منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٢

منتهى المقال في أحوال الرّجال12%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
ISBN: 964-5503-90-6
الصفحات: 500

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 500 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 247655 / تحميل: 4745
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٩٠-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

وهو على مصر، ويقال عبد العزيز، أن يبعث بموسى بن نصر إلى افريقية، وكان أبوه نصير من حرس معاوية، ولمّا سار معاوية إلى صفّين لم يسر معه ؛ فقال له: ما يمنعك عن المسير معي إلى قتال عليّ ويدي عندك معروفة.

فقال: لا أُشركك بكفر من هو أولى بالشكر منك وهو الله عزّ وجلّ، فسكت عنه معاوية. فبعث عبد الله موسى بن نصير وقدم القيروان سنة ٨٩ وبها صالح خليفة حسان، فعقد له، ورأى البربر قد طمعوا في البلاد، فوجّه البعوث في النواحي، وبعث ابنه عبد الله في البحر إلى جزيرة ميورقة، فغنم بها وسبى وعاد.

ثمّ بعثه إلى ناحية أُخرى وابنه مروان كذلك، وتوجّه هو إلى ناحيةٍ فغنم منها وسبى وعاد، وبلغ الخمس من المغنم سبعين ألف رأس من السبي.

ثمّ غزا طنجة وافتتح درعة وصحراء فيلالت وأرسل ابنه إلى السوس، وأذعن البربر لسلطانه ودولته، وأخذ رهائن المصامدة وأنزلهم بطنجة وولى عليها طارق بن زياد الليثي، ثمّ أجاز طارق إلى الأندلس.

فكان فتحها سنة تسعين، وتعاقب عليها ولاة المسلمين إلى أن انتهى أمرها إلى الأغالبة، وجدّهم إبراهيم بن الأغلب وهو الذي تولاّها من قِبَل الرشيد مع الأندلس.

وفي سنة ٢١٩ هـ فتح أسد بن الفرات صقلية وكانت من عمالات الروم وأمرها راجع إلى صاحب قسطنطينية، وولّى عليها سنة إحدى عشر ومئتين بطريقاً اسمه قسنطيل، واستعمل على الأسطول قائداً من الروم حازماً شجاعاً فغزا سواحل افريقية وانتهبها.

ثمّ بعد مدّةٍ كتب ملك الروم إلى قسنطيل يأمره بالقبض على مقدّم الأسطول وقتله، ونُميَ الخبر إليه بذلك فانتقض وتعصّب له أصحابه، وسار إلى مدينة سرقوسة من بلاد صقلية فملكها، وقاتله قسنطيل فهزمه القائد ودخل مدينة تطانية، فأتبعه جيشاً أخذوه وقتلوه.

واستولى القائد على صقلية فملكها وخُوطب بالملك، وولّى على ناحية من الجزيرة رجلاً اسمه بلاطة.

وكان ميخائيل ابن عمّ بلاطة على مدينة بليرم، فانتقض هو وابن عمّه على القائد واستولى بلاطة على مدينة سرقوسة.

وركب القائد في أساطيله إلى إفريقية مستنجداً بزيادة الله فبعث معهم العساكر، واستعمل عليهم أسد بن الفرات قاضي القيروان، فخرجوا في ربيع سنة اثنتي عشرة فنزلوا بمدينة مازر، وساروا إلى بلاطة، ولقيهم القائد وجميع الروم الذين بها استمدّهم فهزموا

٣٢١

بلاطة والروم الذين معه وغنموا أموالهم. وهرب بلاطة إلى فلونرة، فقتل واستولى المسلمون على عدّة حصون من الجزيرة، ووصلوا إلى قلعة الكرات وقد اجتمع بها خلقٌ كثير، فخادعوا القاضي أسد بن الفرات في المراودة على الصلح وأداء الجزية حتّى استعدّوا للحصار، ثمّ امتنعوا عليه فحاصرهم وبعث السرايا في كلّ ناحيةٍ وكثرت الغنائم.

ثمّ حاصروا سرقوسة برّاً وبحراً، وجاء المدد من افريقية وحاصروا بليرم.

وزحف الروم إلى المسلمين وهم يحاصرون سرقوسة، قد بعثوهم واشتدّ حصار المسلمين لسرقوسة، ثمّ أصاب معسكرهم الفناء، وهلك كثيرٌ منهم ومات أسد بن الفرات أميرهم ودُفن بمدينة قَصريانَّة. ومعهم القائد الذي جاء يستنجدهم فخادعه أهل قصريانة وقتلوه.

وجاء المدد من القسطنطينية فتصافوا مع المسلمين، وهزموهم ودخل فلّهم إلى قصريانة.

ثمّ توفّي محمد بن الحواري أمير المسلمين وولي بعده زهير بن عوف.

ثمّ محّص الله المسلمين فهزمهم الروم مرّات، وحصروهم في معسكرهم حتّى جهدهم الحصار وخرج مَن كان في كبركيب من المسلمين بعد أن هدموها وساروا إلى مازر، وتعذّر عليهم الوصول إلى إخوانهم، وأقاموا كذلك إلى سنة أربع عشرة إلى أن اشرفوا على الهلاك. فوصلت مراكب إفريقية مدداً وأسطول من الأندلس، خرجوا للجهاد واجتمع منهم ثلاثمئة مركب فنزلوا الجزيرة، وأفرج الروم عن حصار المسلمين وفتح المسلمون مدينة بليرم بالأمان سنة سبع عشرة. ثمّ ساروا سنة تسع عشرة إلى مدينة قصريانة وهزموا الروم عليها سنة عشرين.

ثمّ بعثوا إلى طرميس، ثمّ بعث زيادة الله الفضل بن يعقوب في سريّة إلى سرقوسة فغنموا، ثمّ سارت سريّةٌ أُخرى واعترضها بطريق صقلية فامتنعوا منه في وعر وخمل من الشعراء، حتّى يئس منهم وانصرف على غير طائل. فحمل عليهم أهل السريّة وانهزموا، وسقط البطريق عن فرسه فطُعن وجرح.

وغنم المسلمون ما معهم من سلاح ودوابّ ومتاع، ثمّ جهّز زيادة الله إلى صقلية إبراهيم بن عبد الله بن الأغلب في العساكر وولاّه أميراً عليها، فخرج منتصف رمضان وبعث أسطولاً، فلقي أسطولاً للروم فغنمه، وقتل مَن كان فيه وبعث أسطولاً آخر إلى قصوره فلقي أسطولاً فغنمه، وسارت سريّةٌ إلى جبل النار والحصون التي في نواحيها، وكثر

٣٢٢

السبي بأيدي المسلمين، وبعث الأغلب سنة (٢١) أسطولاً نحو الجزائر فغنموا وعادوا، وبعث سريّةً إلى قطلبانة وأُخرى إلى قصريانة كان فيهما التمحيص على المسلمين.

ثمّ كانت وقعة أُخرى كان فيها الظفر للمسلمين، وغنم المسلمون من أسطولهم تسع مراكب.

ثمّ عثر بعض المسلمين على عورة من قصريانة فدلّ المسلمين عليها ودخلوا منها البلد، وتحصّن المشركون بحصنه حتّى استأمنوا، وفتحه الله، وغنم المسلمون غنائمه وعادوا إلى بليرم، إلى أن وصلهم الخبر بوفاة زيادة الله، فوهنوا أوّلاً، ثمّ أنشطوا وعادوا إلى الصبر والجهاد. وكانت وفاة زيادة الله منتصف سنة ثلاث وعشرين ومئتين لإحدى وعشرين سنة ونصف من ولايته، وولي مكانه أخوه أبو عقال الأغلب.وبعث سنة أربع وعشرين ومئتين سريّةً إلى صقلية، فغنموا وعادوا ظافرين.

وفي سنة خمس وعشرين ومئتين استأمن للمسلمين عدّة حصون من صقلية، فأمنوهم وفتحوها صلحاً.

وسار أسطول المسلمين إلى قلورية، ففتحوها ولقوا أسطول القسطنطينية فهزموهم.

وفي سنة ستّ وعشرين ومئتين سارت سرايا المسلمين بصقلية إلى قصريانة، ثمّ حصن القيروان وأثخنوا في نواحيها.

ثمّ توفّي الأغلب بن إبراهيم في ربيع من سنة ستّ وعشرين ومئتين لسنتين وسبعة أشهر من إمارته، وولي مكانه ابنه أبو العبّاس محمد بن الإغلب، وتوفّي سنة اثنتين وأربعين ومئتين، فولي مكانه ابنه أبو إبراهيم أحمد بن محمد بن الأغلب.

وفي أيّامه افتتحت قصريانة من مدن صقلية في شوال سنة تسع وأربعين ومئتين لثمان سنين من ولايته.

وفي أيّام ولاية أبي الغرانيق محمد بن أحمد بن محمد بن الأغلب تغلّب الروم على مواضع من جزيرة صقلية.

بقيّة أخبار صقلية

وفي سنة ثمان وعشرين ومئتين سار الفضل بن جعفر الهمداني في البحر، ونزل مرسى مسينة وحاصرها ؛ فامتنعت عليه، وبثّ السرايا في نواحيها فغنموا.

ثمّ بعث طائفةً من عسكره وجاؤوا إلى البلد من وراء جبلٍ مطلٍّ عليه وهم مشغولون بقتاله، فانهزموا وأعطوا باليد ففتحها.

ثمّ حاصر سنة ثنتين وثلاثين ومئتين مدينة لسى.

وكاتب أهلها بطريق صقلية

٣٢٣

يستمدّونه ؛ فأجابهم وأعطاهم العلامة بإيقاد النار على الجبل. وبلغ ذلك الفضل بن جعفر فأوقد النار على الجبل، وأكمن لهم من ناحيةٍ فخرجوا، واستطرد لهم حتّى جاوزوا الكمين فخرجوا عليهم فلم ينج منهم إلاّ القليل، وسلّموا البلد على الأمان.

وفي سنة ثلاث وثلاثين ومئتين أجاز المسلمون إلى أرض انكبردة من البرّ الكبير، وملكوا منها مدينةً وسكنوها.

وفي سنة أربع وثلاثين ومئتين صالح أهل رغوس وسلّموا المدينة للمسلمين، فهدموها بعد أن حملوا جميع ما فيها.

وفي سنة ثلاث وثلاثين ومئتين توفّي أمير صقلية محمد بن عبد الله بن الأغلب، واجتمع المسلمون بعده على ولاية العبّاس بن الفضل بن يعقوب بعد موت أميرهم.

وكتب له محمد بن الأغلب، بعهده على صقلية، وكان من قبل يغزو ويبعث السرايا وتأته الغنائم، ولمّا جاءه كتاب الولاية خرج بنفسه وعلى مقدّمته عمّه رياح، فعاث في نواحي صقلية وردّد البعوث والسرايا إلى قطانية وسرقوسة وبوطيف ورغوس، فغنموا وخربّوا وحرقوا، وافتتح حصوناً جمّة، وهزم أهل قصريانة وهي مدينة ملك صقلية، وكان الملك قبله يسكن سرقوسة فلمّا فتحها المسلمون انتقل الملك إلى قصريانة.

وخبر فتحها أنّ العبّاس كان يردّد الغزو إلى نواحي سرقوسة وقصريانة شاتية وصائفة، فيصيب منهم ويرجع بالغنائم والأسارى. فلما كان في شاتية منها أصاب منهم أسارى وقدّمهم للقتل، فقال له بعضهم - وكان له قدر وهيبة - استبقني وأنا أملك قصريانة، ودلّهم على عورة البلد ؛ فجاؤوها ليلاً ووقفهم على بابٍ صغيرٍ فدخلوا منه، فلمّا توسّطوا البلد وضعوا السيف وفتحوا الأبواب ودخل العبّاس في العسكر فقتل المقاتلة وسبى بنات البطارقة وأصاب فيها ما يعجز الوصف عنه.

وذل الروم بصقلية من يومئذٍ، وبعث ملك الروم عسكراً عظيماً مع بعض بطارقته، وركبوا البحر إلى مرسى سرقوسة، فجاءهم العبّاس من بليرم، فقاتلهم وهزمهم وأقلع فلّهم إلى بلادهم، بعد أن غنم المسلمون من أسطولهم ثلاثة أو أكثر، وذلك سنة سبع وثلاثين ومئتين.

وافتتح بعدها كثيراً من قلاع صقلية، وجاء مدد الروم من القسطنطينية وهو يحاصر قلعة الروم فنزلوا سرقوسة ورجف إليهم العبّاس من مكانه وهزمهم.

