١٥٨ / ١١٩.

(٣) الوجيزة : ١٨٣ / ٤٤١.

(٤) حاوي الأقوال : ١٨٢ / ٩١٥.

(٥) هداية المحدّثين : ٣٦.

(٦) في نسخة « م » : وعن الحسن والحسين.

(٧) الخلاصة : ٦٤ / ٩.

(٨) رجال النجاشي : ١٤٨ / ٣٨٥.

٣٣٨

أبيه ، عنه(١) .

وفيق : أسند عنه(٢) .

وفيتعق : في أخيه مرازم ما له ربط(٣) .

٦٧٧ ـ حذيفة بن أسد :

الغفاري ،ن (٤) ،ل (٥) ،د (٦) ، إلاّ أنّ فيهما(٧) : أسيد.

وزادد : ابن شريحة(٨) ، ول : أبو شريحة(٩) صاحب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو ابن أميّة ، انتهى.

وعن ابن إدريس : آمنة(١٠) .

ومرّ في أويس أنّه من حواريّ الحسنعليه‌السلام (١١) .

وفيقب : ابن أسيد ـ بفتح الهمزة ـ الغفاري ، أبو سريحة ـ بمهملتين مفتوح الأوّل ـ صحابي ، من أصحاب الشجرة ، مات سنة اثنين وأربعين(١٢) .

قلت : في الوجيزة : ممدوح(١٣) . ولم يذكره في الحاوي.

__________________

(١) الفهرست : ٦٣ / ٢٥٢.

(٢) رجال الشيخ : ١٨١ / ٢٧٦.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩٢ ، منهج المقال : ٣٣١.

(٤) رجال الشيخ : ٦٧ / ٢.

(٥) رجال الشيخ : ١٦ / ٦.

(٦) رجال ابن داود : ٧٠ / ٣٨٨ ، وفي المصادر الثلاثة ورد : أسيد.

(٧) في نسخة « ش » : فيها.

(٨) في رجال ابن داود : أبو سريحة وفي نسخة : أبو سرعة.

(٩) في المصدر : أبو سرعة. وأبو : لم ترد في نسخة « ش ».

(١٠) مجمع الرجال : ٢ / ٨٧ ، هامش رقم : ٣.

(١١) رجال الكشّي : ٩ / ٢٠.

(١٢) تقريب التهذيب ١٥٦٩١ / ١٨١.

(١٣) الوجيزة : ١٨٤ / ٤٤٣.

٣٣٩

٦٧٨ ـ حذيفة بن شعيب :

السبيعي ، الهمداني ، كوفي ، نعرف حديثه وننكره ، وأكثر تخليطه فيما يرويه عن جابر ، وأمره مظلم ،صه (١) .

وفيتعق : في النقد : وكذا في الباب الثاني من د(٢) . ولم أجد في كتب الرجال حتّى في ح(٣) إلاّ حميدا ، وكأنّه اشتبه على العلاّمةقدس‌سره ، وأخذ عنه د ، حيث لم يسمّ المأخذ كما هو دأبه ، وذكر في الباب الأوّل بعنوان حميد(٤) ، انتهى(٥) . وسيجي‌ء في ذلك العنوان(٦) .

أقول : ممّا يؤيّد كونه اشتباها بحميد عدم ذكرصه حميدا مع ذكره فيجش (٧) وست(٨) وجخ (٩) ، لكن لم أقف على مأخذ للأوصاف المذكورة ، فتتبّع(١٠) . ولذا لم يذكره في الوجيزة(١١) .

وفيمشكا : ابن شعيب ، عن جابر(١٢) .

٦٧٩ ـ حذيفة بن منصور الخزاعي :

مولاهم ، كوفي ،ق (١٣) .

__________________

(١) الخلاصة : ٢١٩ / ٦ ، وفيه : السبعي الهمداني كوفي ، يعرف حديثه وينكر.

(٢) رجال ابن داود : ٢٣٦ / ١١٠.

(٣) أي : حرف الحاء.

(٤) رجال ابن داود : ٨٦ / ٥٣٧.

(٥) نقد الرجال : ١٢١ / ١٠.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩٢.

(٧) رجال النجاشي : ١٣٣ / ٣٤١.

(٨) الفهرست : ٦٠ / ٢٣٩.

(٩) رجال الشيخ : ١٨٠ / ٢٥١.

(١٠) نقل هذه الأوصاف في مجمع الرجال : ٢ / ٢٤٥ نقلا عن ابن الغضائري.

(١١) في الوجيزة : ٢٠٣ / ٦٣٧ : حميد بن شعيب السبيعي : ضعيف.

(١٢) هداية المحدّثين : ٣٧.

(١٣) رجال الشيخ : ١٧٩ / ٢٣٩.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

ذلك فيما يرويه المؤرخون أن معاوية أراد عزله عن الكوفة فبلغه ذلك ، فرأى أن يسافر الى دمشق ويبادر بتقديم استقالته عن منصبه حتى لا تكون عليه حزازة ، وليرى الناس أنه كاره للإمارة والحكم ، ولما وصل الى دمشق عنّ له أن يلتقي بيزيد قبل التقائه بمعاوية فيحبذ له الخلافة من بعد أبيه ليتخذ من اغرائه وسيلة الى اقراره فى الحكم ، كما أدلى بذلك لأصحابه ولما التقى بيزيد قال له :

« إنه قد ذهب أعيان أصحاب محمد (ص) وكبراء قريش وذوو أسنانهم ، وإنما بقي أبناؤهم وأنت من أفضلهم ، وأحسنهم رأيا ، وأعلمهم بالسنة والسياسة ، ولا أدري ما يمنع أمير المؤمنين أن يعقد لك البيعة؟. »

ولما سمع ذلك يزيد الطائش المغرور طار لبه فرحا وسرورا فانبرى إليه قائلا :

« أو ترى ذلك يتم؟ »

« نعم ».

