منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٧

منتهى المقال في أحوال الرّجال10%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 559

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 559 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 336476 / تحميل: 4470
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

ومن هذه الظلمات : حبّ المصلحة الشخصيّة ، وحبّ الذات وهو النفس ، و... التي تعتبر ظلمات فرديّة وخُلُقيّة.

وتوجد ظلمات اجتماعيّة ، مثل : الظلم والتفرقة وغيرهما.

إنّ لفظة ( الظلم ) مأخوذة من مادة ( الظلمة ) وتبيّن نوعاً من الظلمة المعنوية والاجتماعيّة ، وإنّ القرآن وسائر الكتب السماوية تتعهّد بالنضال من أجل رفع الظلمات ، يقول القرآن مخاطباً موسى بن عمرانعليه‌السلام :( ... أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ... ) ( سورة إبراهيم : آية : ٥ )

هذه الظلمة هي ظلمة ظلم فرعون والفراعنة ، والنور هو نور الحرِّيّة والعدالة ، وإنّ النقطة التي لاحظها المفسّرون هي أنّ القرآن يذكر الظلمات دائماً بصيغة الجمع ، ومع الألف واللام ؛ لكي تفيد الاستغراق وتشمل جميع أنواع الظلمات ، في الوقت الذي يذكر النور بصيغة الإفراد ويعني : إنّ الصراط المستقيم طريق واحد لا غير.

٤١

إلاّ أنّ طرق الضلال والانحراف متعدّدة ، نقرأ في آية الكرسي مثلاً :

( ... اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )

وبهذا الترتيب يُبيّن القرآن هدفه وهو : تحطيم قيود الجهل والضلال والظلم ، والفساد الخلقي والاجتماعي ، وفي كلمة واحدة : القضاء على الظلمات ، والهداية نحو العدل والخير والنور.

التعرّف على لغة القرآن

الموضوع الآخر هو التعرّف على لغة القرآن وتلاوته.

يتصوّر البعض أنّ الغرض من تلاوة القرآن ينحصر في قراءة القرآن لأجل الثواب ، دون أنْ يدرك شيئاً من معانيه.وهؤلاء يقرؤون القرآن باستمرار ، ولكن إذا سُئلوا مرّة واحدة : إنّكم هل تعرفون معنى ما تقرؤون ؟ يعجزون عن الإجابة.

إنّ قراءة القرآن من هذه الناحية - وهي أنّها مقدّمة لإدراك معاني القرآن - ضروريّة وحسنة ، ولكن ليس فقط لأجل اكتساب الثواب.

٤٢

وهناك أيضا خصائص لإدراك معاني القرآن لا بدّ من ملاحظتها.إنّ ما يلزم حصوله للقارئ - وهو يريد الاستفادة من كثير من الكتب - هو مجموعة الأفكار الجديدة التي ليس لها وجود قبل ذلك في الذهن.وإنّ الذي يعمل ويتحرّك هنا هو العقل وقوّة التفكير لدى القارئ ليس غير.

وبالنسبة للقرآن ، فلا ريب بضرورة مطالعته بهدف دراسته وتعلّمه ، يُصرّح القرآن في هذا المجال بقوله :

( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ) ( سورة ص : آية : ٢٩).

إحدى مسؤوليّات القرآن هي التعليم والتذكير ، ومن هذه الجهة يخاطِب القرآن عَقْلَ الإنسان ويتحدّث معه بالاستدلال والمنطق ، غير أنّ للقرآن لغة أخرى ، والمخاطب فيها ليس العقل ، بل المخاطب هو القلب ، وهذه اللغة الثانية تُسمّى :( الإحساس ) .

وإنّ الذي يريد أنْ يتعرّف على القرآن ويأنس به ،

٤٣

عليه أنْ يتعرّف على هاتَين اللغتَين ويستفيد منهما معاً ، وأنّ تفكيك هاتَين اللغتَين يؤدِّي إلى بروز الخطأ والاشتباه ، ويسبّب الضرر والخسران.

إنّ ما نُسمّيه بالقلب : هو عبارة عن شعور عظيم وعميق جدّاً في باطن الإنسان ، ويسمّونه أحياناً( إحساس الوجود ) ، أي إحساس رابطة الإنسان مع الوجود المطلق.

فالذي يعرف لغة القلب ويخاطب الإنسان بها ، يُحرّك الإنسان من أعماق وجوده ، وعندئذٍ لا يبقى الفكر الإنساني تحت التأثير فحسب ، بل ويتأثّر كلّ وجوده.

وربّما استطعنا أنْ نضرب الموسيقى مثلاً كنموذج عن لغة الإحساس ، فإنّ الأقسام المختلفة للموسيقى تشترك في جهة واحدة ، وهي علامتها مع الإحساسات الإنسانيّة.تُهيِّج الموسيقى روح الإنسان وتغرقها في عالم خاص من الإحساس ، وبالطبع ، فإنّ ضروب الهيجانات والأحاسيس تختلف مع اختلاف أنواع الموسيقى ، فربّما ارتبط أحد أنواع الموسيقى مع الشعور بالفتوّة والشجاعة ، فيتحدّث بهذه اللغة مع الإنسان.

٤٤

لقد رأيتم الأناشيد والمعزوفات العسكريّة ، تُنْشَد وتُعْزَف في ميادين القتال ، ونرى أحياناً مدى تأثير هذه الأناشيد وقوّتها ، بحيث تجعل الجندي الذي لا يخرج من خندقه خوفَ الأعداء تجعله يتقدّم إلى الأمام بكلّ اندفاع ، ويحارب الأعداء رغم الهجوم الثقيل للعدو.

وهناك نوع آخر من الموسيقى يرتبط مع الشهوة و ( الشعور الجنسي ) ، فيعرّض الإنسان إلى الخمول والانقياد نحو الشهوات ، ويدعوه ليستسلم للفساد.

وقد لوحظ أنّ تأثير الموسيقى كبير في هذا المجال ، وربّما لم يستطع أيّ شيء آخر أنْ يؤثر إلى هذا الحد في القضاء على جدران العفّة والأخلاق ، وبالنسبة إلى سائر الغرائز و الأحاسيس أيضاً، عندما يُقال شيء بلسان هذه الأحاسيس - بواسطة لغة الموسيقى أو بأيّ وسيلة أخرى - فإنّه يمكن أنْ يُوضع تحت المراقبة والنَظَارة.

إنّ الشعور الديني والفطرة الإلهيّة من أسمى الغرائز والأحاسيس لدى كلّ إنسان ، وإنّ علاقة القرآن مع هذا

٤٥

الإحساس الشريف علاقة أسمى وأعلى ( ١ ) ( لقد بُحث كثيراً حول هذا الشعور الديني في شرق العالم وغربه.وننقل هنا باختصار أقوال بعض العلماء المعروفين في العالم ، والحديث الأوّل لاينشتاين أنّه يتحدّث عن الدين في إحدى مقالاته ويقول : بأنّه يعتقد بأنّ العقيدة والمذهب بصورة عامّة ثلاثة أنواع :

-مذهب الأخلاق : وهو الدين الذي يبتني على المصالح الخُلُقيّة.

-ثمّ يذكر مذهباً آخر ويسمّيه مذهب الوجود : وهذا التعبير هو ما نطلق عليه ( القلب ).

ويعتقد اينشتاين :

أنّ هذا المذهب - في الحقيقة - يريد أنْ يقول بأنّه تحصل - في فترةٍ ما - حالةٌ معنويّة وروحيّة للإنسان حيث يخرج فجأة - في تلك الحالة - من هذه النفس المحدودة والمحاطة بالآمال والأُمنيات الحقيرة ، والمفصولة عن الآخرين ، وهكذا عن عالم الوجود الطبيعي الذي أصبح حصاراً له ، ويتحرّر من هذا السجن ، وعند ذلك يجلس ليراقب كلّ الوجود فيجد الوجود كحقيقة واحدة ، ويرى بوضوح تلك العظمة والشموخ والجلالة لما وراء هذا الموجودات ، ويتذكّر حقارة نفسه ، وعندئذٍ يريد أنْ يرتبط بكلّ الوجود.

إنّ تعبير اينشتاين هذا يذكّرنا بقصّة همّام عندما سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن صفات المؤمن ، فأجابه الإمام جواباً موجزاً جامعاً ،

٤٦

حيث قال :( يا همّام اتّقِ الله وأحسن ، إنّ الله مع الذين اتّقوا والذين هم محسنون ) ، ولكنّ همّام لم يقتنع بهذا الجواب ، ويطلب توضيحاً أكثر عن كيفية المعاشرة وطريقة العبادة في الصباح والمساء ، و... ، عندئذٍ يبدأ الإمام عليعليه‌السلام بذكر صفات المؤمن ويرسم حوالي ١٣٠ خطّاً من خطوط المتّقين ، ويقول ضمن ذلك :

( لولا الآجال التي كتب الله تعالى لهم ، لم تستقرّ أرواحهم في أبدانهم طرفة عين ).

هذه هي نفس الحالة التي يشير إليها اينشتاين ، ويقول : إنّ الإنسان المتديّن يرى نفسه مسجوناً فيما يشبه السجن ، وكأنّه يريد أنْ يطير من قفص البدن ويحصل على كلّ الوجود مرّة واحدة.وقد جاءت هذه الحقيقة في كلمات أمير المؤمنينعليه‌السلام بصورة أوضح وأكمل ، فمِن وجهة نظر الإمامعليه‌السلام نرى المؤمن كأنّه جمع كلّ الوجود في بدنه المادّي ، وعلى هذا الأساس يخرّ من قالبه مرّة واحدة ليحرّر روحه.وقد ذكروا في قصّة همّام هذه النقطة وهي أنّه عندما أتمّ الإمام كلامه ، شهق همّام شهقة وخرج من قالبه (المادّي).

وبمناسبة الشعور المعنوي للبشر ، هناك حديث لطيف إلى ( إقبال ) يقول فيه :

لا يوجد في هذا القول لغز ولا سر ، وهو إنّ الدعاء بمثابة وسيلة إشراقيّة نفسيّة ، عمل حيوي عادي ، بواسطته تُكتشف الجزيرة الصغيرة لشخصيّة مكانها في قطعة أكبر من العالم.

٤٧

القرآن بنفسه يوصينا أنْ نقرأه بصوت حسن لطيف.

وبهذا النداء السماوي يتحدّث القرآن مع الفطرة الإلهيّة للإنسان ويسخّرها ، ( كان الأئمّة - ع - يقرؤون القرآن بتلك اللهفة التي ما أنْ يسمعهم المارّة حتّى يضطرّون إلى الوقوف ، والاستماع والتأثير والبكاء ).

القرآن عندما يصف نفسه يتحدّث

٤٨

بلسانين :

فتارةً : يعرّف نفسه بأنّه كتاب التفكّر والمنطق والاستدلال.

وتارةً : أخرى بأنّه كتاب الإحساس والعشق.وبعبارة أخرى فالقرآن ليس - إذاً - للعقل والفكر فحسب ، بل هو غذاء للروح أيضاً.

يؤكّد القرآن كثيراً على الموسيقى الخاصّة به ، الموسيقى التي لها تأثير أكثر من كلّ موسيقى أخرى ، في إثارة الأحاسيس العميقة والمتعالية للإنسان.

يأمر القرآن المؤمنين بأنْ يقضوا بعض أوقات الليل بتلاوة القرآن ، وأنْ يُرَتّلوا القرآن في صلواتهم عندما يتوجّهون إلى الله ، وفي خطابٍ للرسول يقول :

( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ) ( سورة المزمل : آية : ١ - ٣ ).

* الترتيل :

الترتيل : قراءة القرآن بحيث تخرج الكلمات من الفم بسهولة واستقامة ( مفردات الراغب ) يعني : قراءة القرآن ، بحيث لا تكون سرعة خروج الكلمات كبيرة ، فلا تُفهم الكلمات ، ولا

٤٩

تكون متقطّعة فتنفصم علاقاتها ، يقول : قراءة القرآن بتأنٍّ في الوقت الذي تلاحظ محتوى الآيات بدقّة.

وفي الآية الأخيرة لتلك السورة يدعونا أنْ لا ننسى العبادة في حال من الأحوال اليوميّة ، وحتّى في الأوقات التي نحتاج لنوم أكثر ، مثل أوقات الجهاد أو الأعمال التجاريّة اليوميّة : قال تعالى :

( ... عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً... ) (سورة المزمل : آية : ٢٠ ).

الشيء الوحيد الذي كان سبباً للنشاط واكتساب القوّة الروحيّة والحصول على الخلوص وصفاء الباطن بين المسلمين ، هو موسيقى القرآن.

فالنداء السماوي للقرآن أوجد في مدّة قصيرة من المتوحّشين ( الجاهلين ) ، في شبه الجزيرة العربيّة شعباً مؤمناً مستقيماً ، استطاعوا أنْ يحاربوا أكبر القوى الموجودة في ذلك العصر ويقضوا عليها.

٥٠

فالمسلمون لم يتّخذوا القرآن كتاب درس وتعليم فحسب ، بل كانوا ينظرون إليه بمثابة غذاء للروح ومنبع لاكتساب القوّة وازدياد الإيمان.فكانوا يقرؤون القرآن بكل إخلاص في الليل ( يشير الإمام السجادعليه‌السلام إلى هذه النقطة بقوله في دعاء ختم القرآن : ( واجعل القرآن لنا في ظلم الليالي مؤنساً ) ، ويناجون ربّهم تضرّعاً وخفية ، وفي الصباح يهاجمون الأعداء كالأسود البواسل ، والقرآن ينتظر مثل ذلك منهم ، يقول مخاطباً النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

( فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ) ( سورة الفرقان : آية : ٥٢ ).

