مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح0%

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح مؤلف:
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 354

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الدكتور علاء الدين السيد امير محمد القزويني
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 354
المشاهدات: 53029
تحميل: 2884

توضيحات:

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 354 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 53029 / تحميل: 2884
الحجم الحجم الحجم
مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

مؤلف:
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ممّن سمعت هذا؟ قال: من أبيّ، قال: فإذا كان بالغداة فاغد عليّ، فرجع إلى أم الفضل فذكر ذلك لها، فقالت: مالك وللكلام عند عمر...»(1) .

وفيه أيضاً عن أبيّ بن كعب قال: إنّ رسول الله (ص) قال: إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن، قال: فقرأ: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب، قال: فقرأ فيها: ولو أنّ ابن آدم سأل وادياً من مال فأعطيه لسأل ثانياً، فلو سأل فأعطيه لسأل ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب ويتوب الله على من تاب...»(2) .

وعن أنس بن مالك قال: «كنت أسمع رسول الله (ص) يقول: فلا أدري أشيء نزل عليه أم شيء يقوله، وهو يقول: لو كان لابن آدم واديان من مال لا بتغى لهما ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب، ويتوب الله على من تاب»(3) .

وفيه أيضاً عن أنس: «... ثم قتلوهم كلهم غير الأعرج كان في رأس جبل، قال أنس: فأنزل علينا وكان ممّا يقرأ فنسخ: أن بلغوا قومنا إنّا لقينا ربّنا فرضي عنّا وأرضانا...»(4) . وفي رواية «... ونزل في ذلك قرآناً فقرأناه، بلغوا عنّا قومنا إنّا قد لقينا ربنّا فرضي عنّا وأرضانا...»(5) .

_____________________

(1) الإمام أحمد: المسند-ح5-ص117. ط1983.

(2) نفس المصدر:ص131. وانظر ح2-ص42-43.

(3) نفس المصدر: ح3-ص122. وانظر ص176.

(4) نفس المصدر: ص210.

(5) نفس المصدر: ص215.

٣٠١

وعن علي بن أبي طالب قال: «... إنّ الرجم سنّة من رسول الله (ص) وقد كانت نزلت آية الرجم فهلك من كان يقرؤها وآياً من القرآن»(1) . ورواية أنس بن مالك في قصة بئر معونة عن قتادة قال: وحدثنا أنس إنّا قرأنا بهم قرآنا، بلغوا عنّا قومنا إنّا قد لقينا ربنّا عزّ وجل فرضي عنّا وأرضانا ثم نسخ أو رفع»(2) . وفي رواية: «... قال: وحدثنا أنس أنّ جبريلعليه‌السلام أتى النبي (ص) فأخبره أنهم قد لقوا ربّهم فرضي عنهم وأرضاهم، قال أنس: كانوا يقرؤون: ان بلغوا قومنا إنّا قد لقينا ربّنا فرضي عنّا وأرضانا، قال: ثم نسخ بعد ذلك...»(3) .

وعن أبيّ بن كعب قال: قال لي رسول الله (ص) إنّ الله تبارك وتعالى أمرني أن أقرأ عليك، فقرأ عليّ: «لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينّة رسول من الله يتلو صحفاً مطهّرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلّا من بعد ما جاءتهم البيّنة إنّ الدين عند الله الحنيفية غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل خيراً فلن يكفره».

قال شعبة: ثم قرأ آيات بعدها ثم قرأ: لو أنّ لابن آدم واديان من مال...»(4) .

وعن زر بن حبيش عن أبيّ بن كعب قال: كم تقرأون سورة

_____________________

(1) نفس المصدر: ح1-ص143.

(2) نفس المصدر: ح3-ص255.

(3) نفس المصدر: ص289.

(4) نفس المصدر: ح5-ص132.

٣٠٢

الأحزاب، قال: بعضاً وسبعين آية، قال: لقد قرأتها مع رسول الله (ص) مثل البقرة أو أكثر منها وإنّ فيها آية الرجم»(1) .

