الكافي الجزء ١٥

الكافي8%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 82401 / تحميل: 4841
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

بخلاف الغرس(١) .

فإن قال صاحب الغرس : لا تقلعه وعلَيَّ أُجرة الأرض ، لم يُجبر صاحب الأرض عليه ؛ لأنّ أحداً لا يملك الانتفاع بملك غيره بأُجرته إلّا برضاه.

ولو انعكس الفرض ، فقال صاحب الأرض : أقرّه في الأرض وادفع إلَيَّ الأُجرة ، وقال الغارس : اقلعه وعليك ما نقص ، لم تجب إجابته ؛ لأنّ صاحب الغرس لا يُجبر على اكتراء الأرض له.

ولو قال صاحب الأرض : خُذْ قيمته ، وقال الغارس : بل أقلعه وعلَيَّ ما نقص ، فالقول قول الغارس ؛ لأنّا لا نجبره على بيع ماله.

ولو قال ربّ الأرض : اقلعه وعلَيَّ ما نقص ، وقال الغارس : ادفع إلَيَّ قيمته ، قدّم قول صاحب الأرض ؛ لأنّا لا نجبره على ابتياع مال غيره.

ولو قال ربّ الأرض : خُذ القيمة ، وقال الغارس : خُذ الأُجرة وأقرّه في الأرض ، أو قال الغارس : ادفع إلَيَّ قيمته ، وقال ربّ المال : ادفع إلَيَّ الأُجرة وأقرّه ، لم يُجبَر واحد منهما على ذلك.

مسألة ٢١٦ : إذا أذن المالك للعامل في التصرّف وأطلق ، اقتضى الإطلاق فعل ما يتولّاه المالك من عرض القماش على المشترين والراغبين ونشره وطيّه وإحرازه وبيعه وقبض ثمنه وإيداعه الصندوق واستئجار ما يعتاد للاستئجار له ، كالدلّال والوزّان والحمّال.

ولو استأجر لما يجب عليه مباشرته ، كانت الأُجرة عليه خاصّةً ، ولو‌ عمل بنفسه ما يستأجر له عادةً ، لم يستحق أُجرةً ؛ لأنّه متبرّع في ذلك ،

____________________

(١) راجع : التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٩ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٣ ، وروضة الطالبين ٣ : ١٩٩.

٤١

وفي الأوّل استأجر لما يجب عليه فعله ، فتكون الأُجرة عليه.

مسألة ٢١٧ : لو خصّص المالك الإذنَ ، تخصّص ، فلا يجوز للعامل التعدّي ، فإن خالف ضمن ، ولا يبطل القراض بالتخصيص ، فلو قال له : لا تشتر إلّا من رجلٍ بعينه ، أو سلعة بعينها ، أو لا تبع إلّا على زيد ، أو لا تشتر إلّا ثمرة بستانٍ معيّن ، أو نخلة بعينها ، أو لا تشتر إلّا ثوباً بعينه ، جاز ، ولزم هذا الشرط ، وصحّ القراض ، سواء كان وجود ما عيّنه عامّاً في الأصقاع والأزمان ، أو في أحدهما ، أو خاصّاً فيهما ، وسواء قلّ وجوده وعزّ تحصيله وكان نادراً ، أو كثر ، عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة وأحمد(١) - لأنّه لـمّا جاز أن تكون المضاربة خاصّةً في نوعٍ جاز أن تكون خاصّةً في رجلٍ بعينه أو سلعةٍ بعينها ، كالوكالة.

ولما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : في الرجل يعطي الرجل مضاربةً فيخالف ما شرط عليه ، قال : « هو ضامن ، والربح بينهما »(٢) .

وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يعطي المال مضاربةً وينهى أن يخرج به ، فيخرج به ، قال : « يضمن المال ، والربح بينهما »(٣) .

وفي الصحيح عن رجلٍ(٤) عن الصادقعليه‌السلام : في رجلٍ دفع إلى رجلٍ‌

____________________

(١) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٢ ، بدائع الصنائع ٦ : ٩٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٣١ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٨٧ / ٣٤٥٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٠٤ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٣٨ ، الاستذكار ٢١ : ١٤١ / ٣٠٨١٥ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٥ / ١٢٤٩ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، المغني ٥ : ١٨٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٢٥.

(٢) التهذيب ٧ : ١٩٠ / ٨٣٨.

(٣) التهذيب ٧ : ١٨٩ / ٨٣٦.

(٤) كذا قوله : « رجل » في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة ، وبدله في المصدر : « جميل ».

٤٢

مالاً يشتري به ضرباً من المتاع مضاربةً ، فذهب فاشترى غير الذي أمره ، قال : « هو ضامن ، والربح بينهما على ما شرط »(١) .

وقال الشافعي ومالك : يشترط في صحّة القراض أن لا يضيّق المالك على العامل بالتعيين ، فلو عيّن المالك نوعاً بعينه ، فإن كان ممّا يندر وجوده كالياقوت الأحمر والخَزّ الأدكن والخيل البُلق والصيد حيث يوجد نادراً ، فسد القراض ؛ لأنّ هذا تضييق يُخلّ بمقصوده ، وهو التقليب وطلب الربح.

وإن لم يكن نادرَ الوجود فإن كان ممّا يدوم شتاءً وصيفاً - كالحبوب والحيوان والخَزّ والبَزّ - صحّ القراض ، وإن لم يدم كالثمار الرطبة ، فوجهان ، أحدهما : إنّه لا يجوز ، كما إذا قارضه مدّةً معيّنة ، ومَنَعه من التصرّف بعدها.

ولو قال : لا تشتر إلّا من رجلٍ بعينه ، أو سلعة بعينها ، لم يصح القراض - وبه قال مالك - لأنّ ذلك [ يمنع ](٢) مقصود القراض ، وهو التقليب وطلب الربح ، لأنّه إذا لم يشتر إلّا من رجلٍ بعينه فإنّه قد لا يبيعه ، وقد يطلب منه أكثر من ثمنه ، وكذا السلعة ، وإذا كان كذلك لم يصح ، كما لو قال : لا تبع ولا تشتر إلّا من فلان(٣) .

والجواب : نمنع كون هذا الشرط مانعاً من مقصود القراض.

نعم ، إنّه يكون مخصّصاً للإطلاق ، وذلك جائز بالإجماع ، فكذا هنا.

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٩٣ / ٨٥٣.

(٢) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٣١٤ - ٣١٦ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٦ - ١٩٧ ، الوسيط ٤ : ١٠٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، البيان ٧ : ١٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠١ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٨٧ / ٣٤٥٥ ، الاستذكار ٢١ : ١٤١ / ٣٠٨١٣ ، و ١٤٢ / ٣٠٨١٨ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٣٨ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٤ / ١٢٤٩ ، المغني ٥ : ١٨٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٢٥ - ١٢٦.

٤٣

فروع :

أ - لو شرط أن لا يشتري إلّا نوعاً بعينه ، وذلك النوع يوجد في بعض السنة وينقطع ، جاز عندنا وعند أكثر الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : لا يجوز(٢) ؛ لأنّ الشافعي قال بعد هذه المسألة : وإن اشترط أن يشتري صيداً موجوداً كما إذا قارضه مدّةً وشرط أنّها إذا انقضت لا يبيع ولا يشتري ، فإنّه لا يصحّ القراض(٣) .

والصحيح عندهم : الأوّل(٤) ؛ لأنّ ذلك لا يمنع مقصود المضاربة ، بخلاف ما إذا قدّره بمدّةٍ ؛ لأنّه قد تنقضي المدّة وبيده أعيان لا فائدة فيها إلّا ببيعها ، فإذا منعه البيع تعذّر المقصود بالمضاربة ، وما ذكرناه لا يوجد فيه ذلك ، فافترقا ، على أنّا نمنع بطلان القراض مع الاقتران بالمدّة ، أقصى ما في الباب أنّ هذا التأقيت لا يفيد إلّا منع العامل من العمل بعدها ،

ب - لو قال : اشتر هذا الشي‌ء - وكان ممّا ينقطع - فإذا انقطع فتصرَّف في كذا ، جاز.

أمّا عندنا : فظاهر.

وأمّا عند الشافعي : فلدوام القراض(٥) .

ج - لا فرق عندنا بين أن يقول : لا تشتر إلّا هذه السلعة وإلّا هذا العبد ، وبين أن يقول : لا تشتر هذا العبد ولا هذه السلعة في الجواز.

____________________

(١ و ٢ و ٤) حلية العلماء ٥ : ٣٤٥.

(٣) لم نهتد إلى مظانّه فيما بين أيدينا من المصادر.

(٥) راجع : بحر المذهب ٩ : ١٩٧ ، والتهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ - ٣٨٥ ، والبيان ٧ : ١٧٣ ، والعزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، وروضة الطالبين ٤ : ٢٠١.

٤٤

ومَنَع الشافعي من الأوّل - كما تقدّم(١) - دون الثاني ؛ لأنّ للعامل السعي فيما سواهما ، وهو كثير لا ينحصر(٢) .

