الكافي الجزء ١٠

الكافي6%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 234401 / تحميل: 5686
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

إبراز العضلات والضرب بالصمصام ، فلذلك لم يكن بدّاً لأمير المؤمنينعليه‌السلام إلاّ الصبر أمام هذا الانحراف والتنازل عن الحقّ ، مادام في ذلك حفظ بيضة الإسلام ، وبقاء كلمة لا إله إلاّ الله على رؤوس الأشهاد ، ولمدى الأجيال.

والإمام عليعليه‌السلام هو ربيب البيت النبوي ، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ربيب ربّه ، إذ الله الذي قام بتربيته وتأديبه ، فعلي ينتهي أدبه وتعليمه إلى الله تعالى ، وحاشاه أن يجبن أو يضعف ، لكن الظروف حكمته ، والمجتمع المنحرف خان به ، فلذلك لم يكن له طريق غير الصبر ، كما أشار إليه في خطبته الشقشقية : «فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا »(١) .

فالمسألة تحتاج قبل الحكم عليها إلى تأمّل ودراسة ، ولا يكفي الجلوس خلف المنضدة وقراءة كتاب أو كرّاس ، ثمّ الحكم على وقائع تاريخية مرّ عليها أربعة عشر قرناً ، فإنّ العاقل الباحث لا يفعل ذلك ، بل التأمّل ودراسة الأحداث بموضوعية هو الحلّ الوحيد.

فهناك مجتمع فتي في أوّل نشأته وأوّل ظهوره بعد جاهلية عمياء طالت قروناً من الزمن ، وهذا المجتمع الناشئ فيه الكثير من المنافقين ، والذين في قلوبهم مرض ، ومن حوله من الأعداء الذين يتربّصون به السوء ، وعليعليه‌السلام لا ترتضيه قريش والقبائل الحليفة بها ، لأنّه ضرب خراطيمهم حتّى اسلموا ، وهو الذي أذلّهم بعد عزّتهم ، وهو الذي قتل فرسانهم ورجالاتهم ، ففي أنفسهم عليه الأحقاد ، كما أشار عمر بن الخطّاب إلى ذلك ، فعلى ذلك لا مفرّ من ركوب أمرين لا ثالث لهما.

إمّا أن يقاتلعليه‌السلام على حقّه الشرعي ، وفي ذلك تحطيم للمجتمع الذي جهد النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله لبنائه طيلة(١) ( ٢٣ ) سنة ، لأنّ المنافقين وممّن حول المدينة سيجدون في اضطراب أهل المدينة الفرصة لتحقيق أهدافهم ، التي يصبون إليها

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٥١.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٤٠١

منذ سنين ، وبالتالي سيؤدّي ذلك إلى ذهاب الإسلام ، وذهاب الحقّ الشرعي العلوي معه.

وإمّا أن يصبر على الظلم ، ويكون بذلك حقّق شيئاً وخسر شيئاً ، حقّق بقاء الإسلام ، وأغلق الباب أمام المنافقين للانقلاب على المجتمع الإسلامي ، وخسر خلافته ومنصبه الإلهي الذي كان به يحمل الناس على طاعة الله تعالى.

فالطريق الثاني ـ وهو الصبر ـ أولى ، لأنّ فيه بقاء الإسلام الذي نافح وكافح عليعليه‌السلام طيلة حياته في تشييد دعائمه وإقامة أركانه ، خلافاً للطريق الأوّل ـ وهو القيام والمطالبة بالحقّ ـ فإنّ في ذلك هدم الإسلام ، وفتح الباب للمنافقين وغيرهم لضرب المجتمع الإسلامي ، وهذا ما يكون فيه الوبال على الإسلام والمسلمين ، الذين منهم عليعليه‌السلام ، فلذلك قال : «فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى »(١) ، أي الصبر على غصب الخلافة ، وتحمّل الظلم أرجح عقلياً ، وأشدّ صواباً.

( سامي عبد الله ، اليمن ـ زيدي ـ ٢٠ سنة ـ طالب دراسات عليا )

بحديث صحيح السند :

س : إذا كان هناك نصّاً من النبيّ على الاثني عشر بأسمائهم فأعطونيه ، ولو من كتبكم ، ولو نصّاً واحداً ، بشرط أن يكون من الكتب والمصادر التي كتبت قبل عصر الغيبة ، وشكراً.

ج : قد صنّف غير واحد من أصحاب الأئمّةعليهم‌السلام كتاباً في الأئمّة ، وفي خصوص الثاني عشر المهدي وغيبته ـ على أساس الروايات والأخبار الواردة ـ وقد وصلنا بعض تلك الكتب ، ومنها كتاب الفضل بن شاذان النيسابوري من أصحاب الإمامين الرضا والجوادعليهما‌السلام ، واسمه كتاب الغيبة ، وإليك نصّ روايةٍ واحدةٍ من رواياته الصحيحة :

الفضل بن شاذان ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي.

__________________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٤٠٩.

٤٠٢

وعن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنّه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لما عرج بي إلى السماء بلغت سدرة المنتهى ناداني ربّي جلّ جلاله فقال : يا محمّد ، فقلت : لبيك لبيك يا ربّ.

قال : ما أرسلت رسولاً فانقضت أيّامه إلاّ أقام بالأمر بعده وصيّه ، فأنا جعلت علي بن أبي طالب خليفتك وإمام أُمّتك ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ علي بن الحسين ، ثمّ محمّد بن علي ، ثمّ جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ علي بن موسى الرضا ، ثمّ محمّد بن علي ، ثمّ علي بن محمّد ، ثمّ الحسن بن علي ، ثمّ الحجّة بن الحسن.

يا محمّد ، ارفع رأسك ، فرفعت رأسي ، فإذا بأنوار علي والحسن والحسين ، وتسعة أولاد الحسين ، والحجّة في وسطهم يتلألأ كأنّه كوكب درّي.

فقال الله تعالى : يا محمّد ، هؤلاء خلفائي وحججي في الأرض ، وخلفاؤك وأوصياؤك من بعدك ، فطوبى لمن أحبّهم ، والويل لمن أبغضهم ».

( عبد الله أحمد حمادي ـ اليمن ـ )

إشكالات حوله وردّها :

س : هناك بعض الإشكالات آملاً منكم الردّ عليها ، وهي كالتالي :

١ ـ مع وجود نصّ مشهور ينصّ على أسماء الأئمّة ، لماذا وكيف كان أصحاب الإمام من الخواص يسألونه من بعدك؟ فيجيبهم باسم الذي بعده؟

٢ ـ كيف جهلت الشيعة وأبو الأديان خادم الحسن العسكري ، والنفر الذين قدموا من قم ، أنّ جعفر ليس هو الإمام ، إذ أنّهم عزّوه وهنّأوه بالإمامة ، ثمّ عرفوا عدم استحقاقه فيها بعد ، مع وجود نصوص تنصّ على أسماء الأئمّة ، وعلى اسم الإمام الذي بعد الحسن العسكري؟

٣ ـ لماذا يدعو الإمام شهوداً ليعرفوا إلى من أوصى؟ مع وجود نصوص تنصّ على أسماء الأئمّة؟ ومع أنّ الإمام الذي بعده يستطيع أن يقيم معجزته أو يظهر علم الغيب ، إذا ما أحد أنكر إمامته ، أو يثبت له تواتر الحديث الذي ينصّ على أسماء الأئمّة؟

٤٠٣

ج : إنّ الأئمّةعليهم‌السلام لا يكتفون في الاستدلال على إمامتهم بطريق واحد ، بل يلجأون إلى كُلّ طريقة تنفع لإثبات حقّهم ، من اشهاد الشهود ، أو الاستدلال بالأحاديث التي وردت عن آبائهم المعصومين ، أو إظهار المعجزة إن اضطرّه الموقف لذلك ، وهذا يختلف باختلاف الناس ومراتبهم وعلمهم ، فهم يكلّمون الناس على قدر عقولهم.

أمّا النصوص الوارد بأسماء الأئمّة جميعاً ، فهي نصوص كانت تتداول عند مجموعة من الرواة ، ولا يخفى ما يتعرّض له الراوي عن الأئمّة من الخوف والمطاردة والمحاسبة من قبل حكّام تلك العصور ، وحتّى لو كان هؤلاء الرواة يسعون إلى نشرها ، فإنّها لا يمكن أن تصل إلى أكثر من مجموعة قليلة من الناس ، بحسب الظروف في ذلك الزمان ، وتبقى الفئة الكبيرة من الناس تطلب معرفة الإمام من الإمام الذي قبله.

كما إنّ كثيراً من رواة الحديث كانوا يعرضون ما عندهم من الروايات عن إمام سابق على الإمام اللاحق ، ويسألونه عن روايات هي موجودة عندهم ، وذلك ليتأكّدوا من صحّتها أو عدم حصول البداء فيها.

أمّا ما يتعلّق بالشهود ، فهو بالإضافة إلى ما ذكر من أنّه طريق لزيادة بصيرة ومعرفة الناس بالإمام ، هو لإتمام الحجّة على الناس ، لأنّ الإمام يعلم أنّ بعضهم سوف ينحرف عن الحقّ.

فقد روى الشيخ الصدوققدس‌سره بسنده عن الحسن بن عليعليهما‌السلام يقول : « كأنّي بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف منّي ، أما إنّ لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلاّ من عصمه الله عزّ وجلّ »(١) ، وليس هذا بالغريب ، فالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مع كثرة النصوص التي قالها في حقّ الإمام عليعليه‌السلام تراه يُشهد الأُمّة كاملة في يوم الغدير بالنصّ على ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام .

__________________

١ ـ ثواب الأعمال وعقابها : ٩٠.

٤٠٤

النصب والنواصب :

( ـ ـ )

معنى الناصبي :

س : من أنكر حقّ من حقوق أمير المؤمنين عليه‌السلام ، هل يعتبر ناصبياً؟ حتّى وإن لم يكن من المعلنين لعداوة أهل البيت عليهم‌السلام ؟

ج : إنّ الناصبي هو من ثبت عداؤه لأهل البيتعليهم‌السلام بالقول أو الفعل ، بشكل مباشر أو غير مباشر ، أمّا من ودّهم ولم يتّبع طريقتهم الفقهية والعقائدية ، ولكن لا يظهر لهم العداء ، لا يعتبر ناصبيّاً بالاصطلاح.

ولكن ربّ إنسان يدّعي المودّة لأهل البيتعليهم‌السلام ، ولكن يحارب منهجهم وطريقتهم وأتباعهم ، فهذا ناصبي وإن ادّعى المودّة لهم.

( محمّد علي الشحي ـ الإمارات ـ سنّي ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة )

معنى العامّة ومعنى النواصب :

س : هناك فئة من الناس تسمّونهم العامّة أو النواصب ، فمن هؤلاء؟

ج : إنّ العامّة الذين يطلق عليهم هذا المصطلح هم من يتعاملون مع الأُمور دون عمق ، وبشكل سطحي ساذج ، أي غير عميقين في تفكيرهم ، وغير دقيقين في معرفتهم للواقع ، ويتعاملون مع كثيرٍ من المعطيات بشكل بسيط غير واقعي ولا حصيف ، مع أنّ الواقع أمامهم غير خفي ، والشواهد كثيرة غير قليلة ، ومع

٤٠٥

ذلك فهم يتعاملون مع هذه الأُمور بشكل بسيط لا يوصلهم إلى حقائق الأُمور ووقائعها ، ويأخذون كُلّ ما قيل ويقال دون تحكّم العقل والبرهان.

أمّا النواصب : فهم الذين ينصبون العداء لآل محمّدعليهم‌السلام ، أي يبغضون علي ابن أبي طالب وأولاده ، ويحاولون أن يتربّصوا بهم وبشيعتهم كُلّ سوء ، وهذا لا ينطبق على مسلم يقرّ لله بالوحدانية وللنبي بالشهادة ، وهو مع ذلك يبغض آل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

أعاذنا الله وإيّاكم من هؤلاء الذين نصبوا العداء لله ولرسوله ، ولآل بيت النبيّ الأطهارعليهم‌السلام ، ووفّقنا وإيّاكم لحبّهم والالتزام بنهجهم.

( نجيب العجمي ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

النواصب كفّار وإن صلّوا وصاموا :

س : عندي استفسار عن مدى صحّة الروايات التالية :

١ ـ عن علي بن أسباط يرفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إنّ الله تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوّار قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام عشية عرفة » ، قال : قلت : قبل نظره إلى أهل الموقف؟ قال : « نعم » , قلت : وكيف ذاك؟ قال : « لأنّ في أُولئك أولاد زنى ، وليس في هؤلاء أولاد الزنا »(١) ، سبحان الله كُلّ الناس أولاد زنا؟

٢ ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قلت : إنّ بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم؟ فقال لي : « الكفّ عنهم أجمل » ، ثمّ قال : « والله يا أبا حمزة ، إنّ الناس كُلّهم أولاد بغايا ما خلا شعيتنا »(٢) .

٣ ـ جاء في الأنوار النعمانية : روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنّ علامة النواصب تقديم غير علي عليه » ويؤيّد هذا المعنى : أنّ الأئمّة عليهم‌السلام وخواصّهم أطلقوا لفظ

__________________

١ ـ الكافي ٨ / ٢٨٥.

٢ ـ الأنوار النعمانية ٢ / ٣٠٧.

٤٠٦

الناصبي على أبي حنيفة وأمثاله ، مع أنّ أبا حنيفة لم يكن ممّن نصب العدواة لأهل البيتعليهم‌السلام ، بل كان له انقطاع إليهم ، وكان يظهر لهم التودّد

الثاني : في جواز قتلهم واستباحة أموالهم ـ يعني بالنواصب أهل السنّة ـ(١) .

٤ ـ جاء في نور البراهين : وأمّا طوائف أهل الخلاف على هذه الفرقة الإمامية ، فالنصوص متضافرة في الدلالة على أنّهم مخلّدون في النار

وروى المحقّق الحلّي في آخر السرائر مسنداً إلى محمّد بن عيسى قال : « كتبت إليه أسأله عن الناصب ، هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت ، واعتقاد إمامتهما؟ ـ والمقصود بالجبت والطاغوت هما أبا بكر وعمر ـ فرجع ج : من كان على هذا فهو ناصب »(٢) .