ورجع إلى قصريانة فحصنها وأنزل بها الحامية، ثمّ سار سنة سبع وأربعين

٣٢٤

ومئتين إلى سرقوسة فغنم، ورجع فاعتلّ في طريقه، فهلك منتصف سنته ودُفن في نواحي سرقوسة، وأحرق النصارى شلوه وذلك إحدى عشرة سنة من إمارته.

واتّصل الجهاد بصقلية والفتح، وأجاز المسلمون إلى عدوة الروم في الشمال، وغزوا أرض قلورية وانكبردة، وفتحوا فيها حصوناً وسكن بها المسلمون.

ولمّا توفّي العبّاس اجتمع الناس على ابنه عبد الله، وكتبوا إلى صاحب افريقية.

وبعث عبد الله السرايا ففتح القلاع، وبعد خمسة أشهر من ولايته وصل خفاجة بن سفيان من افريقية على صقلية في منتصف ثمان وأربعين ومئتين، وأخرج ابنه محموداً في سريّةٍ إلى سرقوسة، فعاث في نواحيها وخرج إليهم الروم فقاتلهم وظفر ورجع، ثمّ فتح مدينة نوطوس سنة خمس وخمسين ومئتين إلى سرقوسة وجبل النار، واستأمن إليه أهل طرميس. ثمّ غدروا فسرّح ابنه محمداً في العساكر، وسبى أهلها ثمّ سار خفاجة إلى رغوس، وافتتحها وأصابه المرض، فعاد إلى بليرم، ثمّ سار سنة ثلاث وخمسين ومئتين إلى سرقوسة وقطانية فخرب نواحيها، وأفسد زرعها، وبعث سراياه في أرض صقلية فامتلأت أدهم من الغنائم.

وفي سنة أربع وخمسين ومئتين وصل بطريق من القسطنطينية لأهل صقلية، فقاتله جمع من المسلمين وهزموه، وعاث خفاجة في نواحي سرقوسة ورجع إلى بليرم، وبعث سنة خمس وخمسين ومئتين ابنه محمداً في العساكر إلى طرميس، وقد دلّه بعض العيون على بعض عوراتها فدخلوها وشرعوا في النهب.

وجاء محمد بن خفاجة من ناحيةٍ أُخرى فظنوه مدداً للعدو فأجفلوا ورآهم محمد مجفلين فرجع.

ثمّ سار خفاجة إلى سرقوسة في حرّها وعاث في نواحيها، ورجع فاغتاله بعض عسكره في طريقه وقتله، وذلك سنة خمس وخمسين ومئتين.

وولّى الناس عليهم ابنه محمداً، وكتبوا إلى محمد بن أحمد أمير افريقية فأقرّه على الولاية، وبعث إليه بعهده.

وفي سنة سبع وثمانين ومئتين بعث إبراهيم بن أحمد أخي أبي الغرانيق ابنه أبا العبّاس عبد الله على صقلية، فوصل إليها في مئة وستّين مركباً وحصر طلاية، وانتقض عليه بليرم وأهل كبركيت وكانت بينهم فتنة، فأغراه كلّ واحدٍ منهم بالآخرين، ثمّ اجتمعوا لحربه وزحف إليه أهل بليرم في البحر فهزمهم واستباحهم.

وبثّ جماعةٌ من وجوهها إلى أبيه وفرّ

٣٢٥

آخرون من أعيانهم إلى القسطنطينية، وآخرون إلى طرميس فاتّبعهم وعاث في نواحيها.

ثمّ حاصر أهل قطانية فامتنعوا عليه فأعرض عن قتال المسلمين، وتجهّز سنة ثمان وثمانين للغزو، فغزا ميسنى ثمّ مسينة، ثمّ جاء في البحر إلى ريو ففتحها عنوةً، وشحن مراكبه بغنائمها.

ورجع إلى مسينة فهدم سورها، وجاء مدد القسطنطينية في المراكب فهزمهم وأخذ له ثلاثين مركباً.

ثمّ أجاز إلى عدوة الروم وأوقع بأمم الفرنجة من وراء البحر ورجع إلى صقلية.

وجاء في هذه السنة رسول المعتضد بعزل الأمير إبراهيم لشكوى أهل تونس به، فاستقدم ابنه أبا العبّاس من صقلية وارتحل هو إليها.

وذكر ابن الأثير أنّ فتح سرقوسة كان في أيّامه على يد جعفر بن محمد أمير صقلية، وأنّه حاصرها تسعة أشهر، وجاءهم المدد من قسطنطينية في البحر فهزمهم، ثمّ فتح البلد واستباحها.

واتفقوا كلّهم على أنّه ركب البحر من افريقية إلى صقلية، فنزل طرانية ثمّ تحوّل عنها إلى بليرم، ونزل على دمشق وحاصرها سبعة عشر يوماً، ثمّ فتح مسينة وهدم سورها، ثمّ فتح طرميس آخر شعبان من سنة تسع وثمانين، ووصل ملك الروم بالقسطنطينية ففتحها.

ثمّ بعث حافده زيادة الله ابن ابنه أبي العبّاس عبد الله إلى قلعة بيقض فافتتحها، وابنه أبو محرز إلى رمطة فأعطوه الجزية، ثمّ عبر إلى عدوة البحر وسار في برّ الفرنج ودخل قلورية عنوة، فقتل وسبى ورهب منه الفرنجة.

ثمّ رجع إلى صقلية ورغب منه النصارى في قبول الجزية فلم يجب إلى ذلك.

ثمّ سار إلى كنسة في حرّها، واستأمنوا إليه فلم يقبل ثمّ هلك وهو محاصر لها آخر تسع وثمانين لثمان وعشرين سنة من إمارته، فولّى أهل العسكر عليهم حافده أبا مضر ليحفظ العساكر والأمور، إلى أن يصل ابنه أبو العبّاس وهو يومئذٍ بافريقية. فأمن أهل كنسة قبل أن يعلموا بموت جدّه، وقبل منهم الجزية، وأقام قليلاً حتّى تلاحقت به السرايا من النواحي، ثمّ ارتحل وحمل جدّه إبراهيم فدفنه في بليرم، وقال ابن الأثير حمله إلى القيروان فدفنه بها.

وفي أيّامه ظهر أبو عبد الله الشيعي بكتامة يدعو للرضا من آل محمد ويبطن الدعوة لعبيد الله المهدي من أبناء إسماعيل الإمام، واتبعه كتامة وهو من الأسباب التي دعته للتوبة والإقلاع والخروج إلى صقلية. وبعث إليه موسى بن عياش صاحب صلته بالخبر، وبعث إبراهيم رسوله إلى الشيعي بانكجان يهدّده ويحذّره فلم يقبل، وأجابه بما يكره. فلمّا

٣٢٦

قربت أُمور أبي عبد الله وجاء كتاب المعتضد لإبراهيم أظهر التوبة ومضى إلى صقلية، وكانت بعده بإفريقية حروب أبي عبد الله الشيعي مع قبائل كتامة حتّى استولى عليهم واتّبعوه.

وكان إبراهيم قد أسرّ لابنه أبي العبّاس في شأن الشيعي، ونهاه عن محاربته وأن يلحق به إلى صقلية إن ظهر عليه.

ولمّا هلك إبراهيم سنة تسع وثمانين وولي مكانه ولده أبو العبّاس عبد الله، ولأُمورٍ بلغته عن ولده زيادة الله من اعتكافه على اللّذات واللهو، وعزمه على التوثّب عليه ؛ اعتقله وولّى على صقلية مكانه محمد بن السرقوسي، ثمّ ولي زيادة الله أبو مضر بعد مقتل أبيه أبي العبّاس.

وجرت حروب بينه وبين أبي عبد الله الشيعي، كان فيها الظهور للشيعي واستيلاؤه على بلاده فخروج زيادة الله من المغرب إلى المشرق سنة ستّ وتسعين.

ثمّ تفرّق بنو الأغلب وانقطعت أيّامهم، وأصبحت افريقية وصقلية في حكم عبيد الله المهدي ودانت له، وبعث العمّال في نواحيها وأصبحت صقلية في ولاية الكلبيّين ؛ فكان أول والٍ عليها من قبل المهدي الحسن بن محمد بن أبي خنزير(١) من رجالات كتامة، فوصل إلى مازر سنة سبع وتسعين في العساكر، فولّى أخاه على كبركيت، وولّى على القضاء بصقلية اسحق بن المنهال.

ثمّ سار سنة ثمان وتسعين في العساكر إلى دمشق فعاث في نواحيها ورجع، ثمّ شكى أهل صقلية سوء سيرته وثاروا به وحبسوه، وكتبوا إلى المهدي معتذرين، فقبل عذرهم وولّى عليهم أحمد بن قهرب، وبعث سريّةً إلى أرض قلورية فدوّخوها ورجعوا بالغنائم والسبي.

ثّم أرسل سنة ثلاثمئة ابنه عليّاً إلى قلعة طرمن المحدثة ليتخذها حصناً لحاشيته وأمواله حذراً من ثورة أهل صقلية. فحصرها ابنه ستّة أشهر، ثمّ اختلف عليه العسكر فأحرقوا خيامه وأرادوا قتله فمنعه العرب، ودعا هو الناس إلى طاعة المقتدر فأجابوه.

وقطع خطبة المهدي وبعث الأسطول إلى افريقية، ولقوا أسطول المهدي وقائده الحسن ابن أبي خنزير فقتلوه وأحرقوا الأسطول.

وسار أسطول ابن قهرب إلى صفاقس فخرّبوها، وانتهوا إلى طرابلس، وانتهى الخبر إلى القائم بن المهدي، ثمّ وصلت الخِلَع

____________________

(١) وفي تاريخ أبي الفداء ابن أبي حفترير.

٣٢٧

والألوية من المقتدر إلى ابن قهرب، ثمّ بعث الجيش في الأسطول إلى قلوية، فعاثوا في نواحيها ورجعوا، ثمّ بعث ثانيةً أسطولاً إلى افريقية فظفر به أسطول المهدي فانتقض أمره وعصى عليه أهل كبركيت، وكاتبوا المهدي، ثمّ ثار الناس بابن قهرب آخر الثلاثمئة وحبسوه وأرسلوه إلى المهدي فأمر بقتله على قبر خنزير في جماعةٍ من خاصّته.

وولّى على صقلية أبا سعيد بن أحمد، وبعث معه العساكر من كتامة، فركب إليها البحر فنزل في طرانية، وعصى عليه أهل صقلية بمَن معه من العساكر فامتنعوا عليه وقاتله أهل كبركيت وأهل طرانية، فهزمهم وقتلهم، ثمّ استأمن إليه أهل طرانية فأمنهم وهدم أبوابها.

وأمره المهدي بالعفو عنهم، ثمّ ولّى المهدي على صقلية سالم بن راشد، وأمدّه سنة ثلاث عشرة بالعساكر، فعبر البحر إلى أرض انكبردة فدوّخها، وفتحوا فيها حصوناً ورجعوا، ثمّ عادوا إليها ثانية وحاصروا مدينة أدرنت أيّاماً، ورحلوا عنها، ولم يزل أهل صقلية يغيرون على ما بأيدي الروم من جزيرة صقلية وقلورية ويعيثون في نواحيها.

وبعثّ المهدي سنة ثنتين وعشرين جيشاً في البحر مع يعقوب بن إسحاق فعاث في نواحي جنوة. ولمّا كانت سنة خمس وعشرين انتقض أهل كبركيت على أميرهم سالم بن راشد، وقاتلوا جيشه، وخرج إليهم سالم بنفسه فهزمهم وحصرهم ببلدهم واستمدّ القائم فأمده بالعساكر مع خليل بن اسحاق، فلمّا وصل إلى صقلية شكا إليه أهلها من سالم بن راشد، واسترحمته النساء والصبيان، وجاءه أهل كبركيت وغيرها من أهل صقلية بمثل ذلك، فرقّ لشكواهم ودسّ إليهم سالمٌ بأنّ خليلاً إنّما جاء للانتقام منهم بمَن قتلوا من العسكر. فعاودوا الخلاف واختطّ خليل مدينةً على مرسى المدينة وسمّاها الخالصة.

