منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٤

منتهى المقال في أحوال الرّجال 13%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
ISBN: 964-5503-97-3
الصفحات: 433

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 433 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 263210 / تحميل: 4771
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٩٧-٣
العربية

١
٢

٣
٤

باب الصاد‌

١٤٣٥ ـ صابر :

مولى بسّام ،ق (١) .

وزادجش : له كتاب ، أخبرنا به عدّة من أصحابنا. إلى أن قال : عن صفوان بن يحيى ، عن أبي الصباح ، عن صابر(٢) .

أقول : في قولجش : أخبرنا به عدّة من أصحابنا ، إيماء إلى حسن ما ، وفي رواية صفوان عنه ولو بواسطة دلالة على وثاقته ، وهو عندجش إمامي ، فتدبّر.

١٤٣٦ ـ صالح أبو خالد القمّاط :

جش له كتاب ،د (٣) .

والذي فيجش ابن خالد كما يأتي(٤) . والظاهر أنّه أبو كما قاله د.

وفيتعق : فيه ما سيجي‌ء في ابن خالد وفي الكنى(٥) .

١٤٣٧ ـ صالح أبو مقاتل الديلمي :

ذكره أحمد بن الحسين وقال : وصنّف كتابا في الإمامة كبيرا حديثا وكلاما وسمّاه كتاب الاحتجاج ،جش (٦) .

أقول : يظهر ممّا ذكر كونه من علماء الإماميّة ، مضافا إلى ذكرغض‌

__________________

(١) لم يرد في نسختنا منه ، وورد في مجمع الرجال : ٣ / ٢٠١ نقلا عنه.

(٢) رجال النجاشي : ٢٠٣ / ٥٤٣.

(٣) رجال ابن داود : ١٠٩ / ٧٦٢.

(٤) رجال النجاشي : ٢٠١ / ٥٣٦.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٨٠.

(٦) رجال النجاشي : ١٩٨ / ٥٢٧.

٥

إيّاه وعدم طعنه فيه مع عدم سلامة جليل عن طعنة ، فتأمّل.

١٤٣٨ ـ صالح بن أبي الأسود :

الحنّاط الليثي ، مولاهم ، كوفي ، أسند عنه ،ق (١) .

١٤٣٩ ـ صالح بن أبي حمّاد :

أبو الخير الرازي ـ واسم أبي الخير زاد به ، بالزاي والدال المهملة والباء المفردة ـ لقي أبا الحسن العسكريعليه‌السلام . قالجش : وكان أمره ملتبسا يعرف وينكر ،صه (٢) .

جش إلاّ الترجمة وقالجش (٣) .

وزادصه : وقالغض : إنّه ضعيف ، وروىكش عن علي بن محمّد القتيبي قال : سمعت الفضل بن شاذان يقول في أبي الخير وهو صالح بن سلمة بن أبي حمّاد الرازي : كما كنّي ، وقال علي : كان أبو محمّد الفضل يرتضيه ويمدحه ولا يرتضي أبا سعيد الآدمي ويقول : هو أحمق. والمعتمد عندي التوقّف لتردّدجش وتضعيف غض له.

ثمّ زادجش : له كتب ، عنه سعد بن عبد الله.

وفيست : له كتاب ، رويناه بالإسناد الأوّل ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عنه(٤) .

والإسناد : جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد(٥) .

وفيكش ما ذكرهصه (٦) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ٢١٨ / ٤.

(٢) الخلاصة : ٢٣٠ / ٢.

(٣) رجال النجاشي : ١٩٨ / ٥٢٦.

(٤) الفهرست : ٨٤ / ٣٥٩.

(٥) الفهرست : ٨٤ / ٣٥٨.

(٦) رجال الكشّي : ٥٦٦ / ١٠٦٨.

٦

وفيتعق : روى عنه محمّد بن أحمد بن يحيى ولم تستثن روايته(١) (٢) .

أقول : تضعيف غض ضعيف كما مرّ مرارا ، وتردّدجش لا يقاوم جزم الفضل بن شاذان ، فإدخاله في قسم الممدوحين أولى كما نصّ عليه الفاضل عبد النبي الجزائريرحمه‌الله (٣) .

وفيمشكا : ابن أبي حمّاد ، عنه سعد بن عبد الله ، وأحمد البرقي(٤) .

١٤٤٠ ـ صالح بن أبي صالح :

في خاتمة الكتاب عند ذكره محمّد بن جعفر الأسدي ما يشير إلى كونه وكيلا(٥) ، وروى عنه محمّد بن أحمد بن يحيى(٦) ولم تستثن روايته. ولعلّه صالح بن محمّد الجليل ،تعق (٧) .

١٤٤١ ـ صالح بن الحكم النيلي :

الأحول ، ضعيف ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ،صه (٨) .

وزادجش : روى عنه ابن بكير وجميل بن دراج ، له كتاب يرويه عنه جماعة ، منهم بشر بن سلام(٩) .

وفيتعق على قولصه ضعيف : فيه ما مرّ في الفوائد ، وروى عنه‌

__________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢ : ١٨٥ / ٢.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٨٠.

(٣) حاوي الأقوال : ١٨٤ / ٩٢٥.

(٤) هداية المحدّثين : ٨٠.

(٥) أشار بذلك إلى ما رواه الشيخ في الغيبة : ٤١٥ / ٣٩١ عن صالح بن أبي صالح ، قال : سألني بعض الناس في سنة تسعين ومائتين قبض شي‌ء ، فامتنعت من ذلك وكتبت أستطلع الرأي فأتاني الجواب.

(٦) الغيبة : ٤١٥ / ٣٩١.

(٧) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٨٠.

(٨) الخلاصة : ٢٣٠ / ٣.

(٩) رجال النجاشي : ٢٠٠ / ٥٣٣.

٧

جعفر بن بشير بواسطة حمّاد بن عثمان(١) ، وصفوان بن يحيى بلا واسطة(٢) ، مضافا إلى رواية كتابه جماعة(٣) .

أقول : فيمشكا : ابن الحكم النيلي ، عنه بشر بن سلام ، فتأمّل(٤) .

١٤٤٢ ـ صالح بن خالد المحاملي :

أبو شعيب الكناسي ، مولى علي بن الحكم بن الزبير ، مولى بني أسد ، روى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، له كتاب يرويه عنه جماعة ، منهم عباس بن معروف ،جش (٥) .

ثمّ في الكنى : أبو شعيب المحاملي كوفي ثقة ، من رجال أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، مولى علي بن الحكم بن الزبير ، له كتاب ، عباس بن معروف عنه به(٦) .

أقول : في ظم منجخ في الكنى : أبو شعيب المحاملي ثقة(٧) .

ويأتي.

وفيمشكا : ابن خالد أبو شعيب المحاملي الثقة ، عنه الحسن بن محمّد بن سماعة ، وعباس بن معروف(٨) .

__________________

(١) مشيخة الفقيه : ٤ / ٣٨. وروى عنه جعفر بن بشير بلا واسطة كما في التهذيب ٣ : ٢٩٦ / ٨٩٧.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٧٠ / ١٥٣٨ والاستبصار ١ : ٣٩٣ / ١٥٠٠.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٨٠.

(٤) هداية المحدّثين : ٨٠ ، وفيها زيادة رواية حمّاد بن عثمان عنه.

(٥) رجال النجاشي : ٢٠١ / ٥٣٥.

(٦) رجال النجاشي : ٤٥٦ / ١٢٤٠.

(٧) رجال الشيخ : ٣٦٥ / ٤. كما وذكره في كنى الفهرست : ١٨٣ / ٨١٨ قائلا : أبو شعيب المحاملي ، له كتاب ، أخبرنا به ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار عن العبّاس بن معروف ، عن أبي شعيب.

(٨) هداية المحدّثين : ٨٠.

٨

١٤٤٣ ـ صالح بن خالد القمّاط :

له كتاب ، قال ابن نوح : حدّثنا الحسين بن علي ، عن أحمد بن إدريس قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عنه بكتابه ،جش (١) .

وفيست : صالح القمّاط ، له كتاب ، أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن حميد ، عن القاسم بن إسماعيل وأحمد بن ميثم ، عنه(٢) .

والظاهر أنّه ابن خالد(٣) أبو سعيد القمّاط وإن ذكر ابن سعيد أبو سعيد القمّاط على حدة كما يأتي إن شاء الله ، فإنّ ذلك احتياط منهرحمه‌الله .

وفيتعق : هذا بعيد. والظاهر أنّه ابن خالد بن يزيد أو خالد بن سعيد ، ولعلّ الأوّل أرجح بناء على تكنّيه بأبي خالد كنية جدّه أبي خالد القمّاط المشهور كما مرّ عند في صالح أبو خالد(٤) واستصوبه المصنّف هناك ، وفي باب الكنى نقلا عنكش (٥) ، ومرّ عنه في خالد بن سعيد ما مرّ(٦) .

إلاّ أنّ الاعتماد على نسخةكش مشكل لكثرة ما وقع فيه من التحريف والتصحيف ، واعترف المحقّقون به ، فلعلّه مصحّف ابن خالد كما ذكرهجش ، وما ذكره في خالد بن سعيد مرّ ما فيه ، وما في المقام لم يظهر وجهه أصلا. والمستفاد من كلام المحقّقين أنّ أبا خالد القمّاط هو يزيد كما‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٠١ / ٥٣٦.

(٢) الفهرست : ٨٥ / ٣٦٤.

(٣) كذا في نسخ الكتاب ، وفي نسختين للمنهج : ابن أبي خالد. كما تقدّم ذلك أيضا في ترجمة خالد بن سعيد.

(٤) رجال ابن داود : ١٠٩ / ٧٦٢.

(٥) رجال الكشّي : ٣٨٩ / ٧٣١.

(٦) الذي مرّ عنه هو احتمال تعدّد خالد القمّاط يكنّى أحدهما أبا خالد والآخر أبا سعيد.

٩

سيجي‌ء.

وعلى أيّ تقدير ، لعلّ صالحا القمّاط رجلان : ابن سعيد وابن خالد ، كما هو المستفاد منجش والشيخ(١) ، وممّا ينبّه اختلاف سند كتابهما ، مضافا إلى أنّ في ابن سعيد عنجش : يروي كتابهما(٢) جماعة ، إلى غير ذلك من أسباب التفاوت الّتي تظهر بالتأمّل.

هذا ، ويروي عن صالح هذا صفوان(٣) ، وفيه إشعار بوثاقته(٤) .

قلت : مضافا إلى رواية جماعة كتابه ، وهو عند الشيخ وجش إمامي.

