منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٢

منتهى المقال في أحوال الرّجال12%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
ISBN: 964-5503-90-6
الصفحات: 500

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 500 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 247614 / تحميل: 4742
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٩٠-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

بأمره ، وهو خير الحاكمين(1) .

ونهض أبيّ الضيم ، وترك معاوية يتميّز مِن الغيظ ، وقد استبان له أنّه لا يتمكّن أنْ يخدع الإمام الحُسين (عليه السّلام) ويأخذ البيعة منه.

إرغامُ المعارضين :

وغادر معاوية يثرب متّجهاً إلى مكّة وهو يطيل التفكير في أمر المعارضين ، فرأى أنْ يعتمد على وسائل العنف والإرهاب ، وحينما وصل إلى مكّة أحضر الإمام الحُسين (عليه السّلام) ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الرحمن بن أبي بكر ، وعبد الله بن عمر ، وعرض عليهم مرّة أُخرى البيعة إلى يزيد فأعلنوا رفضهم له ، فانبرى إليهم مغضباً ، وقال : إنّي أتقدّم إليكم أنّه قد أُعذِرَ مَنْ أنذر. كنتُ أخطب فيكم فيقوم إليّ القائم منكم فيكذّبني على رؤوس الناس ، فأحمل ذلك وأصفح ، وإنّي قائم بمقالة فأُقسم بالله لئن ردّ عليّ أحدكم كلمة في مقامي هذا لا ترجع إليه كلمة غيرها حتّى يسبقها السّيف إلى رأسه ، فلا يسبقني رجل إلاّ على نفسه.

ودعا صاحب حرسه بحضرتهم ، فقال له : أقم على رأس كلّ رجل مِن هؤلاء رجلين ، ومع كلّ واحد سيف ، فإنْ ذهب رجل منهم يردّ عليّ كلمة بتصديق أو تكذيب فليضرباه بسيفيهما.

ثمّ خرج وخرجوا معه ، فرقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : إنّ هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم ، لا يبتزّ أمرٌ دونهم ،

__________________

(1) الإمامة والسياسة 1 / 195 ـ 196.

٢٢١

ولا يُقضى إلاّ عن مشورتهم ، وإنّهم رضوا وبايعوا ليزيد ، فبايعوا على اسم الله.

فبايعه الناس ، ثمّ ركب رواحله وغادر مكّة(1) ، وقد حسب معاوية أنّ الأمر قد تمّ لولده ، واستقر المُلْكُ في بيته ، ولمْ يعلم أنّه قد جرّ الدمار على دولته ، وأعدّ المجتمع للثورة على حكومة ولده.

موقفُ الإمام الحُسين (عليه السّلام) :

كان موقف الإمام الحُسين (عليه السّلام) مع معاوية يتّسم بالشدّة والصرامة ، فقد أخذ يدعو المسلمين بشكل سافر إلى مقاومة معاوية ، ويحذّرهم مِنْ سياسته الهدّامة ، الحاملة لشارات الدمار إلى الإسلام.

وفودُ الأقطار الإسلاميّة :

وأخذت الوفود تترى على الإمام (عليه السّلام) مِنْ جميع الأقطار الإسلاميّة وهي تعجّ بالشكوى إليه ، وتستغيث به ممّا ألمّ بها مِن الظلم والجور ، وتطلب منه القيام بإنقاذها مِن الاضطهاد.

ونقلت الاستخبارات في يثرب إلى السّلطة المحلية تجمّع الناس واختلافهم على الإمام الحُسين (عليه السّلام) ، وكان الوالي مروان ، ففزع مِنْ ذلك وخاف إلى حدٍّ بعيدٍ.

__________________

(1) الكامل 3 / 252 ، الأمالي 2 / 73 ، ذيل الأمالي / 177 ، عيون الأخبار 2 / 210 ، البيان والتبيين 1 / 300.

٢٢٢

مذكّرةُ مروان لمعاوية :

ورفع مروان مذكّرة لمعاوية سجّل فيها تخوّفه مِنْ تحرك الإمام (عليه السّلام) ، واختلاف الناس عليه ، وهذا نصها : أمّا بعد ، فقد كثُر اختلاف الناس إلى حُسين ، والله إنّي لأرى لكم منه يوماً عصيباً(1) .

جوابُ معاوية :

وأمره معاوية بعدم القيام بأيّ حركة مضادّة للإمام (عليه السّلام) ، فقد كتب إليه : اترك حُسيناً ما تركك ولمْ يُظهر لك عداوته ويبد صفحته ، وأكمن عنه كمون الثرى إنْ شاء الله ، والسّلام(2) .

لقد خاف معاوية مِنْ تطور الأحداث ، فعهد إلى مروان بعدم التعرّض له بأيّ أذى أو مكروه.

رأيُ مروان في إبعاد الإمام (عليه السّلام) :

واقترح مروان على معاوية إبعاد الإمام (عليه السّلام) عن يثرب ، وفرض الإقامة الجبرية عليه في الشام ؛ ليقطعه عن الاتصال بأهل العراق ، ولمْ يرتضِ معاوية ذلك ، فردّ عليه : أردت والله أنْ تستريح منه وتبتليني به ، فإنْ صبرت عليه صبرت على ما أكره ، وإنْ أسأت إليه قطعت رحمه(3) .

__________________

(1) و (2) أنساب الأشراف 1 / ق 1.

(3) العقد الفريد 2 / 116.

٢٢٣

رسالةُ معاوية للحُسين (عليه السّلام) :

واضطرب معاوية مِنْ تحرك الإمام (عليه السّلام) واختلاف الناس عليه ، فكتب إليه رسالة ، وقد رويت بصورتين :

1 ـ رواها البلاذري ، وهذا نصّها : أمّا بعد ، فقد أُنهيت إليّ عنك اُمورٌ إنْ كانت حقّاً فإنّي لمْ أظنّها بك ؛ رغبة عنها ، وإنْ كانت باطلة فأنت أسعد الناس بمجانبتها ، وبحظّ نفسك تبدأ ، وبعهد الله توفي ، فلا تحملني على قطيعتك والإساءة إليك ؛ فإنّك متى تنكرني أنكرك ، ومتى تكدني أكِدْكَ ، فاتّقِ الله يا حُسين في شقّ عصا الأُمّة ، وأنْ ترِدهم في فتنة(1) .

2 ـ رواها ابن كثير ، وهذا نصّها : إنّ مَنْ أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير بالوفاء ، وقد أُنبئتُ أنّ قوماً مِنْ أهل الكوفة قد دعوك إلى الشقاق ، وأهل العراق مَنْ قد جرّبت ، قد أفسدوا على أبيك وأخيك ، فاتّقِ الله واذكر الميثاق ؛ فإنّك متى تكدْني أكِدْكَ(2) .

واحتوت هذه الرسالة حسب النّص الأخير على ما يلي :

1 ـ أنّ معاوية قد طالب الإمام (عليه السّلام) بتنفيذ ما شرطه عليه في بنود الصلح أنْ لا يخرج عليه ، وقد وفّى له الإمام (عليه السّلام) بذلك ، إلاّ أنّ معاوية لمْ يفِ بشيء ممّا أبرمه على نفسه مِنْ شروط الصلح.

2 ـ أنّ معاوية كان على علمٍ بوفود أهل الكوفة التي دعت الإمام (عليه السّلام) للخروج عليه ، وقد وسمهم بأنّهم أهل الشقاق ، وأنّهم قد غدروا بعلي والحسن (عليهما السّلام) مِنْ قبل.

3 ـ التهديد السافر للإمام (عليه السّلام) بأنّه متى كاد معاوية فإنّه يكيده.

__________________

(1) أنساب الأشراف 1 / ق 1.

(2) تاريخ ابن كثير 8 / 162.

٢٢٤

جوابُ الإمام (عليه السّلام) :

ورفع الإمام (عليه السّلام) إلى معاوية مذكّرةً خطيرةً كانت جواباً لرسالته ، حمّله مسؤوليات جميع ما وقع في البلاد مِن سفك الدماء ، وفقدان الأمن ، وتعريض الأُمّة للأزمات ، وهي مِنْ أروع الوثائق الرسمية التي حفلت بذكر الأحداث التي صدرت مِنْ معاوية ، وهذا نصّها :

«أمّا بعد ، فقد بلغني كتابك تذكر فيه أنّه انتهت إليك عنّي اُمور أنت عنها راغب ، وأنا بغيرها عندك جدير ، وإنّ الحسنات لا يهدي لها ولا يُسدّد إليها إلاّ الله تعالى.

أمّا ما ذكرت أنّه رقي إليك عنّي ، فإنّه إنّما رقاه إليك الملاّقون ، المشّاؤون بالنميمة ، المفرّقون بين الجمع ، وكذب الغاوون. ما أردت لك حرباً ، ولا عليك خلافاً ، وإنّي لأخشى الله في ترك ذلك منك ، ومن الإعذار فيه إليك وإلى أوليائك القاسطين حزب الظلمة.

ألست القاتل حِجْرَ بن عدي أخا كندة وأصحابه المصلّين العابدين الذين كانوا يُنكرون الظلم ، ويستعظمون البدع ، ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر ، ولا يخافون في الله لومة لائم ، ثمّ قتلتهم ظُلماً وعدواناً مِنْ بعد ما أعطيتهم الأيمان المغلّظة والمواثيق المؤكدة ؛ جرأة على الله واستخفافاً بعهده؟!

أوَلست قاتل عمرو بن الحمق الخزاعي صاحب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، العبد الصالح الذي أبلته العبادة ، فنحل جسمه واصفرّ لونه ، فقتلته بعد ما أمنته وأعطيته ما لو فهمته العصم لنزلت مِنْ رؤوس الجبال؟!

