منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٧

منتهى المقال في أحوال الرّجال10%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 559

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 559 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 336481 / تحميل: 4470
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

أي الشعور الديني الفطري، واحدة من السخافات والمهازل.

إنّ وجود البعد الرابع في الروح الإنسانية يثبت أنّ لجميع الميول الدينية عند الإنسان جذوراً ضاربة في أعماق الوجدان، وقد تجلى هذا الشعور في جميع أدوار الحياة البشرية حتى في تلكم الأدوار والمناطق التي لم تكن فيها مشكلة العامل ورب العمل(١) مطروحة بحال.

فقد كان هذا الشعور يدفع البشر في تلك الأدوار والمناطق إلى الله وإلى ما وراء الطبيعة.

كما أنّ آثار الشعور الديني لم تختف عن الكهوف والمغارات التي كان يسكنها الإنسان الأوّل.

هذا ونظائره يكشف بوضوح عن ملازمة هذا البعد للروح الإنسانية ملازمة الظل للشاخص، وملازمة الزوجية للأربعة وكأنّ التوجه إلى الله وإلى قضايا ما وراء الطبيعة نشيد غيبي لا يفتأ ينبع من الفطرة الإنسانية

نشيد لا يهدأ

الماركسيون وتقديس المبادئ الماركسية

رغم كل الدعايات المستمرة التي يقوم بها الماديون ضد « الدين » ووصمهم له بأنّه من عوامل الجمود والتأخر، وكونه منافياً للحرية الإنسانية ومانعاً من تقدم

__________________

(١) هذا هو رد تلويحي إلى ما يردّده الماديون الماركسيون حول الدين إذ يقولون: إنّ الدين لم يوجد إلّا لإخماد ثورة العمال الكادحين على أرباب العمل.

ولكن بعد أن ثبت أنّ للدين جذوراً في ضمير البشر، وأنّه كان موجوداً حتى في النقاط التي لم يكن فيها خبر عن العامل ورب العمل لم يعد للنظرية الماركسية حول الدين أية قيمة.

٦١

البشرية في مجالات البناء الفكري والاجتماعي.

رغم كل تلك الدعايات المضادة لم يستطيعوا أن ينبذوا الدين والأفكار الدينية من أدمغة البشر، أو يقلّلوا من تقديس المجتمعات المؤمنة لمعتقداتها.

وربما عاب الماركسيون على المتدينين ذلك التقديس المفرط لمعتقداتهم والحال إنّ تقديس الماركسيين ـ أنفسهم ـ لمبادئ الماركسية ولمؤسسيها لم يقل، ولم يختلف عن معاملة المتديّنين لمعتقداتهم وكتبهم السماوية ومن جاء بها.

إنّ الماركسيين يعتبرون أُصول الماركسية وما جاء به وقاله ماركس وانجلز ولينين، أُموراً صحيحة مائة بالمائة، ويرون أنّها منزّهة عن أي غلط أو عيب وعارية عن أي اشتباه وخطأ، وإنّها قطعية لا يأتي الباطل من بين يديها ولا من خلفها، ولا يمكن أن تتغيّر أو تتبدل(١) تماماً كما يعتقد المتديِّنون والإلهيون في شأن الوحي والكتب السماوية.

ويكفي لمعرفة مدى تقديس الشيوعيين والماركسيين لشخصياتهم ومؤسسي مبادئهم ما نشرته صحيفة البرافدا الناطقة بلسان الحزب الشيوعي في ٢٦ أبريل ١٩٤٩م إذ قالت :

نحن نؤمن بثلاثة أشياء: كارل ماركس، ولينين ; وستالين، ولا نؤمن بثلاثة أشياء: الله، والدين، والملكية الخاصة.

إنّهم يحرمون أية إعادة نظر في المبادئ والأُصول الماركسية، ويصمون كل من يحاول ذلك بالردة الفكرية، والمروق من اللينينية الماركسية ويعتبرونه مرتداً حزبياً، تماماً كما يفعل المتدينون، إذ يعتبرون الانحراف عن التعاليم النبوية وإنكار

__________________

(١) هذا رغم أنّ من أُصول المادية الديالكتيكية هو التغير المستمر في الأشياء !!!

٦٢

بعض الضروريات الدينية سبباً للارتداد، ويعدون منكرها « مرتدّاً دينياً » ويهدرون دمه.

إنّ الاحترام الذي يلقاه مؤسسوا الاشتراكية من قبل أتباعهم لا يختلف كثيراً عن احترام أتباع الديانات الإلهية للأنبياء والرسل إن لم يزدد عليه.

وغاية التفاوت بين السلوكين أنّ أتباع هذه الأحزاب والمبادئ المادية يحترمون قادتهم السياسيين ما داموا يحتلون المناصب، ففي مثل هذه الفترة تجدهم يصفون قادتهم بأنّهم « ملائكة الرحمة » وأنّهم « محطمو قيود الاستعمار والاستبداد » وأنّهم « ملجأ الجماهير الكادحة » وما إلى ذلك من ألفاظ المديح والثناء.

ولكن ما أن أُقصي هؤلاء القادة من مناصبهم أو حان موتهم وأُودعوا باطن الأرض إلّا ووجدت انعكاس الآية. فإذا بالأسياد المحترمين بالأمس المستحقين لأجمل وأسمى آيات المديح والثناء، ينهال عليهم كل ما في قاموس الشتائم من سباب واتهامات، فإذا بالقائد التقدمي يصبح رجعياً، ضد الكادحين، سفاكاً، خرق أُسس الماركسية وتجاوز عليها، واستهان بآراء الجماهير، إلى غير ذلك من الاتهامات الرخيصة !!!

وقد وجدنا ووجد العالم كله ـ طوال الفترة التي عشناها ـ نوعين متضادين من الوصف في حق ستالين فبينما كان يعد ذات يوم ملاكاً طاهراً مقدساً صار يعد في يوم آخر سفاكاً دموياً إلى درجة أنّ تماثيله أُزيلت من الساحات والميادين العامة في الاتحاد السوفياتي بعد موته(١) .

__________________

(١) بل وأُريد إخراج جثمانه للحرق انتقاماً، كما تتحدث عن ذلك بعض الكتب عن الاتحاد السوفياتي.

٦٣

وها نحن اليوم نشاهد بدايات لنفس الموقف في شأن « ماو »، وسوف لن يمضي زمان طويل إلّا ونجد « ماو » وقد أُصيب بما سبق أن أُصيب به سلفه ستالين المنكود الحظ.

إنّ الاحترام والتعظيم الذي يظهره أتباع الفلسفة المادية لمؤسّسي أُصول الماركسية كماركس وانجلز، لدليل قاطع على فطرية سلسلة من المفاهيم كالخلود والأبدية.

فهذه المفاهيم صحيحة في حد ذاتها وهي أُمور قطعية مائة بالمائة إلّا أنّ القوم استخدموها في غير مواضعها خطأ(١) .

فبدل أن يستخدموا وصف الخلود والأبدية في حق « الوحي الإلهي » ويعتبروا الانحراف عن ذلك الوحي ارتداداً، نجدهم وصفوا « الماركسية » بالخلود ونعتوا مؤسسيها بالأبدية فإذا بهم يواجهون ذلك التخبط الذريع.

ولو لم تكن مفاهيم كمفهوم الخلود والأبدية أُموراً فطرية لما راح الماركسيون يطلقونها على هذا أو ذاك حتى ولو خطأ.

ثم إنّنا كثيراً ما نجد الماركسيين يستخدمون في شعاراتهم ونشراتهم ألفاظاً ك‍ « التضحية والفداء » في حين أنّ هذه المفاهيم لا تتلاءم مع أُصول الماركسية لحصرها الوجود في « العالم المادي » وإنكارها لما وراء ذلك.

وإذا كنا نعلم بأنّ الإنسان لا يعمل شيئاً إلّا لتحقيق منفعة شخصية إلى

__________________

(١) يقصد الأُستاذ بأنّ الإيمان الفطري بوجود أُمور خالدة وأبدية أمر صحيح وموجود في باطن البشر، وأنّ هناك بالفعل أُموراً خالدة وأبدية في الوجود بيد أنّ الماركسيين أخطأوا في استعمال هذه الأوصاف فاستخدموها في غير مواضعها ـ الهادي ـ.

٦٤

درجة أنّ المنافع الاجتماعية أيضاً لا يريدها الإنسان إلّا لمنفعة نفسه، فلمن يضحي الماركسي ولمن يقدم نفسه فداء وهو لا يعتقد بالآخرة وما فيها من أجر وثواب ؟!