وفيمشكا : ابن خالد القمّاط ، عنه محمّد بن سنان(٥) .

١٤٤٤ ـ صالح بن رزين :

كوفي ، روي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ذكره أصحاب الرجال ، روى عنه منصور بن يونس ، له كتاب ، رواه عنه الحسن بن محبوب ،جش (٦) .

وفيست : له أصل ، رويناه بالإسناد الأوّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد ابن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن بن محبوب ، عن صالح بن رزين(٧) .

__________________

(١) أمّا النجاشي فقد عنون صالح بن سعيد أبا سعيد القمّاط قبل صالح بن خالد بسبعة أسماء ، وكذا الفهرست حيث عنون صالح بن سعيد القمّاط قبل صالح القمّاط بلا فصل وزاد كلمة أيضا بينهما وهي ظاهرة في التعدّد.

(٢) كذا ، والظاهر كتابه.

(٣) رجال الكشّي : ٣٨٩ / ٧٣١.

(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٨٠.

(٥) هداية المحدّثين : ٢٠٠.

(٦) رجال النجاشي : ١٩٩ / ٥٣٠.

(٧) الفهرست : ٨٤ / ٣٦٠.

١٠

والإسناد : جماعة ، عن أبي المفضّل(١) .

وفيتعق : رواية ابن أبي عمير وكذا أحمد بن محمّد عنه ولو بواسطة ابن محبوب(٢) تشير إلى وثاقته ، وروايته عنه إلى نوع اعتماد عليه.

وفي الكافي عن سهل عن الحسن بن محبوب عنه قال : دفع إليّ شهاب بن عبد ربّه دراهم من الزكاة أقسّمها ، فأتيته يوما فسألني هل قسّمتها؟

فقلت : لا ، فأسمعني كلاما فيه بعض الغلظة ، فطرحت ما كان بقي من الدراهم فقمت(٣) مغضبا ، فقال لي : ارجع أحدثك بشي‌ء سمعته من جعفر ابن محمّدعليه‌السلام ، فرجعت ، فقال : قلت للصادقعليه‌السلام : إنّي إذا وجدت زكاتي أخرجتها(٤) فأدفع منها إلى من أثق به يقسّمها؟. الحديث(٥) ، فتدبّر(٦) .

أقول : فيمشكا : ابن رزين ، عنه الحسن بن محبوب ، ومنصور بن يونس(٧) .

١٤٤٥ ـ صالح بن سعيد :

أبو سعيد القمّاط ،ق (٨) .

وزادجش : مولى بني أسد ، كوفي ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ذكره أبو العباس ، له كتاب يرويه جماعة ، منهم عبيس بن هشام‌

__________________

(١) الفهرست : ٨٤ / ٣٥٨.

(٢) رواية أحمد بن محمّد عن ابن محبوب عنه ذكرها النجاشي في طريقه إليه.

(٣) في الكافي : وقمت.

(٤) في نسخة « ش » : أخرجها.

(٥) الكافي ٤ : ١٧ / ١.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٨٠.

(٧) هداية المحدّثين : ٨٠.

(٨) رجال الشيخ : ٢١٩ / ١٧ ، وفيه زيادة : كوفي.

١١

الناشري(١) .

وفيست : له كتاب ، أخبرنا به ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن إبراهيم بن هاشم وغيره من أصحاب يونس ، عنه(٢) .

وفيتعق : مرّ عنجش خالد بن سعيد أبو سعيد القمّاط(٣) ، فيكونان أخوين متشاركين في الكنية ، ويحتمل أن يكون الأوّل هو الثبت عنده وذكر هذا ثبتا للمحتمل لما وجده من كلام أبي العباس على قياس ما ذكرناه في الحسين بن محمّد بن الفضل ، ولعلّ ما سيجي‌ء عنصه في الكنى(٤) ناظر إلى ذلك ، وكذا عدم ذكره لصالح هذا ، وكذا عدم توجّه الشيخ إلى ذكر خالد في كتاب من كتبه مع كونه صاحب كتاب معروف يرويه ابن شاذان ، إلى آخره ، وكونه ثقة ، وتوجّهه لصالح مكرّرا بأن يكون عنده صالح لا خالد عكسجش .

ويؤيّد الاعتماد رواية الجماعة كتابه.

وفي كتب الأخبار رواية إبراهيم بن هاشم عن صالح بن سعيد الراشدي عن يونس(٥) ، فتأمّل(٦) .

أقول : فيمشكا : ابن سعيد أبو سعيد القمّاط ، عنه عبيس بن هشام ، وإبراهيم بن هاشم ، وغيره من أصحاب يونس(٧) .

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٩٩ / ٥٢٩.

(٢) الفهرست : ٨٥ / ٣٦٣.

(٣) رجال النجاشي : ١٤٩ / ٣٨٧.

(٤) الخلاصة : ٢٦٩ / ٦ ، حيث قال : أبو سعيد القمّاط هو خالد بن سعيد.

(٥) الكافي ٣ : ٢٧٧ / ٧ ، ٣٠٤ / ١٢ ، ٦ : ١٦١ / ٣٦. وفيهم : صالح بن سعيد.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٨٠.

(٧) هداية المحدّثين : ٨٠.

١٢

١٤٤٦ ـ صالح بن سلمة الرازي :

يكنّى أبا الخير ، دي على نسخة(١) . وهو ابن أبي حمّاد.

أقول : فيمشكا : ابن سلمة المعروف بابن أبي حمّاد ، عنه أحمد بن أبي عبد الله ، وسعد بن عبد الله(٢) .

١٤٤٧ ـ صالح بن السندي :

له كتاب ، أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن صالح ،ست (٣) .

وفي لم : روى عن يونس بن عبد الرحمن ، روى عنه إبراهيم بن هاشم(٤) .

وفيتعق : روى(٥) عنه كتبه ، وربما يظهر من ابن الوليد الوثوق به ، وفيه أيضا جميع ما مرّ في إسماعيل بن مرار(٦) . ويروي عنه جعفر بن بشير(٧) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ٤١٦ / ٣ ، وفيه : ابن مسلمة.

(٢) هداية المحدّثين : ٨١.

(٣) الفهرست : ٨٤ / ٣٥٨.

(٤) رجال الشيخ : ٤٧٦ / ١.

(٥) في نسخة « ش » : يروي.

(٦) في التعليقة : وربما يظهر من ابن الوليد الوثوق به كما ذكرنا في إسماعيل بن مرار ، فيشير إلى ثقته. ويشير الوحيد بذلك لما عن الفهرست حيث قال : قال أبو جعفر بن بابويه : سمعت ابن الوليدرحمه‌الله يقول : كتب يونس بن عبد الرحمن التي هي بالروايات كلّها صحيحة يعتمد عليها إلاّ ما ينفرد به محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس ولم يروه غيره فإنّه لا يعتمد عليه ولا يفتي به. الفهرست : ١٨١ / ٨٠٩.

(٧) كذا في النسخ والمصدر ، والصحيح : ويروي عن جعفر بن بشير ، انظر الكافي ٢ : ٤٧٢ / ١٠ ، ٤٨٠ / ١٧ ، ٤٨٨ / ١٨. وفيه أيضا دلالة على الوثاقة لما ذكر النجاشي في ترجمته : ١١٩ / ٣٠٤ : روى عن الثقات ورووا عنه.

١٣

ويأتي ذكره عند ذكر مشيخة الفقيه(١) (٢) .

أقول : فيمشكا : ابن السندي ، عنه إبراهيم بن هاشم ، وأحمد بن محمّد بن عيسى(٣) .

١٤٤٨ ـ صالح بن سهل :

قال غض : صالح بن سهل الهمداني كوفي غال كذّاب وضّاع للحديث ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، لا خير فيه ولا في سائر ما رواه. وروى كش. إلى أن قال ـ وسيأتي(٤) ـ : وذكر الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة من المذمومين صالح بن محمّد بن سهل الهمداني ، والظاهر أنّه هذا ،صه (٥) .

والحقّ أنّ ما ذكره في كتاب الغيبة(٦) غير المذكور في رجال الصادقعليه‌السلام (٧) ، فإنّه من أصحاب الجوادعليه‌السلام كما يأتي في المذمومين من الوكلاء(٨) .

وفيكش : محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحسن ابن علي الصيرفي ، عن صالح بن سهل قال : كنت أقول في أبي عبد الله‌

__________________

(١) منهج المقال : ٤١١ الطريق إلى صالح بن عقبة ، وفيه عن الفهرست : ١٨١ / ٨٠٩ رواية صالح بن السندي عن يونس كتبه كلّها.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٨١.

(٣) هداية المحدّثين : ٨١.

(٤) أي : كلام الكشّي.

(٥) الخلاصة : ٢٢٩ / ٢.

(٦) الغيبة : ٣٥١ / ٣١١.

(٧) وذكر الشيخ أيضا صالح بن سهل الهمداني في أصحاب الباقر والصادقعليهما‌السلام : ١٢٦ / ٥ ، ٢٢١ / ٤٦.

(٨) عبارة : والحقّ أنّ ما. إلى آخره ، كانت في الأصل قبل عبارة : وذكر الشيخ الطوسي. إلى قوله : صه ، فأصلحناها تبعا للمنهج ليستقيم المعنى.

١٤

عليه‌السلام بالربوبيّة ، فدخلت عليه ، فلمّا نظر إليّ قال : يا صالح ، إنّا والله عبيد مخلوقون لنا ربّ نعبده إن لم نعبده عذّبنا(١) .

وفيتعق : مضى الكلام في المقام في الفوائد وكثير من التراجم ، مضافا إلى أنّ الظاهر أنّ نسبته إلى الغلو لروايته فيه ، وسيأتي في محمّد بن أورمة حديث آخر عنه فيه(٢) ، والظاهر من الروايتين رجوعه عن اعتقاده الفاسد ، وفي آخر الكتاب حديث آخر عنه دالّ على فساد الغلو(٣) ، ومرّ الكلام فيمن كان فاسد العقيدة ورجع.

ويروي عنه الحسن بن محبوب(٤) ، وهو يؤيّد الاعتماد عليه(٥) ، انتهى.

أقول : وفي(٦) الكافي رواية صريحة في عدم غلوّه واعتقاده الإمامة فيهمعليهم‌السلام (٧) ، فلاحظ.

١٤٤٩ ـ صالح بن شعيب الطالقاني :

أبو الحسين ، روى عنه الصدوق مترحّما(٨) ،تعق (٩) .