أوَلست بمدّعي زياد بن سُميّة المولود على فراش عبيد ثقيف ، فزعمت أنّه ابن أبيك ، وقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : الولد للفراش ، وللعاهر الحَجَرَ

٢٢٥

فتركت سُنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تعمّداً ، وتبعت هواك بغير هدىً مِن الله ، ثمّ سلّطته على أهل الإسلام يقتلهم ، ويقطع أيديهم وأرجلهم ، ويسملُ أعينهم ، ويصلبهم على جذوع النّخل ، كأنّك لست مِنْ هذه الأُمّة ، وليسوا منك؟!

أوَلست قاتل الحضرمي الذي كتب فيه إليك زيادٌ أنّه على دين علي (عليه السّلام) ، فكتبت إليه أنْ اقتل كلّ مَنْ كان على دين علي. فقتلهم ومثّل بهم بأمرك ، ودينُ علي هو دين ابن عمّه (صلّى الله عليه وآله) الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه ، ولولا ذلك لكان شرفك وشرف آبائك تجشّم الرحلتين ؛ رحلة الشتاء والصيف؟!

وقلتَ فيما قلت : انظر لنفسك ودينك ولأُمّة محمّد (صلّى الله عليه وآله) ، واتّقِ شقّ عصا هذه الأُمّة وأنْ تردهم إلى فتنة. وإنّي لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأُمّة مِنْ ولايتك عليها ، ولا أعظم لنفسي ولديني ولأُمّة محمّد (صلّى الله عليه وآله) أفضل مِنْ أنْ أجاهرك ؛ فإنْ فعلتُ فإنّه قربة إلى الله ، وإنْ تركته فإنّي استغفر الله لديني ، وأسأله توفيقه لإرشاد أمري.

وقلتَ فيما قلت : إنّني إنْ أنكرتك تنكرني ، وإنْ أكِدْك تكدني. فكِدْني ما بدا لك ؛ فإنّي أرجو أنْ لا يضرّني كيدك ، وأنْ لا يكون على أحدٍ أضر منه على نفسك ؛ لأنّك قد ركبت جهلك ، وتحرّصت على نقض عهدك.

ولعمري ما وفيتَ بشرطٍ ، ولقد نقضت عهدك بقتل هؤلاء النّفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان ، والعهود والمواثيق ، فقتلتهم مِنْ غير أنْ يكونوا قاتَلوا وقُتِلوا ، ولمْ تفعل ذلك بهم إلاّ لذكرهم فضلنا ، وتعظيمهم حقّنا ؛ مخافة أمر لعلّك لو لمْ تقتلهم متّ قبل أنْ يفعلوا ، أو ماتوا قبل أنْ يدركوا.

٢٢٦

فأبشر يا معاوية بالقصاص ، واستيقن بالحساب ، واعلم أنّ لله تعالى كتاباً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها. وليس الله بناسٍ لأخذك بالظنّة ، وقتلك أولياءَه على التّهم ، ونفيك إيّاهم مِنْ دورهم إلى دار الغربة ، وأخذك الناس ببيعة ابنك الغلام الحدث ، يشرب الشراب ويلعب بالكلاب ، ما أراك إلاّ قد خسرت نفسك ، وتبرتَ دينك(1) ، وغششت رعيتك ، وسمعت مقالة السّفيه الجاهل ، وأخفت الورع التّقي ، والسّلام»(2) .

لا أكاد أعرف وثيقةً سياسةً في ذلك العهد عرضت لعبث السلطة ، وسجّلت الجرائم التي ارتكبها معاوية ، والدماء التي سفكها ، والنفوس التي أرعبها غير هذه الوثيقة ، وهي صرخة في وجه الظلم والاستبداد.

واللهِ كم هي هذه الكلمة رقيقة شاعرة «كأنّك لست مِنْ هذه الأُمّة وليسوا مِنك». هذه الكلمة المشبعة بالشعور القومي الشريف ، وقديماً قال الصابي : إنّ الرجل مِنْ قومٍ ليست له أعصاب تقسو عليهم. وهو اتّهام مِن الحُسين لمعاوية في وطنيته وقوميته ، واتّخذ مِن الدماء الغزيرة المسفوكة عنواناً على ذلك(3) .

لقد حفلت هذه المذكّرة بالأحداث الخطيرة التي اقترفها معاوية وعمّاله ، خصوصاً زياد بن سُميّة الذي نشر الإرهاب والظلم بين الناس ؛ فقتل على الظنّة والتّهمة ، وأعدم كلّ مَنْ كان على دين الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) الذي هو دين ابن عمّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وقد أسرف هذا الطاغية في سفك الدماء بغير حقّ.

ومِن الطبيعي أنّه لمْ يقترف ذلك إلاّ بإيعاز مِنْ معاوية ، فهو الذي عهد إليه بذلك.

__________________

(1) تبرت : أهلكت دينك.

(2) الإمامة والسياسة 1 / 284 ، رجال الكشّي / 32 ، الدرجات الرفيعة / 334.

(3) الإمام الحُسين (عليه السّلام) / 338.

٢٢٧

صدى الرسالة :

ولمّا انتهت رسالة الإمام (عليه السّلام) إلى معاوية ضاق بها ذرعاً ، وراح يراوغ على عادته ، ويقول : إنّ أثرنا بأبي عبد الله إلاّ أسداً(1) .

المؤتمرُ السياسي العام :

وعقد الإمام (عليه السّلام) في مكة مؤتمراً سياسياً عامّاً ، دعا فيه جمهوراً غفيراً ممّن شهد موسم الحجّ ؛ مِن المهاجرين والأنصار ، والتابعين وغيرهم مِن سائر المسلمين ، فانبرى (عليه السّلام) خطيباً فيهم ، وتحدّث ببليغ بيانه بما ألمّ بعترة النّبي (صلّى الله عليه وآله) وشيعتهم مِن المحن والخطوب التي صبّها عليهم معاوية ، وما اتّخذه مِن الإجراءات المشدّدة مِنْ إخفاء فضائلهم ، وستر ما أُثِرَ عن الرسول الأعظم في حقّهم ، وألزم حضّار مؤتمره بإذاعة ذلك بين المسلمين ، وفيما يلي نصّ حديثه ، فيما رواه سليم بن قيس :

قال : ولمّا كان قبل موت معاوية بسنة حجّ الحُسين بن علي ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن جعفر ، فجمع الحُسين بني هاشم ونساءهم ومواليهم ، ومَنْ حجّ مِن الأنصار ممّن يعرفهم الحُسين وأهل بيته ، ثمّ أرسل رسلاً ، وقال لهم : «لا تدَعوا أحداً حجّ العام مِنْ أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، المعروفين بالصلاح والنُّسك إلاّ اجمعوهم لي». فاجتمع إليه بمِنى أكثر مِنْ سبعمئة رجل وهم في سرادق ، عامّتهم مِن التابعين ، ونحو مِنْ مئتي رجل مِنْ أصحاب النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، فقام فيهم خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «أمّا بعد ، فإنّ هذا الطاغية ـ يعني معاوية ـ قد فعل بنا وبشيعتنا

__________________

(1) سير أعلام النبلاء 3 / 198.

٢٢٨

ما قد رأيتم ، وعلمتم وشهدتم ، وإنّي أُريد أنْ أسألكم عن شيء ؛ فإنْ صدقت فصدّقوني ، وإنْ كذبت فكذّبوني. اسمعوا مقالتي واكتبوا قولي ، ثمّ ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم ، فمَنْ أمنتم مِن الناس ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون مِنْ حقّنا ؛ فإنّي أتخوف أنْ يُدرسَ هذا الأمر ويُغلب ، والله مُتِمّ نوره ولو كرِه الكافرون».

وما ترك شيئاً ممّا أنزله الله فيهم مِن القران إلاّ تلاه وفسّره ، ولا شيئاً ممّا قاله رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في أبيه وأخيه وفي نفسه وأهل بيته (عليهم السّلام) إلاّ رواه ، وكلّ ذلك يقول أصحابه : اللهمّ نعم ، قد سمعنا وشهدنا. ويقول التابعي : اللهمّ قد حدّثني به مَنْ أُصدّقه وأئتمنه مِن الصحابة. فقال (عليه السّلام) : «أنشدُكم اللهَ إلاّ حدّثتم به مَنْ تثقون به وبدينه»(1) .

وكان هذا المؤتمر أوّل مؤتمر إسلامي عرفه المسلمون في ذلك الوقت ، وقد شجب فيه الإمام (عليه السّلام) سياسة معاوية ، ودعا المسلمين لإشاعة فضائل أهل البيت (عليهم السّلام) ، وإذاعة مآثرهم التي حاولت السّلطة حجبها عن المسلمين.

رسالةُ جعدة للإمام (عليه السّلام) :

وكان جعدة بن هبيرة بن أبي وهب مِنْ أخلص الناس للإمام الحُسين (عليه السّلام) ، وأكثرهم مودّة له ، وقد اجتمعت عنده الشيعة وأخذوا يلحّون عليه في مراسلة الإمام للقدوم إلى مصرهم ؛ ليعلن الثورة على حكومة معاوية.

ورفع جعدة رسالةً للإمام (عليه السّلام) ، وهذا نصها : أمّا بعد ، فإنّ مِنْ قِبَلِنا مِنْ شيعتك متطلّعة أنفسهم إليك ، لا يعدلون بك أحداً ، وقد كانوا عرفوا رأي الحسن أخيك في الحرب ، وعرفوك باللين

__________________

(1) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) 2 / 216 ـ 217.

٢٢٩

لأوليائك ، والغلظة على أعدائك ، والشدّة في أمر الله ، فإنْ كنت تحبّ أنْ تطلب هذا الأمر فاقدم علينا ؛ فقد وطنّا أنفسنا على الموت معك.