ومضى يزيد مستعجلا الى أبيه فأخبره بمقالة المغيرة ، فارتاح معاوية بذلك وبعث بالوقت خلفه فعرض عليه مقالته ليزيد فأجابه بصدور ذلك منه ثم انبرى إليه يحفزه على تحقيق هذه الفكرة قائلا له مقال المنافق الذي لا يعرف الخير ولا يفكر به :

« يا أمير المؤمنين ، قد رأيت ما كان من سفك الدماء والاختلاف بعد عثمان. وفي يزيد منك خلف فاعقد له ، فان حدث بك حدث كان كهفا للناس وخلفا منك ، ولا تسفك دماء ، ولا تكون فتنة!! »

وأصابت هذه الكلمات الهدف المقصود لمعاوية فقال له مخادعا ومستشيرا :

« ومن لي بهذا؟ »

٤٢١

« أكفيك أهل الكوفة ، ويكفيك زياد أهل البصرة ، وليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك. »

فاستحسن معاوية رأيه ، وأجازه على ذلك فأقره فى عمله ، ثم أمره بالخروج الى الكوفة ليعمل على تحقيق ذلك ، ولما انصرف عنه اجتمع بقومه فبادروه بالسؤال عن مصيره فأجابهم بما جلبه من البلاء والفتن لعموم المسلمين من أجل غايته قائلا :

« لقد وضعت رجل معاوية فى غرز بعيد الغاية على أمة محمد (ص) وفتقت عليهم فتقا لا يرتق أبدا » وتمثل :

بمثلي شاهد النجوى وغالى

بي الأعداء والخصم الغضابا

وسار المغيرة حتى انتهى الى الكوفة ، ففاوض بمهمته جماعة ممن عرفهم بالولاء والإخلاص للبيت الأموي فأجابوه الى ما أراد فأوفد منهم عشرة الى معاوية بعد أن أرشاهم بثلاثين ألف درهم ، وجعل عليهم عميدا ولده موسى ، فلما انتهوا الى معاوية حبذوا له الأمر ودعوه الى انجازه فشكرهم معاوية ، وأوصاهم بكتمان الأمر ، ثم التفت الى ابن المغيرة فساره قائلا :

« بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم؟ »

ـ بثلاثين ألف درهم.

فضحك معاوية وقال :

« لقد هان عليهم دينهم »(1) .

لقد توصل معاوية الى تحقيق ذلك بشراء الأديان والضمائر والى الاعتماد

__________________

(1) تأريخ الطبري 6 / 169 ، الكامل لابن الأثير 3 / 214 ، وكان قدوم المغيرة على معاوية في سنة 45 ، ففي هذه السنة عمل معاوية مقدمات البيعة لولده.

٤٢٢

على الوسائل التي لم يألفها المسلمون ، ولم يقرها الدين.

وفود الأمصار :

ووجه معاوية دعوة رسمية الى جميع الشخصيات الرفيعة فى العالم الإسلامى يدعوهم الى الحضور في دمشق ليفاوضهم في أمر البيعة ليزيد ، فلما حضروا عنده دعا الضحاك بن قيس الفهري سرّا وقال له :

« إذا جلست على المنبر ، وفرغت من بعض موعظتي وكلامى ، فاستاذني للقيام ، فاذا أذنت لك فاحمد الله تعالى ، واذكر يزيد وقل فيه الذي يحق له عليك ، من حسن الثناء عليه ، ثم ادعني الى توليته من بعدي فاني قد رأيت وأجمعت على توليته ، فاسأل الله في ذلك ، وفى غيره الخيرة وحسن القضاء ».

ثم دعا فريقا آخر من الأذناب والعملاء الذين هان عليهم دينهم فباعوه بأبخس الأثمان ، فأمرهم بتصديق مقالة الضحاك وتأييد فكرته ، وهم : عبد الرحمن بن عثمان الثقفي ، وعبد الله بن مسعدة الفزاري ، وثور بن معن السلمي ، وعبد الله بن عصام الأشعري ، فاستجابوا لدعوته ، ونزى معاوية على المنبر فحدث الناس بما شاء أن يتحدث به ، وبعد الفراغ من حديثه انبرى إليه الضحاك فاستأذنه بالكلام فأذن له ، فقال بعد حمد الله والثناء عليه : « أصلح الله أمير المؤمنين ، وأمتع به ، إنا قد بلونا الجماعة والألفة والاختلاف ، والفرقة ، فوجدناها ألمّ لشعثنا ، وأمنة لسبلنا ، وحاقنة لدمائنا وعائدة علينا فى عاجل ما نرجو ، وآجل ما نؤمل ، مع ما ترجو به الجماعة من الألفة ، ولا خير لنا أن نترك سدى ، والأيام عوج رواجع والله يقول : « كل يوم هو في شأن » ، ولسنا ندري ما يختلف به العصران ، وأنت

٤٢٣

يا أمير المؤمنين ميت كما مات من كان قبلك من أنبياء الله وخلفائه ، نسأل الله بك المتاع ، وقد رأينا من دعة يزيد بن أمير المؤمنين ، وحسن مذهبه وقصد سيرته ، ويمن نقيبته ، مع ما قسم الله له من المحبة في المسلمين ، والشبه بأمير المؤمنين ، في عقله ، وسياسته وشيمته المرضية ، ما دعانا الى الرضا به في امورنا ، والقنوع به في الولاية علينا ، فليوله أمير المؤمنين ـ أكرمه الله ـ عهده ، وليجعله لنا ملجأ ومفزعا بعده ، نأوي إليه إن كان كون ، فانه ليس أحد أحق بها منه ، فاعزم على ذلك عزم الله لك في رشدك ، ووفقك في امورنا ».