وتحقق بذلك أهل كبركيت ما قال لهم سالم، واستعدّوا للحرب، فسار إليهم خليل منتصف ستّ وعشرين وحصرهم ثمانية أشهر يغاديهم بالقتال ويراوحهم. حتى إذا جاء الشتاء رجع إلى الخالصة واجتمع أهل صقلية على الخلاف، واستمدّوا ملك القسطنطينية فأمدّهم بالمقاتلة والطعام، واستمدّ خليل القائم فأمدّه بالجيش فافتتح قلعة أبي ثور وقلعة البلّوط وحاصر قلعة بلاطنو إلى أن انقضت سنة سبع وعشرين ؛ فارتحل عنها وحاصر كبركيت ثمّ حبس عليها عسكراً للحصار مع أبي خلف بن هارون، ورحل عنها وطال حصارها إلى سنة

٣٢٨

تسع وعشرين. فهرب كثيرٌ من أهل البلد إلى بلد الروم واستأمن الباقون فأمنهم على النزول عن القلعة، ثمّ غدر بهم فارتاع لذلك سائر القلاع وأطاعوا.

ورجع خليل إلى أفريقية آخر سنة تسع وعشرين، وحمل معه وجوه أهل كبركيت في سفينة، وأمر بخرقها في لجّة البحر فغرقوا أجمعين.

ثمّ ولّى على صقلية عطاف الأزدي.

ثمّ كانت فتنة أبي يزيد، وشُغل القائم والمنصور بأمره، فلمّا انقضت فتنة أبي يزيد عقد المنصور على صقلية للحسن بن أبي الحسن الكلبي من صنائعهم ووجوه قوّاده، وكنيته أبو الغنائم، وكان له في الدولة محلٌّ كبير في مدافعة أبي يزيد عناء عظيم.

وكان سبب ولايته أنّ أهل بليرم كانوا قد استضعفوا عطافاً، واستضعفهم العدو لعجزه ؛ فوثب به أهل المدينة يوم الفطر من سنة خمس وثلاثين.

وتولّى كبروبك بنو الطير منهم، ونجا عطاف إلى الحصن وبعث للمنصور يعلمه ويستمدّه، فولّى الحسن بن علي على صقلية، وركب البحر إلى مازر وأرسى بها فلم يلقه أحدٌ منهم، وأتاه في الليل جماعة من كتامة واعتذروا إليه عن الناس بالخوف من بني الطير، وبعث بنو الطير عيونهم عليه واستضعفوه وواعدوه أن يعودوا إليه، فسبق ميعادهم ودخل المدينة ولقيه حاكم البلد وأصحاب الدواوين.

واضطرّ بنو الطير إلى لقائه وخرج إليهم كبيرهم إسماعيل، ولحق به من انحرف عن بني الطير فكثر جمعه، ودسّ إسماعيل بعض غلمانه فاستغاث بالحسن من بعض عبيده أنّه أكره امرأته على الفاحشة، يعتقد أنّ الحسن لا يعاقب مملوكه فتخشن قلوب أهل البلد عليه. وفطن الحسن لذلك فدعا الرجل واستحلفه على دعواه وقتل عبده. فسرّ الناس بذلك ومالوا عن الطير وأصحابه وافترق جمعهم. وضبط الحسن أمره وخشي الروم بادرته فدفعوا إليه جزية ثلاث سنين، وبعث ملك الروم بطريقاً في البحر في عسكرٍ كبيرٍ إلى صقلية واجتمع هو والسردغرس.

واستمدّ الحسن بن علي المنصور فأمدّه بسبعة آلاف فارس وثلاثة آلاف وخمسمئة راجل، وجمع الحسن مَن كان عنده وسار برّاً وبحراً وبعث السرايا في أرض قلورية، ونزل على أبراجه فحاصرها. وزحف إليه الروم، فصالحه على مالٍ أخذه، وزحف إلى الروم ففرّوا من غير حرب.

ونزل الحسن على قلعة قيشانة فحاصرها شهراً وصالحهم على مال، ورجع بالأسطول إلى مسينة فشتى بها.

وجاءه أمر

٣٢٩

المنصور بالرجوع إلى قلورية، فعبر إلى خراجة فلقي الروم والسردغرس، فهزمهم وامتلأ من غنائمهم، وذلك يوم عرفة سنة أربعين وثلاثمئة.

ثمّ سار إلى خراجة في حرّها حتّى هادنه ملك الروم قسطنطين.

ثمّ عاد إلى ربو وبنى بها مسجداً وسط المدينة، وشرط على الروم أن لا يعرضوا له، وأنّ مَن دخله من الأسرى أمن.

ولمّا توفّي المنصور وملك ابنه المعز سار إليه الحسن واستخلف على صقلية ابنه أحمد، وأمره المعز بفتح القلاع التي بقيت للروم بصقلية، فغزاها وفتح طرمين وغيرها سنة إحدى وخمسين، وأعيته رمطة فحاصرها، فجاءها من القسطنطينية أربعون ألفاً مدداً.

وبعث أحمد يستمدّ المعز، فبعث إليه المدد بالعساكر والأموال مع أبيه الحسن، وجاء مدد الروم فنزلوا بمرسى مسينة ورجفوا إلى رومطة، ومقدّم الجيش على حصارها الحسن بن عمّار وأبن أخي الحسن بن علي. فأحاط الروم بهم وخرج أهل البلد إليهم، وعظم الأمر على المسلمين فاستماتوا وحملوا على الروم وعقروا فرس قائدهم منويل فسقط عن فرسه، وقُتل جماعة من البطارقة معه، وانهزم الروم وتتبّعهم المسلمون بالقتل، وامتلأت أيديهم من الغنائم والأسرى والسبي.

ثم فتحو رمطة عنوة وغنموا ما فيها، وركب فلّ الروم من صقلية وجزيرة رفق في الأسطول ناجين بأنفسهم، فأتبعهم الأمير أحمد في المراكب، فحرقوا مراكبهم وقتل كثير منهم، وتُعرف هذه الوقعة بوقعة المجاز وكانت سنة أربع وخمسين، وأسر فيها ألف من عظمائهم ومئة بطريق، وجاءت الغنائم والأُسارى إلى مدينة بليرم حضرة صقلية، وخرج الحسن للقائهم فأصابته الحمّى من الفرح فمات وحزن الناس عليه، وولي ابنه أحمد باتفاق أهل صقلية بعد أن ولّى المعزّ عليهم يعيش مولى الحسن، فلم ينهض بالأمر ووقعت الفتنة بين كتامة والقبائل وعجز عن تسكينها. وبلغ الخبر إلى المعزّ فولّى عليها أبا القاسم علي بن الحسن نيابةً عن أخيه أحمد، ثمّ توفّي أحمد بطرابلس سنة تسع وخمسين، واستبدّ بالإمارة أخوه أبو القاسم علي، وكان مدلاًّ محيّاً.

وسار إليه سنة إحدى وسبعين ملك الفرنج في جموع عظيمة، وحصر قلعة رمطة وملكها وأصاب سرايا المسلمين. وسار الأمير أبو القاسم في العساكر من بليرم يريدهم فلمّا قاربهم خام عن اللقاء ورجع.

وكان الإفرنج في الأسطول يعاينونه فبعثوا بذلك للملك بردويل فسار في أتباعه وأدركه، فاقتتلوا وقُتل

٣٣٠

أبو القاسم في الحرب، وأهمّ المسلمين أمرهم فاستماتوا وقاتلوا الفرنج فهزموهم أقبح هزيمة. ونجا ردويل إلى خيامه برأسه وركب البحر إلى رومة. وولّى المسلمون عليهم بعد الأمير أبي القاسم ابنه جابراً فرحل بالمسلمين لوقته راجعاً ولم يعرّج على الغنائم.

وكانت ولاية الأمير أبي القاسم اثنتي عشرة سنة ونصفاً، وكان عادلاً حسن السيرة، ولمّا ولي ابن عمّه جعفر بن محمد بن علي بن أبي الحسن، وكان من وزراء العزيز وندمائه استقامت الأمور وحسنت الأحوال، وكان يحب أهل العلم ويجزل الهبات لهم. وتوفّي سنة خمس وسبعين، ووُلِّي أخوه عبد الله فاتّبع سيرة أخيه إلى أن توفّي سنة تسع وسبعين.

ووُلِّي ابنه ثقة الدولة أبو الفتوح يوسف بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي الحسن فأنسى بجلائله وفضائله مَن كان قبله منهم إلى أن أصابه الفالج وعطّل نصفه الأيسر سنة ثمان وثمانين.

وولي ابنه تاج الدولة جعفر بن ثقة الدولة يوسف، فضبط الأمور وقام بأحسن قيام وخالف عليه أخوه علي سنة خمس وأربعمئة أنّه مع البربر والعبيد ؛ فزحف إليه جعفر فظفر به وقتله ونفى البربر والعبيد واستقامت أحواله. ثمّ انقلبت حاله واختلت على يد كاتبه ووزيره حسن بن محمد الباغاني، فثار عليه الناس بسببها وجاؤوا حول القصر، وأخرج إليهم أبو الفتوح في محفّة، فتلطّف بالناس وسلّم إليهم الباغاني فقتلوه وقتلوا حافده أبا رافع، وخلع ابنه ابن جعفر ورحل إلى مصر وولّى ابنه ابن جعفر سنة عشرة، ولقبّه بأسد الدولة بن تاج الدولة ويُعرف بالأكحل ؛ فسكن الاضطراب واستقامت الأحوال وفوّض الأمور إلى ابنه ابن جعفر وجعل مقاليد الأمور بيده، فأساء ابن جعفر السيرة وتحامل على صقلية ومال إلى أهل افريقية، وضجّ الناس وشكوا أمرهم إلى المعز صاحب القيروان وأظهروا دعوته ؛ فبعث الأسطول فيه ثلاثمئة فارس مع ولديه عبد الله وأيّوب.

واجتمع أهل صقلية وحصروا أميرهم الأكحل، وقُتل وحُمل رأسه إلى المعز سنة سبع عشرة وأربعمئة.

ثمّ ندم أهل صقلية على ما فعلوه، وثاروا بأهل افريقية وقتلوا منهم نحواً من ثلاثمئة وأخرجوهم، وولّوا الصمصام أخا الأكحل. فاضطربت الأمور وغلب السفلة على الأشراف.

ثمّ ثار أهل بليرم على الصمصام وأخرجوه، وقدّموا عليهم ابن الثمنة من رؤوس الأجناد، وتلقّب القادر بالله واستبدّ بمازر... ابنه عبد الله قبل

٣٣١

الصمصام، وغلب ابن الثمنة على ابن الأكحل فقتله واستقلّ بملك الجزيرة إلى أن أُخذت من يده. ولمّا استبدّ ابن الثمنة بصقلية تزوّج ميمونة بنت الجراس، فتخيّل له منها شيء فسقاها السمّ، ثمّ تلافاها وأحضر الأطباء فأنعشوها وأفاقت، فندم واعتذر، فأظهرت له القبول، واستأذنته في زيارة أخيها بقصريانة، وأخبرت أخاها فحلف أن لا يردّها.

ووقعت الفتنة وحشد ابن الثمنة فهزمه ابن جراس، فانتصر ابن الثمنة بالروم وجاء القمص، وجاء ابن ينقر بن خبرة ومعه سبعة من أخوته وجمع من الفرنج ووعدهم بملك صقلية، وقصد قصريانة وحكموا على مروا من المنازل، وخرج ابن جراس فهزمه ورجع إلى افريقية عُمر بن خلف بن مكّي فنزل تونس ووُلِّي قضاؤها، ولم يزل الروم يملكونها حتّى لم يبق إلاّ المعاقل.

وخرج ابن الجراس بأهله وماله صلحاً سنة أربع وستين وأربعمئة. وتملّكها رجار كلّها وانقطعت كلمة الإسلام منها، ودولة الكلبيين وهم عشرة ومدتهم خمس وتسعون سنة.

ومات رجار في قلعة مليطو من أرض قلورية سنة أربع وتسعين، وولي ابنه رجار الثاني وطالت أيامه، وله ألف الشريف أبو عبد الله الإدريسي كتاب: نزهة المشارق(١) في أخبار الآفاق.

وممّن شارك من الكتاميين في تأسيس الدولة الفاطميّة ومَن ساهم في أعمالها

١ - كان الكتاميّون أوّل من لبّى الدعوة الفاطميّة وأيّدوا داعيها أبا عبد الله الشيعي، وقد عرفت في تضاعيف البحث عنهم وفيما سبق في تاريخ الدولة الفاطميّة، ما كان لهم من المكانة والمنزلة في بلاد المغرب، وبنصرتهم مهدّ أبو عبد الله الأمر لأوّل خلفائهم أبي عبيد الله الملقّب بالمهدي، وبهم انتصر المهديُّ على بني الأغلب وبني مدرار، واستولى على سلطانهم الذي طوى قروناً وقد عرف لهم بلاءهم وقسّم على وجوههم الأعمال سنة ٢٩٧.