١٤٥٠ ـ صالح بن عبيد :

يأتي بعنوان مروك ،تعق (١٠) .

__________________

(١) رجال الكشّي : ٣٤١ / ٦٣٢.

(٢) نقله الوحيد عن الكافي ٨ : ٢٣١ / ٣٠٣.

(٣) منهج المقال : ٤١٨ الفائدة التاسعة نقلا عن الكشّي : ١٠٩ / ١٧٥.

(٤) الكافي ١ : ٣٦٣ / ١ ، ٣٦٦ / ٦.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٨١.

(٦) في نسخة « ش » : في.

(٧) الكافي ١ : ١٥١ / ٥.

(٨) روى عنه الصدوق مترحّما في غيبة الطوسي : ٣٩٤ / ٣٦٤ ، وذكره مترضّيا في كمال الدين : ٥٠٣ / ٣٢.

(٩) لم يرد له ذكر في التعليقة.

(١٠) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٨١.

١٥

١٤٥١ ـ صالح بن عقبة بن قيس :

ابن سمعان بن أبي ربيحة ، مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قيل : إنّه روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ،جش (١) صه إلاّ قوله : قيل إنّه ، وزاد : كذّاب غال لا يلتفت إليه(٢) .

ثمّ زادجش عمّا ذكر : روى صالح عن أبيه عن جدّه ، وروى عن زيد الشحّام ، روى عنه محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، وابنه إسماعيل بن صالح بن عقبة(٣) ، له كتاب يرويه عنه(٤) جماعة ، منهم محمّد بن إسماعيل ابن بزيع.

وفيست : له كتاب ، أخبرنا ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عنه(٥) .

وفيتعق : الظاهر أنّ ما فيصه من غض ، ومرّ ما فيه مرارا ، مع أنّ ظاهرجش عدم صحّة ما نسب إليه ، سيّما من قوله : له كتاب يرويه جماعة. وروايته في كتب الأخبار صريحة في خلاف الغلو(٦) .

وقال جدّي : الظاهر أنّ الغلو الذي نسبه إليه غض للأخبار التي تدلّ على جلالة قدر الأئمّةعليهم‌السلام كما رأيناها ، وليس فيها غلو ، ويظهر من المصنّف ـ يعني الصدوق ـ أنّ كتابه معتمد الأصحاب ، ولهذا ذكر أخباره المشايخ وعملوا عليها(٧) (٨) .

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٠٠ / ٥٣٢.

(٢) الخلاصة : ٢٣٠ / ٤ ، وفيها : ابن أبي ذبيحة ، وفي النسخة الخطيّة منها : ابن أبي ربيحة.

(٣) في المصدر زيادة : قال سعيد هو مولى.

(٤) عنه ، لم ترد في نسخة « ش ».

(٥) الفهرست : ٨٤ / ٣٦٢.

(٦) الكافي ٤ : ٥٨١ / ٤ ، ٣ : ٣٤٣ / ١٣ ، ١٤ ، ١٥ ، التهذيب ٥ : ٤٣١ / ١٤٩٦.

(٧) روضة المتّقين : ١٤ / ١٤٩.

(٨) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٨١.

١٦

أقول : فيمشكا : ابن عقبة بن قيس ، عنه محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، وابنه إسماعيل بن صالح ، ومحمّد بن إسماعيل بن بزيع. وهو عن زيد الشحّام(١) .

١٤٥٢ ـ صالح بن علي بن عطيّة الأضخم :

أبو محمّد ، بصري ، كان أخباريا ، وهو ضعيف ،صه (٢) ،د (٣) .

وفيتعق : يمكن كونه المذكور بعنوان صالح أبو محمّد أو يكون البغدادي الآتي وهو بعيد(٤) .

أقول : في النقد أيضا احتمل الاحتمالين المذكورين وقال : إن كانا رجلين(٥) .

١٤٥٣ ـ صالح بن علي بن عطيّة البغدادي :

ضا (٦) أقول : هذا الذي احتمل الأستاذ العلاّمة كونه المتقدّم واستبعده.

١٤٥٤ ـ صالح القمّاط :

له كتاب ،ست (٧) .

وتقدّم ابن خالد.

١٤٥٥ ـ صالح بن محمّد الصراي :

شيخ شيخنا أبي الحسن بن الجندي ، له كتاب أخبار السيّد ابن محمّد‌

__________________

(١) هداية المحدّثين : ٢٠٠.

(٢) الخلاصة : ٢٣٠ / ٥.

(٣) رجال ابن داود : ٢٥٠ / ٢٣٨.

(٤) لم يرد له ذكر في التعليقة.

(٥) نقد الرجال : ١٧٠ / ٢٧.

(٦) رجال الشيخ : ٣٧٨ / ١.

(٧) الفهرست : ٨٥ / ٣٦٤.

١٧

وتاريخ الأئمّةعليهم‌السلام ، أخبرنا عنه أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عمران الجندي ،جش (١) .

١٤٥٦ ـ صالح بن محمّد الهمداني :

من أصحاب أبي الحسن الثالثعليه‌السلام ، ثقة ،صه (٢) ، ج(٣) .

١٤٥٧ ـ صالح بن محمّد بن سهل :

في الحسن بإبراهيم عن الجوادعليه‌السلام بالنسبة إليه : أحدهم يثب على أموال آل محمّد (ص) وأيتامهم ومساكينهم وفقرائهم وأبناء سبيلهم فيأخذها ثمّ يجي‌ء فيقول : اجعلني في حل ، أتراه ظنّ أنّيأقول : لا أفعل ، والله ليسألنّهم الله تعالى عن ذلك سؤالا حثيثا(٤) . وذكره الشيخ في الغيبة من المذمومين ، وأشار إليهصه في ترجمة صالح بن سهل(٥) ، والمصنّف في آخر الكتاب(٦) ،تعق (٧) .

١٤٥٨ ـ صالح بن منصور بن عبد الله‌

ابن جعفر بن أبي طالب ، أسند عنه ،ق (٨) .

١٤٥٩ ـ صالح بن ميثم :

روى علي بن أحمد العقيقي عن أبيه عن محمّد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن يعقوب بن شعيب بن ميثم عن صالح : قال له أبو جعفر‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٩٩ / ٥٢٨ ، وفيه : الصرامي ، وفي نسخة : الصراي.

(٢) الخلاصة : ٨٨ / ٢.

(٣) رجال الشيخ : ٤٠٢ / ٣ ، ولم يرد فيه التوثيق. وورد التوثيق في أصحاب الإمام الهاديعليه‌السلام : ٤١٦ / ١.

(٤) أنظر الكافي ١ : ٤٦٠ / ٢٧ ، والغيبة : ٣٥١ / ٣١١ وقد عدّه من المذمومين.

(٥) الخلاصة : ٢٢٩ / ٢.

(٦) منهج المقال : ٤٠٣.

(٧) لم نعثر عليه في التعليقة.

(٨) رجال الشيخ : ٢١٨ / ١.

١٨

عليه‌السلام : إنّي أحبّك وأباك حبّا شديدا ،صه (١) .

وفيق : صالح بن ميثم الأسدي مولاهم كوفي تابعي(٢) ، انتهى.

قلت : هو ابن ميثم التمّار المشهور. وهذا أحد المواضع التي اعتمد العلاّمة على علي بن أحمد العقيقي وأدرج الراوي في المقبولين استنادا إليه ، فتدبّر.

وسبق له ذكر في حمران(٣) .

وفي الوجيزة : ممدوح(٤) .

١٤٦٠ ـ صالح النيلي :

هو ابن الحكم ،تعق (٥) .

١٤٦١ ـ صالح بن وصيف :

في الإرشاد ذمّه(٦) .

١٤٦٢ ـ صائد النهدي :

روىكش عن سعد بن عبد الله قال : حدّثني محمّد بن خالد الطيالسي عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه لعنه.

__________________

(١) الخلاصة : ٨٨ / ٣.

(٢) رجال الشيخ : ٢١٨ / ٢. وذكر في أصحاب الباقرعليه‌السلام : ١٢٦ / ٢ : صالح بن ميثم الكوفي.

(٣) وفيه أنّ أوّل من عرف هذا الأمر ـ يعني التشيّع لأهل البيتعليهم‌السلام ـ من آل أعين عبد الملك عرفه من صالح بن ميثم ، ثمّ عرفه حمران من أبي خالد الكابلي. رسالة أبي غالب الزراري : ١٣٥.

(٤) الوجيزة : ٢٢٧ / ٩١٣.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٨٢.

(٦) الإرشاد : ٢ / ٣٣٤.

١٩

ومحمّد بن خالد لا يحضرني حاله ،صه (١) .

وما فيكش مرّ في بزيع(٢) .

أقول : في طس : روى عن الصادقعليه‌السلام لعنه(٣) .

وفي الوجيزة : ضعيف(٤) .

وأمّا محمّد بن خالد فسيأتي في ترجمته قوّة ما فيه.

١٤٦٣ ـ صبّاح الأزرق :

يروي عنه صفوان بن يحيى(٥) ، والظاهر أنّه ابن عبد الحميد ،تعق (٦) .

١٤٦٤ ـ صبّاح بن بشير بن يحيى :

المقري ، أبو محمّد ، قر ،ق ، غض ، زيدي ،د (٧) .

وظاهر العلاّمة أنّه ابن قيس(٨) ، ويأتي.

أقول : هو ظاهر النقد أيضا(٩) ، فلاحظ.

١٤٦٥ ـ صبّاح الحذّاء :

ق(١٠) . وزادست : له كتاب ، أخبرنا به جماعة ، عن التلعكبري ، عن ابن همّام ، عن حميد وأحمد بن محمّد بن رباح ، عن القاسم بن إسماعيل ،

__________________

(١) الخلاصة : ٢٣٠ / ١ ، وفيها : ابن النهدي ، وفي النسخة الخطيّة منها : صائد النهدي.

(٢) رجال الكشّي : ٣٠٥ / ٥٤٩.

(٣) التحرير الطاووسي : ٣٠٨ / ٢١٠.

(٤) الوجيزة : ٢٢٧ / ٩١٥.

(٥) الكافي ١ : ٢٣١ / ٧.

(٦) لم يرد له ذكر في التعليقة.

(٧) رجال ابن داود : ٢٥٠ / ٢٤٠.

(٨) إذ ذكره بعنوان : صباح بن قيس بن يحيى ، الخلاصة : ٢٣٠ / ٢.

(٩) نقد الرجال : ١٧١ / ١١.

