الكافي الجزء ١٥

الكافي8%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 82346 / تحميل: 4836
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

30) كتاب طب النفوس.

31) كتاب حدائق الاذهان، في أخبار الرسول.

32) كتاب القضايا والتجارب.

33) كتاب الواجب في الفروض اللوازم.

34) كتاب الزلف.

يظهر أن كتبه هذه كلها قد ضاعت ولم يقف العلماء على شئ منها سوى:

(1) مروج الذهب، وهو أوسع ما طبع من مؤلفاته.

(2) هذا القسم من كتاب أخبار الزمان ومن أباده الحدثان.

(3) كتاب التنبيه والاشراف، وقد قمت بطبعه على النسخة المطبوعة في ليدن.

(4) الكتاب الاوسط، وفي مكتبة أكسفورد نسخة يظن انها هو.

٢١

للمسعودي

345 أو 346 ـ 957

من هو؟

هو أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي المعتزلي الشافعي، من ذرية عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل.

فأما منشؤه فان الثقات من المؤرخين يروون انه نشأ في بغداد، على أن ابن النديم يروي أنه من أهل المغرب، فلعله شخص آخر، أو لعل بعض أجداده نزحوا إلى المغرب.

وعلى أية حال فقد قضى زهرة شبابه في بغداد، ولكنه غادر اقليم العراق وإرضاء لميوله واذواقه، ورغبة منه في التجول، فخرج عن بغداد سنة 301 ليقوم برحلة قيل انها استمرت أعواما ثلاثة، وقد قضاها متنقلا بين ربوع فارس وكرمان.

ثم بعد ذلك جاب بلاد الهند وصيمور، قطن أخيرا في مدينة بومباي حتى سنة 304، ومن المحتمل أن يكون قد أقام حينذاك في جزيرة سيلان.

ومن ثم وصل إلى مدينة عمان، ويمكن أن نستنتج أنه ذهب إلى قناطر ماليسية العجيبة العظيمة، وشارف الصين.

ومع أنه خاطر بتلك الرحلة وخصص لها نفسه ووقته، فانه تعمق في دراسات الحدود الاسلامية، واستعان على ذلك بالآيات العلمية، التي كانت معروفة في حياته.

٢٢

وهو يحدثنا انه كان في سنة 314 في فلسطين وفي انطاكية، وظل بعد ذلك متنقلا بين العراق وسوريا ومصر على أن جل ما ورد عن إقامته كان في مصر.

فهو يحدثنا بعد انه كان في سنة 336 قد أتم تأليف كتابه مروج الذهب في فسطاط مصر، وكان قد بدأ تأليفه سنة 332.

ويذكر كذلك انه في سنة 344 كان يشتغل بوضع النسخة الاولى من كتاب التنبيه والاشراف في الفسطاط نفسه، ثم في سنة 345 زاد فيها وأصلحها.

ويظهر مما ذكره من الكتب التاريخية في صدر كتابه، مروج الذهب، والتنبيه والاشراف، ان المكتبة العربية التاريخية في عصره كانت غنية جدا، عامر بالمؤلفات، فقد أورد فيهما عددا وفيرا من اسماء الكتب، وأسماء المؤلفين.

والمؤرخون، يذكرون انه توفي سنة 345 وبعض يقول في 346، والخطب يسير، لكنه يجل حين نذكر ان ذلك العالم المؤرخ الكبير الذي عاش معنيا بالعلم وبالعالم، والعلماء وبالتاريخ والمؤرخين أهمله التاريخ، ولم يذكر المؤرخون شيئا من نعوته، ولا من تاريخ طفولته أو حياته.

ولكن يكفينا عزاء بقاء اسمه حيا في بطون ما بقي من كتبه، تعمر به قلوب العلماء وصدور الاجلاء، فرحمه الله رحمة واسعة.

وقد اعتمدت في طبع هذا الكتاب على النسخة المأخوذة من الاصل الباريسي بالتصوير الشمسي والمحفوظة بدار الكتب الملكية تحت رقم 879 تاريخ وقد رمزت إليها باشارة (ب) اول كلمة باريس، وهي نسخة معتبرة وخطها يقرأ بعسر ويذهب القارئ فيه مذاهب شتى لتشابه حروفه، وقد حدث في اثناء التصوير ارتجاج احدث فسادا في طبع بعض الصفحات وقد لقينا مجهودا كبيرا في مراجعتها، والتهدي إلى صوابها.

٢٣

هناك اصل آخر في المكتبة التيمورية كثر فيه الحذف والبتر وكانت الورقة الاولى منه قد ضاعت فأكملها احد الناسخين فدل على سوء علمه ورأيه وعدم امانته وهذه النسخة محفوظة تحت رقم 614 تاريخ وهي كثيرة الخطأ ولم أعتمد عليها الا قليلا بل لقد تركت الاعتماد عليها عندما قاربت منتصف الكتاب لكثرة ما فيها من الخلل والتحريف والنقص وقد رمزت على ما انتفعت به منها بإشارة (ت) أول كلمة من تيمور.

وقد اعتمدت فيما جاء فيه من اخبار مصر وملوكها على تاريخ القرماني المسمى بأخبار الدول وآثار الاول لابي العباس احمد بن يوسف بن احمد الدمشقي الشهير بالقرماني وقد طبع في مدينة بغداد سنة 1282.

وقد لاحظت انه اطلع على نسخة من اخبار الزمان، لانه يذكر حوادث وأخبارا بنصوصها وعبارتها وألفاظها الا انه مختصر.

وقد أفاد هذا الكتاب كثيرا في تصحيح بعض الاسماء وكشف بعض ما عميت قراءته ولا سيما تلك الصفحات التي حدث بها الارتجاج اثناء التصوير الشمسي في باريس.

وقد رمزت إلى تاريخ القرماني بالاشارة (ق) اول حرف من كلمة قرماني، هذا وان ألفت نظر حضرات الادباء والعلماء إلى ان الفضل في اختيار هذا الكتاب، والانفاق على طبعه لحضرة الفاضل السيد عبد الحميد افندي حنفي عامله الله بلطفه الخفي، وشكر له مسعاه وأبلغه احسن ما يتمناه، وأنا ارجوا ان اكون قد قمت ببعض ما يجب علي من تصحيح هذا الكتاب، وأسأل الله ان يتداركني بلطفه، وان يوفقني إلى ما فيه الخير في الدنيا والاخرى، وأن يلهمني السداد، انه على ما يشاء قدير.

عبد الله الصاوي

٢٤

بسم الله الرحمن الرحيم

وهو حسبنا ونعم الوكيل

«قال الشيخ أبو الحسن، علي بن الحسين بن علي بن عبد الله الهذلي المسعودي رحمه الله ورضي عنه».

نبتدئ بحمد الله وذكره وشكره، والثناء عليه والشكر له، والصلاة على أنبيائه ورسله وملائكته، ونخص سيدنا ونبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأزواجه وأصحابه، بأفضل صلواته، وأكمل تحياته، وأزكى بركاته.

ثم نذكر ما وقع الينا من أسرار الطبائع، وأصناف الخلق، مما يكون ذلك (1) مشاكلا لقصدنا، ونصل ذلك بذكر ما يجب ذكره من ملوك

__________________

(1) أول الكتاب في ت: مفقود، وقد انتحل الناسخ ديباجة أولها: الحمد لله الذي اختص نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بكتاب أخرس الفصحاء، وأعجز البلغاء عن مثل أقصر سورة من سوره، بل آية آياته. وبجوامع الكلم، وبدائع الحكم. وأيد أقواله، وأشهر أفعاله، وقصرت الالسن عن مدح نعت كماله، وقد سطع بدر وجوده، وفاض على الثقلين سح جوده، وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلاة وسلاما دائمين ما دام النيرين (*) وسلم تسليما، وبعد، لما رأيت فن التاريخ شريف (**) ، ولهج به كل ظريف، قصدت تأليف هذا الكتاب جهدي، ليكون تذكرة من بعدي، فأقول كان ابتداؤنا به ابتداء الموجودات والمحسوسات مشاكلا الخ...

__________________

(*) الصواب النيرين.

(**) الصواب شريفا، وهذا يدل على فرط جهل الناسخ المنتحل.

٢٥

الارض، وما عملوه من عجائب الاعمال، وشيدوه من عجائب البلدان (1) ووصفوة من الآلات المستطرفة والطلاسمات (2) المستعملة، وما بنوا من هياكلهم، وأودعوه نواويسهم، وزبروه على أحجارهم. على حسب ما نقل الينا من ذلك.

ونبدأ بما جاء من الآثار الشرعية، والملة الحنيفية، ثم نذكر ما روي عن الحكماء الاول المتقدمين، وبالله أستعين، وهو حسبي ونعم الوكيل.

وقد سميت كتابي هذا بكتاب [تاريخ] (أخبار الزمان ومن (3) أباده الحدثان وعجائب البلدان والغامر (4) بالماء والعمران) فأنا أقول:

«أما بعد» فان الله جل جلاله، وتقدست أسماؤه، خلق خلقه من غير ضرورة كانت منه إلى خلقهم، وأنشأهم من غير حاجة كانت منه إلى إنشائهم. بل خلقهم ليعبدوه، فيجود عليهم بنعمه ويحمدوه، فيزيدهم من فضله فيشكروه ويمجدوه. كما قال عزوجل (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون، ما أريد منهم من رزق وما أريد ان يطعمون، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) فلم يزده خلقه إياهم وإيجادهم مثقال ذرة، ولم ينقصه إفناؤهم وإعدامهم وزن شعرة، لانه سبحانه لا تغيره الاحوال، ولا يدخله الملال، ولا تتقاضي سلطانه الايام والليال. بل خصهم بأسماع وأبصار، وعقول وافكار. يصلون بها إلى الحق والباطل، فيعرفون بذلك المنافع والمضار. وجعل لهم الارض بساطا، ليسلكوا منها سبلا فجاجا، والسماء سقفا محفوظا. أنزل منها الغيث المدرار، والارزاق بمقدار، وأجرى لهم فيها قمر الليل وشمس النهار. يتعاقبان لمصالحهم دائبين. وجعل لهم الليل سكنا،

__________________

(1) في ت: البنيان.

(2) ت: الطلسمات.

(3) في ب: وما أباده وهو خطأ عربية وغير موافق لما ينقله في كتبه، وفي ت: وما أباد.

(4) ت: والناس.

٢٦

والنهار معاشا. ومحا آية الليل، وجعل آية النهار مبصرة. ليصلوا (1) بذلك العلم بأوقات فروضهم التي فرضها عليهم. من الصلاة والزكاة والصيام والحج، وليعلموا عدد السنين والحساب، وحين تحل ديونهم، وتجب حقوقهم. قال الله عزوجل وعلا: (يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس والحج) وقال (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب، ما خلق الله ذلك إلا بالحق) إنعاما منه وطولا، وإحسانا منه وفضلا.

روى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: «الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة فقد مضت ستة آلاف ومئون من السنين، وليأتين عليها مئون ليس عليها موحد لله تعالى».

وعن نافع عن ابن عمر، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما أجلكم في آجال من خلا من الامم، كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس».

وعن أبي هريرة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «بعثت أنا والساعة كهاتين» وأشار بالسبابة والوسطى.

وفي حديث سهل بن سعد الساعدي قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «ما مثلي ومثل الساعة إلا كفرسي رهان».

وعن ابن عباس قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم «أول ما خلق الله القلم خلقه من نور طوله خمسمائة عام، وخلق اللوح المحفوظ من درة بيضاء، حافاته من ياقوت أحمر، عرضه مابين السماء والارض، خلقهما قبل أن يخلق الخلق والسموات والارض. فقال للقلم اكتب، قال وما أكتب؟ قال اكتب علمي

__________________

(1) ت وب: ليصلون.