«منتخب كنز العمال وروايات التحريف»

نذكر نبذة ممّا جاء في منتخب كنزل العمال للمتقي الهندي بهامش مسند الإمام أحمد طبعة 1983، والتي تدل على وقوع التحريف في القرآن، ليرى الأستاذ إحسان ظهير، وموسى جار الله والدكتور الموسوي وغير هؤلاء، ما جاء عن أهل السنّة من روايات وأحاديث في ذلك، وأنّ إسناد التحريف في القرآن إلى الشيعة ما هو إلّا من الظلم الفاحش، من هذه الروايات:

عن خرشة بن الحر قال: رأى معي عمر بن الخطاب لوحاً مكتوباً: «إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله، قال: من أملى عليك هذا، قلت أبيّ بن كعب، قال: إنّ أبيّاً أقرؤها للمنسوخ، إقرأها: فامضوا إلى ذكر الله...». وعن عمرو بن دينار قال: سمعت ابن الزبير يقرأ، في جنّات يتساءلون عن المجرمين يا فلان ما سلككم في صقر، قال عمرو: وأخبرني لقيط، قال: سمعت ابن الزبير قال: سمعت عمر بن الخطاب يقرؤها كذلك». وعن عمرو بن ميمون قال: صليت خلف عمر بن الخطاب المغرب: فقرأ: والتين والزيتون وطور سيناء»... وعن عمر قال: كنّا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه

_____________________

(1) نفس المصدر: ص132.

٣٠٣

كفر بكم، أو كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم»(1) .

وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قرأ عليّ الواقعة في الفجر، فقرأ: «و تجعلون شكركم أنكم تكذبون» فلما انصرف قال: إنّي قد عرفت أنّه سيقول قائل لم قرأ كذا، إنّي سمعت رسول الله (ص) يقرؤها: كذلك كانوا إذا مطروا قالوا أمطرنا بنوء كذا، فأنزل الله: وتجعلون شكركم أنّكم إذا أمطرتم تكذبون». وعن عبد الرحمن قال: كان علي يقرأ: وتجعلون شكركم أنّكم تكذبون»(2) .

وفي رواية ابن عباس قال: كنت عند عمر فقرأت: لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى الثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب ويتوب الله على من تاب» فقال عمر ما هذا قلت هكذا أقرأنيها أبيّ، فجاء إلى أبيّ وسأله عمّا قال ابن عباس، فقال: هكذا أقرأنيها رسول الله (ص)(3) .

وعن المسور بن مخرمة قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف، ألم نجد فيما أنزل علينا: أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة، فانا لم نجد، قال: أسقط فيما أسقط من القرآن»(4) . وأنت ترى أنّ هذه الرواية تدل على أنّ هناك آيات كثيرة أسقطت من القرآن الكريم.

_____________________

(1) منتخب كنز العمال من هامش مسند الإمام أحمد: ح2-ص60.

(2) نفس المصدر: ص20.

(3) نفس المصدر: ص43.

(4) نفس المصدر: ص42.

٣٠٤

وعن أبيّ أنّ النبي (ص) قال: إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن، فقرأ عليه: «لم يكن، وقرأ عليه: إن ذات الدين عند الله الحنيفية لا المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يعمل خيراً فلن يكفر. وقرأ عليه: لو كان لابن آدم وادٍ لابتغى إليه ثانياً ولو أعطي ثانياً لابتغى إليه ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب ويتوب الله على من تاب». (ط حم ت) حسن صحيح»(1) .

وعن زر قال: قال لي أبيّ بن كعب، يا زر كأين تقرأ سورة الأحزاب، قلت: ثلاثاً وسبعين آية، قال: إن كانت لتضاهي سورة البقرة أو هي أطول من سورة البقرة، وإن كنّا لنقرأ فيها آية الرجم، وفي لفظ، وإن في آخرها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم فرفع فيما رفع...»(2) .

وفي رواية: «قرأ أبيّ بن كعب: ولا تقربوا الزنا إنّه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلا إلّا من تاب فإنّ الله كان غفوراً رحيماً» فذكر لعمر، فأتاه فسأله عنها، فقال: أخذتها من في رسول الله (ص) وليس لك عمل إلّا الصفق بالبقيع»(3) .

وعن زيد بن ثابت قال: «قد كنّا نقرأ: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، فقال له مروان: يا زيد أفلا تكتبها، قال: لا، ذكرنا ذلك وفينا عمر، فقال: أنا أسعفكم قلنا: وكيف

_____________________

(1) نفس المصدر: ص42-43.

