منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٦

منتهى المقال في أحوال الرّجال 16%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
ISBN: 964-5503-99-X
الصفحات: 466

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 466 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 278221 / تحميل: 4939
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٦

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٩٩-X
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

- ٥ -

عصمة موسىعليه‌السلام وقتل القبطي ومشاجرته أخاه

إنّ الكليم موسى بن عمران أحد الأنبياء العظام، وصفه سبحانه بأتم الأوصاف وأكملها، قال عزّ من قائل:( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً * وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأيمن وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً * وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً ) (١) .

وقال سبحانه:( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ ) (٢) .

ووصف كتابه بقوله:( وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً ) (٣) .

ومع ذلك كلّه: فقد استدلّ المخالف بعدم عصمته بأمرين:

أحدهما: قتله القبطي وتوصيفه بأنّه من عمل الشيطان.

ثانيهما: مشاجرته أخاه مع عدم كونه مقصّ-راً، وإليك البحث عن كل واحد منهما.

____________________

١ - مريم: ٥١ - ٥٣.

٢ - الأنبياء: ٤٨.

٣ - الأحقاف: ١٢.

١٦١

ألف: عصمة موسىعليه‌السلام وقتل القبطي

قال عزّ من قائل:( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُليْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذا مِنْ عَدُوِّه فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوّ مُضِلّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمتُ نَفْسِي فَاغْفِر لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ ) (١) .

ويذكر القرآن تلك القصّة في سورة الشعراء بصورة موجزة ويقول سبحانه:( أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُركَ سِنينَ * وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الكَافِرينَ * قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ) (٢) .

وتدلّ الآيات على أنّ موسىعليه‌السلام ورد المدينة عندما كان أهلها غافلين عنه، إمّا لأنّه ورد نصف النهار والناس قائلون، أو ورد في أوائل الليل، وإمّا لغير ذلك، فوجد فيها رجلين كان أحدهما إسرائيلياً والآخر قبطياً يقتتلان، فاستنصره الذي من شيعته على الآخر، فنصره، فضربه بجمع كفه في صدره فقتله، وبعدما فرغ من أمره ندم ووصف عمله بما يلي:

١ -( هذا من عمل الشيطان ) .

٢ -( ربّ إنّي ظلمت نفسي ) .

٣ -( فاغفر لي فغفر له ) .

٤ -( فعلتها إذاً وأنا من الضّالّين ) .

____________________

١ - القصص: ١٤ - ١٧.

٢ - الشعراء: ١٨ - ٢٠.

١٦٢

وهذه الجمل الأربع تعرب عن كون القتل أمراً غير مشروع؛ ولأجل ذلك وصفه تارة بأنّه من عمل الشيطان، وأُخرى بأنّه كان ظالماً لنفسه، واعترف عند فرعون بأنّه فعل ما فعل وكان عند ذاك من الضالّين ثالثاً، وطلب المغفرة رابعاً.

أقول: قبل توضيح هذه النقاط الأربع نلفت نظر القارئ الكريم إلى بعض ما كانت الفراعنة عليه من الأعمال الإجرامية، ويكفي في ذلك قوله سبحانه:( إِنَّ فِرْعَونَ عَلا فِي الأرضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ ويَسْتَحْي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدينَ ) (١) ، ولم يكن فرعون قائماً بهذه الأعمال إلاّ بعمالة القبطيين الذين كانوا أعضاده وأنصاره، وفي ظل هذه المناصرة ملكت الفراعنة بني إسرائيل رجالاً ونساءً، فاستعبدوهم كما يعرب عن ذلك قوله سبحانه:( وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) (٢) ولمّا قال فرعون لموسى:( ألَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً ) (٣) واستعلى عليه بأنّه ربّاه وليداً منذ أن ولد إلى أن كبر أجابه موسى بأنّه هل تمن عليّ بهذا وقد عبدت بني إسرائيل ؟

وعلى ذلك فقتل واحد من أنصار الطغمة الأثيمة التي ذبحت مئات بل آلاف الأطفال من بني إسرائيل واستحيوا نساءهم، لا يعد في محكمة العقل والوجدان عملاً قبيحاً غير صحيح، أضف إلى ذلك أنّ القبطي المقتول كان بصدد قتل الإسرائيلي لو لم يناصره موسى كما يحكي عنه قوله:( يقتتلان ) ، ولو قتله القبطي لم يكن لفعله أيّ ردّ فعل؛ لأنّه كان منتمياً للنظام السائد الذي لم يزل يستأصل بني إسرائيل ويريق دماءهم طوال سنين، فكان قتله في نظره من قبيل قتل الإنسان الشريف أحد عبيده لأجل تخلّفه عن أمره.

إذا وقفت على ذلك، فلنرجع إلى توضيح الجمل التي توهم المستدل بها

____________________

١ - القصص: ٤.

٢ - الشعراء: ٢٢.

٣ - الشعراء: ١٨.

١٦٣

دلالتها على عدم العصمة فنقول:

١ - إن قوله:( هذا من عمل الشيطان ) يحتمل وجهين:

الأوّل: أن يكون لفظ ( هذا ) إشارة إلى المناقشة التي دارت بين القبطي والإسرائيلي وانتهت إلى قتل الأوّل، وعلى هذا الوجه ليست فيه أيّة دلالة على شيء ممّا يتوخّاه المستدل وقد رواه ابن الجهم عن الإمام الرضاعليه‌السلام عندما سأله المأمون عن قوله:( هذا من عمل الشيطان ) فقال: الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسى من قتله(١) .

الثاني: إنّ لفظ ( هذا ) إشارة إلى قتله القبطي، وإنّما وصفه بأنّه من عمل الشيطان، لوجهين:

ألف: إنّ العمل كان عملاً خطأً محضاً ساقه إلى عاقبة وخيمة، فاضطر إلى ترك الدار والوطن بعد ما انتشر سرّه ووقف بلاط فرعون على أنّ موسى قتل أحد أنصار الفراعنة، وأتمروا عليه ليقتلوه، ولولا أنّ مؤمن آل فرعون أوقفه على حقيقة الحال، لأخذته الجلاوزة وقضوا على حياته، كما قال سبحانه:( وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فاخْرُجْ إِنّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ) (٢) ، فلم تكن لهذا العمل أيّة فائدة فردية أو اجتماعية سوى إلجائه إلى ترك الديار وإلقاء الرحل في دار الغربة ( مدين )، والاشتغال برعي الغنم أجيراً لشعيبعليه‌السلام .

فكما أنّ المعاصي تنسب إلى الشيطان، قال سبحانه:( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ والأنصابُ والأزلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (٣) ،

____________________

١ - البرهان: ٣/٢٢٤؛ عيون أخبار الرضا: ١/١٩٩.

٢ - القصص: ٢٠.

٣ - المائدة: ٩٠.

١٦٤

فكذلك الأعمال الخاطئة الناجمة من سوء التدبير وضلال السعي، السائقة للإنسان إلى العواقب المرّة، تنسب إليه أيضاً.

فالمعاصي والأعمال الخاطئة كلاهما تصح نسبتهما إلى الشيطان بملاك أنّه عدو مضل للإنسان، والعدو لا يرضى بصلاحه وفلاحه بل يدفعه إلى ما فيه ضرره في الآجل والعاجل، ولأجل ذلك قال بعدما قضى عليه:( هذا من عمل الشيطان أنّه عدو مضل مبين ) .

ب - إنّ قتل القبطي كان عملاً ناجماً عن العجلة في محاولة تدمير العدو، ولو أنّه كان يصبر على مضض الحياة قليلاً لنبذ القبطي مع جميع زملائه في اليم من دون أن توجد عاقبة وخيمة، كما قال سبحانه:( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمينَ ) (١) .

٢ - وبذلك يعلم مفاد الجملة الثانية التي هي من إحدى مستمسكات المستدل أعني قوله:( ربِّ إنّي ظلمت نفسي ) ، فإنّ الكلام ليس مساوقاً للمعصية ومخالفة المولى، بل هو كما صرّح به أئمّة اللغة وقدمنا نصوصهم عند البحث عن عصمة آدم عبارة عن وضع الشيء في غير موضعه، وقد عرفت أنّ عمل موسى كان عملاً واقعاً في غير موقعه، وخاطئاً من جهتين: من جهة أنّه ساقه إلى عاقبة مرة، حيث اضطر إلى ترك الأهل والدار والديار، ومن جهة أُخرى أنّه كان عملاً ناشئاً من الاستعجال في إهلاك العدو بلا موجب، ولأجل تينك الجهتين كان عملاً واقعاً في غير محلّه، فصحّ أن يوصف العمل بالظلم، والعامل بالظالم، والذي يعرب عن ذلك أنّه جعله ظلماً لنفسه لا للمولى، ولو كان معصية لكان ظلماً لمولاه وتعدّياً على حقوقه، كما هو الحال في الشرك فإنّه ظلم للمولى وتعدّ

____________________

١ - القصص: ٤٠.

١٦٥

عليه، قال سبحانه:( لا تُشْرِكْ بِاللهِ إنَّ الْشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) (١) .

