الكافي الجزء ١٠

الكافي6%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 234359 / تحميل: 5685
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

( موسى ـ السعودية ـ )

تعقيب على الجواب السابق :

أشكركم على هذا الردّ الوافي ، وأتمنّى لكم دوام الصحّة والعافية ، وأن ينفع الله بعلمكم الأُمّة الإسلامية.

( عبد الله ـ ـ )

اعتراضاته :

س : تحية طيّبة وبعد ، أنا من الذين يتعرّضون لبعض المواجهات مع بعض الأشخاص من العامّة والوهّابية ، وحيث إنّه يوجّهون بعض الإشكالات على مذهب الحقّ ، ورغبتنا منّا في الحصول على الردّ المناسب وعدم الرد المتسرّع ، أوجّه لكم هذه الرسالة من أحد أهل السنّة ، والتي سوف أكون شاكراً لكم ، لو حصلت على الردّ المناسب على هذه الرسالة.

أمّا أنّ عمر ابن الخطّاب اعترض على أمر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في حياته ، فاعلم أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله له أمران : أمر في شؤون الدين والتشريع ، فلا يسع أحداً أن يشاور فيها ، ولا يقدّم بين يدي الله ورسوله ، وأمر في شؤون الحياة ، وهو الذي تطبّق فيه الشورى.

في غزوة بدر نزل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بالصحابة في مكان ، وأشار الحباب بن المنذر بمكان أخر فاختير مكان الحباب.

في غزوة أُحد كان رأي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله المكوث في المدينة ، وكان رأي شباب الصحابة الخروج ، وكان الخروج

هنا يقول : أنّه لم يصدر أيّ حديث بذمّ عمر بن الخطّاب من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا أيّ قول أثر عن علي بن أبي طالب يذمّ فيه عمراً ، إذا كان لديك قول ممّا سبق فإلينا به.

ثالثاً : إذا حكمت بعدم عدالة عمر ، فهذا يعني أنّه ليس بكفؤ للزواج من بنت علي بن أبي طالب ، فلماذا زوجّه إذن؟ إن قلت : بسبب التهديد ، فهذا قول

٤٠١

مردود ، لأنّه لا اعتقد أنّ الفارس يرضخ لتهديد عمر ، الذي ذكرتم في جبنه الأقاويل.

وإن قلت : بسبب التهديد ، فكيف يحلّ لمعصوم أن يتنازل عن أمر فاضل إلى مفضول تحت التهديد ، وهو المعصوم من الله عصمتين ، عصمة من الخطأ في أمر الدين ، وعصمة من أن يقتله أحد من البشر ، قال تعالى :( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ) (١) ، وقال تعالى :( وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (٢) .

فإن أسقطت هاتين العصمتين على الإمام علي بن أبي طالب ، فهذا يتنافى تماماً مع رضوخه للتهديد ، وإن لم تسقطها عليه ، فهذا يناقض عقيدة العصمة عندكم ، وإن قلت بالأُولى دون الثانية ، فهذا يعني أنّ كلام الإمام هو وحي من الله ، فهل أنت تقول بهذا القول؟ وإن قلت بالثانية دون الأُولى ، فالإمام علي مات شهيداً مقتولاً.

إن قلت : إنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله زوّج ابنته بأحد المشركين قبل الهجرة ، فأقول لك : إنّ ذلك قبل اكتمال شرائع الدين ، ولكن بعد اكتمال شرائع الدين لا يحلّ ذلك ، وإن قلت : إنّ الإمام زوّج عمر عن رضى منه ، فهذا يعني كفاءة وعدالة عمر ، وهو عكس ما أنت عليه الآن.

وإن قلت بالقول الشائع ، إنّه هناك ملابسات خاصّة ، فعليك بذكر تلك الملابسات.

وإن قلت : إنّ الإمام زوّجها خطأً ، فذلك ينافي العصمة ، وهل صحيح أنّه هناك من اجتهد مقابل قول الرسول في حياته ، ولم يصدر من الرسول أيّ شيء حيال هذا الاجتهاد؟

انتظر الردّ بفارغ الصبر ، وأرجو أن يكون سريعاً.

ج : يمكنكم أن تبعثوا بهذه الرسالة إلى من ذكر لكم هذه الإشكالات لتكون جواباً على استفساراته :

____________

١ ـ النجم : ٣.

٢ ـ المائدة : ٦٧.

٤٠٢

أودّ في البداية أن الفت انتباهكم إلى أنّ المشكلة تكمن في أنّكم في مقام الاستشهاد والاستدلال تحاولون التمسّك بالأخبار والتاريخ الوارد في كتبكم ، وتجعلون ذلك حجّة علينا ، أمّا حينما تصل النوبة إلينا فلا حقَّ لنا أن نستشهد بما ورد في كتبنا ، فلماذا باؤكم تجرُّ دون بائنا؟ وهل هذا من العدل والإنصاف؟!

وعلى أيّ حال ما أشرتم إليه أوّلاً من انقسام الأمر إلى قسمين فهذا وجيه ، ولكن ماذا نفعل إذا كانت المخالفة في شؤون الدين ، فتعال واقرأ :

١ ـ عن ابن عباس : لما حضر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطّاب ، قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «هلمَّ اكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده » ، قال عمر : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله.

فاختلف أهل البيت فاختصموا ، فمنهم من يقول : قربّوا يكتب لكم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كتاباً لن تضلّوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلمّا اكثروا اللغو والاختلاف عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال رسول الله : «قوموا »(١) .

وينقل البخاري نفسه أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «آتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً » ، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبيّ تنازع ، فقالوا : هجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

إنّه ما أعظمه من اعتراض! وهل يوجد اعتراض أكبر من هذا يوجّه إلى النبيّ؟ ويقابل به بهذا الشكل من الوقاحة؟ إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يطلب أن يكتب لهم كتاباً لن يضلّوا بعده أبداً ، وهل يوجد كتاب أعظم من هذا الكتاب الذي لا يضلّ بعده المسلمون؟ ويأتي الاعتراض والردّ على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّه غلبه الوجع أو هجر ، وهل تعلم ما معنى ذلك؟ أي أنّه يتكلّم بلا شعور ولا إدراك ، في الوقت الذي

____________

١ ـ صحيح البخاري ٧ / ٩ و ٨ / ١٦١ ، صحيح مسلم ٥ / ٧٦ ، المصنّف للصنعاني ٥ / ٤٣٨ ، مسند أحمد ١ / ٣٢٤.

٢ ـ صحيح البخاري ٤ / ٣١.

٤٠٣

يقول عنه تعالى :( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (١) ، ماذا يتصوّر من جريمة أعظم من هذه الجريمة؟

واقبح من هذا أن يأتي المرقّع فيقول : إنّ المقصود الاستفهام ، أي أهَجَر ، وهل الاستفهام أقلّ قبحاً من نسبة الهجر إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من دون الاستفهام.

٢ ـ عن أبي وائل قال : « قام سهل بن حنيف يوم صفّين فقال : أيّها الناس اتهموا أنفسكم ، لقد كنّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الحديبية ، ولو نرى قتالاً لقاتلنا ، وذلك في الصلح الذي كان بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين المشركين ، فجاء عمر بن الخطّاب ، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله ألسنا على حقّ وهم على باطل؟

قال : « بلى » ، قال : أليس قتلانا في الجنّة وقتلاهم في النار؟ قال : « بلى » ، قال : ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ، ولمّا يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال : «يا بن الخطّاب إنّي رسول الله ، ولن يضيعني الله أبداً ».

قال : فانطلق عمر فلم يصبر متغيّظاً ، فأتى أبا بكر ، فقال : يا أبا بكر ألسنا على حقّ وهم على باطل؟ قال : بلى ، قال : أليس قتلانا في الجنّة وقتلاهم في النار؟ قال : بلى ، قال : فعلامَ نعطي الدنية في ديننا ونرجع ، ولمّا يحكم الله بيننا وبينهم؟

فقال : يا بن الخطّاب إنّه رسول الله ، ولن يضيعه الله أبداً ، قال : فنزل القرآن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالفتح ، فأرسل إلى عمر فأقرأه إيّاه ، فقال : يا رسول الله أو فتح هو؟ قال : «نعم » فطابت نفسه ورجع »(٢) .

ولا ندري ما هو الاعتراض إذا لم تكن مواجهة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذه الشدّة اعتراضاً.

____________

١ ـ النجم : ٣ ـ ٤.

٢ ـ صحيح مسلم ٥ / ١٧٥ ، صحيح البخاري ٤ / ٧٠ و ٦ / ٤٥ ، مسند أحمد ٣ / ٤٨٦.

٤٠٤

وقد يقول قائل : هل في المشورة بأس؟ وهل من القبيح أن يدلي بعض الصحابة برأيه في موضوع معيّن؟ ولماذا لا نحمل هذين الخبرين على ذلك؟

والجواب واضح ، فإنّ التشاور يعني إبداء الرأي من دون رفض ومعارضة بخلاف الاعتراض ، فإنّه يعني الرفض والإنكار دون مجرد إبداء الرأي ، وواضح أنّه في هذين الحديثين نجد الرفض والإنكار بأعلى درجاته ، إنّه إلى حدِّ نسبة الهجر إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإلى حدٍّ لا يكتفي عمر بجواب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى يذهب إلى أبي بكر ، وينزل القرآن بعد ذلك ، وتطيب آنذاك نفس الخليفة ، إنّه إلى حدٍّ يتغيّض على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وأمّا ما أشرتم إليه من أنّه هل هناك ذمّ من الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ؟ فجوابه : إنّ الشخص الذي تصدر منه مثل هذه المواجهة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ الذي هو أعظم شخصية إسلامية ـ ويسكت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خوفاً على الإسلام من أن يصاب بثلمة بسبب الاختلاف ، فكيف بالإمام عليعليه‌السلام ؟

هل تتوقّعون منه الاعتراض والذمّ؟ وقد صدر أكبر ذمّ منهعليه‌السلام للخليفة الثاني ، وذلك بعد موت الخليفة في الخطبة الشقشقية المعروفة ، التي من أجلها أنكرتم وأنكر أصحابكم نسبة نهج البلاغة إلى الإمام عليعليه‌السلام ، ولكن ليس وراء الحقّ إلاّ الضلال.

وأمّا ما أشرتم إليه من أنّه إذا حكمت بعدم عدالة عمر فكيف زوجّه الإمامعليه‌السلام بابنته ، بعد عدم كونه كفؤاً ، فهو مضحك حقّاً ، حيث ليس لكم اطلاع على أنّ المسلم كفؤ المسلمة ، وليس العادل كفؤ العادلة ، إنّ التكافؤ لابدّ أن يكون بالإسلام وليس بالعدالة ، وبهذا تبطل جميع المقدّمات والشقوق المنطقية أو العقلية ، التي سوّدتم صحيفتكم بها.

نسأله تبارك وتعالى الهداية والتوفيق.

٤٠٥
٤٠٦

العولمة والحداثة :

( خليفة الرحمن ـ السعودية ـ )

موقف الإسلام منهما :

س : ما مفهوم كُلّ من المصطلحين التاليين : الحداثة؟ العولمة؟ وما موقف الإسلام منهما؟ وما دور الشباب المسلم تجاه ما يعنيانه؟ وفّقكم الله وسدّد خطاكم.

ج : تارة نتكلّم عن الحداثة في مفهومها اللغوي ، وتارة في مفهومها العلماني.

فالحداثة بمفهومها اللغوي هي بمعنى الأكثر جدّة ، فهذا الجديد أو الأجد إذا كان ينسجم مع أحكام الإسلام وقوانينه ولا يعارضه ، فموقف الإسلام منه موقف إيجابي لا سلبي ، فالإسلام لا يحارب الجدّة والحداثة ، نعم هو يحارب كُلّ ما يتعارض مع أحكامه وقوانينه.

وأمّا الحداثة بمفهومها العلماني هي عبارة عن الابتداع في كُلّ شيء من شؤون الحياة ، حتّى لو أدّى إلى ضرب الدين عرض الجدار ، وهذا ممّا لاشكّ فيه يتنافى مع روح الإسلام ، فالإسلام مع الحداثة التي تنسجم مع قوانينه الخالدة ، وضدّ الحداثة التي هي الدعوة إلى ضدّها ، ولكن بأسلوب جديد وحديث.

٤٠٧

وأمّا بالنسبة إلى العلمانية فهي بمفهومها الوضعي عبارة عن الرجوع إلى نتائج البحث العلمي البشري البحت بعيداً عن الدين ، فالعلمانية بهذا المفهوم تتنافى مع الدين.

ولاشكّ أنّ الدين قائم على أساس العلم ، والعلم قائم على الأسس العقلية المتينة ، والقواعد المنطقية الصحيحة ، ولا يوجد في الدين ما يتنافى مع ضرورات العقل ، والمقرّرات العقلية للعلم ، أمّا المقرّرات غير القطعية فبما أنّها عُرضة للتغيير فلا يمكن أن نربط الدين بها ، فيصبح الدين متغيّراً ، فليس من الصحيح أن نقول : أنّ الدين تبع للعلم.

إذاً ، العلمانية لا تعتقد بالثوابت الدينية ، وإنّما تعتمد على نتائج الفكر البشري المحدود.

وبتعبير آخر أوضح : إنّ العلمانية أُريد لها أن تكون شيئاً مضادّاً للدين ، يعني هناك أطروحتان لإدارة الحياة : أطروحة إلهية ، وأطروحة وضعية بشرية بعيدة عن قوانين الدين ، ولهذا حينما تقارن التشريعات يقال : هذا تشريع ديني إلهي ، وهذا تشريع وضعي بشري.

فالأطروحة العلمانية هي الأطروحة الوضعية التي تتقيّد بنتائج الفكر البشري ، بعيدة عن الدين عقائداً وأخلاقاً وأحكاماً ، وبهذا تتنافى مع الدين.

