الدعاء حقيقته وآدابه وآثاره

الدعاء حقيقته وآدابه وآثاره0%

الدعاء حقيقته وآدابه وآثاره مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-8629-83-8
الصفحات: 119

الدعاء حقيقته وآدابه وآثاره

مؤلف: علي موسى الكعبي
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف:

ISBN: 964-8629-83-8
الصفحات: 119
المشاهدات: 41581
تحميل: 3238

توضيحات:

الدعاء حقيقته وآدابه وآثاره
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 119 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41581 / تحميل: 3238
الحجم الحجم الحجم
الدعاء حقيقته وآدابه وآثاره

الدعاء حقيقته وآدابه وآثاره

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
ISBN: 964-8629-83-8
العربية

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام :« يستجاب الدعاء في أربعة مواطن : في الوتر ، وبعد الفجر ، وبعد الظهر ، وبعد المغرب » (1) .

د ـ قبل طلوع الشمس وقبل الغروب :

عن الإمام الصادقعليه‌السلام في قوله تعالىٰ :( وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ) (2) ، قال :« هو الدعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، وهي ساعة اجابة » (3) .

وعن فضيل بن عثمان ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : أوصني.

قال :« أوصيك بتقوىٰ الله وصدق الحديث... وإذا كان قبل طلوع الشمس وقبل الغروب فعليك بالدعاء واجتهد ، ولا يمنعك من شيء تطلبه من ربِّك ، ولا تقل : هذا ما لاأُعطاه ، وادعُ فإنّ الله يفعل ما يشاء » (4) .

هـ ـ بعد الصلوات المكتوبة :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« من أدّىٰ لله مكتوبة ، فله في أثرها دعوة مستجابة » (5) .

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام :« إنّ الله تبارك وتعالىٰ فرض الصلوات في أفضل الساعات ، فعليكم بالدعاء في أدبار الصلوات » (6) .

__________________________

(1) الكافي 3 : 343 / 17. والتهذيب 2 : 114 / 196.

(2) سورة الرعد : 13 / 15.

(3) الكافي 2 : 379 / 1.

(4) الزهد : 19 / 42.

(5) أمالي الصدوق 1 : 295.

(6) تفسير القمي 1 : 67.

٦١

وقالعليه‌السلام :« عليكم بالدعاء في أدبار الصلوات فإنّه مستجاب » (1) .

و ـ ليلة الجمعة ويومها :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« إنّ يوم الجمعة سيد الأيام ، يضاعف الله عزَّ وجلَّ فيه الحسنات ، ويمحو فيه السيئات ، ويرفع فيه الدرجات ، ويستجيب فيه الدعوات » (2) .

وقال الإمام أبو جعفر الباقرعليه‌السلام :« أول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس إلىٰ أن تمضي ساعة يحافظ عليها ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا يسأل الله تعالىٰ فيها عبدٌ خيراً إلّا أعطاه » (3) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة ما بين فراغ الإمام من الخطبة إلىٰ أن تستوي الناس بالصفوف ، وساعة اُخرىٰ من آخر النهار إلىٰ غروب الشمس » (4) .

ز ـ ليالي الاحياء :

وتتضمن الدعوات والأوراد الخاصة في ليلة القدر ، وهي غير محددة بين ليالي شهر رمضان ، والأرجح أنها في ليالي الافراد الثلاث : 19 ، 21 ، 23 ، وتأكّدت في ليلة الجهني ، وهي ليلة 23 من شهر رمضان(5) .

وتعتبر هذه الليلة المباركة من أكثر الليالي أهمية في استجابة الدعاء

__________________________

(1) الخصال : 488 / 65.

(2) بحار الأنوار 89 : 274 / 20.

(3) عدة الداعي : 47.

(4) الكافي 3 : 414 / 4 ، والتهذيب 3 : 235 / 1.

(5) عدة الداعي : 53 ، وبحار الأنوار 93 : 353.

٦٢

ونزول الرحمة والملائكة( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ) (1) فعلىٰ المؤمن أن يتحرىٰ هذه الليلة ويحييها بالصلاة والدعاء ، وكان الأئمة من عترة المصطفىٰصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يهتمون بالقيام فيها وإحيائها بالعبادة والدعاء والاستغفار.

ومن الليالي الاُخرىٰ التي تستحق الاحياء والعبادة والدعاء ، وروي أنّه تؤمل فيها الاستجابة : ليلة الفطر ، وليلة الأضحىٰ ، وليلة النصف من شعبان ، وأول ليلة من رجب ، فقد روي عن الإمام الكاظمعليه‌السلام أنّه قال :« كان علي عليه‌السلام يقول : يعجبني أن يفرّغ الرجل نفسه في السنة أربع ليالٍ... » (2) وعدّ الليالي المتقدمة.