٣ - وأمّا الجملة الثالثة، أعني قوله:( فاغفر لي فغفر له إنّه هو الغفور الرحيم ) ، فليس طلب المغفرة دليلاً على صدور المعصية؛ لأنّه بمعنى الستر، والمراد منه إلغاء تبعة فعله وإنجاؤه من الغم وتخليصه من شر فرعون وملئه، وقد عبّر عنه سبحانه:( وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً ) (٢) ، وقد نجّاه سبحانه بإخبار رجل من آل فرعون عن المؤامرة عليه، فخرج من مصر خائفاً يترقّب إلى أن وصل أرض مدين، فنزل دار شعيب، وقصّ عليه القصص، وقال له شعيب:( لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القَوْمِ الظالِمِين ) (٣) .

وبذلك غفر وستر عمله ونجّاه سبحانه من أعين الفراعنة، ومكّن له الورود إلى ماء مدين والنزول في دار أحد أنبيائهعليهم‌السلام .

أضف إلى ذلك: أنّ قتل القبطي وإن لم يكن معصية ولكن كان المترقّب من موسى تركه وعدم اقترافه، فصدور مثله من موسى يناسب طلب المغفرة، فإنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين، إذ ربّ عمل مباح لا يؤاخذ به الإنسان العادي ولكنّه يؤاخذ به الإنسان العارف، فضلاً عن شخصية إلهيّة سوف تبعث لمناضلة طاغية العصر، فكان المناسب لساحتها هو الصبر والاستقامة في حوادث الحياة، حلوها ومرّها، والفصل بين المتخاصمين بكلام ليّ-ن، وقد أمر به عندما بعث إلى فرعون فأمره سبحانه أن يقول له قولاً ليّناً(٤) ، وقد أوضحنا مفاد هذه الكلمة عند

____________________

١ - لقمان: ١٣.

٢ - طه: ٤٠.

٣ - القصص: ٢٥.

٤ - طه: ٤٤.

١٦٦

البحث عن آدم وحواء إذ:( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرينَ ) (١) .

٤ - وأمّا قوله سبحانه:( فعلتها إذاً وأنا من الضالين ) ، فالمراد من الضلال هو الغفلة عمّا يترتّب على العمل من العاقبة الوخيمة، ونسيانها، وليس ذلك أمراً غريباً، فقد استعمل في هذين المعنيين في الذكر الحكيم، قال سبحانه:( مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخرى ) (٢) ، فالمراد نسيان أحد الشاهدين وغفلته عمّا شهد به، وقال سبحانه:( ءَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأرض ءَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) (٣) أي إذا غبنا فيها.

قال في لسان العرب: الضلال: النسيان وفي التنزيل:( مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخرى ) أي يغيب عن حفظها، ومنه قوله تعالى:( فعلتها إذاً وأنا من الضالين ) وضللت الشيء: أنسيته وأصل الضلال: الغيبوبة يقال ضلّ الماء في اللبن إذا غاب، ومنه قوله تعالى:( ءَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأرض ءَإِنَّا لفي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) (٤) .

وعلى الجملة: إنّ كليم الله يعترف بتلك الجملة عندما اعترض عليه فرعون بقوله:( وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين ) ويعتذر عنها بقوله:( فعلتها إذاً وأنا من الضالين ) ، والمناسب لمقام الاعتذار هو تفسير الضلال بالغفلة عمّا يترتّب على العمل من النتائج ونسيانها.

____________________

١ - الأعراف: ٢٣.

٢ - البقرة: ٢٨٢.

٣ - السجدة: ١٠.

٤ - لسان العرب: ١١/٣٩٢- ٣٩٣، مادة ( ضل ).

١٦٧

وحاصله: أنّه قد استولت علىّ الغفلة حين الاقتراف، وغاب عنّي ما يترتّب عليه من ردّ فعل ومر العاقبة، ففعلت ما فعلت.

ومن اللحن الواضح تفسير الضلالة بضد الهداية، كيف وإنّ الله سبحانه يصفه قبل أن يقترف القتل بقوله:( آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) (١) ، كما أنّ نفس موسى بعد ما طلب المغفرة واستشعر إجابة دعائه قال:( رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ ) (٢) ، أفيصح بعد هذا تفسير الضلالة بالغواية ضد الهداية ؟! كلا و لا.

هذا كلّه حول المستمسك الأوّل، أعني: قتل القبطي، فهلمّ معي ندرس المستمسك الثاني للخصم من اتهام كليم الله الأعظم - عليه وعلى جميع رسل الله آلاف الثناء والتحيّة - بعدم العصمة.

ب - مشاجرته أخاه هارونعليه‌السلام

إنّ الله سبحانه واعد موسى - بعد أن أغرق فرعون - بأن يأتي جانب الطور الأيمن فيوفيه التوراة التي فيها بيان الشرائع والأحكام وما يحتاج إليه، وكانت المواعدة على أن يوافي الميعاد مع جماعة من وجوه قومه، فتعجّل موسى من بينهم شوقاً إلى ربّه وسبقهم على أن يلحقوا به، ولمّا خاطبه سبحانه بقوله:( وما أعجلك عن قومك يا موسى ) أجابه بأنّهم( على أثري ) وورائي يدركونني عن قريب، وعند ذلك أخبره سبحانه بأنّه امتحن قومه بعد فراقه( وأضلّهم السامري ) ، فرجع موسى من الميقات إلى بني إسرائيل حزيناً مغضباً، فرأى أنّ السامري

____________________

١ - القصص: ١٤.

٢ - القصص: ١٧.

١٦٨

( أخرج لهم عجلاً ) جسداً له صوت، وقال: إنّه إله بني إسرائيل عامة، وتبعه السفلة والعوام، واستقبل موسى هارون فألقى الألواح وأخذ يعاتب هارون ويناقشه، وهذا ما يحكيه سبحانه في سورتين ويقول:( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوْا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأعداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (١) .

ويقول سبحانه:( فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفَاً قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيكُمْ غَضَبٌ مِن رَبِّكُمْ فَأَخَلَفْتُمْ مَوْعِدِي * قَالَ يَا هارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي * قَالَ يا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) (٢) .

فهاهنا يطرح سؤالان:

١- لماذا ألقى الألواح ؟

٢- لماذا ناقش أخاه وقد قام بوظيفته ؟

وإليك تحليل السؤالين بعد بيان مقدّمة وهي:

إنّ موسى قد خلف هارون عندما ذهب إلى الميقات، وقد حكاه سبحانه بقوله:( وَقَالَ مُوسَى لأخيه هَارُونَ اخُلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) (٣) وقام هارون بوظيفته في قومه، فعندما أضلّهم السامري ناظرهم بقوله:( يا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي ) (٤) واكتفى في ذلك بالبيان واللوم ولم يقم في وجههم بالضرب والتأديب وقد بيّنه

____________________

١ - الأعراف: ١٥٠.

٢ - طه: ٨٦، ٩٢ - ٩٤.

٣ - الأعراف: ١٤٢.

٤ - طه: ٩٠.

١٦٩

لأخيه بقوله:( إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) .

هذا ما يخصّ هارون، وأمّا ما يرجع إلى موسى، فقد أخبره سبحانه عن إضلال السامري قومه بقوله:( فَإنَّا قَدْ فَتَنّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِريّ ) (١) ، ورجع إلى قومه غضبان أسفاً وخاطبهم بقوله:( بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجَلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكمْ ) وقال أيضاً :( أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمْ الْعَهْدُ ) وفي هذا الظرف العصيب أظهر كليم الله غضبه بإنجاز عملين:

١- إلقاء الألواح جانباً.

٢- مناقشته أخاه بقوله:( مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ) ، فعند ذلك يطرح السؤالان نفسهما :

لماذا ألقى الألواح أوّلاً ؟ ولماذا ناقش أخاه وناظره وقد قام بوظيفته ثانياً ؟ فنقول:

لا شك أنّ ما اقترفه بنو إسرائيل من عبادة العجل كان من أقبح الأعمال وأفظعها كيف ؟! وقد أهلك الله عدوهم وأورثهم أرضهم، فكان المترقّب منهم هو الثبات على طريق التوحيد ومكافحة ألوان الشرك - ومع الأسف - فإنّهم كفروا بعظيم النعمة، وتركوا عبادته سبحانه، وانخرطوا في سلك الثنوية مع الجهل بقبح عملهم وفظاعة فعلهم.

إنّ أُمّة الكليم، وإن كانت غافلة عن مدى قبح عملهم، لكنّ سيّدهم ورسولهم كان واقفاً على خطورة الموقف وتعدّي الأُمّة، فاستشعر بأنّه لو لم يكافحهم بالعنف والشدّة ولم يقم في وجههم بالاستنكار مع إبراز التأسّف

____________________

١ - طه: ٨٥.

١٧٠

والغضب، فربّما تمادى القوم في غيّهم وضلالهم وحسبوا أنّهم لم يقترفوا إلاّ ذنباً خفيفاً أو مخالفة صغيرة ولم يعلموا أنّهم حتى ولو رجعوا إلى الطريق المهيع، واتّبعوا جادة التوحيد ربّما بقيت رواسب الشرك في أغوار أذهانهم، فلأجل إيقافهم على فظاعة العمل، قام في مجال الإصلاح مثل المدير الذي يواجه الفساد فجأة في مديريته ولا يعلم من أين تسرّب إليها.

فأوّل ما يبادر إليه هو مواجهة القائم مقامه الذي خلفه في مكانه، وأدلى إليه مفاتيح الأُمور، فإذا ثبتت براءته ونزاهته وأنّه قام بوظيفته خير قيام حسب تشخيصه ومدى طاقته، تركه حتى يقف على جذور الأمر والأسباب الواقعية التي أدّت إلى الفساد والانهيار.