جوابُ الإمام (عليه السّلام) :

ولم يكن مِنْ رأي الإمام الحُسين (عليه السّلام) الخروج على معاوية ؛ وذلك لعلمه بفشل الثورة وعدم نجاحها ؛ فإنّ معاوية بما يملك مِنْ وسائل دبلوماسية وعسكرية لا بدّ أنْ يقضي عليها ، ويخرجها مِنْ إطارها الإسلامي إلى حركة غير شرعية ، ويوسم القائمين بها بالتمرّد والخروج على النظام ، وقد أجابهم (عليه السّلام) بعد البسملة والثناء على الله بما يلي :

«أمّا أخي فإنّي أرجو أنْ يكون الله قد وفّقه وسدّده ، وأمّا أنا فليس رأيي اليوم ذلك ، فالصقوا رحمكم الله بالأرض ، واكمنوا في البيوت ، واحترسوا مِن الظنّة ما دام معاوية حيّاً ، فإنْ يُحدث الله به حدثاً وأنا حيّ كتبت إليكم برأيي ، والسّلام»(1) .

لقد أمر (عليه السّلام) شيعته بالخلود إلى الصبر ، والإمساك عن المعارضة ، وأنْ يلزموا بيوتهم خوفاً عليهم مِن سلطان معاوية الذي كان يأخذ البريء بالسّقيم ، والمُقبل بالمُدبر ، ويقتل على الظنّة والتهمة. وأكبر الظنّ أنّ هذه الرسالة كانت في عهد زياد الذي سمل عيون الشيعة ، وصلبهم على جذوع النخل ، ودمّرهم تدميراً ساحقاً.

__________________

(1) الأخبار الطوال / 203 ، أنساب الأشراف 1 / ق 1.

٢٣٠

نصيحةُ الخدري للإمام (عليه السّلام) :

وشاعت في الأوساط الاجتماعية أنباء وفود أهل الكوفة على الإمام الحُسين (عليه السّلام) واستنجادهم به لإنقاذهم مِن ظلم معاوية وجوره ، ولمّا علم أبو سعيد الخدري بذلك خفّ مسرعاً للإمام (عليه السّلام) ينصحه ويحذّره ، وهذا نص حديثه : يا أبا عبد الله ، إنّي أنا ناصح ، وإنّي عليكم مشفق ، وقد بلغني أنّه قد كاتبك قوم مِنْ شيعتكم بالكوفة يدعونكم إلى الخروج إليهم ، فلا تخرج إليهم ؛ فإنّي سمعت أباك يقول بالكوفة : «والله لقد مللتهم وأبغضتهم ، وملّوني وأبغضوني ، وما يكون منهم وفاء قط ، ومَنْ فاز به فاز بالسّهم الأخيب. والله ما لهم ثبات ولا عزم على أمر ، ولا صبر على السّيف»(1) .

وليس مِنْ شك في أنّ أبا سعيد الخدري كان مِنْ ألمع أصحاب الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، وأكثرهم إخلاصاً وولاءً لأهل البيت (عليهم السّلام) ، وقد دفعه حرصه على الإمام الحُسين (عليه السّلام) وخوفه عليه مِنْ معاوية أنْ يقوم بالنصيحة له في عدم خروجه على معاوية. ولمْ تذكر المصادر التي بأيدينا جواب الإمام الحُسين (عليه السّلام) له.

استيلاءُ الحُسين (عليه السّلام) على أموال للدولة :

وكان معاوية يُنفق أكثر أموال الدولة على تدعيم مُلْكه ، كما كان يهبُ الأموالَ الطائلة لبني أُميّة لتقوية مركزهم السياسي والاجتماعي ، وكان الإمام الحُسين (عليه السّلام) يشجب هذه السياسة ، ويرى ضرورة إنفاذ الأموال مِنْ معاوية وإنفاقها على المحتاجين. وقد اجتازت على يثرب أموال مِن اليمن إلى خزينة دمشق ، فعمد الإمام (عليه السّلام) إلى الاستيلاء عليها ، ووزّعها على

__________________

(1) البداية والنهاية 8 / 161 ، تاريخ ابن عساكر 13 / 67.

٢٣١

المحتاجين مِنْ بني هاشم وغيرهم ، وكتب إلى معاوية :

«مِن الحُسين بن علي إلى معاوية بن أبي سفيان. أمّا بعد ، فإنّ عيراً مرّت بنا مِن اليمن تحمل مالاً وحُللاً ، وعنبراً وطيباً إليك ، لتودعها خزائن دمشق ، وتعل بها بعد النهل بني أبيك ، وإنّي احتجت إليها فأخذتها ، والسّلام».

وأجابه معاوية : مِنْ عبد الله معاوية إلى الحُسين بن علي. أمّا بعد ، فإنّ كتابك ورد عليّ تذكر أنّ عيراً مرّت بك مِن اليمن تحمل مالاً وحُللاً ، وعنبراً وطيباً إليّ لأودعها خزائن دمشق ، وأعل بها بعد النهل بني أبي ، وإنّك احتجت إليها فأخذتها ، ولم تكن جديراً بأخذها إذ نسبتها إليّ ؛ لأنّ الوالي أحقّ بالمال ، ثمّ عليه المخرج منها. وأيم الله ، لو تركت ذلك حتى صار إليّ لمْ أبخسك حظّلك منها ، ولكنّني قد ظننت يابن أخي أنّ في رأسك نزوة ، وبودّي أنْ يكون ذلك في زماني فأعرف لك قدرك وأتجاوز عن ذلك ، ولكنّني والله ، أتخوّف أنْ تُبلى بمَنْ لا ينظرك فواق ناقة.

وكتب في أسفل كتابه هذه الأبيات :

يا حُسينُ بنَ عليٍّ ليس ما

جئتَ بالسائغِ يوماً والعلل

أخذكَ المالَ ولمْ تُؤمر بهِ

إنّ هذا مِنْ حُسينٍ لَعجلْ

قد أجزناها ولمْ نغضبْ لها

واحتملنا مِنْ حُسينٍ ما فعلْ

يا حُسينُ بنَ عليٍّ ذا الأملْ

لك بعدي وثبةٌ لا تُحتملْ

وبودّي أنّني شاهدُها

فإليها مِنك بالخلقِ الأجلْ

إنّني أرهبُ أنْ تصلَ بمَنْ

عنده قد سبق السيفُ العذلْ(1)

__________________

(1) شرح نهج البلاغة 4 / 327 الطبعة الأولى.

٢٣٢

وفي هذا الكتاب تهديد للإمام بمَنْ يخلف معاوية ، وهو ابنه يزيد ، الذي لا يؤمن بمقام الحُسين ومكانته مِنْ رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

وعلى أيّ حالٍ ، فقد قام الإمام بإنقاذ هذه الأموال مِنْ معاوية وأنفقها على الفقراء ، في حين أنّه لمْ يكن يأخذ لنفسه أيّ صلة مِنْ معاوية ، وقد قدّم له مالاً كثيراً وثياباً وافرة وكسوة فاخرة ، فردّ الجميع عليه(1) .

وقد روى الإمام موسى بن جعفر (عليه السّلام) أنّ الحسن والحُسين كانا لا يقبلان جوائز معاوية(2) .

حديثٌ موضوع :

مِن الأخبار الموضوعة ما روي أنّ الإمام الحُسين وفد مع أخيه الحسن على معاوية فأمر لهما بمئة ألف درهم ، وقال لهم : خُذاها وأنا ابن هند ، ما أعطاها أحدٌ قبلي ، ولا يُعطيها أحد بعدي.

فانبرى إليه الإمام الحُسين قائلاً : «والله ، ما أعطى أحدٌ قبلك ولا بعدك لرجلين أشرف منّا».

ولا مجال للقول بصحة هذه الرواية ، فإنّ الإمام الحُسين (عليه السّلام) لمْ يفد على معاوية بالشام ، وإنّما وفد عليه الإمام الحسن (عليه السّلام) لا لأجل الصلة والعطاء ، كما يذهب لذلك بعض السذّج مِن المؤرّخين ، وإنّما كان الغرض إبراز الواقع الاُموي والتدليل على مساوئ معاوية ، كما أثبتت ذلك

__________________

(1) الحُسين ـ لعلي جلال 1 / 117.

(2) حياة الإمام موسى بن جعفر (عليه السّلام) 2 / 332.

٢٣٣

مناظراته مع معاوية وبطانته ، والتي لمْ يقصد فيها إلاّ تلك الغاية ، وقد أوضحنا ذلك بصورة مفصلّة في كتابنا (حياة الإمام الحسن).

الحُسين مع بني أُميّة :

كانت العداوة بين الحُسين وبين بني أُميّة ذاتية ، فهي عداوة الضد للضد ، وقد سأل سعيد الهمداني الإمام الحُسين عن بني أُميّة ، فقال (عليه السّلام) : «إنّا وهم الخصمان اللذان اختصما في ربّهم»(1) .

أجل ، إنّهما خصمان في أهدافهم ، وخصمان في اتّجاههم ، فالحُسين (عليه السّلام) كان يُمثّل جوهر الإيمان بالله ، ويُمثّل القيم الكريمة التي يشرف بها الإنسان ، وبنو أُميّة كانوا يُمثّلون مساوئ الجاهلية التي تهبط بالإنسان إلى مستوى سحيق ، وكان الاُمويّون بحسب طباعهم الشريرة يحقدون على الإمام الحُسين ، ويبالغون في توهينه ، وقد جرت منازعة بين الحُسين وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان في مال كان بينهما فتحامل الوليد على الحُسين في حقّه ، فثار الإمام في وجهه ، وقال : «أحلف بالله لتنصفي مِنْ حقّي أو لآخذنّ سيفي ، ثمّ لأقومنّ في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأدعونّ بحلف الفضول».

لقد أراد أنْ يُحيي حلف الفضلول الذي أسسه الهاشميون ، والذي كان شعاره إنصاف المظلومين والأخذ بحقوقهم ، وقد حاربه الاُمويّون في جاهليتهم ؛ لأنّه يتنافى مع طباعهم ومصالحهم.

