من لا يحضره الفقيه الجزء ٣

من لا يحضره الفقيه0%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 583

من لا يحضره الفقيه

مؤلف: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (الشيخ الصدوق)
تصنيف:

الصفحات: 583
المشاهدات: 160205
تحميل: 7734


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 583 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 160205 / تحميل: 7734
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء 3

مؤلف:
العربية

حتى يتبوأ مقعده من النار(١) ، وكذلك من كتم الشهادة.

٣٣٣٨ - وروى صالح بن ميثم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما من رجل يشهد شهادة زور على رجل مسلم ليقطع ماله إلا كتب الله له مكانه صكا إلى النار "(٢) .

٣٣٣٩ - وروى جميل بن دراج، عمن أخبره(٣) عن أحدهما عليهما السلام " في الشهود إذا شهدوا على رجل ثم رجعوا عن شهادتهم وقد قضي على الرجل ضمنوا ما شهدوا به وغرموا، فإن لم يكن قضي طرحت شهادتهم ولم يغرم الشهود شيئا(٤) .

باب بطلان حق المدعى بالتحليف وان كان له بينة

٣٣٤٠ - روى عبدالله بن أبي يعفور(٥) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (إذا رضي صاحب الحق بيمين المنكر لحقه فاستحلفه فحلف أن لا حق له قبله ذهبت اليمين بحق المدعي ولا دعوى له، قلت: وإن كانت له بينة عادلة؟ قال: نعم وإن أقام بعد

___________________________________

(١) في القاموس تبوأت منزلا أى هيأته.

(٢) الصك - بشد الكاف - ما يقال له: برات أى كتاب ألاقرار بالمال.

وقال العلامة المجلسى رحمه الله -: قوله عليه السلام " مكانه " مفعول فيه أى قبل أن يزول عن مكانه، وقيل: عوضه ولا يخفى بعده.

(٣) السند مرسل كالصحيح لصحة الطريق وكون جميل ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه.

(٤) قال العلامة المجلسى - رحمه الله - قال في المسالك: إذا رجع الشاهدان عن شهادة فان كان قبل حكم الحاكم لم يحكم، وان كان بعد الحكم فان كان مالا واستوفى لم ينقض الحكم ويغرم الشهود وان كانت العين باقية، وقال الشيخ في النهاية: يرد العين مع بقائها، ولو كانوا شهدوا بالزنا ورجعوا قبل الحكم واعترفوا بالتعمد حدوا للقذف، فان قالوا: اخطأنا فوجهان، ولو رجعوا بعد القضاء فان كان قبل الاستيفاء فان كان مالا قيل يستوفى وقيل: لا، وان كان في حد الله لم يستوف وان كان حد آدمى أو مشتركا فوجهان.

(٥) هو ثقة، والطريق اليه صحيح.

٦١

ما استحلفه بالله خمسين قسامة(١) ما كان له حق فإن اليمين قد أبطلت كل ما ادعاه قبله مما قد استحلفه عليه "(٢) .

٣٣٤١ - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم(٣) : " من حلف لكم بالله على حق فصدقوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ذهبت اليمين بدعوى المدعي(٤) ولا دعوى له ".

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: متى جاء الرجل الذي يحلف على حق تائبا وحمل ما عليه مع ماربح فيه فعلى صاحب الحق أن يأخذ منه رأس المال ونصف

___________________________________

(١) القسامة الجماعة يشهدون أو يقسمون على شئ.

(٢) قال في المسالك ج ٢ ص ٣٦٨: من فوائد اليمين انقطاع الخصومة في الحال لا براء‌ة الذمة من الحق في نفس الامر، بل يجب على الحالف فيما بينه وبين الله أن يتخلص من حق المدعى كما كان عليه له ذلك قبل الحلف، وأما المدعى فان لم يكن له بينة بقى حقه في ذمته إلى يوم القيامة ولم يكن له أن يطالبه به ولا أن يأخذه مقاصة كما كان له ذلك قبل التحليف ولا معاودة المحاكمة ولا تسمع دعواه لو فعل، هذا هو المشهور بين الاصحاب لا يظهر فيه مخالف ومستنده أخبار كثيرة منها قوله صلى الله عليه وآله " من حلف لكم بالله فصدقوه " (كما يأتى) وقوله عليه السلام " من حلف له بالله فليرض " (الكافى ج ٧ ص ٤٣٨) ورواية ابن أبى يعفور عن أبى عبدالله عليه السلام ثم ساق الكلام إلى أن قال: - " ولو أقام بعد احلافه بينة بالحق ففى سماعها أقوال: أحدها - وهو الاشهر عدم سماعها مطلقا للتصريح به في رواية ابن أبى يعفور ودخولها في عموم الاخبار واطلاقها، وادعى عليه الشيخ في الخلاف الاجماع، ولا اليمين حجة للمدعى عليه كما أن البينة حجة للمدعى وكما لا يسمع يمين المدعى عليه، بعد حجة المدعى كذلك لا تسمع حجة المدعى بعد حجة المدعى عليه، وللشيخ في المبسوط قول آخر بسماعها مطلقا ذكره في فصل فيما على القاضى والشهود، وفصل في موضع آخر منه بسماعها مع عدم علمه بها أو نسيانه، وهو خيرة ابن ادريس، وقال المفيد يسمع الا مع اشتراط سقوطها، محتجا بأن كل حال يجب عليه الحق باقراره فيجب عليه بالبينة كما قبل اليمين، وأجيب بالفرق بين البينة والاقرار لان الثانى أقوى فلا يلزم التسوية في الحكم، والحق أن الرواية ان صحت كانت هى الحجة والفارق والا فلا.

(٣) لم أجده مسندا وجعله في الوسائل تتمة لخبر ابن أبى يعفور.

(٤) في بعض النسخ " بحق المدعى " وقوله " لا دعوى له " أى لا تبقى دعوى له.

٦٢

الربح ويرد عليه نصف الربح لان هذا رجل تائب، روى ذلك مسمع أبوسيار عن أبي عبدالله عليه السلام وسأذكر الحديث بلفظه في هذا الكتاب في باب الوديعة إن شاء الله تعالى.

باب الحكم برد اليمين وبطلان الحق بالنكول

٣٣٤٢ - روى أبان، عن جميل عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (إذا أقام المدعي البينة فليس عليه يمين، وإن لم يقم البينة فرد عليه الذي ادعي عليه اليمين فأبى فلا حق له)(١) .

