مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح0%

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح مؤلف:
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 354

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الدكتور علاء الدين السيد امير محمد القزويني
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 354
المشاهدات: 53008
تحميل: 2883

توضيحات:

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 354 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 53008 / تحميل: 2883
الحجم الحجم الحجم
مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

مؤلف:
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

على أن إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم نعمة من الله»(1) .

يقول الدكتور أحمد صبحي معلقاً على آية التطهير: «و هذا التفسير يفيد أنّ آل البيت بيت النبي هم المقصودون من لفظ القربى في الآية.... إذ أنّ ابن تيمية مع تطرفه في معارضة تفسيرات الشيعة، قد سلّم أنّه ورد في الصحيح أنّ النبي (ص) قد خطب يوم غديرخم فقال: أذكركم في أهل بيتي قالها ثلاثاً»(2) .

أقول : هذا ما جاء عن حفّاظ أهل السنّة وثقاتهم من نزول الآية في رسول الله (ص) وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، (عليهم‌السلام )، فتخصيص النبي هؤلاء بالخصوص من دون جميع المسلمين وفيهم أقرباؤه، لدليل واضح على تهيئة الجوّ لهم لاستلام الخلافة من بعده، وتنبيه المسلمين على أنّ هؤلاء هم الصفوة التي ينبغي أن يسند إليهم قيادة المسلمين. ولهذا يقول العلّامة المناوي في فيض القدير في شرح الجامع الصغير للعلّامة السيوطي في حديث صحيح، «... أهل بيتي: تفصيل بعد إجمال بدلاً أو بياناً وهم أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا...»(3) . ولهذا جاء في صحيح الإمام مسلم، «و لما نزلت هذه الآية، فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم... دعا رسول الله (ص) عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: اللهم هؤلاء

____________________

(1) ابن تيمية: حقوق آل البيت-ص12.

(2) أحمد صبحي: نظرية الإمامة-ص184.

(3) العلّامة المناوي: فيض القدير-ح3-ص14-15.

٨١

أهلي»(1) .

وفي المسند للإمام أحمد عن سعد بن أبي وقّاص قال: سمعت رسول الله (ص) يقول. ولما نزلت هذه الآية: قل تعالوا ندع أبناءنا... دعا رسول الله (ص) عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً رضوان الله عليهم أجمعين، فقال اللهم هؤلاء أهلي»(2) . و قد أخرج هذه الآية في هؤلاء جمع من حفّاظ أهل السنّة ورواتهم(3) .

النص الخامس: حديث المنزلة والوصية

قال رسول الله (ص) لعلي: «أَمَا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه ليس بعدي نبي إنّه لا ينبغي أن أذهب إلّا وأنت خليفتي».

ومن النصوص الجليّة الدّالة على وجود النصّ، ما يرويه علماء أهل السنّة وحملة الآثار وهو حديث المنزلة وأحاديث الوصية

____________________

(1) صحيح مسلم:ح7-ص120، 121.

(2) الإمام أحمد: المسند-ح1-ص185-ط1983.

(3) أنظر ابن حجر العسقلاني: الإصابة-ح4-ص569. وأيضاً علي بن علي الحنفي: مختصر العقيدة الطحاوية-ص301. وأيضاً القندوزي: ينابيع المودّة -ح2-ص56. وأيضاً القرطبي: الجامع لأحكام القرآن-ح4 ص104. والزمخشري: الكشاف-ح1-ص193. وابن كثير في تفسيره: ح1-ص371. و ابن حجر الهيتمي في صواعقه: ص121. والمحب الطبري في الرياض النضرة-ح2-ص188. وايضاً في ذخائر العقبى-ص25 وأخرج الآية أيضاً في هؤلاء القندوزي في ينابيع المودة-ح1-ص49. وغير هؤلاء.

٨٢

التي تثبت الإمامة والخلافة لعلي بن أبي طالب (ع) ونحن نذكر جملة منها ليرى الدكتور الموسوى، أنّ وجود النصّ أمر قضت به الضرورة العقلية لاستمرار المسيرة الإسلامية، وأنّ المنكر لوجوده، كالمنكر لوجود الشمس في رابعة النهار.