وانبرى عبد الله بن الزّبير فانضمّ للحُسين وانتصر له ، وقال :

__________________

(1) الكنى والأسماء ـ لأبي بشر الدولابي 1 / 77.

٢٣٤

وأنا أحلف بالله ، لئن دعا به لآخذنّ سيفي ثمّ لأقومنّ معه حتى ينتصف مِنْ حقّه أو نموت جميعاً.

وبلغ المسوّر بن مخرمة بن نوفل الزهري الحديث فانضمّ للحُسين وقال بمثل مقالته ، وشعر الوليد بالوهن والضعف فتراجع عن غيّه ، وأنصف الحُسين (عليه السّلام) مِنْ حقّه(1) .

ومِنْ ألوان الحقد الاُموي على الحُسين أنّه كان جالساً في مسجد النّبي (صلّى الله عليه وآله) فسمع رجلاً يُحدّث أصحابه ، ويرفع صوته ليُسمع الحُسين ، وهو يقول : إنّا شاركنا آل أبي طالب في النّبوة حتّى نلنا مِنها مثلَ ما نالوا مِنها مِن السّبب والنّسب ، ونلنا مِن الخلافة ما لمْ ينالوا فبِمَ يفخرون علينا؟

وكرّر هذا القول ثلاثاً ، فأقبل عليه الحُسين ، فقال له : «إنّي كففت عن جوابك في قولك الأول حلماً ، وفي الثاني عفواً ، وأمّا في الثالث فإنّي مجيبك. إنّي سمعت أبي يقول : إنّ في الوحي الذي أنزله الله على محمّد (صلّى الله عليه وآله) ، إذا قامت القيامة الكبرى حشر الله بني أُميّة في صوَرِ الذر يطؤهم الناس حتى يفرغ مِن الحساب ، ثمّ يُؤتى بهم فيحاسبوا ويُصار بهم إلى النار»(2) . ولمْ يطق الاُموي جواباً وانصرف وهو يتميّز مِن الغيظ.

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن موقف الإمام مع معاوية وبني أُميّة ، ونعرض فيما يلي إلى وفاة معاوية وما رافقها مِن الأحداث.

__________________

(1) سيرة ابن هشام 1 / 142.

(2) المناقب والمثالب للقاضي نعمان المصري / 61.

٢٣٥

مرضُ معاوية :

ومرض معاوية وتدهورت صحته ، ولمْ تُجْدِ معه الوصفات الطيبة ، فقد تناهبت جسمه الأمراض ، وقد شعر بدنوّ أجله ، وكان في حزن على ما اقترفه في قتله لحِجْرِ بن عَدِي ، فكان ينظر إليه شبحاً مخيفاً ، وكان يقول :

ويلي مِنكَ يا حِجْر! إنّ لي مع ابن عَدِي ليوماً طويلاً(1) ، وتحدّث الناس عن مرضه ، فقالوا : إنّه الموت ، فأمر أهله أنْ يحشوا عينيه أثمداً ، ويسبغوا على رأسه الطيب ويجلسوه ، ثمّ أذن للناس فدخلوا وسلّموا عليه قياماً ، فلمّا خرجوا مِنْ عنده أنشد قائلاً :

وتجلُّدي للشامتين أريهمُ

أنّي لريبِ الدهرِ لا اتضعضعُ

فسمعه رجل مِن العلويِّين فأجابه :

وإذا المنيّةُ أنشبتْ أظفارَها

ألفيتَ كلَّ تميمةٍ لا تنفعُ(2)

وصاياه :

ولمّا ثقل حال معاوية عهد بوصيته إلى يزيد ، وقد جاء فيها : يا بُني ، إنّي قد كفيتك الشرّ والترحال ، ووطأت لك الأمور وذللت لك الأعداء ، وأخضعت لك رقاب العرب وجمعت لك ما لمْ يجمعه أحدٌ ، فانظر أهل الحجاز فإنّهم أصلك وأكرم مَنْ قدم عليك منهم وتعاهد مَنْ غاب ، وانظر أهل العراق فإنْ سألوك أنْ تعزل كلّ يوم عاملاً فافعل ؛ فإنّ عزل عامل

__________________

(1) الفتنة الكبرى 2 / 245.

(2) حياة الحيوان للدميري 1 / 59.

٢٣٦

أيسر مِنْ أنْ يُشهر عليك مئة ألف سيف ، وانظر أهل الشام فليكونوا بطانتك وعيبتك ، فإنْ رابك مِنْ عدوك شيء فانتصر بهم ، فإذا أصبتهم فارددْ أهل الشام إلى بلادهم ؛ فإنْ أقاموا بغير بلادهم تغيّرت أخلاقهم.

وإنّي لست أخاف عليك أنْ ينازعك في هذا الأمر إلاّ أربعة نفر مِنْ قريش : الحُسين بن علي ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزّبير ، وعبد الرحمن بن أبي بكر ؛ فأمّا ابن عمر فإنّه رجل قد وقذته العبادة ، فإذا لمْ يبقَ أحدٌ غيره بايعك ، وأمّا الحُسين بن علي فهو رجل خفيف ، ولنْ يترك أهل العراق حتّى يخرجوه ، فإنْ خرج وظفرت به فاصفح عنه ؛ فإنّ له رحماً ماسة وحقّاً عظيماً وقرابة مِنْ محمّد ، وأمّا ابن أبي بكر فإنْ رأى أصحابه صنعوا شيئاً صنع مثله ليس له همّة إلاّ في النساء واللّهو ، وأمّا الذي يجثم لك جثوم الأسد ، ويراوغك مراوغة الثعلب فإنْ أمكنته فرصة وثب فذاك ابن الزّبير ، فإنْ هو فعلها بك فظفرت به فقطّعه إرباً إرباً ، واحقنْ دماء قومك ما استطعت(1) .

وأكبر الظنّ أنّ هذه الوصية مِن الموضوعات ؛ فقد افتُعلتْ لإثبات حلم معاوية ، وإنّه عهد إلى ولده بالإحسان الشامل إلى المسلمين وهو غير مسؤول عن تصرفاته.

وممّا يؤيد وضعها ما يلي :

1 ـ إنّ المؤرّخين رووا أنّ معاوية أوصى يزيد بغير ذلك ، فقال له : إنّ لك مِنْ أهل المدينة يوماً ، فإنْ فعلوها فارمهم بمسلم بن عقبة ، فإنّه رجل قد عرفنا نصيحته(2) ، وكان مسلم بن عقبة جزّاراً جلاداً لا يعرف الرحمة والرأفة ، وقد استعمله يزيد بعهد مِنْ أبيه في واقعة الحرّة فاقترف كلّ موبقة

__________________

(1) تاريخ ابن الأثير 3 / 259.

(2) تاريخ خليفة خياط 1 / 229.

٢٣٧

وإثم ، فكيف تلتقي هذه الوصيّة بتلك الوصيّة التي عهد فيها بالإحسان إلى أهل الحجاز؟!

2 ـ إنّه أوصاه برعاية عواطف العراقيين والاستجابة لهم إذا سألوه في كلّ يوم عزل مَنْ ولاّه عليهم ، وهذا يتنافى مع ما ذكره المؤرّخون أنّه عهد بولاية العراق إلى عبيد الله بن زياد وهو يعلم شدّته وصرامته وغدره ؛ فهو ابن زياد الذي أغرق العراق بدماء الأبرياء ، فهل العهد إليه بولايته العراق من الإحسان إلى العراقيين والبرّ بهم؟!

3 ـ إنّه جاء في هذه الوصية أنّه يتخوّف عليه مِنْ عبد الله بن عمر وقد وصفه بأنّه قد وقذته العبادة ، وإذا كان كذلك فهو بطبيعة الحال منصرف عن السّلطة والمنازعات السّياسية فما معنى التخوّف منه؟!

4 ـ إنّه جاء في هذه الوصية أنّه يتخوّف عليه مِنْ عبد الرحمن بن أبي بكر ، وقد نصّ المؤرّخون أنّه توفي في حياة معاوية ، فما معنى التخوّف عليه مِنْ إنسان ميّت؟

5 ـ إنّه أوصاه برعاية الحُسين (عليه السّلام) وإنّ له رحماً ماسّة ، وحقًّا عظيماً وقرابةً مِنْ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ومن المؤكد أنّ معاوية بالذّات لمْ يرعَ أيّ جانب مِنْ جوانب القرابة مِنْ رسول الله فقد قطع جميع أواصرها ، فقد فرض سبّها على رؤوس الأشهاد ، وعهد إلى لجان التربية والتعليم بتربية النشء ببغض أهل البيت ، ولمْ يتردّد في ارتكاب أيّ وسيلة للحطّ مِنْ شأنهم.

وقد علّق الاُستاذ عبد الهادي المختار على هذه الفقرات مِنْ الوصيّة بقوله : وتقول بعض المصادر إنّ معاوية أوصى ولده يزيد برعاية الحُسين ، والذي نعتقده أنّه لا أثر لها من الصحة ؛ فإنّ معاوية لمْ يتردّد في اغتيال

٢٣٨

الإمام الحسن حتّى بعد ما بايعه ، فكيف يوصي ولده بالعفو عن الحُسين إنْ ظفر به.

لم يكن معاوية بالذي يرعى لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) حرمةً أو قرابةً حتّى يوصي ابنه برعاية آل محمّد ، كلاّ أبداً ، فقد حارب الرسول في الجاهلية حتّى أسلم كُرها يوم فتح مكّة ، ثمّ حارب صهر الرسول وخليفته وابن عمّه علي ، ونزا على خلافة المسلمين وانتزعها قهراً ، وسمّ ابن بنت الرسول الحسن ، فهل يُصدَّق بعد هذا كلّه أنْ يوصي بمثل ما أوصى به؟!