باب الحكم باليمين على المدعى على الميت حقا بعد اقامة البينة

٣٣٤٣ - روي عن ياسين الضرير، عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله قال: (قلت للشيخ يعني موسى بن جعفر عليهما السلام(٢) أخبرني عن الرجل يدعي قبل الرجل الحق فلا يكون له بينة بماله، قال، فيمين المدعى عليه(٣) ، فإن حلف فلا حق له

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٧ ص ٤١٧ بسند فيه ارسال عن أبان عن البقباق عنه عليه السلام والضمير في " أبى " راجع إلى المدعى يعنى المدعى ان لم يقم البينة وطلب المدعى عليه منه اليمين فأبى أن يحلف فلا حق له. ثم اعلم أن " عن جميل " في السند كان مصحف " عن رجل ".

(٢) كذا في النسخ وقوله " يعنى " من المؤلف وليس في الكافى والتهذيب وعبد الرحمن ثقة وعده الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام لكن هنا وفى التهذيب باب وجوه الصيام ج ١ ص ٤٣٦ في خبر روى عن أبى الحسن عليه السلام وفى الاستبصار ج ٣ ص ١٣٣ أيضا في صوم يوم عرفة، فما استظهر بعض الشراح بأن المراد بالشيخ الصادق عليه السلام لانه مذكور في رواته دون رواة موسى بن جعفر عليهما السلام لا وجه له.

(٣) الظاهر أن خبره محذوف أى ثابت ولازم، وقيل: هو على صيغة اسم الفاعل والضمير المجرور للمنكر أى فيمين المدعى ثابت على المدعى عليه. (سلطان عن م ق ر)

٦٣

وإن رد اليمين على المدعي فلم يحلف فلا حق له، فإن كان المطلوب بالحق قد مات وأقيمت عليه البينة فعلى المدعي اليمين بالله الذي لا إله إلا هو لقد مات فلان وإن حقه لعليه، فإن حلف وإلا فلا حق له لانا لا ندري لعله قد أوفاه بينة لانعلم موضعهم أو بغير بينة قبل الموت، فمن ثم صارت عليه اليمين مع البينة، وإن ادعى بلا بينة فلا حق له لان المدعى عليه ليس بحي، ولو كان حيا لالزم اليمين أو الحق أو يرد اليمين(١) فمن ثم لم يثبت له حق)(٢) .

باب حكم المدعيين في حق يقيم كل واحد منهما البينة على أنه له

٣٣٤٤ - روى شعيب(٣) ، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام (أنه ذكرأن عليا عليه السلام أتاه قوم يختصمون في بغلة فقامت البينة لهؤلاء أنهم انتجوها على مذودهم(٤) لم يبيعوا ولم يهبوا، وقامت البينة لهؤلاء أنهم انتجوها على مذودهم لم يبيعوا و

___________________________________

(١) قال العلامة المجلسى: الخبر يدل على ماهو المشهور من أنه لو كانت الدعوى على ميت يستحلف المدعى مع البينة على بقاء الحق في ذمة الميت ولا يظهر في ذلك مخالف من الاصحاب، وفى تعدى حكم المسألة إلى ما شاركها في المعنى كالدعوى على الطفل أو الغائب أو المجنون قولان ومذهب الاكثر ذلك نظرا إلى مشاركتهم للميت في العلة المومى اليها فيكون من باب منصوص العلة ومن باب اتحاد طريق المسألتين، وفيه أن العلة المذكورة في الخبر احتمال توفية الميت قبل الموت وهى غير حاصلة في محل البحث وان حصل مثله اذ مورد النص أقوى من الملحق به، وذهب جماعة من الاصحاب منهم المحقق إلى العدم قصرا للحكم على مورد النص وهو غير بعيد.

(٢) أى ولما لم يكن حيا فلا يتصور شئ من الثلاثة فلا يسمع دعواه. (سلطان)

(٣) شعيب هذا هو العقرقوفى ابن اخت أبى بصير يحيى بن القاسم وهو ثقة عين ولم يذكر المؤلف طريقه اليه، ورواه الكلينى مع الخبر الاتى في الكافى ج ٧ ص ٤١٨ في الصحيح كليهما في خبر.

(٤) أى اتخذوها بالنتاج، والمذود - كمنبر - معتلف الدابة.

٦٤

يهبوا، فقضى عليه السلام بها لاكثرهم بينة واستحلفهم)(١) .

٣٣٤٥ - قال أبوبصير:(٢) (وسألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يأتي القوم فيدعي دارا في أيديهم ويقيم البينة ويقيم الذي في يده الدار البينة أنها ورثها عن أبيه و لايدري كيف أمرها، فقال: أكثرهم بينة يستحلف وتدفع إليه).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: لو قال الذي في يده الدار: إنها لي وهي ملكي وأقام على ذلك بينة(٣) وأقام المدعي على دعواه بينة كان الحق أن يحكم بها للمدعي لان الله عزوجل إنما أوجب البينة على المدعي ولم يوجبها على المدعى عليه(٤) ، ولكن هذا المدعى عليه ذكر أنه ورثها عن أبيه ولا يدري كيف أمرها فلهذا

___________________________________

(١) وجوب اليمين على من رجحت بينته هو مختار الشهيد في الدروس، وظاهر عبارة اللمعة عدم وجوب اليمين. (سلطان)

(٢) رواه الكلينى في صدر الخبر المتقدم.

(٣) في بعض النسخ " على ذلك البينة ".

(٤) ظاهره أنه لا فرق بين كون بينة ذى اليد أكثر أو أعدل أم لا في ذلك وهذا يخالف مفهوم ما سيأتى من قوله " واستوى الشهود في العدالة " الا أن يقال: أن ذلك من كلام أبيه ولا يرتضى به (سلطان) وقال استاذنا الشعرانى - مدظله العالى -: ظاهر كلام الصدوق يدل على أن ذا اليد لا يقبل بينته إذا كانت خالية عن ذكر السبب، وأما إذا ذكر السبب فتقبل بينته كما تقبل بينة غير ذى اليد فيعارض بينهما فيرجح الاكثر عددا وقال بعد ذلك فيما لو كان المتداعيان غير ذوى أيدى يرجح الاعدل ثم الاكثر عددا، ولا فرق بين كون المتصرف أحدهما أو خارجا عنهما والى هذا الاختلاف في الكلام أشار سلطان العلماء، وأما قبول بينة ذى اليد إذا كانت مستندة إلى سبب فغير بعيدة لان الزام البينة على المنكر ينتفى في الشرع لكونه حرجا فاذا رضى المنكر باقامة البينة والتزم بالحرج فهو له، وانما قلنا الزامه بالبينة حرج لانه لا يمكن لاحد أن يحفظ الشهود على براء‌ة ذمته من كل دين محتمل وكون ما في يده من الاموال مما لا حق لاحد عليه، وأيضا فان من شرط شهادة الشهود أن يزيد بها على علم القاضى وظاهر أن الشهود انما يشهدون على ملك الناس لما في أيديهم باستناد تصرفهم وتقلبهم فيها فلا يزيد بشهادة الشهود على علم القاضى شئ فانه يعرف تصرفه وتقلبه فيما بيده ولا ينكره المدعى أيضا فلا فائدة في الشهادة الا إذا شهدوا بالسبب فانه يزيد على الاعتماد على التصرف وهو شئ ينافى شهود المدعى فرضا كما في الحديث اذ شهد كل من البينتين بالانتاج على ندور من شهدت له وحينئذ فلا وجه لرد شهادة ذى اليد مطلقا والحكم بشهادة غير ذى اليد فالصحيح أن يقال: إذا شهدت بينة ذي اليد بالسبب ولم يكتف بالاعتماد على التصرف في الشهادة على الملك قبل منه وعارضت بينه الخارج.