وهكذا قام الكليم بمعالجة القضية، وعالج الواقعة المدهشة التي لو بقيت على حالها، لانتهت إلى تسرّب الشرك إلى عامّة بني إسرائيل وذهب جهده طوال السنين سدى، فأوّل رد فعل أبداه، أنّه واجه أخاه القائم مقامه في غيبته، بالشدّة والعنف حتى يقف الباقون على خطورة الموقف، فأخذ بلحيته ورأسه مهيمناً عليه متسائلاً بأنّه لماذا تسرّب الشرك إلى قومه مع كونه فيهم ؟! ولمّا تبيّنت براءته وأنّه أدّى وظيفته كما يحكيه عنه سبحانه بقوله:( إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بيَ الأعداءَ وَلا تجعلني مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) اندفع إليه بعطف وحنان ودعا له فقال:( رَبِّ اغْفِرْ لِي ولأخي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) (١) إنّ طلب المغفرة لنفسه وأخيه لا يدل على صدور أيّ خلاف منهما، فإنّ الأنبياء والأولياء لاستشعارهم بخطورة الموقف وعظمة المسؤولية، ما زالوا يطلبون غفران الله ورحمته لعلوّ درجاتهم، كما هو واضح لمَن تتبّع أحوالهم، وسيوافيك بيانه عند البحث عن عصمة النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

____________________

١ - الأعراف: ١٥١.

١٧١

وبعدما تبيّن أنّ السبب الواقعي لتسرّب الشرك إلى قومه هو السامري وتبعه السفلة والعوام، أخذ بتنبيههم بقوارع الخطاب وعواصف الكلام بما هو مذكور في سورتي الأعراف وطه، نكتفي ببعضها حيث خاطب عَبَدَة العجل بقوله:

( إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِن رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الْدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ) (١) .

ولمّا واجه السامري خاطبه بقوله:( فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرىُّ * قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الْرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي * قَالَ فَاذْهَبْ فِإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفَاً * إِنَّمَا إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شيءٍ عِلْماً ) (٢) .

وبما ذكرنا يعلم أنّه لماذا ألقى الألواح وتركها جانباً ؟ فلم يكن ذاك العمل إلاّ كردّ فعلٍ على عملهم القبيح وفعلهم الفظيع إلى حد استولى الغضب على موسى فألقى الألواح، التي ظل أربعين يوماً في الميقات لتلقّيها، حتى يحاسب القوم حسابهم ويقفوا على أنّهم أتوا بأعظم الجرائم وأكبر المعاصي.

____________________

١ - الأعراف: ١٥٢.

٢ - طه: ٩٥ - ٩٨.

١٧٢

- ٦ -

عصمة داودعليه‌السلام وقضاؤه في النعجة

قد وصف سبحانه داود النبيعليه‌السلام بأسمى ما توصف به الشخصية المثالية، قال سبحانه:( واذكر عَبدنا داود ذا الأيدِ إنّه أوّاب ) .

وقد ذكر ملكه وسلطنته على الجبال والطيور على وجه يمثّل أقوى طاقة نالها البشر طيلة استخلافه على الأرض.

قال سبحانه:( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيّ وَ الإشراقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ) (١) .

فقد أخبر في الآية الأخيرة بأنّه أُوتي الحكمة وفصل الخطاب، الذي يعد القضاء الصحيح بين المتخاصمين من فروعه وجزئياته.

ثمّ إنّه سبحانه ينقل بعده قضاءه في ( نبأ الخصم ) ويقول:

( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوْا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أخي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ

____________________

١ - ص: ١٨ - ٢٠.

١٧٣

نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَليلٌ مَا هُمْ وَظَّنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ * فَغَفَرَنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ * يَا دَاوُدُ إنّا جَعَلْناكَ خَلِيَفَةً فِي الأرضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبيِلِ اللهِ ) (١) .

لقد تمسكت المخطّئة لعصمة الاَنبياء بقوله تعالى:( فاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ * فَغَفَرَنَا لَهُ ذَلِكَ ) حيث إنّ الاستغفار وغفرانه سبحانه له، آية صدور الذنب.

والإجابة عن هذا الاستدلال تحتاج إلى بيان مفردات الآية وإيضاح القصة فنقول:

إنّ تفسير الآية يتم ببيان عدّة أُمور:

١- توضيح مفرداتها.

٢- إيضاح القصة.

٣- هل الخصمان كانا من جنس البشر ؟

٤- لماذا استغفر داود، وهل كان استغفاره للذنب أو لأجل ترك الأولى ؟

وإليك بيان هذه الأمور:

١- توضيح المفردات

( الخصم ): مصدر ( الخصومة )، أُريد به الشخصان.

____________________

١ - ص: ٢١ - ٢٦.

١٧٤

( التسوّر ): الارتقاء إلى أعلى السور، وهو ما كان حائطاً، ( كالتسنّم ) بمعنى الارتقاء إلى سنام البعير، و ( التذرّي ) بمعنى الارتقاء إلى ذروة الجبال، والمراد من المحراب في الآية الغرفة.

( الفزع ): انقباض ونفار يعتري الإنسان من الشيء المخيف، وهو من جنس الجزع.

( الشطط ): الجور.

( النعجة ): الأُنثى من الضأن.

والمراد من قوله: ( اكفلنيها ): اجعلها في كفالتى وتحت سلطتى، ومن قوله ( عزّني في الخطاب): أنّه غلبنى فيه.

هذا كله راجع إلى توضيح مفردات الآية.

٢- إيضاح القصّة

كان داودعليه‌السلام جالساً في غرفته إذ دخل عليه شخصان بغير إذنه، وكانا أخوين يملك أحدهما تسعاً وتسعين نعجة ويملك الآخر نعجة واحدة، وطلب الأوّل من أخيه أن يعطيه النعجة التي تحت يده، مدّعياً كونه محقّاً فيما يقترحه على أخيه، وقد ألقى صاحب النعجة الواحدة كلامه على وجهٍ هيّج رحمة النبي داود وعطفه.

فقضىعليه‌السلام طبقاً لكلام المدّعي من دون الاستماع إلى كلام المدّعى عليه، وقال:( لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ) .

ولما تنبّه أنّ ما صدر منه كان غير لائق بساحته، وأنّ رفع الشكوى إليه كان فتنة وامتحاناً منه سبحانه بالنسبة إليه( فاستغفر ربّه وخرّ راكعاً وأناب ) .

١٧٥

٣ - هل الخصمان كانا من جنس البشر ؟

إنّ القرائن الحافّة بالآية تشعر بأنّ الخصمين لم يكونا من جنس البشر، وهذه القرائن عبارة عن:

١ - تسوّرهم المحراب ودخولهم عليه دخولاً غير عادي، مع أنّ طبع الحال يقتضي أن يكون محرابه محفوفاً بالحرس، ولا أقل بمَن يطلعه على الأمر، فلو كان الدخول بإذنهم كان داودعليه‌السلام مطّلعاً عليه ولم يكن هناك أيّ فزع.

٢- خطاب الخصمين لداودعليه‌السلام بقولهم:( لا تخف ) مع أنّ هذا الخطاب لا يصح أن تخاطب به الرعية الراعي، وطبيعة الحال تقتضي أن يخاطب به الراعي الرعيّة.

٣ - إنّ خطابهما لداود بما جاء في الآية، أشبه بخطاب ضيف إبراهيم لهعليه‌السلام ، يقول سبحانه:( وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ * قَالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ) (١) ، ويقول سبحانه:( فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ) (٢) .

٤ - تنبّههعليه‌السلام بأنّه كان فتنة من الله له وامتحاناً منه، وهي تشعر بأنّ الواقعة لم تكن عادية، وهذا يناسب كون الدعوى مطروحة من جانبه سبحانه عن طريق الملائكة.

٥ - إنّ الهدف من طرح تلك الواقعة كان لغاية تسديده في خلافته وحكمه بين الناس؛ حتى يمارس القضاء بالنحو اللائق بساحته، ولا يغفل عن التثبت

____________________

١ - الحجر: ٥١ - ٥٣.

٢ - الذاريات: ٢٨.

١٧٦

ولأجل ذلك خاطبه سبحانه بعد قضائه في ذلك المورد بقوله:( يا داود إنّا جعلناك خليفة في الأرضِ فاحكم بين الناس بالحق ) كل ذلك يؤيّد كون الخصمين من الملائكة تمثّلوا له بصورة رجلين من الإنس.

نعم كانت القصّة وطرح الشكوى عنده أمراً حقيقياً كقصّة ضيف إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) لا بصورة الرؤيا وما أشبهها.

٤ - كون الاستغفار لأجل ترك الأولى

استدلت المخطّئة باستغفاره وإنابته إلى الله، على صدور ذنب منه ولكنّه لا يدل على ذلك:

أمّا أوّلاً : إنّ قضاءه لم يكن قضاء باتّاً خاتماً للشكوى، بل كان قضاءً على فرض السؤال، وإنّ مَن يملك تسعاً وتسعين نعجة ولا يقتنع بها ويريد ضمّ نعجة أخيه إليها، ظالم لأخيه، وكان المجال بعد ذلك بالنسبة إلى المعترض مفتوحاً وإن كان الأولى والأليق بساحته هو أنّه إذا سمع الدعوى من أحد الخصمين، أن يسأل الآخر عمّا عنده فيها ولا يتسرّع في القضاء ولو بالنحو التقديري.