د - لا فرق عندنا بين أن يقول المالك : لا تبع إلّا من فلان ولا تشتر إلّا من فلان ، وبين أن يقول : لا تبع من فلان ، أو لا تشتر منه في جواز القراض ووجوب الامتثال.

وفرّق أكثر الشافعيّة فجوّزوا الثاني دون الأوّل(٣) على ما مرّ(٤) .

وقال بعضهم : إنّ الثاني لا يجوز أيضاً كالأوّل(٥) .

ه - لا فرق بين أن يعيّن شخصاً للمعاملة وسلعةً للشراء لا ينقطع عنده المتاع الذي يتّجر على نوعه غالبا ، وبين شخصٍ ينقطع عنده ذلك المتاع الذي يتّجر على نوعه غالباً في جواز القراض معهما.

وأكثر الشافعيّة على عدم الفرق في عدم الجواز معهما(٦) .

وقال بعض الشافعيّة : يجوز في الأوّل دون الثاني ، فقال : إذا كان الشخص - الذي نصّ المالك على تعيين المعاملة معه - بيّاعاً لا ينقطع عنده المتاع الذي يتّجر على نوعه غالباً ، جاز تعيينه(٧) .

مسألة ٢١٨ : يجوز للمالك أن يطلق المشيئة إلى العامل في شراء أيّ نوعٍ شاء وبيع أيّ نوعٍ أراد ، ولا يشترط في صحّة القراض تعيين نوعٍ يتصرّف فيه العامل ؛ لأنّ الغرض تحصيل الفائدة والاسترباح ، فربما رأى العامل المصلحة في نوعٍ يخفى عن المالك ، فكان له أن يفوّض الأمر إليه‌

____________________

(١) في ص ٤٢.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠١.

(٣ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠١.

(٤) في ص ٤٢.

(٦ و ٧) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠١.

٤٥

تحصيلاً للغاية الذاتيّة.

وللشافعيّة قولان في اشتراط تعيين نوعٍ يتصرّف فيه العامل ، كالخلاف في الوكالة.

والظاهر عندهم : إنّه لا يشترط ؛ لأنّ الوكالة نيابة محضة ، والحاجة تمسّ إليها في الأشغال الخاصّة ، والقراض معاملة يتعلّق بها غرض كلّ واحدٍ من المتعاقدين ، فمهما كان العامل أبسط يداً كان أفضى إلى مقصودها(١) .

ونحن نجوّز تعميم المشيئة للوكيل.

مسألة ٢١٩ : لا خلاف في أنّه إذا جرى تعيين صحيح ، لم يكن للعامل مجاوزته ، ولا له العدول عنه ، كما في سائر التصرّفات المستفادة من الإذن ، فإن تجاوز ضمن ، وإن ربح كان الربح بينهما على ما شرطاه ؛ لما تقدّم(٢) من الروايات.

ولما رواه أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يعطي الرجل مالاً مضاربةً وينهاه عن أن يخرج به إلى أرض أُخرى ، فعصاه ، فقال : « هو له ضامن ، والربح بينهما إذا خالف شرطه وعصاه »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فالإذن في البزّ يتناول كلّ ما يُلبس من المنسوج من الإبريسم أو القطن أو الكتّان أو الصوف ، ولا يتناول البُسُط والفُرُش.

وفي الأكسية احتمال ؛ لأنّها ملبوسة ، لكن بائعها لا يُسمّى بزّازاً.

والأقرب : اتّباع الاسم.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ - ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٢) في ص ٤١ - ٤٢.

(٣) تقدّم تخريجه في ص ٨ ، الهامش (٩)

٤٦

وللشافعيّة فيه وجهان(١) .

مسألة ٢٢٠ : قد بيّنّا أنّ المضاربة عقد جائز من الطرفين لكلٍّ منهما فسخها متى شاء ، وهي تتضمّن تصرّف العامل في رقبة مال ربّ المال بإذنه ، فكان جائزاً كالوكالة ، فلا معنى للتأقيت فيها ، ولا يعتبر فيها بيان المدّة ، بخلاف المساقاة ؛ لأنّ العامل في المساقاة لا يتصرّف في رقبة المال ، وإنّما يعمل في إصلاح المال ، ولهذا افتقرت المساقاة إلى مدّةٍ معلومة ، والمقصود من المساقاة الثمرة ، وهي تنضبط بالمدّة ، فإنّ للثمرة أمداً معيّناً ووقتاً مضبوطاً ، أمّا المقصود من القراض فليس له مدّة مضبوطة ، فلم يشترط فيه التأقيت.

إذا عرفت هذا ، فلو وقّت القراض فقال : قارضتك على هذا المال سنةً ، فلا يخلو إمّا أن يُطلق أو يُقيّد.

فإن أطلق واقتصر ، لم يلزم التأقيت ، ولكلٍّ من المالك والعامل فسخ القراض قبل السنة.

نعم ، إنّه يفيد منع العامل بعد ذلك من التصرّفات إلّا بإذنٍ مستأنف ؛ لأنّ الأصل عصمة مال الغير ، ومنع الغير من التصرّف فيه إلّا بإذن مالكه ، والإذن لم يقع عامّاً ، فيتبع ما عيّنه المالك.

وإن قيّد فقال : قارضتك سنةً فإذا انقضت لا تبع ولا تشتر ، فالأقوى(٢) عندي : الجواز ؛ عملاً بالشرط ، ولأنّه مقتضى الإطلاق.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣١٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٧ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٥ ، البيان ٧ : ١٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٢) في « ث ، ج ، ر » : « فالأقرب » بدل « فالأقوى ».

٤٧

وقال الشافعي : يبطل القراض ؛ لأنّه شرط شرطاً فاسداً فأفسده ؛ لأنّ عقد القراض يقع مطلقاً ، فإذا شرط قطعه لم يصح ، كالنكاح ، ولأنّ هذا الشرط ليس من مقتضى العقد ، ولا له فيه مصلحة ، فلم يصح ، كما لو قال : على أن لا تبع ، وإنّما لم يكن من مقتضاه ؛ لأنّ القراض يقتضي ردّ رأس المال تامّاً ، فإذا منعه من التصرّف لم يكن له ذلك ، ولأنّ هذا الشرط يؤدّي إلى الإضرار بالعامل وإبطال غرضه ؛ لأنّ الربح والحظّ قد يكون في تبقية المتاع وبيعه بعد سنةٍ ، فيمنع ذلك مقتضاه(١) .

ونحن نمنع فساد العقد ؛ فإنّه المتنازع. نعم ، إنّه لا يلزم وقوع العقد مطلقاً ، ولا ينافي قطعه بالشرط ، كسائر الشروط في العقود ، والمقيس عليه ممنوع على ما يأتي ، وإنّما يقتضي القراض ردّ رأس المال لو لم يمنعه المالك ، وبالشرط قد منعه ، وإضرار العامل ينتفي بدفع أُجرته إليه ، ومراعاة مصلحة العامل كمراعاة مصلحة المالك ، فقد يكون المالك محتاجاً إلى رأس ماله.

مسألة ٢٢١ : لو قال : قارضتك سنةً على أنّي لا أملك منعك فيها ، فسد القراض ؛ لأنّ القراض من العقود الجائزة لكلٍّ من المتعاقدين فسخه ، فلا يجوز أن يشترط فيه لزومه ، كالشركة والوكالة ؛ لأنّه شرط ما ينافي مقتضى العقد ، وكذا لو قال : قارضتك سنةً على أنّي(٢) لا أملك الفسخ قبل‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣١١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٥ ، الوجيز ١ : ٢٢٢ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٣ ، البيان ٧ : ١٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢ ، المغني ٥ : ١٨٥ - ١٨٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٨.

(٢) في « خ » والطبعة الحجريّة : « أن » بدل « أنّي ».

٤٨

انقضائها ، وبه قال الشافعي(١) أيضاً.

ولو قال : قارضتك سنةً فإذا انقضت السنة فلا تشتر بعدها وبِعْ ، صحّ القراض ، وبه قال الشافعي(٢) أيضاً ، وكذا لو قال : قارضتك سنةً على أن لا تشتر بعد السنة ولك البيع ؛ لأنّ لصاحب المال أن يرجع عن القراض أيّ وقتٍ شاء ، ويتمكّن من منع العامل من الشراء مهما شاء ، فإذا شرط منعه من الشراء ، كان قد شرط ما يقتضيه الإطلاق ، فلا يمنع ذلك صحّة العقد.

ولو قال : قارضتك سنةً فإذا مضت فلا تبع بعدها ، فالأقرب : الصحّة.

وقال الشافعي : إنّه يبطل ، وصار كما لو شرط منعه من التصرّف مطلقاً بعد السنة ؛ لأنّه يُخلّ بمقصود العقد ، ويخالف مقتضاه.