(١٠) رجال الشيخ : ٢٢٠ / ٢٨ ، وفيه زيادة : الكوفي.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

يوم عاشوراء

«إنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة والحياة مع الظالمين إلاّ برما»

أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام

٢٢١

يوم عاشوراء

لَو كان يدري يوم عاشوراء

مـا كان يجري فيه من بلاء

مـا لاح فـجره ولا استنارا

ولا أضـاءت شمسه نهارا

سـوّد حـزناً أوجـه الأيام

وأوجـه الـشهور والأعوام

الله مـا أعـظمه مـن يوم

أزال صـبري وأطار نومي

الـيوم أهـل آيـة التطهير

بـين صـريع فيه أو عفير

اليوم قد مات الحفاظ واُلوفا

اليوم كاد الدّين يقضي أسفا

الـيوم نامت أعين الأعداء

وسـهدِّت عيون ذي الولاء

وَيلي وهل يجدي حزيناً ويل

لأضـلع تـدوسهنَّ الـخيل

وارؤس عـلى الرماح ترفع

وجثث على الصعيد تُوضَع

وثـاكل تـبدو من الخدور

تـعـجُّ بـالويل وبـالثبور

ومـرضع ترنو إلى رضيع

على التراب فاحص صريع

ونـسوة تـسبى على النياق

حـسرى تـعاني ألم الفراق

أهـمّ شـيء لـذوي الولاء

أن يـجلسوا للنوح و العزاء

فـيه تـقام سـنن المصاب

والترك للطعام والشراب(١)

لقد مرّ هذا اليوم على آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وكلّه شجاء مترامي الأطراف، أثّرت فجائعه في القلوب فأذابتها وفي المدامع فأدمتها، فلا تسمع فيه إلاّ صرخة فاقد وزفرة ثاكل وحنة محزون، ولا تبصر إلاّ كلّ أشعث قد أنهكه ألم المصاب، و مغبر يذري على رأسه التراب، إلى لادم صدراً وصاك جبهته وقابض على فؤاد وصافق بيده الاُخرى، وترى النّاس سكارى وما هم بسكارى؛ لكن لوعة المصاب أليمة وكوارثه عظيمة. ولَو يكشف لك عن الملأ الأعلى لسمعت لعالم الملكوت صرخة وحنة، وللحور في غرف الجنان نشيجاً ونحيباً ولأئمّة الهدى بكاءاً وعويلاً.

ولا بدع؛ فالفقيد فيه عبق الرسالة وألق الخلافة وإكليل تاج الإمامة، وهو سبط المصطفى وبضعة فاطمة الزهراء وفلذة كبد الوصي المرتضى وشقيق السّبط

____________________________

(١) المقبولة الحسينية / ٦٢، لحجة الإسلام آية الله الشيخ هادي آل كاشف الغطاء قدس الله سره.

٢٢٢

المجتبى و حجّة الله على الورى، نعم هو الآية المخزونة والرحمة الموصولة والأمانة المحفوظه والباب المبتلى به النّاس.

فمصابه يقلّ فيه البكاء، ويعز عنه العزاء. فلو تطايرت شظايا القلوب وزهقت النّفوس جزعاً لذلك الحادث الجلل لكان دون واجبه. أو ترى للحياة قيمة والمؤدّى به هو ذلك العنصر الحيوي الزاكي. وما قدر الدمع المراق والموتور ثار الله في الأرض؟ أو يهدأ الكون والذاهب مرساه ومنجاه في مسراه؟ وهل ترقأ العين وهي ترنو بالبصيرة إلى ضحايا آل محمّد مجزّرين على وجه الصعيد مبضعة أجسادهم بين ضريبة للسيوف ودرية للرماح ورمية للنبال؟ وقد قضوا وهم رواء الكون ظماء على ضفة الفرات الجاري، تلغ فيه الكلاب وتشرب منه وحش الفلا، غير أنّ آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله محلأون عنه؟ وللمذاكي عقرن فلا يلوى لهنّ لجام، تجوال على تلك الصدور الزواكي ولصدر الحسين حديثه الشجي:

وأعـظم خـطب أنّ شمراً له على

جـناجن صـدر ابْـن النبيّ مقاعد

فـشُلَّت يـداه حـين يفري بسيفه

مـقلّد مـن تـلقى إلـيه الـمقالد

وأىّ فـتى أضـحت خـيول اُميّة

تـعادى عـلى جـثمانه وتـطارد

فـلهفي لـه والـخيل منهنَّ صادر

خضيب الحوافي في دماه ووارد(١)

فاللازم على الموالي المتأسّي بالنّبي الأعظم الباكي على ولده بمجرّد تذكّر مصابه(٢) أنْ يقيم المأتم على سيّد الشهداء، و يأمر مَن في داره بالبكاء عليه، و ليعزّ بعضهم بعضاً بالحسين، فيقول كما في حديث الباقرعليه‌السلام :

«عظّم الله اُجورنا و اُجوركم بمصابنا بالحسين، و جعلنا و إيّاكم من الطالبين بثأره مع وليّه المهدي من آل محمّد عليهم‌السلام » (٣) .

دخل عبد الله بن سنان على أبي عبد الله الصادقعليهم‌السلام في يوم عاشوراء، فرآه كاسف اللون ظاهر الحزن و دموعه تنحدر على خدّيه كاللؤلؤ فقال له: مِمَّ بكاؤك يابن رسول الله؟ قالعليه‌السلام :«أوَفي غفلة أنت؟! أما علمت أنّ الحسين اُصيب في هذا اليوم؟» ، ثمّ أمره أنْ يكون كهيئة أرباب المصائب، يحلل

____________________________

(١) للشيخ جعفر الخطي، كما في الدر النضيد / ٩٣.

(٢) الخصائص للسيوطي ٢ / ١٢٥، وأعلام النبوّة للماوردي / ٨٣.

(٣) كامل الزيارات / ١٧٥، ومصباح المتهجّد للشيخ الطوسي / ٣٩.

٢٢٣

أزراره ويكشف عن ذراعَيه ويكون حاسراً، ولا يصوم يوماً كاملاً، وليكن الافطار بعد العصر بساعة على شربة من ماء؛ ففي ذلك الوقت تجلّت الهيجاء عن آل محمّد. ثم قالعليه‌السلام :«لَو كان رسول الله حيّاً لكان هو المعزّى به» (١) .

وأمّا الإمام الكاظمعليه‌السلام فلَم يرَ ضاحكاً أيّام العشرة وكانت الكآبه غالبة عليه، ويوم العاشر يوم حزنه ومصيبته.

ويقول الرضاعليه‌السلام :«فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا وأذلّ عزيزنا بأرض كرب وبلاء» .

وفي زيارة النّاحية يقول حجّة آل محمّد عجّل الله فرجه:«فلأندبنّك صباحاً ومساءً، ولأبكينَّ عليك بدل الدموع دماً» .

وبعد هذا فهلاّ يجب علينا أن نخرق ثوب الاُنس ونتجلبب بجلباب الحزن والبكاء ونعرف كيف يجب أن نعظّم شعائر الله بإقامة المأتم للشهيد العطشان في العاشر من المحرّم؟!

الـيوم ديـنُ الهدى خرَّت دعائمُه

ومـلّة الـحقّ جـدّت في تداعيها

الـيوم ضلّ طريق العرف طالبه

وسُـدّ باب الرجا في وجه راجيها

الـيوم عـادت بنو الآمال متربةً

الـيوم بـان العفا في وجه عافيها

الـيوم شـقّ عـليه الـمجد حلّته

الـيوم جـزَّت له العليا نواصيها

اليوم عقد المعالي أرفض جوهره

الـيوم قد أصبحت عطْلٌ معاليها

الـيوم أظلم نادي العزّ من مضر

اليوم صرْفُ الردى أرسى بواديها

الـيوم قامت به الزهراء نادبةً

الـيوم آسـية وافـت تواسيها

الـيوم عـادت لدين الكفر دولتُه

الـيوم نـالت بـنو هـند أمانيها

مـا عذر ارجاس هند يوم موقفه

والمصطفى خصمهم والله قاضيها

مـا عـذرها ودِمـا ابنائه جعلت

خضاب أعيادها في راح ناديها(٢)

****

____________________________

(١) مزار ابن المشهدي من أعلام القرن السادس.

(٢) في شعراء الحلّة ٥ / ٥٤٠، إنّها للشيخ هادي النّحوي المتوفى سنة ١٢٢٥ ﻫ.

٢٢٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء

قال ابن قَولويه و المسعودي(١) : لما أصبح الحسين يوم عاشوراء وصلّى بأصحابه صلاة الصبح، قام خطيباً فيهم حمد الله وأثنى عليه ثمّ قال:«إنّ الله تعالى أذِن في قتلكم و قتلي في هذا اليوم، فعليكم بالصبر والقتال» .

ثمّ صفّهم للحرب وكانوا اثنين وثمانين فارساً وراجلاً، فجعل زهير بن القين في المَيمنة، وحبيب بن مظاهر في المَيسرة، وثبت هوعليه‌السلام وأهل بيته في القلب(٢) ، وأعطى رايته أخاه العباس(٣) ؛ لأنّه وجد قمر الهاشميين أكفأ ممَّن معه لحملها، وأحفظهم لذمامه وأرأفهم به، وأدعاهم إلى مبدئه وأوصلهم لرحمه، وأحماهم لجواره وأثبتهم للطعان، وأربطهم جأشاً وأشدّهم مراساً(٤) .

وأقبل عمر بن سعد نحو الحسينعليه‌السلام في ثلاثين ألفاً وكان رؤساء

____________________________

(١) كامل الزيارات / ٧٣، وإثبات الوصيّة / ١٣٩، المطبعة الحيدرية.

(٢) مقتل الخوارزمي ٢ / ٤.

(٣) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤١، وتذكرة الخواص / ١٤٣ الطبعة الحجريّة.

(٤) اختلف المؤرّخون في عدد أصحاب الحسين؛

الأول: أنّهم اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً، ذكره الشيخ المفيد في الإرشاد، والطبرسي في إعلام الورى / ١٤٢، والفتال في روضة الواعظين / ١٥٨، وابن جرير في التأريخ ٦ / ٢٤١، وابن الأثير في الكامل ٤ / ٢٤، والقرماني في أخبار الدول / ١٠٨، والدينوري في الأخبار الطوال / ٣٥٤.

الثاني: إنّهم إثنان وثمانون راجلاً، نسبه في الدمعة الساكبة / ٣٢٧ إلى الرواية وهو المختار.

الثالث: ستون راجلاً، ذكره الدميري في حياة الحيوان في خلافة يزيد ١ / ٧٣.