وإنّما بادر إليه لأنّهعليه‌السلام فوجئ بالقضية ودخل عليه المتخاصمان بصورة غير عادية فلم يظهر منه التثبّت اللائق به.

ولمّا تنبّه إلى ذلك وعرف أنّ ما وقع، كان فتنة وامتحاناً من الله بالنسبة إليه( استغفر ربّه وخرّ راكعاً وأناب ) تداركاً لما صدر منه ممّا كان الأولى تركه أوّلاً، وشكراً وتعظيماً لنعمة التنبّه الذي نال به فوراً بعد الزلّة ثانياً.

وثانياً : إنّ من الممكن أن يكون قضاؤه قبل سماع كلام المدّعى عليه؛ لأجل انكشاف الواقع له بطريق من الطرق وأنّ الحق مع المدّعي، فقضى بلا استماع

١٧٧

لكلام المدّعى عليه، نعم الأولى له حتى في هذه الصورة ترك التسرّع في إصدار الحكم، والقضاء بعد الاستماع، ولمّا ترك ما هو الأولى بحاله استغفر لذلك، وقد تكرّر منّا، أنّ ترك الأولى من الأنبياء ذنب نسبي وإن لم يكن ذنباً على وجه الإطلاق.

وثالثاً: لمّا كانت الشكوى مرفوعة إليه من قبل الملائكة، ولم يكن ذلك الظرف ظرف التكليف، كانت خطيئة داود في ظرف لا تكليف هناك، كما أنّ خطيئة آدمعليه‌السلام كانت في الجنّة ولم تكن الجنّة دار تكليف، ومع ذلك كلّه لمّا كان التسرّع في القضاء بهذا الوجه أمراً مرغوباً عنه استغفر داود وأناب إلى الله استشعاراً بخطر المسؤولية بحيث يعد ترك الأولى منه ذنباً يحتاج إلى الاستغفار.

نعم قد وردت في التفاسير أحاديث في تفسير الآية - لا يشك ذو مسكة من العقل - أنّها إسرائيليات تسرّبت إلى الأُمّة الإسلامية عن طريق أحبار اليهود ورهبان المسيحية، فالأولى الضرب عنها صفحاً، وسياق الآيات يكشف عن أنّ زلّته لم تكن إلاّ في أمر القضاء فقط لا ما تدّعيه جهلة الأحبار من ابتلائه بما يخجل القلم عن ذكره؛ ولأجله يقول الإمام عليعليه‌السلام في حق مَن وضع هذه الترّهات أو نسبها إلى النبي داودعليه‌السلام : ( لا أُوتى برجل يزعم أنّ داود تزوج امرأة ( أُوريا ) إلاّ جلدته حدّين: حدّاً للنبوّة وحدّاً للإسلام )(١) .

____________________

١ - مجمع البيان: ٤/٤٧٢ ط المكتبة العلمية الإسلامية - طهران.

١٧٨

- ٧ -

عصمة سليمانعليه‌السلام

ومسألة عرض الصافنات الجياد وطلب الملك

إنّ سليمان النبيعليه‌السلام أحد الأنبياء وقد ملك من القدرة أروعها ومن السيطرة والسطوة أطولها، وآتاه الله الحكم والحلم والعلم، قال سبحانه:( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً ) (١) ، وقال عز من قائل:( وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمَاً وَعِلْمَاً ) (٢) ، وعلّمه منطق الطير قال سبحانه:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ) (٣) ، ووصف الله قدرته بقوله:( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ والإنسِ وَالطَّيْرِ ) (٤) ، إلى غير ذلك من الآيات الواردة في توصيف قدرته وسعة علمه وعلوّ درجاته.

روى أصحاب السِيَر: كان سليمان صلّى الصلاة الأُولى، وقعد على كرسيّه والخيل تعرض عليه حتى غابت الشمس فقال:( آثرت حبَّ الخيل على ذكر ربّي، وأنّ هذه الخيل شغلتني عن صلاة العصر ) فأمر بردّ الخيل فأخذ يضرب سوقها وأعناقها؛ لأنّها كانت سبب فوت صلاته(٥) .

____________________

١ - النمل: ١٥.

٢ - الأنبياء: ٧٩.

٣ - النمل: ١٦.

٤ - النمل: ١٧.

٥ - تفسير الطبري: ٢٣/٩٩ - ١٠٠؛ الدر المنثور: ٥/٣٠٩.

١٧٩

وفي بعض التفاسير أنّ المراد من ( ردّوها ) هو طلب ردّ الشمس عليه، فردّت فصلّى العصر(١) .

ويدّعي بعض هؤلاء أنّ ما ساقوه من القصّة تدل عليه الآيات التالية، أعني قوله سبحانه:( وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدِ إِنَّهُ أوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيّ فَطَفِقَ مَسْحَاً بِالسُّوقِ وَالأعْنَاقِ ) (٢) .

فهل لما ذكروه مسحة من الحق أو لمسة من الصدق، أو أنّ الآيات تهدف إلى أمرٍ آخر خفيٍّ على هؤلاء، وأنّهم أخذوا ما ذكروه من علماء أهل الكتاب، كما سيوافيك بيانه ؟

ونقد هذه القصّة المزعومة يتوقّف على توضيح مفاد الآيات حتى يقف القارئ على أنّ-ها من قبيل التفسير بالرأي، الممنوع، ومن تلفيقات علماء أهل الكتاب التي حمّلت على القرآن وهو بريء منها.

أقول:

١ -( الصافنات ) : جمع ( الصافنة )، وهي الخيل الواقفة على ثلاث قوائم، الواضعة طرف السنبك الرابع على الأرض حتى يكون على طرف الحافر.

٢ -( الجياد ) : جمع ( الجواد ) ،وهي السراع من الخيل، كأنّها تجود بالركض.

٣ -( الخير ) : ضد ( الشر )، وقد يُطلق على المال كما في قوله سبحانه:( إنْ تَرَكَ خَيراً ) (٣) ، والمراد منه هنا هي ( الخيل )، والعرب تسمّي الخيل خيراً، وسمّى

____________________

١ - مجمع البيان ناسباً إلى ( القيل ) : ٤/٤٧٥.

٢ - ص: ٣٠ - ٣٣.

٣ - البقرة: ١٨٠.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

وفيظم : له كتاب ، وهو ثقة(١) .

وفيست : له كتاب ، أخبرنا به جماعة ، عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى ، عنه. وعنه أبو عبد الله البرقي والحسين بن سعيد(٢) .

أقول : فيمشكا : ابن سويد الثقة ، عنه محمّد بن عيسى بن عبيد ، ويعقوب بن يزيد ، وأيّوب بن نوح ، والحسن بن طريق ، وعلي بن مهزيار.

وفي التهذيب : عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن خالد عن النضر بن سويد(٣) . وصوابه محمّد بن خالد بلا أحمد(٤) .

٣١١٣ ـ نضر بن شعيب :

في طريق الصدوق إلى خالد بن ماد(٥) ، ويروي عن عبد الغفّار بن حبيب كما مرّ فيه(٦) .

قال جدّي : وربما يتوهمون أنّ شعيباً تصحيف سويد وليس كذلك ، بل هما اثنان وإن لم يذكروا ابن شعيب في الرجال لكنه موجود في الروايات في الكتب المعتمدة سيما في الرواية عن عبد الغفّار(٧) ،تعق (٨) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ٣٦٢ / ٢.

(٢) الفهرست : ١٧١ / ٧٧٠.

(٣) التهذيب ٣ : ١٧٦ / ٣٩٤ ، وفيه : أحمد بن محمّد عن النضر.

(٤) هداية المحدّثين : ١٥٦ ، وفيها زيادة رواية محمّد بن خالد والحسين بن سعيد عنه. والمذكور عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

(٥) الفقيه المشيخة ـ : ٤ / ٣٥.

(٦) عن رجال النجاشي : ٢٤٧ / ٦٥٠.

(٧) روضة المتّقين : ١٤ / ٣٨١ ، ترجمة عبد الغفّار بن حبيب الطائي.

(٨) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٣.

٣٨١

أقول : ممّن زعم الاتّحاد والتصحيف مولانا عناية الله(١) ، وممّن صرّح بالتغاير وجهالة ابن شعيب شه على ما ذكره في الوسيط(٢) ، وصرّح به هو نفسه عند ذكر طرق الصدوقرحمه‌الله (٣) .

وهذا الرجل وإن كان مجهولاً لكنّا ذكرناه لمكان الفائدة المزبورة.

وفيمشكا : ابن شعيب المجهول ، عنه محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب. وفي موضع من التهذيب محمَّد بن الحسين بن النصر بن سويد(٤) . وهو تصحيف(٥) .

٣١١٤ ـ النضر :

بالضاد المعجمة ، ابن عثمان النوّاء ، قال علي بن أحمد العقيقي : مات متحيّراً ،صه (٦) ؛د (٧) .

٣١١٥ ـ النضر بن محمّد الهمداني :

ثقة ،دي (٨) .

وزادصه من أصحاب أبي الحسن الثالثعليه‌السلام (٩) .

٣١١٦ ـ نضلة بن عبيد :

يكنّى أبا برزة ، ل(١٠) .

__________________

(١) مجمع الرجال : ٦ / ١٨٠.

(٢) الوسيط : ٢٦٠.

(٣) منهج المقال : ٤١٠ في الطريق إلى خالد بن ماد القلانسي.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٦٩ / ١٢٨٦.