أمّا أنّه يُخلّ بالمقصود : فلأنّه قد لا يجد راغباً في المدّة ، فلا تحصل التجارة والربح.

وأمّا مخالفة مقتضاه : فلأنّه قد يكون عنده عروض عند انقضاء السنة ، وقضيّة عقد القراض أن ينضّ العامل ما في يده في آخر الآمر ليتميّز رأس المال عن الربح(٣) .

وقد بيّنّا أنّ للعامل مع فسخ العقد الأُجرة ، وهو يدفع المحاذير.

ولو قال : قارضتك سنةً ، وأطلق ، فقد بيّنّا الجواز عندنا ، وعدم‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣١١ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، البيان ٧ : ١٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣١٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، البيان ٧ : ١٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٣) الوسيط ٤ : ١٠٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

٤٩

اللزوم.

وللشافعيّة وجهان :

أصحّهما عندهم : المنع ؛ لأنّ قضيّة انتفاء القراض امتناع التصرّف بالكلّيّة ، ولأنّ ما يجوز فيه الإطلاق من العقود لا يجوز فيه التأقيت ، كالبيع والنكاح.

والثاني : يجوز ، ويُحمل على المنع من الشراء دون البيع ، استدامةً للعقد(١) .

على أنّ لهم وجهاً ضعيفاً فيما إذا قارضه سنةً وشرط أن لا يشتري بعدها ، قاضياً بالبطلان ؛ لأنّ ما وضعه على الإطلاق من العقود لا يجوز فيه التأقيت(٢) .

لكن المعتمد عندهم : الجواز(٣) .

تذنيب : لو قال : قارضتك الآن ولكن لا تتصرّف حتى يجي‌ء رأس الشهر ، جاز ؛ عملاً بمقتضى الشرط - وهو أحد وجهي الشافعيّة - كما جاز في الوكالة.

والثاني - وهو الأصحّ عندهم - : المنع ، كما لو قال : بعتك بشرط أن لا تملك إلّا بعد شهرٍ(٤) .

____________________

(١) الوسيط ٤ : ١١٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، البيان ٧ : ١٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٢ و ٣) الوسيط ٤ : ١١٠ ، البيان ٧ : ١٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

٥٠

والفرق ظاهر.

البحث الخامس : في الربح.

وشروطه أربعة :

الأوّل : اختصاصه بالمتعاقدين ، فلو شرط بعض الربح لغيرهما ، لم يصح ، سواء كان قريباً أو بعيداً ، كما لو قال : على أن يكون لك ثلث الربح ، ولي الثلث ، ولزوجتي أو لابني أو لأجنبيٍّ الثلثُ الآخَر ، ويبطل القراض ؛ لأنّه ليس بعاملٍ ولا مالكٍ للمال.

أمّا لو شرط عمل الثالث فإنّه يصحّ ، ويكون في الحقيقة هنا عاملان لا واحد.

ولو كان المشروط له عبدَ المالك أو عبدَ العامل ، فقد بيّنّا أنّه يجوز ؛ لأنّه يكون ما شرطه للعبد للمالك ، فقد ضمّ المالك أو العامل إلى حصّته حصّةً أُخرى.

ولو قال : نصف الربح لك ونصفه لي ومن نصيبي نصفه لزوجتي ، صحّ القراض ، وكان ما عيّنه للزوجة وعداً منه لها إن شاء أعطاها وإن شاء منعها.

ولو قال للعامل : لك الثلثان على أن تعطي امرأتَك نصفَه أو ابنك ، لم يلزم الشرط ، فإن أوجبه فالأقوى : البطلان.

وقال بعض الشافعيّة : إن أوجب ذلك عليه فسد القراض ، وإلّا‌

٥١

لم يفسد(١) .

الشرط الثاني : أن يكون الربح مشتركاً بينهما ، فلو شرط أن يكون جميع الربح للمالك بأن قال : قارضتك على أن يكون جميع الربح لي ، فسد القراض - وبه قال الشافعي(٢) - لمنافاة الشرط مقتضاه ؛ فإنّ مقتضاه الاشتراك في الربح ؛ لأنّ إسحاق بن عمّار سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن مال المضاربة ، قال : « الربح بينهما ، والوضيعة على المال »(٣) .

وقال أبو حنيفة : إنّه يبطل القراض ، ويكون بضاعةً(٤) .

وقال مالك : يصحّ القراض ، ويكون الربح للمالك ؛ عملاً بشرطه ، لأنّهما دخلا في القراض ، فإذا شرط الربح لأحدهما جعل كأنّه وهب له الآخَر نصيبه ، فلا يمنع ذلك صحّة العقد(٥) .

وهو غلط ؛ لأنّ الهبة لا تصحّ قبل حصول الموهوب.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ١٩٥ ، البيان ٧ : ١٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٢ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٩ ، الوسيط ٤ : ١١١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨١ ، البيان ٧ : ١٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٦ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٨١ / ٣٤١٩ ، المغني ٥ : ١٤٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.

(٣) التهذيب ٧ : ١٨٨ / ٨٢٩ ، الاستبصار ٣ : ١٢٦ / ٤٥٢.

(٤) الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٢٨ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٢ : ٢٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٠٢ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٨١ / ٣٤١٨ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٢ - ٣٣٣ ، البيان ٧ : ١٦٨ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ - ٦٤٣ / ١١١٦ ، المغني ٥ : ١٤٤ - ١٤٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.

(٥) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٦ ، المعونة ٢ : ١١٢٣ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، المغني ٥ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.

٥٢

ولو قال : قارضتك على أن يكون جميع الربح لك ، فسد القراض أيضاً عندنا - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(١) - لما تقدّم(٢) .

وقال مالك : يصحّ ، ويكون الربح بأسره للعامل ؛ لأنّهما دخلا في القراض ، فإذا شرط الربح للعامل أو المالك ، كان لمن جعل له ، كأنّ المالك قد وهبه نصيبه من الربح ، فلا يمنع ذلك صحّة العقد(٣) .

وقد تقدّم(٤) بطلانه ، وأنّ هذا الشرط منافٍ للقراض ؛ لاقتضاء القراض كون الربح بينهما ؛ لأنّه عبارة عن أن يكون من أحدهما المال ومن الآخَر العمل ، وذلك يقتضي الاشتراك ، فإذا شرطا ما يخالف ذلك فسد ، كشركة العنان إذا شرطا أن يكون الربح لأحدهما.

إذا عرفت هذا ، فإذا قال : قارضتك على أن يكون الربح كلّه لك ، فالقراض فاسد.

وما حكمه؟ للشافعيّة وجهان :

أحدهما : إنّه قراض فاسد ؛ رعايةً للّفظ.

والثاني : إنّه قرض صحيح ؛ رعايةً للمعنى(٥) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٢ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٢ - ٣٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨١ ، البيان ٧ : ١٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٢٨ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٣٨ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٦ ، المعونة ٢ : ١١٢٣ ، المغني ٥ : ١٤٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.

(٢) في ص ٥١.

(٣) بداية المجتهد ٢ : ٢٣٨ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٦ ، المعونة ٢ : ١١٢٣ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، المغني ٥ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.

(٤) في ص ٥١.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨١ ، البيان ٧ : ١٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ - ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

٥٣

ولو قال : قارضتك على أنّ الربح كلّه لي ، فهو قراض فاسد أو إبضاع؟ فيه الوجهان للشافعيّة(١) .

أمّا لو قال : خُذْ هذه الدراهم وتصرَّفْ فيها والربح كلّه لك ، فهو قرض صحيح ، وبه قال ابن سريج(٢) ، بخلاف ما لو قال : قارضتك على أنّ الربح كلّه لك ؛ لتصريح اللّفظ بعقدٍ آخَر.

وقال بعض الشافعيّة : لا فرق بين الصورتين(٣) .

وليس جيّداً.

وعن بعضهم : إنّ الربح والخسران للمالك ، وللعامل أُجرة المثل ، ولا يكون قرضاً ؛ لأنّه لم يملكه(٤) .

ولو قال : تصرَّفْ في هذه الدراهم والربح كلّه لي ، فهو إبضاع.

مسألة ٢٢٢ : لو ضمّن المالكُ العاملَ ، انقلب القراض قرضاً ، وكان الربح بأسره للعامل ؛ لأنّ عقد القراض ينافي الضمان.

ولما رواه محمّد بن قيس عن الباقرعليه‌السلام قال : « مَنْ ضمّن مُضاربه فليس له إلّا رأس المال ، وليس له من الربح شي‌ء »(٥) .

وعن محمّد بن قيس عن الباقرعليه‌السلام قال : « مَنْ ضمّن تاجراً فليس له إلّا رأس ماله ، وليس له من الربح شي‌ء »(٦) .

إذا عرفت هذا ، فإن أراد المالك الاستيثاق ، أقرضه بعضَ المال ،

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢٠ ، البيان ٧ : ١٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٢) البيان ٧ : ١٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٥) التهذيب ٧ : ١٨٨ / ٨٣٠ ، الاستبصار ٣ : ١٢٦ - ١٢٧ / ٤٥٣.

