منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٤

منتهى المقال في أحوال الرّجال 13%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
ISBN: 964-5503-97-3
الصفحات: 433

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 433 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 263230 / تحميل: 4772
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٩٧-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

أتيت سيّدي سنة تسع(١) ومائتين فقلت له : جعلت فداك إنّي رويت عن آبائك أنّ كلّ فتح فتح بضلال فهو للإمام ، فقال : نعم ،قلت : جعلت فداك فإنّه أتوا بي في بعض الفتوح الّتي فتحت على الضلال وقد تخلّصت من الذين ملكوني بسبب من الأسباب وقد أتيتك مسترقا مستعبدا ، فقال : قد قبلت.

قال : فلمّا حضر خروجي إلى مكّة قلت له : جعلت فداك إنّي قد حججت وتزوّجت ومكسبي ممّا يعطف عليّ إخواني لا شي‌ء لي غيره فمرني بأمرك ، فقال لي : انصرف إلى بلادك وأنت من حجّك وتزويجك وكسبك في حلّ.

فلمّا كان سنة ثلاث عشرة ومائتين أتيته فذكرت له العبودية الّتي ألزمنيها ، فقال : أنت حرّ لوجه الله ، فقلت له : جعلت فداك أكتب لي به عهدا ، فقال : يخرج إليك غدا ، فخرج إليّ مع كتبي كتاب فيه :

بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من محمّد بن علي الهاشمي العلوي لعبد الله بن المبارك فتاة ، إنّي أعتقتك(٢) لوجه الله والدار الآخرة ، لا ربّ لك إلاّ الله وليس عليك سبيل ، وأنت مولاي ومولى عقبي من بعدي ، وكتب في المحرّم سنة ثلاث عشرة ومائتين ، ووقّع فيه محمّد بن علي بخطّ يده وختمه بخاتمه(٣) .

وفيضا : عبد الجبّار بن المبارك النهاوندي(٤) . وكذا ج إلاّ أنّ فيه : نهاوندي(٥) .

__________________

(١) في المصدر : سبع ، تسع ( خ ل ).

(٢) في نسخة « ش » والمصدر : أعتقك.

(٣) رجال الكشّي : ٥٦٨ / ١٠٧٦.

(٤) رجال الشيخ : ٣٨٠ / ١١.

(٥) رجال الشيخ : ٤٠٤ / ١٨.

٨١

وفيست : عبد الجبّار من أهل نهاوند له كتاب ، رويناه بالإسناد الأوّل ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عبد الجبّار(١) .

والإسناد : جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة(٢) . إلى آخره(٣) .

وفي لم : عبد الجبّار من أهل نهاوند ، روى عنه البرقي(٤) .

ولا يبعد أن يكون هذا غير الأوّل ، والله العالم ، انتهى.

أقول : لا شكّ في اتّحاد ما فيست ولموضا وج ، ومثله فيجخ أكثر كثير. واستظهر الاتّحاد أيضا في النقد(٥) ، فتدبّر.

وفي التحرير الطاووسي : عبد الجبّار بن المبارك النهاوندي ، كتب له محمّد بن عليعليه‌السلام كتابا يعتقه وقد كان سباه أهل الضلال.

وفي الحاشية : بخطّ الشهيد على هذا الموضع حاشية صورتها : الطريق إلى هذا الكتاب فيه سهل بن زياد وبكر بن صالح وهما ضعيفان(٦) ، انتهى.

ومرّ الجواب عنه في الفوائد وكثير من التراجم ، فراجع.

وفيمشكا : ابن المبارك ، عنه أحمد بن أبي عبد الله(٧) .

__________________

(١) الفهرست : ١٢٢ / ٥٤٩ ، وفيه : عبد الجبار بن علي من أهل.

(٢) الفهرست : ١٢١ / ٥٤٨.

(٣) إلى آخره ، لم ترد في نسخة « م ».

(٤) رجال الشيخ : ٤٨٨ / ٦٩.

(٥) نقد الرجال : ١٨١ / ٣.

(٦) التحرير الطاووسي : ٤٤٧ / ٣٢٦.

(٧) هداية المحدّثين : ٩١.

٨٢

١٥٦٢ ـ عبد الحميد بن أبي الديلم :

ق (١) ،قر (٢) .

وزادصه : وهو ابن عمّ معلّى بن خنيس. قال ابن الغضائري : إنّه ضعيف(٣) .

وفيتعق : مرّ في سليمان بن خالد عنه رواية تدلّ على تشيّعه(٤) ، وفي رواية ابن أبي عمير بواسطة حمّاد(٥) إشعار بوثاقته ، وسيجي‌ء في المعلّى أنّه ابن أخيه(٦) ، وتضعيف غض ليس بشي‌ء ، ولعلّه ضعّفه بما ضعّف به المعلّى ، وسيجي‌ء ما فيه(٧) .

١٥٦٣ ـ عبد الحميد بن أبي العلاء الأزدي :

الخفّاف الكوفي ،ق (٨) .

وفيتعق : مرّ في الحسين بن أبي العلاء وجاهته(٩) ، وعن المصنّف وغيره اتّحاده مع السمين الثقة(١٠) ، وظاهره هنا التعدّد ، ومرّ فيه وفي خالد بن‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٢٣٥ / ٢٠٣ ، وفيه زيادة : النبالي الكوفي. وذكره ثانيا : ٢٦٧ / ٧١٥ قائلا : عبد الحميد بن أبي الديلم روى عنهماعليهما‌السلام .

(٢) لم يرد في نسختنا المطبوعة من رجال الشيخ وورد في مجمع الرجال : ٤ / ٦٧ نقلا عنه.

(٣) الخلاصة : ٢٤٥ / ١٩.

(٤) رجال الكشّي : ٣٥٣ / ٦٦٢.

(٥) رجال الكشّي : ٣٥٣ / ٦٦٢.

(٦) عن النجاشي : ٤١٧ / ١١١٤.

(٧) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٨٩.

(٨) رجال الشيخ : ٢٣٦ / ٢١١.

(٩) رجال النجاشي : ٥٢ / ١١٧ ، وفيه بعد أن ذكر أخويه علي وعبد الحميد قال : وكان الحسين أوجههم.

(١٠) منهج المقال : ١١٠.

٨٣

طهمان ما ينبغي أن يلاحظ(١) ، فلاحظ. وسيجي‌ء في الكنى وعند ذكر طرق الصدوقرحمه‌الله (٢) .

أقول : في النقد : الظاهر أنّهما واحد(٣) . وصرّح به في المجمع(٤) .

١٥٦٤ ـ عبد الحميد بن أبي العلاء بن عبد الملك :

الأزدي ، ثقة ، يقال له : السمين ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ،صه (٥) .

وزاد جش : ابن أبي عمير عنه بكتابه(٦) .

وفيق : عبد الحميد بن أبي العلاء الأزدي السمين الكوفي(٧) .

أقول : فيمشكا : ابن أبي العلاء بن عبد الملك الثقة ، عنه ابن أبي عمير.

وفي التهذيب في باب الأحداث : يعقوب بن يزيد عن عبد الحميد بن أبي العلاء(٨) . وهو يروي عن عبد الحميد بواسطة ابن أبي عمير(٩) .

__________________

(١) وهو كون أبي العلاء الخفّاف هو خالد بن طهمان العامّي.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٨٩ ، وفيها بدل وسيجي‌ء في الكنى. إلى آخره : وحسنه خالي لأنّ للصدوق طريقا إليه. انظر الوجيزة : ٣٨٨ / ١٩٦ الطريق إلى عبد الحميد الأزدي. كما وذكرقدس‌سره في أوّل الوجيزة : ٢٣٤ / ٩٨٤ عبد الحميد بن أبي العلاء الأزدي ووثّقه ، فلاحظ.

(٣) نقد الرجال : ١٨١ / ٣.

(٤) مجمع الرجال : ٤ / ٦٧.

(٥) الخلاصة : ١١٦ / ٢.

(٦) رجال النجاشي : ٢٤٦ / ٦٤٧.

(٧) رجال الشيخ : ٢٣٥ / ٢٠٤.

(٨) التهذيب ١ : ٣٣ / ٨٨.

(٩) هداية المحدّثين : ٩١.

٨٤

١٥٦٥ ـ عبد الحميد بن خالد بن طهمان :

هو ابن أبي العلاء ،تعق (١) .

١٥٦٦ ـ عبد الحميد بن زياد الكوفي :

أسند عنه ،ق (٢) .

١٥٦٧ ـ عبد الحميد بن سالم العطّار :

روى عن موسىعليه‌السلام وكان ثقة ،صه (٣) .

وفيق : عبد الحميد العطّار الكوفي ، أسند عنه(٤) .

وأمّا في ظم فلم أجده.

وفيتعق : ظاهرصه إنّ الوثاقة مأخوذة من جش في محمّد ابنه بناء على رجوع التوثيق إلى الأب ، وهو الظاهر من سوق العبارة(٥) . واستبعادشه ذلك(٦) ليس بشي‌ء بعد الظهور من العبارة ، وأنّه ربما يوثّق في ترجمة الغير.

وقوله : أمّا في ظم فلم أجده ، لا يخفى ما فيه ، وكأنّه غفل عن ترجمة محمّد ابنه(٧) .

وقال جدّي : قد ذكرنا في أبواب التجارات ما يدلّ على توثيقه(٨) .

وأشار بذلك إلى ما في التهذيب : أحمد بن محمّد عن محمّد بن‌

__________________

(١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٩٠ ترجمة عبد الحميد بن أبي العلاء.

(٢) رجال الشيخ : ٢٣٦ / ٢١٢.

(٣) الخلاصة : ١١٦ / ٣.

(٤) رجال الشيخ : ٢٣٦ / ٢١٦.

(٥) انظر رجال النجاشي : ٣٣٩ / ٩٠٦.

(٦) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ٧٣ في ترجمة ابنه محمّد ، وورد فيها : هذه عبارة النجاشي وظاهرها أنّ الموثّق الأب لا الابن.