(٥) هداية المحدّثين : ١٥٦. والمذكور عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

(٦) الخلاصة : ٢٦٢ / ٤.

(٧) رجال ابن داود : ٢٨٢ / ٥٣٤.

(٨) رجال الشيخ : ٤٢٥ / ١.

(٩) الخلاصة : ١٧٤ / ٢ ، وفيها بعد الثالث زيادة : الهادي.

(١٠) رجال الشيخ : ٣٠ / ٣ ، وفيه : أبا بردة ، وفي مجمع الرجال : ٦ / ١٨١ نقلاً عنه كما في المتن.

٣٨٢

وزادي : الأسلمي الخزاعي عربي مدني. وفيه : ابن عبيد الله(١) .

ويأتي في الكنى إنّ شاء الله ذكره(٢) .

أقول : في الوجيزة : مجهول(٣) . وليس بمكانه.

ويأتي في نقيع بن الحارث ذكره(٤) .

٣١١٧ ـ النعمان بن بشير :

ل(٥) .

أقول : في شرح ابن أبي الحديد : كان النعمان بن بشير الأنصاري منحرفاً عنه يعني عليّاًعليه‌السلام وعدواً لهعليه‌السلام ، وخاض الدماء مع معاوية خوضاً ، وكان من أمراء يزيد ابنه حتّى قتل وهو على حاله(٦) .

٣١١٨ ـ النعمان بن ثابت :

أبو حنيفة التيملي الكوفي ، مولاهم ،ق (٧) .

أقول : هذا أحد أئمّة القوم ، بل هو إمامهم الأعظم وشيخهم الأقدم.

قال أبو حامد محمّد بن محمّد الغزالي الشافعي في كتابه الموسوم بالمنخول في الأُصول ما لفظه(٨) : فأمّا أبو حنيفة فقد قلب الشريعة ظهراً‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٦٠ / ٣.

(٢) عن الخلاصة : ١٩٢ ورجال البرقي : ٣ ، وفيهما أنّه من أصفياء أصحاب عليعليه‌السلام .

(٣) الوجيزة : ٣٣١ / ١٩٨٧.

(٤) عن الخلاصة : ٢٦٢ / ٣ ، وفيها : قال ابن الغضائري : روى عن أبي برزة نضلة بن أبي عبد الله الأسلمي.

(٥) رجال الشيخ : ٣٠ / ١.

(٦) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٧٧.

(٧) رجال الشيخ : ٣٢٥ / ٢٣.

(٨) ما لفظه ، لم ترد في نسخة « ش ».

٣٨٣

لبطن ، وشوش مسلكها وغير نظامها ، وأردف جميع قواعد الشرع بأصل هدم به شرع محمّد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن فعل شيئاً من هذا مستحلاً كفر ، ومن فعله غير مستحل فسق ، ثم أطال الكلام في طعنه وتفسيقه(١) .

وأمّا ابن الجوزي الحنبلي فنسب إليه في تأريخه المسمّى بالمنتظم ما هو أفضع من ذلك وأعظم قال في جملة كلامه : وبعد هذا فاتفق الكلّ على طعن فيه ، ثمّ انقسموا إلى ثلاثة أقسام : فقوم طعنوا فيه بما يرجع إلى العقائد والكلام في الأُصول ؛ وقوم طعنوا في روايته وقلّة حفظه وضبطه ؛ وقوم طعنوا فيه لقوله بالرأي فيما يخالف الأحاديث الصحاح(٢) .

ثمّ قال بعد كلام طويل : أخبرنا عبد الرحمن القزّاز(٣) . عن أبي إسحاق الفزاري قال : سألت أبا حنيفة عن مسألة فأجاب فيها ، فقلت : إنّه يروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كذا وكذا ، فقال : حك هذا بذنب الخنزير.

وعن عبد الرحمن بن محمّد. عن أبي بكر بن الأسود ابن(٤) بشر بن مفضّل قال : قلت لأبي حنيفة : روى نافع عن ابن عمر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : البيعان(٥) بالخيار ما لم يفترقا(٦) ، قال : هذا رجز. وذكر حديثاً(٧) آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : هذا هذيان.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمّد. عن عبد الصمد عن أبيه قال : ذكر‌

__________________

(١) المنخول من تعليقات الأُصول : ٥٠٠ و ٥٠٣ وما بعدها.

(٢) المنتظم : ٨ / ١٣١.

(٣) في نسخة « م » : الفزّار.

(٤) في المصدر : عن.

(٥) في المصدر : البائعات.

(٦) في المصدر : يتفرقا.

(٧) في نسخة « م » : خبر.

٣٨٤

لأبي حنيفة قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أفطر الحاجم والمحجوم ، فقال : هذا سجع(١) . ثمّ ذكر من هذا القبيل قريب نصف كرأسه(٢) .

فقبّح الله أقواماً يتركون أهل بيتٍ أذن الله أن يرفع ويذكر فيه اسمه ويعتقدون بهذا وأشباهه.

٣١١٩ ـ النعمان الرازي :

ق (٣) . وفيتعق : للصدوق طريق إليه(٤) ، ويروي عنه جعفر بن بشير(٥) ، وابن أبي عمير بواسطة حمّاد(٦) (٧) .

٣١٢٠ ـ النعمان بن الصهبان :

من رجال أمير المؤمنينعليه‌السلام الّذي قال أمير المؤمنينعليه‌السلام يوم الجمل : من دخل داره فهو آمن ،صه (٨) ، ي(٩) .

٣١٢١ ـ النعمان بن عجلان :

من بني رزيق بالراء المضمومة والزاي المفتوحة كان عامل أمير المؤمنينعليه‌السلام على البحرين وعمان ،صه (١٠) . ي إلاّ الترجمة(١١) .

__________________

(١) المنتظم : ٨ / ١٣٥.

(٢) المنتظم : ٨ / ١٣٥ ١٤٣.

(٣) رجال الشيخ : ٣٢٥ / ٢٤.

(٤) الفقيه المشيخة ـ : ٤ / ٥٩.

(٥) التهذيب ٢ : ٦٢ / ٢٢٠ ، ٢٧٩ / ١١٠٧.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٧٢ / ٦٨٠ ، وفيه : ابن زياد عن حمّاد عن نعمان الرازي.

(٧) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٣.

(٨) الخلاصة : ١٧٤ / ١.

(٩) رجال الشيخ : ٦٠ / ٥.

(١٠) الخلاصة : ١٧٤ / ٢ ، وفيها بدل أمير المؤمنينعليه‌السلام : عليعليه‌السلام .

(١١) رجال الشيخ : ٦٠ / ٢ ، وفيه : زريق ، وفي مجمع الرجال : ٦ / ١٨١ نقلاً عنه كما في المتن.

٣٨٥

وفيد : زريق بتقديم الزاي ، منسوبون إلى زريق بن عبد بن حارثة ، قال صاحب العجالة : وبنو زريق جماعة من الأنصار ومن أولادهم وعامّتهم بالمدينة ، ونسب ما فيصه إلى الوهم(١) .

وفيتعق : في المجالس عن الاستيعاب : إنّه كان لسان الأنصار وشاعرهم وكبير قومه ، ونقل عنه إشعاراً في تخطئة قريش في نصبهم أبا بكر وخذلانهم أمير المؤمنينعليه‌السلام (٢) (٣) .

٣١٢٢ ـ النعمان بن عمّار العجلي :

الكوفي ، أسند عنه ،ق (٤) .

٣١٢٣ ـ النعمان بن عمرو الجعفي :

الكوفي ، أسند عنه ،ق (٥) .

٣١٢٤ ـ النعمان بن محمّد :

ليس بإمامي ، كتبه حسان ، كذا في النقد عنب (٦) ،تعق (٧) .

٣١٢٥ ـ نعيم القابوسي :

في الإرشاد أنّه من خاصّة الكاظمعليه‌السلام وثقاته(٨) .

٣١٢٦ ـ نقيع بن الحارث :

أبو داود السبيعي الهمداني ، قالغض : روى عن أبي برزة نضلة بن‌

__________________

(١) رجال ابن داود : ١٩٦ / ١٦٤٠.

(٢) مجالسي المؤمنين : ١ / ٢٦٥ ، الاستيعاب : ٣ / ٥٤٩ ، وفيه بدل كبير قومه : وكان سيّداً.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٣.

(٤) رجال الشيخ : ٣٢٥ / ٢٥.

(٥) رجال الشيخ : ٣٢٥ / ٢٦.

(٦) نقد الرجال : ٣٦٢ / ٨ ، معالم العلماء : ١٢٦ / ٨٥٣.

(٧) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٣.

(٨) الإرشاد : ٢ / ٢٤٨.

٣٨٦

عبد الله الأسلمي وروى عن أبي جعفرعليه‌السلام ، وفي حديثه مناكير ، والّذي أراه التوقّف في حديثه ، ويجوز أن يخرج شاهداً ،صه (١) . ونحوهد (٢) .

وفيتعق : يأتي في يونس بن أبي إسحاق ما له ربط(٣) (٤) .

أقول : لاحظ وتأمّل.

٣١٢٧ ـ نميلة الهمداني :

صه ، قي في خواصهعليه‌السلام (٥) .

وزاد ي يكنّى أبا ماوية(٦) .

أقول : في الوجيزة : مجهول(٧) . وليس بمكانه.

٣١٢٨ ـ نوح بن أبي مريم :

أبو عصمة الخراساني ،ق (٨) .