وقال سلطان العلماء - رحمه الله - في وجه الحديث: ان بينة الداخل مع ذكر السبب فيه خاصة مقدم على الخارج وهو مختار بعض الاصحاب.

راجع المختلف

٦٥

أوجب الحكم باستحلاف أكثرهم بينة ودفع الدار إليه.

ولو أن رجلا ادعى على رجل عقارا أو حيوانا أو غيره وأقام شاهدين وأقام الذي في يده شاهدين واستوى الشهود في العدالة لكان الحكم أن يخرج الشئ من يدي مالكه إلى المدعي لان البينة عليه، فإن لم يكن الشئ في يدي أحد وادعى فيه الخصمان جميعا فكل من أقام البينة فهو أحق به، فإن أقام كل واحد منهما البينة فإن أحق المدعيين من عدل شاهداه، فان استوى الشهود في العدالة فأكثرهما شهودا يحلف بالله ويدفع إليه الشئ هكذا ذكره أبي رضي الله عنه في رسالته إلي.

باب الحكم في جميع الدعاوى

قال أبي رضي الله عنه في رسالته إلي: إعلم يا بني أن الحكم في الدعاوي كلها أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، فإن نكل عن اليمين لزمه الحق(١) ، فإن رد المدعى عليه اليمين على المدعي إذا لم يكن للمدعي شاهدان

___________________________________

(١) لعل ذلك مع اللوث لغلبة ظن الحاكم بصدق المدعى فاكتفى بيمينه وهو القسامة على النحو المذكور في كتب الفروع، ومختاره القضاء بمجرد النكول وهو مختار الشيخين أيضا، وقيل رد اليمين على المدعى فان حلف قضى بحقه ولا يسقط وهو مختار بعض المحققين. (سلطان)

٦٦

فلم يحلف فلا حق له إلا في الحدود فلا يمين فيها، وفي الدم فإن البينة على المدعى عليه، واليمين على المدعى(١) لئلا يبطل دم امرئ مسلم.

باب الشهادة على المرأة

٣٣٤٦ - روي عن علي بن يقطين(٢) عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: (لا بأس بالشهادة على إقرار المرأة وليست بمسفرة(٣) إذا عرفت بعينها أو يحضر من عرفها(٤) ، ولايجوز عندهم أن يشهد الشهود على إقرارها دون أن تسفر فينظر إليها).

٣٣٤٧ - وكتب محمد بن الحسن الصفار رضي الله عنه إلى أبي محمد الحسن ابن علي عليهما السلام (في رجل أراد أن يشهد على امرأة ليس لها بمحرم هل يجوز له أن يشهد عليها من وراء الستر ويسمع كلامها إذا شهد عدلان أنها فلانة بنت فلان

___________________________________

(١) قيل: هذا مخالف للاصل وعليه الفتوى، وقيل: هذا مخصوص ببعض الصور كأن يقيم المدعى عليه البينة على نفى الدم عنه وينسب إلى غيره بالبينة العادلة، وقيل: المراد باليمين هو القسامة وهى خمسون يمينا، أقول: في الكافى ج ٧ ص ٤١٥ في الموثق عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " ان الله حكم في دمائكم بغير ما حكم به في أموالكم، حكم في أموالكم أن البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه، وحكم في دمائكم أن البينة على من ادعى عليه واليمين على من ادعى لكيلا يبطل دم امرئ مسلم ".

(٢) كذا في النسخ وهو الصواب وفى الكافى ج ٧ ص ٤٠٠ عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن أخيه جعفر بن عيسى بن يقطين عن أبى الحسن الاول عليه السلام وكان فيه سقط والصواب " عن أخيه جعفر بن عيسى عن ابن يقطين " وهوعلى بن يقطين كما في المتن.

(٣) سفرت المرأة: كشفت عن وجهها فهى سافر. (القاموس)

(٤) إلى هنا مروى في الكافى والتهذيب وفيهما بعده هكذا، فأما ان لا تعرف بعينها ولا يحضر من يعرفها فلا يجوز للشهود أن يشهدوا عليها وعلى اقرارها دون أن تسفر وينظروا اليها " فهو بيان ما يستفاد من أول الحديث وما في المتن بعده نقل مذهب العامة من كلام المؤلف.

٦٧

التي تشهدك وهذا كلامها، أو لا تجوز الشهادة عليها حتى تبرز وتثبتها بعينها(١) ؟ فوقع عليه السلام: تتنقب وتظهر للشهود إن شاء الله)(٢) وهذا التوقيع عندي بخطه عليه السلام.

باب ابطال الشهادة على الجنف والربا وخلاف السنة

٣٣٤٨ - روى إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام (أنه قال: تبطل الشهادة في الربا والجنف(٣) ، وإذا قال الشهود: إنا لانعلم(٤) خل

___________________________________

(١) في بعض النسخ " يبينها بعينها ".

(٢) لا يخفى أن مضمون الخبر الاول أنه لا حاجة إلى استسفار الوجه إذا عرفت بعينها وهذا لا ينافيه من هذه الجهة بل يوافقه لانه عليه السلام أمر بالنقاب، والمنافاة من جهة أنه اكتفى في السابق بحضور من عرفها ولم يكتف هنا بل أمر بالظهور للشهود ولذا تصدى الشيخ للتوجيه (سلطان) وقال في الاستبصار ج ٣ ص ١٩: " هذا لا ينافى الخبر الاول من وجهين أحدهما أن يكون محمولا على الاحتياط والاستظهار، والثانى أن يكون تتنقب وتظهر للشهود الذى يعرفون بأنها فلانة لانه لايجوز لهم أن يعرفونها بانها فلانة بسماع الكلام وان لم يشاهدوها لان الاشتباه يدخل في الكلام ويبعد من دخوله مع البروز والمشاهدة " وقال استاذنا الشعرانى - مذ ظله: الظاهر أن الشهود الذين أمرت بالظهور لهم غير الشهود الذين شهدوا عليها بالاقرار لان الشهود المعرفين كانوا من المحارم الذين يعرفونها لانهم رأوها مرارا عديدة وأما شهود الاقرار فلا يعرفونها بعد الظهور والاستسفار أيضا لانهم لم يروها سابقا فقوله عليه السلام " تتنقب " أى للشهود الذين شهدوا عليها بالاقرار لانهم أجانب لا يعرفونها ولو بعد الكشف، وقوله " تظهر " للشهود أى للشهود الذين يشهدون بأنها فلانة اذ يعرفونها بالكشف والرؤية، ولا يخفى دلالة الحديث على جريان السيرة في عهدهم عليهم السلام في النساء باحتجاب الوجه وعدم جواز الكشف لغير المحارم الا لضرورة.