ومن الليالي التي يستجاب فيها الدعاء ، ليلة العاشر من ذي القعدة ، لما روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :« في ذي القعدة ليلة مباركة هي ليلة عشر ، ينظر الله إلىٰ عباده المؤمنين فيها بالرحمة » (3) .

ومن الليالي التي تؤمل فيها الاجابة ليلة مولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويومه ، وليلة مبعثه الشريف ويومه ، ويوم عرفة وليلة عرفة ، وخاصة إذا كان بالموقف أو عند مشهد الإمام الحسينعليه‌السلام وليلة عيد الغدير ويومه ، وليلة النصف من رجب(4) .

ح ـ وهناك مواقيت روي أنها تفتح فيها أبواب السماء ، وتهبط فيها

__________________________

(1) سورة القدر : 97 / 3 ـ 4.

(2) وسائل الشيعة 8 : 109 / 9.

(3) بحار الأنوار 93 : 349.

(4) بحار الانوار 93 : 351.

٦٣

الرحمة ، ولا يحجب فيها الدعاء ، وهي ساعة قراءة القرآن ، وأوقات الأذان ، وساعة نزول المطر ، وساعة التقاء الصفين ، ومصرع الشهداء ، وساعة دعوة المظلوم ، وعند ظهور أيّة معجزة لله في أرضه ، وعند هبوب الريح.

روي عن الإمام أمير المؤمينعليه‌السلام أنّه قال :« اغتنموا الدعاء عند خمسة مواطن : عند قراءة القرآن ، وعند الأذان ، وعند نزول الغيث ، وعند التقاء الصفين للشهادة ، وعند دعوة المظلوم ، فإنّها ليس لها حجاب دون العرش » (1) .

وعنهعليه‌السلام أنّه قال :« تفتّح أبواب السماء عند نزول الغيث ، وعند الزحف ، وعند الأذان ، وعند قراءة القرآن ، ومع زوال الشمس ، وعند طلوع الفجر » (2) .

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام :« اطلبوا الدعاء في أربع ساعات : عند هبوب الرياح ، وزوال الأفياء ، ونزول القطر ، وأول قطرة من دم القتيل المؤمن ، فإنّ أبواب السماء تفتّح عند هذه الأشياء » (3) .

4 ـ اختيار الأمكنة الخاصة :

إنّ لله تعالىٰ بقاعاً أحبّ أن يُعبَد فيها وندب إلىٰ أداء الأعمال الصالحة فيها ، ومن هنا اكتسبت أهميةً وفضلاً علىٰ سواها ، ومن ذلك الفضل استجابة الدعاء في أروقتها ، ومن بين هذه البقاع أيضاً ما عمد الأئمة

__________________________

(1) أمالي الصدوق : 97 / 7 ، 218 / 3.

(2) الخصال : 302 / 79.

(3) الكافي 2 : 346 / 1.

٦٤

الهداةعليهم‌السلام إلىٰ الدعاء فيها أو حثّوا أصحابهم علىٰ زيارتها والدعاء فيها ، وهي بقاع الحج والزيارة المعروفة لدىٰ جميع المسلمين.

أ ـ مكة المكرمة :

وهي البقعة التي اختارها الله تعالىٰ من بين بقاع الأرض لتكون محلاً لبيته الحرام ومكاناً لعبادته ونيل رحمته ، وفيها الكعبة المكرمة قبلة المسلمين وملجأ الهاربين ، بها يأمن الخائف ، وفيها تنزل الرحمة ، وعندها يستجاب الدعاء.

روي عن الإمام الرضاعليه‌السلام أنّه قال :« ما وقف أحد بتلك الجبال إلّا استجيب له ، فأمّا المؤمنون فيستجاب لهم في آخرتهم ، وأمّا الكفار فيستجاب لهم في دنياهم » (1) .

وترجىٰ إجابة الدعاء في عدة مواضع خلال مناسك الحج ، منها : عند الميزاب ، وعند المقام ، وعند الحجر الأسود ، وبين المقام والباب ، وفي جوف الكعبة ، وعند بئر زمزم ، وعلى الصفا والمروة ، وعند الجمرات الثلاث ، وفي المزدلفة ، وفي عرفة ، وعند المشعر الحرام(2) .

قال الله تعالىٰ :( فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ) (3) .

وروي « أنّ من الذنوب ما لا يغفر إلّا بعرفة والمشعر الحرام »(4) .

__________________________

(1) عدة الداعي : 56.

(2) بحار الانوار 93 : 349 و 353.

(3) سورة البقرة : 2 / 198.