وفي خطط المقريزي:

وما زالت كتامة هي أهل الدولة مدّة خلافة المهدي عبيد الله وخلافة ابنه القاسم القائم بأمر الله وخلافة المنصور بنصر الله إسماعيل بن القاسم وخلافة معدّ بن

____________________

(١) المعروف المشتاق بدل المشارق.

٣٣٢

المنصور، وبهم أخذ ديار مصر لمّا سيّرهم إليها مع القائد جوهر في سنة ٣٥٨ وهم أيضاً كانوا أكابر من قَدِم معه من الغرب في سنة ٣٦٢، فلمّا كان في أيّام ولده العزيز بالله نزار اصطنع الديلم والأتراك وقدمهم وجعلهم خاصّته، فتنافسوا وصار بينهم وبين كتامة تحاسد إلى أن مات العزيز بالله، وقام من بعده أبو علي المنصور الملقّب بالحاكم بأمر الله فقدّم ابن عمّار الكتامي وولاّه الوساطة ج ٣ ص ١٨.

ولمّا انحرف أبو عبد الله وأخوه أبو الفضل أحمد عن المهدي لاستبداده دونهما بالأمر، وحاولا الانتقاض عليه وائتمرا على قتله، وأرسلا شيخ مشايخ كتامة لامتحان المهدي وتوهين أمره بزعمهما، بعد أن هبّت ريحه واشتدّت عصبته وقويت بالكتاميين أنفسهم شوكته، فخدعا ذلك الكتاميّ الذي جُوزي بالقتل، أعادا المؤامرة على المهدي وكان من الكتاميّين في المؤتمرين أبو زاكي تمّام بن معارك، ولكنّ المهدي تعجّل تنفيذ المؤامرة بقتلهما، ولمّا علم بمداخلة أبي زاكي في المؤامرة بعثه والياً على طرابلس وأمر واليها بقتله فقتله.

وظهرت فتنة سكنها المهدي، ورجعت كتامة إلى بلادها بعد أن استقرّ له الأمر.

٢ و ٣ - عروبة وأخوه حباسة:

لمّا قوي أمر الشيعي والتقى جيشه وجيش زيادة الله وقد بلغ عدده مئة ألف، وقد زحف لقتال الشيعي وكتامة إبراهيم بن جيش من صنائع زيادة الله وقد تلقّته كتامة بإجانة فانهزمت عساكره وتقهقر إلى باغاية ثمّ إلى القيروان.

وكان ممّن توجّه لقتال زيادة الله عروبة بن يوسف من أمراء كتامة وأوقع بباغاية.

ولمّا فرّ زيادة الله إلى الشرق حضر الشيعي وفي مقدّمته عروبة بن يوسف وحسن بن أبي جفترير (خنزير) وهما اللذان أمرهما المهديُّ بقتل الشيعي وأخيه سنة ٢٩٧، وبعد قتلهما ولّى حباسة على برقة وعلى المغرب عروبة، وأنزله باغاية إلى تاهرت وافتتحها.

وفي سنة ٣٠٠ هـ لمّا أغزى المهدي ابنه أبا القاسم الإسكندرية بعث أسطولاً مؤلّفاً من مئتي مركب، عقد لواءه على حباسة، فملكوا برقة ثمّ الاسكندرية والفيّوم، ثمّ عاد حباسة بعد أن بعث المقتدر العبّاسي سبكتكين ومؤنساً الخادم سنة ٣٠٢.

وقد قتل المهدي حباسة فشقّ ذلك على أخيه عروبة فانتقض عليه، وتبعه جموع من كتامة والبربر،

٣٣٣

فأرسل إليهم المهدي مولاه غالباً فهزمهم وقتل عروبة وبني عمّه وكثيراً من أشياعهم.

٤ - يعقوب الكتامي:

لما جهّز المهدي سنة ٣٠٧ ابنه أبا القاسم على مصر ثالثةً فملك الإسكندرية والجزيرة والأشمونين، فأرسل المقتدر مؤنساً، وبعد عدّة مواقع انتصرت مراكب الخليفة القادمة من طرسوس وكانت خمسة وعشرين مركباً على أسطول افريقية المؤلّف من ثمانين مركباً، وقد سيّر نجدةً لأبي القاسم يقوده سليمان الخادم ويعقوب الكتامي وقد أُسرا، أمّا سليمان فقد مات في السجن، ويعقوب فقد هرب من حبس بغداد وكان قد سيّر إليها.

٥ - الحسن بن هارون الكتامي:

جمع هذا الرجل كلمة قبيلة كتامة لتأييد دعوة أبي عبد الله الشيعي، وذلك أنّه لمّا بلغ ابن الأغلب خبره كتب إلى عامله على ميلة يسأله عنه فصغّره، وذكر أنّه يلبس الخشن ويأمر بالخير والعبادة فسكت عنه.

ثمّ قال الشيعي للكتاميين: أنا صاحب البذر الذي ذكر لكم أبو سفيان والحلواني، فازدادت محبتهم له وتعظيمهم لأمره، وتفرقت كلمة البربر وكتامة بسببه، فأراد بعضهم قتله فاختفى ووقع بينهم قتال شديد، واتصل الخبر بالحسن بن هارون وهو من أكابر كتامة فأخذ أبا عبد الله إليه ودافع عنه، ومضيا إلى مدينة ناصرون فأتته القبائل من كلّ مكانٍ وعظم شأنه، وصارت الرئاسة للحسن بن هارون، وسلّم إليه أبو عبد الله أعنّة الخيل، وظهر من الاستتار وشهر الحروب فكان له الظفر فيها، وغنم الأموال وانتقل إلى مدينة ناصرون وخندق عليها، فزحفت قبائل البربر إليها واقتتلوا ثمّ اصطلحوا ثمّ أعادوا القتال، وكان بينهم وقائع كثيرة ظفر بهم وصارت إليه أمولهم، فاستقام له أمر البربر وكتامة.

٦ - ريحان الكتامي:

ولاّه موسى بن أبي العافية على فاس سنة ٣٠٩ هـ.

وفي سنة ٣١٣ ثار عليه الحسن بن محمد بن القاسم الإدريسي الملقّب بالحجام ونفاه عن فاس.

٧ - عبد الله بن يخلف الكتامي:

ولاّه المعزّ على طرابلس سنة ٣٦١ هـ. وهي السنة التي عزم على المسير فيها إلى مصر، وقد مهّد له

٣٣٤

جوهر ملكها، وأبقى صقلية في يد ابن الكلبي أبي القاسم علي بن الحسن بن علي بن أبي الحسين.

وفي سنة ٣٦٥ أقرّه العزيز نزار على طرابلس وأضاف إلى ولايته سرت وجرابية.

٨ و ٩ - من رؤساء كتامة الذين رافقوا أبا عبد الله الشيعي من مكّة إلى مصر فافريقية وأيّدوا دعوته: حريث الجميلي وموسى بن مكاد.

١٠ - جعفر بن فلاح الكتامي:

كان أحد قوّاد المعز أبي تميم معدّ بن المنصور العبيدي، وجهّزه مع القائد جوهر لمّا توجّه لفتح الديار المصريّة، فلمّا أخذ مصر بعثه جوهر إلى الشام فتغلّب على الرملة سنة ٣٥٨، ثمّ غلب على دمشق وملكها في المحرّم سنة ٣٥٩ بعد أن قاتل أهلها، ثمّ أقام بها إلى سنة ٣٦٠، ونزل إلى الدكّة فوق نهر يزيد بظاهر دمشق، فقصده الحسن بن أحمد القرمطي المعروف بالأعصم فخرج إليه جعفر وهو عليل فظفر به القرمطي، وقتله وقتل خلقاً كثيراً من أصحابه سنة ٣٦١.

وقد ترجم له القاضي ابن خلّكان في وفياته ؛ فقال: كان أحد قوّاد المعز أبي تميم معدّ بن المنصور العبيدي صاحب افريقية، وجهّزه مع القائد جوهر لمّا توجّه لفتح الديار المصرية، فلمّا أخذ مصر بعثه جوهر إلى الشام فغلب على الرملة في ذي الحجّة سنة ثمان وخمسين وثلاثمئة، ثمّ غلب على دمشق فملكها في المحرّم سنة ٣٥٩ بعد أن قاتل أهلها، ثمّ أقام بها إلى سنة ستّين، ونزل إلى الدكّة فوق نهر يزيد بظاهر دمشق فقصده الحسن بن أحمد القرمطي المعروف بالأعصم فخرج إليه جعفر وهو عليل، فظفر به القرمطي فقتله وقتل من أصحابه خلقاً كثيراً، وذلك في يوم الخميس لستّ خلون من ذي القعدة سنة ٣٦٠ (ره).

وقال بعضهم: قرأت على باب قصر القائد جعفر بن فلاح المذكور بعد قتله مكتوباً:

يا منزلاً عبث الزمانُ بأهله فـأبادهم بـتفرّقٍ لا يجمعُ

أيـن الذين عهدتهم بك مرّةً كان الزمان بهم يضر وينفعُ

٣٣٥

وكان جعفر المذكور رئيساً جليل القدر ممدوحاً، وفيه يقول أبو القاسم محمد بن هاني الأندلسي:

كـانت مساءلة الركبان تخبرني عن جعفر بن فلاح أطيب الخبرِ

حـتّى التقينا فلا والله ما سمعت أذني بأحسن ممّا قد رأى بصري

١١ - سليمان بن جعفر بن فلاح:

قال القلانسي:

(وكان هذا القائد مشهوراً بالكفاية والغناء وتوقّد اليقظة في أحواله والمضاء، ويكنّى بأبي تميم، بعثه العزيز بالله والياً على دمشق سنة ٣٦٩ فنزل بظاهرها، ولم يمكّنه قسّام الحارثي من دخولها وقوتل وأزعج من مكانه).

وفي سنة ٣٨٦ جهّزه الحاكم بأمر الله إلى الشام لقتال برجوان، وقد انتقض عليه بسبب تغلّب ابن عمّار وكتامة على الشام، فبعث سليمان هذا أخاه عليّاً إلى دمشق، فامتنع أهلها عليه فكاتبهم وتهددهم وأذعنوا ودخل البلد ففتك بهم، ثمّ قدم أبو تميم فأمن وأحسن. وبعث أخاه عليّاً إلى طرابلس وعزل عنها جيش بن الصمصامة، فسار إلى مصر. وبعد قتل ابن عمّار وإظهار برجوان الحاكم وتجديد البيعة له انتقض برجوان على أبي تميم بن فلاح.

قال المقريزي في خططه:

(وفي سنة ٣٨٦ هـ ندب الحسن بن عمّار أبا تميم سليمان بن جعفر بن فلاح وقدّمه وجعله اسفهلاّر الجيش، وأمره بالمسير إلى الشام، فسار من مصر ورحل منجوتكين إلى الرملة فملكها وأخذ أموالها.

وجرى بينه وبين سليمان حرب في عسقلان انتهت بهزيمة منجوتكين، ولمّا انجلت فتنة ابن عمّار بتجديد البيعة للحاكم بأمر الله، وكتب بذلك إلى دمشق وفيه ما يبعث على الوثوب على سليمان، ولمّا كان مع ما عُرف به من الكفاية واليقظة والمضاء، مستهتراً بشرب الراح واستماع الغناء والتوفّر على اللذة، ولمّا وردت المطلقات المصريّة بما اشتملت عليه في حقّه وهو منهمك في القهوة، لم يشعر إلاّ بزحف العامّة والمشارقة إلى قصره وهجومهم عليه، فخرج هارباً على ظهر فرسه. (انتهى ملخّصاً عن تاريخ ابن القلانسي).

٣٣٦

وكان برجوان ألدّ أعداء ابن عمّار وهو الذي عمل على إسقاطه والاستئثار دونه بأمر الخلافة. وفي هذه السنة اصطنع جيش بن محمد بن الصمصامة، وقدّمه وجهّز معه ألف رجلٍ وسيّره إلى دمشق وأعمالها، وبسط يده في الأموال وردّ إليه تدبير الأعمال، فسار جيش ونزل على الرملة، والوالي عليها وحيد الهلالي، ومعه خمسة آلاف رجل، ووافاه ولاة البلد وخدموه. وصادف القائد أبا تميم سليمان بن فلاح فقبضه قبضاً جميلاً.

وسار جيش بن الصمصامة على مقدّمته بدر بن ربيعة لقصد المفرج بن دغفل بن الجراح وطلبه، فهرب بين يديه حتّى لحق بجبلي طيئ وتبعه حتّى كاد يأخذه، ثمّ عفى عنه واستحلفه على ما قرّره معه وعاد إلى الرملة. وستجد أخباره في غير هذا المكان.