(2) نفس المصدر: ص43.

(3) نفس المصدر: ص43.

٣٠٥

ذلك، قال: آتي النبي (ص) فأذكر ذلك، فذكر آية الرجم فقال: يا رسول الله أكتبني آية الرجم فأبى وقال: لا أستطيع الآن»(1) .

وعن أبي إدريس الخولاني، أنّ أبا الدرداء ركب إلى المدينة في نفر من أهل دمشق ومعهم المصحف الذي جاء به أهل دمشق ليعرضوه على أبيّ بن كعب وزيد بن ثابت وعلى أهل المدينة، فقرأ يوماً على عمر بن الخطاب، فلما قرأ هذه الآية: «إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام». فقال عمر من أقرأكم، قال: أبيّ بن كعب، فقال لرجل من أهل المدينة، ادع لي أبيّ بن كعب، وقال للرجل الدمشقي انطلق معه فذهبا فوجدا أبيّ بن كعب عند منزله... فلما أتى عمر قال لهم اقرأوا، فقرأوا: ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام، فقال أبيّ: أنا أقرأتهم»(2) .

وعن عثمان أنّه قرأ: «و لتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويستعينون الله على ما أصابهم وأولئك هم المفلحون»(3) .

هذه نبذة من روايات التحريف ذكرناها من منتخب كنز العمال للمتقي الهندي ليرى الأستاذ إحسان ظهير ما يروى عن أهل السنّة، الذي نفى أن تكون هناك رواية واحدة رواها علماء أهل السنّة

_____________________

(1) نفس المصدر: ص47-48.

(2) نفس المصدر: ص59-60.

(3) نفس المصدر: ص54.

٣٠٦

وحفّاظهم. ومن هنا يصدق عليه المثل العربي: «رمتني بدائها وانسلت».

الاتقان للسيوطي وروايات تحريف القرآن:

وإليك ما جاء عن خاتمة حفّاظ أهل السنّة، شيخ الإسلام جلال الدين السيوطي في كتابه «الاتقان في علوم القرآن»، في تحريف القرآن، هذه نبذة منها:

قال السيوطي: «و أخرج الطبراني في الدعاء من طريق عباد بن يعقوب الأسدي عن يحيى بن يعلي الأسلمي عن ابن لهيعة عن أبي هبيرة عن عبد الله بن زرير الغافقي قال: قال لي عبد الملك بن مروان، لقد علمت ما حملك على حبّ أبي تراب إلّا أنّك اعرابي جاف، فقلت والله لقد جمعت القرآن من قبل أن يجتمع أبواك، ولقد علمني منه علي بن أبي طالب سورتين علمهما إيّاه رسول الله (ص) ما علمتهما أنت ولا أبوك: اللهم إنّا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إيّاك نعبد ولك نصلّي ونسجد وإليك نسعى ونحن نرجو رحمتك ونخشى عذابك إنّ عذابك بالكفار ملحق»(1) .

وعن ابن عمير: «أنّ عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنّا نستعينك ونثني عليك

_____________________

(1) السيوطي: الاتقان-ح1-ص65.

٣٠٧

ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إيّاك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى... قال ابن جريج: حكمة البسملة أنها سورتان في مصحف بعض الصحابة»(1) .

وفي مصحف ابن عباس قراءة أبيّ وأبي موسى: «بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنّا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك...». وعن أنس بن مالك في عدد سورة براءة: «و عن مالك أن أولها لما سقط سقط معه البسملة،، فقد ثبت أنّها كانت تعدل البقرة لطولها»(2) . و في عدد آيات السور أنّ «براءة» مائة وثلاثون وقيل إلّا آية»(3) .

يقول السيوطي: «السابعة النسخ في القرآن على ثلاثة أضرب أحدها ما نسخ تلاوته وحكمه معاً، قالت عائشة: كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله (ص) وهنّ ممّا يقرأ من القرآن. رواه الشيخان»(4) .

أقول : إن النسخ بهذا المعنى لا يمكن وقوعه في القرآن، فآيات القرآن الكريم، جاءت للإعجاز، فلا ينسخ لفظه وحكمه معاً، نعم يمكن أن ينسخ الحكم مع بقاء اللفظ، وهذا واقع في القرآن، بالإضافة إلى ذلك، أنّ الرواية لا تنسخ الآية، لأنّ الآية

_____________________

(1) نفس المصدر: ص65.