(٧) حيث ذكر النجاشي فيها رواية عبد الحميد عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام .

(٨) روضة المتّقين : ١٤ / ٣٧٧.

٨٥

إسماعيل قال : مات رجل من أصحابنا ولم يوص ، فرفع أمره إلى القاضي فصيّر عبد الحميد(١) القيّم بماله. إلى أن قال : فذكرت ذلك لأبي جعفرعليه‌السلام . إلى أن قال : إن كان القيّم مثلك ومثل عبد الحميد فلا بأس(٢) .

وذكر في النقد الرواية في عبد الحميد وذكر في متنها : فصيّر عبد الحميد بن سالم(٣) . وكذا المقدّس الأردبيلي(٤) .

وليس لفظ ابن سالم موجودا في نسختي ، مع أنّ ابن سالم من أصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام وأبو جعفر في الرواية هو الجوادعليه‌السلام ، وهذا يشير إلى كونه ابن سعيد الآتي.

ولعلّ الكلّ متّحد ـ لأنّ الظاهر اتّحاد ابن سعيد وابن سعد وفاقا لجدّي والنقد أيضا(٥) ، وهو الحقّ ، وسيجي‌ء في محمّد بن عبد الحميد أنّ عبد الحميد العطّار مولى بجيلة(٦) ـ ويكون أحدهما نسبة إلى الجدّ. ويؤيّد الاتّحاد أيضا وجود لفظ ابن سالم كما ذكرت عن المحقّقين.

والمحقّق الأردبيلي أتى بلفظ ابن بزيع بعد محمّد بن إسماعيل لتدلّ على عدالته أيضا ، انتهى(٧) .

أقول : الرواية مذكورة في أواخر زيادات الوصايا من التهذيب ، وكلمة‌

__________________

(١) في التهذيب زيادة : ابن سالم.

(٢) روضة المتّقين : ١١ / ١٠٧ نقلا عن التهذيب ٩ : ٢٤٠ / ٩٣٢ ، وسنده : أحمد بن محمّد ابن عيسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع.

(٣) نقد الرجال : ١٨٢ / ٧ ، ترجمة عبد الحميد بن سالم العطّار.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان.

(٥) روضة المتّقين : ١٤ / ٣٧٨ ، نقد الرجال : ١٨٢ / ٨.

(٦) رجال الشيخ : ٣٨٧ / ١٠.

(٧) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٩٠.

٨٦

ابن سالم موجودة فيما وقفنا عليه من النسخ ونقله أيضا جماعة ، والظاهر سقوطها من نسخته دام ظلّه.

وقوله سلّمه الله : مع أنّ ابن سالم. إلى آخره ، يمكن أن يقال : سؤال الراوي ذلك عن الجوادعليه‌السلام لا يلزم أن يكون عبد الحميد حيّا يومئذ ، فلعلّ مراده أنّه اتّفق ذلك ولو قبل وقت السؤال بمدّة ، مع أنّ ابن سعيد أيضا لم يظهر بعد دركه الجوادعليه‌السلام . مع أنّه(١) بعد استبعاد كون الرواية من ابن سالم لأنّها عن الجوادعليه‌السلام وهوق ظم واستظهار كونها في ابن سعيد(٢) لأنّه متأخّر عنه كيف يمكن القول باتّحادهما؟! فتأمّل جدّا(٣) .

ورأيت بخطّ بعض المحشّين للرجال هذه الرواية وفيها بدل أبي جعفرعليه‌السلام : الرضاعليه‌السلام ، وعليه فالأمر سهل ، فتدبر.

وقوله سلّمه الله : والمحقّق الأردبيليرحمه‌الله أتى. إلى آخره ، لا يخفى أنّ لفظتي ابن بزيع موجودتان في متن الحديث وليستا من ملحقات المحقّق المذكوررحمه‌الله .

هذا ، وقوله سلّمه الله : كأنّه ـ أي الميرزا ـ غفل عن ترجمة محمّد ابنه ، فلعلّ مراد الميرزا أنّه لم يقف عليه في ظم منجخ وإن ذكره جش أو غيره في أصحابهعليه‌السلام ، بل هذا هو الظاهر ، فتفطّن.

١٥٦٨ ـ عبد الحميد بن سعد :

روى عنه صفوان بن يحيى ،ظم (٤) .

__________________

(١) في نسخة « ش » : على أنّ.

(٢) في نسخة « م » : ابن سعد.

(٣) جدا ، لم ترد في نسخة « ش ».

(٤) رجال الشيخ : ٣٥٦ / ٣٧.

٨٧

وفيق : عبد الحميد بن سعد الكوفي مولى(١) .

وفيجش : عبد الحميد بن سعد بجلي كوفي ، صفوان عنه بكتابه(٢) .

وفيتعق : مرّ ما فيه في الذي قبيله(٣) .

أقول : فيمشكا : ابن سعد ، عنه صفوان بن يحيى(٤) .

١٥٦٩ ـ عبد الحميد بن سعيد :

ضا في موضعين(٥) . وزاد ظم : روى عنه صفوان بن يحيى(٦) .

وفيتعق : مرّ الكلام في ابن سالم(٧) .

١٥٧٠ ـ عبد الحميد العطّار :

الكوفي ، أسند عنه ،ق (٨) .

وتقدّم في ابن سالم لاحتمال الاتّحاد.

وفيتعق : لا تأمّل في الاتّحاد لما أشرنا وسيجي‌ء في محمّد بن عبد الحميد(٩) (١٠) .

١٥٧١ ـ عبد الحميد بن عواض :

بالضاد المعجمة ، الطائي ، من أصحاب أبي الحسن موسى عليه‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٢٣٦ / ٢٠٨.

(٢) رجال النجاشي : ٢٤٦ / ٦٤٨.

(٣) لم يرد له ذكر في التعليقة.

(٤) هداية المحدّثين : ٩١.

(٥) رجال الشيخ : ٣٧٩ / ٥ ، ٣٨٣ / ٤١.

(٦) رجال الشيخ : ٣٥٥ / ٢٦.

(٧) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٩٠.

(٨) رجال الشيخ : ٢٣٦ / ٢١٦.

(٩) عن رجال الشيخ : ٣٨٧ / ١٠ ، حيث ذكر كما تقدّم آنفا أنّ عبد الحميد العطّار مولى بجيلة.

(١٠) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٩٠.

٨٨

السلام ، ثقة ،صه (١) .

وفي ظم : عبد الحميد بن عواض ثقة من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام (٢) .

وفيد : ابن غواض بالمعجمتين ، قر ،ق ؛جخ ، ثقة(٣) ، انتهى فتأمّل.

وفيتعق : فيه ثلاث لغات : ما فيصه ، ود ، وعند بعض بإعجام الأوّل وإهمال الثاني. وسيجي‌ء في مرازم ذكره(٤) (٥) .

أقول : اقتصار العلاّمةقدس‌سره على كونه ظم بعد دركه ثلاثة منهمعليهم‌السلام كما صرّح به الشيخ لعلّه ليس بمكانه.

وفيمشكا : ابن عواض الثقة ، عنه محمّد بن خالد ، وأبو أيّوب الخزّاز ، والحسين بن سعيد ، وعلي بن النعمان ، ومحمّد بن سماعة.

وفي بعض الطرق رواية الحسين بن سعيد عنه بواسطتين ، وهو يساعد احتمال عدم اللقاء.

هذا(٦) ، وهو عن محمّد بن مسلم ، وعن الباقر والصادقعليهما‌السلام (٧) .

__________________

(١) الخلاصة : ١١٦ / ١.

(٢) رجال الشيخ : ٣٥٣ / ٦ ، وفيه بعد عواض زيادة : الطائي. وعدّه من أصحاب الباقرعليه‌السلام : ١٢٨ / ١٨ قائلا : عبد الحميد بن عواض الطائي كوفي. كما وذكره في أصحاب الصادقعليه‌السلام أيضا : ٢٣٥ / ٢٠٢ مضيفا بعد الطائي : الكسائي.

(٣) رجال ابن داود : ١٢٧ / ٩٤٠.

(٤) نقلا عن النجاشي : ٤٢٤ / ١١٣٨ ، وفيه أنّ الرشيد استدعى مرازم وأخوه مع عبد الحميد ابن عواض فقتله وسلما.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٩٠.

(٦) هذا ، لم ترد في نسخة « ش ».

(٧) هداية المحدّثين : ٩١ ، وفيها : وهو عن محمّد بن مسلم عن الباقر والصادقعليهما‌السلام .

٨٩

١٥٧٢ ـ عبد الحميد بن النضر :

يروي عنه أحمد بن محمّد بن عيسى وفضالة(١) ، وهو إمامي ،تعق (٢) .

١٥٧٣ ـ عبد الحميد الواسطي :

قر(٣) ،ق (٤) .

وفيتعق : في كتاب الإيمان من الكافي حديث يدلّ على حسن حاله(٥) (٦) .

أقول : إن كان هو الذي وقفت عليه في باب فضل الإيمان على الإسلام فلا دلالة فيه على ذلك أصلا ، ولا مدخل لعبد الحميد فيه مطلقا ، فلاحظ(٧) .

__________________

(١) أنظر في رواية فضالة بصائر الدرجات : ٤٤٣ / ١.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٩٠.

(٣) رجال الشيخ : ١٢٨ / ١٧.

(٤) رجال الشيخ : ٢٣٦ / ٢١٤.

(٥) الكافي ٢ : ٤٣ / ٤.

الحديث هذا : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن هارون ابن الجهم أو غيره ، عن عمر بن أبان الكلبي ، عن عبد الحميد الواسطي ، عن أبي بصير قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : يا أبا محمّد الإسلام درجة؟ قلت : نعم ، قال : والإيمان على الإسلام درجة؟ قلت : نعم ، قال : والتقوى على الإيمان درجة؟ قلت : نعم ، قال : واليقين على التقوى درجة؟ قلت : نعم ، قال : فما أوتي الناس أقلّ من اليقين وإنّما تمسّكتم بأدنى الإسلام ، فإياكم أن ينفلت من أيديكم ، انتهى ( منه. قدّس سره ).