يقول الدكتور أحمد محمود صبحي في تعليقه على حديث المنزلة: «إنّ بعض علمائهم - أي الشيعة - كعبد الحسين شرف الدين، والموسوي القزويني، يذكرون إضافة إلى متن الحديث غير مذكورة في النصّ السنّي أو حتى النصّ الذي بيّنه كثير من علماء الشيعة أنفسهم، وهو قول رسول الله (ص): «إلا أنّه لا نبي بعدي إنّه لا ينبغي أن أذهب إلّا وأنت خليفتي»، ولا شك أنّ هذه العبارة تجعل من الحديث نصّاً جليّاً في إمامة علي يحسم كل اختلاف ويصنع حدّاً للتفسيرات المتباينة التي استخلصتها الفرق من دلالة الحديث، وينسب القزويني هذه الإضافة إلى الحاكم في المستدرك والذهبي في الجزء الثالث من تلخيصه صفحة 143...»(1) .

هذا ما يقول الدكتور أحمد صبحي، فهو ينفي أولّاً وجود مثل هذه الإضافة في كتب أهل السنّة، كما ينفي وجودها في النصوص الشيعية. مع أنّه كان يلزم الدكتور وهو في صدد بحث هذه المسألة الخطيرة، الرجوع إلى كتب أهل السنّة أولّاً ليرى ما فيها ثم يعطي حكمه ثانياً، خصوصاً وقد عرف بوجود هذه الإضافة، ففي هذه الحالة، وقع له الشك في وجودها، ودفع الشك واجب عقلاً، لهذا

____________________

(1) أحمد محمود صبحي: نظرية الإمامة-ص225.

٨٣

يتعين على الدكتور بمقتضى المنطق العقلي البحث عن وجود هذه الإضافة. ولكن مقتضى الصياغة التي سار عليها أكثر الباحثين، هي عدم الاطّلاع على مثل هذه الحقائق لئلا تصطدم بالقاعدة الأساسية التي تبنى عليها العقيدة. والباحث هنا سوف يذكر العديد من الروايات التي ذكرها علماء أهل السنّة وحفّاظهم مع ذكر هذه الإضافة التي أنكرها الدكتور أحمد صبحي، تأكيداً لوجود النصّ الصريح والجلي على إمامة علي بن أبي طالب (ع) ناهيك لما تعرضت له النصوص الكثيرة التي أخفاها الأمويون والعباسيون، ومع هذا فقد نقل لنا أمنا الحديث من علماء أهل السنّة ما بقي منها، وإليك نبذة منها:

أخرج الإمام أحمد في مسنده أنّ رسول الله (ص) قال لعلي: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّك لست بنبي إنّه لا ينبغي أن أذهب إلّا وأنت خليفتي. قال: وقال رسول الله: أنت وليي في كل مؤمن بعدي... قال: وقال: من كنت مولاه فإنّ مولاه علي...»(1) .

وفي المستدرك للحاكم عن ابن عباس قال: «خرج رسول الله (ص) في غزوة تبوك، وخرج بالناس معه، فقال له علي أخرج معك، قال: فقال النبي (ص) لا، فبكى علي، فقال له: أمّا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه ليس بعدي نبي إنّه لا ينبغي أن أذهب إلّا وأنت خليفتي، قال ابن عباس:

____________________

(1) الإمام أحمد: المسند-ح1-ص331.

٨٤

وقال له رسول الله (ص) أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة...» هذا حديث صحيح الأسناد ولم يخرجاه(1) . أي البخاري ومسلم.

يقول الحافظ الذهبي في تلخيصه: «... قال - أي ابن عباس - وخرج رسول الله (ص) في غزوة تبوك فبكى علي، فقال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه ليس بعدي نبي إنّه لا ينبغي أن أذهب إلّا وأنت خليفتي، وقال له أنت ولي كل مؤمن بعدي ومومنة... صحيح»(2) . وأنت ترى أنّ الحافظ الذهبي قد حكم بصحة هذا الحديث، ومن هنا يثبت النصّ الجلي على خلافة الإمام علي بن أبي طالب (ع).

وأخرج النسائي، وهو أحد أصحاب الصحاح الستة، قال: «و خرج - النبي - بالناس في غزوة تبوك، قال: فقال له علي: أخرج معك؟ فقال له نبي الله: لا، فبكى علي، فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّك لست بنبي، إنّه لا ينبغي أن أذهب إلّا وأنت خليفتي»، قال: «و قال رسول الله (ص): أنت ولييّ في كل مؤمن بعدي»(3) .