(2) نفس المصدر: ص65.

(3) نفس المصدر: ح1-ص68.

(4) نفس المصدر: ح2-ص22.

٣٠٨

قطعية الصدور، فكيف تنسخ بما هو ظنّي الصدور. وأمّا قول أم المؤمنين عائشة: فتوفى رسول الله (ص) وهنّ ممّا يقرأ من القرآن»، دليل على وجود التحريف والنقصان في القرآن، وإلّا فأين ذهبت تلك الآيات الكريمات.

ويبدو لي بعد التحقيق أنّه لما كثر القول عند علماء أهل السنّة من وجود النقصان في كتاب الله، بروايات معتمدة وصحيحة عندهم، حاولوا أن يجدوا لها مخرجاً، لعدم إمكان إنكارها لورودها في أصحّ الكتب بعد القرآن عندهم. فالإذعان بها وتصديقها، يوجب القول بتحريف القرآن، لذلك قالوا: إنّ النسخ في القرآن على ثلاثة أضرب: ما نسخ لفظه وحكمه معاً، وما نسخ لفظه وبقي حكمه، كآية الرجم مثلاً، وما نسخ حكمه وبقي لفظه، هروباً من إسقاط تلك الروايات.

والذي يدل على وجود النقصان في القرآن عند أهل السنّة، ما ينقله السيوطي عن عمر بن الخطاب.

«قال أبو عبيد، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: ليقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر»... وعن عائشة قالت: «كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي (ص) مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلّا ما هو الآن»(1) .

_____________________

(1) نفس المصدر: ص25.

٣٠٩

وعن زر بن حبيش قال: قال لي أبيّ بن كعب، كاين تعد سورة الأحزاب قلت: اثنتين وسبعين آية أو ثلاثاً وسبعين آية، قال: إن كانت لتعدل سورة البقرة وإن كنّا لنقرأ فيها آية الرجم، قلت: وما آية الرجم، قال: إذا زنا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم»... وعن أبي أمامة بن سهل، أنّ خالته قالت: أقرأنا رسول الله (ص) آية الرجم، الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة»... وعن ابن أبي حميد عن حميدة بنت أبي يونس قالت: قرأ على أبيّ وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة، إنّ الله وملائكته يصلّون على النبي يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما وعلى الذين يصلّون الصفوف الأولى» قالت: قبل أن يغيّر عثمان المصاحف»(1) .

وعن أبيّ بن كعب قال: قال لي رسول الله (ص): «إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ومن بقيتها لو أنّ ابن آدم سأل وادياً من مال... وإن ذات الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النصرانية ومن يعمل خيراً فلن يكفره». و عن أبي موسى الأشعري قال: نزلت سورة نحو براءة ثم رفعت وحفظ منها: إنّ الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب ويتوب الله على من تاب»(2) .

_____________________

(1) نفس المصدر:ح2-ص25.

(2) نفس المصدر: ص25.

٣١٠

وعن أبي موسى الأشعري قال: كنّا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات ما نسيناها غير أنّي حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة»... وعن عدي بن عبد قال: قال عمر: كنّا نقرأ: ألا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم...». وقال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم تجد فيما أنزل علينا: أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة، فإنّا لا نجدها، قال: أسقطت فيما أسقط من القرآن»(1) .

قال مسلمة بن مخلد الأنصاري ذات يوم: أخبروني بآيتين في القرآن لم يكتبا في المصحف، فلم يخبروه وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك، فقال ابن مسلمة: إنّ الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا أنتم المفلحون والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرّة أعين جزاء بما كانوا يعملون»(2) .

وعن حذيفة قال: «ما تقرأون ربعها، يعني براءة، قال الحسين بن المناري في كتابه الناسخ والمنسوخ وممّا رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه سورتا القنوت في الوتر وتسمى سورتي «الخلع والحفد»(3) .

_____________________

(1) نفس المصدر: ص25.

(2) نفس المصدر: ص25-26.

(3) نفس المصدر: ص26.