أما يعتقد المنطق الماركسي بأنّ الإنسان يفنى بالموت فناء كاملاً ولا تعود منافعه إليه بعد موته ؟

فماذا تعني التضحية والفداء عند الماركسيين ؟

أليس ذلك يدل على أنّ دوافع التضحية والفداء أُمور فطرية متأصلة في ضمير الإنسان ووجدانه، وأنّ الماركسيين أخطأوا في طريقة استخدامها ؟

المعنى الآخر لفطرية الإيمان ب الله

وقد تفسر فطرية الإيمان بالله بنحو آخر إذ يقال: يكمن في قرارة كل إنسان عشق للكمال والخير المطلق لم يزل ولا يزال يدفع الإنسان إليه.

فإذا ما وجد الإنسان في نفسه ميلاً شديداً إلى العلم أو إلى الأخلاق أو الفن والجمال، فإنّ هذا الميل إنّما هو شعبة نابعة من ذلك العشق للكمال، وإشعاعة من إشعاعاته.

إنّ أوضح دليل على وجود مثل هذا العشق للكمال المطلق في باطن البشر هو أنّ أي كمال مادي لا يروي عطش الإنسان ولا يطفئ ظمأه.

فها هو الإنسان يسعى جهده ليبلغ إلى ما يريده من المناصب الرفيعة، ويظل يطمح إلى ما هو أعلى وأعلى حتى إذا نال ما أراد، فكّر في أن يسخّر قمة أعلى ممّا ناله وكلّما ازداد رقياً ازداد عطشاً وظمأ وطموحاً أكثر فأكثر.

كل هذا ـ لو تأملنا ـ دليل واضح على أنّ للإنسان ضالة ينشدها أبداً ،

٦٥

ويبحث عنها باستمرار وقد كان يظنها في الكمالات المادية المزيجة بالنقائص والشرور وأنّها قادرة على إرواء ظمئه وغليله، ولكنَّه كلّما خطا خطوة جديدة إلى الإمام رأى خلاف ما كان يتصوره ويتوقعه، ووجده دون ما يهواه ويعشقه.

إنّ عشق الكمال المطلق لدليل ـ حقاً ـ على وجود مثل هذا الكمال، ولدليل أيضاً على وجود رابطة قائمة بين الإنسان والكمال ذاك.

إنّ الوصول إلى ذلك الكمال وبلوغه يحتاج إلى تفكّر وتدبّر، وإلى السير في الطريق المؤدّي إليه، وإلى الرياضة الدؤوبة التي تشعل الجذوة الكامنة في أعماق النفس وتوجد في حناياه شغفاً أكبر وعطشاً أعمق، وتحوله بالتالي من باحث عن الله إلى واجد لله، ثم يتحول وجدانه لله إلى الشهود، واليقين الذي لا ينفذ إليه شك، ولا يتسلل إليه تردد وارتياب.

إنّ هذا الشهود ليس برؤية العين بل بعين البصيرة التي نوّه عنها في كلام الإمام عليعليه‌السلام إذ قال :

« لم تدركه العيون بمشاهدة العيان، بل تدركه القلوب بحقائق الإيمان »(١) .

إنّ اليقين الحاصل للسالك والعارف في مسألة « وجدان الله » لهو أعلى من اليقين الحاصل من استخدام الجوارح والحواس، انّه نور لا ظلمة فيه، ويقين لا شك فيه، ولا تردد ولا احتمال ولا ظن.

والآن ما هو طريق الوصول إلى مثل هذا الكمال واليقين المطلق والشهود الأعلى ؟

إنّ القرآن الكريم يشير بنحو ما إلى هذا الطريق في آية، إذ يقول :

__________________

(١) نهج البلاغة: شرح محمد عبده، خطبة ١٧٤.

٦٦

( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ الْسَّاجِدِينَ *وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ اليَقِينُ ) (١) .

ففي هذه الآية وصفت العبادة والدعاء بكونها طريقاً للوصول إلى هذا اليقين والمعرفة القلبية اليقينية(٢) .

إنّ هذا اليقين هو غير اليقين الذي يحصل لكل العابدين إنّ هذا هو ذلك الشهود الذي يكون على غرار اليقين الحاصل من الاحتكاك بالمحسوسات الذي يكون من القوة بحيث يمنع من تطرق أي شك أو ترديد إليه.

وهذا الطريق ليس في وسع كل أحد سلوكه كيفما اتفق، بل لابد لسلوكه من التهيؤ اللازم الذي لا يوجد إلّا عند القليلين من عباد الله المخلصين.

الشعور الديني الفطري في الأحاديث

نظراً للأهمية التي تتمتع بها مسألة فطرية الحس الديني في العلوم الإنسانية وردت بعض الأحاديث الصادرة من النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأئمّة الطاهرين الصادقين: التي تتحدّث عن ذلك وإليك طائفة منها :

١. صحيح البخاري في تفسير الآية( فطرة الله ) نقل الحديث التالي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

« ما من مولود إلّا يولد على الفطرة ثمّ أبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو

__________________

(١) الحجر: ٩٨ ـ ٩٩.

(٢) انّ التفسير المذكور في المتن للآية هو أحد المداليل والأبعاد التي يمكن استخراجها من الآية ولا ينافي تفسير بعض الأحاديث اليقين هنا بالموت.

٦٧

يمجّسانه » ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله :( فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) (١) .

وقد ورد في أحاديث أهل البيت: في تفسير آية الفطرة ما يقارب (١٥) حديثاً فسرت الفطرة بالتوحيد، وهي تفيد أنّ توحيد الله والإيمان بذاته ووجوده وصفاته ممّا جبل عليه البشر وعجنت به فطرته(٢) .

وربما فسرت بعض هذه الأحاديث الفطرة المذكورة في الآية ب‍ « الإسلام » و « معرفة الله » التي تعود في الحقيقة إلى المعنى السالف.

ونذكر هاهنا كل تلك الأصناف من الروايات مع الإشارة إلى ما هو مكرر منها :

أمّا ما صرح منها بالتوحيد فهي :

٢. سأل هشام بن سالم الإمام الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام عن معنى الفطرة فقال الإمام :

« فطرهم على التوحيد »(٣) .

وقد روى مثل هذا عن الإمام الصادقعليه‌السلام غير هشام كزرارة والعلاء بن فضيل ومحمد الحلبي وعبد الرحمن بن كثير مولى أبي جعفر.

٣. ما رواه زرارة عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام حينما سأله قائلاً: أصلحك الله، قول الله عزّ وجلّ في كتابه:( فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) فقال الإمام مجيباً :

__________________

(١) التاج الجامع للأُصول: ٤ / ١٨٠، وتفسير البرهان: ٣ / ٢٦١، الحديث ٥.

(٢) و (٣) راجع تفسير البرهان: ٣ / ٢٦١ ـ ٢٦٣، والتوحيد للصدوق: ٣٢٨ ـ ٣٣١.

٦٨

« فطرهم على التوحيد(١) عند الميثاق على معرفته أنّه ربّهم »(٢) .

وأمّا ما فسرت الفطرة فيه بالمعرفة فهي :

٤. ما عن زرارة أيضاً عن أبي جعفر الإمام محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام قال سألته عن قول الله عزّ وجل:( حُنَفَاءَ للهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ ) وعن الحنيفية، فقال الإمام :

« هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله ».

ثم قال :

« فطرهم الله على المعرفة »(٣) .

وقد أوضح الإمام الباقر المقصود بهذه المعرفة في رواية أُخرى رواها زرارة عنه أيضاً لـمّا سأله عن نفس الآية فقالعليه‌السلام :

« فطرهم على معرفة أنّه ربهم، ولولا ذلك لم يعلموا إذا سئلوا من ربهم ومن رازقهم »(٤) .

وأمّا ما فسرت الفطرة بالإسلام فهي :

٥. ما عن عبد الله بن سنان، عن الإمام أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام لـمّا سأله عن قول الله عزّ وجلّ:( فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) ما تلك الفطرة ؟ قال الإمام:

__________________

(١) إنَّ تفسير الدين المفطور عليه، في هذه الأحاديث بالتوحيد لا يدل على اختصاص الدين في الآية بالتوحيد خاصة بل إنّ ذكر التوحيد إنّما هو من باب ذكر أظهر المصاديق وأجلاها.

(٢) و (٣) و (٤) نفس المصادر السابقة.

٦٩

« هي الإسلام »(١) .

ثم أوضح الإمام نفسه في رواية أُخرى عن عبد الله بن سنان أيضاً المقصود بالإسلام وأنّه هو التوحيد ومعرفة الله إذ قالعليه‌السلام :

« هي الإسلام فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد »(٢) .

٦. سأل محمد بن حكيم الإمام الصادقعليه‌السلام عن المعرفة من صنع من هي ؟ فقالعليه‌السلام :

« من صنع الله، ليس للعباد فيها صنع »(٣) .

٧. سأل أبو بصير الإمام الصادقعليه‌السلام فقال الإمامعليه‌السلام :

« نعم وليس للعباد فيها صنع »(٤) .