(٣) " تبطل " أمر في صورة الخبر (الوافى) والجنف - محركة -: الميل والجور وقد جنف في وصيته - كفرح - وأجنف مختص بالوصية، والجنف مطلق الميل عن الحق.

كما في القاموس، وفى بعض النسخ هنا وما يأتى " الحيف ".

(٤) أى انا كنا لا نعلم انه ربا أو جنف أو خلاف سنة أو لا نعلم عدم جواز الشهادة عليه (الوافى) أو لا نعلم سبب استحقاق المدعى بل انما شهدنا باقرار المدعى عليه، أولا نعلم أن مثله في المعاملة لا يوجب الاستحقاق، ولا يبعد أن يكون ذلك فيما لم يكن بطلانه من ضروريات الدين كالربا. (مراد)

٦٨

سبيلهم، وإذا علموا عزرهم).

٣٣٤٩ - وفي رواية عبدالله بن ميمون، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: (جاء رجل من الانصار إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أحب أن تشهد لي على نخل نحلتها ابني، قال: مالك ولد سواه؟ قال: نعم، قال: فنحلتهم كما نحلته؟ قال: لا، قال: فإنا معاشر الانبياء لا نشهد على الجنف)(١) .

٣٣٥٠ - وفي رواية أبي الحسين محمد بن جعفر الاسدي رضي الله عنه قال الصادق عليه السلام: (لاتشهد على من يطلق لغير السنة)(٢) .

باب الشهادة على الشهادة

٣٣٥١ - قال الصادق عليه السلام: (إذا شهد رجل على شهادة رجل فإن شهادته تقبل وهي نصف شهادة(٣) وإن شهد رجلان عدلان على شهادة رجل فقد ثبت شهادة رجل واحد).

___________________________________

(١) لعل ذلك من خواص الانبياء عليهم السلام، فلا يخفى أن سماع قوله " نحلتها ابنى " لا يوجب تحمل الشهادة ما لم يعين النحلة والابن ولم يصرح بالاقباض وان المراد بالشهادة ما يترتب عليها حكم حكم الحاكم بمقتضاها، فلا يرد أن السماع موجب لتحمل الشهادة فكيف يقول صلى الله عليه وآله لا نشهد (مراد) أقول: قوله " من خواص الانبياء " لعله لما سيجئ من جواز تفضيل بعض الاولاد على بعض.

(٢) السنة هنا بالمعنى الاعم أى ما يقابل البدعة كالطلاق في الحيض.

(٣) لا يصح انقسام اليمين لكنها جزء علة، فاذا انضم اليها شهادة آخر يصير بمنزلة شاهد واحد.(م ت)

٦٩

٣٣٥٢ - وروى غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام (أن عليا عليه السلام كان لا يجيز شهادة رجل على شهادة رجل إلا شهادة رجلين على شهادة رجل).

٣٣٥٣ - وروي عن عبدالله بن سنان، عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله عن أبي عبدالله عليه السلام (في رجل شهد على شهادة رجل فجاء الرجل(١) فقال: إني لم إشهده قال: تجوز شهادة أعدلهما، وإن كانت عدالتهما واحدة لم تجز شهادته)(٢) .

٣٣٥٤ - وسأل صفوان بن يحيى أبا الحسن عليه السلام (عن رجل أشهد أجيره على شهادة ثم فارقه أتجوز شهادته بعد أن يفارقه؟ قال: نعم، قلت: فيهودي أشهد على شهادة، ثم أسلم أتجوز شهادته؟ قال: نعم)(٣) .

٣٣٥٥ - وروى العلاء عن محمد بن مسلم قال: (سألت أبا جعفر عليه السلام عن الذمي والعبد يشهدان على شهادة ثم يسلم الذمي ويعتق العبد أتجوز شهادتهما على ما كانا أشهدا عليه؟ قال: نعم إذا علم منهما بعد ذلك خير جازت شهادتهما).

٣٣٥٦ - وروى غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: (قال

___________________________________

(١) أى المشهود عليه.

(٢) عمل الشيخ في النهاية وجماعة بمدلول الخبر وقالوا: ان كذب الفرع الاصل تعمل بشهادة أعدلهما فان تساويا طرح الفرع، والاشهر بين المتأخرين هو أنه ان كان قبل الحكم الحاكم لا عبرة بشهادة الفرع مع تكذيب الاصل وان كان بعده نفذ حكم الحاكم ولا عبرة بقول الاصل فيحملون هذا الخبر وأمثاله على ما إذا شك الاصل قبل حكم الحاكم فينفذ بعده مطلقا، ومنهم من قال به بعد الحكم فيبطل شهادة الفرع قبل مطلقا، والاول أقوى لصحة الخبر. (المرآة)

(٣) قوله " أشهد أجيره على شهادة " كأنه فهم المصنف منه أنه شهد الاجير على شهادة شخص آخر وكذا في الخبر الاتى فلذا أوردهما في هذا الباب والظاهر أنه أشهد أجيره على واقعة فالمراد من الشهادة في قوله " على شهادة " هى المشهود به (سلطان) وقال في الوافى قوله " على شهادة " أى شهادة شاهد لهذا الرجل فيصير الاجير شاهدا له.

٧٠

علي عليه السلام: لاتجوز شهادة على شهادة في حد، ولا كفالة في حد "(١) .

٣٣٥٧ - وروي عن محمد بن مسلم عن الباقر أبي جعفر عليه السلام " في الشهادة على شهادة الرجل وهو بالحضرة في البلد، قال نعم ولو كان خلف سارية، ويجوز ذلك إذا كان لا يمكنه أن يقيمها لعلة تمنعه من أن يحضر ويقيمها، فلا بأس بإقامة الشهادة على شهادته)(٢) .

