منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٦

منتهى المقال في أحوال الرّجال 12%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
ISBN: 964-5503-99-X
الصفحات: 466

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 466 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 278479 / تحميل: 4946
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٦

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٩٩-X
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وأدركوه بمشاعرهم وعقولهم مثل سائر الظنون التي تحدق بالقلوب البشرية وتنقدح فيها.

مع أنّ المراد غير ذلك، بل المراد أنّ الظروف التي حاقت بالرسل بلغت من الشدّة والقسوة إلى حد صارت تحكي بلسانها التكويني عن أنّ النصر الموعود كأنّه نصر غير صادق، لا أنّ هذا الظن كان يراود قلوب الرسل، وأفئدتهم، وكم فرق بين كونهم ظانّين بكون الوعد الإلهي بالنصر وعداً مكذوباً، وبين كون الظروف والشرائط المحيطة بهم من المحنة والشدّة كانت كأنّها تشهد في بادئ النظر على أنّه ليس لوعده سبحانه خبر ولا أثر.

فحكاية وضعهم والملابسات التي كانت تحدق بهم عن كون الوعد كذباً أمر، وكون الأنبياء قد وقعوا فريسة ذلك الظن غير الصالح أمر آخر، والمخالف للعصمة هو الثاني لا الأوّل، ولذلك نظائر في الذكر الحكيم.

منها قوله سبحانه:( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمينَ ) (١) ، فإنّ يونس النبي بن متى كان مبعوثاً إلى أهل نينوى، فدعاهم فلم يؤمنوا، فسأل الله أن يعذّبهم، فلمّا أشرف عليهم العذاب تابوا وآمنوا، فكشفه الله عنهم وفارقهم يونس قبل نزول العذاب مغاضباً لقومه ظانّاً بأنّه سبحانه لن يضيق عليه وهو يفوته بالابتعاد منه فلا يقوى على سياسته وتأديبه، لأجل مفارقته قومه مع إمكان رجوعهم إلى الله سبحانه وإيمانهم به وتوبتهم عن أعمالهم.

فما هذا الظن الذي ينسبه سبحانه إلى يونس، هل كان ظنّاً قائماً بمشاعره، فنحن نجلّه ونجلّ ساحة جميع الأنبياء عن هذا الظن الذي لا يتردّد في ذهن غيرهم، فكيف الأنبياء ؟! بل المراد أنّ عمله هذا ( أي ذهابه ومفارقة قومه ) كان

_____________________

١ - الأنبياء: ٨٧.

٨١

ممثّلاً بأنّه يظن أنّ مولاه لا يقدر عليه وهو يفوته بالابتعاد عنه فلا يقوى على سياسته، فكم فرق بين ورود هذا الظن على مشاعر يونس، وبين كون عمله مجسّماً وممثّلاً لهذا الظن في كل مَن رآه وشاهده ؟ فما يخالف العصمة هو الأوّل لا الثاني.

ومنها: قوله سبحانه في سورة الحشر حاكياً عن بني النضير إحدى الفرق اليهودية الثلاث التي كانت تعيش في المدينة، وتعاقدوا مع النبي على أن لا يخونوا ويتعاونوا في المصالح العامة، ولمّا خدعوا المسلمين وقتلوا بعض المؤمنين في مرأى من الناس ومسمع منهم، ضيّق عليهم النبي، فلجأوا إلى حصونهم، وفي ذلك يقول سبحانه:( هُوَ الذي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لأوّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ) (١) .

فما هذا الظن الذي ينسبه سبحانه إلى تلك الفرقة ؟ هل كانوا يظنّون بقلوبهم أنّ حصونهم مانعتهم من الله ؟ فإنّ ذلك بعيد جداً، فإنّهم كانوا موحّدين ومعترفين بقدرته سبحانه غير أنّ علمهم والتجاءهم إلى حصونهم في مقابل النبي الذي تبيّن لهم صدق نبوّته كان يحكى عن أنّهم مصدر هذا الظن وصاحبه.

ولذلك نظائر في المحاورات العرفية، فإنّا نصف المتهالكين في الدنيا والغارقين في زخارفها، والبانين للقصور المشيّدة والأبراج العاجية بأنّهم يعتقدون بخلود العيش ودوام الحياة، وأنّ الموت كأنّه كتب على غيرهم، ولا شك أنّ هذه النسبة نسبة صادقة لكنّ بالمعنى الذي عرفت: أي أنّ عملهم مبدأ انتزاع هذا الظن، ومصدر هذه النسبة.

وعلى ذلك فالآية تهدف إلى أنّ البلايا والشدائد كانت تحدق بالأنبياء طيلة

_____________________

١ - الحشر: ٢.

٨٢

حياتهم وتشتد عليهم الأزمة والمحنة من جانب المخالفين، فكانوا يعيشون بين أقوام كأنّهم أعداء ألدّاء، وكان المؤمنون بهم في قلّة، فصارت حياتهم المشحونة بالبلايا والنوازل، والبأساء والضرّاء، مظنّة لأن يتخيّل كل مَن وقف عليها من نبي وغيره، أنّ ما وعدوا به وعد غير صادق، ولكن لم يبرح الوضع على هذا المنوال حتى يفاجئهم نصره سبحانه، للمؤمنين، وإهلاكه وإبادته للمخالفين كما يقول:( فَنُجِّيَ مَن نَشاءُ ولا يُردُّ بأسُنا عنِ القومِ المُجْرمين ) (١) .

ويشعر بما ذكرناه قوله سبحانه:( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْساءُ وَالضَّرّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ ) (٢) .

فالمراد من الرسول هو غير النبي الأكرم من الرسل السابقين، فعندما كانت البأساء والضرّاء تحدق بالمؤمنين ونفس الرسول، وكانت المحن تزلزل المؤمنين حتى أنّ-ها كانت تحبس الأنفاس، فعند ذلك كانت تكاد تلك الأنفاس المحبوسة والآلام المكنونة تتفجّر في شكل ضراعة إلى الله، فيقول الرسول والذين آمنوا معه( متى نصر الله ) ؟ فإنّ كلمة( متى نصر الله ) مقرونة بالضراعة والالتماس، تقع مظنّة تصوّر استيلاء اليأس والقنوط عليهم لا بمعنى وجودهما في أرواحهم وقلوبهم، بل بالمعنى الذي عرفت من كونه ظاهراً من أحوالهم لا من أقوالهم.

وما برح الوضع على هذا إلى أن كان النصر ينزل عليهم وتنقشع عنهم سحب اليأس والقنوط المنتزع من تلك الحالة.

هذا ما وصلنا إليه في تفسير الآية، ولعلّ القارئ يجد تفسيراً أوقع في النفس ممّا ذكرناه.

_____________________

١ - يوسف: ١١٠.

٢ - البقرة: ٢١٤.

٨٣

الآية الثانية:

( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) (١) .

( لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظّالِمينَ لَفي شِقاقٍ بَعِيدٍ ) (٢) .

( وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ أَنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبّكَ فَيُؤمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقيمٍ ) (٣) .

وهذه الآية أو الآيات من أوثق الأدلة في نظر القائل بعدم عصمة الأنبياء، وقد استغلّها المستشرقون في مجال التشكيك في الوحي النازل على النبي على وجه سيوافيك بيانه.

وكأنّ المستدل بهذه الآية يفسّر إلقاء الشيطان في أُمنية الرسول أو النبي بالتدخّل في الوحي النازل عليه فيغيّره إلى غير ما نزل به.

ثم إنّه سبحانه يمحو ما يُلقي الشيطان ويصحّح ما أُنزل على رسوله من الآيات، فلو كان هذا مفاد الآية، فهو دليل على عدم عصمة الأنبياء في مجال التحفّظ على الوحي أو إبلاغه الذي اتفقت كلمة المتكلّمين على المصونية في هذا المجال.

وربّما يؤيّد هذا التفسير بما رواه الطبري وغيره في سبب نزول هذه الآية، وسيوافيك نصّه وما فيه من الإشكال.

_____________________

١ - الحج: ٥٢.

٢ - الحج: ٥٣.

٣ - الحج: ٥٤.

٨٤

فالأولى تناول الآية بالبحث والتفسير حتى يتبيّن أنّها تهدف إلى غير ما فسّره المستدلّ، فنقول: يجب توضيح نقاطٍ في الآيات.

الأُولى : ما معنى أُمنية الرسول أو النبي ؟ وإلى مَ يهدف قوله سبحانه:( إذا تمنّى ) ؟

الثانية : ما معنى مداخلة الشيطان في أُمنية النبي الذي يفيده قول الله سبحانه:( ألقى الشيطان في أُمنيّته ) ؟

الثالثة : ما معنى نسخ الله سبحانه ما يلقيه الشيطان ؟

الرابعة : ماذا يريد سبحانه من قوله:( ثمّ يحكم الله آياته ) وهل المراد منه الآيات القرآنية؟

الخامسة : كيف يكون ما يلقيه الشيطان فتنة لمرضى القلوب وقاسيتها ؟ وكيف يكون سبباً لإيمان المؤمنين، وإخبات قلوبهم له ؟

وبتفسير هذه النقاط الخمس يرتفع الإبهام الذي نسجته الأوهام حول الآية ومفادها فنقول:

١ - ما معنى أُمنية الرسول أو النبي ؟

أمّا الأُمنية قال ابن فارس: فهي من المنى، بمعنى تقدير شيء ونفاذ القضاء به، منه قولهم: مني له الماني أي قدر المقدر قال الهذلي:

لا تأمننّ وإن أمسيت في حرمٍ

حتى تلاقي ما يمني لك الماني

والمنا: القدر، وماء الإنسان: منيّ، أي يُقدّر منه خلقته والمنيّة: الموت؛ لأنّها مقدّرة على كل أحد، وتمنّى الإنسان: أمل يقدّره، ومنى مكّة: قال قوم: سمّي به لما قُدّر أن يُذبح فيه، من قولك مناه الله(١) .