٨. ولقد تعرض الإمام عليعليه‌السلام إلى هذا المطلب « أي فطرية الاعتقاد بالله » في نهج البلاغة في أوّل خطبة فيه عندما ذكر بأنّ الأنبياء أُرسلوا لإثارة دفائن العقول، أي لإحياء ما هو مرتكز في عقول البشر وما هو كامن في حنايا فطرتهم من الاعتراف بوجود الله والإذعان بإلهيته، إذ يقولعليه‌السلام :

« فبعث الله فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ ويثيروا لهم دفائن العقول »(٥) .

مع ملاحظة هذا الكلام العلوي يمكننا القول بأنّ المقصود من قول الله

__________________

(١) و (٢) المصادر السابقة.

(٣) أُصول الكافي: ١ / ٨٥، ٩٣، ١٦٥.

(٤) أُصول الكافي: ١ / ١٦٣.

(٥) نهج البلاغة: الخطبة الأُولى.

٧٠

تعالى:( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ) (١) في حق الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله هو: أن يذكّر الرسول الأكرم الناس بما هو كامن ومودوع ـ أساساً ـ في فطرتهم أو أنّ هذا هو أحد أبعاد الآية ومعانيها ـ على الأقل ـ.

٩. ما دار بين رجل والإمام جعفر بن محمّد الصادقعليهما‌السلام قال الرجل: يابن رسول الله دلّني على الله ما هو ؟ فقد أكثر عليّ المجادلون وحيّروني.

فقال له الإمام: « يا عبد الله هل ركبت سفينة قط ؟ » قال: نعم، قال: « فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك، ولا سباحة تغنيك ؟ » قال: نعم.

قال: « فهل تعلَّق قلبك هنالك أن شيئاً من الأشياء قادر على أن يخلّصك من ورطتك ؟ » قال: نعم.

قال الصادقعليه‌السلام : « فذلك الشيء هو الله القادر على الإنجاء حيث لا منجي، وعلى الإغاثة حيث لا مغيث »(٢) .

تنبيه

دلّت الأبحاث الماضية على أنّ للإنسان إدراكات فطرية منذ أن يولد، وهي تواكب جميع مراحل حياته، وتتكامل بتكامل وجوده وتتفتح بتفتح مشاعره ولكن ربّما يتوهم أنّ هذا منقوض بقوله تعالى :

( واللهُ أخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (٣) .

__________________

(١) الغاشية: ٢١.

(٢) بحار الأنوار: ٣ / ٤١، نقلاً عن معاني الأخبار للشيخ الصدوق.

(٣) النحل: ٧٨.

٧١

فهذه الآية تؤيد ما ذهب إليه علماء النفس من خلو صفحة النفس من المعلومات في بدء تكونها، بلا فرق بين العلوم الفطرية وغيرها.

والجواب عن هذا واضح بعد الوقوف على مقدمة وهي: انّ التصورات والتصديقات إمّا كسبية أو بديهية، والكسبية إنّما يمكن تحصيلها بواسطة تركيب البديهيات فلابد من سبق هذه العلوم البديهية.

أمّا العلوم البديهية فلم تكن حاصلة في نفوسنا، بل حصلت هي أيضاً بمعونة الحواس كالسمع والبصر، فالطفل إذا أبصر أو سمع شيئاً مرّة بعد أُخرى ارتسمت ـ في ذهنه ـ ماهيّة ذلك المبصر أو المسموع، وكذا القول في بقية الحواس.

فالمدركات على قسمين: ما يكون نفس حضورها موجباً تاماً في جزم الذهن باسناد بعضها إلى بعض كما إذا حضر في الذهن إنّ الواحد ما هو ؟ وانّ نصف الاثنين ما هو ؟ كان حضور هذين التصوّرين في الذهن علّة تامة في جزم الذهن بأنّ الواحد محكوم عليه بأنّه نصف الاثنين وهذا القسم هو عين العلوم البديهية.

والقسم الثاني ما لا يكون كذلك، وهو العلوم النظرية، مثلما إذا أُحضر في الذهن انّ الجسم ما هو ؟ وإنّ المحدث ما هو ؟ فإنّ مجرد هذين التصوّرين لا يكفي في جزم الذهن بأنّ الجسم محدث بل لابد فيه من دليل منفصل وعلوم سابقة.

وهذا هو الملاك في تقسيم العلوم إلى بديهية وكسبية(١) .

والآية ناظرة إلى العلوم الحصولية التي تنقسم إلى البديهي والنظري لا العلوم الحضورية مثل علم النفس بذاتها، ولا العلوم الفطرية التي ليس لها إلّا قوة العلم

__________________

(١) راجع مفاتيح الغيب للرازي: ٥ / ٣٤٩.

٧٢

وإنّما تنفتح إذا خرج الإنسان إلى هذا العالم واعمل حواسه، ولامس الحقيقة الخارجية، فعند ذاك ينقلب ما هو علم بالقوة إلى العلم بالفعل.

وصفوة القول: إنّ هناك في النفس البشرية سلسلة من المعلومات على صورة خمائر تتجلّى وتظهر وتتفتح شيئاً فشيئاً مع مرور الزمن ومع احتكاك الإنسان بالوقائع الخارجية ولا يسمّى هذا علماً فعلياً وإدراكاً حاضراً.

وبالتالي فالآية ناظرة إلى ذلك أي انّ الإنسان منذ يخرج من بطن أُمّه ليس فيه علم فعلي ولا ينافي وجود ما يشبه خمائر العلوم التي تحتاج إلى أرضية للتفتح والظهور.

٧٣
٧٤

الفصل الثاني

الله وعالم الذر

٧٥

ما هو عالم الذر وما هو الميثاق ؟

١. استعراض الآيات أوّلاً.

٢. نقاط جديرة بالاهتمام.

٣. آراء العلماء حول « الميثاق في عالم الذر ».

٤. النظرية الأُولى المستندة إلى الأحاديث.

٥. انتقادات على هذه النظرية.

٦. النظرية الثانية.

٧. إشكالات على هذه النظرية.

٨. النظرية الثالثة.

٩. أسئلة حول هذه النظرية.

١٠. بحث حول الأحاديث الواردة في تفسير الآية.

٧٦

استعراض الآيات أوّلاً

قبل أن نعطي رأينا في حقيقة ذلك العالم وواقع ذلك الميثاق المأخوذ في العالم المذكور، ولأجل أن نتجنب اتخاذ أي موقف قبل دراسة ومراجعة الآية المرتبطة بهذا الموضوع يتعين علينا استعراض هذه الآية، أوّلاً، لكي ندفع القارئ نفسه إلى التأمل فيها والتفكير حولها لمعرفة معنى هذه الآية ومغزاها.

وإليك فيما يأتي نص الآية المتعلّقة بالموضوع مضافاً إلى آيتين لاحقتين لها :

( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هٰذَا غَافِلِينَ *أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ المُبْطِلُونَ *وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيات وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) (١) .

نقاط جديرة بالاهتمام

١. لقد وردت لفظة ( الذرية ) في (١٨) موضعاً آخر ما عدا هذا الموضع أيضاً والمقصود بها في كل تلك الموارد هو: « النسل البشري » وليس في ذلك خلاف، انّما وقع الخلاف في أصل هذه اللفظة وانّها مأخوذة من ماذا ؟

__________________

(١) الأعراف: ١٧٢ ـ ١٧٤.

٧٧

فذهب فريق إلى أنّ لفظة « الذرية » مشتقة من « الذرء » بمعنى الخلق، وفي هذه الصورة تكون الذرية بمعنى: المخلوق.

وذهب فريق آخر إلى أنّها مشتقة من « الذر » بمعنى الكائنات الصغيرة الدقيقة جداً كذرات الغبار وصغار النمل.

وذهب فريق ثالث إلى أنّها مأخوذة من « الذرو » أو « الذري » بمعنى التفرّق والانتشار وانّما تطلق « الذرية » على ولد آدم ونسله لتفرقهم على وجه الأرض وأكناف البسيطة(١) .

٢. تستعمل لفظة الذرية ـ غالباً ـ في الأولاد الصغار مثل قوله تعالى :

( وَلَهُ ذُرِيَّةٌ ضُعَفَاءُ ) (٢) .

وقد تستعمل في مطلق الأولاد مثل قوله سبحانه :

( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ ) (٣) .

كما أنّها قد تستعمل في فرد واحد مثل قوله سبحانه :

( هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ) (٤) .

وفيها يطلب زكريا ولداً صالحاً(٥) .

وقد تستعمل في الجمع مثل قوله تعالى :

__________________

(١) راجع في هذا الصدد: مفردات الراغب مادة « ذرو »، ومجمع البيان: ١ / ١٩٩ تفسير آية( قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ) .

(٢) البقرة: ٢٦٦.

(٣) الأنعام: ٨٤.

(٤) آل عمران: ٣٨.