٢٧

في خلقي إلى يوم القيامة، فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، وما هو في علم الله، ينظر الله تعالى في ذلك اللوح كل يوم ثلاثمائة نظرة وستين نظرة، فيخلق ويرزق ويحيي ويميت، ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد».

وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق والسموات والارض؟ قال «كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق عرشه على الماء».

وسئل ابن عباس «على أي شئ كان الماء؟ قال: على متن الريح فلما أراد الباري جل جلاله أن يخلق الخلق سلط الريح العقيم على الماء فطفت أمواجه وارتفع زبده، وعلا دخانه، وصعد فوق الماء وسما عليه، فسماه الله سماء، وجمد الزبد فصار أرضا فجعل الارض على حوت، والحوت هو الذي ذكره الله تعالى في كتابه فقال (ن والقلم وما يسطرون) والحوت في الماء والماء على ظهر صفاة، والصفاة على متن الريح، فتزلزلت الارض فأمر الامواج فأرست عليها جبالا جامدة، فاستقرت وثبتت فذلك قوله عزوجل (وجعل فيها رواسي من فوقها)، (وجعلنا في الارض رواسي أن تميد بكم).

قال ابن عباس: أتت اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه عن ابتداء الخلق فقال (خلق الله الارض يوم الاحد ويوم الاثنين وخلق الجبال وما فيها من المنافع يوم الثلاثاء وخلق الماء والشجر والمدائن والعمران يوم الاربعاء فذلك قوله جلت قدرته (قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين إلى قوله سواء للسائلين) وخلق يوم الخميس السماء والكواكب والنجوم والملائكة)

وخلق يوم الجمعة الجنة والنار، وآدم عليه السلام، قالوا: ثم ماذا يا محمد؟ قال: ثم استوى على العرش، قالوا: قد أصبت، لو أتممت وقلت ثم استراح.

٢٨

فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا فأنزل الله عليه (ولقد خلقنا السموات والارض وما بينهما في ستة أيام، وما مسنا من لغوب، فاصبر على ما يقولون).

وفي رواية أسد بن موسى قال «أمر الله تبارك وتعالى السماء أن ترتفع وتسموا، وأمر الارض أن تنبسط وتنخفض فانبسطت، فدحاها من موضع بيت الله الحرام».

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الدنيا موج مكفوف، ولولا ذلك لاحرقت الشمس والقمر الارض ومن عليها» وبين كل سماء والتي تليها خمسمائة عام، وبين السماء السابعة والعرش مسيرة ألف عام. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «هو الاول فلا شئ قبله، والآخر فلا شئ بعده».

وعن زرارة بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «قلت لجبريل هل رأيت ربك قط؟ فانتفض، ثم قال يا محمد إن بيني وبينه سبعين (1) ألف حجاب من نور، لو دنوت إلى واحد منها لا حترقت» ولما أراد الله عزوجل أن يخلق آدم أمر جبريل أن ينزل إلى الارض ويقبض (2) القبضة التي خلقه منها، فقالت له الارض أعوذ بالله منك أن تأخذ مني شيئا، فرجع إلى ربه، وقال يا رب تعوذت بك مني.

فأرسل إسرافيل، فقال مثل ذلك، فارسل ملك الموت فتعوذت بالله منه، فقال ملك الموت إن ربي أمرني وأنا أعوذ به أن أرجع إليه بغير ما أمرني به.

وروي بعض أهل الاثر أن أول ما أجرى الله الروح في آدم أجراه في رأسه وعينيه قبل سائر جسده، فلما رأى ثمار الجنة أراد النهوض إليها قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه فلم يستطع، فذلك قوله عزوجل (وكان الانسان

__________________

(1) في ب وت: سبعون، والصوا ب ما ذكرناه

(2) ت: فيقبض.

٢٩

عجولا) فلما خلق الله آدم عجبت الملائكة منه فأمرهم بالسجود له كلهم، فسجدوا طاعة لله تعالى إلا إبليس فانه تكبر وامتلا حسدا ومعصية، فغضب الله عليه ولعنه، وكان ذلك سبب هبوطه إلى الارض

وأما الحكماء المتقدمون (1) فانهم يقولون: إن الله تعالى جمع الدراري في الحمل فجعل الشمس ملكا، وصير عطارد كالكاتب، والمشتري كالقاضي، والمريخ كالشرطي وكمن يحمل السلاح، والقمر كالخازن، والزهرة كالصاحبة، وزحل كالشيخ المشاور، والجوزهر (2) كالمقوم لامر الفلك

وذكرت الاوائل أنه كان في الارض ثمان وعشرون أمة مخلوقه روحانية ذوات قوة وبطش، وصورمختلفات بحذاء الثمان (3) والعشرين منزلة لكل منزلة، أمة مفردة

ويزعمون أن الامم الماضية، تعالى الله عن قولهم، إنما كان تدبيرها للكواكب الثابتة وهي ألف كوكب وعشرون كواكبا، يقطع كل كوكب منها البرج في ثلاثة آلاف سنه، وهي التي تعمل الاعمال كلها، وبها يكون جميع الامور

وقال بعض أهل الاثر: إن الله خلق الافلاك من بخار وإنه لما صعد انعقد وهي سبعة أفلاك، وفوقها البيت المعمور، وله ثلاثمائة وستون بابا، جعلت درجا للفلك، وإن كل رحمة وبركة إنما تنزل من تلك الابواب، مقسومة على البروج والكواكب حتى تصير إلى الارض.

وقالوا إن الله خلق هو ملء (4) ملكه يسمي الروح، ومن فوقه الحجب وذلك كله داخل في الكرسي. وهو قوله عزوجل (وسع كرسيه السموات

__________________

(1) في الاصلين: المتقدمين، والصواب عربية ما ذكرناه.

(2) كذا في ب، ت: وهذه التسمية يذكرها المسعودي في كتبه كالتنبيه والا شراف.

(3) في الاصلين: الثمانية.

(4) في ب، ت: مليؤ وهو خطأ املائي.

٣٠

والارض) والكرسي وما حوى داخل في العرش، والعرش وما حوى داخل في علم الله، جلت عظمته.

وأعلا الدراري السبعة زحل ثم المشتري ثم المريخ ثم الشمس ثم الزهرة ثم عطارد ثم القمر.

وزعم قوم من الحكماء الاوائل ان الكواكب ملائكة، وانه جعل لها من تدبير العالم ما لم يجعل لغيرها، فلذلك عظموها وعبدوها.

وزعم قوم منهم ان الخلق العالية الذين هم الملائكة (1) اثنا عشر صنفا بحذاء البروج الاثني عشر، وأنهم يتوارثون، جعل الله فيمن شاء منهم حولا وقوة يقدر أحدهم أن يكون في صورة تملا الارض عظما، ويقدر احدهم ان يكون في صورة تدخل من خرق الابرة لطفا، ويغوص في تخوم الارض والبحار والجبال، لا يمنعه من ذلك مانع، ومنهم من له من الاجنحة مثنى وثلاث ورباع، كما قال الله عزوجل، يلتحقون اقطار الارض كلمحة البصر ومنهم مخلوق من النور، ومنهم زرق من نور النار، ومنهم شعاعيون، ومنهم ملائكة الرحمة، ومنهم الحفظة والخزنة.

وهؤلاء مخلوقون من رطوبة الماء وهم حسان الوجوه سمر الالوان، ومنهم مشغولون بعبادة الله لا يعرفون غيرها، وهم في صور لا تحصى.

وقال اصحاب الطبيعة: ان الافلاك لما تم خلقها كانت كالاجسام (2) لكواكبها وكانت الكواكب كالارواح لها.

وقال هرمس لما خلق الله عزوجل البروج قسم لها دوامها في سلطانه، فجعل للحمل اثني عشر ألف سنة، وللثور أحد عشر ألف سنة، وللجوزاء عشرة آلاف سنة، وللاسد ثمانية آلاف سنة، وللسنبلة سبعة آلاف سنة، وللميزان ستة آلاف سنة، وللعقرب خمسة آلاف سنة، وللقوس اربعة آلاف

__________________

(1) في هامش، ت: عنوان (ذكر الملائكة)

(2) في ب: الاجسام والتصحيح عن ت.

٣١

سنة، وللجدي ثلاثة آلاف سنة، وللدلو ألفي سنة، وللحوت ألف سنة، فصار للدور ثمانية وسبعون ألف سنة، والباقي لسائر الكواكب.

ولم يكن في عدد الحمل والثور والجوزاء حيوان، وذلك ثلاثة وثلاثون ألف سنة، ولا في الارض عالم روحاني (1) .

فلما كان عالم السرطان تكونت دواب الماء وهوام الارض، ولما استقام الاسد في سلطانه تكونت ذوات الاربع من الدواب والبهائم.

فلما دخل سلطان السنبلة تكون الانسانان أدمانوس وحيوانوس، وكانت الطيور في سلطان الميزان.

وأما مقادير الكواكب عندهم.

فقالوا ان الشمس اكبر من الارض بمائة مرة وثلاث وستين (2) مرة، وزحل اكبر من الارض باحدى وتسعين مرة ونصف مرة، والمشتري بإحدى وثمانين مرة، والمريخ بثلاث (3) وسبعين مرة والزهرة بنيف وستين مرة وعطارد (3) ثلاثين مرة وثلث مرة، والقمر بسبع عشرة مرة (4) وربع مرة وكانت الشمس كالملك والدراري كما ذكرنا

ومن الفلاسفة من يقول ان الكواكب حية ناطقة حساسة. ومنهم من قال ان لها حاسة السمع والبصر واللمس، وليس لها حاسة الذوق والشم. لانها (5) مشتغلة عن ذلك. ومنهم من زعم ان الفلك حي مميز لجميع ما فيه، ذو صورة فكذلك جميع ما فيه بهذه المنزلة.

__________________

1) في ب وت: روحانيا.

2) فيهما: ثلاثة وستون، والصحيح ما أثبتناه.

3) فيهما: بثلاثة. في الموضعين.

4) فيهما: بسبعة عشر.

5) ت: كأنها.

٣٢

وقالوا إن ضياء القمر مأخوذ من ضوء الشمس، لانهما إذا اجتمعا لم يكن للقمر نور.

وقال قوم منهم العالم محدث إلا أنه لا يبيد لانه حكمة وصنعة حكيم، والحكيم لا يفسد صنعته.

ذكر عمر الدنيا

فأما ما ذكروه من توقيت الزمان ومدته إلى انقضائه، فانهم قالوا فيه أقوالا لاتسلم لهم، إنما تسمع وتذكر على ما يتعجب منه لاعلى جهة التصديق به، نعوذ بالله. ففي كتاب السند هند الذي عمل منه المجسطي وغيره من الزيجات أن دوران الشمس من أول سيرها من الحمل انما سيرها ينقضي على ما حسبوه من الآلاف ألف ألف وأربعمائة ألف ألف وعشرون ألف دورة لكل دورة سنة، والسنة ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم.

وقالوا إن أصل الدور أربعة آلاف ألف ألف وثلاثمائة ألف ألف وعشرون ألف ألف عند كل بدء ألف سنة.

وأما أهل الاثر، فزعم قوم أن عمر الزمان إلى آدم عليه السلام سبعة آلاف منه، ورواية محمد بن جرير الطبري على ما قدمناه ذكره أن من آدم إلى انقضاء الخلق سبعة آلاف.

وذكر طلوع الشمس من مغربها قبل انقضاء العالم.