قد يكون أوصاه أنْ يغتاله سرّاً ويدسّ له السمّ ، أو يبعث له مَنْ يطعنه بليل ، ربّما كان هذا الفرض أقرب إلى الصحة مِنْ تلك الوصية ، ولكنّ المؤرّخين ـ سامحهم الله ـ أرادوا أنْ يُبرِّئوا ساحة الأب ويلقوا جميع التبعات على الابن ، وهما في الحقيقة غرسُ إثمٍ واحدٌ وثمرةُ جريمةٍ واحدة.

وأضاف يقول : ولو أنّ الوصيّة المزعومة كانت صحيحةً لما كان يزيد لاهمَّ له بعد موت أبيه إلاّ تحصيل البيعة مِن الحُسين وتشديده على عامله بالمدينة بلزوم إجبار الحُسين على البيعة(1) .

موتُ معاوية :

واستقبل معاوية الموت غير مطمئن فكان يتوجّع ويظهر الجزع على ما اقترفه مِن الإسراف في سفك دماء المسلمين ونهب أموالهم ، وقد وافاه الأجل في دمشق محروماً عن رؤية ولده الذي اغتصب له الخلافة ، وحمله

__________________

(1) مجلة الغري السنة الثامنة العدد 9 و 10.

٢٣٩

على رقاب المسلمين ، وكان يزيد فيما يقول المؤرّخون مشغولاً عن أبيه في أثناء وفاته برحلات الصيد ، وعربدات السكر ونغمة العيدان.

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن حكومة معاوية وما رافقها من الأحداث الجسام.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

وزادقر : بيّاع السابري ، وبعد منصور : ابن كثير أبو محمّد(١) .

وفيجش : ثقة ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله وأبي الحسنعليهم‌السلام ، وابناه الحسن ومحمّد رويا الحديث.

له كتاب يرويه عدّة من أصحابنا ، أخبرنا القاضي أبو الحسين محمّد ابن عثمان ، قال : حدّثنا أبو القاسم جعفر بن محمّد الشريف الصالح ، قال : حدّثنا عبد(٢) الله بن أحمد بن نهيك ، عن ابن أبي عمير ، عنه(٣) .

وفيصه : روىكش حديثا في مدحه أحد رواته محمّد بن عيسى ، وفيه قول. ووثّقه شيخنا المفيد ومدحه.

وقالغض : حذيفة بن منصور بن كثير بن أسلم(٤) الخزاعي أبو محمّد ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن موسىعليهما‌السلام ، حديثه غير نقي ، يروي الصحيح والسقيم ، وأمره ملتبس ، ويخرج شاهدا.

والظاهر عندي التوقّف فيه لما قاله هذا الشيخ ، ولما نقل عنه أنّه كان واليا من قبل بني أميّة ، ويبعد انفكاكه عن القبيح.

وقالجش : إنّه ثقة ، انتهى(٥) .

وقالشه : هذا الحديث رواه محمّد بن عيسى عن يونس ، وهو ضعف آخر ، لأنّ بعض من عمل بروايته استثنى منها ما يرويه عن يونس ، انتهى(٦) .

والذي فيكش : حمدويه(٧) ومحمّد ، قالا : حدّثنا محمّد بن عيسى ،

__________________

(١) رجال الشيخ : ١١٩ / ٥٤.

(٢) في المصدر : عبيد.

(٣) رجال النجاشي : ١٤٧ / ٣٨٣.

(٤) في المصدر : سلمة.

(٥) الخلاصة : ٦٠ / ٢.

(٦) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ٣٢.

(٧) في نسخة « م » زيادة : ابن نصير.

٣٤١

عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : سأل أبو العبّاس فضل البقباق(١) لحريز الإذن على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فلم يأذن له ، فعاوده(٢) ، فلم يأذن له.

فقال : أي شي‌ء للرجل أن يبلغ في عقوبة غلامه؟ قال : على قدر جريرته(٣) .

فقال : قد عاقبت والله حريزا بأعظم ممّا صنع.

قال : ويحك! إنّي فعلت ذلك أنّ حريزا جرّد السيف. ثمّ قال : أما لو كان حذيفة بن منصور ما عاودني فيه(٤) أنقلت : لا ، انتهى(٥) .

وكما ترى ليس في الطريق يونس أصلا ، ولم أجد غير هذا.

ثمّ إنّ الرواية ليست صريحة في المدح وإن إفادته بالنسبة. وما قيل : من أنّه لا يبعد استفادة التوثيق منها ، لا يخفى بعده ، فتدبّر.

وفيست : له كتاب رويناه بالإسناد الأوّل ، عن حميد ، عن القاسم ابن إسماعيل ، عنه(٦) .

والإسناد : عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن حميد(٧) .

وفيتعق : قول العلاّمةرحمه‌الله : فيه قول ، الظاهر عدم التأمّل في جلالته والوثوق به ، وهورحمه‌الله قوّى القبول في ترجمته(٨) ، وكلام غض‌

__________________

(١) في نسخة « ش » : فضل بن البقباق.

(٢) في نسخة « م » : فعاده.

(٣) في المصدر : ذنوبه.

(٤) في المصدر زيادة : بعد.

(٥) رجال الكشّي : ٣٣٦ / ٦١٥.

(٦) الفهرست : ٦٥ / ٢٦١.

(٧) الفهرست : ٦٥ / ٢٦٠.

(٨) الخلاصة : ١٤١ / ٢٢.

٣٤٢

ليس نصّا في ضعفه ، مع أنّ الظاهر ارتفاع الوثوق بتضعيفاته ، وبعد الانفكاك عن القبيح لا يقاوم التوثيق الصريح ، كيف وكثير من الثقات عنده ولاة وعمّال للظلمة.

وفي التهذيب عند ذكر حديثه في عدم نقصان شهر رمضان : هذا الخبر لا يصحّ العمل به من وجوه :

أحدها : أنّ متن الخبر لا يوجد في شي‌ء من الأصول المصنّفة وإنّما(١) هو موجود في الشواذّ من الأخبار.

ومنها : أنّ كتاب حذيفة بن منصوررحمه‌الله عريّ منه ، والكتاب معروف مشهور ، ولو كان هذا الحديث صحيحا عنه لضمّنه كتابه. إلى آخره(٢) .

وفي كلامهرحمه‌الله فوائد :

منها : كون حذيفة جليلا صحيح الحديث موثوقا به.

ومنها : أنّ الأخبار الّتي نقلها المشايخ عنه على سبيل الاعتماد والإفتاء بها إنّما هي من كتابه المعروف المشهور.

ومنها : أنّ الشاذّ من الأخبار ليس بصحيح عنده ولا يعمل به ، وإنّما الصحيح والمعمول به ما وجد في(٣) شي‌ء من الأصول ، وأنّ الحديث المروي عن رجل ولم يوجد في كتابه ليس بصحيح. إلى غير ذلك.

وقوله : إنّ الرواية ليست صريحة في المدح. إلى آخره.

فيه : أنّها وإن لم تكن صريحة إلاّ أنّها ظاهرة لا أنّها تفيده بالنسبة ،

__________________

(١) من هنا إلى أوائل ترجمة حسّان بن ثابت ساقط من نسخة « ش ».

(٢) تهذيب الأحكام ٤ : ١٦٨ / ٤٨٢.

(٣) في ، لم ترد في نسخة « م ».

٣٤٣

فتدبّر(١) .

أقول : ذكره الفاضل عبد النبي الجزائري ـ مع ما عرف من طريقته ـ في قسم الثقات ، وقال : توقّف العلاّمةرحمه‌الله لا وجه له مع توثيق الشيخين الجليلين له ، وكلامغض على تقدير قبوله لا يقتضي الطعن فيه نفسه.

وما قيل : من كونه واليا ، مرسل ، مع عدم اقتضائه القدح لاحتمال الوجوه المسوّغة له.

والحديث الذي رواهكش لا يبعد استفادة التوثيق منه أيضا ، انتهى(٢) .

وفي الوجيزة : ثقة(٣) .

وفيمشكا : ابن منصور ، عنه ابن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وعبد الله بن المغيرة الثقة ، ومحمّد بن سنان ـ كما في الفقيه(٤) ـ والقاسم بن إسماعيل ، ومحمّد بن أبي حمزة.

وهو عن الباقر والصادق والكاظمعليهم‌السلام (٥) .

٦٨٠ ـ حذيفة بن اليمان العبسي :

عداده في الأنصار ، وقد عدّ من الأركان الأربعة ، ي(٦) .

ونحوهصه (٧) .

وفيل : سكن الكوفة ، ومات بالمدائن بعد بيعة أمير المؤمنين عليه‌

__________________

(١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩٢.

(٢) حاوي الأقوال : ٦٢ / ٢٢٩.

(٣) الوجيزة : ١٨٤ / ٤٤٤.

(٤) الفقيه ٢ : ١١٠ / ٤٧٠.

(٥) هداية المحدّثين : ٣٧.

(٦) رجال الشيخ : ٣٧ / ٢. وفيه : ابن اليماني.

(٧) الخلاصة : ٦٠ / ١.

٣٤٤

السلام بأربعين يوما(١) .

وفيكش : جبرئيل بن أحمد الفاريابي البرناني ، عن الحسن بن خرزاذ(٢) ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال : ضاقت الأرض بسبعة ، بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون ، منهم : سلمان الفارسي والمقداد وأبو ذر وعمّار وحذيفة رحمة الله عليهم.

وكانعليه‌السلام يقول : وأنا إمامهم.

وهم الّذين(٣) صلّوا على فاطمةعليها‌السلام (٤) .

ثمّ فيه أيضا : محمّد بن مسعود ، قال : أخبرني أبو الحسن عليّ بن فضّال(٥) ، عن محمّد بن الوليد البجلي ، عن العبّاس بن هلال ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، ذكر أنّ حذيفة لمّا حضرته الوفاة ـ وكان آخر الليل ـ قال لابنته : أيّة ساعة هذه؟ قالت : آخر الليل ، قال : الحمد لله الذي بلغني هذا المبلغ ولم أوال ظالما(٦) على صاحب حقّ ، ولم أعاد صاحب حقّ.

