الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 10

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 10
المشاهدات: 1834
تحميل: 1539


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 10 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 1834 / تحميل: 1539
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

كتابٌ ومقال

تفضل بهما أحد رجالات «مصر» وشخصياتها البارزة، ألا وهو: الاستاذ الكبير، شاعر «الاهرام» المفلق - محمد عبدالغني حسن - المصري أحد شعراء الغدير (*) فقد ازدانت هذه الطبعة من كتاب «الغدير» بذلك المقال الكريم المعرب عن مكانة الاستاذ في الثقافة، ومبلغه من الفضايل، ومبوّأه من النفسيات الكريمة، وبثّ علمها الناجح، واخباته الى حقايق الاسلام المقدّس.

نصُّ الكتاب

القاهرة

7 من ربيع الاول 1372

25 من نوامبر سنة 1952

سيدي الاستاذ العلامة الكبير عبد الحسين أحمد الأميني

السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فلقد أسعفتني لحظات قصار من الصحَّة التي تروح وتجيئ بكلمات قليلة ضئيلة عن كتابكم «الغدير» الذي يتضاءل أمامة كلُّ كلام مهما كان. وكم كنت أودُّ لو أمكنتني العافية الـمُولِّية عنّي هذه الأيّام من إطالة الوقوف مع غديركم حتّى أستطيع أن اُؤدّي نحو هذا العمل العظيم ما يليق به من الدراسة والتحليل، ولكن عذري معي، ومعي - فوق ذلك - من جميل مغفرتكم ما أرجو به قبول الكلمة المرفقة بهذا تحت عنوان «في ظلال الغدير» تاركاً لفضيلتكم أمر نشرها كما تشاءون.

والله يجزيكم أحسن الجزاء ويوفِّقكم إلى إتمام هذا العمل الذي تنوءُ به العصبة أولوا القوَّة.

محمّد عبدالغني حسن

____________________

(*) يأتي شعره وترجمته في شعراء القرن الرابع عشر إنشاء الله، وله في تقريظ كتابنا هذا قريض عسجدي نشرناه في مفتتح الجزء الثامن.

٢

نصُّ المقال

في ظلال الغدير

ليس في هذا العنوان أثرٌ لروح شاعريَّة، أو جنوحٌ إلى عاطفة من عواطف الخيال المقتنص، أو ميلٌ إلى شوارد التعبير عمّا يجول في الخاطر الكليل

وإنَّما هي حقيقةٌ ناصعة الوجه واليد واللسان حين نقرِّ رانّ القارئ «لِلغدير» يفيئ منه إلى ظلٍّ ظليل، ويلتمس عنده من راحة الإطمئنان، وحلاوة القرار، ورضى الثقة ما يجده المرء حين يأوي إلى الواحة المخضرَّة بعد وعثاء السفر، في بيداء واسعة المتاهات، فيجد في ظلالها اُنس الإستقرار، وسلامة المقام، ودعة المصير.

ولن أكون في هذه الكلمة جانحاً إلى خيال، أو ملحقاً في جَواء من التصوُّر الحالم، أو الوهم الهائم ولكنَّني سأجتاز هذا «الغدير» عابراً، مفكّراً، مقلّباً النظر في صفحاته الرجراجة بكلِّ فكرة، المتموِّجه بكلِّ مبحث، مستخرجاً من أصفى لآلئه، وأكرم عناصره ما يُعينني عليه تقليب النظر في شُطآنه، وإطالة الفكر بين دفَّتيه، وكثرة الوقوف على مباحثه كما يقف العربيُّ على الديار التي لم يُبلها القدم

ولقد بلغ الجزء الأوَّل من «الغدير» ما حسبت معه أنَّ الجهد قد أوفي فيه على الغاية، واستشرف على نشز الكمال في صفحاته التي تساوي أيّام السنة الهجريّة عدا...

وقد كان بحسب العلّامة المكِبِّ الدؤوب الجليل الاستاذ «عبد الحسين الأميني» أن يّرضى منه بحث «حديث الغدير» بجزء واحد أو بجزئين أو ثلاثة يستوفي فيها الكلام عن رواة «حديث الغدير» من الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، وطبقات الرواة من العلماء إلى عصرنا هذا، والإحتجاج بالحديث، وتحقيق سنده وروايته، ودلالته على تأكيد الولاية للإمام عليٍّ كرّم الله وجهه، سواءٌ كان ذلك المفهوم مشتقّاً من حرفيَّة الحديث، أو مستفاداً من القرآن الملابسة للحديث حين نطف به الرَّسول الكريم

٣

على مر أىً ومسمعٍ ومشهدٍ من الصحابة.