وقال قوم: إذا بلغ القلب خمس عشرة درجة (1) من الاسد كان طوفان نار يحرق العالم بأسره فلا يبقى على وجه الارض حيوان ولا في البحار،

__________________

(1) في ب وت: خمسة عشر.

٣٣

وتبقى الارض خرابا من العالم، ثم يستأنف الله عزوجل ما أراد في الخلق.

وكان أرسطا طاليس يرى أن الزمان لا يبيد، ولا ينفد. وأن الطبيعة قديمة، وأنه لا أول لها ولا آخر، تعالى الله جل جلاله.

ذكر الامم المخلوقات قبل آدم عليه السلام

يقال إنه كانت الجملة ثمانيا وعشرين أمة بأزاء المنازل العالية التي يحلها لقمر، لانه المستولي عندهم لتدبير العالم الارضي باذن الله تعالى جل ذكره خلقت من أمزجة مختلفة أصلها الماء والهواء والنار والارض، فهي متباينة الخلق.

ومنها أمة طوال خفاف زرق ذات أجنحة كلامهم فرقعة، ومنها أمة أبدانهم كأبدان الاسد ورؤسهم رؤس الطير لها شعور وأذناب طوال كلامهم دوي، ومنها أمة لها وجهان قدامها وخلفها وأرجل كثيرة وكلامهم كلام الطير. ومنها الجن. ومنها صفة الجن، وهي أمة في صور الكلاب لها أذناب وكلامها همهمة لا يفهم. ومنها أمة تشبه بني آدم أفواههم في صدورهم يصفرون تصفيرا. ومنها أمة في خلق الحيات الطوال لها أجنحة وأرجل وأذناب. ومنها أمة يشبهون نصف شق الانسان لهم عين واحدة ويد واحدة ورجل واحدة يقفزون تقفيزا، وكلامهم مثل كلام الغرانيق. ومنها أمة لها وجوه كوجوه الناس وأصلاب كأصلاب السلاحف، وفي ايديهم مخالب وفي رؤسهم قرون طوال، كلامهم كعوي الذئاب. ومنها أمة لكل واحد منهم رأسان ووجهان كوجوه الاسد طوال لا يفهم كلامهم، ومنها أمة مدورة الوجوه لها شعور بيض وأذناب كأذناب البقر يزرقون الناس من أفواههم. ومنها أمة في خلق النساء لهم شعور وثدي ليس فيهم ذكر،

٣٤

تلقح من الريح وتلد أمثالها، ولها أصوات مطربة يجتمع إليها كثير من هذه الامم لحسن أصواتها. ومنها أمة في خلق الهوام والحشرات إلا أنها عظيمة الاجسام تأكل وتشرب مثل الانعام. ومنها أمة تشبة دواب البحر لها انياب كالخنازير بارزة وآذان طوال.

وبقية الثمان والعشرين (1) امة على خلق لا يشبه بعضها بعضا الا إنها وحشية المنظر، ويقال ان هذه الامم تناتجت فصارت مائة وعشرين امة.

ذكر الجن وأجناسهم وقبائلهم

وسئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، هل كان في الارض خلق من خلق الله تعالى قبل آدم يعبدون الله تعالى؟ فقال: نعم خلق الله تعالى الارض، وخلق فيها أمما من الجن يسبحونه ويقدسونه لا يفترون، وكانوا يطيرون إلى السماء، ويلقون الملائكة، ويسلمون عليهم ويتعلمون منهم الخير، ويعلمون منهم بخبر ما يجري في السماء، ثم إن طائفة من الجن تمردوا وعتوا عن أمر الله عزوجل، وبغوا في الارض بغير الحق، وعلا بعضهم على بعض، حتى سفكوا الدماء، وأظهروا الفساد، وجحدوا الربوبية. وأقام الآخرون المطيعون على دينهم وعبادتهم وباينوا الذين عتوا عن أمر الله، وكان يصعد إلى السموات عنها للطاعة، وخلق الملائكة كما قدمناه ذكره روحانيين ذوي (2) أجنحة يطيرون بها حيث صيرهم الله تعالى، وأسكنهم ما بين أطباق السموات يسبحونه ويقدسونه لا يفترون، حتى اصطفى الله تعالى منهم الملائكة فكان أقربهم منه اسرافيل، ثم ميكائيل ثم جبرائيل صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين.

__________________

(1) في ب، وت: الثمانية وعشرين.

(2) فيهما ذو.

أخبار الزمان ـ م (3)

٣٥

فصل

وأما الجن فذكرت الهند والفرس واليونان ولادات الجن وقبائلهم وأسماء ملوكهم، وزعموا أنهم مفترقون على احدى (1) وعشرين قبيلة، وبعد خمسة آلاف سنة ملكوا عليهم ملكا منهم، يقال له الملك شمائيل بن أرس جن، ثم افترقوا، فملكوا عليهم خمسة (2) ملوك فأقاموا بذلك دهرا طويلا، ثم أغار بعض الجن على بعض، وكانت بينهم وقائع كثيرة وحروب شديدة، وكان إبليس منهم، وله أسماء كثيرة باختلاف اللغات غير أن اسمه بالعربية الحارث. ويكنى أبا مرة. عظيم الخلق مطيقا (3) وكان يصعد إلى السماء ويقف في صفوف الملائكة، ويجتهد في العبادة، فلما بغي بعض على بعض، وكانت تلك الحروب بينهم اهبط إلى الارض في جند من الملائكة فهزمهم وقتلهم، وجعل ملكا على الارض فتجبر وطغا، وكان امتناعة من السجود لآدم عليه السلام. كما أنبأنا الله عزوجل في كتابه، فاهبط في أقبح صورة وأشدها (4) تشويها فأنكره جميع قبائل الجن واستوحشوا منه. فلما رأى ذلك سكن البحر، وجعل له عرشا على الماء. ثم جعل له ولادة كما جعلت لآدم عليه السلام. فألقيت عليه شهوة السفاد (5) وجعل لقاحة كلقاح الطير وبيضه كبيضه.

وذكر بعض العلماء صنوف الجن فزعم (*) أن الشياطين خمس (6) وثلاثون قبيلة وأن الذين يطيرون في الجو خمس عشرة قبيلة (7) وان الذين مع لهب النار عشر

__________________

(1) في الاصلين احد.

(2) فيهما: خمس ملوك.

(3) في ت: مطيعا.

(4) فيهما: وأشرها.

(5) ت: الفساد.

(*) ما بين هاتين العلامتين في هذه الصفحة والتي تليها

مبتور في ت.

(6) فيهما: خمسة وثلاثون.

(7) في ب: خمسة عشر، وهو خطأ عربية.

٣٦

قبائل وأن مسترقي السمع ثلاثون قبيلة، ولهذا القبائل كلها ملوك من كل قبيلة لدفع شرهم.

وحكي أن صنفا من السعالي يتصورون (1) في صور النساء الحسان ويتزوجن برجال الانس كما حكي عن رجل يقال سعد بن جبير، أنه تزوج امرأة منهن وهو لا يعلم ما هي: فأقامت عنده وولدت عنده أولادا وكانت معه ليلة على سطح يشرف على الجبانة، إذا بصوت في أقصى الجبانة نساء يتألمن فطربت وقالت لبعلها أما ترى نيران السعالي شأنك وببنيك استوص بهم خيرا فطارت فلم تعد إليه

ومنهم من تظفر (2) بالرجال الخالي في الصحراء أو الخراب، فتأخذه بيده فترقصه حتى يتحير ويسقط فتمص دمه

ومنهم صنف لا تفارق صور الحياة وربما قتلها الرجل فهلك يحكى ان فتى من الانصار قريب عهد بعرس استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تقدمه يوم الخندق وأن يلم بأهله فأذن له فلما انتهى إلى منزله وجد امرأته قائمة بالباب فأدركته غيرة وأهوى إليها برمحه، فقالت له لا تعجل وادخل حتى تنظر ما على فراشك فدخل فرأى على فراشه حية عظيمة، فطعنها برمحه فقتلها، فمات هو من ساعته.

وتذكر العرب عن عبيد بن (3) الابرص الاسدي أنه خرج في سفر له يريد الشام مع نفر، فلما صار ببعض الطريق إذ هو بشجاع يلهث عطشا وخلفه حية سوداء تطرده، فنزل (4) فقتل الحية السوداء وحل إدواته ونضح على

__________________

(1) ب: يتصورون

(2) ب: يظفر.

(3) ب، ت: عبيد الابرص.

(4) ت: ثم نزل.

٣٧

الشجاع من الماء فشرب وانساب حتى دخل جحره، ومضى عبيد حتى قضى حوائجه بالشام.

فلما انصرف أغفى وهو في مفازة فلما انتبه وجد قلوصه قد ضل، وهو على غير الطريق فأقام مكانه فلما جنه الليل إذا بهاتف يقول:

يا صاحب البكر البعيد مذهبه

ما عنده من ذي رشاد يصحبه

دونك هذا البكر منا تركبه

حتى إذا الليل تولى غيهبه

واقبل الصبح ولاح كوكبه

فبعد حط رحله تستلبه (1)

فلما سمع عبيد ذلك من الهاتف التفت، فإذا عنده بكر كأحسن ما يكون فركبه فسار به بقية ليلته فأصبح في منزله، وكان بينه وبين منزله إحدى وعشرون مرحلة فنزل عنها وأنشأ يقول:

يا صاحب البكر قد أنجيت من عطب

ومن حمام يضل المدلج الهادي

ارجع حميدا فقد اوليتنا مننا

جوزيت من رائح بالخير أو غادي

فأجابه البكر:

أنا الشجاع الذي ألفيتني رمضا (2)

في مهمه نازح عن أهله صادي (3)

فجدت بالماء لما ضن حامله (4)

رويت منه ولم تلمم بأنكاد (5)

الخير يبقى وإن طال الزمان به

والشر أخبث ما اوعيت من زاد

ثم قال إن الاسود الذي رأيته يطردني عبد من عبيدي أراد قتلي فكفيتني شره، وأرويتني من ظمئي ولن يضيع الخير واستخلف الله عليك.

وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: أكثر الحيوان الداجن صفة الجن، وان الكلاب من الجن، فإذا رأوكم تأكلون فألقوا إليهم من طعامكم، فان

__________________

(1) ت: فحط عنه رحله وسيبه

(2) ب: ومضا.

(3) ب: ماد.

(4) ب: ظن جاهله.

(5) ب: أرويت هامي ولم تهمم بانكاد. وفي ب أوتيت منه.

٣٨

لهم أنفسا ـ يعني يأخذون بالعين.

والعرب تذكر راكبا على جمل (1) في قدر الشاة وفد عليهم بسوق عكاظ [نادى] ألا من يهبني ثمانين بكرة هجانا وأدما، فلم يجبه أحد.

فلما رأى ذلك ضرب جمله (2) وطار به بين السماء والارض كالبرق، فعجبوا منه فحدثهم رجل قال: لقيت رجلا في بعض المفاوز راكبا على نعامة وعيناه مشقوقتان بطول وجهه، فأخذتني منه روعة ثم استوقفته فقلت له: اتروي شيئا من الشعر؟ قال: نعم وأقرضه، وأنشدني: أتاركة تحيتها (3) قطام وضنا (4) بالتحية والسلام حتى أتى على آخرها فقلت له: هيهات سبقك إليها أخو بني ذبيان، فقال: أنا والله يا أخي، نطقت بها على لسانه بسوق عكاظ، وكنت قلتها قبل ذلك بأربعمائة عام.