فبلغ زيد بن عبد الرحمن بن عبد يغوث فقال : كذب والله! لقد والى على عثمان ، فأجابه بعض من حضره : أنّ عثمان والاه يا أخا زهرة.

__________________

(١) رجال الشيخ : ١٦ / ٥.

(٢) في نسخة « م » : خرداد.

(٣) في نسخة « م » : الذي.

(٤) رجال الكشّي : ٦ / ١٣.

(٥) في المصدر : أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن فضّال.

(٦) في نسخة « م » : ظلما.

٣٤٥

الحديث(١) منقطع(٢) .

ثمّ فيه أيضا : وسئل ـ أي الفضل بن شاذان ـ عن ابن مسعود وحذيفة ، فقال : لم يكن حذيفة مثل ابن مسعود ، لأنّ حذيفة كان زكيّا(٣) ، وابن مسعود خلط ووالى القوم ومال معهم وقال بهم(٤) ، انتهى.

أقول : ذكره في الحاوي في قسم الثقات(٥) .

وفي الوجيزة : ممدوح(٦) ، فتدبّر.

٦٨١ ـ الحرّ بن يزيد بن ناجية :

ابن سعيد ، من بني رياح بن يربوع ، سين(٧) .

أقول : قال السيّد نعمة الله الجزائري التستري في كتابه الأنوار النعمانيّة : حدّثني جماعة من الثقات أنّ الشاه إسماعيل لمّا ملك بغداد وأتى(٨) إلى مشهد الحسينعليه‌السلام وسمع من بعض الناس الطعن على الحرّ ، أتى إلى قبره وأمر بنبشه ، فنبشوه ، فرأوه نائما كهيئته لمّا قتل ، ورأوا على رأسه عصابة مشدود بها رأسه.

فأراد الشاه ـ نوّر الله ضريحه ـ أخذ تلك العصابة ، لما نقل في كتب السير والتواريخ أنّ تلك العصابة هي دسمال(٩) الحسينعليه‌السلام ، شدّ به‌

__________________

(١) في المصدر : والحديث.

(٢) رجال الكشّي : ٣٦ / ٧٢.

(٣) في المصدر : ركنا ، وفي نسخة منه : زكيّا.

(٤) رجال الكشّي : ٣٨ / ٧٨.

(٥) حاوي الأقوال : ٦٣ / ٢٣٠.

(٦) الوجيزة : ١٨٤ / ٤٤٥.

(٧) رجال الشيخ : ٧٣ / ٣.

(٨) في نسخة « م » : أتى.

(٩) كلمة فارسيّة بمعنى : منديل.

٣٤٦

رأس الحرّ لمّا أصيب في تلك الواقعة ، ودفن على تلك الهيئة.

فلمّا حلّوا تلك العصابة جرى الدم من رأسه حتّى امتلأ منه القبر ، فلمّا شدّوا عليه تلك العصابة انقطع الدم ، فلمّا حلّوها جرى الدم. وكلّما أرادوا أن يعالجوا قطع الدم بغير تلك العصابة لم يمكنهم ، فتبيّن لهم حسن حاله.

فأمر ، فبني على قبره بناء ، وعيّن له خادما يخدم قبره(١) ، انتهى.

وما ذكره من الطعن لم أره إلاّ في كتابه ، فإنّه نقل عن بعض الطعن فيه ، محتجّا بأنّ خروجه عليه ـعليه‌السلام ـ متيقّن ، وما ورد في عفوه ـعليه‌السلام ـ عنه وقبول توبته خبر واحد. وفيه ما فيه.

٦٨٢ ـ حرب بن الحسن الطحّان :

كوفي ، قريب الأمر في الحديث ، له كتاب ، عامّي الرواية ، يحيى بن زكريّا اللؤلؤي ، عنه به ،جش (٢) .

وفيتعق : مضى عنصه : الحارث ، بالمثلّثة ، فالظاهر أنّه وهم.

وفي الحسن بن محمّد بن سماعة فيجش ما يشير إلى اعتناء ما بشأنه وكونه من أصحابنا(٣) (٤) .

أقول : ذكره فيصه في القسم الثاني(٥) ، وفي الحاوي في القسم الرابع(٦) . وفي الوجيزة : ممدوح(٧) ، فتدبّر.

__________________

(١) الأنوار النعمانية : ٣ / ٢٦٥.

(٢) رجال النجاشي : ١٤٨ / ٣٨٦.

(٣) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨٤.

(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩٣.

(٥) الخلاصة : ٢١٧ / ٣.

(٦) حاوي الأقوال : ٢٥٦ / ١٤٤٥.

(٧) الوجيزة : ١٨٤ / ٤٤٧.

٣٤٧

٦٨٣ ـ حريث بن عمير :

العبدي ، الكوفي ؛ أسند عنه ،ق (١) .

٦٨٤ ـ حريز :

بالراء قبل المثنّاة من تحت والزاي ، ابن عبد الله السجستاني ، أبو محمّد الأزدي ، من أهل الكوفة ، أكثر السفر والتجارة إلى سجستان فعرف بها ، وكانت تجارته في السمن والزيت.

قيل : روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام . وقال يونس : لم يسمع من أبي عبد اللهعليه‌السلام إلاّ حديثين. وقيل : روى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام ،صه (٢) .

جش ، إلاّ الترجمة ، وزاد : ولم يثبت ذلك. وكان ممّن شهر السيف في قتال الخوارج بسجستان في حياة أبي عبد اللهعليه‌السلام . وروي أنّه جفاه وحجبه عنه.

له كتاب الصلاة كبير ، وآخر الطف منه ، وله كتاب نوادر.

فأمّا الكبير فقرأناه على القاضي أبي الحسين محمّد بن عثمان ، قال : قرأته على أبي القاسم جعفر بن محمّد بن عبيد الله الموسوي ، قال : قرأت على مؤدّبي أبي العبّاس عبيد الله بن أحمد بن نهيك ، قال : قرأت على ابن أبي عمير ، قال : قرأت على حمّاد بن عيسى ، قال : قرأت على حريز(٣) .

وفيست : ثقة ، كوفي ، سكن سجستان. له كتب ، أخبرنا الشيخ ، عن جعفر بن محمّد بن قولويه ، عن أبي القاسم جعفر بن محمّد العلوي‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ١٨٠ / ٢٦٦.

(٢) الخلاصة : ٦٣ / ٤.

(٣) رجال النجاشي : ١٤٤ / ٣٧٥.

٣٤٨

الموسوي ، عن ابن نهيك ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عنه(١) .

ثمّ فيصه بعد نقل التوثيق عن الشيخ والحجب المذكور عنجش : وهذا القول منجش لا يقتضي الطعن ، لعدم العلم بتعديل الراوي للجفاء.

وروىكش أنّ أبا عبد اللهعليه‌السلام حجبه عنه ، وفي طريقه محمّد ابن عيسى ، وفيه قول ؛ مع أنّ الحجب لا يستلزم الجرح ، لعدم العلم بالسرّ فيه ، انتهى.

وفيق : ابن عبد الله السجستاني مولى الأزد(٢) .

وما فيكش مرّ في حذيفة بن منصور(٣) ، وظاهره أنّ الحجب لفعل قبيح عظيم ، فليتأمّل فيه.

وفيه أيضا : محمّد بن نصير ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن قال : قلت لحريز يوما : يا أبا عبد الله كم يجزئك أن تمسح من شعر رأسك في وضوئك للصلاة؟ فقال : بقدر ثلاث أصابع ، وأومأ بالسبّابة والوسطى والثالثة. وكان يونس يذكر عنه فقها كثيرا(٤) .

وفيه أيضا : محمّد بن مسعود ، عن محمّد بن نصير ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، قال : لم يسمع حريز بن عبد الله عن(٥) أبي عبد اللهعليه‌السلام إلاّ حديثا أو حديثين ، وكذلك عبد الله بن مسكان إلاّ حديث من أدرك المشعر فقد أدرك الحج(٦) ، انتهى.

__________________

(١) الفهرست : ٦٢ / ٢٤٩.

(٢) رجال الشيخ : ١٨١ / ٢٧٥ ، وفيه : أزد.

(٣) رجال الكشّي : ٣٣٦ / ٦١٥ ، وفيه أنّ الفضل البقباق طلب الاذن له مرتين من أبي عبد اللهعليه‌السلام بالدخول فلم يأذن له.

(٤) رجال الكشّي : ٣٣٦ / ٦١٦.

(٥) في المصدر : من.

(٦) رجال الكشّي : ٣٨٢ / ٧١٦.

٣٤٩

وهو مشكل ، لأنّ رواية حريز عنهعليه‌السلام كثيرة جدّا ، ويبعد الحكم بإرسالها. وكأنّ هذه الرواية هي مستند قولجش عن يونس ذلك ، فتدبّر.

وفيتعق : في النقد : يظهر من التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة أنّه روى عن أبي جعفرعليه‌السلام أيضا(١) ، انتهى.

وقال جدّي : الظاهر أنّ الحجب كان اتّقاء عليه ليشتهر ذلك ولا يصل إليه ضرر ، لأنّ الخروج عند المخالفين كان عظيما ، فإذا اشتهر أنّ أصحاب الصادقعليه‌السلام يخرجون بالسيف كان يمكن أن يصل الضرر إلى الجميع ، كما يظهر من أخبار المنصور لعنه الله مع الصادقعليه‌السلام . والظاهر أنّه ما بقي الحجب وكان أياما ، كما سمع وروى عن الصادقعليه‌السلام أخبارا كثيرة(٢) (٣) .

أقول : ذكر الميرزا في حاشية الكتاب وقبله الفاضل عبد النبي الجزائريرحمه‌الله نحو ما ذكره جدّهرحمه‌الله في سبب الحجب(٤) .