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٩٠.

(٧) أقول : ذكر السيّد الخويي في معجم رجاله : ٩ / ٢٨٤ أنّه كان من الأولى للوحيد التمسّك بما رواه الكليني في الروضة ٨ : ٨٠ / ٣٧ عن عبد الحميد الواسطي عن أبي جعفرعليه‌السلام ، فإنّ فيها دلالة على أنّه كان من الشيعة وكان ينتظر ظهور القائمعليه‌السلام .

٩٠

١٥٧٤ ـ عبد الخالق بن عبد ربّه :

من موالي بني أسد من صلحاء الموالي ؛ روىكش عن محمّد بن مسعود ، عن عبد الله بن محمّد ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : ذكر أبو عبد اللهعليه‌السلام أبي فقال : صلّى الله على أبيك ، ثلاثا. والظاهر أنّ أبا عبد الله هو الصادقعليه‌السلام ،صه (١) .

وفيكش ما ذكره إلاّ قوله : والظاهر. إلى آخره(٢) .

وفيتعق : مرّ توثيقه في إسماعيل ابنه(٣) (٤) .

أقول : فيمشكا : ابن عبد ربّه فيه خلاف ، عنه عبد الحميد بن عواض على الظاهر(٥) .

١٥٧٥ ـ عبد الخالق بن محمّد البناني :

الكوفي ، أسند عنه ،ق (٦) .

١٥٧٦ ـ عبد خير الخيراني :

بالخاء المعجمة والياء المنقّطة تحتها نقطتين والراء والنون بعد الألف ،صه في أصحاب عليعليه‌السلام من اليمن(٧) . وكذا قي(٨) .

__________________

(١) الخلاصة : ١٢٩ / ٧.

(٢) رجال الكشّي : ٤١٣ / ٧٧٩.

(٣) رجال النجاشي : ٢٧ / ٥٠ ، حيث قال : عمومته شهاب وعبد الرحيم ووهب وأبوه عبد الخالق كلّهم ثقات.

(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٩٠.

(٥) هداية المحدّثين : ٢٠١. كما وذكره قبل ذلك : ٩٢ قائلا : يستفاد من عبارة الكشّي في ترجمة إسماعيل بن عبد الخالق توثيق عبد الخالق وأنّه روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

والظاهر إرادة النجاشي بدل الكشّي حيث إنّه ورد فيه التوثيق وروايته عن أبي عبد الله عليه‌السلام ولم يرد في الكشّي ذلك.

(٦) رجال الشيخ : ٢٣٦ / ٢٢١.

(٧) الخلاصة : ١٩٥.

(٨) رجال البرقي : ٦.

٩١

وفيي : عبد خير الخيراني ، خيران من همدان(١) .

وفيد : عبد خير الخيواني بالخاء المعجمة والياء المثنّاة تحت الساكنة والواو والنون ، منسوب إلى خيوان من همدان بالدال المهملة ؛ وقال الدار قطني : الخيراني بالراء المهملة(٢) . والأظهر الأشهر بالواو ، ي ،جخ ، من خواصّهعليه‌السلام (٣) .

وفيتعق : في نسختي من النقد : عبد خير الخيراني خيران من همدان(٤) (٥) .

قلت : كذا في النسخة الّتي عندي منه.

١٥٧٧ ـ عبد ربّه بن أعين :

هو زرارةرضي‌الله‌عنه وأرضاه ،تعق (٦) .

١٥٧٨ ـ عبد الرحمن بن أبي حمّاد :

أبو القاسم ، كوفي ، صيرفي ، انتقل إلى قم وسكنها ، وهو صاحب دار أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، رمي بالضعف والغلو ، جش(٧) .

وزادصه : وقالغض : إنّه يكنّى أبا محمّد ، وهو ضعيف جدّا لا يلتفت إليه ، في مذهبه غلو(٨) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ٥٣ / ١١٨.

(٢) ذكر الدار قطني في كتابه المؤتلف والمختلف : ٢ / ٧٥٤ عبد خير بن يزيد الخيواني وقال : روى عن علي بن أبي طالب [عليه‌السلام ] وذكر آخرين. ولم يذكره في باب خيران وإنّما ذكره في خيوان ، فلاحظ.

(٣) رجال ابن داود : ١٢٧ / ٩٤٣.

(٤) نقد الرجال : ١٨٣ / ١.

(٥) لم يرد له ذكر في نسخنا من التعليقة.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٩٠ ، وفيها بدلرضي‌الله‌عنه وأرضاه : المشهور الجليل.

(٧) رجال النجاشي : ٢٣٨ / ٦٣٣.

(٨) الخلاصة : ٢٣٩ / ٦.

٩٢

ثمّ زادجش على ما مرّ : محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزيّات عنه بكتابه.

أقول : فيمشكا : ابن أبي حمّاد ، عنه محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، وموسى بن الحسن بن عامر الأشعري(١) .

١٥٧٩ ـ عبد الرحمن بن أبي عبد الله :

واسم أبي عبد الله ميمون البصري ، وعبد الرحمن ثقة ، وهو ختن فضيل ابن يسار. قال علي بن أحمد العقيقي : إنّه روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام سبعمائة مسألة ، وهو بصري وأصله من الكوفة ،صه (٢) .

وفيكش : قال أبو عمرو : سألت محمّد بن مسعود عن عبد الرحمن ابن أبي عبد الله ، فذكر عن(٣) علي بن الحسن بن فضّال أنّه عبد الرحمن بن ميمون الذي في الحديث ، وأبو عبد الله رجل من أهل البصرة واسمه ميمون ، وعبد الرحمن هو ختن الفضيل بن يسار(٤) .

ومرّ في ابن ابنه إسماعيل بن همّام توثيقه(٥) .

وفيق : ابن أبي عبد الله البصري مولى بني شيبان وأصله كوفي ، واسم أبي عبد الله ميمون ، حدّث عنه سلمة بن كهيل فيقول : عن أبي عبد الله الشيباني ، وكثير النواء(٦) عن أبي عبد الله ، وحدّث عنه أيضا خالد الحذّاء وشعبة وعوف بن أبي جميلة فسمّوه كلّهم ميمون ؛ روى عن عبد الله بن عبّاس‌

__________________

(١) هداية المحدّثين : ٩٢.

(٢) الخلاصة : ١١٣ / ٣.

(٣) عن ، لم ترد في نسخة « ش ».

(٤) رجال الكشّي : ٣١١ / ٥٦٢.

(٥) رجال النجاشي : ٣٠ / ٦٢ ، قوله : ثقة هو وأبوه وجدّه.

(٦) في المصدر زيادة : أيضا.

٩٣

وعبد الله بن عمر والبراء بن عازب وعبد الله بن؟؟ بريدة(١) .

أقول : فيمشكا : ابن أبي عبد الله البصري الثقة ، عنه أبان بن عثمان ، وحمّاد بن عثمان ، والحسن بن محبوب ، وحريز ، وحمّاد بن عيسى ، وعبد الله بن المغيرة الثقة ، والعرزمي ، وعبد الله بن سنان ، وفضالة بن أيّوب ، وابن أبي عمير.

وقد يقع في إسناد(٢) الشيخ رواية فضالة بن أيّوب عن عبد الرحمن(٣) ، وهو سهو ، لأنّ المعهود توسّط أبان بينهما.

وروى أبوه عن عبد الله بن عبّاس ، وعبد الله بن عمر ، والبراء بن عازب ، وعبد الله بن بريدة.

وقد وقع لشيخنا سلّمه الله خبط كثير أصلحته(٤) .

١٥٨٠ ـ عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري :

من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، شهد مع أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عربي ، كوفي ، ضربه الحجّاج حتّى اسودّ كتفاه على سبّ عليعليه‌السلام ،صه (٥) . ي إلى قوله : كوفي(٦) .

ثمّ فيصه في أصحابهعليه‌السلام من اليمن : عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري شهد معه(٧) . وكذا في قي(٨) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ٢٣٠ / ١٢٧ ، وفيه زيادة : وكان عبد الرحمن هذا ختن الفضيل بن يسار.

(٢) في المصدر : أسانيد.

(٣) التهذيب ٢ : ٤٧ / ١٥١ ، الإستبصار ١ : ٢٩٦ / ١٠٩٠.

(٤) هداية المحدّثين : ٩٢.

(٥) الخلاصة : ١١٣ / ٢.

(٦) رجال الشيخ : ٤٨ / ٢٨.

(٧) الخلاصة : ١٩٤.

(٨) رجال البرقي : ٦.

٩٤

وفيكش : روى يعقوب بن شيبة قال : حدّثنا خالد بن أبي يزيد العربي(١) قال : حدّثنا ابن شهاب عن الأعمش قال : رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى وقد ضربه الحجّاج حتّى اسودّ كتفاه ثمّ أقامه للناس على سبّ عليعليه‌السلام والجلاوزة معه يقولون : سبّ الكذّابين ، فجعل يقول : ألعن الكذّابين عليّ وابن الزبير والمختار.

قال ابن شهاب : يقول أصحاب العربيّة : سمعك تعلم(٢) ما يقول ، لقوله : عليّ ، أي : ابتداء الكلام(٣) .

١٥٨١ ـ عبد الرحمن بن أبي نجران :

ضا (٤) ،ج (٥) .

وزادصه : بالنون والجيم والراء والنون أخيرا ، واسمه عمرو بن مسلم ، التميمي ، مولى ، كوفي ، أبو الفضل ، روى عن الرضاعليه‌السلام ؛ وروى أبوه أبو نجران عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وكان عبد الرحمن ثقة ثقة معتمدا على ما يرويه(٦) .

وكذا جش إلاّ الترجمة ؛ وزاد قبل وكان : وروى(٧) عن أبي نجران : حنّان(٨) .

وفيست : له كتب ، أخبرنا بها جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن ابن‌

__________________

(١) في المصدر : العرني.

(٢) في نسخة « م » : يعلم.