وليس المقصود من العلمانية في الاصطلاح معناها اللغوي المشتقّ من العلم ، لأنّ العلم في حدود القواعد المنطقية والأُسس العقلية السليمة يقرّ بالدين ، ولا يتنافى مع الدين في الحدود المسموح بها.

أمّا هناك أُمور غير مسموح بها لأنّها فوق طاقة العقل البشري ، ولهذا تجد المختبرات العلمية تكتشف اليوم أمراً ثمّ تنسفه غداً ، أمّا في الدين لا يوجد شيء من هذا القبيل إنّما حلال محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة.

٤٠٨

فالتغيّر إنّما يكون في الموضوعات أو في المصاديق ، أمّا في أصل الأحكام فإنّها ثابتة لا تقبل التبديل والتعديل.

( ـ ـ )

المجتمع الحديث :

س : ما هو المقصود من المجتمع الحديث؟ وشكراً.

ج : المجتمع الحديث هو الذي يستخدم أفراده وحكومته أكثر المنجزات العلمية والتكنولوجية تطوّراً في إنجاز أعمالهم ونيل أهدافهم ، أي أنّهم في المجتمع الحديث ، إذا أرادوا إرسال نداء أو رسالة لا يرسلون قاصداً بل يستخدمون أفضل وسائل الاتصال في أسرع وقت ، وفي منتهى الدقّة ، كما أنّ الحكومة تمتلك أفضل المعلومات ، وتستخدم أرقى العلوم تطوّراً لتحليل قضاياها ، كما أنّها مسلّحة بآخر المنجزات الصناعية.

٤٠٩
٤١٠

الغدير :

( حميد ـ عمان ـ )

دلالة حديث الغدير على إمامة عليعليه‌السلام :

س : ما هو حديث الغدير؟ وكيف يدلّ على إمامة علي عليه‌السلام ؟

ج : حديث الغدير هو : قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّة الوداع بغدير خم ، حينما قام في الناس خطيباً ـ من خطبة طويلة ـ : « يا أيّها الناس إنّ الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه ، فهذا مولاه ـ يعني علياً ـ اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ».

وقد روى هذا الحديث كثير من الصحابة ، وأورده جمع كبير من علماء الفريقين في كتبهم ، وأرسلوه إرسال المسلّمات(١) .

ودلالة الحديث على خلافة وولاية عليعليه‌السلام واضحة ، فلا يمكن حمل الولاية على معنى المحبّ والصديق وغيرهما ، لمنافاته للمطلوب بالقرائن الحالية والمقالية.

أمّا المقالية : فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر ولاية علي بعد ولاية الله وولايته ، ثمّ جاء بقرينة واضحة على أنّ مراده من الولاية ليس هو الصديق والمحبّ وما

____________

١ ـ مسند أحمد ١ / ١١٨ و ١٥٢ و ٤ / ٢٨١ و ٣٧٠ و ٥ / ٣٤٧ و ٣٧٠ ، الجامع الكبير ٥ / ٢٩٧ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٥ ، المستدرك ٣ / ١٠٩ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٥ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٠٤ ، المعجم الكبير ٤ / ١٧ و ٥ / ١٧٠ و ٥ / ١٩٢ و ٥ / ٢٠٤ ، شواهد التنزيل ٢ / ٣٨١ ، التاريخ الكبير ١ / ٣٧٥ ، الكامل في ضعفاء الرجال ٣ / ٢٥٦ ، ٦ / ٨٢ و ٣٥٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢١٣ و ٢١٧ و ٢٣٠ ، تهذيب الكمال ٢٠ / ٤٨٤ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٩٦ ، الجوهرة : ٦٧ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٣١ ، السيرة النبوية لابن كثير ٤ / ٤٢١ ، ينابيع المودّة ٢ / ٢٤٩ و ٢٨٣ و ٣٩١.

٤١١

شاكل ، وذلك بقوله : « وأنا أولى بهم من أنفسهم » ، فهي قرينة تفيد أنّ معنى ولاية الرسول ، وولاية الله تعالى ، هو الولاية على النفس ، فما ثبت للرسول يثبت لعليعليه‌السلام ، وذلك لقوله : «من كنت مولاه فهذا مولاه ».

وأمّا الحالية : فإنّ أيّ إنسان عاقل إذا نعيت إليه نفسه وقرب أجله تراه يوصي بأهم الأُمور عنده ، وأعزّها عليه.

وهذا ما صنعه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حينما حج حجّة الوداع ، حيث جمع المسلمين وكانوا أكثر من مائة ألف في يوم الظهيرة في غدير خم ، ويخطبهم تلك الخطبة الطويلة ، بعد أن أمر بإرجاع من سبق ، وانتظار من تأخّر عن العير ، وبعد أمره لتبليغ الشاهد الغائب.

كُلّ هذا فعله الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ليقول للناس : إنّ علياً محبّ لكم صديق لكم ، فهل يليق بحكيم ذلك؟ وهل كان خافياً على أحد من المسلمين حبّ عليعليه‌السلام للإسلام والمسلمين؟ وهو الذي عرفه الإسلام بإخلاصه وشجاعته ، وعلمه وإيمانه.

أم أن ذلك يشكّل قرينة قطعية على أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله جمعهم لينصب بعده خليفة بأمر الله تعالى :( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (١) .

نسأله تعالى أن يعرّفنا الحقّ حقّاً ويوفّقنا لاتباعه.

( عبد السلام ـ هولندا ـ سنّي )

عيد من الأعياد الإسلامية :

س : هل للمسلمين عيدين فقط ، كما يوجد في بعض الأحاديث أم لا؟ وهل هناك أحاديث بأنّ صيامه سنّة مؤكّدة؟ اذكروها إن أمكن ، ولكم جزيل الشكر.

ج : اتفق المسلمون على وجود عيدين في الإسلام ، عيد الأضحى ، وعيد الفطر ، وتترتّب عليه بعض الأحكام الفقهية ، مثل حرمة الصيام فيهما.

____________

١ ـ المائدة : ٦٧.

٤١٢

أمّا مسألة صومه ، فهناك أحاديث كثيرة في فضله ، رويت من طرق الشيعة وأهل السنّة على السواء.

وإليك بعض ما روي في كتب السنّة : عن أبي هريرة قال : من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجّة ، كتب الله له صيام ستين شهراً ، وهو يوم غدير خم ، لما أخذ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي بن أبي طالب فقال : « ألست ولي المؤمنين» ؟

قالوا : بلى يا رسول الله ، فقال : « من كنت مولاه فعلي مولاه ».

فقال عمر بن الخطّاب : بخ بخ لك يا بن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كُلّ مسلم ، فأنزل الله تعالى :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ ) (١) .

وعليه فعيد الغدير من الأعياد الإسلامية الكبرى ، لأنّه المتمّم لمفاهيم عيدي الفطر والأضحى ، إذ بعيد الفطر يتميّز الصائمون من غيرهم ، وبعيد الأضحى يتميّز الحجّاج ، ومن يعظّمون الحجّ عن غيرهم ، وبعيد الغدير يتميّز من يقدّس هذين العيدين بأبعادهما الإسلامية كاملة.

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

نزول آيتي البلاغ والإكمال في علي :

س : أودّ أن أسأل حضراتكم عن الآيتين :( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) ، و( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) ؟

فالأُولى رقمها ( ٦٧ ) في سورة المائدة ، والثانية رقمها ثلاث في نفس السورة ، وكما نسمع في الروايات أنّ آية البلاغ نزلت قبل آية الإكمال ، لكن في القرآن نجدها بعد آية الإكمال ، كيف ذلك؟

ثمّ هل إنّ الروايات القائلة بنزول الآيتين في شأن الإمام عليعليه‌السلام متواترة؟

ج : إنّ القرآن الكريم رتّبت آياته من قبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بأمر الوحي عن الله تعالى ، ولا علاقة لذلك بترتيب السابق واللاحق في النزول ، وهذا ما يسمّى

____________

١ ـ المائدة : ٣ ، شواهد التنزيل ١ / ٢٠٠ و ٢٠٣ ، تاريخ بغداد ٨ / ٢٨٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٣٣ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٨٦ ، المناقب : ١٥٦.

٤١٣

بالنظم ـ أي نظم آيات السورة بحسب أغراض ومصالح معينة ، قد تظهر أسبابها عندنا ، وقد تخفى أسباب بعضها كذلك ـ.

واعلم إنّ آية( بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) إذا أخذنا فيها ترتيب الآيات ـ وهو ما نسمّيه بسياق الآيات ـ بنظر الاعتبار ، فإنّ الآيات التي قبلها والتي بعدها تتحدّث عن أهل الكتاب ، فالآية التي قبلها هي :( وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ ) ، والآية التي بعدها هي :( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ ) ، مع أنّ اليهود والنصارى في ذلك العهد النبوي لم يكن لهم شأنٌ وخطر ، فهم ليس بأهل قوّةٍ ولا شوكةٍ ، ولا سطوة حتّى يخشى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منهم ، إن هو بلّغ الإسلام ، فإنّ الإسلام عند نزول الآية قد أعزّه الله تعالى بقوّته ، وتمكّنت سطوته ، فلا معنى لخوف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من النصارى في تبليغ الإسلام ، وإذا كان الأمر كذلك ، فإنّ الآية تشير إلى تبليغ أعظم ، وأمر أخطر لم يألفه المسلمون ، وسيرتاب منه المنافقون ، ويتزعزع لعظم خطره أهل الجاه والدنيا ، وهذا الأمر هو تبليغ ولاية عليعليه‌السلام الذي لا يطيقه المنافقون ، والذين في قلوبهم مرض ، فإنّهم سيحاولون إلى التصدّي لجهودهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

لذا أخبره تعالى أنّه سيعصمك من خطر هؤلاء ومن مؤامراتهم ، مضافاً إلى أنّ الروايات من قبل الفريقين تؤكّد أنّ آية( بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ) نزلت في تبليغ ولاية عليعليه‌السلام (١) ، ممّا يعني أنّ ترتيب الآيات وسياقها لا علاقة له بمعنى الآية وسبب نزولها.

لذا فلا عليك أن ترى تقدّم آية( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) على آية( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) ، فإنّ روايات أهل السنّة والشيعة كُلّها متّفقة على نزولهما في تبليغ ولاية عليعليه‌السلام .

____________

١ ـ أُنظر : أسباب نزول القرآن : ١٣٥ ، شواهد التنزيل ١ / ٢٣٩ و ٢٤٩ و ٢٥٦ و ٣٥٣ و ٤٠٢ و ٢ / ٣٩١ و ٤٥١ ، الدرّ المنثور ٢ / ٢٩٨ ، فتح القدير ٢ / ٦٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٣٧ ، المناقب : ٧ ، ينابيع المودّة ١ / ٣٥٩ و ٢ / ٢٤٩ و ٢٨٥.

٤١٤

( أبو مهدي ـ ـ )

أحد الأدلّة على إمامة علي :

س : لقد ناقشت أحد إخواننا السنّة حول قضية الغدير ، والتي صرّح فيها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بالولاية لعليعليه‌السلام ، فأجابني : بأنّ الموقف كان بيان من الرسول ليوضّح منزلة عليعليه‌السلام منه وحبّه ، والسبب الوحيد هو ليزيل ما في قلوب بعض الصحابة عليه ، ولو أراد خلافته فلم لم يصرّح بوضوح ، كأن يقول : يا أيّها الناس إنّ علياً إمامكم من بعدي ، وقد فرض الله طاعته عليكم.

فالرجاء إعطائي جواباً شافياً مع الشكر الجزيل.

ج : قد صرّح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بإمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام من بعده في عدّة أحاديث ، من بداية الدعوة الإسلامية وإلى يوم الغدير ، ومن تلك الأحاديث :

١ ـ حديث الدار : عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنّه لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) (١) : « دعاني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال لي : يا علي ، إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوه »(٢) ، فهل تجد أصرح من هذه العبارة؟

٢ ـ حديث الولاية : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : « أنت وليّ كُلّ مؤمن بعدي »(٣) ، أو : « أنت وليّ كُلّ مؤمن بعدي ومؤمنة »(٤) ، أو : « أنت وليّي في كُلّ مؤمن بعدي »(٥) .

____________

١ ـ الشعراء : ٢١٣.

٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٦٣ ، كنز العمّال ١٣ / ١١٤ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢١١ ، جواهر المطالب ١ / ٨٠ ، جامع البيان ١٩ / ١٤٩ ، شواهد التنزيل ١ / ٤٨٦ ، تفسير القرآن العظيم ٣ / ٣٦٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٩ ، السيرة النبوية لابن كثير ١ / ٤٥٩.

٣ ـ ذخائر العقبى : ٨٧ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٢٠ ، مسند أبي داود : ٣٦٠ ، خصائص أمير المؤمنين : ٦٤ ، المعجم الكبير ١٢ / ٧٨ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٩٩ ، الجوهرة : ٦٤ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٨١ ، جواهر المطالب ١ / ٢١٢ ، ينابيع المودّة ٢ / ٨٦.

٤ ـ المستدرك ٣ / ١٣٤.

٥ ـ مسند أحمد ١ / ٣٣١ ، كتاب السنّة : ٥٥٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٠٢.

٤١٥

أليس هذا الحديث يدلّ على ثبوت الأولوية بالتصرّف لعليعليه‌السلام ؟ وهذه الأولوية مستلزمة للإمامة.

٣ ـ حديث الغدير : أخرج أحمد بن حنبل بسند صحيح وغيره عن زيد بن أرقم قال : نزلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بواد يقال له : وادي خم ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « فمن كنت مولاه فإنّ علياً مولاه ، اللهم عاد من عاداه ، ووال من والاه »(١) .

فأثبت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في هذا الحديث لعليعليه‌السلام ما ثبت له من الأولوية بالناس من الناس ، أي من أنفسهم ، ثمّ إنّهم ـ أي الصحابة ـ جميعاً بايعوه على هذا ، وسلّموا عليه بإمرة المؤمنين ، وهنّؤوه ، ونظمت فيه الأشعار.