ودل هذا الكلام على أن صاحبه رجل سوء ونفاق ، فقد عمد الى سحق جميع القيم الإنسانية في سبيل أطماعه ومنافعه.

ولما فرغ الضحاك من مقالته انبرى من بعده زملاؤه فأيدوا مقالته ، وأخذوا ينسبون ليزيد فضائل المحسنين ، ويضفون عليه مواهب العبقريين ، ويطلقون عليه الألقاب الضخمة ، والنعوت الشريفة التي اتصف بعكسها ، وأخذوا يموهون على المجتمع أنهم إنما تكلموا من صالحه واسعاده ، وهم ـ يعلم الله ـ إنما أرادوا هلاكه وتحطيمه ، والقضاء على نواميسه ومقدساته وبعد ما انتهى حديث هؤلاء التفت معاوية الى الوفد العراقي ليسمع رأيه وكان شخصية الوفد الأحنف بن قيس حليم العرب وسيد تميم فطلب منه معاوية الرأي فى الأمر ، فقام الأحنف خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم التفت الى معاوية قائلا :

« أصلح الله أمير المؤمنين ، ان الناس قد أمسوا فى منكر زمان قد سلف ، ومعروف زمان مؤتنف ، ويزيد بن أمير المؤمنين ، نعم الخلف وقد حلبت الدهر أشطره يا أمير المؤمنين فاعرف من تسند إليه الأمر من

٤٢٤

بعدك ، ثم اعص أمر من يأمرك ، لا يغررك من يشير عليك ، ولا ينظر لك وأنت أنظر للجماعة ، وأعلم باستقامة الطاعة ، مع أن أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا ، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيا » :

لقد منح الأحنف النصيحة الى معاوية وأرشده الى الحق فأشار عليه بعدم سماع أقوال المرتزقين الذين ينظرون الى صالح أنفسهم أكثر مما ينظرون لصالحه ، وبيّن له أن العراقيين والحجازيين لا يرضون بهذه البيعة ما دام حفيد الرسول وسبطه الأول حيا ، وقد اثارت هذه الكلمات غضب النفعيين والمرتشين الذين تذرع معاوية بهم الى تحقيق هدفه فقام إليه الضحاك بن قيس فندد بمقالته وشتم العراقيين وهذا نص كلامه :

« أصلح الله أمير المؤمنين ، إن أهل النفاق من أهل العراق مروءتهم في أنفسهم الشقاق ، والفتهم في دينهم الفراق ، يرون الحق على أهوائهم كأنما ينظرون بأقفائهم ، اختالوا جهلا وبطرا ، لا يرقبون من الله راقبة ، ولا يخافون وبال عاقبة ، اتخذوا ابليس لهم ربا ، واتخذهم ابليس حزبا ، فمن يقاربوه لا يسروه ، ومن يفارقوه لا يضروه ، فادفع رأيهم يا أمير المؤمنين فى نحورهم ، وكلامهم في صدورهم ، ما للحسن وذوي الحسن في سلطان الله الذي استخلف به معاوية في أرضه؟ هيهات لا تورث الخلافة عن كلالة ، ولا يحجب غير الذكر العصبة ، فوطنوا أنفسكم يا أهل العراق على المناصحة لإمامكم ، وكاتب نبيكم وصهره ، يسلم لكم العاجل ، وتربحوا من الآجل ».

ولم نحسب أن العراق قد ذم بمثل هذا الذم الفظيع ، أو وصم بمثل هذه الامور ، ولكن العراقيين هم الذين جروا لأنفسهم هذا البلاء وتركوا هذا الوغد وأمثاله يحط من كرامتهم ، ويتطاول عليهم.

٤٢٥

وعلى أي حال ، فان الأحنف لم يذعن لمعاوية ولم يعتن بمقالة الضحاك فقد انبرى يهدد معاوية باعلان الحرب إن أصرّ على تنفيذ فكرته قائلا :

« يا أمير المؤمنين ، إنا قد فررنا(1) عنك قريشا فوجدناك أكرمها زندا ، وأشدها عقدا ، وأوفاها عهدا ، قد علمت أنك لم تفتح العراق عنوة ، ولم تظهر عليها قعصا ، ولكنك أعطيت الحسن بن علي من عهود الله ما قد علمت ليكون له الأمر من بعدك ، فان تف فأنت أهل الوفاء وإن تغدر تعلم ، والله إن وراء الحسن خيولا جيادا ، وأذرعا شدادا ، وسيوفا حدادا ، إن تدن له شبرا من غدر ، تجد وراءه باعا من نصر ، وإنك تعلم أن أهل العراق ما أحبوك منذ أبغضوك ، ولا أبغضوا عليا وحسنا منذ أحبوهما ، وما نزل عليهم فى ذلك غير من السماء ، وإن السيوف التي شهروها عليك مع علي يوم صفين لعلى عواتقهم ، والقلوب التي أبغضوك بها لبين جوانحهم ، وأيم الله إن الحسن لأحب لأهل العراق من علي ».