(٣) رجال الكشّي : ١٠١ / ١٦٠ ، وفيه : أي هو ابتداء الكلام.

(٤) رجال الشيخ : ٣٨٠ / ٩ ، وفيه زيادة : التميمي مولى كوفي.

(٥) رجال الشيخ : ٤٠٣ / ٧ ، وفيه زيادة : كوفي.

(٦) الخلاصة : ١١٤ / ٧.

(٧) في نسخة « م » : روى.

(٨) رجال النجاشي : ٢٣٥ / ٦٢٢.

٩٥

بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عنه(١) .

أقول : فيمشكا : ابن أبي نجران الثقة ، عنه عبد الله بن محمّد بن خالد ، وأحمد بن المعافى ، وجعفر بن محمّد بن عبد الله ، وأحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عنه ، وبغير واسطة أبيه ، وإبراهيم بن هاشم ، ومحمّد بن أبي الصهبان ، وعبد الله بن عامر ، وأحمد بن محمّد بن عيسى ، وعلي بن الحسن ابن فضّال ، وموسى بن القاسم ، وسهل بن زياد(٢) .

وفي التهذيب : سعد بن عبد الله عن أبي جعفر عن العبّاس عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن صفوان(٣) . ففي المنتقى : المعهود من رواية أبي جعفر ـ وهو أحمد بن محمّد بن عيسى ـ عن ابن أبي نجران أن يكون بغير واسطة ، وكذا رواية العبّاس عن صفوان ، فالظاهر عطف عبد الرحمن على العبّاس(٤) ، انتهى.

وفي التهذيب : ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن أبي نجران(٥) . وهو غريب ، فإنّ ابن أبي نجرانضا (٦) ؛ بل في أوائل كتاب الأيمان والنذور من التهذيب : ابن أبي نجران عن ابن أبي عمير(٧) .

وفي التهذيب والاستبصار في كتاب الحجّ : سعد بن عبد الله عن‌

__________________

(١) الفهرست : ١٠٩ / ٤٧٤.

(٢) في المصدر زيادة : والحسين بن سعد ، وبروايته هو عن العلاء بن رزين وعن داود بن سرحان.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٦٧ / ٩١١.

(٤) منتقى الجمان : ٣ / ٤٢٠.

(٥) التهذيب ٥ : ١٢٤ / ٤٠٤ ، وفيه : عن عبد الرحمن بن الحجّاج.

(٦) في المصدر : فإنّ ابن أبي عمير ضا.

(٧) التهذيب ٨ : ٢٨٩ / ١٠٦٦.

٩٦

محمّد بن الحسن عن محمّد بن الحسين عن ابن أبي نجران(١) . وفيه نوع اضطراب وغرابة ، فإنّ المعهود رواية سعد عن محمّد بن الحسين بلا واسطة ، ورواية محمّد بن الحسين عن ابن أبي نجران غير معروفة.

وفي بعض نسخ التهذيب : سعد بن عبد الله عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن الحسن. وأورده العلاّمةرحمه‌الله بهذه الصورة ، والغرابة منتفية معه.

ووقع فيهما أيضا : سعد بن عبد الله عن ابن أبي نجران عن الحسين ابن سعيد عن حمّاد(٢) . وفيه غلطان(٣) ، فإنّ سعدا إنّما يروي عن ابن أبي نجران بواسطة أحمد بن محمّد بن عيسى ، وابن أبي نجران عن حمّاد بغير واسطة كالحسين بن سعيد ، وصوابه : والحسين ، بالواو.

هذا ، وهو عن صفوان بن يحيى ، وعن حمّاد بن عيسى(٤) ، وعن مسمع أبي سيّار ، وعن عبد الله بن سنان ، والعلاء بن رزين.

ووقع في أسانيد الشيخ : ابن أبي نجران عن حريز(٥) . وهو سهو ، لأنّه إنّما يروي عن حريز بواسطة حمّاد بن عيسى(٦) .

١٥٨٢ ـ عبد الرحمن بن أبي هاشم :

له كتاب رواه القاسم بن محمّد الجعفي عنه ، ورواه ابن أبي حمزة عنه ،ست (٧) .

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٨٣ / ١٣٣٥ ، الاستبصار ٢ : ٢١٦ / ٧٤٢.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٤٧ / ١٤٤٠ ، الإستبصار ١ : ٣٦٨ / ١٤٠٣.

(٣) في نسخة « ش » : غلطتان.

(٤) حمّاد بن عيسى ، لم يرد في المصدر.

(٥) التهذيب ٣ : ٣٣١ / ١٠٣٨.

(٦) هداية المحدّثين : ٩٣.

(٧) الفهرست : ١٠٩ / ٤٧٦.

٩٧

ويأتي ابن محمّد بن أبي هاشم.

وفيتعق : في الوجيزة والبلغة : ابن محمّد بن أبي هاشم كثيرا ما ينسب إلى جدّه(١) (٢) .

أقول : فيمشكا : ابن أبي هاشم ، عنه محمّد بن علي الكوفي الضعيف ، والقاسم بن محمّد ، وابن أبي حمزة ، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، وعلي بن الحسن بن فضّال.

وهو ابن محمّد بن أبي هاشم ، لكن في بعض الأخبار ابن أبي هاشم بالنسبة إلى جدّه(٣) .

١٥٨٣ ـ عبد الرحمن بن أحمد بن جبرويه :

بالجيم قبل الباء تحتها نقطة ثمّ الراء ، أبو محمّد العسكري ، متكلّم ، من أصحابنا ، حسن التصنيف ، جيّد الكلام ، وعلى يده رجع محمّد بن عبد الله بن مملك الأصفهاني عن مذهب المعتزلة إلى القول بالإمامة ،صه (٤) .

جش إلاّ الترجمة ، وفيه : الأصبهاني ؛ وزاد : وقد كلّم عبّاد بن سليمان ومن كان في طبقته ، وقع إلينا من كتبه كتاب الكامل في الإمامة كتاب حسن(٥) .

وبخطّشه علىصه : في ضح جعله بالياء المنقّطة تحتها نقطتين(٦) ،

__________________

(١) الوجيزة : ٢٣٦ / ١٠٠٥ والبلغة : ٣٧٣ / ٨ ، وفيهما زيادة : ثقة.

(٢) لم يرد له ذكر في نسخنا من التعليقة.

(٣) هداية المحدّثين : ٩٥ ، وفيها : لكن في بعض الأخبار عبد الرحمن بن أبي هاشم البجلي كما في الفقيه ، بإضافته إلى جدّه. راجع الفقيه ٤ : ٣١ / ٨٨.

(٤) الخلاصة : ١١٤ / ٩.

(٥) رجال النجاشي : ٢٣٦ / ٦٢٥.

(٦) إيضاح الاشتباه : ٢٣٩ / ٤٧٥.

٩٨

ودوافق ما هنا وجعله بالباء الموحّدة(١) (٢) .

١٥٨٤ ـ عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين :

مرّ في أبيه ما يظهر منه جلالته ،تعق (٣) .

أقول : وذلك ما مرّ عن عه من قوله : والد الشيخ الحافظ عبد الرحمن(٤) . وله ترجمة على حدة في عه حيث قال فيه : الشيخ المفيد أبو محمّد عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين النيسابوري الخزاعي شيخ الأصحاب بالري ، حافظ واعظ ثقة ، سافر في البلاد شرقا وغربا وسمع الأحاديث عن المؤالف والمخالف ؛ وله تصانيف ، منها سفينة النجاة في مناقب أهل البيت ، العلويات الرضويات ، الأمالي ، عيون الأخبار ، مختصرات في المواعظ والزواجر ، أخبرنا بها جماعة ، منهم السيّدان المرتضى والمجتبى ابنا الداعي الحسيني وابن أخيه الشيخ جمال الدين أبو الفتوح الخزاعي عنهرحمهم‌الله ، وقد قرأ على السيّدين علم الهدى المرتضى وأخيه الرضي والشيخ أبو جعفر الطوسي والمشايخ : سالار وابن البراج والكراجكيرحمهم‌الله جميعا(٥) ، انتهى.

ولعدم وجود عه عنده دام مجده اكتفى بما نقله الميرزا عنه في أبيه.

١٥٨٥ ـ عبد الرحمن بن أحمد بن نهيك :

بالنون والياء(٦) المنقّطة تحتها نقطتين قبل الكاف ، السمري ، الملقّب‌

__________________

(١) رجال ابن داود : ١٢٨ / ٩٤٧.

(٢) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ٥٥.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٩١ ، وتقدّم في ترجمة أبيه أحمد بن الحسين بن أحمد النيشابوري.

(٤) فهرست منتجب الدين : ٧ / ١.

(٥) فهرست منتجب الدين : ١٠٨ / ٢١٩ ، وفيه : السيّدان المرتضى والمجتبى ابنا الداعي الحسني.

(٦) في نسخة « ش » : بالنون والهاء والياء.

٩٩

دحان ـ بالدال المهملة المضمومة والحاء المهملة والنون بعد الألف ـ ضعيف ، مرتفع القول ، كان كوفي الأصل ، لم يكن في الحديث بذلك ، يعرف منه ذلك وينكر ،صه (١) .

جش إلاّ الترجمة وقوله : ضعيف مرتفع القول ؛ وزاد : ذكر ذلك أحمد ابن علي السيرافي(٢) .

وفيد : السمرقندي الملقّب دحمان ، أثبته(٣) بعض أصحابنا : السمري الملقّب بدحان ، بغير ميم(٤) .

وكأنّه يريد العلاّمة ، ولعلّ كلامه متوجّه في الثاني دون الأوّل.

وفيتعق : يأتي في أخيه الجليل عبد الله ما يشعر بحسن وجلالة فيه(٥) .

أقوله : فيضح أيضا أثبته دحمان بالميم(٦) . وفي نسختي منصه بدل السمري : السمرقندي كما فيد ، لكن في النقد : لم أجد السمرقندي في غيرد (٧) .