الجواب : فقد ذكرت أربعة كتب رأيت فيها ما استفزّك حين أشكل عليك أمر ما رأيت ، ولعلّك ظننت أنّ كُلّ كتاب ما ضمّ بين دفتيه هو حقّ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وليس الأمر كذلك ، فكُلّ كتاب تراه لشيعي أو سنّي أو غيرهما ، يُؤخذ منه ويُقبل ما فيه إذا لم يعارض كتاب الله وسنّة نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولمّا كان كتاب الله تعالى ثابتاً بالتواتر عند جميع المسلمين ، فلسنا بحاجة إلى بحث ثبوته ، ولكن سنّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم ترد كذلك ، بل نقلت أحاديثها عن طريق الإسناد ، وفي رجاله ربما كان من لا تُقبل روايته ، لجهة من جهات الرفض المذكورة في كتب الدراية وغيرها ، لذلك يلزمنا النظر في رجال السند أوّلاً ، فإن سلّم نظرنا إلى المتن لئلا يكون معارضاً لما صحّ وثبت من كتاب الله تعالى ، أو لضروري من ضروريات العقيدة الإسلامية ، ممّا أجمع عليه المسلمون ، لأنّ الحديث النبوي الشريف تعرّض لدخيل فيه أباطيل ، وكذلك ما ورد عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

لذلك كان الشيعة أقوم قيلاً حين أخضعوا جميع الأحاديث والأخبار للنظر سنداً ومتناً ، بخلاف أهل السنّة الذين أطّروا بعض الكتب الحديثية ـ كصحيح

__________________

١ ـ نور البراهين ١ / ٥٧.

٢ ـ مقدّمة فتح الباري : ٩.

٤٠٧

البخاري ومسلم وغيرهما ـ بما جاوز الحدّ ، حتّى غلوا في صحيح البخاري ، فقالوا : أنّه أصحّ كتاب بعد كتاب الله ، وأنّ من روى عنه البخاري فقد جاز القنطرة ، ونحو ذلك في غيره من كتب الصحاح عندهم ، وهذا ما جعلهم في حيرة حين وجدوا في البخاري ومسلم ـ فضلاً عن غيرهما ـ رجالاً ليسوا بأهل للرواية عنهم.

وعليك أن تراجع مقدّمة فتح الباري لابن حجر لتجد أنّ المتكلّم فيه بالضعف من رجال البخاري ثمانون رجلاً ، والمتكلّم فيه بالضعف من رجال مسلم مئة وستّون رجلاً(١) .

أمّا الشيعة فقد قالوا : سائر الكتب ـ ما عدا القرآن الكريم ـ تخضع للفحص ، فما وافق كتاب الله تعالى فهو حقّ ، وما خالف فهو زخرف يضرب به عرض الجدار ، فإذا عرفت فلنذكر لك ما اشتبه عليك علمه ، وغلب عليك وهمه.

١ ـ ما ذكرته عن علي بن أسباط ، ففي سنده انقطاع ، وهو ما يسمّى بالمعضَل ، وجهالة الرواة فيما بين علي بن أسباط وبين أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وهذا كاف في ردّه وعدم حجّيته ، ومع الإغماض عمّا في سنده ، فالمراد أُولئك الذين لم يأتوا بواجبات الحجّ كاملاً ، لأنّ من واجباته طواف النساء ، ومن لم يأت به حرمت عليه النساء ، وبعض المذاهب لا يرون للحجّاج الإتيان به ، لذلك كانت مباشرتهم لنسائهم حرام ، ومن ولد من نكاح حرام فهو ولد زنا ، فهذا معنى قولهعليه‌السلام على تقدير صحّة الرواية سنداً.

وممّا ينبغي التنبيه عليه في المقام ، أنّ لعلي بن أسباط كتاب نوادر ، وكتبالنوادر أقلّ مرتبة في القبول من غيرها ، لأنّ ما يذكر في أبواب النوادر لا يعتمد عليه كما سيأتي مزيد بيان عن ذلك في آخر الأجوبة ، وأخيراً لاحظ كتاب الخلاف للطوسيقدس‌سره حول طواف النساء ووجوبه عندنا.

__________________

١ ـ مجمع الزوائد ٩ / ١٧٢.

٤٠٨

٢ ـ ما ذكرته عن أبي حمزة ففي سنده مجهولان ، وهما : علي بن العباس والحسن بن عبد الرحمن ، وهذا يكفي في سقوط الاستدلال بالخبر ، ولو أغمضنا عن ذلك ورجعنا إلى المتن لوجدنا بقية الخبر ولم تذكره ، فيه بيان وتفسير لما استنكرت ، والخبر بنصّه كما في المصدر.

عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قلت : إنّ بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم؟ فقال لي : « الكفّ عنهم أجمل » ، ثمّ قال : « والله يا أبا حمزة ، إنّ الناس كُلّهم أولاد بغايا ما خلا شعيتنا » ، قلت : كيف لي بالمخرج من هذا؟

فقال لي : « يا أبا حمزة كتاب الله المنزل يدلّ عليه ، أنّ الله تبارك وتعالى جعل لنا أهل البيت سهاماً ثلاثة في جميع الفيء ، ثمّ قال عزّ وجلّ :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) ، فنحن أصحاب الخمس والفيء ، وقد حرّمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا.

والله يا أبا حمزة ، ما من أرض تفتح ولا خمس يخمّس فيضرب على شيء منه إلاّ كان حراماً على من يصيبه فرجاً كان أو مالاً ، ولو قد ظهر الحقّ لقد بيع الرجل الكريمة عليه نفسه فيمن لا يزيد ، حتّى أنّ الرجل منهم ليفتدي بجميع ماله ويطلب النجاة لنفسه ، فلا يصل إلى شيء من ذلك ، وقد أخرجونا وشيعتنا من حقّنا ذلك بلا عذر ولا حقّ ولا حجّة ».

٣ ـ وما ذكرته عن الأنوار النعمانية ، فأوّل ما فيه أنّ النبوي المذكور مرسل ، فلا ندري من رواه ، وعمّن رواه ، لنعرف الحال في أُولئك الرجال ، والذي ذكره بعده فهو من اجتهاد المؤلّف ، فلا يعبّر إلاّ عن رأيه الشخصي ، ولا يلزمنا ذلك بشيء ، إذ لسنا مقلّدين له ، ورأيه كآراء غيره من الناس فمن ارتضاه قبله ، ومن لم يقبله رفضه.

٤ ـ وما ذكرته عن نور البراهين ، فإنّ مؤلّفه هو مؤلّف الأنوار النعمانية ، وللرجل اجتهادات شخصية لسنا ملزمين بها ، وما نقله عن المحقّق الحلّي في آخر

٤٠٩

السرائر ، فإنّ آخر السرائر هو باب النوادر ، ممّا استطرفه من كتب الآخرين ، فهو لا يعني التزامه بصحّة ما فيه كما صرّح بذلك في كتاب السرائر ، وإنّ ما يوجد في باب النوادر لا يعمل به.

هذا باختصار جواب ما ذكرته عن تلك الكتب ، والآن لزيادة الإيضاح والإفصاح كيلا تستوحش من وصف النواصب بالكفر ، أذكر لك جملة أحاديث نبوية مذكورة في مصادرها السنّية :

١ ـ أخرج الهيثمي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسمعته وهو يقول : «أيّها الناس من أبغضنا أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهودياً » ، فقلت : يا رسول الله وإن صام وصلّى؟

قال : «وإن صلّى وصام ، وزعم أنّه مسلم ، احتجر بذلك من سفك دمه ، وأن يؤدّي الجزية عن يد وهم صاغرون ، مثل لي أمّتي في الطين ، فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته » رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه : من لم أعرفهم(١) .

أقول : لماذا لم يذكرهم؟ لئلا يوجد من يعرفهم.

٢ ـ أخرج الحاكم بإسناده عن ابن عباس : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «يا بني عبد المطلب ، إنّي سألت الله لكم ثلاثاً ، أن يثبّت قائمكم ، وأن يهدي ضالّكم ، وأن يعلّم جاهلكم ، وسألت الله أن يجعلكم جوداء نجداء رحماء ، فلو أنّ رجلاً صفن بين الركن والمقام فصلّى وصام ، ثمّ لقى الله وهو مبغض لأهل بيت محمّد دخل النار » ، هذا حديث حسن صحيح على شرط مسلم(٢) .

ورواه الطبري في ذخائر العقبى ، وابن أبي عاصم في كتاب السنّة ، والطبراني في المعجم الكبير ، والمتّقي الهندي في كنز العمّال وغيرهم.

__________________

١ ـ المستدرك ٣ / ١٤٨.

٢ ـ الكشف والبيان ٨ / ٢١٤ ، الجامع لأحكام القرآن ١٦ / ٢٣ ، تفسير الثعالبي ٥ / ١٥٧ ، التفسير الكبير ٩ / ٥٩٥ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ / ٢١٩.

٤١٠

٣ ـ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات تائباً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الإيمان ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنّة ، ثمّ منكراً ونكيراً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد جعل الله زوّار قبره ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد فتح له في قبره بابان إلى الجنّة ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافراً ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشم رائحة الجنّة »(١) .

قال الفخر الرازي : « آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله هم الذين يؤول أمرهم إليه ، فكُلّ من كان أمرهم إليه أشدّ وأكمل كانوا هم الآل ، ولاشكّ أنّ فاطمة وعلياً والحسن والحسين كان التعلّق بينهم وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أشدّ التعلّقات ، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر ، فوجب أن يكونوا هم الآل »(٢) .

فبعد هذا عليك أن تميّز بين المحبّ لهم والمبغض لهم ، فالمحبّ مؤمن والمبغض كافر كما مرّ في الحديث ، فعلى هذا كان عدّ النواصب كفّاراً ، وإن صلّوا وصاموا كما مرّ في الحديث الأوّل ، ولو راجعت معاجم اللغة تجد تعريفهم بأنّهم قوم يبغضون الإمام عليعليه‌السلام .

قال الفيروز آبادي الشافعي : « والنواصب والناصبية وأهل النصب : المتدينون ببغضة علي ، لأنّهم نصبوا له ، أي عادوه ».

إذاً ، فالميزان هو بغض الإمام في علامة النصب ، فأينما مبغض فهو ناصبي ، وهو كافر بنصّ ما سبق في الحديث : «ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات

__________________

١ ـ التفسير الكبير ٩ / ٥٩٥.

٢ ـ القاموس المحيط ١ / ١٢٣.

٤١١

كافراً » ، مضافاً إلى ما ورد من أحاديث نبوية في علي خاصّة ، نحو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من أحبّ علياً فقد أحبّني ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني »(١) .

ونحو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يحبّ علياً إلاّ مؤمن ، ولا يبغضه إلاّ منافق »(٢) ، إلى غير ذلك ممّا يطول بيانه.

__________________

١ ـ ذخائر العقبى : ٦٥ ، المستدرك ٣ / ١٣٠ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٢ ، المعجم الكبير ٢٣ / ٣٨٠ ، الجامع الصغير ٢ / ٥٥٤ ، كنز العمّال ١١ / ٦٠١ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٧٠ ، الصواعق المحرقة ٢ / ٣٦٠ ، الجوهرة : ٦٦ ، الوافي بالوفيات ٢١ / ١٧٩ ، جواهر المطالب ١ / ٦٣ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٢٩٣.

٢ ـ المعجم الكبير ٢٣ / ٣٧٥ ، كنز العمّال ١١ / ٦٢٢ ، تهذيب الكمال ١٥ / ٢٣٣ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٢٩٥ ، ينابيع المودّة ٢ / ٨٥ و ٢٧٤.

٤١٢

النكاح :

( عقيل أحمد جاسم ـ البحرين ـ ٣٢ سنة ـ بكالوريوس )

جواز التمتّع بالزوجة الرضيعة :

س : أسألكم عن فتوى الإمام الخميني حول جواز التمتّع بالرضيعة؟

ج : لابأس أن نذكر بعض النقاط لها صلة بالجواب :

١ ـ لا مجال للعقل باستقلاله عن الشرع أن يكون ميزاناً لمعرفة الأحكام الشرعية ، فكم من حكم شرعي لا يتطابق ـ ظاهراً وفي بدو النظر ـ مع الحكم العقلي ، فهل ينتفي الحكم الشرعي بمجرّد هذا التباين الظاهري؟!

٢ ـ إنّ كلام القائل في المقام هو بصدد نفي المواقعة مع الزوجة الصغيرة ، ولو أنّه أجاز سائر الاستمتاعات ؛ وعليه فتنويع الاستمتاعات لا يدلّ على تجويزها في كافّة الموارد ، بل إنّ الأمر يدور مدار المورد ونوع الاستمتاع ، فمثلاً : اللّمس والضمّ قد يكون جائزاً بالنسبة حتّى للرضيعة ، وأمّا التفخيذ فيكون مثالاً للاستمتاع بالصغيرة التي تكون قريبة عن البلوغ ، وقابلةً لهذه الكيفية من الاستمتاع.

٣ ـ الأحكام الفرعية تكون دائماً قابلة للأخذ والردّ ولا حرج فيه ، وهذا لا يعني المساس بالعقيدة وأصل المذهب ـ إلاّ عند أهل العقد والأهواء ـ خصوصاً إذا كان حكماً يختصّ بشخصٍ دون آخر ، فهذا لا يعني إجماع الطائفة عليه حتّى يكون مورداً للإشكال والنقض كما هو الحال في المقام ، إذ أنّ للعلماء آراء أُخر تطلب من رسائلهم العملية.

٤١٣

٤ ـ لابأس في هذا المجال أن يراجع إلى فتاوى أهل السنّة ، فإنّ لبعضهم في هذه المسألة أحكاماً تفوق رأي ذلك القائل ؛ وفي سبيل المثال نذكر في هذه العجالة بعض ما ذكروه : فإن كانت صغيرة جاز للأب تزويجها بغير إذنها بغير خلاف(١) ، وذكر موضوع مسألة اعتداد الصغيرة(٢) ، فما سبب عدّة الصغيرة غير الدخول؟!

ويصرّح في مقام آخر بموضوع : وقت زفاف الصغيرة المزوّجة والدخول بها قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة : حدّ ذلك أن تطيق الجماع ، ويختلف ذلك باختلافهنّ ، ولا يضبط بسنّ ، وهذا هو الصحيح(٣) .

فنرى أنّ الشافعي ومالك وأبا حنيفة يعلّقون الاستمتاع في المسألة ـ وهو الجماع ـ على حالة طاقتها ، ثمّ ما المانع عقلاً من اطّراد هذه الكيفية من الاستدلال في سائر الاستمتاعات في مطلق الصغيرة حتّى الرضيعة؟!

( علي الهندي ـ ـ )

تعقيب على الجواب السابق :

مسألة جواز الزواج من الصغيرة من المسائل المتّفق عليها بين الشيعة والسنّة ، إلاّ بعض السنّة وهم : ابن شبرمة وأبو بكر الأصم ، وعثمان البتّي ، وهذا ما نبيّنه لك ضمن نقطتين هما :

الأُولى : في تعريف الزواج شرعاً : هو عقد يتضمّن إباحة الاستمتاع بالمرأة بالوطء والمباشرة والتقبيل والضمّ وغير ذلك ، إذا كانت المرأة غير محرم بنسب أو رضاع أو صهر.

ملاحظة : لم يؤخذ في التعريف قيد البلوغ.

__________________

١ ـ المجموع شرح المهذّب ١٦ / ١٦٨.

٢ ـ المصدر السابق ١٩ / ٣٣٠.

٣ ـ شرح مسلم ٩ / ٢٠٦.

٤١٤

أو هو عقد وضعه الشارع ليفيد ملك استمتاع الرجل بالمرأة ، وحلّ استمتاع المرأة بالرجل.

