الكافي الجزء ١٠

الكافي6%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 234340 / تحميل: 5685
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

والذي يدل على تمدحه شيئان:

أحدهما: إجماع الأمة فإنه لا خلاف بينهم في أنه تعالى تمدح بهذه الآية، فقولنا تمدح بنفي الإدراك عن نفسه لاستحالته عليه، وقال المخالف تمدح لأنه قادر على منع الأبصار من رؤيته. فالإجماع حاصل على أن فيها مدحة.

والثاني: أن جميع الأوصاف التي وصف بها نفسه قبل هذه الآية وبعدها مدحة، فلا يجوز أن يتخلل ذلك ما ليس بمدحة. والذي يدل على أن الإدراك يفيد الرؤية أن أهل اللغة لا يفرقون بين قولهم: أدركت ببصري شخصاً، وآنست، وأحسست ببصري. وأنه يراد بذلك أجمع الرؤية. فلو جاز الخلاف في الإدراك لجاز الخلاف فيما عداه من الأقسام.

فأما الإدراك في اللغة، فقد يكون بمعنى اللحوق كقولهم: أدرك قتادة الحسن. ويكون بمعنى النضج، كقولهم أدركت الثمرة، وأدركت القدر، وإدرك الغلام إذا بلغ حال الرجال.

وأيضاً فإن الإدراك إذا أضيف إلى واحد من الحواس أفاد ما تلك الحاسة آلة فيه. ألا ترى أنهم يقولون: أدركته بأذني يريدون سمعته، وأدركته بأنفي يريدون شممته، وأدركته بفمي يريدون ذقته. وكذلك إذا قالوا: أدركته ببصري يريدون رأيته. وأما قولهم أدركت حرارة الميل ببصري فغير معروف ولا مسموع، ومع هذا ليس بمطلق بل هو مقيد، لأن قولهم حرارة الميل تقييد لأن الحرارة تدرك بكل محل فيه حياة، ولو قال أدركت الميل ببصري لما استفيد به إلا الرؤية.

وقولهم إن الإدراك هو الإحاطة باطل، لأنه لو كان كذلك لقالوا: أدرك الجراب بالدقيق وأدرك الحب بالماء وأدرك السور بالمدينة لإحاطة جميع ذلك بما فيه، والأمر بخلاف ذلك. وقوله: حتى إذا أدركه الغرق، فليس المراد به الإحاطة بل المعنى حتى إذا لحقه الغرق، كما يقولون أدركت فلاناً إذا لحقته، ومثله: فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون، أي لملحوقون.

٣٠١

والذي يدل على أن المدح إذا كان متعلقاً بنفي فإثباته لا يكون إلا نقصاً، قوله:لا تأخذه سنة ولا نوم ، وقوله:ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله ، لما كان مدحاً متعلقاً بنفي فلو ثبت في حال لكان نقصاً.

فإن قيل: كيف يتمدح بنفي الرؤية ومع هذا يشاركه فيها ما ليس بممدوح من المعدومات والضمائر.

قلنا: إنما كان ذلك مدحاً بشرط كونه مدركاً للأبصار، وبذلك تميز من جميع الموجودات، لأنه ليس في الموجودات ما يدرك ولا يدرك.

فإن قيل: ولم إذا كان يدرك ولا يدرك يجب أن يكون ممدوحاً.

قلنا: قد ثبت أن الآية مدحة بما دللنا عليه، ولابد فيها من وجه مدحة فلا يخلو من أحد وجهين: إما أن يكون وجه المدحة أنه يستحيل رؤيته مع كونه رائياً، أو ما قالوه من أنه يقدر على منع الأبصار من رؤيته بأن لا يفعل فيها الإدراك، وما قالوه باطل لقيام الدلالة على أن الإدراك ليس بمعنى الإحاطة، فإذا بطل ذلك لم يبق إلا ما قلناه، وإلا خرجت الآية من كونها مدحة. وقد قيل: إن وجه المدحة في ذلك أن من حق المرئي أن يكون مقابلاً أو في حكم المقابل، وذلك يدل على مدحته، وهذا دليل من أصل المسألة لا يمكن أن يكون جواباً في الآية.

فإن قيل: إنه تعالى نفى أن تكون الأبصار تدركه فمن أين أن المبصرين لا يدركونه؟

قلنا: الأبصار لا تدرك شيئاً البتة فلا اختصاص لها به دون غيره، وأيضاً فإن العادة أن يضاف الإدراك إلى الأبصار ويراد به ذووا الأبصار، كما يقولون: بطشت يدي وسمعت أذني وتكلم لساني، ويراد به أجمع ذووا الجارحة.

فإن قيل: إنه تعالى نفى أن جميع المبصرين لا يدركونه، فمن أين أن البعض لا يدركونه وهم المؤمنون؟

قلنا: إذا كان تمدحه في استحالة الرؤية عليه لما قدمناه، فلا اختصاص لذلك براء دون رائي، ولك أن تستدل بأن تقول: هو تعالى نفى الإدراك عن نفسه نفياً عاماً كما

٣٠٢

أنه أثبت لنفسه ذلك عاماً، فلو جاز أن يخص ذلك بوقت دون وقت لجاز مثله في كونه مدركاً. وإذا ثبت نفي إدراكه على كل حال، فكل من قال بذلك قال الرؤية مستحيلة عليه. ومن أجاز الرؤية لم ينفها نفياً عاماً فالقول بنفيها عموماً، مع جواز الرؤية عليه قول خارج عن الإجماع.

فإن عورضت هذه الآية بقوله: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة، فإنا نبين أنه لا تعارض بينهما وأنه ليس في هذه الآية مايدل على جواز الرؤية إذا انتهينا إليها إنشاء الله.

- تفسير التبيان ج ١ ص ٢٢٨

وقال قوم: إن النظر إذا كان معه إلى لا يحتمل إلا الرؤية. وحملوا قوله: إلى ربها ناظرة على ذلك وقالوا لا يحتمل التأمل. وذلك غلط لأنهم يقولون: إنما أنظر إلى الله ثم إليك بمعنى أتوقع فضل الله ثم فضلك. وقال الطريح بن إسماعيل:

وإذا نظرت إليك من ملك

والبحر دونك جرتني نعماء

وقال جميل بن معمر:

إني إليك لما وعدت لناظر

نظر الفقير إلى الغني الموسر

وقال آخر:

وجوه يوم بدر ناظرات

إلى الرحمان تأتي بالفلاح

وأتوا ب- (إلى) على معنى نظر الإنتظار.

والصحيح أن النظر لا يفيد الرؤية وإنما حقيقته تحديق الجارحة الصحيحة نحو المرئي طلباً لرؤيته، ولو أفاد الرؤية لما جعل غاية لنفسه، ألا تراهم يقولون: ما زلت أنظر إليه (حتى رأيته) ولا يقولون ما زلت أراه حتى رأيته، ولأنهم يثبتون النظر وينفون الرؤية فيقولون: نظرت إليه فلم أره، ولا يقولون رأيته فلم أره.

- تفسير التبيان ج ١٠ ص ١٩٧

ثم قسم تعالى أهل الآخرة فقال(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) أي مشرقة مضيئة، فالنضرة الصورة الحسنة التي تملأ القلب سروراً عند الرؤية، نضر وجهه

٣٠٣

ينضر نضرة ونضارة فهو ناضر. والنضرة مثل البهجة والطلاقة، وضده العبوس والبسور، فوجوه المؤمنين المستحقين للثواب بهذه الصفة بما جعل الله عليها من النور علامة للخلق، والملائكة على أنهم مؤمنون مستحقون الثواب.

وقوله:إلى ربها ناظرة ، معناه منتظرة نعمة ربها وثوابه أن يصل إليهم.

وقيل (ناضرة) أي مشرفة (إلى) ثواب ربها (ناظرة) وليس في ذلك تنغيص، لأن الإنتظار إنما يكون فيه تنغيص إذا كان لا يوثق بوصوله إلى المنتظر أو هو محتاج إليه في الحال، والمؤمنون بخلاف ذلك، لأنهم في الحال مستغنون منعمون، وهم أيضاً واثقون أنهم يصلون إلى الثواب المنتظر.

والنظر هو تقليب الحدقة الصحية نحو المرئي طلباً للرؤية، ويكون النظر بمعنى الإنتظار، كما قال تعالى:(وإنّي مرسلة إليهم بهدية فناظرة) أي منتظرة، وقال الشاعر:

وجوه يوم بدر ناظرات

إلى الرحمن تأتي بالفلاح

أي منتظرة للرحمة التي تنزل عليهم.

وقد يقول القائل: إنما عيني ممدودة إلى الله وإلى فلان، وأنظر إليه أي أنتظر خيره ونفعه وأؤمل ذلك من جهته، وقوله: ولا ينظر إليهم يوم القيامة، معناه لا ينيلهم رحمته.

ويكون النظر بمعنى المقابلة، ومنه المناظرة في الجدل، ومنه نظر الرحمة أي قابله بالرحمة، ويقال: دور بني فلان تتناظر أي تتقابل، وهو وينظر إلى فلان أي يؤمله وينتظر خيره، وليس النظر بمعنى الرؤية أصلاً، بدلالة أنهم يقولون: نظرت إلى الهلال فلم أره، فلو كان بمعنى الرؤية لكان متناقضاً، ولأنهم يجعلون الرؤية غاية للنظر يقولون: ما زلت أنظر إليه حتى رأيته، ولا يجعل الشيء غاية لنفسه لا يقال: بما زلت أراه حتى رأيته، ويعلم الناظر ناظراً ضرورة، ولا يعلم كونه رائياً بل يسأل بعد ذلك هل رأيت أم لا.

٣٠٤

ودخول (إلى) في الآية لا يدل على أن المراد بالنظر الرؤية، ولا تعليقه بالوجوه يدل على ذلك، لأنا أنشدنا البيت وفيه تعليق النظر بالوجه وتعديه بحرف (إلى) والمراد به الإنتظار، وقال جميل بن معمر:

وإذا نظرت إليك من ملك

والبحر دونك جدتني نعما

والمراد به الإنتظار والتأميل.

وأيضاً، فإنه في مقابلة قوله في صفة أهل النار: تظن أن يفعل بها فاقرة، فالمؤمنون يؤمنون بتجديد الكرامة وينتظرون الثواب، والكفار يظنون الفاقرة، وكله راجع إلى فعل القلب.

ولو سلمنا أن النظر يعد الرؤية لجاز أن يكون المراد أنها رؤية ثواب ربها، لأن الثواب الذي هو أنواع اللذات من المأكول والمشروب والمنكوح تصح رؤيته.

ويجوز أيضاً أن يكون إلى واحد إلاء وفي واحدها لغات (ألا) مثل قفا و (ألي) مثل معي و (ألي) مثل حدي و (أل) مثل حسا، فإذا أضيف إلى غيره سقط التنوين، ولا يكون (إلى) حرفاً في الآية. وكل ذلك يبطل قول من أجاز الرؤية على الله تعالى.

وليس لأحد أن يقول: إن الوجه الأخير يخالف الإجماع، أعني إجماع المفسرين، وذلك لأنا لا نسلم لهم ذلك، بل قد قال مجاهد وأبو صالح والحسن وسعيد بن جبير والضحاك: إن المراد نظر الثواب. وروي مثله عن عليعليه‌السلام .

وقد فرق أهل اللغة بين نظر الغضبان ونظر الراضي، يقولون: نظر غضبان، ونظر راض، ونظر عداوة ونظر مودة، قال الشاعر:

تخبرني العينان ما الصدر كاتم

ولا حن بالبعضاء والنظر الشزر

والرؤية ليست كذلك فإنهم لا يضيفونها، فدل على أن النظر غير الرؤية، والمرئي هو المدرك، والرؤية هي الإدراك بالبصر، والرائي هو المدرك، ولا تصح الرؤية وهي الإدراك إلا على الأجسام أو الجوهر أو الألوان. ومن شرط المرئي أن يكون هو أو محله مقابلاً أو في حكم المقابل، وذلك يستحيل عليه تعالى، فكيف تجيز الرؤية عليه تعالى!

٣٠٥

أمير المؤمنينعليه‌السلام يدفع الشبهات

- كتاب التوحيد للصدوق ص ٢٥٤ - ٢٦٩

حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى، عن بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثني أحمد بن يعقوب بن مطر قال: حدثنا محمد بن الحسن ابن عبد العزيز الأحدب الجند بنيسابور قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: حدثنا طلحة بن يزيد، عن عبيد الله بن عبيد عن أبي معمر السعداني أن رجلاً أتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين إني قد شككت في كتاب الله المنزل، قال لهعليه‌السلام : ثكلتك أمك وكيف شككت في كتاب الله المنزل؟

قال: لأني وجدت الكتاب يكذب بعضه بعضاً فكيف لا أشك فيه.

فقال علي بن أبي طالبعليه‌السلام : إن كتاب الله ليصدق بعضه بعضاً ولا يكذب بعضه بعضاً، ولكنك لم ترزق عقلاً تنتفع به، فهات ما شككت فيه من كتاب الله عز وجل.

قال له الرجل: إني وجدت الله يقول: فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا، وقال أيضاً: نسوا الله فنسيهم، وقال: وما كان ربك نسياً، فمرة يخبر أنه ينسى، ومرة يخبر أنه لا ينسى، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين!

قال: هات ما شككت فيه أيضاً.

قال: وأجد الله يقول: يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً، وقال واستنطقوا فقالوا والله ربنا ما كنا مشركين، وقال: يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً، وقال: إن ذلك لحق تخاصم أهل النار، وقال:لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ، وقال:نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ، فمرة يخبر أنهم يتكلمون ومرة يخبر أنهم لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً، ومرة يخبر أن الخلق لا ينطقون ويقول عن مقالتهم: والله ربنا ما كنّا مشركين: ومرة يخبر أنهم يختصمون، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين، وكيف لا أشك فيما تسمع.....

٣٠٦

قال: هات ويحك ما شككت فيه.

قال: وأجد الله عز وجل يقول:وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة ، ويقول:لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ، ويقول:ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى ، ويقول: يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً ، ومن أدركته الأبصار فقد أحاط به العلم، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع؟....