ويقال إن الله تعالى خلق ألفا وعشرين أمة حذاء الكواكب الثابته (5) منها في البحر ستمائة أمة، ومنها في البر أربعمائة أمة وعشرين أمة أحسنها الانسان وأتمها وأحبها إلى الباري سبحانه وتعالى وأفضلها، فانه خلق على صورة إسرافيل عليه السلام وهو أقرب الملائكة إلى الله تعالى.

وفي التوراة خلق الله تعالى آدم على صورته، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وفي الحديث «لا تضربوا الوجوه فإنها على صورة إسرافيل عليه السلام» وفي الحديث «تلجوا بالنظر إلى وجوه المرد فان فيها لمحات من الحور العين».

ويقال أن في الانسان من كل الخلق، فلذلك سخر له جميع الحيوان وسلط عليها فاقتنصها وذللها وسخر أكثرها، وجمع له المأكول من النبات

__________________

(1) ب: حمل

(2) في ب وت: جمله.

(3) في ت: تدللها.

(4) ت: وظنا

(5) ت: اليابانية.

٣٩

والحيوان [البهيمي والوحشي وغيره] (1) ، وله خلقت اللذات جميعا، وعمل بهذه جميع الاعمال.

وله المنطق والضحك، والفكر الفطنة، واختراعات الاشياء، وله خاطب الباري عزوجل، وعليه وقع الامر والنهي

والانسان هو الذي استنبط الاشياء وجمع العلوم، وعمل الآلات، وأثار المعادن، وأخرج ما في قعور البحار، وسخر له كل شئ.

ومن العجائب خلق النسناس وهو كمثل نصف الانسان بيد واحدة ورجل واحدة، ويثب وثبا ويعدو عدوا شديدا، وكان ببلاد اليمن، وربما كان ببلاد العجم، والعرب تصيده وتأكله. وفي بعض أخبارهم أن سيارة وقعوا في أرض كثيرة النسانس، فصادوا واحدا وذبحوه وطبخوه وكان سمينا، فلما جلسوا يأكلونه قال أحدهم: لقد كان هذا النسناس سمينا، فقال نسناس آخر، قد اختفى في شجرة بالقرب منهم: إنه كان يأكل السرو فلذلك سمن، فنبههم على نفسه فأخذوه وذبحوه. فقال آخر من شجرة أخرى، قد اختفى فيها عنهم: لو كان عاقلا صمت ولم ينطق، فاخذوه وذبحوه. فناداهم نسناس آخر تخبأ في بعض خروق الارض: اني قد احسنت فلم أتكلم فأخذوه وذبحوه، وكان لهم فيها قوت. وقيل إنه يغتذي بالثمار والنبات، ويصبر على العطش.

وقيل إن في شرقي القلزم مما يلي في البحر أمة متولدة من صنف من السباع وبني آدم، وجوهها عراض كثيرة الشعر مثل وجوه السباع، وعيونها مدورة بصاصة، وأنيابها بارزة طوال، وآذانها طوال، وأبدانها كأبدان الناس إلا

__________________

(1) عن ت.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

الله ـعزوجل ـ لكم هذا الاسم حتى نحلكموه.

يا با محمد ، رفضوا الخير ، ورفضتم الشر ، افترق الناس كل فرقة ، وتشعبوا كل شعبة ، فانشعبتم مع أهل بيت نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذهبتم حيث ذهبوا(١) ، واخترتم من اختار الله لكم ، وأردتم من أراد الله ، فأبشروا ثم أبشروا ، فأنتم والله المرحومون المتقبل من محسنكم ، والمتجاوز(٢) عن مسيئكم ، من لم يأت الله ـعزوجل ـ بما أنتم عليه يوم القيامة ، لم يتقبل منه حسنة ، ولم يتجاوز له عن سيئة ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟».

قال : قلت : جعلت فداك ، زدني(٣) .

فقال : «يا با محمد ، إن لله ـعزوجل ـ ملائكة(٤) يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما يسقط(٥) الريح الورق في أوان سقوطه ، وذلك قولهعزوجل :( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ (٦) وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) (٧) استغفارهم والله لكم دون هذا الخلق ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟».

قال : قلت(٨) : جعلت فداك ، زدني.

قال(٩) : «يا با محمد ، لقد ذكركم الله في كتابه ، فقال :( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا

__________________

(١) في فضائل الشيعة : «حيث ذهب الله» بدل «حيث ذهبوا».

(٢) في «بن» : «المتجاوز» بدون الواو.

(٣) في «د ، ل ، م ، ن ، بح ، بن ، جت ، جد» والبحار : + «قال».

(٤) في حاشية «بح» : «إن الله وملائكته» بدل «إن للهعزوجل ملائكة».

(٥) في «د ، جد» : «تسقط». وفي «ل» بالتاء والياء معا.

(٦) هكذا في المصحف الشريف و «بن» وتفسير فرات الكوفي. وفي أكثر النسخ والمطبوع : ـ( وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ) .

(٧) غافر (٤٠) : ٧.

(٨) في «بح» : «فقلت».

(٩) في «ل ، بن» : «فقال».

١٠١

ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ (١) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) (٢) ؛ إنكم(٣) وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم(٤) من ولايتنا ، وإنكم(٥) لم تبدلوا بنا غيرنا ، ولو لم تفعلوا لعيركم(٦) الله كما عيرهم حيث يقول جل ذكره :( وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ ) (٧) ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟».

قال : قلت(٨) : جعلت فداك ، زدني.

فقال : «يا با محمد ، لقد(٩) ذكركم الله في كتابه ، فقال :( إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ) (١٠) وَاللهِ مَا أَرَادَ بِهذَا غَيْرَكُمْ ؛ يَا بَا مُحَمَّدٍ ، فَهَلْ سَرَرْتُكَ؟».

قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ(١١) ، زِدْنِي.

فَقَالَ : «يَا بَا مُحَمَّدٍ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) (١٢) والله ما أراد(١٣) بهذا غيركم ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟».

قال : قلت(١٤) : جعلت فداك ، زدني.

فقال(١٥) : «يا با محمد ، لقد ذكرنا الله ـعزوجل ـ وشيعتنا وعدونا في آية من كتابه ، فقالعزوجل :( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا )

__________________

(١) في الوافي : «وقضى نحبه ، أي مات على الوفاء بالعهد ، والنحب جاء بمعنى النذر أيضا وبمعنى الأجل والمدة ، والكل محتمل هنا». النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٦ (نحب).

(٢) الأحزاب (٣٣) : ٢٣.

(٣) في فضائل الشيعة : «والله ما غني غيركم إذا» بدل «إنكم».

(٤) في حاشية «جت» : «ميثاقه».

(٥) في «ن» : «فإنكم». وفي «بح» : ـ «وإنكم».

(٦) التعيير : الذم. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٦٢٥ (عير).

(٧) الأعراف (٧) : ١٠٢.

(٨) في «ل» : «فقلت».

(٩) في البحار : «ولقد».

(١٠) الحجر (١٥) : ٤٧.

(١١) في «ع ، ل» : ـ «جعلت فداك».

(١٢) الزخرف (٤٣) : ٦٧.

(١٣) في «د» : + «الله».

(١٤) في «جت» : «فقلت».

(١٥) في «ع ، ن ، بف» : «قال».

١٠٢

الْأَلْبابِ ) (١) فَنَحْنُ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ ، وَعَدُوُّنَا الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ، وَشِيعَتُنَا هُمْ(٢) أُولُو الْأَلْبَابِ ؛ يَا بَا مُحَمَّدٍ ، فَهَلْ سَرَرْتُكَ؟».

قَالَ : قُلْتُ(٣) : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، زِدْنِي.

فَقَالَ : «يَا بَا مُحَمَّدٍ ، وَاللهِ مَا اسْتَثْنَى اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِأَحَدٍ مِنْ أَوْصِيَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا أَتْبَاعِهِمْ مَا خَلَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام وَشِيعَتَهُ ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ ـ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ ـ :( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ ) (٤) يعني بذلك(٥) علياعليه‌السلام وشيعته ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟».

قال : قلت(٦) : جعلت فداك ، زدني.

قال(٧) : «يا با محمد(٨) ، لقد ذكركم الله تعالى في كتابه(٩) إذ يقول :( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (١٠) والله ما أراد بهذا غيركم ؛ فهل سررتك يا با محمد؟».

قال(١١) : قلت : جعلت فداك ، زدني.

فقال(١٢) : «يا با محمد ، لقد ذكركم الله في كتابه ، فقال :( إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ) (١٣) وَاللهِ مَا أَرَادَ بِهذَا إِلَّا الْأَئِمَّةَعليهم‌السلام ـ وَشِيعَتَهُمْ ؛ فَهَلْ سَرَرْتُكَ يَا بَا مُحَمَّدٍ؟».

__________________

(١) الزمر (٣٩) : ٩.

(٢) في «د ، ع ، ل ، م ، بح ، بف ، بن ، جد» والوافي وتفسير فرات الكوفي : ـ «هم».

(٣) في «بن» وتفسير فرات الكوفي : ـ «قلت».

(٤) الدخان (٤٤) : ٤١ و ٤٢.

(٥) في «بف» : «بذاك».

(٦) في «د» وحاشية «بح» : «فقلت».

(٧) في «بح» : «فقال».

(٨) هكذا في «ن ، بح» والوافي. وفي سائر النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والبحار وتفسير فرات الكوفي : ـ «يا أبا محمد». وفي المطبوع : «يا أبا محمد».

(٩) في حاشية «جت» : «في القرآن».

(١٠) الزمر (٣٩) : ٥٣.

(١١) في «جت» : ـ «قال».

(١٢) في «بن» : «قال».

(١٣) الحجر (١٥) : ٤٢ ؛ الإسراء (١٧) : ٦٥. وفي المرآة : «قوله تعالى :( لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ) بالنسبة إلى

١٠٣

قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، زِدْنِي.

فَقَالَ(١) : «يَا بَا مُحَمَّدٍ ، لَقَدْ ذَكَرَكُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ ، فَقَالَ :( فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ) (٢) فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الآية(٣) النبيون(٤) ، ونحن في هذا الموضع الصديقون والشهداء ، وأنتم الصالحون ، فتسموا(١٨) بالصلاح كما سماكم اللهعزوجل ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟».

قال : قلت : جعلت فداك ، زدني.

قال(٥) : «يا با محمد ، لقد ذكركم الله(٦) إذ حكى عن عدوكم في النار بقوله :( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) (٧) والله ما عنى(٨) ولا أراد بهذا غيركم ، صرتم عند أهل(٩) هذا العالم شرار(١٠) الناس وأنتم والله في الجنة تحبرون(١) ، وفي النار تطلبون ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟».

قال : قلت(١٢) : جعلت فداك ، زدني.

__________________

الشيعة عدم سلطانه بمعنى أنه لا يمكنه أن يخرجهم من دينهم الحق ، أو يمكنهم دفعه بالاستعاذة والتوسل به تعالى».

(١) في «د ، ع ، م ، ن ، بف ، جت ، جد» والوافي والبحار : «قال».

(٢) النساء (٤) : ٦٩.

(٣) في «بح» : ـ «في الآية».

(٤) في «د ، ع ، ل ، بن» وحاشية «م ، بح» : «النبيين». وفي شرح المازندراني : «الجمع للتعظيم ، أو لأن المصدق به مصدق بالجميع».

(٥) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : فتسموا ، قال في القاموس : تسمى بكذا : انتسب ، أي كونوا من أهل الصلاح وانتسبوا إليه». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٠٠ (سمو).

(٦) في «ن» : «فقال».

(٧) في «بح» : + «عزوجل في كتابه».

(٨) ص (٣٨) : ٦٢ و ٦٣.

(٩) في حاشية «ن» والوافي : + «الله».

(١٠) في «ع ، ل ، بف ، بن» : ـ «أهل».