(٦) الكافي ٥ : ٢٤٠ / ٣ ، التهذيب ٧ : ١٩٢ - ١٩٣ / ٨٥٢.

٥٤

وضاربه على الباقي ، ويكون ذلك قرضاً صحيحاً وقراضاً جائزاً ؛ لأنّ كلّ واحدٍ منهما سائغ ، ولم يحدث عند الاجتماع شي‌ء زائد.

ولما رواه عبد الملك بن عتبة قال : سألتُ بعضَ هؤلاء - يعني أبا يوسف وأبا حنيفة - فقلت: إنّي لا أزال أدفع المال مضاربةً إلى الرجل فيقول : قد ضاع ، أو قد ذهب ، قال : فادفع إليه أكثره قرضاً والباقي مضاربةً ، فسألت أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام عن ذلك ، فقال : « يجوز »(١) .

وسأل عبدُ الملك بن عتبة الكاظمَعليه‌السلام : هل يستقيم لصاحب المال إذا أراد الاستيثاق لنفسه أن يجعل بعضه شركةً ليكون أوثق له في ماله؟ قال : « لا بأس به »(٢) .

الشرط الثالث : أن تكون الحصّة لكلٍّ منهما معلومة ، فلو قارضه على أن يكون له في الربح شركة أو نصيب أو حصّة أو شي‌ء أو سهم أو حظّ أو جزء ، ولم يبيّن ، بطل القراض ، ولا(٣) يحمل الشي‌ء ولا السهم ولا الجزء على الوصيّة ؛ اقتصاراً بالنقل على مورده ، ولا خلاف في بطلان القراض مع تجهيل الربح.

ولو قال : خُذْه مضاربةً ولك من الربح مثل ما شرطه فلان لعامله ، فإن علما معاً ما شرطه فلانٌ صحّ ؛ لأنّهما أشارا إلى معلومٍ عندهما ، ولو جهلاه معاً أو أحدهما بطل القراض ؛ لأنّه مجهول.

ولو قال : والربح بيننا ، ولم يقل : نصفين ، صحّ ، وحُكم بالنصف للعامل والنصف للمالك ، كما لو أقرّ بالمال ، ولو قال : إنّه بيني وبين فلان ،

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٨٨ - ١٨٩ / ٨٣٢ ، الاستبصار ٣ : ١٢٧ / ٤٥٥.

(٢) التهذيب ٧ : ١٨٩ / ٨٣٣ ، الاستبصار ٣ : ١٢٧ / ٤٥٦.

(٣) فيما عدا « ج » من النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « ولم » بدل « ولا ».

٥٥

فإنّه يكون إقراراً بالنصف ، فكذا هنا ، والأصل في ذلك أصالة عدم التفاوت ، وقد أضاف الربح إليهما إضافة واحدة ، لم يرجّح فيها أحدهما على الآخَر ، فاقتضى التسوية ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة.

والثاني : الفساد ؛ لأنّه لم يبيّن ما لكلّ واحدٍ منهما ، فأشبه ما إذا شرطا أن يكون الربح بينهما أثلاثاً ، ولم يبيّن صاحب الثلثين مَنْ هو ، ولا صاحب الثلث مَنْ هو ، ولأنّ التثنية تصدق مع التفاوت كصدقها مع التساوي ، والعامّ لا دلالة له على الخاصّ(١) .

ونحن نمنع صدقها بالتواطؤ ، بل دلالتها على التنصيف أقوى ، وعليه يُحمل إطلاقها ، ويفتقر التفاوت إلى قرينةٍ.

مسألة ٢٢٣ : لو قال : خُذْ هذا المال مضاربةً ، ولم يُسمّ للعامل شيئاً من الربح ، فسد القراض ، وكان الربح بأسره لربّ المال ، وعليه أُجرة المثل للعامل ، والوضيعة على المالك - وبه قال الثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأحمد وأصحاب الرأي(٢) - لأنّ المضارب إنّما يستحقّ بالشرط ولم يوجد.

وقال الحسن وابن سيرين والأوزاعي : الربح بينهما نصفين ؛ لأنّه لو قال : والربح بيننا ، كان بينهما نصفين ، وكذا إذا لم يزد شيئاً(٣) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٧ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٢ ، الوسيط ٤ : ١١٣ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٠ ، البيان ٧ : ١٦٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٢) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٣٩ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٧ - ٢١٨ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، المغني ٥ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣١.

(٣) نفس المصادر ما عدا « الحاوي الكبير » و « بحر المذهب » و « حلية العلماء ».

٥٦

وهو ممنوع ؛ لأنّ قوله : « مضاربةً » يقتضي أنّ له جزءاً من الربح مجهولاً ، فلا يصحّ.

ولو قال : على أنّ ثلث الربح لك وما بقي فثلثه لي وثلثاه لك ، صحّ.

وحاصله اشتراط سبعة أتساع الربح للعامل ؛ لأنّ الحساب من عدد لثلثه ثلاث ، وأقلّه تسعة.

هذا إذا علما عند العقد أنّ المشروط للعامل بهذه اللفظة كم هو ، فإن جهلاه أو أحدهما ، فوجهان للشافعيّة ، أحدهما : الصحّة(١) .

وهو حسن ؛ لسهولة معرفة ما تضمّنه اللّفظ.

وكذا لو قال : على أنّ لك من الربح سُدس رُبْع عُشْر الثُّمْن ، وهُما لا يعرفان قدره عند العقد ، أو أحدهما.

ولو قال : لك الرُّبْع ورُبْع الباقي ، فله ثلاثة أثمان ونصف ثُمنٍ ، سواء عرفا الحساب أو جهلاه ؛ لأنّها أجزاء معلومة.

ولو قال : لك ثلث الربح ورُبْع ما بقي ، فله النصف.

الشرط الرابع : أن يكون العلم به من حيث الجزئيّة المشاعة ، كالنصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك من الأجزاء الشائعة ، لا بالتقدير ، فلو قال : قارضتك على أنّ لك من الربح مائة والباقي بيننا بالسويّة ، فسد القراض ؛ لأنّه ربما لا يربح إلّا ذلك القدر ، فيلزم أن يختصّ به أحدهما.

وكذا إذا قال : على أنّ لي من الربح مائة والباقي بيننا ، لم يصح القراض.

وكذا لو قال : لك نصف الربح سوى درهم ، أو : لك نصف الربح‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

٥٧

ودرهم.

مسألة ٢٢٤ : لو دفع إليه ألفين وقال : قارضتك على هاتين الألفين على أن يكون لك ربح ألفٍ منهما ولي ربح الألف الأُخرى ، فإمّا أن تكونا متميّزتين أو ممتزجتين.

فإن كانتا متميّزتين وشرط تميّزهما ، لم يصح القراض ؛ لأنّه لا شركة بينهما في الربح ؛ إذ كلّ واحدةٍ من الألفين متميّزة عن الأُخرى ، وربح إحداهما بعينها للمالك لا يشاركه العامل فيه ، وربح الأُخرى بعينها للعامل لا يشاركه المالك فيه ، مع أنّ كلّ واحدةٍ منهما مال قراضٍ ، فلا يوجد فيه مقتضى القراض فيبطل ، ولأنّه ربما يختصّ الربح بإحداهما دون الأُخرى ، فيحصل كلّ الربح لأحدهما ويمنع الآخَر منه ، وذلك منافٍ لمقتضى القراض.

وإن كانتا ممتزجتين غير متميّزتين ، فالأقرب : الصحّة ، ويُحمل على الإشاعة والتسوية في الربح ؛ إذ لا فرق بين ذلك وبين قوله : الربح بيننا نصفين ، ولا بينه وبين أن يقول : نصف ربح الألفين لك ونصفه لي ، وهو قول بعض الشافعيّة(١) .

وقال ابن سريج : لا يصحّ ؛ لأنّه خصّصه بربح بعض المال ، فأشبه ما إذا كان الألفان متميّزين ، وما إذا دفع إليه ألفاً على أن يكون له ربحها ليتصرّف له في ألف أُخرى(٢) .

والفرق ظاهر.

ولو قال : على أنّ لي ربح أحد الثوبين ولك ربح الآخَر ، أو : على أنّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٧.

٥٨

لي ربح إحدى السفرتين ولك ربح الأُخرى ، أو : على أنّ لك ربح تجارة شهر كذا ولي ربح تجارة شهر كذا ، لم يصح.

إذا عرفت هذا ، فإذا دفع إليه مالاً قراضاً وشرط أن يكون له نصف ربحه ، جاز ، وكذا لو شرط له ربح نصفه.

ولو قال : على أنّ لك من الربح عشرةً ولي عشرة ، احتُمل البطلانُ ؛ لعدم العلم بحصولهما ، والصحّةُ إن قصد التناسب في مطلق الربح ، قلّ عن ذلك أو كثر أو ساواه.