وما وعد دام ظلّه بإتيانه في أخيه هو أنّ عبد الرحمن من أصحابنا ، لأنّ فيه أنّ آل نهيك بيت من أصحابنا بالكوفة ؛ وهذا لا ينافي الضعف ، فتأمّل.

وفيمشكا : ابن أحمد بن نهيك ، عنه حميد(٨) .

__________________

(١) الخلاصة : ٢٣٩ / ٤ ، وفيها : العمري ، وفي النسخة الخطيّة منها : السمري.

(٢) رجال النجاشي : ٢٣٦ / ٦٢٤ ، وفيه بدل دحان : دحمان.

(٣) في المصدر : وأثبته.

(٤) رجال ابن داود : ٢٥٦ / ٢٩٨.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٩١.

(٦) إيضاح الاشتباه : ٢٣٩ / ٤٧٤.

(٧) نقد الرجال : ١٨٤ / ١٤.

(٨) هداية المحدّثين : ٩٥.

١٠٠

أن جعل في الدين مجالا لبحث العقل بما أودع فيه من المتشابه ، إذ بحثه يستلزم النظر فى الأدلة الكونية ، والبراهين العقلية ، ووجوه الدلالة ليصل إلى فهمه ويهتدى إلى تأويله.

(3) إن الأنبياء بعثوا إلى الناس كافة وفيهم العالم والجاهل والذكي والبليد ، وكان من المعاني الحكم الدقيقة التي لا يمكن التعبير عنها بعبارة تكشف عن حقيتها ، فجعل فهم هذا من حظ الخاصة ، وأمر العامة بتفويض الأمر فيه إلى الله ، والوقوف عند فهم المحكم ، ليكون لكلّ نصيبه على قدر استعداده ، فإطلاق كلمة الله وروح من الله على عيسى يفهم منه الخاصة ما لا يفهمه العامة ، ومن ثم فتن النصارى بمثل هذا التعبير إذ لم يقفوا عند حد المحكم وهو التنزيه واستحالة أن يكون لله أم أو ولد بمثل ما دل عليه قوله :إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ ».

( وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ ) أي وما يعقل ذلك ويفقه حكمته إلا ذوو البصائر المستنيرة ، والعقول الراجحة التي امتازت بالتدبر والتفكر في جميع الآيات المحكمة التي هى الأصول ، حتى إذا عرض لهم المتشابه بعد ذلك سهل عليهم أن يتذكروها ويردّوا المتشابه إليها ، ويقولوا في المتشابه الذي هو نبأ عالم الغيب : إن قياس الغائب على الشاهد قياس مع الفارق لا ينبغى للعقلاء أن يعتبروه.

ثم ذكر ما يدعون به ليهبهم الثبات على فهم المتشابه فقال :

( رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) أي إن أولئك الراسخين في العلم مع اعترافهم بالإيمان بالمتشابه يطلبون إلى الله أن يحفظهم من الزيغ بعد الهداية ، ويهبهم الثبات على معرفة الحقيقة والاستقامة على الطريقة فهم يعرفون ضعف البشر ، وكونهم عرضة للتقلب والنسيان والذهول ، فيخافون أن يقعوا فى الخطأ ، والخطأ قرين الخطر.

وقد روى عن عائشة رضى الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يدعو «يا مقلّب القلوب ثبت قلبى على دينك» قلت : يا رسول الله

١٠١

ما أكثر ما تدعو بهذا الدعاء فقال : «ليس من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرّحمن ، إن شاء أن يقيمه أقامه ، وإن شاء أن يزيغه أزاغه».

( رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ ) أي ربنا إنك تجمع الناس للجزاء في يوم لا شك فيه وإنا موقنون به ، لأنك أخبرت به وقولك الحق ، ووعدت وأوعدت بالجزاء فيه ، وأنت لا تخلف وعدك.

وقد جاءوا بهذا الدعاء بعد الإيمان بالمتشابه ، ليستشعروا أنفسهم الخوف من تسرّب الزيغ الذي يسلبهم الرحمة في ذلك اليوم ، وهذا الخوف هو مبعث الحذر والتوقي منه.

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (11) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (12) قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (13) )

تفسير المفردات

تغنى : أي تنفع ، وقود (بفتح الواو) أي حطب ونحوه ، والدأب : العادة ؛ من دأب على العمل إذا جدّ فيه وتعب ، ثم غلب في العادة ، والمهاد : الفراش ، يقال مهدّ الرجل المهاد إذا بسطه ، والآية : العلامة على صدق ما يقول الرسول.

١٠٢

المعنى الجملي

بعد أن بين سبحانه الدين الحق وقرر التوحيد ، وذكر الكتب الناطقة به ، وألمع إلى شأن القرآن الكريم وإيمان العلماء الراسخين به ـ شرع يذكر حال أهل الكفر والجحود ، ويبين أسباب اغترارهم بالباطل واستغنائهم عن الحق أو اشتغالهم عنه ، ومن أهم ذلك الأموال والأولاد ، وأرشد إلى أنها لا تغنى عنهم شيئا في ذلك اليوم الذي يجمع الله فيه الناس ليحاسبهم على ما عملوا ، والكافرون في أشد الحاجة إلى مثل هذه العظة ، لأن الجحود إنما يقع لغرور الناس بأنفسهم وأموالهم ، فيتوهمون الاستغناء عن الحق ، ويتبعون الهوى.

وقد ضرب الله مثلا لهؤلاء الكافرين الذين استغنوا بما أوتوا في الدنيا عن الحق ، فعارضوه وناصبوا أهله العداء حتى ظفروا بهم مثل آل فرعون ومن قبله ممن كذبوا الرسل ؛ فقد أهلكهم الله ونصر موسى على آل فرعون ، ونصر الرسل ومن آمن معهم على أممهم لصلاحهم وإصلاحهم ، فالله لا يحابى ولا يظلم وهو شديد العقاب.

الإيضاح

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ) أي إن الذين جحدوا ما قد عرفوه من نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم سواء كانوا من بنى إسرائيل أم من كفار العرب ـ لن تنجيهم أموالهم التي يبذلونها في جلب المنافع ودفع المضار ، ولا أولادهم الذين يتناصرون بهم في مهامّ أمورهم ويعوّلون عليهم فى الخطوب النازلة من عذاب الله شيئا ، وقد كانوا يقولون نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ، فردّ الله عليهم بقوله : «وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً » وسيكونون يوم القيامة حطبا لجهنم التي تسعر بهم.

١٠٣

ثم ضرب لهم مثلا لينبههم إلى ما حلّ بمن قبلهم من الأمم التي كانت أقوى منهم جندا وأكثر عددا لعلهم يتعظون فقال :

( كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ ) أي إن صنيع هؤلاء في تكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وكفرهم بشريعته ، كدأب آل فرعون مع موسى عليه السلام ، ودأب من قبلهم من الأمم ، كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم ، فأهلكهم ونصر الرسل ومن آمن معهم ، ولم يجدوا من بأس الله محيصا ولا مهربا ، إذ عقابه أثر طبيعي لاجتراح الذنوب وارتكاب الموبقات.

ثم تهددهم وتوعدهم بالعقاب في الدنيا قبل الآخرة فقال :

( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ ) المراد بالكافرين هنا اليهود لما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن يهود المدينة لما شاهدوا غلب رسول الله صلى الله عليه وسلم للمشركين يوم بدر قالوا والله إنه النبي الأمى الذي بشرنا به موسى ، وفي التوراة نعته وهمّوا باتباعه ، فقال بعضهم : لا تعجلوا حتى تنظروا إلى وقعة أخرى ، فلما كان يوم أحد شكّوا ، وقد كان بينهم وبين رسول الله عهد إلى مدة فنقضوه ، وانطلق كعب بن الأشرف في ستين راكبا إلى أهل مكة فأجمعوا أمرهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت.

وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أصاب قريشا ببدر ورجع إلى المدينة جمع اليهود في سوق بنى قينقاع فحذرهم أن ينزل بهم ما نزل بقريش ، فقالوا له : لا يغرنّك أنك لقيت قوما أغمارا لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة ، لئن قاتلتنا لعلمت أنّا نحن الناس فنزلت.

أي قل لأولئك اليهود إنكم ستغلبون في الدنيا وسينفذ فيكم وعيدي ، وتساقون فى الآخرة إلى جهنم سوقا ، وبئس المهاد ما مهدتموه لأنفسكم.

وقد صدق الله وعده فقتل المسلمون بنى قريظة الخائنين ، وأجلوا بنى النّضير المنافقين ، وفتحوا خيبر وضربوا الجزية على من عداهم.

١٠٤

ثم حذرهم وأنذرهم بألا يغتروا بكثرة العدد والعدد فلهم مما يشاهدون عبرة فقال :

( قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا ، فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ) أي قل لأولئك اليهود الذين غرتهم أموالهم واعتروا بأولادهم وأنصارهم : لا تغرنكم كثرة العدد ، ولا المال والولد ، فليس هذا سبيل النصر والغلب ، فالحوادث التي تجرى في الكون أعظم دليل على تفنيد ما تدّعون.

انظروا إلى الفئتين اللتين التقتا يوم بدر ، فئة قليلة من المؤمنين تقاتل في سبيل الله كتب لها الفوز والغلب على الفئة الكثيرة من المشركين.

وفي هذا عبرة أيّما عبرة لذوى البصائر السليمة التي استعملت العقول فيما خلقت لأجله من التأمل في الأمور والاستفادة منها ، لا لمثل من نعتهم الله بقوله : «لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها ، وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها ، وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ ».

ووجه العبرة في هذا أن هناك قوة فوق جميع القوى قد تؤيد الفئة القليلة فتغلب الفئة الكثيرة بإذنه تعالى ، وقوله( تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ ) ترشد إلى السر في هذا الفوز ، لأنه متى كان القتال في هذا السبيل أي لحماية الحق والدفاع عن الدين وأهله ، فإن النفس تقبل عليه بكل ما أوتيت من قوة ، وما أمكنها من تدبير واستعداد ، علما منها بأن وراء قوتها معونة الله وتأييده ، يرشد إلى هذا قوله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ » فها أنت ذا ترى أن الله أمر المؤمنين بالثبات وبكثرة ذكره لشدّ العزائم والنهوض بالهمم ، وبالطاعة لرسوله ، وكان هو القائد في تلك الواقعة ـ واقعة بدر ـ وطاعة القائد من أهم أسباب الظفر والنجاح في ميدان القتال.