وعرّفه الحنفية بقولهم : عقد يفيد ملك المتعة قصداً ، أي حلّ استمتاع الرجل من امرأة لم يمنع في نكاحها مانع شرعي بالقصد المباشر ، فخرج بكلمة المرأة الذكر والخنثى المشكل لجواز ذكوريته ، وخرج بقوله : لم يمنع من نكاحها مانع شرعي ، المرأة الوثنية والمحارم والجنّية وإنسان الماء لاختلاف الجنس.

ملاحظة : هنا أيضاً لم يلاحظ من المستثنيات الصغيرة.

قال الدكتور وهبة الزحيلي : « والنكاح عند الفقهاء ومنهم مشايخ المذاهب الأربعة : حقيقة في العقد مجاز في الوطء ، لأنّه المشهور في القرآن والأخبار ، وقد قال الزمخشري ـ وهو من علماء الحنفية ـ : ليس في الكتاب لفظ النكاح بمعنى الوطء إلاّ قوله تعالى :( حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) (١) لخبر الصحيحين حتّى تذوقي عسيلته ، فالمراد به العقد ، والوطء مستفاد من هذا الخبر »(٢) .

من هذه المقدّمة نفهم : أنّ العقد يبيح للرجل جميع الاستمتاعات خرج منها : الدخول بالمرأة لدليل خاصّ به ، فتبقى جميع الاستمتاعات تحت عموم جواز الاستمتاع ، وهذا الأمر لا يختلف فيه الفقهاء من الشيعة والسنّة كما قلت.

يبقى السؤال التالي : هل يجوز زواج الصغيرة؟ أو العقد على غير البالغة؟ هذا ما نبحثه في النقطة الثانية.

لقد عقد الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه « الفقه الإسلامي » تحت عنوان : الأهلية والولاية والوكالة في الزواج ، وفيه مباحث ثلاثة :

المبحث الأوّل : أهلية الزوجين : يرى ابن شبرمة وأبو بكر وعثمان البتّي أنّه لا يزوّج الصغير والصغيرة حتّى يبلغا لقوله تعالى :( حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ ) (٣) ،فلو جاز التزويج قبل البلوغ لم يكن لهذا فائدة ، ولأنّه لا حاجة بهما إلى

__________________

١ ـ البقرة : ٢٣٠.

٢ ـ أُنظر : الفقه الإسلامي وأدلّته ٧ / ٣٠.

٣ ـ النساء : ٦.

٤١٥

النكاح ، ورأى ابن حزم أنّه يجوز تزويج الصغيرة عملاً بالآثار المروية في ذلك (١) .

ولم يشترط جمهور الفقهاء لانعقاد الزواج : البلوغ والعقل ، وقالوا بصحّة الزواج الصغير والمجنون.

الصغر : أمّا الصغر ، فقال الجمهور ـ منهم أئمّة المذاهب الأربعة ـ : بل ادعى ابن المنذر الإجماع على جواز تزويج الصغيرة من كفء ، واستدلّوا عليه بما يأتي(٢) :

١ ـ بيان عدّة الصغيرة : وهي ثلاثة أشهر في قوله تعالى :( وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ ) (٣) ، فإنّه تعالى حدّد عدّة الصغيرة التي لم تحض بثلاثة أشهر كاليائسة ، ولا تكون العدّة إلاّ بعد زواج وفراق ، فدلّ النصّ على أنّها تزوّج وتطلّق ولا إذن لها.

٢ ـ الأمر بنكاح الإناث في قوله تعالى :( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ ) (٥) ، والأيم : الأنثى التي لا زوج لها ، صغيرة كانت أو كبيرة.

٣ ـ زواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعائشة وهي صغيرة ، فإنّها قالت : تزوّجني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا ابنة ست ودخل بي وأنا ابنة تسع (٦) ، وفي رواية : تزوّجها وهي بنت سبع سنين ، وزفّت إليه وهي بنت تسع سنين (٧) .

٤ ـ آثار عن الصحابة : فقد زوّج علي ابنته أُمّ كلثوم وهي صغيرة من عروق بن الزبير ، وزوّج عروة بن الزبير بنت أخيه من ابن أخيه وهما صغيران ، ووهب رجل ابنته الصغيرة لعبد الله بن الحسن بن علي ، فأجاز ذلك علي ، وزوّجت امرأة ابن

__________________

١ ـ المحلّى ٩ / ٤٥٨.

٢ ـ أُنظر : المبسوط للسرخسي ٤ / ٢١٢ ، بدائع الصنائع ٢ / ٢٤٠ ، مغني المحتاج ٣ / ١٦٨.

٣ ـ الطلاق : ٤.

٤ ـ النور : ٣٢.

٥ ـ صحيح البخاري ٦ / ١٣٩ ، مسند أحمد ٦ / ١١٨. السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ١٤٨.

٦ ـ أُنظر : مسند أحمد ٦ / ٢٨٠ ، سنن أبي داود ١ / ٤٧١ و ٢ / ٤٦٣ ، مسند أبي يعلى ٨ / ٧٤ ، المعجم الكبير ٢٣ / ٢١.

٤١٦

مسعود بنتاً لها صغيرة لابن المسيّب بن نخبة ، فأجاز ذلك زوّجها عبد الله بن مسعود.

٥ ـ قد تكون هناك مصلحة بتزويج الصغار ، ويجد الأب الكف‏ء فلا يفوت إلى وقت البلوغ.

من الذي يزوّج الصغار؟ وأُختلف الجمهور القائلون بجواز تزويج الصغار فيمن يزوّجهم؟

فقال المالكية والحنابلة(١) : ليس لغير الأب أو وصيّه أو الحاكم تزويج الصغار ، لتوافر شفقة الأب وصدق رغبته في تحقيق مصلحة ولده ، والحاكم ووصي الأب كالأب ، لأنّه لا نظر لغير هؤلاء في مال الصغار ومصالحهم المتعلّقة بهم ، ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « تستأمر اليتيمة في نفسها ، وإن سكتت فهو إذنها ، وإن أبت فلا جواز عليها »(٢) .

وروي عن ابن عمر أن قدامة بن مظعون زوّج ابن عمر ابنة أخيه عثمان ، فرفع ذلك إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « هي يتيمة ولا تنكح إلاّ بإذنها » (٣) .

واليتيمة : هي الصغيرة التي مات أبوها لحديث : « لا يتم بعد احتلام »(٤) ، فدلّ الحديث على أنّ الأب وحده هو الذي يملك تزويج الصغار.

وقالت الحنفية(٥) : يجوز للأب والجدّ ولغيرهما من العصبات تزويج الصغير والصغيرة لقوله تعالى :( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى ) (٦) أي في نكاح اليتامى ، أي إذا كان خوف من ظلم اليتامى ، فالآية تأمر الأولياء بتزويج اليتامى.

وأجاز أبو حنيفة في رواية عنه خلافاً للصاحبين لغير العصبات من قرابة الرحم كالأُم والأُخت والخالة تزويج الصغار أن لم يكن ثمّة عصبة ، ودليله عموم

__________________

١ ـ أُنظر : المغني لابن قدامة ٧ / ٣٨٢.

٢ ـ مسند أحمد ٢ / ٢٥٩ و ٤٧٥ ، سنن أبي داود ١ / ٤٦٥ ، الجامع الكبير ٢ / ٢٨٨.

٣ ـ أُنظر : السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ١١٣ ، مجمع الزوائد ٤ / ٢٨٠.

٤ ـ سنن أبي داود ١ / ٦٥٧ ، السنن الكبرى للبيهقي ٦ / ٥٧.

٥ ـ المغني لابن قدامة ٧ / ٣٨٢ ، سبل السلام ٣ / ١٢٠.

٦ ـ النساء : ٣.

٤١٧

قوله تعالى : ( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ ) من غير تفرقة بين العصبات وغيرهم.

وقالت الشافعية(١) : ليس لغير الأب والجدّ تزويج الصغير والصغيرة في حقّ الأب للآثار المروية فيه ، فبقي ما سواه على أصل القياس ، والحنابلة رأوا أنّ الأحاديث مقصورة على الأب ، والشافعية استدلوا بالأحاديث ، لكنّهم قاسوا الجدّ على الأب ، والحنفية أخذوا بعموم الآيات القرآنية التي تأمر الأولياء بتزويج اليتامى ، أو بتزويجهن من غيرهم.

وقد أشترط أبو يوسف ومحمّد في تزويج الصغار الكفاءة ومهر المثل ، لأنّ الولاية للمصلحة ، ولا مصلحة في التزويج من غير كف‏ء ولا مهر مثل ، وكذلك اشترط الشافعية في تزويج الأب الصغيرة أو الكبيرة بغير إذنها شروطاً سبعة ، وهي :

الأوّل : ألا يكون بينه وبينها عداوة ظاهرة.

الثاني : أن يزوّجها من كف‏ء.

الثالث : أن يزوّجها بمهر مثلها.

الرابع : أن يكون من نقد البلد.

الخامس : ألا يكون الزوج معسراً بالمهر.

السادس : ألا يزوّجها بمن تتضرّر بمعاشرته كأعمى وشيخ هرم.

السابع : ألا يكون قد وجب عليها الحجّ ، فإنّ الزوج قد يمنعها لكون الحجّ على التراخي ، ولها عوض في تعجيل براءتها ، ويجوز أن يزوّج الصغير أكثر من واحدة.

وأجاز المالكية للأب تزويج البكر الصغيرة ، ولو بدون صداق المثل ، ولو لأقلّ حال منها ، أو لقبيح منظر ، وتزوّج البالغ بإذنها ، إلاّ اليتيمة الصغيرة التي بلغت عشر سنين ، فتزوّج بعد استشارة القاضي على أن يكون الزواج بكف‏ء وبمهر المثل.

__________________

١ ـ مغني المحتاج ٣ / ١٤٩.

٤١٨

ورأى الحنابلة : أن يزوّج الأب ابنه الصغير أو المجنون بمهر المثل وغيره ولو كرهاً ، لأنّ للأب تزويج ابنته البكر بدون صداق مثلها ، وهذا مثله ، فإنّه قد يرى المصلحة في تزويجه ، فجاز له بذل المال فيه كمداواته فهذا أولى ، وإذا زوّج الأب ابنه الصغير ، فيزوجه بامرأة واحدة لحصول الغرض بها ، وله تزويجه بأكثر من واحدة إن رأى فيه مصلحة.

وضعّف بعض الحنابلة هذا ، إذ ليس فيه مصلحة بل مفسدة ، وصوّب أنّه لا يزوّجه أكثر من واحدة ، أمّا الوصي لا يزوّجه أكثر بلا خلاف لأنّه تزويج لحاجة ، والكفاية تحصل به ، إلاّ أن تكون غائبة أو صغيرة أو طفلة وبه حاجة ، فيجوز أن يزوّجه ثانية.

وهذه بعض المستندات الروائية وغيرها عندنا نحن الإمامية : ففي الحديث قال عبد الله بن الصلت : سألت أبا الحسن عن الجارية الصغيرة يزوّجها أبوها ألها أمر إذا بلغت؟ قال : « لا ليس لها من أبيها أمر »(١) .

وسأل محمّد بن إسماعيل بن بزيع الرضاعليه‌السلام عن الصبية يزوّجها أبوها ثمّ يموت وهي صغيرة ، ثمّ تكبر قبل أن يدخل بها زوجها ، أيجوز عليها التزويج أو الأمر إليها؟ قال : « يجوز عليها تزويج أبيها »(٢) .

وجواز النكاح مشروطاً بإذن أبيها متّفق بين الفقهاء ، إلاّ أنّهم اختلفوا في جوازه بإذن الجدّ للأب ، وفي جواز ردّها وفسخها بعد البلوغ ، فيقول الشيخ الطوسيقدس‌سره : « يجوز للرجل أن يعقد على بنته إذا كانت صغيرة لم تبلغ مبلغ النساء من غير استيذان لها ، ومتى عقد عليها لم يكن لها خيار وإن بلغت »(٣) .

ويقول ابن زهرةقدس‌سره : « والولاية التي يجوز معها تزويج غير البالغ ـ سواء كانت بكراً أو قد ذهبت بكارتها بزوج أو غيره ـ مختصة بأبيها وجدّها له في حياته » (٤) .

__________________

١ ـ الكافي ٥ / ٣٩٤.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه ٣ / ٣٩٥.

٣ ـ النهاية للشيخ الطوسي : ٤٦٤.

٤ ـ غنية النزوع : ٣٤٢.

٤١٩

وقال ابن حمزةقدس‌سره : « الذي بيده عقدة النكاح أربعة : والأب والجدّ مع وجود الأب إذا كانت طفلة ، أو بالغة غير رشيدة ومن يعقد عليها : حرّة وأمة ، والحرّة بالغة ، وطفل ، والبالغة رشيدة »(١) .

وقال المحقّق الحلّيقدس‌سره : « وتثبت ولاية الأب والجدّ للأب على الصغيرة ، وإن ذهبت بكارتها بوطء أو غيره »(٢) .

فهل بعد هذا البيان يبقى مجال للاستغراب والتساؤل عن مسألة الزواج من الصغيرة؟!

وفي الختام نقول : على فرض أنّ أهل السنّة لم يقولوا بجواز ذلك ، فهذا لا يعني أنّنا أيضاً نمنع ذلك ، وذلك لأنّنا نتّبع الدليل ، فإذا ثبت عندنا الدليل الشرعي على جواز الزواج من الصغيرة نأخذ به ، حتّى لو خالفنا جميع الناس ، لأنّ الحقّ أحقّ أن يتّبع.

( غانم النصّار ـ الكويت ـ )

كيفية الاستمتاع بالزوجة الرضيعة :

السؤال : لقد قرأت فتوى للسيّد الخمينيقدس‌سره أنّه يجيز التمتّع بالرضيعة ، أو بمعنى أصح التفخيذ ، فما هو المقصود من هذا الكلام؟ هل هو ما نحن نفهمه أن يتمتّع الرجل البالغ برضيعة ويفخذها؟ أم أنّ القصد شيء آخر؟ إفيدونا جزاكم الله خيراً.

ج : نشير إلى رؤوس مواضيع تفيدكم في إجابتها :

١ ـ إنّ الأحكام الشرعية والفقهية لها موازينها في الإثبات ؛ فالعقل بالاستقلال لا دخل له في إثبات أو نفي الحكم الشرعي ، إلاّ إذا عيّنه الشرع في إطار محدّدٍ.

٢ ـ إنّ هذا الكلام المنقول هو بصدد نفي المواقعة مع الزوجة الصغيرة ـ أي قبل إكمال تسع سنين ـ(٣) .

__________________

١ ـ الوسيلة : ٢٩٩.

٢ ـ شرائع الإسلام ٢ / ٥٠٢.

٣ ـ تحرير الوسيلة ٢ / ٢٤١.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

لَهُ(١) : آخُذُ مِنْكَ(٢) ، وَأَكْتُبُ لَكَ(٣) بَيْنَ يَدَيْهِ(٤) .