٣١١

أقول : هاتان سورتان أسقطتا من القرآن الكريم، وهما سورة الخلع، وسورة الحفد، فهل يبقى لإحسان ظهير، وموسى جار الله التركستاني شك في وجود روايات عند أهل السنّة تذهب إلى القول بوجود التحريف في القرآن، وإذا كانت هذه الروايات تروى في أصحّ الكتب، ولم يكن معمولاً بها، عند الأستاذ إحسان ظهير ومن قال بمقالته، فلماذا يلصقون بالشيعة القول بالتحريف، مع أنّهم أجمعوا على بطلان ذلك؟ ولماذا إذن يبرؤون أنفسهم مع وجود تلك الروايات؟ فبماذا يجيب الحاكم العادل؟

تفسير الدر المنثور وروايات تحريف القرآن:

استكمالاً لبحثنا هذا نذكر ما جاء في الدر المنثور في التفسير بالمشهور للعلّامة السيوطي أيضاً من روايات التحريف:

أخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه عن حذيفة قال: التي تسمّون سورة التوبة هي سورة العذاب، والله ما تركت أحداً إلّا نالت منه، ولا تقرأون منها ممّا كمّا نقرأ إلّا ربعها». وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن حذيفة في براءة يسمّونها سورة التوبة وهي سورة العذاب»(1) .

وأخرج أبو عبيد وابن المنذر... عن سعيد بن جبير

_____________________

(1) السيوطي: الدر المنثور-ح2-ص207.

٣١٢

قال: قلت لابن عباس (رض) سورة التوبة، قال: التوبة، بل هي الفاضحة، ما زالت تنزل ومنهم حتى ظننا أنّ لن يبقى منّا أحد إلّا ذكر فيها». وأخرج أبو عوانة وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس أنّ عمر قيل له سورة التوبة، قال: هي إلى العذاب أقرب، ما أقلعت عن الناس حتى ما كادت تدع منهم أحداً». وعن عمر أيضاً: «... ما فرغ من تنزيل براءة حتى ظننّا أنّه لم يبق منّا أحد إلّا سينزل فيه وكانت تسمى الفاضحة»(1) .

وعن زر قال: قال لي أبيّ بن كعب، كيف تقرأ سورة الأحزاب، أو كم تعدّها، قلت ثلاثاً وسبعين آية، فقال أبيّ: قد رأيتها وأنّها لتعادل سورة البقرة وأكثر من سورة البقرة ولقد قرأنا فيها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم، فرفع منها ما رفع»(2) .

وعن الثوري قال: بلغنا أنّ ناساً من أصحاب النبي (ص) كانوا يقرأون القرآن، أصيبوا يوم مسيلمة فذهب حروف من القرآن»(3) .

وعن ابن عباس قال: «أمر عمر بن الخطاب منادياً فنادى إنّ الصلاة جامعة، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا

_____________________

(1) نفس المصدر: ص207.

(2) نفس المصدر: ح5-ص179.

(3) نفس المصدر: ص179.

٣١٣

أيها الناس لا تجز عن من آية الرجم، فإنّها آية نزلت في كتاب الله وقرأناها ولكنّها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد وآية ذلك أنّ النبي (ص) قد رجم»(1) .

وفي رواية أخرى عن ابن عباس، أنّ عمر قام فحمد الله إلى قوله... «.... و أنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم. فقرأناها ووعيناها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، ورجم رسول الله (ص) ورجمنا بعده، فأخشى أن يطول بالناس زمان فيقول قائل: لا نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فضيله أنزلها الله»(2) . وفي رواية: «.... ولولا أن يقول قائلون ويتكلم متكلمون أنّ عمر زاد في كتاب الله ما ليس منه لأثبتها كما نزلت»(3) .

وأخرج النسائي وأبو يعلى عن كثير بن الصلت قال: كنّا عند مروان وفينا زيد بن ثابت، فقال زيد، ما تقرأ: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، قال مروان، ألا كتبتها في المصحف، قال: ذكرنا ذلك وفينا عمر بن الخطاب». وفي رواية عن عمر بن الخطاب «كم تعدون سورة الأحزاب، قلت اثنتين أو ثلاثاً وسبعين، قال: إن كانت لتقارب سورة البقرة وإن كان فيها آية الرجم»(4) .

_____________________

(1) نفس المصدر: ص179.

(2) نفس المصدر: ص180.

(3) نفس المصدر: ص180.