وقد امتثل المؤمنون ما أوصاهم به ربهم بقدر طاقتهم ، فوجد لديهم الاستعداد والعزيمة الصادقة ، فقاتلوا ثابتين واثقين بنصر الله ، فنصرهم وفاء بوعده «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ ».

١٠٥

وغزوات الرسول وأصحابه تفسر ما ورد في هذه الآيات ، ولما خالفوا ما أمروا به غزوة أحد نزل بهم ما نزل ، وفي هذا أكبر عبرة لمن تذكر واعتبر.

وقد روى أرباب السير أن جيش المسلمين كان ثلاثمائة وثلاثة وعشرين رجلا ، سبعة وسبعون منهم من المهاجرين ، ومائتان وستة وثلاثون من الأنصار ، وصاحب راية المهاجرين على بن أبي طالب ، وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة ، وكان في العسكر تسعون بعيرا وفرسان أحدهما للمقداد بن عمرو ، والآخر لمرثد بن أبي مرثد ، وكان معهم ست دروع وثمانية سيوف ، وجميع من قتل منهم يومئذ أربعة عشر رجلا ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار.

وأن جيش المشركين كان تسعمائة وخمسين مقاتلا ، رأسهم عقبة بن ربيعة ، وفيهم أبو سفيان وأبو جهل ، وكان في معسكرهم من الخيل مائة فرس وسبعمائة بعير ، ومن الأسلحة ما لا يحصى عدّا.

ومعنى قوله( يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ) أن المشركين رأوا المسلمين مثلى عدد المشركين أي قريبا من ألفين ـ وكانوا نحو ثلاثمائة ـ أراهم الله إياهم مع قلتهم أضعافهم ليهابوهم ويجبنوا عن قتالهم ، وكان ذلك مددا لهم من الله كما أمدهم الله بالملائكة ، بعد ما قللهم في أعينهم حتى اجترءوا عليهم وتوجهوا إليهم كما جاء في خطاب أهل بدر «وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ».

ومعنى قوله (رأى العين) أنها رؤية مكشوفة لا لبس معها ولا خفاء كسائر المرئيات والمشاهدات.

( وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ ) أي والله يقوّى بمعونته من يشاء كما أيد أهل بدر بتكثيرهم في عين العدو.

( إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ ) أي إن في هذا النصر مع قلة عددهم وكثرة عدوهم عظة لمن عقل وتدبر فعرف الحق وثلج قلبه ببرد اليقين.

١٠٦

( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) )

تفسير المفردات

الشهوات : واحدة شهوة وهى رغبة النفس في الحصول ، والمراد بها المشتهيات كما يقال هذا الطعام شهوة فلان أي ما يشتهيه ، والأنعام واحدها نعم وهى الإبل والبقر والغنم ولا تطلق النعم إلا على الإبل خاصة ، والمسوّمة : هى التي ترعى في الأودية والقيعان ، والحرث : الزرع والنبات.

المعنى الجملي

بعد أن بين سبحانه قبل هذا اشتغال الكافرين بالأموال والأولاد وإعراضهم عن الحق وانهماكهم في اللذات ، ذكر هنا وجه غرورهم بذلك تحذيرا لهم من جعلها مطية لشهواتهم ، وتذكيرا لهم بأنه لا ينبغى أن تجعل هى غاية الحياة ، فتشغلهم عن أعمال الآخرة التي جعلت الدنيا مزرعتها ، والوسيلة لكسب السعادة فيها.

الإيضاح

( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ ) معنى تزيين حب الشهوات للناس ، أن حبها مستحسن لديهم لا يرون فيه قبحا ولا غضاضة ، ومن ثم لا يكادون يرجعون عنه ، وهذا أقصى مراتب الحب ، وصاحبه قلما يفطن لقبحه أو ضرره إن كان قبيحا أو ضارّا ، ولا يحب أن يرجع عنه وإن تأذى به ، وقد يحب الإنسان شيئا وهو يراه شيئا لا زينا ، وضارّا لا نافعا ، ويود لذلك لو لم يحبه كما يحب بعض الناس شرب الدخان على تأذيهم منه ، ومن أحب شيئا ولم يزيّن له يوشك أن يرجع عنه يوما ما ، ومن زين له حبه فلا يكاد يرجع عنه.

١٠٧

المعنى ـ إن الله فطر الناس على حب هذه الشهوات المبينة بعد كما قال : «إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً » وقال : «كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ».

وقد يسند التزيين إلى الشيطان بالوسوسة في قبيح الأعمال كما قال تعالى : «وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ ».

ثم فصل هذه المشتهيات الستة التي ملأت قلوب الناس حبا فقال :

( مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ) .

(فأولها) النساء وهن موضع الرغبة ومطمح الأنظار ، وإليهن تسكن النفوس كما قال تعالى «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً » وعليهن ينفق أكثر ما يكسب الرجال بكدّهم وجدّهم ، فهم القوامون عليهن لقوتهم وقدرتهم على حمايتهن ، فإسرافهم في حبهنّ له الأثر العظيم فى شئون الأمة وفي إضاعة الحقوق أو حفظها.

وقدم حب النساء على حب الأولاد مع أن حبهنّ قد يزول وحب الأولاد لا يزول لأن حب الولد لا يعظم فيه الغلوّ والإسراف كحب المرأة ، فكم من رجل جنى حبه للمرأة على أولاده ، فكثير ممن تزوجوا بما فوق الواحدة وأفرطوا في حب واحدة وملّوا أخرى أهملوا تربية أولاد المبغوضة وحرموهم سعة الرزق وقد وسعوه على أولاد المحبوبة ، وكم من غنىّ عزيز يعيش أولاده عيشة الذل والفقر ، وليس لهذا من سبب إلا حب والدهم لغير أمهم ، فهو يفعل ذلك للتقرب وابتغاء الزلفى إليها.

(وثانيها) البنون والمراد بهم الأولاد مطلقا كما قال تعالى : «أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ » وفي الحديث «الولد مجبنة مبخلة».

والعلة في حب الزوجة وحب الولد واحدة وهى تسلسل النسل وبقاء النوع ، وهى حكمة مطردة في غير الإنسان من الحيوانات الأخرى.

١٠٨

وحب البنين أقوى من حب البنات لأسباب كثيرة منها :

(1) أنهم عمود النسب الذي به تتصل سلسلة النسل ، وبه يبقى ما يحرص عليه الإنسان من بقاء الذكر وحسن الأحدوثة بين الناس.

(2) أمل الوالد في كفالتهم له حين الحاجة إليه لضعف أو كبر.

(3) أنه يرجى بهم من الشرف ما لا يرجى من الإناث كنبوغ في علم أو عمل أو رياسة أو قيادة جيش للدفاع عن الوطن وحفظ كيان الأمة.

(4) الشعور بأن الأنثى حين الكبر تنفصل من عشيرتها وتتصل بعشيرة أخرى.

(وثالثها) القناطير المقنطرة من الذهب والفضة ، والعرب تريد بالقنطار المال الكثير والمقنطرة مأخوذة منه على سبيل التوكيد ، وقد جرت عادتهم بأن يصفوا الشيء بما يشتق منه مبالغة كما قالوا ألوف مؤلفة وظل ظليل ، وقيل المقنطرة المضروبة من دنانير ودراهم ، وقيل هى المنضدة في وضعها.

وهذا التعبير يشعر بالكثرة التي تكون مظنة الافتتان ، والتي تشغل القلب للتمتع بها ، وتستغرق في تدبيرها الوقت الكثير حتى لا يبقى بعد ذلك منفذ للشعور بالحاجة إلى نصرة الحق والاستعداد لأعمال الآخرة.

ومن ثم كان الأغنياء في كل الأمم لدى بعثة الرسل أول الكافرين بهم المستكبرين عن تلبية دعوتهم ، وإن أجابوها وآمنوا فهم أقل الناس عملا وأكثرهم بعدا عن هدى الدين ، انظر إلى قوله تعالى : «سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا ».

وحب المال مما أودع في غرائز البشر واختلط بلحمهم ودمهم ، وسر هذا أنه وسيلة إلى جلب الرغائب ، وسبيل إلى نيل اللذات والشهوات ، ورغبات الإنسان غير محدودة ، ولذاته لا عدّ لها ولا حصر ، وكلما حصل على لذة طلب المزيد منها ، وما وصل إلى غاية فى جمع المال إلا تاقت نفسه إلى ما فوقها ، حتى لقد يبلغ به النهم في جمعه أن ينسى أن

١٠٩

المال وسيلة لا مقصد فيفتنّ في الوصول إليه الفنون المختلفة ، والطرق التي تعنّ له ، ولا يبالى أمن حلال كسب أم من حرام؟

روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قوله صلى الله عليه وسلم «لو كان لابن آدم واديان من ذهب لتمنى أن يكون لهما ثالث ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب».

ولقد أعمت فتنة المال كثيرا من الناس فشغلتهم عن حقوق الله وحقوق الأمة والوطن ، بل عن حقوق من يعاملهم ، بل عن حقوق بيوتهم وعيالهم ، بل عن أنفسهم ، ومنهم من يقصر في النفقة على نفسه وعياله بالقدر الذي يزرى بمروءته ، فيظهر بمظهر المسترذل بين الناس في مأكله ومشربه وملبسه ، ومنهم من يثلم شرفه ويفتح ثغرة للطاعنين والقائلين فيه بالحق وبالباطل لأجل المال. ومن ثم قالوا : المال ميّال.

(ورابعها) الخيل المسوّمة التي ترعى في الأودية ، يقال سام الدابة : رعاها ، وأسامها : أخرجها إلى المرعى ، كما قال تعالى : «وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ».