_____________________

١ - المقاييس: ٥/٢٧٦.

٨٥

وعلى ذلك فيجب علينا أن نقف على أُمنية الرسل والأنبياء من طريق الكتاب العزيز، ولا يشك مَن سبر الذكر الحكيم أنّه لم يكن للرسل والأنبياء، أُمنية سوى نشر الهداية الإلهية بين أقوامهم وإرشادهم إلى طريق الخير والسعادة، وكانوا يدأبون في تنفيذ هذا المقصد السامي، والهدف الرفيع ولا يألون في ذلك جهداً، وكانوا يخطّطون لهذا الأمر، ويفكّرون في الخطّة بعد الخطّة، ويمهّدون له قدر مستطاعهم، ويدل على ذلك جمع من الآيات نكتفي بذكر بعضها:

يقول سبحانه في حق النبي الأكرم:( وَما أَكْثَرُ النّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤمِنين َ) (١) .

ويقول أيضاً:( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ ) (٢) .

ويقول أيضاً:( إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرينَ ) (٣) .

ويقول سبحانه:( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) (٤) .

ويقول سبحانه:( فَذَكّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّر* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بُمُصَيْطِرٍ ) (٥) .

هذا كلّه في حق النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ويقول سبحانه حاكياً عن استقامة نوح في طريق دعوته:( وَإِنّي كُلَّما

_____________________

١ - يوسف: ١٠٣.

٢ - فاطر: ٨.

٣ - النحل: ٣٧.

٤ - القصص: ٥٦.

٥ - الغاشية: ٢١ - ٢٢.

٨٦

دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ في آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً * ثُمَّ إِنّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً * ثُمَّ إِنّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً ) (١) .

ويقول سبحانه بعد عدّةٍ من الآيات:( قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْني وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاّ خَساراً * وَمَكَرُوا مَكْراً كُبّاراً * وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظّالِمينَ إِلاّ ضَلالاً ) (٢) .

فهذه الآيات ونظائرها تنبئ بوضوح عن أنّ أُمنية الأنبياء الوحيدة في حياتهم، وسبيل دعوتهم هو هداية الناس إلى الله، وتوسيع رقعة الدعوة إلى أبعد حد ممكن، وإن منعتهم من تحقيق هذا الهدف عراقيل وموانع؛ فهم يسعون إلى ذلك بعزيمة راسخة ورجاء واثق.

إلى هنا تبيّن الجواب عن السؤال الأوّل، وهلمّ معي الآن لنقف على جواب السؤال الثاني، أعني:

٢ - ما معنى إلقاء الشيطان في أُمنية الرسل ؟

وهذا السؤال هو النقطة الحاسمة في استدلال المخالف، وبالإجابة عليها يظهر وهن الاستدلال بوضوح، فنقول: إنّ إلقاء الشيطان في أُمنيتهم يتحقّق بإحدى صورتين:

١ - أن يوسوس في قلوب الأنبياء ويوهن عزائمهم الراسخة، ويقنعهم بعدم جدوى دعوتهم وإرشادهم، وأنّ هذه الأُمّة أُمّة غير قابلة للهداية، فتظهر بسبب

_____________________

١ - نوح: ٧ - ٩.

٢ - نوح: ٢١ - ٢٤.

٨٧

ذلك سحائب اليأس في قلوبهم ويكفّوا عن دعوة الناس وينصرفوا عن هدايتهم.

ولا شك أنّ هذا المعنى لا يناسب ساحة الأنبياء بنصّ القرآن الكريم؛ لأنّه يستلزم أن يكون للشيطان سلطان على قلوب الأنبياء وضمائرهم، حتى يوهن عزائمهم في طريق الدعوة والإرشاد، والقرآن الكريم ينفي تسلّل الشيطان إلى ضمائر المخلصين الذين هم الأنبياء ومن دونهم، ويقول سبحانه:( إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ) (١) .

ويقول أيضاً ناقلاً عن نفس الشيطان:( فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَّنَهُمْ أَجْمَعينَ* إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) (٢) .

وليس إيجاد الوهن في عزائم الأنبياء من جانب الشيطان إلاّ إغواءهم المنفيّ بنص الآيات.

٢ - أن يكون المراد من إلقاء الشيطان في أُمنية النبي هو إغراء الناس ودعوتهم إلى مخالفة الأنبياءعليهم‌السلام والصمود في وجوههم حتى تصبح جهودهم ومخطّطاتهم عقيمة غير مفيدة.

وهذا المعنى هو الظاهر من القرآن الكريم حيث يحكي في غير مورد أنّ الشيطان كان يحضّ أقوام الأنبياءعليهم‌السلام على المخالفة ويعدهم بالأماني، حتى يخالفوهم.

قال سبحانه:( يَعِدُهُمْ ويُمَنِّيهِم وَمَا يَعِدُهُمُ الشّيطانُ إلاّ غُرُوراً ) (٣) .

_____________________

١ - الحجر: ٤٢، الإسراء: ٦٥.

٢ - ص: ٨٢ - ٨٣.

٣ - النساء: ١٢٠.

٨٨

وقال سبحانه:( وَقالَ الشَّيْطانُ لَمّا قُضِىَ الأمرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقّ وَوعَدتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلومُوني وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ) (١) .

وهذه الآيات ونظائرها تشهد بوضوح على أنّ الشيطان وجنوده كانوا يسعون بشدّة وحماس في حضّ الناس على مخالفة الأنبياء والرسل، وكانوا يخدعونهم بالعدة والأماني، وعند ذلك يتضح مفاد الآية، قال سبحانه:( وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ إلاّ إذا تمنّى ) أي إذا فكّر في هداية أُمّته وخطّط لذلك الخطط، وهيّأ لذلك المقدّمات( ألقى الشيطان في أُمنيّته ) (بحضّ الناس على المخالفة والمعاكسة وإفشال خطط الأنبياء حتى تصبح المقدّمات عقيمة غير منتجة ).

٣ - ما معنى نسخه سبحانه ما يلقيه الشيطان ؟

إذا عرفت هذا المقطع من الآية يجب أن نقف على مفاد المقطع الآخر منها وهو قوله سبحانه: ( فينسخ الله ما يلقي الشيطان ) وما معنى هذا النسخ ؟

والمراد من ذاك النسخ ما وعد الله سبحانه رسله بالنصر، والعون والإنجاح، قال سبحانه:( إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدُّنْيا ) (٢) ، وقال سبحانه:( كَتَبَ اللهُ لأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِىّ عَزِيزٌ ) (٣) ، وقال سبحانه:( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ ) (٤) .

_____________________

١ - إبراهيم: ٢٢.

٢ - غافر: ٥١.

٣ - المجادلة: ٢١.

٤ - الأنبياء: ١٨.

٨٩

وقال سبحانه:( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلينَ* إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ* وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ ) (١) .

وقال في حق النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (٢) .

وقال سبحانه:( وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُها عباديَ الصّالِحُونَ ) (٣) .

إلى غير ذلك من الآيات الساطعة التي تحكي عن انتصار الحق الممثّل في الرسالات الإلهية في صراعها مع الباطل وأتباعه.

٤ - ما معنى إحكامه سبحانه آياته ؟

إذا تبيّن معنى نسخه سبحانه ما يلقيه الشيطان، يتبيّن المراد من قوله سبحانه:( ثمّ يحكم الله آياته ) .

فالمراد من الآيات هي الدلائل الناصعة الهادية إلى الله سبحانه وإلى مرضاته وشرائعه.

وإن شئت قلت: إذا نسخ ما يلقيه الشيطان، يخلفه ما يلقيه سبحانه إلى أنبيائه من الآيات الهادية إلى رضاه أوّلاً، وسعادة الناس ثانياً.

ومن أسخف القول: إنّ المراد من الآيات، الآيات القرآنية التي نزلت على النبي الأكرم؛ وذلك لأنّ موضوع البحث فيها ليس خصوص النبي الأكرم، بل الرسل والأنبياء على وجه الإطلاق أضف إليه أنّه ليس كل نبيٍّ ذا كتاب وآيات ،

_____________________

١ - الصافات: ١٧١ - ١٧٣.

٢ - التوبة: ٣٣.

٣ - الأنبياء: ١٠٥.

٩٠

فكيف يمكن أن يكون ذا قرآن مثله ؟

ويعود مفاد الجملة إلى أنّ الله سبحانه يحكم دينه وشرائعه وما أنزله الله إلى أنبيائه وسفرائه من الكتاب والحكمة.

والحاصل: إنّ في مجال الصراع بين أنصار الحق وجنود الباطل يكون الانتصار والظفر للأوّل، والاندحار والهزيمة للثاني، فتضمحل الخطط الشيطانية وتنهزم أذنابه بإرادة الله سبحانه، فتخلفها البرامج الحيوية الإلهية وآياته الناصعة، فيصبح الحق قائماً وثابتاً، والباطل داثراً وزاهقاً، قال سبحانه:( وَقُلْ جاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً ) (١) .

٥ - ما هي النتيجة من هذا الصراع ؟

قد عرفت أنّ الآية تعلّل الهدف من هذا الصراع بأنّ ما يلقيه الشيطان يكون فتنة لطوائف ثلاث:

١ - الذين في قلوبهم مرض.