نعم: قد كان بحسب العلّامة «الأمينيِّ» هذا حين يحتجُّ لحديث الغدير - غدير خمّ - وحين يحقّقُّ روايته وسنده ولكنّه ذهب في البحث عن «الغدير» وراء كلِّ مذهب، وجاوز في تعمّق الدرس والتقصّي كلَّ حدٍّ معروف عند المؤلِّفين حين يُؤلِّفون، وعند الباحثين حين يبحثون...

نعم: لقد مضى «الأمينيُّ» الجليل في البحث على طريث وعر المسالك، متشعَّب النواحي، كثير المسائل، ولم يزده السير في الطريق إلّا مواصلةً في السير، كوجه البدر المنير يزيدك حسناً إذا مازدته نظرا...

ورأينا كتاب «الغدير» يمتدُ به الطريق إلى أجزاء تسعة ضخام تبلغ من الصفحات بضعة آلاف... ولا يزال الكتاب ينتظر من صبر العلّامة «عبد الحسين» وإكبابه وتوفّره على التنفير والتنقيب ما يمضي به إلى الغاية التي يستهدفها المؤلِّف، حتّى يتمّ الكتاب على الوجه الذي يرضى عنه الله، والعلم الصحيح، والضمير السليم.

وقد يكون العلّامة «الأمينيُّ» النجفيّ مُشرباً بحبِّ الإمام عليّ وشيعته حين يبذل من ذات نفسه، وحين يبذل من ماء عينيه ما يبتغي به الوسيلة عند أهل البيت العلويِّ الكريم... وقد يكون في عمله هذا مُستجيباً لنداء المذهب الذي يدين به.. فإنّ الحبَّ يفرض على المحبِّ من الإلتزامات والإرتباطات ما يسقط به وجه الإعتراض.

ولكنَّ الحقَّ الّذي يجب أن يُجهر به: أنَّ العلّامة الاستاذ «عبد الحسين الأمينيّ» لم يكن محبّاً متعصِّباً، ولا ذا هوى متطرِّف جموح، وإنّما كان عالماً وضع علمه بجانب محبّته لعليٍّ وشيعته؛ وكان باحثاً وضع أمانة العلم ونزاهة البحث فوق إعتبار العاطفة..

ولايُلام المرء حين يحبُّ فيسرف في حبِّه، أو حين يهوي فيشتدُّ به الهوى.. ولكنَّ اللّوم يقع حين تَميل دواعي الهوى بالمرء عن صحيح وجه الحقِّ وما كان استاذنا الجليل في شيئٍ من هذا، وإنّما كان باحثاً وراء الحقيقة، كاشفاً النقاب عن وجهها، مُعنِّياً نفسه بالوصول إليها سافرة الوجه، واضحة المعالم.

ونجد في الجزء الأوَّل من «الغدير» رواة الحديث من الصحابة رضي الله عنهم وقد رتّبهم المؤلِّف وفق حروف الهجاء، فبلغوا مائة وعشرة من أجلّاء أصحاب الرسول

٤

صلى الله عليه وآله وسلم يُبتدئون بأبي هريرة، وينتهون بأبي مرازم يعلى بن مرَّة بن وهب الثقفي.

والمؤلَّف هنا لا يكتفي بذكر أسماء الرُّواة من الصحابة، بل يذكر الكتب الَّتي جاء فيها هذا الحديث مسنداً إلى الصحابيِّ، ثمَّ لا يكتفي بذلك بل يذكر أجزاء الكتب وأرقام الصفحات.

وهنا يجد المتصفِّح «لِلغدير» سيلاً وافراً بل بحراً زاخراً من الكتب كاُسد الغابة، والإصابة، وتهذيب التهذيب، والإستيعاب، وتاريخ بغداد للخطيب، وتهذيب الكمال، وتاريخ الخلفاء للسيوطي، والبداية والنهاية لإبن كثير، ونخب المناقب، ومسند أحمد، وسنن إبن ماجة، وعشرات وعشرات من كتب الحديث والتفسير والتاريخ الي روى فيها الرُّواة من الصحابة حديث الغدير.