٣٣٥٨ - وروى عمرو بن جميع، عن أبي عبدالله، عن أبيه عليهما السلام قال: (أشهد على شهادتك من ينصحك، قالوا: أصلحك الله كيف يزيد وينقص؟ ! قال: لا ولكن من يحفظها عليك)(٣) .

ولا تجوز شهادة على شهادة على شهادة(٤) .

باب الاحتياط في اقامة الشهادة

٣٣٥٩ - روي عن علي بن غراب(٥) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " لا تشهدن على

___________________________________

(١) في الروضة ضابطة قبول الشهادة على الشهادة كل ما لم يكن عقوبة لله تعالى مختصة به كشرب الخمر اجماعا أو مشتركة كالقذف على الخلاف.

(٢) السارية: الاسطوانة، وقوله عليه السلام " يجوز ذلك " أي الشهادة على الشهادة مع حضور الاصل وهذا الكلام بمنزلة التقييد والتخصيص لقوله السابق (سلطان) أى جواز الاشهاد على شهادته مع حضوره في البلد مشروط بعدم تمكنه. (مراد)

(٣) قوله " قالوا أصلحك الله " أى الحضار عند أبيه عليه السلام، ولما كان تخصيص الاشهاد بالناصح أى الذى يريد اصلاح حال المنصوح يوهم أن غير الناصح قد يزيد وينقص في الشهادة قالوا: كيف يزيد وينقص من يشهد على شهادة فبين عليه السلام ان المراد بالناصح من يحفظ الشهادة (مراد) أو المراد أن الشاهد مع عدالته لا يزيد ولا ينقص فلا يحتاج إلى كونه ناصحا فأجاب عليه السلام بأن المراد كونه حافظا للشهادة.

(٤) يمكن أن يكون من تتمة خبر عمروبن جميع أو كلاما للمؤلف أو خبرا ولم أجده.

(٥) على بن غراب مشترك والطريق اليه اما ضعيف أو مجهول والخبر في الكافى عن أحمد بن محمد، عن محمد بن حسان وقد ضعفه العلامة، عن ادريس بن الحسن وهو غير مذكور عن على بن غياث.

٧١

شهادة حتى تعرفها كما تعرف كفك)(١) .

٣٣٦٠ - وروي عن علي بن سويد قال: قلت لابي الحسن الماضي عليه السلام (يشهدني هؤلاء على إخواني؟ قال: نعم أقم الشهادة لهم وإن خفت على أخيك ضررا).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله هكذا وجدته في نسختي، ووجدت في غير نسختي (وإن خفت على أخيك ضررا فلا) ومعناهما قريب وذلك أنه إذا كان لكافر على مؤمن حق وهو موسر ملي به وجب إقامة الشهادة عليه بذلك وإن كان عليه ضرر بنقص من ماله، ومتى كان المؤمن معسرا وعلم الشاهد بذلك فلا تحل له إقامة الشهادة عليه وإدخال الضرر عليه بأن يحبس أو يخرج عن مسقط رأسه أو يخرج خادمه عن ملكه، وهكذا لايجوز للمؤمن أن يقيم شهادة يقتل بها مؤمن بكافر ومتى كان غير ذلك فيجب إقامتها عليه، فإن في صفات المؤمن ألا يحدث أمانته الاصدقاء ولايكتم شهادة الاعداء(٢) .

٣٣٦١ - وروي عن عمر بن يزيد قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: (رجل يشهدني على الشهادة فأعرف خطي وخاتمي ولا أذكر من الباقي قليلا ولا كثيرا، فقال: إذا كان صاحبك ثقة ومعك رجل ثقة فأشهد له)(٣) .

___________________________________

(١) ظاهره في الشهادة على الشهادة، ويمكن أن يكون " على " بمعنى " في " أو الشهادة بمعنى المشهود به.

(٢) روى الكلينى في الكافى ج ٢ ص ٢٣١ باسناده عن على بن الحسين عليهما السلام قال: " المؤمن يصمت ليسلم، وينطق ليغنم، لا يحدث أمانته الاصدقاء ولا يكتم شهادته من البعداء، وفى بعض نسخه " من الاعداء ".

(٣) حمله العلامة في المختلف على ما إذا حصل بالقرائن الحالية والمقالية للشاهد ما استفاد به العلم وحينئذ فشهادته مستندة إلى العلم لا إلى خطه، والشيخ رحمه الله في النهاية عمل باطلاق الخبر ولم يقيده بالخاتم كما ذكر واللازم ذلك وقوفا فيما خالف الاصل على مورده مع معارضته باخبار كثيرة دلت على عدم الاكتفاء بذلك. (الروضة البهية)

٧٢

وروي أنه لاتكون الشهادة إلا بعلم، من شاء كتب كتابا [أ] ونقش خاتما(١) .

باب شهادة الوصى للميت وعليه دين

٣٣٦٢ - كتب محمدبن الحسن الصفار رضي الله عنه إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام (هل تقبل شهادة الوصي للميت بدين له على رجل مع شاهد آخر عدل؟ فوقع عليه السلام: إذا شهد معه آخر عدل فعلى المدعي يمين.(٢) وكتب إليه أيجوز للوصي أن يشهد لوارث الميت صغيرا أو كبيرا بحق له على الميت أو على غيره وهو القابض للوارث الصغير وليس للكبير بقابض؟ فوقع عليه السلام: نعم وينبغي للوصي أن يشهد بالحق(٣) ولا يكتم شهادته.

وكتب إليه أو تقبل شهادة الوصي على الميت بدين مع شاهد آخر

___________________________________

(١) روى الكلينى في الكافى عن القمى، عن أبيه، عن النوفلى، عن السكونى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تشهد بشهادة لا تذكرها فانه من شاء كتب كتابا ونقش خاتما ".

(٢) لعل المراد به وارث الميت والحكم بها كناية عن عدم قبول شهادة الوصى فيما هو وصى فيه كما هو المشهور (خلافا لابن الجنيد حيث قبل شهادة الوصى ومال اليه في الدروس) فيثبت الحق بالشاهد الواحد واليمين وعلى هذا يحتاج إلى تأويل فيما بعد، ويحتمل أن يقال المراد ضم اليمين هنا إلى الشاهدين للاستظهار كما في بعض المواضع وحينئذ لا يحتاج إلى تأويل فيما بعد لكن خلاف المشهور من جهتين (سلطان) وفى الوافى: انما أوجب اليمين في المسألة الاخيرة لان الدعوى على الميت وأما في المسألة الاولى فلعله للاستظهار والاحتياط لمكان التهمة، وقال العلامة المجلسى: قوله " فعلى المدعى يمين " أى لا عبره بشهادة الوصى ومع وجود شاهد آخر يثبت الحق به وبيمين الوارث.