٢ - ذات القلوب القاسية.

٣ - الذين أُوتوا العلم.

إنّ نتيجة هذا الصراع تعود إلى اختبار الناس وامتحانهم حتى يظهروا ما في مكامن نفوسهم وضمائر قلوبهم من الكفر والنفاق أو من الإخلاص والإيمان.

فالنفوس المريضة التي لم تنلها التزكية والتربية الإلهية، والقلوب القاسية التي أسّرتها الشهوات، وأعمتها زبارج الحياة الدنيا، تتسابق إلى دعوة الشيطان

_____________________

١ - الإسراء: ٨١.

٩١

وتتبعه فيظهر ما في مكامنها من الكفر والقسوة، فيثبت نفاقها ويظهر كفرها.

وأمّا النفوس المؤمنة الواقفة على أنّ ما جاء به الرسل حق من جانب الله سبحانه، فلا يزيدها ذلك إلاّ إيماناً وثباتاً وهداية وصموداً.

وهذه النتيجة حاكمة في عامّة اختبارات الله سبحانه لعباده، فإنّ اختباراته سبحانه ليس لأجل العلم بواقع النفوس ومكامنها، فإنّه يعلم بها قبل اختبارها( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطيفُ الْخَبيرُ ) (١) ، وإنّما الهدف من الاختبار هو إخراج تلك القوى والقابليات الكامنة في النفوس والقلوب، إلى عالم التحقّق والفعلية وبالتالي تمكين الاستعدادات من الظهور والوجود.

وفي ذلك يقول الإمام أمير المؤمنين علىعليه‌السلام في معنى الاختبار بالأموال والأولاد الوارد في قوله:( وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَولادُكُمْ فِتْنَةٌ ) (٢) : ( ليتبيّن الساخط لرزقه، والراضي بقسمه، وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم، ولكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب والعقاب)(٣) .

وقد وقفت بعد ما حرّرت هذا على كلام لفقيد العلم والتفسير الشيخ محمد جواد البلاغي - قدّس الله سرّه - وهو قريب ممّا ذكرناه: قال: المراد من الأُمنية هو الشيء المتمنّى كما هو الاستعمال الشائع في الشعر والنثر، كما أنّ الظاهر من التمنّي المنسوب إلى الرسول والنبي، ويشهد به سوق الآيات، هو أن يكون ما يناسب وظيفتهما، وهو تمنّي ظهور الهدى في الناس وانطماس الغواية والهوى، وتأييد شريعة الحق، ونحو ذلك، فيلقي الشيطان بغوايته بين الناس في هذا المتمّنى

_____________________

١ - الملك: ١٤.

٢ - الأنفال: ٢٨.

٣ - نهج البلاغة: قسم الحكم، الرقم: ٩٣.

٩٢

الصالح ما يشوّشه، ويكون فتنة للذين في قلوبهم مرض، كما ألقى بين أُمّة موسى من الضلال والغواية ما ألقى، وألقى بين أتباع المسيح ما أوجب ارتداد كثير منهم، وشك خواصهم فيه واضطرابهم في التعاليم، وأحكام الشريعة بعده، وألقى بين قوم رسول الله ما أهاجهم على تكذيبه وحربه، وبين أُمّته ما أوجب الخلاف وظهور البدع فينسخ الله بنور الهدى غياهب الضلال وغواية الشيطان، فيسفر للعقول السليمة صبح الحق، ثم يحكم الله آياته ويؤيّد حججه بإرسال الرسل، أو تسديد جامعة الدين القيم(١) .

وما ذكره - قدّس الله سرّه - كلام لا غبار عليه، وقد شيّدنا أساسه فيما سبق.

إلى هنا تبيّن مفاد جميع مقاطع الآية بوضوح وبقي الكلام في التفسير السخيف الذي تمسّك به بعض القساوسة الطاعنين في الإسلام، ومَن حذا حذوهم من البسطاء.

التفسير الباطل للآية

ثمّ إنّ بعض القساوسة الذين أرادوا الطعن في الإسلام والتنقيص من شأن القرآن، تمسّكوا بهذه الآية وقالوا: بأنّ المراد من الآية هو أنّ ( ما من رسول ولا نبي إلاّ إذا تمنّى وتلا الآيات النازلة عليه تدخّل الشيطان في قراءته فأدخل فيها ما ليس منها ) واستشهدوا لذلك التفسير بما رواه الطبري عن محمد بن كعب القرضي، ومحمد بن قيس، قالا: جلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في نادٍ من أندية قريش كثير أهله فتمنّى يومئذٍ أن لا يأتيه من الله شيء فينفروا عنه، فأنزل الله عليه( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى ) (٢) فقرأهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى إذا بلغ:( أفَرأيتُمُ اللاَّتَ والعُزّى * ومَناةَ الثالِثَةَ الأُخْرى ) (٣) ألقى عليه الشيطان كلمتين: ( تلك

_____________________

١ - الهدى إلى دين المصطفى: ١/١٣٤.

٢ - النجم: ١ - ٢.

٣ - النجم: ١٩ - ٢٠.

٩٣

الغرانقة العلى، وإن شفاعتهن لترتجى ) فتكلّم بها ثم مضى فقرأ السورة كلّها، فسجد في آخر السورة وسجد القوم جميعاً معه، ورفع الوليد بن المغيرة تراباً إلى جبهته فسجد عليه وكان شيخاً كبيراً لا يقدر على السجود، فرضوا بما تكلّم به وقالوا قد عرفنا: إنّ الله يحيي ويميت وهو الذي يخلق ويرزق، ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده إذ جعلت لها نصيباً فنحن معك، قالا: فلمّا أمسى أتاه جبرائيلعليه‌السلام فعرض عليه السورة، فلمّا بلغ الكلمتين اللّتين ألقى الشيطان عليه، قال ما جئتك بهاتين، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : افتريت على الله وقلت على الله ما لم يقل فأوحى الله إليه:( وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الذي أَوحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ ) إلى قوله:

( ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً ) (١) ، فما زال مغموماً مهموماً حتى نزلت عليه:( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِىٍّ إِلاّ إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللهُ ما يلقِي الشَّيطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ واللهُ عَليِمٌ حَكِيمٌ ) قال فسمع مَن كان من المهاجرين بأرض الحبشة أنّ أهل مكّة قد أسلموا كلّهم فرجعوا إلى عشائرهم وقالوا: هم أحب إلينا فوجدوا قد ارتكسوا حين نسخ الله ما ألقى الشيطان(٢) .

ولا يخفى ما في هذا التفسير وشأن النزول من الإشكالات التي تسقطه عن صحّة الاستناد إليه.

أمّا أوّلاً: فلأنّه مبني على أنّ قوله ( تمنّى ) بمعنى تلا، وأنّ لفظة ( أُمنيته ) بمعنى تلاوته، وهذا الاستعمال ليس مأنوساً في لغة القرآن والحديث، ولو صحّ فإنّما هو استعمال شاذ يجب تنزيه القرآن عنه.

_____________________

١ - الإسراء: ٧٣، ٧٥.

٢ - تفسير الطبري: ١٧/١٣١، ونقله السيوطي في الدر المنثور في تفسير الآية.

٩٤

نعم استدلّ بعضهم بقول حسّان على ذاك الاستعمال:

تمنّى كتاب الله أوّل ليلةٍ

وآخره لاقى حمام المقادر

وقول الآخر:

تمنّى كتاب الله آخر ليلة

تمنّي داود الزبور على رسل

وهذان البيتان لو صحّ إسنادهما إلى عربي صميم كحسّان لا يحسن حمل القرآن على لغة شاذّة.

أضف إلى ذلك أنّ البيت غير موجود في ديوان حسّان، وإنّما نقله عنه المفسّرون في تفاسيرهم، وقد نقله أبو حيان في تفسيره (ج٦ ص٣٨٢) واستشهد به صاحب المقاييس (ج٥ ص٢٧٧).

ولو صحّ الاستدلال به فرضاً فإنّما يتم في اللفظ الأوّل دون الأُمنية لعدم ورودها فيه.

وثانياً: أنّ الرواية لا يمكن أن يحتج بها لجهات كثيرة أقلّها أنّها لا تتجاوز في طرقها عن التابعين ومن هو دونهم إلاّ إلى ابن عباس مع أنّه لم يكن مولوداً في الوقت المجعول للقصّة.

أضف إلى ذلك، الاضطراب الموجود في متنها فقد نقل بصور مختلفة يبلغ عدد الاختلاف إلى أربع وعشرين صورة، وقد جمع تلك الصور المختلفة العلاّمة البلاغي في أثره النفيس، فلاحظ(١) .

وثالثاً: أنّ القصة تكذّب نفسها؛ لأنّها تتضمّن أنّ النبي بعد ما أدخل الجملتين الزائدتين في ثنايا الآيات، استرسل في تلاوة بقيّة السورة إلى آخرها

_____________________

١ - الهدى إلى دين المصطفى: ١/١٣٠.

٩٥

وسجد النبي والمشركون الحاضرون معه، فرحاً بما جاء في تينك الجملتين من الثناء على آلهتهم.

ولكنّ الآيات التي وقعت بعدهما، واسترسل النبي في تلاوتها عبارة عن قوله سبحانه:( تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى * إِنْ هيَ إِلاّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباوَكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ ) (١) إلى آخر الآيات.