فقالعليه‌السلام : وأما قوله عز وجل:وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة ، وقوله:لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، وقوله:ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى ، وقوله:: يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً ، فأما قوله: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظره، فإن ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عز وجل بعدما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان فيغتسلون فيه ويشربون منه فتنضر وجوههم إشراقاً فيذهب عنهم كل قذى ووعث، ثم يؤمرون بدخول الجنة، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم، ومنه يدخلون الجنة، فذلك قوله عز وجل من تسليم الملائكة عليهم: سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين، فعند ذلك أيقنوا بدخول الجنة والنظر إلى ما وعدهم ربهم فذلك قوله: إلى ربها ناظرة، وإنما (عنى) بالنظر إليه النظر إلى ثوابه يعني لا تحيط به الأوهام. وهو يدرك الأبصار، يعني يحيط بها وهو اللطيف الخبير، وذلك مدح امتدح به ربنا نفسه تبارك وتعالى وتقدس علواً كبيرا، وقد سأل موسىعليه‌السلام وجرى على لسانه من حمد الله عز وجل: رب أرني أنظر إليك، فكانت مسألته تلك أمراً عظيماً، فقال الله تبارك وتعالى: لن تراني.. فانظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، فأبدى الله سبحان بعض آياته وتجلى ربنا للجبل فتقطع الجبل فصار رميماً وخر موسى صعقاً، يعني ميتاً، ثم أحياه الله وبعثه وتاب عليه، فقال: سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين، يعني أول مؤمن آمن بك منهم أنه لن يراك.

٣٠٧

وأما قوله: ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، يعني محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله كان عند سدرة المنتهى حيث لا يتجاوزها خلق من خلق الله، وقوله في آخر الآية: ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى، رأى جبرئيلعليه‌السلام في صورته مرتين هذه المرة ومرة أخرى، وذلك أن خلق جبرئيل عظيم فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم وصفتهم إلا الله رب العالمين. ورواه الطبرسي في الإحتجاج ج ١ ص ٣٥٨ - ٣٦٢ ورواه المجلسي في بحار الأنوار ج ٤ ص ٣٢

- شرح الأسماء الحسنى ج ١ ص ١٨٥

(يا من يَرى ولا يُرى)

طال التشاجر بين الأشاعرة والمعتزلة في مسألة الرؤية فذهب الأشاعرة إلى أن الله تعالى يرى في الآخرة وينكشف انكشاف البدر المرئي ولكن بلا مقابلة وجهة ومكان، خلافاً للمعتزلة حيث نفوها، وللمشبهة والكرامية فإنهم وإن جوزوا رؤيته تعالى ولكن في الجهة والمكان وعلى سبيل المقابلة، لاعتقادهم جسميته تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيرا.

وحرر بعض متأخري الأشاعرة حل النزاع بأنه لا نزاع للنافين في جواز الإنكشاف التام العلمي، ولا للمثبتين في امتناع ارتسام صورة المرئي في العين، أو اتصال الشعاع الخارج من العين بالمرئي.

وإنما محل النزاع أنا إذا عرفنا الشمس مثلاً بحد أو رسم كان نوعاً من المعرفة، ثم إذا أبصرناها وغمضنا العين كان نوعاً آخر من المعرفة فوق الأول، ثم إذا فتحنا العين حصل نوع آخر من الإدراك فوق الأولين، نسميها الرؤية ولا يتعلق في الدنيا إلا بما هو في جهة ومكان، فمثل هذه الحالة الإدراكية هل يصح أن تقع بدون المقابلة والجهة، وأن تتعلق بذات الله تعالى منزها عن الجهة والمكان أم لا.

واحتج الأشاعرة بحجة عقلية كلامية لا نطيل الكلام بذكرها، وأدلة نقلية منها قوله تعالى حكاية عن موسىعليه‌السلام : رب أرني أنظر إليك....

٣٠٨

ومنها، قوله تعالى:لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير .

ومنها، هذا الإسم الشريف الذي هو نظير هذه الآية.

وبالجملة كل الآيات والسنن التنزيهية تدل عليه نصاً وظاهراً ومنطوقاً ومفهوماً، والحق أن مراد محققي الأشاعرة من الرؤية هو الشهود بنوره لنوره والإنكشاف البالغ حد العيان، أيدته الأذواق وصدقه قاطع البرهان، بدليل قولهم بلا مقابلة وجهة ومكان، وكذا قولهم في تحرير محل النزاع، فمثل تلك الحالة الإدراكية أعدل شاهد على ذلك، إذ ليس مرادهم ما هو ظاهره حتى يقال حصول مثل تلك الحالة وعدم حصول مقابله ولا جهة، ومع هذا تكون رؤية لا تعقلاً، بل مرادهم أنه كما أن تلك الحالة ممتازة عن التعقل والتخيل والإحساس بالحس المشترك ومشاهدة وشهود للبصر، كذلك سيحصل لنا حالة عيانية ممتازة عنها وعلم حضوري بالنسبة إليه تعالى، هو شهود لا على المشاعر الجامع لجميعها بنحو أعلى، خذ الغايات ودع المباديَ أي المبادي الطبيعية المحدودة، كما ذكرنا في كونه سميعاً بصيراً أن المشاهدة التي يترتب على قوانا يترتب على ذاته النورية بنحو أنور فإنه سميع بصير بذاته لا بالسمع والبصر، فهذا مرادهم، وإلا فكما لا يليق بالعلماء التكلم في مسموعيته أو مشموميته مثلاً إذ ليس من سنخ المسموعات أو المشمومات، كذلك لا يليق بهم التكلم في مبصريته إذ ليس من سنخ المبصرات لأن المبصر بالذات هو الضوء واللون عند التحقيق، وإن كانت الجواهر الفردة عند المتكلم مبصرة بالذات.

فإذا عرفت هذا، فاعلم أن أرباب القشور منهم حرفوا الكلم عن مواضعه فلم يتفوهوا بما هو مخ القول، وعموا وصموا عما هو لب الحق، إذ كان المراد هو الشهود، والمعتزلة أيضاً لا ينكرونه، وإنما أنكروا الرؤية الظاهرية التي بالجارحة كما مر في محل النزاع أنه لا نزاع للنافين في جواز الإنكشاف التام العلمي بأن يكون المراد بالعلمي العلم الحضوري، ولكن لا على سبيل الإكتناه، كما قيل إن العارفين المتألهين يشاهدونه ولكن لا بالكنه بل على سبيل الفناء الذي هو قرة عين العرفاء والعلماء، بأن يرى كل فعل وصفة ووجود مستهلكة في فعله وصفته ووجوده تعالى.

٣٠٩

ولا يجوز للمؤمن إنكار ذلك الشهود لأن إنكاره إنكار الكتب السماوية والسنن النبوية والآثار الولوية، بل هو غاية إرسال المرسلين وإرشاد الأئمة الهادين وسير السايرين وسلوك السالكين، ولولاه لم يكن سماء ولا أرض ولا بسيط ولا مركب، كما قال تعالى: ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، أي ليعرفون، وفي الحديث القدسي: فخلقت الخلق لأعرف، فالكتاب المجيد الذي هو تنزيل من حكيم حميد مشحون منه قال تعالى:من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت .يا أيتها النفس المطمئنه ارجعي إلى ربك .شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم . والشهادة بالوحدانية فرع الشهادة بالوجود وشهوده، وهكذا كل آية مشتملة على ما دل على الشهود حتى لفظ الإيمان باعتبار بعض درجاته العالية....

قال سيد الأولياءعليه‌السلام : لم أعبد رباً لم أره. ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله فيه أو قبله أو معه.

وقال ابنه سيد الشهداءعليه‌السلام : عميت عين لا تراك.

وقال أيضاً: تعرفت بكل شيء فما جهلك شيء. تعرفت إليّ في كل شيء فرأيتك ظاهراً في كل شيء، فأنت الظاهر لكل شيء.

وليكف هذا اليسير من الكثير لأن كل أشراك مقالاتهم وحبايل تحريراتهم لاصطياد هذا الصيد العديم المثال، فتمام سهام قصودهم واقعة على هذا الغرض الرفيع المنال، وحيث حملنا الرؤية على الشهود فلا تخصيص له بالآخرة، فإن أبناء اليقين لموتهم الإرادي قبل موتهم الطبيعي وفنائهم عن ذواتهم قامت قيامتهم ورأوا ما رأوا، ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى:

روى الشيخ الصدوقرحمه‌الله عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أخبرني عن الله تعالى هل يراه المؤمنون يوم القيمة قال: نعم وقد رأوه قبل يوم القيامة، فقلت متى؟ قال: حين قال ألست بربكم قالوا بلى. ثم سكت ساعة ثم قال: وإن المؤمنين يرونه في الدنيا قبل يوم القيامة. ألست تراه في وقتك هذا قال أبو بصير فقلت: جعلت

٣١٠

فداك فأحدث بهذا عنك؟ فقال: لا فإنك إذا حدثت به فأنكره منكر جاهل بمعنى ما تقول ثم قدر أن هذا تشبيه كفر، وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين تعالى عما يصفه المشبهون والملحدون.

وقال سيد الموقنين ومولى المكاشفين: لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً....

وقولهعليه‌السلام ما ازددت يقيناً، لعل المراد منه نفي الزيادة الكمية لا الكيفية، ومن ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن العيش عيش الآخرة. ونعم ما قال العارف عبد الرحمن الجاميقدس‌سره السامي:

تا بود باقى بقاياى وجود

كى شودصاف از كدر جام شهود

تا بود پيوند جان وتن بجاى

كى شود مقصود كل برقع گشاى

تا بود قالب غبار چشم جان

كى توان ديدنرخ جانان عيان

ثم إن الشهود الحاصل لأهل الله في الدنيا ليس لهم بما هم بأبدانهم فرشيون دنيويون، بل بما هم بقلوبهم عرشيون أخرويون، فيصدق أن الرؤية والشهود مطلقاً مخصوصة بالآخرة.

ويمكن أيضاً التوفيق بين المذهبين بأن الرؤية وإن كانت بمعنى الشهود لا يمكن في الدنيا والآخرة بالنسبة إلى كنه ذاته، احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار، ويمكن بالنسبة إلى وجهه:أينما تولوا فثم وجه الله .

بل هاهنا نظر آخر فيه حصر النظر على وجهه الكريم كما قال المعصومعليه‌السلام بنقل القاضي سعيد القمي: لا أرى إلا وجهك ولا أسمع إلا صوتك، يا من يخلق ولا يخلق، يا من يهدي ولا يهدى، يا من يحيي ولا يحيى، يا من يسأل ولا يسأل. هذا الإسم الشريف مأخوذ من الآية الشريفة وهي: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

وقد تمسك الأشاعرة بها في كثير من المواضع، منها أنهم قالوا بنفي اللمية الغائية والداعي وجواز الترجيح من غير مرجح، فإذا سئل عنهم ما المخصص لأحداث العالم في وقت مخصوص دون ساير الأوقات مع تشابهها، وما المرجح للإمساك في

٣١١

أوقات غير متناهية، كما هو مذهبهم من التعطيل والإفاضة في وقت؟ مع كونه تعالى علة تامة غير محتاج إلى شرط أو آلة أو معاون أو حالة منتظرة، وبالجملة ما به يتم فاعليته؟ قالوا: لا يسئل عما يفعل، والتزموا القدرة الخرافية.

ومنها، أنهم حيث قالوا بالتحسين والتقبيح الشرعيين دون العقليين قالوا بنفي العلاقة اللزومية بين الأعمال الحسنة ودخول الجنة وبين الأعمال القبيحة ودخول النار، بحيث جوزوا أن يدخل الله السعيد في النار خالداً والشقي في الجنة أبداً، فإذا قيل عليهم إن هذا ظلم صريح، قالوا: لا يسأل عما يفعل.... إلخ.

واحتج المعتزلة أيضاً بحجج عقلية ونقلية كثيرة، نذكر بعضها ونترك أكثرها، لأن من أنس بالقواعد العقلية وحافظ على تنزيه الله من سمات المحدثات وصفات الأجسام قدر على إقامة حجج كثيرة وإبطال ما هو ظاهر الأشاعرة من الرؤية.

فمنها، أنه فيما عندنا من المبصرات يجب الرؤية عند تحقق شروط ثمانية ككون الحاسة سليمة وكون الشيء جايز الرؤية وكون الشيء مقابلاً أو في حكم المقابل وعدم كون المرئي في غاية القرب وغاية البعد وغاية اللطافة وغاية الصغر وأن لا يكون بين الرائي والمرئي حجاب، إذ لو لم تجب الرؤية عند حصول الشرائط جاز أن يكون بحضرتنا جبال وأشخاص لا نراها، والستة الأخيرة لا يمكن اعتبارها في رؤيته تعالى لتنزهه عن الجهة والحيز، بقي سلامة الحاسة وجواز الرؤية، وسلامة الحاسة حاصلة فلو جاز الرؤية وجب أن تراه في الدنيا والجنة دائماً، والأول منتف بالضرورة والثاني بالإجماع والنصوص القاطعة الدالة على اشتغالهم بغير ذلك من اللذات.

تفسيرهم الموافق لمذهبنا

روى السيوطي في الدر المنثور ج ٣ ص ٣٧ عدداً من الروايات التي توافق مذهبنا ومذهب عائشة، قال:

- وأخرج عبد ابن حميد وأبوالشيخ عن قتادة: لا تدركه الأبصار، قال هو أجلُّ من ذلك وأعظم من أن تدركه الأبصار.

٣١٢

- وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله:لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، يقول لا يراه شيء وهو يرى الخلائق.

- تفسير الطبري ج ٩ ص ٣٨

معاوية عن علي (بن طلحة) عن ابن عباس قوله تعالى:سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ، يقول أنا أول من يؤمن أنه لا يراك شيء من خلقك. انتهى.

وقد تقدم استدلال عائشة بالآية على عدم إمكان الرؤية، قال الرازي في المطالب العالية ج ١ جزء ١ ص ٨٧: إن عائشةرضي‌الله‌عنها قالت: من حدثكم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم الفرية، ثم قرأت:لا تدركه الأبصار .