لقد بالغ الأحنف فى نصح معاوية ، وذكر له تمسك العراقيين بولاء أهل البيت (ع) وان اخلاصهم للإمام الحسن أكثر من أبيه ، وهم على استعداد الى مناجزته إن نفذ بيعة يزيد ، وانطلق عبد الرحمن بن عثمان فندد بمقالة الأحنف ، وحرض معاوية على تنجيز مهمته قائلا له :

« أصلح الله أمير المؤمنين ، ان رأي الناس مختلف ، وكثير منهم منحرف ، لا يدعون أحدا الى رشاد ، ولا يجيبون داعيا الى سداد ، مجانبون لرأي الخلفاء ، مخالفون لهم في السنة والقضاء ، وقد وقفت ليزيد فى أحسن القضية وأرضاها لحمل الرعية ، فاذا خار الله لك فاعزم ثم اقطع قالة الكلام فان يزيد أعظمنا حلما وعلما ، وأوسعنا كنفا ، وخيرنا سلفا ، قد

__________________

(1) فررنا : أي بحثنا وفتشنا.

٤٢٦

أحكمته التجارب ، وقصدت به سبل المذاهب فلا يصرفنك عن بيعته صارف ، ولا يقفن بك دونها واقف ، ممن هو شاسع عاص ينوص للفتنة كل مناص لسانه ملتو ، وفي صدره داء دوّى ، إن قال فشر قائل ، وإن سكت فذو دغائل ، قد عرفت من هم أولئك وما هم عليه لك من المجانبة للتوفيق والكلف للتفريق فاجعل ببيعته عنا الغمة ، واجمع به شمل الأمّة ، فلا تحد عنه إذا هديت له ، ولا تنش عنه إذا وقفت له ، فان ذلك الرأي لنا ولك ، والحق علينا وعليك ، اسأل الله العون وحسن العاقبة لنا ولك ».

وصورت لنا هذه الكلمات ضميرا قلقا ، ونفسا أثيمة ، قد اعتنقت الشر ، وابتعدت عن الخير ، وانبرى معاوية يهدد من لا يوافقه على رغبته ليفرض على المجتمع الخضوع لفكرته ، والرضا ببيعة يزيد قائلا :

« أيها الناس : إن لإبليس إخوانا وخلاّنا ، بهم يستعد ، وإياهم يستعين ، وعلى ألسنتهم ينطق ، إن رجوا طمعا أو جفوا ، وإن استغنى عنهم أرجفوا ، ثم يلحقون الفتن بالفجور ، ويشققون لها حطب النفاق ، عيابون مرتابون ، إن ولوا عروة أمر حنقوا ، وإن دعوا الى غي أسرفوا وليسوا أولئك بمنتهين ، ولا بمقلعين ، ولا متعظين ، حتى تصيبهم صواعق خزي وبيل ، وتحل بهم قوارع أمر جليل ، تجتث اصولهم كاجتثاث اصول الفقع(1) فأولى لأولئك ثم أولى ، فانا قد قدما وأنذرنا إن أغنى التقدم شيئا أو نفع النذر ».

بمثل هذا الإرهاب الفظيع الذي لم يعهد له نظير تذرع معاوية الى تحقيق فكرته ، ثم استدعى الضحاك بن قيس فولاه الكوفة جزاء لكلامه

__________________

(1) الفقع : بالفتح والكسر ، البيضاء الرخوة من الكماة.

٤٢٧

بعد هلاك المغيرة ، واستدعى عبد الرحمن فولاه الجزيرة ، وقام يزيد بن المقفع رافعا عقيرته قائلا :

« أمير المؤمنين هذا ـ وأشار الى معاوية ـ ».

ثم قال : « فإن هلك ، فهذا ـ وأشار الى يزيد ـ ».

ثم قال : « فمن أبى ، فهذا ـ وأشار الى السيف ـ!!! »

فاستحسن معاوية كلامه وقال له :

« اجلس ، فأنت سيد الخطباء وأكرمهم!! »

بهذا اللون من الإرهاب فرض معاوية ابنه الفاسق الفاجر خليفة على المسلمين ، فلولا السيف لما وجد الى ذلك سبيلا. ولما رأى الأحنف بن قيس تصميم معاوية على فكرته وعدم تنازله عنها انبرى إليه قائلا :

« يا أمير المؤمنين : أنت أعلمنا بليله ونهاره ، وبسره وعلانيته ، فان كنت تعلم أنه خير لك فوله واستخلفه ، وإن كنت تعلم أنه شر لك ، فلا تزوده الدنيا وأنت صائر الى الآخرة ، فانه ليس لك من الآخرة إلا ما طاب ، واعلم أنه لا حجة لك عند الله إن قدمت يزيد على الحسن والحسين وأنت تعلم من هما ، وإلى ما هما ، وإنما علينا أن نقول : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير »(1) .

ولم يعتن معاوية بمقالة الأحنف ونصحه ، ولم يفكر في مصير المسلمين إذا استخلف عليهم ولده قرين الفهود والمدمن على الخمور ، وأخذ معاوية ولده يزيد فأجلسه فى قبة حمراء وبايعه بولاية العهد وأمر الناس بمبايعته ، وأقبل بعض العملاء فسلم عليهما ثم أقبل على معاوية فقال له :

« يا أمير المؤمنين : اعلم انك لو لم تول هذا ـ وأشار الى يزيد ـ

__________________

(1) الامامة والسياسة 1 / 174 ـ 180.

٤٢٨

أمور المسلمين لاضعتها ».

فالتفت معاوية الى الأحنف :

« ما بالك لا تقول يا أبا بحر؟ »

ـ أخاف الله إذا كذبت ، وأخافكم إذا صدقت.

ـ جزاك الله على الطاعة خيرا.

وخرج الأحنف فلقيه ذلك الرجل بعد أن أجزل له معاوية بالعطاء فقال للأحنف معتذرا من مقالته :

« يا أبا بحر : إني لأعلم ان شر من خلق الله هذا وابنه ـ يعنى معاوية ويزيد ـ ولكنهم استوثقوا من هذه الأموال بالأبواب والأقفال ، فليس يطمع في استخراجها إلا بما سمعت »(1) .