وعندئذ يطرح هذا السؤال، وهو أنّه كيف رضي متكلّم العرب ومنطيقهم وحكيمهم وشاعرهم: الوليد بن المغيرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذا الثناء القصير، وغفل عن الآيات اللاحقة التي تندّد بآلهتهم بشدّة وعنف، ويعدّها معبودات خرافية لا تملك من الإلوهية إلاّ الاسم والعنوان ؟!

أو ليس ذلك دليلاً على أنّ جاعل القصّة من الوضّاعين الكذّابين الذي افتعل القصّة في موضع غفل عن أنّه ليس محلاًّ لها، وقد قيل: لا ذاكرة لكذوب.

ورابعاً: أنّ الله سبحانه يصف في صدر السورة نبيّه الأكرم بقوله:( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْىٌ يُوحى ) (٢) ، وعندئذ كيف يصح له سبحانه أن يصف نبيّه في أوّل السورة بهذا الوصف، ثم يبدر من نبيّه ما ينافي هذا التوصيف أشدّ المنافاة، وفي وسعه سبحانه صون نبيّه عن الانزلاق إلى مثل هذا المنزلق الخطير ؟!

وخامساً: أنّ الجملتين الزائدتين اللّتين أُلصقتا بالآيات، تكذّبهما سائر الآيات الدالة على صيانة النبي الأكرم في مقام تلقّي الوحي والتحفّظ عليه وإبلاغه كما مرّ في تفسير قوله سبحانه:( فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ) (٣) .

_____________________

١ - النجم: ٢٢ - ٢٣.

٢ - النجم: ٣ - ٤.

٣ - الجن: ٢٧.

٩٦

وقوله تعالى:( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الأقاويل * لأخذنا مِنْهُ بِالْيَمينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ ) (١) .

وسادساً: أنّ علماء الإسلام، وأهل العلم والدراية من المسلمين، قد واجهوا هذه الحكاية بالرد، فوصفها المرتضى بالخرافة التي وضعوها(٢) .

وقال النسفي: إنّ القول بها غير مَرْضيّ وقال الخازن في تفسيره: إنّ العلماء وهّنوا أصل القصّة ولم يروها أحد من أهل الصحّة، ولا أسندها ثقة بسند صحيح، أو سليم متصل، وإنّما رواها المفسّرون والمؤرّخون المولعون بكل غريب، الملفّقون من الصحف كل صحيح وسقيم، والذي يدل على ضعف هذه القصّة اضطراب رواتها، وانقطاع سندها واختلاف ألفاظها(٣) .

هذه هي أهم الإشكالات التي ترد على القصّة وتجعلها في موضع من البطلان قد ذكرها المحقّقون في الرد على هذه القصّة وقد ذكرنا قسماً منها في كتابنا ( فروغ أبديت )(٤) ، ولا نطيل المقام بذكرها.

_____________________

١ - الحاقة: ٤٤ - ٤٦.

٢ - تنزيه الأنبياء: ١٠٩.

٣ - الهدى إلى دين المصطفى: ١/١٣٠.

٤ - كتاب أُلّف في بيان سيرة النبي الأكرم من ولادته إلى وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد طُبع في جزأين.

٩٧

الطائفة الثانية

ما يمسّ عصمة عدّة خاصّة من الأنبياء

فهذه الطائفة عبارة عن الآيات التي تمسّ بظاهرها عصمة بعض الأنبياء بصورة جزئية وها نحن نذكرها واحدة بعد أُخرى.

- ١ -

عصمة آدمعليه‌السلام والشجرة المنهي عنها

وجعل الشريك لله

وقد طرحنا في هذه الطائفة أبرز الآيات التي وقعت ذريعة بأيدي المخطّئة في مجال نفي العصمة عن عدّة معيّنة من الأنبياء، وراعينا الترتيب التاريخي لهم، فنقدّم البحث عن عصمة آدمعليه‌السلام على البحث عن عصمة نوحعليه‌السلام وهكذا.

إنّ حديث الشجرة المنهيّ عنها هو أقوى ما تمسّك به المخالفون للعصمة المجوّزون صدور المعصية من الرسل والأنبياء، ويعدّ ذلك في منطقهم ( كبيت القصيد ) في ذلك المجال، ولأجل ذلك ينبغي التوسّع في البحث واستقصاء ما يمكن أن يقع ذريعة في يد المخالف فنقول:

٩٨

إنّ حديث الشجرة ورد على وجه التفصيل في سور ثلاث، نذكر منها ما يتعلّق بمورد البحث قال سبحانه:( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الْشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ وَلَكُمْ فِي الأرضِ مُسْتَقَرّ وَمَتاعٌ إِلَى حِين * فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) (١) .

ويقول سبحانه:( وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُرِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْءاتِهِما وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هِذِهِ الشَّجَرَةِ إلاّ أنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحينَ * فَدَلاّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءاتُهُما وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُما رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوّ مُبينٌ * قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِر لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ * قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ وَلَكُمْ فِي الأرضِ مُسْتَقَرّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ) (٢) .

فأنت ترى أنّه سبحانه يتوسّع في بيان القصّة في هذه السورة، بينما هو يختصر في بيانها في السورة السابقة، ووجه ذلك أنّ سورة الأعراف مكّيّة وسورة البقرة مدنية، ولمّا توسّع في البيان في السورة المتقدّمة أوجز في السورة اللاحقة ولم يفصّل.

____________________

١ - البقرة: ٣٥ - ٣٧.

٢ - الأعراف: ١٩ - ٢٤.

٩٩

ويقول سبحانه:( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً * وَإِذْ قُلْنَا لِلمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إلاّ إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إنَّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيهَا ولا تَعْرَى * وَأنَّكَ لا تَظْمَؤا فِيَها ولا تَضْحَى * فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى * فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوءاتُهُما وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى * ثُمَّ اجتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى * قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُمْ مِنّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى ) (١) .

هذه السور الثلاث قد احتوت على مهمّات هذه القصّة، فينبغي علينا توضيح ما ورد فيها من الجمل والكلمات التي تعتبر مثاراً للتساؤلات الآتية:

التساؤلات حول الآيات

إنّ التساؤلات المطروحة حول الآيات عبارة عن:

١ - ما هي نوعية النهي في قوله تعالى:( لا تقربا ) ؟

٢ - ما هو المراد من وسوسة الشيطان لآدم وزوجته ؟

٣ - ماذا يراد من قوله:( فأزلّهما الشيطان ) ؟

٤ - ماذا يراد من قوله:( فعصى آدم ربّه فغوى ) وهل العصيان والغواية يلازمان المعصية المصطلحة ؟

٥ - ما معنى اعتراف آدم بظلمه لنفسه في قوله:( ربّنا ظلمنا أنفسنا ) ؟

____________________

١ - طه: ١١٥ - ١٢٣.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

وفيظم : له كتاب ، وهو ثقة(١) .

وفيست : له كتاب ، أخبرنا به جماعة ، عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى ، عنه. وعنه أبو عبد الله البرقي والحسين بن سعيد(٢) .

أقول : فيمشكا : ابن سويد الثقة ، عنه محمّد بن عيسى بن عبيد ، ويعقوب بن يزيد ، وأيّوب بن نوح ، والحسن بن طريق ، وعلي بن مهزيار.

وفي التهذيب : عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن خالد عن النضر بن سويد(٣) . وصوابه محمّد بن خالد بلا أحمد(٤) .

٣١١٣ ـ نضر بن شعيب :

في طريق الصدوق إلى خالد بن ماد(٥) ، ويروي عن عبد الغفّار بن حبيب كما مرّ فيه(٦) .

قال جدّي : وربما يتوهمون أنّ شعيباً تصحيف سويد وليس كذلك ، بل هما اثنان وإن لم يذكروا ابن شعيب في الرجال لكنه موجود في الروايات في الكتب المعتمدة سيما في الرواية عن عبد الغفّار(٧) ،تعق (٨) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ٣٦٢ / ٢.

(٢) الفهرست : ١٧١ / ٧٧٠.

(٣) التهذيب ٣ : ١٧٦ / ٣٩٤ ، وفيه : أحمد بن محمّد عن النضر.

(٤) هداية المحدّثين : ١٥٦ ، وفيها زيادة رواية محمّد بن خالد والحسين بن سعيد عنه. والمذكور عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

(٥) الفقيه المشيخة ـ : ٤ / ٣٥.

(٦) عن رجال النجاشي : ٢٤٧ / ٦٥٠.

(٧) روضة المتّقين : ١٤ / ٣٨١ ، ترجمة عبد الغفّار بن حبيب الطائي.

(٨) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٣.

٣٨١

أقول : ممّن زعم الاتّحاد والتصحيف مولانا عناية الله(١) ، وممّن صرّح بالتغاير وجهالة ابن شعيب شه على ما ذكره في الوسيط(٢) ، وصرّح به هو نفسه عند ذكر طرق الصدوقرحمه‌الله (٣) .

وهذا الرجل وإن كان مجهولاً لكنّا ذكرناه لمكان الفائدة المزبورة.

وفيمشكا : ابن شعيب المجهول ، عنه محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب. وفي موضع من التهذيب محمَّد بن الحسين بن النصر بن سويد(٤) . وهو تصحيف(٥) .

٣١١٤ ـ النضر :

بالضاد المعجمة ، ابن عثمان النوّاء ، قال علي بن أحمد العقيقي : مات متحيّراً ،صه (٦) ؛د (٧) .

٣١١٥ ـ النضر بن محمّد الهمداني :

ثقة ،دي (٨) .

وزادصه من أصحاب أبي الحسن الثالثعليه‌السلام (٩) .