قَالَ(٥) : فَقَالَ : « لَا بَأْسَ ».

قَالَ : وَسَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مَمْلُوكاً ، فَقَالَ الْمَمْلُوكُ : أَرْضِ مَوْلَايَ بِمَا شِئْتَ وَلِي(٦) عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً ، فَهَلْ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ؟ وَهَلْ يَحِلُّ(٧) لِلْمَمْلُوكِ؟

قَالَ : « لَا يَلْزَمُ(٨) الْمُسْتَأْجِرَ ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُلُوكِ(٩) ».(١٠)

١٤٦ - بَابُ كَرَاهَةِ(١١) اسْتِعْمَالِ الْأَجِيرِ قَبْلَ مُقَاطَعَتِهِ عَلى أُجْرَتِهِ

وَتَأْخِيرِ إِعْطَائِهِ بَعْدَ الْعَمَلِ‌

٩٣٠٣/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِيِّ ، قَالَ :

كُنْتُ مَعَ الرِّضَاعليه‌السلام فِي بَعْضِ الْحَاجَةِ ، فَأَرَدْتُ(١٢) أَنْ أَنْصَرِفَ إِلى مَنْزِلِي ، فَقَالَ لِي : « انْصَرِفْ(١٣) مَعِي ، فَبِتْ عِنْدِيَ اللَّيْلَةَ » فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ ، فَدَخَلَ إِلى دَارِهِ مَعَ‌

____________________

(١). في « ط » : - « له ».

(٢). فيالمرآة : « قوله : آخذ منك ، هذا إذا كان قبل العقد فظاهر ، ولو كان بعده فيمكن أن يكون المراد نفقة كلّ ما يكتبه ، أو على التبرّع بالالتماس. والمشهور بين الأصحاب أنّ الموجر يملك الاجرة بنفس العقد ، لكن لا يجب تسليمها إلّابتسليم العين الموجرة ، أو بالعمل إن كانت الإجارة على عمل ».

(٣). في « ط » : « أكتبك ». وفي الوافي : - « لك ».

(٤). في « ى ، بخ » : - « بين يديه ». وفي « بح ، جت » والوافي والوسائلوالتهذيب : « بين يديك ».

(٥). في « بخ ، بف » والوافي : - « قال ».

(٦). في « بف » : « لي » بدون الواو.

(٧). في « ط ، بس » : « تحلّ ».

(٨). في « بس » : « لا تلزم ».

(٩). في « ط ، بس » : « ولا تحلّ للمملوك ».

(١٠).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١٣ ، ح ٩٣٤ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٤٢ ، ح ١٨٦٣١ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ١١٣ ، ح ٢٤٢٦٣. (١١). في « جن » وحاشية « جت » : « كراهية ».

(١٢). في « بخ » : « وأردت ».

(١٣). في« بخ ، بف » والوافيوالتهذيب : « انطلق ».

٤٦١

الْمَغِيبِ(١) ، فَنَظَرَ إِلى غِلْمَانِهِ يَعْمَلُونَ بِالطِّينِ(٢) أَوَارِيَ(٣) الدَّوَابِّ وَغَيْرَ(٤) ذلِكَ ، وَإِذا مَعَهُمْ(٥) أَسْوَدُ لَيْسَ(٦) مِنْهُمْ ، فَقَالَ : « مَا هذَا الرَّجُلُ مَعَكُمْ؟ » قَالُوا(٧) : يُعَاوِنُنَا وَنُعْطِيهِ شَيْئاً ، قَالَ : « قَاطَعْتُمُوهُ عَلى أُجْرَتِهِ؟ » فَقَالُوا : لَا ، هُوَ يَرْضى مِنَّا(٨) بِمَا نُعْطِيهِ ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ يَضْرِبُهُمْ(٩) بِالسَّوْطِ(١٠) ، وَغَضِبَ لِذلِكَ(١١) غَضَباً شَدِيداً ، فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، لِمَ تُدْخِلُ عَلى نَفْسِكَ(١٢) ؟

فَقَالَ : « إِنِّي قَدْ نَهَيْتُهُمْ عَنْ مِثْلِ هذَا غَيْرَ مَرَّةٍ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُمْ أَحَدٌ(١٣) حَتّى يُقَاطِعُوهُ(١٤) أُجْرَتَهُ ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَا مِنْ أَحَدٍ يَعْمَلُ لَكَ شَيْئاً بِغَيْرِ(١٥) مُقَاطَعَةٍ ، ثُمَّ زِدْتَهُ لِذلِكَ(١٦) الشَّيْ‌ءِ ثَلَاثَةَ أَضْعَافٍ(١٧) عَلى أُجْرَتِهِ إِلَّا ظَنَّ أَنَّكَ قَدْ نَقَصْتَهُ أُجْرَتَهُ ، وَإِذَا(١٨)

____________________

(١). هكذا في « ط ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جن » والوافي والوسائل والبحاروالتهذيب . وفي سائر النسخ‌والمطبوع : « مع المعتَّب ». و « مع المغيب » أي عند غيبوبة الشمس.

(٢). في « بخ ، بف » والوسائل : « في الطين ».

(٣). فيالوافي : « أواري : جمع أريّ مشدّداً ومخفّفاً ، وهو الآخيّة ». وفيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٣٨٧ : « قوله : أواري الدوابّ ، قال الجوهري : ممّا يضعه الناس في غير موضعه قولهم للمعلف : آريّ ، وإنّما الآريّ محبس الدابّة. والجمع : أواريّ ، يخفّف ويشدّد ، وهو في التقدير : فاعول ». وأضاف أيضاً : « وقد تسمّى الآخيّة أيضاً آريّاً ، وهو حبل تشدّ به الدابّة في محبسها ». وراجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٦٧ ؛لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٢٩ ( أري).

(٤). في « ط ، ى ، بح ، بس ، جت ، جن » والوافي والبحار : « أو غير ».

(٥). في « جن » : « منهم ».

(٦). في « بح » : « وليس ».

(٧). هكذا في « ط ، ى ، بح ، جت ، جد ، جن » والوافي والوسائل والبحاروالتهذيب . وفي « بخ » : « فقال ». وفي سائر النسخ والمطبوع : « فقالوا ». (٨). في « بف » : - « منّا ».

(٩). في « بخ » : « فضربهم ». وفي الوافي : « بضربهم ».

(١٠). في « جن » : - « قال : قاطعتموه - إلى - يضربهم بالسوط ».

(١١). في « ى » : « بذلك ».

(١٢). فيالمرآة : « قوله : لم تدخل على نفسك؟ أي الضرر ، أو الهمّ ، أو الغضب ».

(١٣). في « ط »والتهذيب : « أجير ».

(١٤). في « ط » : « حتّى تقاطعوه ». وفي « بخ ، بف » والوافي والوسائل : + « على ».

(١٥). في « بخ ، بف » والوافي : « من غير ».

(١٦). في البحار : « لذا ».

(١٧). في « بخ ، بف »والتهذيب : « أضعافه ».

(١٨). في « بخ ، بف » والوافيوالتهذيب : « فإذا ».

٤٦٢

قَاطَعْتَهُ ، ثُمَّ أَعْطَيْتَهُ أُجْرَتَهُ ، حَمِدَكَ عَلَى الْوَفَاءِ ، فَإِنْ زِدْتَهُ حَبَّةً عَرَفَ ذلِكَ لَكَ ، وَرَأى أَنَّكَ قَدْ زِدْتَهُ ».(١)

٩٣٠٤/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي الْحَمَّالِ(٢) وَالْأَجِيرِ ، قَالَ : « لَا يَجِفُّ عَرَقُهُ حَتّى تُعْطِيَهُ أُجْرَتَهُ(٣) ».(٤)

٩٣٠٥/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ حَنَانٍ ، عَنْ شُعَيْبٍ ، قَالَ :

تَكَارَيْنَا لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام قَوْماً يَعْمَلُونَ فِي بُسْتَانٍ لَهُ ، وَكَانَ أَجَلُهُمْ إِلَى الْعَصْرِ ، فَلَمَّا فَرَغُوا ، قَالَ لِمُعَتِّبٍ(٥) : « أَعْطِهِمْ أُجُورَهُمْ(٦) قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُمْ ».(٧)

٩٣٠٦/ ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ(٨) ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ :

____________________

(١).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١٢ ، ح ٩٣٢ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٤٥ ، ح ١٨٦٣٤ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ١٠٤ ، ح ٢٤٢٤٧ ؛البحار ، ج ٤٩ ، ص ١٠٦ ، ح ٣٤.

(٢). في الوسائل : « الجمّال ».

(٣). فيالمرآة : « قال الوالد العلّامةرحمه‌الله : يدلّ على أنّ استحقاق الاُجرة بعد الفراغ من العمل ، وإن اُعطي اُجرته بعد العقد فهو إحسان ، والظاهر من الاُصول أنّ الاُجرة تتعلّق بذمّة الأجير ، ولا يستحقّ أخذها إلّابعد العمل ، وجفاف العرق إمّا على الحقيقة ، أو هو كناية عن السرعة ».

(٤).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١١ ، ح ٩٢٩ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيمالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٤٦ ، ح ١٨٦٣٥ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ١٠٦ ، ح ٢٤٢٥٠.

(٥). في « بخ ، بف » والوافي : « يا معتّب ». وفي « ط ، جن » : « معتّب ».

(٦). في « بخ ، بف » والوافي : « أجرهم ».

(٧).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١١ ، ح ٩٣٠ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٤٦ ، ح ١٨٦٣٦ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ١٠٦ ، ح ٢٤٢٥١ ؛البحار ، ج ٤٧ ، ص ٥٧ ، ح ١٠٥.

(٨). هكذا في « ط ، بس ». وفي « ى ، بح ، بخ ، بف ، جت ، جد ، جن » والمطبوع والوافي والوسائل : + « عن أبيه ».

والصواب ما أثبتناه ، كما تقدّم فيالكافي ، ذيل ح ١٦٦ ، فلاحظ.

٤٦٣

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ(١) : « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، فَلَا يَسْتَعْمِلَنَّ(٢) أَجِيراً حَتّى يُعْلِمَهُ(٣) مَا أَجْرُهُ(٤) ، وَمَنِ اسْتَأْجَرَ(٥) أَجِيراً ، ثُمَّ حَبَسَهُ عَنِ الْجُمُعَةِ ، تَبَوَّأَ(٦) بِإِثْمِهِ ، وَإِنْ(٧) هُوَ لَمْ يَحْبِسْهُ ، اشْتَرَكَا فِي الْأَجْرِ ».(٨)

١٤٧ - بَابُ الرَّجُلِ يَكْتَرِي الدَّابَّةَ فَيُجَاوِزُ بِهَا الْحَدَّ

أَوْ يَرُدُّهَا قَبْلَ الِانْتِهَاءِ إِلَى الْحَدِّ‌

٩٣٠٧/ ١. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ(٩) بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنِ الْحَسَنِ الصَّيْقَلِ ، قَالَ :

____________________

(١). في « ط ، بخ ، بف »والتهذيب : + « قال ».

(٢). في « بف » : « فلا يستعمل ». وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : فلا يستعملنّ ، يحتمل كون الكلام نهياً أو نفياً ، وعلى التقديرين ظاهره الحرمة وإن على الثاني أظهر ، وحمله الأصحاب على الكراهة. ويمكن أن يقال : إنّ الإيمان الكامل ينتفي بارتكاب المكروهات أيضاً ».

(٣). في الوسائل : « يعلم ».

(٤). في « بخ ، بف » والوافي : « اُجرته ».

(٥). في « ط » : « استعمل ».

(٦). في « بس ، جد » وحاشية « جت » : « يبوء ». وقرأه العلّامة المجلسي : « تبوء » مخفّفاً ، حيث قال فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : تبوء بإثمه ، يدلّ على وجوب صلاة الجمعة. وقال الفيروزآبادي : باء بذنبه بوءً : احتمله ». وراجع :القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٩٧ ( بوأ ). (٧). في « بخ » والوافي : « فإن ».

(٨).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١١ ، ح ٩٣١ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيم.الجعفريّات ، ص ٣٥ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من قوله : « ومن استأجر أجيراً » مع اختلاف يسير. وفيالفقيه ، ج ٤ ، ص ٨ ، ضمن الحديث الطويل ٤٩٦٨ ؛والأمالي للصدوق ، ص ٤٢٦ ، المجلس ٦٦ ، ضمن الحديث الطويل ١ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، وتمام الرواية هكذا : « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يستعمل أجير حتّى يعلم ما اُجرته »الوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٤٦ ، ح ١٨٦٣٧ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ١٠٥ ، ح ٢٤٢٤٨.

(٩). في التهذيب ، ح ٩٣٧ : « الحسين » ، وهو سهو واضح. والمراد من الحسن بن عليّ هذا ، هو الحسن بن عليّ‌الوشّاء المتوسّط في كثيرٍ من الأسناد بين معلّى [ بن محمّد ] وبين أبان [ بن عثمان ]. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ٥ ، ص ٢٨٣ - ٢٨٤ ، ص ٣٢٦ - ٣٢٧.

٤٦٤

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ اكْتَرى دَابَّةً إِلى مَكَانٍ مَعْلُومٍ ، فَجَاوَزَهُ؟

قَالَ : « يُحْسَبُ(١) لَهُ(٢) الْأَجْرُ بِقَدْرِ مَا جَاوَزَ(٣) ، وَإِنْ عَطِبَ(٤) الْحِمَارُ فَهُوَ ضَامِنٌ ».(٥)

٩٣٠٨/ ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ(٦) يَكْتَرِي الدَّابَّةَ(٧) ، فَيَقُولُ(٨) : اكْتَرَيْتُهَا مِنْكَ إِلى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا ، فَإِنْ(٩) جَاوَزْتُهُ فَلَكَ كَذَا وَكَذَا(١٠) زِيَادَةً(١١) ، وَيُسَمِّي ذلِكَ؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ كُلِّهِ ».(١٢)

٩٣٠٩/ ٣. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(١٣) ، عَنْ رَجُلٍ(١٤) ، عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ ، قَالَ :

____________________

(١). في « بخ » وحاشية « جن »والتهذيب ، ح ٩٣٧ : « يحتسب ».

(٢). في « بف » والوافي : + « من ».

(٣). في « بخ ، بف » والوافي : « ما تجاوز ». وفي الوسائلوالتهذيب ، ح ٩٣٧ : « ما جاوزه ».

(٤). « عطب » ، عَطَباً ، من باب تعب ، أي هلك.المصباح المنير ، ص ٤١٦ ( عطب ).

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١٣ ، ح ٩٣٧ ، معلّقاً عن الكليني.وفيه ، ص ٢٢٣ ، ح ٩٧٨ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ١٣٣ ، ح ٤٨٢ ، بسندهما عن أبان ، عن الحسن بن زياد الصيقل ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٢٩ ، ح ١٨٦٠٩ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ١٢١ ، ح ٢٤٢٧٣.

(٦). في « بخ ، بف » : « رجل ».

(٧). في « بح » وحاشية « جت » : « دابّة ».

(٨). في « جن » : « فتقول ».