وفي الإصابة للعسقلاني أنّ رسول الله (ص) قال لعلي في غزوة تبوك: «أنت مني بمنزلة هارون موسى، إلّا أنّك لست بنبي،

____________________

(1) الحاكم النيسابوري: المستدرك على الصحيحين-ح3-ص133-134. دار المعرفة-بيروت.

(2)تلخيص الحافظ الذهبي على المستدرك-ح3-ص133-134.

(3)النسائي: الخصائص-ص17،18.

٨٥

أي لا ينبغي أن أذهب إلّا وأنت خليفتي، وقال له: أنت ولي كل مؤمن من بعدي»(1) .

وأخرج القندوزي عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص) لعلي لما خرج إلى غزوة تبوك وخرج الناس معه دون علي، فبكي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي إنّه لا ينبغي أن أذهب إلّا وأنت خليفتي»(2) .

وأخرج المحب الطبري(3) ، وابن حجر الهيتمي(4) ، والخطيب البغدادي(5) ، والذهبي(6) ، عن الترمذي والحاكم عن عمران بن حصين، أنّ رسول الله (ص) قال: «... ما تريدون من علي ثلاثاً، إنّ عليّاً مني وأنا منه وهو وليّ كل مؤمن بعدي... و في أخرى قال رسول الله (ص) لبريدة.. لا تقع في علي، فإنّه مني وأنا منه وهو وليّكم بعدي».

وأخرج الإمام أحمد بن حنبل مسنداً عن أبي بردة قال: خرج علي مع النبي (ص)... إلى قوله (ص): «ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا النبوّة وأنت خليفتي....»(7) .

____________________

(1) بن حجر العسقلاني: الإصابة-ح4-ص568.

(2) القندوزي:ينابيع المودة-ح2-ص58.

(3) المحبّ الطبري: الرياض النضرة-ح2-ص171.

(4) ابن حجر الهيتمي: الصواعق المحرقة-ص124.

(5) الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد-ح4-ص339.

(6) الذهبي: ميزان الاعتدال-ح1-ص104.

(7) سبط بن الجوزي: تذكرة الخواص-ص19. و المسعودي: مروج الذهب-ح2-ص437.

٨٦

وعن أنس بن مالك قال: قلنا لسلمان الفارسي، سل رسول الله (ص) من وصيّه؟ فسأل سلمان رسول الله (ص) فقال: من كان وصي موسى بن عمران؟ فقال: يوشع بن نون، قال: إنّ وصيي ووارثي ومنجز وعدي علي بن أبي طالب....»(1) . و عنه أيضاً رفعه، أنّ الله اصطفاني على الأنبياء، فاختارني واختار لي وصيّاً واخترت ابن عمي وصيي يشد عضدي كما يشد عضد موسى بأخيه هارون وهو خليفتي ووزيري... وعن عمر بن الخطاب قال رسول الله (ص) لما عقد المؤاخاة بين أصحابه قال: هذا علي أخي في الدنيا والآخرة، وخليفتي في أهلي ووصيي في أمتي ووارث علمي وقاضي ديني.....»(2) .

وعن عمران بن حصين عن رسول الله (ص) قال: «... ما تريدون من علي ثلاثاً، إنّ عليّاً مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي،... و في رواية قال رسول الله (ص) لبريدة: «... لا تقع في علي فإنّه مني وأنا منه وهو وليّكم بعدي»(3) .

وقد كتب عمرو بن العاص إلى معاوية بعد ما استدعاه: «... أمّا بعد فإنّي قرأت كتابك وفهمته، فأمّا ما دعوتني إليه من

____________________

(1) سبط بن الجوزي: نفس المصدر-ص43. والمحبّ الطبري الرياض النضرة-ح2-ص178. و أيضاً ابن المغازلي: المناقب-ص141.

(2) القندوزي: ينابيع المودة-ح2-ص75.

(3) المحب الطبري: الرياض النضرة-ح2-ص171. وأيضاً ابن المغازلي؛ المناقب-ص152.

وانظر العسقلاني: الإصابة-ح4-ص569. والمتقي الهندي-منتخب الكنز-ح5-ص20.

٨٧

خلع ربقة الإسلام من عنقي والتهوّن معك في الضلالة وإعانتي إيّاك على الباطل وإختراط السيف في وجه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وهو أخو رسول الله (ص) ووليّه ووصيّه ووارثه وقاضي دينه....»(1) .