وفيقب : يعرف بالجامع لجمعه العلوم ، لكن كذّبوه في الحديث ، وقال ابن المبارك : كان يضع. من السابعة مات سنة ثلاث وسبعين ، أي بعد المائة(٩) .

__________________

(١) الخلاصة : ٢٦٢ / ٣ ، وفيها : نفيع وفيها أيضاً أبي بزرة ، وفي النسخة الخطيّة منها كما في المتن.

(٢) رجال ابن داود : ٢٨٢ / ٥٣٥ ، وفيه : نفيع.

(٣) لم نقف في ترجمة يونس على ماله ربط بالمقام ، فلاحظ.

(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٣.

(٥) الخلاصة : ١٩٥ ، رجال البرقي : ٧ ، وفيهما أنّه من أصحابهعليه‌السلام من اليمن ، وعدّا أبا معاوية بن وهب بن الأجدع بن راشد في المجهولين من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام .

(٦) رجال الشيخ : ٦١ / ١١ ، وفيه : نميلة الهمداني يكنّى أبا مارية ، وفي نسخة رجال الشيخ نشر جماعة المدرسين : ٨٤ / ٨٤٧ : أبا ماوية.

(٧) الوجيزة : ٣٣٢ / ١٩٩٥.

(٨) رجال الشيخ : ٣٢٤ / ٦.

(٩) تقريب التهذيب ٢ : ٣٠٩ / ١٦٩.

٣٨٧

وفيتعق : في النقد : يظهر من دراية الشهيد الثاني أنّه كان من الوضّاعين(١) (٢) .

٣١٢٩ ـ نوح بن الحارث بن عمرو :

ابن عثمان المخزومي ، ي(٣) .

ويأتي في أبي الجوشاء(٤) .

٣١٣٠ ـ نوح بن الحكم :

أبو اليقظان ، كوفي ، ثقة ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ،صه (٥) .

وزادجش : له كتاب ، أبو سمينة عنه به(٦) .

وفيست : له كتاب ، رويناه عن جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن حميد ، عن أحمد بن ميثم بن(٧) أبي نعيم الفضل(٨) بن دكين ، عنه(٩) .

وفيق : ابن الحكم أبو اليقظان الهمداني المرهبي الكوفي(١٠) .

أقول : فيمشكا : ابن الحكم الثقة ، عنه أبو سمينة ، وأحمد بن ميثم(١١) .

__________________

(١) نقد الرجال : ٣٦٢ / ٢ ، الرعاية في علم الدراية : ١٥٦ / ١.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٤.

(٣) لم يرد في نسختنا المطبوعة من رجال الشيخ ، نعم ورد في مجمع الرجال : ٦ / ١٨٣ نقلاً عنه.

(٤) عن رجال الشيخ : ٦٥ / ٤٠ في الكنى ، وفيه أنّ عليّاًعليه‌السلام يوم خرج من الكوفة إلى صفّين دفع راية المهاجرين إليه.

(٥) الخلاصة : ١٧٥ / ٤.

(٦) رجال النجاشي : ٤٢٩ / ١١٥٢.

(٧) في المصدر : عن ، وفي مجمع الرجال : ٦ / ١٨٣ نقلاً عنه كما في المتن.

(٨) في نسخة « م » : الفضيل.

(٩) الفهرست : ١٧٢ / ٧٧٣.

(١٠) رجال الشيخ : ٣٢٣ / ١.

(١١) هداية المحدّثين : ١٥٦ ، وما ورد عن الهداية لم يرد في نسخة « ش ».

٣٨٨

٣١٣١ ـ نوح بن درّاج :

كان من الشيعة وكان قاضي الكوفة ، واعتذر عن ذلك بأنّه سأل أخاه جميلاً لِمَ لا تأتي المسجد؟ فقال : ليس لي إزار ،صه (١) .

وفيق : ابن درّاج النخعي مولاهم الكوفي القاضي(٢) .

وما فيكش تقدّم في أخيه(٣) .

وفيد : عندي فيه توقّف(٤) .

وفيتعق : عدّه في الوجيزة موثّقاً(٥) ، والظاهر أنّه لما في العدّة(٦) ، فتأمّل.

وما فيصه إشارة إلى ما مرّ في جميل ، وفي آخره : قال حمدان : مات جميل عن مائة ألف. وظاهر هذا تكذيبه ، إذ الظاهر أنّ مراد نوح أنّه دخل في أعمالهم لأجل رفع الفقر والشدّة عنهم ، ويحتمل كون مراد حمدان أنّه صار غنيّاً بعد.

ومضى في أيّوب ابنه عنجش وصه ذكره(٧) (٨) .

__________________

(١) الخلاصة : ١٧٥ / ٣.

(٢) رجال الشيخ : ٣٢٣ / ٣.

(٣) رجال الكشّي : ٢٥١ / ٤٦٨ ، وفيه نحو ما تقدّم عن الخلاصة ، وسينبّه على ما فيه الوحيد البهبهاني.

(٤) رجال ابن داود : ١٩٧ / ١٦٤٥.

(٥) الوجيزة : ٣٣٢ / ١٩٩٩.

(٦) عدّة الأُصول : ١ / ٣٨٠ ، وفيها أنّه من العامّة والطائفة عملت بروايته إذا لم يكن عندهم خلافه.

(٧) رجال النجاشي : ١٠٢ / ٢٥٤ ، الخلاصة : ١٢ / ١ ، وفيها أنّه كان قاضياً بالكوفة وكان صحيح الاعتقاد.

(٨) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٤.

٣٨٩

٣١٣٢ ـ نوح بن شعيب البغدادي :

من أصحاب أبي جعفر محمّد بن علي الثانيعليه‌السلام ، ذكر الفضل بن شاذان أنّه كان فقيهاً ،صه (١) .

وزادج : عالماً صالحاً مرضيّاً ، وقيل : إنّه نوح بن صالح(٢) ، انتهى.

ويأتي ما فيكش في الّذي بعيده(٣) .

أقول : فيمشكا : ابن شعيب ، عنه إبراهيم بن هاشم(٤) .

٣١٣٣ ـ نوح بن صالح البغدادي :

ذكركش عن أبي عبد الله الشاذاني عن أبي محمّد الفضل بن شاذان ما يشهد بأنّه من شيعة أهل البيتعليهم‌السلام ،صه (٥) .

وفيكش : في نوح بن صالح البغدادي ، سأل أبو عبد الله الشاذاني أبا محمّد الفضل بن شاذان أنّه كان يصلي خلف هؤلاء ويضيق صدره لدخوله البيت بعد خروجه من المسجد لتوهّمهم أنّ ذلك لإعادة الصلاة ، ولذلك كان يدافع بصلاة المغرب إلى العتمة ، فقال : لا تفعلوا هذا من ضيق صدوركم ، ما عليكم لو صلّيتم معهم وكبّرتم معهم وقرأتم معهم وفي الركوع والسجود بقدر ما يتأتّى لكم(٦) فقد تمّت صلاتكم.

فقال : هل سمعت أحداً من أصحابنا يفعل هذه الفعلة؟ قال : نعم ، كنت بالعراق وكان يضيق صدري عن الصلاة معهم فشكوت ذلك إلى فقيه‌

__________________

(١) الخلاصة : ١٧٤ / ١.

(٢) رجال الشيخ : ٤٠٨ / ١.

(٣) رجال الكشّي : ٥٥٨ / ١٠٥٦.

(٤) هداية المحدّثين : ١٥٦. وما ورد عن الهداية لم يرد في نسخة « ش ».

(٥) الخلاصة : ١٧٥ / ٢.

(٦) في نسخة « م » : بكم.

٣٩٠

هناك يقال له : نوح بن شعيب فأمرني بمثل الّذي أمرتكم ، فاجتمعت معه في مجلس فيه نحو من عشرين رجلاً من مشايخ أصحابنا فسألته أن يجري بحضرتهم ذكراً ممّا سألته ، فقال : يا معشر من حضر ألا تعجبون من هذا الخراساني الغمر(١)

يظنّ في نفسه أنّه أكبر من هشام بن الحكم ويسألني هل تجوز الصلاة مع المرجئة في جماعة ، فقال جميع من كان حاضراً بقول نوح بن شعيب ، فعندها طابت نفسي(٢) ، انتهى.

والّذي يظهر من ذكر ابن صالح في العنوان وابن شعيب في الأثناء أنّهما واحد ، وأنّه فقيه من فقهاء الشيعة رضي الله عنهم.

وفيتعق : في سند الروايات نوح بن شعيب الخراساني(٣) في هذه الدرجة ، ولعلّه هو هذا ، ويكون أحد الأبين جدّاً. ومرّ عن فضالة عن شعيب أبي صالح(٤) ، فتأمّل.

ولعلّ البغدادي لقب نوح ، وصالح وشعيب يلقّبان بالخراساني فتأمّل(٥) .

أقول : صرح عناية الله أيضاً باتحادهما(٦) ، والفاضل عبد النبي الجزائري ذكر ابن شعيب في الثقات وابن صالح في الضعاف وقال : كأنّهما واحد(٧) .

__________________

(١) الأغْمار جمع غُمْر بالضمّ وهو الجاهل ، ورجل غُمْر وغَمِر لا تجربة له بحرب ولا أمر ولم تحنِّكه التجارب. انظر : لسان العرب : ٥ / ٣٢.

(٢) رجال الكشيّ : ٥٥٨ / ١٠٥٦. باختلاف غير مضرّ.