قف في وجوههم وجاهدهم بسلاح القرآن واطمئن بالنصر.وقصّة حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توضّح صدْق هذه الحقيقة ، إنّه يقوم وحيداً ودون أي ناصر ، في حين يحمل القرآن في يده ، ولكنّ هذا القرآن يصبح كلّ شيء له ، يجهّز له الجيوش ، ويَعدّ له الأسلحة والتجهيزات الحربيّة ، وأخيرا فإنّه يدعو العدوّ إلى الاستسلام والخضوع أمامه.

٥١

يدعو الأعداء ليستسلموا أمام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبهذا يصادق على الوعد الإلهي ( وفي زماننا أيضاً ، تحقّق هذا الوعد الإلهي الحقّ مرّة أخرى ، وجاء رجل من سلالة رسول الله - الإمام الخميني - مستنداً إلى القرآن والأيمان كجدِّه العظيم ، وهزم جيش الكفر والباطل أكبر هزيمة )

عندما يعتبر القرآنُ لغتَه لغة القلب ، فإنّ غرضاً من هذا القلب هو الذي ينسجم مع آيات الله ويتصفا ويثور.تختلف أيضاً عن لغة الأنغام والأناشيد العسكريّة ، التي تُعزف في الجيش لتحيِّي فيهم الحماسة البطوليّة.إنّها تلك اللغة التي تصنع من البدويّين العرب مجاهدين قيل في حقِّهم :

( حملوا بصائرهم على أسيافهم ) أولئك الذين وضعوا أفكارهم النَيِّرة ومعارفهم ومعنويّاتهم على سيوفهم ، ويستخدمون سيوفهم في طريق هذه الأفكار والعقائد.

إنّهم لم يهتمّوا بمصالحهم الشخصيّة وأمورهم الفرديّة.وبالرغم من أنّهم لم يكونوا معصومين ، بل

٥٢

ويخطئون أيضاً ، إلاّ أنّهم المصاديق الحقيقيّة للقائمين في الليل ، والصائمين في النهار ( قائم الليل وصائم النهار ) ، كانوا في علاقة مستمرّة مع أعماق الوجود ، تقضي لياليهم في العبادة وأيّامهم في الجهاد ( يصف أمير المؤمنين - ع - المتّقين في خطبة تُعرف باسم المتّقين ( خطبة ١٩٣ من نهج البلاغة ) ، وبعد أنْ يذكر أقوالهم ومعاملاتهم ، يشرح أحوالهم في الليل ويقول :

( أَمّا الليل فصافّون أقدامهم تَالِين لأجزاء القرآن ، يرتّلونها ترتيلاً ، يُحزِنون به أنفسهم ، ويستشرون به دواء دائهم ، فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طعماً ، وتطلّعتْ نفوسهم إليها شوقاً ، وظنّوا أنّها نُصْب أعينهم ، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنّوا أنّ زفير جهنّم وشهيقها في أصول آذانهم... ).

يؤكّد القرآن كثيراً على هذه النقطة التي تعتبر من خصائصه ، وهي أنّه كتاب القلب والروح ، كتاب يُثير النفوس ويسيل الدموع ويهزّ القلوب ، ويعتبر القرآنُ هذه الميزة صادقة حتّى بالنسبة لأهل الكتاب.

يصف مجموعة منهم بأنّهم إذا تُلي عليهم القرآن تحصل لهم حالة خضوع وخشوع ، ويقولون أنّهم آمنوا بما في الكتاب ، وأنّه حقٌّ كلّه ، يقولون ذلك وتزداد حالتهم خشوعاً باستمرار.

٥٣

ويؤكّد في آية أخرى أنّ المسيحيّين من أهل الكتاب ، أقرب إلى المسلمين من اليهود والمشركين، كما في تعالى :

( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى... ) ( سورة المائدة : آية : ٨٢ ).

ثمّ يصِف القرآن جماعة من المسيحيّين الذين آمنوا بعد أنْ سمعوا القرآن بقوله :

( وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) ( سورة المائدة : آية : ٨٣ ).

وفي مكان آخر ، وعندما يتحدّث عن المؤمنين ، يقول في وصْفهم :

( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ... ) ( س--ورة الزمر : آية : ٢٣).

في هذه الآيات وفي آيات أخرى كثيرة :

( ... إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً ) ( سورة مريم : آية : ٥٨ ) ، والآيات الأولى من سورة الصف ، يوضّح

٥٤

القرآن أنّه ليس كتاباً علميّاً وتحليليّاً محضاً ، بل إنّه في الوقت الذي يستخدم الاستدلال المنطقي ، يتحدّث مع إحساس الإنسان وذوقه ولطائف روحه ويؤثّر عليه.

المخاطبون في القرآن

من النقاط الأخرى التي لا بدّ أنْ تُسْتَنْبَط من القرآن ، في البحث حول المعرفة التحليليّة للقرآن ، هي تعيين المخاطَبين في القرآن.

وردتْ كثيراً في القرآن تعابير مثل :( ... هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ) ،( هُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) و( لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً... ) ، هنا يمكن طرح هذا الإشكال ، وهو أنّ الهداية لا تلزم للمتّقين ؛ لأنّهم أنفسهم متّقون.

ومن جانب آخر نرى القرآن هكذا يُعرّف نفسه :

( إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ) ( سورة ص : آية : ٨٧ ) ، ( وهذه الآية من الآيات العجيبة في القرآن ، عندما نزلت الآية كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مكّة ، وكان يتحدّث مع أهالي إحدى القرى ، كان عجيباً للناس أنْ يروا رجلاً وحيداً يقول بكلّ طمأنته إنّكم سوف تسمعون نبأ هذه الآية فيها بعد ، سوف تسمعون قريباً ماذا يصنع هذا الكتاب مع العالَم خلال فترة قصيرة ).

وفي آية أخرى يخاطب الله رسولَه قائلاً :

٥٥

( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) ( سورة الأنبياء : آية : ١٠٧).

وسوف نذكر شرحاً مفصّلاً عن هذا الموضوع في مبحث : التأريخ في القرآن.إلاّ أنّه لا بدّ من القول هنا بإيجاز :

في الآيات التي يخاطب القرآن جميع أبناء العالم ، يريد - في الواقع - أنْ يقول : بأنّ القرآن لا يختصّ بقوم وجماعة خاصّة ، كل مَن يتوجّه نحو القرآن يحصل على النجاة.

وأمّا في الآيات التي يتحدّث فيها عن أنّه كتاب هداية للمؤمنين والمتّقين ، يريد أنْ يوضّح هذه النقطة ، وهي أنّه مَن الذي يسير نحو القرآن في النهاية ؟ ومَن هم الذين يبتعدون عنه ؟

لا يذكر القرآن عن شعب خاص وقبيلة معيّنة ، على أساس أنّهم هم المعتقدون به والتابعون له، ولا يقول إنّ القرآن يُعتبر كتاب شعب خاص.

٥٦

القرآن - خلافاً لسائر المبادئ - لم يهتم بمصالح طبقة خاصّة ، ولم يقل - مثلاً - : إنّه جاء لتأمين مصالح طبقة ما ، ولم يقل - أيضاً - : إنّ هدفه الوحيد هو مساندة العمّال أو الدفاع عن حقوق الفلاّحين.

يؤكّد القرآن عندما يتحدّث عن نفسه : أنّه كتاب لبسْط العدالة ، يقول عن الأنبياء :

( ... وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ... ) ( سورة الحديد : آية : ٢٥).

يريد القرآن القسط والعدل لكلّ المجتمع البشري ، وليس لقوم أو طبقة أو قبيلة خاصّة.ولكي يجذب الناس إلى نفسه لم يشر إلى العصبيّات القومية مثل النازيّة.

وخلافاً لمبادئ أخرى كالماركسية مثلاً ، لا يستند على مصالحهم ومنافعهم الشخصيّة ، ليثيرهم عن هذا الطريق ؛ لأنّه في هذه الحالة لا يستهدف العدل والحق لاتّباعه ، بل يستهدف وصوله إلى منافعهم وطلباتهم الشخصيّة.

٥٧

وكما أنّ القرآن يعتقد بأصالة الوجدان العقلي للإنسان ، فإنّه يعتقد له أيضاً أصالة وجدانيّة وفطريّة ، وعلى أساس فطرة طلب الحقّ والعدل يدعوهم إلى الحركة والثورة ؛ ولهذا فإنّ رسالته لا تنحصر بطبقة العمّال أو الفلاحين أو المحرومين أو المستضعفين.

يخاطِب القرآن الظالمين والمظلومين بأنْ يتّبعوا الحق ، يبلّغ موسىعليه‌السلام رسالتَه إلى بني إسرائيل ، وإلى فرعون أيضاً ، ويدعوهم جميعاً إلى الإيمان بالله والسير في رسالته.

ودعوته لرؤساء قريش ، في الوقت تكون إثارة الأفراد ضدّ أنفسهم ، ورجوعهم عن مسيرة الضلال ، وهي أنّ رجوع وإنابة المترَفين والمتنعِّمين أصعب بكثير من رجوع المحرومين والمظلومين.

الفريق الثاني يتحرّكون في مسير العدالة باقتضاء طباعهم.وأمّا الفريق الأوّل فعليه أنْ يمتنع عن مصالحه

٥٨

الشخصيّة والاجتماعيّة ، ويدوس برجليه على ميوله وأهوائه.

يقول القرآن : بأنّ أتباعه هم الذين طَهُرَتْ نفوسُهم وزَكَتْ أرواحُهم ، وهؤلاء اتبعوا القرآن على أساس مطالبة الحق والعدل ، التي هي في فطرة كلّ إنسان ، ولم يتّبعوا ما تقتضيه مصالحهم وميولهم المادِّيَّة والزخارف الدنيويّة.

٥٩

الفصل الثالث

* فطرة القرآن عن العقل.

* دلائل حجِّيَّة العقل.

* الدعوة إلى التعقّل من قِبل القرآن.

* الاستفادة من نظام العلّة والمعلول.

* فلسفة الأحكام.

* النضال مع انحرافات العقل.

* مواطن الخطأ من وِجهة نظر القرآن.

* نظرة القرآن عن القلب.

* تعريف القلب.

* خصائص القلب.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

هذا وهو كنية لزجير بن عبد الله(١) ، وزحر بن زياد(٢) (٣) .

أقول : بخطّه سلّمه الله زجير وزجر(٤) ، وهو سهو من قلمه بل سهوان ، فإنّه زحر مكبّراً وبالمهملة كما سبق ، وأيضاً هو أبو الحصين الأسدي لا الحصيني كما أشرنا إليه في الّذي قبيله ، وهو سهو ثالث من قلمه دام فضله.

هذا وظاهر المجمع أيضاً الاتّحاد(٥) ، لكن في الحاوي جزم بالتعدّد حيث قال بعد نقل ما فيصه : قلت : في عبارةصه اشتباه ، فإنّ الّذي من أصحاب أبي الحسنعليه‌السلام الّذي نزل الأهواز هو أبو الحسين بالسين ابن الحصين كما ذكره الشيخ وسنذكره ، وكأنّ العلاّمة فهم الاتّحاد فجمع بين كلامي الشيخ ؛ ود قد ذكرهما اثنين(٦) ، والله أعلم(٧) ، انتهى.

٣٥١٧ ـ أبو حفص الثوري :

عمر بن سعيد(٨) ، مجمع(٩) .

٣٥١٨ ـ أبو حفص الرماني :

وأبو هارون السنجي ، لهما(١٠) كتابان ، رويناهما عن جماعة ، عن‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٧٦ / ٤٦٥ والخلاصة : ٧٧ / ٤ ، وفيها : زحر ، وبدل الحصيني : الأسدي كما سينبّه عليه المصنّف.

(٢) رجال الشيخ : ٢٠١ / ٩٣.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٨٨.

(٤) في نسخة « ش » : زحير وزحر.

(٥) مجمع الرجال : ٧ / ٣٣.

(٦) رجال ابن داود : ٢١٦ / ٢٢ و ٢٥.

(٧) حاوي الأقوال : ١٦٥ / ٦٧٨.

(٨) رجال الشيخ : ٢٥١ / ٤٥٢.

(٩) مجمع الرجال : ٧ / ٣٣.

(١٠) في نسخة « ش » : له.

١٦١

التلعكبري ، عن ابن همّام ، عن حميد ، عن القاسم بن إسماعيل ، عن عبيس عنهما ،ست : (١) .

وفي موضع آخر اقتصر على القاسم بن إسماعيل(٢) . وتقدّم أنّ اسمه عمر(٣) .

٣٥١٩ ـ أبو الحكم :

في النقد : كنية لهشام بن سالم(٤) ، وعمّار بن اليسع(٥) (٦) ،تعق (٧) .

أقول : الثاني مجهول لا ينصرف الإطلاق إليه. ويأتي لهشام بن الحكم أيضاً وقد يوصف بالكندي(٨) . والأوّل بالجواليقي.

٣٥٢٠ ـ أبو حكيم الجمحي :

زيد بن عبد الله(٩) ، مجمع(١٠) .

٣٥٢١ ـ أبو حكيم الدهني :

معاوية بن عمّار(١١) ، مجمع(١٢) .

__________________

(١) الفهرست : ١٩١ / ٨٩٠ و ٨٩١.

(٢) الفهرست : ١٩٠ / ٨٧٧ و ٨٧٨.

(٣) عن رجال الشيخ : ٢٥٢ / ٤٦٤ والفهرست : ١١٦ / ٥١٥ ورجال النجاشي : ٢٨٥ / ٧٥٧.

(٤) رجال النجاشي : ٤٣٤ / ١١٦٥ والخلاصة : ١٧٩ / ٢ ورجال ابن داود : ٢٠٠ / ١٦٧٦ ، وفي الجميع : الجواليقي كما سينبّه عليه المصنّف.

(٥) رجال الشيخ : ٢٥١ / ٤٤٣.

(٦) نقد الرجال : ٣٨٧.

(٧) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٨٨.

(٨) رجال الشيخ : ٣٢٩ / ١٨.

(٩) رجال الشيخ : ١٩٦ / ٩.

(١٠) مجمع الرجال : ٧ / ٣٤.