محاولاتهم تأويل الآية وإبطال معناها

- رد النووي على عائشة في شرح مسلم - هامش الساري ج ٢ ص ٩٣ فقال : فأما إحتجاج عائشة بقول الله تعالى لا تدركه الأبصار. فجوابه ظاهر فإن الإدراك هو الإحاطة والله تعالى لايحاط به! وإذا ورد النص بنفي الإحاطة فلما يلزم منه نفي الرؤية بغير إحاطة. انتهى. ولكن المنفي هنا هو إدراك البصر، وهو أعم من الرؤية الجزئية والإحاطة!

- وقال الجويني في لمع الأدلة ص ١٠١ - ١٠٥

مذهب أهل الحق أن الباري تعالى مرئي، ويجوز أن يراه الراؤون بالأبصار....

والدليل على جواز الرؤية عقلاً: أن الرب سبحانه وتعالى موجود، وكل موجود مرئي. وبيان ذلك: أنا نرى الجواهر والألوان، فإن رئي الجوهر لكونه جوهراً لزم ألا يرى الجوهر، وإن رئيا لوجودهما لزم أن يرى كل موجود، والباري سبحانه وتعالى: موجود فصح أن يرى.

فإن قالوا: إنما يرى ما يرى لحدوثه والرب تعالى أزلي قديم الذات فلا يرى، فالجواب من وجهين: أحدهما أن نقول كلامكم هذا نقض عليكم لجواز رؤية الطعوم والروائح والعلوم ونحوها فإنها حوادث، وعندكم يستحيل أن ترى.

٣١٣

ثم الجواب الحقيقي أن نقول: الحدوث ينبيء عن موجود مسبوق بعدم والعدم السابق لا يصحح الرؤية، فانحصر التصحيح في الوجود، فدل على أن كل موجود صح أن يرى.

ويستدل على جواز الرؤية وأنها ستكون في الجنان وعداً من الله صدقاً وقولاً منه حقاً بقوله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة. والنظر إذا عدي بإلى اقتضى رؤية البصر. وإن عارضونا بقوله تعالى: لا تدركه الأبصار. قلنا: فمن أصحابنا من قال الرب تعالى يرى ولا يدرك فإن الإدراك ينبيء عن الإحاطة ودرك الغاية، والرب مقدس عن الغاية والنهاية. فإن عارضونا بقوله تعالى في جواب موسىعليه‌السلام : لن تراني، فزعموا أن لن تقتضي النفي على التأييد.....

قلنا: هذه الآية من أوضح الأدلة على جواز الرؤية! فإنها لو كانت مستحيلة لكان معتقد جوازها ضالاً أو كافراً، وكيف يعتقد ما لا يجوز على الله تعالى من اصطفاه الله تعالى لرسالته واجتباه لنبوته وخصصه بتكريمه وشرفه بتكليمه وجعله أفضل أهل زمانه وأيده ببرهانه، ويجوز على الأنبياء الريب في أمر يتعلق بعلم الغيب، أما ما يتعلق بوصف الباري عز وعلا فلا يجوز الريب عليهم، فيجب حمل الآية على أن ما اعتقد موسىعليه‌السلام جوازه جائز، لكن ظن أن ما اعتقد جوازه ناجزاً فيرجع النفي في الجواب إلى السؤال. وما سأل موسىعليه‌السلام ربه رؤية في الدنيا لينصرف النفي إليها، والجواب نزل على قضية الخطاب. انتهى. وقد تقدم أن موسىعليه‌السلام لم يطلب رؤية ذات اللّه تعالى، بل طلب أن يريه شيئاً من آياته كأنه ينظر إليه.

- وروى السيوطي في الدر المنثور ج ٣ ص ٣٧

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إسماعيل بن علية، في قوله: لا تدركه الأبصار، قال: هذا في الدنيا!

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عكرمة عن ابن عباس قال: إن النبى صلى الله عليه وسلم رأى ربه، فقال له رجل عند ذلك أليس قال الله:لا تدركه

٣١٤

الأبصار ! فقال له عكرمة: ألست ترى السماء؟ قال: بلى، قال فكلها ترى! (يقصد بما أن الله تعالى كبير فإنا نرى جزءً منه فقط!)

وأخرج الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه واللالكائي في السنة عن ابن عباس قال: رأى محمد ربه، قال عكرمة فقلت له: أليس الله يقول لا تدركه الأبصار! وهو يدرك الأبصار قال: لا أم لك، ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء، وفي لفظ: إنما ذلك إذا تجلى بكيفيته لم يقم له بصر. انتهى. وهو يقصد أن ذات اللّه تعالى ترى ولكن نوره لاتدركه الأبصار!!

ثم أكد السيوطي رأي عكرمة فنقل في ج ٣ ص ٣٧ قول ابن جريح في تفسير الآية أن الأبصار لا تدرك الله تعالى كله لكبر حجمه! قال:

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريح في قوله: لا تدركه الأبصار، قال: قالت امرأة استشفع لي يا رسول الله على ربك. قال: هل تدرين على من تستشفعين، إنه ملأ كرسيه السموات والأرض ثم جلس عليه فما يفضل منه من كل أربع أصابع، ثم قال: إن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد فذلك قوله: لا تدركه الأبصار، ينقطع به بصره قبل أن يبلغ أرجاء السماء. زعموا أن أول من يعلم بقيام الساعة الجن تذهب فإذا أرجاؤها قد سقطت لا تجد منفذاً تذهب في المشرق والمغرب واليمن والشام. انتهى.

وأعجب منه روايتهم التي تفسر الأبصار التي لا تدركه بأنها أبصار العقول، ومع ذلك تدركه أبصار العيون!! قال: وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ واللالكائي من طريق عبد الرحمن بن مهدي قال سمعت أبا الحصين يحيى بن الحصين قارئ أهل مكة يقول: لا تدركه الأبصار قال أبصار العقول. انتهى.

وقد تقدم في أول الباب عن (إمام الأئمة) ابن خزيمة حملته الشديدة على عائشة وتفسيره للآية بأن جميع الأبصار لا تدركه ولكن البصر الواحد يدركه! قال في كتاب التوحيد ص ٢٢٦

لأن قوله: لا تدركه الأبصار، قد يحتمل معنيين على مذهب من يثبت رؤية النبي

٣١٥

صلى الله عليه وسلم خالقه عز وجل، قد يحتمل بأن يكون معنى قوله:لا تدركه الأبصار ، على ما قال ترجمان القرآن لمولاه عكرمة ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء. والمعنى الثاني أي لا تدركه الأبصار أبصار الناس لأن الأعم والأظهر من لغة العرب أن الأبصار إنما تقع على أبصار جماعة، لا أحسب غريباً يجيء من طريق اللغة أن يقال لبصر امريء واحد أبصار وإنما يقال لبصر امريء واحد بصر، لا ولا سمعنا غريباً يقال لعين امريء واحد بصران فكيف أبصار، ولو قلنا: إن الأبصار ترى ربنا في الدنيا لكنا قد قلنا الباطل والبهتان، فأما من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه دون سائر الخلق فلم يقل إن الأبصار قد رأت ربها في الدنيا فكيف يكون - يا ذوي الحجا - من ينفي أن النبي صلى الله عليه وسلم محمداً قد رأى ربه دون سائر الخلق مثبتاً أن الأبصار قد رأت ربها، فتفهموا يا ذوي الحجا هذه النكتة تعلموا أن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما وأباذر وأنس بن مالك ومن وافقهم لم يعظموا الفرية على الله، لا ولا خالفوا حرفاً من كتاب الله في هذه المسألة! انتهى.

وقد علق على ذلك محقق كتابه وهو الشيخ محمد الهراس من علماء الأزهر، فقال:

عجباً لإمام الأئمة كيف خانه علمه فتوهم أن المنفي هو إدراك الأبصار له إذا اجتمعت فإذا انفرد واحد منها أمكن أن يراه! فهل إذا قال قائل لا آكل الرمان، يكون معنى هذا أنه لا يأكل الحبات منه ولكن يأكل الحبة! يرحم الله ابن خزيمة فلقد كبا ولكل جواد كبوة.

- وقد كان الطبري من أعقلهم في تفسير الآية حيث اعترف بأنه لا مجال للهروب منها ولابد من الإعتراف بأنها تنفي إمكان الرؤية مطلقاً، وأن الأخبار المروية في رؤيته تعالى تنافيها، ولكن لابد لنا من قبول الأخبار وطرح الآية!

قال في تفسيره ج ٧ ص ٢٠٠ - ٢٠٣:

قالوا فإن قال لنا قائل: وما أنكرتم أن يكون معنى قوله:لا تدركه الأبصار ، لا تراه الأبصار؟ قلنا له: أنكرنا ذلك لأن الله جل ثناؤه أخبر في كتابه أن وجوهاً في القيامة

٣١٦

إليه ناظرة، وأن رسول الله (ص) أخبر أمته أنهم سيرون ربهم يوم القيامة كما يرى القمر ليلة البدر....

وقال آخرون.. لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، إلا أنه جائز أن يكون معنى الآية لا تدركه أبصار الظالمين في الدنيا والآخرة، وتدركه أبصار المؤمنين وأولياء الله. قالوا وجائز أن يكون معناها لا تدركه الأبصار بالنهاية والإحاطة وأما الرؤية فبلى. وقال آخرون: الآية على العموم ولن يدرك الله بصر أحد في الدنيا والآخرة، ولكن الله يحدث لأوليائه يوم القيامة حاسة سادسة سوى حواسهم الخمس فيرونه بها.... والصواب من القول في ذلك: عذرنا ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله (ص) أنه قال إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر. انتهى.

ولم يبين الطبري ولا غيره كيف صار هذا هو الصواب، وهل كلما عارض صريح القرآن خبر أخذنا به وخصصنا به القرآن وقلنا: عذرنا الأخبار المناقضة للقرآن!

- قال القسطلاني في إرشاد الساري ج ١٠ ص ٣٦٤

قوله تعالى في سورة الأنعام:لا تدركه الأبصار ، وأجاب المثبتون بأن معنى الآية لا تحيط به الأبصار أو لا تدركه الأبصار، وإنما يدركه المبصرون! أو لا تدركه في الدنيا لضعف تركيبها في الدنيا، فإذا كان في الآخرة خلق الله تعالى فيهم قوة يقدرون بها على الرؤية. انتهى.

ولكنهم بهذه المواصفات الجديدة للعين ونظام الرؤية، خرجوا عن موضوع البحث، بل هربوا منه، وفي نفس الوقت ردوا أحاديثهم في الرؤية التي ظاهرها رؤيته تعالى في الدنيا والآخرة بالعين المتعارفة المجردة، في أحسن صورة، وكما يرى القمر ليلة البدر على حد زعمهم!

- وقال الشوكاني في فتح القدير ج ٢ ص ١٨٥

في قوله:لا تدركه الأبصار .... التقدير لا تدركه كل الأبصار بل بعضها، وهي أبصار المؤمنين!....

٣١٧

- وقال التلمساني في نفح الطيب ج ٧ ص ٢٩٦

سئل النصيبي عن الرؤية بمجلس عضد الدولة فأنكرها محتجاً بأن كل شيء يرى بالعين فهو في مقابلتها، فقال له القاضي ابن الطيب: لا يرى بالعين، قال له الملك: فبماذا يرى؟ قال: بالإدراك الذي يحدثه الله في العين.. وهذا الأجهر عينه قائمة ولا يرى بها شيئاً! انتهى.

- وقال في نفح الطيب ج ٨ ص ٣٤

حكاية أبي بكر بن الطيب مع رؤساء بعض المعتزلة، وذلك أنه اجتمع معه في مجلس الخليفة، فناظره في مسألة رؤية الباري فقال رئيسهم: ما الدليل أيها القاضي على جواز رؤية الله تعالى؟ قال: قوله تعالى:لا تدركه الأبصار ! فنظر بعض المعتزلة إلى بعض وقالوا: جنَّ القاضي، وذلك أن هذه الآية هي معظم ما احتجوا على مذهبهم، وهو ساكت، ثم قال لهم: أتقولون إن من لسان العرب قولك: الحائط لا يبصر قالوا: لا.. قال: فلا يصح إذن نفي الصفة عما من شأنه صحة إثباتها له؟ قالوا نعم، قال: فكذلك قوله تعالى(لا تدركه الأبصار) لولا جواز إدراك الأبصار له لم يصح نفيه عنه. انتهى. ولابدّ أنهم أجابوه إن الذي يصحح النفي هو توهم جواز الرؤية لا جوازها وإمكانها!

وهكذا يحرِّم إخواننا التأويل، ولكنهم إذا وصلوا إلى آيات نفي الرؤية وأحاديثها هجموا عليها بمعاول التأويل والمغالطات بلا رحمة ولا ضابطة، حتى يجعلوا من النفي إثباتاً، وقد يجعلون من الكفر إيماناً!

* *

تفسير آية: ما كذب الفؤاد ما رأى

قال الله تعالى:وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ

٣١٨

الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى . النجم ١ - ١٨

قال أهل البيت: رأى ربه بفؤاده ورأى آياته بعينيه

تقدم في الفصول السابقة عدد من الأحاديث عن النبي وآلهصلى‌الله‌عليه‌وآله في تفسير هذه الآية، ونضيف إليها هنا مايلي:

- روى الصدوق في كتاب التوحيد ص ١٠٨:

أبيرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أسري بي إلى السماء بلغ بي جبرئيل مكاناً لم يطأه جبرئيل قط، فكشف لي فأراني الله عز وجل من نور عظمته ما أحب.

- و في ص ١١٦:

حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرضي‌الله‌عنه قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن مرازم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربه عز وجل يعني بقلبه، وتصديق ذلك: ما حدثنا به محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام هل رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربه عز وجل؟ فقال: نعم بقلبه رآه، أما سمعت الله عز وجل يقول: ما كذب الفؤاد ما رأى، أي لم يره بالبصر، لكن رآه بالفؤاد.

- وقد عقد الصدوق في التوحيد باباً بعنوان (ما جاء في الرؤية) ص ١٠٧ ، نورد بعض روايته قال:

٣١٩

حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائهعليهم‌السلام قال: مر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على رجل وهو رافع بصره إلى السماء يدعو، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : غض بصرك فإنك لن تراه.

وقال: ومر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على رجل رافع يديه إلى السماء وهو يدعو، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أقصر من يديك فإنك لن تناله.

حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن علي بن أبي القاسم، عن يعقوب بن إسحاق قال: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام أسأله كيف يعبد العبد ربه وهو لا يراه؟ فوقععليه‌السلام يا أبا يوسف جل سيدي ومولاي والمنعم عليّ وعلى آبائي أن يرى.