وقد ذكر الوصيّة ابن عباس في كلامه مع معاوية عندما بلغه موت الإمام الحسن بن علي (عليهما‌السلام ) في قوله: «... و لئن أصبنا به فلقد أصبنا قبله بسيد المرسلين... ثم بعده بسيد الأوصياء...»(2) وقول محمد بن أبي بكر في كتاب كتبه لمعاوية ذكر فيها الوصيّة لعلي: «... فكيف-يا لك الويل-تعدل نفسك بعلي وهو وارث رسول الله (ص) ووصيّه وأبو ولده...»(3) . و قول الإمام الحسين بن علي: «.... ألست ابن بنت نبيّكم (ص) وابن وصيّه...»(4) . ولهذا جاء عن رسول الله (ص): «لكل نبي وصي ووارث وإنّ عليّاً وصيي ووارثي»(5) و من. ذلك ما رواه ثابت بن معاذ الأنصاري من قول رسول الله (ص) في عليّ: «إنه أخي ووزيري وخليفتي في أهل بيتي وخير من أخلف بعدي»(6) .

____________________

(1) سبط بن الجوزي: تذكرة الخواص-ص86.

(2) المسعودي: مروج الذهب-ح3-ص8.

(3) نفس المصدر:ص21.

(4) تاريخ الطبري: ح5-ص424.

(5) الذهبي: ميزان الاعتدال-ح3-ص273. و أيضاً القندوزي: ينابيع المودة-ح2-ص32. و المحب الطبري: ذخائر العقبى-ص71.

(6) ابن حجر العسقلاني: الإصابة ح1-ص423. و أيضاً ح2-ص609.

٨٨

يقول الدكتور حسن إبراهيم حسن في تعليقه على حديث المنزلة: «و لهذا الحديث علاقة برحيل النبي إلى تبوك... وقد استخلف عليّاً على المدينة... فقال له النبي: إرجع يا أخي إلى مكانك: فإنّ المدينة لا تصلح إلّا بك، فأنت خليفتي في أهلي ودار هجرتي، يعني المدينة، وقومي... الحديث، ولو أرادعليه‌السلام أن يستخلف عليّاً، فإنّه لم يكن يرى من الصواب ذلك لمنافاته لروح العرب، والديمقراطية»(1) .

فالصياغة التي اتّبعها الدكتور حسن إبراهيم، تجعل من الروح العربية هي الأساس في تحديد سلوكيات المسيرة الإسلامية، حتى ولو كانت مخالفة لروح الإسلام. مع أنّ النبي (ص) جاء بالإسلام الذي يخالف ما كانت عليه الروح العربية من انحراف في القيم والسلوك وعبادة الأصنام ووأد البنات. فالروح الإسلامية جاءت لتقتلع الروح العربية وتغير من سلوكياتها. إذن فمتى كان للعرب الكلمة عند النبي (ص) ومتي وافقت مسيرة النبي الجهادية وكفاحة المستمر في تغيير الواقع لروح العرب، فالروح العربية التي يشير إليها الدكتور حسن إبراهيم هي التي حاربت الرسول (ص) وأخرجته من دياره وأذاقته ألوان العذاب، لأنّه سفّه أحلامها وأعاب آلهتها، ولم يلاحظ من كل ذلك هذه الروح التي لم تؤمن بالإسلام حتى فتح مكة. أيخضع النبي للروح العربية المجانبة لروح الإسلام ويترك الأوامر الآلهية، لأنّ العرب لا يرضون بذلك، كما لم يرضوا

____________________

(1) حسن إبراهيم حسن: تاريخ الدولة الفاطمية-ص4.

٨٩

بالرسول ولا برسالته، لأنّ رسالته كانت مخالفة لروح العرب، وعلى ذلك فلابد وأن نقول: أنّه ليس من الصواب حينما بعث الله سبحانه رسله إلى الناس، لأنّهم يخالفون ما عليه الناس. مع أنّ الدكتور حسن إبراهيم، يعترف بأنّ خلافة المدينة لا تصلح إلّا لعلي بنصّ من الرسول (ص)، فإذا كانت الخلافة في حياة النبي لا تصلح إلّا لعلي، فهذه الصلاحية مستمرة حتى بعد وفاته، مع قطع النظر عن جميع النصوص الواردة في ذلك، ولكن الله أراد شيئاً والروح العربية والديمقراطية أرادت شيئاً آخر.

