الكافي الجزء ١٠

الكافي6%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 234282 / تحميل: 5682
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

( محمّد إبراهيم الإبراهيم ـ الكويت ـ ٢٣ سنة ـ ثانوية عامّة )

من التزم منهم بوصية الرسول فهو ممدوح :

س : يرجى تزويدي بأسماء جميع معاصرين النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الصحابة ، مع ذكر الموالي منهم لأهل البيت والمعادي لهم؟ دون الحاجة لذكر الموقف الذي حصل له.

مع خالص شكري وتقديري لجهودكم المبذولة في خدمة الدين والمسلمين ، ودمتم موفّقين إن شاء الله.

ج : فكما روى علماء المذاهب الإسلامية : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً » ، قالهصلى‌الله‌عليه‌وآله في عدّة مواطن ، آخرها قبيل وفاته ، ويعتبر هذا الحديث وصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أُمّته.

وكذا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في يوم غدير خم : «من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه »(١) ، فجمع المسلمين ، وأخذ منهم البيعة لعليعليه‌السلام .

فالصحابة الذين عملوا بوصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والتزموا بالبيعة التي أخذها منهم لعليعليه‌السلام يوم غدير خم ، فهؤلاء هم الصحابة الذين استقاموا على الطريق السوي.

نعم ، ربما كان بعض الصحابة ، ولظروف قاسية لم يلتزموا بوصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فترة ، ثمّ عادوا إلى الحقّ ، فهؤلاء أيضاً من الممدوحين.

وما ورد على لسان الروايات بالارتداد بالنسبة إلى الصحابة الذين لم يلتزموا بوصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو ارتداد عن الولاية والإمامة لا ارتداد عن الإسلام.

وكُلّ متفحّص في كتب الحديث والسير والتاريخ سيشخص الصالح من الصحابة من الطالح.

____________

١ ـ الدرّ المنثور ٢ / ٢٩٣.

١٤١

( أحمد ـ ـ سنّي )

حديث لا تسبّوا أصحابي :

س : قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تسبّوا أصحابي ، فإنّ أحدكم لو أنفق مثل أُحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه » (١) ، ما صحّة هذا الحديث؟ ومن هو الذي رواه من الصحابة؟

ج : قد روى هذا الحديث أبو هريرة ، وأبو سعيد الخدري ، وآخرون.

وعلى فرض صحّة الحديث ، فليس المقصود هو أنّه لا تسبّوا كُلّ الصحابة ، حتّى ولو كان منافقاً ، أو فاسقاً ، أو مرتدّاً ، أو ، بل المقصود : لا تسبّوا الصحابة الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات ، وأطاعوا الله ورسوله ، ويؤيّد هذا قوله تعالى :( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم ـ أي من الصحابة ـمَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) (٢) ، وأمّا غير المؤمنين من الصحابة لا يغفر لهم.

إذاً فمجرّد اسم الصحابي لا ينفع ، بل لابدّ أن يكون مؤمناً ، وعاملاً للصالحات ، ومطيعاً لله ورسوله.

( أبو أيمن علي ـ الجزائر ـ سنّي )

تساؤلات؟

س : أنا من المداومين على قراءة كتب إخواننا الشيعة وأشرطتهم ، خصوصاً المستبصرين منهم ، وأحاول جهدي الاقتناع بمحصّلاتهم العقائدية ، لكنّني ألاحظ عليهم الكثير من التحفّظات ، وهي كالتالي : مواقفهم المبدئية من بعض الصحابة ، تجعلهم يرمونهم بأيّ كان من النقائص ، كتفسيرهم مثلاً لحادثة الإفك ، والغار ، وغيرها كثير.

____________

١ ـ مسند أحمد ٣ / ١١ و ٦٤ و ٦ / ٦ ، صحيح البخاري ٤ / ١٩٥ ، سنن أبي داود ٢ / ٤٠٤ ، السنن الكبرى للبيهقي ١٠ / ٢٠٩.

٢ ـ الفتح : ٢٩.

١٤٢

ألا تعتقدون أنّ ما تقومون به في هذا الموقع يعمّق فجوة الخلاف بين المسلمين؟

ألا تعتقدون الإخوّة في قناة المنار قدوة لكم في حرصهم على الوئام الإسلامي؟ وهناك أسئلة كثيرة أتمنّى أن يتّسع صدركم لها ، ودمتم في رعاية الله.

ج : نحيّي فيكم هذه الروح الشفّافة ، والتطلّع والبحث في كتب الشيعة والمستبصرين منهم ، وهذا كُلّه إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على وجود روح البحث والتحقيق عندكم ، والتجرّد عن تقليد الموروث بلا دليل ، وهذه صفة قلّ من يتّصف بها في عصرنا الحاضر.

وأمّا تحفّظاتكم في مسألة الصحابة ، فإنّ البحث في هذا الموضوع لابدّ وأن يبحث فيه بحثاً مبنائياً ، نشرع فيه من بداية الهرم وحتّى منتهاه ، وبداية الهرم هو مسألة كون الصحابة جميعاً عدول ، وهنا عندنا بعض التحفّظات والأسئلة :

١ ـ هل الصحابة معصومون؟

٢ ـ إذا قلنا : لا ، فكيف نثبت عدالتهم ككُلّ؟!

٣ ـ هل فيهم من قتل بعضهم بعضاً؟

٤ ـ هل فيهم مَن كفّر بعضهم بعضاً؟

٥ ـ هل فيهم من لعن وسبّ وشتم بعضهم بعضاً؟

٦ ـ إذا كان كُلّ هذا موجود ، فكيف نقول بعدالتهم جميعاً؟!

٧ ـ مَن هم المنافقون؟

٨ ـ هل المنافق كافر؟

٩ ـ أم المنافق مَن أظهر الإسلام وأبطن الكفر؟

١٠ ـ هل الآيات الواردة في المنافقين تقصد بعض الصحابة؟

١١ ـ إذاً مَن هم المنافقون من الصحابة؟!

١٢ ـ ألم يضعّف علماء الحديث : « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» ورموه بالوضع؟!(١) .

____________

١ ـ لسان الميزان ٢ / ١٣٧ و ٣١٢.

١٤٣

١٣ ـ هل أنّ ما استدلّ من آيات على عدالة الصحابة ، هل هو صريح أو يدلّ على عدالة جميعهم ، إذ بحثنا في الكُلّ؟

وبعد كُلّ هذا ، فإذا لم نستطع أن نثبت عدالة جميع الصحابة ، يحقّ لنا بل يجب أن نبحث في حالاتهم وخصوصياتهم ، فمن ثبتت عدالته فهو الصحابي الذي يقتدى به ، ونطمئن بما ينقله من أحاديث ، ومن لم تثبت عدالته وغيّر وبدّل ، فإنّه ليس فقط لا يستحقّ الاقتداء به ، وأخذ معالم الدين منه ، بل يستحقّ لعنة الله والرسول والمؤمنين.

وفي الختام : كما أنّنا نقدّر ما تقوم به قناة المنار من الحفاظ على الوحدة الإسلامية ، والتقريب بين المذاهب ، وهذا فرض على الجميع ، عقيدة نعتقد بها ، ولكن لا ينافي هذا الجلوس على طاولة الحوار الهادئ الهادف ، الحوار الأخوي ، وذلك للوصول إلى نتيجة فيما اختلفنا فيه ، فإن توصّلنا إلى نتيجة فهو المطلوب ، وإلاّ فإنّ اختلاف الرأي لا يفسد للودّ قضية.

هذا ، وإنّ وحدتنا وتقاربنا الظاهري مع الاعتراف بوجود اختلافات أساسية ، ومن دون أن نوجد الجوّ الهادئ للحوار الهادف قربة إلى الله ، فإنّ هكذا وحدة سوف لن تستمرّ ، لأنّ الاختلافات ستظهر وستؤثّر ، وربما لو ظهرت ستكون شديدة بعض الشيء ، لأنّ الإخفاء سيولد الكبت ، والكبت يولد الانفجار.

( علي ـ السعودية ـ )

حديث خير القرون قرني :

س : ما مدى صحّة الحديث : « خير القرون قرني ، ثمّ الذين يلونهم ، ثمّ الذين يلونهم »؟ (١) وما هي دلالته؟ جزاكم الله خيراً ، ونفعنا بكم.

____________

١ ـ أحكام القرآن للجصّاص ١ / ٦١٥ ، تفسير القرآن العظيم ٣ / ٣٣١ و ٤ / ٣٠٥ ، الإصابة ١ / ٢١ ، البداية والنهاية ٦ / ٢٨٣.

١٤٤

ج : في الجواب نشير إلى نقاط :

١ ـ إنّ هذا الحديث وأمثاله لم يرد من طرق الشيعة ، وإنّما ورد من طرق أهل السنّة ، وهو لا يمكن أن يكون حجّة علينا ، لأنّ قانون المناظرة والمحاججة أن تذكر المسائل المتّفق عليها بين الطرفين ، أو أن يحتجّ بما وافق عليه الطرف الآخر ، «ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم »(١) .

٢ ـ بعد الإغماض عمّا في سند هذا الحديث عند أهل السنّة ، فإنّه لا دلالة لهذا الحديث على ما يقصده أهل السنّة منه ، وذلك بادعائهم خيرية جميع الناس الموجودين في قرن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّ قولنا : إنّ قريش أفصح العرب وأكرمهم ، لا يقتضي لغة وعرفاً أن يكون كُلّ واحد من آحاده كذلك ، لظهور وجود الآحاد المتّصفة بأضداد ذلك.

٣ ـ هذا الحديث معارض بما رواه أهل السنّة عن عمر ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أتدرون أيّ الخلق أفضل إيماناً »؟ قالوا : الملائكة ، قال : « وحقّ لهم بل غيرهم » ، قالوا : الأنبياء ، قال : « وحقّ لهم بل غيرهم » ، ثمّ قال : « أفضل الخلق إيماناً قوم في أصلاب الرجال يؤمنون بي ولم يروني ، فهم أفضل الخلق إيماناً »(٢) .

٤ ـ وكذلك هذا الحديث معارض بأحاديث أُخرى مثل : « مثل أُمّتي مثل المطر ، لا يدرى أوّله خير أم آخره »(٣) ، وقوله : « ليدركن المسيح أقواماً ، إنّهم لمثلكم أو خير ثلاثاً »(٤) .

٥ ـ إن مظلومية أهل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر متسالم عليه ، وكُلّ ما ذكرته كتب الحديث والتاريخ ممّا جرى على فاطمةعليها‌السلام ، وعلي أمير المؤمنين

____________

١ ـ تهذيب الأحكام ٩ / ٣٢٢.

٢ ـ فيض القدير ٤ / ٣٦٩ ، كنز العمّال ١٢ / ١٨٢ ، الجامع لأحكام القرآن ٤ / ١٧٢.

٣ ـ مسند أحمد ٣ / ١٣٠ و ١٤٣ و ٤ / ٣١٩ ، مجمع الزوائد ١٠ / ٦٨ ، مسند أبي داود : ٩٠ و ٢٧٠ ، مسند أبي يعلى ٦ / ٣٨٠.

٤ ـ فتح الباري ٧ / ٥ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٤ / ٥٦٧ و ٨ / ٥٤٨.

١٤٥

والحسنينعليهم‌السلام ، كُلّ هذا كان في تلك البرهة من الزمن ، وكُلّ الفتن كانت في تلك البرهة من الزمن!!

فكيف يعبّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تلك الفترة بأنّها ، وفيها سفكت دماء أهل بيتهعليهم‌السلام ، وظلمت ابنته ، وقتل الحسن والحسينعليهما‌السلام ؟!

كُلّ ذلك ، وقد أخبر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ما يجري على أهل بيته بأحاديث كثيرة.

ولا تنس عزيزي القارئ فترة بني أُمية التي كانوا يسبّون فيها أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ويلعنونه على المنابر.

٦ ـ كُلّ ما جرى من محن على أهل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذلك ما جرى من فتن عمياء ، كُلّ ذلك جرى من أناس شاهدوا الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو شاهدوا من شاهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتكون الحجّة عليهم أكمل ، والعقاب أشدّ بكثير ممّن لم تتمّ عليهم الحجّة.

وأخيراً : فإنّ هذا الحديث وأمثاله لا يمكن أن يستند عليه باحث متجرّد عن أيّ تعصّب ، هدفه إصابة الحقّ.

إضافة إلى أنّ اختلاف الأئمة نشأ نتيجة اختلاف القرن الأوّل الذي وقعت فيه الحروب ، وسفكت الدماء وقتل بعضهم بعضاً.

( ـ ـ سنّي )

الرسول لم يصلحهم :

س : لقد قرأت الكثير عن الشيعة أو الرافضة ، ولكن عندي ملاحظة على موضوع الصحابة ، واتهامكم لهم ، ألم يستطع الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصلح الصحابة؟ ألم يستطع أن يحذّرنا منهم؟ وهم من حملوا لنا رسالة الإسلام والقرآن ، وأوصلوه لنا بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ألم يستطع علي رضی‌الله‌عنه أن يخلّصنا منهم؟ وهو أشجع الرجال وأقواهم.

١٤٦

ج : إنّ الشيعة ليس لها عداء شخصي وخصومة مع الصحابة ، بل وبعبارة واضحة : لا تعتقد ولا تلتزم بما سمّوه الآخرين بـ « عدالة الصحابة» ، أي لم تر أصلاً موضوعياً ـ من الكتاب والسنّة والعقل والإجماع ـ في المقام يطهّر الصحابة بأجمعهم عن الخطأ والزلل ، وهذا لم يكن اتهاماً منّا لهم ، بل هو نتيجة متابعة الدليل والعقل.

وأمّا الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو وإن كان يستطيع أن يصلح المنحرف منهم بالقدرة الإلهية والمعجزة ، ولكن ليس هذا دأب الرسل ، ولم تكن وظيفته تفرض عليه أن يعالج كافّة الانحرافات بالقهر والغلبة :( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ) (١) ، وإلاّ فأين دور الامتحان والاختبار؟!

وهكذا كان معاملة الإمام عليعليه‌السلام معهم ، فكان يداريهم ما لم يقفوا في وجه الحكومة ، ثمّ عندما أقدموا على محاربته تصدّى لهم.