فإذا فرغ المؤلِّف من ذكر طبقات الرُّواة من الصحابة إنتقل إلى الرُّواة من التابعين، ثمَّ من العلماء مرتِّباً هؤلاء الأخيرين وفق ترتيب الوفيات قرناً فقرناً مُبتدئاً بإبن دينار الجمحي، ومنتهياً برواة الحديث في عصرنا الحديث.

ولَمّا كانت واقعة الغدير - غدير خمّ - من الحقايق الثابتة التي لا تقبل الجدل، وكان الحديث - حديث الغدير - ممّا كاد ينعقد إجماع الاُمَّة الإسلاميَّة - سنَّة وشيعة - على صحَّته، فقد حدث الحِجاج به ومناشدته بين الصحابة والتابعين، ولهذا عقد العلّامة عبد الحسين فصلاً في المناشدة والحجاج بحديث الغدير. وممَّن إحتجَّ به فاطمة بنت الرَّسول، والحسن، والحسين، وعبد الله بن جعفر، وعمر بن عبد العزيز، والخليفة المأمون العبّاسي.

ولَمّا كان حديث الغدير قد بلغ من الصحَّة والتواتر وقوَّة السند مبلغاً لا يحتاج معه إلى إثبات مُثبت، أو تأييد مؤيَّد، فقد كان المؤلَّف الجليل في غنىً عن أن يخصَّ صحَّة إسناد الحديث بفصل، فإنَّه لا يصحُّ في الأذهان شيئٌ إذا احتاج النهار إلى دليل ولكنَّه جرى في المنهج العلميِّ على سَنن الجادَّة، وإستقامة القصد فذكر في صفحة 266 وما بعدها كلمات الرُّواة والحفّاظ حول سند الحديث.

فالترمذيُّ يقول في صحيحه: إنَّ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. والحافظ ابن عبد البرّ القرطبي يقول بعد ذكر حديث المؤاخاة وحديثي الراية والغدير: هذه كلّها

٥

آثارٌ ثابتةٌ. وهكذا يمضي في هذا الفصل حتّى يستوفي كلمات الحفّاظ حول سند الغدير.

وعلى الرغم من مقاربة الإجماع على صحَّة حديث الغدير، فقد نظر إليه بعض رجال المسلمين نظرةً تخالف منعقد الإجماع وهنا يظهر صاحب كتاب «الغدير» في مظهر المحبِّ الغاضب الغاضب على مخالفيه، فيوقفهم موقف المقاضاة، وينزلهم منزل المحاكمة؛ بل يعقد فصلاً عنيفاً عن «ابن حزم» الاندلسيّ الذي فتح الباب واسعاً حول الشكِّ في صحَّة الحديث.

ولو أنّ كتاب «الغدير» كان إحتجاجاً لحديث غدير خمّ، وتأييداً لصحَّته، وتبياناً لرواته وطرق روايته على مرِّ العصور، وإثباتاً لما يُستفاد منه من معنى الولاية للإمام «عليّ» لكان بذلك كافياً، ولكنَّ العلّامة الاستاذ «عبد الحسين أحمد» أراد أن يجعل من «الغدير» بحراً متلاطم الأمواج، جياش العباب وشاء أن يجعل منه موسوعةً كبيرةً تدور حول الكلمات الطاهرة الّتي نطق بها الرَّسول صلى الله عليه وآله وسلم للإمام عليّ كرم الله وجهه، فأثبت الشعراء الّذين ذكروا الغدير في قصيدهم، وعطَّروا بذكره أنفاس أشعارهم، وصاحبَهم المؤلِّف الدؤوب في موكب رائع الجلال من عهد النبيِّ صلوات الله عليه إلى القرون الإسلاميَّة قرناً فقرناً، فهو يذكر في كلِّ قرن شعراء الغدير فيه ويذكر غديريّاتهم، ولا يكتفي بذلك كلّه، بل يُترجم لهؤلاء الشعراء تراجم لا يستغني عنها مؤرِّخٌ أو باحثٌ أو أديبٌ: ثمّ لا يكتفي بذلك، بل يذكر المصادر الكثيرة المورعة لهؤلاء الشعراء، فيقع القارئ من هذه المصادر على ذخيرة من المعرفة بالكتب قلَّ أن تُتاح لباحث من باحثي زماننا هذا.