الرابع: ثلاثة وسبعون رجلاً، ذكره الشريشي في شرح مقامات الحريري ١ / ١٩٣.

الخامس: خمسة وأربعون فارساً ونحو مئة راجل ذكره ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ الشام ٤ / ٣٣٧.

السادس: إثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً، ذكره الخوارزمي في المقتل ٢ / ٤.

السابع: واحد وستّون رجلاً، ذكره المسعودي في إثبات الوصيّة / ٣٥، طبع المطبعة الحيدرية.

الثامن: خمسة وأربعون فارساً ومئة راجل ذكره ابن نما في مثير الأحزان / ٢٨، وفي اللهوف / ٥٦: أنّه المروي عن الباقرعليه‌السلام .

التاسع: إثنان وسبعون رجلاً، ذكره الشبراوي في الإتحاف بحبِّ الأشراف / ١٧.

العاشر: ما في مختصر تاريخ دول الإسلام للذهبي ١ / ٣١: أنّهعليه‌السلام سار في سبعين فارساً من المدينة.

٢٢٥

الأرباع بالكوفة يومئذ: عبد الله بن زهير بن سليم الأزدي على ربع أهل المدينة، وعبد الرحمن بن أبي سبرة الحنفي على ربع مذحج وأسد، وقيس بن الأشعث على ربع ربيعة وكندة، والحرّ بن يزيد الرياحي على ربع تميم وهمدان(١) ، وكلّهم اشتركوا في حرب الحسين إلاّ الحرّ الرياحي.

وجعل ابنُ سعد على المَيمنة عمرو بن الحَجّاج الزبيدي، وعلى المَيسرة شمر بن ذي الجوشن العامري، وعلى الخيل عزرة بن قيس الأحمسي، وعلى الرجّالة شبث بن ربعي، والراية مع مولاه ذويد(٢) .

وأقبلوا يجولون حول البيوت فيرون النّار تضطرم في الخندق، فنادى شمر بأعلى صوته: يا حسين، تعجّلت بالنّار قبل يوم القيامة؟ فقال الحسينعليه‌السلام :«مَن هذا؟ كأنّه شمر بن ذي الجوشن»، قيل نعم فقالعليه‌السلام :«يابن راعية المعزى، أنت أولى بها منّي صِليّا». ورام مسلم بن عوسجة أنْ يرميه بسهم، فمنعه الحسين و قال:«أكره أنْ أبدأهم بقتال» (٣) .

دعاء الحسين

ولما نظر الحسينعليه‌السلام إلى جمعهم كأنّه السيل، رفع يدَيه بالدعاء وقال:«اللهمّ، أنت ثقتي في كلّ كرب، ورجائي في كلّ شدّة، وأنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة وعدّة، كم من همٍّ يضعف فيه الفؤاد وتقلّ فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدوّ، أنزلته بك وشكوته إليك، رغبةً منّي إليك عمَّن سواك فكشفته وفرّجته، فأنت ولي كلّ نعمة ومنتهى كلّ رغبة» (٤) .

____________________________

(١) في شرح النّهج لابن أبي الحديد ١ / ٨١، الطبعة المصرية: كانت الكوفة اسباعاً.

(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤١.

(٣) الإرشاد للشيخ المفيد، وتاريخ الطبري ٦ / ٢٤٢.

(٤) ابن الاثير في الكامل ٤ / ٢٥، وتاريخ ابن عساكر ٤ / ٢٣٣، وذكر الكفعمي في المصباح / ١٥٨، طبعة الهند: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا به يوم بدر. واختصره الذهبي في سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٠٢.

٢٢٦

الخطبة الاُولى

ثمّ دعا براحلته فركبها، و نادى بصوت عال يسمعه جلّهم:

«أيّها النّاس اسمعوا قَولي، ولا تعجلوا حتّى أعظكم بما هو حقّ لكم عليَّ، وحتّى أعتذر إليكم من مَقدمي عليكم، فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي وأعطيتموني النّصف من أنفسكم، كنتم بذلك أسعد، ولم يكن لكم عليَّ سبيل. وإنْ لَم تقبلوا مِنّي العذر ولَم تعطوا النّصف من أنفسكم، فأجمعوا أمركم و شركاءكم ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّة. ثمّ اقضوا إليَّ ولا تنظرون. إنّ ولييّ الله الذي نزل الكتاب وهو يتولّى الصالحين» .

فلمّا سمعنَ النّساء هذا منه صحنَ وبكينَ وارتفعت أصواتهنَّ، فأرسل إليهنَّ أخاه العبّاس وابنه علياً الأكبر وقال لهما:«سكّتاهنَّ فلعمري ليكثر بكاؤهنَّ» .

ولما سكتنَ، حمد الله وأثنى عليه وصلّى على محمّد وعلى الملائكة والأنبياء وقال في ذلك ما لا يحصى ذكره ولَم يُسمع متكلّم قبله ولا بعده أبلغ منه في منطقه(١) ، ثمّ قال:«عباد الله، اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر؛ فإنّ الدنيا لَو بقيت على أحد أو بقي عليها أحد لكانت الأنبياء أحقّ بالبقاء وأولى بالرضا وأرضى بالقضاء، غير أنّ الله خلق الدنيا للفناء، فجديدها بالٍ ونعيمها مضمحل وسرورها مكفهر، والمنزل تلعة والدار قلعة، فتزوّدوا فإنّ خير الزاد التقوى، واتقوا الله لعلّكم تفلحون (٢) .

أيّها النّاس إنّ الله تعالى خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال متصرفة بأهلها حالاً بعد حال، فالمغرور من غرّته والشقي من فتنته، فلا تغرّنكم هذه الدنيا، فإنّها تقطع رجاء من ركن إليها وتُخيّب طمع من طمع فيها. وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم وأعرض بوجهه الكريم عنكم وأحلَّ بكم نقمته، فنِعمَ الربّ ربّنا وبئس العبيد أنتم؛ أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ إنّكم زحفتم إلى ذريّته وعترته تريدون قتلهم، لقد استحوذ عليكم

____________________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤٢.

(٢) زهر الآداب للحصري ١ / ٦٢، طبعة دار الكتب العربية، سنة ١٣٧٢.

٢٢٧

الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم، فتبّاً لكم ولِما تريدون. إنّا لله وإنّا إليه راجعون هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبُعداً للقوم الظالمين (١) .

أيّها النّاس أنسبوني مَن أنا ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ ألستُ ابن بنت نبيّكم وابن وصيّه وابن عمّه وأول المؤمنين بالله والمصدّق لرسوله بما جاء من عند ربّه؟ أوَ ليس حمزة سيّد الشهداء عمّ أبي؟ أوَ ليس جعفر الطيّار عمّي، أوَ لَم يبلغكم قول رسول الله لي ولأخي: هذان سيّدا شباب أهل الجنّة؟ فإنْ صدّقتموني بما أقول وهو الحقّ - والله ما تعمدتُ الكذب منذ علمت أنّ الله يمقت عليه أهله ويضرّ به من اختلقه - وإنْ كذّبتموني فإنّ فيكم مَن إنْ سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري، وأبا سعيد الخدري، وسهل بن سعد الساعدي، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك يخبروكم أنّهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله لي ولأخي، أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟!»

فقال الشمر: هو يعبد الله على حرف إنْ كان يدري ما يقول.

فقال له حبيب بن مظاهر: والله إنّي أراك تعبد الله على سبعين حرفاً، وأنا أشهد أنّك صادق ما تدري ما يقول، قد طبع الله على قلبك.

ثمّ قال الحسينعليه‌السلام :«فإنْ كنتم في شكّ من هذا القول، أفتشكّون أنّي ابن بنت نبيّكم، فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم، ويحكم اتطلبوني بقتيل منكم قتلته؟! أو مال لكم استهلكته؟! أو بقصاص جراحة؟!»، فأخذوا لا يكلّمونه!

فنادى:«يا شبث بن ربعي، ويا حَجّار بن أبجر، ويا قيس بن الأشعث، ويا زيد بن الحارث ألم تكتبوا إليَّ أنْ اقدم قد أينعت الثمار واخضرّ الجناب، وإنّما تقدم على جند لك مجنّدة؟»

فقالو: لَم نفعل.

قال:«سبحان الله! بلى والله لقد فعلتم». ثمّ قال:«أيّها النّاس، إذا كرهتموني

____________________________

(١) مقتل محمّد بن أبي طالب الحايري.

٢٢٨

فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمن من الأرض». فقال له قَيس بن الأشعث: أولا تنزل على حكم بني عمّك؟ فإنّهم لَن يروك إلاّ ما تُحبّ ولَن يصل إليك منهم مكروه.

فقال الحسينعليه‌السلام :«أنت أخو أخيك، أتريد أن يطلبك بنو هاشم أكثر من دم مسلم بن عقيل؟ لا والله لا اُعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفرّ فرار العبيد (١) ، عباد الله إنّي عذتُ بربّي وربّكم أنْ ترجمون، أعوذ بربّي وربّكم من كلّ متكبِّر لا يؤمن بيوم الحساب» .

ثمّ أناخ وأمر عقبة بن سمعان فعقلها(٢) .