(٥) ويؤكد هذا أنّ طلب زكريا تكرر في آية أُخرى بلفظ « ولي » إذ يقول:( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيْاً *يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) ( مريم: ٦ ).

٧٨

( وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ ) (١) .

٣. يجب المزيد من الدقة والعناية في عبارة الآية

فالآية تفيد أنّ الله أخذ من ظهور كل أبناء آدم، أنسالهم وذرياتهم، وليس من ظهر آدم وحده.

وذلك بدليل أنّ الله تعالى يقول :

( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَم ) .

ولم يقل: وإذ أخذ ربك من آدم وعلى هذا الأساس فإنّ مفاد هذه الآية هو غير ما هو معروف عند المفسّرين الذاهبين إلى أنّ الذرية أُخذت من ظهر آدم فحسب.

٤. تصرح الآية بأنّ الله أخذنا شهداء على أنفسنا، وأننا جميعاً اعترفنا بأنّه إلهنا، وانّ هذا الاعتراف كان بحيث لم يبق من ذكراها في ذاكرتنا شيء.

٥. كما تفيد الآية بأنّ هذا الاستيثاق والاستشهاد سيسد باب العذر في يوم القيامة في وجه المبطلين والمشركين، فلا يحقّ لهم بأن يدّعوا بأنّهم لم يعطوا مثل هذه الشهادة، ولم يكن عندهم علم بمثل هذا الميثاق والاعتراف كما يشهد به قوله سبحانه :

( أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ ) .

من هنا يتخذ المفاد لنفسه شكلاً خاصاً وطابعاً مخصوصاً.

فمن جانب لم يك عندنا أي علم بهذا الميثاق والاعتراف.

__________________

(١) الأعراف: ١٧٣.

٧٩

فمن جانب آخر لا يحق لنا أن ندعي الغفلة عن هذا الميثاق، وعن مثل هذا الإقرار كما تقول الآية :

( أَن تَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هٰذَا غَافِلِينَ ) .

أي أن لا تقولوا(١) .

في هذه الصورة ينطرح هذا السؤال :

كيف يمكن أن يسد اقرار لا نعلم به هنا أبداً (باب العذر) علينا ؟!

وكيف يمكن أن نلزم بميثاق لا نتذكره وعهد لا نعرف عنه شيئاً ؟!

وبعبارة أُخرى: إنّنا ـ لا شك ـ لا نعلم مثل هذا الميثاق على نحو العلم الحصولي، في حين أنّ الآية (١٧٢) تقول بمنتهى الصراحة والتأكيد: إنّه لا حق لأحد أن يغفل أو يتغافل عن هذا الميثاق فكيف تتلاءم هذه الغفلة وعدم تذكرنا له في هذه الدنيا مع قوله تعالى:( أَن تَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هٰذَا غَافِلِينَ ) ؟

٦. لا شك أنّ الخطاب في هذه الآية إمّا موجه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وإمّا إلى

__________________

(١) إنّ للمفسّرين في أمثال هذه الآية مذهبين :

أحدهما: تقدير لا، ففي مثل قوله سبحانه :

( يُبَيّن الله لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ) ( النساء: ١٧٦ ) قالوا: إنّ المعنى هو أن لا تضلّوا.

فهم جعلوا قوله:( أَنْ تَضِلُّوا ) مفعولاً له ليبين، بنحو « التحصيلي » فيكون المعنى « يبيّن الله لكم لأجل أن لا تضلوا ».

الثاني: عدم تقدير لا وجعل المفعول له من باب « الحصولي » كقول القائل ضربته لسوء أدبه، أي لوجود هذا وحصوله فعلاً ضربته.

فيكون معنى الآية السابقة هو « يبين الله لوجود الضلالة فيكم » ومنه يعلم حال الآية المبحوثة عنها، فيجوز فيها وجهان.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

أقول : يظهر من الأخبار جلالتها ، وفي حديث سليمان بن مهران الأعمش المروي في كتب الخاصّة والعامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إلا أدلّكم على خير الناس عمّاً وعمّة؟ قالوا : بلى ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : الحسن والحسين ، فانّ عمّهما جعفر ذو الجناحين الطيّار مع الملائكة في الجنّة ، وعمّتهما أُمّ هاني بنت أبي طالب إلى أنْ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وعمّهما في الجنّة وعمّتهما في الجنّة ، الحديث(١) .

٤٤٧٤ ـ حبابة الوالبيّة :

قر (٢) . روت عن الحسن والحسينعليهما‌السلام على ما قال سعد بن عبد اللهسين (٣) ، هذا ما ذكره الميرزا في النساء ، وقد ذكرها في باب الحاء مع الرجال أيضاً وذكر فيها حبابة الوالبيّةن (٤) .

وفيكش : محمّد بن مسعود ، عن جعفر بن أحمد ، عن العمركي ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن عنبسة بن مصعب وعلي بن المغيرة ، عن عمران بن ميثم قال : دخلت أنا وعباية الأسدي على امرأة من بني أسد يقال لها حبابة الوالبيّة ، فقال لها عباية : تدرين من هذا الشاب الّذي معي؟ قالت : لا ، قال : ابن أخيك ميثم ، قالت : إي والله إي والله ، ثمّ قالت : ألا أُحدّثكم بحديث سمعته من أبي عبد الله‌

__________________

(١) كفاية الأثر : ٩٨ وكشف الغمّة : ١ / ٥٢٤ والمعجم الكبير ٣ : ٦٤ / ٢٦٨٢ وفي الجميع بغير السند المذكور.

(٢) رجال الشيخ : ١٤٢ / ٢.

(٣) لم يرد لها ذكر في نسخنا من رجال الشيخ ، نعم قال في باب النساء في أصحاب الإمام الحسينعليه‌السلام : ٨١ / ١ : فاطمة بنت حبابة الوالبيّة ، وذكر أيضاً في باب النساء في أصحاب الإمام الحسنعليه‌السلام : ٧١ / ١ : فاطمة بنت حبابة الوالبيّة روت عن الحسن والحسينعليهما‌السلام على ما قال سعد بن عبد الله ، فلاحظ.

(٤) رجال الشيخ : ٦٧ / ٦ ، منهج المقال : ٩١.

٤٦١

الحسين بن عليعليهما‌السلام ؟ قلنا : بلى ، قالت : سمعت الحسين بن عليعليهما‌السلام يقول : نحن وشيعتنا على الفطرة الّتي بعث الله عليها محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسائر الناس منها براء.

وكانت أدركت أمير المؤمنينعليه‌السلام وعاشت إلى زمن الرضاعليه‌السلام على ما بلغني ، والله أعلم(١) .

حمدويه ، عن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن إسحاق بن سويد الفرّاء ، عن إسحاق بن عمّار ، عن صالح بن ميثم قال : دخلت أنا وعباية الأسدي على حبابة الوالبيّة فقال لها : هذا ابن أخيك ميثم ، قالت : ابن أخي والله حقّا ، إلا أُحدّثكم بحديث عن الحسين بن عليعليهما‌السلام ؟ فقلت : بلى ، قالت : دخلت عليهعليه‌السلام فسلّمت فردّ السلام ورحّب ثمّ قال : ما بطأ بك عن زيارتنا والتسليم علينا يا حبابة؟ قلت : ما بطأني عنك إلاّ علّة عرضت ، قالعليه‌السلام : وما هي؟ قالت : فكشفت خماري عن برص فوضع يده على البرص فدعا فلم يزل يدعو حتّى رفع يده وكشف الله ذلك البرص ، ثمّ قال : يا حبابة إنّه ليس أحد على ملّة إبراهيم في هذه الأُمّة غيرنا وغير شيعتنا ، ومن سواهم منها براء(٢) .

وفيد : ن ، سين ، ين ، قر ، كش ممدوحة(٣) .

أقول : حبابة هذه صاحبة الحصاة الّتي طبع فيها أمير المؤمنينعليه‌السلام بخاتمه وأخبرها أنّ من قدر أنْ يطبع فيها كما طبععليه‌السلام فهو إمام ، وأتت بها إلى الأئمّةعليه‌السلام واحداً بعد واحد وهم يطبعون فيها إلى أنْ انتهت إلى الرضا‌

__________________

(١) رجال الكشّي : ١١٤ / ١٨٢.

(٢) رجال الكشّي : ١١٥ / ١٨٣.

(٣) رجال ابن داود : ٦٩ / ٣٧٤ ، منهج المقال : ٩١.

٤٦٢

عليه‌السلام فطبع فيها(١) .

وفي الكافي : وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكر محمّد بن هشام ، وأنّها لمّا أتت علي بن الحسينعليه‌السلام كان قد بلغ بها الكبر إلى أنْ أرعشت وهي تعدل مائة وثلاثة عشر سنة ، فأومأعليه‌السلام إليها بسبابته فعاد إليها شبابها(٢) .