( هاشم ـ الكويت ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة )

المولى بمعنى الإمام لا المحب والنصير :

س : نشكركم على إتاحة الفرصة لنا بالاستفادة منكم ، أدام الله توفيقكم.

سؤالي هو : لماذا لا تكون عبارة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من كنت مولاه فهذا مولاه » دليلاً وقرينة على أنّ معنى « المولى » هو المحبّ والنصير؟

ج : إنّ هذه الشبهة هي محاولة منسوخة من قبل البعض لتأويل معنى « المولى » في حديث الغدير(٢) ، ولكنّها مردودة لوجوه :

منها : إنّ صدر الحديث لا يحتمل فيه هذا التوجيه ، إذ لا يعقل أن يأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الناس بالاجتماع والإصغاء إلى مجرّد معنى المحبّة والنصرة.

وبعبارة أُخرى : لدينا قرينة حالية صريحة بأنّ ذاك الاهتمام البالغ لا يتصوّر أن ينصب فقط لبيان كون عليعليه‌السلام محبّاً وناصراً ، لمن كان النبيّ محبّاً وناصراً له ، أو بمعنى : من أحبّني وتولاّني فليحبّ علياً وليتولّه.

____________

١ ـ مسند أحمد ٤ / ٣٧٢ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٨٥.

٢ ـ شرح تجريد العقائد : ٣٦٨.

٤١٦

ومجمل الكلام : إنّ القرينة المقامية والحالية توجب رفع اليد عن معنى المحبّ والناصر للمولى في صدر الحديث ، بل وصرفه إلى معنى الأولوية على الأنفس التي هي الإمامة.

وأمّا تتمّة الحديث ، فلابدّ من لحاظها مع صدر الحديث لا بالاستقلال ، فيكون الدعاء الوارد في ذيل الحديث متوجّهاً إلى من قبل إمامة عليعليه‌السلام .

( أبو حسين ـ الكويت ـ )

بلّغ الرسول فيه لا في نفس الحجّ :

س : عندي سؤال حفظكم الله :

بالنسبة لواقعة غدير خم ، ما هو المغزى لتأخّر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بإبلاغ الناس عن ولاية الإمام علي عليه‌السلام ؟ لماذا لم يخطب بالناس في الحجّ؟ مع أنّ الناس هناك كانوا أكثر؟ أفيدوني.

ج : إنّ الوحي الإلهي لا يخضع في أصل وجوده وكيفية نزوله للعقل البشري ، لأنّ دوره هو هداية الإنسان ، فلا يقع تحت شمول القواعد والتحليلات العقلية.

وفي المقام ، لا يسعنا التكهّن بمصلحة مكان وزمان واقعة الغدير ، بل وحتّى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان قد تعبّد فيهما ، فعندما نزل الوحي وقرأ جبرائيلعليه‌السلام آية التبليغ ، انصدع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمر السماء ، وبلّغ ما أمر به ، ولم يتقدّم أو يتأخّر في تنفيذه.

فالمهم في الموضوع : أن نرى تواتر حديث وواقعة الغدير ، فإنّها ـ بحمد الله تعالى ـ مسجّلة في أُمّهات مصادر الفريقين ، ولم ولن يستطيع المناوئون إخفاء فضائل أهل البيتعليهم‌السلام أو تضييعها ، فأصل الحادث أمر مسلّم ، وأمّا حكمة إبدائه في ذلك المقطع من الزمان والمكان فيه شيء آخر ، قد يذكر له وجوه استحسانية ، فلا يهمّنا معرفتها بعد أن تيقّنا أصل الواقعة.

٤١٧

ثمّ إنّ مدلول حديث الغدير هو إمامة أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، وهذا المعنى جاء في حديث الثقلين ، ثمّ إنّ حديث الثقلين قد ورد في عدّة أمكنة ، منها : في حجّة الوداع عند زمزم(١) ، وفي عرفات(٢) ، وفي مسجد الخيف(٣) .

فترى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد بلّغ في أزمنة وأمكنة متعدّدة ـ قبل وبعد الغدير ـ ولاية الإمام عليعليه‌السلام ، وأمّا خصوصية الغدير فتكمن في نزول آية التبليغ والإكمال فيها ، وبيعة المسلمين الذين حضروا المشهد بأجمعهم مع أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهذه المسألة فريدة في نوعها في تثبيت إمامة الإمام عليعليه‌السلام والتأكيد عليها.

( سعد ـ الكويت ـ )

تحقيق حول معنى المولى :

س : أهل السنّة يقولون : إنّ كلمة مولاه لا تعني أولى بالشيء ، ويقولون : تعني النصرة والمحبّة ، ويستندون بآية( فَإِنَّ الله هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٤) فكيف نردّ على هذه الآية؟

ثمّ هل هناك فرق بين كلمة مولى وكلمة والي وكلمة أُولي؟ ولماذا لم يقل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الغدير أُولي؟ وشكراً.

ج : إنّ الولاية التي نؤمن بها هي : الإمامة والإمارة ، والسلطة الدينية والدنيوية ، وقيادة الأُمّة بعد نبيّهاصلى‌الله‌عليه‌وآله على الصراط المستقيم ، والمحجّة البيضاء ، والحفاظ على الإسلام والمسلمين.

____________

١ ـ تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٠٩.

٢ ـ الجامع الكبير ٥ / ٣٢٨ ، المعجم الأوسط ٥ / ٨٩ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٦ ، نظم درر السمطين : ٢٣٢ ، ينابيع المودّة ١ / ١٠٩ و ١٢٥.

٣ ـ ينابيع المودّة ١ / ١٠٩.

٤ ـ التحريم : ٤.

٤١٨

وقد عبَّر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن هذه الولاية بعدّة ألفاظ منها : « ولي ومولى » ، وهذين اللفظين قد صحّحهما أهل السنّة أيضاً ، ووردت بألفاظٍ أُخرى عند الفريقين ، ولكن أهل السنّة ضعّفوها ، مثل لفظ : « خليفة وأمير و... ».

وأمّا النقاش في اللفظين الصحيحين عند الفريقين ، فهما بالاتفاق بمعنى واحد ، وهو الولاية ، قال الفرّاء : والوليُّ والمولى واحدٌ في كلام العرب.

قال أبو منصور : من هذا قولُ سيّدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أيُّما امرأة نكحتْ بغير إذن مولاها » ، ورواه بعضهم : «بغير إذن وليِّها » لأنّهما بمعنى واحد.

وروى ابن سلام عن يونس قال : ومنه قول سيّدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من كنت مولاه فعلي مولاه » أي : مَنْ كنت وليُّه.

قال الزجاج : والولاية التي بمنزلة الإمارة مكسورة والوليُّ : ولي اليتيم الذي يلي أمره ، ويقوم بكفايته ، وولي المرأة : الذي يلي عقد النكاح عليها ، ولا يدعها تستبد بعقد النكاح دونه.

وقال ابن منظور : وليّ : في أسماء الله تعالى : الوليُّ هو الناصر ، وقيل : المتولّي لأُمور العالم والخلائق القائم بها ، ومن أسمائه عزّ وجلّ : الوالي ، وهو مالك الأشياء جميعها المتصرّف فيها.

وقال ابن الأثير : وكأنّ الولاية تُشعر بالتدبير والقدرة والفعل ، وما لم يجتمع ذلك فيها لم يطلق عليه اسم الوالي(١) .

ومن هذا القول الأخير لابن الأثير تعلم الردّ على أهمّ إشكالاتهم حول الولاية ، بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يجب عليه أن يقول « والي» ، وليس ولي أو مولى.

فاشتراط الفعل والقدرة على الولي كي يسمّى والياً ، غير متوفّر في الإمام عليعليه‌السلام في زمان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله على قيد الحياة ، فهوعليه‌السلام لم يعمل ، ولم يباشر بالولاية في زمان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أبداً ، وهذا ما أشار إليه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في بعض الروايات بقوله : «بعدي ».

____________

١ ـ لسان العرب ١٥ / ٤٠٦.

٤١٩

وفي البعض الآخر قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « تركت فيكم » ، وفي حديث الغدير قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يوشك أن يأتيني رسول ربّي عزّ وجلّ فأُجيب ، وإنّي مخلّف فيكم الثقلين »(١) .

وروي عن أبي هريرة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « ما من مؤمن إلاّ وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة اقرؤا إن شئتم : النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ »(٢) .

فهذا البيان كُلّه قد قرَّره أهل اللغة ، وهو المرجع الذي سوف نفهم الآيات الكريمة ، والأحاديث الشريفة على أساسه ، ونرى ما إذا دلّت على ذلك.

فبعد أن رأينا أنّ لفظة « ولي أو مولى » تأتي في اللغة بمعان عديدة ، منها ما ندّعيه هنا في هذا المقام ، وكذلك تدلّ على معانٍ عدّة أُخرى ، فيشترط أهل اللغة والعقل والعلم الشرعي : بأنّ اللفظ المشترك بين معانٍ متعدّدة ، يسمّى مشتركاً لفظياً ، ولا يجوز استخدامه في أيّ معنى من المعاني ، حتّى تنصب له القرينة الدالّة ، والمحددة للمعنى الذي يريده المتكلّم.

ولدينا على إثبات مدّعانا قرائن عديدة ، منها حالية ، ومنها مقالية ، نذكر أهمها :

١ ـ القرائن الحالية : وهي اختيار النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله غدير خم ـ ذلك المكان الذي يعتبر مفترق الطرق بين مكّة والمدينة ـ وبعد الحجّ ، بل بعد حجّة الوداع التي دعا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله المسلمين كافّة للتشرّف بحضورها ، حتّى حضر معه مائة ألف مسلم أو أكثر ، وهذا المكان منه يفترق المسلمون للرجوع إلى ديارهم ، وهو أقرب نقطة على كلّ أحد من الجهات المختلفة للبلاد الإسلامية.

فهو آخر مكان يمكن فيه اجتماع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بأكثر المسلمين في ذلك الوقت ، قبل الافتراق والرحيل إلى الرفيق الأعلى.

____________

١ ـ مسند أحمد ٤ / ٣٦٧ ، صحيح مسلم ٧ / ١٢٢ ، السنن الكبرى للبيهقي ٢ / ١٤٨ ، الجامع الصغير ١ / ٢٤٤ ، كنز العمّال ١ / ١٧٨ ، دفع شبه التشبيه : ١٠٣.

٢ ـ صحيح البخاري ٦ / ٢٢ ، السنن الكبرى للبيهقي ٦ / ٢٣٨ ، جامع البيان ٢١ / ١٤٧ ، تفسير القرآن العظيم ٣ / ٤٧٦ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٨٢.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

٩٦٠٣/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ زُرَارَةَ ، قَالَ :

حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام (١) أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً « فَكَرِهَ(٢) ذلِكَ أَبِي(٣) ، فَمَضَيْتُ فَتَزَوَّجْتُهَا(٤) ، حَتّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذلِكَ زُرْتُهَا ، فَنَظَرْتُ(٥) ، فَلَمْ أَرَ مَا يُعْجِبُنِي ، فَقُمْتُ أَنْصَرِفُ ، فَبَادَرَتْنِي(٦) الْقَيِّمَةُ(٧) مَعَهَا إِلَى(٨) الْبَابِ لِتُغْلِقَهُ عَلَيَّ ، فَقُلْتُ : لَاتُغْلِقِيهِ ، لَكِ الَّذِي تُرِيدِينَ ، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلى أَبِي أَخْبَرْتُهُ بِالْأَمْرِ كَيْفَ كَانَ ، فَقَالَ(٩) : أَمَا(١٠) إِنَّهُ لَيْسَ لَهَا(١١) عَلَيْكَ(١٢) إِلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ ، وَقَالَ : إِنَّكَ(١٣) تَزَوَّجْتَهَا فِي سَاعَةٍ حَارَّةٍ ».(١٤)

٩٦٠٤/ ٣. حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ(١٥) ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَمَاعَةَ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ وَأَبِي الْعَبَّاسِ ، قَالَا :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَدْخُلَ بِامْرَأَةٍ(١٦) لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ ».(١٧)

____________________

(١). في الوسائل : « عن أبي جعفرعليه‌السلام » بدل « قال : حدّثني أبو جعفرعليه‌السلام ».

(٢). في التهذيب والاستبصار : « قال : فكره ».

(٣). في الوسائل : « أبوه قال » بدل « أبي ».

(٤). في « بح » : « فتزوّجها ».

(٥). في « بخ » : « فنظرتها ».

(٦). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : فبادرتني ، إنّما فعلت ذلك ؛ ليستقرّ المهر جميعاً بزعمها ».

(٧). في التهذيب والاستبصار : « القائمة ».

(٨). في « ن ، بح ، بن ، جد » والتهذيب والاستبصار : - « إلى ». وفي الوسائل : - « معها إلى ».

(٩). في « بخ ، بف » والوافي : « قال ».

(١٠). في الوسائل : « يا بنيّ » بدل « أما ».

(١١). في الوسائل : - « لها ».

(١٢). في « جد » وحاشية « م » : « لك عليها» بدل «لها عليك». وفي « بخ » وحاشية « ن » : + « شي‌ء ».

(١٣). في « بن » والوسائل : « أنت ».

(١٤).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٤٦٦ ، ح ١٨٦٨ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٢٢٨ ، ح ٨٢٦ ، معلّقاً عن عليّ بن الحسن بن فضّال ، عن محمّد بن عبد الله بن زرارة ومحمّد وأحمد ابني الحسن بن عليّ ، عن الحسن بن عليّ ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام الوافي ، ج ٢١ ، ص ٣٨٢ ، ح ٢١٤١٧ ؛الوسائل ، ج ٢٠ ، ص ٩٣ ، ح ٢٥١١٩. (١٥). في « بف » : - « بن زياد ».

(١٦). في « بف ، بن » وحاشية « جت » والوافي : « بامرأته ».

(١٧).الوافي ، ج ٢٢ ، ص ٧٥ ، ح ٢٢٠٠٠ ؛الوسائل ، ج ٢٠ ، ص ٩٤ ، ح ٢٥١٢٠.