٣١١٦ ـ نضلة بن عبيد :

يكنّى أبا برزة ، ل(١٠) .

__________________

(١) مجمع الرجال : ٦ / ١٨٠.

(٢) الوسيط : ٢٦٠.

(٣) منهج المقال : ٤١٠ في الطريق إلى خالد بن ماد القلانسي.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٦٩ / ١٢٨٦.

(٥) هداية المحدّثين : ١٥٦. والمذكور عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

(٦) الخلاصة : ٢٦٢ / ٤.

(٧) رجال ابن داود : ٢٨٢ / ٥٣٤.

(٨) رجال الشيخ : ٤٢٥ / ١.

(٩) الخلاصة : ١٧٤ / ٢ ، وفيها بعد الثالث زيادة : الهادي.

(١٠) رجال الشيخ : ٣٠ / ٣ ، وفيه : أبا بردة ، وفي مجمع الرجال : ٦ / ١٨١ نقلاً عنه كما في المتن.

٣٨٢

وزادي : الأسلمي الخزاعي عربي مدني. وفيه : ابن عبيد الله(١) .

ويأتي في الكنى إنّ شاء الله ذكره(٢) .

أقول : في الوجيزة : مجهول(٣) . وليس بمكانه.

ويأتي في نقيع بن الحارث ذكره(٤) .

٣١١٧ ـ النعمان بن بشير :

ل(٥) .

أقول : في شرح ابن أبي الحديد : كان النعمان بن بشير الأنصاري منحرفاً عنه يعني عليّاًعليه‌السلام وعدواً لهعليه‌السلام ، وخاض الدماء مع معاوية خوضاً ، وكان من أمراء يزيد ابنه حتّى قتل وهو على حاله(٦) .

٣١١٨ ـ النعمان بن ثابت :

أبو حنيفة التيملي الكوفي ، مولاهم ،ق (٧) .

أقول : هذا أحد أئمّة القوم ، بل هو إمامهم الأعظم وشيخهم الأقدم.

قال أبو حامد محمّد بن محمّد الغزالي الشافعي في كتابه الموسوم بالمنخول في الأُصول ما لفظه(٨) : فأمّا أبو حنيفة فقد قلب الشريعة ظهراً‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٦٠ / ٣.

(٢) عن الخلاصة : ١٩٢ ورجال البرقي : ٣ ، وفيهما أنّه من أصفياء أصحاب عليعليه‌السلام .

(٣) الوجيزة : ٣٣١ / ١٩٨٧.

(٤) عن الخلاصة : ٢٦٢ / ٣ ، وفيها : قال ابن الغضائري : روى عن أبي برزة نضلة بن أبي عبد الله الأسلمي.

(٥) رجال الشيخ : ٣٠ / ١.

(٦) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٧٧.

(٧) رجال الشيخ : ٣٢٥ / ٢٣.

(٨) ما لفظه ، لم ترد في نسخة « ش ».

٣٨٣

لبطن ، وشوش مسلكها وغير نظامها ، وأردف جميع قواعد الشرع بأصل هدم به شرع محمّد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن فعل شيئاً من هذا مستحلاً كفر ، ومن فعله غير مستحل فسق ، ثم أطال الكلام في طعنه وتفسيقه(١) .

وأمّا ابن الجوزي الحنبلي فنسب إليه في تأريخه المسمّى بالمنتظم ما هو أفضع من ذلك وأعظم قال في جملة كلامه : وبعد هذا فاتفق الكلّ على طعن فيه ، ثمّ انقسموا إلى ثلاثة أقسام : فقوم طعنوا فيه بما يرجع إلى العقائد والكلام في الأُصول ؛ وقوم طعنوا في روايته وقلّة حفظه وضبطه ؛ وقوم طعنوا فيه لقوله بالرأي فيما يخالف الأحاديث الصحاح(٢) .

ثمّ قال بعد كلام طويل : أخبرنا عبد الرحمن القزّاز(٣) . عن أبي إسحاق الفزاري قال : سألت أبا حنيفة عن مسألة فأجاب فيها ، فقلت : إنّه يروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كذا وكذا ، فقال : حك هذا بذنب الخنزير.

وعن عبد الرحمن بن محمّد. عن أبي بكر بن الأسود ابن(٤) بشر بن مفضّل قال : قلت لأبي حنيفة : روى نافع عن ابن عمر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : البيعان(٥) بالخيار ما لم يفترقا(٦) ، قال : هذا رجز. وذكر حديثاً(٧) آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : هذا هذيان.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمّد. عن عبد الصمد عن أبيه قال : ذكر‌

__________________

(١) المنخول من تعليقات الأُصول : ٥٠٠ و ٥٠٣ وما بعدها.

(٢) المنتظم : ٨ / ١٣١.

(٣) في نسخة « م » : الفزّار.

(٤) في المصدر : عن.

(٥) في المصدر : البائعات.

(٦) في المصدر : يتفرقا.

(٧) في نسخة « م » : خبر.

٣٨٤

لأبي حنيفة قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أفطر الحاجم والمحجوم ، فقال : هذا سجع(١) . ثمّ ذكر من هذا القبيل قريب نصف كرأسه(٢) .

فقبّح الله أقواماً يتركون أهل بيتٍ أذن الله أن يرفع ويذكر فيه اسمه ويعتقدون بهذا وأشباهه.

٣١١٩ ـ النعمان الرازي :

ق (٣) . وفيتعق : للصدوق طريق إليه(٤) ، ويروي عنه جعفر بن بشير(٥) ، وابن أبي عمير بواسطة حمّاد(٦) (٧) .

٣١٢٠ ـ النعمان بن الصهبان :

من رجال أمير المؤمنينعليه‌السلام الّذي قال أمير المؤمنينعليه‌السلام يوم الجمل : من دخل داره فهو آمن ،صه (٨) ، ي(٩) .

٣١٢١ ـ النعمان بن عجلان :

من بني رزيق بالراء المضمومة والزاي المفتوحة كان عامل أمير المؤمنينعليه‌السلام على البحرين وعمان ،صه (١٠) . ي إلاّ الترجمة(١١) .

__________________

(١) المنتظم : ٨ / ١٣٥.

(٢) المنتظم : ٨ / ١٣٥ ١٤٣.

(٣) رجال الشيخ : ٣٢٥ / ٢٤.

(٤) الفقيه المشيخة ـ : ٤ / ٥٩.

(٥) التهذيب ٢ : ٦٢ / ٢٢٠ ، ٢٧٩ / ١١٠٧.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٧٢ / ٦٨٠ ، وفيه : ابن زياد عن حمّاد عن نعمان الرازي.

(٧) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٣.

(٨) الخلاصة : ١٧٤ / ١.

(٩) رجال الشيخ : ٦٠ / ٥.

(١٠) الخلاصة : ١٧٤ / ٢ ، وفيها بدل أمير المؤمنينعليه‌السلام : عليعليه‌السلام .

(١١) رجال الشيخ : ٦٠ / ٢ ، وفيه : زريق ، وفي مجمع الرجال : ٦ / ١٨١ نقلاً عنه كما في المتن.

٣٨٥

وفيد : زريق بتقديم الزاي ، منسوبون إلى زريق بن عبد بن حارثة ، قال صاحب العجالة : وبنو زريق جماعة من الأنصار ومن أولادهم وعامّتهم بالمدينة ، ونسب ما فيصه إلى الوهم(١) .

وفيتعق : في المجالس عن الاستيعاب : إنّه كان لسان الأنصار وشاعرهم وكبير قومه ، ونقل عنه إشعاراً في تخطئة قريش في نصبهم أبا بكر وخذلانهم أمير المؤمنينعليه‌السلام (٢) (٣) .

٣١٢٢ ـ النعمان بن عمّار العجلي :

الكوفي ، أسند عنه ،ق (٤) .

٣١٢٣ ـ النعمان بن عمرو الجعفي :

الكوفي ، أسند عنه ،ق (٥) .

٣١٢٤ ـ النعمان بن محمّد :

ليس بإمامي ، كتبه حسان ، كذا في النقد عنب (٦) ،تعق (٧) .

٣١٢٥ ـ نعيم القابوسي :

في الإرشاد أنّه من خاصّة الكاظمعليه‌السلام وثقاته(٨) .

٣١٢٦ ـ نقيع بن الحارث :

أبو داود السبيعي الهمداني ، قالغض : روى عن أبي برزة نضلة بن‌

__________________

(١) رجال ابن داود : ١٩٦ / ١٦٤٠.

(٢) مجالسي المؤمنين : ١ / ٢٦٥ ، الاستيعاب : ٣ / ٥٤٩ ، وفيه بدل كبير قومه : وكان سيّداً.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٣.

(٤) رجال الشيخ : ٣٢٥ / ٢٥.

(٥) رجال الشيخ : ٣٢٥ / ٢٦.

(٦) نقد الرجال : ٣٦٢ / ٨ ، معالم العلماء : ١٢٦ / ٨٥٣.

(٧) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٣.

(٨) الإرشاد : ٢ / ٢٤٨.

٣٨٦

عبد الله الأسلمي وروى عن أبي جعفرعليه‌السلام ، وفي حديثه مناكير ، والّذي أراه التوقّف في حديثه ، ويجوز أن يخرج شاهداً ،صه (١) . ونحوهد (٢) .

وفيتعق : يأتي في يونس بن أبي إسحاق ما له ربط(٣) (٤) .

أقول : لاحظ وتأمّل.

٣١٢٧ ـ نميلة الهمداني :

صه ، قي في خواصهعليه‌السلام (٥) .