(4) نفس المصدر: ص180.

٣١٤

وأخرج البخاري في تاريخه عن حذيفة قال: «قرأت سورة الأحزاب على النبي (ص) فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها».

وعن عائشة قالت: «كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي (ص) مائتي آية، فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن»(1) .

المستدرك للحاكم وروايات التحريف:

وفي المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري عن زر عن أبيّ بن كعب قال: «كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة، وكان فيها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة». هذا حديث صحيح ولم يخرجاه». أي البخاري ومسلم.

يقول الحافظ الذهبي في تلخيصه: «عن زر عن أبيّ بن كعب قال: كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة، وكان فيها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. صحيح»(2) .

وعن حذيفة قال: ما تقرأون ربعها، يعني براءة، وإنّكم تسمونها سورة التوبة، وهي سورة العذاب. هذا حديث صحيح الأسناد ولم يخرجاه».

يقول الحافظ الذهبي: «... عن حذيفة قال: ما تقرأون

_____________________

(1) نفس المصدر: ص179-180.

(2) الحاكم: المستدرك-ح2-ص415-طبعة بيروت-دار المعرفة.

٣١٥

ربعها، يعني براءة، وإنّكم تسمّونها سورة العذاب. صحيح»(1) .

أقول : هذه الروايات التي رواها الحاكم في مستدركه، والحافظ الذهبي في تلخيصه، وحكما بصحتها، دليل على أنّ من علماء أهل السنّة من يذهب إلى وجود التحريف في القرآن.

حلية الأولياء للأصبهاني وروايات التحريف:

وفي حلية الأولياء عدّة روايات تدل على وقوع التحريف في القرآن منها:

«عن أبيّ بن كعب، أنّ النبي (ص) قال: إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن. قال: فقرأ عليه: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب، وقرأ عليه: إن ذات الدين عند الله الحنيفية لا المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يعمل خيراً فلن تكفروه. وقرأ عليه: لو كان لابن آدم واد من ذهب لابتغى إليه ثانياً ولو أعطي ثانياً لابتغى إليه ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب ويتوب الله على من تاب»(2) .

وعن أبي الأسود الديلمي عن أبيه قال: «جمع أبو موسى القرّاء، فقال: لا تدخلوا عليّ إلّا من جمع القرآن. قال: فدخلنا

_____________________

(1) نفس المصدر: ص331.

(2) الأصبهاني: حلية الأولياء-ح4-ص187.

٣١٦

عليه زهاء ثلاثمئة فوعظنا، وقال: أنتم قرّاء أهل البلد فلا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب أهل الكتاب، ثم قال: لقد أنزلت سورة كنّا نشبهها ببراءة طولاً وتشديداً حفظت منها آية: لو كان لابن أدم واديان من ذهب لالتمس إليهما وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب. وأنزلت سورة كنّا نسمّيها بالمسبحات أولها سبّح لله، حفظت آية كانت فيها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم ثم تسألون عنها يوم القيامة»(1) .

أبو داود وروايات التحريف:

وفي صحيح سنن المصطفى لأبي داود عدّة روايات تدلّ على وجود النقص والتحريف في القرآن منها:

«عن ابن عباس، أنّ عمر-يعني ابن الخطاب-خطب فقال: إنّ الله بعث محمداً (ص) بالحق وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها ووعيناها ورجم رسول الله (ص) ورجمنا من بعده، وإنّي خشيت إن طال بالناس الزمان أن يقول قائل ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى، فالرجم حقّ على من زنى من الرجال والنساء إذا كان محصناً إذا قامت البيّنة أو كان حمل أو اعتراف، وأيم الله لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله عزّ وجل

_____________________

(1) نفس المصدر:ح1-ص257.

٣١٧

لكتبتها»(1) .

وعن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله (ص) أنّه قال: «ألا أنّي أوتيت الكتاب ومثله معه، لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه...»(2) .