(٩). في « جن » : « وإن ».

(١٠). في التهذيب : - « فلك كذا وكذا ».

(١١). في « بح » : - « زيادة ».

(١٢).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١٤ ، ح ٩٣٨ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٢٩ ، ح ١٨٦١٠ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ١١١ ، ح ٢٤٢٦٠.

(١٣). السند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد بن محمّد ، عدّة من أصحابنا.

(١٤). في « ط ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » والمطبوع نقلاً من بعض النسخ والوسائل : - « عن رجل ». وأبو المغراء هو حميد بن المثنّى ، وليس من مشايخ أحمد بن محمّد المشترك بين أحمد بن محمّد بن عيسى وأحمد بن محمّد بن خالد ، بل رواة حميد بن المثنّى متقدّمون على أحمد بن محمّد بطبقة وطبقتين. راجع :رجال النجاشي ، ص ١٣٣ ، الرقم ٣٤٠ ؛الفهرست للطوسي ، ص ١٥٤ ، الرقم ٢٣٦ ؛معجم رجال الحديث ، ج ٦ ، ص ٢٩٥ - ٢٩٦ ، ج ٤٢ ، ص ٢١٥ - ٢٢١.

٤٦٥

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنِ الرَّجُلِ(١) تَكَارى(٢) دَابَّةً إِلى مَكَانٍ مَعْلُومٍ ، فَنَفَقَتِ(٣) الدَّابَّةُ؟

قَالَ(٤) : « إِنْ كَانَ جَازَ الشَّرْطَ فَهُوَ ضَامِنٌ ، وَإِنْ(٥) دَخَلَ وَادِياً لَمْ يُوثِقْهَا(٦) فَهُوَ ضَامِنٌ ، وَإِنْ سَقَطَتْ(٧) فِي بِئْرٍ فَهُوَ ضَامِنٌ(٨) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْثِقْ مِنْهَا ».(٩)

٩٣١٠/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمَدِينَةِ ، فَأَتَاهُ رَجُلَانِ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : إِنِّي تَكَارَيْتُ(١٠) هذَا يُوَافِي بِيَ السُّوقَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا ، وَإِنَّهُ(١١) لَمْ يَفْعَلْ(١٢) » قَالَ : « فَقَالَ : لَيْسَ لَهُ كِرَاءٌ(١٣) ».

____________________

(١). في « ط ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد » والوسائلوالفقيه والتهذيب : « رجل ».

(٢). في « جت » : « يكري ».

(٣). في « بف » : « فتقف ». وفي « جد » : « فنقضت ». وفي الفقيه : « فتضيع ». « فنفقت » ، أي ماتت ، والفعل من باب تعب. راجع :المصباح المنير ، ص ٦١٨ ( نفق ).

(٤). في الوسائل ، ح ٢٤٣٥٨والتهذيب : « فقال ».

(٥). في الوسائل ، ح ٢٤٣٥٨ : + « كان ».

(٦). في « بخ ، بف » وحاشية « جت » والوافي : « لم يوثق منها ».

(٧). في الوسائل ، ح ٢٤٣٥٨ : « وقعت ».

(٨). في « بح » : « وإن سقطت في بئر فهو ضامن ، وإن دخل وادياً لم يوثقها فهو ضامن » بدل « وإن دخل وادياً لم يوثقها فهو ضامن ، وإن سقطت في بئر فهو ضامن ».

(٩).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١٤ ، ح ٢١ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ، عن رجل ، عن أبي المعزى ، عن الحلبي.مسائل عليّ بن جعفر ، ص ١٩٥ ، إلى قوله : « إن كان جاز الشرط فهو ضامن » مع اختلاف يسير.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٥٥ ، ح ٣٩٢٢ ، مرسلاً من دون التصريح باسم المعصومعليه‌السلام . وراجع :مسائل عليّ بن جعفر ، ص ١٩٦الوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٣٠ ، ح ١٨٦١١ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ١٢١ ، ح ٢٤٢٧٤ ؛ وص ١٥٥ ، ح ٢٤٣٥٨.

(١٠). في « بح » : + « من ».

(١١). في « ط » والمرآة : « فإنّه ».

(١٢). فيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٣٩٠ : « قوله : فإنّه لم يفعل ، فيالفقيه هكذا : فلم يبلّغني الموضع ، فقال القاضي لصاحب الدابّة : بلّغته إلى الموضع؟ قال : لا ، قد أعيت دابّتي فلم تبلغ. وعلى هذا فلمّا كان عدم بلوغه لعذر بلا تفريط منه لا يبعد توزيع المسمّى أو اُجرة المثل على الطريق من قواعد الأصحاب ، فالأمر بالاصطلاح لعسر مساحة الطريق والتوزيع ، أو هو كناية عن الترادّ بينهما ».

(١٣). في « ط » : « كذا وكذا ».

٤٦٦

قَالَ : « فَدَعَوْتُهُ ، وَقُلْتُ(١) : يَا عَبْدَ اللهِ ، لَيْسَ لَكَ أَنْ تَذْهَبَ بِحَقِّهِ ، وَقُلْتُ لِلْآخَرِ(٢) : لَيْسَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ كُلَّ الَّذِي عَلَيْهِ ؛ اصْطَلِحَا ، فَتَرَادَّا(٣) بَيْنَكُمَا(٤) ».(٥)

٩٣١١/ ٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ(٦) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ(٧) ، قَالَ :

____________________

(١). في « جت » : « فقلت ».

(٢). في التهذيب : « للأجير ».

(٣). في « بخ » : « وترادّا ».

(٤). فيالوافي : « هذا الحديث نقلناه منالفقيه ؛ لأنّه كان فيه أتمّ وأوضح ، وكان منه في الآخرين حذف ونقصان». ونحن نأتي هنا بمتنالفقيه لتماميّته ووضوحه ، وهو هكذا : « إنّي كنت عند قاضٍ من قضاة المدينة ، فأتاه رجلان ، فقال أحدهما : إنّي اكتريت من هذا دابّة ليبلّغني عليها من كذا وكذا إلى كذا وكذا ، فلم يبلّغني الموضع ، فقال القاضي لصاحب الدابّة : بلّغتَه إلى الموضع؟ قال : لا ، قد أعيتْ دابّتي فلم تبلغ. فقال له القاضي : ليس لك كراء ؛ إذ لم تبلّغه إلى الموضع الذي اكترى دابّتك إليه. قالعليه‌السلام : فدعوتهما إليّ ، فقلت للذي اكترى : ليس لك يا عبدالله أن تذهب بكراء دابّة الرجل كلّه ، وقلت للآخر : يا عبدالله ، ليس لك أن تأخذ كراء دابّتك كلّه ، ولكن انظر قدر ما ركبتَه ، فاصطلحا عليه ، ففعلا ».

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١٤ ، ح ٩٤١ ، معلّقاً عن محمّد بن يحيى.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٣٤ ، ح ٣٢٧٢ ، بسنده عن العلاء ، مع اختلاف يسير وزيادةالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٣٠ ، ح ١٨٦١٢ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ١١٦ ، ح ٢٤٢٦٧.

(٦). في الوسائل : « محمّد بن أحمد ». ولم يثبت في شي‌ءٍ من أسنادالكافي توسّط محمّد بن أحمد بين محمّد بن‌يحيى وبين محمّد بن إسماعيل ، وهو ابن بزيع.

(٧). المراد من محمّد الحلبي في أسنادنا هو محمّد بن عليّ بن أبي شعبة الحلبي أخو عبيد الله الحلبي ، إلّاما ورد فيمستطرفات السرائر ، ص ٥٦٣ ؛ فإنّ المراد منه في سندالمستطرفات - بقرينة روايته عن عبد الله بن سنان ، وبقرينة ما ورد فيالتهذيب ، ج ٥ ، ص ١٨٣ ، ح ٦١٢ ، وج ٩ ، ص ٣٢٧ ، ح ١١٧٥ ، من رواية محمّد بن عبيدالله الحلبي ، عن عبدالله بن سنان - هو محمّد بن عبيد الله بن عليّ الحلبي ، ومحمّد هذا ، لم يثبت روايته عن أبي عبداللهعليه‌السلام مباشرة ، فضلاً عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام .

وقد كثر ورود محمّد بن عليّ الحلبي في الأسناد بعنوان الحلبي ومحمّد الحلبي ومحمّد بن عليّ الحلبي ، وروى هو في جُلّ أسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ولم يثبت روايته عن أبي جعفرعليه‌السلام ، كما أنّا لم نجد رواية منصور بن يونس عنه في غير سند هذا الخبر. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ١٧ ، ص ٣٥٣ - ٣٥٤ ، وج ١٨ ، ص ٤٠٤ - ٤٠٦.

ولذا قد يُحتَمَل أنَّ الأصل في السند كان هكذا : « منصور بن يونس عن محمّد » ثمّ فسِّر محمّد بالحلبي سهواً ،=

٤٦٧

كُنْتُ قَاعِداً عِنْدَ(١) قَاضٍ مِنَ الْقُضَاةِ(٢) ، وَعِنْدَهُ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام جَالِسٌ ، فَأَتَاهُ(٣) رَجُلَانِ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : إِنِّي تَكَارَيْتُ إِبِلَ هذَا الرَّجُلِ لِيَحْمِلَ لِي مَتَاعاً إِلى بَعْضِ الْمَعَادِنِ ، فَاشْتَرَطْتُ(٤) عَلَيْهِ أَنْ يُدْخِلَنِي الْمَعْدِنَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا ؛ لِأَنَّهَا سُوقٌ أَتَخَوَّفُ(٥) أَنْ يَفُوتَنِي(٦) ،

____________________

= فزيد الحلبي في المتن سهواً بتخيّل سقوطه منه ، وكان المراد من محمّد في السند ، هو محمّد بن مسلم ؛ فقد ورد فيالكافي ، ح ٩٦٧ - وعنهالغيبة للنعماني ، ص ١٣٠ ، ح ٩ - رواية محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن إسماعيل عن منصور بن يونس عن محمّد بن مسلم.

هذا ، وقد عدّ الشيخ الطوسي في رجاله ، ص ١٤٥ ، الرقم ١٥٩٣ ، محمّد بن عليّ الحلبي من أصحاب أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، كما عدّه البرقي في رجاله ، ص ٢٠ ، وكذا الشيخ الطوسي في رجاله ، ص ٢٩٠ ، الرقم ٤٢٢٥ من أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام . وورد فيرجال الكشّي ، ص ٤٨٨ ، الرقم ٩٢٧ أنّ نصر بن الصبّاح قال : لم يرو يونس عن عبيد الله ومحمّد ابني الحلبي قطّ ، ولا رآهما ، وماتا في حياة أبي عبد اللهعليه‌السلام ، انتهى. ولا يبعد إدراك من مات في حياة أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أبا جعفرعليه‌السلام والرواية عنه ولو قليلاً.

ويؤيّد ذلك نظرة سريعة إلى قائمة عمدة رواة محمّد بن عليّ الحلبي ؛ فهم : عبد الله بن مسكان ، عليّ بن رئاب ، أبان بن عثمان ، عبد الكريم بن عمرو ، المفضّل بن صالح ، أبو أيّوب الخرّاز ومنصور بن حازم. وهؤلاء كلّهم يروون عن كِبار أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام ؛ الذين أدركوا أبا جعفر وأبا عبد اللهعليهما‌السلام ورووا عنهما.

أضف إلى ذلك ما ورد فيالكافي ، ح ١٢٢٦٣ من رواية أبي جميلة عن الحلبي وزرارة ومحمّد بن مسلم وحمران بن أعين عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، وورد مثله فيالكافي ، ح ١٢٢٧٧ أيضاً ، والمراد من الحلبي في السندين هو محمّد بن عليّ الحلبي بقرينة راويه. وكذا ما ورد فيالكافي ، ح ١٤٧٣٨ من رواية أبي جميلة المفضّل بن صالح عن محمّد الحلبي وزرارة ومحمّد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام .

ورواية محمّد الحلبي عن أبي جعفرعليه‌السلام ، وإن لم تكن صريحة في هذه الموارد ، لكنّها بملاحظة جميع ما تقدّم تدخل تحت بقعة الإمكان ، ولا يمكن نفيها جزماً ، سيّما بعد ما ورد فيالكافي ، ح ٤٥١٣ من رواية حمّاد بن عثمان عن الحلبي - وهو عبيد الله أخو محمّد - وزرارة عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، وما ورد فيتفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ٣٨ ، ح ١٠٥ من رواية عبدالله بن الحلبي - والصواب عبيدالله ، كما فيالبحار ، ج ٩٦ ، ص ١٤٢ ، ح ٣ ، وص ٢٢٧ ، ح ٢٩ ؛ والوسائل ، ج ١٢ ، ص ٤٨٣ ، ح ١٦٨٤٤ - عن أبي جعفر وأبي عبداللهعليهما‌السلام .

(١). في « ط ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » والوسائلوالتهذيب : « إلى ».

(٢). في « ط ، ى ، بس ، جت ، جد ، جن » والوسائلوالفقيه والتهذيب : - « من القضاة ».

(٣). في الوسائل : « فجاءه ».

(٤). في « بخ ، بف » والوافيوالتهذيب : « واشترطت ».

(٥). في الوسائل : « أخاف ».

(٦). في « ط ، بس ، جد ، جن » : « أن تفوتني ».

٤٦٨

فَإِنِ احْتُبِسْتُ عَنْ ذلِكَ ، حَطَطْتُ مِنَ(١) الْكِرى لِكُلِّ يَوْمٍ أُحْتَبَسُهُ(٢) كَذَا وَكَذَا ، وَإِنَّهُ حَبَسَنِي عَنْ ذلِكَ الْوَقْتِ(٣) كَذَا وَكَذَا يَوْماً ، فَقَالَ الْقَاضِي : هذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ ، وَفِّهِ(٤) كِرَاهُ.

فَلَمَّا قَامَ الرَّجُلُ ، أَقْبَلَ إِلَيَّ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام ، فَقَالَ : « شَرْطُهُ(٥) هذَا جَائِزٌ مَا لَمْ يَحُطَّ(٦) بِجَمِيعِ(٧) كِرَاهُ ».(٨)

٩٣١٢/ ٦. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ أَبِي وَلَّادٍ الْحَنَّاطِ ، قَالَ :

اكْتَرَيْتُ بَغْلاً(٩) إِلى قَصْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ(١٠) ذَاهِباً وَجَائِياً بِكَذَا وَكَذَا ، وَخَرَجْتُ فِي طَلَبِ غَرِيمٍ لِي ، فَلَمَّا صِرْتُ(١١) قُرْبَ قَنْطَرَةِ الْكُوفَةِ خُبِّرْتُ(١٢) أَنَّ صَاحِبِي تَوَجَّهَ إِلَى النِّيلِ(١٣) ، فَتَوَجَّهْتُ نَحْوَ النِّيلِ(١٤) ، فَلَمَّا أَتَيْتُ النِّيلَ خُبِّرْتُ(١٥) أَنَّ صَاحِبِي(١٦) تَوَجَّهَ إِلى بَغْدَادَ ، فَاتَّبَعْتُهُ‌

____________________

(١). في حاشية « بح » : « عن ».