(١١) في الوافي : «أشرار».

(١٢) قال الجوهري : «قال الله تعالى :( فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ) [الروم (٣٠) : ١٥] ، أي ينعمون ويكرمون ويسرون». الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦١٩ و ٦٢٠ (حبر).

(١٣) في «بح» : «فقلت».

١٠٤

فقال(١) : «يا با محمد ، ما من آية نزلت تقود إلى الجنة ولا تذكر(٢) أهلها بخير إلا وهي فينا وفي شيعتنا ، وما من آية(٣) نزلت تذكر(٤) أهلها(٥) بشر ولا تسوق إلى النار إلا وهي في عدونا ومن خالفنا ؛ فهل سررتك يا با محمد؟».

قال : قلت : جعلت فداك ، زدني.

فقال(٦) : «يا با محمد ، ليس على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا ، وسائر الناس من ذلك برآء ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟».

وفي رواية أخرى : فقال : حسبي.(٧)

حديث أبي عبد اللهعليه‌السلام مع المنصور في موكبه(٨)

١٤٨٢٢ / ٧. محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابه ؛ وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير جميعا ، عن محمد بن

__________________

(١) هكذا في «ل ، م ، ن ، بح ، بن ، جت». وفي سائر النسخ والمطبوع : «قال».

(٢) في «د ، ع ، ل ، م ، بن ، جد» وشرح المازندراني : «ولا يذكر».

(٣) في الوافي : + «والله».

(٤) في «د ، ع ، ل ، م ، بح ، جد» : «يذكر».

(٥) في «بح ، بف» وحاشية «ن» : + «فيها».

(٦) في «ع ، ن ، بف ، جت» وحاشية «بح» والوافي : «قال».

(٧) فضائل الشيعة ، ص ٢١ ، ح ١٨ ، بسنده عن محمد بن سليمان ، إلى قوله : «بعضهم لبعض عدو إلا المتقين والله ما أراد بهذا غيركم يا با محمد فهل سررتك». الاختصاص ، ص ١٠٤ ، بسنده عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن أبي سليم الديلمي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام . تفسير فرات الكوفي ، ص ٣٦٤ ، ح ٤٩٦ ، بسنده عن سليمان الديلمي ، إلى قوله : «إنه هو الغفور الرحيم والله ما أراد بهذا غيركم فهل سررتك يا با محمد». الكافي ، كتاب الروضة ، ح ١٥٢٨٥ ، بسنده عن أبي بصير ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، من قوله : «يا با محمد إن للهعزوجل ملائكة يسقطون الذنوب» إلى قوله : «لكم دون هذا الخلق» ، وفي كلها مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٥ ، ص ٧٩٥ ، ح ٣٠٦١ ؛ البحار ، ج ٦٨ ، ص ٤٨ ، ح ٩٣.

(٨) الموكب : جماعة ركاب يسيرون برفق ، وهم أيضا : القوم الركوب للزينة والتنزه. وقيل : الموكب : ضرب من السير. النهاية ، ج ٥ ، ص ٢١٨ (وكب).

١٠٥

أبي حمزة ، عن حمران ، قال :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ـ وذكر هؤلاء عنده وسوء(١) حال الشيعة(٢) عندهم ـ فقال : «إني سرت مع أبي جعفر المنصور(٣) وهو في موكبه وهو على فرس وبين يديه خيل(٤) ومن خلفه خيل ، وأنا على حمار إلى(٥) جانبه ، فقال لي : يا با عبد الله(٦) ، قد(٧) كان ينبغي(٨) لك أن تفرح بما(٩) أعطانا الله من القوة ، وفتح لنا من العز ، ولا تخبر الناس أنك أحق بهذا الأمر منا وأهل بيتك(١٠) ، فتغرينا بك وبهم(١١) ».

قال : «فقلت(١٢) : ومن رفع هذا إليك عني(١٣) فقد كذب ، فقال(١٤) لي(١٥) : أتحلف على ما تقول؟».

__________________

(١) في «بف» : «سوء» بدون الواو.

(٢) في حاشية «بح» : «شيعتنا».

(٣) في «د ، ع ، ل ، م ، بن ، جت» وشرح المازندراني : ـ «المنصور».

(٤) في شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٢٩٠ : «أي جماعة فرسان ، أو أفراس. والأول أولى ، والثاني إما محمول على الظاهر ، أو على حذف مضاف ، أي أصحاب خيل». وراجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٩٤ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣١٨ (خيل).

(٥) في «ن» : «على».

(٦) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع وشرح المازندراني : «يا أبا عبد الله».

(٧) في «بن» : «لقد».

(٨) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي والبحار. وفي المطبوع : «فينبغي».

(٩) في «د ، ع ، ل ، م ، بن ، جت ، جد» وحاشية «بح» : «لما».

(١٠) في «بح ، جد» وحاشية «م» : «وأهل بيت نبيك».

(١١) الإغراء : الإيلاع والتحريص. وقال العلامة المازندراني : «فتغرينا بك وبهم ، أي تهيجنا على الإيذاء والإضرار بك وبهم ، وفي كنز اللغة : الإغراء : در حرص انداختن وبرانگيختن». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٢٦ (غرو).

(١٢) في «ن ، بن ، جت» : «قلت».

(١٣) في «بن» : «إليك عني هذا». وفي «ل» والوافي : «إليك هذا عني».

(١٤) في «بن» : «قال».

(١٥) في «ع ، ل ، بن ، جت» وشرح المازندراني والبحار : ـ «لي».

١٠٦

قال : «فقلت(١) : إن الناس سحرة(٢) ، يعني(٣) يحبون أن يفسدوا قلبك علي ، فلا تمكنهم(٤) من سمعك ، فإنا إليك أحوج(٥) منك إلينا ، فقال لي : تذكر يوم سألتك : هل لنا(٦) ملك؟ فقلت : نعم طويل عريض شديد ، فلا تزالون في مهلة من أمركم وفسحة(٧) من دنياكم حتى تصيبوا منا دما حراما في شهر حرام في بلد حرام.

فعرفت أنه قد حفظ الحديث ، فقلت : لعل الله ـعزوجل ـ أن يكفيك ، فإني لم أخصك بهذا ، وإنما(٨) هو(٩) حديث رويته ، ثم لعل غيرك من أهل بيتك أن(١٠) يتولى ذلك ؛ فسكت عني.

فلما رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا ، فقال : جعلت فداك ، والله لقد رأيتك في موكب أبي جعفر وأنت على حمار وهو على فرس وقد أشرف عليك يكلمك كأنك تحته ، فقلت بيني وبين نفسي : هذا حجة الله على الخلق ، وصاحب هذا الأمر الذي(١١) يقتدى به ، وهذا الآخر يعمل بالجور ، ويقتل أولاد الأنبياء ، ويسفك الدماء في الأرض

__________________

(١) في «ع ، ل ، ن ، بن» : «قلت». وفي «بح» : ـ «ومن رفع هذا قال : فقلت».

(٢) في «بف» وحاشية «ن ، بح ، جت» وشرح المازندراني : «شجرة». والسحر : الاخذة التي تأخذ العين حتى يظن أن الأمر كما يرى وليس الأصل على ما يرى ، وصرف الشيء عن وجهه ، وكل ما لطف مأخذه ودق ، والخديعة وإخراج الباطل في صورة حق. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٣٤٨ ؛ المصباح المنير ، ص ٢٦٨ (سحر). وفي الوافي : «السحر : ما لطف مأخذه ودق ، وقد يطلق على الخداع والتعليل ، وكل من هذه المعاني لما فسر به من إفساد القلب».

(٣) في حاشية «ن» وشرح المازندراني : «بغي».

(٤) في «بح» وحاشية «م» : «فلا تملكتهم».

(٥) في الوافي : «إنما قالعليه‌السلام : إنا إليك أحوج ؛ لتسلطه على قتله وأخذ ماله».

(٦) في «بح» : + «من».

(٧) الفسحة ـ بالضم ـ : السعة. الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٩١ (فسح).

(٨) في «د ، ع ، ل ، م ، بف ، بن ، جت ، جد» : «إنما» بدون الواو.

(٩) في «بف» : ـ «هو».

(١٠) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والبحار. وفي المطبوع : ـ «أن».

(١١) في «بن» : ـ «الذي».

١٠٧

بما لايحب الله وهو في موكبه وأنت(١) على حمار ، فدخلني من ذلك شك حتى خفت على ديني ونفسي».

قال(٢) : «فقلت(٣) : لو رأيت من كان حولي وبين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي من الملائكة لاحتقرته واحتقرت ما هو فيه.

فقال : الآن سكن قلبي ، ثم قال(٤) : إلى متى هؤلاء يملكون ، أو متى الراحة منهم(٥) ؟

فقلت : أليس تعلم أن لكل شيء مدة؟ قال : بلى ، فقلت : هل ينفعك علمك؟ إن هذا الأمر(٦) إذا جاء كان أسرع من طرفة العين ، إنك لو تعلم حالهم عند الله ـعزوجل ـ وكيف هي ، كنت لهم أشد بغضا ، ولو جهدت أو(٧) جهد أهل الأرض أن يدخلوهم في(٨) أشد مما(٩) هم فيه من الإثم ، لم يقدروا ؛ فلا يستفزنك(١٠) الشيطان ، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين(١١) ، ولكن المنافقين لايعلمون ، ألا(١٢) تعلم أن من انتظر أمرنا

__________________

(١) في «د ، ع ، ل ، ن ، بن» : ـ «وأنت».

(٢) في «ل» : «فقال». وفي «بن» : ـ «قال».

(٣) في «د ، ع ، ل ، م ، بن» : ـ «فقلت». وفي حاشية «بن» : «قال».

(٤) في شرح المازندراني : «فقال».

(٥) في شرح المازندراني : «لعل الترديد من الراوي مع احتمال الجمع بأن يكون الأول سؤالا عن مدة ملكهم ، والثاني عن نهايته ، أو عن بداية ظهور الصاحبعليه‌السلام ». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : أو متى الراحة ، الترديد من الراوي».

(٦) في شرح المازندراني : «ثم رغب في انتظار الفرج والتوقع في حصوله على سبيل الاستيناف بقوله : إن هذا الأمر ...». وفي الوافي : «إن هذا الأمر ، إذا جاء بكسر الهمزة مستأنف».

(٧) في حاشية «بح ، جت» : «ولو». وفي شرح المازندراني : «و».

(٨) في «د ، ع ، ل ، م ، بح ، بف ، بن ، جد» : ـ «في».

(٩) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وحاشية «د» وشرح المازندراني والوافي. وفي «د» والمطبوع : «ما».

(١٠) في شرح المازندراني عن بعض النسخ : «فلا يغرنك». والاستفزاز : الاستخفاف. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ٨٩٠ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٤٣ (فزز).

(١١) في «ل» : ـ «وللمؤمنين».

(١٢) في حاشية «جت» : «أما».

١٠٨

وصبر على ما يرى من الأذى والخوف هو غدا في زمرتنا؟

فإذا(١) رأيت الحق قد مات(٢) وذهب أهله ، ورأيت الجور قد شمل البلاد ، ورأيت القرآن قد خلق(٣) وأحدث فيه ما ليس فيه ، ووجه على الأهواء ، ورأيت الدين قد انكفأ(٤) كما ينكفئ الماء(٥) ، ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحق ، ورأيت الشر ظاهرا لاينهى عنه ويعذر أصحابه(٦) ، ورأيت الفسق قد ظهر ، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء ، ورأيت المؤمن صامتا لايقبل قوله ، ورأيت الفاسق يكذب ولا يرد عليه كذبه وفريته(٧) ، ورأيت الصغير يستحقر الكبير(٨) ، ورأيت الأرحام قد تقطعت ، ورأيت من يمتدح(٩) بالفسق يضحك(١٠) منه(١١) ولا يرد عليه قوله ، ورأيت الغلام يعطي ما تعطي المرأة(١٢) ، ورأيت النساء يتزوجن

__________________

(١) في «بح» : «وإذا».