(١١) رجال النجاشي : ٤١١ / ١٠٩٦.

(١٢) مجمع الرجال : ٧ / ٤٣.

١٦٢

قلت : بل هو كنية لعمّار أبي معاوية كما سبق(١) .

٣٥٢٢ ـ أبو حمّاد :

غير مذكور في الكتابين ، ويأتي المفضّل بن صدقة(٢) أو ابن سعيد(٣) على اختلاف النسختين ، ولعطاء بن سالم(٤) .

وربما يوصف الأوّل بالحنفي ، والثاني بالكوفي القيسي الجعفري.

٣٥٢٣ ـ أبو حمزة الثمالي :

بضم الثاء المثلّثة ، اسمه ثابت بن أبي صفيّة دينار(٥) .

٣٥٢٤ ـ أبو حنيفة :

سائق الحاج ، له كتاب ، رويناه عن جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عنه ،ست : (٦) .

اسمه سعيد بن بيان ،صه (٧) .

٣٥٢٥ ـ أبو حنيفة :

النعمان بن ثابت ، غير مذكور في الكتابين ، وذكرناه في الأسماء(٨) .

__________________

(١) لعلّه استفاد ذلك من عبارة النجاشي أيضاً.

(٢) رجال الشيخ : ٣١٥ / ٥٥٧ ، وفيه وفي النجاشي : الحنفي.

(٣) رجال النجاشي : ٤١٦ / ١١٣.

(٤) رجال الشيخ : ٢٦٠ / ٦١٤ ، وفيه : الكوفي القيسي الجعفري.

(٥) رجال الشيخ : ٨٤ / ٣ و ١٦٠ / ٢ و ٣٤٥ / ١ والفهرست : ٤١ / ١٣٧ ورجال النجاشي : ١١٥ / ٢٩٦ والخلاصة : ٢٩ / ٥ ورجال ابن داود : ٥٩ / ٢٧٧.

(٦) الفهرست : ١٨٨ / ٨٦٠ ، وفيها : سائق.

(٧) الخلاصة : ٨٠ / ٥ و ٢٧٠ / ٢٥ نقلاً عن رجال الشيخ : ٢٠٤ / ٣٤ ورجال النجاشي : ١٨٠ / ٤٧٦.

(٨) عن رجال الشيخ : ٣٢٥ / ٢٣ وهذه الترجمة لم ترد في نسخة « م ».

١٦٣

٣٥٢٦ ـ أبو حيّان :

وأبو الجحّاف ، قال ابن عقدة : إنّهما ثقتان ،صه (٤) ،د (٥) .

٣٥٢٧ ـ أبو حيّة :

ل(٦) . وفيي : طارق بن شهاب الأحمسي يكنّى أبا حيّة(٧) .

وفيقي في أصحابهعليه‌السلام من اليمن : أبو حيّة طارق بن شهاب الأحمسي(١) وفيصه نقلاً عنه لكن فيها أبو حيّة وطارق(٢) . وهو إمّا من سهو القلم أو لاعتقاده التغاير كما يظهر من جامع الأُصول(٣) وغيره من كتب المخالفين(١٤) .

٣٥٢٨ ـ أبو خالد بن عمرو :

ابن خالد الواسطي ، له كتاب ، ذكره ابن النديم(١٥) ،ست : (١٦) .

هو عمرو ولفظة ابن سهو(١٧) .

__________________

(٤) الخلاصة : ١٩١ / ٤٣ و ٤٤.

(٥) رجال ابن داود : ٢١٥ / ١٣ و ٢١٧ / ٢٩.

(٦) رجال الشيخ : ٣٢ / ٦ ، وفيه : أبو حبسة ، وفي طبعة جماعة المدرسين : ٥١ / ٤٣٠ كما في المتن.

(٧) رجال الشيخ : ٤٦ / ١ ، وفيه زيادة : كوفي.

(١) رجال البرقي : ٦.

(٢) الخلاصة : ١٩٤.

(٣) جامع الأصول : ١٣ / ٣٩٠ و ١٤ / ٣٨٧.

(١٤) انظر الكاشف ٢ : ٣٦ / ٢٤٧٥ و ٣ : ٢٨٩ / ١٣٠ وتقريب التهذيب ١ : ٣٧٦ / ٥ و ٢ : ٤١٥ / ٩٩ ١٠١.

(١٥) فهرست ابن النديم : ٢٧٥.

(١٦) الفهرست : ١٨٩ / ٨٦٨.

(١٧) رجال النجاشي : ٢٨٨ / ٧٧١ ورجال ابن داود : ٢٦٤ / ٣٦٦.

١٦٤

٣٥٢٩ ـ أبو خالد القمّاط :

له كتاب ، وقال ابن عقدة : اسمه كنكر ، أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن حميد ، عن ابن سماعة ، عنه ،ست : (١) .

أبو خالد القمّاط اسمه يزيد على ما مرّ عنصه وق في خالد(٢) ، لكن فيكش في عبد الرحمن بن ميمون بطريق صحيح أبو خالد صالح القمّاط(٣) ، والصواب أنّه مشترك يرجع فيه إلى القرائن.

وفيتعق : قول ابن عقدة : اسمه كنكر ، لعلّه اشتباه ؛ ويمكن أن يكون الكابلي يقال له القمّاط أيضاً(٤) ، أو يكون كنكر اسماً لغيره أيضاً على بعد فيهما. ومرّ في باب الصاد صالح أو خالد القمّاط عند (٥) واستصوبه المصنّف(٦) كما هنا ، ومرّ ما فيه هناك. ومرّ عنه أنّ أبا خالد القمّاط اسمه سعيد ، ويأتي عنه أنّ صالحاً هذا كنيته أبو سعيد القمّاط(٧) .

وبالجملة : الظاهر أنّ أبا خالد القمّاط اسمه يزيد ، وأنّه لا اشتراك ، ومرّ بعض ما في المقام في صالح بن خالد(٨) وخالد بن يزيد(٩) (١٠) .

__________________

(١) الفهرست : ١٨٤ / ٨٢٦ ، وفيه طريق آخر.

(٢) رجال الشيخ : ١٨٩ / ٧١ ، الخلاصة : ٦٥ / ٥.

(٣) رجال الكشّي : ٣٨٩ / ٧٣١.

(٤) الّذي ورد في التعليقة هكذا : ويمكن أن يكون اللّقب للكابلي أيضاً ، راجع رجال الشيخ : ١٠٠ / ٢ و ١٣٩ / ٥ و ٣٢٨ / ٢٦ ورجال الكشّي : ١١٥ / ١٨٤ والخلاصة : ١٧٧ / ٣ ورجال ابن داود : ١٩٧ / ١٦٤٨.

(٥) رجال ابن داود : ١٠٩ / ٧٦٢.

(٦) منهج المقال : ١٨٠.

(٧) منهج المقال : ٣٨٨.

(٨) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٨٠.

(٩) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٣٠.

(١٠) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٨٨.

١٦٥

أقول : في الوجيزة : أبو خالد القمّاط اسمه يزيد(١) ؛ وجزم به في المجمع أيضاً(٢) . وهو الظاهر.

وما مرّ من أنّ اسمه كنكر فهو اشتباه بأبي خالد الكابلي ، ( لكن فيب : أبو خالد القمّاط الكابلي اسمه كنكر وقيل وردان(٣) ، فتأمّل. وهذا ممّا يؤيّده ما احتمله فيتعق ، فتدبّر )(٤) .

وأمّا صالح فانّي لم أجده فيكش (٥) ، وعلى فرض وجوده فلا يكاد ينصرف إليه الإطلاق.

٣٥٣٠ ـ أبو خالد الكابلي :

كأنّه صغير وكبير(٦) ، والكبير اسمه وردان ولقبه كنكر(٧) ، وقد تقدّم التفصيل في وردان.

وفيتعق : ظاهر النقد الاتّحاد(٨) (٩) .

قلت : الظاهر التعدد وفاقاً للمجمع(١٠) والحاوي(١١) ومشكا(١٢) ، ومرّ‌

__________________

(١) الوجيزة : ٣٤٩ / ٢١٧٣.

(٢) مجمع الرجال : ٦ / ٢٦٧ و ٧ / ٣٦ ، وفيهما أنّه كنية لخالد بن يزيد.

(٣) معالم العلماء : ١٣٩ / ٩٦٩.

(٤) ما بين القوسين لم يرد في نسخة « ش ».

(٥) مرّ منّا أنّه مذكور في رجال الكشّي : ٣٨٩ / ٧٣١.

(٦) رجال الشيخ : ١٣٩ / ٥ و ٣٢٨ / ٢٦.

(٧) رجال الشيخ : ١٠٠ / ٢.

(٨) نقد الرجال : ٣٦٣ / ١.

(٩) لم يرد له ذكر في نسخنا من التعليقة.

(١٠) مجمع الرجال : ٥ / ٧٨ و ٦ / ١٩٣.

(١١) حاوي الأقوال : ٣٤ / ٢١١٣.

(١٢) هداية المحدّثين : ٢٨١.

١٦٦

التصريح به عنق وقر (١) .

٣٥٣١ ـ أبو خدّاش :

عبد الله بن خدّاش(٢) .

٣٥٣٢ ـ أبو خديج :

خيثمة بن الرحيل(٣) ، نقد(٤) .

٣٥٣٣ ـ أبو خديجة :

سالم بن مكرم(٥) ،صه (٦) .

٣٥٣٤ ـ أبو الخزرج :

الحسن بن الزبرقان(٧) وأخوه الحسين(٨) ، ويقال أيضاً لطلحة بن زيد النهدي(٩) .

أقول : الأوّلان مجهولان.

٣٥٣٥ ـ أبو الخطّاب :

زحر بن النعمان الأسدي(١٠) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ١٣٩ / ٥ و ٣٢٨ / ٢٦ أي التصريح بالتعدّد.

(٢) رجال الكشّي : ٤٤٧ / ٨٤٠ ورجال الشيخ : ٣٥٥ / ٢٢ ورجال النجاشي : ٢٢٨ / ٦٠٤.

(٣) رجال الشيخ : ١٨٧ / ٤٣.

(٤) نقد الرجال : ٣٨٧.

(٥) رجال الكشّي : ٣٥٢ / ٦٦١ ورجال الشيخ : ٢٠٩ / ١١٦ والفهرست : ٧٩ / ٣٣٧ ورجال النجاشي : ١٨٨ / ٥٠١.

(٦) الخلاصة : ٢٧٠ / ٢٦ الفائدة الأُولى.

(٧) رجال النجاشي : ٥٠ / ١١٠.

(٨) الفهرست : ٥٩ / ٢٣٣.

(٩) رجال النجاشي : ٢٠٧ / ٥٥٠ والخلاصة : ٢٣١ / ١ ورجال ابن داود : ٢٥١ / ٢٤٤.

(١٠) رجال الشيخ : ٢٠١ / ٩٢.

١٦٧

٣٥٣٦ ـ أبو الخطّاب :

يقال : محمّد بن مقلاص(١) ، ومحمّد بن أبي زينب(٢) ، ملعون ،صه (٣) .

٣٥٣٧ ـ أبو خلاّد :

كنية لمعمّر بن خلاّد(٤) ، والحكم بن الحكيم(٥) ، وفي الأوّل أشهر ، نقد(٦) .

أقول : الثاني بغدادي ، ويوصف الأوّل بالصيرفي.

٣٥٣٨ ـ أبو الخير :

صالح بن أبي حمّاد الرازي(٧) .

٣٥٣٩ ـ أبو الخير الموصلي :

سلامة بن ذكاء(٨) ،تعق (٩) .

٣٥٤٠ ـ أبو داود السبيعي :

نقيع بن الحارث(١٠) ، ويونس بن أبي إسحاق ،تعق (١١) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ٣٠٢ / ٣٥ والخلاصة : ٢٥٠ / ٧.

(٢) رجال الكشّي : ٣٠٢ / ٣٤٥ والخلاصة : ٢٥٠ / ٧.

(٣) الخلاصة : ٢٧١ / ٣٥ الفائدة الأُولى ، وفيها : أبو الخطّاب ملعون يقال له مقلاص ومحمّد بن أبي زينب.

(٤) رجال النجاشي : ٤٢١ / ١١٢٨ والخلاصة : ١٦٩ / ١ ورجال ابن داود : ١٩٠ / ١٥٨١ ، وفي الجميع : بغدادي.

(٥) رجال الشيخ : ١٨٥ / ٣٤٣ ورجال النجاشي : ١٣٧ / ٣٥٣ وفيهما : الصيرفي.

(٦) نقد الرجال : ٣٨٨.

(٧) رجال النجاشي : ١٩٨ / ٥٢٦ والخلاصة : ٢٣٠ / ٢ ورجال ابن داود : ٢٥٠ / ٢٣٣.

(٨) رجال النجاشي : ٢٦٥ / ٦٨٩ ترجمة علي بن محمّد العدوي.

(٩) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٨٨.

(١٠) الخلاصة : ٢٦٢ / ٣ ورجال ابن داود : ٢٨٢ / ٥٣٥ ، وفيهما : نفيع.

(١١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٨٨.

١٦٨

قلت : يكنّى الثاني بأبي إسحاق السبيعي(١) وقد مضى ، فلاحظ وتأمّل.

٣٥٤١ ـ أبو داود المسترق :

بكسر الراء وتشديد القاف ،د (٢) ، هو سليمان بن سفيان(٣) .

وروى الكليني عن أبي داود عن الحسين بن سعيد(٤) ، وليس هو بالمسترق وإلى الآن لم يتبيّن لي من هو.

وفيتعق : قطع السيّد الداماد بكونه هو(٥) . واستظهره جدّيرحمه‌الله وقال : كان له كتاب يروي الكليني عن كتابه ، ويروي عنه بواسطة الصفّار وغيره ، ويروي أيضاً بواسطتين عنه ، ولمّا كان الكتاب معلوماً عنده يقول روى أبو داود فالحديث ليس بمرسل(٦) ، انتهى. وقال في موضع : المسموع من المشايخ انّه المسترق(٧) .