وفي خطط المقريزي ج ٤ ص ٦٨:

وفي سنة ٣٨٦ هـ ولي الحاكم بأمر الله الخلافة بعد أبيه العزيز بالله نزار، وجعل أبا محمد الحسن بن عمّار وساطة ولقّب بأمين الدولة وقلّد سليمان بن فلاح الشام. فخرج بنجوتكين من دمشق وسار منها لمدافعته، فبلغ الرملة وانضمّ إليه ابن الجراح الطائي في كثيرٍ من العرب، وواقع ابن فلاح فانهزم وفرّ ثمّ أُسر فحمل إلى القاهرة.

وفي سنة ٣٨٧ صرف عن ولاية الشام بجيش بن الصمصامة.

١٢ - علي بن جعفر بن فلاح الكتامي:

الملقّب بقطب الدولة كذا في خطط الشام، تقدّم شيء من خبره في أخبار أخيه سليمان، فقد ولي دمشق من قبل أخيه ثمّ طرابلس.

وفي سنة ٣٩٠ ولي(١) دمشق بعد وفاة واليها فحل بشهور.

وفي سنة ٣٩٢ في شهر رمضان قلد ولايتها تموصلت (طرفلة) عوضاً عن ابن فلاح.

وفي سنة ٣٩٨ مات منجوتكين وولّي علي بن فلاح دمشق. وفي هذه السنة ولّي ولاية طرابلس.

وفي سنة ٣٩٩ ولّي دمشق القائد حامد بن ملهم لست بقين من رجب، وكان القائد علي بن جعفر بن فلاح مستولياً على الجند نافذ الأمر

____________________

(١) وفي سنة ٣٩٧ كان من قوّاد الجيش الشامي الحاكمي لقتال أبي ركوة الذي خرج على الحاكم واستفحل أمره، وانضمّ إليه بنو قرّة وبعض كتامة لمّا نالهم جميعاً من اضطهاد الحاكم وسوء سياسته، وانتهى أمر أبي ركوة بالانكسار والقتل، ولم يذكر في الكامل خروجه لحرب أبي ركوة.

٣٣٧

في البلد، فورد كتاب عزله في يوم الجمعة النصف من شهر رمضان.

وكانت مدّة مقامه في الولاية إلى انصرافه ومسيره سنة واحدة وأربعة أشهر ونصف شهر.

وفي سنة ٤٠٩ جاء في الخطط ج ٤ ص ٧٤:

وأقام (الحاكم) ذا الرياستين قطب الدولة أبا الحسن علي بن جعفر بن فلاح في الوساطة والسفارة.

١٣ - القائد أبو محمود بن إبراهيم بن جعفر:

هكذا نسبه في ذيل تاريخ دمشق (ابن القلانسي).

وفي خطط الشام: أبو محمود بن جعفر بن فلاح.

وفي تاريخ ابن خلدون: أبو محمود بن إبراهيم.

وفي الخطط في مكان آخر: وجيش بن محمد بن الصمصامة أبو الفتوح القائد المغربي هو ابن أخت أبي محمود الكافي أمير أمراء جيوش المغرب ومصر والشام المتوفّى سنة ٣٩١.

وفي خطط المقريزي: أبو محمود إبراهيم بن جعفر.

وأبو محمود من شيوخ كتامة كان من قوّاد المعز وابنه العزيز، ففي سنة ٣٦٣ جرّد في خمسة عشر ألف رجل في طلب القرمطي، وقد فرّ من مصر مغلولاً، فاتبعه وتثاقل في سيره خوفاً من رجوعه عليه. ولمّا علم أبو محمود ارتحاله من أذرعات إلى الأحساء رحل ونزل بها مكانه. وفي هذه السنة وصل بجيشه إلى دمشق، وكان والياً عليها ظالم بن موهوب العقيلي، فخرج لتلقّيه ولمّا نزل على دمشق في جيشه اضطرب الناس وجرت أمورٌ عظام بين الجيش والدمشقيين لم تنفرج إلاّ بعد شهرين ونصف شهر. وتقرّرت الموادعة والمصالحة إلى أن ولي جيش بن الصمصامة البلد من قبل خاله أبي محمود. ولمّا استقرّ الصلح والموادعة بين أهل دمشق وأبي محمود، وخمدت نار الفتنة بعض الخمود، وركدت ريحها بعض الركود، وسكنت نفوس أهل البلد واطمأنت القلوب بين الفريقين، اعتمد أبو محمود على ابن أخته جيش في ولاية دمشق وحمايتها. ولكن لم يطل الأمر حتّى عادت الفتنة، ممّا حدا بالمعز أن يولّي ريّان الخادم عقيب هذه الفتنة والياً عليها، ويستقدمه من طرابلس فيصرف أبو محمود عن دمشق. ولكن أهل دمشق لم تطب نفوسهم لحكم المغاربة والفاطميّين وصادف أن كان قد نزل ضاحية دمشق الفتكين المغربي، فحملوه على ولاية حكم بلدهم. وقد جرت حروب بين جيوش المعز والفتكين. وقد استنجد بالقرمطي، استدعت أخيراً أن يتولّى المعز

٣٣٨

بنفسه القيادة العامّة للجيوش المصرية، وينتهي الأمر بفوزها على الفتكين والقبض عليه، ثمّ العفو عنه وحمله إلى مصر معزّزاً مكرّماً.

ثمّ غلب قسام الحارثي من قرية تلفيت ومن خواص أصحاب الفتكين على دمشق سنة ٣٦١ بعد أن كانت في ولاية حميدان.

ووليها بعده القائد أبو محمود في نفرٍ يسير، وهو ضميمة لقسام وما زال على هذه الحال إلى سنة ٣٧٠ حيث هلك فيها.

١٤ - أبو الفتوح جيش بن محمد بن صمصامة:

القائد المغربي ابن أخت أبي محمود الكافي أمير أمراء جيوش المغرب ومصر والشام. تولّى نيابة دمشق غير مرّة وكان ظالماً سفّاكاً للدماء.

قالوا: وعمّ الناس في ولايته البلاء من القتل وأخذ المال، حتّى لم يبق بيت في دمشق ولا بظاهرها إلاّ امتلأ من جوره. توفي سنة ٣٩١.

ولي دمشق سنة ٣٦٤ بعد إخراج ظالم منها، وسكن الناس إليه بعد فتنة. ولمّا عاد المغاربة إلى الجيش وعاد العامّة إلى الثورة وقصدوا القصر الذي فيه جيش، هرب ولحق بالعسكر.

وزحف إلى البلد فقاتلهم وأحرق ما كان بقي، وقطع الماء عن البلد، فضاقت الأحوال وبطلت الأسواق وبلغ الخبر إلى المعز فنكر ذلك على أبي محمود واستعظمه، وبعث إلى ريان الخادم في طرابلس يأمره بالمسير إلى دمشق لاستكشاف حالها وأن يصرف القائد أبا محمود عنها، فصرفه إلى الرملة وبعث إلى المعز بالخبر، وأقام بدمشق إلى أن وصل افتكين (هفتكين) والياً عليها.

وبعد وفاة المعز سنة ٣٦٥ وولاية ابنه العزيز والظفر بافتكين والقبض عليه وولاية قسام الحارثي، كان مع قسام جيش وأقام بعده في ولايته، وقد زحف بلتكين إلى دمشق وأظهر لقسام أنّه جاء لإصلاح البلد، فخرج إلى بلتكين فأمره بالنزول في ظاهر البلد هو وأصحابه.

واستوحش قسام وتجهّز للحرب ثمّ قاتل وانهزم أصحابه، ودخل بلتكين أطراف البلد فنهبوا وأحرقوا، واعتزم أهل البلد على الاستئمان إلى بلتكين وشافهوه بذلك فأذن لهم.

وسمع قسام فاضطرب وألقى ما بيده واستأمن الناس إلى بلتكين لأنفسهم ولقسام فأمن الجميع.

وولّي على البلد أمير اسمه خطلج، فدخل البلد في المحرم سنة اثنتين وستّين، ثمّ اختفى قسام بعد يومين فانتهبت دوره ودور أصحابه، وجاء ملقياً بنفسه على بلتكين فقبله وحمله إلى مصر فأمنه العزيز.

٣٣٩

ولمّا توفّي العزيز سنة ٣٨٦ هـ. وولي بعده ولده الحاكم بأمر الله، وكان برجوان الخادم قد استولى على دولته كما كان لأبيه العزيز بوصيته بذلك، وكان مدبّر دولة، وكان رديفه في ذلك أبو محمد الحسن بن عمّار، ولُقّب بأمين الدولة. وقد تغلّب ابن عمّار وانبسطت أيدي كتامة في أموال الناس وحرمهم.

ونكر منجوتكين تقديم ابن عمّار في الدولة وكاتب برجوان بالموافقة على ذلك، فأظهر الانتقاض.

وجهّز ابن عمّار العساكر لقتاله مع سليمان بن جعفر بن فلاح، فلقيهم بعسقلان وانهزم منجوتكين وأصحابه، وسيق أسيراً إلى مصر فأبقى عليه ابن عمّار واستماله للمشارقة.

وعقد على الشام لسليمان بن فلاح، فبعث من طبرية أخاه عليّاً على دمشق. ولمّا جرى منه فيها أُمور لم ترضه وقدم إليها بعث عليّاً إلى طرابلس وعزل عنها جيش ابن الصمصامة، فسار إلى مصر وداخل برجوان في الفتك بالحسن بن عمّار وأعيان كتامة وكان معهما في ذلك شكر خادم عضد الدولة. نزع إلى مصر بعد مهلك عضد الدولة ونكبة أخيه شرف الدولة إياه، فخلص إلى العزيز فقرّبه وحظي عنده فكان مع برجوان وجيش بن الصمصامة.

وثارت الفتنة واقتتل المشارقة والمغاربة، فانهزمت المغاربة واختفى ابن عمّار، وأظهر برجوان الحاكم وجدّد له البيعة، وكتب إلى دمشق بالقبض على أبي تميم بن فلاح.

ولمّا زحف الدوقش ملك الروم على حصن افامية محاصراً لها، جهّز برجوان العساكر مع جيش بن الصمصامة فسار إلى عبد الله الحسين بن ناصر الدولة بن حمدان وأسطولاً في البحر.

ثمّ سار جيش إلى المفرج ابن دغفل، فهرب أمامه ووصل إلى دمشق وتلقّاه أهلها مذعنين فأحسن إليهم وسكنهم ورفع أيدي العدوان عنهم.

ثمّ سار إلى افامية وصافّ الروم عندها فانهزم أوّلاً هو وأصحابه، وثبت بشارة اخشيدي بن قرارة في خمس عشرة فارساً، ووقف الدوقش ملك الروم على رابيةٍ في ولده وعدّة من غلمانه ينظر فعل الروم في المسلمين، فقصد كردي من مصاف الاخشيدي وبيده عصا من حديد يسمّى الخشت، وظنّه الملك مستأمناً، فلمّا دنا منه ضربه بالخشت فقتله وانهزم الروم، واتبعهم جيش بن الصمصامة إلى انطاكية يغنم ويسبي ويحرق.

ثمّ عاد مظفّراً إلى دمشق، فنزل بظاهرها ولم يدخل، واستخلص رؤساء الأحداث واستحجبهم، وأقيم له الطعام في كلّ يوم، وأقام على ذلك برهة ثمّ أمر أصحابه إذا دخلوا للطعام أن يغلق باب

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

ثمّ زاد الثاني : له كتاب إنّا أنزلناه في ليلة القدر ، وهو كتاب ردي‌ء الحديث مضطرب الألفاظ ، أخبرنا أجازه محمّد بن علي القزويني ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن الحميري ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عنه(١) .

ونقلصه تضعيفه عنغض أيضا.

وفيست : له كتاب ثواب قراءة إنّا أنزلناه(٢) ، ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن أحمد بن إسحاق بن سعيد ، عنه(٣) .

وفيتعق : قال جدّي : روى الكتاب الكليني ، وأكثره من الدقيق(٤) ، لكنّه مشتمل على علوم كثيرة ، ولمّا لم تصل إليه أفهام بعض ردّوه بأنّه مضطرب الألفاظ. والذي يظهر بعد التتبّع أنّ أكثر الأخبار الواردة عن الجواد والهادي والعسكريعليهم‌السلام لا تخلو من اضطراب ، تقيّة أو اتّقاء ، لأنّ أكثرها مكاتبة ، ولمّا كان أئمّتنا أفصح فصحاء العرب عند المؤالف والمخالف ، فلو اطّلعوا على أخبارهم كانوا يجزمون بأنّها ليست منهم ، ولذا لا يسمّون غالبا ويعبّر عنهم بالفقيه وبالرجل(٥) ، انتهى.