وأمّا أنّ رسالة الإسلام والقرآن قد وصلت إلينا بواسطة المنحرفين من الصحابة ، فهذا بهتان عظيم ، بل أنّ المعارف والأحكام كانت لها حملة لا تأخذهم في الله لومة لائم ، وهم أهل البيتعليهم‌السلام ، والخطّ الموالي لهم في مختلف العصور والفترات دون انقطاع ، وحاش للإسلام أن يحتاج لبعض المنحرفين والمنافقين والظلمة ـ وإن تلبّسوا بزيّ الصحابة ـ في نقل ثقافته وفكره إلى الأجيال.

وهنا نشير إلى نكتة مهمّة في مقام النقض وهي : إنّ الكثير من الأنبياء والرسل السابقين على نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم يستطيعوا أن يبلّغوا رسالات ربّهم ، بل قُتلوا وشرّدوا ، فهل يصحّ لنا أن نعترض ونقول : ألم يستطيعوا أن يصلحوا أُمّتهم؟!

القضية ليست قضية استطاعة وعدمها ، وإنّما اختبار وامتحان ، فالأنبياء والرسل بعثوا ليوضّحوا للناس البينات ،( وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ

____________

١ ـ الغاشية : ٢١ ـ ٢٢.

١٤٧

اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ ) (١) ،( وَلَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ ) (٢) ، وذلك :( لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ) (٣) .

وثمّة مسألة أُخرى وهي : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نوّه إلى مسألة ما سيحدث بعده من الاختلاف بين الصحابة ، وأن بعضهم سيضرب رقاب بعض ، وأنّهم سيرجعون بعدّه مرتدّين.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّكم محشورون إلى الله تعالى ، ويؤخذ بقوم منكم ذات الشمال ، فأقول : يا ربّ أصحابي! فيقال لي : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم مذ فارقتهم ، فأقول كما قال العبد الصالح :( كُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا توفّيتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ) (٤) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ليردن عليّ الحوض رجال ممّن صحبني ورآني ، حتّى إذا رفعوا إليّ ورأيتهم اختلجوا دوني ، فلأقولن : ربّ أصحابي أصحابي؟ فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك »(٥) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « بينا أنا قائم فإذا زمرة ، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال : هلمّ ، فقلتُ : أين؟ قال : إلى النار والله ، قلتُ : ما شأنهم؟ قال : إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقري ، ثمّ إذا زمرة فلا أراهم يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم ، فأقول : أصحابي أصحابي ، فقيل : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : بُعداً بُعداً ـ أو : سحقاً سحقاً ـ لمن بدّل بعدي »(٦) .

____________

١ ـ البقرة : ٩٢.

٢ ـ البقرة : ٩٩.

٣ ـ الأنفال : ٤٢.

٤ ـ المائدة : ١١٧ ، مسند أحمد ١ / ٢٣٥ و ٢٥٣ ، صحيح البخاري ٤ / ١١٠ و ١٤٣ و ٥ / ١٩٢ و ٢٤٠ و ٧ / ١٩٥ ، صحيح مسلم ٨ / ١٥٧.

٥ ـ مسند أحمد ٥ / ٤٨ ، صحيح البخاري ٧ / ٢٠٨ ، صحيح مسلم ٧ / ٧٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤١٥ ، مسند ابن راهويه ١ / ٣٧٩.

٦ ـ صحيح البخاري ٧ / ٢٠٨ ، كنز العمّال ١١ / ١٣٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٨ / ١٠٨.

١٤٨

( السيّد يوسف البيومي ـ لبنان ـ ٢٥ سنة ـ طالب جامعة وحوزة )

تفسير آية( محمّد رَّسُولُ اللهِ )

س : إنّ هناك آية في القرآن الكريم تتكلّم عن أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والسنّة يستدلّون بها على عدالتهم ، وهذه الآية هي : ( محمّد رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء ) (١) ، فما هو التفسير الحقيقي لهذه الآية؟ وكيف يمكن أن ندحض زعمهم؟ ولكم الأجر والثواب.

ج : ننقل لكم نصّ ما قاله الشيخ المفيدقدس‌سره حول الآية في كتابه « الإفصاح » : « فإن قال : أفليس الله تعالى يقول في سورة الفتح :( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) ، وقد علمت الكافّة أنّ أبا بكر وعمر وعثمان من وجوه أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورؤساء من كان معه ، وإذا كانوا كذلك فهم أحقّ الخلق ، بما تضمّنه القرآن من وصف أهل الإيمان ، ومدحهم بالظاهر من البيان ، وذلك مانع من الحكم عليهم بالخطأ والعصيان؟!

قيل لهم : إنّ أوّل ما نقول في هذا الباب : أنّ أبا بكر وعمر وعثمان ، ومن تضيفه الناصبة إليهم في الفضل ـ كطلحة والزبير ، وسعد وسعيد ، وأبي عبيدة ، وعبد الرحمن ـ لا يتخصّصون من هذه المدحة بما خرج عنه أبو هريرة وأبو الدرداء ، بل لا يتخصّصون بشيء لا يعمّ عمرو بن العاص ، وأبا موسى الأشعري ، والمغيرة بن شعبة ، وأبا الأعور السلمي ، ويزيد ومعاوية بن أبي سفيان ، بل لا يختصّون منه بشيء دون أبي سفيان صخر بن حرب ، وعبد الله ابن أبي سرح ، والوليد بن عقبة بن أبي معيط ، والحكم بن أبي العاص ،

____________

١ ـ الفتح : ٢٩.

١٤٩

ومروان بن الحكم ، وأشباههم من الناس ، لأنّ كُلّ شيء أوجب دخول من سمّيتهم في مدحة القرآن ، فهو موجب دخول من سمّيناه ، وعبد الله بن أبي سلول ، ومالك بن نويرة ، وفلان وفلان ، إذ إنّ جميع هؤلاء أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن كان معه ، ولأكثرهم من النصرة للإسلام ، والجهاد بين يدي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والآثار الجميلة والمقامات المحمودة ما ليس لأبي بكر وعمر وعثمان ، فأين موضع الحجّة لخصومنا في فضل من ذكره على غيره؟ من جملة من سمّيناه ، وما وجه دلالتهم منه على إمامتهم ، فإنا لا نتوهّمه ، بل لا يصحّ أن يدّعيه أحد من العقلاء؟!

ثمّ يقال لهم : خبّرونا عمّا وصف الله تعالى به من كان مع نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما تضمّنه القرآن ، أهو شامل لكُلّ من كان معهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الزمان ، أم في الصقع والمكان ، أم في ظاهر الإسلام ، أم في ظاهره وباطنه على كُلّ حال ، أم الوصف به علامة تخصيص مستحقّه بالمدح دون من عداه ، أم لقسم آخر غير ما ذكرناه؟

فإن قالوا : هو شامل لكُلّ من كان مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الزمان أو المكان أو ظاهر الإسلام.

ظهر سقوطهم وبان جهلهم ، وصرّحوا بمدح الكفّار وأهل النفاق ، وهذا ما لا يرتكبه عاقل.

وإن قالوا : إنّه يشمل كُلّ من كان معه على ظاهر الديانة وباطنها معاً ، دون من عددتموه من الأقسام.

قيل لهم : فدلّوا على أئمّتكم وأصحابكم ، ومن تسمّون من أوليائكم ، أنّهم كانوا في باطنهم على مثل ما أظهروه من الإيمان ، ثمّ ابنوا حينئذ على هذا الكلام ، وإلاّ فأنتم مدعون ومتحكّمون بما لا تثبت معه حجّة ، ولا لكم عليه دليل ، وهيهات أن تجدوا دليلاً يقطع به على سلامة بواطن القوم من الضلال ، إذ ليس به قرآن ولا خبر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن اعتمد فيه على غير هذين ، فإنّما اعتمد على الظنّ والحسبان.

١٥٠

وإن قالوا : إنّ متضمّن القرآن من الصفات المخصوصة ، إنّما هي علامة على مستحقّي المدحة من جماعة مظهري الإسلام ، دون أن تكون منتظمة لسائرهم على ما ظنّه الجهّال.

قيل لهم : فدلّوا الآن على من سمّيتموه كان مستحقّاً لتلك الصفات ، لتتوجّه إليه المدحة ، ويتمّ لكم فيه المراد ، وهذا ما لا سبيل إليه حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط.

ثمّ يقال لهم : تأمّلوا معنى الآية ، وحصّلوا فائدة لفظها ، وعلى أيّ وجه تخصص متضمّنها من المدح ، وكيف مخرج القول فيها؟ تجدوا أئمّتكم أصفاراً ممّا ادعيتموه لهم منها ، وتعلموا أنّهم باستحقاق الذمّ وسلب الفضل بدلالتها منهم بالتعظيم والتبجيل من مفهومها ، وذلك أنّ الله تعالى ميّز مثل قوم من أصحاب نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كتبه الأُولى ، وثبوت صفاتهم بالخير والتقى في صحف إبراهيم وموسى وعيسىعليهم‌السلام ، ثمّ كشف عنهم بما ميّزهم به من الصفات التي تفرّدوا بها من جملة المسلمين ، وبانوا بحقيقتها عن سائر المقرّبين.

فقال سبحانه :( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ ) وكأنّ تقدير الكلام : إنّ الذين بينت أمثالهم في التوراة والإنجيل من جملة أصحابك ومن معك ـ يا محمّد ـ هم أشدّاء على الكفّار ، والرحماء بينهم الذين تراهم ركّعاً سجّداً ، يبتغون فضلاً من الله ورضواناً.

وجرى هذا في الكلام مجرى من قال : زيد بن عبد الله إمام عدل ، والذين معه يطيعون الله ، ويجاهدون في سبيل الله ، ولا يرتكبون شيئاً ممّا حرّم الله ، وهم المؤمنون حقّاً دون من سواهم ، إذ هم أولياء الله الذين تجب مودّتهم دون من معه ممّن عداهم ، وإذا كان الأمر على ما وصفناه ، فالواجب أن تستقرئ الجماعة في طلب هذه الصفات ، فمن كان عليها منهم فقد توجّه إليه المدح

١٥١

وحصل له التعظيم ، ومن كان على خلافها ، فالقرآن إذاً منبّه على ذمّه ، وكاشف عن نقصه ، ودالّ على موجب لومه ، ومخرج له عن منازل التعظيم.

فنظرنا في ذلك واعتبرناه ، فوجدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وجعفر بن أبي طالب ، وحمزة بن عبد المطلب ، وعبيدة بن الحارث ، وعمّار بن ياسر ، والمقداد ابن الأسود ، وأبا دجانة ـ وهو سمّاك بن خرشة الأنصاري ـ وأمثالهم من المهاجرين والأنصار ( رضي الله عنهم ) ، قد انتظموا صفات الممدوحين من الصحابة في متضمّن القرآن.

وذلك أنّهم بارزوا من أعداء الملّة الأقران ، وكافحوا منهما الشجعان ، وقتلوا منهم الأبطال ، وسفكوا في طاعة الله سبحانه دماء الكفّار ، وبنوا بسيوفهم قواعد الإيمان ، وجلوا عن نبيّهمصلى‌الله‌عليه‌وآله الكرب والأحزان ، وظهر بذلك شدّتهم على الكفّار ، كما وصفهم الله تعالى في محكم القرآن ، وكانوا من التواصل على أهل الإسلام ، والرحمة بينهم على ما ندبوا إليه ، فاستحقّوا الوصف في الذكر والبيان.

فأمّا إقامتهم الصلاة وابتغاؤهم من فضل الله تعالى القربات ، فلم يدفعهم عن علو الرتبة في ذلك أحد من الناس ، فثبت لهم حقيقة المدح لحصول مثلهم فيما أخبر الله تعالى عنهم في متقدّم الكتب ، واستغنينا بما عرفنا لهم ممّا شرحناه في استقراء غيرهم ، ممّن قد ارتفع في حاله الخلاف ، وسقط الغرض بطلبه على الاتفاق.

ثمّ نظرنا فيما ادعاه الخصوم لأجل أئمّتهم ، وأعظمهم قدراً عندهم من مشاركة من سمّيناه فيما ذكرنا من الصفات وبيّناه ، فوجدناهم على ما قدّمناه من الخروج عنها ، واستحقاق أضدادها على ما رسمناه.

وذلك أنّه لم يكن لأحد منهم مقام في الجهاد ، ولا عرف لهم قتيل من الكفّار ، ولا كلّم كلاماً في نصرة الإسلام ، بل ظهر منه الجزع في مواطن القتال ، وفرّ في يوم خيبر وأُحد وحنين ، وقد نهاهم الله تعالى عن الفرار ، وولّوا

١٥٢

الأدبار ، مع الوعيد لهم على ذلك في جلي البيان ، وأسلموا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله للحتوف في مقام بعد مقام ، فخرجوا بذلك عن الشدّة على الكفّار ، وهان أمرهم على أهل الشرك والضلال ، وبطل أن يكونوا من جملة المعنيين بالمدحة في القرآن ، ولو كانوا على سائر ما عدا ما ذكرناه من باقي الصفات ، وكيف وأنّى يثبت لهم شيء منها بضرورة ولا استدلال ، لأنّ المدح إنّما توجّه إلى من حصل له مجموع الخصال في الآية دون بعضها ، وفي خروج القوم من البعض بما ذكرناه ، ممّا لا يمكن دفعه إلاّ بالعناد ، ووجوب الحكم عليهم بالذمّ بما وصفناه؟! وهذا بيّن جلي والحمد لله.

ثمّ يقال لهم : قد روى مخالفوكم عن علماء التفسير من آل محمّدعليهم‌السلام : أنّ هذه الآية إنّما نزلت في أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمّةعليهم‌السلام من بعدهم خاصّة دون سائر الناس ، وروايتهم لما ذكرنا عمّن سمّينا أولى بالحقّ والصواب ، ممّا ادعيتموه بالتأويل والظنّ الحسبان والرأي ، لإسنادهم مقالتهم في ذلك إلى من ندب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الرجوع إليه عند الاختلاف ، وأمر باتباعه في الدين ، وأمن متبعه من الضلال.