وزاد ي يكنّى أبا ماوية(٦) .

أقول : في الوجيزة : مجهول(٧) . وليس بمكانه.

٣١٢٨ ـ نوح بن أبي مريم :

أبو عصمة الخراساني ،ق (٨) .

وفيقب : يعرف بالجامع لجمعه العلوم ، لكن كذّبوه في الحديث ، وقال ابن المبارك : كان يضع. من السابعة مات سنة ثلاث وسبعين ، أي بعد المائة(٩) .

__________________

(١) الخلاصة : ٢٦٢ / ٣ ، وفيها : نفيع وفيها أيضاً أبي بزرة ، وفي النسخة الخطيّة منها كما في المتن.

(٢) رجال ابن داود : ٢٨٢ / ٥٣٥ ، وفيه : نفيع.

(٣) لم نقف في ترجمة يونس على ماله ربط بالمقام ، فلاحظ.

(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٣.

(٥) الخلاصة : ١٩٥ ، رجال البرقي : ٧ ، وفيهما أنّه من أصحابهعليه‌السلام من اليمن ، وعدّا أبا معاوية بن وهب بن الأجدع بن راشد في المجهولين من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام .

(٦) رجال الشيخ : ٦١ / ١١ ، وفيه : نميلة الهمداني يكنّى أبا مارية ، وفي نسخة رجال الشيخ نشر جماعة المدرسين : ٨٤ / ٨٤٧ : أبا ماوية.

(٧) الوجيزة : ٣٣٢ / ١٩٩٥.

(٨) رجال الشيخ : ٣٢٤ / ٦.

(٩) تقريب التهذيب ٢ : ٣٠٩ / ١٦٩.

٣٨٧

وفيتعق : في النقد : يظهر من دراية الشهيد الثاني أنّه كان من الوضّاعين(١) (٢) .

٣١٢٩ ـ نوح بن الحارث بن عمرو :

ابن عثمان المخزومي ، ي(٣) .

ويأتي في أبي الجوشاء(٤) .

٣١٣٠ ـ نوح بن الحكم :

أبو اليقظان ، كوفي ، ثقة ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ،صه (٥) .

وزادجش : له كتاب ، أبو سمينة عنه به(٦) .

وفيست : له كتاب ، رويناه عن جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن حميد ، عن أحمد بن ميثم بن(٧) أبي نعيم الفضل(٨) بن دكين ، عنه(٩) .

وفيق : ابن الحكم أبو اليقظان الهمداني المرهبي الكوفي(١٠) .

أقول : فيمشكا : ابن الحكم الثقة ، عنه أبو سمينة ، وأحمد بن ميثم(١١) .

__________________

(١) نقد الرجال : ٣٦٢ / ٢ ، الرعاية في علم الدراية : ١٥٦ / ١.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٤.

(٣) لم يرد في نسختنا المطبوعة من رجال الشيخ ، نعم ورد في مجمع الرجال : ٦ / ١٨٣ نقلاً عنه.

(٤) عن رجال الشيخ : ٦٥ / ٤٠ في الكنى ، وفيه أنّ عليّاًعليه‌السلام يوم خرج من الكوفة إلى صفّين دفع راية المهاجرين إليه.

(٥) الخلاصة : ١٧٥ / ٤.

(٦) رجال النجاشي : ٤٢٩ / ١١٥٢.

(٧) في المصدر : عن ، وفي مجمع الرجال : ٦ / ١٨٣ نقلاً عنه كما في المتن.

(٨) في نسخة « م » : الفضيل.

(٩) الفهرست : ١٧٢ / ٧٧٣.

(١٠) رجال الشيخ : ٣٢٣ / ١.

(١١) هداية المحدّثين : ١٥٦ ، وما ورد عن الهداية لم يرد في نسخة « ش ».

٣٨٨

٣١٣١ ـ نوح بن درّاج :

كان من الشيعة وكان قاضي الكوفة ، واعتذر عن ذلك بأنّه سأل أخاه جميلاً لِمَ لا تأتي المسجد؟ فقال : ليس لي إزار ،صه (١) .

وفيق : ابن درّاج النخعي مولاهم الكوفي القاضي(٢) .

وما فيكش تقدّم في أخيه(٣) .

وفيد : عندي فيه توقّف(٤) .

وفيتعق : عدّه في الوجيزة موثّقاً(٥) ، والظاهر أنّه لما في العدّة(٦) ، فتأمّل.

وما فيصه إشارة إلى ما مرّ في جميل ، وفي آخره : قال حمدان : مات جميل عن مائة ألف. وظاهر هذا تكذيبه ، إذ الظاهر أنّ مراد نوح أنّه دخل في أعمالهم لأجل رفع الفقر والشدّة عنهم ، ويحتمل كون مراد حمدان أنّه صار غنيّاً بعد.

ومضى في أيّوب ابنه عنجش وصه ذكره(٧) (٨) .

__________________

(١) الخلاصة : ١٧٥ / ٣.

(٢) رجال الشيخ : ٣٢٣ / ٣.

(٣) رجال الكشّي : ٢٥١ / ٤٦٨ ، وفيه نحو ما تقدّم عن الخلاصة ، وسينبّه على ما فيه الوحيد البهبهاني.

(٤) رجال ابن داود : ١٩٧ / ١٦٤٥.

(٥) الوجيزة : ٣٣٢ / ١٩٩٩.

(٦) عدّة الأُصول : ١ / ٣٨٠ ، وفيها أنّه من العامّة والطائفة عملت بروايته إذا لم يكن عندهم خلافه.

(٧) رجال النجاشي : ١٠٢ / ٢٥٤ ، الخلاصة : ١٢ / ١ ، وفيها أنّه كان قاضياً بالكوفة وكان صحيح الاعتقاد.

(٨) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٤.

٣٨٩

٣١٣٢ ـ نوح بن شعيب البغدادي :

من أصحاب أبي جعفر محمّد بن علي الثانيعليه‌السلام ، ذكر الفضل بن شاذان أنّه كان فقيهاً ،صه (١) .

وزادج : عالماً صالحاً مرضيّاً ، وقيل : إنّه نوح بن صالح(٢) ، انتهى.

ويأتي ما فيكش في الّذي بعيده(٣) .

أقول : فيمشكا : ابن شعيب ، عنه إبراهيم بن هاشم(٤) .

٣١٣٣ ـ نوح بن صالح البغدادي :

ذكركش عن أبي عبد الله الشاذاني عن أبي محمّد الفضل بن شاذان ما يشهد بأنّه من شيعة أهل البيتعليهم‌السلام ،صه (٥) .

وفيكش : في نوح بن صالح البغدادي ، سأل أبو عبد الله الشاذاني أبا محمّد الفضل بن شاذان أنّه كان يصلي خلف هؤلاء ويضيق صدره لدخوله البيت بعد خروجه من المسجد لتوهّمهم أنّ ذلك لإعادة الصلاة ، ولذلك كان يدافع بصلاة المغرب إلى العتمة ، فقال : لا تفعلوا هذا من ضيق صدوركم ، ما عليكم لو صلّيتم معهم وكبّرتم معهم وقرأتم معهم وفي الركوع والسجود بقدر ما يتأتّى لكم(٦) فقد تمّت صلاتكم.

فقال : هل سمعت أحداً من أصحابنا يفعل هذه الفعلة؟ قال : نعم ، كنت بالعراق وكان يضيق صدري عن الصلاة معهم فشكوت ذلك إلى فقيه‌

__________________

(١) الخلاصة : ١٧٤ / ١.

(٢) رجال الشيخ : ٤٠٨ / ١.

(٣) رجال الكشّي : ٥٥٨ / ١٠٥٦.

(٤) هداية المحدّثين : ١٥٦. وما ورد عن الهداية لم يرد في نسخة « ش ».

(٥) الخلاصة : ١٧٥ / ٢.

(٦) في نسخة « م » : بكم.

٣٩٠

هناك يقال له : نوح بن شعيب فأمرني بمثل الّذي أمرتكم ، فاجتمعت معه في مجلس فيه نحو من عشرين رجلاً من مشايخ أصحابنا فسألته أن يجري بحضرتهم ذكراً ممّا سألته ، فقال : يا معشر من حضر ألا تعجبون من هذا الخراساني الغمر(١)

يظنّ في نفسه أنّه أكبر من هشام بن الحكم ويسألني هل تجوز الصلاة مع المرجئة في جماعة ، فقال جميع من كان حاضراً بقول نوح بن شعيب ، فعندها طابت نفسي(٢) ، انتهى.

والّذي يظهر من ذكر ابن صالح في العنوان وابن شعيب في الأثناء أنّهما واحد ، وأنّه فقيه من فقهاء الشيعة رضي الله عنهم.

وفيتعق : في سند الروايات نوح بن شعيب الخراساني(٣) في هذه الدرجة ، ولعلّه هو هذا ، ويكون أحد الأبين جدّاً. ومرّ عن فضالة عن شعيب أبي صالح(٤) ، فتأمّل.

ولعلّ البغدادي لقب نوح ، وصالح وشعيب يلقّبان بالخراساني فتأمّل(٥) .

أقول : صرح عناية الله أيضاً باتحادهما(٦) ، والفاضل عبد النبي الجزائري ذكر ابن شعيب في الثقات وابن صالح في الضعاف وقال : كأنّهما واحد(٧) .

__________________

(١) الأغْمار جمع غُمْر بالضمّ وهو الجاهل ، ورجل غُمْر وغَمِر لا تجربة له بحرب ولا أمر ولم تحنِّكه التجارب. انظر : لسان العرب : ٥ / ٣٢.