لقد أحدث معاوية بهذه البيعة المشومة صدعا في الإسلام ، وقد صور لنا الشاعر الموهوب عبد الله بن هشام السلولي بمقطوعته الرائعة جزعه وجزع خيار المسلمين من خلافة يزيد بقوله :

فان تأتوا برملة أو بهند

نبايعها أميرة مؤمنينا

إذا ما مات كسرى قام كسرى

نعد ثلاثة متناسقينا

فيا لهفا لو أن لنا ألوفا

ولكن لا نعود كما عنينا

إذا لضربتموا حتى تعودوا

بمكة تلعقون بها السخينا

خشينا الغيظ حتى لو شربنا

دماء بني أميّة ما روينا

لقد ضاعت رعيتكم وأنتم

تصيدون الأرانب غافلينا(2)

لقد ذعر المسلمون في جميع أقطار الأرض من هذا الحادث الخطير

__________________

(1) تاريخ ابن خلكان 1 / 230 ، التمدن الإسلامى 4 / 76 ـ 77.

(2) مروج الذهب 2 / 339.

٤٢٩

لأن الخلافة عندهم ليست كسروية ولا قيصرية حتى تورث بل أمرها شورى بين المسلمين يختارون لخلافتهم من أحبوا وذلك عند الجمهور من أبناء السنة والجماعة ، وأما عند الشيعة فإنها حق شرعي لأمير المؤمنين وأولاده الطيبين كما نصّ النبي (ص) على ذلك.

ومهما يكن من شيء فإن معاوية بعد ما أخذ البيعة ليزيد من أهل دمشق رفع مذكرة الى جميع عماله يطلب فيها أخذ البيعة ليزيد من جميع المواطنين ، واستجاب جميع عماله لذلك سوى مروان بن الحكم فإنه قد ورم أنفه لصرف الأمر عنه وهو شيخ الأمويين بعد معاوية ، وتوجّه فورا بحاشيته الى دمشق ، فلما مثل عند معاوية انبرى إليه وهو مغيظ قائلا :

« أقم الامور يا ابن أبي سفيان ، واعدل عن تأميرك الصبيان ، واعلم أن لك من قومك نظراء ، وأن لك على مناوءتهم وزراء ».

فاندفع إليه معاوية يخادعه قائلا له بناعم القول :

« أنت نظير أمير المؤمنين ، وعدته في كل شديدة ، وعضده ، والثاني بعد ولي عهده. »

ثم أعطاه ولاية العهد حيلة منه ومكرا وأخرجه من عاصمته مكرما فلما وصل الى يثرب عزله عن منصبه(1) وجعل مكانه سعيد بن العاص وقيل الوليد بن عاقبة ، وكتب إليه أن يأخذ البيعة من أهل المدينة لولده إلا انه فشل أخيرا فى أداء مهمته فقد أصرت الجماهير على رفض دعوة معاوية وعدم طاعته في شأن خليفته الجديد ، خصوصا الشخصيات الرفيعة من أبناء المهاجرين والأنصار فإنهم قد شجبوا ذلك وأعلنوا سخطهم وإنكارهم على معاوية ، فإنهم كانوا يحقرون يزيد ويأنفون أن يعد في مصافهم ،

__________________

(1) مروج الذهب 2 / 330.

٤٣٠

فضلا عن أن يكون خليفة عليهم.

سفرة معاوية الاولى بشرب :

ورأى معاوية بعد امتناع المدنيين عن بيعة يزيد واجماعهم على رفضها أن ينطلق بنفسه الى المدينة ليفاوض أهل الحل والعقد ، وليشتري الذمم والضمائر بالأموال ، ويتوعد ويرهب من لم يخضع للمادة ليفوز ولده بالخلافة وسافر من أجل هذه الغاية الى يثرب وذلك سنة خمسين من الهجرة ، فلما انتهى إليها بعث فورا نحو عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن جعفر ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير. فلما حضروا عنده أمر حاجبه أن لا يسمح لأحد بالدخول عليه حتى يخرج هؤلاء النفر من عنده ثم التفت إليهم قائلا :

« الحمد لله الذي أمرنا بحمده ، ووعدنا عليه ثوابه ، نحمده كثيرا كما أنعم علينا كثيرا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد : فإني قد كبر سني ، ووهن عظمي ، وقرب أجلي ، وأوشكت أن أدعى فأجيب ، وقد رأيت أن أستخلف بعدي يزيد ، ورأيته لكم رضا ، وأنتم عبادلة قريش وخيارهم ، وأبناء خيارهم ، ولم يمنعني أن أحضر حسنا وحسينا إلا أنهما أولاد أبيهما علي ، على حسن رأيي فيهما ، وشديد محبتي لهما فردوا على أمير المؤمنين خيرا ، رحمكم الله ».

وقد احتوى كلامه على اللين والمدح والثناء ، ولكن هؤلاء الأبطال الذين هم نخبة العرب والمسلمين رأيا وإقداما ، لم يذعنوا لمعاوية وردوا عليه مقاله وعرفوه بمن هو أهل للخلافة وأول من تكلم منهم حبر الأمّة عبد الله

٤٣١

ابن عباس فقال :

« الحمد لله الذي ألهمنا أن نحمده ، واستوجب علينا الشكر على آلائه وحسن بلائه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وصلى الله على محمد وآل محمد.

أما بعد : فانك قد تكلمات فأنصتنا ، وقلت فسمعنا ، وإن الله جل ثناؤه ، وتقدست أسماؤه اختار محمدا (ص) لرسالته ، واختاره لوحيه ، وشرّفه على خلقه ، فأشرف الناس من تشرف به ، وأولاهم بالأمر أخصهم به ، وإنما على الأمّة التسليم لنبيها ، إذا اختاره الله لها ، فإنه إنما اختار محمدا (ص) بعلمه ، وهو العليم الخبير ، واستغفر الله لي ولكم ».