وعن كتاب الغيبة للشيخرحمه‌الله أنّ الرضاعليه‌السلام كفّنها في قميصه(٣) .

٤٤٧٥ ـ حُبّي أُخت ميسر :

روى ما يدلّ على صلاحها عن الصادقعليه‌السلام ، الطريق : أبو محمّد الدمشقي ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، عن ميسر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

أقول : إنّي لم استثبت حال بعض رواة الحديث ، كذا في التحرير(٤) .

وفيكش بهذا السند قال : أقامت حُبّي أُخت ميسر بمكّة ثلاثين سنة أو أكثر حتّى ذهب أهل بيتها وفنوا أجمعين إلاّ قليلاً ، فقال ميسر لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك إنّ حُبّي قد أقامت بمكّة حتّى ذهب أهلها وقرابتها تحزن عليها وقد بقي منهم بقيّة يخافون أنْ يذهبوا كما ذهب من مضى ولا يرونها ، فلو قلت لها فإنّها تقبل منك ، قال : يا ميسر دعها فإنّه لا يدفع عنكم إلاّ بدعائها ، قال : فألحّ على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال لها : يا حُبّي ما يمنعك من مصلّى عليعليه‌السلام الّذي كان يصلي فيه عليعليه‌السلام ؛ فانصرفت(٥) ، انتهى.

__________________

(١) إعلام الورى : ٢٤٧ ، وكمال الدين : ٥٣٦ / ١.

(٢) الكافي ١ : ٢٨٠ / ٣.

(٣) الغيبة : ٧٥ / ٨٢.

(٤) التحرير الطاووسي : ١٨٢ / ١٤٣.

(٥) رجال الكشّي : ٤١٧ / ٧٩١.

٤٦٣

وفي الاختيار : محمّد بن عيسى بدل أحمد بن محمّد بن عيسى.

أقول : الظاهر اختصاص ذلك بنسختهرحمه‌الله : فانّ في نسختي من الاختيار : أحمد بن محمّد بن عيسى. ومضى ذكرها عنتعق بعنوان أُخت ميسر(١) .

٤٤٧٦ ـ حمّادة بنت رجاء :

أُخت أبي عبيدة ، واسمه رجاء بن زياد ،ق (٢) .

وفيتعق : في الكافي : بنت الحسن(٣) . ومرّ في زياد بن عيسى ماله دخل(٤) (٥) .

قلت : ما مرّ عنق : واسمه رجاء بن زياد ، غير مستقيم ، والظاهر القلب فلا تغفل.

٤٤٧٧ ـ خديجة بنت خويلد :

زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليها.

أقول : عن الاستيعاب : كانت إذ تزوّجها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بنت أربعين سنة ، وأقامت معهصلى‌الله‌عليه‌وآله أربعة وعشرين سنة ، ( وتوفيت وهي بنت أربع وستّين سنة وستّة أشهر ، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ تزوّج خديجة ابن إحدى وعشرين سنة )(٦) ، وولدت له أربع بنات كلّهنّ أدركن الإسلام وهاجرن وهنّ زينب وفاطمة ورقيّة وأُمّ كلثوم ، وولدت ابناً يسمّى القاسم وبه كان‌

__________________

(١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٤٠٨.

(٢) رجال الشيخ : ٣٤٢ / ٩ ، وفيه بعد أبي عبيدة زيادة : الحذّاء.

(٣) الكافي ٥ : ٣٨١ / ٩.

(٤) عن رجال النجاشي : ١٧٠ / ٤٤٩ ، وفيه أنّ أبا عبيدة الحذّاء كنية لزياد بن عيسى ، وأُخته حمّادة بنت رجاء.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٤٠٨.

(٦) ما بين القوسين لم يرد في نسخة « م ».

٤٦٤

يكنّىصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وكان علي بن أبي طالبعليه‌السلام أوّل من آمن بالله ورسوله من الرجال وخديجة أوّل من آمن بالله ورسوله من النساء.

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أفضل نساء الجنّة أربع : خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون(١) .

٤٤٧٨ ـ خولة بنت حكيم :

ل (٢) .

أقول : عن الاستيعاب : هي امرأة عثمان بن مظعون ، وهي الّتي وهبت نفسها للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان امرأة صالحة فاضلة(٣) .

٤٤٧٩ ـ زينب بنت أبي سلمة :

ل (٤) .

أقول : عن الاستيعاب : هي ربيبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أُمّها أُمّ سلمة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كانت من أفقه نساء زمانها ، قالت : دخلت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يغتسل فنضح في وجهي فلم يزل ماء الشباب في وجهي حتّى كبرت وعجزت(٥) .

٤٤٨٠ ـ زينب بنت جحش :

ل (٦) .

__________________

(١) الاستيعاب : ٤ / ٢٨٠.

(٢) رجال الشيخ : ٣٤ / ٣١.

(٣) الاستيعاب : ٤ / ٢٨٩.

(٤) رجال الشيخ : ٣٣ / ١٥.

(٥) الاستيعاب : ٤ / ٣١٩.

(٦) رجال الشيخ : ٣٢ / ٩.

٤٦٥

أقول : عن الاستيعاب : زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أُمّها عمّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، تزوّجها سنة خمس من الهجرة ، كانت قبله(١) تحت زيد بن حارثة ، وهي المراد من قوله تعالى( فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها ) (٢) فلمّا طلّقها زيد وانقضت عدّته تزوّجهاصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكانت تفتخر على نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ آباءكنّ أنكحوكنّ للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّ الله أنكحني إيّاه من فوق سبع سماوات ، وكانت أوّل نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بعده وفاتاً ، وكانت تقيّة صادقة أوّاهة خاشعة متضرّعة خيّرة في الدين ، كانت تعمل بيديها وتتصدّق ، واصلة للرحم عظيمة الصدقة(٣) .

٤٤٨١ ـ زينب بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

غير مذكورة في الكتابين ، وفي الحديث الّذي أشرنا إليه في أُمّ هاني أيّها الناس ألا أُخبرُكم بخير الناس خالاً وخالة؟ قالوا : بلى يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : عليكم بالحسن والحسينعليهما‌السلام فانّ خالهما القاسم بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وخالتهما زينب بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) ، إلى أنْ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وخالهما في الجنّة وخالتهما في الجنّة(٥) .

وخبر وفاتها رضي الله عنها وسبب موتها وصلاة فاطمة صلوات الله عليها مشهور وفي كتب الحديث مذكور(٦) .

__________________

(١) قبله ، لم ترد في نسخة « م ».

(٢) الأحزاب : ٣٧.

(٣) الاستيعاب : ٤ / ٣١٤.

(٤) كفاية الأثر : ٩٨.

(٥) كشف الغمّة : ١ / ٥٢٤ والمعجم الكبير ٣ : ٦٤ / ٢٦٨٢.

(٦) الظاهر أنّ التي توفيت مظلومة وصلّت عليها فاطمة الزهراء سلام الله عليها هي إحدى زوجتي عثمان وليست هي زينب ، راجع الكافي ٣ : ٢٥١ / ٨ والخرائج والجرائح ١ : ٩٤ / ١٥٦.

٤٦٦

٤٤٨٢ ـ سعيدة :

مولاة جعفرعليه‌السلام ؛ محمّد بن مسعود قال : حدّثني علي بن الحسن بن فضّال ، عن محمّد بن الوليد ، عن العبّاس بن هلال ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ذكر أنّ سعيدة مولاة جعفرعليه‌السلام كانت من أهل الفضل ، كانت تعلم كلمات(١) سمعت من أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وأنّه كان عندها وصيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّ جعفراًعليه‌السلام قال لها : أسأل الله الّذي عرّفنيك في الدنيا أنْ يزوّجنيك في الجنّة ، وأنّها كانت في قرب دار جعفرعليه‌السلام ، لم تكن ترى في المسجد إلاّ مسلّمة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خارجة إلى مكّة أو قادمة من مكّة ، وذكر أنّه كان آخر قولها : رضينا الثواب وأمنّا العقاب ،كش (٢) .

٤٤٨٣ ـ سعيدة :

ومنّة أُختا محمّد بن أبي عمير ،ق (٣) .

وفيتعق : يظهر من بعض الأخبار في كتاب النكاح في باب مصافحتهن كونهما صالحتين(٤) (٥) .

٤٤٨٤ ـ سلمى خادمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

غير مذكورة في الكتابين.

أقول : عن الاستيعاب : سلمى خادمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي امرأة أبي رافع مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هي الّتي غسلت فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله مع زوجها عليعليه‌السلام ومع أسماء بنت عميس ، وشهدت سلمى خيبر مع‌

__________________

(١) في المصدر بدل كلمات : كلّما.

(٢) رجال الكشّي : ٣٦٦ / ٦٨١.