قلت : ويؤيّد كلامهما رحمهما الله رواية الكليني بواسطة العدّة عنه مع مشاركة أحمد بن محمّد في بعض المواضع(٨) ، منها ما رواه في التهذيب في باب ما يستحب للنفساء(٩) ، لأنّ طبقة أحمد والمسترق‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٣٣٧ / ٦٨ ، وفيه : يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، يونس يكنّى أبا إسحاق السبيعي ( خ ل ).

(٢) رجال ابن داود : ٢١٣ الفصل الخامس من الخاتمة.

(٣) رجال الكشّي : ٣١٩ / ٥٧٧ ورجال النجاشي : ١٨٣ / ٤٨٥.

(٤) الكافي ٣ : ٩ / ٣ ، ٤٩ / ٤ ، ٥١ / ٨.

(٥) تعليقة الداماد على رجال الكشّي : ٢ / ٦٠٦.

(٦) ذكر ذلك المجلسي الثاني في مرآة العقول : ١٣ / ٣٦ نقلاً عن والده.

(٧) روضة المتّقين : ١٤ / ٤٨٢.

(٨) الكافي ٣ : ٢١ / ٣ ، ٣٧ / ١٠ ، ٩٩ / ٥.

(٩) التهذيب ١ : ١٧٥ / ٥٠٠.

١٦٩

واحدة ، فلاحظ.

هذا والظاهر أنّ روايتهرحمه‌الله عنه بلا واسطة من باب التعليق كما هو ديدنه في كثير من الرواة(١) .

٣٥٤٢ ـ أبو دجانة :

مقبول(٢) .

٣٥٤٣ ـ أبو دلف الكاتب :

ويقال : أبو دلف المجنون ، اسمه محمّد بن المظفر ، ويأتي في الفائدة الرابعة ذمّه(٣) .

٣٥٤٤ ـ أبو الدنيا المعمّر :

علي بن عثمان(٤) ،تعق (٥) .

٣٥٤٥ ـ أبو ذررحمه‌الله :

جندب ، وقيل : برير ، وقد تقدّم(٦) .

٣٥٤٦ ـ أبو رافع :

مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، غير مذكور في الكتابين ، وتقدّم في الأسماء بعنوان إبراهيم(٧) .

__________________

(١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٨٩.

(٢) هو سمّاك بن خرشة الأنصاري ، انظر اسد الغابة ٢ : ٢٩٩ / ٢٢٣٥ والاستيعاب : ٢ / ٨٣.

(٣) نقلاً عن الغيبة : ٤١٢ / ٣٨٥ و ٣٨٧ و ٣٩٠.

(٤) كمال الدين : ٥٤٣ / ٩ الباب الخمسون والأنوار. النعمانيّة : ٢ / ٧.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٨٩.

(٦) عن رجال الشيخ : ١٣ / ١٢.

(٧) عن رجال النجاشي : ٤ / ١ والخلاصة : ٣ / ٢.

١٧٠

٣٥٤٧ ـ أبو راكة البجلي :

في آخر الباب الأوّل منصه أنّه من أصحاب عليعليه‌السلام من اليمن(١) ،تعق (٢) .

أقول : هو أبو أراكة بالهمزة وقد تقدّم(٣) .

٣٥٤٨ ـ أبو الربيع :

سلف أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ابن أبي العاص بن ربيعة ، وهو صهر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان مع عليعليه‌السلام كما تقدّم في محمّد بن أبي بكر(٤) .

٣٥٤٩ ـ أبو الربيع الأقطع الهلالي :

هو سليمان بن خالد(٥) ، نقد(٦) .

٣٥٥٠ ـ أبو الربيع الشامي :

له كتاب ، أخبرنا ابن أبي جيد ، عن محمّد بن الحسن ، عن سعد والحميري ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحسن بن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي ،ست : (٧) .

وفيجش : أخبرنا ابن نوح ، عن الحسن بن علي ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين إلى آخر ما فيست : (٨) .

__________________

(١) الخلاصة : ١٩٤ ، وفيها : أراكة.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٨٩.

(٣) عن الخلاصة : ١٩٤ ورجال البرقي : ٦.

(٤) عن رجال الكشّي : ٦٣ / ١١١.

(٥) رجال الشيخ : رجال الشيخ : ٢٠٧ / ٧٦ ورجال النجاشي : ١٨٣ / ٤٨٤.

(٦) نقد الرجال : ٣٨٨.

(٧) الفهرست : ١٨٦ / ٨٣٧.

(٨) رجال النجاشي : ٤٥٥ / ١٢٣٣.

١٧١

ومرّ في الأسماء اسمه خليد(١) أو خالد(٢) .

وفي شرح الإرشاد للشهيد ما مرّ في خالد بن جرير(٣) ، وفي ذلك نظر لا يخفى ، فلاحظ.

وفيتعق : للصدوق طريق إليه(٤) ؛ فهو من الحسان عند خاليرحمه‌الله (٥) .

وفي الكافي في باب حب الرئاسة حديث يدلّ على تشيّعه إلاّ أنّه يستفاد منه ذمّة(٦) (٧) .

أقول : في الوجيزة : مجهول(٨) . وظاهرجش وست : تشيّعه ، لكن ذكره فيصه في القسم الثاني(٩) .

وفيمشكا : عنه عبد الله بن مسكان ، وخالد بن جرير ، والحسن بن رباط كما في مشيخة الفقيه(١٠) (١١) .

__________________

(١) عن رجال النجاشي : ١٥٣ / ٤٠٣.

(٢) عن رجال الشيخ : ١٢٠ / ٥.

(٣) غاية المراد : ٨٧ كتاب البيع ، وفيه بعد ذكر رواية عن الحسن بن محبوب عن خالد بن جرير عن أبي الربيع الشامي قال : وقد قال الكشّي : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن الحسن بن محبوب.

قلت : في هذا توثيق ما لأبي الربيع الشامي واسمه خليد بن أوفى ، ولم ينصّ الأصحاب على توثيقه فيما علمت ، غير أنّ الشيخ ذكره في كتابيه وبعض المتأخّرين أثبته في المعوّل على روايته.

(٤) الفقيه المشيخة ـ : ٤ / ٩٨.

(٥) الوجيزة : ٣٧٠ / ٣١.

(٦) الكافي ٢ : ٢٢٦ / ٦.

(٧) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٨٩.

(٨) الوجيزة : ٢٠٦ / ٦٧٧.

(٩) بل ذكره في الفائدة الأُولى. الخلاصة : ٢٧٠ / ٢٠.

(١٠) الفقيه المشيخة ـ : ٤ / ٩٨.

(١١) هداية المحدّثين : ٢٨٢.

١٧٢

٣٥٥١ ـ أبو الربيع القزّاز :

عنه ابن أبي عمير في الصحيح(١) ،تعق (٢) .

٣٥٥٢ ـ أبو رجاء :

غير مذكور في الكتابين ، ومضى في المقدّمة الأولى(٣) .

٣٥٥٣ ـ أبو الرّضا :

عبد الله بن يحيى الحضرمي ، في الأولياء من أصحاب عليعليه‌السلام قي (٤) ، عنهصه (٥) .

٣٥٥٤ ـ أبو رفاعة :

الحجّاج بن رفاعة(٦) ، نقد(٧) .

٣٥٥٥ ـ أبو رويم الأنصاري :

قال علي بن أحمد العقيقي : إنّه ضعيف الأمر ،صه (٨) .

٣٥٥٦ ـ أبو رويم :

كنية لطلاّب بن وحشب(٩) ، نقد(١٠) .

__________________

(١) الكافي ١ : ٣٤٠ / ٤ ، علي بن إبراهيم عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن أبي الربيع القزّاز.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٨٩.

(٣) بل الثانية ، عن إكمال الدين : ٤٤٢ / ١٦ وفيه أنّه ممّن رأى القائمعليه‌السلام ووقف على معزته.

(٤) رجال البرقي : ٤.

(٥) الخلاصة : ١٩٢ ، وفيها : الجرمي ، وفي النسخة الخطيّة منها كما في المتن.

(٦) رجال النجاشي : ١٤٤ / ٣٧٣ والخلاصة : ٦٤ / ٦.

(٧) نقد الرجال : ٣٨٨.

(٨) الخلاصة : ٢٦٩ / ٣٣.

(٩) رجال الشيخ : ٢٢٢ / ٤ ورجال النجاشي : ٢٠٧ / ٥٤٩ ورجال ابن داود : ١١٢ / ٧٩٠.

(١٠) نقد الرجال : ٣٨٨.

١٧٣

أقول : يوصف بالشيباني كما مرّ(١) .

٣٥٥٧ ـ أبو زكريّا الأعور :

ثقة ، روى عنه علي بن رباط ،ظم (٢) . وزادصه : من أصحاب الكاظمعليه‌السلام (٣) .

أقول : فيمشكا : أبو زكريّا الأعور الثقة ، عنه علي بن رباط ، ومحمّد بن عيسى بن عبيد كما في مشيخة الفقيه(٤) (٥) .

٣٥٥٨ ـ أبو زياد النهدي :

عنه ابن أبي عمير في الصحيح(٦) .تعق (٧) .

٣٥٥٩ ـ أبو زيد :

مولى عمرو بن حريث شهد معه ، ي(٨) . وزادصه : من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٩) .

٣٥٦٠ ـ أبو ساسان :

اسمه الحصين بن المنذر كما مضى(١٠) ، وقد يقال : أبو سنان(١١) .

__________________

(١) عن رجال الشيخ : ٢٢٢ / ٤.

(٢) رجال الشيخ : ٣٦٥ / ٩.

(٣) الخلاصة : ١٨٧ / ٧.

(٤) الفقيه المشيخة ـ : ٤ / ٦٢.

(٥) هداية المحدّثين : ٢٨٢.

(٦) التهذيب ١ : ٤١٣ / ١٣٠١ بسنده عن محمّد بن علي بن محبوب عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن أبي زياد النهدي.

(٧) لم يرد له ذكر في نسخنا من التعليقة.

(٨) رجال الشيخ : ٦٦ / ٤٧ ، وفيه بدل معه : مع عليعليه‌السلام .

(٩) الخلاصة : ١٨٧ / ٣.

(١٠) عن رجال الشيخ : ٣٩ / ٣١ والخلاصة : ٦٢ / ٢.

(١١) رجال الكشّي : ٨ / ١٧ و ١١ / ٢٤ ، وفيه : أبو ساسان ، أبو سنان ( خ ل ).

١٧٤

٣٥٦١ ـ أبو سالم :

طالب بن هارون(١) ،تعق (٢) .

٣٥٦٢ ـ أبو سعيد :

له كتاب الطهارة ، أخبرنا به جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عنه ،ست : (٣) .

أقول : ظاهرست : تشيّعه ، ورواية جماعة كتابه تشير إلى القبول ، مضافاً إلى رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عنه مع ما عرف من طريقته وسلوكه مع من يروي عن الضعفاء ، فالرجل من الحسان ، ومرّ في الفوائد عن الأُستاذ العلاّمة ما ينبّه عليه(٤) .

٣٥٦٣ ـ أبو سعيد الآدمي :

اسمه سهل بن زياد(٥) .

٣٥٦٤ ـ أبو سعيد البكري :

غير مذكور في الكتابين ، وهو أبان بن تغلبرحمه‌الله (٦) .

٣٥٦٥ ـ أبو سعيد الخدري :

من السابقين الّذين رجعوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ،صه (٧) . اسمه‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٢٢٢ / ١٠.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٨٩.

(٣) الفهرست : ١٨٤ / ٨٢٣ ، وفيه : أبو سعد.

(٤) منتهى المقال : ١ / ٩١.

(٥) رجال الشيخ : ٤٠١ / ١ و ٤١٦ / ٤ و ٤٣١ / ٢ ورجال النجاشي : ١٨٥ / ٤٩٠ والخلاصة : ٢٢٨ / ٢.

(٦) الفهرست : ١٧ / ٦١ ورجال النجاشي : ١٠ / ٧ ورجال ابن داود : ٢٩ / ٤.

(٧) الخلاصة : ١٨٩ / ٢٠.

١٧٥

سعد بن مالك وقد تقدّم(١) .

وفيكش : حمدويه قال : حدّثنا أيّوب عن عبد الله بن المغيرة قال : حدّثني ذريح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ذكر أبو سعيد الخدري فقال : كان من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان مستقيماً ، قال : فنزع ثلاثة أيام فغسّله أهله ثمّ حملوه إلى مصلاّه فمات فيه(٢) .

وفي جامع الأصول : الخدري بضم المعجمة وسكون المهملة منسوب إلى خدرة ، واسمه الأبجر بن عوف ، وقيل : خدرة أمّ أبجر ، والأوّل أشهر ، وهم بطن من الأنصار ومنهم أبو سعيد الخدري(٣) .

وفيتعق : في العيون في الحسن عن الفضل بن شاذان أنّ المأمون سأل علي بن موسىعليه‌السلام أن يكتب له محض الإسلام على وجه الإيجاز والاختصار ، فكتب : البراءة من جماعة ، ثمّ قال : والولاية لأمير المؤمنينعليه‌السلام والّذين مضوا على منهاج نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يغيّروا ولم يبدّلوا ، مثل سلمان إلى آخر ما مضى في اسمه(٤) ، ثمّ قال : وهو يدلّ على جلالته ، ورجال الحديث : الصدوق عن عبد الواحد بن عبدوس عن علي بن محمّد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان ، وهم أجلّة ، ونحوه في البحار عن الخصال عن الأعمش عن الصادقعليه‌السلام (٥) (٦) .

أقول : ذكره في الحاوي في الحسان(٧) ، ولم أره في الوجيزة‌

__________________

(١) عن رجال الشيخ : ٤٣ / ٢.