هذه نبذة مما رواه أهل الحديث وعلماء السير من أهل السنّة عن حديث المنزلة والوصية، اقتصرنا على ذكر الإضافة التي ذكرها الدكتور أحمد صبحي، ونفى وجودها في نصوص أهل السنّة، لتكون نصّاً صريحاً كما يقول على خلافة الإمام علي (ع).

وأمّا ما جاء من ذلك في شعر الصحابة فلا يمكن أن يحصى، وإنّما نذكر منه ما يتمّ به الغرض، وهو أنّ النص والوصيّة لعلي بن أبي طالب بذرها وأوجدها نفس صاحب الشريعة (ص) بأمر من الله. والغريب أنّ الدكتور محمد عمارة الذي يرى أنّ التشيع نشأ في زمن الإمام الصادق، (ع) لأنّ القول بالوصية ينتهي إليه وإلى أبيه الباقر (ع) يروي لنا هذا الشعر الذي قاله أحد الصحابة وهو الأشعث ابن قيس ويذكر فيه الوصيّة:(1)

أتانا الرسول رسول الوصي

علي المهذب من هاشم

____________________

(1) محمد عمارة: الإسلام وفلسفة الحكم-ص4.

٩٠

وزير النبي وذو صهرة

و خير البرية والعالم

ويقول علي ابن أبي طالب في ذيل كتاب كتبه إلى معاوية:(1)

علي ولي الحميد المجيد

وصي النبي من العالمينا

ويقول أبو الأسود الدؤلي:(2)

أحب محمداً حبّاً شديدا

وعباساً وحمزة والوصيا

ويقول أبو الهيثم بن التيهان وكان بدرياً:(3)

إنّ الوصي إمامنا وولينا

برح الخفاء وباحت الأسرار

وقال خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وهو بدرى:

يا وصي النبي قد أجلت الحر

ب الأعادي وسارت الأظعان

إلى كثير من الأشعار التي قيلت في ذكر الوصيّة والنصّ على خلافة علي، ومن هنا يظهر فساد ما ذهب إليه الدكتور حسن إبراهيم في قوله: «نشر ابن سبأ بعد ذلك مذهب الوصاية الذي أخذه عن اليهودية دينه القديم، بمعنى أنّ عليّاً وصي محمد...»(4) . وهذا بعينه قول الشيخ محمد أبو زهرة: «أخذ - ابن سبأ - ينشر أولاً بين الناس أنّه وجد في التوراة أنّ لكل نبي وصيّاً، وأنّ عليّاً وصي محمد وأنّه خير الأوصياء كما أنّ محمداً خير

_____________________

(1) سبط بن الجوزي: تذكرة الخواص-ص85.

(2) ابن الأنباري: نزهة الأولياء-ص7. و أيضاً القفطي: أنباه الرواة-ح1-ص17.

(3) عبد الحسين شرف الدين: المراجعات-ص296 إلى 302.

(4) حسن إبراهيم حسن:تاريخ الدولة الفاطمية-ص2.

٩١

الأنبياء...»(1) .

وممّا قدمناه من النصوص الواردة في كتب أهل السنّة، يظهر فساد ما يقوله ابن خلدون وغيره في قوله: «... بل يجب عليه تعيين الإمام لهم.. وأنّ عليّاً (رض)، هو الذي عينه صلوات الله وسلامه عليه بنصوص ينقلونها ويؤولونها على مقتضى مذهبهم لا يعرفها جهابذة السنّة ولا نقلة الشريعة....»(2) .

فابن خلدون هنا يحاول أن ينكر الوصيّة بإنكاره للروايات، وأنّ علماء السنّة ونقلة الشريعة لم ينقلوا مثل هذه الروايات، وإنّما هي من وضع الشيعة، فتقول لابن خلدون وغيره، أليس الإمام أحمد بن حنبل من نقلة الشريعة؟ والإمام مسلم من نقلة الشريعة؟ والنسائي أحد أصحاب الصحاح من نقلة الشريعة ومن جهابذة علماء أهل السنة؟ والحاكم النيسابوري والحافظ الذهبي والبيهقي والمتقي الهندي، وابن المغازلي، والمحب الطبري، وابن حجر العسقلاني وغير هؤلاء، أليسوا من جهابذة علماء أهل السنّة ونقلة الشريعة؟ فبماذا يجيب الحاكم العادل، وقد تقدمت مجموعة من الروايات الصحيحة التي رواها علماء أهل السنّة ونقلة الحديث منهم التي نفى ابن خلدون وجودها إمّا جهلاً منه أو تجاهلاً وعناداً للحق؟

إنّ التسليم والاعتراف بمثل هذه الروايات يهدم أساساً من

_____________________

(1) محمد أبو زهرة: أبو حنيفة-ص127.