ولا يخفى أنّ الظاهر أنّ الخروج المذكور كان لهم لا عليهم ، فيبعد إيصال ضرر إليهعليه‌السلام لذلك ، فلعلّ ذلك لكون الخروج ولو على الخوارج غير سائغ إلاّ بإذن الإمامعليه‌السلام ، وقد ورد النهي عنه عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في نهج البلاغة(٥) ، فتأمّل.

هذا ، ورواياته عنهعليه‌السلام في باب الحج وغيره مستفيضة جدّا.

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٦ / ٩٧ ، نقد الرجال : ٨٤ / ١.

(٢) روضة المتقين : ١٤ / ٨٧.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩٣.

(٤) منهج المقال ، النسخة الخطّيّة لجامعة طهران صفحة : ١٠١ ، حاوي الأقوال : ٦٤ / ٢٣٥.

(٥) نهج البلاغة ـ صبحي الصالح ـ : ٩٤ / ٦١.

٣٥٠

٦٨٥ ـ حريز بن عثمان الرحبي :

غير مذكور في الكتابين.

وعنهب : حريز بن عثمان الرحبي ، ثقة ، ناصبي(١) .

وعنقب : ثقة ، رمي بالنصب(٢) .

وعن أنساب ابن الأثير : إنّه كان ناصبيّا ، يبغض عليّارضي‌الله‌عنه ويسبّه كلّ يوم سبعين مرّة وسبعين مرّة عشيّا ، وحكي عنه التوبة ، ولا يصح ، انتهى.

وفي جامع الأصول له أيضا : أخرج البخاري في صحيحه عن محمّد ابن زياد وحريز بن عثمان ، وهما مشهوران بالنصب(٣) ، انتهى.

فتأمّل فيمن يوثّقه القوم ويحكمون بصحّة حديثه.

ومرّ في باب الجيم بعنوان جرير.

٦٨٦ ـ حسّان بن ثابت بن المنذر :

ابن حرام ـ بفتح المهملة والراء ـ الأنصاري ، الخزرجي ، أبو عبد الله وأبو الوليد(٤) ؛ شاعر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مات سنة أربع وخمسين وله مائة وعشرون سنة ،قب (٥) .

وفيهب : قال ابن سعد : لم يشهد مشهدا ، كان يجبن.

وقال ابن الكلبي : كان لسنا شجاعا ، أصابته علّة فجبن(٦) .

__________________

(١) الكاشف ١ : ١٥٥ / ٩٩٤.

(٢) تقريب التهذيب ١ : ١٥٩ / ٢١٤.

(٣) جامع الأصول : ١ / ١٧١.

(٤) في المصدر : أبو عبد الرحمن أو أبو الوليد.

(٥) تقريب التهذيب ١ : ١٦١ / ٢٢٩.

(٦) الكاشف ١ : ١٥٧ / ١٠٠٦ ، وفيه : النجاري.

٣٥١

أقول : حسّان هذا كان أوّلا معروفا بحبّ عليّعليه‌السلام ، مواليا لأهل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قائلا في مدحهم الأشعار ، مرغما أنوف الكفرة الفجّار ، إلاّ أنّ القوم استمالوه ، وغرّته الأطماع الدنيّة والزخارف الدنيويّة ؛ ففارق عليّاعليه‌السلام ، حتّى أنّه على ما قيل سبّه وهجاه.

وفي شرح ابن أبي الحديد ـ بعد ذكر عزل عليّعليه‌السلام قيس بن سعد بن عبادة عن مصر وإنفاذ محمّد بن أبي بكررضي‌الله‌عنه إليها ـ : قال إبراهيم : ثمّ أقبل قيس حتّى دخل المدينة ، فجاء حسّان بن ثابت شامتا به ـ وكان عثمانيّا ـ فقال له : نزعك عليّ بن أبي طالب ، وقد قتلت عثمان ، فبقي عليك الإثم ولم يحسن لك الشكر.

فزجره قيس وقال : يا أعمى القلب ، يا أعمى البصر ، والله لولا ألقى بين رهطي ورهطك حربا لضربت عنقك. ثمّ أخرجه من عنده(١) ، انتهى.

ولمّا كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يعلم بما يؤول إليه أمره قيّد الدعاء له بدوام ذبّه عنهم(٢) ونصرته لهمعليهم‌السلام ، حيث قال : لا زلت مؤيّدا بروح القدس ما ذببت عنّا ، وما نصرتنا بلسانك. وأشير إليه في ترجمة الكميت(٣) .

٦٨٧ ـ حسّان بن مهران :

قر (٤) . وزادصه : الجمّال ، مولى بني كاهل من بني أسد ، وقيل : مولى لغني ، أخو صفوان ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وأبي الحسن عليه‌

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ٦ / ٦٤.

(٢) في نسخة « م » زيادة :عليهم‌السلام .

(٣) نقلا عن رجال الكشّي : ٢٠٧ / ٣٦٥.

(٤) رجال الشيخ : ١١٨ / ٤٧.

٣٥٢

السلام ، ثقة ثقة ، أصحّ من صفوان وأوجه(١) .

وزادجش : له كتاب يرويه عدّة من أصحابنا ، منهم عليّ بن النعمان(٢) .

وفيست : ابن مهران الجمّال ، له كتاب رواه عليّ بن النعمان عنه.

أخبرنا به عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن حميد ، عن القاسم بن إسماعيل ، عن حسان الجمّال(٣) .

وفيق : ابن مهران الجمّال الكوفي(٤) .

ثمّ بعده : حسّان بن مهران الغنوي الكوفي(٥) .

وهذا وإن كان ظاهره التعدّد إلاّ أنّ عادة الشيخ نقل جميع ما ذكره الأصحاب ، وعادة النجاشي تحقيق الحال.

أقول : ويحتمل كون حسّان ثانيا فيق بالسواد ، فتأمّل.

وفيمشكا : ابن مهران الثقة ، عنه عليّ بن النعمان ، وسيف بن عميرة ، والقاسم بن إسماعيل ، وعبد الصمد بن بشير.

وهو عن الصادق والكاظمعليهما‌السلام (٦) .

٦٨٨ ـ حسكا بن بابويه :

جدّ الشيخ منتجب الدين ، غير مذكور في الكتابين. ويأتي بعنوان‌

__________________

(١) الخلاصة : ٦٤ / ٨.

(٢) رجال النجاشي : ١٤٧ / ٣٨١.

(٣) الفهرست : ٦٤ / ٢٥٦ ، والظاهر أنّ عليّ بن النعمان ساقط من السند كما نبّه عليه بعض المحقّقين ، راجع مجمع الرجال : ٢ / ٩٥ ، قاموس الرجال ٣ : ١٧٨ / ١٨٢٤.

(٤) رجال الشيخ : ١٨١ / ٢٦٩.

(٥) رجال الشيخ : ١٨١ / ٢٧٠.

(٦) هداية المحدّثين : ٣٧.

٣٥٣

الحسن بن الحسين بن بابويه.

٦٨٩ ـ الحسن بن أبان قمّي :

فيصه : أنّ الحسين بن سعيد تحوّل إلى قم فنزل على الحسن بن أبان(١) .

ونصّشه على أنّه غير مذكور في كتب الرجال ، مع أنّ هذا يدلّ على أنّه جليل مشهور(٢) .

وفيتعق : تأتي عبارته في الحسين بن سعيد(٣) .

قلت : ذكر نزول الحسين عليه الشيخ فيست (٤) ، وصه أخذه عنه(٥) ، فلاحظ.

وفي النقد : ربما يدلّ هذا على عظم شأنه(٦) .

وفي الوجيزة : ممدوح(٧) .

٦٩٠ ـ الحسن بن إبراهيم بن باتانة :

يروي عنه الصدوق مترضّيا(٨) ، ولعلّه الحسين بن إبراهيم الآتي ، ويحتمل كونه أخاه ،تعق (٩) .

أقول : ذكره بعض المشايخ مترضّيا ، وقال : إنّه من مشايخ الصدوق.

__________________

(١) الخلاصة : ٤٩ / ٤.

(٢) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ٢٧.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩٣.

(٤) الفهرست : ٥٨ / ٢٣٠.

(٥) في نسخة « ش » : أخذ منه.

(٦) نقد الرجال : ٨٥ / ١.

(٧) الوجيزة : ١٨٤ / ٤٥٨.

(٨) لم نعثر عليه باسم : الحسن ، وإنّما الموجود : الحسين ، ويأتي. وفي نسخة « ش » : بانانة.

(٩) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩٤ ، وفيها : ناتانة.

٣٥٤

٦٩١ ـ الحسن بن إبراهيم بن عبد الصمد :

الخزاز ، الكوفي ؛ روى عنه التلعكبري وسمع منه سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة ، وليس له منه إجازة ، لم(١) .

وفيتعق : كونه من مشايخ الإجازة يشير إلى الوثاقة(٢) .

أقول : فيمشكا : ابن إبراهيم بن عبد الصمد ، عنه التلعكبري(٣) .

٦٩٢ ـ الحسن بن إبراهيم بن عبد الله :

ابن الحسن بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن هارون بن عمران الهمداني ؛ وكيل ،صه (٤) .

جش ، في محمّد بن عليّ بن إبراهيم الهمداني(٥) .

٦٩٣ ـ الحسن بن أبي سارة :

النيلي ،ق (٦) .

وزادقر : الأنصاري القرظي ، وهو ابن عمّ معاذ الهراء ، وله ابن يقال له : أبو جعفر الرواسي النحوي. كنية الحسن أبو علي(٧) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ٤٦٨ / ٣٥.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩٤.

(٣) هداية المحدّثين : ٣٨.

(٤) هذه الترجمة ملفقة بين ترجمتين وهما ـ كما ذكر في منهج المقال : ٩٥ ـ :

١ ـ الحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام المدني ، ق. رجال الشيخ : ١٦٦ / ٢.

٢ ـ الحسن أبو محمّد بن هارون بن عمران الهمداني ، وكيل ، صه. الخلاصة : ٤٣ / ٣٥.