(٢). في « بس » : « احتبست ». وفي الوافي والوسائلوالفقيه : « احتبسته ».

(٣). في « بح ، جت ، جد ، جن » وحاشية « ط ، بخ » والوسائل : « اليوم ».

(٤). في « بخ ، بف » : « توفّيه ».

(٥). في « ط » والوافي : « شرط ».

(٦). في « بخ » : « ما لم تحطّ ».

(٧). في « ط » : « جميع ».

(٨).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١٤ ، ح ٩٤٠ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٣٥ ، ح ٣٢٧٦ ، معلّقاً عن منصور بن يونسالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٣١ ، ح ١٨٦١٣ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ١١٦ ، ح ٢٤٢٦٨.

(٩). في « بس » : « بغلة ».

(١٠). قصر ابن هبيرة على ليلتين من الكوفة ، وبغداد منه على ليلتين.المغرب ، ص ٣٨٥ ( قصر ).

(١١). في « جت »والتهذيب : + « إلى ».

(١٢). في « ى ، بخ ، بف » وحاشية « جت » والبحار : « اُخبرت ».

(١٣). النيل - بالكسر - : نهر مصر ، وقرية بالكوفة ، واُخرى بيزد ، وبلدة بين بغداد وواسط.القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٠٧ ( نيل ). (١٤). في « ط » : - « فتوجّهت نحو النيل ».

(١٥). في « بخ ، بف » والبحار : « اُخبرت ».

(١٦). في « بخ ، بف » والوافي : « أنّه قد » بدل « أنّ صاحبي ». وفي « ط »والتهذيب والاستبصار : « أنّه » بدلها.

٤٦٩

وَظَفِرْتُ(١) بِهِ ، وَفَرَغْتُ مِمَّا(٢) بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، وَرَجَعْنَا(٣) إِلَى الْكُوفَةِ ، وَكَانَ(٤) ذَهَابِي وَمَجِيئِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً ، فَأَخْبَرْتُ صَاحِبَ الْبَغْلِ بِعُذْرِي ، وَأَرَدْتُ أَنْ أَتَحَلَّلَ مِنْهُ مِمَّا صَنَعْتُ وَأُرْضِيَهُ ، فَبَذَلْتُ لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَماً ، فَأَبى أَنْ يَقْبَلَ ، فَتَرَاضَيْنَا بِأَبِي حَنِيفَةَ ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالْقِصَّةِ ، وَأَخْبَرَهُ الرَّجُلُ ، فَقَالَ لِي : مَا(٥) صَنَعْتَ بِالْبَغْلِ(٦) ؟ فَقُلْتُ(٧) : قَدْ دَفَعْتُهُ إِلَيْهِ سَلِيماً ، قَالَ : نَعَمْ ، بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً ، قَالَ : فَمَا(٨) تُرِيدُ مِنَ الرَّجُلِ؟ قَالَ : أُرِيدُ كِرى(٩) بَغْلِي ، فَقَدْ(١٠) حَبَسَهُ عَلَيَّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً ، فَقَالَ : مَا أَرى لَكَ حَقّاً ، لِأَنَّهُ اكْتَرَاهُ إِلى قَصْرِ‌ ابْنِ هُبَيْرَةَ ، فَخَالفَ وَرَكِبَهُ إِلَى النِّيلِ وَإِلى بَغْدَادَ ، فَضَمِنَ قِيمَةَ الْبَغْلِ ، وَسَقَطَ الْكِرى ، فَلَمَّا رَدَّ الْبَغْلَ سَلِيماً وَقَبَضْتَهُ ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْكِرى.

قَالَ : فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ ، وَجَعَلَ صَاحِبُ الْبَغْلِ يَسْتَرْجِعُ ، فَرَحِمْتُهُ مِمَّا(١١) أَفْتى بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ ، فَأَعْطَيْتُهُ(١٢) شَيْئاً ، وَتَحَلَّلْتُ مِنْهُ ، فَحَجَجْتُ(١٣) تِلْكَ السَّنَةَ ، فَأَخْبَرْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام بِمَا أَفْتى بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ ، فَقَالَ(١٤) : « فِي مِثْلِ هذَا الْقَضَاءِ وَشِبْهِهِ تَحْبِسُ السَّمَاءُ‌

____________________

(١). في « بخ ، بف » والوافي : « فلمّا ظفرت ».

(٢). في«ط ، ى »والتهذيب والاستبصار : « فيما ».

(٣). في « بخ ، بف ، جن » والوافيوالتهذيب والاستبصار : « رجعت ».

(٤). في « جد » : « فكان ».

(٥). هكذا في « بح ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » والوافي والوسائل ، ح ٢٤٢٧٢ والبحاروالتهذيب والاستبصار . وفي سائر النسخ والمطبوع : « وما ».

(٦). في « بخ ، بف » : « بالبغلة ».

(٧). في « ط ، بخ ، بف » والوافي : « قلت ».

(٨). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل ، ح ٢٤٢٧٢ والبحاروالتهذيب . وفي المطبوع : « فقال‌ما ».

(٩). في الوسائل ، ح ٢٤٢٧٢والاستبصار : « كراء » وكذا في المواضع الآتية.

(١٠). في « بف ، جن » والوافي : « وقد ».

(١١). في الوافي : « بما ».

(١٢). في الوافي : « وأعطيته ».

(١٣). في « بح ، بخ ، جد ، جن » والوافي والوسائل ، ح ٢٤٢٧٢والتهذيب والاستبصار : « وحججت ». وفي « بخ ، بف » والوافي : + « في ».

(١٤). في « ى ، بخ ، بف » وحاشية « بح ، جت » والوافي والبحار : + « لي ».

٤٧٠

مَاءَهَا ، وَتَمْنَعُ الْأَرْضُ بَرَكَتَهَا ».

قَالَ : فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : فَمَا تَرى أَنْتَ؟

قَالَ(١) : « أَرى(٢) لَهُ عَلَيْكَ مِثْلَ(٣) كِرى بَغْلٍ(٤) ذَاهِباً مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى النِّيلِ ، وَمِثْلَ كِرى بَغْلٍ(٥) رَاكِباً(٦) مِنَ النِّيلِ إِلى بَغْدَادَ ، وَمِثْلَ كِرى بَغْلٍ(٧) مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الْكُوفَةِ تُوَفِّيهِ إِيَّاهُ ».

قَالَ : فَقُلْتُ(٨) : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنِّي(٩) قَدْ عَلَفْتُهُ(١٠) بِدَرَاهِمَ ، فَلِي عَلَيْهِ عَلَفُهُ؟

فَقَالَ : « لَا ؛ لِأَنَّكَ غَاصِبٌ ».

فَقُلْتُ : أَرَأَيْتَ ، لَوْ عَطِبَ الْبَغْلُ(١١) وَنَفَقَ(١٢) ، أَلَيْسَ كَانَ يَلْزَمُنِي؟

قَالَ : « نَعَمْ قِيمَةُ بَغْلٍ(١٣) يَوْمَ خَالَفْتَهُ(١٤) ».

____________________

(١). في « ط ، بخ ، بف » والوافي والوسائل ، ح ٢٤٢٧٢ : « فقال ».

(٢). في « بخ ، بف » والوافي : + « أنّ ».

(٣). في « جن » : - « مثل ».

(٤). في « بخ ، بف » وحاشية « بح » والوافيوالاستبصار : « البغل ».

(٥). في « بخ » وحاشية « بح » والوافيوالتهذيب والاستبصار : « البغل ».

(٦). في « ط »والتهذيب والاستبصار : - « راكباً ».

(٧). في الوافي : « البغل ».

(٨). في « جن »والتهذيب : « قلت ».

(٩). في « ط ، بح ، بخ ، بس ، جد ، جن » والوافي والوسائل ، ح ٢٤٢٧٢ والبحاروالتهذيب والاستبصار : - « إنّي ».

(١٠). في الوافي : « أعلفته ».

(١١). في « ط » : - « البغل ». و « عطب » أي هلك.المصباح المنير ، ص ٤١٦ ( عطب ).

(١٢). في « بخ ، بف » والوافيوالتهذيب والاستبصار : « أو نفق ». و « نفق » أي مات.المصباح المنير ، ص ٦١٨ ( نفق ).

(١٣). في « ط ، بخ ، بف » والوافي : « البغل ».

(١٤). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : يوم خالفته ، يدلّ على ما هو المشهور من أنّه يضمن قيمته يوم العدوان. وقيل : يضمن أعلى القيم من حين العدوان إلى حين التلف ، وذهب جماعة من المحقّقين إلى ضمان قيمته يوم التلف ، واختاره الشهيد الثانيرحمه‌الله ».

وقال المحقّق الشعراني في هامش الوافي : « قوله : قيمة البغل يوم خالفته. « يوم » ظرف لغو متعلّق بـ « يلزمك » المقدّر ، أي يلزمك القيمة لزوماً معلّقاً على التلف يوم خالفته ؛ فإنّه يوم تحقّق الغصب ، وهو مبدأ الضمان ، وحمله جماعة من الفقهاء [ على ] أنّ « اليوم » صفة « القيمة » ، أي القيمة الثابتة للبغل في يوم المخالفة ، وعلى هذا =

٤٧١

قُلْتُ(١) : فَإِنْ(٢) أَصَابَ الْبَغْلَ كَسْرٌ ، أَوْ دَبَرٌ(٣) ، أَوْ غَمْزٌ(٤) ؟

فَقَالَ : « عَلَيْكَ قِيمَةُ مَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْعَيْبِ يَوْمَ تَرُدُّهُ عَلَيْهِ ».

قُلْتُ : فَمَنْ يَعْرِفُ ذلِكَ؟

قَالَ : « أَنْتَ وَهُوَ ، إِمَّا أَنْ يَحْلِفَ هُوَ عَلَى الْقِيمَةِ ، فَتَلْزَمَكَ(٥) ، فَإِنْ(٦) رَدَّ الْيَمِينَ عَلَيْكَ ، فَحَلَفْتَ عَلَى الْقِيمَةِ ، لَزِمَهُ(٧) ذلِكَ ، أَوْ يَأْتِيَ صَاحِبُ الْبَغْلِ بِشُهُودٍ يَشْهَدُونَ أَنَّ قِيمَةَ الْبَغْلِ حِينَ أَكْرى(٨) كَذَا وَكَذَا ، فَيَلْزَمَكَ ».

قُلْتُ : إِنِّي كُنْتُ أَعْطَيْتُهُ دَرَاهِمَ ، وَرَضِيَ بِهَا وَحَلَّلَنِي.

____________________

= فهو ظرف مستقرّ. وهو بعيد ؛ إذ لا يختلف عادة قيمة البغل في خمسة عشر يوماً ، ولا يمكن أن يتردّد الناس في أنّ القيمة المضمونة قيمة أيّ يوم منها ، ولا مراد الإمامعليه‌السلام رفع تردّدهم بأنّها قيمة يوم الغصب ، والقرينة على ما ذكرنا قوله : عليك قيمة ما بين الصحّة والعيب يوم تردّه عليه ؛ فإنّ هذا أيضاً ظرف لغو متعلّق بـ « يلزمك » المفهوم من قولهعليه‌السلام ، عليك ، وليس المراد القيمة الثابتة للبغل يوم الردّ ، ويؤيّده أيضاً قولهعليه‌السلام : إنّ قيمة البغل حين اكترى كذا ؛ لأنّ يوم الاكتراء كان قبل يوم المخالفة ويوم الردّ ، وثبوت قيمة يوم الاكتراء إن خالف قيمة اليومين ممّا لم يقل به أحد ، فلا بدّ أن يكون قيمة البغل ثابتة غير متغيّرة في خمسة عشر يوماً بحيث يكون ثبوتها حين الاكتراء موجباً لثبوتها يوم المخالفة ويوم الردّ ؛ لعدم التغيير ، فمن تمسّك بهذه الصحيحة على وجوب خصوص قيمة يوم الردّ ، أو يوم الغصب ، كما نقله في الكفاية فقوله ضعيف جدّاً ». وراجع :كفاية الأحكام ، ج ٢ ، ص ٦٤٣.

(١). في « بخ ، بف » والوافي : « فقلت ».

(٢). في « ى » : « فإذا ». وفي الوافي : « إن ».

(٣). الدبر - بالتحريك - : الجرح الذي يكون في ظهر البعير ، يقال : دَبِرَ يَدْبَر دَبَراً. وقيل : هو أن يقرح خفّ البعير. هكذا قال ابن الأثير فيالنهاية ، ج ٢ ، ص ٩٧ ( دبر ). والمعنى الثاني مذكور في الوافي والأوّل في المرآة.

(٤). في الوافي : « غمر ». وقال : « الغمر : العطش ». وفي التهذيبوالاستبصار : « عقر ». والغَمْز في الدابّة : شبيه العرج ، يقال : غمزت الدابّة ، أي مالت من رجلها. راجع :المصباح المنير ، ص ٤٥٣ ؛القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧١٥ ( غمز ).

(٥). في « ى ، بخ ، بف » والوسائل ، ح ٢٤٢٧٢ والبحاروالتهذيب : « فيلزمك ».

(٦). في « بخ » والوافي : « وإن ».

(٧). في « بخ ، بف » والوافي : « فيلزمك ». وفي « ط »والتهذيب : « لزمك ».

(٨). في « ط » : « أكراه ». وفي الوسائل ، ح ٢٤٢٧٢والتهذيب والاستبصار : « اكترى ».

٤٧٢

فَقَالَ : « إِنَّمَا رَضِيَ بِهَا(١) وَحَلَّلَكَ(٢) حِينَ قَضى عَلَيْهِ(٣) أَبُو حَنِيفَةَ بِالْجَوْرِ وَالظُّلْمِ ، وَلكِنِ ارْجِعْ إِلَيْهِ(٤) ، فَأَخْبِرْهُ(٥) بِمَا أَفْتَيْتُكَ بِهِ ، فَإِنْ جَعَلَكَ(٦) فِي حِلٍّ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ ، فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْكَ(٧) بَعْدَ ذلِكَ(٨) ».

قَالَ أَبُو وَلَّادٍ : فَلَمَّا انْصَرَفْتُ مِنْ وَجْهِي(٩) ذلِكَ لَقِيتُ الْمُكَارِيَ ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا أَفْتَانِي بِهِ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، وَقُلْتُ لَهُ : قُلْ مَا شِئْتَ حَتّى أُعْطِيَكَهُ(١٠) ، فَقَالَ : قَدْ حَبَّبْتَ إِلَيَّ(١١) جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍعليهما‌السلام ، وَوَقَعَ(١٢) فِي قَلْبِي لَهُ(١٣) التَّفْضِيلُ وَأَنْتَ فِي حِلٍّ ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ(١٤) أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ(١٥) الَّذِي أَخَذْتُ(١٦) مِنْكَ فَعَلْتُ(١٧) .(١٨)

____________________

(١). في « ط »والتهذيب والاستبصار : - « بها ».