(٣) هذا لا ينافى عدم قبول شهادته في حق الصغير كما هو المشهور من عدم قبول شهادة الوصى فيما هو وصى فيه، وذهب ابن الجنيد إلى قبولها كما يوهمه الخبر. (المرآة)

٧٣

عدل؟ فوقع عليه السلام: نعم من بعد يمين(١) .

باب النهى عن احياء الحق بشهادات الزور

٣٣٦٣ - سئل أبوعبدالله عليه السلام(٢) " عن الرجل يكون له على الرجل حق فيجحد حقه ويحلف أن ليس له عليه شئ وليس لصاحب الحق على حقه بينة أيجوز له إحياء حقه بشهادة الزور إذا خشي ذهاب حقه؟ قال: لايجوز ذلك لعلة التدليس " وهذا في رواية يونس بن عبدالرحمن، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله عليه السلام.

باب نوادر الشهادات

٣٣٦٤ - قال الصادق عليه السلام: (إذا دفنت في الارض شيئا فأشهد عليها فانها لاتؤدي إليك شيئا).

٣٣٦٥ - وقال عليه السلام: (أول شهادة شهد بها بالزور في الاسلام شهادة سبعين رجلا حين انتهوا إلى ماء الحوأب فنبحتهم كلابها فأرادت صاحبتهم الرجوع، و قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول لازواجه: (إن إحديكن تنبحها كلاب الحوأب(٣)

___________________________________

(١) يدل مع صحته على ثبوت اليمين الاستظهارى إذا كان الدعوى على الميت، اذ لا مانع من قبول شهادة الوصى على الميت وانما لا يقبل إذا كانت له. (المرآة)

(٢) مروى في الكافى ج ٧ ص ٣٨٨ والتهذيب ج ٢ ص ٨٠ عن على بن ابراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن بعض أصحابه عنه عليه السلام.

(٣) الحوأب: موضع بئر من مياه العرب على طريق البصرة وفيه نبحت كلابه على عائشة عند مقبلها إلى البصرة كما في المجلد الثالث ص ٣٥٦ من معجم الحموى وقال: " في الحديث أن عائشة لما أرادت المضى إلى البصرة في وقعة جمل مرت بهذا الموضع فسمعت نباح الكلاب فقالت: ما هذا الموضع؟ فقيل لها: هذا موضع يقال له: حوأب فقالت: ردونى وهمت بالرجوع فغالطوها وحلفوا لها أنه ليس بالحوأب ".

وفى شرح النهج لابن أبى الحديد قال: " قال أبومخنف: لما انتهت عائشة في مسيرها إلى الحوأب وهو ماء لبنى عامر بن صعصعة نبحتها الكلاب حتى نقرت صعاب ابلها، فقال قائل من أصحابها: الا ترون ما أكثر كلاب الحوأب وما أشد نباحها، فأمسكت زمام بعيرها وقالت: وانها لكلاب الحوأب؟ ردونى ردونى، فانى سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول.

وذكرت الخبر، فقال قائل: مهلا يرحمك الله، فقد جزنا ماء الحوأب، فقالت: فهل من شاهد؟ فلفقوا لها خمسين أعرابيا جعلوا لهم جعلا، فحلفوا لها ان هذا ليس بماء الحوأب، فسارت لوجهها ".

٧٤

في التوجه إلى قتال وصيي علي بن أبي طالب عليه السلام) فشهد عندها سبعون رجلا إن ذلك ليس بماء الحوأب، فكانت أول شهادة شهد بها في الاسلام بالزور).

٣٣٦٦ - وقيل للصادق عليه السلام: (إن شريكا يرد شهادتنا، فقال: لا تذلوا أنفسكم)(١) .

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: ليس يريد عليه السلام بذلك النهي عن إقامتها لان إقامة الشهادة واجبة، إنما يعني بها تحملها يقول: لا تتحملوا الشهادات فتذلوا أنفسكم بإقامتها عند من يردها، وقد روي عن أبي كهمس أنه قال: (تقدمت إلى شريك في شهادة لزمتني فقال لي: كيف أجيز شهادتك وأنت تنسب إلى ما تنسب إليه، قال أبوكهمس: فقلت: وما هو؟ قال: الرفض، قال: فبكيت ثم قلت: نسبتني إلى قوم أخاف ألا أكون منهم، فأجاز شهادتي) و قد وقع مثل ذلك لابن أبي يعفور ولفضيل سكرة.

___________________________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٨٦ باسناده عن ابن أبى عمير، عن محمد بن أبى حمزة عمن ذكره عنه عليه السلام والمراد بشريك شريك بن عبداله بن أبى شريك النخعى الكوفى القاضى وكان من قضاة العامة ولى القضاء بواسط سنة ١٥٥ ثم ولى الكوفة وتوفى بها سنة سبع وسبعين ومائة، وقيل: المراد أنه لا تذلوا أنفسكم باقامة الشهادة عند من لا يقبلها.

٧٥

باب الشفعة(١)

٣٣٦٧ - روى طلحة بن زيد عن الصادق عن أبيه عليه السلام (أن رسول الله صلى الله عليه واله قضى بالشفعة مالم تورف(٢) يعني تقسم).

٣٣٦٨ - وروى عقبة بن خالد عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (قضى رسول الله صلى الله عليه واله بالشفعة بين الشركاء في الارضين والمساكن، وقال: لا ضرر ولا [إ] ضرار)(٣) .

___________________________________

(١) الشفعة - بالضم -: استحقاق حق تملك الشقص على شريكه المتجدد ملكه قهرا بعوض والشريك شفيع لانه يضم المبيع إلى ملكه فيشفعه به وكانه كان واحدا وترا فصار زوجا شفعا (م ت) وفى الشرايع هى استحقاق أحد الشريكين حصة شريكه بسبب انتقالها بالبيع.

(٢) في فصل الهمزة من القاموس " الارفة - بالضم -: الحد بين الارضين " وفى فصل الواو " ورف الارض - من باب التفعيل - قسمها ".

وطلحة بن زيد بترى يكنى أبا الخزرج كان ضعيفا عامى المذهب.