وبالجملة : مع أنّ الكليني قال في أوّل كتابه ما قال لم يذكر في باب شأن إنّا أنزلناه سوى روايته وكتابه ، وأيضا روى كتابه أحمد بن محمّد بن عيسى مع أنّه صدر منه في البرقي وغيره ما صدر ، وكذا محمّد بن الحسن وغيره من القمّيّين ، وقد أشرنا إلى الأمر في ذلك في إبراهيم بن هاشم وإسماعيل بن‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٦٠ / ١٣٨.

(٢) في نسخة « ش » زيادة : في ليلة القدر.

(٣) الفهرست : ٥٣ / ١٩٧ ، وفيه بدل سعيد : سعد.

(٤) الدقيق : الأمر الغامض. لسان العرب : ١٠ / ١٠١.

(٥) روضة المتّقين : ١٤ / ٣٥٢.

٤٠١

مرار وفي الفوائد(١) .

قلت : ويؤيّد ما ذكراه عدم تضعيف الشيخرحمه‌الله إيّاه مع ذكره في كتابيه ، ولو كان ضعّف(٢) كتابه بهذه المثابة لما خفي عليه مع وجوده عنده وحضوره لديه.

وفيمشكا : ابن عبّاس بن الحريش(٣) ، عنه أحمد بن محمّد بن عيسى ، وأحمد بن إسحاق بن سعد(٤) .

٧٤٥ ـ الحسن بن العبّاس الحريشي :

له كتاب ، رويناه بالإسناد الأوّل ـ أي : عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ـ عن أحمد بن أبي عبد الله ، عنه ،ست (٥) .

وفي موضعين من لم : الحسن بن العبّاس(٦) .

وهذا يقتضي التعدّد ، وفيه تأمّل.

قلت : في اقتضاء هذا التعدّد تأمّل واضح.

٧٤٦ ـ الحسن بن عبد السلام :

روى عنه التلعكبري إجازة أجازها له على يدي إسماعيل بن يحيى العبسي ، وكان يروي عن سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري‌

__________________

(١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٠١.

(٢) في نسخة « ش » : صنّف.

(٣) في نسخة « ش » : حريش.

(٤) هداية المحدّثين : ٤٠.

(٥) الفهرست : ٤٩ / ١٦٩ ، وورد الإسناد في الفهرست : ٤٩ / ١٦٨.

(٦) رجال الشيخ : ٤٦٢ / ٢ ، وفيه : الحسن بن العباس الحريشي. ولم نجده في نسختنا من رجال الشيخ إلاّ في هذا الموضع ، إلاّ أنّ القهبائي في مجمعه : ٢ / ١١٩ نقل ذلك عنه مرتين.

٤٠٢

ونظرائهما كتب القمّيّين ، لم(١) .

٧٤٧ ـ الحسن بن عبد الصمد بن محمّد :

ابن عبيد الله الأشعري ، شيخ ، ثقة ، من أصحابنا ،صه (٢) ، د(٣) .

وفيجش : الحسين(٤) ، ويأتي.

وفيتعق : في الوجيزة لم يذكر إلاّ الحسن مكبّرا(٥) (٦) .

أقول : وكذا في النقد(٧) و(٨) الحاوي(٩) وفي نسخة صحيحة عندي من جش.

٧٤٨ ـ الحسن بن عبد الله :

في الإرشاد أنّه من العبّاد الأتقياء ، كذا في النقد(١٠) ،تعق (١١) .

أقول : في موضع منه أنّه من الزهّاد ، وكان أعبد أهل زمانه ، وكان يتّقيه السلطان لجدّه في الدين واجتهاده ، وكان من أصحاب أبي إبراهيم موسى بن جعفرعليه‌السلام واهتدى بهدايته ، ولزم منهاج الأئمّةعليهم‌السلام بتعليمه‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٤٦٨ / ٣٧.

(٢) الخلاصة : ٤٤ / ٤٢.

(٣) رجال ابن داود : ٧٤ / ٤٣٠ ، وفيه : من أصحابنا القميين ، وبدل عبيد الله : عبد الله ؛ و : شيخ ، لم ترد فيه.

(٤) رجال النجاشي : ٦٢ / ١٤٦ ، وفيه : الحسن.

(٥) الوجيزة : ١٨٨ / ٤٨٨.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٠١.

(٧) نقد الرجال : ٩١ / ٨٣.

(٨) في نسخة « ش » : وفي.

(٩) حاوي الأقوال : ٤٧ / ١٦٠.

(١٠) نقد الرجال : ٩١ / ٨٤ ، وفيه : الأتقياء الأخيار.

(١١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٠٢.

٤٠٣

وإظهار كرامته(١) ، انتهى.

وفي الوجيزة : ممدوح(٢) .

٧٤٩ ـ الحسن بن عبيد الله القمّي :

يرمى بالغلو ،صه (٣) .

وفيدي : الحسين(٤) ، ويأتي.

وفيتعق : لم يذكره في الوجيزة إلاّ مصغّرا(٥) (٦) .

أقول : وكذا في النقد(٧) . ويأتي عنصه الحسين أيضا(٨) ، فتأمّل.

٧٥٠ ـ الحسن بن عبد الواحد الزربي :

أبو أحمد ، في ترجمة الشيخرحمه‌الله ما يشير إلى جلالته(٩) ،تعق (١٠) .

٧٥١ ـ الحسن بن عرفة :

في ترجمة سعد بن عبد الله عنجش أنّه كان من وجوه الطائفة ،تعق (١١) .

__________________

(١) الإرشاد : ٢ / ٢٢٣ ، باختلاف يسير.

(٢) الوجيزة : ١٨٨ / ٤٨٩.

(٣) الخلاصة : ٢١٢ / ٥ ، وفيها : الحسن بن عبد الله.

(٤) رجال الشيخ : ٤١٣ / ١٩.

(٥) الوجيزة : ١٩٥ / ٥٦٢.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٠٢.

(٧) نقد الرجال : ١٠٦ / ٧٨.

(٨) الخلاصة : ٢١٦ / ٨.

(٩) نقلا عن الخلاصة : ١٤٨ / ٤٦ ، وفيها : أنّه أحد الّذين تولوا غسل الشيخ الطوسي ودفنه.

(١٠) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٠٢ ، وفيها بدل أبو أحمد : أبو محمّد.

(١١) لم نعثر على هذا الكلام في التعليقة ، كما أنّه لم يظهر من النجاشي في ترجمة سعد : ١٧٧ / ٤٦٧ كونه من وجوه الطائفة ، بل يظهر كونه من وجوه العامّة كما سينبّه عليه المصنّف.

٤٠٤

أقول : الظاهر من تلك الترجمة كونه من علماء(١) العامّة ، بل رأيت من صرّح به أيضا ، فلاحظ وتأمّل.

٧٥٢ ـ الحسن بن عطيّة الحنّاط :

ـ بالحاء المهملة ـ المحاربي الكوفي ، مولى ثقة وأخواه أيضا محمّد وعلي كلّهم رووا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وهو الحسن بن عطيّة الدغشي ـ بالدال المهملة والشين المعجمة ـصه (٢) .

جش إلاّ الترجمة ، وزاد بعد الدغشي : المحاربي ، أبو ناب ، من ولده عليّ بن إبراهيم بن الحسن ، روى عن أبيه عن جدّه(٣) ، ما رأيت أحدا من أصحابنا ذكر له تصنيفا(٤) .

وفيست : له كتاب رويناه بالإسناد الأوّل ، عن حميد ، عن أحمد بن ميثم ، عنه.

والإسناد : ابن عبدون ، عن أبي طالب الأنباري ، عن حميد(٥) .

وفيكش : ما روي في أبي ناب الدغشي الحسن بن عطيّة وأخويه علي ومالك ابني عطيّة :

قال محمّد بن مسعود : سألت عليّ بن الحسن بن فضّال عن أبي ناب الدغشي ، قال : هو الحسن بن عطيّة وعليّ بن عطيّة ومالك بن عطيّة ، إخوة كوفيّون ، وليسوا بالأحمسيّة ، فإنّ في الحديث مالك الأحمسي ، والأحمس‌

__________________

(١) في النسخ الخطّية : وجوه ( خ ل ) ، وفي النسخة الحجرية : من وجوه العلماء العامة.

(٢) الخلاصة : ٤٢ / ٢١.

(٣) في نسخة « ش » زيادة : وزاد.

(٤) رجال النجاشي : ٤٦ / ٩٣.

(٥) الفهرست : ٥١ / ١٨٧ ، وورد الإسناد في الفهرست : ٥٠ / ١٧٧.

٤٠٥

بطن من بجيلة(١) .

أقول : فيمشكا : ابن عطيّة الحنّاط الثقة ، عنه أحمد بن ميثم ، وابن أبي عمير(٢) .

٧٥٣ ـ الحسن بن علوان الكلبي :

مولاهم ، كوفي ، ثقة ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام هو وأخوه الحسين ، وكان الحسين عاميّا ، وكان الحسن أخصّ بنا وأولى ،صه (٣) .

وفيجش : الحسين بن علوان الكلبي مولاهم كوفي عامّي ، وأخوه الحسن يكنّى أبا محمّد ثقة ، رويا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وليس للحسين(٤) كتاب ، والحسن أخصّ بنا وأولى ، روى الحسين عن الأعمش وهشام بن عروة ، وللحسين كتاب تختلف رواياته ، هارون بن مسلم ، عنه به(٥) .

ويأتي مع الحسين إن شاء الله.

وفيتعق : في الوجيزة : في توثيق العلاّمة نظر(٦) .

ولعلّ وجهه أنّ الظاهر منجش كون التوثيق لأخيه الحسين ، لذكره في ترجمته. لكنّ الظاهر رجوعه إلى الحسن كما لا يخفى على الذوق السليم ، ويؤيّد : قول ابن عقدة : إنّ الحسن أوثق من أخيه الحسين وأحمد عند أصحابنا(٧) ، ويؤيّد : قوله في الحسين : إنّه عامّي ، وفيه : إنّه أخصّ بنا.

__________________

(١) رجال الكشّي : ٣٦٧ / ٦٨٤.

(٢) هداية المحدّثين : ٤٠.

(٣) الخلاصة : ٤٣ / ٣٣.

(٤) كذا في النسخ الخطّية ، وفي المصدر : الحسن ، وهو الصحيح كما سيأتي.

(٥) رجال النجاشي : ٥٢ / ١١٦.

(٦) الوجيزة : ١٨٨ / ٤٩١.

(٧) الخلاصة : ٢١٦ / ٦.

٤٠٦

وعلى هذا هل هو ثقة أو موثّق؟

يؤيّد الثاني قوله : أخصّ بنا ، ويأتي في الألقاب في الكلبي ما له دخل(١) .

وفي تخصيص النسبة إلى العامّة بالحسين إشعار بعدم كونه عامّيّا ، وقول ابن عقدة ربما يؤيّده ، إذ الظاهر من روايات الحسين أنّه زيدي أو شديد الاعتقاد بزيد ، وربما يطلق على الزيديّة أنّهم من العامّة كما في عمرو بن خالد(٢) ، ويظهر من الإستبصار في باب المسح على الرجلين(٣) ، ولعلّ الوجه أنّهم في الفروع منهم.

وبالجملة : لا يظهر من قوله أنّ الحسن أوثق وأحمد عند الاثني عشريّة ، بل الظاهر عند الزيديّة.

وقوله : ليس للحسين كتاب ، ثمّ قوله : للحسين كتاب ، بينهما تدافع ، والظاهر أنّ أحدهما الحسن وأنّه الأوّل ، لما يأتي عنست : أنّ للحسين كتابا(٤) .

أقول : قوله دام ظلّه : ربما يطلق على الزيديّة ، الظاهر إطلاقه على البتريّة منهم ، لأنّهم منهم.

هذا ، وذكرهما كليهما في الحاوي في الموثّقين(٥) ثمّ في الضعاف(٦) ، فتأمّل.

__________________

(١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٤٠٧.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٢٤٤.

(٣) الاستبصار ١ : ٦٥ / ١٩٦.

(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٠٢.

(٥) حاوي الأقوال : ٢٠٢ / ١٠٥٤ و ٢٠٣ / ١٠٥٩.

(٦) حاوي الأقوال : ٢٤٦ / ١٣٥٨ و ٢٤٩ / ١٣٨٠.