إلاّ أنّ فيها : الحسن بن محمّد.

(٥) رجال النجاشي : ٣٤٤ / ٩٢٨.

(٦) رجال الشيخ : ١٦٧ / ٣٦.

(٧) رجال الشيخ : ١١٢ / ٢.

٣٥٥

وفيصه : ابن أبي سارة ، ثقة ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (١) .

وفيتعق : يأتي في ابنه محمّد عنجش وصه أنّه وأباه وابن عمّه معاذا أهل بيت فضل وأدب وثقات(٢) . ولعلّ المصنّف غفل عنه.

والظاهر أنّ توثيقصه الحسن ومعاذا ممّا ذكرهجش (٣) .

قلت : ويأتي هناك روايته عن الباقر والصادقعليهما‌السلام ، كما مرّ عنجخ أيضا ، فاقتصار العلاّمةرحمه‌الله على الصادقعليه‌السلام لا وجه له.

وفيمشكا : ابن أبي سارة الثقة على ما فيصه ، يروي عن الصادقعليه‌السلام ولا مشارك(٤) ، انتهى.

وتقييده بالصادقعليه‌السلام فيه ما فيه ، وكذا تخصيصه بروايته عن الصادقعليه‌السلام ، فتدبّر.

٦٩٤ ـ الحسن بن أبي سعيد :

هاشم بن حيّان ـ بالمثنّاة التحتانيّة ـ المكاري ، أبو عبد الله ، كان هو وأبوه وجهين في الواقفة ، وكان الحسن ثقة في حديثه ، وذكره أبو عمرو الكشّي من جملة الواقفة ، وذكر فيه ذموما ليس هذا موضع ذكرها ،صه (٥) .

وفيكش ذموم كثيرة(٦) .

وفيجش : الحسين(٧) ، ويأتي.

__________________

(١) الخلاصة : ٤٤ / ٤٨.

(٢) رجال النجاشي : ٣٢٤ / ٨٨٣ ، الخلاصة : ١٥٣ / ٧٨.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩٤.

(٤) هداية المحدّثين : ٣٨.

(٥) الخلاصة : ٢١٤ / ١٠.

(٦) رجال الكشّي : ٤٦٥ / ٨٨٤ و ٤٦٦ / ٨٨٥.

(٧) رجال النجاشي : ٣٨ / ٧٨.

٣٥٦

قلت : وهو الصحيح. وأمّاكش فالذي فيه ابن المكاري ، وابن أبي سعيد.

وفي الوجيزة أيضا الحسين ، وأنّه موثّق(١) .

وفيمشكا : ابن أبي سعيد الموثّق ، عنه عليّ بن عمر الزيّات. وهو عن الرضاعليه‌السلام (٢) .

٦٩٥ ـ الحسن بن أبي عبد الله :

محمّد بن خالد بن عمر(٣) الطيالسي ، أبو العبّاس التميمي ، أبو محمّد ، ثقة ،صه (٤) .

وقالشه : اقتصر د من الكنيتين على أبي العبّاس(٥) ، وهو أجود(٦) ، انتهى.

والحقّ أنّ كنية الحسن أبو محمّد ، وأبو العبّاس كنية أخيه عبد الله ، كما يأتي عنجش فيه(٧) .

وفيتعق : سنذكره بعنوان ابن محمّد بن خالد(٨) .

أقول : في الحاوي بعد ذكر أنّ كنية الحسن أبو محمّد ، وكنية عبد الله أبو العبّاس : فظهر أنّ ما فعله العلاّمة وكذا د وجوّده المحشّي ـ أيشه ـ غير‌

__________________

(١) الوجيزة : ١٩٣ / ٥٣٩.

(٢) هداية المحدّثين : ٣٨.

(٣) في المصدر : نجم.

(٤) الخلاصة : ٤٤ / ٤٤.

(٥) رجال ابن داود : ٧٧ / ٤٥٨.

(٦) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ٢٦.

(٧) رجال النجاشي : ٢١٩ / ٥٧٢.

(٨) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩٤.

٣٥٧

جيّد(١) .

٦٩٦ ـ الحسن بن أبي عثمان :

الملقّب سجّادة. غير مذكور في الكتابين بهذا(٢) العنوان ، ويأتي بعنوان ابن عليّ بن أبي عثمان.

٦٩٧ ـ الحسن بن أبي عقيل :

يأتي بعنوان ابن عليّ بن أبي عقيل.

٦٩٨ ـ الحسن بن أبي قتادة :

عليّ بن محمّد بن عبيد بن حفص بن حميد(٣) مولى السائب بن مالك الأشعري ، قتل حميد يوم المختار معه.

ويكنّى الحسن أبا محمّد ، وكان شاعرا أديبا ، وروى أبو قتادة عن أبي عبد الله وأبي الحسنعليهما‌السلام .

له كتاب نوادر ، أحمد بن أبي عبد الله عنه به.

قال أحمد بن الحسين : إنّه وقع إليه أشعار عمرو بن معديكرب وأخباره صنعته ،جش (٤) .

أقول : كذا في نسخ الكتاب ونسختين من جش عندي ، والذي يأتي في أبيه تقديم حفص على عبيد(٥) ، فلاحظ.

هذا ، وقال بعض : يحتمل توثيق الحسن هذا من عبارةجش في‌

__________________

(١) حاوي الأقوال : ٤٤ / ١٤٥.

(٢) في نسخة « م » : هذا.

(٣) في المصدر : عليّ بن محمّد بن حفص بن عبيد بن حميد.

(٤) رجال النجاشي : ٣٧ / ٧٤.

(٥) رجال النجاشي : ٢٧٢ / ٧١٣.

٣٥٨

أبيه(١) ، فراجع وتأمّل.

وكيف كان ، فظاهرجش كونه من الإماميّة ، والوصف بالشاعر الأديب ممّا يؤنس بحاله ، وكذا كونه صاحب كتاب نوادر ، مضافا إلى ما يظهر من تعرّضغض له وعدم تعرّضه لقدح فيه ، مع ما علم من عادته.

وفيمشكا : ابن أبي قتادة ، عنه أحمد بن أبي عبد الله(٢) .

٦٩٩ ـ الحسن أبو محمّد :

الملقّب بالناصر ، ابن أبي الحسين أحمد. غير مذكور في الكتابين.

وهو جدّ السيّدين المرتضى والرضي ـ رضي الله عنهما ـ لامّهما.

قال المرتضى(٣) رضي‌الله‌عنه في شرح المسائل الناصريّة : شاهدته وكاثرته ، وكانت وفاته ببغداد سنة ثمان وستّين وثلاثمائة ، وكان خيّرا فاضلا ديّنا ، نقيّ السريرة ، جميل النيّة ، حسن الأخلاق ، كريم النفس ، وكان معظّما مبجّلا مقدّما في أيّام معزّ الدولة(٤) وغيرها ـ رحمهما الله ـ لجلالة نسبه ، ومحلّه في نفسه ، إذ كان ابن خالة بختيار عزّ الدولة.

ثمّ قال : ولي أبو محمّد الناصر جدّي الأدنى النقابة على العلويّين بمدينة السلام عند اعتزال والديرحمه‌الله لها سنة اثنتين وستّين وثلاثمائة(٥) .

__________________

(١) حيث فيه بعد ذكر اسمه قال : روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وعمّر ؛ وكان ثقة ، وابنه الحسن بن أبي قتادة الشاعر ، وأحمد بن أبي قتادة ، أعقب.

فقد يستشف كون الواو في قوله : وابنه ، عاطفة لما سبق.

(٢) هداية المحدّثين : ٣٨.

(٣) المرتضى ، لم ترد في نسخة « ش ».

(٤) في نسخة « ش » : معز الدين.

(٥) المسائل الناصرية ـ ضمن كتاب الجوامع الفقهية ، مقدمة الشريف على الناصريات ـ : ٢١٤.

٣٥٩

ويأتي ذكرهرحمه‌الله في ترجمة جدّه الحسن بن عليّ ، فإنّ الملقّب بالناصر اثنان الأصغر وهو هذا ، والأكبر وهو ذاك.

٧٠٠ ـ الحسن بن أحمد بن إبراهيم :

يظهر من ترجمة أحمد بن عامر أنّه شيخ الإجازة ،تعق (١) .

٧٠١ ـ الحسن بن أحمد بن إدريس :

روى عنه الصدوق مترضّيا ، كذا مكرّرا في نسختين من نسخ الأمالي(٢) ، فيحتمل كونه غير الحسين وأخاه ،تعق (٣) .

٧٠٢ ـ الحسن بن أحمد بن ريذويه :

ـ بالمهملة المكسورة والمثنّاة من تحت الساكنة والذال المعجمة والواو الساكنة والتحتانيّة المفتوحة ـ القمّي ، ثقة من أصحابنا القمّيّين ، له كتاب المزار ،صه (٤) .جش إلاّ الترجمة(٥) .

٧٠٣ ـ الحسن بن أحمد بن القاسم :

ابن محمّد بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام (٦) ، الشريف النقيب أبو محمّد ، سيّد في هذه الطائفة ، قالهجش ، ثمّ قال : غير أنّي رأيت بعض أصحابنا يغمز عليه في بعض رواياته ، له كتب ،صه (٧) .

جش ، إلاّ قوله : قالهجش ثمّ قال ، وزاد : منها كتاب خصائص أمير‌

__________________

(١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩٤ ، رجال النجاشي : ١٠٠ / ٢٥٠.

(٢) لم نعثر عليه في نسختنا من الأمالي ، وذكر في إكمال الدين : ٧٠ / ٨٦.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٩٤.

(٤) الخلاصة : ٤٤ / ٤١.

(٥) رجال النجاشي : ٦٢ / ١٤٥.

(٦)عليه‌السلام ، لم ترد في نسخة « م ».

(٧) الخلاصة : ٤٤ / ٤٧.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500