ثمّ إنّ دليل القرآن يعضده البيان ، وذلك أنّ الله تعالى أخبر عمّن ذكره بالشدّة على الكفّار ، والرحمة لأهل الإيمان ، والصلاة له ، والاجتهاد في الطاعات ، بثبوت صفته في التوراة والإنجيل ، وبالسجود لله تعالى وخلع الأنداد ، ومحال وجود صفة ذلك لمن سجوده للأوثان ، وتقرّبه لللات والعزّى دون الله الواحد القهّار ، لأنّه يوجب الكذب في المقال ، أو المدحة بما يوجب الذمّ من الكفر والعصيان.

وقد اتفقت الكافّة على أنّ أبا بكر وعمر وعثمان ، وطلحة والزبير ، وسعداً وسعيداً ، وأبا عبيدة وعبد الرحمن ، قد عبدوا قبل بعثة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الأصنام ، وكانوا دهراً طويلاً يسجدون للأوثان من دون الله تعالى ، ويشركون به الأنداد ، فبطل أن تكون أسماؤهم ثابتة في التوراة والإنجيل ، بذكر السجود على ما نطق به القرآن ، وثبت لأمير المؤمنين والأئمّة من ذرّيتهعليهم‌السلام ذلك ، للاتفاق على أنّهم لم يعبدوا قط غير الله تعالى ، ولا سجدوا لأحد سواه ، وكان

١٥٣

مثلهم في التوراة والإنجيل واقعاً موقعه على ما وصفناه ، مستحقّاً به المدحة قبل كونه ، لما فيه من الإخلاص لله سبحانه على ما بيّناه.

ووافق دليل ذلك برهان الخبر عمّن ذكرناه ، من علماء آل محمّدعليهم‌السلام ، بما دلّ به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من مقاله الذي اتفق العلماء عليه ، وهذا أيضاً ممّا لا يمكن التخلّص منه مع الإنصاف.

ثمّ يقال لهم : خبّرونا عن طلحة والزبير ، أهما داخلان في جملة الممدوحين بقوله تعالى :( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ ) إلى آخره ، أم غير داخلين في ذلك؟

فإن قالوا : لم يدخل طلحة والزبير ونحوهما في جملة القوم.

خرجوا من مذاهبهم ، وقيل لهم : ما الذي أخرجهم من ذلك ، وأدخل أبا بكر وعمر وعثمان ، فكُلّ شيء تدعونه في استحقاق الصفات ، فطلحة والزبير أشبه أن يكونا عليها منهم ، لما ظهر من مقاماتهم في الجهاد ، الذي لم يكن لأبي بكر وعمر وعثمان فيه ذكر على جميع الأحوال؟!

فلا يجدون شيئاً يعتمدون عليه في الفرق بين القوم ، أكثر من الدعوى الظاهرة الفساد.

وإن قالوا : إنّ طلحة والزبير في جملة القوم الممدوحين بما في الآية.

قيل لهم : فهلاّ عصمهما المدح الذي ادعيتموه لهم ، من دفع أمير المؤمنينعليه‌السلام عن حقّه ، وإنكار إمامته ، واستحلال حربه ، وسفك دمه ، والتديّن بعداوته على أيّ جهة شئتم : كان ذلك من تعمّد ، أو خطأ ، أو شبهة ، أو عناد ، أو نظر ، أو اجتهاد!

فإن قالوا : إنّ مدح القرآن ـ على ما يزعمون ـ لم يعصمهما من ذلك ، ولابدّ من الاعتراف بما ذكرناه ، لأنّ منع دفعه جحد الاضطرار.

قيل لهم : فبما تدفعون أنّ أبا بكر وعمر وعثمان ، قد دفعوا أمير المؤمنينعليه‌السلام عن حقّه ، وتقدّموا عليه وكان أولى بالتقدّم عليهم ، وأنكروا إمامته وقد كانت ثابتة ، ودفعوا النصوص عليه وهي له واجبة ، ولم يعصمهم

١٥٤

ذلك ، ثمّ توجّه المدح لهم من الآية ، كما لم يعصم طلحة والزبير ممّا وصفناه ، ووقع منهم في إنكار حقّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كما وقع من الرجلين المشاركين لهم فيما ادعيتموه من مدح القرآن ، وعلى الوجه الذي كان منهما ذلك ، من تعمّد أو خطأ أو شبهة أو اجتهاد أو عناد؟ وهذا ما لا سبيل لهم إلى دفعه ، وهو مبطل لتعلّقهم بالآية ، ودفع أئمّتهم عن الضلالة ، وإن سلم لهم منها ما تمنّوه تسليم جدل للاستظهار.

ويؤكّد ذلك : أنّ الله تعالى مدح من وصف بالآية ، بما كان عليه في الحال ، ولم يقض بمدحه له على صلاح العواقب ، ولا أوجب العصمة له من الضلال ، ولا استدامة لما استحقّ به المدحة في الاستقبال.

ألا ترى أنّه سبحانه قد اشترط في المغفرة لهم والرضوان ، الإيمان في الخاتمة ، ودلّ بالتخصيص لمن اشترط له ذلك ، على أنّ في جملتهم من يتغيّر حاله ، فيخرج عن المدح إلى الذمّ واستحقاق العقاب ، فقال تعالى فيما اتصل به من وصفهم ومدحهم بما ذكرناه من مستحقّهم في الحال :( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) (١) .

فبعضهم في الوعد ولم يعمهم به ، وجعل الأجر مشترطاً لهم بالأعمال الصالحة ، ولم يقطع على الثبات ، ولو كان الوصف لهم بما تقدّم موجباً لهم الثواب ، ومبيّناً لهم المغفرة والرضوان ، لاستحال الشرط فيهم بعده وتناقض الكلام ، وكان التخصيص لهم موجباً بعد العموم ظاهر التضاد ، وهذا ما لا يذهب إليه ناظر ، فبطل ما تعلّق به الخصم من جميع الجهات ، وبان تهافته على اختلاف المذاهب في الأجوبة والإسقاطات ، والمنّة لله »(٢) .

____________

١ ـ الفتح : ٢٩.

٢ ـ الإفصاح : ١٣٩.

١٥٥

( عبد الله النمر ـ السعودية ـ )

حقيقة الخلاف حولهم بين الشيعة والسنّة :

س : أُريد معرفة حقيقة الخلاف بين الشيعة وأهل السنّة في مسألة الصحابة؟

ج : الكلام حول عدالة الصحابة عنوان وتعبير لا يرسم حقيقة الخلاف بين الشيعة الإمامية وأهل السنّة ، لأنّ الخلاف ليس في كُلّ الصحابة ، فانّ الإمامية تعدل الصحابة ممّن تابع ووالى علياًعليه‌السلام ـ كسلمان والمقداد وعمّار وأبي ذر ، وخالد بن سعيد بن العاص وأخيه ، وابن التيّهان وذي الشهادتين ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وأبي بردة الأسلمي ، وغيرهم جمع غفير ممّن والى علياًعليه‌السلام ـ وكذلك غالب وجلّ الأنصار فإنّهم ممدوحون عندهم.

وإنّما الخلاف حقيقة هو في أصحاب السقيفة ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر فإنّ القرآن الكريم قد نطق بوجود المنافقين ، والذين في قلوبهم مرض ، والمرجفون ، ومنهم الذين يلمزون رسول الله في الصدقات ، ومنهم الذين يؤذون النبيّ ، ويقولون : هو أُذن ، ومنهم من عاهد الله ونكث ، ومنهم الذين يلمزون المطوّعين من المؤمنين ، ومنهم المخلّفون بمقعدهم ، ومنهم الخوالف ، ومنهم المعذرون ، ومنهم الذين مردوا على النفاق ، ومنهم المرجون ، ومنهم الذين ارتابت قلوبهم ، ومنهم الذين ابتغوا الفتنة ، ومنهم أهل الإفك ، وغيرهم من الطوائف التي نصّ عليها القرآن ، فكما قد مدح طائفة منهم ، فقد ذمّ طوائف عديدة كثيرة ، أفتؤمنون ببعض وتكفرون ببعض؟!

وفي سورة المدّثر ـ وهي رابع سورة من البعثة ، نزلت على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يشير القرآن إلى اندساس مجموعة في صفوف المسلمين الأوائل ، ويطلق عليهم اسم( الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ) (١) ، أي ممّن يظهر الإسلام ويبطن المرض في قلبه ، وقد فسّرت سورة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله معنى المرض ، وهو الظغينة والعداء للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________

١ ـ المائدة : ٥٢.

١٥٦

وخاصّته ، وقد ذمّ القرآن بعض أهل بدر في سورة الأنفال ، كما ذمّ بعض أهل أُحد في سورة آل عمران ، كما ذمّ طوائف من الصحابة في واقعة الأحزاب في سورة الأحزاب وسورة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذمّ جماعة منهم في واقعة حنين.

بل في واقعة أُحد قال تعالى :( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) (١) .

وقد اشترط القرآن الكريم لنجاة الصحابي وكُلّ مسلم شرائط ، إن وفى بها نجى وسلم وفاز ، وإلاّ فيهلك ويخسر ، لقوله تعالى مخاطباً أصحاب بيعة الرضوان :( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ الله فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) (٢) ، فالناكث هالك منهم بحكم القرآن الكريم ، ومن ثمّ اصطلح بين الصحابة اشتراط أن لا يبدّل الواحد منهم في الدين ، ولا يحدث حدث.

وفي ذيل سورة الفتح ، وعد القرآن بعض الذين مع الرسول بالنجاة فقال :( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) (٣) ، فقال تعالى :( مِنْهُم ) أي بعضهم لا كُلّهم.

وقد روى البخاري ومسلم في كتاب الفتن والعلم : إنّ جمع من الصحابة يرتدّون على أدبارهم القهقري بعد رسول الله ، ويبعدون عن حوض الكوثر ، ويختلسون دون رسول الله ، فيقولصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ربّ أصحابي أصحابي ، فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : سحقاً سحقاً »(٤) .

____________

١ ـ آل عمران : ١٤٤.

٢ ـ الفتح : ١٠.

٣ ـ الفتح : ٢٩.

٤ ـ مسند أحمد ٢ / ٣٠٠ و ٣ / ٢٨ و ٥ / ٣٣٣ ، صحيح البخاري ٧ / ٢٠٨ و ٨ / ٨٧ ، صحيح مسلم ١ / ١٥١ و ٧ / ٦٦ ، السنن الكبرى للبيهقي ٤ / ٧٨.

١٥٧

( خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي )

عدم ثبوت توبة طلحة والزبير :

س : هل ثبتت توبة الزبير ابن العوام بعد محاربته للإمام عليعليه‌السلام ؟

إذ إنّ كثيراً من المصادر التاريخية تذكر أنّ الزبير انسحب من المعركة بعد أن ذكّره أمير المؤمنينعليه‌السلام بكلام ، فتبعه ابن جرموز فقتله ، وهو يصلّي ، وأصبح ابن جرموز فيما بعد من كبار الخوارج.

وهل صحّت توبة طلحة ، إذ إنّ المصادر تذكر أن مروان بن الحكم قتله أثناء المعركة؟ حتّى يختلط الحابل بالنابل ، فهل أراد طلحة الانسحاب من المعركة ـ كالزبير ـ فقتله مروان حتّى لا يتمّ الصلح؟

ج : إنّ طلحة والزبير قد ضلاّ وأضلاّ الكثير بنكثهما البيعة مع أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وبهذا أصبحا جاحدين لإمام زمانهما ، وشملهما الحديث : «من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية »(١) .

وأيضاً قد فقدا إيمانهما بخروجهما على إمام زمانهما ، فاعتُبرا من الغاوين المنحرفين.

وأمّا توبتهما فلم تثبت بطريق صحيح ، لأنّهما قُتلا وهما مصمّمان على الحرب مقيمان على الفسق ، ولو كانا تائبين للزمهما أن يصرّحا بخطئهما ، وظلمهما واعتداءاتهما ، ثمّ كان يجب عليهما الحضور في معسكر الإمامعليه‌السلام ، وإطاعة أوامره ونواهيه ، لا الانسحاب والفرار من المعركة ؛ إذ قد يحتمل أن انسحاب الزبير كان بسبب بدو العجز والانكسار في معسكر الضلال.

وأمّا قضية طلحة فهي أوضح ، لأنّه كان عازماً على الاستمرار في القتال إلى أن غدر به صاحبه.

____________

١ ـ كتاب السنّة : ٤٨٩ ، مجمع الزوائد ٥ / ٢٢٥ ، مسند أبي يعلى ١٣ / ٣٦٦ ، المعجم الأوسط ٦ / ٧٠.

١٥٨

وبالجملة : فهما إلى النار ، ولا سبيل إلى فرض صحّة توبتهما ؛ وهذا ما عليه أعلام الشيعة ، كالشيخ المفيد وغيره من وجوه الطائفة.

( فراس العبدواني ـ ـ )

لا يصحّ الترضي على جميعهم :

س : هل صحيح أنّه يستحبّ الترضي للصحابة ، ولا يصحّ أن يقال بعد ذكر اسم الإمام علي بقول عليه‌السلام أو ( كرّم الله وجهه ) ، والصحيح أن يقال : رضی‌الله‌عنه .

ج : هذه دعوى بلا دليل ، إذ إنّ من الصحابة :

١ ـ يسار بن سبع ـ المعروف بأبي الغادية الجهني ـ وهو من الصحابة بإجماع أهل السنّة ، وهو قاتل عمّار بن ياسررضی‌الله‌عنه ، وقد صحّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : « قاتل عمّار وسالبه في النار »(١) ، فهذا الشخص في النار بشهادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما اعترف شيخ الوهّابية ناصر الدين الألباني ، فكيف ترضى على أهل النار؟!

٢ ـ مسلم بن عقبة المري ، ذكره ابن عساكر وابن حجر من الصحابة(٢) ، وهو الذي غزا المدينة ، واستباح بنات الصحابة والتابعين ، وقد صحّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : «من آذى أهل المدينة آذاه الله ، وعليه لعنة الله والملائكة »(٣) ، واعترف النووي بأنّه من أهل النار ، فكيف تترضى عليه؟!

٣ ـ بسر بن أرطاة ، قد أوقع بأهل المدينة ومكّة أفعال قبيحة ، وآذى الصحابة ، وارتكب الأُمور العظام منها ما نقله أهل الأخبار والحديث : من ذبحه عبد الرحمن وقثم ابني عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ، وهما

____________

١ ـ المستدرك ٣ / ٣٨٧ ، مجمع الزوائد ٧ / ٢٤٤ و ٩ / ٢٩٧ ، الآحاد والمثاني ٢ / ١٠٢ ، الجامع الصغير ٢ / ٢٣٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٣ / ٤٧٤.