(٢) في شرح المازندراني : «فإذا مات الحق» بدل «فإذا رأيت الحق قدمات». وفي الوافي : «فإذا رأيت الحق قد مات ، جواب «إذا» هذه قولهعليه‌السلام في أواخر الحديث : فكن على حذر».

(٣) في شرح المازندراني : «خلق الثوب ككرم ونصر وسمع : بلي. وهو كناية عن هجره وترك تلاوته والعمل بأحكامه». وراجع : لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٨٨ (خلق).

(٤) «انكفأ» أي تغير ، أو انقلب. راجع : لسان العرب ، ج ١ ، ص ١٤٠ ؛ تاج العروس ، ج ١ ، ص ٢٣٥ (كفأ).

(٥) في حاشية «بح» : «الإناء».

(٦) في «جت» وحاشية «بح» : «صاحبه».

(٧) الفرية : الكذب واختلاقه ، قال العلامة المازندراني : «الفرية : الكذب عن عمد ، فذكرها بعد الكذب من باب ذكر الخاص بعد العام». راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٣١ (فري).

(٨) هكذا في أكثر النسخ والوافي وشرح المازندراني. وفي «د ، ن» والمطبوع : «بالكبير».

(٩) في حاشية «بح» : «امتدح».

(١٠) في حاشية «بح» : «فضحك».

(١١) في «بن» : ـ «منه». وفي شرح المازندراني : «امتدحه امتداحا ومدحه ، كمنعه مدحا : أحسن الثناء عليه ، والمراد بالفسق كل ما هو قبيح شرعا ، ولا ريب في أن مدح الفاسق بفسقه أي نوع كان ، وضحك السامع منه ونشاطه باستماعه وعدم رد قوله دليل على ضعف دينه وفساد قلبه». وفي الوافي : «والمستتر في «يضحك منه» راجع إلى من يمتدح». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٦١ (مدح).

(١٢) في شرح المازندراني : «فيه إشارة إلى فساد المفعول وذمه ، وفي السابق إشارة إلى فساد الفاعل وذمه ، فلا تكرار».

١٠٩

النساء(١) ، ورأيت الثناء(٢) قد كثر ، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله ، فلا ينهى(٣) ولا يؤخذ على يديه ، ورأيت الناظر يتعوذ بالله مما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد ، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع ، ورأيت الكافر فرحا لما يرى في المؤمن مرحا(٤) لما يرى في الأرض من الفساد ، ورأيت الخمور تشرب علانية ، ويجتمع عليها من لايخاف اللهعزوجل ، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلا ، ورأيت الفاسق فيما لا يحب الله قويا محمودا ، ورأيت أصحاب الآيات(٥) يحقرون(٦) ويحتقر(٧) من يحبهم ، ورأيت سبيل الخير منقطعا ، وسبيل الشر مسلوكا ، ورأيت بيت الله قد عطل ويؤمر بتركه ، ورأيت الرجل يقول ما لايفعله ، ورأيت الرجال يتسمنون(٨) للرجال ، والنساء للنساء ، ورأيت الرجل معيشته من(٩) دبره ، ومعيشة المرأة من(١٠) فرجها(١١) ، ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال ، ورأيت التأنيث في ولد العباس(١٢) قد ظهر ، وأظهروا

__________________

(١) في شرح المازندراني : «كأن المراد به تزويج الخنثى بالخنثى ، أو بالمرأة ، وإن اريد بالتزويج المساحقة ـ مع أنه بعيد ـ لزم التكرار ، والله يعلم».

(٢) في «بف ، جت» وحاشية «م ، بح» : «البناء». وفي الوافي : «النبأ».

(٣) في شرح المازندراني : + «عنه».

(٤) المرح : شدة الفرح ، وأضاف الخليل : «حتى يجاوز قدره». راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٦٨٩ ؛ الصحاح ، ج ١ ، ص ٤٠٤ (مرح).

(٥) في الوافي وشرح المازندراني والمرآة عن بعض النسخ : «الآثار».

(٦) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والبحار. وفي المطبوع وشرح المازندراني والوافي : «يحتقرون».

(٧) في «ن ، بف» : «ويحقر».

(٨) قال ابن الأثير : «فيه : يكون في آخر الزمان قوم يتسمنون ، أي يتكثرون بما ليس عندهم ، ويدعون ما ليس لهم من الشرف. وقيل : أراد جمعهم الأموال. وقيل : يحبون التوسع في المآكل والمشارب ، وهي أسباب السمن». النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٠٥ (سمن).

(٩) في «بف ، جد» : «في».

(١٠) في «بف» : «في».

(١١) في شرح المازندراني : «قد أشار هنا إلى خبث بعض الأزمنة من جهة الاكتساب بهذا العمل ، وفي السابق إلى خبثه من جهة هذا العمل ، فلا تكرار».

(١٢) في شرح المازندراني : «في كنز اللغة : التأنيث : ماده گردانيدن ، والمراد به عمل الأمرد والرجل ما تعمله

١١٠

الخضاب(١) ، وامتشطوا كما تمتشط(٢) المرأة لزوجها ، وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم(٣) ، وتنوفس في الرجل ، وتغاير(٤) عليه الرجال(٥) ، وكان صاحب المال أعز من المؤمن ، وكان الربا ظاهرا لايعير(٦) ، وكان الزنى تمتدح(٧) به النساء ، ورأيت المرأة تصانع(٨) زوجها على نكاح الرجال ، ورأيت أكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهن ، ورأيت المؤمن محزونا محتقرا ذليلا ، ورأيت البدع والزنى قد ظهر(٩) ، ورأيت الناس(١٠)

__________________

النساء للرجال وترغيبهم إلى أنفسهن ولعل تخصيص ولد العباس بالذكر للتمثيل ، أو لبيان الواقع ، وإلا فكل من تصنع به فهو مثلهم».

(١) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : وأظهروا الخضاب ، أي خضاب اليد والرجل ؛ إذ خضاب الشعر ممدوح للرجال مستحب ، وقد ورد خبر آخر أيضا يدل على كراهة خضاب اليد للرجال».

(٢) في الوافي : «كا متشاط» بدل «كما تمتشط».

(٣) في المرآة : «أي أعطى ولد العباس الناس أموالا ليطؤوهم ، أو المراد أنهم يعطون السلاطين والحكام الأموال لأجل فروجهم ، أو فروج نسائهم للدياثة. ويمكن أن يقرأ «الرجال» بالرفع ، و «أعطوا» على المعلوم ، أو المجهول من باب «أكلوني البراغيث». والأول أظهر».

(٤) في «بح» والوافي : «ويغاير». وفي «ن» بالتاء والياء معا. وفي حاشية «م» : «وتغار».

(٥) في شرح المازندراني : «التنافس والمنافسة : الرغبة في الشيء والانفراد به لكونه جيدا في نوعه. والتغاير من الغيرة ، وهي الحمية والأنفة ، يقال : رجل غيور ، وامرأة غيور بلا هاء ؛ لأن فعولا يشترك فيه الذكر والانثى. والظاهر أن «في الرجل» قائم مقام الفاعل وأن ضمير «عليه» راجع إليه ، أي رغب في الرجل وهو مرغوب له لنوع من الحسن والجمال وتغاير عليه الرجال حسدا ، كما تغاير النساء على ضرتهن عند إرادة الزوج لها».

وفي المرآة : «التنافس : الرغبة في الشيء والإفراد به ، والمنافسة : المغالبة على الشيء ، وهي المراد هاهنا». وراجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٩٥ و ٩٦ (نفس) ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٣٣ (غير).

(٦) في شرح المازندراني : «لا يغير» بالغين المعجمة. وفي بعض النسخ بالعين المهملة ، والأول أظهر».

(٧) في «ع ، بف» : «يمتدح». وفي «جت» بالتاء والياء معا.

(٨) قال ابن الأثير : «المصانعة : أن تصنع له شيئا ليصنع لك شيئا آخر ، وهي مفاعلة من الصنع». وقال الفيروزآبادي : «المصانعة : الرشوة ، والمداراة ، والمداهنة». النهاية ، ج ٣ ، ص ٥٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٩٩١ (صنع).

(٩) في «جت» : «ظهرت».

(١٠) في «ن» : «الرجال».

١١١

يعتدون(١) بشاهد(٢) الزور ، ورأيت الحرام يحلل ، ورأيت الحلال يحرم(٣) ، ورأيت الدين بالرأي ، وعطل الكتاب وأحكامه ، ورأيت الليل لايستخفى(٤) به من الجرأة على الله ، ورأيت المؤمن لايستطيع أن ينكر إلا بقلبه ، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط اللهعزوجل (٥) ، ورأيت الولاة يقربون أهل الكفر ، ويباعدون أهل الخير ، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم ، ورأيت الولاية قبالة(٦) لمن زاد(٧) ، ورأيت ذوات الأرحام ينكحن ويكتفى بهن ، ورأيت الرجل يقتل على التهمة وعلى الظنة ، ويتغاير على الرجل الذكر ، فيبذل له نفسه وماله ، ورأيت الرجل يعير(٨) على إتيان النساء ، ورأيت الرجل يأكل من كسب امرأته من الفجور يعلم ذلك ويقيم عليه ، ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي ، وتنفق على زوجها ، ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته ، ويرضى بالدني من الطعام والشراب ، ورأيت الأيمان بالله ـعزوجل ـ كثيرة على الزور ، ورأيت القمار

__________________

(١) في «د ، ع ، بن ، جد» وحاشية «م» : «يقتدون». وفي «جت» : «يعتمدون». وفي الوافي : «يشهدون».

وفي شرح المازندراني : «يعتدون ، إما بتخفيف الدال من الاعتداء ، وهو التجاوز عن الحد والخروج عن الوضع الشرعي ، أو بتشديدها ، من الاعتداد».

(٢) في «ن ، بح» وشرح المازندراني : «بشهادة».

(٣) في شرح المازندراني : «رأيت الحلال يحرم ، ورأيت الحرام يحلل».

(٤) في الوسائل : «لا يستحيى به». وفي الوافي : «رأيت الليل لا يستخفى به ؛ يعني يبارزون بالمعاصي نهارا لاينتظرون مجيء الليل ؛ ليستخفوا به». ونحوه في المرآة ، وفسر بتفسير آخر أيضا.

(٥) في شرح المازندراني : «الفرق بينه وبين ما سبق من قوله : ورأيت الرجل ينفق ماله في غير طاعة الله فلا ينهى ولا يؤخذ على يديه ، أن الغرض هنا بيان الفساد من جهة الإنفاق ، في السابق بيانه من جهة ترك النهي عنه وعدم الحجر».

(٦) في شرح المازندراني : «الولاية بالكسر : الإمارة. والقبالة بالفتح : مصدر بمعنى الكفالة والضمان ، ثم صار اسمالما يتقبله العامل من المال ، وحملها على الولاية من باب حمل السبب على المسبب للمبالغة في السببية». وفي المرآة : «قوله : ورأيت الولاية قبالة ، أي يزيدون المال ويأخذون الولايات». وراجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ١٠ (قبل).

(٧) في حاشية «بح» : «أراد».

(٨) في شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٢٩٩ : «يعير ، يحتمل المجهول والمعلوم ، والأول أظهر ؛ لاحتياج الثاني إلى تقدير مفعول».