(2) ابن خلدون: المقدمة-ص194.

٩٢

أسس ابن خلدون العقائدي، ولهذا حاول أن ينكر مثل هذه الأحاديث في كتب أهل السنّة وسوف يأتي المزيد منها ممّا خرّجه جهابذة علماء أهل السنّة ونقلة الشريعة منهم.

النص السادس: حديث الغدير

قال رسول الله (ص) لعلي في حجة الوداع: «... من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق حيثما دار، اللهم هل بلّغت».

قبل أن نعرض العديد من أحاديث الغدير التي رواها جهابذة علماء أهل السنّة وحفّاظهم نشير إلى نبذة ممّا يقوله بعض الباحثين، بل بعض الجاهلين بأصول البحث العلمي، والأمانة العلمية، إنكاراً منهم لما ثبت عن صاحب الشريعة صلوات الله عليه إمّا حقداً منهم، أو تعصّباً يعمي البصيرة، فلا يرون إلّا ما تملي عليهم العصبية البغيضة ظنّاً منهم أنّ ذلك يخفي الأثر الذي جاء عن سيد البشر في خلافة علي بن أبي طالب (عليه‌السلام )، وكان من المفروض عدم الطعن في هذه الأحاديث وعدم تكذيبها، لأنّ الطعن فيها طعن بصاحب الشريعة (ص) وطعن بكل من رواها وصححها من علماء أهل السنّة، وإليك نبذة منها:

يقول ابن حزم الأندلسي في فصله: «و أمّا من كنت مولاه فعلي مولاه، فلا يصحّ من طريق الثقات أصلاً» وأمّا سائر

٩٣

الأحاديث التي تتعلق بها الرافضة فموضوعة يعرف ذلك من له أدنى علم بالأخبار ونقلتها»(1) . ويقول الشيخ محمد أبو زهرة: «و يستدلون-أي الشيعة- على تعيين علي رضي الله عنه بالذات ببعض آثار عن النبي (ص) يعتقدون صدقها، وصحة سندها، مثل: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه»..... و مخالفوهم يشكّون في نسبة هذه الأخبار إلى الرسول (ص)(2) ولهذا يقول أحمد أمين في ضحى الإسلام. «و نظم - أي السيد الحميري - حادثة غدير خم وهي ما تزعمه الشيعة من أن النبي (ص) يوم غدير خم أخذ بيد علي وقال من كنت مولاه فعلي مولاه...»(3) .

وأمّا إحسان ظهير فيقول: «ترويج العقيدة اليهودية بين المسلمين، ألا وهي عقيدة الوصاية والولاية التي لم يأت بها القرآن ولا السنّة الصحيحة الثابتة، بل اختلقها اليهود من وصاية يوشع بن نون لموسى، ونشروها بين المسلمين باسم وصاية علي لرسول الله كذباً وزوراً، كي يتمكنوا من زرع بذور الفساد فيهم...»(4) .

أقول : ليت هؤلاء وغيرهم لم يتعرضوا لأحاديث رسول الله (ص) بالتكذيب والبهتان، وما الغاية من ذلك سوى بذر

_____________________

(1) ابن حزم: الفصل-ح4-ص148.

(2) محمد أبو زهرة: تاريخ المذاهب الإسلامية-ص49.

(3) أحمد أمين: ضحى الإسلام-ح3-ص309.

(4) إحسان ظهير: الشيعة والسنّة-ص27.

٩٤

الحقد في نفوس المسلمين، وزرع الشقاق فيما بينهم، وتفريق كلمتهم-فالعقيدة اليهودية التي يدّعيها الأستاذ إحسان ظهير وغيره، والتي اختلقوها ونشروها بين المسلمين باسم وصاية علي لرسول الله (ص) كي يتمكّنوا من زرع بذور الفساد فيهم، فالباذر لها هو رسول الله (ص) - كما سوف يتّضح - وعلى هذا فرسول الله (ص) أول من زرع بذور الفساد في الإسلام، لأنّه قال (ص) بالوصاية لعلي. نعوذ بالله من شطحات الشياطين.