٦٨١

٤١ - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ التَّزْوِيجِ بِاللَّيْلِ‌

٩٦٠٥/ ١. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَاعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي التَّزْوِيجِ قَالَ(١) : « مِنَ السُّنَّةِ التَّزْوِيجُ(٢) بِاللَّيْلِ ؛ لِأَنَّ اللهَ جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً ، وَالنِّسَاءُ إِنَّمَا هُنَّ سَكَنٌ ».(٣)

٩٦٠٦/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « زُفُّوا عَرَائِسَكُمْ لَيْلاً ، وَأَطْعِمُوا ضُحًى ».(٤)

٩٦٠٧/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ‌ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُيَسِّرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : قَالَ(٥) : « يَا مُيَسِّرُ ، تَزَوَّجْ بِاللَّيْلِ ؛ فَإِنَّ اللهَ جَعَلَهُ سَكَناً ، وَلَا تَطْلُبْ حَاجَةً بِاللَّيْلِ ؛ فَإِنَّ اللَّيْلَ مُظْلِمٌ ».

قَالَ : ثُمَّ قَالَ : « إِنَّ لِلطَّارِقِ(٦) لَحَقّاً عَظِيماً ، وَإِنَّ لِلصَّاحِبِ لَحَقّاً‌

____________________

(١). في التهذيب : + « إنّ ».

(٢). فيمرآة العقول ، ج ٢٠ ، ص ٨٥ : « التزويج يحتمل العقد والزفاف والأعمّ منهما ».

(٣).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٤١٨ ، ح ١٦٧٥ ، معلّقاً عن الكليني.تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٣٧١ ، ح ٦٧ ، عن الحسن بن عليّ بن بنت إلياس ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، مع اختلاف يسير وزيادة في آخره.وفيه ، ص ٣٧٠ ، ح ٦٦ ، عن عبد الله بن الفضل النوفلي ، عمّن رفعه إلى أبي جعفرعليه‌السلام ، إلى قوله : « جعل الليل سكناً » مع اختلاف يسير وزيادة في أوّلهالوافي ، ج ٢١ ، ص ٣٨١ ، ح ٢١٤١٣ ؛الوسائل ، ج ٢٠ ، ص ٩١ ، ح ٢٥١١٥.

(٤).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٤١٨ ، ح ١٦٧٦ ، معلّقاً عن الكليني.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٤٠١ ، ح ٤٤٠٣ ، معلّقاً عن السكوني.الجعفريّات ، ص ١١٠ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوافي ، ج ٢١ ، ص ٣٨٢ ، ح ٢١٤١٥ ؛الوسائل ، ج ٢٠ ، ص ٩١ ، ح ٢٥١١٤.

(٥). في « بح » : - « قال ».

(٦). كلّ آت بالليل طارق ، يقال : أتانا فلان طُروقاً ، إذا جاء بالليل. قال ابن الأثير : « قيل : أصل الطروق من الطَّرْق ، وهو الدقّ ، وسمّي الآتي بالليل طارقاً لحاجته إلى دقّ الباب ». راجع :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥١٥ ؛النهاية ، ج ٣ ، ص ١٢١ ( طرق ).

٦٨٢

عَظِيماً(١) ».(٢)

٤٢ - بَابُ الْإِطْعَامِ عِنْدَ التَّزْوِيجِ‌

٩٦٠٨/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ؛

وَالْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً(٣) ، عَنِ‌

____________________

(١). فيالوافي : « لمـّا كان منعهعليه‌السلام عن طلب الحاجة بالليل مظنّة لجواز عدم التعرّض لحاجة الطارق ، استدرك ذلك بقولهعليه‌السلام : إنّ للطارق لحقّاً عظيماً ، وإنّما عظم حقّه لأنّه ما لم يضطرّ لم يطرق ، والاضطرار يعظّم الحقّ. والصاحب : من لك رابطة صحبته ، وربّما هو الطارق فيجتمع الحقّان العظيمان ».

وفي هامشالكافي المطبوع : « قوله : ثمّ قال : إنّ للطارق لحقّاً عظيماً ، إلى آخره ، يحتمل أن يكون مربوطاً بالتزويج في الليل ، وحينئذٍ المراد بالطارق والصاحب الزوج والزوجة ، وبالحقّ الأجر ؛ يعني أنّ لكلّ منهما أجراً عظيماً ، حيث ولج كلّ منهما صاحبه ليلاً. ويمكن أن يكون المراد بالحقّ العظيم حقوق الزوجيّة المشتركة بينهما ؛ فإنّ لكلّ منهما حقّاً على صاحبه ، كما سيأتي عن قريب ، وكما يصحّ إطلاق الطارق على الزوج يصحّ إطلاقه على الزوجة ، قال فيالقاموس : الطارق : ناقة الفحل ، وكذا المرأة.

ويحتمل أن يكون مربوطاً بالفقرة الثانية ، فحينئذٍ إمّا أن يراد بالطارق الآتي ليلاً عند شخص لقضاء حاجته ، وبالصاحب ذلك الشخص قال : إنّ للطارق حقّاً عظيماً على صاحبه ، حيث أتاه ليلاً ، وللصاحب حقّاً عظيماً على طارقه ، حيث قضى حاجته. وإمّا أن يراد بالطارق كوكب الصبح وبالصاحب الشمس ؛ فإنّ لكلّ منهما حقّاً ، حيث بشّر الأوّل بوجود الصبح الذي هو من جلائل النعم ، والثانية بوجود النهار والضوء.

ويحتمل أن يكون الأوّل مربوطاً بالتزويج ليلاً ، والثانية بالثانية ، ولعلّه الأظهر. واُفيد أنّ قوله : « إنّ للطارق » إلى آخره ، مربوط بالفقرة الأخيرة ، وأنّ المراد بالطارق ما ورد في الليل على شخص لقضاء حاجته ، وبالصاحب من له على الآخر حقّ الصحبة ، فحاصل مغزاه أنّ من ورد عليك في الليل فاقض حاجته ، سيّما إذا كان له عليك حقّ الصحبة.

ويحتمل أن يكون المقصود بالذكر هنا بيان حقّ الطارق ، قد ذكر حقّ الصاحب استطراداً ، وأن يكون قوله : « وإنّ للصاحب » بمنزلة قولنا : كما أنّ للصاحب لحقّاً عظيماً ، وأن يكون المراد أنّ من ورد عليك ليلاً وبات عندك فقد حصل له عليك حقّان : أحدهما حقّ الدخلة ؛ فإنّ الوارد عليك في الليل دخيلك ، وهو بمنزلة نفسك ، وثانيهما حقّ الصحبة ؛ فإنّ البيوتة ممّا يورث الصحبة ، فوجب عليك أن تقضي حاجته كما هي ، والله أعلم ومن صدر عنه. اب‌ره».

(٢).تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٣٧١ ، ح ٦٨ ، عن عليّ بن عقبة ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، إلى قوله : « فإنّ الليل مظلم » مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٢١ ، ص ٣٨١ ، ح ٢١٤١٤ ؛الوسائل ، ج ٢٠ ، ص ٩١ ، ح ٢٥١١٣.

(٣). في التهذيب : - « والحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد جميعاً ».

٦٨٣

الْوَشَّاءِ(١) :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَاعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « إِنَّ النَّجَاشِيَّ لَمَّا خَطَبَ لِرَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله آمِنَةَ(٢) بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ ، فَزَوَّجَهُ ، دَعَا بِطَعَامٍ ، وَقَالَ(٣) : إِنَّ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ الْإِطْعَامَ عِنْدَ التَّزْوِيجِ ».(٤)

٩٦٠٩/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله حِينَ تَزَوَّجَ(٥) مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ ، أَوْلَمَ(٦) عَلَيْهَا ، وَأَطْعَمَ النَّاسَ الْحَيْسَ(٧) ».(٨)

٩٦١٠/ ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ :

رَفَعَهُ إِلى أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « الْوَلِيمَةُ يَوْمٌ وَيَوْمَانِ(٩) ......................

____________________

(١). هكذا في « م ، ن ، بخ ، بف ، بن ، جت ، جد » وحاشية « بح ». وفي « بح » والمطبوع والوسائل : « عن الحسن بن عليّ الوشّاء ». (٢). في « بخ ، بف » وحاشية « جت » والوافي : « اُمّ حبيبة ».

(٣). في « بن » والوسائل : « ثمّ قال » بدل « وقال ».

(٤).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٤٠٩ ، ح ١٦٣٣ ، معلّقاً عن الكليني ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الوشّاء ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام .المحاسن ، ص ٤١٨ ، كتاب المآكل ، ح ١٨٤ ، عن الحسن بن عليّ الوشّاءالوافي ، ج ٢١ ، ص ٤٠١ ، ح ٢١٤٣٧ ؛الوسائل ، ج ٢٠ ، ص ٩٤ ، ح ٢٥١٢١ ؛البحار ، ج ٢٢ ، ص ١٩٠ ، ذيل ح ٣.

(٥). في « بخ » : « زوّج ».

(٦). « أولم » ، أي صنع وليمة ، وهي الطعام الذي يصنع عند العُرْس ، أو هي اسم لكلّ طعام يتّخذ لجمع. راجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٢٦ ؛المصباح المنير ، ص ٦٧٢ ( ولم ).

(٧). « الحَيْس » : تمر ينزع نواه ويدقّ مع أقط - وهو بالفارسيّة : پنير أو كشك - ويعجنان بالسمن ، وقد يجعل عوض الأقط الدقيق أو الفتيت ، ثمّ يدلك باليد حتّى يبقى كالثريد ، وربّما جعل معه سويق ، وهو مصدر في الأصل ، يقال : حاس الرجل حيساً من باب باع ، إذا اتّخذ ذلك.النهاية ، ج ١ ، ص ٤٦٧ ؛المصباح المنير ، ص ١٥٩ (حيس ).

(٨).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٤٠٩ ، ح ١٦٣٢ ، معلّقاً عن الكليني.المحاسن ، ص ٤١٨ ، كتاب المآكل ، ح ١٨٥ ، بسنده عن ابن أبي عمير. وراجع :علل الشرائع ، ص ٦٥ ، ح ٣الوافي ، ج ٢١ ، ص ٤٠١ ، ح ٢١٤٣٨ ؛الوسائل ، ج ٢٠ ، ص ٩٤ ، ح ٢٥١٢٣ ؛البحار ، ج ٢٢ ، ص ١٩٠ ، ذيل ح ٤.

(٩). في « بخ ، بف » والوافي : « يوماً ويومين ». وفي المحاسن : « يوماً أو يومين ».

٦٨٤

مَكْرُمَةٌ(١) ، وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ(٢) ».(٣)

٩٦١١/ ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : الْوَلِيمَةُ أَوَّلَ يَوْمٍ حَقٌّ ، وَالثَّانِيَ مَعْرُوفٌ ، وَمَا زَادَ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ ».(٤)

٤٣ - بَابُ التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ خُطْبَةٍ‌

٩٦١٢/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَعْقُوبَ ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ(٥) ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنِ التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ خُطْبَةٍ(٦) ؟

____________________

(١). المـَكْرُمة : اسم من الكرم ، وهو النفاسة والعزّ والشرف ، وفعل الخير مكرمة ، أي سبب للكرم أو التكريم. راجع :المصباح المنير ، ص ٥٣١ ( كرم ).

(٢). السمعة : ما سُمِّعَ به من طعام أو غير ذلك رياءً ؛ ليُسْمَعَ ويُرى ، تقول : فعله رياءً وسمعة ، أي ليراه الناس ويسمعوا به.لسان العرب ، ج ٨ ، ص ١٦٦ ( سمع ).

(٣).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٤٠٨ ، ح ١٦٣١ ، معلّقاً عن الكليني.المحاسن ، ص ٤١٧ ، كتاب المآكل ، ح ١٨٢ ، عن ابن فضّالالوافي ، ج ٢١ ، ص ٤٠٢ ، ح ٢١٤٤٠ ؛الوسائل ، ج ٢٠ ، ص ٩٤ ، ح ٢٥١٢٢.

(٤).المحاسن ، ص ٤١٧ ، كتاب المآكل ، ح ١٨٣ ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .الجعفريّات ، ص ١٦٤ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوافي ، ج ٢١ ، ص ٤٠٢ ، ح ٢١٤٣٩ ؛الوسائل ، ج ٢٠ ، ص ٩٥ ، ح ٢٥١٢٤.

(٥). هكذا في « بخ » وحاشية « جت » والوافي والتهذيب ، ح ١٦٢٩. وفي « م ، ن ، بح ، بن ، جت ، جن » والمطبوع والوسائل : « هارون بن مسلم ».

وتقدّم ، ذيل ح ٣٦٢٤ أنّ عليّ بن يعقوب الهاشمي روى كتاب مروان بن مسلم ولم يثبت روايته عن هارون بن مسلم ، فلاحظ.

(٦). فيمرآة العقول ، ج ٢٠ ، ص ٨٧ : « يقال : خطب المرأة إلى القوم ، أي طلب أن يتزوّج منهم ، والاسم : الخطبة بالكسر ، وهي بالضمّ يطلق على ما يقرأ عند طلب الزوجة وعند العقد من الكلام المشتمل على الحمد والثناء =

٦٨٥

فَقَالَ(١) : « أَ وَلَيْسَ عَامَّةُ مَا يَتَزَوَّجُ(٢) فِتْيَانُنَا(٣) ، وَنَحْنُ نَتَعَرَّقُ(٤) الطَّعَامَ عَلَى الْخِوَانِ(٥) نَقُولُ(٦) : يَا فُلَانُ ، زَوِّجْ فُلَاناً(٧) فُلَانَةَ ، فَيَقُولُ : نَعَمْ(٨) ، قَدْ(٩) فَعَلْتُ؟ ».(١٠)

٩٦١٣/ ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ(١١) ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِعليه‌السلام كَانَ يَتَزَوَّجُ(١٢) وَهُوَ يَتَعَرَّقُ عَرْقاً يَأْكُلُ ، مَا(١٣) يَزِيدُ عَلى أَنْ يَقُولَ : الْحَمْدُ لِلّهِ ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَيَسْتَغْفِرُ(١٤) اللهَ عَزَّوجَلَّ ، وَقَدْ زَوَّجْنَاكَ عَلى شَرْطِ اللهِ » ثُمَّ قَالَ : « عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِعليهما‌السلام إِذَا حَمِدَ‌

____________________

= والصلاة وما يناسب المقام ، كما سيأتي في الباب الآتي والخطبة هنا يحتمل الضمّ والكسر ». وراجع :المصباح المنير ، ص ١٧٣ ( خطب ).