٢ ـ تاريخ مدينة دمشق ٥٨ / ١٠٢ ، الإصابة ٦ / ٢٣٢.

٣ ـ مجمع الزوائد ٣ / ٣٠٧ ، الجامع الصغير ٢ / ٥٤٧ ، كنز العمّال ١٢ / ٢٣٧ ، فيض القدير ٦ / ٢٥.

١٥٩

صغيران بين يدي أُمّهما ، وكان معاوية سيّره إلى الحجاز واليمن ليقتل شيعة علي ، ويأخذ البيعة له ، فسار إلى المدينة ففعل بها أفعالاً شنيعة ، وسار إلى اليمن ففعل فيها كذلك.

وقال الدارقطني : « بسر بن أرطاة له صحبة ، ولم تكن له استقامة بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ودخل المدينة فهرب منه كثير من أهلها ، وقتل فيها كثيراً ، وأغار على همدان باليمن ، وسبى نساءهم ، فكنّ أوّل مسلمات سُبين في الإسلام »(١) .

فكيف ترضى على القتلة المستبيحين للنفس المحرّمة ، وللزنا؟!

٤ ـ معاوية بن خديج أو حديج ، ذكروا في ترجمته أنّه كان صحابياً ، وكان من أسبّ الناس لعليعليه‌السلام ، وقد صحّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : « من سبّ علياً فقد سبّني »(٢) ، فكيف تترضى على رجل يسبّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

٥ ـ المغيرة بن شعبة ، ولي لمعاوية الكوفة ، وكان ينال من عليعليه‌السلام ، ولم يكتفِ بذلك ، بل أمر الولاة بالنيل منه ، وقد صحّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : «ولا يحبّه إلاّ مؤمن ، ولا يبغضه إلاّ منافق »(٣) ، فكيف تترضى على المنافقين؟!

٦ ـ مروان بن الحكم ، كان يسبّ علياًعليه‌السلام ، فكيف تترضى عليه؟!

٧ ـ معاوية بن أبي سفيان ، كان يسبّ علياً ، ويأمر الولاة بسبّه ، فكيف تترضى عليه؟!

____________

١ ـ أُسد الغابة ١ / ١٨٠ ، تهذيب ٤ / ٦٢.

٢ ـ مسند أحمد ٦ / ٣٢٣ ، ذخائر العقبى : ٦٦ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢١ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٣٣ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٩ ، نظم درر السمطين : ١٠٥ ، الجامع الصغير ٢ / ٦٠٨ ، كنز العمّال ١١ / ٥٧٣ و ٦٠٢ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٣٢ و ٣٠ / ١٧٩ و ٤٢ / ٢٦٦ و ٥٣٣ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٩١ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٢٥٠ و ٢٩٤ ، ينابيع المودّة ١ / ١٥٢ و ٢ / ١٠٢ و ١٥٦ و ٢٧٤ و ٣٩٥ ، جواهر المطالب ١ / ٦٥.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ٨ / ١١٩ و ٩ / ١٧٢ و ١٨ / ٢٤ ، كنز العمّال ١٤ / ٨١ ، تاريخ مدينة دمشق ١٢ / ٣٩٨ و ٤٢ / ١٣٤ و ٢٧٩ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٤١١ ، جواهر المطالب ١ / ٢٥٠ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٧٩ و ٤٩٢.

١٦٠

أَوْ أَكْثَرَ؟

فَقَالَ : « مَا أُحِبُّ هذَا الْبَيْعَ ، أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَجِدْ(١) خِيَاراً غَيْرَ خَمْسَةِ أَثْوَابٍ ، وَوَجَدَ(٢) الْبَقِيَّةَ(٣) سَوَاءً؟ ».

فَقَالَ(٤) لَهُ إِسْمَاعِيلُ ابْنُهُ(٥) : إِنَّهُمْ قَدِ اشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ(٦) مِنْهُمْ(٧) عَشَرَةً ، فَرَدَّدَ عَلَيْهِ مِرَاراً.

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « إِنَّمَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ(٨) أَنْ يَأْخُذَ(٩) خِيَارَهَا ، أَرَأَيْتَ(١٠) إِنْ لَمْ يَكُنْ(١١) إِلَّا خَمْسَةَ أَثْوَابٍ ، وَ وَجَدَ(١٢) الْبَقِيَّةَ(١٣) سَوَاءً ، وَقَالَ(١٤) : مَا أُحِبُّ هذَا(١٥) ، وَكَرِهَهُ لِمَوْضِعِ الْغَبْنِ(١٦) ؟ ».(١٧)

٨٨٩٦/ ٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ(١٨) ، عَنْ حَمَّادٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « يُكْرَهُ أَنْ يُشْتَرَى الثَّوْبُ بِدِينَارٍ غَيْرَ دِرْهَمٍ(١٩) ؛ لِأَنَّهُ‌

____________________

(١). في « بس ، جد » : « لم تجد ». وفي الفقيهوالتهذيب : « لم تجد فيه ».

(٢). في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بس ، بف » والوافيوالتهذيب : « و وجدت ».

(٣). في « بح » وحاشية « جت »والفقيه والتهذيب : « بقيّته ». وفي « بس » : « باقيه ». وفي « ط ، جد » : « فيه ».

(٤). هكذا في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بف » والوافيوالفقيه والتهذيب . وفي سائر النسخ والمطبوع : « قال ».

(٥). في « ط » : - « ابنه ».

(٦). في التهذيب : « أن يأخذوا ».

(٧). في الفقيهوالتهذيب : « منه ».

(٨). في الفقيه : « عليهم ». وفي « بس » : + « لا ».

(٩). في « بخ ، بف » والوافي : + « منهم ».

(١٠). في « ط » : « رأيت » بدون همزة الاستفهام.

(١١). في الوافي : « لم تكن ».

(١٢). في التهذيب:-«إنّما اشترط عليه - إلى - ووجد».

(١٣). في الفقيهوالتهذيب : « بقيّته ».

(١٤). في « ط ، ى ، بح ، بف » والوافي : « فقال ».

(١٥). في الفقيهوالتهذيب : + « البيع ».

(١٦). في الفقيهوالتهذيب : - « وكرهه لموضع الغبن ».

(١٧).الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١٥ ، ح ٣٧٩٨ ؛والتهذيب ، ج ٧ ، ص ٥٧ ، ح ٢٤٦ ، بسند آخرالوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٧٥ ، ح ١٨٠٩٩ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٧٨ ، ذيل ح ٢٣١٩٢.

(١٨). في الوافي : « الحسن بن الحسين ».

(١٩). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : بدينار غير درهم ، أطلق الشيخ وجماعة من الأصحاب المنع من ذلك ، والخبر =

١٦١

لَا يُدْرى كَمِ الدِّينَارُ مِنَ الدِّرْهَمِ(١) ؟ ».(٢)

٨٥ - بَابُ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ(٣)

٨٨٩٧/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ(٤) ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ :

____________________

= يحتمل الوجهين :

أحدهما : أن يكون المراد عدم معلوميّة نسبة الدرهم من الدينار في وقت البيع وإن كان آئلاً إلى المعلوميّة.

وثانيهما : أن يكون المراد جهالتها بسبب اختلاف الدراهم ، أو باختلاف قيمة الدنانير وعدم معلوميّتها عند البيع أو عند وجوب أداء الثمن. ولعلّ هذا أظهر.

قال فيالمسالك : يجب تقييده بجهالة نسبة الدرهم من الدينار بأن جعله ممّا يتجدّد من النقد حالاًّ ومؤجّلاً ، أو من الحاضر مع عدم علمهما بالنسبة ، فلو علماها صحّ ، وفي رواية السكوني إشارة إلى أنّ العلّة هي الجهالة ». وراجع :مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ٣٥٠.

(١). في « بف » وحاشية « جت » والوافي : « الدرهم من الدينار ». وفي حاشية « بح ، جد » : « الدراهم من الدينار ».

(٢).التهذيب ، ج ٧ ، ص ١١٦ ، ح ٥٠٤ ، بسنده عن الحسين بن الحسن الضرير ، عن حمّاد بن ميسّر ، عن جعفر ، عن أبيهعليهما‌السلام الوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٧٦ ، ح ١٨١٠١ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٨٠ ، ح ٢٣١٩٦.

(٣). « بيع المرابحة » : هو البيع بالإخبار برأس المال مع الزيادة عليه ، وهو مكروه بالنسبة إلى أصل المال عند الأكثر ، والبيع صحيح وللمزيد راجع : ذيل ح ٨٨٩٢.

(٤). هكذا في « بخ ، بف ، جن » وحاشية « بح ، جت » والوافي. وفي « ط ، ى ، بح ، جت ، جد » والمطبوع والوسائل : « محمّد بن أسلم ».

والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه ؛ فإنّا لم نجد اجتماع عليّ بن الحكم ومحمّد بن أسلم وأبي حمزة في غير سند هذا الخبر ، كما لم نجد رواية عليّ بن الحكم عن محمّد بن أسلم ولا رواية محمّد بن أسلم عن أبي حمزة في موضع. بل الظاهر من ملاحظة أسناد محمّد بن أسلم - وهو الطبري الجبلي - كونه في طبقة عليّ بن الحكم تقريباً. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ١٥ ، ص ٣٣٨ - ٣٤١.

وأمّا رواية عليّ بن الحكم عن محمّد بن مسلم عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام ، فقد وردت فيالكافي ، ح ٩٠٥١ ؛والتهذيب ، ج ٧ ، ص ٦٦ ، ح ٢٨٤ ؛ وص ١٦٨ ، ح ٧٤٤ ، لكنّ الظاهر سقوط الواسطة في ما نحن فيه والمواضع الثلاثة المشار إليها ، بين عليّ بن الحكم وبين محمّد بن مسلم ؛ فقد تكرّرت في الأسناد رواية عليّ بن الحكم عن العلاء [ بن رزين ] أو عن أبي أيّوب [ الخرّاز ] عن محمّد بن مسلم. راجع :معجم رجال الحديث ،=

١٦٢

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْمَتَاعَ جَمِيعاً بِالثَّمَنِ ، ثُمَّ يُقَوِّمُ كُلَّ ثَوْبٍ بِمَا يَسْوى حَتّى يَقَعَ عَلى رَأْسِ مَالِهِ(١) جَمِيعاً : أَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً(٢) ؟

قَالَ : « لَا ، حَتّى يُبَيِّنَ(٣) لَهُ أَنَّمَا(٤) قَوَّمَهُ(٥) ».(٦)

٨٨٩٨/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قُدِّمَ لِأَبِيعليه‌السلام مَتَاعٌ مِنْ مِصْرٍ ، فَصَنَعَ طَعَاماً ، وَدَعَا لَهُ التُّجَّارَ ، فَقَالُوا(٧) : إِنَّا(٨) نَأْخُذُهُ(٩) مِنْكَ بِدَهْ دَوَازْدَهْ ، فَقَالَ(١٠) لَهُمْ أَبِي : وَكَمْ يَكُونُ ذلِكَ؟ قَالُوا(١١) : فِي عَشَرَةِ(١٢) آلَافٍ أَلْفَيْنِ ، فَقَالَ لَهُمْ أَبِي(١٣) : إِنِّي(١٤) أَبِيعُكُمْ هذَا الْمَتَاعَ بِاثْنَيْ‌

____________________

= ج ١١ ، ص ٤٥١ - ٤٥٧ ؛ ص ٤٦١ - ٤٦٦ ؛ ج ٢١ ، ص ٢٩٠ - ٢٩٢ ؛ وص ٢٩٦ - ٢٩٨.

هذا ، وقد ورد فيالتهذيب ، ج ٧ ، ص ١٩٧ ، ح ٧٨٦ خبرٌ عن عليّ بن الحكم عن أبي أيّوب عن محمّد بن مسلم عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام ، وهذا الخبر متحّد مع خبرالكافي ، ح ٩٠٥١ وخبرالتهذيب ، ج ٧ ، ص ١٦٨ ، ح ٧٤٤ ، لكن هذا السند أيضاً لا يخلو من الخلل ؛ فإنّا لم نجد مع الفحص الأكيد رواية أبي أيّوب عن أبي حمزة بالواسطة وقد كثرت روايته عنه مباشرةً.

(١). في « بخ ، بف » والوافي : « المال ».

(٢). في الفقيهوالتهذيب : + « ثوباً ثوباً ».

(٣). في « ط » : « حتّى يتبيّن ».

(٤). في«ط»:«أنّه إذا»بدل«أنّما».وفي الوافي:« أنّه إنّما ».

(٥). فيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٢١٥ : « يدلّ على ما هو المشهور من أنّه إذا اشترى أمتعة صفقة لا يجوز بيع بعضها مرابحة إلّا أن يخبر بالحال ، وقال ابن الجنيد وابن البرّاج : يجوز في ما لا تفاضل فيه ، كالمعدود المتساوي ، وفي شمول الخبر لهذا الفرد نظر ».

(٦).الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١٦ ، ح ٣٨٠١ ؛والتهذيب ، ج ٧ ، ص ٥٥ ، ح ٢٣٩ ، بسند آخر عن أحدهماعليهما‌السلام ، مع زيادة في آخرهالوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٨٥ ، ح ١٨١١٨ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٧٨ ، ح ٢٣١٩٣.

(٧). في حاشية « بح » : « فقال ».

(٨). في « ط ، ى ، بف ، جد » وحاشية « جت » والوافي : « له ». وفي « جن » والوسائلوالفقيه والتهذيب : - « إنّا ».

(٩). في « بخ ، بف » والوافي : « نأخذ ».

(١٠). في « ط ، بح ، جن » والوسائل : « قال ».

(١١). في « بف » والوافيوالفقيه والتهذيب : « فقالوا ».

(١٢). في « بف » والوافي : « العشرة ».

(١٣). في « بح ، بخ » : - « أبي ». وفي الفقيهوالتهذيب : - « لهم أبي ».

(١٤). في « ط » والوسائلوالفقيه : « فإنّي ». وفي « بف » : - « إنّي ».