(٢) عن رجال الكشّي : ٤٠ / ٨٣.

(٣) جامع الأُصول : ١٣ / ٤٥٩.

(٤) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢ : ١٢١ / ١ باب ٣٥ ، وفيه بدل عبد الواحد بن عبدوس : عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس.

(٥) الخصال : ٦٠٣ / ٩.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٩٠ إلاّ أن الّذي ورد فيها يختلف تماماً عمّا جاء هنا.

(٧) حاوي الأقوال : ١٩٢ / ٩٦٣.

١٧٦

أصلاً(١) ، وهو عجيب.

٣٥٦٦ ـ أبو سعيد السكري :

في بكر بن حبيب ما يظهر منه جلالته(٢) ،تعق (٣) .

٣٥٦٧ ـ أبو سعيد عقيصان :

كما مرّ عن ،صه (٤) . وفي القاموس عقيصى مقصوراً لقب أبي سعيد التيمي التابعي(٥) ، وكذا في الخرائج والجرائح(٦) .

أقول : ومرّ عنجخ أيضاً كذلك(٧) . وفي الوجيزة أنّه مجهول(٨) ، وليس بمكانه لما ذكرناه في أبي بكر بن حزم الأنصاري(٩) ، فراجع.

٣٥٦٨ ـ أبو سعيد القمّاط :

ظم (١٠) . هو خالد بن سعيد(١١) ،صه (١٢) . وقد يجي‌ء لصالح بن سعيد(١٣) .

__________________

(١) ذكره في الوجيزة : ٣٧٠ / ٢٩ عند تعرّضه لطرق الصدوق وعدّه ممدوحاً.

(٢) بل في ترجمة بكر بن محمّد بن حبيب ، عن رجال النجاشي : ١١٠ / ٢٧٩.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٩٠ ، وفيها : بكر بن محمّد بن حبيب.

(٤) الخلاصة : ١٩٣.

(٥) القاموس المحيط : ٢ / ٣٠٨.

(٦) ورد في هامش الخرائج والجرائح النسخة الحجريّة : ١٩٩ نقلاً عن حاشية المخطوطة المصحّحة. إلاّ أن فيها بدل التيمي : التميمي.

(٧) رجال الشيخ : ٤٠ / ١ و ٧٦ / ١.

(٨) الوجيزة : ٢٥٤ / ١١٧٩ في الأسماء ، وفيها عقيصا فقط.

(٩) وفيه أنّ ذكر البرقي لجماعة معيّنة من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام دون غيرهم يدلّ على أن لهم زيادة اختصاص ، خصوصاً بعد أن أردفهم بقوله : ومن المجهولين من أصحابهعليه‌السلام .

(١٠) رجال الشيخ : ٣٦٥ / ٥.

(١١) رجال النجاشي : ١٤٩ / ٣٨٧ ورجال ابن داود : ٨٧ / ٥٥١.

(١٢) الخلاصة : ٢٦٩ / ٦ الفائدة الأُولى.

(١٣) رجال الشيخ : ٢١٩ / ١٧ ورجال النجاشي : ١٩٩ / ٥٢٩.

١٧٧

وفيتعق : مرّ في صالح بن سعيد وأبي خالد القمّاط ما ينبغي أن يلاحظ(١) .

أقول : فيمشكا : أبو سعيد القمّاط الثقة خالد بن سعيد ، عنه محمّد بن سنان ، وإسماعيل بن مهران(٢) .

٣٥٦٩ ـ أبو سعيد المكاري :

له كتاب ،جش (٣) .

وزادست : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن حميد ، عن أبي محمّد القاسم بن إسماعيل القرشي ، عنه(٤) ، انتهى.

اسمه هاشم بن حيّان(٥) ، وقيل : هشام(٦) ، وتقدّم في حسين ابنه أنّهما وجهان في الواقفة(٧) .

أقول : فيمشكا : أبو سعيد المكاري الواقفي ، عنه القاسم بن إسماعيل القرشي ، وعثمان بن عبد الملك ، ويحيى بن عمران الحلبي(٨) .

٣٥٧٠ ـ أبو السفاتج :

روى عن الباقرعليه‌السلام حديث لوح فاطمة ( سلام الله عليها ) المتضمّن لأسماء الأئمّةعليهم‌السلام وكونهم حججاً وأوصياء(٩) ، وهو مشهور. ويظهر من سائر‌

__________________

(١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٩٠.

(٢) هداية المحدّثين : ٢٨٣.

(٣) رجال النجاشي : ٤٦٠ / له كتاب.

(٤) الفهرست : ١٩٠ / ٨٧٥.

(٥) رجال النجاشي : ٤٣٦ / ١١٦٩.

(٦) رجال الشيخ : ٣٣٠ / ٢١ ورجال ابن داود : ٢٠٠ / ١٦٧٥.

(٧) عن رجال النجاشي : ٣٨ / ٧٨.

(٨) هداية المحدّثين : ٢٨٤.

(٩) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١ : ٤٦ / ٥ باب ٦ ، وفيه : عن أبي السفاتج عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقرعليه‌السلام .

١٧٨

أخباره أيضاً تشيّعه.

ومرّ في إسحاق بن عبد العزيز عنصه وغيرها الخلاف في اسمه(١) ،تعق (٢) .

٣٥٧١ ـ أبو السفّاح البجلي :

هو أوّل قتيل من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام يوم صفّين ،صه (٣) ،ي (٤) .

٣٥٧٢ ـ أبو سليمان الحمّار :

اسمه داود بن سليمان وقد تقدّم(٥) .

وفيست : أبو سليمان الحمّار له كتاب ، رويناه عن جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن بن محبوب ، عنه(٦) .

٣٥٧٣ ـ أبو سمرة بن ذويب :

تقدّم في أبي الجوشاء أنّه خرج عليعليه‌السلام من الكوفة وهو على مقدّمة عسكره(٧) .

٣٥٧٤ ـ أبو السمهري :

قال سعد : وحدّثني محمّد بن عيسى بن عبيد قال : حدّثني إسحاق‌

__________________

(١) الخلاصة : ٢٠١ / ٧ ورجال الشيخ : ١٥٤ / ٢٣٧.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٩٠.

(٣) الخلاصة : ١٨٧ / ١.

(٤) رجال الشيخ : ٦٥ / ٣٥.

(٥) عن رجال النجاشي : ١٦٠ / ٤٢٣ والخلاصة : ٦٩ / ١٢.

(٦) الفهرست : ١٨٨ / ٨٦٢.

(٧) عن رجال الشيخ : ٦٥ / ٤٠.

١٧٩

الأنباري قال : قال لي أبو جعفر الثانيعليه‌السلام : ما فعل أبو السمهري لعنه الله يكذب علينا ويزعم أنّه وابن أبي الزرقاء دعاة إلينا ، أُشهدكم أنّي أبرأ إلى الله جلّ جلاله منهما ، إنّهما فتّانان ملعونان ،صه (١) .

وزاد فيكش على ما ذكره : يا إسحاق أرحني منهما يُرح الله عزّ وجلّ بعيشك في الجنّة ، فقلت(٢) : جعلت فداك يحلّ لي قتلهما إلى أن قال : وأشفق إن قتلته ظاهراً تُسأل لم قتلته؟ إلى أن قال : فيسفك دم بعض موالينا(٣) بدم كافر ، عليكم بالاغتيال.

قال محمّد بن عيسى : فما زال إسحاق يطلب ذلك أن يجد السبيل إلى أن يغتالهما بقتل وكانا قد حذّراه لعنهما الله(٤) .

٣٥٧٥ ـ أبو سمينة :

اسمه محمّد بن علي بن إبراهيم القرشي ، ضعيف ،صه (٥) .

أسلفناه بعنوان محمّد بن علي بن إبراهيم(٦) ، ومحمّد بن علي الصيرفي أيضاً(٧) .

٣٥٧٦ ـ أبو سنان الأنصاري :

ي(٨) . وفي الأصفياء من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ،قي (٩) عنه‌

__________________

(١) الخلاصة : ٢٦٨ / ٢٤.

(٢) في نسخة « م » : قلت.

(٣) في المصدر : دم مؤمن من أوليائنا.

(٤) رجال الكشّي : ٥٢٩ / ١٠١٣.

(٥) الخلاصة : ٢٧١ / ٣٧ الفائدة الأُولى.

(٦) عن رجال النجاشي : ٣٣٢ / ٨٩٤ والخلاصة : ٢٥٣ / ٢٩.

(٧) عن الفهرست : ١٤٦ / ٦٢٣ ورجال الكشّي : ٥٤٥ / ١٠٣٢ و ١٠٣٣.

(٨) رجال الشيخ : ٦٣ / ٣.

(٩) رجال البرقي : ٣.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

لأهداف عليا.

وبعبارة اُخرى : إنَّ الافعال الخارقة للعادة ليست ظواهر عارية عن العلل ، بل إنَّ علتها غير طبيعيّة ، وافتقاد العلة الطبيعية ( وخاصة العلة الطبيعية غير المعروفة ) ليس دليلا على افتقاد مطلق العلة.

والخلاصة ؛ إن قوانين الخلقة ليست بحيث لا يمكن تبدُّلها ، وتغيّرها بارادة بارئها وخالقها.

إنهم يقولون : إنَّ جميع خوارق العادة ، وجميع أفعال الأنبياء العجيبة الّتي تتصف بصفة الاعجاز ، والخارجة عن اطار القوانين الطبيعية ، تتحقق من هذه الزاوية.

إنَّ هذا الفريق من الناس لا يسمَحُون لأنفسهم بان يرفضوا الأعمال الخارقة للعادة ، والكرامات الّتي جاء ذكرها في القرآن الكريم ، والاحاديث ، أو وردت في المصادر التاريخية الصحيحة المعتبرة ، أو يكشوا فيها بحجة أنها لا توافق الموازين الطبيعية ، والقوانين العلمية.

وها نحن نشير إلى قضيتين عجيبتين وقعتا في فترة الطفولة من حياة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومع اخذ ما قلناه بنظر الاعتبار لا يبقى أي مجال للترديد ، أو الاستبعاد :

١ ـ لقد نقَلَ المؤرخون عن « حليمة السعدية » قولها بأنها لمّا تكفلَّت إرضاع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أرادت أن ترضعه في محضر اُمّها ، ففتحت جيبها وأخرجت ثديها الايسر ، وأخذت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوضعته في حجرها ، ووضعت ثديها في فمه ، فترك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثديها ، ومالَ إلى ثديها الأيمن ، فاخذت « حليمة » ثديها الأيمن من يد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووضعت ثديها الأيسر في فمه وذلك أنَّ ثديها الأيمن كان جهاماً ( أي خالياً من اللبن ولم يكن يدرُّ به ) ، وخافت ( حليمة ) أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا مصَّ الثدي ولم يجد فيه شيئاً لا يأخذ ـ بعده ـ الأيسر. ولكن النبيّ أصرَّ على أخذ الثدي الأيمن ، فلمّا مصَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأيمن امتلأ فانفتح حتّى ملأ شدقيه

٢٢١

فادهش الجميع ذلك(١) .

٢ ـ وتقول « حليمة » أيضاً : إن البوادي أجدبت وحملنا الجُهد على دخول البلد ، فدخلتُ مكة مع نساء بني سعد فأخذتُ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعرفنا به البركة والزيادة في معاشنا ورياشنا حتّى أثرينا ، وكثرت مواشينا ، وأموالنا(٢) .

إنَّ مَن المسلم أنَّ حكم الماديين ، أومن يحذو حذوهم ويتبع منهجهم في هذه المسائل يختلف عن حكم المؤمنين باللّه.

فان أتباع المنهج المادي إذ عجزوا عن تفسير هذا النوع من القضايا من زاوية العلوم الطبيعية ، نجدهم يبادرون إلى اعتبار هذه الحوادث من نسج الخيال ، ومن ولائد الاوهام ، واما إذا كانوا اكثر تأدباً لقالوا : إن رسول الإسلام ليس بحاجة إلى امثال هذه المعاجز :

ونحن نقول : لا نقاش في أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غني عن هذه المعاجز إلاّ أن عدم الحاجة شيء ، والحكم بصحة هذه الاُمور أو بطلانها شيء آخر.

وأما المؤمن باللّه الّذي يردُّ النظام الطبيعي ، إلى مشيئة اللّه خالق الكون وارادته العليا ، ويعتقد بأن كل الحركات والظواهر في العالم الطبيعي من اصغر اجزائه ( الذرة ) إلى اكبر موجوداته ( المجرة ) يجري تحت تدبيره ، ونظارته ، فانه بعد التحقق من مصادر هذه الحوادث والتأكد من وقوعها ينظر إليها بنظر الاحترام ، وأمّا إذا لم يطمئن إليها لم يرفضها رفضاً قاطعاً.

ولقد ورد في القرآن الكريم نظائر عديدة لهذه القصة حول « مريم » اُم عيسى فالقرآن يخبرنا عن تساقط الرطب الجَنيّ من جذع النخلة اليابسة كرامة لوالدة المسيح عندما لجأت إليه مريم عند المخاض إذ يقول : « ...ألاّ تَحزَني قَدْ جَعلَ رَبُّكِ تَحتك سَريّاً. وَهُزِّي إليْكِ بِجذْع النَخلةِ تُساقِط عَليْك رُطباً جَنِيّاً »(٣) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج ١٥ ، ص ٣٤٥ و ٣٤٦.

٢ ـ المناقب لابن شهراشوب : ج ١ ، ص ٢٤.

٣ ـ مريم : ٢٤ و ٢٥.

٢٢٢

إنه وان كان الفرق بين « مريم » و « حليمة » شاسعاً وكبيراً من حيث الملكات الفاضلة والمكانة ، والمنزلة ، إلاّ أن منزلة « مريم »عليها‌السلام لو استوجبت مثل هذا اللطف الالهي ، ففي المقام استوجب نفسُ مقام الوليد العظيم ، ومكانته عند اللّه تعالى أن تشمله العناية الالهية.