٤٠٧

وفيمشكا : ابن علوان الثقة ، عنه هارون بن مسلم(١) .

٧٥٤ ـ الحسن بن علويّة :

أبو محمّد القمّاص.

فيكش في ترجمة يونس بن عبد الرحمن : وجدت بخطّ محمّد بن شاذان بن نعيم في كتابه : سمعت أبا محمّد القمّاص الحسن بن علويّة الثقة يقول : سمعت الفضل بن شاذان ، الحديث(٢) .

أقول : في الوجيزة : ممدوح(٣) ، فتأمّل.

٧٥٥ ـ الحسن بن علي بن أبي حمزة :

واسم أبي حمزة سالم البطائني مولى الأنصار ، أبو محمّد ، واقفي.

قالكش : حدّثني محمّد بن مسعود ، قال : سألت عليّ بن فضّال عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني ، قال : كذّاب ملعون.

وحكى أبو الحسن حمدويه بن نصير عن بعض أشياخه أنّه قال : الحسن بن علي بن أبي حمزة رجل سوء.

قالغض : إنّه واقف ابن واقف ، ضعيف في نفسه ، وأبوه أوثق منه.

وقال عليّ بن فضّال : إنّي لأستحي من الله أن أروي عن الحسن بن علي ، وحديث الرضاعليه‌السلام فيه مشهور ،صه (٤) .

وفيجش : محمّد بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد ، عن الكشي قال : قال محمّد بن مسعود : سألت عليّ بن فضّال عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة البطائني ، فطعن عليه. وكان أبوه قائد أبي بصير يحيى بن‌

__________________

(١) هداية المحدّثين : ٤٠ ، وفيها : هارون بن موسى.

(٢) رجال الكشّي : ٤٨٥ / ٩١٧.

(٣) الوجيزة : ١٨٨ / ٤٩٢.

(٤) الخلاصة : ٢١٢ / ٧.

٤٠٨

القاسم. ورأيت شيوخنارحمهم‌الله يذكرون أنّه كان من وجوه الواقفة(١) .

وفيكش في ترجمة شعيب العقرقوفي : الحسن بن عليّ بن أبي حمزة كذّابع (٢) . وفي موضع آخر أنّه رجل سوء كما ذكرهصه (٣) .

وفيتعق : قوله : كذّاب ملعون ، يأتي في أبيه على وجه يظهر أنّه بالنسبة إليه(٤) ، مع تصريح العلاّمة به(٥) .

وقال جدّي : الطعون باعتبار مذهبه الفاسد ، ولذا روى عنه مشايخنا لثقته في النقل(٦) (٧) .

أقول : يأتي في أبيه أنّ ما ذكره عليّ بن فضّال فيه لا في أبيه ، وذكرهطس أيضا فيه(٨) .

وقوله :ع ، أي ملعون ، وقيل : غال ، وهو وهم.

وقول المقدّس التقيرحمه‌الله : لثقته في النقل ، بعد قولكش : كذّاب ، وقول عليّ بن فضّال : كذّاب ملعون ، وقوله : إنّي لأستحي من الله أن أروي عنه ، فيه ما فيه.

وقول العلاّمة : وحديث الرضاعليه‌السلام فيه مشهور ، تأمّل فيه فإنّه يتراءى لي أنّ حديثهعليه‌السلام المشهور في أبيه لا فيه كما يظهر من ترجمة‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٦ / ٧٣.

(٢) رجال الكشّي : ٤٤٢ / ٨٣١ ، وفيه : كذّاب غال.

(٣) رجال الكشّي : ٥٥٢ / ١٠٤٢.

(٤) منهج المقال : ٢٢٣ نقلا عن الكشّي : ٤٠٤ / ٧٥٦.

(٥) الخلاصة : ٢٣١ / ١.

(٦) روضة المتّقين : ١٤ / ٩٤.

(٧) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٠٣.

(٨) أورد ابن طاوس كلام علي بن فضّال في ترجمة الابن : ١٢٩ / ٩٦ ثمّ أورده في ترجمة الأب : ٣٥٣ / ٢٤٥ مصرّحا بأنّه في حق الابن لا الأب.

٤٠٩

أبيه(١) .

٧٥٦ ـ الحسن بن علي بن أبي عثمان :

يلقّب بالسجّادة ، يكنّى أبا محمّد ، من أصحاب أبي جعفر محمّد الجوادعليه‌السلام ، غال ، ضعيف في عدد(٢) القمّيّين.

قال كش : على السجّادة لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين ، ولقد كان من العليائيّة الّذين يقعون في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ليس له في الإسلام نصيب ،صه (٣) .

وفيجش : ابن أبي عثمان الملقّب سجّادة ، أبو محمّد ، كوفي ، ضعّفه أصحابنا ، وذكر أنّ أباه عليّ بن أبي عثمان(٤) روى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام . له كتاب نوادر ، الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن جعفر بن سفيان ، عن أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبيد الله بن سهيل ـ في حال استقامته ـ ، عنه(٥) .

وفيكش : قال نصر بن الصبّاح : قال لي السجّادة الحسن بن عليّ بن أبي عثمان يوما : ما تقولون(٦) في محمّد بن أبي زينب ومحمّد بن عبد الله بن عبد المطلب ـ ص ـ أيّهما أفضل؟ قلت له : قل أنت ، قال : بل محمّد بن أبي زينب الأسدي ؛ إنّ الله عزّ وجلّ عاتب في القرآن محمّد بن عبد الله ـ ص ـ في مواضع ولم يعاتب محمّد بن أبي زينب.

__________________

(١) انظر : رجال الكشّي : ٤٤٣.

(٢) في المصدر : عداد.

(٣) الخلاصة : ٢١٢ / ٤.

(٤) في نسخة « ش » : علي بن عثمان.

(٥) رجال النجاشي : ٦١ / ١٤١ ، وفيه بدل سهيل : سهل.

(٦) في المصدر : ما تقول.

٤١٠

ثمّ قال : قال أبو عمرو : على(١) السجّادة. إلى آخر ما ذكرهصه (٢) .

وفيج (٣) ودي (٤) : غال.

وفيتعق : في الأمالي : اسم أبي عثمان حبيب(٥) (٦) .

٧٥٧ ـ الحسن بن علي بن أبي عقيل :

أبو محمّد العماني الحذّاء ، فقيه ، متكلّم ، ثقة ، له كتب في الفقه والكلام ، منها : كتاب المتمسّك بحبل آل الرسول ـ صلوات الله عليهم ـ كتاب مشهور في الطائفة ، وقيل(٧) : ما ورد الحاجّ من خراسان إلاّ طلب واشترى منه نسخا.

وسمعت شيخنا أبا عبد اللهرحمه‌الله يكثر الثناء على هذا الرجلرحمه‌الله ، أخبرنا عن أبي القاسم جعفر بن محمّد ، قال : كتب إليّ الحسن بن أبي عقيل يجيز لي كتاب المتمسّك وسائر كتبه.

وقرأت كتابه المسمّى بكتاب الكرّ والفرّ على شيخنا أبي عبد الله ، وهو كتاب في الإمامة مليح الوضع مسألة وقلبها وعكسها ،جش (٨) .

وفيصه بعد العماني ما لفظه : هكذا قالجش ، وقال الشيخ الطوسيرحمه‌الله : الحسن بن عيسى أبو علي المعروف بابن أبي عقيل العماني ، وهما عبارة عن شخص واحد يقال له : ابن أبي عقيل العماني. وبعد‌

__________________

(١) على ، لم ترد في نسخة « ش ».

(٢) رجال الكشّي : ٥٧١ / ١٠٨٢.

(٣) رجال الشيخ : ٤٠٠ / ١١.

(٤) رجال الشيخ : ٤١٣ / ١٢.

(٥) أمالي الصدوق : ٢٠٢ / ١.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٠٣.

(٧) في النسخ : وقل ، وما أثبتناه من المصدر.

(٨) رجال النجاشي : ٤٨ / ١٠٠ ، وفيه : كتب إليّ الحسن بن علي بن أبي عقيل.

٤١١

مشهور : عندنا ، ونحن نقلنا أقواله في كتبنا الفقهيّة ، وهو من جملة المتكلّمين وفضلاء الإماميّةرحمهم‌الله (١) .

وفيست : ابن عيسى أبو علي المعروف بابن أبي عقيل العماني ، له كتب وهو من جملة المتكلّمين ، إمامي المذهب ، فمن كتبه : كتاب المتمسّك بحبل آل الرسول ـ صلوات الله عليهم ـ في الفقه وغيره ، كبير حسن ، وكتاب الكر والفرّ في الإمامة ، وغير ذلك(٢) .

٧٥٨ ـ الحسن بن علي :

أبو محمّد الحجّال ، من أصحابنا القمّيّين ، ثقة ، كان شريكا لمحمّد ابن الحسن بن الوليد في التجارة ، له كتاب الجامع في أبواب الشرائع(٣) ، كبير.

وسمي(٤) الحجّال لأنّه كان دائما يعادل الحجّال الكوفي الذي كان يبيع الحجل ، فسمّي به ،صه (٥) .

وزادجش : أخبرنا شيخنا أبو عبد اللهرحمه‌الله ، عن جعفر بن محمّد ، عنه(٦) .

أقول : فيمشكا : ابن علي أبو محمّد الحجّال الثقة ، عنه جعفر بن محمّد بن قولويه(٧) .

__________________

(١) الخلاصة : ٤٠ / ٩ ، ولم يرد فيها التوثيق.

(٢) الفهرست : ٥٤ / ٢٠٣.

(٣) في المصدر : الشريعة.

(٤) في نسخة « م » : يسمى.

(٥) الخلاصة : ٤٢ / ٢٨.

(٦) رجال النجاشي : ٤٩ / ١٠٤.

(٧) هداية المحدّثين : ١٩٠.

٤١٢

٧٥٩ ـ الحسن بن علي بن أبي المغيرة :

الزبيدي ، الكوفي ، ثقة هو وأبوه روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ،صه (١) .

وزادجش : وهو يروي كتاب أبيه عنه ، وله كتاب مفرد ، سعيد بن صالح عنه به(٢) .

وفيست : له كتاب ، ابن عبدون ، عن الأنباري ، عن حميد ، عن ابن نهيك ، عنه(٣) .

أقول : فيمشكا : ابن علي بن أبي المغيرة ، عنه سعيد بن صالح وابن نهيك ، وهو عن أبيه(٤) .

٧٦٠ ـ الحسن بن علي ابن بنت إلياس :

غير مذكور في الكتابين بهذا العنوان ، ويأتي بعنوان ابن علي بن زياد الوشاء.

٧٦١ ـ الحسن بن علي بن بقّاح :

بالموحّدة والقاف المشدّدة والمهملة ، كوفي ثقة ، مشهور ، صحيح الحديث ، روى عن أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام ،صه (٥) .

جش إلاّ الترجمة ، وزاد : له كتاب نوادر(٦) .

وفيست في معاذ بن ثابت ما يدلّ على أنّه ابن علي بن يوسف‌

__________________

(١) الخلاصة : ٤٣ / ٢٩.

(٢) رجال النجاشي : ٤٩ / ١٠٦.

(٣) الفهرست : ٥١ / ١٨٢ ، وفيه : له كتاب رويناه بالإسناد الأوّل عن حميد.

وذكر الإسناد في ترجمة الحسن بن علي بن أبي حمزة ، الفهرست : ٥٠ / ١٧٧.

(٤) هداية المحدّثين : ١٩٠.

(٥) الخلاصة : ٤١ / ١٨.

(٦) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨٢.

٤١٣

ومعروف بابن بقاح(١) .

٧٦٢ ـ الحسن بن علي بن الحسن :

ابن عمر بن علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أبو محمّد الأطروش ، كان يعتقد الإمامة ،صه (٢) .

وزادجش : وصنّف فيها كتبا ، منها : كتاب في الإمامة صغير ، وآخر كبير ، كتاب فدك والخمس ، كتاب الطلاق ، كتاب مواليد الأئمّةعليهم‌السلام وأنسابهم إلى صاحب الأمرعليه‌السلام (٣) . وبعد(٤) الأطروش :رحمه‌الله (٥) .

وفيتعق : في الوجيزة : فيه مدح ، ويقال : إنّه ناصر الحق الذي اتّخذه الزيديّة إماما(٦) ، انتهى.

وفي النقد ما نسبه إلى القيل(٧) .