(٣) التهذيب ١ : ٢٤١ / ٦٩٧ بسنده عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن أبي إسحاق عن نوح بن شعيب الخراساني عن ياسين عن حريز عن زرارة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

(٤) الكافي ٤ : ٣٣٩ / ٥.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٤.

(٦) مجمع الرجال : ٦ / ١٨٥ هامش رقم (١).

(٧) حاوي الأقوال : ١٥٥ / ٦٢٩ ، ٣٣٩ / ٢١٠٤.

٣٩١

٣١٣٤ ـ نوف البكالي :

بفتح الباء وتخفيف الكاف ، كان صاحب عليعليه‌السلام ، ونقل عن تغلب أنّه منسوب إلى بكال قبلة في همدان(١) ، ويقال : بكيل وهو أكثر ، وقال عبد الحميد ابن أبي الحديد : إنّما هو بكال بكسر الباء قبيلة من حمير ، فمنهم هذا الشخص وهو نوف بن فضالة صاحب عليعليه‌السلام ، كذا في شرح النهج لميثم(٢) .

وفيتعق : يظهر من الأخبار أنّه من خواصهعليه‌السلام منها ما في الخصال(٣) (٤) .

٣١٣٥ ـ نوفل بن فروة الأشجعي :

خارجي ملعون ، ي(٥) .

وزادصه : من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وبدل فروة : قرة(٦) . وفيد : أنّه وهم(٧) . وهو كذلك.

__________________

(١) نقلاً عن ثعلب أنّه منسوب إلى بكالة قبيلة. ثمّ نقلاً عن القطب الراوندي أنّه منسوب إلى حي من هَمْدان.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن ميثم : ٣ / ٣٨٣ وشرح ابن أبي الحديد : ١٠ / ٧٦.

(٣) الخصال : ٣٣٧ / ٤٠ ، وروى أيضاً في الأمالي : ١٧٤ / ٩ رواية تدلّ على أنّه من شيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٤٥.

(٥) رجال الشيخ : ٦٠ / ٧.

(٦) الخلاصة : ٢٦٢ / ١.

(٧) رجال ابن داود : ٢٨٢ / ٥٣٦.

٣٩٢

باب الواو‌

٣١٣٦ ـ واصل :

قالكش : قال محمّد بن مسعود : حدّثني أبو علي المحمودي قال : حدّثني واصل قال : طليت أبا الحسنعليه‌السلام بالنورة ، فسددت مخرج الماء من الحمام إلى البئر ثمّ جمعت ذلك الماء وتلك النورة وذلك الشعر فشربته كلّه ؛ هذا(١) يدلّ على(٢) علو اعتقاده ، والسند صحيح ، فإنّ أبا علي المحمودي ظاهر الجلالة وشرف المنزلة وعلو القدر ،صه (٣) .

وفيكش في واصل وأبي الفضل الخراساني ، ثمّ زاد على ما مرّ : محمّد بن مسعود قال : حدّثني حمدان بن أحمد القلانسي قال : حدّثني معاوية بن حكيم قال : حدّثني أبو الفضل الخراساني وكان له انقطاع إلى أبي الحسنعليه‌السلام (٤) .

ولم يوجد فيما رأيت من النسخ غير هذا(٥) .

أقول : في نسختي من الاختيار كما ذكر وزيادة : وكان يخالط القرّاء‌

__________________

(١) في المصدر : وهذا.

(٢) على ، لم ترد في نسخة « م ».

(٣) الخلاصة : ١٧٧ / ٤.

(٤) رجال الكشّي : ٦١٤ / ١١٤٤ و ١١٤٥ ، وفيه بعد أبي الحسن زيادة : الثانيعليه‌السلام وكان يخالط القرّاء ثمّ انقطع إلى أبي جعفرعليه‌السلام . كما سينبّه عليه المصنّف.

(٥) هذا كلام الميرزا في المنهج : ٣٥٤ إلاّ أنّه نقل قبل ذلك عن ابن داود : واصل الخراساني ، ثمّ قال بعد كلامه المزبور : وما في رجال ابن داود حيث إنّه مأخوذ من هنا يظهر منه ترك العاطف في العنوان وهو الواو ـ ، وحينئذٍ كان ينبغي ذكر الكنية له ، والله العالم.

٣٩٣

ثمّ انقطع إلى أبي جعفرعليه‌السلام ، كما يأتي في أبي الفضل الخراساني عنصه (١) .

والمراد بأبي الحسنعليه‌السلام هذا الثاني كما هو ظاهر ، ولعلّه في الأول أيضاً كذلك كما ذكره في الاختيار وجعلهد الأوّل(٢) . وفي الوجيزة : الثالث(٣) ، فتأمّل.

وفيطس بعد ذكر الرواية الأُولى أقول : ظاهر حال المحمودي في علوّ المرتبة وجلالة القدر(٤) .

وفي الوجيزة : ممدوح(٥) . وفي الحاوي ذكره في الضعاف لعدم دلالة هذا المدح على ما هو المطلوب في المقام(٦) ، فتأمل.

وفيمشكا : واصل الخراساني ، محمّد بن مسعود العيّاشي بواسطة أبو علي المحمودي عنه(٧) .

٣١٣٧ ـ وردان :

بالراء بعد الواو وقبل الدال المهملة ، أبو خالد الكابلي ، ولقبه كنكر بالنون بين الكافين والراء أخيراً روىكش أنّه من حواري علي بن الحسينعليه‌السلام ، وقال أيضاً : قال الفضل بن شاذان : لم يكن في زمن علي بن الحسينعليه‌السلام في أوّل أمره إلاّ خمسة نفر عدّ منهم أبا خالد الكابلي واسمه وردان ولقبه كنكر ،صه (٨) .

__________________

(١) الخلاصة : ١٨٩ / ٢٥.

(٢) رجال ابن داود : ١٩٧ / ١٦٤٦ ، وفيه : أبا الحسنعليه‌السلام . ولم يقيّده.

(٣) الوجيزة : ٣٣٣ / ٢٠٠٢.

(٤) التحرير الطاووسي : ٥٩٢ / ٤٤٥.

(٥) الوجيزة : ٣٣٣ / ٢٠٠٢.

(٦) حاوي الأقوال : ٣٤٠ / ٢١١٤.

(٧) هداية المحدّثين : ١٥٧. والمذكور عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

(٨) الخلاصة : ١٧٧ / ٣.

٣٩٤

وخبر الحواريين مضى في أويس(١) . وقول الفضل بن شاذان في سعيد بن المسيب(٢) .

وفيكش أيضاً : محمّد بن نصير ، عن محمّد بن عيسى ، عن جعفر بن عيسى ، عن صفوان ، عمّن سمعه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ارتدّ الناس بعد قتل الحسينعليه‌السلام إلاّ ثلاثة : أبو خالد الكابلي ويحيى بن أُم الطويل وجبير بن مطعم ، ثمّ إنّ الناس لحقوا وكثروا.

وروى يونس ، عن حمزة بن محمّد الطيّار مثله ، وزاد : وجابر بن عبد الله الأنصاري(٣) . وفيه أيضاً غير ذلك(٤) .

وفيقر : وردان الكابلي الأصغر ، روى عنه وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، والكبير اسمه كنكر(٥) . ونحوهق وزاد بعد وردان : أبو خالد(٦) .

وفيتعق : في الكافي في باب مولد الصادقعليه‌السلام عنهعليه‌السلام أنّه من ثقات علي بن الحسينعليه‌السلام (٧) (٨) .

٣١٣٨ ـ الوليد بن صبيح :

أبو العبّاس ، كوفي ثقة ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ،صه (٩) .

وزادجش : له كتاب ، الحسن بن محبوب ، عن العبّاس بن الوليد ،

__________________

(١) رجال الكشّي : ٩ / ٢٠.

(٢) رجال الكشّي : ١١٥ / ١٨٤.

(٣) رجال الكشّي : ١٢٣ / ١٩٤.

(٤) رجال الكشّي : ١٢٠ / ١٩١ ١٩٣.

(٥) رجال الشيخ : ١٣٩ / ٥ ، وفيه : روى عنهعليه‌السلام .

(٦) رجال الشيخ : ٣٢٨ / ٢٦.

(٧) الكافي ١ : ٣٩٣ / ١.

(٨) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٤٥.

(٩) الخلاصة : ١٧٧ / ٢.

٣٩٥

عن أبيه(١) .

وفي ست ما مرّ في ابنه(٢) .

أقول : فيمشكا : ابن صبيح الثقة ، عنه العبّاس ابنه ، وشهاب بن عبد ربّه ، وعبد الله بن سنان ، وجميل بن درّاج(٣) .

٣١٣٩ ـ الوليد بن العلاء الوصّافي :

كوفي عجلي ، له كتاب ، ابن أبي عمير والحسن بن محبوب عنه به ،جش (٤) .

وفيست : له كتاب ، أخبرنا به جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله وأحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن بن محبوب ، عنه(٥) .

أقول : في رواية الجليلين المذكورين عنه دلالة على الوثاقة ، وظاهر الفاضلين(٦) المذكورين تشيّعه ، فتدبّر.

وفيمشكا : ابن العلاء ، عنه ابن أبي عمير ، والحسن بن محبوب(٧) .

٣١٤٠ ـ الوليد بن هشام المرادي :

ظم (٨) . وفيتعق : في التهذيب في الصحيح : عن صفوان عنه(٩) .

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤٣١ / ١١٦١.