كما انه قد جاء في القرآن الكريم حول مريمعليها‌السلام امور اُخرى مشابهة.

ان عصمة هذه المرأة الطاهرة ، وتقاها وطهرها البالغ كانت بحيث أن « زكريا » كلّما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقاً ، فاذا سألها : مِن أينَ لكِ هذا قالت : هو مِنْ عِند اللّه؟(١) .

وَعلى هذا الأساس يجب أن لا نتردَّد ولا نسمح لانفسنا بأن نشك في مثل هذه الكرامات ، أو نستبعدها.

خَمسَةُ أعوام في الصَحْراء :

أمضى وليدُ « عبد المطلب » في قبيلة « بني سعد » مدة خمسة أعوام ، بلغ فيها أشده.

وخلالَ هذه المدة اخذته « حليمة » إلى اُمّه مرتين أو ثلاث ، وقد سلّمته إلى اُمه في آخر مرة.

وكانت المرّة الاُولى من تلك المرات عند فطامه ، ولهذا السبب اتت بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « حليمة » إلى مكة ولكنها عادت به إلى الصحراء باصرار منها ، وكان السبب وراء هذا الاصرار على اصطحابه معها إلى البادية هو أن هذا الوليد قد اصبح مبعث خير ورخاء ، وبركة في منطقتها ، وقد دفع شيوعُ مرض الوباء في « مكة » إلى أن تقبل امُّه الكريمة بهذا الطلب(٢) .

وأما المرةُ الثانيةُ من تلك المرات فكانت عندما قدم جماعة من نصارى

__________________

١ ـ «وَكَفَّلها زكريّا كُلَّما دَخلَ عَلَيْها زكَريّا المِحْرابَ وَجدَ عِنْدها رزْقاً قال يا مَريَمُ أنّى لَكِ هذا قالَتْ هُو مِنْ عِنْد اللّه » ( آل عمران : ٣٧ ).

٢ ـ بحار الأنوار : ج ١٥ ، ص ٤٠١.

٢٢٣

الحبشة إلى الحجاز ، فوقع نظرهم على محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في « بني سعد » ، ووجدوا فيه جميع العلائم المذكورة في الكتب السماوية للنبي الّذي سيأتي بعد عيسى المسيحعليه‌السلام ، ولهذا عزموا على أخذه غيلة إلى بلادهم لما عرفوا ان له شأنا عظيماً ، لينالوا شرف احتضانه ويذهبوا بفخره(١) .

ولا مجال لاستبعاد هذه القضية لأن علائم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذُكِرَت في الانجيل حسب تصريح القرآن الكريم ، فلا يبعد أن علماء النصارى قد تعرّفوا في ذلك الوقت على النبيّ من العلائم الّتي قرأوها ودرسوها في كتبهم.

يقول القرآن الكريم في هذا المجال : «وَإذْ قالَ عِيْسى بْنُ مرْيَم يا بَني إسْرائيلَ إنّي رَسُولُ اللّه إليْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْن يَديَّ مِنَ التوْراة وَمُبشِّراً بِرَسُول يأتْي مِنْ بَعْدي اسْمُهُ أَحمَد فَلمّا جَاءهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبيْنٌ »(٢) .

ثمّ انّ في هذا الصعيد آياتٌ اُخر صرَّحت بجلاء بأن علائم رسول الإسلام في الكتب السماوية الماضية في وضوح ، ومن غير إبهام ، وأن الامم السابقة كانت على علم بهذا الأمر(٣) .

__________________

١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ١٦٧.

٢ ـ الصف : ٦.

٣ ـ «الذين يتَّبِعُونَ الرسول النبيّ الاُميَّ الَّذي يَجِدُونَهُ مكْتُوباً عِندَهُمْ في التوراة والإنْجيل » ( الأعراف : ١٥٧ ).

٢٢٤

٧

العَوْدة

إلى اَحضان العائلة

لقد خَلقَت يدُ القدرة الالهية كلَ فرد من أفراد النوع الانساني لأمر معين ، فهناك من خلق لا كتساب العلم والمعرفة ، وهناك من خُلقَ للاختراع والاكتشاف ، وثالثٌ خلق للسعي والعمل ، وبعض للتدبير والسياسة وفريق للتدريس والتربية وهكذا.

وإن المربِّين المخلصين الذين يهمّهم تقدم الأَفراد أو رقيّ مجتمعهم لا يعمدون إلى نَصب أحد في عمل من الاعمال ولا يعهدون إليه مسؤولية من المسؤوليات إلاّ بعد اختبار سليقته ومواهبه ، بغية وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، إذ في غير هذه الحالة يتعرِّض المجتمع لضررين كبيرين : احدهما : أن لا يوكل إلى الفرد ما يستطيع القيام به ، والثاني : ان يبقى العمل الّذي قام به ناقصاً ، مبتوراً.

وقد قيل في المثل : لكل انسان موهبة ، والسعيد هو من اكتشف تلكم المواهب ، واصابها.

وقد ذكروا أن استاذاً كان ينصح تلميذاً له كسولا ، ويعدّد له مضارَّ الكسل والتواني ، ويصف له حال من ترك الاشتغال بالعلم ، وضيّع ربيع حياته في البطالة والغفلة.

وبينما الاستاذ ينصح تلميذه ـ وهو يسمع مواعظ اُستاذه ـ رأى تلميذه يرسم

٢٢٥

بقطعة من الجص صورة على المنضدة ، فادرك من فوره أن هذا الصبيّ لم يُخلق للدرس وتحصيل العلم ، بل خلقته يد القدرة للرسم ، فطلب منه أن يصطحب اباه إلى المدرسة في اليوم القادم ، ثم قال لوالد الصبيّ : إذا كان ولدك هذا كسولا في التعلم ، والتحصيل فانه يمتلك ذوقاً رفيعاً في الرسم ، ورغبة كبيرة في التصوير.

وقبل الوالد نصيحة المعلّم هذه ولم يمض زمانٌ طويل إلاّ وبرع الصبي وغدى قمة في هذا الفن ، بعد أن تابع هوايته بشغف وأكثر من ممارستها.

إن فترة الطفولة والصبا في حياة الأشخاص خير فرصة لأولياء الأطفال بأن يختبروا مواهب أبنائهم ، ويتعرفوا عليها من خلال تصرفاتهم ، وأفكارهم وردودهم ، لأن حركات الطفل وأقواله الجميلة والحلوة خير مرآة لما ينطوي عليه من مواهب وقابليات وصفات لوتوفرت لها ظروف التربية الصحيحة لأمكن الاستفادة منها على أفضل صورة ، وأحسن وجه.

إن مطالعة فاحصة لحياة النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقواله وأفعاله إلى وقت البعثة المباكرة تُوقفنا على صورة كاملة لشخصيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتوضح لنا أهدافه العليا ، على أن مطالعة صفحات الطفولة في حياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقط لا تكشف لنا عن مستقبله المشرق ، بل ان دراسة الصورة الاجمالية لحياته وتاريخه إلى يوم مبعثه الشريف ، وإعلانه عن نبوَّته وقيادته للمجتمع ، تخبرنا عن ذلك المستقبل العظيم ، وبالتالي عن هذه الحقيقة وهي ان هذه الشخصية خُلِقَت لأيّ عمل ، وأن إدعاء الرسالة والقيادة له هل ينسجمُ مع سوابقه التاريخية أم لا؟؟

هل تُؤيّد تفاصيلُ حياتِه خلال أربعين سنة قبل الرسالة ، وهل تؤيّد أفعالُه واقوالُه ، وبالتالي : سلوكه مع الناس ومعاشرته الطويلة مع الآخرين رسالته أم لا؟؟

من هنا نعمدُ إلى عرض بعض الصفحات من حياة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ايامها وسنواتها الاولى.

٢٢٦

لقد حافظت مرضعةُ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليه خمس سنوات ، وقامت في هذه المدة برعاية شؤونه خير قيام ، وبالغت في كفالته والعناية به ، وفي خلال هذه المدة تعلّم النبي لغة العرب على احسن ما يكون ، حتّى انهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يفتخر بذلك في ما بعد إذ كان يقول :

أنا أعربكُمْ ( اي أفصحكم ) وارضعت في بني سعد »(١) .

ثم ان « حليمة » جاءت به إلى « مكة » ، وبقي عند امّه الحنون ردحاً من الزمن ، وفي كفالة جده العظيم : « عبد المطلب » ردحاً آخر منه ، وكان هو السلوة الوحيدة لاقاربه والبقية الباقية من ابيه : « عبد اللّه »(٢) .

سَفْرةٌ إلى يثرب :

منذ أن فقَدت كَنّة « عبد المطلب » وعروس ابنه : « آمنة » زوجها الشاب الكريم : « عبد اللّه » باتت تترقب الفرص لتذهب إلى « يثرب » وتزور قبر زوجها الحبيب الفقيد عن كثب ، وتزور اقاربها في يثرب في نفس الوقت.

وذات مرة فكَّرت بأن تلك الفرصة قد سنحت ، وأن ولدها « محمَّداً » قد كبُر ، ويمكنه أن يشاركها في حزنها ، فتهيأت هي واُمّ ايمن للسفر ، واتجهت نحو يثرب برفقه « محمَّد » ، ولبثت هناك شهراً.

ولقد انطوت ( وبالاحرى حملت ) هذه السفرة على بعض الآلام الروحية لوليد قريش « محمّد » لأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى فيها ولأوّل مرة البيت الّذي توفي فيه والده العزيز ، ودفن(٣) وكانت والدته قد حدَّثته بامور عن والده إلى ذلك الحين.

وكانت لا تزال سحابةُ الحزن تخيّم على روحه الشريفة إذ فوجئ بحادثة مقرحة اُخرى ، وغشيه موج آخر من الحزن لأنه عند عودته إلى مكة فقد اُمّه

__________________

١ ـ السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ٨٩.

٢ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ١٦٧.

٣ ـ كان البيت الّذي يضمّ قبر « عبد اللّه »عليه‌السلام لا يزال موجوداً حتّى قُبيل توسعة الدائرة حول المسجد النبوي الطاهر ، ولكنه اُزيل بحجّة إيجاد تلك التوسعة.

٢٢٧

العزيزة في اثناء الطريق في منطقة تدعى ب‍ « الابواء »(١) .

إنَ هذه الحادثة قد عزَّزتْ مكانة الرسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عشيرته اكثر فأكثر ، وجعلته يتمتع بمحبّة أزيد منهم ، فهو الزهرة الوحيدة من تلك الجنينة المباركة ، كما انه صار منذ ذلك الحين يتمتع بعناية أكبر من قبل جده « عبد المطلب » ولهذا كان يحبُّه اكثر من أبنائه ، بل ويؤثره عليهم جميعاً.

ومن ذلك أنه كان يُمدُّ في فناء الكعبة المعظمة بساطٌ لزعيم قريش « عبد المطلب » فيجلس هو عليه ويتحلَّقُ حوله وجوهُ قريش وسادتها وأولادُه فإذا وقَعت عيناه على بقية عبد اللّه « محمَّد » أمر بأن يُفرَّجَ له حتّى يتقدم نحوه ثم يُجلِسُه إلى جنبه على ذلك البساط المخصوص به(٢) .

ان القرآن الكريم يُذكّر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفترة يتمه ويقول : «ألمَ يجدْكَ يتيماً فآوى ».

إن الحكمة وراءيتم وليد قريش ليست واضحة لنا تمام الوضوح ، ولكننا نعلم إجمالا بأن سيل هذه الحوادث المؤلمة احيانا ، والمزعجة احيانا اخرى لم يك خالياً عن حكمة معقولة ومصلحة رشيدة ، بيد أننا مع كل هذا يمكن لنا الحدس بأن اللّه تعالى أراد أن يذوق قائد العالم البشري ومعلمه ، وإمام الإنسانية وهاديها ـ وقبل ان يتسلم مهامه ، ويزاول مسؤولياته العظمى ويبدأ قيادته ـ حُلو الحياة ومرَّها ، ويجرِّب سراء العيش وضرّاءه ، حتّى تتهيَّأ لديه تلك الروحُ الكبرى الصبورة الصامدة ، ويدّخر من تلك الحوادث الصعبة تجارب ودروساً ، ويعدّ نفسه لمواجهة مسلسل الشدائد والمصاعب ، والمشاق والمتاعب الّتي كانت تنتظره في المستقبل.

وربما أراد اللّه تعالى أن لا تكون في عنق نبيِّه طاعة لأحد ، ولهذا انشأه حراً خلياً من كل قيد ، منذ الايام الاُولى من حياته ، يصنع نفسَه بنفسِه ويقيّض لها موجبات الرشد ، واسباب الرقيّ ليتضح أن نبوغَهُ ليس نبوغاً بشرياً عادياً ومألوفاً

__________________

١ ـ السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ١٠٥.

٢ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ١٦٨.

٢٢٨

وانه لم يكن لوالديه اي دخل فيه وفي مصيره ، وبالتالي فان عظمته الباهرة نابعةٌ من مصدر الوحي ، وليست من العوامل العادية والاسباب المأنوسة المتعارفة.

وَفاة عبْدالمُطَّلب :

لقد جرت عادة الحياة ان تتعرض للمرء باستمرار ، وتستهدف سفينة حياته كالأمواج المتلاحقة مُوجِّهة ضرباتها القوية لروحه ، ونفسه.

أجل هذه هي طبيعة الحياة وسنتها مع أفراد النوع الانساني من دون استثناء.

ولم يكن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمعزل عن هذ السنة المعروفة وهذه القاعدة الحياتية العامة.

فلم تكن أمواج الحزن تفارق قلب رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لوفاة والديه بعد حتّى فاجأته مصيبة كبرى.