١٦٣

عَشَرَ أَلْفاً(١) ، فَبَاعَهُمْ مُسَاوَمَةً(٢) ».(٣)

٨٨٩٩/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ جَرَّاحٍ الْمَدَائِنِيِّ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « إِنِّي لَأَكْرَهُ(٤) بَيْعَ دَهْ(٥) يَازْدَهْ ، وَدَهْ(٦) دَوَازْدَهْ ، وَلكِنْ أَبِيعُكَ(٧) بِكَذَا وَكَذَا(٨) ».(٩)

٨٩٠٠/ ٤. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ(١٠) ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « إِنِّي أَكْرَهُ(١١) بَيْعَ عَشَرَةٍ بِأَحَدَ(١٢) عَشَرَ(١٣) ، وَعَشَرَةٍ بِاثْنَيْ‌

____________________

(١). في « بخ ، بف » والوافي : « ألف درهم ».

(٢). في الفقيهوالتهذيب : - « فباعهم مساومة ».

وفيالوافي : « فباعهم مساومة ، أي ضمّ الربح إلى الأصل وباع بالمجموع ، كما ذكر ، ويستفاد منه أنّ رأس ماله كان عشرة آلاف ». وفيالمرآة : « يدلّ على مرجوحيّة بيع المرابحة بالنسبة إلى المساومة ، قال فيالتحرير : بيع المساومة أجود من المرابحة والتولية ». وراجع :تحرير الأحكام ، ج ٢ ، ص ٣٨٨ ، المسألة ٣٤٢٦.

(٣).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٥٤ ، ح ٢٣٤ ، معلّقاً عن محمّد بن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن عبيد الله الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وبسند آخر أيضاً عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١٦ ، ح ٣٨٠٠ ، معلّقاً عن عبيد الله بن عليّ الحلبي ومحمّد الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام الوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٨٦ ، ح ١٨١٢٠ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٦١ ، ح ٢٣١٤٦.

(٤). في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جد ، جن » والوافيوالتهذيب : « أكره ».

(٥). في الوسائل : « أكره البيع بده » بدل « لأكره بيع ده ».

(٦). في الوسائل : - « ده ».

(٧). في الوسائل : « أبيعه ».

(٨). في « جن » : « بكذا » بدل « وكذا ».

(٩).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٥٥ ، ح ٢٣٧ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيدالوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٨٦ ، ح ١٨١٢٢ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٦٢ ، ح ٢٣١٤٧. (١٠). في « بخ » وحاشية « جن » : + « بن مسلم ».

(١١). في « ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » والوسائل : « لأكره ».

(١٢). هكذا في « بخ ، بف » والوافي. وفي « بس ، جت » والمطبوع : « بإحدى ». وفي « ط ، جد » : « إحدى».

(١٣). هكذا في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بف ، جت » والوافي. وفي المطبوع : « عشرة ».

١٦٤

عَشَرَ(١) وَنَحْوَ ذلِكَ مِنَ الْبَيْعِ ، وَلكِنْ أَبِيعُكَ بِكَذَا وَكَذَا مُسَاوَمَةً ».

قَالَ : « وَأَتَانِي(٢) مَتَاعٌ مِنْ مِصْرٍ ، فَكَرِهْتُ أَنْ(٣) أَبِيعَهُ كَذلِكَ ، وَعَظُمَ عَلَيَّ ، فَبِعْتُهُ مُسَاوَمَةً(٤) ».(٥)

٨٩٠١/ ٥. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : إِنَّا نَبْعَثُ بِالدَّرَاهِمِ(٦) لَهَا صَرْفٌ(٧) إِلَى الْأَهْوَازِ ، فَيَشْتَرِي لَنَا بِهَا الْمَتَاعَ ، ثُمَّ نَلْبَثُ(٨) ، فَإِذَا بَاعَهُ(٩) وُضِعَ عَلَيْهِ(١٠) صَرْفُهُ(١١) ، فَإِذَا بِعْنَاهُ كَانَ‌ عَلَيْنَا أَنْ نَذْكُرَ لَهُ صَرْفَ الدَّرَاهِمِ(١٢)

____________________

(١). هكذا في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بف ، جت ». وفي المطبوع : « عشرة ».

(٢). في « ط » : « فأتاني ».

(٣). في « بخ ، بف » : - « أن ».

(٤). فيالمرآة : « قال الشيخ فيالنهاية : لا يجوز أن يبيع الإنسان متاعاً مرابحة بالنسبة إلى أصل المال بأن يقول : أبيعك هذا المتاع بربح عشرة واحداً أو اثنين ، بل يقول بدلاً من ذلك : هذا المتاع عليّ بكذا وأبيعك إيّاه بكذا ، بما أراد. وتبعه بعض الأصحاب ، وذهب الأكثر إلى الكراهة. ولا يخفى عدم دلالة تلك الأخبار على ما ذكروه بوجه ، بل ظاهر بعضها وصريح بعضها أنّهعليه‌السلام لم يكن يحبّ بيع المرابحة ، إمّا لعدم شرائه بنفسه ، أو لكثرة مفاسد هذه المبايعة ومرجوحيّتها بالنسبة إلى المساومة ، كما لا يخفى ». راجع :النهاية ، ص ٣٨٩.

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٥٤ ، ح ٢٣٦ ، بسنده عن أبان ، عن محمّد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام الوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٨٧ ، ح ١٨١٢٣ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٦٣ ، ح ٢٣١٤٩.

(٦). في التهذيب : « الدراهم ».

(٧). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « الصرف في الدراهم هو فضل بعضه على بعض في القيمة ». وراجع :لسان العرب ، ج ٩ ، ص ١٩٠ ( صرف ).

(٨). في « بح ، بس » : « يلبث ». وفي التهذيب : « يكتب ».

(٩). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : فإذا باعه ، أي الوكيل في هذا البلد بحضرة المالك ، ولذا قال ثانياً : بعناه ، أو في الأهواز ».

(١٠). في « ط ، بح ، بف » وحاشية « جت » والوافيوالتهذيب : « عليها ».

(١١). في « ط ، جت ، جد ، جن » والوسائلوالتهذيب : « صرف ». وفي « ى ، بخ ، بف » وحاشية « جت» والوافي : « صرفاً ».

(١٢). فيالمرآة : « قوله : صرف الدراهم ، أي لا بدّ لنا من إضافة الصرف إلى الثمن في المرابحة أيجزئنا مثل هذا =

١٦٥

فِي الْمُرَابَحَةِ(١) : يُجْزِئُنَا(٢) عَنْ ذلِكَ؟

فَقَالَ : « لَا ، بَلْ إِذَا كَانَتِ(٣) الْمُرَابَحَةُ ، فَأَخْبِرْهُ بِذلِكَ ؛ وَإِنْ كَانَ(٤) مُسَاوَمَةً ، فَلَا بَأْسَ».(٥)

٨٩٠٢/ ٦. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَجَّاجِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِيَ : اشْتَرِ لِي(٦) هذَا الثَّوْبَ وَهذِهِ(٧) الدَّابَّةَ - وَيُعَيِّنُهَا(٨) - وَأُرْبِحَكَ(٩) فِيهَا كَذَا وَكَذَا؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ بِذلِكَ » قَالَ(١٠) : « لَيَشْتَرِيهَا(١١) ، وَلَا تُوَاجِبْهُ(١٢) الْبَيْعَ(١٣) قَبْلَ أَنْ‌

____________________

= الإخبار عن الإخبار بأنّ بعضه من جهة الصرف ، أم لابدّ من ذكر ذلك؟ فقوله : يجزئنا ، ابتداء السؤال. ويحتمل أن يكون « كان علينا » للاستفهام وابتداء السؤال ، فالمراد بذكر الصرف ذكر أنّ بعض ذلك من جهة الصرف ، فقوله : يجزئنا ، للشقّ الآخر من الترديد. والأوّل أظهر ».

(١). في « جن » : « بالمرابحة ».

(٢). في الوافي : « تحرّينا ».

(٣). في حاشية « بح ، جت » : « كان ».

(٤). في « بخ ، بس ، بف ، جت ، جن » وحاشية « بح » والوسائلوالتهذيب : « كانت ».

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٥٨ ، ح ٢٤٩ ، معلّقاً عن الكليني.وفيه ، ص ٥٩ ، ح ٢٥٦ ، بسنده عن إسماعيل بن عبد الخالق ، من دون التصريح باسم المعصومعليه‌السلام الوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٨٧ ، ح ١٨١٢٤ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٨١ ، ح ٢٣٢٠٠. (٦). في « ى ، بخ ، بف ، جت ، جد ، جن » والوافي : - « لي ».

(٧). في « ى ، بخ ، بف » والوافي : « أو هذه ».

(٨). في « ط ، ى ، بح ، بس ، بف ، جت ، جن » والوافيوالتهذيب : « وبعينها ».

(٩). في « بف » والوافيوالتهذيب : « اُربحك » بدون الواو.

(١٠). في « ط » : - « بذلك قال ». وفي « بف » والوافيوالتهذيب : - « قال ».

(١١). في « بح ، بف ، جت ، جد ، جن » : « ليشترها ». وفي « ط » وحاشية « جت »والتهذيب : « اشترها». وفي الوافي : « لتشترها ».

(١٢). في « ى ، بخ ، بف ، جت ، جد ، جن » والوافي : « ولا يوجبه ».

(١٣). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : ولا تواجبه البيع ، أي لا تبعه قبل الشراء ؛ لأنّه بيع ما لم يملك ، بل عدّه بأن تبيعه بعد =

١٦٦

____________________

= الشراء ، والترديد في قوله : أو تشتريها ، لعلّه من الراوي ». وقال المحقّق الشعراني في هامش الوافي : قوله : ولا يواجبه البيع ، أي يذكر البيع ويعيّن المبيع والثمن ولا يجري الصيغة ولا يعقد عقد البيع ؛ لأنّ البيع لا يحصل بالمكالمة والمراضاة من غير عقد ، وينافي غير هذا الموضع أنّ الرضا بالمعاملة غير الإنشاء ، والبيع إنّما يحصل بالإنشاء المدلول عليه باللفظ ، لابالرضي مطلقاً الخالي عن الإنشاء ، ولا بالإنشاء الغير المدلول عليه باللفظ.

فإن قيل : عدم الاكتفاء بالمراضاة واضح ؛ لأنّ المراضاة ليس بيعاً لغة وعرفاً وشرعاً ؛ لأنّ المشتري والبائع إذا كانا راضيين بالمعاملة ، والزوج والزوجة إذا كانا راضيين بالنكاح مدّة ، لم يصحّ إطلاق البيع والنكاح على مراضاتهما.

وأمّا الإنشاء المدلول عليه بالقرائن لا باللفظ الصريح في الإنشاء وهو العقد ، فلا وجه لعدم الكفاية ، مع أنّ العمدة هو الإنشاء القلبي ، ولا يتصوّر فرق في الدلالة عليه بأىّ وجه كان.

قلنا : الوجه فيه أنّ القرائن غير منضبطة ، لايمكن تعليق الحكم الشرعي عليها ، فكلّ شي‌ء ادّعى المشتري مثلاً أنَّه دالّ على الإنشاء القلبي يمكن البائع أن ينكره كالمعاطاة ، فإنّ نفس إعطاء متاع وأخذ دراهم لايدلّ على أنّهما قصدا البيع ؛ إذ لعلّه أراد الإجازة وأخذ الاُجرة أو الإعارة وأخذ الدراهم بدلاً عن قرض سابق ، أو رهناً للمتاع الذي أعاره حتّى يرجعه ، وغير ذلك من الاحتمالات التي لاتنحصر ، وأضعف من ذلك في الدلالة أن يكون المتاع والثمن كلاهما من العروض فليس كلّ من أعطى شيئاً وأخذ شيئاً أراد البيع ، ويحتمل أن يريد البائع شيئاً والمشتري شيئاً آخر.

فإن قيل : المعاطاة إذا انضمّ إلى قرائن اُخر دلّت على إنشاء البيع ، مثل كون البائع تاجراً جالساً في حانوت في السوق متهيّأً لبيع أمتعته وليس من عادته الإجارة والعارية ورهن الثمن ، أو لا يكون المتاع مما يؤجر ، أو يعار عادة ، أو يعطى لغير التمليك ، كاللحم والخبز واللبن.

قلنا : هذا تصديق بأنّ القرائن غير منضبطة ؛ فإنّ كون البائع سوقيّاً في حانوت يخالف كونه غير تاجر ، أو تاجراً في بيته ، وكون المبيع ممّا يعار ، يخالف كونه ممّا لايعار ، وكون الرجل ممّن يعطي متاعه إجارة مع أخذ الثمن رهناً مخالف عدم كونه منهم ، وهكذا ممّا لايتناهى ويختلف عادة البلاد والأشخاص.

وبالجملة لايعتمد على القرائن غير المنضبطة بإجماع فقهاء الإسلام. واختلفوا في المعاطاة وحصول البيع بنفس الأخذ والعطاء على ما هو معروف ، ومذهب فقهائنا أنّه لايحصل البيع بها ، قال العلّامة : لقصور الأفعال عن الدلالة على المقاصد ، وهو واضح ، ولايجوز إلزام الناس بما لا يدلّ عملهم عليه ولا يمكن إقامة الحجّة عليهم بإلزاهم بما لم يلزموا ، وإنما يتوهّم من توهّم الاكتفاء بالمعاطاة من العامّة. كمالك لـمّا رأي أكثر أفرادها مقروناً بالقرائن الغير المنضبطة التي ذكرناها ، فتوهّم أنّ الدلالة على الإنشاء من نفس الإعطاء والأخذ ، مع أنّها من تلك القرائن التي لايترتّب حكم عليها البتّة.=

١٦٧

يَسْتَوْجِبَهَا(١) أَوْ تَشْتَرِيَهَا(٢) ».(٣)

٨٩٠٣/ ٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ(٤) ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنْ مُيَسِّرٍ بَيَّاعِ الزُّطِّيِّ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : إِنَّا نَشْتَرِي الْمَتَاعَ بِنَظِرَةٍ(٥) ، فَيَجِي‌ءُ الرَّجُلُ ، فَيَقُولُ : بِكَمْ تَقَوَّمَ(٦) عَلَيْكَ(٧) ، فَأَقُولُ : بِكَذَا وَكَذَا ، فَأَبِيعُهُ بِرِبْحٍ.

فَقَالَ : « إِذَا بِعْتَهُ مُرَابَحَةً ، كَانَ لَهُ مِنَ النَّظِرَةِ(٨) مِثْلُ مَا لَكَ ».