(٣) رجال الشيخ : ٣٤٢ / ١٢ ، وفيه زيادة : أُمّ عيسى بنت عبد الله.

(٤) الكافي ٥ : ٥٢٦ / ٣.

(٥) لم يرد لها ذكر في نسخنا من التعليقة.

٤٦٧

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

عن عبيد الله(٢) بن علي بن أبي رافع عن أبيه عن سلمى(٣) قالت : اشتكت فاطمة ( سلام الله عليها ) شكواها الّتي قبضت فيها فكنت امرّضها ، فأصبحت يوماً كأمثل ما رأيتها في شكواها ذلك ، قالت : وخرج عليعليه‌السلام لبعض حاجة فقالت : يا أمة اسكبي لي غسلاً ( فسكبت لها غسلاً )(٤) فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ، ثمّ قالت : يا أمة أعطيني ثيابي الجدد فلبستها ، ثمّ قالت : يا أمة قدمي لي فراشي وسط البيت ففعلت ، واضطجعت واستقبلت القبلة جعلت يدها تحت خدها فقالت : يا أمة انّي متوضّئة الآن وقد تطهرّت فلا يكشفني أحد ، فقبضت مكانها(٥) .

٤٤٨٥ ـ غنيمة بنت عبد الرحمن :

الأزدي الكوفي ،ق (٦) .

وفيتعق : ربما يشعر ما مرّ في بكر بن محمّد الأزدي بمدحها ، وفيه أنّها روت عن الكاظمعليه‌السلام أيضاً(٧) (٨) .

٤٤٨٦ ـ فاطمة بنت أسد بن هاشم :

غير مذكورة في الكتابين.

أقول : هي أُمّ أمير المؤمنين صلوات الله عليهما ، وفضلها وجلالتها‌

__________________

(١) الاستيعاب : ٤ / ٣٢٨.

(٢) في المصدر : عبد الله.

(٣) في المصدر : أُمّ سلمى.

(٤) ما بين القوسين لم يرد في نسخة « ش ».

(٥) مسند أحمد بن حنبل : ٦ / ٤٦٠ والبحار : ٤٣ / ١٨٨.

(٦) رجال الشيخ : ٣٤١ / ٧ ، وفيه : غنيمة بنت الأزدي الكوفي.

(٧) عن رجال النجاشي : ١٠٨ / ٢٧٣.

(٨) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٤٠٩.

٤٦٨

مجمع عليه بيننا(١) .

وعن الاستيعاب : أنّها ماتت بعد ما هاجرت إلى المدينة ، ولمّا ماتت ألبسها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قميصه واضطجع في قبرها ، فقالوا : يا رسول الله « ص » ما رأيناك صنعت ما صنعت بهذه؟ فقال : إنّه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبرّ بي منها ، إنّما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنّة ، واضطجعت معها ليهوّن عليها(٢) ، انتهى.

وفي كشف الغمّة نقلاً عن مناقب أبي المؤيّد الخوارزمي : قال أبو المؤيّد : إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا أُسامة بن زيد وأبا أيّوب الأنصاري وعمر بن الخطّاب وغلاماً أسود فحفروا قبرها ، فلمّا بلغوا لحدها حفره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيده وأخرج ترابه بيده ، ولمّا فرغ اضطجع فيه ثمّ قال : الله الّذي يحيي ويميت وهو حيّ لا يموت اغفر لأمّي فاطمة بنت أسد ، ولقِّنها حجّتها ووسّع عليها مدخلها بحقّ نبيك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله والأنبياء الّذين من قبلي ، فإنّك أرحم الراحمين(٣) .

٤٤٨٧ ـ فاطمة بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

مضى ذكرها صلوات الله عليها في أوّل الباب.

٤٤٨٨ ـ منّة :

تقدّمت مع أُمتها سعيدة(٤) .

٤٤٨٩ ـ ميمونة :

ل(٥) . وفيتعق : بنت الحارث ، ورد في الأخبار أنّها أفضل أزواجه‌

__________________

(١) راجع الكافي ١ : ٣٧٧ / ١ ٣ باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

(٢) الاستيعاب : ٤ / ٣٨٢.

(٣) كشف الغمّة : ١ / ٦٤.

(٤) عن رجال الشيخ : ٣٤٢ / ١٢ والكافي ٥ : ٥٢٦ / ٣.

(٥) رجال الشيخ : ٣٢ / ٦.

٤٦٩

عليه‌السلام بعد أمّ سلمة(١) (٢) .

أقول : عن الاستيعاب : ميمونة بنت الحارث الهلاليّة كانت أُختها لأُمّها أسماء بنت عميس ، وهي الّتي وهبت نفسها للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، توفّيت سنة ثلاث وستّين وصلّى عليها ابن عبّاس(٣) ، انتهى.

ومضى عنه أنّ خولة بنت حكيم هي الّتي وهبت نفسها(٤) ، فتأمّل.

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب : ١ / ١٦١.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٤٠٩.

(٣) الاستيعاب : ٤ / ٤٠٤.

(٤) الاستيعاب : ٤ / ٢٨٩.

٤٧٠

الخاتمة‌

تشتمل على اثني عشر(١) فائدة نافعة ، ذكر بعضها الميرزارحمه‌الله .

الفائدة الأُولى منها :

قال : قال(٢) الشيخ الصدوق محمّد بن يعقوب في كتابه في أخبار كثيرة : عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، قال : والمراد بقولي عدّة من أصحابنا : محمّد بن يحيى العطار ، وعلي بن موسى الكمنداني ، وداود بن كورة ، وأحمد بن إدريس ، وعلي بن إبراهيم بن هاشم(٣) .

قال : وكلّما قلت في كتابي المشار إليه : عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد ، فهم : علي بن إبراهيم بن هاشم ، وعلي بن محمّد بن عبد الله بن أُذينة ، وأحمد بن عبد الله بن أبيه(٤) ، وعلي بن الحسن(٥) .

__________________

(١) الموجود من نسخ الكتاب إلى منتصف الفائدة الخامسة ، فالظاهر أنّ المصنّف لم يتمّه.

(٢) في نسخة « ش » : الفائدة الأولى قال.

(٣) رجال النجاشي : ٣٧٧ / ١٠٢٦ ، وفيه بدل الكمنداني : الكميذاني.

(٤) في الخلاصة : أُميّة.

(٥) قال الشيخ النوري في خاتمة مستدركة : ٣ / ٥٤١ : وفي الكافي في باب التاسع من كتاب العتق : عدّة من أصحابنا : علي بن إبراهيم ومحمّد بن جعفر ومحمّد بن يحيى وعلي بن محمّد بن عبد الله القميّ وأحمد بن عبد الله وعلي بن الحسين جميعاً عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى. إلى آخره. إلاّ أنّ الموجود في النسخة المطبوعة من الكافي ٦ : ١٨٣ / ٥ : عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى. من دون تعريف للعدّة.

٤٧١

وكلّما ذكرت في كتابي عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد ، فهم : علي بن محمّد بن علاّن ، ومحمّد بن أبي عبد الله ، ومحمّد بن الحسن ، ومحمّد بن عقيل الكليني ،صه (١) .

اتفقت النسخ على علي بن محمّد بن علاّن ، والموجود في الرجال علي بن محمّد المعروف بعلاّن(٢) ، فالظاهر أنّه علي بن محمّد بن علاّن ؛ ثمّ الظاهر أنّ محمّد بن أبي عبد الله هو محمّد بن جعفر الأسدي الثقة(٣) ؛ ومحمّد بن الحسن هو الصفّار ، فلا يضرّ إذاً ضعف سهل مع وجود ثقة معه في مرتبته ، على أنّ اتفاق الجماعة على الكذب بعيد جدّاً.

أقول : قولهرحمه‌الله : « مع وجود ثقة معه » لعلّ المراد منه بعد وجود‌

__________________

وقال الشيخ الطهراني في حواشيه على خاتمة المستدرك : وجدت على ظهر الاستبصار الّذي كتبه الشيخ جعفر بن جعفر المشهدي عن نسخة خطّ مصنّفه ، والكاتب هو والد محمّد بن جعفر المشهدي وقد فرغ عن كتابته سنة ٥٧٣ ه‍ ، وصورة المكتوب على ظهره هذا : وجدت بخطّ الشيخ السعيد أبي جعفر الطوسي : سألت الشيخ السعيد أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثيرضي‌الله‌عنه وأبي عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائريرضي‌الله‌عنه عن قول الكليني : عدّة من أصحابنا.

في كتاب الكافي ورواياته ، فقالا : كلّما كان عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى فإنّما هو : محمّد بن يحيى وعلي بن موسى الكميذاني يعني القمّي لأنّه باسم قم بالفارسيّة وداود بن كورة وأحمد بن إدريس وعلي بن إبراهيم.