(٣) نهى في صورة النفى. أى لا يضر الرجل ابتداء ولا يضره جزاء لان الضرر يكون من الواحد، والضرار من الاثنين بمعنى الضارة، وهو أن تضر من ضرك، وفى المجمع: الضرار فعال من الضر أى يجازيه على اضراره بادخال الضرر عليه، والضرر فعل الواحد والضرار فعل الاثنين، والضرر ابتداء الفعل والضرار الجزاء عليه: " وقيل: الضرر ما تضر به صاحبك وتنتفع أنت به، والضراتر أن تضره من غير أن تنتفع أنت به. وقال استادنا الشعرانى مد ظله -: اختلف أصحابنا في ثبوت الشفعة في جميع الاملاك أو في بعضها، وأثبت كثير من قدمائنا الشفعة في كل مال منقول أو غير منقول وخصها كثير من المتأخرين بغير المنقول، قال في القواعد: كل عقار ثابت مشترك بين اثنين قابل للقسمة، وعلى هذا فلا تثبت في المنقول ولا في البناء ولا الاشجار من غير المنقول إذا بيعا منفردين ولا في مثل الغرفة المبنية على بيت لعدم كونها ثابتة على الارض، فلا تدخل تلك الغرفة في شفعة الارض تبعا للارض وتثبت في الدولاب تبعا لانه غير منقول في العادة، ولا تثبت في الثمرة على الشجرة ولو تبعا، ولا تثبت الشفعة في كل مال غير قابل للقسمة وان كان غير منقول كالطاحونة وبئر الماء والحمام وذلك لان حكمة الشفعة التضرر بالقسمة وإذا لم يمكن تقسيم المال أمن الضرر ولا يمكن أن يكون نفس الشركة ضررا موجبا للشفعة فانها كانت حاصلة ولم يثبت بالبيع شئ لم يكن. قلت: يمكن أن تكون الحكمة أن الشريك الاول ربما يكون بحيث يمكن مساكنته ومعاملته بخلاف الشريك الثانى اذ ربما يكون سيئ المعاشرة والمعاملة فلذلك تثبت الشفعة شرعا.

٧٦

٣٣٦٩ - وقال الصادق عليه السلام: (إذا أرفت الارف وحدت الحدود فلا شفعة(١) [ولا شفعة إلا لشريك غير مقاسم] )(٢) .

٣٣٧٠ - وروى إسماعيل بن مسلم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام، قال: " قال علي عليه السلام(٣) : الشفعة على عدد الرجال "(٤) .

٣٣٧١ - وفي رواية طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام، قال: " قال علي عليه السلام: الشفعة على عدد الرجال ".

___________________________________

(١) هذا الخبر في الكافى والتهذيب جزء من خبر عقبة بن خالد.

(٢) هذا الذيل ليس في بعض النسخ ولا الكتابين ولعلها من زيادات النساخ.

(٣) في بعض النسخ " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ".

(٤) أى لكل واحد من الشركاء استحقاق الاخذ بالشفعة وظاهر هذا الخبر وما يأتى بل وخبر عقبة بن خالد حصول الشفعة مع تعدد الشركاء وأنها على عدد الرؤوس لا على قدر السهام، وفى ثبوت الشفعة مع كثرة الشركاء اختلاف بين الفقهاء - قدس الله أسرارهم - وذلك لاختلاف النصوص ففى التهذيب في الصحيح عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا تكون الشفعة الا لشريكين مالم يتقاسما فاذا صاروا ثلاثة فليس لواحد منهم شفعة " وفى آخر كما يأتى عنه عليه السلام " إذا كان الشئ بين الشريكين لا غيرهما فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره، فان زاد على الاثنين فلا شفعة لاحد منهم " وعمل بذلك الاخبار على بن بابويه - كما في الايضاح - والصدوق نفسه في المقنع ونسب ثبوتها مع الكثرة إلى الرواية، والشيخان والمرتضى والسلار وأبوالصلاح وابن البراج وابن حمزة وابن زهرة وقطب الدين الكيدرى وابن ادريس - وادعى عليه الاجماع في السرائر - والمحقق والعلامة.

وبما خالفها من الاخبار الصدوق في الفقيه في غير الحيوان وابن الجنيد، وحجة القائلين بعدم ثبوتها مع الكثرة سوى النصوص أصالة عدم الشفعة وثبوت الملك في غير موضع الوفاق. راجع لمزيد البيان المسالك ج ٢ ص ٢٧٢.

٧٧

٣٣٧٢ - وقال عليه السلام: " ليس لليهودي والنصراني شفعة، ولاشفعة إلا لشريك غير مقاسم "(١) .

٣٣٧٣ - وفي رواية طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: " قال علي عليه السلام: الشفعة لا تورث)(٢) .

٣٣٧٤ - وفي رواية السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليه السلام قال: (قال رسول الله صلى الله عليه واله: لاشفعة في سفينة ولا في نهر ولا في طريق ولا في رحى ولا في حمام).

٣٣٧٥ - وقال علي عليه السلام: (وصي اليتيم بمنزلة أبيه يأخذ له الشفعة إذا كانت

___________________________________

(١) رواه الشيخ والكلينى عن القمى، عن أبيه، عن النوفلى، عن السكونى عن أبى عبدالله عليه السلام، وقوله عليه السلام: " ليس لليهودى - الخ " أى على المسلم للاجماع على ثبوتها لهما على غير المسلم، وعدم ثبوت شفعة الكافر على المسلم ايضا اجماعى. (المرآة)

(٢) قال في الروضة: الشفعة تورث عن الشفيع كما يورث الخيار في أصح القولين لعموم أدلة الارث، وقيل: لا يورث استنادا إلى رواية ضعيفة السند وهى رواية طلحة بن زيد.

(٣) حمل على ما إذا كانت هذه الاشياء ضيقة لا تقبل القسمة، قال استاذنا الشعرانى: أما السفينة فمال منقول وأيضا غير قابل للقسمة، والنهر غير قابل لها غالبا، والطريق ان بيع منفردا عن الدور فلا شفعة فيها ان كان ضيقا غير قابل للتقسيم كما هو الغالب في الطريق التى تباع، والرحى والحمام أيضا لا يقبلان القسمة، فهذا الخبر لا يخالف مذهب أكثر المتأخرين فانهم اشترطوا امكان الانقسام في المأخوذ بالشفعة لان في كثير من أخبار - الشفعة اثباتها في ما لم يقسم وظاهرها أن يكون قابلا لانقسام ولم يقسم لا السالبة بانتفاء القابلية انتهى.

وفى الشرايع " في ثبوت الشفعة في النهر والطريق والحمام وما لا تضر قسمته تردد أشبهه أنها لا تثبت، ونعنى أن لا ينتفع به بعد قسمته، والمتضرر لا يجبر على القسمة، ولو كان الحمام أو الطريق أو النهر مما لا تبطل منفعته بعد القسمة أجبر الممتنع وتثبت الشفعة.

٧٨

[له] رغبة، وقال عليه السلام: للغائب الشفعة)(١) .

٣٣٧٦ - وقال أبوجعفر عليه السلام: (إذا وقعت السهام ارتفعت الشفعة)(٢) .