قَالَ : فَاسْتَرْجَعْتُ ، وَقُلْتُ : هَلَكْنَا ، فَقَالَ : « مِمَّ(٩) ؟ »....................

____________________

= و بالجملة لا يحصل البيع إلّا باللفظ الصريح في الإنشاء كما هو مقتضى الرواية. وهاهنا كلام كثير محلّه كتب الفقه ، وقد أورد الشيخ المحقّق الأنصاريقدس‌سره هذه الرواية في باب المعاطاة واعترف بظهورها في اشتراط العقد اللفظي ».

(١). في « بح ، بس »والتهذيب : « أن تستوجبها ».

(٢). في«ى ، جت ، جد ،جن» والوافي : « يشتريها ».

(٣).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٥٨ ، ح ٢٥٠ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٨٨ ، ح ١٨١٢٦ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٥٢ ، ذيل ح ٢٣١٢٣. (٤). في « ط » : « أحمد بن محمّد » بدل « محمّد بن الحسين ».

(٥). النظرة : المهلة والتأخير في الأمر ، وهو اسم من أنظرته ، أي أخّرته وأمهلته. راجع :لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٢١٨ ( نظر ). (٦). في « بف » والوافيوالتهذيب : « يقوم ».

(٧). في « ط ، بخ ، بف » والوافي : « عليكم ».

(٨). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : كان له من النظرة ، عمل به جماعة من الأصحاب والمشهور بين المتأخّرين أنّ المشتري يتخيّر بين الردّ وإمساكه بما وقع عليه العقد ».

(٩). في « بخ ، بف » وحاشية « ى » والوافي : « لِمَ ». وفي الوسائلوالفقيه والتهذيب : « ممّا ». وقال المحقّق الشعراني‌في هامشالوافي : « ظاهر لفظ الخبر أنّه يقع البيع نسيئة مؤجّلاً قهراً وإنْ لم ينوياه ؛ لأنّ أصل البيع السابق كان مؤجّلاً ، ولم يعمل به أحد ، ولا يناسب الهلاك الذي ذكره الراوي ، فإنّ تعجيل أداء النسيئة لا يوجب الهلاك ، كما يأتي ، ولا يناسب أيضاً قوله : ولو وضعت من رأس المال.

والذي يختلج بالبال في معنى الحديث أنّ البائع إذا كان اشترى مؤجّلاً وجب التصريح بذلك للمشتري ؛ فإنّ للأجل قسطاً من الثمن ، فيضع شيئاً من رأس ماله بأن يقول للمشتري مثلاً : إنّي اشتريت هذا المتاع مؤجّلاً إلى سنة بثمانين ديناراً ، ولو كان نقداً كنت أشتريه بسبعين فيكون رأس مالي سبعين وأربح عليك بده يازده ، ولا يقول : رأس مالي ثمانون ، وحينئذٍ فقوله : كان له من النظرة مثل مالك ، ليس معناه وقوع البيع مؤجّلاً ، بل معناه : كان للمشتري أن يلاحظ في مقدار رأس المال ما ينقص بسبب الأجل ».

١٦٨

فَقُلْتُ(١) : لِأَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ(٢) ثَوْبٌ إِلَّا أَبِيعُهُ(٣) مُرَابَحَةً يُشْتَرى(٤) مِنِّي وَلَوْ وُضِعْتُ(٥) مِنْ رَأْسِ الْمَالِ حَتّى(٦) أَقُولَ(٧) بِكَذَا وَكَذَا.(٨)

قَالَ : فَلَمَّا رَأى مَا شَقَّ عَلَيَّ ، قَالَ : « أَفَلَا أَفْتَحُ لَكَ بَاباً يَكُونُ لَكَ فِيهِ فَرَجٌ(٩) ؟ قُلْ : قَامَ(١٠) عَلَيَّ بِكَذَا وَكَذَا ، وَأَبِيعُكَ(١١) بِزِيَادَةِ كَذَا وَكَذَا ، وَلَا تَقُلْ بِرِبْحٍ ».(١٢)

____________________

(١). في « ط ، بخ ، بف » والوافي : « قال : قلت ».

(٢). في الوافي : + « من ».

(٣). في « ط » : « بيعه ».

(٤). في الوسائلوالفقيه : « فيشترى ». وفي الوافي : « قوله : يشترى ، استفهام إنكار بتقدير الهمزة ، وفي الفقيه : فيشتري ، و « لو » للوصل ، وقوله : حتّى أقول ، أي ما يشتري حتّى أقول. وفي النسخ اختلافات في آخر الحديث لا يختلف بها المعنى ».

وفيالمرآة : « قوله : لأنّ ما في الأرض ، اسم « أنّ » ضمير الشأن ، و « ما » نافية ، و « يشترى » استفهام إنكاري ، وليس فيالفقيه كلمة إلّا ، وهو أظهر ، ولعلّ الوجه في الجواب أنّ لفظ الربح صريح في المرابحة شرعاً بخلاف لفظ الزيادة ، ويمكن حمله على المساومة بأن يكون هذا القول قبل البيع ، لكنّه بعيد. وبالجملة لم أعثر على من عمل بظاهره من الأصحاب ، ويشكل العدول به مع جهالته عن فحاوي سائر الأخبار. ثمّ اعلم أنّه قيل في تصحيح العبارة : إنّ كلمة « ألّا » مركّبة من أن المصدريّة ولا النافية ، والمصدر نائب مناب ظرف الزمان ، والأظهر ما ذكرناه أوّلاً ».

وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : لأنّ ما في الإرض ، قال المجلسيرحمه‌الله : اسم أنّ ضمير الشأن وما نافية ، وقال أيضاً : ليس فيالفقيه كلمة إلّا - يعني في « إلّا أبيعه » - وهو أظهر.

أقول : وقوله : يشترى منّي ، آخر الجملة ، وقوله : ولو وضعت ، أوّل الكلام ، وليس « لو » وصلة للجملة السابقة ، ولكن « لو » هنا تمنّ ، أي ليتني كنت وضعت من رأس المال في معاملاتي السابقة من جهة الأجل فأقول : قيمة هذه الأشياء كذا بوضع شي‌ء من الثمن المؤجّل ، ولا أقول : اشتريت بكذا ، وأذكر نفس الثمن ، فأجاب الإمامعليه‌السلام : لا يجب عليك أن تقول : قيمة هذه الأشياء كذا وأزيدك كذا ؛ فإنّه خارج عن المرابحة ، ولا يرضى المشتري منك إلّابذكر رأس المال ، فقل : قام عليَّ بكذا ، ولا تقل : اشتريت بكذا ، وهكذا ينبغي أن يفسّر هذا الحديث ، وأمّا النهي عن قوله : بربح ، فمحمول على التنزيه ؛ للتشبّه بالربا ، نظير النهي عن البيع بده دوازده وأمثاله ». (٥). في « ط » : « وضعته ».

(٦). في التهذيب : - « إلّا أبيعه مرابحة يشترى منّي ، ولو وضعت من رأس المال حتّى ».

(٧). في الوافي : + « يقوّم ».

(٨). في الوافي : + « وأبيعك بكذا وكذا ».

(٩). في الفقيه : + « قلت : بلى ، قال ».

(١٠). في الوسائل : « قد قام ».

(١١). في « بخ ، بف » : + « بكذا وكذا ». وفي الوسائل : « أبيعكه ».

(١٢).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٥٦ ، ح ٢٤٥ ، بسنده عن صفوان.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١٣ ، ح ٣٧٩٤ ، معلّقاً عن ميسّر بيّاع =

١٦٩

٨٩٠٤/ ٨. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ سَالِمٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : إِنَّا نَشْتَرِي الْعِدْلَ فِيهِ مِائَةُ ثَوْبٍ خِيَارٍ وَشِرَارٍ(١) دَسْتْشُمَارَ(٢) ، فَيَجِيئُنَا(٣) الرَّجُلُ ، فَيَأْخُذُ مِنَ الْعِدْلِ تِسْعِينَ(٤) ثَوْباً بِرِبْحِ دِرْهَمٍ دِرْهَمٍ ، فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَبِيعَ الْبَاقِيَ عَلى مِثْلِ مَا بِعْنَا؟

قَالَ(٥) : « لَا ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ(٦) الثَّوْبَ وَحْدَهُ(٧) ».(٨)

٨٦ - بَابُ السَّلَفِ فِي الْمَتَاعِ‌

٨٩٠٥/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « لَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْمَتَاعِ إِذَا وَصَفْتَ(٩) الطُّولَ وَالْعَرْضَ ».(١٠)

____________________

= الزطّيالوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٨٩ ، ح ١٨١٢٧ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٨٢ ، ح ٢٣٢٠١.

(١). في « بخ ، بف » : « خياراً وشراراً ».

(٢). في « ى » : « ودستشمار ». وفي « ط » : « دستشماره ». وفي الوسائل : + « درهم ». وفي التهذيب : - «خيار وشراردستشمار».وفيالوافي : « دستشمار : العدّ باليد ، فارسي ، وإنّما لا يجوز المرابحة فيه لإبهام رأس المال ».

(٣). في الوسائل : « فيجيئني ».

(٤). في « ط »والتهذيب : « سبعين ».

(٥). هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وحاشية « جت » والوافي والوسائلوالتهذيب . وفي « جت » والمطبوع : « فقال ». (٦). في « بس » : « أن تشتري ».

(٧). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : لا ، أي لا يجوز بيع المرابحة إلّا إذا اشتريت الثوب وحده ، كما مرّ ، وهذا يردّ مذهب ابن الجنيد وابن البرّاج ».

(٨).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٥٨ ، ح ٢٥١ ، معلّقاً عن سهل بن زيادالوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٩٢ ، ح ١٨١٣٠ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٧٩ ، ح ٢٣١٩٤.

(٩). في « ط » : « وصف ». وفيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٢١٨ : « قولهعليه‌السلام : إذا وصفت ، لعلّه على سبيل المثال ، والمرادوصفه بما يكون مضبوطاً يرجع إليه ».

(١٠).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٧ ، ح ١١٣ ، معلّقاً عن الكليني. وفيالفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٦٥ ، ح ٣٩٥٣ ؛والتهذيب ، =

١٧٠

٨٩٠٦/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ سَمَاعَةَ ، قَالَ:

سَأَلْتُهُ(١) عَنِ السَّلَمِ - وَهُوَ السَّلَفُ - فِي الْحَرِيرِ وَالْمَتَاعِ الَّذِي يُصْنَعُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ(٢) ؟

قَالَ : « نَعَمْ(٣) ، إِذَا كَانَ إِلى(٤) أَجَلٍ مَعْلُومٍ ».(٥)

٨٩٠٧/ ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قَالَ(٦) : « لَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ(٧) فِي الْمَتَاعِ إِذَا سَمَّيْتَ الطُّولَ وَالْعَرْضَ ».(٨)

٨٧ - بَابُ الرَّجُلِ يَبِيعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ‌

٨٩٠٨/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ ، عَنْ حَدِيدِ بْنِ حَكِيمٍ الْأَزْدِيِّ ، قَالَ :

____________________

= ج ٧ ، ص ٤١ ، ح ١٧٥ ، بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام ، مع زيادة في آخرهالوافي ، ج ١٨ ، ص ٥٦٧ ، ح ١٧٨٥٦ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٨٣ ، ح ٢٣٦٧٢.

(١). في الوسائل : « سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام » بدل « سألته ».

(٢). في «ى ، جت ، جد ، جن» والوسائل : « به ».

(٣). في « جن » : - « نعم ».

(٤). في « ط » : - « إلى ».

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٧ ، ح ١١٤ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد بن عيسى.وفيه ، ص ٤١ ، ح ١٧٦ ، بسنده عن سماعة ، مع زيادة في آخرهالوافي ، ج ١٨ ، ص ٥٦٧ ، ح ١٧٨٥٧ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٨٩ ، ح ٢٣٦٨٩.

(٦). في « ط » : - « قال : قال ». وفي « بخ ، جن » والوافيوالتهذيب : + « رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٧). في التهذيب : « بالسلف ».

(٨).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٧ ، ح ١١٥ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيمالوافي ، ج ١٨ ، ص ٥٦٧ ، ح ١٧٨٥٥ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٨٣ ، ذيل ح ٢٣٦٧٢.

١٧١

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : يَجِيئُنِي(١) الرَّجُلُ يَطْلُبُ مِنِّي الْمَتَاعَ(٢) بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ‌ أَوْ أَقَلَّ(٣) أَوْ أَكْثَرَ ، وَلَيْسَ(٤) عِنْدِي إِلَّا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ، فَأَسْتَعِيرُ(٥) مِنْ جَارِي ، وَآخُذُ(٦) مِنْ ذَا وَذَا(٧) ، فَأَبِيعُهُ مِنْهُ ، ثُمَّ أَشْتَرِيهِ مِنْهُ(٨) ، أَوْ آمُرُ مَنْ يَشْتَرِيهِ ، فَأَرُدُّهُ عَلى أَصْحَابِهِ(٩)

قَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ ».(١٠)

٨٩٠٩/ ٢. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(١١) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ بَيْعاً لَيْسَ عِنْدَهُ إِلى أَجَلٍ ، وَضَمِنَ(١٢) الْبَيْعَ؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ ».(١٣)

____________________

(١). في « ط »والتهذيب : « يجي‌ء ».

(٢). في « بخ ، بف » والوافي : « متاعاً ».

(٣). في « بخ ، بف » وحاشية « بح » والوافي : + « من ذلك ».

(٤). في « بخ » : « ليس » بدون الواو.

(٥). في الوافي : « فأستعين ». وفي المرآة : « استعير العارية هنا للقرض ».

(٦). في « بح »والتهذيب : « فآخذ ».

(٧). في « بخ ، بف » : « هذا وأخذ من هذا ». وفي « بس » : « ذا ومن ذا ». وفي « ط » : « ذا وأخذ من ذا». وفي الوافي : « هذا وآخذ هذا » كلّها بدل « ذا وذا ».