وكلمّا كان عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي فهم : علي بن إبراهيم وعلي بن محمّد ماجيلويه ومحمّد بن عبد الله الحميري ومحمّد بن جعفر وعلي ابن الحسين ، انتهى. والنسخة عند الشيخ عطاء آل كاشف الغطاء ، الجاني آقا بزرك.

(١) الخلاصة : ٢٧١ الفائدة الثالثة.

(٢) راجع رجال النجاشي : ٢٦٠ / ٦٨٢ والخلاصة : ١٠٠ / ٤٧ ورجال ابن داود : ١٤٠ / ١٠٧٢.

(٣) راجع رجال النجاشي : ٣٧٣ / ١٠٢٠.

٤٧٢

ثقة(١) ، لكن تفريع قوله : « لا يضرّ إذاً ضعف سهل » على قوله : « ثمّ إنّ الظاهر أنّ محمّد بن أبي عبد الله ». إلى آخره كما نبّه عليه بعض الأجلّة ليس بمكانه ، فتأمّل(٢) .

الفائدة الثانية :

قال الشيخرحمه‌الله في كتاب الغيبة : قد روي في بعض الأخبار أنّهمعليه‌السلام قالوا : خدّامنا وقوّامنا شرار خلق الله ، وهذا ليس على عمومه ، وإنّما قالوا لأنّ فيهم من غيّر وبدّل وخان على ما سنذكره(٣) .

وقد روى محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن محمّد بن صالح الهمداني قال : كتبت إلى صاحب الزمانعليه‌السلام : أهل بيتي يؤذوني ويقرعوني بالحديث الّذي يروى عن آبائكعليهم‌السلام أنّهمعليهم‌السلام قالوا : خدّامنا وقوّامنا شرار خلق الله.

فكتب : ويحكم ما تقرؤون ما(٤) قال الله تعالى( وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً ) (٥) فنحن والله القرى الّتي بارك فيها ، وأنتم القرى الظاهرة(٦) .

وفيتعق : ويمكن أنْ يكون تخطئة فهمه بأنّ المراد منه الجماعة الّذين كانوا يخدمونهم بباب بيوتهمعليهم‌السلام وكان شغلهم ذلك ، ومرّ في‌

__________________

(١) أي أنّ مرتبة سهل بعد مرتبة الثقة ، لا في مرتبته.

(٢) من أقول. إلى هنا لم يرد في نسخة « ش ».

(٣) الغيبة : ٣٤٥ / ٢٩٤.

(٤) ما ، لم ترد في نسخة « م ».

(٥) سبأ : ١٨.

(٦) الغيبة : ٣٤٥ / ٢٩٥.

٤٧٣

معتّب ما يومئ إليه(١) . وكيف كان فلا شبهة في أنّهمعليهم‌السلام ما كانوا يوكّلون فاسد العقيدة ، بل كانوا يأمرون بالتنفر عنهم وإيذائهم بل وأمروا بقتل بعضهم ، وكذا ما كانوا يوكّلون إلاّ من كانوا يعتمدون عليه ويثقون به ، بل وكان عادلاً أيضاً كما أُشير(٢) إليه في إبراهيم بن سلام(٣) ، ولو كان يغيّر أو يبدّل لكانواعليهم‌السلام يعزلونه ويظهرون ذلك لشيعتهم كيلا يغتروا كما في إبراهيم بن عبدة(٤) وغيره.

ويؤكّد ما ذكرناه أنّ جلّ وكلائهمعليهم‌السلام كانوا في غاية الجلالة والوثاقة كما يظهر من تراجمهم مضافاً إلى ما يظهر في هذه الفائدة وما بعدها ، وقليل منهم لم يظهر في تراجمهم ما ذكرنا ، لكن حكم مثل العلاّمة والمصنّف وشيخنا البهائيرحمه‌الله بالعدالة وقبول الرواية من جهة الوكالة(٥) ؛ وأمّا ما ورد من ذمّ وطعن بالنسبة إلى بعض فقد مرّ الجواب عنه في تراجمهم مفصّلاً ؛ وأمّا من غيّر وبدّل فقد ورد فيهم منهمعليهم‌السلام ما ورد ، وهو أيضاً دليل على أنّ الوكالة تلازم حسن العقيدة بل والوثاقة والجلالة. وممّا ذكر ظهر فساد نسبة الغلوّ والتفويض وأمثالهما بالنسبة إلى من لم ينعزل كالمفضّل ومحمّد بن سنان ، وحاشاهمعليهم‌السلام أنْ يمكّنوا الكفّار والفسّاق في وكالتهم ، ولم ينكروا عليهم ولم ينهوهم عن المنكر ، بل‌

__________________

(١) عن رجال الكشّي : ٢٥٠ / ٤٦٥ ٤٦٦.

(٢) في نسخة « ش » : يشير.

(٣) عن تعليقة الوحيد البهبهاني : ٢١.

(٤) عن رجال الكشّي : ٥٧٥ / ١٠٨٨ والخلاصة : ٧ / ٢٤.

(٥) واعترض الشيخ عبد النبي الجزائري في حاوي الأقوال : ٤ ، قائلاً : وأعلم أيضاً أنّ مجرد توكيل بعض المعصومين لرجل لا يثبت عدالة ذلك الرجل ما لم تكن للوكالة جهة مشروطة بها ، فلا يتوهم من قولهم فلان وكيل الاكتفاء بذلك في تعديله كما تشعر به عبارة الخلاصة في كثير من المواضع التي ستطّلع عليها.

٤٧٤

ويداهنوا معهم ويتلطفوا بهم وينبسطوا لهم ، ومرّ في غير موضع منه في نصر وفارس عدم صحّة نسبة الغلوّ والتفويض ورميهم بهما(١) ، انتهى.

قال الشيخرحمه‌الله في الكتاب المذكور : من‌الممدوحين :

حمران بن أعين :

أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، عن أبي جعفر محمّد بن سفيان البزوفري ، عن أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة قال : قال أبو جعفرعليه‌السلام وذكرنا حمران بن أعين فقال : لا يرتدّ والله أبداً ، ثمّ أطرق هنيئة ثمّ قال : أجل لا يرتدّ والله أبداً(٢) .

ومنهم : المفضّل بن عمر :

بهذا الاسناد عن أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن الحسين بن أحمد المنقري ، عن أسد بن أبي العلاء ، عن هشام بن أحمد(٣) قال : دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام وأنا أُريد أنْ أسأله عن المفضّل بن عمر وهو في مصنعة(٤) له في يوم شديد الحرّ والعرق يسيل على صدره ، فابتدأني فقال : نعم والله الّذي لا إله إلاّ هو الرجل المفضّل بن عمر الجعفي ، نعم والله الّذي لا إله إلاّ هو الرجل المفضّل بن عمر الجعفي ، حتّى أحصيت بضعاً وثلاثين مرّة يكرّرها ، وقال : إنّما هو والد بعد والد.

وروى هشام بن أحمر قال : حملت إلى أبي إبراهيمعليه‌السلام إلى المدينة‌

__________________

(١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٤٠٩.

(٢) الغيبة : ٣٤٦ / ٢٩٦.

(٣) كذا ؛ وفي المصدر : أحمر ، وهو الموافق لرجال الكشّي : ٣٢٢ / ٥٨٥.

(٤) كذا في النسخ ، وفي المصدر : ضيعة.

٤٧٥

أموالاً فقال : ردّها وادفعها إلى المفضّل بن عمر فرددتها إلى جعفي فحططتها على باب المفضّل.

وروى عن موسى بن بكر(١) قال : كنت في خدمة أبي الحسنعليه‌السلام فلم أكن أر شيئاً يصل إليه إلاّ عن ناحية المفضّل ، وربّما رأيت الرجل يجي‌ء بالشي‌ء فلا يقبله منه ويقول أوصله إلى المفضّل(٢) .

ومنهم :معلّى بن خنيس :

وكان من قوّام أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وإنّما قتله داود بن علي بسببه ، وكان محموداً عندهعليه‌السلام ومضى على منهاجه وأمره مشهور.

فروي عن أبي بصير قال : لمّا قتل داود بن علي المعلّى بن خنيس وصلبه عظم ذلك على أبي عبد اللهعليه‌السلام واشتدّ عليه وقال : يا داود على ما قتلت مولاي وقيّمي في مالي وعلى عيالي؟ والله إنّه لأوجه عند الله منك ، في حديث طويل.

وفي خبر آخر : أما والله لقد دخل الجنّة(٣) .

ومنهم :نصر بن قابوس اللخمي :

فروي أنّه كان وكيلاً لأبي عبد اللهعليه‌السلام عشرين سنة ، ولم يعلم أنّه وكيل وكان خيّراً فاضلاً.