مسألة ٢٢٥ : لو دفع إليه مالاً قراضاً وشرط عليه أن يولّيه سلعة كذا إذا اشتراها برأس المال ، احتُمل الصحّة ؛ عملاً بقولهعليه‌السلام : « المسلمون(١) عند شروطهم »(٢) ، والبطلانُ - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه ربما لا يحصل الربح إلّا منها.

ولو شرط أن يلبس الثوب الذي يشتريه ويركب الدابّة التي يشتريها ، قال الشافعي : يبطل القراض أيضاً ؛ لأنّ القراض جُوّز على العمل المجهول بالعوض المجهول [ للحاجة ](٤) - ولا حاجة إلى ضمّ ما ليس من الربح إليه ، ولأنّه ربما ينتقص بالاستعمال ويتعذّر عليه التصرّف(٥) .

والأقوى عندي : الجواز.

تذنيب : لو دفع إليه ألفاً قراضاً على أنّ الربح بينهما ، وشرط المالك‌

____________________

(١) في النُّسَخ الخطّيّة : « المؤمنون ».

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٣٥ ، الهامش (٣) ، وفي التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، والاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، والجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣ : « المؤمنون ».

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٣١٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٢ ، البيان ٧ : ١٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٤.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « للراحة ». والمثبت من المصدر.

(٥) نفس المصادر في الهامش (٣) ما عدا « التهذيب ».

٥٩

أن يدفع إليه ألفاً يعمل بها بضاعةً بحيث يكون الربح بأسره للمالك فيها ، فالوجه : صحّة القراض والشرط معاً.

وقيل : يصحّ القراض ، ويبطل الشرط(١) .

وقيل : يبطلان معاً(٢) .

مسألة ٢٢٦ : لو دفع إلى عاملٍ ألفَ درهمٍ ، فقال له : اعمل على هذه وربحها لي ، ودفع إليه ألفاً أُخرى وقال : اعمل على هذه ويكون ربحها لك ، فإن قصد القراض ، بطل ؛ لأنّه شرط أن يكون جميع الربح في إحداهما للمالك وفي الأُخرى للعامل ، وهو باطل ؛ لأنّه لا يجوز أن ينفرد أحدهما بالربح ؛ لأنّ الربح يحصل بالمال والعمل معاً ، فلا يصحّ في واحدةٍ من الألفين.

وإن لم يقصد القراض ، صحّ ، وكان ما شرطه المالك له بضاعةً ، وما شرطه العامل لنفسه قرضاً.

ولو دفع الألفين وقال : قارضتك على هذه على أن يكون ربح ألفٍ منها لي وألف لك ، فالأقوى : الصحّة - وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور(٣) - لأنّه بمنزلة أن يقول : نصف الربح لي ونصفه لك ؛ لأنّه بمعناه.

قال ابن سريج : وهذا غلط ؛ لأنّ وضع القراض على أن يكون كلّ جزءٍ من المال ربحه بينهما ، فإذا شرط ربح ألفٍ فقد شرط لنفسه الانفراد بربح جزءٍ منه ، فكان فاسداً ، بخلاف ما إذا شرط نصف الربح ؛ لأنّ شرطه لم يتضمّن الانفراد بجزءٍ منه(٤) .

____________________

(١) كما في شرائع الإسلام ٢ : ١٤٥.

(٢) قال به الطوسي في المبسوط ٣ : ١٩٧ ، والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٤٦٦.

(٣) بحر المذهب ٩ : ١٩٨ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٠.

(٤) راجع : العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٧.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام

١٤٨٣٧ / ٢٢. أحمد بن محمد الكوفي ، عن جعفر بن عبد الله المحمدي ، عن أبي روح فرج(١) بن قرة ، عن جعفر بن عبد الله(٢) ، عن مسعدة بن صدقة :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام بالمدينة(٣) ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على النبي وآله ، ثم قال :

أما بعد ، فإن الله ـ تبارك وتعالى ـ لم يقصم جباري دهر إلا من بعد تمهيل ورخاء ، ولم يجبر كسر عظم(٤) من الأمم إلا بعد أزل(٥) وبلاء.

أيها الناس ، في دون ما استقبلتم من عطب(٦) واستدبرتم من خطب(٧) معتبر(٨) ، وما كل ذي قلب بلبيب(٩) ، ولا كل ذي سمع بسميع ، ولا كل ذي(١٠) ناظر عين ببصير.

__________________

حساب ولا عمل» مع اختلاف يسير. راجع : الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب ذم الدنيا والزهد فيها ، ح ١٩٠٧ ؛ وباب اتباع الهوى ، ح ٢٦٥٧ ومصادره الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٥٥ ، ح ٢٥٣٦٩ ؛ الوسائل ، ج ٨ ، ص ٤٦ ، ح ١٠٠٦٥ ؛ وج ٩ ، ص ٥١٢ ، ح ١٢٢٠٦ ، وفيهما قطعة منه ؛ البحار ، ج ٣٤ ، ص ١٧٢.

(١) في «ع ، ل ، ن ، بف ، بن» : «فرح» بالحاء المهملة.

(٢) ورد في الكافي ، ح ٨٢٠٥ رواية أحمد بن محمد بن سعيد عن جعفر بن عبد الله العلوي عن أبي روح فرج بن قرة عن مسعدة بن صدقة ، ولم يتوسط جعفر بن عبد الله بين أبي روح ومسعدة.

(٣) في البحار ، ج ٥١ : ـ «بالمدينة».

(٤) في نهج البلاغة : «عظم أحد» بدل «كسر عظم».

(٥) الأزل : الشدة ، والضيق ، والجدب. النهاية ، ج ١ ، ص ٤٦ (أزل).

(٦) في «د ، ع ، ل ، ن ، بف ، بن ، جت» وحاشية «بح» وشرح المازندراني والوافي والمرآة والبحار ، ج ٣١ : «خطب». وفي شرح المازندراني عن بعض النسخ ونهج البلاغة : «عتب». والعطب : الهلاك ، وفعله من باب تعب. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٨٤ ؛ المصباح المنير ، ص ٤١٦ (عطب).

(٧) الخطب : الأمر الذي يقع فيه المخاطبة ، والشأن ، والحال ، والأمر صغر أو عظم. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٥ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٥٧ (خطب).

(٨) في شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٣٧٩ : «معتبر ، أي في دون ذلك اعتبار لمن اعتبر فكيف فيه؟».

(٩) اللبيب : العاقل ؛ من اللب ، وهو العقل ، ولب كل شيء : خالصه. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٢٣ (لبب).

(١٠) في «ل» ونهج البلاغة : ـ «ذي».

١٦١

عباد الله ، أحسنوا فيما يعنيكم(١) النظر فيه(٢) ، ثم انظروا إلى عرصات(٣) من قد أقاده(٤) الله بعلمه(٥) ، كانوا على سنة من آل فرعون أهل جنات وعيون وزروع ومقام كريم ، ثم انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة(٦) والسرور والأمر والنهي ، ولمن صبر منكم العاقبة(٧) في الجنان(٨) والله مخلدون(٩) ، ولله عاقبة الأمور.

فيا عجبا(١٠) وما لي لا أعجب من خطإ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها ،

__________________

(١) في «ع ، ل ، م ، بف ، بن ، جد» : «يغنيكم». ونسبه في الوافي إلى التصحيف. وفي المرآة عن بعض النسخ : «يعينكم» واستبعده المازندراني. و «يعنيكم» أي يهمكم ، يقال : هذا الأمر لا يعنيني ، أي لا يشغلني ولا يهمني. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣١٤ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٢٤ (عنا).

(٢) في المرآة : ـ «النظر فيه».

(٣) العرصات : جمع عرصة ، وهو كل موضع واسع لابناء فيه. النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٠٨ (عرص).

(٤) في شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٣٧٩ : «الإقادة من القود ، وهو ـ محركة ـ القصاص ، وإنما سمي إهلاكه قصاصا ؛ لأنه أمات دين الله تعالى فاستحق بذلك القصاص. وقيل : من القود : نقيض السوق ، أي جعله الله قائدا لمن تبعه».

وفي الوافي : «أقاده الله ، من القود ؛ فإنهم قد أصابوا دماء بغير حق».

وفي مرآة العقول ، ج ١١ ، ص ١٣٩ : «يقال : أقاده خيلا ، أي أعطاه ليقودها ويحتمل أن يكون من القود والقصاص ، ويؤيده أن في بعض النسخ : بعمله ، بتقديم الميم على اللام ، فالضمير راجع إلى الموصول». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٥٣ (قود).

(٥) في «ع ، ل ، م ، بح ، بن» وحاشية «د» : «بعمله». وفي شرح المازندراني عن بعض النسخ : «بغلمه» بالغين المعجمة.

(٦) «النضرة» : الحسن ، والرونق ، والنعمة ، والعيش ، والغنى. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٨٣٠ ؛ لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٢١٢ (نضر).

(٧) في «ن» والبحار ، ج ٣١ : «العافية».