(٢) الفهرست : ١١٨ / ٥٣٠ ، وفيه : عبّاس بن الوليد له كتاب يرويه عن الوليد بن صبيح عن الصادقعليه‌السلام .

(٣) هداية المحدّثين : ١٥٧. وما ورد عن الهداية لم يرد في نسخة « ش ».

(٤) رجال النجاشي : ٤٣٢ / ١١٦٢.

(٥) الفهرست : ١٧٣ / ٧٧٩.

(٦) أي الشيخ الطوسي والنجاشي رحمهما الله.

(٧) هداية المحدّثين : ١٥٧. وما ورد عن الهداية لم يرد في نسخة « ش ».

(٨) رجال الشيخ : ٣٦٢ / ٢.

(٩) التهذيب ٨ : ٢٨٩ / ١٠٦٨ بسنده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن الوليد بن هشام المرادي.

٣٩٦

وهو يشعر بوثاقته(١) .

٣١٤١ ـ وهب :

جدّ جدّ الحسن بن محبوب(٢) ، تقدّم فيه ما يظهر منه حسنه(٣) .

وهو غير مذكور في الكتابين.

٣١٤٢ ـ وهب بن جميع :

مولى إسحاق بن عمّار ، قالكش : قال محمّد بن مسعود : حدّثنا علي بن الحسن بن فضّال وسألته عن وهب بن جميع فقال : ما سمعت فيه إلاّ خيراً ،صه (٤) .

وفيكش ما نقله(٥) .

قلت : في الوجيزة : ممدوح(٦) .

٣١٤٣ ـ وهب بن خالد :

غير مذكور في الكتابين بهذا العنوان(٧) ، ويأتي مصغّراً(٨) .

__________________

(١) لم يرد له ذكر في نسخنا من التعليقة.

(٢) في نسخة « ش » : وهب جدّ الحسن بن محبوب.

(٣) عن رجال الكشّي : ٥٨٤ / ١٠٩٤ بسنده عن جعفر بن محمّد بن الحسن بن محبوب قال : نسبة جدّه الحسن بن محبوب أنّ الحسن بن محبوب بن وهب بن جعفر بن وهب ، وكان وهب عبداً سنديّاً مملوكاً لجرير بن عبد الله البجلي وكان زرّاداً ، فصار إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وسأله أن يبتاعه عن جرير فكره جرير أن يخرجه من يده ، فقال : الغلام حرّ قد أعتقته ، فلمّا صحّ عتقه صار في خدمة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

(٤) الخلاصة : ١٧٦ / ١.

(٥) رجال الكشّي : ٣٤٦ / ٦٤٣.

(٦) الوجيزة : ٣٣٣ / ٢٠٠٨.

(٧) ذكر هذا العنوان العلاّمة في الإيضاح : ٣١٠ / ٧٣٨ والتفريشي في النقد : ٣٦٥ / ٣ في ترجمة وهيب ، ونسباه إلى القيل ، وعدّه أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء : ٣ / ١٩٩ من الأئمّة الأعلام الّذين حدّثوا عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام .

(٨) عن رجال الشيخ : ٣٢٧ / ٢١ ورجال النجاشي : ٤٣١ / ١١٥٨ والخلاصة : ١٧٧ / ١ ، وفيهم : وهيب بن خالد البصري.

٣٩٧

٣١٤٤ ـ وهب بن عبد ربّه بن أبي ميمونة :

ابن يسار الأسدي ، مولى بني نصر بن قعين(١) ، أخو شهاب بن عبد ربّه وعبد الخالق ، ثقة ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، له كتاب ، الحسن بن محبوب عنه به ،جش (٢) .

وما فيكش سبق في شهاب أخيه وكذا في إسماعيل بن عبد الخالق(٣) . وما فيصه في أخيه عبد الرحيم(٤) .

وفيست : له أصل ، أخبرنا به جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عنه(٥) .

وفيتعق : مضى توثيقه أيضاً في إسماعيل(٦) (٧) .

أقول : فيمشكا : ابن عبد ربّه الثقة ، عنه الحسن بن محبوب(٨) .

٣١٤٥ ـ وهب بن عبد الله السواي :

يكنّى أبا جحيفة ، ي(٩) .

__________________

(١) في حاشية نسخة « ش » زيارة : بضمّ القاف وفتح العين المهملة. انظر : إيضاح الاشتباه : ٣٠٩ / ٧٣٦.

(٢) رجال النجاشي : ٤٣٠ / ١١٥٦.

(٣) رجال الكشّي : ٤١٣ / ٧٧٨ ، وفيه : شهاب وعبد الخالق ووهب ولد عبد ربّه من موالي بني أسد من صلحاء الموالي ، و ٤١٤ / ٧٨٣ ، وفيه : وسألته عن وهب وشهاب وعبد الرحمن بني عبد ربّه وإسماعيل بن عبد الخالق بن عبد ربّه قال : كلّهم خيار فاضلون كوفيون.

(٤) الخلاصة : ١٢٩ / ٨. وفيها ما تقدّم عن رجال الكشّي.

(٥) الفهرست : ١٧٢ / ٧٧٥.

(٦) عن رجال النجاشي : ٢٧ / ٥٠ والخلاصة : ٩ / ١١.

(٧) لم يرد له ذكر في نسخنا من التعليقة.

(٨) هداية المحدّثين : ١٥٧ ، وفيها زيادة : ويونس وابن أبي عمير. وما ورد عن الهداية لم يرد في نسخة « ش ».

(٩) رجال الشيخ : ٦١ / ١ ، وفيه : السوائي.

٣٩٨

ويأتي ذكره في الكنى(١) .

٣١٤٦ ـ وهب بن كريب :

أبو القلوص ، تقدّم في سفيان بن يزيد جلالته(٢) .

وهو غير مذكور في الكتابين.

٣١٤٧ ـ وهب بن محمّد البزّاز :

بالزاي قبل الألف وبعدها ، أبو نصر بالنون والراء بعد الصاد القمّي ، ثقة عين ،صه (٣) .

وزادجش : له كتاب نوادر ، محمّد بن علي بن محبوب عنه به(٤) .

وفيست : له كتاب ، أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه ، عن محمّد بن علي بن محبوب ، عنه(٥) .

٣١٤٨ ـ وهب بن منبّه :

ذكر الشيخ والنجاشي أنّ القمّيّين استثنوه من رجال نوادر الحكمة(٦) .

وفيهب : وهب بن منبّه الصنعاني أخو همّام ، عن ابن عبّاس وابن عمر(٧) ، إخباري علاّمة قاضٍ صدوق صاحب كتب ، مات سنة أربعة عشر‌

__________________

(١) عن الخلاصة : ١٩٣ ورجال البرقي : ٥ ، وفيهما أنّه من خواصّ أمير المؤمنينعليه‌السلام من مضر.

(٢) عن رجال الشيخ : ٤٤ / ٢٥ والخلاصة : ٨١ / ١ ، وفيهما : سفيان بن يزيد من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام أخذ الراية ثمّ أخوه عبيد. إلى أن قال : فقتلوا ثمّ أخذ الراية وهب بن كريب أبو القلوص.

(٣) الخلاصة : ١٧٧ / ٣.

(٤) رجال النجاشي : ٤٣٠ / ١١٥٧.

(٥) الفهرست : ١٧٢ / ٧٧٦.

(٦) الفهرست : ١٤٤ / ٦٢٢ ، ورجال النجاشي : ٣٤٨ / ٩٣٩.

(٧) في المصدر زيادة : وعنه آله وسمّاك بن الفضل.

٣٩٩

ومائة(١) .

وفيتعق : مضى الاستثناء في محمّد بن أحمد بن يحيى(٢) .

٣١٤٩ ـ وهب بن وهب بن عبد الله :

بن زمعة بن الأسود بن المطّلب بن أسد بن عبد العزّى أبو البختري ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وكان كذّاباً وله أحاديث مع الرشيد في الكذب ؛ قال سعد : تزوّج أبو عبد اللهعليه‌السلام بامّه. له كتاب يرويه جماعة ، السندي بن محمّد عنه به ،جش (٣) .

صه إلى قوله : بامّه ؛ وزاد بعد كذّاباً : قاضياً عامّياً إلاّ أنّ له أحاديث عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام كلّها لا يوثق بها ، وأسد ساقط من قلمه في نسبه(٤) .

وفيست : ضعيف وهو عامّي ، وله كتاب ، أخبرنا جماعة ، عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ومحمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن إبراهيم بن هاشم والسندي بن محمّد ، عنه. وسهل بن رجاء الصنعاني عنه(٥) .

وفيكش : قال أبو محمّد الفضل بن شاذان : كان أبو البختري من أكذب البريّة(٦) . وفيه غير ذلك(٧) .

__________________

(١) الكاشف ٣ : ٢١٦ / ٦٢٢٥ ، وفيه بدل قاض : قاص ، ويظهر من تهذيب التهذيب : ١١ / ١٤٧ أنّه قاض ، حيث قال : وكان على قضاء صنعاء.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٥٦.

(٣) رجال النجاشي : ٤٣٠ / ١١٥٥.

(٤) الخلاصة : ٢٦٢ / ١.

(٥) الفهرست : ١٧٣ / ٧٧٧ ، وفيه طريق آخر.

(٦) رجال الكشّي : ٣٠٩ / ذيل الحديث ٥٥٨.

(٧) رجال الكشيّ : ٣٠٩ / ٥٥٩.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466