وقال ابن جرير : المسوّمة : المعلّمة من السّومة وهى العلامة. قال النابغة :

بسمر كالقداح مسوّمات

عليها معشر أشباه جنّ

وكل من الخيل الراعية التي تقتنى للتجارة ، والمعلمة المطهّمة التي يقتنيها العظماء والأغنياء ـ من المتاع الذي يتنافس فيه الناس ويتفاخرون ، حتى لقد يتغالى بعضهم فى ذلك إلى حد هو أشبه بالجنون.

(وخامسها) الأنعام وهى مال أهل البادية ومنها تكون ثروتهم ومعايشهم ومرافقهم ، وبها تفاخرهم وتكاثرهم ، وقد امتنّ الله بها على عباده بقوله : «وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ. وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ. وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ. وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ ».

١١٠

(وسادسها) الحرث وعليه قوام حياة الإنسان والحيوان في البدو والحضر ، والحاجة إليه أشد من الحاجة إلى الأنواع السالفة ، والانتفاع به أتمّ منها لكنه أخر عنها ، لأنه لما عمّ الارتفاق به كانت زينته في القلوب أقل ، وقلما يكون الانتفاع به صادّا عن الاستعداد لأعمال الآخرة أو مانعا من نصرة الحق.

وهناك ما هو أعم نفعا وأعظم فائدة في الحياة وهو الضوء والهواء ، فلا يستغنى عنهما حىّ من الأحياء ، ومع ذلك قلما يلتفت الإنسان إليهما ولا يفكر في غبطته بهما.

( ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ) المتاع ما يتمتع به ، والمآب المرجع من آب يئوب إذا رجع ، أي هذا الذي ذكر من الأصناف الستة المتقدمة هو ما يتمتع به الناس قليلا في هذه الحياة الفانية ، ويجعلونه وسيلة في معايشهم ، وسببا لقضاء شهواتهم وقد زيّن لهم حبها في عاجل دنياهم ، والله عنده حسن المآب في الحياة الآخرة التي تكون بعد موتهم وبعثهم فلا ينبغى لهم أن يجعلوا كل همهم في هذا المتاع القريب العاجل بحيث يشغلهم عن الاستعداد لخير الآجل.

فعلى المؤمن ألا يفتن بهذه الشهوات ويجعلها أكبر همه ، والشغل الشاغل له عن آخرته ، فإذا استمتع بها بالقصد والاعتدال ووقف عند حدود الله سعد في الدارين ووفق لخير الحياتين كما قال : «رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ ».

( قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا

١١١

وَقِنا عَذابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ (17))

تفسير المفردات

النبأ والإنباء لم يردا في القرآن إلا لما له شأن عظيم كما قاله أبو البقاء في الكليات ، والتقوى : هى الإخبات إلى الله والإعراض عما سواه ، والمطهرة : الخالية من الشوائب الجسمية والنفسية والرضوان (بضم الراء وكسرها) الرضا ، والصبر : حبس النفس عند كل مكروه يشقّ عليها احتماله ، والصدق يكون في القول والعمل والوصف ؛ يقال فلان صادق في قوله ، وصادق في عمله ، وصادق في حبه ، والقانتين : أي المداومين على الطاعة والعبادة ، والمستغفرين بالأسحار : أي المصلّين وقت السحر.

المعنى الجملي

بعد أن بين سبحانه زخارف الدنيا وزينتها ، وذكر ما عنده من حسن المآب إجمالا ـ أمر رسوله بتفصيل ذلك المجمل للناس مبالغة في الترغيب والحث على فعل الخيرات.

الإيضاح

( قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ ) أي قل لقومك وغيرهم : أأخبركم بخير من جميع ما تقدم ذكره من النساء والبنين إلى آخره ، وجىء بالكلام على صورة الاستفهام لتوجيه النفوس إلى الجواب وتشويقها إليه.

وقوله خير يشعر بأن تلك الشهوات خير في ذاتها ، ولا شك في ذلك إذ هى من أجلّ النعم التي أنعم الله بها على الناس ، وإنما يعرض الشر فيها كما يعرض في سائر نعم الله على عباده كالحواس والعقول وغيرها ، فما مثل المسرف في حب النساء حتى

١١٢

يعطى امرأته حق غيرها ، أو يهمل لأجلها تربية ولده إلا مثل من يستعمل عقله فى استنباط الحيل ليبتز حقوق الناس ويؤذيهم ، فسلوك الناس في الانتفاع بالنعم لا يدل على أنها هى في ذاتها شر ولا كون حبها شرا مع القصد والاعتدال والوقوف عند حدود الشريعة.

ثم أجاب عن هذا الاستفهام على طريق قولك هل أدلك على تاجر عظيم في السوق يصدق في المعاملة ، ويرخص السعر ويفى بالوعد؟ هو فلان فقال :

( لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ ) أي للذين أخبتوا إلى ربهم وأنابوا إليه نوعان من الجزاء.

أحدهما جسمانى وهو الجنات وما فيها من النعيم والخيرات ، والأزواج المبرأة من العيوب التي في نساء الدنيا خلقا وخلقا.

وثانيهما روحاني عقلى وهو رضوان الله الذي لا يشوبه سخط ولا يعقبه غضب ، وهو أعظم اللذات كلها في الآخرة عند المتقين.

وفي الآية إيماء إلى أن أهل الجنة مراتب وطبقات كما نرى ذلك في الدنيا.

فمنهم من لا يفقه لرضوان الله معنى ولا يكون ذلك باعثا له على فعل الخير وترك الشر ، وإنما يفقه اللذات الحسية التي جرّ بها في الدنيا ، ففى مثلها يرغب.

ومنهم من ارتقى إدراكه ، وعظم قربه من ربه ، فيتمنى رضاه ويجعله الغاية القصوى والسعادة التي ليس وراءها سعادة.

وجاء في معنى هذه الآية قوله تعالى : «وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ » وقوله : «اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ (الزراع)نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً ، وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ ، وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ ».

١١٣

( وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ ) أي إنه تعالى هو البصير بعباده ، الخبير بقرارة نفوسهم ودخائل أحوالهم ، العليم بسرهم ونجواهم ، فلا تخفى عليه خافية من أمرهم ، وهو المجازى كل نفس بما كسبت من خير أو شر.

وقد ختم سبحانه هذه الآية بتلك الجملة ليحاسب الإنسان نفسه على التقوى ، فليس كل من ادعاها لنفسه أو تحرك بها لسانه يعدّ متقيا ، وإنما المتقى من يعلم منه ربه التقوى.

ثم وصف المتقين الذين تتأثر قلوبهم بثمرات إيمانهم ، فتفيض ألسنتهم بالاعتراف بهذا الإيمان حين الدعاء والابتهال فقال :

( الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ ) أي إن الذين اتقوا معاصى الله وتضرعوا إليه خاشعين يقولون مبتهلين متبتلين : ربنا إننا آمنا بما أنزلته على رسلك إيمانا يقينيا راسخا في القلب مهيمنا على العقل له السلطان على أعمالنا البدنية التي لا تتحول عن طاعتك إلا لنسيان أو جهالة كغلبة انفعال يعرض ثم لا يلبث أن يزول ، ثم تقفو التوبة إثره لتمحوه كما أرشدت إلى ذلك بقولك : «إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ » وقولك «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى » فاستر اللهم ذنوبنا بعفوك عنها وترك العقوبة عليها ، وادفع عنا عذاب النار إنك أنت الغفور الرّحيم.

وقد خصوا هذا العذاب بالمسألة ، لأن من زحزح يومئذ عن النار فقد فاز بالنجاة وحسن المآب.

والخلاصة ـ إن مرادهم بالإيمان الذي أقروا به ـ هو الإيمان الصحيح الذي تصدر عنه آثاره من ترك المعاصي وفعل الصالحات ، إذ الإيمان اعتقاد وقول وعمل كما أجمع على ذلك السلف ، ويرشد إليه العقل والعلم بطبيعة البشر.

١١٤

ثم ذكر من أوصافهم ما امتازوا به من غيرهم ، وبه استحقوا المثوبة عند ربهم فقال :

( الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ ) أي إن المتقين جمعوا هذه الصفات التي لكل منها درجة في الفضل وشرف ورفعة وبها نالوا هذا الوعد وهى :

(1) الصبر وأكمل أنواعه : الصبر على أداء الطاعات وترك المحرمات ، فإذا هبت أعاصير الشهوات وجمحت بالنفس إلى ارتكاب المعاصي فلا سبيل لردعها إلا بالصبر ، فهو الذي يثبّت الإيمان ويقف بها عند الحدود المشروعة ، وهو الحافظ لشرف الإنسان فى الدنيا عند المكاره ، ولحقوق الناس أن تغتالها أيدى المطامع.

وهو كالشرط في كل ما يذكر بعده من الصدق والقنوت والاستغفار بالأسحار.

(2) الصدق وهو منتهى الكمال ، وحسبك في بيان فضيلته قوله تعالى : «وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ، لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ ».

(3) القنوت وهو المداومة على الطاعة والإخبات إلى الله مع الخشوع والخضوع وهو لبّ العبادة وروحها ، وبدونه تكون العبادة بلا روح وشجرة بلا ثمرة.

(4) الإنفاق للمال في جميع السبل التي حث عليها الدين ، سواء أكانت النفقة واجبة أم مستحبة ، فالإنفاق في أعمال البر جميعا مما حث عليه الشارع وندب إليه.

(5) الاستغفار بالأسحار : أي التهجد في آخر الليل وهو الوقت الذي يطيب فيه النوم ويشقّ القيام ، وتكون النفس فيه أصفى ، والقلب أفرغ من الشواغل.

والاستغفار المطلوب ما يقرن بالتوبة النصوح ، والعمل وفق حدود الدين ، ولا يكفى الاستغفار باللسان مع الإدمان على فعل المنكر ، فإن المستغفر من الذنب وهو مصرّ عليه كالمستهزئ بربه ، ولا يغتر بمثل هذا الاستغفار إلا جاهل بدينه ، أو غرّ في معاملته لربه ، ومن ثم أثر عن بعض الصوفية قوله : إن استغفارنا يحتاج إلى استغفار.