(١). في « ن ، بح ، بخ » : « قال ».

(٢). في « ن ، بخ ، بف ، بن » والوسائل ، ح ٢٥١٢٦والتهذيب ، ح ١٠٧٨ : « نتزوّج ».

(٣). في « م ، بح ، بخ ، بف ، بن » والوافي والوسائل ، ح ٢٥١٢٦ : « فتياتنا ». وفي الوسائل ، ح ٢٥٥٨١ : + « فتياتنا ».

(٤). العَرْق بالسكون : العظم إذا اُخذ عنه معظم اللحم ، وجمعه : عُراق ، وهو جمع نادر ، يقال : عرقت العظم واعترقته وتعرّقته ، إذا أخذت عنه اللحم بأسنانك.النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٢٠ ( عرق ).

(٥). الخِوان ، بالكسر : ما يوضع عليه الطعام عند الأكل.النهاية ، ج ٢ ، ص ٨٩ ( خون ).

(٦). في « م ، بخ » : « يقول ».

(٧). في التهذيب ، ح ١٦٢٩ : - « فلاناً ».

(٨). في الوسائل ، ح ٢٥١٢٦ : - « نعم ».

(٩). في الوافي : « فقد ».

(١٠).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٤٠٨ ، ح ١٦٢٩ ؛ وص ٢٤٩ ، ح ١٠٧٨ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ٢١ ، ص ٤٠٠ ، ح ٢١٤٣٦ ؛الوسائل ، ج ٢٠ ، ص ٩٦ ، ح ٢٥١٢٦ ؛ وص ٢٦٣ ، ح ٢٥٥٨١.

(١١). فيالتهذيب : « جعفر بن محمّد بن عليّ الأشعري ». وهو سهو ظاهراً ؛ فإنّا لم نجد عنوان جعفر بن محمّد بن ‌عليّ الأشعري في موضع. وجعفر بن محمّد الأشعري الراوي عن عبد الله بن ميمون هو جعفر بن محمّد بن عبيد الله الذي روى كتاب عبدالله بن ميمون - كما فيرجال النجاشي ، ص ٢١٣ ، الرقم ٥٥٧ ،والفهرست للطوسي ، ص ٢٩٥ ، الرقم ٤٤٣ - وروى جعفر هذا ، بعنوان جعفر بن محمّد بن عبيد الله الأشعري عن عبد الله بن ميمون القدّاح فيالمحاسن ، ص ٣٤ ، ح ٢٨ ، ص ٢٠٧ ، ح ٦٦ ،والخصال ، ص ٤٣٩ ، ح ٣٠.

(١٢). في « بف » : « يزوّج ».

(١٣). في « بخ ، بف » وحاشية « جت » والوافي والبحار والتهذيب : « فما ».

(١٤). في الوسائل : « ونستغفر ».

٦٨٦

اللهَ ، فَقَدْ خَطَبَ ».(١)

٤٤ - بَابُ خُطَبِ النِّكَاحِ‌

٩٦١٤/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ جَمَاعَةً مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فِي إِمَارَةِ(٢) عُثْمَانَ اجْتَمَعُوا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله فِي(٣) يَوْمِ جُمُعَةٍ ، وَهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُزَوِّجُوا رَجُلاً مِنْهُمْ ، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام قَرِيبٌ مِنْهُمْ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : هَلْ لَكُمْ أَنْ نُخْجِلَ عَلِيّاً السَّاعَةَ : نَسْأَلُهُ أَنْ يَخْطُبَ بِنَا وَنَتَكَلَّمُ(٤) ؛ فَإِنَّهُ يَخْجَلُ وَيَعْيَا(٥) بِالْكَلَامِ ، فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ ، فَقَالُوا : يَا أَبَا الْحَسَنِ ، إِنَّا نُرِيدُ أَنْ نُزَوِّجَ فُلَاناً فُلَانَةَ ، وَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ تَخْطُبَ بِنَا(٦) ، فَقَالَ(٧) : فَهَلْ(٨) تَنْتَظِرُونَ(٩) أَحَداً؟ فَقَالُوا(١٠) : لَا(١١) ، فَوَ اللهِ مَا لَبِثَ حَتّى قَالَ :

الْحَمْدُ لِلّهِ الْمُخْتَصِّ بِالتَّوْحِيدِ ، الْمُتَقَدِّمِ(١٢) بِالْوَعِيدِ ، الْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ ،

____________________

(١).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٤٠٨ ، ح ١٦٣٠ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ٢١ ، ص ٤٠٠ ، ح ٢١٤٣٥ ؛الوسائل ، ج ٢٠ ، ص ٩٦ ، ح ٢٥١٢٧ ؛ ص ٢٦٣ ، ح ٢٥٥٨٢ ؛البحار ، ج ٤٦ ، ص ٦٥ ، ح ٢٦ ، وفيهما إلى قوله : « قد زوّجناك على شرط الله ».

(٢). في « بخ ، بف ، بن ، جت » والبحار : « إمرة ».

(٣). في « بخ ، بف » والوافي : - « في ».

(٤). في « م ، ن ، بح ، بن ، جت ، جد » والبحار : « ويتكلّم ».

(٥). في البحار : « ويعين ». و « يعيا » أي يعجز ؛ من العيّ ، وهو العجز وعدم الاهتداء لوجه المراد ، وهو أيضاً الجهل وعدم البيان. راجع :لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ١١١ ( عيي ).

(٦). في«م، ن ، بخ ، بن ، جد » والبحار : - « بنا ».

(٧). في « بف ، بن » والوافي : « قال ».

(٨). في « بح » : « هل ».

(٩). في « بخ » : « ينتظرون ».

(١٠). في « بخ ، بف ، بن » والوافي : « قالوا ».

(١١). في « بن » : + « قال ».

(١٢). في « م ، ن ، بح ، بخ ، جت ، جد » والوافي والبحار : « المقدّم ».

٦٨٧

الْمُحْتَجِبِ بِالنُّورِ دُونَ خَلْقِهِ ، ذِي(١) الْأُفُقِ الطَّامِحِ(٢) ، وَالْعِزِّ الشَّامِخِ(٣) ، وَالْمُلْكِ الْبَاذِخِ ، الْمَعْبُودِ بِالْآلَاءِ ، رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ ، أَحْمَدُهُ عَلى حُسْنِ الْبَلَاءِ ، وَفَضْلِ الْعَطَاءِ ، وَسَوَابِغِ(٤) النَّعْمَاءِ ، وَعَلى مَا يَدْفَعُ رَبُّنَا مِنَ الْبَلَاءِ ، حَمْداً يَسْتَهِلُّ(٥) لَهُ الْعِبَادُ ، وَيَنْمُو(٦) بِهِ الْبِلَادُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ ، لَمْ يَكُنْ شَيْ‌ءٌ قَبْلَهُ ، وَلَا يَكُونُ شَيْ‌ءٌ بَعْدَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، اصْطَفَاهُ بِالتَّفْضِيلِ ، وَهَدى بِهِ مِنَ التَّضْلِيلِ ، اخْتَصَّهُ لِنَفْسِهِ ، وَبَعَثَهُ إِلى خَلْقِهِ بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ ، يَدْعُوهُمْ إِلى عِبَادَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَالْإِقْرَارِ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَالتَّصْدِيقِ بِنَبِيِّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بَعَثَهُ عَلى حِينِ فَتْرَةٍ(٧) مِنَ الرُّسُلِ ، وَصَدْفٍ(٨) عَنِ الْحَقِّ ، وَجَهَالَةٍ بِالرَّبِّ(٩) ، وَكُفْرٍ بِالْبَعْثِ وَالْوَعِيدِ ، فَبَلَّغَ رِسَالَاتِهِ ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ ، وَعَبَدَهُ حَتّى أَتَاهُ الْيَقِينُ(١٠) ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيراً.

____________________

(١). في « ن ، بح ، جت ، جد » : « ذو ».

(٢). « الطامح » : هو كلّ مرتفع. راجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٨٨ ( طمح ).

(٣). « الشامخ » : العالي والمرتفع. وكذلك الباذخ. راجع :لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٧ ( بذخ ) ؛ وص ٣٠ ( شمخ ).

(٤). السوابغ : جمع سابغة ، وهي الواسعة ، وشي‌ء سابغ : كامل واف ، يقال : أسبغ الله تعالى عليه النعمة : أكملهاوأتمّها ووسّعها. راجع :لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٤٣٣ ( سبغ ).

(٥). في « جد » وحاشية « م » : « يسهل ». وفي الوافي : « الاستهلال : الفرح ، والصياح ».

وفيمرآة العقول ، ج ٢٠ ، ص ٨٨ : « حمداً يستهلّ له العباد ، أي يرفعون بها أصواتهم ، أو يستبشرون بذكره. وقال الفيروز آبادي : استهلّ الصبيّ : رفع صوته بالبكاء ، كأهلّ ، وكذا كلّ متكلّم رفع صوته ، أو خفض ». وراجع :القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤١٤ ( هلل ).

(٦). في « ن ، بن ، جت » وحاشية « بف » : « وتنمو ». وفي « بخ ، بف » : « وتنمى ».

(٧). الفترة : ما بين الرسولين من رسل الله عزّ وجلّ من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة ؛ من الفتور ، وهو الضعف‌والانكسار. راجع :النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٠٨ ( فتر ).

(٨). الصَّدْف : الميل والإعراض والانصراف. راجع :القاموس المحيط ، ص ١١٠١ ( صدف ).

(٩). في البحار : - « بالربّ ».

(١٠). « اليقين » : الموت. قال البيضاوي : « فإنّه متيقّن لحوقه كلّ حيّ مخلوق ». راجع :تفسير البيضاوي ، ج ٣ ، ص ٣٨٣ ، ذيل الآية ٩٩ من سورة الحجر (١٥). ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٢٩ ( يقن ).

٦٨٨

أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ الْعَظِيمِ ؛ فَإِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ جَعَلَ لِلْمُتَّقِينَ الْمَخْرَجَ(١) مِمَّا يَكْرَهُونَ ، وَالرِّزْقَ مِنْ حَيْثُ لَايَحْتَسِبُونَ ، فَتَنَجَّزُوا(٢) مِنَ اللهِ مَوْعُودَهُ(٣) ، وَاطْلُبُوا مَا عِنْدَهُ بِطَاعَتِهِ وَالْعَمَلِ بِمَحَابِّهِ ؛ فَإِنَّهُ لَايُدْرَكُ الْخَيْرُ إِلَّا بِهِ ، وَلَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ ، وَلَا تُكْلَانَ(٤) فِيمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَّا عَلَيْهِ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.

أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللهَ أَبْرَمَ(٥) الْأُمُورَ ، وَأَمْضَاهَا عَلى مَقَادِيرِهَا ، فَهِيَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ عَنْ مَجَارِيهَا دُونَ بُلُوغِ غَايَاتِهَا فِيمَا قَدَّرَ وَقَضى مِنْ ذلِكَ ، وَقَدْ كَانَ فِيمَا قَدَّرَ وَقَضى(٦) - مِنْ أَمْرِهِ الْمَحْتُومِ وَقَضَايَاهُ الْمُبْرَمَةِ - مَا قَدْ تَشَعَّبَتْ(٧) بِهِ الْأَخْلَافُ(٨) ، وَجَرَتْ بِهِ الْأَسْبَابُ(٩) ، مِنْ تَنَاهِي الْقَضَايَا بِنَا وَبِكُمْ إِلى حُضُورِ هذَا الْمَجْلِسِ الَّذِي خَصَّنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ لِلَّذِي كَانَ مِنْ تَذَكُّرِنَا(١٠) آلَاءَهُ(١١) وَحُسْنَ بَلَائِهِ وَتَظَاهُرَ نَعْمَائِهِ ، فَنَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمْ بَرَكَةَ مَا جَمَعَنَا وَإِيَّاكُمْ عَلَيْهِ ، وَسَاقَنَا وَإِيَّاكُمْ إِلَيْهِ ، ثُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ ذَكَرَ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ وَهُوَ(١٢) فِي الْحَسَبِ مَنْ قَدْ عَرَفْتُمُوهُ ، وَفِي النَّسَبِ مَنْ لَاتَجْهَلُونَهُ ، وَقَدْ بَذَلَ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ مَا قَدْ عَرَفْتُمُوهُ ، فَرُدُّوا خَيْراً تُحْمَدُوا عَلَيْهِ وَتُنْسَبُوا إِلَيْهِ ، وَصَلَّى اللهُ عَلى‌

____________________

(١). في « بخ ، بف » : « الخروج ».

(٢). في « جد » : « فتجزوا ». والتنجّز : الاستنجاح وطلب الوفاء وطلب شي‌ء قد وُعِدْتَهُ. راجع :لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٤١٤ ( نجز ).

(٣). في البحار : « موعده ».

(٤). في الوافي : « ولا تكلأنّ ». والتكلان : اسم من التوكّل ، وهو إظهارُ العجز والاعتمادُ على غيرك.الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٤٥ ( وكل ).

(٥). الإبرام : الإحكام ، يقال : أبرمت العقد إبراماً ، أي أحكمته. راجع :الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٧٠ ( برم ).

(٦). في « بح » : « قضى وقدّر ».

(٧). في « بخ » : « تشيّعت ».