(٨) في «جت» وحاشية «د ، بح» : «الجنات».

(٩) في شرح المازندراني : «والله مخلدون ، أي والله أنتم مخلدون فيها ، على حذف المبتدأ».

وفي المرآة : «قوله : مخلدون ، خبر لمبتدأ محذوف ، والجملة مبينة ومؤكدة للجملة السابقة ، يسأل عن عاقبتهم فيقال : هم والله مخلدون في الجنان».

(١٠) في المرآة : «فيا عجبا ، بغير تنوين ، وأصله : فيا عجبي ، ثم قلبوا الياء ألفا ، فإن وقفت قلت : يا عجباه ، أي ياعجبي أقبل فهذا أو انك ، أو بالتنوين ، أي يا قوم اعجبوا عجبا ، أو أعجب عجبا. والأول أشهر وأظهر».

١٦٢

لا يقتصون(١) أثر نبي ، ولا يقتدون(٢) بعمل وصي ، ولا يؤمنون بغيب ، ولا يعفون(٣) عن عيب(٤) ، المعروف فيهم ما عرفوا ، والمنكر عندهم ما أنكروا(٥) ، وكل امرى(٦) منهم إمام نفسه ، آخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات ، وأسباب محكمات ، فلا يزالون بجور ، ولن(٧) يزدادوا إلا خطأ ، لاينالون تقربا ، ولن يزدادوا إلا بعدا من اللهعزوجل ، أنس بعضهم ببعض ، وتصديق(٨) بعضهم لبعض(٩) ، كل ذلك وحشة مما ورث النبي الأمي(١٠) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونفورا مما أدى إليهم من أخبار فاطر السماوات والأرض ، أهل حسرات ، وكفوف(١١) شبهات(١٢) ، وأهل عشوات(١٣) وضلالة وريبة ، من وكله الله إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من

__________________

(١) في «د ، جت» وحاشية «م ، ن ، بن ، جد» والمرآة والبحار : «لا يقتفون». يقال : قص الأثر واقتصه ، إذا تتبعه. النهاية ، ج ٤ ، ص ٧٢ (قصص).

وفي الوافي : «الاقتصاص : الاقتفاء والاتباع في ما يرى من الرأي ، وهذا نص في المنع عن الاجتهاد في الأحكام الشرعية واستنباطها من المتشابهات بالرأي وترك النصوص».

(٢) في البحار ، ج ٥١ : «ولا يعتدون».

(٣) في المرآة : «ولا يعفون عن عيب ، بكسر العين وتشديد الفاء من العفة ، وبسكون العين وتخفيف الفاء من العفو ، أي عن عيوب الناس». وقرأه العلامة المازندراني في شرحه بتشديد الفاء.

(٤) في نهج البلاغة : + «يعملون في الشبهات ويسيرون في الشهوات».

(٥) في نهج البلاغة : + «مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم ، وتعويلهم في المهمات على آرائهم».

(٦) في نهج البلاغة : «كأن كل امرئ» بدل «وكل امرئ».

(٧) في المرآة والبحار ، ج ٧٧ : «ولم».

(٨) في حاشية «بح» : «ويصدق». وفي المرآة : «في بعض النسخ : وتصدق ، أي يعطي بعضهم صدقاتهم بعضا ، ولعله تصحيف».

(٩) في «بح ، جد» : «ببعض».

(١٠) في البحار ، ج ٥١ : ـ «الامي».

(١١) هكذا في أكثر النسخ وحاشية «جت». وفي «بح ، جت» وحاشية «د ، م ، جد» : «وكفر». وفي المطبوع وشرح المازندراني والوافي والمرآة : «وكهوف». والكفوف : جمع الكف ، وهو اليد ، أو إلى الكوع بالضم أعنى رأس الزند مما يلي الإبهام. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٣٠ (كفف).

(١٢) في «بح ، جت» وحاشية «د ، م ، جد» : «وشبهات».

(١٣) العشوات : جمع العشوة بالضم والفتح والكسر ، وهو الأمر الملتبس ، وأن يركب أمرا بجهل لا يعرف وجهه ؛ مأخوذ من عشوة الليل ، وهي ظلمته ، أو هي من أوله إلى ربعه. النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٤٢ (عشا).

١٦٣

يجهله ، غير المتهم(١) عند من لايعرفه ، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها(٢) .

ووا أسفى من فعلات شيعتي من بعد قرب مودتها اليوم(٣) كيف يستذل بعدي بعضها بعضا ، وكيف يقتل بعضها بعضا ، المتشتتة غدا عن الأصل ، النازلة بالفرع ، المؤملة الفتح من غير جهته ، كل حزب منهم آخذ منه(٤) بغصن ، أينما مال الغصن مال معه ، مع أن الله ـ وله الحمد ـ سيجمع هؤلاء لشر يوم لبني أمية كما يجمع(٥) قزع(٦) الخريف ، يؤلف الله(٧) بينهم(٨) ، ثم يجعلهم ركاما(٩) كركام السحاب ، ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم(١٠) كسيل الجنتين سيل العرم

__________________

(١) في حاشية «د» : «متهم».

(٢) الرعاء ، بالكسر والمد : جمع راعي الغنم ، وقد يجمع على رعاة بالضم. النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٣٥ (رعي).

(٣) في «بف» : «القوم».

(٤) في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بن ، جد» والمرآة : ـ «منه».

(٥) في «بح» : + «بين».

(٦) القزع : جمع القزعة ، وهي قطعة من الغيم. قال ابن الأثير : «ومنه حديث عليعليه‌السلام : فيجتمعون إليه ، كما يجتمع قزع الخريف ، أي قطع السحاب المتفرقة. وإنما خص الخريف لأنه أول الشتاء ، والسحاب يكون متفرقا غير متراكم ولا مطبق ، ثم يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك». النهاية ، ج ٤ ، ص ٥٩ (قزع).

(٧) في «م» : ـ «الله».

(٨) في المرآة : «نسبة هذا التأليف إليه تعالى مع أنه لم يكن برضاه على سبيل المجاز تشبيها لعدم منعهم عن ذلك وتمكينهم من أسبابه وتركهم واختيارهم بتأليفهم وحثهم عليه ، ومثل هذا كثير في الآيات والأخبار».

(٩) الركام : الرمل المتراكم بعضها فوق بعض ، وكذلك السحاب المتراكب بعضه فوق بعض وما أشبهه ؛ من الركم ، وهو جمع شيء فوق آخر حتى يصير ركاما. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٦٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٣ ، ص ١٤٦٩ (ركم).

(١٠) في «ن» : «مستتارهم». وفي «م» وحاشية «بن» وشرح المازندراني والبحار ، ج ٣١ : «مستشارهم».

وفي الوافي : «من مستثارهم ، أي محل انبعاثهم وتهيجهم ، وكأنه أشار عليه‌السلام بذلك إلى فتن أبي مسلم المروزي واستئصاله لبني امية ، وإنما شبههم بسيل العرم لتخريبهم البلاد وأهلها الذين كانوا في خفض ودعة ، واريد بالجنتين جماعتان من البساتين : جماعة عن يمين بلدتهم ، وجماعة عن شمالها ، روي أنها كانت أخصب البلاد وأطيبها ، لم يكن فيها عاهة ولا هامة. وفسر العرم تارة بالصعب ، اخرى بالمطر الشديد ، واخرى بالجرذ ، واخرى بالوادي ، واخرى بالأحباس التي تبنى في الأودية ، ومنه قيل : إنه اصطرخ أهل سبأ. قيل : إنما اضيف السيل إلى الجرذ لأنه نقب عليهم سدا ضربته لهم بلقيس ، فحقنت به الماء وتركت فيه ثقبا على مقدار ما

١٦٤

حيث بعث(١) عليه(٢) فأرة(٣) ، فلم يثبت(٤) عليه أكمة(٥) ، ولم يرد سننه(٦) رص(٧) طود(٨) يذعذعهم(٩) الله في بطون أودية ، ثم يسلكهم ينابيع في الأرض يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ، ويمكن بهم قوما(١٠) في(١١) ديار قوم(١٢) تشريدا(١٣) لبني أمية ، ولكيلا(١٤) يغتصبوا ما غصبوا(١٥) ، يضعضع(١٦) الله بهم ركنا ، وينقض بهم(١٧) طي

__________________

يحتاجون إليه ، أو المسناة التي عقدت سدا ، على أنه جمع عرمة ، وهي الحجارة المركومة ، وكان ذلك بين عيسى ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٩٧ (عرم). وللمزيد راجع : مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ١٤٣ و ١٤٤.

(١) في «بف» وحاشية «جت» والبحار ، ج ٥١ : «نقب». وفي الوافي : «ثقب».

(٢) في حاشية «بن» : «إليه».