(4) عدة الداعي : 55.

٦٥

ومنها : المستجار ، والملتزم ، والركن اليماني.

قال الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام :« لما هبط آدم عليه‌السلام إلىٰ الأرض طاف بالبيت ، فلمّا كان عند المستجار ، دنا من البيت فرفع يديه إلىٰ السماء ، فقال : يا ربِّ اغفر لي ، فنودي : أني قد غفرت لك ، قال : يا ربِّ ، ولولدي ، فنودي : يا آدم ، من جاءني من ولدك فباء بذنبه بهذا المكان غفرت له » (1) .

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام :« إنّ الله عزَّ وجلّ وكّل بالركن اليماني ملكاً هجّيرا يؤمّن علىٰ دعائكم » (2) .

وقال عمار بن معاوية : إن الصادقعليه‌السلام كان إذا انتهىٰ إلىٰ الملتزم قال لمواليه :« أميطوا عني حتىٰ أقرّ لربي بذنوبي في هذا المكان ، فإنّ هذا مكان لم يقرّ عبد لربه بذنوبه ، ثم استغفر الله إلّا غفر الله له » (3) .

ب ـ المساجد :

المساجد عموماً بيوت الله في الأرض ، فمن أتاها عارفاً بحقها ، فإنّ الله تعالىٰ أكرم من أن يخيب زائره وقاصده.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« عليكم باتيان المساجد ، فإنّها بيوت الله في الأرض... فأكثروا فيها الصلاة والدعاء » (4) .

وأشرف المساجد مسجد الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المدينة المنورة

__________________________

(1) تفسير العياشي 2 : 241 / 12.

(2) الكافي 4 : 408 / 11.

(3) الكافي 4 : 410 / 4.

(4) بحار الأنوار 83 : 384 / 59.

٦٦

الذي لا يضاهيه بالفضل والكرامة إلّا المسجد الحرام.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« إذا فرغت من الدعاء عند قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فائت المنبر وسل حاجتك ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة ، ومنبري علىٰ بركة من ترع الجنة... » (1) .

ومن المساجد التي ترجىٰ فيها إجابة الدعاء ، مسجد الكوفة الكبير ، فقد روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال :« ما دعىٰ فيه مكروب بمسألة في حاجة من الحوائج إلّا أجابه الله ، وفرّج عنه كُربته » (2) .

ومنها مسجد السهلة بالكوفة ، وممّا ورد في فضل التعبّد فيه والدعاء ما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام :« ما أتاه مكروب قط فصلّىٰ فيه ما بين العشاءين ودعا الله إلّا فرّج الله عنه » (3) .

وعنهعليه‌السلام :« ما صلّىٰ فيه أحدٌ فدعا الله بنيةٍ صادقةٍ إلّا صرفه الله بقضاء حاجته » (4) .

جـ ـ مشاهد الأئمةعليهم‌السلام :

مشاهد الأئمة المعصومينعليهم‌السلام الموزعة بين بقيع المدينة المنورة ونجف العراق وكربلاء وسامراء ومشهد الإمام الرضا في طوس ، من البقاع المقدّسة التي ندب الأئمة من عترة المصطفىٰعليهم‌السلام إلىٰ زيارتها والصلاة فيها قربة إلىٰ الله وأكّدوا علىٰ استجابة الدعاء فيها ، والحديث عن فضلها

__________________________

(1) الكافي 4 : 353.

(2) بحار الانوار 100 : 404 / 59.

(3) بحار الانوار 100 : 435 / 2.

(4) بحار الانوار 100 : 436 / 7.

٦٧

وشرفها جميعاً مما تطول به صفحات هذه الرسالة ، لذا نقتصر في بيان فضل تربة الإمام الحسين الشهيدعليه‌السلام في كربلاء ، الذي ضحّىٰ بنفسه وعياله وأهل بيته وأصحابه من أجل الاصلاح في أُمّة جدّه المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإقامة مبادىء الدين القويم علىٰ أساس الكتاب الكريم وسُنّة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال الإمام أبو جعفرعليه‌السلام :« إنّ الحسين صاحب كربلاء قتل مظلوماً مكروباً عطشاناً لهفان ، فآلىٰ الله علىٰ نفسه أن لا يأتيه لهفان ولا مكروب ولا مذنب ولا مغموم ولا عطشان ولا من به عاهة ، ثم دعا عنده ، وتقرب بالحسين بن علي عليه‌السلام إلىٰ الله عزَّ وجلّ إلّا نفّس كربته ، وأعطاه مسألته ، وغفر ذنبه ، ومدّ في عمره ، وبسط في رزقه » (1) .