وكانعبد الرحمن بن الحجّاج : وكيلاً لأبي عبد اللهعليه‌السلام ، ومات في عصر الرضاعليه‌السلام على ولاية(٤) .

ومنهم :عبد الله بن جندب البجلي :

__________________

(١) في نسخة « ش » : بكير.

(٢) الغيبة : ٣٤٦ / ٢٩٧ ٢٩٩.

(٣) الغيبة : ٣٤٧ / ٣٠٠ ٣٠١.

(٤) الغيبة : ٣٤٧ / ٣٠٢ ، وفيها بدل ولائه : ولايته.

٤٧٦

وكان وكيلاً لأبي إبراهيم وأبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، وكان عابداً رفيع المنزلة لديهما على ما روي في الأخبار(٤) .

ومنهم : صفوان بن يحيى ومحمّد بن سنان وزكريّا بن آدم وسعد بن سعد ما رواه أبو طالب القمّي قال : دخلت على أبي جعفر الثانيعليه‌السلام في آخر عمره فسمعته يقول : جزى اللهصفوان بن يحيى ومحمّد بن سنان وزكريّا بن آدموسعد بن سعد عنّي خيراً ، فقد وفوا لي.

وكانزكريّا بن آدم : ممّن تولاّهمعليهم‌السلام . وخرج فيه عن أبي جعفرعليه‌السلام : ذكرت ما جرى من قضاء الله في الرجل المتوفّىرحمه‌الله يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيّاً ، فقد عاش أيّام حياته عارفاً بالحقّ قائلاً به ، صابراً محتسباً للحقّ ، قائماً بما يجب لله ولرسوله عليه ، ومضىرحمه‌الله غير ناكث ولا مبدّل ، فجزاه الله أجر نبيه(١) ، وأعطاه جزاء سعيه.

وأمّامحمّد بن سنان : فإنّه روي عن علي بن الحسين بن داود قال : سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يذكر محمّد بن سنان بخير ويقول :رضي‌الله‌عنه برضاي عنه فما خالفني ولا خالف أبي قطّ(٢) .

ومنهم :عبد العزيز بن المهتدي القمّي الأشعري :

خرج فيه عن أبي جعفرعليه‌السلام : قبضت والحمد لله وقد عرفت الوجوه الّتي صارت إليك منها ، غفر الله لك ولهم الذنوب ورحمنا وإيّاكم.

وخرج فيه : غفر الله لك ذنبك ، ورحمنا وإيّاك ورضي عنك برضائي عنك(٣) .

__________________

(١) الغيبة : ٣٤٨.

(٢) في المصدر : نيّته.

(٣) الغيبة : ٣٤٨ / ٣٠٣ ٣٠٤.

(٤) الغيبة : ٣٤٩ / ٣٠٥.

٤٧٧

ومنهم :علي بن مهزيار الأهوازي : وكان محموداً ؛ أخبرني جماعة ، عن التلعكبري ، عن أحمد بن علي الرازي ، عن الحسين بن علي ، عن أبي الحسن البلخي ، عن أحمد بن ما بنداد(١) الإسكافي ، عن العلاء المذاري(٢) ، عن الحسن بن شمّون قال : قرأت هذه الرسالة على علي بن مهزيار عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام (٣) : بسم الله الرحمن الرحيم ، يا علي أحسن الله جزاك وأسكنك جنّته ، ومنعك من الخزي في الدنيا والآخرة وحشرك الله معنا ، يا علي قد بلوتك وخبرتك في النصحية والطاعة والخدمة والتوقير والقيام بما يجب عليك ، فلو قُلتُ إنّي لم أر مثلك لرجوت أن أكون صادقاً ، فجزاك الله جنّات الفردوس نزلاً ، فما خفي عليّ مقامك ، ولا خدمتك في الحرّ والبرد ، في الليل والنهار ، فأسأل الله إذا جمع الخلائق للقيامة أنْ يحبوك برحمة تغتبط بها ، إنّه سميع الدعاء(٤) .

ومنهم :أيّوب بن نوح بن درّاج : ذكر عمرو بن سعيد المدائني وكان فطحيّاً قال : كنت عند أبي الحسن العسكريعليه‌السلام بصريا(٥) إذ دخل أيّوب بن نوح ووقف قدّامه ، فأمره بشي‌ء ثمّ انصرف ، والتفت إليّ أبو الحسنعليه‌السلام (٦) وقال : يا عمرو إنْ أحببت أنْ‌

__________________

(١) في المصدر : ما بندار.

(٢) في المصدر : النداري.

(٣) في المصدر زيادة : بخطّه.

(٤) الغيبة : ٣٤٩ / ٣٠٦.

(٥) صريا : وهي قرية أسسها موسى بن جعفرعليه‌السلام على ثلاثة أميال من المدينة ، مناقب آل أبي طالب : ٤ / ٣٨٢.

(٦) في النسخ : أبو عبد اللهعليه‌السلام ، وما أثبتناه من المصدر.

٤٧٨

تنظر إلى رجل من أهل الجنّة فانظر إلى هذا(١) .

ومنهم :علي بن جعفر الهمّاني : وكان فاضلاً مرضيّاً من وكلاء أبي الحسن وأبي محمّدعليهما‌السلام .

روى أحمد بن علي الرازي ، عن علي بن مخلد الأيادي قال : حدّثني أبو جعفر العمريرضي‌الله‌عنه قال : حجّ أبو طاهر بن بلال فنظر إلى علي بن جعفر وهو ينفق النفقات. إلى آخر ما مضى في الأسماء وزاد بعد لم ندخلهم فيه : قال : ودخل على أبي الحسن العسكريعليه‌السلام فأمر له بثلاثين ألف دينار(٢) .

ومنهم :أبو علي بن راشد : أخبرني ابن أبي جيد ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى قال : كتب أبو الحسن العسكريعليه‌السلام إلى الموالي ببغداد والمدائن والسواد وما يليها : قد أقمت أبا علي بن راشد مقام علي بن الحسين بن عبد ربّه ومن قبله من وكلائي ، وقد أوجبت في طاعته طاعتي ، وفي عصيانه الخروج إلى عصياني ، وقد كتبت بخطّي.

وروى محمّد بن يعقوب رفعه إلى محمّد بن الفرج قال : كتبت إليه أسأله عن أبي علي بن راشد وعن عيسى بن جعفر وعن ابن بند ، فكتب إلى : ذكرت ابن راشدرحمه‌الله فإنّه عاش سعيداً ومات شهيداً ، ودعا لابن بند والعاصمي ، وابن بند ضرب بالعمود وقتل ، وابن عاصم(٣) ضرب بالسّياط على الجسر ثلاثمائة سوط ورمي به في الدجلة(٤) .

فهؤلاء المحمودون وتركنا ذكر استقصائهم لأنّهم معروفون مذكورون‌

__________________

(١) الغيبة : ٣٤٩ / ٣٠٧.

(٢) الغيبة : ٣٥٠ / ٣٠٨.

(٣) في نسخة « م » بدل وابن عاصم : وعاصم.

(٤) الغيبة : ٣٥٠ / ٣٠٩ ٣١٠.

٤٧٩

في الكتب.

وأمّا المذمومون ‌ فمنهم جماعة.

روى علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه قال : كنت عند أبي جعفر الثانيعليه‌السلام إذ دخل عليهصالح بن محمّد بن سهل الهمداني وكان يتولّى له ، فقال له : جعلت فداك اجعلني من عشرة آلاف درهم في حلّ فإنّي أنفقتها ، فقال له : أبو جعفرعليه‌السلام : أنت في حلّ.

فلمّا خرج من عنده قال أبو جعفرعليه‌السلام : يثب على مال آل محمّد صلوات الله عليهم. إلى آخر ما مرّ في ترجمته(١) .

و منهم :علي بن أبي حمزة البطائني وزياد بن مروان القندي وعثمان بن عيسى الرواسي.

كلّهم كانوا وكلاء لأبي الحسن موسىعليه‌السلام وكان عندهم أموال جزيلة ، فلمّا مضى أبو الحسن موسىعليه‌السلام وقفوا طمعاً في الأموال ودفعوا إمامة الرضاعليه‌السلام وجحدوه(٢) .

و منهم :فارس بن حاتم بن ماهويه القزويني :

على ما رواه عبد الله بن جعفر الحميري قال : كتب أبو الحسن العسكريعليه‌السلام إلى علي بن عمرو القزويني(٣) اعتقد فيما تدين الله(٤) به أنّ الباطن عندي حسب ما أظهرت لك فيمن استثنيت(٥) عنه ، وهو فارس عليه(٦)

__________________

(١) الغيبة : ٣٥١ / ٣١١.

(٢) الغيبة : ٣٥٢.

(٣) في المصدر زيادة : بخطّه.

(٤) في المصدر زيادة : تعالى.

(٥) في المصدر : استنبأت.

(٦) عليه ، لم ترد في المصدر.

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559