قال: وسألته هل رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربه؟ فوقععليه‌السلام إن الله تبارك وتعالى أرى رسوله بقلبه من نور عظمته ما أحب.

حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريسرحمه‌الله ، عن أبيه، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، قال: ذاكرت أبا عبد اللهعليه‌السلام فيما يروون من الرؤية، فقال: الشمس جزء من سبعين جزءاً من نور الكرسي، والكرسي جزء من سبعين جزءاً من نور العرش، والعرش جزء من سبعين جزءاً من نور الحجاب، والحجاب جزء من سبعين جزءاً من نور الستر، فإن كانوا صادقين فليملؤوا أعينهم من الشمس ليس دونها سحاب.

- وفي علل الشرائع ج ١ ص ١٣١

حدثنا محمد بن أحمد بن السناني وعلي بن أحمد بن محمد الدقاق والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبد الله الوراقرضي‌الله‌عنهم ، قالوا حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن ثابت بن دينار، قال سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام عن الله جل

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

وَعِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ وَابْنِ مُسْكَانَ(١) ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : « إِذَا حَدَّثْتُكُمْ بِشَيْ‌ءٍ ، فَاسْأَلُونِي(٢) عَنْ(٣) كِتَابِ اللهِ ».

ثُمَّ قَالَ فِي(٤) حَدِيثِهِ : « إِنَّ اللهَ(٥) نَهى عَنِ الْقِيلِ وَالْقَالِ(٦) ، وَفَسَادِ الْمَالِ(٧) ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ».

____________________

= + « عن يونس ». والصواب ما أثبتناه ، كما يقتضي التأمّل في السند ؛ فإنّ في السند تحويلاً ويروي عن يونس ، محمّد بن عيسى ووالد أحمد بن أبي عبد الله جميعاً.

(١). في « ط ، بخ ، بف » والتهذيب : « أو ابن مسكان ». وفي « بح » : « وعبد الله بن مسكان ».

(٢). في الوافي عن بعض النسخ : + « أين هو ».

(٣). في الوافي والكافي ، ح ١٨٧والمحاسن : « من ».

(٤). في الوافي والكافي ، ح ١٨٧والمحاسن : + « بعض ».

(٥). في الوافي والكافي ، ح ١٨٧والمحاسن : « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٦). قال ابن الأثير : « فيه أنّه نهى عن قيل وقال ، أي نهى عن فضول ما يتحدّث به المتجالسون ، من قولهم : قيل كذا ، وقال كذا ، وبناؤهما على كونهما فعلين ما ضيين متضمّنين للضمير ، والإعراب على إجرائهما مجرى الأسماء خِلْوَين من الضمير ، وإدخال حرف التعريف عليهما لذلك في قولهم : القيل والقال. وقيل : القال الابتداء ، والقيل الجواب.

وهذا إنّما يصحّ إذا كانت الرواية : قيلَ وقالَ ، على أنّهما فعلان ، فيكون النهي عن القول بما لا يصحّ ولا تعلم حقيقته ، وهو كحديثه الآخر : بئس مطيّة الرجل زعموا ، فأمّا من حكى ما يصحّ ويعرف حقيقته وأسنده إلى ثقة صادق فلا وجه للنهي عنه ولا ذمّ.

وقال أبو عبيد:فيه نحو وعربيّة، وذلك أنّه جعل القال مصدراً، كأنّه قال : نهى عن قيلٍ وقول ، يقال : قلت قولاً وقيلاً وقالاً ، وهذا التأويل على أنّهما اسمان.

وقيل: أراد النهي عن كثرة الكلام مبتدئاً ومجيباً.وقيل: أراد به حكاية أقوال الناس والبحث عمّا لا يجدي عليه خيراً ولا يعينه أمره». وعن الرفيعرحمه‌الله في هامشالوافي أنّه قال : «قوله :نهى عن القيل والقال، المراد بالقيل والقال نقلُ الحكايات، كما يقال : قيل كذا وكذا في نقل التواريخ والقصص،وأقوالُ بعضهم لبعض، كما هو الشائع إظهاراً للاطّلاع عليها، أو اطّلاعاً لهم عليها، أو جعل قلوبهم مشغولين بحكايته مستأنسين بها، لا للتعليم أو التذكير في المسائل العلميّة وما ينتفع بها، أو للإصلاح؛فإنّ المطلوب التعليم والتذكير لا الحكاية. والمراد بفساد المال ترك إصلاحه أو صرفه في غير مصرفه.والمراد بكثرة السؤال السؤال عن الأكثر ممّا يحتاج إليه». (٧). في المحاسن : + « وفساد الأرض ».

٥٠١

فَقَالُوا(١) : يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ(٢) ، وَأَيْنَ(٣) هذَا مِنْ كِتَابِ اللهِ؟

قَالَ(٤) : « إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ فِي كِتَابِهِ(٥) :( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ ) (٦) الْآيَةَ ، وَقَالَ :( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً ) (٧) وَقَالَ(٨) :( لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) (٩) ».(١٠)

٩٣٤٨/ ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ(١١) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ النَّبِيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَنِ ائْتَمَنَ شَارِبَ الْخَمْرِ عَلى أَمَانَةٍ بَعْدَ عِلْمِهِ فِيهِ(١٢) ، فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللهِ ضَمَانٌ ، وَلَا أَجْرٌ لَهُ ، وَلَا خَلَفٌ(١٣) ».(١٤)

____________________

(١). في « بخ ، بف » : « فقيل ». وفي الوافي والكافي ، ح ١٨٧ « فقيل له ». وفي المحاسن : « قالوا ».

(٢). في « بخ ، بف ، جت ، جن » : + « صلّى الله عليك ».

(٣). في « ط ، جن » : « فأين ». وفي الوافي والكافي ، ح ١٨٧ والتهذيب : « أين » من دون الواو.

(٤). في « بف » والوسائل والبحار : « فقال ».

(٥). في «ى»والوافي والكافي، ح ١٨٧:-«في كتابه».

(٦). النساء (٤) : ١١٤. وفي « بس ، جن » : +( إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ ) . وفي « بخ ، بف » والوافي :( إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلحِ بَيْنَ النَّاسِ ) . (٧). النساء (٤) : ٥.

(٨). في « بخ » : + « تعالى ». وفي المحاسن : - « قال ».

(٩). المائدة (٥) : ١٠١.

(١٠).الكافي ، كتاب فضل العلم ، باب الردّ إلى الكتاب والسنّة ، ح ١٨٧ ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن حمّاد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي الجارود.المحاسن ، ص ٢٦٩ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٣٥٨ ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي الجارود.التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٣١ ، ح ١٠١٠ ، معلّقاً عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان أو ابن مسكان ، عن أبي الجارودالوافي ، ج ١ ، ص ٢٦٩ ، ح ٢١٠ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ٨٣ ، ح ٢٤٢٠٨ ؛البحار ، ج ٤٦ ، ص ٣٠٣ ، ح ٥٠. (١١). في الكافي ، ح ١٢٢٣٢ : + « الشامي ».

(١٢). في « ى ، بس ، جت ، جد ، جن » والوسائل والتهذيب ، ج ٧ : - « فيه ».

(١٣). في « بخ ، بف » والوافي : « ولا أجر ولا له خلف ».

(١٤).الكافي ، كتاب الأشربة ، باب شارب الخمر ، ذيل ح ١٢٢٣٢ ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد وعدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعاً ، عن ابن محبوب ، مع اختلاف يسير. =

٥٠٢

٩٣٤٩/ ٤. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنْ بَعْضِ‌ أَصْحَابِنَا ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « مَا أُبَالِي ائْتَمَنْتُ خَائِناً أَوْ مُضَيِّعاً(١) ».(٢)

٩٣٥٠/ ٥. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يُبْغِضُ الْقِيلَ وَالْقَالَ ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ».(٣)

١٥٦ - بَابُ ضَمَانِ مَا يُفْسِدُ(٤) الْبَهَائِمُ مِنَ الْحَرْثِ وَالزَّرْعِ‌

٩٣٥١/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِسْحَاقَ شَعِرٍ(٥) ، عَنْ هَارُونَ بْنِ حَمْزَةَ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ(٦) وَالْإِبِلِ يَكُونُ(٧) فِي الرَّعْيِ(٨) ،

____________________

=التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٣١ ، ح ١٠٠٩ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد.وفيه ، ج ٩ ، ص ١٠٣ ، ذيل ح ٤٤٧ ، معلّقاً عن الحسن بن محبوب ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٥٥ ، ح ١٨٦٥٥ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ٨٤ ، ح ٢٤٢٠٩.

(١). فيالوافي : « يعني لا فرق بينهما ، فكما أنّ استئمان الخائن غير جائز فكذا استئمان المضيّع ».

وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : ما اُبالي ، الغرض بيان أنّ تضييع مال الغير مثل الخيانة فيه ، والاعتماد على المضيّع مرجوح ، كما أنّ ائتمان الخائن مرجوح ».

(٢).تحف العقول ، ص ٣٦٧الوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٥٧ ، ح ١٨٦٥٧ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ٨٨ ، ح ٢٤٢٢٠.

(٣).معاني الأخبار ، ص ٢٧٩ ، بسند آخر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتمام الرواية فيه : « نهىصلى‌الله‌عليه‌وآله عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ».تحف العقول ، ص ٤٤٣ ، عن الرضاعليه‌السلام ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٥٧ ، ح ١٨٦٥٨ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ٨٨ ، ح ٢٤٢٢١.

(٤). في « ط ، جد » والمرآة : « ما تفسد ». وفي « ى » : « ما يفسده ».

(٥). في « بف » : - « شعر ».

(٦). في « جد » : « الغنم والبقر ».

(٧). في « بح ، جد » والوافي والوسائل والتهذيب : « تكون ». وفي « جن » بالتاء والياء معاً.

(٨). في التهذيب : « المرعى ». وفيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٤١١ : « عمل بهذا الخبر أكثر القدماء وذهب ابن إدريس والمحقّق وأكثر المتأخّرين إلى اعتبار التفريط ليلاً كان أو نهاراً ».

٥٠٣

فَتُفْسِدُ(١) شَيْئاً : هَلْ عَلَيْهَا ضَمَانٌ؟

فَقَالَ : « إِنْ أَفْسَدَتْ نَهَاراً ، فَلَيْسَ عَلَيْهَا ضَمَانٌ ؛ مِنْ أَجْلِ أَنَّ أَصْحَابَهُ يَحْفَظُونَهُ ، وَإِنْ(٢) أَفْسَدَتْ لَيْلاً ، فَإِنَّ(٣) عَلَيْهَا ضَمَانٌ ».(٤)

٩٣٥٢/ ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، عَنِ الْمُعَلّى أَبِي عُثْمَانَ(٥) ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ) (٦) فَقَالَ : « لَا يَكُونُ النَّفَشُ(٧) إِلَّا بِاللَّيْلِ ؛ إِنَّ عَلى صَاحِبِ الْحَرْثِ أَنْ يَحْفَظَ الْحَرْثَ بِالنَّهَارِ ، وَلَيْسَ عَلى صَاحِبِ الْمَاشِيَةِ حِفْظُهَا بِالنَّهَارِ ، وَإِنَّمَا(٨) رَعْيُهَا بِالنَّهَارِ وَأَرْزَاقُهَا ، فَمَا أَفْسَدَتْ فَلَيْسَ عَلَيْهَا ، وَعَلى(٩) أَصْحَابِ(١٠) الْمَاشِيَةِ حِفْظُ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْلِ عَنْ حَرْثِ النَّاسِ ، فَمَا أَفْسَدَتْ بِاللَّيْلِ فَقَدْ ضَمِنُوا وَهُوَ النَّفَشُ ، وَإِنَّ دَاوُدَعليه‌السلام حَكَمَ لِلَّذِي أَصَابَ زَرْعَهُ رِقَابَ الْغَنَمِ ، وَحَكَمَ سُلَيْمَانُعليه‌السلام الرِّسْلَ(١١) وَالثَّلَّةَ(١٢) وَهُوَ اللَّبَنُ وَالصُّوفُ فِي‌

____________________

(١). في « ى » : « فيفسد ». وفي « جت » بالتاء والياء معاً.

(٢). في « بخ ، بف » : « وإذا ».

(٣). في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بف ، جد ، جن » وحاشية « جت » والوافي والوسائل : « فإنّه ».

(٤).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٢٤ ، ح ٩٨١ ، معلّقاً عن محمّد بن يحيىالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٢٥ ، ح ١ ؛الوسائل ، ج ٢٩ ، ص ٢٧٧ ، ح ٣٥٦١٣.

(٥). في « بخ ، بف » : « المعلّى بن عثمان ».

والمعلّى هذا ، هو المعلّى بن عثمان أبو عثمان الأحول. راجع :رجال النجاشي ، ص ٤١٧ ، الرقم ١١١٥.

(٦). الأنبياء (٢١) : ٧٨.

(٧). « النَفْش » : الرعي ليلاً بلا راعٍ. راجع :الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٢٢ ( نفش ).

(٨). في « ط ، بخ ، بس ، بف » والوسائل والتهذيب : « إنّما » بدون الواو.

(٩). في « بخ » : « ولا على ».

(١٠). في «ى ،بح ،بف » والتهذيب : « صاحب ».

(١١). « الرِسْل » - بالكسر - : اللبن.الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٧٠٩ ( رسل ).