وقـام لـسان الله يـخطب واعـظاً

فـصمّوا لـما عن قدس أنواره عموا

وقال انسبوني مَن أنا اليوم وانظروا

حـلالٌ لـكم مـنّي دمـي أم محرّم

فـمـا وجـدوا إلاّ الـسِّهام بـنحره

تــراش جـواباً والـعوالي تـقَّوم

ومـذ أيـقن السّبط انمحى دين جَدّه

ولَم يبقَ بين النّاس في الأرض مسلم

فـدى نـفسه في نصرة الدين خائضاً

عـن الـمسلمين الـغامرات ليسلموا

وقـال خـذيني يا حتوف وهاك يا

سـيوف فـأوصالي لـك اليوم مغنم

وهـيهات أن أغدو على الضّيم جاثماً

ولـو لا عـلى جـمر الأسـنَّة مجثم

وكـرّ وقد ضاق الفضا وجرى القضا

وسـال بـوادي الـكفر سيل عرمرم

ومـذ خـرّ بـالتعظيم لله سـاجداً

لـه كـبّروا بـين السّيوف وعظموا

وجـاء إلـيه الـشّمر يـرفع رأسه

فـقـام بـه عـنه الـسّنان الـمقوّم

وزُعْـزع عـرش الله وانـحطَّ نوره

فـأشرق وجه الأرض والكون مظلم

____________________________

(١) (بالفاء الموحّدة فيهما)، رواه ابن نما في مثير الأحزان / ٢٦، وهو أصح ممّا يمضي على الألسن، ويوجد في بعض المقاتل (بالقاف) من الإقرار؛ لأنّه على هذا تكون الجملة الثانية غير مفيدة، إلاّ ما أفادته التي قبلها بخلافه على قراءة الفرار، فإنّ الجملة الثانية تفيد أنّه لا يفرّ من الشدة والقتل، كما يصنعه العبيد. وهو معنى غير ما تؤدي إليه الجملة التي قبلها، على أنّه يوجد في كلام أمير المؤمنين ما يشهد له، ففي تاريخ الطبري ٦ / ٧٦ الطبعة الاُولى وكامل ابن الأثير ٣ / ١٤٨، ونهج البلاغة ١ / ١٠٤، المطبعة الأميريّة: إنّ أمير المؤمنين قال في مصقلة بن هبيرة لمّا فرّ إلى معاوية:«ما لَه فعل فعل السيّد، وفرّ فرار العبد، وخان خيانة الفاجر؟!»، وقصّته على ما ذكرها ابن حزم في جمهرة أنساب العرب / ١٦٤: إنّ أصحاب الحريث بن راشد من بني عبد البيت بن الحارث ارتدّوا أيام عليعليه‌السلام فحاربهم وقتلهم وسبى نساءهم وأبناءهم، فابتاعهم مصقلة الشيباني وأعتقهم ثمّ هرب إلى معاوية، فأمضى عليعليه‌السلام عتقه لهم.

(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤٣.

٢٢٩

ومذ مال قطب الكون مال وأوشك

انـقلاباً يـميل الـكائنات ويـعدم

وحين ثوى في الأرض قرَّ قرارها

وعادت ومن أوج السّما وهي أعظم

فـلهفي لـه فـرداً عليه تزاحمت

جـموع الـعدى تزداد جهلاً فيحلم

ولـهفي لـه ظـامٍ يـجود وحوله

الـفرات جـرى طامٍ وعنه يحرَّم

ولـهفي لـه مـلقىً وللخيل حافر

يـجول عـلى تلك الضلوع وينسم

ولـهفي على أعضاك يابن محمد

تُــوزّع فـي أسـيافهم وتـسهم

فـجسمك مـا بين السّيوف موزَّع

ورحـلك مـا بـين الأعادي مقسّم

فـلهفي عـلى ريحانة الطُّر جسمه

لـكلّ رجـيم بـالحجارة يرجم(١)

كرامة وهداية

وأقبل القوم يزحفون نحوه، وكان فيهم عبد الله بن حوزة التميمي(٢) فصاح: أفيكم حسين؟ وفي الثالثة قال أصحاب الحسين: هذا الحسين فما تريد منه؟ قال: يا حسين، أبشر بالنّار، قال الحسين:«كذبت، بل أقدم على ربّ غفور كريم مطاع شفيع. فمَن أنت؟» قال: أنا ابن حوزة. فرفع الحسين يدَيه حتّى بانَ بياض ابطَيه وقال: «اللهمّ، حزه إلى النّار، فغضب ابن حوزة وأقحم الفرس إليه وكان بينهما نهر فسقط عنها وعلقت قدمه بالركاب، وجالت به الفرس وانقطعت قدمه وساقه وفخذه، وبقي جانبه الآخر معلّقاً بالركاب، وأخذت الفرس تضرب به كلّ حجر وشجر(٣) ، وألقته في النّار المشتعلة في الخندق فاحترق بها ومات. فخرّ الحسينعليه‌السلام ساجداً شاكراً حامداً على إجابة دعائه، ثمّ إنّه رفع صوته يقول:«اللهمّ، إنّا أهل بيت نبيّك وذريّته وقرابته، فاقصم مَن ظلمنا وغصبنا حقّنا إنّك سميع قريب» فقال له: محمّد بن الأشعث أيّ قرابة بينك وبين محمّد؟ فقال الحسين:«اللهمّ إنّ

____________________________

(١) من قصيدة لآية الله الحجّة الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء، ذُكرت بتمامها في كتابنا (قمر بن هاشم).

(٢) في مجمع الزوائد للهيثمي ٩ / ١٩٣: ابن جويرة أو جويزة.

وفي مقتل الحسين للخوارزمي ١ / ٢٤٨: مالك بن جريرة.

وفي روضة الواعظين للفتال / ١٥٩ الطبعة الاُولى: يقال له: ابن أبي جويرة المزني، وإنّ فرسه نفرت به وألقته في النّار التي في الخندق.

(٣) كامل ابن الأثير ٤ / ٢٧.

٢٣٠

محمد بن الأشعث يقول: ليس بيني و بين محمّد قرابة. اللهمّ أرني فيه هذا اليوم ذلاً عاجلاً» ، فاستجاب الله دعاءه، فخرج محمّد بن الأشعث من العسكر، ونزل عن فرسه لحاجته، وإذا بعقرب أسود يضربه ضربة تركته متلوّثاً في ثيابه ممّا به(١) ومات باديَ العورة(٢) .

قال مسروق بن وائل الحضرمي: كنتُ في أوّل الخيل التي تقدّمت لحرب الحسين؛ لعلّي أنْ اُصيب رأس الحسين فأحظى به عند ابن زياد، فلمّا رأيت ما صُنع بابن حوزة عرفت أنّ لأهل هذا البيت حرمة ومنزلة عند الله، وتركت النّاس وقلت: لا اُقاتلهم فأكون في النّار(٣) .

خطبة زهير بن القين

وخرج إليهم زهير بن القين على فرس ذنوب وهو شاك في السّلاح فقال: يا أهل الكوفة، نذار لكم من عذاب الله إنَّ حقّاً على المسلم نصيحة أخيه المسلم، ونحن حتّى الآن إخوة على دين واحد، ما لَم يقع بيننا وبينكم السّيف، وأنتم للنصيحة منّا أهل، فإذا وقع السّيف انقطعت العصمة، وكنّا اُمّة وأنتم اُمّة، إنّ الله ابتلانا وإيّاكم بذريّة نبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لينظر ما نحن وأنتم عاملون. إنّا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية يزيد وعبيد الله بن زياد، فإنّكم لا تدركون منهما إلاّ سوء عمر سلطانهما، يسملان أعينكم ويقطعان أيديكم وأرجلكم ويمثّلان بكم، ويرفعانكم على جذوع النّخل، ويقتلان أماثلكم وقرّاءكم أمثال حِجر بن عدي وأصحابه، وهاني بن عروة وأشباهه. فسبّوه وأثنوا على عبيد الله بن زياد ودعوا له وقالوا: لا نبرح حتّى نقتل صاحبك ومَن معه أو نبعث به وبأصحابه إلى عبيد الله بن زياد سلماً.

فقال زهير: عباد الله إنّ ولد فاطمة أحقّ بالودّ والنّصر من ابن سميّة، فإنْ لم

____________________________

(١) مقتل الحسين للخوارزمي ج١ ص٢٤٩ فصل ١١: واقتصر الصدوق في الأمالي على دعائه على محمّد بن الأشعث.

(٢) روضة الواعظين للفتال ص١٥٩ طبع أول.

(٣) الكامل لابن الأثير ج٤ ص٢٧.

٢٣١

تنصروهم، فاُعيذكم بالله أنْ تقتلوهم، فخلّوا بين هذا الرجل وبين يزيد، فلَعمري إنّه ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسينعليه‌السلام .

فرماه الشمر بسهم وقال: اسكت أسكت الله نامتك، أبرمتنا بكثرة كلامك.

فقال زهير: يابن البوّال على عقبيه، ما إيّاك اُخاطب، إنّما أنت بهيمة والله ما أظنّك تحكم من كتاب الله آيتَين، فأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم.

فقال الشمر: إن الله قاتلك وصاحبك عن ساعة.

فقال زهير: أفبالموت تخوّفني؟ فوالله لَلموت معه أحبّ إليَّ من الخلد معكم. ثمّ أقبل على القوم رافعاً صوته وقال:

عباد الله، لا يغرّنكم عن دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه، فوالله لا تنال شفاعة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله قوماً هرقوا دماء ذريّته وأهل بيته، وقتلوا مَن نصرهم وذبَّ عن حريمهم.

فناداه رجل من أصحابه، إنّ أبا عبد الله يقول لك:«أقبِل، فلَعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح قومه وأبلغ في الدعاء، فلقد نصحتَ هؤلاء وأبلغت لَو نفع النّصح والإبلاغ» (١) .

خطبة بُرير

واستأذن الحسينَ برير بن خضير(٢) في أنْ يكلّم القوم، فأذن له وكان شيخاً تابعياً ناسكاً قارئاً للقرآن ومن شيوخ القرّاء في جامع الكوفة، وله في الهمدانيّين شرف وقدر.

فوقف قريباً منهم ونادى: يا معشر النّاس، إنّ الله بعث محمداً بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله وسراجاً منيراً، وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السّواد وكلابه

____________________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤٣.

(٢) قال ابن الأثير في الكامل ٤ / ٣٧: برير (بالباء الموحّدة، وفتح الراء المهملة، وسكون الياء المثناة من تحتها، وآخره راء). وخضير (بالخاء والضاد المعجمتين).

٢٣٢

وقد حيل بينه وبين ابن بنت رسول الله، أفجزاء محمّد هذا؟!(١) .

فقالوا: يا بُرير، قد أكثرت الكلام، فاكفف عنّا، فوالله ليعطش الحسين كما عطش مَن كان قبله.

قال: يا قوم، إنّ ثقل محمّد قد أصبح بين أظهركم، وهؤلاء ذرّيته وعترته وبناته وحرمه، فهاتوا ما عندكم وما الذي تريدون أنْ تصنعوه بهم؟ فقالوا: نريد أنْ نمكنّ منهم الأمير عبيد الله بن زياد، فيرى فيهم رأيه.

قال: أفلا تقبلون منهم أنْ يرجعوا إلى المكان الذي جاؤا منه؟ ويلكم يا أهل الكوفة، أنسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها وأشهدتم الله عليها وعليكم؟! أدعوتم أهل بيت نبيّكم وزعمتم أنّكم تقتلون أنفسكم دونهم حتّى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد وحلأتموهم عن ماء الفرات؟ بئسما خلفتم نبيّكم في ذريّته! ما لكم؟ لا سقاكم الله يوم القيامة فبئس القوم أنتم!

فقال له نفر منهم: يا هذا، ما ندري ما تقول!