ولعلّ المدح كونه صنّف في الإمامة ، أو ترحّمجش عليه ، وهو بعيد وإن كان هو من أمارات الجلالة ، لكن فيه ما فيه ، فتأمّل(٨) .

أقول : لا غبار فيه أصلا ، فإنّ ظاهرجش بل صريحه(٩) أنّه من العلماء الإماميّة ومصنّفي الاثني عشريّة ، وأيّ مدح يفوق عليه ، مع أنّه دام ظلّه‌

__________________

(١) الفهرست : ١٦٨ / ٧٥٥.

(٢) الخلاصة : ٢١٥ / ١٨ ، وفيها : الأطرش.

(٣) في المصدر : كتاب أنساب الأئمّة ومواليدهم إلى صاحب الأمرعليه‌السلام .

(٤) في نسخة « ش » : وبعده.

(٥) رجال النجاشي : ٥٧ / ١٣٥.

(٦) الوجيزة : ١٨٩ / ٤٩٩.

(٧) نقد الرجال : ٩٣ / ٩٩.

(٨) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٠٣.

(٩) في نسخة « ش » : تصريحه.

٤١٤

يكتفي في المدح من أوّل الكتاب إلى آخره بالترحّم فقط ، وعنده أنّ الفقاهة تستلزم الوثاقة ، فما بالهما معا لا يفيدان مدحا! فتدبّر.

ثمّ إنّ هذا الرجل ـ كما ذكر ـ هو الناصر للحقّ المشهور ، وهو جدّ السيّدين المرتضى والرضي ـ رضي الله عنهما ـ الأعلى لأمّهما.

قال ابن أبي الحديد عند ذكر نسب الرضيرضي‌الله‌عنه : أمّ الرضي أبي الحسن فاطمة بنت أحمد(١) بن الحسن الناصر الأصم صاحب الديلم ، وهو أبو محمّد الحسن بن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام (٢) ، شيخ الطالبيّين وعالمهم وزاهدهم وأديبهم وشاعرهم ، ملك بلاد الديلم والجبل ، ويلقّب(٣) بالناصر للحق ، وجرت له حروب عظيمة مع السامانيّة ، وتوفّي بطبرستان سنة أربع وثلاثمائة وسنّه تسع وسبعون سنة(٤) ، انتهى.

والظاهر سقوط اسم من أوّل كلامه واسمين من وسط كلامه وكلامجش أيضا ؛ فإنّ الذي ذكره السيّدرضي‌الله‌عنه نفسه في شرح المسائل الناصريّة أنّ والدته بنت أبي محمّد الحسن بن أحمد بن أبي محمّد الحسن بن علي ابن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسينعليهما‌السلام (٥) ، وسنذكر عنجخ أيضا مثله.

قال السيّدرضي‌الله‌عنه بعد ذكر ما ذكرناه عنه : والناصر كما تراه من‌

__________________

(١) في المصدر : فاطمة بنت الحسين بن أحمد.

(٢) في المصدر : أبو محمّد الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام .

(٣) في نسخة « م » : وتلقّب.

(٤) شرح نهج البلاغة : ١ / ٣٢.

(٥) يظهر من هذا أنّ الساقط من كلام النجاشي اسم واحد لا اسمين.

٤١٥

ارومتي ، وغصن من أغصان دوحتي. ثمّ أخذ يصف أجداده المذكورين ويمدحهم إلى أن قال : وأمّا أبو محمّد الناصر الكبير وهو الحسن بن علي ، ففضله في علمه وزهده وفقهه أظهر من الشمس الباهرة(١) ، وهو الذي نشر الإسلام في الديلم حتّى اهتدوا به بعد الضلالة وعدلوا بدعائه عن الجهالة ، وسيرته الجميلة أكثر من أن تحصى وأظهر من أن تخفى. إلى آخر كلامه زيد في إكرامه وإكرامه(٢) .

وكلّما ذكره في الكتاب المذكور ترضّى عنه أو ترحّم عليه ، وربما قال : كرّم الله وجهه.

ويأتي عن الصدوق أنّه كلّما يذكره يقول : قدّس الله روحه ، وهو ظاهر بل صريح في كونه عنده أيضا إماميّا.

وفي نسختي منجخ في لم : الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، الناصر للحق ،رضي‌الله‌عنه (٣) .

وهو كما ترى يدلّ على ذلك أيضا ، فلا أدري كيف ينسب إلى الزيديّة؟! ورأيت تصريحجش أيضا بكونه من الإماميّة ، وينادي به أيضا ملاحظة(٤) أسامي كتبه ، ولعلّه كان زيديّا فرجع ، ويكون كتب المسائل الناصريّة المعروفة وهو يومئذ زيدي ، والله العالم.

هذا ، والحسن بن عليّ الناصر الذي سيذكره فيتعق عن الصدوق(٥)

__________________

(١) في نسخة « ش » : الزاهرة.

(٢) الجوامع الفقهية ـ الناصريات ـ : ٢١٤.

(٣) رجال الشيخ : ٤١٢ / ٤ ، في أصحاب الإمام الهاديعليه‌السلام ولم نعثر عليه في لم.

(٤) في نسخة « ش » : فلاحظ.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٠٦.

٤١٦

هو هذا كما لا يخفى.

٧٦٣ ـ الحسن بن عليّ بن الحسين :

ابن موسى بن بابويه ، أخو الصدوقرحمه‌الله ، غير مذكور في الكتابين ، ويأتي مع أخيه الحسين.

٧٦٤ ـ الحسن بن علي الحنّاط :

الرازي ، فاضل ، لم(١) .

أقول : في الوجيزة : ممدوح(٢) . ولم أره في الحاوي ، فتأمّل.

٧٦٥ ـ الحسن بن علي الخزّاز :

هو ابن عليّ بن زياد الوشاء(٣) ، ويأتي.

٧٦٦ ـ الحسن بن عليّ بن داود :

في النقد : من أصحابنا المجتهدين ، شيخ جليل ، من تلامذة الإمام العلاّمة المحقّق الشيخ نجم الدين أبي القاسم الحلّيرحمه‌الله والإمام المعظّم فقيه أهل البيت جمال الدين ابن طاوسرحمه‌الله ، له أزيد من ثلاثين كتابا نظما ونثرا ، وله في علم الرجال كتاب معروف حسن الترتيب إلاّ أنّ فيه أغلاطا كثيرة ، غفر الله له(٤) ، انتهى ،تعق (٥) .

أقول : في مل بعد نقل ذلك : وكأنّه أشار إلى اعتراضه على العلاّمة وتعريضاته به ونحو ذلك(٦) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ٤٦٢ / ٦ ، وفيه : الخيّاط.

(٢) الوجيزة : ١٩٠ / ٥٠٨.

(٣) في نسخة « م » بدل الخزاز : الخرّاز.

(٤) نقد الرجال : ٩٣ / ١٠٢.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٠٤.

(٦) أمل الآمل : ٢ / ٧٢.

٤١٧

قلت : ليس الأمر كما ذكره ، بل مرادهرحمه‌الله ما في كتابه من الخبط وعدم الضبط ، فإنّك تراه كثيرا ما يقول :جش ، والذي ينبغي :كش ، أو يقول :كش ، وهوجخ ، أو يقول :جخ ، وليس فيه منه أثر ، وربما يستنبط المدح بل الوثاقة ممّا لا رائحة منه فيه ، وربما يستنبطه من مواضع أخر وينسبه إليها ، إلى غير ذلك. ولعلّ خطّهرحمه‌الله كان رديئا ، وكان كلّ ناسخ يكتب حسب ما يفهمه منه ، ولم تعرض النسخة عليه ، فبقيت سقيمة ولم تصحّح.

وأمّا اعتراضاته وتعريضاته فهي في تراجم الكلمات لا غير ، وهو مصيب في جلّها إن لم نقل كلّها كما يظهر منضح وغيره ، فلا اعتراض عليه من جهتها ولا هي أغلاط ، فافهم.

هذا ، وذكره الشهيدرحمه‌الله في إجازته لابن نجدة فقال : الشيخ الإمام سلطان الأدباء ملك النظم والنثر المبرز في النحو والعروض ، تقيّ الدين أبو محمّد الحسن بن داودرحمه‌الله (١) .

وفي إجازة الشهيد الثاني للشيخ حسين بن عبد الصمد : تقيّ الدين الحسن بن عليّ بن داود الحلّي ، صاحب التصانيف الغزيرة والتصنيفات(٢) الكثيرة التي من جملتها كتاب الرجال ، سلك فيه مسلكا لم يسبقه إليه أحد من الأصحاب. إلى آخره(٣) .

وسلوكه كذلك أنّه رتّبه على حروف المعجم في الأسماء وأسماء الآباء.

وكان مولدهرحمه‌الله على ما ذكره في رجاله خامس جمادى الآخرة‌

__________________

(١) البحار : ١٠٤ / ١٩٦.

(٢) في المصدر : والتحقيقات.

(٣) البحار : ١٠٥ / ١٥٣.

٤١٨

سنة سبع وأربعين وستمائة(١) .

٧٦٧ ـ الحسن بن عليّ بن زكريّا :

البزوفري العدوي من عدي الرباب ، ضعيف جدّا ، قالهغض ، وروى نسخة عن محمّد بن صدقة عن موسى بن جعفرعليه‌السلام ، وروى عن خراش عن أنس ، وأمره أشهر من أن يذكر ،صه (٢) .

٧٦٨ ـ الحسن بن عليّ بن زياد :

الوشاء ، بجلي كوفي ، قالكش : يكنّى بأبي محمّد الوشّاء ، وهو ابن بنت إلياس الصيرفي ، خزّاز ، من أصحاب الرضاعليه‌السلام ، وكان من وجوه هذه الطائفة ،صه ،جش (٣) ، إلاّ أنّ فيصه : خيّران(٤) .

وفيجش : أبو عمرو ، بدلكش ، وزاد : روى عن جدّه إلياس ، قال : لمّا حضرته الوفاة قال لنا : اشهدوا عليّ ـ وليست ساعة الكذب هذه الساعة ـ لسمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : والله لا يموت عبد يحبّ الله ورسوله ـصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ويتولّى الأئمّة ـعليهم‌السلام ـ فتمسّه النار ، ثمّ أعاد الثانية والثالثة من غير أن أسأله. أخبرنا بذلك عليّ بن أحمد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الوشّاء.

أخبرني ابن شاذان ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن سعد ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، قال : خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث فلقيت بها الحسن بن عليّ الوشّاء ، فسألته أن يخرج لي كتاب العلاء بن‌

__________________

(١) رجال ابن داود : ٧٥ / ٤٣٩.

(٢) الخلاصة : ٢١٥ / ١٦.

(٣) رجال النجاشي : ٣٩ / ٨٠.

(٤) الخلاصة : ٤١ / ١٦ ، وفيها : خيّر. وفي الهامش : في نسخة : خيّران ، وفي نسخة معتمدة : خزّاز.

٤١٩

رزين القلاء وأبان بن عثمان الأحمر ، فأخرجهما إليّ ، فقلت له : أحبّ أن تجيزهما لي ، فقال لي : يا رحمك الله وما عجلتك ، اذهب فاكتبهما واسمع من بعد ، فقلت : لا آمن الحدثان ، فقال : لو علمت أنّ هذا الحديث يكون(١) له هذا الطلب لاستكثرت منه ، فإنّي أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كلّ يقول : حدّثني جعفر بن محمّدعليه‌السلام .

وكان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة.

وله كتب ، منها : ثواب الحجّ والمناسك والنوادر ، يعقوب بن يزيد عنه بها.

وله مسائل الرضاعليه‌السلام ، أحمد بن محمّد بن عيسى عنه بها.

وفيدي : ابن عليّ الوشّاء(٢) .

وزادست : الكوفي ، ويقال : الخزّاز ، ويقال له : ابن بنت إلياس ، له كتاب ، عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عنه به(٣) .

وفيضا : ابن عليّ الخزّاز ، يعرف بالوشّاء(٤) .

وأمّا فيكش فلم أجده.

وفي العيون : أبيرضي‌الله‌عنه ، عن سعد بن عبد الله ، قال : حدّثنا أبو الخير(٥) صالح بن أبي حمّاد ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، قال : كنت كتبت معي مسائل كثيرة قبل أن أقطع على أبي الحسن الرضا عليه‌

__________________

(١) في نسخة « م » : ويكون.

(٢) رجال الشيخ : ٤١٢ / ٢.

(٣) الفهرست : ٥٤ / ٢٠٢.

(٤) رجال الشيخ : ٣٧١ / ٥.

(٥) في نسخة « م » : أبو الحسن ( خ ل ).

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500