إنه لم يكن يمض من عمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اكثر من ثمان سنوات إلا وفقد جدّه العظيم « عبد المطلب » ، وقد اعتصَرت وفاة « عبد المطلب » قلب رسول اللّه ألماً وحزناً ، وكان لها وقعٌ شديدٌ على نفسه المباركة ، حتّى أنه بكى لفقده بكاء شديداً وظلّت دموعُه تجري من أجله إلى أن وري في لحده ، ولم ينس ذكره أبداً!!(١) .

كفالة أبي طالب للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

سيكون لنا حديثٌ مفصَّل حول شخصيّة أبي طالب في فصل خاص(٢) وسنثبت هناك إيمانه برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالوثائق والأدلة القاطعة ، ولكنَّ من المناسب الآن أن نستعرض بعض الحوادث المرتبطة بفترة كفالته للنبي

__________________

١ ـ كتب اليعقوبي في تاريخه : ج ٢ ، ص ١٠ و ١١ من تاريخه حول سيرة عبد المطلب ، وأنه كان موحِّداً لاوثنياً ، وذكر أن الإسلام أمضى الكثير من سننه.

٢ ـ في حوادث السنة العاشرة.

٢٢٩

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

لقد تكَفَّل أبو طالب ـ ولأَسباب خاصة ـ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتقبل تحمُّل هذه المسؤولية بفخر واعتزاز ، ولأنّ أبا طالب ـ مضافاً إلى العلل المشار إليها ـ كان أخاً لوالد النبي من أُمٍّ واحدة أيضاً(١) كما أنّه كانَ معروفاً بجوده وكرمه ، ومن هنا أوكلّ « عبد المطلب » أمر كفالة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حفيده ، إليه ، وسوف نقص عليك تدريجاً سطوراً ذهبية من تاريخه ، تمثل شاهد صدق على خدماته القيمة ، وأياديه الجليلة.

يقولون : إن النبي شارك وهو في العاشرة من عمره جنباً إلى جنب مع عمّه في حرب من الحروب(٢) وحيث أن هذه الحرب وقعت في الأشهر الحُرم لذلك سُمّيت بحرب « الفجار » وقد وردت تفاصيل حروب « الفجار » في التاريخ بشكل مسهَب.

سَفرةٌ إلى الشام :

لقد جرت العادة ان يسافر تجار قريش إلى الشام كل سنة مرة واحدة.

فعزم « ابو طالب » على أن يشارك في رحلة قريش السنوية هذه ذات مرة ، وعالج مشكلة ابن اخيه « محمَّد » الّذي ما كان يقدر على مفارقته بأنه قرر أن يتركه في مكة في حراسة جماعة من الرجال ، ولكنه ساعة الرحيل واجه من ابن اخيه العزيز ما غيّر بسببه قراره المذكور فقد شاهد « محمَّداً » وقد اغرورقت عيناه بالدموع لفراق كفيله الحميم « ابي طالب » ، فاحدثت ملامح « محمَّد » الكئيبة طوفاناً من المشاعر العاطفية في قلب « أبي طالب » بحيث اضطرته إلى أن يرضى

__________________

١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ١٧٩ ، وامهما هي فاطمة المخزومية.

٢ ـ لقد كتب اليعقوبي في تاريخه : ج ١ ، ص ١٥ طبعة النجف أنّ أبا طالب لم يشترك في هذه الحرب قط ، كما لم يسمح لبني هاشم بالمشاركة فيها أيضاً ، لأنه كان ظلماً وعدواناً وقطيعة رحم واستحلالا للشهر الحرام.

٢٣٠

بمشقة اصطحاب « محمَّد » في تلك الرحلة(١) .

لقد كانت سفرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الّتي قام بها بصحبة عمّه وكافله « ابي طالب » في الثانية عشرة من عمره ، من اجمل وأطرف اسفارهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عَبر فيها على : « مَديَن » و « وادي القرى » و « ديار ثمود » واطّلع على مشاهد الشام الطبيعية الجميلة.

ولم تكن قافلة قريش التجارية قد وَصلت إلى مقصدها حتّى حدثت في منطقة تدعى « بصرى » قضية غيرت برنامج « ابي طالب » وتسببت في عدوله عن المضي به في تلك الرحلة والقفول إلى مكة.

واليك فيما يلي مجمل هذه القضية :

كان يسكن في « بصرى » من نواحي الشام راهبٌ مسيحي يدعى « بحيرا » يتعبّد في صومعته ، يحترمه النصارى في تلك الديار.

وكانت القوافل التجارية إذا مرت على صومعته توقفت عندها بعض الوقت وتبركت بالحضور عنده.

وقد اتفق أن التقى هذا الراهبُ قافلة قريش الّتي كان فيها رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلفت نظره شخصيةُ « محمَّد » ، وراح يحدق في ملامحه ، وكانت نظراته هذه تحمل سراً عميقاً ينطوي عليه قلبه منذ زمن بعيد وبعد دقائق من

__________________

١ ـ ويذكر « أبو طالب » في ابيات له قصّة هذه السفرة وما جرى فيها من البدء إلى الختام نقتطف منها بعض الأبيات :

إنَّ ابنَ آمِنة النبي محمَّداً

عِندي يفوقُ منازل الأولاد

لما تعَلّق بالزمام رحمتُه

والعيسُ قد قلَّصْنَ بالازواد

فَارفضَّ من عينيّ دمع ذارفٌ

مثل الجمان مُفرّق الأفراد

راعيتُ فيه قرابة موصولة

وحفَظت فيه وصية الأجداد

وأمرتُه بالسير بين عمومة

بيض الوجوه مصالت أنجاد

حتّى إذا ما القومُ بُصرى عاينوا

لاقوا على شرك من المرصاد

حبراً فاخبرهم حديثاً صادقاً

عنه وردّ معاشر الحُسّاد

( تاريخ ابن عساكر : ج ١ ، ص ٢٦٩ ـ ٢٧٢ وديوان ابي طالب : ص ٣٣ ـ ٣٥ ).

٢٣١

النظرات الفاحصة ، والتحديق في وجه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج عن صمته وانبرى سائلا : اُنشدكم باللّه أيّكم وليّه؟

فاشار جماعة منهم إلى « أبي طالب » وقالوا : هذا وليّه.

فقال « ابو طالب » : إنه ابن أخي ، سلني عمّا بدا لك.

فقال « بحيرا » : إنه كائن لابن أخيك هذا شأنٌ عظيمٌ ، نجده في كتبنا وما روينا عن آبائنا ، هذا سيّدُ العالمين ، هذا رسول رب العالمين ، يبعثه رحمة للعالمين. إحذرْ عليه اليهود لئن رأوه وعرفوا منه ما أعرف ليقصدنَّ قتلَه(١) .

هذا وقد اتفق اكثر المؤرخين على أنَّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يتعدَّ تلك المنطقة ، وليس من الواضح أن عمه « أبا طالب » بعثه إلى مكة مع أحد ، ( ويُستَبعد أن يكون عمُه قد رضي بمفارقته منذ أن سمع تلك التحذيرات من الراهب بحيرا ) ، أم أنه اصطحبه بنفسه إلى مكة ، وانثنى عن مواصلة سفره إلى الشام(٢) .

وربما قيل أنه تابع ـ بحذر شديد ـ سفرَهُ إلى الشام مع ابن اخيه « محمَّد ».

اُكذُوبَةُ المُسْتشرقيْن :

لقد آلينا على أنفسنا في هذا الكتاب ان نشير إلى أخطاء المستشرقين وغلطاتهم بل وربما أكاذيبهم ، واتهاماتهم الباطلة ، وشُبههُم الواهية ليتضح للقراء الكرام الى أي مدى يحاول هذا الفريق إرباك أَذهان البُسطاء من الناس ، وبلبلة عقولهم حول قضايا الإسلام!!

إن قضية اللقاء الّذي تم ـ في بصرى ـ بين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والراهب « بحيرا » لم تكن سوى قضية بسيطة ، وحادثة عابرة وقصيرة ، إلا أنها وقعت في ما بعد ذريعة بايدي هذه الزمرة ( المستشرقون ) فراحوا يصرّون أشدّ اصرار على أنّ

__________________

١ ـ روى تاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ٣٢ و ٣٣ ، والسيرة النبوية : ج ١ ، ص ١٨٠ ـ ١٨٣ هذه القصّة بتفصيل اكبر وقد اختصرناها هنا تمشياً مع حجم هذا الكتاب.

٢ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ١٨٢ و ١٨٣.

٢٣٢

ما أظهره رسولُ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تعاليم رفيعة سامية بعد ٢٨ عاماً ، واستطاع بها أن يُحيي بها تلك الاُمة الميّتة قد تلقاها من الراهب « بحيرا » في هذه السفرة. ويقولون : إن « محمَّداً » بما تمتع به من قوة ذاكرة ، وصفاء نفس ودقة فكر ، وعظمة روح وهبته اياها يد القدر ، أخذ من الراهب « بحيرا » في لقائه به ، قصص الانبياء السالفين والاقوام البائدة مثل عاد وثمود ، وكثيراً من تعاليمه الحيوية.

ولا ريب في أن هذا الكلام ليس سوى تصور خيالي لا يتلاءم ولا ينسجم مع حياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بل وتكذبه الموازين العقلية ، واليك بعض الشواهد على هذا :

١ ـ لقد كان « محمَّد »صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باجماع المؤرخين اُميّاً ، لم يتعلم القراءة والكتابة ، وكان عند سفره إلى الشام ، ولقائه ب‍ « بحيرا » لم يتجاوز ربيعه الثاني عشر بعد ، فهل يصدق العقل ـ والحال هذه ـ أن يستطيع صبيٌ لم يدرس ولم يتعلّم القراءة والكتابة ولم يتجاوز ربيعه الثاني عشر ان يستوعب تلك الحقائق من « التوراة » و « الإنجيل » ، ثم يعرضها ـ في سن الاربعين ـ على الناس بعنوان الوحي الالهيّ والشريعة السماوية؟!

إن مثل هذا الأمر خارج عن الموازين العادية ، بل ربما يكون من الاُمور المستحيلة لو أخذنا بنظر الاعتبار حجم الإستعداد البشري.

٢ ـ إن مدة هذا اللقاء كان اقل بكثير من أن يستطيع محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مثل تلك الفترة الزمنية القصيرة أن يستوعب « التوراة » و « الانجيل » ، لأن هذه الرحلة كانت رحلة تجارية ولم يستغرق الذهاب والاياب والاقامة اكثر من أربعة أشهر ، لأن قريشاً كانت تقوم في كل سنة برحلتين ، في الصيف إلى « الشام » ، وفي الشتاء إلى « اليمن » ، ومع هذا لا يُظنّ أن تكون الرحلة برمتها قد استغرقت اكثر من اربعة أشهر ، ولا يستطيع اكبر علماء العالم واذكاهم من أن يستوعب في مثل هذه المدة القصيرة جداً محتويات ذينك الكتابين ، فضلا عن صبي لم يدرس ، ولم يتعلم القراءة والكتابة من احد.

٢٣٣

هذا مضافاً إلى أنه لم يكن يصاحبصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك الراهب كل تلك الاشهر الاربعة بل ان اللقاء الّذي وقع إتفاقاً في أحد منازل الطريق لم يستغرق سوى عدة ساعات لا اكثر.

٣ ـ إن النَص التاريخي يشهد بأن « ابا طالب » كان ينوي اصطحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الشام ، ولم يكن مقصده الأصلي « بصرى » بل إن « بصرى » كان منزلا في أثناء الطريق تستريح عنده القوافل التجارية أحياناً ، ولفترة جداً قصيرة.

فكيف يمكن في مثل هذه الصورة ان يمكث رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك المنطقة ، ويشتغل بتحصيل علوم « التوراة » و « الانجيل » ومعارفهما؟ سواء قلنا بأن « ابا طالب » أخذه معه إلى الشام ، أو عاد به من تلك المنطقة إلى مكة أو أعاده بصحبة أحد إلى مكة؟!

وعلى كل حال فان مقصد القافلة ومقصد « ابي طالب » لم يكن « بصرى » ليقال : ان القافلة اشتغلت فيها بتجارتها ، بينما اغتنم « محمَّد » الفرصة واشتغل بتحصيل معارف العهدين.

٤ ـ إذا كان محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد تلقى اُموراً ومعارف من الراهب المذكور اذن لاشتهر ذلك بين قريش حتماً ، ولتناقل الجميع خبر ذلك بعد العودة إلى مكة.

هذا مضافاً إلى أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه ما كان يتسطيع أن يدعي امام قومه في ما بعد بأنه اُميُّ لم يدرس كتاباً ، ولا تلمذ على أحد ، في حين أن النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم افتتح رسالته بهذا العنوان ، ولم يقل أحدٌ ، يا محمَّد كيف تدعي بأنك لم تقرأ ولم تدرس عند احد وقد درست عند راهب « بصرى » وتلقيت منه هذه الحقائق الناصعة وانت في الثانية عشرة من عمرك؟

لقد وَجَّه مشركوا مكة جميع انواع الإتهام إلى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبالغوا في البحث عن أيّة نقطة ضعف في قرآنه يمكن أن يتذرعوا بها لتفنيد دعوته ، حتّى أنهم عندما شاهدوا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات مرةْ عند

٢٣٤

« مروة » يجالس غلاماً نصرانياً استغلوا تلك الفرصة وقالوا : لقد أخذ « محمّد » كلامه من هذا الغلام ، ويروي القرآن الكريم مزعمتهم هذه بقوله : «ولَقدْ نَعلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّما يُعَلِّمُهُ بَشرٌ لِسانُ الَّذي يُلْحدْونَ إليْه أَعجَمِيَّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيّ مُبيْنٌ »(١) .

ولكن القرآن الكريم لم يتعرض لذكر هذه الفرية قط كما أن قريشاً المجادلين المعاندين لم يتذرعوا بها أبداً ، وهذا هو بعينه دليلٌ قاطعٌ وقويٌ على أن هذه الفرية من افتراءات المستشرقين في عصرنا هذا ، ومن نسج خيالهم!!