(١٢). قال ابن الأثير : « الثَلَّةُ - بالفتح - : جماعة الغنم ، ومنه حديث الحسنرضي‌الله‌عنه : إذا كانت لليتيم ماشية =

٥٠٤

ذلِكَ الْعَامِ ».(١)

٩٣٥٣/ ٣. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى(٢) ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَحْرٍ ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ ) (٣) قُلْتُ : حِينَ(٤) حَكَمَا فِي الْحَرْثِ كَانَتْ(٥) قَضِيَّةً وَاحِدَةً؟

فَقَالَ : « إِنَّهُ كَانَ أَوْحَى اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - إِلَى النَّبِيِّينَ قَبْلَ دَاوُدَ إِلى أَنْ بَعَثَ اللهُ دَاوُدَ : أَيُّ غَنَمٍ نَفَشَتْ فِي الْحَرْثِ ، فَلِصَاحِبِ(٦) الْحَرْثِ رِقَابُ الْغَنَمِ ، وَلَا يَكُونُ النَّفَشُ إِلَّا بِاللَّيْلِ ، فَإِنَّ(٧) عَلى صَاحِبِ الزَّرْعِ أَنْ يَحْفَظَهُ(٨) بِالنَّهَارِ ، وَعَلى صَاحِبِ الْغَنَمِ حِفْظُ الْغَنَمِ(٩) بِاللَّيْلِ ، فَحَكَمَ دَاوُدُعليه‌السلام بِمَا حَكَمَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُعليهم‌السلام مِنْ قَبْلِهِ ؛ وَأَوْحَى(١٠) اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - إِلى سُلَيْمَانَعليه‌السلام : أَيُّ غَنَمٍ نَفَشَتْ فِي زَرْعٍ ، فَلَيْسَ(١١) لِصَاحِبِ الزَّرْعِ إِلَّا مَا خَرَجَ مِنْ بُطُونِهَا ، وَكَذلِكَ جَرَتِ السُّنَّةُ بَعْدَ سُلَيْمَانَعليه‌السلام ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالى :( وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً ) (١٢)

____________________

= فللوصيّ أن يصيب من ثَلّتها ورِسْلها ، أي من صوفها ولبنها ، فسمّي الصوف بالثلّة مجازاً ».الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٤٧ ؛النهاية ، ج ١ ، ص ٢٢٠ ( ثلل ).

(١).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٢٤ ، ح ٩٨٢ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيد.الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٠١ ، ح ٣٤١٥ ، بسند آخر عن أبي الحسنعليه‌السلام ، من قوله : « وإنّ داودعليه‌السلام حكم للذي أصاب زرعه » مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٢٦ ، ح ١٨٦٠٥ ؛الوسائل ، ج ٢٩ ، ص ٢٧٨ ، ح ٣٥٦١٤.

(٢). في « ط ، بف » : - « بن عيسى ». والسند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عدّة من ‌أصحابنا.

(٣). الأنبياء (٢١) : ٧٨.

(٤). في « بخ ، بف » : « حيث ».

(٥). في « بح ، جت » والوسائل : « كان ».

(٦). في « بخ ، بف » : « فإنّ لصاحب ».

(٧). في « ط ، بخ ، بف » والتهذيب : « وإنّ ».

(٨). في « بح ، بخ ، بف ، جت ، جن » والوسائل والتهذيب : « أن يحفظ ».

(٩). في « ى » : - « حفظ الغنم ».

(١٠). في « بخ ، بف » والوافي : « فأوحى ».

(١١). في « بس » : « ليس ».

(١٢). الأنبياء (٢١) : ٧٩.

٥٠٥

فَحَكَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحُكْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ(١) ».(٢)

١٥٧ - بَابٌ آخَرُ(٣)

٩٣٥٤/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ زُرَارَةَ وَأَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَضى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - فِي رَجُلٍ كَانَ لَهُ غُلَامٌ ، فَاسْتَأْجَرَهُ(٤) مِنْهُ صَائِغٌ(٥) أَوْ غَيْرُهُ ، قَالَ : إِنْ كَانَ ضَيَّعَ شَيْئاً(٦) أَوْ أَبَقَ مِنْهُ ، فَمَوَالِيهِ ضَامِنُونَ ».(٧)

٩٣٥٥/ ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ وَهْبٍ :

____________________

(١). فيالمرآة : « يدلّ على أنّ نسخ بعض الشرائع يكون في زمان غير اُولي العزم من الرسل ، فيكون نسخ جميع شرع من قبله ، أو أكثره مخصوصاً باُولي العزم منهم ، ويمكن أن يكون النسخ أيضاً ورد في شريعة موسىعليه‌السلام ، بأن بيّن أنّ هذا الحكم جار إلى زمن سليمانعليه‌السلام ، ولا يعلمه غير الأنبياء من علماء بني إسرائيل ، فأظهر داودعليه‌السلام خلافة سليمان على الناس ، بأن بيّن هو هذا الحكم. ويظهر من بعض الأخبار أنّ هذا الحكم إنّما كان بين قضاة بني إسرائيل ، فأظهر سليمان خطاءهم في ذلك ، ومن بعضها أنّ داود ناظر سليمان في ذلك ، فاُلهم الحكم ولم يحكم داود بخلاف حكمه ، فيمكن حمل هذا الخبر وأمثاله على التقيّة من المخالفين القائلين باجتهاد الأنبياءعليهم‌السلام ».

(٢).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٢٤ ، ح ٩٨٣ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيدالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٢٦ ، ح ١٨٦٠٦ ؛الوسائل ، ج ٢٩ ، ص ٢٧٨ ، ح ٣٥٦١٥.

(٣). في « ط » : - « آخر ».

(٤). في « بخ ، بف » والوافي : « استأجره ».

(٥). الصائغ : السابك ، يقال : صاغ الشي‌ءَ يصوغه صَوْغاً وصِياغةً : سبكه ، أي ذوّبه وأفرغه في قالب ، أو هيّأه على مثال مستقيم فانصاغ. والصياغة أيضاً : حرفته. راجع :لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٤٤٢ ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٤٩ ( صوغ ). (٦). في « ط » : - « شيئاً ».

(٧).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١٣ ، ح ٩٣٦ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيمالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٢٠ ، ح ١٨٥٩٣ ؛الوسائل ، ج ٢٩ ، ص ٢٤٥ ، ح ٣٥٥٤٨.

٥٠٦

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ(١) : مَنِ اسْتَعَارَ(٢) عَبْداً مَمْلُوكاً لِقَوْمٍ فَعِيبَ ، فَهُوَ ضَامِنٌ ؛ وَمَنِ اسْتَعَارَ(٣) حُرّاً صَغِيراً فَعِيبَ ، فَهُوَ ضَامِنٌ(٤) ».(٥)

١٥٨ - بَابُ الْمَمْلُوكُ يَتَّجِرُ فَيَقَعُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ‌

٩٣٥٦/ ١. بَعْضُ أَصْحَابِنَا ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ ظَرِيفٍ(٦) الْأَكْفَانِيِّ ، قَالَ :

كَانَ أَذِنَ لِغُلَامٍ لَهُ(٧) فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ ، فَأَفْلَسَ(٨) وَلَزِمَهُ(٩) دَيْنٌ ، فَأُخِذَ بِذلِكَ الدَّيْنِ‌

____________________

(١). في الوافي : « عن جعفر ، عن أبيهعليهما‌السلام أنّ عليّاًعليه‌السلام ، قال » بدل « عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين صلوات‌الله عليه ». (٢). في « ى » : « استجار ».

(٣). في قرب الإسناد : « استعان ».

(٤). فيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٤١٤ : « قال ابن الجنيد – رحمه ‌الله - بضمان عاريّة الحيوان مستدلّاً بهذا الحديث ، وردّه العلّامة – رحمه ‌الله - فيالمختلف بضعف السند ، وبالحمل على التفريط ، أو على أنّه لغير المالك ، وكذا الشيخ فيالاستبصار حمله على ما إذا استعار من غير مالكه ، أو فرّط في حفظه ، أو تعدّى ، أو اشترط الضمان عليه. وربّما يحمل على ما إذا كان المستعير متّهماً غير مأمون. كلّ هذا في العبد ، فأمّا في الحرّ الصغير فيمكن حمله على ما إذا استعاره من غير الوليّ ؛ فإنّه بمنزلة الغصب فيضمن لو تلف بسبب على قول الشيخ وبعض الأصحاب. وقال في الدروس : لا يتحقّق في الحرّ الغصبيّة فلا يضمن إلّا أن يكون صغيراً أو مجنوناً فيتلف بسبب ، كلدغ الحيّة ، أو وقوع الحائط ؛ فإنّه يضمن في أحد قول الشيخ ، وهو قويّ ». وراجع :الدروس ، ج ٣ ، ص ١٠٦ ، ذيل الدرس ٢١٨.

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ١٨٥ ، ح ٨١٤ ، معلّقاً عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن وهب ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّعليهم‌السلام ؛الاستبصار ، ج ٣ ، ص ١٢٥ ، ح ٤٤٥ ، معلّقاً عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن وهب ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّعليهم‌السلام .قرب الإسناد ، ص ١٤٦ ، ح ٥٢٧ ، عن أبي البختري ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن عليّعليهم‌السلام الوافي ، ج ١٨ ، ص ٨٧٢ ، ح ١٨٤٦٩ ؛الوسائل ، ج ٢٩ ، ص ٢٤٦ ، ح ٣٥٥٤٩.

(٦). في الوافي : « طريف » وهو سهو ؛ فقد ورد مضمون الخبر فيالتهذيب ، ج ٦ ، ص ١٩٦ ، ح ٤٣١ ، عن ظريف بيّاع الأكفان. وظريف بيّاع الأكفان ، هو ظريف بن ناصح. راجع :رجال الطوسي ، ص ١٣٨ ، الرقم ١٤٦٥.

(٧). في « بف » : + « معي ».

(٨). في الوافي : « وأفلس ».

(٩). في « ط » والاستبصار : « فلزمه ».

٥٠٧

الَّذِي عَلَيْهِ ، وَلَيْسَ يُسَاوِي ثَمَنُهُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ ، فَسَأَلَ(١) أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، فَقَالَ : « إِنْ بِعْتَهُ لَزِمَكَ الدَّيْنُ ، وَإِنْ أَعْتَقْتَهُ لَمْ يَلْزَمْكَ الدَّيْنُ(٢) » فَأَعْتَقَهُ ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ(٣) شَيْ‌ءٌ(٤) .(٥)

٩٣٥٧/ ٢. حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ(٦) ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنِ ابْنِ رِئَابٍ ، عَنْ زُرَارَةَ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام عَنْ رَجُلٍ مَاتَ ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْناً ، وَتَرَكَ عَبْداً لَهُ مَالٌ فِي التِّجَارَةِ ، وَوَلَداً ، وَفِي يَدِ الْعَبْدِ مَالٌ(٧) وَمَتَاعٌ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ اسْتَدَانَهُ الْعَبْدُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ فِي تِجَارَتِهِ(٨) ، وَإِنَّ(٩) الْوَرَثَةَ وَغُرَمَاءَ الْمَيِّتِ اخْتَصَمُوا فِيمَا فِي يَدِ الْعَبْدِ مِنَ الْمَالِ وَالْمَتَاعِ ، وَفِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ؟

فَقَالَ : « أَرى أَنْ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ سَبِيلٌ عَلى رَقَبَةِ الْعَبْدِ ، وَلَا عَلى مَا فِي يَدِهِ(١٠) مِنَ‌ الْمَتَاعِ وَالْمَالِ ، إِلَّا أَنْ يُضَمَّنُوا دَيْنَ الْغُرَمَاءِ جَمِيعاً ، فَيَكُونُ الْعَبْدُ وَمَا فِي يَدِهِ(١١) مِنَ الْمَالِ(١٢) لِلْوَرَثَةِ ، فَإِنْ أَبَوْا ، كَانَ الْعَبْدُ وَمَا فِي يَدِهِ(١٣) لِلْغُرَمَاءِ ، يُقَوَّمُ الْعَبْدُ وَمَا فِي يَدِهِ(١٤)

____________________

(١). في حاشية « جت » : « فسألت ».

(٢). في « ى » : - « الدين ».

(٣). في « بخ ، بف » : « فأعتقته فلم يلزمني ». وفي الوافي : « فعتقه ولم يلزمه ».

(٤). فيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٤١٤ : « قال في الدروس : إن استدان العبد بإذن المولى أو إجازته لزم المولى مطلقاً. وفيالنهاية : إن أعتقه تبع به إذا تحرّر ، وإلّا كان على المولى ، وبه قال الحلبي إن استدان لنفسه ، وإن كان للسيّد فعليه ». وراجع :النهاية ، ص ٣١١ ؛الكافي في الفقه ، ص ٣٣١ و ٣٣٢ ؛الدروس ، ج ٣ ، ص ٣١٧ ، الدرس ٢٦٣.

(٥).التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٩٩ ، ح ٤٤٣ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ١١ ، ح ٢٩ ، معلّقاً عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عثمان بن عيسىالوافي ، ج ١٨ ، ص ٨٠٩ ، ح ١٨٣٤٢ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٣٧٤ ، ذيل ح ٢٣٨٧٨. (٦). في « ط » : + « الحسن ».

(٧). في « بح » : « ماله ».

(٨). في «بخ،بف» والتهذيب والاستبصار : « تجارة ».

(٩). في الوافي : « فإنّ ».

(١٠). في حاشية «بح» والتهذيب والاستبصار:«يديه».

(١١). في « ط ، بخ ، بف » وحاشيه « بح » والتهذيب والاستبصار : « يديه ».

(١٢). في « ط » والتهذيب والاستبصار : - « من المال ».

(١٣). في « بخ » وحاشية « بح ، بف » : « يديه ».

(١٤). في « بخ ، بف » وحاشية « بح » والتهذيب والاستبصار : « يديه ».

٥٠٨

مِنَ الْمَالِ ، ثُمَّ يُقْسَمُ ذلِكَ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ ، فَإِنْ عَجَزَ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَمَا(١) فِي يَدِهِ(٢) عَنْ أَمْوَالِ الْغُرَمَاءِ ، رَجَعُوا عَلَى الْوَرَثَةِ فِيمَا بَقِيَ لَهُمْ إِنْ كَانَ الْمَيِّتُ تَرَكَ شَيْئاً ».

قَالَ : « وَإِنْ(٣) فَضَلَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَمَا كَانَ فِي يَدِهِ(٤) عَنْ(٥) دَيْنِ الْغُرَمَاءِ ، رُدَّ(٦) عَلَى الْوَرَثَةِ(٧) ».(٨)

٩٣٥٨/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(٩) عليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : رَجُلٌ(١٠) يَأْذَنُ(١١) لِمَمْلُوكِهِ(١٢) فِي التِّجَارَةِ ، فَيَصِيرُ عَلَيْهِ دَيْنٌ.

قَالَ : « إِنْ(١٣) كَانَ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ ، فَالدَّيْنُ(١٤) عَلى مَوْلَاهُ ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ(١٥) ، فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَى الْمَوْلى ، وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي الدَّيْنِ ».(١٦)

____________________

(١). في الوافي : + « كان ».