١١٥

( شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (20) )

تفسير المفردات

يقال شهد الشيء وشاهذه إذا حضره كما قال : «ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ » وقال «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ » والشهادة بالشيء الإخبار به عن علم إما بالمشاهدة الحسية ، وإما بالمشاهدة المعنوية وهى الحجة والبرهان ، وأولو العلم هم أهل البرهان القادرون على الإقناع ، وهم يوجدون في هذه الأمة وفي جميع الأمم السالفة ، بالقسط : أي بالعدل في الدين والشريعة وفي الكون والطبيعة. والدين له في اللغة عدة معان : منها الجزاء ، والطاعة والخضوع ، ومجموعة التكاليف التي بها يدين العباد لله ـ وما يكلف به العباد يسمى شرعا باعتبار وضعه وبيانه للناس ، ودينا باعتبار الخضوع وطاعة الشارع ، وملة باعتبار أنها أملّت وكتبت ـ والإسلام يأتي بمعنى الخضوع والاستسلام ، وبمعنى الأداء تقول أسلمت الشيء إلى فلان إذا أديته إليه ، وبمعنى الدخول في السلم أي الصلح والسلامة ، وتسمية الدين الحق إسلاما يناسب كل هذه المعاني وأولها أوفقها بالتسمية ، يرشد إلى ذلك قوله تعالى : «وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ

١١٦

أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً » وحاجوك : جادلوك ، وأسلمت : أي أخلصت ، والأميون مشركو العرب واحدهم أمي نسبوا إلى الأم لجهلهم كأنهم على الفطرة ، البلاغ : أي التبليغ للناس.

المعنى الجملي

بعد أن بين سبحانه جزاء المتقين ، وشرح أوصافهم التي استحقوا بها هذا الجزاء ـ ذكر هنا أصول الإيمان وأسسه.

الإيضاح

( شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ ) أي بيّن سبحانه وحدانيته بنصب الدلائل التكوينية في الآفاق والأنفس ، وإنزال الآيات التشريعية الناطقة بذلك ، والملائكة أخبروا الرسل بهذا وشهدوا شهادة مؤيدة بعلم ضرورى وهو عند الأنبياء أقوى من جميع اليقينيات ، وأولو العلم أخبروا بذلك وبيّنوه وشهدوا به شهادة مقرونة بالدلائل والحجج ، لأن العالم بالشيء لا تعوزه الحجة عليه.

وقوله بالقسط أي بالعدل في الاعتقاد ، فالتوحيد هو الوسط بين إنكار الإله والشرك به ، والعدل في العبادات والآداب والأعمال ، فعدل بين القوى الروحية والبدنية ، فأمر بشكره في الصلاة وغيرها لترقية الروح وتزكية النفس ، وأباح كثيرا من الطيبات لحفظ البدن وتربيته ، ونهى عن الغلوّ في الدين والإسراف في حب الدنيا وبالعدل في الأحكام في نحو قوله : «إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ » وقوله «وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ».

كما جعل سنن الخليقة قائمة على أساس العدل ، فمن نظر في هذه السنن ونظمها الدقيقة تجلى له عدل الله فيها على أتم ما يكون وأوضحه.

١١٧

فقيامه تعالى بالقسط في كل هذا برهان على صدق شهادته تعالى ، فإن وحدة النظام في هذا العالم تدل على وحدة واضعه.

ثم أكد كونه منفردا بالألوهية وقائما بالعدل بقوله :

( لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) فإن العزة إشارة إلى كمال القدرة ، والحكمة إيماء إلى كمال العلم ، والقدرة لا تتم إلا بالتفرد والاستقلال ، والعدالة لا تكمل إلا بالاطلاع على المصالح والأحوال ، ومن كان كذلك فلا يغلبه أحد على ما قام به من سنن القسط ، ولا يخرج من الخليقة شىء عن حكمته البالغة.

ثم ذكر الدستور العام الذي عليه المعوّل في كل دين فقال :

( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ ) أي إن جميع الملل والشرائع التي جاء بها الأنبياء روحها الإسلام والانقياد والخضوع ، وإن اختلفت في بعض التكاليف وصور الأعمال ، وبه كان الأنبياء يوصون. فالمسلم الحقيقي من كان خالصا من شوائب الشرك ، مخلصا فى أعماله مع الإيمان من أىّ ملة كان ، وفي أي زمان وجد ، وهذا هو المراد بقوله عز اسمه «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ».

ذاك أن الله شرع الدين لأمرين :

(1) تصفية الأرواح وتخليص العقول من شوائب الاعتقاد بسلطة غيبية للمخلوقات بها تستطيع التصرف في الكائنات لتسلم من الخضوع والعبودية لمن هم من أمثالها.

(2) إصلاح القلوب بحسن العمل وإخلاص النية لله وللناس.

وأما العبادات فإنما شرعت لتربية هذا الروح الخلقي ليسهل على صاحبه القيام بسائر التكاليف الدينية.

أخرج ابن جرير عن قتادة قال : الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله والإقرار بما جاء من عند الله ، وهو دين الله تعالى الذي شرع لنفسه وبعث به رسله ، ودلّ عليه أولياءه لا يقبل غيره ، ولا يجزى إلا به.

١١٨

وخطب على كرم الله وجهه قال : الإسلام هو التسليم ، والتسليم هو اليقين ، واليقين هو التصديق ، والتصديق هو الإقرار ، والإقرار هو الأداء ، والأداء هو العمل ، ثم قال : إن المؤمن أخذ دينه عن ربه ، ولم يأخذه عن رأيه ، إن المؤمن يعرف إيمانه في عمله ، والكافر يعرف كفره بإنكاره ، أيها الناس دينكم دينكم ، فإن السيئة فيه خير من الحسنة في غيره ، إن السيئة فيه تغفر ، وإن الحسنة في غيره لا تقبل.

( وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ) أي وما خرج أهل الكتاب من الإسلام الذي جاء به أنبياؤهم على نحو ما فصلناه آنفا ، وصاروا مذاهب وشيعا يقتتلون في الدين ـ والدين واحد لا مجال فيه للاختلاف والاقتتال إلا بسبب البغي وتجاوز الحدود من الرؤساء ، ولو لا بغيهم ونصرهم مذهبا على مذهب وتضليلهم من خالفهم بتفسيرهم نصوص الدين بالرأى والهوى وتأويل بعضه أو تحريفه لما حدث هذا الاختلاف.

والتاريخ شهيد بأن الملوك والأحبار هم الذين جعلوا الدين المسيحي مذاهب ينقض بعضها بعضا ، وجعلوا أهله شيعا يفتك بعضهم ببعض. فآريوس وأتباعه الذين دعوا إلى التوحيد بعد فشوّ الشرك ، قد حكم عليهم المجمع الذي ألفه الملك قسطنطين سنة 325 م بالإلحاد وإحراق كتبهم وتحريم اقتنائها ، ولما انتشرت تعاليمه فيما بعد حكم تيودوسيوس الثاني بإبادة الآريوسية بقانون رومانى صدر سنة 628 م ، وبقيت مذاهب التثليث تتطاحن ويغالب بعضها بعضا.

والعبرة من هذا القصص أن نبتعد عن الخلاف في الدين والتفرق فيه إلى شيع ومذاهب كما فعل من قبلنا ، ولكن وا أسفا وقعنا فيما وقع فيه السالفون ، وتفرقنا طرائق قددا ، وأصابنا من الخذلان والذل بسبب هذا التفرق ما لا نزال نئنّ منه ، ونرجو أن يشملنا الله بعفوه ورحمته ، ويمدنا بروح من عنده ؛ فيسعى أهل الإيمان الصادق في نبذ الاختلاف والشقاق ، والعودة إلى الوحدة والاتفاق ، حتى يعود

١١٩

المسلمون إلى سيرتهم الأولى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، ومن تبعهم بإحسان.

( وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ ) أي ومن يكفر بآيات الله الدالة على وجوب الاعتصام بالدين ووحدته وحرمة الاختلاف والتفرق فيه ، ويترك الإذعان لها ـ فالله يجازيه ويعاقبه على ما اجترح من السيئات ، والله سريع الحساب.

والمراد بآيات الله هنا هى آياته التكوينية في الأنفس والآفاق ، ويدخل في ترك الإذعان لها صرفها عن وجهها لتوافق مذاهب أهل الزيغ والإلحاد وآياته التشريعية التي أنزلها على رسله.

( فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ) أي فإن جادلك أهل الكتاب أو غيرهم ـ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو اليهود في المدينة إلى ترك ما أحدثوه فى دينهم وتعودوه من التحريف والتأويل والرجوع إلى حقيقة الدين وإسلام الوجه لله والإخلاص له ـ بعد أن أقمت لهم البراهين والبينات ، وجئتهم بالحق ـ فقل لهم : أقبلت بعبادتي على ربى مخلصا له ، معرضا عما سواه ، أنا ومن اتبعنى من المؤمنين.

والخلاصة ـ إنه لا فائدة من الجدل مع مثل هؤلاء لأنه لا يكون إلا فيما فيه خفاء أما وقد قامت الأدلة ، وبطلت شبهات الضالين فهو مكابرة وعناد ، ولا يستحق منك إلا الإعراض وعدم إضاعة الوقت سدى.

( وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ؟ ) أي وقل لليهود والنصارى ومشركى العرب ـ وخص هؤلاء بالذكر مع أن البعثة عامة ، لأنهم هم الذين خوطبوا أولا بالدعوة ـ أأسلمتم كما أسلمت بعد أن وضحت لكم الحجة ، وجاءكم من البينات ما يوجبه ويقتضيه ، أم تصرّون على كفركم وعدم ترككم للعناد؟

ومثل هذا مثل من يلخص مسألة لسائل ، ولا يدع طريقا من طرق البيان إلا سلكه ، ثم يقول له : أفهمتها؟

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433