(٣) أي بعث الله لأجل السيل أو على العرم ـ وهو السد ـ فأرة عظيمة تقلع الصخرة وترمي بها ، فما زالت تقلع الحجر حتى خرب ذلك السد فغشيهم السيل. وفي الإرشاد ونهج البلاغة : «حيث لم تسلم عليه قارة». والقارة : الجبل الصغير أو الصخرة العظيمة.

(٤) في «بن» والبحار ، ج ٣١ و ٥١ و ٧٧ : «فلم تثبت».

(٥) الأكمة ـ محركة ـ : التل من القف من حجارة واحدة ، أو هي دون الجبال ، أو الموضع يكون أشد ارتفاعا مما حوله ، وهو غليظ لا يبلغ حجرا ، الجمع : اكم محركة وبضمتين. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٢٠ (أكمم).

(٦) في «د ، بف» : «سنته». والسنن : الطريقة. الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢١٣٨ (سنن).

(٧) هكذا في معظم النسخ. وفي «بف ، جد» وحاشية «د» والمطبوع وشرح المازندراني والوافي والبحار ، ج ٧٧ : «رض». وفي شرح المازندراني عن بعض النسخ : «رس». والرص : التصاق الأجزاء بعضها ببعض. النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٢٧ (رصص).

(٨) الطود : الجبل ، أو الجبل العظيم. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٠٢ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ١٤١ (طود).

وفي المرآة : «أي لم يرد طريقه طود مرصوص ، أي جبل اشتد التصاق اجزائه

(٩) الذعذعة : التفريق. يقال : ذعذعهم الدهر ، أي فرقهم. النهاية ، ج ٢ ، ص ١٦٠ (ذعذع).

(١٠) في «ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بن ، جد» وحاشية «د ، بح ، جت» : «لقوم» بدل «بهم قوما». وفي «د» وحاشية «ن» والبحار ، ج ٣١ : «من قوم» بدلها.

(١١) في «ن» وحاشية «بح ، جت» : «من».

(١٢) في «د» وحاشية «ن» والبحار ، ج ٣١ : «لديار قوم» بدل «في ديار قوم».

(١٣) التشريد : الطرد والتنفير. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٢٤ (شرد).

(١٤) في حاشية «د» : «ولكي».

(١٥) في شرح المازندراني : «لعل المراد أن غاية هذه الأفعال أمران : أحدهما : تشريد بني امية ، والثاني : أن لايغصب هؤلاء ما غصب بني امية من حق آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله . والأول وقع ؛ لكونه حتميا ، والثاني لم يقع ؛ لكونه تكليفا ، والله أعلم». وفي المرآة : «الاغتصاب بمعنى الغصب ، ولعل المراد أن الغرض من استيلاء هؤلاء ليس إلاتفريق بني امية ودفع ظلمهم».

١٦٥

الجنادل(١) من إرم(٢) ، ويملأ منهم بطنان(٣) الزيتون(٤) .

فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة(٥) ليكونن ذلك ، وكأني أسمع صهيل(٦) خيلهم ، وطمطمة(٧) رجالهم(٨) ، وايم الله ليذوبن ما في أيديهم بعد العلو والتمكين(٩) في البلاد ، كما تذوب الألية على النار ، من مات منهم مات ضالا ، وإلى الله ـعزوجل ـ يفضي(١٠) منهم من درج(١١) ، ويتوب الله ـعزوجل ـ على من تاب ، ولعل الله يجمع

__________________

(١٦) الضعضعة : الهدم والإذلال. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٢٥٠ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٨٨ (ضعضع).

(١٧) في «ن» : + «علي».

(١) «الجنادل» : جمع جندل ، كجعفر ، وهو الحجارة ، أو ما يقله الرجل من الحجارة. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٥٤ (جدل) ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٩٧ (جندل).

(٢) «إرم» كعنب : دمشق ، أو الإسكندرية ، أو موضع بفارس ، وأيضا حجارة تجمع وتنصب في المغازة يهتدى بها. وقال العلامة المجلسي : «أي ينقض الله ويكسر بهم البنيان التي طويت وبنيت بالجنادل والأحجار من بلاد إرم ، وهي دمشق والشام ؛ إذ كان مستقر ملكهم في أكثر الأزمان تلك البلاد ، سيما زمانهعليه‌السلام ». راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٤٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤١٨ (أرم).

(٣) قال ابن الأثير : «وفيه : ينادي مناد من بطنان العرش ، أي من وسطه ، وقيل : من أصله ، وقيل : البطنان : جمع بطن ، والغامض من الأرض ، يريد من دواخل العرش». النهاية ، ج ١ ، ص ١٣٦ (بطن).

(٤) «الزيتون» : شجرة الزيت ، ومسجد دمشق ، أو جبال الشام ـ وأحد هما المراد هاهنا ـ وبلد بالصين. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٤٨ (زيت).

(٥) قال الجوهري : «النسمة : الإنسان». وقال ابن الأثير : «النسمة : النفس والروح ، وكل دابة فيها روح فهي نسمة». فقولهعليه‌السلام : «وبرأ النسمة» أي خلق ذات الروح. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٤٠ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٤٩ (نسم).

(٦) صهيل الخيل : صوتها. النهاية ، ج ٣ ، ص ٦٣ (صهل).

(٧) الطمطمة : العجمة ، ورجل طمطم وطمطمي ، وطمطماني ، أي في لسانه عجمة لا يفصح. وقال العلامة المجلسي : «أشارعليه‌السلام بذلك إلى أن أكثر عسكرهم من العجم ؛ لأن عسكر أبي مسلم كان من خراسان». راجع : لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٣٧١ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٩٣ (طمم).

(٨) في «ع ، بن» : «رحالهم».

(٩) في الوافي : «والتمكن».

(١٠) في «م ، جت» والمرآة : «يقضى». الإفضاء : الوصول ، يقال : أفضى فلان إلى فلان ، أي وصل إليه ، وأصله أنه صار في فرجته وفضائه وحيزه. لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ١٥٧ (فضا).

(١١) يقال : درج ، أي مشى ، ودرج القوم ، أي انقرضوا ؛ ودرج فلان ، أي لم يخلف نسلا ، أو مضى لسبيله ومات. والمراد به هنا الموت ، أي يرجع إلى الله تعالى من مات منهم ، أو من مات منهم مات ضالا وأمره إلى الله تعالى يعذبه كيف يشاء. وسائر المعاني أيضا محتمل. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٩٣ (درج).

١٦٦

شيعتي بعد التشتت لشر يوم لهؤلاء(١) ، وليس لأحد على الله ـ عز ذكره ـ الخيرة ، بل لله الخيرة والأمر جميعا.

أيها الناس ، إن المنتحلين للإمامة من غير أهلها كثير ، ولو لم تتخاذلوا عن(٢) مر الحق(٣) ولم تهنوا عن توهين الباطل ، لم يتشجع عليكم من ليس مثلكم ، ولم يقو من قوي عليكم ، وعلى هضم الطاعة وإزوائها(٤) عن أهلها ، لكن(٥) تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى(٦) عليه‌السلام .

ولعمري ليضاعفن(٧) عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو إسرائيل ، ولعمري أن لو قد استكملتم من بعدي(٨) مدة سلطان بني أمية لقد اجتمعتم على سلطان(٩) الداعي إلى الضلالة ، وأحييتم(١٠) الباطل ، وخلفتم الحق وراء(١١) ظهوركم ، وقطعتم الأدنى من أهل بدر ، ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص(١٢) للجزاء ، وقرب الوعد ، وانقضت المدة ، وبدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق ، ولاح لكم القمر المنير ،

__________________

(١) في شرح المازندراني : «هؤلاء».

(٢) في حاشية «بح» : «من».

(٣) «مر الحق» أي الحق الذي هو مر ، أو خالص الحق ؛ فإنه مر واتباعه صعب. والمعنى : لو لم تتدابروا عنه وصبرتم عليه.

(٤) في المرآة : «على هضم الطاعة ، أي كسرها ، وإزوائها عن أهلها ، يقال : زوي الشيء عنه ، أي صرفه ونحاه ، ولم أظفر بهذا البناء في ما اطلعت عليه من كتب اللغة». وراجع : لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٣٦٣ (زوي).

(٥) في «بح ، بن» : «ولكن».

(٦) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي والمرآة والبحار ، ج ٣١ و ٥١. وفي المطبوع : + «بن عمران».

(٧) في حاشية «ع» : «ليضعفن».

(٨) في المرآة : ـ «من بعدي».

(٩) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والبحار. وفي المطبوع : «السلطان».

(١٠) في حاشية «ن» : «وأحببتم».

(١١) في «م ، ن ، بح ، بف ، جد» والوافي : «خلف».

(١٢) «التمحيص» : الابتلاء والاختبار. الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٥٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٨٥٦ (محص).