وتكلم من بعده عبد الله بن جعفر فقال :

« الحمد لله أهل الحمد ومنتهاه : نحمده على إلهامنا حمده ، ونرغب إليه في تأدية حقه ، وأشهد أن لا إله إلا الله واحدا صمدا ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وأن محمدا عبده ورسوله (ص).

أما بعد : فان هذه الخلافة إن أخذ فيها بالقرآن ، فأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ، وإن أخذ فيها بسنة رسول الله (ص) فأولو رسول الله (ص) ، وإن أخذ فيها بسنة الشيخين أبي بكر وعمر فأي الناس أفضل وأكمل وأحق بهذا الأمر من آل الرسول؟ وأيم الله لو ولوه بعد نبيهم لوضعوا الأمر موضعه لحقه وصدقه ، ولأطيع الرحمن وعصي الشيطان ، وما اختلف في الأمّة سيفان ، فاتق الله يا معاوية ، فانك قد صرت راعيا ، ونحن رعية ، فانظر لرعيتك ، فانك مسئول عنها غدا ، وأما ما ذكرت من ابني عمي ، وتركك أن تحضرهما ، فو الله ما أصبت الحق ، ولا يجوز لك ذلك إلا بهما ، وإنك لتعلم انهما معدن العلم

٤٣٢

والكرم ، فقل أودع واستغفر الله لي ولكم ».

وبيّن عبد الله بن جعفر استحقاق أهل البيت (ع) للخلافة على جميع الوجوه فان كان مدرك استحقاقها القرآن الكريم فأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض ، وإن كانت السنة المقدسة قال الرسول أولى بالأمر من غيرهم ، وإن كانت سنة الشيخين قال الرسول (ص) أولى بالأمر وذلك لمواهبهم وكمالهم وتقدمهم على غيرهم بالعلم والفضل ، ثم بيّن الأضرار الناجمة من ترك الأمّة لهم وعدم اتباعهم ، وانبرى من بعده عبد الله بن الزبير فقال :

« الحمد لله الذي عرفنا دينه ، وأكرمنا برسوله ، أحمده على ما أبلى وأولى ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد : فان هذه الخلافة لقريش خاصة ، تتناولها بمآثرها السنية وأفعالها المرضية ، مع شرف الآباء وكرم الأبناء ، فاتق الله يا معاوية وأنصف نفسك ، فإن هذا عبد الله بن عباس ابن عم رسول الله (ص) ، وهذا عبد الله بن جعفر ذي الجناحين ابن عم رسول الله (ص) ، وأنا عبد الله بن الزبير ابن عمة رسول الله ، وعلي خلف حسنا وحسينا وأنت تعلم من هما ، وما هما ، فاتق الله يا معاوية ، وأنت الحاكم بيننا وبين نفسك ».

وقد رشح ابن الزبير هؤلاء النفر للخلافة ، وحفزهم لمعارضة معاوية وإفساد مهمته ، وانبرى من بعده عبد الله بن عمر فقال :

« الحمد لله الذي أكرمنا بدينه ، وشرفنا بنبيه (ص).

أما بعد : فإن هذه الخلافة ليست بهرقلية ، ولا قيصرية ، ولا كسروية يتوارثها الأبناء عن الآباء ، ولو كان كذلك كنت القائم بها بعد أبي ، فو الله ما أدخلنى مع الستة من أصحاب الشورى إلا على أن الخلافة ليست

٤٣٣

شرطا مشروطا ، وإنما هي في قريش خاصة ، لمن كان لها أهلا ممن ارتضاه المسلمون لأنفسهم ممن كان أتقى وأرضى ، فإن كنت تريد الفتيان من قريش فلعمري إن يزيد من فتيانها ، واعلم انه لا يغني عنك من الله شيئا ».

لقد شجب ابن عمر بيعة يزيد ولكنه لم يلبث أن سمع وأطاع وبايع له لأن معاوية قد أرشاه بمائة ألف دينار(1) وبذلك فقد باع عليه ضميره ودينه.

ومهما يكن من شيء فان معاوية قد ثقل عليه كلام هؤلاء النفر فلقد جابهوه بعدم صلاحية ابنه للخلافة ، وانهم أولى بها منه ، وانبرى إليهم مجيبا :

« قد قلت وقلتم ، وإنه قد ذهبت الآباء وبقيت الأبناء ، فابني أحب إلي من أبنائهم ، مع ان ابني إن قاولتموه وجد مقالا ، وإنما كان هذا الأمر لبني عبد مناف لأنهم أهل رسول الله (ص) فلما مضى رسول الله ولىّ الناس أبا بكر وعمر من غير معدن الملك والخلافة ، غير أنهما سارا بسيرة جميلة ثم رجع الملك الى بني عبد مناف فلا يزال فيهم الى يوم القيامة وقد أخرجك الله يا ابن الزبير وأنت يا ابن عمر منها ، فأما ابنا عمي هذان فليسا بخارجين من الرأي إن شاء الله ».

وعلى أي حال فقد فشل معاوية فى مهمته ونزح عن يثرب وولى الى عاصمته ، وأعرض عن ذكر بيعة يزيد(2) فلقد عرف انها لا تتم ما دام الحسن حيا ، فأخذ يطيل التفكير في كيفية اغتيال الإمام حتى يتم له الأمر وقد توصل الى ما أراد ، فاغتاله بالسم كما سنبينه عند نهاية المطاف من هذا الكتاب.