قال: الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة، اللهمّ إنّي أبرأ إليك من فعال هؤلاء القوم، اللهمّ القِ بأسهم بينهم حتّى يلقوك وأنت عليهم غضبان.

فجعل القوم يرمونه بالسّهام، فتقهقر(٢) .

خطبة الحسين الثانية

ثمّ إنّ الحسينعليه‌السلام ركب فرسه، وأخذ مصحفاً ونشره على رأسه، ووقف بإزاء القوم وقال:«يا قوم، إنّ بيني وبينكم كتاب الله وسنّة جدّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » (٣) .

ثمّ استشهدهم عن نفسه المقدّسة وما عليه من سيف النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولامته

____________________________

(١) في أمالي الصدوق / ٩٦، المجلس الثلاثون، الطبعة الاُولى: لمّا بلغ العطش من الحسين وأصحابه، استأذن برير أن يكلّم القوم فأذِن له.

(٢) البحار ج١٠: عن محمّد بن أبي طالب. [ بحار الأنوار ٤٥ / ٥ ].

(٣) تذكرة الخواص / ١٤٣.

٢٣٣

وعمامته فأجأبوه بالتصديق. فسألهم عمّا أخذهم على قتله؟ قالوا: طاعةً للأمير عبيد الله بن زياد، فقالعليه‌السلام :

«تبّاً لكم أيّتها الجماعة و ترحاً، أحين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين، سللتم علينا سيفاً لنا في أيمانكم وحششتم علينا ناراً اقتدحناها على عدوّنا وعدوّكم، فأصبحتم إلباً لأعدائكم على أوليائكم، بغير عدل أفشوه فيكم ولا أمل أصبح لكم فيهم. فهلاّ - لكم الويلات! - تركتمونا والسّيف مشيم والجأش طامن والرأي لَما يستحصف، ولكنْ أسرعتم إليها كطيرة(١) الدبا وتداعيتم عليها كتهافت الفراش، ثمّ نقضتموها، فسحقاً لكم يا عبيد الأمة وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب ومحرّفي الكلِم وعصبة الإثم ونفثة الشيطان ومطفئيّ السّنَن! ويحكم أهؤلاء تعضدون وعنّا تتخاذلون! أجل والله غدر فيكم قديم وشجت عليه اُصولكم وتأزّرت فروعكم فكنتم أخبث ثمرة، شجى للناظر وأكلة للغاصب!

ألا وإنّ الدّعيّ بن الدعيّ قد ركز بين اثنتَين؛ بين السّلة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة، يأبي الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت واُنوف حميّة ونفوس أبيّة، من أن نؤثر طاعة اللئام من مصارع الكرام، ألا وإنّي زاحف بهذه الاُسرة على قلّة العدد وخذلان النّاصر». ثمّ أنشد أبيات فروة بن مُسيك المرادي(٢) .

____________________________

(١) بالكسر فالفتح، تاج العروس.

(٢) نقلناها من اللهوف / ٥٤، ورواها ابن عساكر في تاريخ الشام ٤ / ٣٣٣، والخوارزمي في المقتل ٢ / ٦، وفي نقليهما خلاف لما هنا.

وقال ابن حجر في الإصابة ٣ / ٢٠٥: وفد فروة بن مسيك (بالتصغير) على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سنة تسع مع مذحج، واستعمله النبي على مراد ومذحج وزبيد.

وفي الاستيعاب: سكن الكوفة أيام عمر. وذكر ابن هشام في السيرة بهامش الروض الانف ٢ / ٣٤٤: لمّا كانت الوقعة بين مراد وهمدان، أنشأ أبياتاً تسعة ولَم يكن فيها البيت الثالث والرابع. وفي اللهوف ذكر سبعة مع البيتين. وفي الأغاني ١٩ / ٤٩: نسب الفرزدق إلى خاله العلاء بن قرظة قوله:

إذا ما الدهر جر على اناس

بكلكله أناخ بآخرينا

فقل للشامتين الخ.

وذكر ابن عساكر في تاريخ الشام ٤ / ٣٣٤، والخوارزمي في المقتل ٢ / ٧، الأول والثاني ولَم ينسباهما إلى أحد.

ونسبهما المرتضى في الأمالي ١ / ١٨١ إلى ذي الإصبع العدواني. وفي عيون الأخبار لابن قتيبة ٣ / ١١٤، وشرح الحماسة للتبريزي ٣ / ١٩١: أنّها للفرزدق.

وفي الحماسة البصريّة / ٣٠: أنّهما من قصيدة فروة بن مسيك، ويرويان لعمر بن قعاس.

٢٣٤

فـإن نـهزم فـهزّامون قدماً

وإن نـهْزَم فـغير مُـهزَّمينا

ومـا أن طبنا(١) جبن ولكن

مـنـايانا ودولــة آخـرينا

فـقل لـلشامتين بـنا أفيقوا

سـيلقى الـشامتون كما لقينا

إذا مات الموت رفَّع عن اُناس

بـكـلكله أنــاخ بـآخرينا

أما والله، لا تلبثون بعدها إلاّ كريثما يركب الفرس، حتّى تدور بكم دور الرحى وتقلق بكم قلق المحور، عهدٌ عَهَده إليَّ أبي عن جدّي رسول الله، فاجمعوا أمركم وشركاءكم، ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّة ثمّ اقضوا إليَّ ولا تنظرون، إنّي توكّلت على الله ربّي وربّكم، ما من دابّة إلاّ هو آخذ بناصيتها إنّ ربّي على صراط المستقيم» (٢) .

ثمّ رفع يدَيه نحو السّماء وقال:«اللهمّ، احبس عنهم قطر السّماء، وابعث عليهم سنين كسنيّ يوسف، وسلّط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأساً مصبرة، فإنّهم كذبونا وخذلونا، وأنت ربّنا عليك توكّلنا وإليك المصير (٣) .

والله لا يدع أحداً منهم إلاّ انتقم لي منه، قتلةً بقتلة وضربةً بضربة، وإنّه لينتصر لي ولأهل بيتي وأشياعي» (٤) .

ضلال ابن سعد

واستدعى الحسينعليه‌السلام عمر بن سعد، فدُعي له - وكان كارهاً لا يحبّ أن يأتيه - فقالعليه‌السلام :«أي عمر، أتزعم أنّك تقتلني ويولّيك الدعيّ بلاد الري وجرجان؟ والله لا تتهنّأ بذلك، عهد معهود فاصنع ما أنت صانع، فإنّك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة، وكأنّي برأسك على قصبة يتراماه الصبيان بالكوفة ويتّخذونه غرضاً بينهم»، فصرف بوجهه عنه مغضباً(٥) .

____________________________

(١) الطب (بالكسر): الإرادة والعادة.

(٢) تاريخ ابن عساكر ٤ / ٣٣٤، والمقتل للخوارزمي ٢ / ٧، واللهوف / ٥٤.

(٣) اللهوف / ٥٦، طبعة صيدا، والمقتل للخوارزمي ٣ / ٧.

(٤) مقتل العوالم / ٨٤.

(٥) تظلّم الزهراءعليها‌السلام / ١١٠، ومقتل العوالم / ٨٤، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٨.

٢٣٥

توبة الحرّ

ولمّا سمع الحرّ بن يزيد الرياحي كلامه واستغاثته، أقبل على عمر بن سعد وقال له: أمقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: إي والله، قتالاً أيسره أن تسقط فيه الرؤوس وتطيح الأيدي. قال: ما لكم فيما عرضه عليكم من الخصال؟ فقال: لَو كان الأمر إليَّ لقبلت، ولكن أميرك أبى ذلك. فتركه ووقف مع النّاس، وكان إلى جنبه قرّة بن قيس فقال لقرّة: هل سقيت فرسك اليوم؟ قال: لا، قال: فهل تريد أن تسقيه؟ فظنّ قرّة من ذلك أنّه يريد الاعتزال ويكره أن يشاهده، فتركه فأخذ الحرّ يدنو من الحسين قليلاً، فقال له المهاجر بن أوس: أتريد أن تحمل؟ فسكت وأخذته الرعدة، فارتاب المهاجر من هذا الحال وقال له: لَو قيل لي: مَن أشجع أهل الكوفة؟ لَما عدوتك، فما هذا الذي أراه منك؟ فقال الحرّ: إنّي اُخيِّر نفسي بين الجنّة والنّار، والله لا أختار على الجنّة شيئاً ولو اُحرقت. ثمّ ضرب جواده نحو الحسين(١) منكّساً رمحه قالباً ترسه(٢) وقد طأطأ برأسه؛ حياءً من آل الرسول بما أتى إليهم وجعجع بهم في هذا المكان على غير ماء ولا كلأ، رافعاً صوته:

اللهمّ إليك اُنيب فتب عليَّ، فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيّك. يا أبا عبدالله إنّي تائب، فهل لي من توبة؟

فقال الحسينعليه‌السلام :«نعم يتوب الله عليك» (٣) . فسرّه قوله وتيقّن الحياة الأبديّة والنّعيم الدائم، ووضح له قول الهاتف لمّا خرج من الكوفة، فحدّث الحسينعليه‌السلام بحديث قال فيه: لمّا خرجت من الكوفة نُوديت: أبشر يا حرّ بالجنّة. فقلت: ويلٌ للحر

____________________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤٤.

(٢) في البداية لابن كثير ٧ / ٦٣: في واقعة اليرموك قال جرجه، وهو من النصارى لخالد بن الوليد: ما منزلة مَن يدخل منّا في هذا الأمر؟ قال خالد: له من الأجر أفضل ممّا لنا؛ لأنا صدقنا نبينا وهو حي بين أظهرنا يأتيه وحي السّماء ونرى الآيات، ومَن يسلم منكم وهو لَم يسمع ما سمعنا ولَم يرَ ما رأينا من العجائب والحجج وكان دخوله في هذا الأمر بيّنة صادقة، كان أفضل منّا. فعند ذلك قلب جرجه الترس ومال مع خالد وقال: علِّمني الإسلام....

وفي أنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٤٢، طبعة دار المعارف، مصر: كان العرب إذا خافوا ووردوا على من يستجيرون به وجاؤا للصلح نكسوا رماحهم. وقال في صفحة ٤٣: وفد الحارث بن ظالم على عبد الله بن جدعان بـ (عكاظ) وهم يرون حرب قيس، فكذلك نكّس رمحه ثمّ رفعه حين عرفوه وأمن.

(٣) اللهوف / ٥٨، وأمالي الصدوق / ٩٧ المجلس الثلاثون، وروضة الواعظين / ١٥٩.