١١٢

قد ظهر ، ورأيت الشراب يباع ظاهرا ليس له(١) مانع ، ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لأهل الكفر ، ورأيت الملاهي قد ظهرت يمر بها لايمنعها(٢) أحد أحدا ، ولا يجترئ أحد على منعها ، ورأيت الشريف يستذله الذي يخاف(٣) سلطانه ، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت ، ورأيت من يحبنا يزور(٤) ولا تقبل(٥) شهادته ، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه ، ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه ، وخف على الناس استماع الباطل ، ورأيت الجار يكرم الجار(٦) خوفا من لسانه ، ورأيت الحدود قد عطلت وعمل فيها بالأهواء ، ورأيت المساجد قد زخرفت ، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذب ، ورأيت الشر قد ظهر ، والسعي بالنميمة ، ورأيت البغي قد فشا ، ورأيت الغيبة تستملح(٧) ، ويبشر بها الناس(٨) بعضهم بعضا ، ورأيت طلب الحج والجهاد لغير الله ، ورأيت السلطان يذل للكافر المؤمن ، ورأيت الخراب قد أديل من العمران(٩) ، ورأيت(١٠) الرجل معيشته من بخس(١١) المكيال والميزان ، ورأيت سفك

__________________

(١) في البحار : «عليه».

(٢) في «جت» : «لا يمنع».

(٣) في شرح المازندراني : «الموصول فاعل ، و «يخاف» على صيغة المجهول أو المعلوم ، وضمير فاعله راجع إلى الشريف».

(٤) «يزور» أي ينسب إلى الزور ويوسم به ، وهو الكذب ، والباطل ، والتهمة. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٣١٨ (زور).

(٥) في «جت» بالتاء والياء معا. وفي البحار : «لا يقبل».

(٦) في «د» : «جاره».

(٧) في «بف» : «تستباح». وفي شرح المازندراني : «تستملح ، أي تعد مليحة حسنة مرغوبة ، وكل شيء حسن مرغوب فيه يقول العرب : هو مليح». وراجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٤٠٦ (ملح).

(٨) في «بن» : «الناس بها». وفي شرح المازندراني : «به الناس».

(٩) في الوافي : «قد اديل من العمران ، من الدولة ، أي صار الخراب عمرانا والعمران خرابا». وفي المرآة : «الإدالة : الغلبة. ويقال : أدالنا الله من عدونا ، أي غلبنا عليهم. ولعل المراد كثرة الخراب وقلة العمران». وراجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ١٤١ (دول).

(١٠) في «جت» : + «طلب».

(١١) البخس : الناقص ، والنقص ، والظلم. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ٩٠٧ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧٣١ (بخس).

١١٣

الدماء يستخف بها ، ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض(١) الدنيا ، ويشهر نفسه بخبث اللسان ليتقى وتسند(٢) إليه الأمور ، ورأيت الصلاة قد استخف(٣) بها ، ورأيت الرجل عنده المال الكثير(٤) لم يزكه منذ ملكه ، ورأيت الميت ينشر(٥) من قبره ويؤذى وتباع أكفانه ، ورأيت الهرج(٦) قد كثر ، ورأيت الرجل(٧) يمسي نشوان(٨) ويصبح سكران ، لايهتم بما(٩) الناس فيه ، ورأيت البهائم تنكح ، ورأيت البهائم تفرس(١٠) بعضها بعضا ، ورأيت الرجل يخرج إلى مصلاه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه ، ورأيت قلوب الناس قد(١١) قست ، وجمدت أعينهم ، وثقل الذكر عليهم ، ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه ، ورأيت المصلي إنما يصلي ليراه الناس ، ورأيت الفقيه يتفقه لغير الدين يطلب الدنيا والرئاسة ، ورأيت الناس مع من(١٢) غلب ، ورأيت طالب الحلال يذم ويعير ، وطالب

__________________

(١) في «د ، ع ، ل ، بح ، بن ، جد» وحاشية «م ، جت» : «بعرض». وفي «م ، جت» وحاشية «د ، جد» : «لغرض». والعرض بالتحريك : متاع الدنيا وحطامها. النهاية ، ج ٣ ، ص ٢١٤ (عرض).

(٢) في «م ، ن ، بح ، جد» والوافي والمرآة : «ويسند». وفي «جت» بالتاء والياء معا. وفي «بف» : «وتستند».

(٣) في «ن» : «قد استخفت». وفي «بن» : «يستخف» بدل «قد استخف».

(٤) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوسائل والبحار. وفي المطبوع والوافي : + «ثم».

(٥) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوسائل والبحار. وفي «بف» وحاشية «ن» : «نبش». وفي المطبوع وشرح المازندراني والوافي : «ينبش».

(٦) «الهرج» : الفتنة ، والاختلاط ، والقتل. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٥٠ (هرج).

(٧) في شرح المازندراني : «الناس».

(٨) النشوة : السكر ، ورجل نشوان ، أي سكران بين النشوة. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٧٩٥ ؛ الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥١٠ (نشا).

(٩) في البحار : + «يقول».

(١٠) هكذا في «د ، م ، ن ، بف ، جت ، جد» والبحار. وفي حاشية «جت» : «يفترس». وفي سائر النسخ والمطبوع : «يفرس». وفي شرح المازندراني : «يقال : أفرس الرجل الأسد حماره ، إذا تركه له ليفترسه. وفي بعض النسخ : يورش بعضها بعضا ، وهو الأظهر ، والتوريش : التحريش ، وهو الإغراء بين البهائم». وفي الوافي : «الفرس في الأصل : دق العنق ، ثم استعمل في كل قتل. وفي بعض النسخ : يورش ، من التوريش بمعنى التحريش ، وكأنه الصواب». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧٧١ (فرس).

(١١) في «بف» : ـ «قد».

(١٢) في «بح» : + «قد».

١١٤

الحرام يمدح ويعظم ، ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما(١) لايحب الله ، لايمنعهم مانع ، ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح(٢) أحد ، ورأيت المعازف(٣) ظاهرة في الحرمين ، ورأيت الرجل يتكلم بشيء من الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فيقوم إليه من ينصحه في نفسه(٤) ، فيقول(٥) : هذا عنك موضوع ، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ، ويقتدون بأهل الشرور(٦) ، ورأيت مسلك الخير(٧) وطريقه خاليا لا يسلكه أحد ، ورأيت الميت يهزأ به(٨) ، فلا يفزع له أحد(٩) ، ورأيت كل عام يحدث فيه من الشر والبدعة(١٠) أكثر مما كان ، ورأيت الخلق(١١) والمجالس لايتابعون إلا الأغنياء ، ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ، ويرحم لغير وجه الله ، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها(١٢) أحد(١٣) ، ورأيت الناس يتسافدون(١٤) كما يتسافد(١٥) البهائم ،

__________________

(١) في الوافي : «مما».

(٢) في «بح» : «بالقبيح».

(٣) «المعازف» : الملاهي ، كالعود والطنبور والدفوف وغيرها مما يضرب ، من العزف ، وهو اللعب بالمعازف ، وقيل : إن كل لعب عزف. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٣٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١١٤ (عزف).

(٤) في شرح المازندراني : «فيقوم إليه من ينصحه في نفسه ، أي بزعمه ، وإلا فهو بعيد عن حقيقة النصيحة ؛ إذ هي طلب الخير للمنصوح وهذا يطلب الشرله».

(٥) في الوسائل : «ويقول».

(٦) في «ن ، بف» وحاشية «د ، بح» والوافي : «الشر».

(٧) في حاشية «بح» : «الحق».

(٨) في الوافي عن بعض النسخ : «يمر به».

(٩) في شرح المازندراني : «ورأيت الميت يهزأ به فلا يفزع له أحد ، أي يذكر بالخناء والفحش والخطأ والغيبة وغيرها مما يدل على قبح حاله ، فلا يفزع له ولا يغيثه ولا يدفع عنه أحد. وفي النهاية : الفزع : الخوف في الأصل ، فوضع موضع الإغاثة والنصرة ؛ لأن من شأنه الإغاثة والدفع عن الحريم مراقب حذر». وراجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٤٣ (فزع).

(١٠) في «ن» والبحار : «البدعة والشر».

(١١) في «بن» : «الحلق».

(١٢) في «بف» : «بها».

(١٣) في «د ، ع ، ل ، بن» : ـ «أحد».

(١٤) «يتسافدون» ، من السفاد ، وهو نزو الذكر على الانثى ، أي وثبه ونهوضة عليها طلبا للذة وقضاء للشهوة ، يكون في الماشي والطائر. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٨٩ ؛ لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٢١٨ (سفد).

(١٥) في «بح ، بن ، جت ، جد» وشرح المازندراني والوسائل : «تتسافد». وفي «د ، ع ، ل ، ن ، بف» وحاشية «بح» والوافي والبحار : «تسافد».

١١٥

لاينكر(١) أحد منكرا تخوفا من الناس ، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله ، ويمنع اليسير في طاعة الله ، ورأيت العقوق(٢) قد ظهر ، واستخف بالوالدين ، وكانا من أسوإ الناس حالا عند الولد ، ويفرح بأن يفتري عليهما ، ورأيت النساء وقد(٣) غلبن على الملك ، وغلبن على كل أمر ، لايؤتى إلا ما لهن فيه هوى ، ورأيت ابن(٤) الرجل يفتري على أبيه ، ويدعو على والديه ، ويفرح بموتهما(٥) ، ورأيت الرجل إذا مر به يوم ولم يكسب(٦) فيه(٧) الذنب العظيم ـ من فجور ، أو بخس مكيال ، أو ميزان ، أو غشيان حرام(٨) ، أو شرب مسكر ـ كئيبا(٩) حزينا يحسب(١٠) أن ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره ، ورأيت(١١) السلطان يحتكر الطعام ، ورأيت أموال ذوي القربى تقسم في الزور(١٢) ،

__________________

(١) في الوسائل : «ولا ينكر».

(٢) «العقوق» : ترك الإحسان ، وهو ضد البر ، وأصله من العق بمعنى الشق والقطع. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٧٧ ؛ المصباح المنير ، ص ٤٢٢ (عقق).

(٣) في «م ، بح ، بن» : «قد» بدون الواو.

(٤) في الوافي : ـ «ابن».

(٥) في «ع ، ل ، بن ، جت» : «لموتهما». وفي شرح المازندراني : «هذا نوع خاص من العقوق ، فذكره بعدها على بعض الاحتمال للاهتمام بذمه».

(٦) في «بف ، بن» وحاشية «بح» والوافي : «ولم يكتسب».

(٧) في «بن» : «به».

(٨) في شرح المازندراني : «التقابل بين الجميع ظاهر إلابين الفجور وغشيان حرام. ويمكن أن يراد بالأول الكذب والافتراء ، وبالثاني الإتيان بحرام ؛ من غشيه ، كرضيه غشيانا : إذا أتاه ، فيكون تعميما بعد تخصيص ؛ لأن الحرام يشمل الكذب وغيره. وأن يراد بالأول الذنوب مطلقا ، وبالثاني الزنى ؛ من غشي امرأة : إذا جامعها ، فيكون من باب ذكر الخاص بعد العام». وراجع : المصباح المنير ، ص ٤٤٨ (غشي).

(٩) الكآبة والكأبة : سوء الحال وتغير النفس بالانكسار من شدة الهم والحزن ، يقال : كئب يكأب كأبا وكأبة وكآبة ، واكتأب اكتئابا ، أي حزن واغتم وانكسر ، فهو كئب وكئيب. راجع : لسان العرب ، ج ١ ، ص ٦٩٤ (كأب).

(١٠) في «بن» : «يرى».