__________________

(1) سنن البيهقي 8 / 159 ، تأريخ ابن كثير 8 / 137 ، فتح الباري 13 / 59.

(2) الامامة والسياسة 1 / 180 ـ 183 ، جمهرة الخطب 2 / 233 ـ 236.

٤٣٤

لقد اتخذ معاوية بعد اغتياله للإمام جميع التدابير ، واعتمد على جميع الوسائل فى ارغام المسلمين على بيعة يزيد ، وفرضه حاكما عليهم ، وقد راسل الوجوه من أبناء المهاجرين والأنصار يدعوهم الى ذلك ، وذكر المؤرخون نصوص رسائله مع أجوبتهم له ، وقد كتب الى الإمام الحسينعليه‌السلام ما نصه :

« أما بعد : فقد انتهت إلي منك امور ، لم أكن أظنك بها رغبة عنها ، وإن أحق الناس بالوفاء لمن أعطى بيعة من كان مثلك ، في خطرك وشرفك ، ومنزلتك التي أنزلك الله بها ، فلا تنازع الى قطيعتك ، واتق الله ، ولا تردن هذه الأمّة في فتنة ، وانظر لنفسك ودينك وأمّة محمد ، ولا يستخفنك الذين لا يوقنون »

وأجابه أبو الشهداء (ع) فذكر له الاحداث الجسام التي ارتكبها وعرض عليه ما مني به المسلمون من الظلم والجور فى دوره ، وقد استشهدنا ببعض فصوله للاستدلال به على شجب الإمام الحسين (ع) لموبقات معاوية وقد جاء فى آخر جوابه ما لفظه :

« وقلت فيما قلت : لا ترد هذه الأمّة في فتنة. وإني لا أعلم فتنة لها أعظم من امارتك عليها.

وقلت فيما قلت : انظر لنفسك ولدينك ، ولأمّة محمد ، وإني والله ما أعرف أفضل من جهادك ، فإن أفعل فإنه قربة الى ربي ، وإن لم أفعل فأستغفر الله لذنبي وأسأله التوفيق لما يحب ويرضى.

وقلت فيما قلت : متى تكدني أكدك ، فكدني يا معاوية فيما بدا لك فلعمري لقديما يكاد الصالحون ، وإني لأرجو أن لا تضر إلا نفسك ، ولا تمحق إلا عملك ، فكدني ما بدا لك.

٤٣٥

واتق الله يا معاوية ، واعلم أن لله كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها! واعلم أن الله ليس بناس لك ، قتلك بالظنة ، وأخذك بالتهمة وامارتك صبيا يشرب الخمر ، ويلعب بالكلاب!! ما أراك إلا وقد أوبقت نفسك ، وأهلكت دينك ، وأضعت الرعية والسلام. »(1)

ولم يجد مع ابن هند النصح ، ولا التحذير من عقوبة الله ، فقد راح يعمل بوحي من جاهليته الى ضرب الإسلام ، والى ارغام المسلمين على مبايعة يزيد المستحل لجميع ما حرم الله.

سفره الثاني الى يثرب :

ولما رأى معاوية أن خيار الصحابة ، وأبناء المهاجرين والأنصار لم يستجيبوا لدعوته ، وأصروا على رفض بيعة يزيد سافر مرة أخرى الى يثرب ، وقد أحاط نفسه بالقوى العسكرية ليرغم الجبهة المعارضة على الاستجابة له ، وفي اليوم الثاني من قدومه أرسل الى الإمام الحسين ، والى عبد الله بن عباس ، وسبق ابن عباس فأجلسه معاوية عن يساره وشاغله بالحديث حتى أقبل الحسين (ع) فأجلسه عن يمينه وسأله عن بني الحسن وعن أسنانهم فاخبره بذلك ، وخطب معاوية خطبة أشاد فيها بيزيد ، وذكر علمه بالقرآن والسنة ، وحسن سياسته ، ثم دعاهم الى بيعته والى الاستجابة لقوله.

خطبة الامام الحسين :

وقام أبي الضيم بعد خطاب معاوية فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

__________________

(1) الإمامة والسياسة 1 / 188 ـ 190.

٤٣٦

« أما بعد : يا معاوية ، فلن يؤدي القائل وإن أطنب في صفة الرسول (ص) من جميع جزءا ، وقد فهمت ما لبست به الخلف بعد رسول الله (ص) من ايجاز الصفة ، والتنكب عن استبلاغ النعت ، وهيهات هيهات يا معاوية ، فضح الصبح فحمة الدجى ، وبهرت الشمس أنوار السرج ، ولقد فضلت حتى أفرطت ، واستأثرت حتى أجحفت ، ومنعت حتى بخلت ، وجرت حتى جاوزت ، ما بذلت لذي حق من اسم حقه من نصيب ، حتى أخذ الشيطان حظه الأوفر ، ونصيبه الأكمل.

وفهمت ما ذكرته عن يزيد من اكتماله وسياسته لأمّة محمد ، تريد أن توهم الناس في يزيد ، كأنك تصف محجوبا ، أو تنعت غائبا ، أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص ، وقد دل يزيد من نفسه على موقع رأيه ، فخذ ليزيد فيما أخذ به من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش والحمام السبّق لأترابهن ، والقيان ذوات المعازف ، وضروب الملاهي تجده ناصرا.