(٢). في « ط » وحاشية « بح » والوافي والتهذيب والاستبصار : « يديه ».

(٣). في « ط ، بح » : « فإن ».

(٤). في حاشية « بح » والوافي والتهذيب والإستبصار : « يديه ».

(٥). في « بخ ، بف » : « من ». وفي «ط»:«غير».

(٦). في « ط » والاستبصار : « ردّه ».

(٧). فيالمرآة : « يدلّ على أنّ غرماء العبد يقتسمون غرماء المولى ، كما ذكره الأصحاب ».

(٨).التهذيب ، ج ٦ ، ص ١٩٩ ، ح ٤٤٤ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ١١ ، ح ٣٠ ، معلّقاً عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن ابن محبوب ، عن عليّ بن رئابالوافي ، ج ١٨ ، ص ٨٠٩ ، ح ١٨٣٤٤ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٣٧٥ ، ذيل ح ٢٣٨٨٠. (٩). في « جت » : « أبي عبد الله ».

(١٠). في « ط ، بخ ، بف » والتهذيب والاستبصار : « الرجل ».

(١١). في الوافي : « أذن ».

(١٢). في « ط » : « للمملوك ».

(١٣). في حاشية « جت » : « إذا ».

(١٤). في « بح » : « فإنّ الدين ».

(١٥). في « بخ ، بف » : - « أن يستدين ».

(١٦).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٢٠٠ ، ح ٤٤٥ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ١١ ، ح ٣١ ، معلّقاً عن محمّد بن يحيىالوافي ، ج ١٨ ، ص ٨١٠ ، ح ١٨٣٤٥ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٣٧٣ ، ذيل ح ٢٣٨٧٦.

٥٠٩

١٥٩ - بَابُ النَّوَادِرِ(١)

٩٣٥٩/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « اخْتَصَمَ إِلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام رَجُلَانِ اشْتَرى أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ بَعِيراً(٢) ، وَاسْتَثْنَى الْبَائِعُ(٣) الرَّأْسَ وَالْجِلْدَ ، ثُمَّ بَدَا لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَهُ ، فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي(٤) : هُوَ شَرِيكُكَ(٥) فِي الْبَعِيرِ عَلى قَدْرِ الرَّأْسِ وَالْجِلْدِ ».(٦)

٩٣٦٠/ ٢. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُرَازِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَمِّهِ ، قَالَ :

شَهِدْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام وَهُوَ(٧) يُحَاسِبُ وَكِيلاً لَهُ ، وَالْوَكِيلُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ : وَاللهِ مَا خُنْتُ(٨) ، وَاللهِ مَا خُنْتُ.

فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « يَا هذَا خِيَانَتُكَ وَتَضْيِيعُكَ عَلَيَّ مَالِي(٩) سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّ(١٠) الْخِيَانَةَ شَرُّهُمَا(١١) عَلَيْكَ ».

____________________

(١). في « جت » : + « منه ».

(٢). في «بخ،بف» والوافي:«أحدهما بعيراً من الآخر».

(٣). في التهذيب : « البيع ».

(٤). فيالوافي :«اُريد بالمشتري الثاني الذي اشتراه ثانياً».

(٥). في « بخ » : « شريك ».

(٦).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨١ ، ح ٣٥٠ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيم. وفيصحيفة الرضا عليه‌السلام ، ص ٨٠ ، ح ١٧٥ ؛وعيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ٤٣ ، ح ١٥٣ ، بسند آخر عن الرضا ، عن آبائه ، عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٨ ، ص ٨٩٥ ، ح ١٨٥٢٦ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٧٥ ، ذيل ح ٢٣٦٦٠.

(٧). في « بخ ، بف » والوافي : + « جالس ».

(٨). في « ط ، ى ، بخ » والبحار : - « والله ما خنت ».

(٩). في « بخ ، بف » والوافي : « لمالي » بدل « عليّ مالي ».

(١٠). هكذا في « ث ، ر ، ط ، ى ، بح ، بخ ، بز ، بس ، بض ، بف ، بى ، جت ، جد ، جز ، جش ، جن » والوافي والوسائل والبحار. وفي « جي » والمطبوع : « لأنّ » بدل « اِلَّا أن ».

(١١). هكذا في « ث ، ط ، بح ، بخ ، بز ، بس ، بض ، بف ، بى ، جت ، جد ، جز ، جن ، جى ». وفي سائر النسخ والمطبوع والوافى : « شرّها ».

٥١٠

ثُمَّ قَالَ(١) : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ هَرَبَ(٢) مِنْ رِزْقِهِ ، لَتَبِعَهُ حَتّى يُدْرِكَهُ ، كَمَا أَنَّهُ إِنْ(٣) هَرَبَ مِنْ أَجَلِهِ(٤) ، تَبِعَهُ(٥) حَتّى يُدْرِكَهُ(٦) ؛ وَمَنْ(٧) خَانَ(٨) خِيَانَةً ، حُسِبَتْ(٩) عَلَيْهِ مِنْ رِزْقِهِ ، وَكُتِبَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا ».(١٠)

٩٣٦١/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ أَبِي عُمَارَةَ الطَّيَّارِ(١١) ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : إِنَّهُ(١٢) قَدْ ذَهَبَ مَالِي ، وَتَفَرَّقَ مَا(١٣) فِي يَدِي وَعِيَالِي كَثِيرٌ.

فَقَالَ لَهُ(١٤) أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « إِذَا قَدِمْتَ الْكُوفَةَ(١٥) فَافْتَحْ بَابَ حَانُوتِكَ(١٦) ، وَابْسُطْ بِسَاطَكَ ، وَضَعْ مِيزَانَكَ ، وَتَعَرَّضْ لِرِزْقِ رَبِّكَ(١٧) ».

قَالَ : فَلَمَّا أَنْ(١٨) قَدِمَ(١٩) فَتَحَ بَابَ حَانُوتِهِ ، وَبَسَطَ بِسَاطَهُ ، وَوَضَعَ مِيزَانَهُ ، قَالَ :

____________________

(١). في « ط ، بخ ، بف » : « قال : ثمّ قال ».

(٢). في الوسائل : « فرّ ».

(٣). في « بح ، بخ » وحاشية « جن » : « لو ». وفي « بف » : - « إن ».

(٤). في « بخ » : « أهله ».

(٥). في الوافي : « لتبعه ».

(٦). في « بخ » : + « كما أنّه لو هرب من أهله ، اتّبعه حتّى يدركه ».

(٧). هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل. وفي « جت » والمطبوع : « من » بدون الواو.

(٨). في « ى » : « خاف ».

(٩). في « جت » وحاشية « بس » : « حبست ».

(١٠).تحف العقول ، ص ٤٠٨ ، عن موسى بن جعفرعليه‌السلام ، إلى قوله : « إلّا أن الخيانة شرّهما عليك » مع اختلاف يسير. وراجع :الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب فضل اليقين ، ح ١٥٦٨ ومصادرهالوافي ، ج ١٧ ، ص ١١٣ ، ح ١٦٩٦٨ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ١٦٨ ، ح ٢٤٣٧٥ ؛البحار ، ج ٤٧ ، ص ٦٠ ، ح ١١٣ ، إلى قوله : « إلّا أن الخيانة شرّهما عليك ». (١١). في « ط ، بخ » : « أبي عمارة بن الطيّار ».

(١٢). في البحار : « إنّي ».

(١٣). في « بف » والوافي : + « كان ».

(١٤). في «ط» والوسائل والتهذيب ، ج ٧:-«له».

(١٥). في الوسائل والتهذيب ، ج ٧ : - « الكوفة ».

(١٦). الحانوت : دكّان البائع ، واختلف في وزنها.المصباح المنير ، ص ١٥٨ ( حون ).

(١٧). في الوافي : « للرزق من الله جلّ وعزّ ». وفي « بخ » : « للرزق من الله تعالى ». وفي « ط » : « لرزق الله عزّ وجلّ ». وفيالدروس ، ج ٣ ، ص ١٨٥ ، الدرس ٢٣٧ : « يستحبّ التعرّض للرزق وإن لم يكن له بضاعة كثيرة فيفتح بابه ويبسط بساطه ». (١٨). في « ط ، بف » : - « أن ».

(١٩). في « ط ، بخ ، بس ، بف ، جن » وحاشية « بح » والوافي والبحار : + « الكوفة ».

٥١١

فَتَعَجَّبَ مَنْ حَوْلَهُ بِأَنْ(١) لَيْسَ فِي بَيْتِهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ مِنَ الْمَتَاعِ ، وَلَا عِنْدَهُ(٢) شَيْ‌ءٌ ، قَالَ : فَجَاءَهُ(٣) رَجُلٌ ، فَقَالَ(٤) : اشْتَرِ لِي ثَوْباً ، قَالَ : فَاشْتَرى لَهُ(٥) ، وَأَخَذَ ثَمَنَهُ وَصَارَ(٦) الثَّمَنُ إِلَيْهِ(٧) ، ثُمَّ جَاءَهُ(٨) آخَرُ ، فَقَالَ لَهُ(٩) : اشْتَرِ لِي ثَوْباً ، قَالَ(١٠) : فَطَلَبَ(١١) لَهُ فِي(١٢) السُّوقِ ، ثُمَّ اشْتَرى(١٣) لَهُ ثَوْباً ، فَأَخَذَ(١٤) ثَمَنَهُ فَصَارَ(١٥) فِي يَدِهِ ، وَكَذلِكَ يَصْنَعُ التُّجَّارُ‌ يَأْخُذُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ، ثُمَّ جَاءَهُ(١٦) رَجُلٌ آخَرُ ، فَقَالَ لَهُ(١٧) : يَا بَا عُمَارَةَ(١٨) ، إِنَّ عِنْدِي عِدْلًّا مِنْ كَتَّانٍ ، فَهَلْ تَشْتَرِيهِ(١٩) وَأُؤَخِّرَكَ(٢٠) بِثَمَنِهِ سَنَةً؟ فَقَالَ(٢١) : نَعَمْ ، احْمِلْهُ وَجِئْ(٢٢) بِهِ ، قَالَ : فَحَمَلَهُ(٢٣) ، فَاشْتَرَاهُ(٢٤) مِنْهُ بِتَأْخِيرِ سَنَةٍ ، قَالَ : فَقَامَ الرَّجُلُ فَذَهَبَ ، ثُمَّ أَتَاهُ آتٍ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ ، فَقَالَ لَهُ(٢٥) : يَا بَا عُمَارَةَ(٢٦) ، مَا هذَا الْعِدْلُ؟ قَالَ : هذَا عِدْلٌ اشْتَرَيْتُهُ ،

____________________

(١). في التهذيب ، ج ٧ : « فتعجّب من حوله من جيرانه بأنّه ».

(٢). في « ط ، بس » : « ولا غيره ».

(٣). في « بخ » : « فجاء ».

(٤). في حاشية « جت » : + « له ».

(٥). في « بخ ، بف » والوافي : + « ثوباً ».

(٦). في « بس » والوافي : « فصار ».

(٧). في « ط ، بخ ، بف » والوافي : + « قال ». وفي الوافي عن بعض النسخ : « له » بدل « إليه ».

(٨). في « ى » : « جاء ».

(٩). في الوافي والبحار والتهذيب ، ج ٧ : - « له ».

(١٠). في « بح » : « فقال ».

(١١). في « ط ، ى ، بس ، جت ، جد ، جن » والبحار والتهذيب ، ٧ : « فجلب ».

(١٢). في التهذيب ، ج ٧ : « باقي ».

(١٣). في « بخ ، بف » والوافي : « واشترى ».

(١٤). في « بخ ، بف » والوافي : « وأخذ ».

(١٥). في « بخ ، بف » والوافي : « وصار ».

(١٦). في « بح ، بخ ، بف » : « جاء ».

(١٧). في « ط » والتهذيب ، ج ٧ : - « له ».

(١٨). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : « يا أبا عمارة ».

(١٩). في « بخ ، بف » : + « منّي ».

(٢٠). في « جن » : « واُؤخّر ».

(٢١). في « بخ ، بف » والوافي : « قال ».

(٢٢). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والبحار. وفي المطبوع : « وجئني ».

(٢٣). في « بخ ، بف » والوافي : + « إليّ ». وفي « ط » : + « قال ». وفي البحاروالتهذيب ، ج ٧ : + « إليه».

(٢٤). في « بخ ، بف » والوافي : « فاشتريته ».

(٢٥). في « بح » والبحار : - « له ».

(٢٦). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : « يا أبا عمارة ».

٥١٢

قَالَ(١) : فَبِعْنِي(٢) نِصْفَهُ ، وَأُعَجِّلَ لَكَ ثَمَنَهُ ، قَالَ : نَعَمْ ، فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ ، وَأَعْطَاهُ نِصْفَ الْمَتَاعِ ، وَأَخَذَ(٣) نِصْفَ الثَّمَنِ ، قَالَ : فَصَارَ(٤) فِي يَدِهِ الْبَاقِي إِلى سَنَةٍ ، قَالَ : فَجَعَلَ يَشْتَرِي بِثَمَنِهِ الثَّوْبَ وَالثَّوْبَيْنِ ، وَيَعْرِضُ وَيَشْتَرِي وَيَبِيعُ حَتّى أَثْرى(٥) ، وَعَرَضَ(٦) وَجْهُهُ ، وَأَصَابَ(٧) مَعْرُوفاً(٨) .(٩)

٩٣٦٢/ ٤. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي(١٠) جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ ، قَالَ :

قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « أَيُّ شَيْ‌ءٍ مَعَاشُكَ؟ ».

____________________

(١). في « ى ، بح » والبحار : « فقال ».

(٢). في البحار والتهذيب ، ج ٧ : « فتبيعني ».

(٣). في البحار : « فأخذ ».

(٤). في « بخ ، بف » والتهذيب : « وصار ».

(٥). « أثرى » ، أي كثر ثراؤه ، وهو المال ، أو صار ذا مال كثير ، من الثراء ، وهو كثرة المال. راجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٩٢ ؛النهاية ، ج ١ ، ص ٢١٠ ( ثرا ).

(٦). في التهذيب ، ج ٧ : « وعزّ ».

(٧). في التهذيب ، ج ٧ : « وصار ».