٢٣٦

يُبشّر بالجنّة وهو يسير إلى حرب ابن بنت رسول الله؟!(١) .

فقال له الحسينعليه‌السلام :«لقد أصبت خيراً وأجراً» (٢) . وكان معه غلام تركي(٣) .

نصيحة الحر لأهل الكوفة

ثمّ استأذن الحسينَعليه‌السلام في أنْ يكلّم القوم فأذن له، فنادى بأعلى صوته: يا أهل الكوفة لاُمّكم الهبل والعبر؛ إذ دعوتموه وأخذتم بكظمه وأحطتم به من كلّ جانب فمنعتموه التوجّه إلى بلاد الله العريضة حتّى يأمن وأهل بيته، وأصبح كالأسير في أيديكم لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّاً، وحلأتموه ونساءه وصبيته وصحبه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهود والنّصارى والمجوس، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه. وها هم قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمداً في ذريّته! لا سقاكم الله يوم الظمأ! فحملت عليه رجّالة ترميه بالنّبل، فتقهقر حتّى وقف أمام الحسين(١) .

الحملة الاُولى

وتقدّم عمر بن سعد نحو عسكر الحسين ورمى بسهم وقال: اشهدوا لي عند الأمير إنّي أول من رمى. ثمّ رمى النّاس(٢) ، فلَم يبقَ من أصحاب الحسين أحد إلاّ أصابه من سهامهم(٣) ، فقالعليه‌السلام لأصحابه:«قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لا بدّ منه، فإنَّ هذه السّهام رسل القوم إليكم» . فحمل أصحابه حملةً واحدةً(٤) واقتتلوا ساعة، فما انجلت الغبرة إلاّ عن خمسين صريعاً(٥) .

____________________________

(١) أمالي الصدوق / ٩٣، المجس الثلاثون.

(٢) مثير الأحزان لابن نما / ٣١، وفي مقتل الحسين للخوارزمي ٢ / ٩: كان معه غلام له تركي.

(٣) الهبل (بالتحريك): الثكل. والعبر (بالفتح): الحزن، وجريان الدمعة كاستعبر، تاج العروس.

(٤) ابن الأثير ٤ / ٢٧.

(٥) الخطط المقريزيّة ٢ / ٢٨٧.

(٦) مقتل العوالم / ٨٤.

(٧) اللهوف / ٥٦.

(٨) البحار عن محمّد بن أبي طالب.

٢٣٧

سـطت ورحى الهيجاء تطحن شوسها

ووجـه الـضحى فـي نقعها متنقِّب

تـهـلّل بـشراً بـالقراع وجـوهها

وكـم وجـه ضـرغام هناك مقطّب

وتـلتذّ أن جـاءت لـها السمر تلتوي

وللبيض ان سُلّت لدى الضرب تطرب

أعـزّاء لا تـلوي الـرقاب لـفادح

ولا مـن اُلـوف في الكريهة ترهب

فـما لـسوى الـعلياء تـاقت نفوسهم

ولَـم تك في شيء سوى العزّ ترغب

فـلَـو أنَّ مـجداً في الـثرّيا لـحلقت

إلـيه وشـأن الـشّهم لـلمجد يطلب

فـأسيافهم يـوم الـوغى تمطر الدّما

وأيـديهم مـن جودها الدهر مخضب

ومـا برحت تقري المواضي لحومها

ومـن دمـها السّمر العواسل تشرب

إلـى أنْ تهاوت كالكواكب في الثرى

ومـا بعدهم يا ليت لا لاح كوكب(١)

تـهاووا فـقل زهـر النّجوم تهافتت

وأهـووا فـقل شـمّ الجبال تهدّم(٢)

وخرج يسار مولى زياد وسالم مولى عبيد الله بن زياد فطلبا البراز، فوثب حبيب وبرير، فلم يأذن لهما الحسينعليه‌السلام . فقام عبد الله بن عمير الكلبي، من بني عليم، وكنيته أبو وهب، وكان طويلاً شديد السّاعدين بعيد ما بين المنكبين، شريفاً في قومه شجاعاً مجرّباً، فأذن له وقال:«أحسبه للأقران قتّالاً». فقالا له: مَن أنت؟ فانتسب لهما، فقالا: لا نعرفك ليخرج إلينا زهير أو حبيب أو برير، وكان يسار قريباً منه فقال له: يابن الزانية أوَبك رغبةً عن مبارزتي؟ ثمّ شدّ عليه بسيفه يضربه، وبينا هو مشتغل به إذ شدّ عليه سالم، فصاح أصحابه قد رهقك العبد فلم يعبأ به، فضربه سالم بالسّيف فاتقاها عبد الله بيده اليسرى فأطار أصابعه، ومال عليه عبد الله فقتله. وأقبل إلى الحسين يرتجز وقد قتلهما.

وأخذت زوجته اُمّ وهب بنت عبد الله بن النمر بن قاسط، عموداً، وأقبلت نحوه تقول له: فداك أبي واُمّي قاتل دون الطيّبين ذريّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فأراد أنْ يردّها إلى الخيمة، فلَم تطاوعه وأخذت تجاذبه ثوبه وتقول: لن أدعك دون أنْ أموت معك. فناداها الحسينعليه‌السلام :«جزيتم عن أهل بيت نبيكم خيراً،

____________________________

(١) من قصيدة للشيخ حسون الحلي، شعراء الحلة ٢ / ١٠٤.

(٢) من قصيدة للحجة للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاءقدس‌سره ، طبعت في كتابنا (قمر بني هاشم).

٢٣٨

ارجعي إلى الخيمة، فإنّه ليس على النّساء قتال». فرجعت(١) .

مبارزة الاثنين والاربعة

ولمّا نظر مَن بقي من أصحاب الحسين إلى كثرة مَن قُتل منهم، أخذ الرجلان والثلاثة و الأربعة يستأذنون الحسين في الذبّ عنه والدفع عن حرمه، وكلّ يحمي الآخر من كيد عدوّه. فخرج الجابريّان وهما: سيف بن الحارث بن سريع، ومالك بن عبد بن سريع، وهما ابنا عمّ وأخوان لاُمّ، وهما يبكيان قال الحسينعليه‌السلام :«ما يبكيكما؟ إنّي لأرجو أنْ تكونا بعد ساعة قريرَي العين» . قالا: جعلنا الله فداك، ما على أنفسنا نبكي ولكن نبكي عليك؛ نراك قد اُحيط بك ولا نقدر أنْ ننفعك. فجزاهما الحسين خيراً. فقاتلا قريباً منه حتّى قُتلا(٢) .

وجاء عبد الله وعبد الرحمن ابنا عروة الغفاريّان فقالا: قد حازنا النّاس إليك. فجعلا يقاتلان بين يدَيه حتّى قُتلا.

وخرج عمرو بن خالد الصيداوي وسعد مولاه وجابر بن الحارث السلماني ومجمع بن عبد الله العائذي(٣) ، وشدّوا جميعاً على أهل الكوفة فلمّا أوغلوا فيهم، عطف عليهم النّاس وقطعوهم عن أصحابهم، فندب إليهم الحسين أخاه العبّاس فاستنقذهم بسيفه، وقد جُرحوا بأجمعهم، و في أثناء الطريق اقترب منهم العدوّ فشدّوا بأسيافهم مع ما بهم من الجراح، و قاتلوا حتّى قتلوا في مكان واحد(٤) .

استغاثة و هداية

ولمّا نظر الحسين إلى كثرة مَن قُتل من أصحابه، قبض على شيبته المقدّسة وقال:«اشتدّ غضب الله على اليهود إذ جعلوا له ولداً، واشتدّ غضبه على النّصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة، واشتدّ غضبه على المجوس إذ عبدوا الشمس

____________________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤٥، وابن الأثير ٤ / ٣٧.

(٢) ابن الأثير ٤ / ٢٩.

(٣) في الإصابة ٣ / ٩٤ القسم الثالث: مجمع بن عبد الله بن مجمع بن مالك بن أياس بن عبد مناة بن سعد، قُتل مع الحسين بن عليعليه‌السلام بالطفّ، ولأبيه إدراك.

(٤) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥٥.

٢٣٩

والقمر دونه، واشتدّ غضبه على قوم اتّفقت كلمتهم على قتل ابن بنت نبيّهم. أما والله، لا اُجيبهم إلى شيء ممّا يريدون حتّى ألقى الله وأنا مخضّب بدمي، ثمّ صاح: أما من مغيث يغيثنا! أما من ذابّ يذبُّ عن حرم رسول الله!» (١) فبكت النّساء وكثر صراخهن.

وسمع الأنصاريّان سعد بن الحارث وأخوه أبو الحتوف استنصار الحسينعليه‌السلام واستغاثته وبكاء عياله - وكانا مع ابن سعد - فمالا بسيفيهما على أعداء الحسينعليه‌السلام وقاتلا حتّى قُتلا(٢) .

ثبات الميمنة

وأخذ أصحاب الحسينعليه‌السلام - بعد أن قلّ عددهم وبان النّقص فيهم - يبرز الرجل بعد الرجل فأكثروا القتل في أهل الكوفة. فصاح عمرو بن الحَجّاج لأصحابه: أتدرون مَن تقاتلون؟ تقاتلون فرسان المصر وأهل البصائر وقوماً مستميتين، لا يبرز إليهم أحد منكم إلاّ قتلوه على قلّتهم، والله لَو لَم ترموهم إلاّ بالحجارة لقتلتموهم. فقال عمر بن سعد: صدقت، الرأي ما رأيت، ارسِل في النّاس مَن يعزم عليهم أنْ لا يبارزهم رجل منهم، ولَو خرجتم إليهم وحداناً لأتوا عليكم(٣) .

ثمّ حمل عمرو بن الحَجّاج على مَيمنة الحسينعليه‌السلام ، فثبتوا له وجثوا على الركب وأشرعوا الرماح، فلَم تقدم الخيل. فلمّا ذهبت الخيل لترجع، رشقهم أصحاب الحسينعليه‌السلام بالنّبل فصرعوا رجالاً وجرحوا آخرين(٤) .

وكان عمرو بن الحَجّاج يقول لأصحابه: قاتِلوا مَن مَرق عن الدِّين وفارق الجماعة. فصاح الحسينعليه‌السلام :«ويحك يا عمرو! أعليَّ تحرّض النّاس؟ أنحن مرقنا من

____________________________

(١) اللهوف / ٥٧.

(٢) الحدايق الورديّة مخطوط.

(٣) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤٩.

(٤) كامل ابن الأثير ٤ / ٢٧.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433