ودع عنك ما تحاول!! فما أغناك أن تلقي الله بوزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه ، فو الله ما برحت تقدح باطلا في جور ، وحنقا في ظلم ، حنى ملأت الأسقية ، وما بينك وبين الموت إلا غمضة ، فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود ، ولات حين مناص ، ورأيتك عرضت بنا بعد هذا الأمر ، ومنعتنا عن آبائنا تراثا ، ولقد لعمر الله أورثنا الرسول (ص) ولادة ، وجئت لنا بها ما حججتم به القائم عند موت الرسول فاذعن للحجة بذلك ، ورده الإيمان الى النصف ، فركبتم الأعاليل ، وفعلتم الأفاعيل وقلتم كان ويكون حتى أتاك الأمر يا معاوية من طريق كان قصدها لغيرك فهناك فاعتبروا يا اولي الأبصار.

٤٣٧

وذكرت قيادة الرجل القوم بعهد رسول الله (ص) وتأميره له ، وقد كان ذلك ، ولعمرو بن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول وبيعته له ، وما صار لعمر الله يومئذ مبعثهم حتى أنف القوم إمرته ، وكرهوا تقديمه ، وعدوا عليه أفعاله ، فقال (ص) : لا جرم معشر المهاجرين لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري ، فكيف تحتج بالمنسوخ من فعل الرسول فى أوكد الأحكام ، وأولاها بالمجتمع عليه من الصواب؟ أم كيف صاحبت بصاحب تابعا ، وحولك من لا يؤمن في صحبته ، ولا يعتمد فى دينه وقرابته وتتخطاهم الى مسرف مفتون ، تريد أن تلبس الناس شبهة يسعد بها الباقي فى دنياه ، وتشقى بها في آخرتك ، إن هذا لهو الخسران المبين ، واستغفر الله لي ولكم. »

وذهل معاوية فنظر الى ابن عباس فقال له :

« ما هذا يا ابن عباس؟؟ »

« لعمر الله إنها لذرية الرسول ، وأحد أصحاب الكساء ، ومن البيت المطهر ، قاله عما تريد ، فإن لك في الناس مقنعا حتى يحكم الله بأمره وهو خير الحاكمين »(1) .

وانصرف الإمام (ع) وترك الأسى يحر في نفس معاوية ، واعتمد معاوية بعد ذلك على جميع وسائل العنف والإرهاب ، فقد روى المؤرخون أنه لما كان في مكة أحضر الإمام الحسين ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الرحمن ابن أبي بكر ، وابن عمر وقال لهم : إني أتقدم إليكم ، إنه قد أعذر من أنذر ، إني كنت أخطب فيكم ، فيقوم إليّ القائم منكم فيكذبني على رءوس الناس ، فأحمل ذلك وأصفح. وإني قائم بمقالة ، فأقسم بالله لئن ردّ عليّ

__________________

(1) الإمامة والسياسة 1 / 195 ـ 196.

٤٣٨

أحدكم كلمة فى مقامى هذا ، لا ترجع إليه كلمة غيرها حتى يسبقها السيف الى رأسه ، فلا يبقينّ رجل إلا على نفسه!

ودعا صاحب حرسه بحضورهم فقال له : أقم على رأس كل رجل من هؤلاء رجلين ومع كل واحد سيف ، فان ذهب رجل يردّ عليّ كلمة بتصديق أو تكذيب فليضرباه بسيفيهما؟!

وخرج وخرجت الجماعة معه فنزى على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

« إن هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم ، لا يبتز أمر دونهم ، ولا يقضى إلا عن مشورتهم ، وانهم قد رضوا وبايعوا يزيد ، فبايعوا على اسم الله »(1) .

وبهذه الوسائل الرهيبة ، والكذب السافر حمل معاوية المسلمين على بيعة يزيد وقد انتهك بذلك الحرمات ، والقى المسلمين فى الفتن والبلاء.

عائشة وبيعة يزيد :

ولم تعارض عائشة هذه البيعة المشومة ، ولم تعمل أي عمل إيجابي ضد هذه الكارثة الكبرى التي روع بها المسلمون ، وانتهكت بها حرمة الإسلام ، فقد كانت تدلي بالرأي لمعاوية في حمل المعارضين على الطاعة فقد أوصته بالرفق بهم ، واللين معهم ليستجيبوا له قائلة :

« وارفق بهم ـ أي بالمعارضين ـ فإنهم يصيرون الى ما تحب إن شاء الله!! »(2)

__________________

(1) الكامل لابن الأثير وغيره.

(2) الإمامة والسياسة.

٤٣٩

لقد وقفت عائشة هذا الموقف المؤسف من بيعة يزيد الماجن الخليع وهي من دون شك تعلم بفسقه ، وبلعبه بالفهود والقرود ، واستباحته لما حرم الله ، إن الفكر ليقف حائرا أمام موقفها هذا ، وموقفها من بيعة أمير المؤمنين (ع) الذي هو أخو النبي وأبو سبطيه ، وباب مدينة علمه ، فإنها لما أخبرت ببيعته انهارت أعصابها ، وهتفت وهي حانقة مغيظة ، وبصرها يشير الى السماء ثم ينخفض فيشير الى الأرض قائلة :

« والله ليت هذه انطبقت على هذه إن تمّ الأمر لابن أبي طالب!! »

وقفلت راجعة الى مكة تحفز الجماهير لحرب الإمام رائد العدالة الاجتماعية الكبرى في الأرض ، فقادت الجيوش لمناجزته حتى أغرقت الأرض بالدماء ، وأشاعت الثكل والحزن والحداد بين المسلمين للإطاحة بحكمه.

وعلى أي حال ، فإن موقف عائشة من بيعة يزيد ، وتأييد ابن عمر وسائر القوى النفعية لها قد أخلد للمسلمين الفتن والمصاعب وجرّ لهم الويلات والخطوب ، فقد سارت الخلافة الإسلامية تنتقل بالوراثة الى الطلقاء وأبنائهم الذين لم يألوا جاهدا في الكيد للإسلام ، وفى نشر البغي والفساد في الأرض.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500