ولست هنا مبالغاً في تقدير هذه التراجم، فترجمة الشاعر «الكميت» مثلاً من شعراء الغدير في القرن الثاني قد بلغت ثلاثين صفحة من الجزء الثاني، حتى كادت تصلح أن تكون في ذاتها كتاباً قائماً بدراسة «الكميت». وترجمة «السيِّد الحميري» الشاعر قد بلغت من الجزء الثاني ستِّين صفحةً، وهي ترجمةٌ تلمُّ بأطراف الشاعر وتضعه في الإطار الّذي يخصّه بين شعراء عصره. وترجمة «ابن الرّومي» في الجزء الثالث من «الغدير» تبلغ 26 صفحةً. وقس على هذا بقيَّة مواكب الشعراء.

٦

وليس العبرة في طول التراجم وإتِّساع صفحاتها.. ولكنَّ العبرة في هذا الصبر العجيب الذي تابع به المؤلِّف حياة الشعراء الّذين يُترجم لهم، فقد رجع علّامتنا الجليل حين كتب عن «ابن الرّومي» إلى عشرات من الكتب في القديم والحديث، وجمع أخباره ونوادره من مصادر لم يطَّلع عليها الأكثرون، ولم يكديفوته كتابٌ واحدٌ ذُكر فيه «ابن الرّومي» بخير أو شرّ... حتّى مجلَّة الهدى العراقيَّة، وكتاب الاستاذ عبّاس محمود العقّاد.

وعلى ذكر المراجع والمصادر نودُّ أن نسجِّل للحقِّ أنَّ مؤلِّف «الغدير» الجليل قد أحاط منها بما لا يُحيط به إلّا من رزقه الله قدرةً وصبراً وحسن وقوع على الموارد، فهو حين يُترجم مثلاً لأبي تمام الشاعر في الجزء الثاني من «الغدير» يذكر أسماء الأعلام الذين شرحوا ديوان الحماسة، فيبلغون سبعة وعشرين... يُبد أون بأبي عبد الله محمد بن القاسم، وينتهون بالمرحوم الشيخ سيد بن علي المرصفي من رجال الأدب في زماننا هذا، وهو حين يذكر المؤلِّفين من أخبار أبي تمام وترجمته يعدُّ عشران يُبدأون بأبي الفضل أحمد بن أبي طاهر من رجال القرن الثالث الهجري، ويبلغ في زماننا هذا الدكتور عمر فروخ من كتّاب عصرنا الحديث.

هذا هو «الغدير» في نظرةٍ عاجلةٍ، أعجلني بها من أمر الزمان وشغل الحدثان ما كنت أودُّ أن تطول معه الوقفة وتعمّق النظرة، ولكن علّامتنا الكبير الأستاذ «عبد الحسين أحمد الأمينيّ» حريٌّ أن يغفر لصديقة السُنِّيِّ المصريِّ ما لم يسعفه به زمانه.

واُسأل الله أن يجعل من هذا الغدير الصّافي صفاءً لِما بين أهل السنَّة والشيعة من اُخوَّة إسلاميَّة، يتَّجهون بها في كُتلةٍ واحدةٍ وبناءٍ مرصوصٍ، إلى الحياة الحرَّة الكريمة التي يعتزُّ بها الإسلام، ويعلوله بها في العالم مقامٌ.

والله يوفَّق استاذنا العلّامة الجليل.

محمد عبد الغنى حسن

٧

كلمة المولّف

بسم الله الرحمن الرحيم

لا يذهب على الباحث ما عانيته من الجهود خلال سنين متمادية في سدّ هذا الفراغ، وما ثابرت عليه من المتاعب، واستسهلته من المشاقّ في تنسيق كتابي هذا، خدمةً للعلم والأدب وتشييداً للمبدأ، ونشراً لألوية لغة القرآن الكريم؛ لغة الدين المقدَّس.

عملت ذلك وأنا واثقٌ بأنّه سوف يُقدِّره منّي كلُّ عربيّ صميم، ويشكرني عليه أيُّ دينيّ محنَّك، ويُوازرني في نشره رُوّاد العلم والأدب، ويُساعدني فيه رجالات الدعاية والنشر، وحملة عب المعارف، غير أنَّ الأحوال الحاضرة كانت تُؤيسنس عن نشر الكتاب وتُمثَّل بيني وبين ضالّتي المنشودة عراقيل، لم تزل أمثال هذه الهاجسة تتراوح على الفكر، ويتردّد الأمل بين نشاط وإخفاق، وكنت اُقدِّم رِجلاً واُؤخِّر اُخرى، حتّى اُلهمت بالنجاح الباهر، وشعرت الفوز ببركة البيت الهاشميّ الرفيع المتسنّم عرش مملوكته العراق، وقد تبلّجت أرجائه، وتأرَّجت أجوائه بالملك المفدّى صاحب الجلالة الهاشميَّة - فيصل الثاني - ومشغل منصَّه الوصاية سموّ الوصيّ الأمير المعظَّم - عبد الإله - تزهر بهما ربوع الرافدين، وترفع راية الشعب العربيِّ الخفّاق، وحقيققٌ علينا أن نخاطب تلك وهذه ونقول:

يا ربوع الفرات ميدي سروراً

والبسي مطرف الهناء النضيرا

واستعيدي من المآثر ماقد

كان في لوحة العُلى مسطورا

وارفعي راية العروبة فخراً

وانثري كنز جُهدك الموفورا

فإنَّ صميمين من البيت الطاهر كعاهل البلاد، ووصيِّ عرشها المعلّى، لابدَّ وأن تروقهما الإشادة بذكر سلفهما المقدَّس، فإنَّ فيها توطيداً لشرفهما الباذخ، وتشييداً لمباني الإسلام، وإحكاماً لعُرى العروبة، وهما لازال الإسلام بملكهما منوطاً بالخلود

٨

ورثا المكارم كابراً عن كابر، ورثا الشهامة والفضيلة، عن آباء كرام من شرفاء وملوك منذ العهد العلويّ، وقد نطق عن رأينا العام فيهم شاعرنا المفلق (محمد بندر) في قصيدة له بقوله:

نحن قومٌ نرى الولاية فيكم

هي نصٌ لا تقبل التحويرا

بيعةٌ في غدير خمٍّ بأمر

نصب المصطفى عليّاً أميرا

بيعةٌ أكمل المهيمن فيها

ديننا فارتضاه لِلناس نورا

ومن الرجس والخبائث طرّاً

طهَّر الله بيتكم تطهيرا

أنجبتكم اُمّ المعالي فحزتم

قصب السبق أوَّلاً وأخيرا

وقد نيط بهم أمن البلد الأمين، وحفظ البيت الطاهر، وعمارة الحرم النبويّ الأقدس، ودعة الحجيج، قروناً متطاولة، ثم فُوّضت اليهم ملوكيّة بلادنا المحبوبة، وفيها المشاهد الكريمة لأسلافهم أئمة الحُكم والحِكَم صلوات الله عليهم، فرعوها وكلأوها عن عادية الهرج، وتمكّنوا من الحصول على إنقاذ الاُمَّة وإستعادة عزّها ومجدها، فهي لا تزال تشكرهم على يدهم الواجبة، وبرّهم المتواصل، ولا غرابة في ذلك فإنّهما دوحتان لأصحاب الجلالة الملوك السعداء: الملك حسين. والملك فيصل الأول. والملك علي. والملك غازي. المغفور لهم الذين كانوا يعملون لخير العباد، وصالح البلاد.

وفي ناموس الوراثة أن يرث الأبناء ما في الآباء فبيُمن هذين الهاشميِّين الكريمين عاد إليَّ الإخبات بنجاحي في نشر مشروعي هذا العائد فضله إليهما. ولله الحمد أولاً وأخيراً.

وها أنا اُقدّم جزيل شكرى إلى كلّ من آزرني في نشر مشروعي هذا، وفي مقدّمهم الأستاذ الفذّ السيد أحمد زكي الخياط مدير الدعاية والنشر، وأسأل المولى سبحانه له ولهم كلَّ توفيق وسداد.

الأميني النجفي

٩

البلاغ المبين

بلسان النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم

____________________

عنوان صحيفة المؤمن: حبّ عليّ بن أبي طالب *

من سرّه أن يحيى حياتي؛ ويموت مماتي؛ ويسكن

جنَّة عدن غرسها ربّي؛ فليوال علياً من بعدي؛ وليوال

وليّه؛ وليقتد بالأئمة من بعدي فإنَّهم عترتي خُلقوا من طينتي

رُزقوا فهماً وعاماً؛ وويلٌ للمكذّبين بفضلهم من اُمَّتي

القاطعين فيهم صلتي؛ لا أنا لهم الله شفاعتي *

____________________

* أخرجه الحافظ الخطيب البغدادي في تأريخه 4 ص 410.

* أخرجه الحافظ أبو نعيم في حلية الأوليآء 1 ص 86.

١٠