(٨). في « م ، ن ، بح ، بخ ، بن ، جت ، جد » والبحار : « الأخلاق ».

(٩). هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي « بخ » وحاشية « ن » : « الأنساب ». وفي المطبوع والوافي : + « وقضى ».

(١٠). في « بخ ، بف » والوافي : « تذكر ».

(١١). في«م،جد»وحاشية«ن ، جت » : « لآلائه ».

(١٢). في « بف » : « وهي ».

٦٨٩

مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ».(١)

٩٦١٥/ ٢. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ(٢) ، عَنْ أَيْمَنَ بْنِ مُحْرِزٍ ، عَنْ‌

____________________

(١).الوافي ، ج ٢١ ، ص ٣٩١ ، ح ٢١٤٢٦ ؛الوسائل ، ج ٢٠ ، ص ٩٧ ، ح ٢٥١٢٨ ،وفيه ملخّصاً ؛البحار ، ج ٣١ ، ص ٤٦٤ ، ح ٤.

(٢). إسماعيل بن مهران هذا ، هو إسماعيل بن مهران بن محمّد بن أبي نصر ، روى كتبه عليّ بن الحسن بن فضّال وسلمة بن الخطّاب ومحمّد بن الحسين - وهو ابن أبي الخطّاب - وأبو سمينة ، كما فيرجال النجاشي ، ص ٢٦ ، الرقم ٤٩والفهرست للطوسي ، ص ٢٧ ، الرقم ٣٢ ، فلا يكون أحمد بن محمّد الراوي عنه من مشايخ المصنّف. بل الظاهر بدواً أنّ المراد من أحمد بن محمّد هو أحمد بن محمّد بن عيسى المذكور في السند السابق.

لكن يمكن الملاحظة على ذلك بعدم رواية لأحمد بن محمّد بن عيسى عن إسماعيل بن مهران ، بل المتكرّر في الأسناد رواية أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران ، ويقوى هذا الإشكال بالنظر إلى الحديث الرابع من الباب ؛ فإنّ الظاهر وحدة المراد من أحمد بن محمّد المذكور في صدر ذاك السند وأحمد بن محمّد وأحمد المذكورين في صدر سندي الحديثين الثاني والثالث ، مع أنّه لم يثبت رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن العرزمي - وهو محمّد بن عبد الرحمن بن محمّد العرزمي - بل الراوي عنه هو أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، كما يدلّ عليه مضافاً إلى ما ورد فيالأمالي للطوسي ، ص ١٨٩ ، المجلس ٧ ، ح ٣١٨ ؛ من رواية أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن محمّد بن عبد الرحمن العرزمي عن أبيه ، ما ورد فيالكافي ، ح ١٨٨٧ و ٤٢٦٥ و ١٢١٧٩ ؛المحاسن ، ص ٢٦٣ ، ح ٣٣١ ، وص ٥٨٠ ، ح ٥٠ وص ٦١٧ ، ح ٤٧ ، فلاحظ. ولأجل ذلك يقال بزيادة « بن عيسى » في أحمد بن محمّد بن عيسى في سند الحديث الأوّل وأنّها زيادة تفسيريّة اُدرجت في المتن سهواً. والمراد من أحمد بن محمّد هو أحمد بن محمّد بن خالد الراوي عن إسماعيل بن مهران وابن العرزمي ، فيرتفع الإشكال.

هذا ، وقد يبدو من بعض الأسناد ثبوت رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عن إسماعيل بن مهران ، وذلك يوجب التأمّل في صحّة ما اُفيد لرفع الإبهام عن الأسناد في ما نحن فيه.

منها ما ورد فيالكافي ، ح ٤٦٤٠ من رواية محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى وعدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعاً عن ابن مهران قال : كتب رجل إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام . وورد ما يوافق المضمون فيالكافي ، ح ٤٥٩٤ عن سهل بن زياد عن ابن مهران عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام . والمراد من ابن مهران في مشايخ سهل بن زياد هو إسماعيل بن مهران ؛ فقد تكرّرت رواية سهل بن زياد عنه في عددٍ من الأسناد. وما ورد فيالكافي ، ح ١٥١٤٦ من رواية سهل بن زياد عن داود بن مهران عن عليّ بن إسماعيل الميثمي ، الظاهر أنّ داود بن مهران فيه مصحّف من داود بن مهزيار ؛ فإنّه مضافاً إلى عدم ثبوت راوٍ بهذا العنوان في رواتنا ، ورد فيالتهذيب ، ج ١ ، ص ٣٦٩ ، ح ١١٢٥ورجال الكشّي ، ص ٨١ ، الرقم ١٣٧ رواية داود بن مهزيار عن عليّ بن =

٦٩٠

____________________

= إسماعيل ، وداود بن مهزيار هو المذكور فيرجال الطوسي ، ص ٣٧٥ ، الرقم ٥٥٥٤ورسالة أبي غالب الزراري ، ص ١٧٨.

ولكن تقدّم ، ذيل ح ٤٥٩٤ ، وذيل ح ٤٦٤٠ أنّ ابن مهران في الموضعين مصحّف من ابن مهزيار والمراد من ابن مهزيار هو عليّ بن مهزيار فلاحظ.

ومنها ما ورد فيبصائر الدرجات ، ص ٥٨ ، ح ٩ من رواية أحمد بن محمّد عن إسماعيل بن عمران عن حمّاد عن ربعي بن عبدالله بن الجارود ، والخبر ورد فيالبحار ، ج ٢١ ، ص ٢٤٥ ، ذيل ح ٨ - نقلاً من بصائر الدرجات - وفيه « إسماعيل بن مهران ». ولمّا لم نعثر في رواتنا على من يسمّى بإسماعيل بن عمران ، فالظاهر أنّ الصواب ما ورد فيالبحار . وإذا ضممنا إلى هذا ، أنّ أحمد بن محمّد في صدر أسنادالبصائر منصرف إلى أحمد بن محمّد بن عيسى ، يثبت المطلوب وهو رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عن إسماعيل بن مهران.

لا يقال : ورد فيبصائر الدرجات ، ص ٢٤٠ ، ح ٧ رواية أحمد بن محمّد بن خالد عن سيف بن عميرة ، فاحتمال إرادة ابن خالد من أحمد بن محمّد في ما أشرت اليه موجود أيضاً.

فإنّه يقال : الظاهر وقوع التحريف في السند المشار إليه ، والصواب هو محمّد بن خالد كما فيالوسائل ، ج ٢٧ ، ص ١٨٩ ، ح ٣٣٥٨٤ نقلاً منالبصائر . ومحمّد بن خالد هذا هو الطيالسي الذي روى كتاب سيف بن عميرة كما فيرجال النجاشي ، ص ١٨٩ ، الرقم ٥٠٤ ورسالة أبي غالب الزراري ، ص ١٤٨. وروى الصفّار عنه بعنوان محمّد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة فيبصائر الدرجات ، ص ٢٠٦ ، ح ١٣ وص ٣٨٦ ، ح ١٠.

أضف إلى ذلك ما ورد فيمختصر بصائر الدرجات ؛ من رواية أحمد بن محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب - وقد عُبِّر عنهما بالضمير - والهيثم بن أبي مسروق عن إسماعيل بن مهران ، فإنّه يؤكّد رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عن إسماعيل بن مهران.

لكنّ الإنصاف أنّ إثبات رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عن إسماعيل بن مهران بذلك مشكل ؛ أمّا بالنسبة إلى بصائر الدرجات ؛ فإنّه وإن كان المراد من أحمد بن محمّد في ابتداء أسنادالبصائر بل في كلام محمّد بن الحسن الصفّار هو أحمد بن محمّد بن عيسى ، لكن لا يمكن الأخذ بذلك في جميع الموارد ؛ فقد ورد فيبصائر الدرجات ، ص ٥ ، ح ١٤ رواية أحمد بن محمّد عن محمّد بن عليّ عن الحسين بن عليّ بن يوسف ، والمراد من محمّد بن عليّ هو محمّد بن عليّ أبو سمينة ؛ فقد ورد الخبر - مع زيادة - فيثواب الأعمال ، ص ١٦٠ ، ح ٢ عن محمّد بن عليّ ما جيلويه عن عمّه محمّد بن أبي القاسم عن محمّد بن عليّ الكوفي عن الحسن بن عليّ بن يوسف - وهو الصواب - ، وكذا ورد فيبصائر الدرجات ، ص ١٤٧ ، ح ٤ رواية أحمد بن محمّد ومحمّد بن عليّ عن عبد الرحيم بن محمّد الأسدي عن عنبسة العابد ؛ فإنّ الظاهر وقوع التصحيف في العنوان وأنّ الصواب هو عبد الرحمن بن محمّد الأسدي ، والراوي عنه هو محمّد بن عليّ القرشي الذي هو أبو سمينة كما ورد رواية محمّد بن عليّ القرشي عن عبد الرحمن بن محمّد الأسدي فيثواب الأعمال ، ص ٣١٨ ، ح ١ ، وكذا ورد في =

٦٩١

عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ ، عَنْ جَابِرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « زَوَّجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام امْرَأَةً مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَكَانَ يَلِي أَمْرَهَا ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلّهِ الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ ، الْحَلِيمِ الْغَفَّارِ ، الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ، الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ ، سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ ، وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ ، وَسارِبٌ بِالنَّهارِ(١) ، أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُهُ ، وَأُومِنُ بِهِ وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ ، وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً( مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي ) (٢) وَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَ مَن ‌

____________________

=الكافي ، ح ٦٠١٣ رواية عليّ بن محمّد - وهو ابن بندار - عن أحمد بن محمّد - وهو ابن خالد البرقي - عن محمّد بن عليّ عن عبد الرحمن بن محمّد الأسدي. ومحمّد بن عليّ هذا أخرجه أحمد بن محمّد بن عيسى عن قمّ لاشتهاره بالغلوّ كما فيرجال النجاشي ، ص ٣٣٢ ، الرقم ٨٩٤ والرجال لابن الغضائري ، ص ٩٤ ، الرقم ١٣٤ ، فيبعد جدّاً رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عنه.

وهذا لا يعني أنّ الصفّار أطلق أحمد بن محمّد في هذه الأسناد وأراد منه أحمد بن محمّد بن خالد ؛ فإنّ هذا خلاف ظاهر سياق الكتاب ، بل الظاهر أنّه راجع بعض المصادر ورأى فيه رواية أحمد بن محمّد عن محمّد بن عليّ ، أو اسماعيل بن مهران فتخيّل كونه ابن عيسى وذكر روايته في كتابه من دون التفات ، وتفصيل الكلام حول هذا الأمر أي الأخذ بالتوسّط لا يسعه المقام.

ويؤيّد ذلك ما ورد في نفسالبصائر ، ص ٣٠١ ، ح ١ ، من رواية أحمد بن محمّد عن البرقي عن إسماعيل بن مهران.

هذا بالنسبة إلى ما ورد فيبصائر الدرجات ، وأمّا ما ورد في مختصر البصائر ؛ فإنّه سند غريب لا يمكن الاعتماد عليه ؛ فإنّه غير مأمون من التحريف.

فتحصّل من جميع ما مرّ أنّه لا يمكن إثبات رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عن إسماعيل بن مهران ، كما أنّه لم يثبت روايته عن ابن العرزمي. لكن لا ينحصر رفع الإبهام عن ما نحن فيه بالقول بزيادة « بن عيسى » في سند الحديث الأوّل ، بل احتمال اشتباه المصنّفقدس‌سره في تطبيق روايات أحمد أو أحمد بن محمّد المراد منه أحمد بن محمّد بن خالد ، على أحمد بن محمّد بن عيسى - كما أشرنا إليه ذيل أسنادالبصائر - احتمال جدّي لا يمكن رفع اليد عنه. فعليه الظاهر أنّ المراد من أحمد بن محمّد وأحمد في السند الثاني إلى الرابع هو أحمد بن محمّد بن خالد ويروي عنه في جميع هذه الأسناد عدّة من أصحابنا.

(١). « سارب بالنهار » أي ظاهر بالنهار في سِرْبه ، أي طريقه. راجع :لسان العرب ، ج ١ ، ص ٤٦٢ ( سرب ).

(٢). هكذا في المصحف الآية ١٧٨ من سورة الأعراف (٧). و « ن ، بن ». وفي « م ، بح ، جد ، جت » : « من يهدي الله‌فهو المهتدي ». وفي « بخ » : « من يهدي الله فقد اهتدى ». وفي « بف » وحاشية « بخ » والوافي : « من يهده الله فقد اهتدى ». وفي حاشية « جت » : « من يهده الله فهو المهتدي ». وفي المطبوع : « من يهدي الله فهو المهتد ».

٦٩٢

يُضْلِلْ(١) فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ وَلِيّاً(٢) مُرْشِداً ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ‌ءٍ قَدِيرٌ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، بَعَثَهُ(٣) بِكِتَابِهِ حُجَّةً عَلى عِبَادِهِ ، مَنْ أَطَاعَهُ أَطَاعَ اللهَ ، وَمَنْ عَصَاهُ عَصَى اللهَ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيراً ، إِمَامُ الْهُدى ، وَالنَّبِيُّ الْمُصْطَفى ، ثُمَّ إِنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ ؛ فَإِنَّهَا وَصِيَّةُ اللهِ(٤) فِي الْمَاضِينَ وَالْغَابِرِينَ(٥) ، ثُمَّ تَزَوَّجَ(٦) ».(٧)

٩٦١٦/ ٣. أَحْمَدُ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي الْحَارِثِ ، عَنْ جَابِرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام بِهذِهِ الْخُطْبَةِ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلّهِ أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُهُ ، وَأَسْتَغْفِرُهُ وَأَسْتَهْدِيهِ ، وَأُومِنُ بِهِ وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَرْسَلَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ(٨) دَلِيلاً عَلَيْهِ ، وَدَاعِياً إِلَيْهِ ، فَهَدَمَ أَرْكَانَ الْكُفْرِ ، وَأَنَارَ مَصَابِيحَ الْإِيمَانِ ، مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يَكُنْ سَبِيلُ الرَّشَادِ سَبِيلَهُ ، وَنُورُ التَّقْوى دَلِيلَهُ ، وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُخْطِئِ السَّدَادَ كُلَّهُ ، وَلَنْ يَضُرَّ إِلَّا نَفْسَهُ ، أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ بِتَقْوَى اللهِ وَصِيَّةَ مَنْ نَاصَحَ ، وَمَوْعِظَةَ مَنْ أَبْلَغَ وَاجْتَهَدَ.

أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - جَعَلَ الْإِسْلَامَ صِرَاطاً مُنِيرَ الْأَعْلَامِ ، مُشْرِقَ الْمَنَارِ ، فِيهِ تَأْتَلِفُ الْقُلُوبُ ، وَعَلَيْهِ تَآخَى الْإِخْوَانُ ، وَالَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ مِنْ ذلِكَ ثَابِتٌ وُدُّهُ ،

____________________

(١). في « بح » وحاشية « ن » : + « الله ».

(٢). في « بح » : - « وليّاً ».

(٣). في « بخ » : « بعث ».

(٤). في « ن ، بن » : « وصيّته » بدل « وصيّة الله ». وفي « م ، جد » : - « الله ».

(٥). الغابر : الباقي والماضي ؛ فإنّه من الأضداد ، والمراد به هاهنا الباقي. راجع :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٦٥ ( غبر).

(٦). في « بخ » : « يزوّج ». وفي « جت » بالتاء والياء معاً.

(٧).الوافي ، ج ٢١ ، ص ٣٩٣ ، ح ٢١٤٢٧ ؛الوسائل ، ج ٢٠ ، ص ٢٨٧ ، ح ٢٥٦٤٦ ، ملخّصاً.

(٨). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي حاشية « بح » والمطبوع : + « ليظهره على الدين كلّه ».

٦٩٣

وَقَدِيمٌ عَهْدُهُ ، مَعْرِفَةٌ مِنْ كُلٍّ لِكُلٍّ بِجَمِيعِ(١) الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ ، يَغْفِرُ اللهُ لَنَا وَلَكُمْ ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ».(٢)

٩٦١٧/ ٤. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ الْعَرْزَمِيِّ(٣) ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :

كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام إِذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ ، قَالَ : « الْحَمْدُ لِلّهِ أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُهُ ، وَأُومِنُ بِهِ وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ؛ أَرْسَلَهُ بِالْهُدى( وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (٤) وَصَلَّى(٥) اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ(٦) وَآلِهِ ، وَالسَّلَامُ(٧) عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ بِتَقْوَى اللهِ وَلِيِّ النِّعْمَةِ وَالرَّحْمَةِ ، خَالِقِ الْأَنَامِ ، وَمُدَبِّرِ الْأُمُورِ فِيهَا بِالْقُوَّةِ عَلَيْهَا ، وَالْإِتْقَانِ لَهَا ، فَإِنَّ اللهَ - لَهُ(٨) الْحَمْدُ عَلى غَابِرِ مَا يَكُونُ وَمَاضِيهِ ، وَلَهُ الْحَمْدُ مُفْرَداً(٩) ، وَالثَّنَاءُ مُخْلَصاً بِمَا مِنْهُ كَانَتْ لَنَا نِعْمَةً مُونِقَةً(١٠) ، وَعَلَيْنَا مُجَلِّلَةً(١١) ،

____________________

(١). هكذا في « م ، ن ، بح ، بخ ، بف ، جد » وحاشية « جت » والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : « لجميع».

(٢).الوافي ، ج ٢١ ، ص ٣٩٣ ، ح ٢١٤٢٨.

(٣). هكذا في « م ، بف ، بن ، جد ». وفي « ن ، بح ، بخ ، جت » والمطبوع : « العزرمي ».

والصواب ما أثبتناه ، كما تقدّم ، ذيل ح ٤٢٥٢. ثمّ إنّه تقدّم ذيل ح ٢ من الباب أنّ المراد من ابن العرزمي هو محمّد بن عبد الرحمن بن محمّد العرزمي ، ووالده هو عبد الرحمن بن محمّد بن عبد الله العرزمي كان من أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام ، والظاهر أنّ روايته عن أمير المؤمنينعليه‌السلام مرسلة. راجع :رجال الطوسي ، ص ٢٣٧ ، الرقم ٣٢٣١ ؛رجال النجاشي ، ص ٢٣٧ ، الرقم ٦٢٨.

(٤). التوبة (٩) : ٣٣.

(٥). في « بخ ، بف » : « صلّى » بدون الواو.

(٦). في « بخ » : « عليه » بدل « على محمّد ».

(٧). في « جت » : « وسلام ».

(٨). في « بف » والوافي : « وله ».

(٩). فيالوافي : « من قولهعليه‌السلام : وله الحمد ، إلى قوله : خالق ، جملة معترضة والغابر : المستقبل ، وضمير « منه » عائدإلى الله ». وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : مفرداً ، أي المحامد مختصّة به تعالى ، أي إمّا بالفتح ، أي نحمده خالصاً ؛ لكونه أهلاً له ، لا لطمع الثواب وخوف العقاب ، أو بالكسر ؛ ليكون حالاً للحامد ».

(١٠). « مونقة » أي معجبة ؛ من الأَنَق بمعنى الفرح والسرور ، أو بمعنى الإعجاب بالشي‌ء ، يقال : آنقني الشي‌ء ، أي أعجبني ، وشي‌ء أنيق ، أي حسن معجب. راجع :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٤٧ ( أنق ).

(١١). فيالوافي : « مجلّلة ، أي نعمة سابغة مغطّية ». وراجع :المصباح المنير ، ص ١٠٦ ( جلل ).

٦٩٤

وَإِلَيْنَا مُتَزَيِّنَةً(١) - خَالِقٌ مَا أَعْوَزَ(٢) ، وَمُذِلٌّ(٣) مَا اسْتَصْعَبَ ، وَمُسَهِّلٌ مَا اسْتُوعِرَ(٤) ، وَمُحَصِّلٌ مَا اسْتَيْسَرَ ، مُبْتَدِئُ الْخَلْقِ بَدْءاً أَوَّلاً يَوْمَ ابْتَدَعَ السَّمَاءَ وَهِيَ دُخَانٌ( فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ * فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ ) (٥) وَلَا يَعُورُهُ(٦) ‌شَدِيدٌ(٧) ، وَلَا يَسْبِقُهُ هَارِبٌ ، وَلَا يَفُوتُهُ مُزَائِلٌ( ثُمَّ (٨) تُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) (٩) ، ثُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ ».(١٠)

٩٦١٨/ ٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ مُوسَى الْبَغْدَادِيُّ :

رَفَعَهُ إِلى أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام جَوَابٌ فِي خُطْبَةِ النِّكَاحِ : « الْحَمْدُ لِلّهِ مُصْطَفِي الْحَمْدِ وَمُسْتَخْلِصِهِ(١١) لِنَفْسِهِ ، مَجَّدَ(١٢) بِهِ ذِكْرَهُ ، وَأَسْنى(١٣) بِهِ أَمْرَهُ ، نَحْمَدُهُ غَيْرَ شَاكِّينَ فِيهِ ،

____________________

(١). في « بف » : « مشربة ». وفي حاشية « بف » : « مترتّبة ». وفي حاشية « جت » : « مزيّنة ». وفي الوافي : « مشرئبّة ».

(٢). يقال : أعوزه الشي‌ءُ ، إذا احتاج إليه فلم يقدر عليه. وأعوزني المطلوب ، أي أعجزني. وأعوز الرجل ، أي افتقر. وأعوزه الدهر ، أي أحوجه. وقال العلّامة الفيض فيالوافي : « الإعواز : الفقدان وعدم الوجدان ». راجع :الصحاح ، ج ٣ ، ص ٨٨٨ ( عوض ). (٣). في « ن » : « ومذلّل ». وفي « بف » والوافي : « ومدرك ».

(٤). « استوعر » ، بمعنى وعر ، أي صعب ، كاستقرّ بمعنى قرّ ؛ فإنّه جاء في اللغة متعدّياً ، يقال : استوعرت الشي‌ء ، أي وجدته وَعْراً ، أي صعباً. راجع :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٨٤٦ ( وعر ).

(٥). فصّلت (٤١) : ١١ - ١٢.

(٦). في « ن ، بح ، بف » والوافي : « ولا يعوزه ». وفي « م ، بخ ، جد » : « ولا يغوره ». وفي حاشية « ن » : « ولا تعوره ». وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : ولا يعوزه ، في بعض النسخ القديمة بالراء المهملة ، قال الفيروز آبادي : عاره يعوره ويعيره : أخذه وذهب به ». وراجع :القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٢٤ ( عور ).

(٧). في « بخ ، بف » والوافي : « شريك ».

(٨). هكذا في المصحف و « م ، بف ، بن ، جد » وحاشية « بح » والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : « يوم » بدل « ثمّ ». (٩). البقرة (٢) : ٢٨١.

(١٠).الوافي ، ج ٢١ ، ص ٣٩٤ ، ح ٢١٤٢٩.

(١١). يقال : استخلصه ، أي استخصّه. ويقال : أخلص الشي‌ءَ ، أي اختاره. واستخلص الشي‌ء كأخلصه ، والمرادجعله خالصاً وخاصّاً لنفسه. راجع :لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٢٦ ( خلص ).

(١٢). التمجيد : التشريف والتعظيم. راجع :النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٩٨ ( مجد ).

(١٣). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : وأسنى به أمره ؛ أي رفع به أمره ؛ لاشتماله على معارفه ». وراجع :لسان العرب ،=

٦٩٥

نَرى مَا نَعُدُّهُ(١) رَجَاءَ نَجَاحِهِ وَمِفْتَاحَ رَبَاحِهِ(٢) ، وَنَتَنَاوَلُ بِهِ الْحَاجَاتِ مِنْ عِنْدِهِ ، وَنَسْتَهْدِي اللهَ بِعِصَمِ الْهُدى ، وَوَثَائِقِ الْعُرى ، وَعَزَائِمِ التَّقْوى(٣) ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْعَمى بَعْدَ الْهُدى ، وَالْعَمَلِ فِي مَضَلاَّتِ الْهَوى.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ(٤) أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، عَبْدٌ(٥) لَمْ يَعْبُدْ أَحَداً(٦) غَيْرَهُ ، اصْطَفَاهُ بِعِلْمِهِ ، وَأَمِيناً عَلى وَحْيِهِ ، وَرَسُولاً إِلى خَلْقِهِ ، فَصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ(٧) وَآلِهِ(٨) .

أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ سَمِعْنَا مَقَالَتَكُمْ وَأَنْتُمُ الْأَحِبَّاءُ(٩) الْأَقْرَبُونَ ، نَرْغَبُ(١٠) فِي مُصَاهَرَتِكُمْ ، وَنُسْعِفُكُمْ(١١) بِحَاجَتِكُمْ ، وَنَضَنُّ(١٢) بِإِخَائِكُمْ ، فَقَدْ شَفَّعْنَا شَافِعَكُمْ ، وَأَنْكَحْنَا خَاطِبَكُمْ عَلى أَنَّ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ مَا ذَكَرْتُمْ(١٣) ، نَسْأَلُ اللهَ الَّذِي أَبْرَمَ(١٤) الْأُمُورَ بِقُدْرَتِهِ أَنْ يَجْعَلَ عَاقِبَةَ‌

____________________

= ج ١٤ ، ص ٤٠٣ ( سنا ).

(١). في « بخ ، بف » : « بدى ما بعده و » بدل « نرى ما نعدّه ». وفي « جت » : « بعده » بدل « نعدّه ». وفي الوافي : « بدئ مابعده » بدل « نرى ما نعدّه ».

(٢). في « م ، ن ، جد » وحاشية « جت » : « رتاجه ». وفي « بخ » : « زياحه ». وفي « بف » والوافي : « زتاجه ». والرَباح : النماء في التجارة ، واسم ما تربحه. راجع :لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٤٤٢ ( ربح ).

(٣). في « بف » وحاشية « جت » والوافي : « التقى ». وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : وعزائم التقوى ، أي الاُمور اللازمة التي‌بها يتّقى من عذاب الله ». (٤). في«م،بح، بن،جت، جد » والوافي : - « أشهد ».

(٥). في « م ، بخ ، بف » والوافي : « عبداً ».

(٦). في « م ، ن ، بح ، جت ، جد » : - « أحداً ».

(٧). في الوافي : « على محمّد ».

(٨). في « بخ » : « وعلى آله ».

(٩). هكذا في « م ، ن ، بح ، بن ، جت ، جد ». وفي « بخ ، بف » والوافي : « الأحبّة ». وفي المطبوع : « الأحياء ».

(١٠). في « بح » : « ويرغب ». وفي « بن ، جد » بالنون والياء معاً.

(١١). في « بف ، بن » : « ونشفعكم ». والإسعاف : الإعانة وقضاء الحاجة. راجع :لسان العرب ، ج ٩ ، ص ١٥٢ ( سعف ).

(١٢). في الوافي : « الضنّة : البخل وعدم الإعطاء ، أي لا نعطي إخاءكم لغيرنا ». وراجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢١٥٦ ( ضنن ).

(١٣). في « بح ، بخ ، بف » : + « ثمّ ». وفي الوافي : « ما ذكر ، ثمّ ».

(١٤). الإبرام : الإحكام. راجع :الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٧٠ ( برم ).