(٢) رجال الكشيّ : ٥٥٨ / ١٠٥٦. باختلاف غير مضرّ.

(٣) التهذيب ١ : ٢٤١ / ٦٩٧ بسنده عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن أبي إسحاق عن نوح بن شعيب الخراساني عن ياسين عن حريز عن زرارة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

(٤) الكافي ٤ : ٣٣٩ / ٥.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٤.

(٦) مجمع الرجال : ٦ / ١٨٥ هامش رقم (١).

(٧) حاوي الأقوال : ١٥٥ / ٦٢٩ ، ٣٣٩ / ٢١٠٤.

٣٩١

٣١٣٤ ـ نوف البكالي :

بفتح الباء وتخفيف الكاف ، كان صاحب عليعليه‌السلام ، ونقل عن تغلب أنّه منسوب إلى بكال قبلة في همدان(١) ، ويقال : بكيل وهو أكثر ، وقال عبد الحميد ابن أبي الحديد : إنّما هو بكال بكسر الباء قبيلة من حمير ، فمنهم هذا الشخص وهو نوف بن فضالة صاحب عليعليه‌السلام ، كذا في شرح النهج لميثم(٢) .

وفيتعق : يظهر من الأخبار أنّه من خواصهعليه‌السلام منها ما في الخصال(٣) (٤) .

٣١٣٥ ـ نوفل بن فروة الأشجعي :

خارجي ملعون ، ي(٥) .

وزادصه : من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وبدل فروة : قرة(٦) . وفيد : أنّه وهم(٧) . وهو كذلك.

__________________

(١) نقلاً عن ثعلب أنّه منسوب إلى بكالة قبيلة. ثمّ نقلاً عن القطب الراوندي أنّه منسوب إلى حي من هَمْدان.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن ميثم : ٣ / ٣٨٣ وشرح ابن أبي الحديد : ١٠ / ٧٦.

(٣) الخصال : ٣٣٧ / ٤٠ ، وروى أيضاً في الأمالي : ١٧٤ / ٩ رواية تدلّ على أنّه من شيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٤٥.

(٥) رجال الشيخ : ٦٠ / ٧.

(٦) الخلاصة : ٢٦٢ / ١.

(٧) رجال ابن داود : ٢٨٢ / ٥٣٦.

٣٩٢

باب الواو‌

٣١٣٦ ـ واصل :

قالكش : قال محمّد بن مسعود : حدّثني أبو علي المحمودي قال : حدّثني واصل قال : طليت أبا الحسنعليه‌السلام بالنورة ، فسددت مخرج الماء من الحمام إلى البئر ثمّ جمعت ذلك الماء وتلك النورة وذلك الشعر فشربته كلّه ؛ هذا(١) يدلّ على(٢) علو اعتقاده ، والسند صحيح ، فإنّ أبا علي المحمودي ظاهر الجلالة وشرف المنزلة وعلو القدر ،صه (٣) .

وفيكش في واصل وأبي الفضل الخراساني ، ثمّ زاد على ما مرّ : محمّد بن مسعود قال : حدّثني حمدان بن أحمد القلانسي قال : حدّثني معاوية بن حكيم قال : حدّثني أبو الفضل الخراساني وكان له انقطاع إلى أبي الحسنعليه‌السلام (٤) .

ولم يوجد فيما رأيت من النسخ غير هذا(٥) .

أقول : في نسختي من الاختيار كما ذكر وزيادة : وكان يخالط القرّاء‌

__________________

(١) في المصدر : وهذا.

(٢) على ، لم ترد في نسخة « م ».

(٣) الخلاصة : ١٧٧ / ٤.

(٤) رجال الكشّي : ٦١٤ / ١١٤٤ و ١١٤٥ ، وفيه بعد أبي الحسن زيادة : الثانيعليه‌السلام وكان يخالط القرّاء ثمّ انقطع إلى أبي جعفرعليه‌السلام . كما سينبّه عليه المصنّف.

(٥) هذا كلام الميرزا في المنهج : ٣٥٤ إلاّ أنّه نقل قبل ذلك عن ابن داود : واصل الخراساني ، ثمّ قال بعد كلامه المزبور : وما في رجال ابن داود حيث إنّه مأخوذ من هنا يظهر منه ترك العاطف في العنوان وهو الواو ـ ، وحينئذٍ كان ينبغي ذكر الكنية له ، والله العالم.

٣٩٣

ثمّ انقطع إلى أبي جعفرعليه‌السلام ، كما يأتي في أبي الفضل الخراساني عنصه (١) .

والمراد بأبي الحسنعليه‌السلام هذا الثاني كما هو ظاهر ، ولعلّه في الأول أيضاً كذلك كما ذكره في الاختيار وجعلهد الأوّل(٢) . وفي الوجيزة : الثالث(٣) ، فتأمّل.

وفيطس بعد ذكر الرواية الأُولى أقول : ظاهر حال المحمودي في علوّ المرتبة وجلالة القدر(٤) .

وفي الوجيزة : ممدوح(٥) . وفي الحاوي ذكره في الضعاف لعدم دلالة هذا المدح على ما هو المطلوب في المقام(٦) ، فتأمل.

وفيمشكا : واصل الخراساني ، محمّد بن مسعود العيّاشي بواسطة أبو علي المحمودي عنه(٧) .

٣١٣٧ ـ وردان :

بالراء بعد الواو وقبل الدال المهملة ، أبو خالد الكابلي ، ولقبه كنكر بالنون بين الكافين والراء أخيراً روىكش أنّه من حواري علي بن الحسينعليه‌السلام ، وقال أيضاً : قال الفضل بن شاذان : لم يكن في زمن علي بن الحسينعليه‌السلام في أوّل أمره إلاّ خمسة نفر عدّ منهم أبا خالد الكابلي واسمه وردان ولقبه كنكر ،صه (٨) .

__________________

(١) الخلاصة : ١٨٩ / ٢٥.

(٢) رجال ابن داود : ١٩٧ / ١٦٤٦ ، وفيه : أبا الحسنعليه‌السلام . ولم يقيّده.

(٣) الوجيزة : ٣٣٣ / ٢٠٠٢.

(٤) التحرير الطاووسي : ٥٩٢ / ٤٤٥.

(٥) الوجيزة : ٣٣٣ / ٢٠٠٢.

(٦) حاوي الأقوال : ٣٤٠ / ٢١١٤.

(٧) هداية المحدّثين : ١٥٧. والمذكور عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

(٨) الخلاصة : ١٧٧ / ٣.

٣٩٤

وخبر الحواريين مضى في أويس(١) . وقول الفضل بن شاذان في سعيد بن المسيب(٢) .

وفيكش أيضاً : محمّد بن نصير ، عن محمّد بن عيسى ، عن جعفر بن عيسى ، عن صفوان ، عمّن سمعه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ارتدّ الناس بعد قتل الحسينعليه‌السلام إلاّ ثلاثة : أبو خالد الكابلي ويحيى بن أُم الطويل وجبير بن مطعم ، ثمّ إنّ الناس لحقوا وكثروا.

وروى يونس ، عن حمزة بن محمّد الطيّار مثله ، وزاد : وجابر بن عبد الله الأنصاري(٣) . وفيه أيضاً غير ذلك(٤) .

وفيقر : وردان الكابلي الأصغر ، روى عنه وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، والكبير اسمه كنكر(٥) . ونحوهق وزاد بعد وردان : أبو خالد(٦) .

وفيتعق : في الكافي في باب مولد الصادقعليه‌السلام عنهعليه‌السلام أنّه من ثقات علي بن الحسينعليه‌السلام (٧) (٨) .

٣١٣٨ ـ الوليد بن صبيح :

أبو العبّاس ، كوفي ثقة ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ،صه (٩) .

وزادجش : له كتاب ، الحسن بن محبوب ، عن العبّاس بن الوليد ،

__________________

(١) رجال الكشّي : ٩ / ٢٠.

(٢) رجال الكشّي : ١١٥ / ١٨٤.

(٣) رجال الكشّي : ١٢٣ / ١٩٤.

(٤) رجال الكشّي : ١٢٠ / ١٩١ ١٩٣.

(٥) رجال الشيخ : ١٣٩ / ٥ ، وفيه : روى عنهعليه‌السلام .

(٦) رجال الشيخ : ٣٢٨ / ٢٦.

(٧) الكافي ١ : ٣٩٣ / ١.

(٨) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٤٥.

(٩) الخلاصة : ١٧٧ / ٢.

٣٩٥

عن أبيه(١) .

وفي ست ما مرّ في ابنه(٢) .

أقول : فيمشكا : ابن صبيح الثقة ، عنه العبّاس ابنه ، وشهاب بن عبد ربّه ، وعبد الله بن سنان ، وجميل بن درّاج(٣) .

٣١٣٩ ـ الوليد بن العلاء الوصّافي :

كوفي عجلي ، له كتاب ، ابن أبي عمير والحسن بن محبوب عنه به ،جش (٤) .

وفيست : له كتاب ، أخبرنا به جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله وأحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن بن محبوب ، عنه(٥) .

أقول : في رواية الجليلين المذكورين عنه دلالة على الوثاقة ، وظاهر الفاضلين(٦) المذكورين تشيّعه ، فتدبّر.

وفيمشكا : ابن العلاء ، عنه ابن أبي عمير ، والحسن بن محبوب(٧) .

٣١٤٠ ـ الوليد بن هشام المرادي :

ظم (٨) . وفيتعق : في التهذيب في الصحيح : عن صفوان عنه(٩) .