٣٣٧٧ - وسئل الصادق عليه السلام(٣) (عن الشفعة لمن هي؟ وفي أي شئ هي؟ وهل تكون في الحيوان شفعة؟ وكيف هي؟ قال: الشفعة واجبة في كل شئ من حيوان أو أرض أو متاع إذا كان الشئ بين شريكين لا غيرهما فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره، فإن زاد على الاثنين فلا شفعة لاحد منهم)(٤) .

________________________________________

(١) مروى في الكافى ج ٥ ص ٢٨١ عن القمى، عن أبيه، عن النوفلى، عن السكونى عن أبى عبدالله عنه صلوات الله عليهما.

وقوله عليه السلام " إذا كانت له رغبة " أى مصلحة للطفل فيها، ويدل على أن الاب والجد والوصى يأخذون بالشفعة للطفل إذا كان له غبطة، و على أن للغائب شفعة كما هو المشهور فيهما.

وقال المحقق: " وتثبت للغائب والسفية وكذا المجنون والصبى ويتولى الاخذ وليهما مع الغبطة " وقال في المسالك: لا شبهة في ثبوتها لمن ذكر لعموم الادلة المتناولة للمولى عليه وغيره، وأما الغائب فيتولى هو الاخذ بعد حضوره وان طال زمان الغيبة، ولو تمكن من المطالبة في الغيبة بنفسه أو وكيله فكالحاضر، ولا عبرة بتمكنه من الاشهاد على المطالبة فلا يبطل حقه ولو لم يشهد بها.

(٢) مروى في الكافى ج ٥ ص ٢٨٠ في الضعيف عن حماد، عن جميل، عن محمد بن مسلم عنه عليه السلام.

(٣) في الكافى والتهذيب مسندا عن يونس عن بعض رجاله عن الصادق عليه السلام.

(٤) قال في المسالك ج ٢ ص ٢٦٩: " اختلف الاصحاب في محل الشفعة من الاموال بعد اتفاقهم على ثبوتها في العقار الثابت للقسمة كالارض والبساطين على أقوال كثيرة منشاؤها اختلاف الروايات فذهب أكثر المتقدمين وجماعة من المتأخرين منهم الشيخان والمرتضى و ابن الجنيد وأبوالصلاح وابن ادريس إلى ثبوتها في كل مبيع منقولا كان أم لا، قابلا للقسمة أم لا، ومال اليه الشهيد في الدروس ونفى عنه العبد، وقيده آخرون بالقابل للقسمة وتجاوز آخرون بثبوتها في المقسوم أيضا اختاره ابن أبى عقيل واقتصر أكثر المتأخرين على مااختاره المحقق من اختصاصها بغير المنقول عادة مما يقبل القسمة " والمراد بقبول القسمة هو أن لا يخرج عن حد الانتفاع بحيث لا يمكن الاستفاد المعتد بها منه.

٧٩

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: يعني بذلك الشفعة في الحيوان وحده فأما في غير الحيوان فالشفعة واجبة للشركاء وإن كانوا أكثر من اثنين، وتصديق ذلك مارواه(١) :

٣٣٧٨ - أحمد بن محمد بن أبى نصر، عن عبدالله بن سنان قال: (سألته عن مملوك بين شركاء أراد أحدهم بيع نصيبه، قال: يبيعه، قال قلت: فإنهما كانا اثنين، فأراد أحدهما بيع نصيبه فلما أقدم على البيع قال له شريكه: أعطني، قال: هو أحق به، ثم قال عليه السلام: لا شفعة في حيوان إلا أن يكون الشريك فيه واحدا)(٢) .

٣٣٧٩ - وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب عن أبي عبدالله عليه السلام (في رجل اشترى دارا برقيق ومتاع وبز وجوهر، فقال: ليس لاحد فيها شفعة)(٣) .

وإذا كانت دارا فيها دور وطريق أربابها في عرصة واحدة فباع أحدهم دارا منها من رجل وطلب صاحب الدار الاخرى الشفعة فإن له عليه الشفعة إذا لم يتهيأ

___________________________________

(١) قال الفاضل التفرشى: يمكن التوفيق بينه وبين ما سبق من جريان الشفعة مع تكثر الشركاء بأن يكون هذا على وجوب الشفعة أى وجوب دفع المشترى ما اشتراه إلى الشريك الواحد عند طلبه وحمل ماسبق على استحباب ذلك أى استحباب دفعه عند طلب الشركاء، وأما حمل المصنف ففى غاية البعد واستشهاده مبنى على اعتبار المفهوم في قوله عليه السلام " لا شفعة في حيوان " وهو غير حجة على ما تقرر في الاصول مع أنه من قبيل مفهوم اللقب.

(٢) مفهوم هذه الرواية ثبوت الشفعة في غير الحيوان إذا كان الشريك أكثر.

ولا يخفى ضعف دلالة المفهوم مع تضمن الخبر ثبوت الشفعة في الحيوان وفى موثقة سليمان بن خالد عن أبى عبدالله عليه السلام أنه قال: " ليس في الحيوان شفعة " (التهذيب ج ٢ ص ١٦٣).

(٣) في المسالك: لا خلاف في ثبوت الشفعة على تقدير كون الثمن مثليا، واختلفوا فيما إذا كان قيميا فذهب جماعة منهم الشيخ في الخلاف مدعيا الاجماع والعلامة في المختلف إلى عدم ثبوت الشفعة حينئذ اقتصارا فيما خالف الاصل على موضع اليقين ولرواية على بن رئاب عن الصادق عليه السلام وذهب الاكثر ومنهم الشيخ في غير الخلاف، والعلامة في غير المختلف إلى ثبوتها لعموم الادلة ولان القيمة بمنزلة العوض المدفوع ولضعف مستند المنع سندا ودلالة أما الاول ففى طريقة الحسن بن سماعة وهو واقفى والعجب من دعوى العلامة في التحرير صحته مع ذلك، ودلالته على موضع النزاع ممنوعة، فان نفى الشفعة أعم من كونه بسبب كون الثمن قيميا أو غيره اذ لم يذكر أن في الدار شريكا فجاز نفى الشفعة لذلك عن الجار وغيره أو لكونها غير قابلة للقسمة أو لغير ذلك، وبالجملة فان المانع من الشفعة غير مذكور وأسباب المنع كثيرة فلا وجه لحمله على المتنازع فيه أصلا، والعجب مع ذلك من دعوى أنها نص في الباب مع أنها ليست ظاهرة فضلا عن النص انتهى، أقول: تضعيفه - رحمه الله - السند لا وجه له لانه مبنى على طريق الشيخ في التهذيب حيث رواه باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن ابن محبوب عن ابن رئاب وأما المصنف فطريقه إلى ابن محبوب في غاية الصحة حيث رواه عن شيخه محمد بن موسى بن المتوكل وهو ثقة جليل =

٨٠