(٨). فيالوافي : « عرض وجهه : صار معروضاً للناس معروفاً لهم. أصاب معروفاً : مالاً ». وفي المرآة : « نسبة العرض إلى الوجه والجاه شائعة ، يقال : له جاه عريض ، وقد ورد في الأدعية أيضاً ».

(٩).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٤ ، ح ١٣ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحجّال ، عن الحسن بن عليّ ، عن أبي عمارة بن الطيّار. وفيالكافي ، كتاب الصلاة ، باب الصلاة في طلب الرزق ، ح ٥٦٦٦ ؛والتهذيب ، ج ٣ ، ص ٣١٢ ، ح ٩٦٧ ، بسند آخر عن ابن الطيّار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مع اختلافالوافي ، ج ١٧ ، ص ١٠٠ ، ح ١٦٩٤٧ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٥٥ ، ح ٢١٩٦٥ ، ملخّصاً ؛البحار ، ج ٤٧ ، ص ٣٧٦ ، ح ٩٩.

(١٠). في « ط ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » : - « أبي ».

والمراد من أبي جعفر الأحول ، هو محمّد بن عليّ بن النعمان الأحول مؤمن الطاق ، ووردت فيبصائر الدرجات ، ص ٤٦٦ ، ح ٨ رواية ابن سنان - والمراد به محمّد بن سنان بقرينة راوية - عن محمّد بن النعمان - ومحمّد بن النعمان منسوب إلى الجدّ - عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وورد الخبر فيتأويل الآيات ، ص ٥١٩ ، بسند آخر عن محمّد بن سنان عن محمّد بن نعمان ، ووردت فيعلل الشرائع ، ص ٣١٢ ، ح ١ ، رواية محمّد بن سنان عن محمّد بن النعمان مؤمن الطاق عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

ثمّ إنّ الخبر ورد فيمصادقة الإخوان للصدوق ، ص ٨٠ ، عن جعفر الأحمر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ولم نجد في موضع رواية محمّد بن سنان أو ابن سنان عن جعفر الأحول أو جعفر الأحمر.

٥١٣

قَالَ : قُلْتُ : غُلَامَانِ لِي(١) وَجَمَلَانِ.

قَالَ(٢) : فَقَالَ(٣) : « اسْتَتِرْ(٤) بِذلِكَ(٥) مِنْ إِخْوَانِكَ ؛ فَإِنَّهُمْ(٦) إِنْ لَمْ يَضُرُّوكَ لَمْ يَنْفَعُوكَ(٧) ».(٨)

٩٣٦٣/ ٥. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « مِنَ النَّاسِ مَنْ(٩) رِزْقُهُ فِي التِّجَارَةِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ رِزْقُهُ فِي السَّيْفِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ رِزْقُهُ فِي لِسَانِهِ(١٠) ».(١١)

٩٣٦٤/ ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ(١٢) الْمُثَنّى :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « مَنْ ضَاقَ عَلَيْهِ الْمَعَاشُ - أَوْ قَالَ : الرِّزْقُ - فَلْيَشْتَرِ‌

____________________

(١). في « بخ ، بف ، جن » والوافي : « لي غلامان ». وفي التهذيبومصادقة الإخوان : - « لي ».

(٢). في « ط »ومصادقة الإخوان : - « قال ».

(٣). في التهذيب : + « لي ».

(٤). في « بس » وحاشية « بح » : « استر ». وفي مصادقة الإخوان : « اشتر ».

(٥). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : استتر بذلك ، لعلّ المراد به : لا تخبر إخوانك بضيق معاشك ؛ فإنّهم لا ينفعونك ، ويمكن أن يضرّوك بإهانتهم واستخفافهم بك ، أو لا تخبر بحسن حالك إخوانك ؛ فإنّهم يحسدونك ، وعليه حمل الشهيدرحمه‌الله فيالدروس ، حيث قال فيالدروس : يستحبّ كتمان المال ولو من الإخوان. وعلى الأوّل يمكن أن يقرأ : بَذْلَّك ، بتشديد اللام من المذلّة ، وقرأ بعض الأفاضل : بَذْلَك ، بفتح الباء واللام ، وقرأ : استر ، بتاء الواحدة ، أي استر عطاءك من الناس ، ولا يخفى ما فيه من التصحيف وعدم المناسبة ». وراجع :الدروس ، ج ٣ ، ص ١٨٦ ، الدرس ٢٣٧. (٦). في حاشية « بح » : « لأنّهم ».

(٧). فيالوافي : « يعني : إن يحسدوك يكونوا لك أعداء فيضرّوك ، وإن لم يضرّوك ينفعك علمهم بذلك ».

(٨).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٢٨ ، ح ٩٩٥ ، معلّقاً عن الكليني.مصادقة الإخوان ، ص ٨٠ ، ح ٥ ، مرسلاً عن جعفر الأحمر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام الوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٢٥ ، ح ١٧٥٦٩ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٤٥٦ ، ح ٢٢٩٨٦.

(٩). في « بف » : - « من ».

(١٠). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : في لسانه ، كالشعراء والمعلّمين ».

(١١).الكافي ، كتاب المعيشة ، باب النوادر ، ح ٩٤٠٤ ، بسنده عن ابن اُخت الوليد بن صبيح ، عن خاله الوليد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٢٦ ، ح ١٧٥٧٢ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٤٤٢ ، ح ٢٢٩٤٧.

(١٢). في الوسائل : - « بن ». والمذكور فيرجال البرقي ، ص ٣٥ هشام بن المثنّى.

٥١٤

صِغَاراً ، وَلْيَبِعْ كِبَاراً(١) ».(٢)

٩٣٦٥/ ٧. وَرُوِيَ عَنْهُ(٣) أَنَّهُ قَالَعليه‌السلام : « مَنْ أَعْيَتْهُ(٤) الْحِيلَةُ(٥) ، فَلْيُعَالِجِ(٦) الْكُرْسُفَ(٧) ».(٨)

٩٣٦٦/ ٨. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ(٩) بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام ، قَالَ : « كُلُّ مَا افْتَتَحَ بِهِ الرَّجُلُ(١٠) رِزْقَهُ ، فَهُوَ(١١) تِجَارَةٌ(١٢) ».(١٣)

٩٣٦٧/ ٩. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا(١٤) ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، عَنِ‌

____________________

(١). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : فليشتر ، أي يشتري الحيوانات الصغار ويربّيها ويبيعها كباراً ، أو الأعمّ منها ومن الأشجار وغرسها وتنميتها وبيعها. وقيل : أي يبيع البيت الكبير مثلاً ويشتري مكانه البيت الصغير ، وكذا ما يكون كبيراً بحسب حاله. ولا يخفى بعده ، وسيأتي ما يؤيّد الأوّل ».

(٢).الوافي ، ج ١٧ ص ١٨٧ ، ح ١٧٠٨٤ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٤٥٧ ، ح ٢٢٩٨٧.

(٣). في « ط » : - « عنه ».

(٤). « أعيته » ، أي أعجزته ؛ من العيّ بمعنى العجز. راجع :القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٢٥ ( عيي ).

(٥). « الحيلة » : الحِذْق وجودة النظر ، والقوّة والقدرة على دقّة التصرّف. وقال الفيّومي : « الحيلة : الحِذْق في تدبير الاُمور ، وهو تقليب الفكر حتّى يهتدى إلى المقصود ، وأصلها الواو ». راجع :لسان العرب ، ج ١١ ، ص ١٨٥ ؛المصباح المنير ، ص ١٥٧ ( حول ).

(٦). المعالجة : المزاولة والممارسة ، يقال : عالجتُ الشي‌ء ، إذا زاولته ومارسته وعملت به. راجع :لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٣٢٧ ( علج ).

(٧). « الكرسف » : القطن. راجع :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٢١ ( كرسف ). وفيالمرآة : « أمّا معالجة الكرسف فهي إمّا بيع ما نسج منه ؛ فإنّه أقلّ قيمة وأكثر نفعاً ، أو الأعمّ منه ومن نسجه وغزله وبيعه ».

(٨).الوافي ، ج ١٧ ، ص ١٨٧ ، ح ١٧٠٨٥ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٤٥٧ ، ح ٢٢٩٨٧.

(٩). في « ط ، بف » والوسائل ، ح ٢٢١٨١ : - « عن محمّد » ، وهو سهو كما تقدّم فيالكافي ، ذيل ح ٦٢٩٧ ، فلاحظ.

(١٠). في « ط » : « للرجل به » بدل « به الرجل ». وفي الوسائل : « الرجل به » بدل « به الرجل ».

(١١). في « ط » : « فهي ».

(١٢). في « ى » : « التجارة ». وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : كلّ ما افتتح ، أي ليست التجارة التي حثّ عليها الشارع منحصراً في البيع والشراء ، بل يشمل كلّ أمر مشروع يصير سبباً لحصول الرزق وفتح أبوابه ، كالصناعة والكتابة والإجارة والدلالة والزراعة والغرس وغيرها ».

(١٣).الوافي ،ج ١٧،ص ٤٢٦،ح ١٧٥٧١؛الوسائل ،ج ١٧،ص ١٣٤،ح ٢٢١٨١؛وص ٤٤٢،ح ٢٢٩٤٦.

(١٤). في « ط » : « أصحابه ».

٥١٥

الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مَيَّاحٍ(١) ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ الشَّعِيرِيِّ(٢) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام يَقُولُ : إِذَا نَادَى الْمُنَادِي ، فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَزِيدَ(٣) ، وَإِنَّمَا يُحَرِّمُ(٤) الزِّيَادَةَ النِّدَاءُ(٥) ، وَيُحِلُّهَا السُّكُوتُ(٦) ».(٧)

٩٣٦٨/ ١٠. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ أَوْ غَيْرِهِ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَبْدِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ(٨) بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « مَنْ زَرَعَ حِنْطَةً فِي أَرْضٍ ، فَلَمْ يَزْكُ(٩) زَرْعُهُ ، أَوْ‌ خَرَجَ(١٠) زَرْعُهُ(١١) كَثِيرَ الشَّعِيرِ(١٢) ، فَبِظُلْمِ عَمَلِهِ فِي مِلْكِ رَقَبَةِ الْأَرْضِ ، أَوْ بِظُلْمٍ لِمُزَارِعِيهِ‌

____________________

(١). في « ى » : « الحسن بن صيّاح ». والمذكور في كتب الرجال ، هو الحسين بن ميّاح. راجع :خلاصة الأقوال للحلّي ، ص ٢١٧ ، الرقم ١٢ ؛الرجال لابن داود ، ص ٤٤٦ ، الرقم ١٥٠.

(٢). في الوسائل : « اُميّة بن عمرو الشعيري ». وترجم النجاشي لاُميّة بن عمرو الشعيري في رجاله ، ص ١٠٥ ، الرقم ٢٦٢ ، ولعلّه لذلك قد يُحتَمَل صحّة « اُميّة بن عمرو الشعيري » وأنّ « عن » زائدة. لكنّ الظاهر عدم صحّة هذا الاحتمال ؛ فقد قال النجاشي في ترجمة اُميّة بن عمرو : « أكثر كتابه عن إسماعيل السكوني » ، وإسماعيل السكوني أيضاً ملقّب بالشعيري ، كما فيرجال النجاشي ، ص ٢٦ ، الرقم ٤٧ ؛ورجال البرقي ، ص ٢٨. والظاهر أنّ المراد بالشعيري في السند هو إسماعيل بن أبي زياد السكوني.

ويؤيّد ذلك أنّ الخبر ورد فيالفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٧١ ، ح ٣٩٧٩ ؛والتهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٢٧ ، ح ٩٩٤ ، عن اُميّة بن عمرو عن الشعيري. (٣). في الفقيه : + « فإذا سكت ، فلك أن تزيد ».

(٤). في « ط »والتهذيب : + « من ».

(٥). في الفقيه : « تحرم الزيادة والنداء يسمع » بدل « يحرّم الزيادة النداء ».

(٦). فيالمرآة : « ظاهره حرمة الزيادة وقت النداء ، وقال في الدروس : يكره الزيادة وقت النداء ، بل حال السكوت. وقال ابن إدريس : لا يكره ، وقال الفاضل : المراد السكوت مع عدم رضا البائع بالثمن ». وراجع :السرائر ، ج ٢ ، ص ٢٣٤ ؛مختلف الشيعة ، ج ٥ ، ص ٤٧ و ٤٨ ؛الدروس ، ج ٣ ، ص ١٨١ ، الدرس ٢٣٦.

(٧).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٢٧ ، ح ٩٩٤ ، معلّقاً عن محمّد بن يحيى عن الحسن بن ميّاح ، عن اُميّة بن عمرو.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٧١ ، ح ٣٩٧٩ ، معلّقاً عن اُميّة بن عمروالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٤٤ ، ح ١٧٦٠٨ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٤٥٨ ، ح ٢٢٩٩٠. (٨). في « ط » : - « عبد الله ».

(٩). في تفسير القمّي : + « في أرضه و ». والزكاء : النماء والزيادة.لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٣٥٨ ( زكا ).

(١٠). في « ط » وتفسير القمّي : « وخرج ». (١١). في « ط » : - « زرعة ».

(١٢). في الوافي : « الشعيرة ».

٥١٦

وَأَكَرَتِهِ(١) ؛ لِأَنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ :( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ) (٢) يَعْنِي لُحُومَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ».

وَقَالَ : « إِنَّ إِسْرَائِيلَ(٣) كَانَ إِذَا أَكَلَ مِنْ(٤) لَحْمِ الْإِبِلِ(٥) ، هَيَّجَ عَلَيْهِ وَجَعَ(٦)

____________________

(١). الأكرة : جمع أكّار للمبالغة ، وهو الزرّاع والحرّاث ، كأنّه جمع آكر في التقدير ، وزان كفرة وكافر. راجع :لسان‌العرب ، ج ٤ ، ص ٣٦ ( أكر ).