وعن شعيب العقرقوفي ، قال : قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : من أتىٰ قبر الحسينعليه‌السلام ، ماله من الثواب والأجر ؟ قالعليه‌السلام :« يا شعيب ، ما صلّىٰ عنده أحد الصلاة إلّا قبلها الله منه ، ولا دعا عنده أحد دعوة إلّا استجيبت له عاجله أو آجلة » (2) .

وقال الإمام الهاديعليه‌السلام :« إنّ لله تعالىٰ مواضع يحبُّ أن يُدعى فيها ، وحائر الحسين عليه‌السلام منها » (3) .

أما المشاهد الاُخرىٰ لأئمة أهل البيتعليهم‌السلام فإنّ واقع الحال ينبىء عن استجابة الدعاء فيها ، فضلاً عن الروايات والأخبار الكثيرة الواردة في

__________________________

(1) بحار الأنوار 101 : 46 / 5.

(2) بحار الأنوار 101 : 83 / 9.

(3) كامل الزيارات : 273 ـ الباب (90).

٦٨

فضل زيارتهمعليهم‌السلام والتوسل بهم من طرق الفريقين.

روىٰ الخطيب البغدادي في تاريخه بالاسناد عن أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ، قال : سمعت الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال يقول : ما همّني أمر فقصدت قبر موسىٰ بن جعفر فتوسّلت به إلّا سهّل الله تعالىٰ لي ما أُحبّ(1) .

وقال ابن حبان في ترجمة الإمام الرضاعليه‌السلام : « ما حلّت بي شدّة في وقت مقامي بطوس ، فزرت قبر علي بن موسىٰ الرضا ( صلوات الله علىٰ جده وعليه ) ودعوت الله بازالتها عني إلّا استجيب لي ، وزالت عني تلك الشدة ، وهذا شيء جرّبته مراراً ، فوجدته كذلك ، أماتنا الله علىٰ محبّة المصطفىٰ وأهل بيته صلّىٰ الله عليه وعليهم أجمعين »(2) .

5 ـ اختيار الأدعية التي هي مظنّة الاجابة :

من المسائل المهمة التي تواجه الداعي ، هي مسألة اختيار الدعاء المناسب للحال التي يريدها ، والظاهر من النصوص الواردة في هذا الشأن أنّه يجوز للانسان أن يدعو بما جرىٰ علىٰ لسانه ، فهو الذي يفصح عن حاله ، وعمّا تكنّه بواطن نفسه ويعبّر عن حاجاته.

روي عن زيارة أنّه قال : قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام علّمني دعاءً ، فقالعليه‌السلام :« إنّ أفضل الدعاء ما جرىٰ علىٰ لسانك » (3) .

علىٰ أن الدعاء الذي يجري علىٰ اللسان قد يكون عرضةً للوهم

__________________________

(1) تاريخ بغداد 1 : 120.

(2) الثقات 8 : 456.

(3) الكافي 1 : 83 / 3. والتوحيد : 134 / 2.

٦٩

والخطأ الذي لا يشعر به الإنسان حال اشتغاله بالدعاء والتوجه إلىٰ الله سبحانه والخشوع والانقطاع ، فلا يستحضر معانيه ودلالاته أو مدىٰ موافقته لقوانين البلاغة واللغة والاعراب.

روي عن الكاهلي أنّه قال : كتبت إلىٰ أبي الحسن موسىٰعليه‌السلام في دعاء : ( الحمد لله منتهىٰ علمه ) ، فكتب إليَّ :« لا تقولن منتهىٰ علمه ، ولكن قُل : منتهىٰ رضاه » (1) .

وعن أبي علي القصاب ، قال : كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام فقلت : ( الحمد لله منتهىٰ علمه ) ، فقال :« لا تقل ذلك ، فإنّه ليس لعلمه منتهىٰ » (2) .

وعن الإمام أبي الحسن الهاديعليه‌السلام ، قال : سمع أمير المؤمنينعليه‌السلام رجلاً يقول : اللهمّ إنّي أعوذ بك من الفتنة ، فقالعليه‌السلام :« أراك تتعوذ من مالَكَ وولدَك ، يقول الله عزَّ وجلّ :( أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ) (3) ولكن قُلْ : اللهمَّ إنّي أعوذ بك من مضلاّت الفتن » (4) .

علاوة علىٰ ما تقدم فإنّ الإنسان قد يجهل ما ينفعه وما يضره ، فيدعو بخلاف مصلحته وبما يعود عليه بالشر والخسران ، ويستعجل في هذا الدعاء ، وهو لا يشعر بعواقبه وما يؤول إليه ، قال تعالىٰ :( وَيَدْعُ الْإِنسَانُ

__________________________

(1) الكافي 1 : 83 / 3 ، والتوحيد 134 / 2.