(٨). في « ط » : « فيه ». وفيالوافي : « أشتريه منه ، أي من ذلك الثمن ، أو من جنس ذلك المتاع. وقيل : الضمير راجع إلى المشتري : والمعنى أنّه باع من رجل عشرة آلاف درهم من الأمتعة سلفاً ، ثمّ يجي‌ء المشتري ويطلب السلف فأستقرض المتاع من جاري واُعطيه ، ثمّ أشتري المتاع منه بثمن أزيد وأردّه على صاحب المتاع ، وهذا من حيل الربا. وعلى الأوّل يستقرض المتاع ويبيعه من الرجل بثمن غال ، ثمّ يشتري من رجل آخر بقيمة الوقت ويردّه على المقرض. وهو أظهر ». (٩). في حاشية « جن » : « أصحابي ».

(١٠).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٤٩ ، ح ٢١٤ ، بسنده عن صفوانالوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٩٧ ، ح ١٨١٣٨ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٤٩ ، ذيل ح ٢٣١١٣.

(١١). السند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد بن محمّد ، عدّة من أصحابنا.

(١٢). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائلوالتهذيب . وفي المطبوع : + « له ».

(١٣).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٧ ، ح ١١٧ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن عيسى.وفيه ، ص ٤٤ ، ح ١٨٩ ، بسند آخرالوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٩٧ ، ح ١٨١٣٨ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٩٢ ، ح ٢٣٦٩٥.

١٧٢

٨٩١٠/ ٣. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(١) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ(٢) اشْتَرى(٣) مَتَاعاً لَيْسَ فِيهِ كَيْلٌ وَلَا وَزْنٌ : أَيَبِيعُهُ(٤) قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ ».(٥)

٨٩١١ / ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : الرَّجُلُ يَجِيئُنِي(٦) يَطْلُبُ(٧) الْمَتَاعَ ، فَأُقَاوِلُهُ(٨) عَلَى الرِّبْحِ ، ثُمَّ أَشْتَرِيهِ ، فَأَبِيعُهُ مِنْهُ.

فَقَالَ : « أَلَيْسَ إِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ(٩) ؟ » قُلْتُ : بَلى ، قَالَ : « لَا بَأْسَ(١٠) بِهِ ».

قُلْتُ : فَإِنَّ(١١) مَنْ عِنْدَنَا يُفْسِدُهُ ، قَالَ : « وَلِمَ؟ » قُلْتُ(١٢) : بَاعَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ.

____________________

(١). السند معلّق ، كسابقه.

(٢). في « ط ، بخ ، بف » والوافي : « الرجل ».

(٣). في « بف » والوافي : « يشتري ».

(٤). في « جن » : « أبيعه ».

(٥). راجع :الكافي ، كتاب المعيشة ، باب شراء الطعام وبيعه ، ح ٨٨١٧الوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٩٥ ، ح ١٧٧٠٥ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٦٧ ، ح ٢٣١٦٠. (٦). في « ط » : « يجي‌ء ».

(٧). في « بح » : « بطلب ».

(٨). قاوله في أمره مقاولة ، مثل جادله وزناً ومعنى.المصباح المنير ، ص ٥٢٠ ( قول ).

(٩). في « ط » : « أخذه ». وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : إن شاء أخذ ، إنّما ذكر هذا ؛ ليظهر أنّه لم يشتره وكالة عنه ».

وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « اختيار المشتري في الفعل والترك علامة أنّه لم يقع البيع ؛ فإنّه لو كان البيع واقعاً كان المشتري ملزماً بالأخذ ، ولكن ذيل الحديث من قوله : إنّ من عندنا يفسده ، يحتاج إلى تأويل ، وذلك لأنّ أبا حنيفة والشافعي يبطلان البيع قبل أن يقبض ، وهذا لم يكن بيعاً قبل القبض ، بل بعد القبض ، وهو جائز عند فقهائهم ، فيجب أن يحمل كلام الراوي على أنّ الفقهاء الذين في بلادنا يمنعون من هذا البيع ؛ لأنّ البيع قبل القبض ليس فاسداً مطلقاً وإن فرضنا كونه فاسداً ليس هذا من أفراده ، ولكنّ الإمامعليه‌السلام ذكر الجواب الثاني أوّلاً ، واكتفى بعد السؤال بالجواب الأوّل ».

(١٠). في الوسائل : « فلا بأس ».

(١١). في « بخ ، بف » والوافي : « فقلت : إنّ ».

(١٢). في « ط » : - « قلت ». وفي الوسائل : + « قد ».

١٧٣

قَالَ : « فَمَا يَقُولُ(١) فِي السَّلَمِ(٢) قَدْ بَاعَ صَاحِبُهُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ؟ » قُلْتُ(٣) : بَلى ، قَالَ(٤) : « فَإِنَّمَا صَلَحَ مِنْ أَجْلِ(٥) أَنَّهُمْ يُسَمُّونَهُ سَلَماً ، إِنَّ أَبِي كَانَ يَقُولُ : لَابَأْسَ بِبَيْعِ كُلِّ مَتَاعٍ كُنْتَ تَجِدُهُ(٦) فِي الْوَقْتِ الَّذِي بِعْتَهُ فِيهِ ».(٧)

٨٩١٢/ ٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : الرَّجُلُ يَجِيئُنِي(٨) يَطْلُبُ(٩) الْمَتَاعَ(١٠) الْحَرِيرَ وَلَيْسَ عِنْدِي مِنْهُ شَيْ‌ءٌ ، فَيُقَاوِلُنِي(١١) وَأُقَاوِلُهُ فِي الرِّبْحِ وَالْأَجَلِ حَتّى يَجْتَمِعَ(١٢) عَلَيَّ شَيْ‌ءٌ ، ثُمَّ أَذْهَبُ فَأَشْتَرِي لَهُ الْحَرِيرَ وَأَدْعُوهُ(١٣) إِلَيْهِ.

____________________

(١). في « بح ، بخ ، بف ، جت ، جد ، جن » والوافي : « تقول ».

(٢). في « بخ » والوافي : « في السلف ». والسَّلَمُ : هو مثل السَّلَف وزناً ومعنى.

(٣). في « بخ ، بف » : « فقلت ».

(٤). في « ط ، بف » : - « قال ».

(٥). في « ط ، بخ ، بف » والوافي : « قبل ». وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : فإنّما صلح ، استفهام للإنكار ، أي ليست هذه‌التسمية صالحة للفرق ، ولعلّهعليه‌السلام إنّما قال ذلك على سبيل التنزّل ؛ لأنّهعليه‌السلام إنّما جوّز البيع بعد الشراء ، وفي هذا الوقت المتاع عنده موجود ».

(٦). فيالوافي : « تجده ، أي تقدر عليه وإن لم يكن عندك ، وهذا القيد مختصّ بالحالّ دون السلم ؛ لجواز السلم في ما لا يقدر عليه عند البيع. ويستفاد منه وما في معناه جواز بيع ما ليس عنده إذا كان ممّا يقدر عليه عند البيع حالاًّ كان أو سلماً ، فما يوهم صدر الخبر وما في معناه من تقييد الجواز بما إذا لم يوجب البيع ، ينبغي حمله على التقيّة ، أو الأولويّة ، أو تخصيصه بالمراجعة. ويؤيّد الأوّل نقل صريح الحكم به عن أبيهعليه‌السلام وشهرة الخلاف عن العامّة حينئذٍ ». وفي المرآة : « قولهعليه‌السلام : تجده في الوقت ، لعلّه مقصور على ما إذا باعه حالاًّ ، أو المراد بوقت البيع وقت تسليم المبيع مجازاً ، أو كلمة « في » تعليليّة ».

(٧).الوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٩٨ ، ح ١٨١٤٢ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٤٧ ، ح ٢٣١٠٨.

(٨). في « ط » : « يجي‌ء ». وفي البحاروالفقيه والتهذيب : « يجيئني الرجل » بدل « الرجل يجيئني ».

(٩). في البحار : + « منّي ».

(١٠). في « ط ، بف »والتهذيب : « البيع ». وفي البحاروالفقيه : « بيع ».

(١١). في البحاروالتهذيب : + « عليه ».

(١٢). في « بح ، بس ، جد » والوافي والبحاروالفقيه والتهذيب : « نجتمع ». وفي « جت » بالتاء والياء معاً.

(١٣). في البحاروالتهذيب : « فأدعوه ».

١٧٤

فَقَالَ : « أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدَ(١) بَيْعاً هُوَ(٢) أَحَبُّ إِلَيْهِ مِمَّا عِنْدَكَ ، أَيَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْصَرِفَ(٣) إِلَيْهِ وَيَدَعَكَ ، أَوْ وَجَدْتَ أَنْتَ ذلِكَ ، أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْصَرِفَ عَنْهُ(٤) وَتَدَعَهُ؟ » قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : « لَا بَأْسَ ».(٥)

٨٩١٣/ ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَجَّاجِ(٦) ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْحَجَّاجِ(٧) ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : الرَّجُلُ يَجِي‌ءُ(٨) ، فَيَقُولُ(٩) : اشْتَرِ هذَا الثَّوْبَ وَأُرْبِحَكَ كَذَا وَكَذَا.

فَقَالَ(١٠) : « أَلَيْسَ إِنْ شَاءَ(١١) أَخَذَ(١٢) وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ؟ » قُلْتُ : بَلى ، قَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ ،

____________________

(١). في « ط ، بخ ، بف » والوافي : + « هو ».

(٢). في « ط » : - « هو ».

(٣). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : أيستطيع أن ينصرف ، الاختيار والاستطاعة هنا دليل عدم وقوع عقد البيع ؛ إذ لو وقع لوجب الالتزام به ». (٤). في البحار : « إليه ».

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٥٠ ، ح ٢١٩ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيد.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٨٢ ، ح ٤٠١٩ ، معلّقاً عن معاوية بن عمّارالوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٩٩ ، ح ١٨١٤٣ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٥٠ ، ذيل ح ٢٣١١٧ ؛البحار ، ج ١٠٣ ، ص ١٣٧ ، ح ١٢.

(٦). في البحار : « يحيى بن الحجّال ». وهو سهو ؛ فإنّا لم نجد ليحيى بن الحجّال ذكراً في شي‌ءٍ من الأسناد والكتب. ويحيى هذا ، هو يحيى بن الحجّاج الكرخي ، يروي عن أخيه في بعض أسناده. راجع :رجال النجاشي ، ص ٤٤٥ ، الرقم ١٢٠٤ ؛معجم رجال الحديث ، ج ٢٠ ، ص ٣٩ ، الرقم ١٣٤٧٢.

(٧). هكذا في « ط ، بح ، جد » ، وحاشية « ى ، بس ، جت » والوافي والمرآة عن بعض النسخوالتهذيب . وفي « ى ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جن » والمطبوع : « خالد بن نجيح ».

ولم نجد رواية يحيى بن الحجّاج عن خالد بن نجيح في موضع ، بل الظاهر تأخّر طبقة خالد بن نجيح عن خالد بن الحجّاج هذا ؛ لأنّ أكثر رواياته مرويّة عن طريق عثمان بن عيسى. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ٧ ، ص ١٨ ، الرقم ٤١٦٨ ، وص ٣٩٢.

(٨). في « بح » : « يجي‌ء الرجل ». وفي « جت » وحاشية « بح » : « يجيئني الرجل ». وفي « بخ ، بف ، جد » والوافي : « يجيئني ». (٩). في « بح » : « يقول ».

(١٠). في التهذيب : « قال ».

(١١). في « بف » : + « الرجل ».

(١٢). في « بخ ، بف » والوافي : « أخذه ».

١٧٥

إِنَّمَا يُحَلِّلُ الْكَلَامُ(١) ، وَيُحَرِّمُ الْكَلَامُ ».(٢)

٨٩١٤/ ٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ(٣) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « لَا بَأْسَ بِأَنْ تَبِيعَ الرَّجُلَ الْمَتَاعَ لَيْسَ عِنْدَكَ ، تُسَاوِمُهُ(٤) ، ثُمَّ تَشْتَرِي لَهُ نَحْوَ الَّذِي طَلَبَ ، ثُمَّ تُوجِبُهُ عَلى نَفْسِكَ ، ثُمَّ تَبِيعُهُ مِنْهُ بَعْدُ ».(٥)

٨٩١٥/ ٨. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ رَجُلٍ بَاعَ بَيْعاً لَيْسَ عِنْدَهُ إِلى أَجَلٍ ، وَضَمِنَ الْبَيْعَ؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ(٦) ».(٧)

____________________

(١). فيالوافي : « الكلام : هو إيجاب البيع ، وإنّما يحلّل نفياً ويحرّم إثباتاً ». وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : يحلّل الكلام ؛ يعني إذا قال الرجل : اشتر لي هذا الثوب ، لا يجوز أخذ الربح منه ، وليس له الخيار في الترك والأخذ ؛ لأنّه حينئذٍ اشتراه وكالة عنه ، وإن قال : اشتر هذا الثوب لنفسك وأنا أشتري منك واُربحك كذا وكذا ، يجوز أخذ الربح منه ، وله الخيار في الأخذ والترك ».

(٢).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٥٠ ، ح ٢١٦ ، بسنده عن ابن أبي عميرالوافي ، ج ١٨ ، ص ٧٠٠ ، ح ١٨١٤٤ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٥٠ ، ذيل ح ٢٣١١٤ ؛البحار ، ج ١٠٣ ، ص ١٣٧ ، ح ١١.

(٣). هكذا في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بس ، جت ، جد ، جن » وحاشية « بف ». وفي المطبوع : « عبد الله بن سنان ».

وقد أكثر النضر [ بن سويد ] من الرواية عن [ عبد الله ] بن سنان. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ١٨ ، ص ٣٧٤ ؛ ص ٣٧٦ ، ص ٣٧٩ ؛ وص ٣٨٢ - ٣٨٣.

(٤). قال ابن الأثير : « المساومة : المجاذبة بين البائع والمشتري على السلعة وفصل ثمنها ». وقال الشهيدقدس‌سره : « البيع‌بغير إخبار برأس المال مساومة ، وهي أفضل من باقي الأقسام ، وبالإخبار مع الزيادة مرابحة ، ومع النقيصة مواضعة ، ومع المساواة تولية ، وإعطاء البعض تشريك ». راجع :النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٢٥ ؛الدروس الشرعيّة ، ج ٣ ، ص ٢١٨ ، الدرس ٢٤٤.

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٤٩ ، ح ٢١٢ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام الوافي ، ج ١٨ ، ص ٧٠٠ ، ح ١٨١٤٤ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٤٨ ، ذيل ح ٢٣١١١.

(٦). في « ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جن »والتهذيب : + « به ».