٦٩٦

مَجْلِسِنَا(١) إِلى مَحَابِّهِ ، إِنَّهُ وَلِيُّ ذلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ ».(٢)

٩٦١٩/ ٦. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِعليه‌السلام يَخْطُبُ بِهذِهِ الْخُطْبَةِ : « الْحَمْدُ لِلّهِ(٣) الْعَالِمِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ(٤) قَبْلِ أَنْ يَدِينَ لَهُ(٥) مِنْ خَلْقِهِ دَائِنٌ ، فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، مُؤَلِّفِ الْأَسْبَابِ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْأَقْلَامُ ، وَمَضَتْ بِهِ الْأَحْتَامُ(٦) ، مِنْ سَابِقِ عِلْمِهِ ، وَمُقَدَّرِ حُكْمِهِ(٧) ، أَحْمَدُهُ عَلى نِعَمِهِ ، وَأَعُوذُ بِهِ مِنْ نِقَمِهِ ، وَأَسْتَهْدِي اللهَ الْهُدى(٨) ، وَأَعُوذُ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَالرَّدى ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ(٩) فَقَدِ اهْتَدى ، وَسَلَكَ الطَّرِيقَةَ الْمُثْلى(١٠) ، وَغَنِمَ الْغَنِيمَةَ الْعُظْمى ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ(١١) فَقَدْ حَارَ(١٢) عَنِ الْهُدى ، وَهَوى إِلَى الرَّدى(١٣) .

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ(١٤) مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ‌

____________________

(١). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : + « هذا ».

(٢).الوافي ، ج ٢١ ، ص ٣٨٩ ، ح ٢١٤٢٥.

(٣). في حاشية « بن » : + « الخالق ».

(٤). في « بخ » : - « من ».

(٥). « يدين » أي يخضع ويطيع وينقاد ويعبد ؛ من الديانة بمعنى الطاعة والتعبّد. راجع :لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ١٦٩ ( دين ).

(٦). فيالوافي : « الأحتام : جمع الحتم ، أي الاُمور المفروضة المحكمة ». وفيالمرآة : « الأحتام ، كأنّه جمع الحتم ، وهو نادر ، قال الجوهري : الحتم : إحكام الأمر ، والحتم : القضاء ، والجمع : الحتوم ». راجع :الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٩٢ ( حتم ). (٧). في « جت » : « حكمته ».

(٨). في « بخ ، بف » والوافي : « بالهدى ».

(٩). في الوافي : - « الله ».

(١٠). المثلى : تأنيث الأمثل ، كالقصوى تأنيث الأقصى ، يقال : هذا أمثل من هذا ، أي أفضل وأدنى إلى الخير. والطريقة المثلى : التي هي أشبه بالحقّ. راجع :لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٦١٣ ( مثل ).

(١١). في « بن » والوافي : - « الله ».

(١٢). في « بف » : « جار ». وفي حاشية « ن » : « حاد ». وفي الوافي : « جاز ».

(١٣). « الردى » : الهلاك. راجع :لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٣١٦ ( ردى ).

(١٤). في « م ، بخ ، بف ، جت » والوافي : « وأشهد أنّ ».

٦٩٧

الْمُصْطَفى ، وَوَلِيُّهُ(١) الْمُرْتَضى ، وَبَعِيثُهُ(٢) بِالْهُدى ، أَرْسَلَهُ عَلى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ، وَاخْتِلَافٍ مِنَ الْمِلَلِ ، وَانْقِطَاعٍ مِنَ السُّبُلِ ، وَدُرُوسٍ(٣) مِنَ الْحِكْمَةِ ، وَطُمُوسٍ مِنْ أَعْلَامِ الْهُدى وَالْبَيِّنَاتِ ، فَبَلَّغَ رِسَالَةَ(٤) رَبِّهِ ، وَصَدَعَ بِأَمْرِهِ(٥) ، وَأَدَّى الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ ، وَتُوُفِّيَ(٦) فَقِيداً مَحْمُوداًصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ثُمَّ إِنَّ هذِهِ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللهِ ، تَجْرِي إِلى أَسْبَابِهَا وَمَقَادِيرِهَا ، فَأَمْرُ اللهِ يَجْرِي إِلى قَدَرِهِ ، وَقَدَرُهُ يَجْرِي إِلى أَجَلِهِ ، وَأَجَلُهُ يَجْرِي إِلى كِتَابِهِ( وَ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ * يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) (٧)

أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللهَ - جَلَّ وَعَزَّ - جَعَلَ الصِّهْرَ(٨) مَأْلَفَةً لِلْقُلُوبِ(٩) ، وَنِسْبَةَ الْمَنْسُوبِ ، أَوْشَجَ(١٠) بِهِ الْأَرْحَامَ ، وَجَعَلَهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالَمِينَ ، وَقَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ :( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً ) (١١) وَقَالَ :( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ ) (١٢) وَإِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ مِمَّنْ قَدْ عَرَفْتُمْ‌

____________________

(١). في « بخ ، بف ، بن » والوافي : « وأمينه ».

(٢). في الوافي : « وبغيثه ».

(٣). الدروس : العفو والمحو ، وكذا الطموس. راجع :لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٧٩ ( درس ) ؛القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧٦٠ ( طمس ). (٤). في حاشية « جت » : « رسالات ».

(٥). وصدع بأمره ، أي شقّ جماعاتهم بالتوحيد ، أو أجهر بالقرآن وأظهر ، أو حكم بالحقّ وفصّل الأمر ، أو قصد بما أمر ، أو فرّق بين الحقّ والباطل.القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٩٨٨ ( صدع ).

(٦). في«م ، ن ، بح ، بن ، جت ، جد» : « وتولّى ».

(٧). الرعد (١٣) : ٣٨ - ٣٩.

(٨). فيالوافي : « الصهر : القرابة تحدثها التزويج ». وفي اللغة : الصِّهر : حرمة الخُتونة ، وخَتَن الرجل - وهو كلّ من‌كان من قبل المرأة - صهره ، وأهل بيت المرأة أصهار ، وقيل غير ذلك.لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٤٧١ ( صهر ).

(٩). في « بخ ، بف » : « القلوب ».

(١٠). في الوافي : « وشّج » ، وهو الظاهر من المرآة. وقال فيالوافي : « في بعض النسخ : أوشج ، وربما يوجد في‌بعضها بالحاء المهملة بمعنى التزيين ». و « أوشج به الأرحام » أي شبّك بعضهم في بعض ، وخلط وألّف بينهم. راجع :لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٣٩٨ و ٣٩٩ ( وشج ).

(١١). الفرقان (٢٥) : ٥٤. وفي « بخ ، بف » وحاشية « جت » والوافي : +( وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً ) .

(١٢). النور (٢٤) : ٣٢. وفي « م ، ن ، بح ، جت ، جد » : -( وَإِمائِكُمْ ) .

٦٩٨

مَنْصِبَهُ فِي الْحَسَبِ(١) ، وَمَذْهَبَهُ فِي الْأَدَبِ ، وَقَدْ رَغِبَ فِي مُشَارَكَتِكُمْ ، وَأَحَبَّ مُصَاهَرَتَكُمْ ، وَأَتَاكُمْ خَاطِباً فَتَاتَكُمْ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ ، وَقَدْ بَذَلَ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ كَذَا وَكَذَا ، الْعَاجِلُ مِنْهُ كَذَا ، وَالْآجِلُ مِنْهُ كَذَا ، فَشَفِّعُوا شَافِعَنَا ، وَأَنْكِحُوا خَاطِبَنَا ، وَرُدُّوا رَدّاً جَمِيلاً ، وَقُولُوا قَوْلاً(٢) حَسَناً ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ».(٣)

٩٦٢٠/ ٧. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(٤) ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ ، قَالَ :

خَطَبَ الرِّضَاعليه‌السلام هذِهِ(٥) الْخُطْبَةَ : « الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي حَمِدَ فِي الْكِتَابِ نَفْسَهُ ، وَافْتَتَحَ بِالْحَمْدِ كِتَابَهُ ، وَجَعَلَ الْحَمْدَ أَوَّلَ جَزَاءِ مَحَلِّ نِعْمَتِهِ(٦) ، وَآخِرَ دَعْوى أَهْلِ جَنَّتِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً أُخْلِصُهَا لَهُ ، وَأَدَّخِرُهَا عِنْدَهُ ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ ، وَخَيْرِ الْبَرِيَّةِ ، وَعَلى آلِهِ آلِ الرَّحْمَةِ ، وَشَجَرَةِ النِّعْمَةِ ، وَمَعْدِنِ الرِّسَالَةِ ، وَمُخْتَلَفِ الْمَلَائِكَةِ.

وَالْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي كَانَ فِي عِلْمِهِ السَّابِقِ ، وَكِتَابِهِ النَّاطِقِ ، وَبَيَانِهِ الصَّادِقِ ، أَنَّ أَحَقَّ‌

____________________

(١). في « بح » : + « والنسب ». والحَسَب في الأصل : الشرف بالآباء وما يعدّه الناس من مفاخرهم ، وقال ابن‌السكّيت : الحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن له آباء لهم شرف ، والشرف والمجد لا يكونان إلّابالآباء. راجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ١١٠ ( حسب ). وفيالمرآة : « المنصب : هو الأصل والمرجع ، والحسب : ما تعدّه من مفاخر آبائك ، المراد بالأدب العلم والكمالات ».

(٢). في « م ، جد » : - « قولاً ».

(٣).الوافي ، ج ٢١ ، ص ٣٩٥ ، ح ٢١٤٣٠.

(٤). السند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد بن محمّد ، عدّة من أصحابنا.

(٥). في « بح ، بخ ، بف ، جت » : « بهذه ».

(٦). فيالوافي : « أوّل جزاء محلّ نعمته ، وذلك لأنّ تأهيله إيّاه لحمده وتوفيقه لذكره سبحانه من جملة النعم وفي‌عداد الكرم ، فيصلح أن يكون جزاء لبعض أعماله الصالحة في الدنيا ».

وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : محلّ نعمته ، الظاهر أن يكون مصدراً ميميّاً بمعنى النزول ، أي جعله أوّل جزاء من العباد لنعمه ، ثمّ بعد ذلك ما أمرهم به من الطاعات. ويحتمل أن يكون المراد به أنّ ما حمد به - تعالى - نفسه جعله جزاء لنعم العباد ؛ لعلمه بعجزهم عمّا يستحقّه تعالى من ذلك ، كما ورد في بعض الأخبار ».

٦٩٩

الْأَسْبَابِ بِالصِّلَةِ وَالْأَثَرَةِ(١) ، وَأَوْلَى الْأُمُورِ(٢) بِالرَّغْبَةِ فِيهِ(٣) سَبَبٌ أَوْجَبَ سَبَباً(٤) ، وَأَمْرٌ أَعْقَبَ غِنًى ، فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ :( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً ) (٥) وَقَالَ :( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) (٦) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ(٧) فِي الْمُنَاكَحَةِ وَالْمُصَاهَرَةِ(٨) آيَةٌ مُحْكَمَةٌ ، وَلَا سُنَّةٌ‌ مُتَّبَعَةٌ ، وَلَا أَثَرٌ مُسْتَفِيضٌ ، لَكَانَ فِيمَا جَعَلَ اللهُ - مِنْ بِرِّ الْقَرِيبِ ، وَتَقْرِيبِ الْبَعِيدِ ، وَتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ ، وَتَشْبِيكِ(٩) الْحُقُوقِ ، وَتَكْثِيرِ الْعَدَدِ ، وَتَوْفِيرِ الْوَلَدِ لِنَوَائِبِ(١٠) الدَّهْرِ(١١) ، وَحَوَادِثِ الْأُمُورِ - مَا يَرْغَبُ فِي دُونِهِ الْعَاقِلُ اللَّبِيبُ ، وَيُسَارِعُ إِلَيْهِ الْمُوَفَّقُ(١٢) الْمُصِيبُ ، وَيَحْرِصُ عَلَيْهِ الْأَدِيبُ الْأَرِيبُ(١٣) ، فَأَوْلَى النَّاسِ بِاللهِ مَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ ، وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ ، وَأَمْضى(١٤) قَضَاءَهُ ، وَرَجَا جَزَاءَهُ ، وَفُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مَنْ قَدْ عَرَفْتُمْ حَالَهُ وَجَلَالَهُ ، دَعَاهُ(١٥)

____________________

(١). الأثرة - بفتح الهمزة والثاء - : الاسم من آثر يؤثر إيثاراً إذا أعطى.النهاية ، ج ١ ، ص ٢٢ ( أثر ).

(٢). في « ن » : « الأمر ».

(٣). في « بخ ، بف » : + « والتقديم ».

(٤). في « بخ ، بف » وحاشية « جت » والوافي : « نسباً » ، وعدّه أظهر في المرآة. وفي « بح » : « سببها ».

(٥). في « م ، ن ، بح ، بن ، جت ، جد » : -( وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً ) .

(٦). النور (٢٤) : ٣٢.

(٧). في « جت » والوافي : « لم تكن ».

(٨). في الوافي : « المصاهرة والمناكحة ».

(٩). في « بخ » : « وتشييك ». والشبك : الخلط والتداخل ، ومنه تشبيك الأصابع ؛ لإدخال بعضها في بعض. وقال‌العلّامة المجلسي : « قولهعليه‌السلام : وتشبيك الحقوق ، أي تحصل به أنواع الحقوق من الطرفين من حقّ الزوجيّة والوالديّة والمولوديّة وغير ذلك ، ورعاية كلّ منها موجبة لتحصيل المثوبات ، وفي كلّ منها منافع دنيويّة والاُخرويّة ». راجع :لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٤٤٦ ( شبك ) ؛مرآة العقول ، ج ٢٠ ، ص ٩٧.

(١٠). النوائب : جمع النائبة ، وهي المصيبة ، وهي أيضاً ما ينوب الإنسان - أي ينزل به - من المهمّات والحوادث ، والنازلة. راجع :لسان العرب ، ج ١ ، ص ٧٧٤ ( نوب ).

(١١). في « بخ » : « الدهور ».

(١٢). في « بخ » : « الموافق ».

(١٣). «الأريب»:العاقل.الصحاح ،ج١،ص ٨٧(أرب).

(١٤). في « ن » : « وأرضى ».

(١٥). في « م ، ن ، بف ، جد » : « دعا ».

٧٠٠

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909