(٢). في « ى » : « وحلّل ». وفي « ط ، بخ » والوافيوالاستبصار : « وأحلّك ».

(٣). في « جن » : - « عليه ».

(٤). في « ط » : - « إليه ».

(٥). في « بف »والتهذيب والاستبصار : « وأخبره ».

(٦). في « ط » : « فإنّي جعلتك ».

(٧). في « ط » : - « عليك ».

(٨). في « بخ ، بف » والوافي : « هذا ».

(٩). في الوافي : + « من ».

(١٠). في « ط ، بخ ، بف » : « اُعطيك ».

(١١). في « بح » : - « إليّ ».

(١٢). في « بخ » : « أو وقع ».

(١٣). في « بخ ، بف » والوافي : « له في قلبي ».

(١٤). في « جت » : « حبّبت ».

(١٥). في « بخ ، بف » : + « القدر ».

(١٦). في « بح ، بخ » والبحار : « أخذته ».

(١٧). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « وربّما يستدلّ بهذا الحديث على ضمان الغاصب القيمة يوم الغصب أو أكثر القيم ، وسيأتي وجه عدم دلالته على شي‌ء من ذلك ، وليس في الروايات ما يستفاد منه هذه الخصوصيّة.

قال فيالمختلف : إذا كان من ذوات القيم وتلف وجب على الغاصب قيمته يوم التلف ، وبه قال ابن البرّاج ، وقال الشيخ فيالمبسوط والخلاف : وعليه أكثر القيم من حين القبض إلى وقت التلف ، وقيل : القيمة يوم القبض ، وهو اختياره فيالمبسوط أيضاً ، وليس الخلاف في نقص القيمة لنقص العين أو لعيبها ، بل نقص القيمة السوقيّة ، وابن حمزة وابن إدريس ذهبا إلى ما قاله الشيخ ، وهو الأشهر ، لنا أنّ الواجب ردّ العين والغاصب مخاطب بدفعها إلى مالكها سواء كانت القيمة زائدة أو ناقصة من غير ضمان شي‌ء من النقص إجماعاً ، فإذا تلف وجب قيمة العين وقت التلف ؛ لانتقال الحقّ إليها لتعذّر البدل ، ومع ثبوت العين ووجودها لا يتعلّق القيمة بالذمّة ، وإنّما الذمّة مشغولة بردّ العين ، والانتقال إلى القيمة انتقال إلى البدل ، وهما إنّما يثبت =

٤٧٣

٩٣١٣/ ٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنِ الْعَمْرَكِيِّ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ :

عَنْ أَخِيهِ أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ(١) اسْتَأْجَرَ دَابَّةً ، فَأَعْطَاهَا غَيْرَهُ ، فَنَفَقَتْ : مَا عَلَيْهِ؟

فَقَالَ(٢) : « إِنْ كَانَ شَرَطَ أَنْ لَايَرْكَبَهَا غَيْرُهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا(٣) ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ(٤) ».(٥)

١٤٨ - بَابُ الرَّجُلِ يَتَكَارَى الْبَيْتَ وَالسَّفِينَةَ‌

٩٣١٤/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ ،

____________________

= حال وجوبه وهو حالة التخلّف. انتهى.

وهذا دليل عقلي كلامي ، ومحصوله أنّ الذمّة صارت مشتغلة يوم التلف بشي‌ء لا يمكن أن يكون إلّا القيمة ، وأمّا قبل التلف فلم يكن مكلّفاً بقيمة وبعد التلف لا يتغيّر التكليف عمّا ثبت ، والالتزام بما يباين هذه الفتوى يستلزم التكليف بالمحال ، أو عدم التكليف ، وهذا نظير استدلال ابن عبّاس على عدم العول ؛ فإنّه كلامي وقرّره الأئمّةعليهم‌السلام ، ولا تظنّنّ أنّ هذا النوع من الأدلّة من العمل بالرأي والاجتهاد الممنوع ». وراجع :المبسوط ، ج ٣ ، ص ٦٠ و ٧٣ ؛الخلاف ، ج ٣ ، ص ٤١٥ ، المسألة ٢٩ ؛المهذّب ، ج ١ ، ص ٤٣٦ و ٤٣٧ ؛مختلف الشيعة ، ج ٦ ، ص ١١٦.

(١٨).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١٥ ، ح ٩٤٣ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ١٣٤ ، ح ٤٨٣ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٣١ ، ح ١٨٦١٤ ؛الوسائل ، ج ٢٥ ، ص ٣٩١ ، ح ٣٢١٩٩ ؛وفيه ، ج ١٩ ، ص ١١٩ ، ح ٢٤٢٧٢ ، إلى قوله : « فإن جعلك في حلّ بعد معرفته ، فلا شي‌ء عليك بعد ذلك » ؛البحار ، ج ٤٧ ، ص ٣٧٥ ، ح ٩٨.

(١). في « جد » والوافي : « الرجل ».

(٢). في « ط ، ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » ومسائل عليّ بن جعفرعليه‌السلام : « قال ».

(٣). في « بخ » : - « لها ».

(٤). فيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٣٩٣ : « يدلّ على أنّه مع الإطلاق يجوز لمستأجر الدابّة أن يُركبها غيره ، بل يؤجره إيّاه ، وهو المشهور بين الأصحاب ، قال فيالمسالك : وحيث يجوز له الإيجار يتوقّف تسليم العين على إذن المالك ، كذا ذكره العلّامة وجماعة ، وقوّى الشهيدرحمه‌الله الجواز من غير ضمان ، وهو أقوى ؛ لصحيحة عليّ بن جعفر في عدم ضمان الدابّة ، وغيرها أولى ». وراجع :مسالك الأفهام ، ج ٥ ، ص ١٨٦.

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١٥ ، ح ٩٤٢ ، معلّقاً عن محمّد بن يحيى.مسائل عليّ بن جعفر ، ص ١٩٦ .الوافي ، ص ٩٣٤ ، ح ١٨٦١٥ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ١١٨ ، ح ٢٤٢٧١.

٤٧٤

عَنْ أَخِيهِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ(١) أَبَا الْحَسَنِعليه‌السلام عَنِ الرَّجُلِ يَكْتَرِي(٢) السَّفِينَةَ سَنَةً ، أَوْ أَقَلَّ ، أَوْ أَكْثَرَ؟

قَالَ : « الْكِرى لَازِمٌ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي اكْتَرَاهُ إِلَيْهِ ، وَالْخِيَارُ(٣) فِي أَخْذِ الْكِرى إِلى رَبِّهَا ، إِنْ شَاءَ أَخَذَ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ(٤) ».(٥)

٩٣١٥/ ٢. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(٦) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسىعليه‌السلام عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَارى مِنَ الرَّجُلِ الْبَيْتَ وَالسَّفِينَةَ(٧) سَنَةً ، أَوْ(٨) أَكْثَرَ ، أَوْ أَقَلَّ؟

قَالَ : « كِرَاهُ لَازِمٌ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي تَكَارَاهُ إِلَيْهِ ، وَالْخِيَارُ فِي أَخْذِ(٩) الْكِرى إِلى رَبِّهَا ، إِنْ شَاءَ أَخَذَ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ».(١٠)

١٤٩ - بَابُ الضِّرَارِ(١١)

٩٣١٦/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى ، عَنْ‌

____________________

(١). في « بخ ، بف » والوافي : « سألته يعني ».

(٢). في الفقيهوالتهذيب : « يتكارى من الرجل البيت و [ في الفقيه : « أو » ] ».

(٣). في « ط » : « فالخيار ».

(٤). فيالوافي : « لـمّا كانت السفينة ربّما لا تستعمل في تمام المدّة المفروضة ، بل تكون معطّلة في بعضها ، أوهم ذلك جواز نقص الكرى بقدر التعطيل ، ولذا حكم بلزوم تمام الكرى ».

(٥).الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٥١ ، ح ٣٩١٠ ، معلّقاً عن عليّ بن يقطين ؛التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٠٩ ، ح ٩٢٠ ، بسنده عن عليّ بن يقطين.وفيه ، ص ٢١٠ ، ح ٩٢٢ ، بسند آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٣٧ ، ح ١٨٦١٨ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ١١٠ ، ذيل ح ٢٤٢٥٩.

(٦). السند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد بن محمّد ، عدّة من أصحابنا.

(٧). في « بح »والتهذيب : « أو السفينة ».

(٨). في « ط » : - « أو ».

(٩). في « ط » : - « أخذ ».

(١٠).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١٠ ، ح ٩٢١ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٣٧ ، ح ١٨٦١٩ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ١١١ ، ذيل ح ٢٤٢٥٩. (١١). في « بخ » : « باب المضارّة ».

٤٧٥

طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ(١) الْجَارَ كَالنَّفْسِ غَيْرُ مُضَارٍّ وَلَا آثِمٍ(٢) ».(٣)

٩٣١٧/ ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ زُرَارَةَ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدَبٍ كَانَ لَهُ عَذْقٌ(٤) فِي حَائِطٍ(٥) لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، وَكَانَ مَنْزِلُ الْأَنْصَارِيِّ بِبَابِ الْبُسْتَانِ ، وَكَانَ(٦) يَمُرُّ بِهِ(٧) إِلى نَخْلَتِهِ(٨) وَلَا‌

____________________

(١). في « ط » : - « إنّ ».

(٢). فيالوافي ، ج ١٥ ، ص ١٠٠ : « إنّ الجار ، أي المجاور ؛ من الجوار بمعنى المجاورة ، لا من الإجارة بمعنى الإنقاذ». وقال أيضاً فيالوافي ، ج ٥ ، ص ٥١٩ : « لعلّ المراد بالحديث أنّ الرجل كما لا يضارّ نفسه ولا يوقعها في الإثم ، أو لا يعدّ عليها الأمر إثماً ، كذلك ينبغي أن لا يضارّ جاره ولا يوقعه في الإثم ، أو لا يعدّ عليه الأمر إثماً. يقال : أثمه : أوقعه في الإثم. وأثمه الله في كذا : عدّه عليه إثماً ، من باب نصر ومنع ».

وفيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٣٩٤ : « قد مرّ في باب إعطاء الأمان بيانه ، وظهر أنّ المراد بالجار من أعطى الأمان لا مجاور البيت ». وراجعه ، ج ١٨ ، ص ٣٥٧ - ٣٥٩.

(٣).الكافي ، كتاب العشرة ، باب حقّ الجوار ، ح ٣٧٥٧ ، مع زيادة في أوّله وآخره ؛الكافي ، كتاب الجهاد ، باب إعطاء الأمان ، ضمن ح ٨٢٤٣ ، وفيهما عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد [ في الكافي ح ٣٧٥٧ : + « بن عيسى » ] عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن كتاب عليّ ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٤٠ ، ضمن ح ٢٣٨ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن كتاب عليّ ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛التهذيب ، ج ٧ ، ص ١٤٦ ، ح ٦٥٠ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ١٨ ، ص ١٠٦٧ ، ح ١٨٨٣٤ ؛الوسائل ، ج ٢٥ ، ص ٤٢٨ ، ح ٣٢٢٨٠.

(٤). قال الجوهري : « العَذْق - بالفتح - : النخلة بحملها » ، وقال ابن الأثير : « العَذْق - بالفتح - : النخلة ، وبالكسر : العرجون بما فيه من الشماريخ ، ويجمع على عِزاق ».الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٢٢ ؛النهاية ، ج ٣ ، ص ١٩٩ ( عذق ).

(٥). الحائط : الجدار ، والبستان ، وهو المراد هنا ، كما يظهر من الحديث ، وقال ابن الأثير : « في حديث أبي طلحة : فإذا هو في الحائط ، وعليه خميصة ، الحائط هاهنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط ، وهو الجدار ». راجع :النهاية ، ج ١ ، ص ٤٦٢ ( حوط ).

(٦). في « ط ، ى ، بح ، بس ، جت ، جن » والوسائل ، ح ٣٢٢٨١ والبحار : « فكان ».

(٧). في « بخ » : - « به ».

(٨). في « ط » : « نخله ».

٤٧٦

يَسْتَأْذِنُ(١) ، فَكَلَّمَهُ الْأَنْصَارِيُّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ إِذَا جَاءَ(٢) ، فَأَبى سَمُرَةُ ، فَلَمَّا تَأَبّى(٣) جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ إِلى رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَشَكَا إِلَيْهِ ، وَخَبَّرَهُ(٤) الْخَبَرَ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ(٥) رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وَخَبَّرَهُ بِقَوْلِ الْأَنْصَارِيِّ وَمَا شَكَا(٦) ، وَقَالَ : إِنْ(٧) أَرَدْتَ الدُّخُولَ ، فَاسْتَأْذِنْ ، فَأَبى ، فَلَمَّا أَبى سَاوَمَهُ(٨) حَتّى بَلَغَ بِهِ(٩) مِنَ الثَّمَنِ(١٠) مَا شَاءَ اللهُ(١١) ، فَأَبى أَنْ يَبِيعَ(١٢) ، فَقَالَ : لَكَ بِهَا‌ عَذْقٌ يُمَدُّ(١٣) لَكَ(١٤) فِي الْجَنَّةِ ، فَأَبى أَنْ يَقْبَلَ(١٥) ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله لِلْأَنْصَارِيِّ : اذْهَبْ ،

____________________

(١). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : وكان يمرّ به إلى نخلته ولا يستأذن ، الحديث معتبر منقول‌بطرق مختلفة عن العامّة والخاصّة ، فلا بأس بالعمل به في مورده ، وهو أن يكون لرجل عذق في أرض رجل آخر ، ولا يستأذن في الدخول ، ويأبى عن البيع والمعاوضة ، وأمّا إذا تخلّف بعض الشروط مثل أن يكون مال آخر غير النخل ، كشجرة التفّاح ، أو زرع ، أو بناء ، أو كان الأرض غير مسكونة لأحد ، وكان الداخل يستأذن إذا دخل ، أو يرضى بعوضه ، أو عوض ثمرته ، فهو خارج عن مدلول الحديث. ويمكن تعميم الحكم بالبيّنة إلى كلّ شجرة غير النخل ، وإلى الزرع والبناء والإضرار باُمور اُخرى غير عدم الاستيذان ، وأمّا إذا لم يضرّ واستأذن ، أو رضي بعوض فوق قيمته ، فجواز قلع الشجرة أو هدم البناء ممنوع ، وبالجملة القدر المسلّم حرمة إضرار الغير إلّا أن يكون في أموال حفظها على مالكها ، ففرّط في حفظها وتضرّر بتفريطه في الحفظ ، فيجوز أن يعمل في ملكه عملاً يضرّ جاره ؛ إذ على الجار أيضاً حفظ ملكه. ثمّ إنّ الضرر مع حرمته لا يوجب لنا جواز اختراع أحكام من قبل أنفسنا لدفع الضرر ، مثلاً إذا تلفت غلّة قرية بآفة لا يجوز لنا الحكم ببراءة ذمّة المستأجر من مال الإجارة ، أو إذا استلزم خروج المستأجر من الدار والحانوت وانتقاله إلى مكان آخر ضرراً عليه ، لا يجوز لنا المنع من إخراجه ، وأمثال ذلك كثيرة في العقود والمعاملات لا ينفى عنها بمقتضياتها إذا استلزم ضرراً ، وكذلك لا يحلّ به المحرّمات كالربا إذا استلزم الامتناع منه ضرراً ، ويجب في كلّ مورد من موارد الضرر اتّباع الأدلّة الخاصّة به ». (٢). في « ط » : - « أن يستأذن إذا جاء ».