إنّ مجرّد الادّعاء من هؤلاء بوجود شكوك أو تأويلات أو تكذيب لهذا الحديث يؤدّي إلى إمكانية الصفح عنه والتخلّي من متابعة الحقائق على ضوئه. و من هنا فات علماء أهل السنّة ومفكّروهم، بأنّ الواجب يفرض عليهم مواصلة البحث عن أية حقيقة وعرضها بصورة سليمة، وهم مسؤولون عن مثل هذه المتابعة دون العامة من الناس(1) .

ومن الأمثلة على محاولة التأويل والتشكيك لحديث الغدير، وإن كان صحيحاً، ما يقوله ابن حجر الهيتمي في صواعقه المحرقة: «إن حديث الغدير صحيح لا مرية فيه، وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد وطرقه كثيرة جداً، ومن ثم رواه ستة عشر صحابياً وفي رواية لأحمد أنّه سمعه من النبي (ص) ثلاثون صحابياً وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته.... و كثير من أسانيدها صحاح وحسان ولا التفات لمن قدح في صحته ولا لمن

_____________________

(1) حسن عباس حسن: الصياغة المنطقية-ص345.

٩٥

ردّه»(1) . ولكن ابن حجر يسرع بالأمساك بمبدأ التأويل والاجماع ويقرر أنه: يتعيّن تأويله-حديث الغدير- على ولاية خاصة... على أنّه وإن لم يحتمل التأويل، فالإجماع على حقية ولاية أبي بكر وفرعيها قاض بالقطع بحقيتها لأبي بكر وبطلانها لعلي»(2) . و قد فات ابن حجر أنّ الإجماع لا مورد له مع وجود النصّ، خصوصاً إذا كان النصّ لا يحتمل التأويل وإلّا كان الإجماع مخالفاً له، وهو مشاقة لله ورسوله (ص).

وسوف نذكر العديد من النصوص والروايات التي وردت من طرق أهل السنّة وحفّاظهم، والتي نفى وجودها ابن حزم الأندلسي، وابن خلدون وغيرهما، وأنّ جهابذة علماء أهل السنّة ورواتهم لا يعرفون مثل هذه الأحاديث، ليرى المنصف الغيور على الإسلام، قيمة هؤلاء، ومدى أمانتهم العلمية في نقل الأخبار عن صاحب الرسالة (ص)، ومدى محاولاتهم في تغيير الحقائق،و تكذيب ما ورد عن النبي (ص) بأسانيد صحيحة، وروايات فصيحة، لا تقبل الشكّ والتأويل، وإليك نبذة منها.

- حديث الغدير في كتب أهل السنّة -

يقول سبط بن الجوزي: «اتّفق علماء أهل السير على أنّ قصّة الغدير كانت بعد رجوع النبي (ص) من حجة الوداع في الثامن عشر

_____________________

(1) و(2) ابن حجر الهيتمي: الصواعق المحرقة-ص42-44.

٩٦

من ذي الحجة، جمع الصحابة وكانوا مائة وعشرين ألفاً وقال من كنت مولاه فعلي مولاه الحديث. نصّ (ص) على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإشارة، وذكر أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بأسناده، أنّ النبي (ص) لما قال ذلك طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري فأتاه على ناقة فأناخها على باب المسجد ثم عقلها وجاء فدخل المسجد فجثا بين يدي رسول الله (ص) فقال: يا محمد، إنّك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسول الله فقبلنا منك ذلك... ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك وفضلته على الناس وقلت من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أو من الله، فقال رسول الله (ص) وقد احمرت عيناه، والله الذي لا إله إلّا هو إنّه من الله وليس مني قالها ثلاثاً....»(1) .

أقول : إذا كان هذا هو حال بعض صحابة رسول الله (ص) وموقفهم من الإمام علي (ع) في حياة النبي (ص) وأمام ناظريه، فما بالك بابن خلدون، وابن حزم، وإحسان ظهير، «و أبو زهرة» والدكتور أحمد شلبي، وغير هؤلاء من الذين أنكروا تلك النصوص، وأنّه لا يصح من طريق الثقات شيء منها أصلاً. فالإمام مسلم ليس من الثقات عند ابن حزم، لأنّه خرج حديث غدير خم في صحيحه، ومن الذين لا تقبل رواياتهم، والنسائي أحد أصحاب الصحاح، ليس من الثقات، وغير هؤلاء من جهابذة

_____________________

(1) سبط بن الجوزي: تذكرة الخواص-ص30-31.