هذه جملة من الروايات التي وردت في كتب أهل السنّة والتي تدلّ على وجود التحريف في القرآن الكريم، وهناك الكثير من الروايات تركنا ذكرها لأجل الاختصار، ونكتفي بما ذكره أحد شيوخ أهل السنّة الشيخ محمود أبو رية في قوله:

«و هناك حديث يروى في كتب أهل السنّة عن النبي، وهو قوله (ص): «ألا وإنّي أوتيت الكتاب ومثله معه». وفي رواية: «ألا أنّي أوتيت القرآن ومثله معه» يقول الشيخ أبو رية: «و هذا الحديث من أغرب ما قذفته الرواية في سيلها، لأنّ النبي إذا كان قد أوتي مثل «الكتاب» أو «مثل القرآن»، فمعنى ذلك أنّه قد أوتي ذلك ليكون تماماً على القرآن وإكمالاً له لبيان دينه وشريعته»(3) .

_____________________

(1) أبو داود: صحيح سنن المصطفى-ح2-ص229-230-دار الكتاب العربي-بيروت.

(2) نفس المصدر: ص260.

(3) محمود أبو رية: أضواء على السنّة المحمدية-ص24-25.

٣١٨

الشيعة لا تقول بتحريف القرآن:

وأمّا ما يزعمه الدكتور موسى الموسوي وغيره، كموسى جار الله التركستاني، وإحسان ظهير، من أنّ علماء الشيعة ادعوا التحريف في القرآن، فهو مخالف لما جاء عن علماء الشيعة ورواتهم، وأنّ مجّرد وجود روايات تدلّ على التحريف، ليس معناه أنّ الشيعة تؤمن بتحريف القرآن، وهذا ما أجمع عليه الشيعة منذ القديم وحتى يومنا هذا. كما وأنّ علماء السنّة أجمعوا على عدم وجود التحريف في القرآن، وإنّ تلك الروايات التي ذكرناها، ما هي إلّا روايات مدونة في كتب أهل السنّة، وأنّ الباحثين منهم لم يتقبلوها وإن كانت واردة في أصحّ الكتب بعد القرآن عندهم، وعلى هذا فالإجماع قائم على عدم وجود التحريف، وإليك ما جاء عن أعلام الشيعة في هذا الباب.

قال الشيخ الطوسي في التبيان: «أمّا الكلام في زيادة القرآن ونقصه فممّا لا يليق به لأنّ الزيادة فيه مجمع على بطلانها، وأمّا النقصان فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا وهو الذي نصره المرتضى وهو الظاهر في الروايات، غير أنّه رويت روايات من جهة الشيعة والعامة بنقصان أي من آي القرآن طريقها الآحاد التي لا توجب علماً ولا عملاً والأولى الإعراض عنها...»(1) .

_____________________

(1) السيد حسين البروجردي: تفسير الصراط المستقيم-ص366. وأيضاً العاملي: نقض الوشيعة-ص161.

٣١٩

وقال الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي-رحمه الله-: «اعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيّه محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو ما بين الدفتين وما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سورة عند الناس مائة وأربعة عشر سورة، وعندنا والضحى وألم نشرح سورة واحدة، ولإيلاف وألم تر كيف سورة واحدة، ومن نسب إلينا أنّا نقول: أنّه أكثر من ذلك فهو كاذب، وما روي من ثواب قراءة كل سورة من القرآن وثواب من ختم القرآن كله، وجواز قراءة سورتين في كل ركعة نافلة والنهي عن القرآن بين سورتين في ركعة فريضة تصديق لما قلنا في أمر القرآن، وأنّ مبلغه ما في أيدي الناس...»(1) .. ولهذا يقول الكليني في الكافي:

«فاعلم يا أخي أرشدك الله أنّه لا يسع أحداً تمييز شيء مما اختلف الرواية فيه عن العلماءعليهم‌السلام برأية، إلّا على ما أطلقه العالم بقولهعليه‌السلام : أعرضوها على كتاب الله فما وافى كتاب الله عزّ وجل فخذوه، وما خالف كتاب الله فردّوه»(2) . ويقول أيضاً: «... فمن أراد الله توفيقه وأن يكون إيمانه ثابتاً مستقراً، سبب له الأسباب التي تؤديه إلى أن يأخذ دينه من كتاب الله وسنّة نبيّه صلوات الله عليه وآله بعلم ويقين وبصيرة، فذاك أثبت في دينه

_____________________

(1) الكاشاني: المحجة البيضاء-ح2-ص264. وانظر الأمين العاملي: نقض الوشيعة-ص160.

(2) الكليني: الكافي-ح1-ص8.

٣٢٠