(2) التوحيد : 134.

(3) سورة الانفال : 8 / 28.

(4) الأمالي للشيخ الصدوق 2 : 193.

٧٠

بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا ) (1) .

والله تعالىٰ لا يفعل خلاف مقتضىٰ الحكمة والمصلحة ، فلا يستجيب مثل هذا الدعاء ، أو يؤخّره حتىٰ تكون فيه المصلحة والحكمة.

مراعاة قواعد اللغة والاعراب :

إنّ إعراب ألفاظ الدعاء ومجاراتها لقواعد اللغة والبلاغة ليست شرطاً مهما في استجابة الدعاء والإثابة عليه ، بل هي شرط في تمامية فضله وكمال منزلته وعلو مرتبته ، إذ كثيراً ما نشاهد أن من أهل الصلاح والورع ممن يرجىٰ إجابة دعائهم لا يعرفون شيئاً من قواعد اللغة والاعراب ، وعلى العكس من ذلك قد نرىٰ من أهل اللغة والفصاحة والبلاغة من لا يستجاب دعاؤهم ولا تعرف قلوبهم نور الايمان.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« تجد الرجل لا يخطىء بلام ولا واو ، خطيباً مصقعاً ، ولَقَلبُهُ أشدُّ ظلمةً من الليل المظلم » (2) .

فميزان التفاضل في قبول الطاعات ومنها الدعاء ، هو إخلاص السريرة ، وصفاء القلب ، وإشراقة بنور الايمان.

وقد روي عن الإمام الجوادعليه‌السلام أنّه قال :« إنّ الدعاء الملحون لا يصعد إلىٰ الله عزَّ وجلّ » (3) أي لا يصعد ملحوناً ، لأنّ اللحن المزري قد يحط من قيمة الدعاء بل ويغير معناه ، لكن الله تعالىٰ لا يجازي عليه جرياً علىٰ __________________________

(1) سورة الاسراء : 17 / 11.

(2) الكافي 2 : 308 / 1.

(3) عدة الداعي : 23.

٧١

لحنه المغيّر للمعنىٰ ، بل يجازي علىٰ قدر قصد الإنسان من دعائه ومراده ونيته.

ويؤيد ذلك ما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الرجل الأعجمي من أُمتي ليقرأ القرآن بعجمته ، فترفعه الملائكة علىٰ عربيته » (1) .

بقي أن نقول : إنّ الداعي إذا اختار الدعاء بالمأثور لا بدّ له أن يراعي الالتزام بلفظ الدعاء وبقواعد اللغة والاعراب بالشكل الذي يليق بشأن صاحب الدعاء.

الدعاء بالمأثور :

حصيلة ما تقدم أن الدعاء بالمأثور يجنّب الإنسان من الوقوع باللحن ، فهو أولىٰ من غيره ، وأفصح ممّا يؤلفه الإنسان ، فقد روي عن عبدالرحيم القصير ، أنّه قال : دخلت علىٰ أبي عبداللهعليه‌السلام ، فقلت : جعلت فداك ، إني اخترعت دعاءً. فقالعليه‌السلام :« دعني من اختراعك... » (2) وعلّمه دعاءً ؛ ذلك لأنّ الدعاء بالمأثور يجنّب الداعي الوقوع باللحن والخطأ ، خصوصاً إذا كان من أدعية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعترته المعصومينعليهم‌السلام معدن النبوة وأعلام الهدىٰ وأهل البلاغة والفصاحة ، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :« وإنّا لاُمراء الكلام ، وفينا تنشّبت عروقه ، وعلينا تهدّلت غصونه » (3) .

ويفضل اختيار الأدعية التي هي مظنة الاجابة ، أو التي خُصّت بالفضل

__________________________

(1) الكافي 2 : 453 / 1.

(2) الكافي 3 : 476 / 1.

(3) نهج البلاغة ، الخطبة (233).

٧٢

الكبير في قضاء الحاجات وغفران الذنوب ، وهي كثيرة في تراث أهل البيتعليهم‌السلام (1) .

قال طاووس : إنّي لفي الحجر ليلة ، إذ دخل علي بن الحسينعليه‌السلام ، فقلت : رجل صالح من أهل بيت صالح ، لأسمعن دعاءه ، فسمعته يقول في أثناء دعائه :« عبدك بفنائك ، سائلك بفنائك ، مسكينك بفنائك » فما دعوت بهنّ في كربٍ إلّا وفرّج عني(2) .