٩٧

علماء أهل السنّة الذين أخرجوا حديث الغدير وغيره، ولكن ابن حزم، وابن خلدون وغيرهما، يحاولون إنكار الضرورات من دين رسول الله (ص).

يقول الإمام مسلم في صحيحه: «و عن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله (ص) يوماً فينا خطيباً بماء يدعي «خما» بين مكة والمدينة فحمد الله ووعظ وذكر، ثم قال: أمّا بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربّي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله... ثم قال وأهل بيتي...»(1) ولهذا يقول ابن حجر كما تقدم-إنّ حديث الغدير صحيح لا مرية فيه،... ولا يلتفت لمن قدح في صحته ولا لمن ردّه».

وأخرج النسائي في الخصائص عن زيد بن أرقم قال: «لما رجع النبي (ص) من حجة الوداع ونزل غدير «خم» أمر بدوحات فقممن ثم قال: كأنّي دعيت فأجبت وإنّي تارك فيكم الثقلين: أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض... ثم قال: إنّ الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن: ثم أخذ بيد علي (رض) فقال:.... من كنت وليّه، فهذا وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه... فقلت لزيد: سمعته من رسول الله (ص)، قال: نعم، وإنّه ما كان في الدوحات أحد إلّا ورآه بعينه وسمعه بأذنيه....»(2) .

_____________________

(1) صحيح مسلم: ح7-ص122-123.

(2) النسائي: الخصائص-ص39-40-41.

٩٨

وأخرج ابن المغازلي حديث الغدير بطرق كثيرة، فتارة عن زيد بن أرقم، وأخرى عن أبي هريرة، وثالثة عن أبي سعيد الخدري، وتارة عن علي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، وابن مسعود، وبريدة، وجابر بن عبد الله، وغير هؤلاء. فعن زيد بن أرقم: «أقبل نبي الله (ص) من مكة في حجة الوداع حتى نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة فأمر بالدوحات فقم ما تحتهن من شوك ثم نادى: الصلاة جامعة، فخرجنا إلى رسول الله (ص) في يوم شديد الحر، وإن منّا لمن يضع رداءه على رأسه وبعضه على قدميه من شدّة الرمضاء... الى قوله: «... ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب (ع) فرفعها ثم قال: من كنت مولاه فهذا مولاه ومن كنت وليّه فهذا وليّه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. قالها ثلاثاً»(1) . «قال أبو القاسم الفضل بن محمد: هذا حديث صحيح عن رسول الله (ص) وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله (ص) نحو من مائة نفس منهم العشرة، وهو حديث ثابت....»(2) .

وفي ذخائر العقبى للمحب الطبري، «عن البراء بن عازب رضي الله عنهما،قال: كنّا عند النبي (ص) في سفر فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا، الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله (ص) تحت شجرة فصلى الظهر وأخذ بيد علي، وقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: فلقيه عمر

_____________________

(1) ابن المغازلي: المناقب-ص29 إلى ص36.

(2) المصدر السابق: ص36.

٩٩

بعد ذلك، فقال: هنيئاً لك يابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة». أخرجه أحمد في مسنده، وأخرجه في المناقب من حديث عمر وزاد بعد قوله وعاد من عاداه وانصر من نصره وأحبّ من أحبّه. قال شعبة أو قال وابغض من بغضه». وعن زيد بن أرقم قال: استشهد علي بن أبي طالب الناس، فقال أنشد الله رجلاً سمع النبي (ص) يقول: «من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فقام ستة عشر رجلاً فشهدوا»(1) .

وفي كنز العمال للمتقي الهندي: «... إنّ الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه...» وقد أخرج المتقي الهندي هذا الحديث تارة عن زيد بن أرقم، وأخرى عن أبي هريرة، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد وابن عباس وغير هؤلاء(2) .

وفي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي عند تفسير قوله تعالى:( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) من سورة المعارج آية(1) . قيل أنّ السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري، وذلك أنّه لما بلغه قول النبي (ص) في علي (رض): «من كنت مولاه فعلي مولاه» ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح ثم قال: يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلّا الله وإنّك رسول الله فقبلناه منك،... إلى

_____________________

(1)المحب الطبري: ذخائر العقبى-ص67.

(2) المتقي الهندي: كنز العمال-ح1-ص167-168-166.

١٠٠