(٧).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٨ ، ح ١١٨ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيمالوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٩٨ ، ح ١٨١٤٠ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٩٢ ، ح ٢٣٦٩٦.

١٧٦

٨٩١٦/ ٩. بَعْضُ أَصْحَابِنَا ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنْ أَبِي مَخْلَدٍ السَّرَّاجِ ، قَالَ :

كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُعَتِّبٌ ، فَقَالَ : بِالْبَابِ رَجُلَانِ ، فَقَالَ : « أَدْخِلْهُمَا» فَدَخَلَا ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : إِنِّي رَجُلٌ قَصَّابٌ ، وَإِنِّي أَبِيعُ الْمُسُوكَ(١) قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ(٢) الْغَنَمَ.

قَالَ : « لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ، وَلكِنِ انْسُبْهَا غَنَمَ أَرْضِ كَذَا وَكَذَا(٣) ».(٤)

٨٨ - بَابُ فَضْلِ الشَّيْ‌ءِ الْجَيِّدِ الَّذِي يُبَاعُ‌

٨٩١٧/ ١. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ(٥) ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، عَنْ مَرْوَكِ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام أَنَّهُ قَالَ : « فِي الْجَيِّدِ دَعْوَتَانِ ، وَفِي الرَّدِيِّ دَعْوَتَانِ ، يُقَالُ(٦) لِصَاحِبِ الْجَيِّدِ(٧) : بَارَكَ اللهُ فِيكَ وَفِيمَنْ بَاعَكَ ؛ وَيُقَالُ(٨) لِصَاحِبِ الرَّدِيِّ : لَابَارَكَ اللهُ‌

____________________

(١). في « ط » : « المشرك ». والمسوك : جمع المسك ، بالفتح ، وهو الجلد ، أو خاصّ بالسخلة.القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٦٢ ( مسك ).

(٢). في الوسائل ، ح ٢٣٦٩٨ : « أن يذبح ».

(٣). فيالمرآة : « يدلّ على جواز السلم في الجلود ، والمشهور بين الأصحاب عدم الجواز ؛ للاختلاف وعدم الانضباط ، وقال الشيخ : يجوز مع المشاهدة ، واُورد عليه أنّه يخرج عن السلم ، وجّه كلامه بأنّ المراد مشاهدة جملة كثيرة يكون المسلم فيه داخلاً في ضمنها ، وبهذا لا يخرج عن السلم. وهذه الكلمات في مقابلة النصّ غير مسموعة ». قاله الشيخ فيالنهاية ، ص ٣٩٧ ، وأورد عليه المحقّق فيشرائع الإسلام ، ج ٢ ، ص ٣١٨ ، وأجاب عنه الشهيد ووجّه كلام الشيخ فيمسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ٤٠٩. وللمزيد راجع :جواهر الكلام ، ج ٢٤ ، ص ٢٨١.

(٤).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٨ ، ح ١١٩ ، معلّقاً عن عليّ بن أسباطالوافي ، ج ١٨ ، ص ٧٠١ ، ح ١٨١٤٦ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٣٥٤ ، ح ٢٢٧٣٧ ؛ وج ١٨ ، ص ٢٩٣ ، ح ٢٣٦٩٨.

(٥). في « ط » : - « عن محمّد بن عبد الجبّار ».

(٦). في « بس » : « ويقال ».

(٧). في « بخ ، بف » : « للجيّد » بدل « لصاحب الجيّد ».

(٨). في « ط ، بخ ، بف » : - « يقال ».

١٧٧

فِيكَ وَلَا فِيمَنْ بَاعَكَ ».(١)

٨٩١٨/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ(٢) ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ حَسَنِ الْوَشَّاءِ(٣) ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ ، قَالَ :

قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « أَيَّ شَيْ‌ءٍ تُعَالِجُ(٤) ؟ » قُلْتُ : أَبِيعُ الطَّعَامَ.

فَقَالَ لِي(٥) : « اشْتَرِ الْجَيِّدَ ، وَبِعِ الْجَيِّدَ ؛ فَإِنَّ الْجَيِّدَ إِذَا بِعْتَهُ قِيلَ لَهُ(٦) : بَارَكَ اللهُ فِيكَ وَفِيمَنْ بَاعَكَ ».(٧)

____________________

(١).الخصال ، ج ٤٦ ، باب الاثنين ، ح ٤٦ ، بسنده عن يعقوب بن يزيد ، عن مروك بن عبيدالوافي ، ج ١٨ ، ص ٧٧٩ ، ح ١٨٢٨٥ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٤٥١ ، ح ٢٢٩٧٢.

(٢). في « ى ، بح ، بس ، جن » وحاشية « جت ، جد » والوسائل : « أحمد بن محمّد ».

وقد تكرّرت رواية محمّد بن يحيى [ العطّار ] عن محمّد بن أحمد [ بن يحيى ] عن يعقوب بن يزيد. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ١٤ ، ص ٤٤٦ - ٤٤٧ ؛ وج ١٥ ، ص ٣٣٢.

وأمّا توسّط أحمد بن محمّد بين محمّد بن يحيى ويعقوب بن يزيد ، فقد ورد في أسنادٍ قليلةٍ غير مأمونةٍ من التصحيف.

ويؤكّد ما ذكرناه أنّ محمّد بن أحمد بن يحيى روى عن يعقوب بن يزيد كتب الحسن بن عليّ الوشّاء. راجع :رجال النجاشي ، ص ٣٩ ، الرقم ٨٠.

(٣). هكذا في « ط ». وفي « ى ، بح ، بخ ، بس » والوسائل : « عن عنتر الوشّاء ». وفي « بف ، جت ، جد ، جن » : « عن عنبر الوشّاء ». وفي حاشية « جت » : « عن عليّ الوشّاء ». وفي المطبوع : « عن الوشّاء ».

ولم نجد في رواتنا من يسمّى بـ « عنبر » أو « عنتر ». والظاهر أنّ اللفظين مصحّفان من « حسن » وأنّ عليّاً مصحّف من أحدهما.

ويؤيّد ذلك ما ورد في بعض الأسناد من رواية [ الحسن بن عليّ ] الوشّاء عن عاصم بن حميد. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ٥ ، ص ٣٢٩ ؛ وج ٢٣ ، ص ١٦٥ ، الرقم ١٥٥٣٦.

(٤). المعاجلة : المزاولة والممارسة ، وكلّ شي‌ء زاولته ومارسته وعملت به فقد عالجته. راجع :لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٣٣٧ ( علج ).

(٥). في « ط » : - « لي ».

(٦). في « بف » : - « له ».

(٧).الوافي ، ج ١٨ ، ص ٧٧٩ ، ح ١٨٢٨٤ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٤٥١ ، ح ٢٢٩٧١.

١٧٨

٨٩ - بَابُ الْعِينَةِ ‌(١)

٨٩١٩/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ سُوقَةَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ(٢) بْنِ الْمُنْذِرِ ، قَالَ :

____________________

(١). قال ابن الأثير : « في حديث ابن عبّاس أنّه كره العينة ، هو أن يبيع من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمّى ، ثمّ يشتريها منه بأقلّ من الثمن الذي باعها به ، فإن اشترى بحضرة طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم وقبضها ، ثمّ باعها من طالب العينة بثمن أكثر ممّا اشتراها إلى أجل مسمّى ، ثمّ باعها من طالب العينة بثمن أكثر ممّا اشتراها إلى أجل مسمّى ، ثمّ باعها المشتري من البائع الأوّل بالنقد بأقلّ من الثمن ، فهذه أيضاً عينة ، وهي أهون من الاُولى. وسمّيت عينة ؛ لحصول النقد لصاحب العينة ؛ لأنّ العين هو المال الحاضر من النقد ، والمشتري إنّما يشتريها بعين حاضرة تصل إليه معجّلة ». راجع :النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٣٣ ( عين ).

وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : وهي أهون من الاُولى ؛ لأنّها أبعد في الصورة من الربا ؛ فإنّ الاشتراء الأوّل عمل زائد على القرض بخلاف الاُولى ؛ لأنّهما لم يفعلا عملاً غير إقباض دراهم والتزام بأداء أكثر منها ، وأمّا نقل السلعة من المقرض إلى المستقرض ، ثمّ إرجاعها من المستقرض إلى المقرض ، ففي معنى عدم النقل.

قوله : وسُمّيت عينة ، قال المحقّق ابن إدريس في أوائل كتاب المكاسب : هي بالعين غير المعجمة المكسورة والياء المسكّنة والنون المخفّفة والهاء المنقلبة عن تاء ، ومعناها في الشريعة هو أن يشتري سلعة بثمن مؤجّل ، ثمّ يبيعها بدون ذلك نقداً ليقضي ديناً عليه لمن قد حلّ له عليه ويكون الدين الثاني ، وهو العينة من صاحب الدين الأوّل ؛ ليقضيه بها الدين الأوّل.

روى أبو بكر الحضرمي قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : رجل تعيّن ، ثمّ حلّ دينه فلم يجد ما يقضي ، أيتعيّن من صاحبه الذي عيّنه ويقضيه؟ قال : نعم ، مأخوذ ذلك من العين وهو النقد الحاضر.

قال الشاعر :

أندّان أم نعتان أم ينبري لنا

فتى مثل السيف هزّت مضاربه

معنى ندّان : نستدين ، مأخوذ من ادّان الرجل بتشديد الدال ، بمعنى استدان ، وهو أن يأخذ الدين ، أو يشتري سلعة بدين ، ومنه حديث عمر في اسَيْقِع جهينة فادّان معرضاً ، ومعنى « معرضاً » من عرض الناس كلّ من وجده استدان منه ، ومعنى « نعتان » نشتري عينه ، وهي أن يشتري سلعة بثمن مؤجّل ، ثمّ يبيعها بدون ذلك نقداً ، مأخوذ ذلك من العين ، وهو النقد الحاضر ، على ما قدّمناه وحرّرناه وشرحناه. انتهى كلام ابن إدريس ، والحديث الذي استشهد به يدلّ على تعميم العينة للاستدانة الأصليّة ولتجديدها بعد حلول الأجل ، فكلاهما عينة ، ولكنّه فسَّر في الأوّل كلامه بالتجديد بعد حلول الأجل ، وكأنّه لم يعتبر هذه الخصوصيّة ». وراجع :السرائر ، ج ٢ ، ص ٢٠٥. (٢). في « ط» : « الحسن ».

١٧٩

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : يَجِيئُنِي الرَّجُلُ ، فَيَطْلُبُ(١) الْعِينَةَ ، فَأَشْتَرِي لَهُ الْمَتَاعَ مُرَابَحَةً(٢) ، ثُمَّ أَبِيعُهُ إِيَّاهُ ، ثُمَّ أَشْتَرِيهِ(٣) مِنْهُ مَكَانِي.

قَالَ(٤) : فَقَالَ(٥) : « إِذَا كَانَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ بَاعَ(٦) وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَبِعْ ، وَكُنْتَ أَنْتَ أَيْضاً(٧) بِالْخِيَارِ إِنْ شِئْتَ اشْتَرَيْتَ وَإِنْ شِئْتَ لَمْ تَشْتَرِ ، فَلَا بَأْسَ ».

قَالَ : قُلْتُ(٨) : فَإِنَّ(٩) أَهْلَ الْمَسْجِدِ(١٠) يَزْعُمُونَ أَنَّ هذَا فَاسِدٌ ، وَيَقُولُونَ : إِنْ جَاءَ بِهِ بَعْدَ(١١) أَشْهُرٍ صَلَحَ؟

فَقَالَ : « إِنَّمَا(١٢) هذَا تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ، فَلَا بَأْسَ بِهِ(١٣) ».(١٤)

____________________

(١). في « جن »والتهذيب : « يطلب ».

(٢). في « بح » والوافيوالتهذيب : « من أجله » بدل « مرابحة ». وبيع المرابحة : هو البيع بالإخبار برأس المال مع الزيادة عليه ، وهو مكروه بالنسبة إلى أصل المال عند الأكثر ، والبيع صحيح ، قال العلّامة : « قال الشيخ فيالمبسوط : يكره بيع المرابحة بالنسبة إلى أصل المال ، وليس بحرام ، فإن باع كذلك كان البيع صحيحاً ، وكذا قال في الخلاف ، وبه قال ابن إدريس ، وهو المعتمد ». راجع :المبسوط ، ج ٢ ، ص ١٤١ ؛الخلاف ، ج ٣ ، ص ١٣٤ ، المسألة ٢٢٣ ؛السرائر ، ج ٢ ، ص ٢٩١ ؛مختلف الشيعة ، ج ٥ ، ص ١٥٧ ؛الدروس الشرعيّة ، ج ٣ ، ص ٢١٨ ، الدرس ٢٤٤ ؛مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ٣٥٢ ( ربح ).

(٣). في « جن » وحاشية « بح » : « اشترى ». وفي « ى » : « اشتراه ».

(٤). في « بح » : - « قال ».

(٥). في « بس ، جت ، جد ، جن » والوسائل والبحار : - « فقال ».

(٦). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : إن شاء باع ، أي يكون الغرض تحقّق البيع واقعاً ».

(٧). في « ط ، بس ، جت ، جد ، جن » والوسائل والبحاروالتهذيب : - « أيضاً ».

(٨). في « بخ ، بف » والوافي : « فقلت ».

(٩). في « بح » والوسائل : « إنّ ».

(١٠). فيالمرآة : « المراد بأهل المسجد فقهاء المدينة الذين كانوا يجلسون في المسجد للتعليم والإفتاء وإضلال الناس ، ولعلّهم كانوا يشترطون الفاصلة المعتبرة بين البيعين ، أو كانوا يجوّزون ذلك في المؤجّل ويمنعونه في الحالّ ، فأجابعليه‌السلام بأنّ التقديم والتأخير لا مدخل فيه في الجواز ، وإذا كان في الذمّة فلا فرق ببن الحالّ والمؤجّل ». (١١). في التهذيب : + « أربعة ».

(١٢). هكذا في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بف ، جت » والوافي والوسائلوالتهذيب . وفي سائر النسخ والمطبوع : « إنّ».

(١٣). في « بس ، جد ، جن » والوسائلوالتهذيب : - « به ».

(١٤).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٥١ ، ح ٢١٣ ، بسنده عن ابن أبي عميرالوافي ، ج ١٨ ، ص ٧٠٩ ، ح ١٨١٥٨ ؛الوسائل ، =

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909