ويفضّل أيضاً اختيار الأدعية التي تشتمل علىٰ اسم الله الأعظم لما فيها من الكرامة والقربىٰ واستجابة الدعاء(3) .

وعلىٰ الداعي أن يلتزم بلفظ الدعاء الوارد عن المعصوم دون تحريف أو زيادة أو نقصان ، فقد روي عن إسماعيل بن الفضيل أنّه قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله تعالىٰ :( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ) (4) .

فقالعليه‌السلام :« فريضة علىٰ كلِّ مسلم أن يقول قبل طلوع الشمس عشر مرات وقبل غروبها عشر مرات : لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهي حيٌّ لا يموت ، بيده الخير ، وهو علىٰ كل

__________________________

(1) راجع بحار الانوار 86 : 186 / 48 و 225 / 45 و 323 / 69 و 330 / 71 ، 89 : 323 / 30 ، 90 : 44 / 9 ، 91 : 275 / 24 ، 95 : 190 / 19 و 193 / 24 و 391 / 31 و 398 و 445.

(2) شرح ابن أبي الحديد 6 : 192.

(3) راجع بحار الأنوار 93 : 223 ـ 232.

(4) سورة طه : 20 / 130.

٧٣

شيء قدير » .

قال : فقلت : لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ، ويميت ويحيي.. فقالعليه‌السلام :« يا هذا ، لا شكّ في أن الله يحيي ويميت ، ويميت ويحيي ، ولكن قُل كما أقول » (1) .

وعلىٰ الداعي أن يختار من الأدعية المأثورة ما يناسب حاله وحاجته ، فبعض الأدعية تناسب حالة الخوف ، وبعضها حالة الرجاء ، وبعضها للبلاء ، وبعضها للرخاء ، إلىٰ غير ذلك من الأحوال المختلفة التي تَرِد علىٰ الإنسان ، فعليه أن يقرأ في كلِّ حالة ما يناسبها من الأدعية المأثورة مترسّلاً وكأنّها من إنشائه ، ويدعو بلسان الذلّة والخشوع لا بلسان التشدّق والاستعلاء مع التدبّر في معانيها والتضرُّع فيها.

6 ـ اجتماع المؤمنين للدعاء :

ومن الأسباب المؤدية لاستجابة الدعاء اجتماع المؤمنين بين يدي ربهم في دعائهم وتضرُّعهم إليه ، فما اجتمع المؤمنون في موطنٍ لله فيه رضا إلّا لبّىٰ نداءهم ، وأنزل رحمته عليهم ، وشملهم بمغفرته ورضوانه.

روي أنّ الله تعالىٰ أوحىٰ إلىٰ عيسىٰعليه‌السلام :« يا عيسىٰ ، تقرّب إلىٰ المؤمنين ، ومُرهم أن يدعوني معك » (2) .

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام :« ما من رهطٍ أربعين رجلاً اجتمعوا فدعوا الله عزَّ وجلَّ في أمرٍ إلّا استجاب الله لهم ، فإنّ لم يكونوا أربعين فأربعة يدعون

__________________________

(1) الخصال : 452 / 58.

(2) وسائل الشيعة 7 : 104 / 3.

٧٤

الله عزَّ وجلَّ عشر مرات إلّا استجاب الله لهم ، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو الله أربعين مرة ، فيستجيب الله العزيز الجبار له » (1) .

وقالعليه‌السلام :« ما اجتمع أربعة رهط قطّ علىٰ أمرٍ واحدٍ ، فدعوا الله عزَّ وجلَّ ، إلّا تفرقوا عن إجابة » (2) .

7 ـ التأمين علىٰ الدعاء :

وهو من الأسباب المؤدية لاستجابة الدعاء ، وفيه فضل كبير وثواب جزيل للمؤمن والداعي علىٰ السواء ، ويستحب أن يكون في حال اجتماع المؤمنين للدعاء.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : دعا موسىٰ ، وأمّن هارون ، وأمّنت الملائكة ، فقال الله تبارك وتعالىٰ : ( قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا ) » (3) .

وقالعليه‌السلام :« الدّاعي والمؤمّن في الأجر شريكان » (4) .

وروي أن الإمام الصادقعليه‌السلام كان إذا حَزَبه أمرٌ(5) جمع النساء والصبيان ، ثمّ دعا فأمّنوا(6) .

__________________________

(1) الكافي 2 : 353 / 1.

(2) الكافي 2 : 353 / 2.

(3) الكافي 2 : 370 / 8. والآية من سورة يونس : 10 / 89.

(4) الكافي 2 : 353 / 4.

(5) حزبه الأمر : دهاه وأعياه علاجه.

(6) بحار الأنوار 93 : 394 / 6.