(٢). النساء (٤) : ١٦٠. وفي هامشالكافي المطبوع عن العلّامة المجلسي أنّه قال : « لـمّا نزلت هذه الآية( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ) الآية ، قالت اليهود : لسنا أوّل من حرّمت عليهم تلك الطيّبات ؛ إنّما كانت محرّمة على نوح وإبراهيم وإسماعيل ومن بعدهم من النبيّين وغيرهم حتّى انتهى الأمر إلينا ، فليس التحريم بسبب ظلمنا ، فردّ الله عليهم وكذّبهم بقوله :( كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلّاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) [ آل عمران (٣) : ٩٣ ] ؛ يعنى جميع المطعومات كان حلالاً على بني إسرائيل سوى لحم الإبل ؛ فإنّ إسرائيل يعنى يعقوبعليه‌السلام حرّمه على نفسه فقط ، لا عليهم من قبل أن تنزّل التوراة مشتملة على تحريم ما حرّم عليهم بظلمهم ، فلمّا نزلت دلّت على أنّ ذلك التحريم بسبب ظلمهم وبغيهم وقتلهم الأنبياء بغير حقّ ، لا بسبب تحريم إسماعيلعليه‌السلام ».

(٣). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : إنّ إسرائيل ، لعلّ المعنى أنّ التحريم الذي ذكره الله تعالى في الآية ليس بمعنى الحكم‌بالحرمة ، بل المراد جعلهم محرومين منها ، بسبب قلّة الأمطار وحدوث الوباء والأمراض فيها ، فيكون تعليلاً لاستشهادهعليه‌السلام بالآية ، أو المعنى أنّه تعالى بظلمهم وكلهم إلى أنفسهم حتّى ابتدعوا تحريمها ، فتصحّ الاستشهاد بالآية أيضاً ، لكنّه يصير أبعد. ويؤيّد الوجهين قوله تعالى :( كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلّاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) [ آل عمران (٣) : ٩٣ ].

ثمّ اعلم أنّ عليّ بن إبراهيمرحمه‌الله روى هذه الرواية في تفسيره [ ج ١ ، ص ١٥٨ ] عن أبيه عن ابن محبوب عن ابن أبي يعفور هكذا إلى قوله : « يعني لحوم الإبل وشحوم البقر والغنم » ، هكذا أنزلها الله فاقرأوها هكذا ، وما كان الله ليحلّ شيئاً في كتابه ، ثمّ يحرّمه بعد ما أحلّه ولا يحرّم شيئاً ، ثمّ يحلّه بعد ما حرّمه. قلت : وكذلك أيضاً قوله :( وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما ) [ الأنعام (٦). : ١٤٦ ] قال : نعم ، قلت : فقوله :( إِلاّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ ) ، قال : إنّ إسرائيل كان إذا أكل ، إلى آخر الخبر ، فلعلّهعليه‌السلام قرأ : حرمنا بالتخفيف ، أي جعلناهم محرومين بتضمين معنى السخط ونحوه ، واستدلّ على ذلك بأنّ ظلم اليهود كان بعد موسىعليه‌السلام ، ولم ينسخ شرعه إلّا بشريعة عيسىعليه‌السلام ، واليهود لم يؤمنوا به ، فلا معنى للتحريم الشرعي ، فلا بدّ من الحمل على أحد الوجهين اللذين ذكرنا أوّلاً ، وأمّا قولهعليه‌السلام : لم يحرّمه ولم يأكله ، أي موسىعليه‌السلام ، أو يقرأ : يؤكّله على بناء التفعيل بأن يكون الضميران راجعين إلى الله تعالى،أو بالتاء بإرجاعهما إلى التوراة،أو بالتخفيف بإرجاعهما إلى بني إسرائيل ».(٤). في« ى » : - « من ».

(٥). في تفسير العيّاشي ، ص ٢٨٤ : « البقر ».

(٦). في « بخ ، بف » : « ريح ».

٥١٧

الْخَاصِرَةِ(١) ، فَحَرَّمَ عَلى نَفْسِهِ لَحْمَ الْإِبِلِ ، وَذلِكَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ(٢) التَّوْرَاةُ ، فَلَمَّا نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ لَمْ يُحَرِّمْهُ(٣) وَلَمْ يَأْكُلْهُ(٤) ».(٥)

٩٣٦٩/ ١١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ(٦) أَبِي الصَّبَّاحِ(٧) ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : فَتًى صَادَقَتْهُ(٨) جَارِيَةٌ ، وَدَفَعَتْ(٩) إِلَيْهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ، ثُمَّ قَالَتْ لَهُ : إِذَا فَسَدَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ(١٠) ، رُدَّ عَلَيَّ هذِهِ(١١) الْأَرْبَعَةَ آلَافٍ(١٢) ، فَعَمِلَ‌

____________________

(١). « الخاصرة » ، بكسر الصاد : ما بين رأس الورك وأسفل الأضلاع.مجمع البحرين ، ج ٣ ، ص ٢٨٦ ( خصر).

(٢). في الوافي : « ينزل ».

(٣). في « بف » : « لم يحرم ».

(٤). فيالوافي : « يعني لم يحرّمه موسى ولم يأكله ».

(٥).تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ١٥٨ ، بسنده عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن أبي يعقوب [ يعقود ] ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مع زيادة.تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ١٨٤ ، ح ٨٦ ، عن عبد الله بن أبي يعفور ، من قوله : « قال : إنّ إسرائيل كان إذا أكل من لحم الإبل » وفيهما مع اختلاف يسير ؛وفيه ، ص ٢٨٤ ، ح ٣٠٤ ، عن عبد الله بن أبي يعفورالوافي ، ج ١٨ ، ص ١٠٨١ ، ح ١٨٨٥٥ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ٦٣ ، ذيل ح ٢٤١٦١ ؛البحار ، ج ١٣ ، ص ٣٥٥ ، ح ٥٤ ، من قوله : « لأنّ الله عزّ وجلّ يقول :( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا ) ».

(٦). في « ط ، بخ ، بف » : « عن » بدل « بن ». والظاهر صحّة ما في المطبوع وسائر النسخ ؛ فإنّ المراد من أبي الصبّاح في مشايخ مشايخ محمّد بن عيسى ، هو إبراهيم بن نعيم أبو الصبّاح الكناني ، وهو ممّن روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام . وقد أكثر من الرواية عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ولم نجد روايته عن أبيه عن جدّه في غير سند هذا الخبر. راجع :رجال النجاشي ، ص ١٩ ، الرقم ٢٤ ؛رجال البرقي ، ص ١١ ، ص ١٨ ؛رجال الطوسي ، ص ١٢٣ ، الرقم ١٢٣٠ ؛ ص ١٥٦ ، ١٧٢ ؛معجم رجال الحديث ، ج ٢١ ، ص ٣٩٥ - ٤٠٠.

وأمّا جعفر محمّد بن أبي الصبّاح ؛ فإنّه وإن لم يذكره أصحاب الرجال ؛ لكن ورد ذكره فيرجال النجاشي ، ص ١٥٣ ، الرقم ٤٠٢ ، في طريقه إلى كتاب خضر بن عمرو النخعي.

(٧). في « بح ، بخ ، بف » : + « الكناني ».

(٨). في « ط ، بخ ، بف ، جد » : « صادفته ».

(٩). هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوسائلوالتهذيب . وفي « ط » : « دفعت » بدون الواو. وفي المطبوع والوافي : « فدفعت ».

(١٠). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : صادقته جارية ، كانت صديقته يزنى بها. قوله : إذا فسد بيني‌وبينك ، أي زالت الصداقة والمحبّة ، ثمّ إنّ الفتى تزوّج وأراد أن يتوب من الزنا وقطع الجارية ».

(١١). في « ط »والتهذيب : - « هذه ».

(١٢). في«بخ،بف » والوافيوالتهذيب : + « درهم ».

٥١٨

بِهَا(١) الْفَتى وَرَبِحَ(٢) ، ثُمَّ إِنَّ الْفَتى تَزَوَّجَ(٣) وَأَرَادَ أَنْ يَتُوبَ ، كَيْفَ يَصْنَعُ؟

قَالَ : « يَرُدُّ عَلَيْهَا الْأَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ، وَالرِّبْحُ لَهُ(٤) ».(٥)

٩٣٧٠/ ١٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « نَهى رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله أَنْ يُؤْكَلَ مَا تَحْمِلُ(٦) النَّمْلَةُ(٧) بِفِيهَا وَقَوَائِمِهَا(٨) ».(٩)

٩٣٧١/ ١٣. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « حِيلَةُ(١٠) الرَّجُلِ(١١) فِي بَابِ مَكْسَبِهِ ».(١٢)

٩٣٧٢/ ١٤. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنِ الرِّبَاطِيِّ ،

____________________

(١). في الوافي : « به ».

(٢). في الوافي : + « فيها ».

(٣). في التهذيب : « حرج ».

(٤). في « ط » : « وله الربح ».

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٢٩ ، ح ٩٩٩ ، بسنده عن محمّد بن عيسىالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٦٤ ، ح ١٨٦٦٣ ؛الوسائل ، ج ١٩ ، ص ٢٦ ، ح ٢٤٠٧٦.

(٦). في « بف » وحاشية « بح » والوافي والبحاروالتهذيب : « ما تحمله ».

(٧). في « ى » : « النمل ». وفي « ط » : « النخلة ».

(٨). فيالمرآة : « لعلّ ذكر القوائم لما يطير منها ».

(٩).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٨٣ ، ح ١١٣٢ ، بسنده عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن عبيد الله الحلبيالوافي ، ج ١٩ ، ص ١٣٥ ، ح ١٩٠٨٨ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٣٠٣ ، ذيل ح ٢٢٥٩٣ ؛البحار ، ج ٦٦ ، ص ٣٠٩ ، ح ٤.

(١٠). تقدّم معنى الحيلة ذيل ح ٧ من هذا الباب.

(١١). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : حيلة الرجل ، أي عمدة حيل الناس وتدابيرهم في أبواب مكاسبهم ، مع أنّه ينبغي أن يكون في إصلاح آخرتهم ، أو المعنى أنّه ينبغي أن تكون حيلته في باب مكسبه وكونه من حلال ، ويكون بحيث يفي بمعيشته ، ولا يبالغ فيه ؛ ليضرّ بآخرته. ويحتمل أن يقرأ : مكسبة بالتاء مرفوعة ؛ لتكون خبر الحيلة ، أي الحيلة والسعي والتدبير في كلّ باب نافع ، لكنّه بعيد ».

(١٢).الوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٢٦ ، ح ١٧٥٧٣ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٣٤ ، ح ٢٢١٨٤ ؛ وص ٤٤٢ ، ح ٢٢٩٤٨.

٥١٩

عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ مَوْلى بَسَّامٍ(١) ، عَنْ صَابِرٍ(٢) ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ(٣) عليه‌السلام عَنْ رَجُلٍ صَادَقَتْهُ(٤) امْرَأَةٌ ، فَأَعْطَتْهُ مَالاً ، فَمَكَثَ فِي يَدِهِ مَا شَاءَ اللهُ(٥) ، ثُمَّ إِنَّهُ بَعْدُ خَرَجَ مِنْهُ(٦) ؟

قَالَ : « يَرُدُّ إِلَيْهَا(٧) مَا(٨) أَخَذَ مِنْهَا ، وَإِنْ كَانَ(٩) فَضَلَ(١٠) فَهُوَ لَهُ ».(١١)

٩٣٧٣/ ١٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، قَالَ :

كَتَبَ مُحَمَّدٌ إِلى أَبِي مُحَمَّدٍعليه‌السلام : رَجُلٌ يَكُونُ لَهُ عَلى رَجُلٍ(١٢) مِائَةُ دِرْهَمٍ ، فَيَلْزَمُهُ ،

____________________

(١). هكذا في « ط ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » والوافي. وفي « ى » : « أبي الصبّاح مولى آل بسّام ». وفي المطبوع : « أبي الصبّاح مولى آل سام ».

وأبو الصبّاح هذا ، هو صبيح أبو الصبّاح مولى بسّام بن عبد الله الصيرفي ، وروى أبو الصبّاح كتاب صابر مولى بسّام بن عبد الله الصيرفي. وبسّام بن عبد الله مذكور في كتب الفريقين. راجع :رجال النجاشي ، ص ١١٢ ، الرقم ٢٨٨ ؛ وص ٢٠٢ ، الرقم ٥٤٠ ؛ وص ٢٠٣ ، الرقم ٥٤٢ ؛رجال الطوسي ، ص ١٢٨ ، الرقم ١٣٠٠ ؛ وص ١٧٣ ، الرقم ٢٠٣٣ ؛ وص ٢٢٦ ، الرقمان ٣٠٥١ و ٣٠٥٤ ؛تهذيب الكمال ، ج ٤ ، ص ٥٨ ، الرقم ٦٦٤.

هذا ، وأمّا ما ورد فيالفهرست للطوسي ، ص ٥٤٣ ، الرقم ٨٩٦ ؛ من « أبو الصبّاح مولى آل سام » ؛ فقد ورد في بعض نسخه : « مولى بسّام » ، وفي بعضها الآخر : « مولى آل بسّام ».

(٢). هكذا في « ط ، ى ، بح ، بس ، جت ، جن » وحاشية « بخ » والوافي. وفي « بخ ، بف » وحاشية « ى ، بح ، جت » والمطبوع : « جابر ».

وظهر ممّا تقدّم آنفاً أنّ صابراً هذا ، هو صابر مولى بسّام بن عبدالله.

(٣). في « جت » : « أبا جعفر ».

(٤). في « ط ، بخ ، بف ، جد » : « صادفته ».

(٥). في « ط » : - « الله ».

(٦). فيالمرآة : « قوله : خرج منه ، أي من ذلك المال ، وكره أن يأكل ربح هذا المال الذي وصل إليه بسبب فعل محرّم ، أو من ذلك الفعل. وحاصل الخبر والخبر السابق جواز أكل ربح مال أقرضه إنسان لغرض محرّم ، وأنّه لا يصير ذلك سبباً لحرمة الربح ». (٧). في«بخ،بف»:«عليها».وفي«ط » : + « كلّ ».

(٨). في « بخ ، بف » : « كما ».

(٩). في « ط » : + « له ».

(١٠). في « ط ، بخ ، بس ، جد » : « فضلٌ ».

(١١).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٨٢ ، ح ١١٢٦ ، معلّقاً عن الحسن بن محبوب ، عن الرباطي ، عن أبي الصبّاح مولى بسّام ، عن جابرالوافي ، ج ١٨ ، ص ٩٦٥ ، ح ١٨٦٦٤ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٢٣٧ ، ذيل ح ٢٢٤٢٠.

(١٢). في « بخ » : + « مال ».

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909