٥ ـ إن قصص الانبياء والرسل الّتي جاءت في القرآن الكريم على وجه التفصيل تتعارض وتتنافى مع ما جاء في التوراة والانجيل.

فقد ذُكِرَت قصصُ الأنبياء واحوالهم في هذين الكتابين بصورة مشينة جداً ، وطُرحت بشكل لا يتفق مع المعايير العلمية والعقلية مطلقاً ، وان مقايسة عاجلة بين هذين الكتابين من جانب وبين القرآن الكريم من جانب آخر تثبت بأن قضايا القرآن الكريم ومعارفه لم تتخذ من ذينك الكاتبين بحال ، ولو أن النبيَ محمَّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد اكتسب معارفه ومعلوماته حول الانبياء والرسل من العهدين لجاء كلامُه مزيجاً بالخرافات والأَوهام(٢) .

٦ ـ إذا كان راهب « بُصرى » يمتلك كل هذه الكمية من المعلومات الدينية والعلميّة الّتي عرضها رسولُ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلماذا لم يحض هو بأي شيء من الشهرة ، ولماذا ترى لم يُربِّ غير « محمَّد » في حين أن معبَده كان مزار الناس ومقصدَ القوافل؟!

٧ ـ يعتبرُ الكتاب المسيحيّون « محمّداً »صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلا أميناً صادقاً ، والآيات القرآنية تصرح بأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن على علم مسبق

__________________

١ ـ النحل : ١٠٣.

٢ ـ تتجلى هذه الحقيقة أكثر فاكثر إذا ما قارنّا بين مواضيع القرآن الكريم ، وبين ما جاء في نصوص العهدين ( التوراة والأنجيل ) وقد تصدى بعض الكتاب الاسلاميين لمثل هذه المقارنة ، وقد تعرضنا لها ايضاً في بعض دراساتنا.

٢٣٥

أصلاً بقصص الأَنبياء والاُمم السابقين ، وأن معلوماته في هذا الصعيد لم تحصل لديه إلا عن طريق الوحي.

فقد جاء في سورة « القصص » الآية (٤٤) هكذا : «وما كُنْتَ بجانِب الغرْبيِّ إذْ قَضيْنا إلى مُوْسى الأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشّاهِديْن ».

وجاء في سورة « هود » الآية (٤٩) بعد نقل قصة نوح : «تِلْكَ مِنْ أَنباء الْغَيْبِ نُوحيها إليكَ ما كُنْتَ تَعلَمُها أَنْت وَلا قومُك مِنْ قَبْل هذا ».

إن هذه الآيات توضح أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن على علم أبداً بهذه الحوادث ، والوقائع.

وهكذا جاء في الآية (٤٤) من سورة « آل عمران » : «ذلِكَ مِنْ أنْباء الْغيْبِ نُوْحيه إلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيهِمْ إذْ يُلْقُوْنَ أقْلامهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ، وَما كُنْتَ لَديْهم إذْ يَخْتصِمُونَ ».

إن هذه الآية وغيرها من الآيات العديدة تصرح بأن هذه الأخبار الغيبيّة وصلت إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن طريق الوحي فقط ، وهو لم يكن على علم بها مطلقاً.

نَظْرةٌ إجْماليَّة إلى التَوْراة الحاضِرَة :

إنَّ هذا الكتاب السَماويّ تورَّط في تناقضات عجيبة في بيان قصص الأنبياء والمرسلين لا يمكن نسبتها إلى الوحي مطلقا ، وها نحن نأتي هنا بنماذج في هذا المجال من التوراة ليتضح لنا أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو كان قد أخذَ قضايا القرآن الكريم من ذلك الراهب فلماذا لا يحتوي هذا الكتاب العظيم على تلك الأضاليل الّتي انطوى عليها « التوراة » و « الانجيل ».

واليك بعض ما جاء حول الأَنبياء والمرسلين في « التوراة » و « الانجيل » ونقارن ذلك بما جاء في القرآن الكريم ليتضح مدى الفرق بين الكتابين ( العهدين ، والقرآن ).

* * *

٢٣٦

١ ـ داودعليه‌السلام :

جاء في التوراة : « إن داود رأى من على السطح امرأة تستحمّ ، وكانت المرأة جميلة المنظر جداً ، فارسل داود وسأل عن المرأة ، فقال واحد : إنها امرأة اُوريّا فأرسل داود رسلا وأخذها فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مطهَّرة من طمثها ثم رجعت إلى بيتها ، وحبلت المرأة ، فارسلت وأخبرت داود وقالت : إني حُبلى ، فارسل داود إلى يؤاب يقول : اجعلوا أوريّا في وجه الحرب الشديدة(١) ، وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت فلما سمعت امرأة أوريّا أنه قدمات اُوريّا رجلُها ندبت بعلها ، ولمّا مضت المناحة أرسل داود وضمَّها إلى بيته وصارت له إمرأة ، وولدت له إبناً ، وامّا الأمرُ الّذي فعله داود فقبح في عينيّ الرب »!!(٢) .

هكذا تصف التوراة النبيّ الكريم داود ، وترميه بالزنا ، واكراه امرأة محصنة على خيانة زوجها!!

بينما يصف القرآن الكريم النبيّ داودعليه‌السلام بافضل الاوصاف إذ يقول ( في الآية ١٥ و ١٦ من سورة النمل ) : «وَلَقَدْ آتَيْنا داوود وسلَيْمانَ عِلْماً وَقالا ألحَمْدُ للّه الَّذيْ فَضَّلنا عَلى كثير مِنْ عِبادِهِ وَقالَ يا أيُّهَا الناسَ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَيْر وَاُوتيْنا مِنْ كُلِّ شَيء إنَّ هذا لَهُوَ الفَضْلِ الْمُبِيْنِ ».

٢ ـ النبيّ سليمانعليه‌السلام :

تقول « التوراة » عن النبيّ العظيم سليمانعليه‌السلام :

١ ـ « وداود الملكُ ولد سليمان من الّتي لاُوريّا »(٣) .

أي ان سليمان النبيّ الكريم ـ والعياذ باللّه ـ هو ابن زنا!!

__________________

١ ـ أي في مقدمة الجيش المحارب.

٢ ـ العهد القديم ( التوراة ) : صموئيل ، الثاني الاصحاح الحادي عشر ٣ إلى ٢٧.

٣ ـ إنجيل مَتَّى : الاصحاح الأول ٦.

٢٣٧

٢ ـ وَأَحَبَّ المَلِكُ سُلَيمان نساء غريبة مِنَ الذين قالَ عَنْهُمْ الربُ لبنيّ اسرائيل : لا تدخلونَ إليهم ، وهُمْ لا يَدُخلونَ إليكم لأَنَّهُمْ يُميلونَ قلوبَكم وراء آلهتهم ، فالتصق سلَيمانُ بهؤلاء بالمحبَّة ، وكانت له سبع مئة من النساء السيدات ، وثلاث مئة من السراري فأمالت نساؤه قلبَهُ وكان في زمان شيخوخة سليمان ان نساءه أملن قلبه وراء آلهة اُخرى ، ولم يكن قلبُه كاملا مع الرب الهِهِ كقلب داود ابيه ، فذهب سليمان وراء عَشتُورت إلاهة الصيد ونين ، وملكوم رجس العمونيين ، وعمل سليمان الشرَّ في عيني الرب ، ولم يتبع الرب تماماً كداود أبيه ، فغضب الربُ على سليمان لأن قلبه مال عن الرب إله إسرائيل »!!!(١) .

إن سليمان ـ حسب هذه التعابير التوراتية ـ يعشق النساء الاجنبيات ، ويتقرب اليهن بصنع أصنام لَهُنَّ. ويعبدها معهن ، ويرتكب الشرور الّتي أغضبت الرب!!

بينما يقول القرآن الكريم عن سليمانعليه‌السلام «ولقد آتيْنا داودَ وَسُلَيْمانَ عِلماً »(٢) .

ويقول : «وَلِسُلَيْمان الرِّيْح عاصِفَة تَجْري بأَمْره إلى الأرض الَّتي باركْنا فيها ، وَكنا بِكُلِّ شَيء عالِمين »(٣) .

إنه نبي عظيم اختاره اللّه تعالى لوحيه ، وأصطفاه لأَداء رسالاته.

٣ ـ يعقوبعليه‌السلام :

إنَّ « التوراة » تصف النبي العظيم يعقوبعليه‌السلام بأنه رجل كذّاب مخادع ، أخذ النبوة من ابيه بالمكر والخداع ، « فعِند ما شاخَ اسحاقُ وكَلّت عيناهُ عن النظر دعا عيسو إبنه الاكبر ، وطلب منه أن يصطادله صيداً ، ويصنع له طعاماً جيداً حتّى يباركه ، ويعطيه النبوة ، ولكن يعقوب ( ابن إسحاق من رفقة

__________________

١ ـ التوراة : الملوك الأول الاصحاح : ١١ ، العبارات ١ : ١١.

٢٣٨

زوجته الأخرى ) بادر إلى صنع طعام لذيذ لأبيه وتظاهر بأنه عيسو ، لابساً ثياب عيسو ، وقطعاً من جلود جَدْيي المعزى على عنقه لأن عيسو كان مشعراً وكان يعقوب املس الجسد ، فبارك اسحاق ابنه يعقوب ومنحه النبوة ، وبعد ذلك قدم عيسو من الصيد ، فعرف اسحاقُ بانه خُدِع ، وأن يعقوب أخذ منه النبوة بالمكر ، فارتعد اسحاقٌ ارتعاداً عظيماً جداً وقال لعيسو متأسفاً : قد جاء أخوك بمكر ، وأخذ بركتك »!!(١) .

هذا هو حال يعقوب في لسان « التوراة » المحرفة!!

وأما القرآن الكريم فانه يقول عن هذا النبيّ الطاهر : «وَوَهبْنا لَهُ إسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاّ هَدَيْنا مِن قَبلُ وَمِنْ ذريّته داوود وَسُليمانَ وَأيّوبَ وَيُوسفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزي الُمحْسِنيْن »(٢) .

ويقول تعالى أيضاً : «وَاذْكُرْ عِبادنا إبْراهِيْمَ وَاسْحاقَ وَيَعْقُوبَ اُوْلى الأَيْدي والأَبْصار. انا أخلَصْناهُمْ بخالِصَة ذِكْرى الدّار. وإنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفيْنَ الأَخيار »(٣) .

٤ ـ إبْراهيمعليه‌السلام :

تقول « التوراة » عن إبراهيمعليه‌السلام إنّه لمّا اراد أن يدخلَ مصر قال لِزوجته سارة : إني قد علمتُ أنك إمرأة حسَنة المنظر ، فيكون إذا رآك المصريون أنهم يقولون : هذه إمرأَته ، فيقتلونني ، ويَسْتَبْقونكِ ، قولي إنكِ اُختي ، ليكونَ لي خيرٌ بسببكِ وتحيا نفسي من أجلِكِ.

وكذلك فعَلتْ سارة واخِذت إلى بيت فرعون ، فصنع إلى إبرام خيراً

__________________

١ ـ سفر التكوين : الاصحاح السابع والعشرون : ١ إلى ٤٦ ، وقد ذكرنا هذه القصّة من التوراة بتلخيص.

٢٣٩

بسببها ، وصار له غنم ، وبقر ، وحمير ، وعبيد ، وإماء ، واُتن ، وجمال ، ولما عرف فرعون ـ في ما بعد ـ ان سارة زوجة ابراهيم ، وليس اُخته عاتبه قائلا : لماذا لم تخبرني إنها إمرأتك ، لماذا قلت : هي اُختي حتّى أخذتها لي لتكونَ زوجتي والآن هو ذا إمرأتك ، خذْها واذهب »(١) .

إن ابراهيم الخليلعليه‌السلام في وصف التوراة رجلٌ كذابٌ ، يكذب ويحتال.

أما القرآن الكريم فيصف هذا النبي الجليل بأعظم الأوصاف ، ويعتبره أعظم الأنبياء إذ يقول عنه انه :

١ ـ حنيف مُوحِّدٌ للّه : «ولكِنْ كانَ حَنِيفاً » ( آل عمران : ٦٧ ).

٢ ـ إمامُ الناس : «إنّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إماماً » ( البقرة : ١٣٤ ).

٣ ـ مُسْلِمٌ : «ولكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً » ( آل عمران : ٦٧ ).

٤ ـ حَليمٌ : «إنَّ إبراهيم لأوّاةٌ حَلِيْمٌ » ( التوبة : ٨٤ ).

٥ ـ امة كامِلَة بمفرده : «إنّ إبراهيم كانَ أُمَّة » ( النحل : ١٢٠ ).

٦ ـ أواهٌ يَخشى اللّه : «إنَّ إبراهِيْم لأوّاهٌ » ( التوبة : ٨٤ ).

٧ ـ مصطفى : «لمنَ المُصْطَفين الأَخْيار » ( ص : ٤٨ ).

٨ ـ ذو قلب سَليم : «إذ جاء رَبّه بِقَلْب سَلِيْم » ( الصافات : ٤٨ ).

٥ ـ المسيحعليه‌السلام :

إن عيسى ـ حسب رواية الإنجيل ـ يحتقر اُمه ، ويزدري بها ، فذات يوم جاء إخوته واُمه ووقفوا خارجاً وارسلوا يدعونه ، وكان الجمع جالساً حوله ، فقالوا له « هو ذا امُّك وإخوتك خارجاً يطلبونك ، فأجابَهُم قائلا : من اُميّ وإخوتي؟ ثم نظرَ حوله إلى الجالِسين وقال : ها اُمّي وإخوتي ، لأَنَّ مَنْ يصنع مشيئة اللّه هو أخي واُختي واُمّي »!!(٢)

__________________

١ ـ سفر التكوين : الاصحاح الثاني عشر ١ ـ ٢٠.

٢ ـ إنجيل مرقس : الاصحاح الثالث : ٣١ ـ ٣٥.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559