٧٥

8 ـ قراءة القرآن :

روي عن أبي الحسنعليه‌السلام أنّه قال :« إذا خفت أمراً ، فاقرأ مائة آية من القرآن من حيث شئت ، ثم قُل : اللهمّ اكشف عني البلاء ، ثلاث مرات » (1) .

أسباب تأخر الاجابة :

قد يقال : إنّنا نرىٰ كثيراً من الناس يدعون الله تعالىٰ فلا يستجاب لهم ، وقد ورد في الحديث أيضاً ما يدلُّ علىٰ تأخر الاجابة لعشرين أو أربعين عاماً.

فعن إسحاق بن عمار ، قال : قلتُ لأبي عبداللهعليه‌السلام : يستجاب للرجل الدعاء ثم يؤخر ؟

قال :« نعم ، عشرين سنة » (2) .

وعنهعليه‌السلام :« كان بين قول الله عزَّ وجل : ( قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا ) وبين أخذ فرعون أربعين عاماً » (3) .

فهل يتنافىٰ ذلك مع ما جاء في محكم الكتاب الكريم :( أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) (4) وقوله سبحانه :( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (5) ، وما جاء علىٰ لسان الصادق الأمينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« ما فُتح لأحد باب دعاء ، إلّا فتح الله له

__________________________

(1) بحار الأنوار 93 : 176 / 1.

(2) الكافي 2 : 355 / 4.

(3) سورة يونس : 10 / 89.

(4) الكافي 2 : 355 / 5.

(5) سورة البقرة : 2 / 186.

(6) سورة غافر : 40 / 60.

٧٦

فيه باب إجابته » (1) ؟

نقول : إنّ الدعاء من أقوىٰ الأسباب في تحقيق المطلوب ودفع المكروه ، ولكنّه قد يكون ضعيفاً في نفسه بأن يكون دعاءً لا يحبه الله لكونه مخالفاً لسنن التكوين والتشريع ، أو لأن الداعي لم يراع شروط الدعاء ولم يتقيد بآدابه ، أو لوجود الموانع التي تحجب الدعاء عن الصعود : كأكل الحرام ، ورين الذنوب علىٰ القلوب ، واستيلاء الشهوة والهوىٰ وحبّ الدنيا علىٰ النفس.

فإذا قيل بعدم الاخلال في جميع ذلك ، فيمكن حصر الأسباب المؤدية إلىٰ تأخر الاجابة بما يلي :

1 ـ إنّ الداعي قد يرىٰ في دعائه صلاحاً ظاهراً ، فيلحُّ بالدعاء والمسألة ، ولكن لو استجيب له ، فإنّ الاستجابة قد تنطوي علىٰ مفسدة له أو لغيره لا يعلمها إلّا الله تعالىٰ ، قال تعالىٰ :( وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) (2) .

وفي زبور داودعليه‌السلام : يقول الله تعالىٰ :« يا بن آدم ، تسألني فأمنعك ، لعلمي بما ينفعك » (3) .

وعليه فإنّ إجابة الدعاء إن كانت مصلحة والمصلحة في تعجيلها ، فإنّه تعالىٰ يعجّلها ، وان اقتضت المصلحة تأخيرها إلىٰ وقت معين أُجّلت ، ويحصل للداعي الأجر والثواب لصبره في هذه المدة.

__________________________

(1) أمالي الطوسي 1 : 5.

(2) سورة البقرة : 2 / 216.

(3) بحار الأنوار 73 : 365 / 98.

٧٧

وإذا لم يترتب علىٰ الاجابة غير الشر والفساد ، فإنّه تعالىٰ لا يستجيب الدعاء لسبق رحمته وجزيل نعمته ، ولأنّه تعالىٰ لا يفعل خلاف مقتضىٰ الحكمة والمصلحة :( وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ) (1) وفي هذه الحالة يثاب المؤمن علىٰ دعائه إما عاجلاً بدفع السوء عنه ، وإعطائه السكينة في نفسه ، والانشراح في صدره ، والصبر الذي يسهل معه احتمال البلاء الحاضر ، أو آجلاً في الآخرة كما يثاب علىٰ سائر الطاعات والصالحات من أعماله ، وذلك أعظم درجة عند الله تعالىٰ ، لأنّ عطاء الآخرة دائم لا نفاد له ، وعطاء الدنيا منقطع إلىٰ نفاد.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« ما من مؤمن دعا الله سبحانه دعوة ، ليس فيها قطيعة رحم ولا إثم ، إلّا أعطاه الله بها أحد خصال ثلاث : إمّا أن يعجّل دعوته ، وإمّا أن يدّخر له ، وإمّا أن يدفع عنه من السوء مثلها. قالوا : يا رسول الله ، إذن نكثر ؟ قال :اكثروا » (2) .

وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنّه قال :« والله ما أخّر الله عزَّ وجلَّ عن المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا خير لهم ممّا عجّل لهم فيها، وأيّ شيءٍ الدنيا ! » (3) .

وورد في دعاء الافتتاح :« وأسألك مستأنساً لا خائفاً ولا وجلاً مدلّاً عليك فيما قصدت فيه إليك ، فإن أبطأ عنّي عتبتُ بجهلي عليك ، ولعلَّ

__________________________

(1) سورة يونس : 10 / 11.

(2) وسائل الشيعة 7 : 27 / 8.

(3) الكافي 2 : 354 / 1. وقرب الاسناد : 171.

٧٨

الذي أبطأ عني هو خيرٌ لي لعلمك بعاقبة الاُمور » (1) .

2 ـ وقد تؤخر الاجابة عن العبد المؤمن لزيادة صلاحه وعظم منزلته عند الله عزَّ وجلَّ ، فتؤخر إجابته لمحبّة سماع صوته والاكثار من دعائه ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« إنّ الله ليتعهد عبده المؤمن بأنواع البلاء ، كما يتعهّد أهل البيت سيدهم بطرف الطعام ، قال الله تعالىٰ : « وعزتي وجلالي وعظمتي وبهائي إنّي لأحمي وليّي أن أعطيه في دار الدنيا شيئا يشغله عن ذكري حتىٰ يدعوني فأسمع صوته ، وإنّي لأعطي الكافر منيته حتىٰ لا يدعوني فأسمع صوته بغضا له » » (2) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« إنّ المؤمن ليدعو الله عزَّ وجلَّ في حاجته ، فيقول الله عزَّ وجلَّ : أخّروا إجابته شوقاً إلىٰ صوته ودعائه ، فإذا كان يوم القيامة قال الله عزَّ وجلَّ : عبدي ، دعوتني فأخرت اجابتك ، وثوابك كذا وكذا ، ودعوتني في كذا وكذا فأخّرت إجابتك وثوابك كذا وكذا ، قال : فيتمنّىٰ المؤمن أنّه لم يستجب له دعوة في الدنيا ممّا يرىٰ من حسن الثواب » (3) .

وقال الإمام الرضاعليه‌السلام :« إنّ الله يؤخّر إجابة المؤمن شوقا إلىٰ دعائه ، ويقول : صوت أحبّ أن أسمعه... » (4) .

وممّا تقدّم يتبين أنّ الدعاء مستجاب إذا أخلص الداعي في إتيان أدبه

__________________________

(1) مصباح المتهجد : 578.

(2) بحار الانوار 93 : 371 / 10.

(3) الكافي 2 : 356 / 9.

(4) بحار الانوار 93 : 370 / 7.

٧٩

وشرطه ، وتوجّه بقلبه إلىٰ الله تعالىٰ منقطعاً عن جميع الأسباب ، والاستجابة إما عاجلة في دار الدنيا ، أو آجلة في الآخرة ، وإذا تأخرت الاستجابة فلمصالح لا يعلمها إلّا عالم السرّ وأخفىٰ ، وتأخيرها يصبُّ في صالح الداعي ، فعليه أن لا يقنط من رحمة ربه ، ولا يستبطىء الاجابة فيملُّ الدعاء.

دعوات مستجابة :

فيما يلي بعض الدعوات التي أكدت النصوص الإسلامية علىٰ استجابتها وتأثيرها في استجابة الدعاء :

أولاً : الدعاء للمؤمنين :

ويعتبر من أهم مطالب الدعاء ، وذلك لأنّه يعكس إيثار المؤمن وإخلاصه وعمق ارتباطه باخوته المؤمنين علىٰ امتداد الزمان والمكان ، وهو علىٰ نوعين :

1 ـ دعاء عامّ يشمل جميع المؤمنين الحاضرين منهم أو الذين سبقوا بالإيمان ، وهو من أهم أنواع الدعاء ، لأنّه دعاء يحبّه الله تعالىٰ ويستجيب لصاحبه ، لذلك وردت الروايات الكثيرة التي تشيد بفضله وعمق آثاره علىٰ الداعي والمدعو له.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« ما من مؤمن أو مؤمنة مضىٰ من أول الدهر أو هو آت إلىٰ يوم القيامة إلّا وهم شفعاء لمن يقول في دعائه : اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، وإنّ العبد ليؤمر به إلىٰ النار يوم القيامة فيسحب ، فيقول المؤمنون والمؤمنات : يا ربنا ، هذا الذين كان يدعو لنا فشفّعنا فيه ،

٨٠