(١١) في «ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بن ، جد» والوسائل : «وإذا رأيت».

(١٢) في شرح المازندراني : «الزور : الكذب ، والشرك بالله ، والقوة والغلبة. و «في» بمعنى الباء ، أي بسبب كذبهم في أنها أموالهم ، أو بسبب شركهم بالله ، أو بسبب قوتهم واستيلائهم». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٦٧ (زور).

١١٦

ويتقامر(١) بها ، ويشرب(٢) بها الخمور ، ورأيت الخمر يتداوى بها ، وتوصف(٣) للمريض ، ويستشفى بها ، ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك التدين به ، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق(٤) دائمة(٥) ، ورياح أهل الحق لا تحرك(٦) ، ورأيت الأذان بالأجر ، والصلاة بالأجر ، ورأيت المساجد محتشية(٧) ممن لا يخاف الله ، مجتمعون(٨) فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحق ، ويتواصفون(٩) فيها شراب(١٠) المسكر(١١) ، ورأيت السكران يصلي بالناس وهو لايعقل ، ولا يشان(١٢) بالسكر ، وإذا

__________________

(١) في حاشية «د» : «ويتفاخر».

(٢) هكذا في «د ، م ، ن ، بح ، بف ، جت ، جد» والوافي والوسائل والبحار. وفي سائر النسخ والمطبوع : «وتشرب».

(٣) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي والوسائل والبحار. وفي «بح» والمطبوع : «ويوصف».

(٤) في شرح المازندراني : ـ «وأهل النفاق».

(٥) هكذا في «د ، ل ، م ، بح ، بف ، بن ، جد» وحاشية «ن ، جت» وشرح المازندراني والوافي والوسائل والبحار. وفي سائر النسخ والمطبوع : «قائمة». وفي الوافي : «ودوام رياح المنافقين أو قيامها ـ على اختلاف النسخ ـ كناية عن انتظار أمرهم ونفاق نفاقهم. ونظيره عدم تحرك رياح اهل الحق ، فهو كفاية عن تشويش أمرهم وكساد حقهم».

(٦) في «ن» : «لا يتحرك». وفي شرح المازندراني : «لا تحرك ، أي لا تتحرك بحذف إحدى التاءين ، شبه الغلبة والقوة والنصرة والدولة بالريح واستعار لها لفظه ، والوجه انتشارها وسرعة سيرها في الأقطار ، ورشحها بذكر الحركة». وفي الوافي : «دوام رياح المنافقين أو قيامها ـ على اختلاف النسخ ـ كناية عن انتظام أمرهم ونفاق نفاقهم ، ونظيره عدم تحرك رياح أهل الحق ، فهو كناية عن تشويش أمرهم وكساد حقهم». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٣٥ (روح).

(٧) «محتشية» أي ممتلئة. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٦٧٣ (حشو).

(٨) في «بن» وحاشية «بح» وشرح المازندراني والوافي : «يجتمعون».

(٩) في «بن» : «يتواصفون» بدون الواو.

(١٠) في «جت» : «شرب».

(١١) في شرح المازندراني : «يتواصفون شراب المسكر ، بتخفيف الراء ، أي يذكرون فيها أوصاف الشراب المسكروخواصه وفوائده وكيفية تأثيره في البدن والروح وحصول النشاط منه ، إلى غير ذلك من المرغبات فيه والمحركات إلى شربه. ويحتمل تشديد الراء ، أي يصفون شاربه ويمدحونه».

(١٢) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : ولا يشان ، من الشين ، أي العيب ، أي لا يعاب ؛ أو من الشأن بالهمزه بمعنى القصد ،

١١٧

سكر أكرم واتقي وخيف وترك لايعاقب ، ويعذر بسكره ، ورأيت من أكل(١) أموال اليتامى يحمد(٢) بصلاحه ، ورأيت القضاة يقضون بخلاف(٣) ما أمر الله(٤) ، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع ، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسق(٥) والجرأة على الله ، يأخذون منهم ويخلونهم وما يشتهون ، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمر ، ورأيت الصلاة قد استخف بأوقاتها ، ورأيت الصدقة بالشفاعة لايراد بها وجه الله ويعطى(٦) لطلب الناس ، ورأيت الناس همهم(٧) بطونهم وفروجهم ، لايبالون بما أكلوا وما(٨) نكحوا ، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم ، ورأيت أعلام الحق قد درست ، فكن على حذر(٩) ، واطلب إلى(١٠) الله ـعزوجل ـ النجاة.

واعلم أن الناس في سخط اللهعزوجل ، وإنما يمهلهم(١١) لأمر يراد بهم ، فكن مترقبا(١٢) ، واجتهد ليراك الله ـعزوجل ـ في خلاف ما هم عليه ، فإن(١٣) نزل بهم العذاب وكنت فيهم ، عجلت إلى رحمة الله ، وإن أخرت ابتلوا ، وكنت قد خرجت مما(١٤)

__________________

أي لا يقصد لأن ينهى عنه».

(١) في «ن ، بف» والوافي : «يأكل».

(٢) في «د ، ع ، ل ، ن ، بن ، جت» وحاشية «م ، بح» والوسائل والبحار : «يحدث».

(٣) في حاشية «م ، جد» : «بغير».

(٤) في «ن» : + «به».

(٥) هكذا في «ع ، ل ، ن ، بح ، بف ، بن ، جد» وحاشية «د ، جت» الوافي والوسائل. وفي سائر النسخ والمطبوع : «لأهل الفسوق».

(٦) في «د ، م ، ن ، بح ، جت» والبحار : «وتعطى».

(٧) في «ن ، بف» وحاشية «د ، بح» والوافي : «همتهم». وفي حاشية «جت» : «هممهم».

(٨) في «بح» والبحار : «وبما».

(٩) في شرح المازندراني : «فكن على حذر ، من الله تعالى ، أو منهم ، أو من نفسك ؛ لئلا تصير مثلهم. وهو جزاء لقوله : فإذا رأيت الحق قدمات ، وما عطف عليه».

(١٠) في حاشية «بح» : «من».

(١١) في الوافي : «يمهل لهم».

(١٢) في حاشية «بح» : «مرتقبا».

(١٣) في «ن» : «وإن».

(١٤) في «جت» : «عما».

١١٨

هم فيه من الجرأة على اللهعزوجل ، واعلم أن الله لايضيع أجر المحسنين ، وأن رحمة الله قريب من المحسنين».(١)

حديث موسىعليه‌السلام

١٤٨٢٣ / ٨. علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن علي بن عيسى رفعه ، قال :

«إن موسىعليه‌السلام ناجاه الله ـ تبارك وتعالى ـ فقال له في مناجاته :

يا موسى ، لايطول(٢) في الدنيا أملك ، فيقسو لذلك(٣) قلبك ، وقاسي القلب مني بعيد.

يا موسى ، كن كمسرتي(٤) فيك ، فإن مسرتي أن أطاع فلا أعصى ، وأمت(٥) قلبك بالخشية ، وكن خلق الثياب ، جديد القلب ، تخفى على أهل الأرض ، وتعرف في أهل(٦) السماء ، حلس(٧) البيوت ، مصباح الليل ، واقنت بين يدي قنوت(٨) الصابرين ، وصح إلي

__________________

(١) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٤٥١ ، ح ٢٥٥٤٢ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٢٧٥ ، ح ٢١٥٥٤ ، من قوله : «ألا تعلم أن من انتظر أمرنا وصبر على ما يرى من الأذى والخوف» ؛ البحار ، ج ٥٢ ، ص ٢٥٤ ، ح ١٤٧.

(٢) في «ن ، بح ، بف ، بن ، جد» والوافي والكافي ، ح ٢٦٤٧ : «لا تطول». وفي تحف العقول : «لا تطل».

(٣) في شرح المازندراني : «بذلك».

(٤) في الوافي : «لمسرتي». وفي شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٣١٠ : «سيأتي مثل هذه العبارة في حديث عيسىعليه‌السلام وفيه : كن لمسرتي ، باللام ، وهو أظهر ، والمآل واحد ، والله يعلم».

(٥) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي والبحار ، ج ٧٧. وفي المطبوع : «فأمت».

(٦) في «د ، ع ، ل ، م ، بف ، بن ، جت ، جد» : ـ «أهل».

(٧) في شرح المازندراني عن بعض النسخ : «جليس». والحلس ـ بالكسر والتحريك ـ : ما يبسط في البيت تحت حر الثياب ، أي فاخرها ، ويقال : هو حلس بيته ، إذا لم يبرح مكانه ، فالمراد لزوم البيت وعدم الخروج منه إلابقدر الضرورة. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ٩١٩ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧٤٠ (حلس).

(٨) القنوت : الطاعة ، والخشوع ، والصلاة ، والدعاء ، والعبادة والقيام ، وطول القيام. راجع : الصحاح ، ج ١ ،

١١٩

من كثرة الذنوب صياح المذنب(١) الهارب من عدوه ، واستعن بي على ذلك ، فإني نعم العون ، ونعم المستعان.

يا موسى ، إني أنا الله فوق العباد ، والعباد دوني ، وكل لي داخرون(٢) ، فاتهم نفسك على نفسك ، ولا تأتمن(٣) ولدك على دينك إلا أن يكون ولدك مثلك يحب الصالحين.

يا موسى ، اغسل(٤) واغتسل ، واقترب من عبادي الصالحين.

يا موسى ، كن إمامهم في صلاتهم ، وإمامهم فيما يتشاجرون ، واحكم بينهم(٥) بما أنزلت عليك فقد أنزلته حكما بينا ، وبرهانا نيرا ، ونورا ينطق بما كان(٦) في الأولين ، وبما(٧) هو كائن في الآخرين.

أوصيك يا موسى وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى ابن مريم صاحب الأتان(٨) والبرنس(٩) والزيت والزيتون والمحراب ، ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر(١٠) الطيب الطاهر المطهر ، فمثله(١١) في كتابك أنه مؤمن مهيمن(١٢) على الكتب كلها ، وأنه

__________________

ص ٢٦١ ؛ النهاية ، ج ٤ ، ص ١١١ (قنت).

(١) في «د ، ع ، ل ، م ، بف ، بن ، جد» وشرح المازندراني : ـ «المذنب».

(٢) «داخرون» أي أذلاء وصاغرون. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٥٥ (دخر).

(٣) في حاشية «د ، ن ، بح» والوافي : «ولا تأمن».

(٤) في «م ، ن ، جت» وحاشية «بح» : «صل».

(٥) في الوافي : ـ «بينهم». وفي تحف العقول : + «بالحق».

(٦) في «ع ، ل ، بن ، جت» وتحف العقول : ـ «كان».

(٧) في «بن» : «وما».

(٨) «الأتان» : الحمارة الانثى خاصة ، وأما الحمار فيقع على الذكر والانثى. النهاية ، ج ١ ، ص ٢١ (أتن).

(٩) قال الجوهري : «البرنس : قلنسوة طويلة وكان النساك يلبسونها في صدر الإسلام». وقال ابن الأثير : «هو كل ثوب رأسه منه ملتزق به من دراعة ، أو جبة ، أو ممطر ، أو غيره وهو من البرس بكسر الباء : القطن ، والنون زائدة ، وقيل : إنه غير عربي». الصحاح ، ج ٣ ، ص ٩٠٨ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ١٢٢ (برنس).

(١٠) في الوافي : «المراد بصاحب الجمل الأحمر نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(١١) مثل الشيء : صفته. الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨١٦ (مثل).

(١٢) المهيمن : الأمين ، والمؤتمن ، والشاهد ، والرقيب الحافظ ، والقائم بالأمر ؛ من الأمن ، أو من الهيمنة.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909