(٣). في « ط » والوافي : « أبي ».

(٤). في « بخ ، بف » : « وأخبره ».

(٥). في « ط » : - « إليه ».

(٦). في « بف ، جن » والوافي : « وما شكاه ».

(٧). في « ط ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جد ، جن » والوسائل ، ح ٣٢٢٨١ والبحار : « إذا ».

(٨). المساومة : المجاذبة بين البائع والمشتري على السلعة وفصل ثمنها.النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٢٥ ( سوم ).

(٩). في « ط ، بخ » والبحار : - « به ».

(١٠). في « ط ، بخ ، بف » : + « له ».

(١١). في « بف » : - « الله ».

(١٢). في « ط ، بف » والوافي : « أن يبيعه ».

(١٣). في « بخ » : « مدّ ».

(١٤). في « ط » : « فذلك » بدل « يمدّ لك ». وفي « بف » وحاشية « بح ، جت » والبحاروالتهذيب : « مذلّل » بدلها. وفي الوافي عن بعض النسخ : « مدلّل » بدلها.(١٥). في « ط ، بخ » : « أن يفعل ».

٤٧٧

فَاقْلَعْهَا ، وَارْمِ بِهَا إِلَيْهِ ؛ فَإِنَّهُ لَاضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ(١) ».(٢)

____________________

(١). في « ط ، ى » : « ولا إضرار ». وقال ابن الأثير : « فيه : لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ، الضرّ : ضدّ النفع فمعنى قوله : لا ضرر ، أي لا يضرّ الرجل أخاه فينقصه شيئاً من حقّه. والضرار : فعال من الضرّ ، أي لا يجازيه على إضراره بإدخال الضرر عليه. والضرر : فعل الواحد. والضرار : فعل الاثنين. والضرر : ابتداء الفعل ، والضرار : الجزاء عليه. وقيل : الضرر : ما تضرّ به صاحبك وتنتفع به أنت. والضرار : أن تضرّه من غير أن تنتفع به. وقيل : هما بمعنى ، وتكرار هما للتأكيد ».النهاية ، ج ٣ ، ص ٨١ ( ضرر ).

وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « الضرّ معروف ، وذكروا في الفرق بينهما ما هو معروف ، ولا يبعد أن يكون المراد من الضرار أن يماكس في شي‌ء يضرّ صاحبه ولا ينتفع به نفسه ، ويقال له في لساننا : لجبازي وآزار.

وقد كتب الشيخ المحقّق الأنصاريرحمه‌الله في تفسير العبارة رسالة بديعة أودع فيها من نفائس المباحث ما هو معروف. ولا يراد بنفي الضرر عدم وجوده تكويناً ؛ لأنّه موجود ، بل المراد منه النهي عنه نظير قولهعليه‌السلام : « لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب » و « لا بيع إلّا في ملك » فيكون إنشاء. ويستلزم النهي في أمثال هذه التراكيب بطلان ما تعلّق به ، فيستفاد منها النهي الوضعي مع التكليفي. وقيل : إنّه إخبار عن عدم وجود حكم يوجب الضرر في أحكام الشريعة ، وكونه إنشاء ، أعني نهياً شاملاً للحكم التكليفي والوضعي أظهر ، كسائر أمثاله ممّا لا يحصى.

ومن تحقيقات الشيخ المحقّق المذكور في رسالته أنّ قولهعليه‌السلام : « لا ضرر ولا ضرار » حاكم على أدلّة سائر الأحكام ، والحكومة في اصطلاح الشيخ أن يكون هناك خبران لا يكون لأحدهما موقع إلّا بعد فرض وجود حكم الأوّل ، مثلاً قولهم : الضرورات تبيح المحظورات ، لا يمكن صدوره من متكلّم إلّا بعد وجود فعل محظور قبل صدور هذا الكلام يكون ناظراً إليه ، فيقال : هذا حاكم على ذاك ، بخلاف مثل قولهم : لا تكرم الفسّاق ؛ فإنّه يصحّ صدوره من المتكلّم غير ناظر إلى حكم آخر ؛ إذ يصحّ أن يتكلّم به المتكلّم سواء صدر قبله منه « أكرم العلماء » أولا ، فليس قولهم : لا تكرم الفسّاق ، حاكماً على قولهم : أكرم العلماء ، وعلى هذا فإن حملنا قولهعليه‌السلام : لا ضرر ولا ضرار على النهي ، كما هو الأظهر والأشبه بأمثاله ، فليس حاكماً على سائر التكاليف ؛ إذ يصحّ أن ينهى الشارع الناس عن الإضرار بغيرهم ، وإن لم يكن غير هذا حكم في الشريعة أصلاً ، ولا يكون أمر لصلاة ولا صوم ولا زكاة ، ولا نهي عن زنى وشرب مسكر ، ويجوز أن ينهى عن الإضرار من غير أن يكون ناظراً إلى حكم. ولكن إن حمل قولهعليه‌السلام : لا ضرر ولا ضرار ، على الإخبار ، أي لا يكون في الأحكام المجعولة من الشارع حكم ضرري ، فيكون حاكماً على اصطلاح الشيخرحمه‌الله رحمه‌الله ؛ إذ هو ناظر إلى سائر الأحكام ، بل لا يمكن صدور مثل هذا الكلام عن متكلّم إلّا أن يكون له أحكام قبل ذلك أو بعده ، نظير قوله تعالى :( مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) [ الحجّ (٢٢) : ٧٨ ] فإنّه يتوقّف على دين وأحكام ويكون نفي الحرج ناظراً إليه.

فإن قيل : النهي عن شي‌ء متوقّف على قدرة المكلّف على الفعل قبل النهي وناظر إليه ، فقوله : « لا تزن » ، أي حرم عليك أيّها القادر على الزنى. وكذلك « لا ضرر » : أيّها القادر على الإضرار شرعاً أو عقلاً ، فيكون النهي عن =

٤٧٨

____________________

= الضرر حاكماً على ما يدلّ على قدرة المكلّف على ما يوجب الضرر ، مثل « الناس مسلّطون على أموالهم » ممّا يدلّ على قدرة الناس.

قلنا : القدر المسلّم هنا أنّ النهي يتوقّف على ملاحظة القدرة العقليّة ، كالنهي عن الزنى والسرقة ، فلا يصدر مثل قوله : « لا ضرر ولا ضرار » إلّا ناظراً إلى القدرة العقليّة ، وأمّا القدرة الشرعيّة ، أعني أدلّة جواز بعض الأعمال شرعاً ، فلا دليل على كون النهي عن الضرر ناظراً إليها بعد إمكان صدور مثل هذا الكلام قبل صدور كلّ دليل شرعي ، ولا مانع من أن يقال : أدلّة القدرة مثل « الناس مسلّطون » مقدّمة على دليل نفي الضرر ؛ إذ كلاهما دليل شرعي.

وقال بعضهم في معني الحكومة بأنّها ما لا يتردّد الناس في تقديم أحد الدليلين على الآخر ، كالخاصّ ؛ فإنّه حاكم على العامّ ؛ إذ لا يتردّد أحد في تقديمه عليه ، وعلى هذا فلا ريب في أنّه ليس مثل « لا ضرر » حاكماً على مثل « الناس مسلّطون على أموالهم » ؛ إذ يتردّد فيه الناس ، بلى ربّما يتردّد فيه الفقهاء المحقّقون العظام ، كما قال الشيخ المحقّق المذكور في رسالته : إنّ تصرّف المالك في ملكه إذا استلزم تضرّر جاره يجوز أم لا؟ والمشهور الجواز إلى آخره ، وربَّما يقال : إنّ قوله : « لا ضرر ولا ضرار » حكمة لا يجوز لنا أن نخترع أحكاماً غير منقولة اعتماداً على النهي عن الضرر ، مثلاً لو لم يكن فسخ البيع مشروعاً في الغبن لم يكن لنا اختراع الفسخ فيه ؛ فدفع الضرر ، كما لا نقول بتجويز فسخ النكاح للمرأة إذا اقتضى استمراره ضرراً على المرأة ، أو على أحد أقربائها ، فيجب في كلّ مسألة يتمسّك فيها بنفي الضرر التماس دليل آخر ، ويجعل النفي مؤيّداً له.

ثمّ إنّ الظاهر من كلام الشيخ المحقّق الأنصاريرحمه‌الله أنّ الحكومة اصطلاح له في دليلين غير قطعيّين يحتاج في تقديم أحدهما على الآخر إلى مرجّح إسنادي أو دلالي ، فيكتفى بالحكومة عن الترجيح ، وأمّا مثل النهي عن الإضرار وتسلّط الناس على أموالهم وحرمة الغصب وأمثال ذلك فأحكام ضروريّة في شرع الإسلام ثابتة لا يحتاج في أمثالها إلى ترجيح إسنادي ، وهو واضح ، ولا إلى ترجيح دلالي ؛ إذ لا نشكّ في شمولها لجميع الموارد ، ولم يخصّص أحدهما بالآخر ، فكلّ إضرار مبغوض ، وكلّ غصب حرام ، وإنّما يشكّ إذا لم يمكن في مقام العمل امتثال كلا الحكمين ، فلا نعلم أنّ الشارع أراد منّا مثلاً رعاية حقّ الجار ، أو رعاية حقّ المالك ، لا لقصور في دلالة لفظه وشمولها ، بل لتعارض المصالح وعدم إمكان الجمع بينهما ، وهذا النوع من التعارض يسمّى في عرف المتأخّرين بالتزاحم ، فهو نظير قولهم : صلّ ولا تغصب ؛ لأنّ كليهما حكم ضروري ثابت في الشرع بغير تردّد ، ولا معنى لترجيح أحدهما على الآخر من جهة السند ولا من جهة الدلالة ، وإنّما يشكّ في كون الصلاة في مكان مغصوب مبغوضة أو مطلوبة لا لضعف إسنادي أو دلالي ، بل لأمرٍ آخر ، وهو اجتماعها بسوء اختيار المكلّف ، وكذلك معارضة نفي الضرر وتسلّط الناس على أملاكهم ، ثمّ إنّ الضرر الطارئ على الإنسان بسبب التزامه بحكم الشارع ليس منفيّاً في الشريعة قطعاً ، كالمستأجر الذي يوجب انتقاله بعد مدّة الإجارة عليه ضرراً عظيماً ، والمرأة التي يكون استمرار نكاحها ضرراً عظيماً ، وغير ذلك ممّا لايتناهى في =

٤٧٩

٩٣١٨/ ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ ، عَنْ رَجُلٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ كَانَتْ لَهُمْ عُيُونٌ فِي أَرْضٍ(١) قَرِيبَةٍ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ، فَأَرَادَ(٢) الرَّجُلُ(٣) أَنْ يَجْعَلَ عَيْنَهُ(٤) أَسْفَلَ مِنْ مَوْضِعِهَا(٥) الَّتِي(٦) كَانَتْ عَلَيْهِ ، وَبَعْضُ الْعُيُونِ إِذَا فُعِلَ(٧) ذلِكَ أَضَرَّ بِالْبَقِيَّةِ مِنَ الْعُيُونِ(٨) ، وَبَعْضٌ(٩) لَايُضِرُّ مِنْ شِدَّةِ الْأَرْضِ؟

قَالَ : فَقَالَ : « مَا كَانَ(١٠) فِي مَكَان‌

____________________

= أبواب المعاملات والأنكحة ، كما أنّ الجهاد والحجّ لا ينفى بأدلّة نفي الحرج ، فلا يصحّ أن يقال : يرتفع جميع الأحكام بقوله : « لا ضرر » ، كما لا يرتفع الجهاد بقوله : « لا حرج » ، ويتضرّر كثيرٌ من متديّني التجّار بترك الربا ؛ لأنّ أكثر المعاملات مبنيّه عليه ، فحرمة الإضرار إنّما هي فيما لم يكن ذلك بأمر الشارع ومقتضى أحكامه الثابتة ، فما يظنّ أنّ قوله : « لا ضرر » ، حاكم على جميع الأحكام مشكل ، بل يجب تحمّل الضرر كثيراً ؛ لوجود سائر الأحكام ، فإن كانت حكومة كان الحقّ أن يقال : ساير الأحكام حاكمة على قوله : « لا ضرر » ، في هذه الموارد ».

(٢).التهذيب ، ج ٧ ، ص ١٤٦ ، ح ٦٥١ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد بن خالد.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٣٣ ، ح ٣٨٦٢ ، معلّقاً عن ابن بكير ، عن زرارة ، مع اختلاف يسير.معاني الأخبار ، ص ٢٨١ ، بسند آخر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛الفقيه ، ج ٤ ، ص ٣٣٤ ، ح ٥٧١٧ ، مرسلاً عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتمام الرواية في الأخيرين : « لا ضرر ولا إضرار في الإسلام »الوافي ، ج ١٨ ، ص ١٠٦٧ ، ح ١٨٨٣٥ ؛الوسائل ، ج ٢٥ ، ص ٤٢٨ ، ح ٣٢٢٨١ ؛وفيه ، ج ١٨ ، ص ٣٢ ، ح ٢٣٠٧٣ ، تمام الرواية هكذا : « لا ضرر ولا ضرار » ؛البحار ، ج ٢ ، ص ٢٧٦ ، ح ٢٧ ؛ وج ٢٢ ، ص ١٣٤ ، ح ١١٧.

(١). في « بخ ، بف » والوافي : « الأرض ».

(٢). في « ط » : « وأراد ».

(٣). في الوسائلوالفقيه : « رجل ».

(٤). في « بخ ، بف » : + « في ».

(٥). فيالمرآة : « قوله : أسفل ، بأن يجعل العين عميقاً ، أو في مكان أخفض ، أو الأعمّ. قوله : من موضعها ، أي قريبة من الاُخرى محدثة بعدها ».

(٦). في « بح ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » والوسائلوالفقيه : « الذي ».

(٧). في الوافي والوسائلوالفقيه : + « بها ».

(٨). في « بخ ، بف » والوافي : « ببقيّة العيون ».

(٩). في الوسائل : « وبعضها ».

(١٠). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : قال : فقال : ما كان. أقول : يحتمل أن يكون القائلُ الراويَ ، و « إن عرض » أيضاً من تتمّةكلامه ، أي إن عرض الرجل جعل عينه أسفل على جاره أن يحضر هو أيضاً آبآره حتّى يصيرا متساويين ، فأجابعليه‌السلام على الكلّ بأنّه مع الضرر لا يجوز لا مع التراضي. ويحتمل أن يكون القائل الإمامعليه‌السلام ، وقوله : « إن =

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909