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤٣١ / ١١٦١.

(٢) الفهرست : ١١٨ / ٥٣٠ ، وفيه : عبّاس بن الوليد له كتاب يرويه عن الوليد بن صبيح عن الصادقعليه‌السلام .

(٣) هداية المحدّثين : ١٥٧. وما ورد عن الهداية لم يرد في نسخة « ش ».

(٤) رجال النجاشي : ٤٣٢ / ١١٦٢.

(٥) الفهرست : ١٧٣ / ٧٧٩.

(٦) أي الشيخ الطوسي والنجاشي رحمهما الله.

(٧) هداية المحدّثين : ١٥٧. وما ورد عن الهداية لم يرد في نسخة « ش ».

(٨) رجال الشيخ : ٣٦٢ / ٢.

(٩) التهذيب ٨ : ٢٨٩ / ١٠٦٨ بسنده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن الوليد بن هشام المرادي.

٣٩٦

وهو يشعر بوثاقته(١) .

٣١٤١ ـ وهب :

جدّ جدّ الحسن بن محبوب(٢) ، تقدّم فيه ما يظهر منه حسنه(٣) .

وهو غير مذكور في الكتابين.

٣١٤٢ ـ وهب بن جميع :

مولى إسحاق بن عمّار ، قالكش : قال محمّد بن مسعود : حدّثنا علي بن الحسن بن فضّال وسألته عن وهب بن جميع فقال : ما سمعت فيه إلاّ خيراً ،صه (٤) .

وفيكش ما نقله(٥) .

قلت : في الوجيزة : ممدوح(٦) .

٣١٤٣ ـ وهب بن خالد :

غير مذكور في الكتابين بهذا العنوان(٧) ، ويأتي مصغّراً(٨) .

__________________

(١) لم يرد له ذكر في نسخنا من التعليقة.

(٢) في نسخة « ش » : وهب جدّ الحسن بن محبوب.

(٣) عن رجال الكشّي : ٥٨٤ / ١٠٩٤ بسنده عن جعفر بن محمّد بن الحسن بن محبوب قال : نسبة جدّه الحسن بن محبوب أنّ الحسن بن محبوب بن وهب بن جعفر بن وهب ، وكان وهب عبداً سنديّاً مملوكاً لجرير بن عبد الله البجلي وكان زرّاداً ، فصار إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وسأله أن يبتاعه عن جرير فكره جرير أن يخرجه من يده ، فقال : الغلام حرّ قد أعتقته ، فلمّا صحّ عتقه صار في خدمة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

(٤) الخلاصة : ١٧٦ / ١.

(٥) رجال الكشّي : ٣٤٦ / ٦٤٣.

(٦) الوجيزة : ٣٣٣ / ٢٠٠٨.

(٧) ذكر هذا العنوان العلاّمة في الإيضاح : ٣١٠ / ٧٣٨ والتفريشي في النقد : ٣٦٥ / ٣ في ترجمة وهيب ، ونسباه إلى القيل ، وعدّه أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء : ٣ / ١٩٩ من الأئمّة الأعلام الّذين حدّثوا عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام .

(٨) عن رجال الشيخ : ٣٢٧ / ٢١ ورجال النجاشي : ٤٣١ / ١١٥٨ والخلاصة : ١٧٧ / ١ ، وفيهم : وهيب بن خالد البصري.

٣٩٧

٣١٤٤ ـ وهب بن عبد ربّه بن أبي ميمونة :

ابن يسار الأسدي ، مولى بني نصر بن قعين(١) ، أخو شهاب بن عبد ربّه وعبد الخالق ، ثقة ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، له كتاب ، الحسن بن محبوب عنه به ،جش (٢) .

وما فيكش سبق في شهاب أخيه وكذا في إسماعيل بن عبد الخالق(٣) . وما فيصه في أخيه عبد الرحيم(٤) .

وفيست : له أصل ، أخبرنا به جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عنه(٥) .

وفيتعق : مضى توثيقه أيضاً في إسماعيل(٦) (٧) .

أقول : فيمشكا : ابن عبد ربّه الثقة ، عنه الحسن بن محبوب(٨) .

٣١٤٥ ـ وهب بن عبد الله السواي :

يكنّى أبا جحيفة ، ي(٩) .

__________________

(١) في حاشية نسخة « ش » زيارة : بضمّ القاف وفتح العين المهملة. انظر : إيضاح الاشتباه : ٣٠٩ / ٧٣٦.

(٢) رجال النجاشي : ٤٣٠ / ١١٥٦.

(٣) رجال الكشّي : ٤١٣ / ٧٧٨ ، وفيه : شهاب وعبد الخالق ووهب ولد عبد ربّه من موالي بني أسد من صلحاء الموالي ، و ٤١٤ / ٧٨٣ ، وفيه : وسألته عن وهب وشهاب وعبد الرحمن بني عبد ربّه وإسماعيل بن عبد الخالق بن عبد ربّه قال : كلّهم خيار فاضلون كوفيون.

(٤) الخلاصة : ١٢٩ / ٨. وفيها ما تقدّم عن رجال الكشّي.

(٥) الفهرست : ١٧٢ / ٧٧٥.

(٦) عن رجال النجاشي : ٢٧ / ٥٠ والخلاصة : ٩ / ١١.

(٧) لم يرد له ذكر في نسخنا من التعليقة.

(٨) هداية المحدّثين : ١٥٧ ، وفيها زيادة : ويونس وابن أبي عمير. وما ورد عن الهداية لم يرد في نسخة « ش ».

(٩) رجال الشيخ : ٦١ / ١ ، وفيه : السوائي.

٣٩٨

ويأتي ذكره في الكنى(١) .

٣١٤٦ ـ وهب بن كريب :

أبو القلوص ، تقدّم في سفيان بن يزيد جلالته(٢) .

وهو غير مذكور في الكتابين.

٣١٤٧ ـ وهب بن محمّد البزّاز :

بالزاي قبل الألف وبعدها ، أبو نصر بالنون والراء بعد الصاد القمّي ، ثقة عين ،صه (٣) .

وزادجش : له كتاب نوادر ، محمّد بن علي بن محبوب عنه به(٤) .

وفيست : له كتاب ، أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه ، عن محمّد بن علي بن محبوب ، عنه(٥) .

٣١٤٨ ـ وهب بن منبّه :

ذكر الشيخ والنجاشي أنّ القمّيّين استثنوه من رجال نوادر الحكمة(٦) .

وفيهب : وهب بن منبّه الصنعاني أخو همّام ، عن ابن عبّاس وابن عمر(٧) ، إخباري علاّمة قاضٍ صدوق صاحب كتب ، مات سنة أربعة عشر‌

__________________

(١) عن الخلاصة : ١٩٣ ورجال البرقي : ٥ ، وفيهما أنّه من خواصّ أمير المؤمنينعليه‌السلام من مضر.

(٢) عن رجال الشيخ : ٤٤ / ٢٥ والخلاصة : ٨١ / ١ ، وفيهما : سفيان بن يزيد من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام أخذ الراية ثمّ أخوه عبيد. إلى أن قال : فقتلوا ثمّ أخذ الراية وهب بن كريب أبو القلوص.

(٣) الخلاصة : ١٧٧ / ٣.

(٤) رجال النجاشي : ٤٣٠ / ١١٥٧.

(٥) الفهرست : ١٧٢ / ٧٧٦.

(٦) الفهرست : ١٤٤ / ٦٢٢ ، ورجال النجاشي : ٣٤٨ / ٩٣٩.

(٧) في المصدر زيادة : وعنه آله وسمّاك بن الفضل.

٣٩٩

ومائة(١) .

وفيتعق : مضى الاستثناء في محمّد بن أحمد بن يحيى(٢) .

٣١٤٩ ـ وهب بن وهب بن عبد الله :

بن زمعة بن الأسود بن المطّلب بن أسد بن عبد العزّى أبو البختري ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وكان كذّاباً وله أحاديث مع الرشيد في الكذب ؛ قال سعد : تزوّج أبو عبد اللهعليه‌السلام بامّه. له كتاب يرويه جماعة ، السندي بن محمّد عنه به ،جش (٣) .

صه إلى قوله : بامّه ؛ وزاد بعد كذّاباً : قاضياً عامّياً إلاّ أنّ له أحاديث عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام كلّها لا يوثق بها ، وأسد ساقط من قلمه في نسبه(٤) .

وفيست : ضعيف وهو عامّي ، وله كتاب ، أخبرنا جماعة ، عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ومحمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن إبراهيم بن هاشم والسندي بن محمّد ، عنه. وسهل بن رجاء الصنعاني عنه(٥) .

وفيكش : قال أبو محمّد الفضل بن شاذان : كان أبو البختري من أكذب البريّة(٦) . وفيه غير ذلك(٧) .

__________________

(١) الكاشف ٣ : ٢١٦ / ٦٢٢٥ ، وفيه بدل قاض : قاص ، ويظهر من تهذيب التهذيب : ١١ / ١٤٧ أنّه قاض ، حيث قال : وكان على قضاء صنعاء.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٦.

(٣) رجال النجاشي : ٤٣٠ / ١١٥٥.

(٤) الخلاصة : ٢٦٢ / ١.

(٥) الفهرست : ١٧٣ / ٧٧٧ ، وفيه طريق آخر.

(٦) رجال الكشّي : ٣٠٩ / ذيل الحديث ٥٥٨.

(٧) رجال الكشيّ : ٣٠٩ / ٥٥٩.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466