١٦٧

فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة ، واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق(١) ، سلك بكم مناهج(٢) الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتداويتم من(٣) العمى والصمم والبكم ، وكفيتم مؤونة الطلب والتعسف(٤) ، ونبذتم الثقل الفادح(٥) عن الأعناق ، ولا يبعد الله إلا من أبى وظلم واعتسف وأخذ ما ليس له( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (٦) ».(٧)

خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام (٨)

١٤٨٣٨ / ٢٣. علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ويعقوب السراج :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «أن أمير المؤمنينعليه‌السلام لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر ، فقال : الحمد لله الذي علا فاستعلى ، ودنا فتعالى ، وارتفع فوق كل منظر ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد(٩) أن محمدا عبده

__________________

(١) المراد بطالع المشرق هو القائمعليه‌السلام ، وقيل في وجه الشبه وجوه. راجع : شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٣٨٧ ؛ الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٥٣ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ١٥٠.

(٢) في «جت» وحاشية «بح» والمرآة : «منهاج».

(٣) في «بف» : «زمن».

(٤) التعسف والاعتساف : الميل والعدول عن الطريق ، أو فعل الأمر من غير روية ، أو سلوك الطريق على غيرقصد ، ثم عدل إلى الظلم والجور. قال العلامة المازندراني : « والتعسف ، أي الاضطراب والتحير في طريق المعاش ، وفي كنز اللغة : التعسف : بربى آرامى رفتن». وقال العلامة المجلسي : «التعسف هنا : الظلم». راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٣٧ ؛ المصباح المنير ، ص ٤٠٩ (عسف).

(٥) «الفادح» : المثقل الصعب. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٥١ (فدح).

(٦) الشعراء (٢٦) : ٢٢٧.

(٧) الإرشاد ، ج ١ ، ص ٢٩١ ، مرسلا عن مسعدة بن صدقة ، إلى قوله : «بل لله الخيرة والأمر جميعا» مع اختلاف يسير. نهج البلاغة ، ص ١٢١ ، الخطبة ٨٨ ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إلى قوله : «وأسباب محكمات» الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٤٩ ، ح ٢٥٣٦٨ ؛ البحار ، ج ٣١ ، ص ٥٥٤ ؛ وج ٥١ ، ص ١٢٢ ، ح ٢٤ ؛ وج ٧٧ ، ص ٣٤٥ ، ح ٢٩.

(٨) في «جد» : «خطبة أمير المؤمنين». وفي «جت» : «خطبة له اخرىصلى‌الله‌عليه‌وآله ». وفي «ع ، ل ، بن» : ـ «لأمير المؤمنينعليه‌السلام ».

(٩) في «بف» : ـ «أشهد».

١٦٨

ورسوله(١) خاتم(٢) النبيين ، وحجة الله على العالمين ، مصدقا للرسل الأولين ، وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما ، فصلى الله وملائكته عليه(٣) وعلى آله.

أما بعد ، أيها الناس ، فإن البغي يقود أصحابه إلى النار ، وإن أول من بغى على الله ـ جل ذكره ـ عناق بنت آدم ، وأول(٤) قتيل قتله الله عناق ، وكان مجلسها جريبا(٥) من الأرض(٦) في جريب ، وكان لها عشرون إصبعا في كل إصبع ظفران مثل المنجلين(٧) ، فسلط الله ـعزوجل ـ عليها أسدا كالفيل ، وذئبا كالبعير ، ونسرا(٨) مثل البغل فقتلوها ، وقد قتل الله الجبابرة على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا ، وأمات هامان ، وأهلك فرعون ، وقد قتل(٩) عثمان.

ألا وإن(١٠) بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والذي بعثه بالحق لتبلبلن(١١) بلبلة ، ولتغربلن غربلة(١٢) ،

__________________

(١) في «م» وحاشية «جت» : «ورسول الله» بدل «ورسوله». وفي «د ، ع ، ل ، بح ، بن ، بف ، جد» : «رسول الله» بدل «عبده ورسوله».

(٢) في «م ، جت» وحاشية «جت» : «وخاتم».

(٣) في «د» : «على محمد» بدل «عليه».

(٤) في «جت» : «وأن أول».

(٥) الجريب : ستون ذراعا في ستين. المغرب ، ص ٧٨ (جرب).

(٦) في «ع ، ل ، بف ، بن» والوافي : ـ «من الأرض».

(٧) المنجل ، كمنبر : ما يحصد به ، وحديدة يقضب به الزرع ، وما يقضب العود من الشجر. لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٦٤٧ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٠٠ (نجل)

(٨) النسر : طائر ؛ لأنه ينسر الشيء ويقتنصه ويقتلعه. قال الجوهري : «ويقال : النسر لا مخلب له ، وإنما له ظفركظفر الدجاجة والغراب والرخمة». راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٨٢٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٦٨ (نسر).

(٩) في المرآة : «يمكن أن يقرأ «قتل» على بناء المعلوم والمجهول ، والأول أنسب بما تقدم».

(١٠) في الكافي ، ح ٩٤٨ والغيبة للنعماني : «إن» بدون الواو.

(١١) البلبلة : تفريق الآراء ، واختلاط الألسنة ، وشدة الهم والغم ، ووسوسة الصدر. لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٦٩ (بلل).

(١٢) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : ولتغربلن غربلة ، الظاهر أنها مأخوذة من الغربال الذي يغربل به الدقيق ، ويجوز أن تكون من قولهم : غربلت اللحم ، أي قطعته. فعلى الأول الظاهر أن المراد تميز جيدهم من رديهم وعلى الثاني فلعل المراد تفريقهم وقطع بعضهم عن بعض». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٧١ (غربل).

١٦٩

ولتساطن(١) سوطة(٢) القدر(٣) حتى يعود أسفلكم أعلاكم ، وأعلاكم أسفلكم ، وليسبقن سابقون(٤) كانوا قصروا ، وليقصرن سابقون(٥) كانوا سبقوا ، والله ما كتمت وشمة(٦) ، ولا كذبت كذبة ، ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم.

ألا وإن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها(٧) ، وخلعت(٨) لجمها ، فتقحمت(٩) بهم في النار(١٠) .

ألا وإن التقوى مطايا(١١) ذلل حمل عليها أهلها ، وأعطوا أزمتها(١٢) ، فأوردتهم الجنة ، وفتحت لهم أبوابها ، ووجدوا ريحها وطيبها(١٣) ، وقيل لهم :( ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ ) (١٤) .

__________________

(١) السوط : الخلط ، أو هو أن تخلط شيئين في إنائك ، ثم تضربهما بيدك حتى يختلطا ، يقال : ساط القدر بالمسوط والمسواط ، وهو خشبة يحرك بها ما فيها ليختلط. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٢١ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٩٠٧ (سوط).

(٢) في «بف ، بن» وحاشية «جت» والوافي : «سوط».

(٣) في الكافي ، ح ٩٤٨ والغيبة للنعماني : ـ «ولتساطن سوطة القدر».

(٤) في الوافي : «سباقون».

(٥) في حاشية «م ، جد» والوافي والغيبة للنعماني : «سباقون».

(٦) في «د ، ل ، م ، جد» والكافي ، ح ٩٤٨ والغيبة للنعماني : «وسمة». وفي حاشية «م» : «وشيمة». وفي حاشية «د» : «وسيمة». والوشمة : الكلمة ، يقال : ما عصيته وشمة ، أي قلمة. وقال العلامة المجلسي : «ويمكن أن يقرأ ـ أي كتمت ـ على البناء للمجهول ، أي لم يكتم عني رسول الله شيئا ، والأول ـ أي المعلوم ـ أظهر». راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٥٢ (وشم).

(٧) في البحار : «عليها أهلها».

(٨) في الوافي : «وخليت».

(٩) «فتقحمت بهم في النار» أي ألقتهم فيها ، يقال : تقحمت به دابته ، أي رمته على وجهه ، أو ندت به فلم يضبط رأسها ، فربما طوحت به في اهوية. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ١٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٠٩ (قحم).

(١٠) في الوافي : + «فهم فيها كالحون».

(١١) المطايا : جمع المطية ، وهي الناقة التي يركب مطاها ، أي ظهرها. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٤٠ (مطا).

(١٢) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : واعطوا أزمتها ، على البناء للمفعول ، أي أعطاهم من أركبهم أزمتها ، ويحتمل أن يقرأ على البناء للفاعل ، أي أعطى الركات أزمة المطايا إليها فهن لكونهن ذللا لا يخرجن عن طريق الحق إلى أن يوصلن ركابهن إلى الجنة».

(١٣) في «بن» : «طيبها وريحها».

(١٤) الحجر (١٥) : ٤٦.

١٧٠

ألا وقد سبقني إلى هذا الأمر من لم أشركه فيه ، ومن(١) لم أهبه له ، ومن ليست له منه(٢) توبة(٣) إلا بنبي(٤) يبعث ، ألا ولا نبي بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أشرف منه(٥) على شفا(٦) جرف(٧) هار(٨) فانهار به في نار جهنم ، حق وباطل ، ولكل أهل ، فلئن(٩) أمر(١٠) الباطل لقديما(١١) فعل ، ولئن قل(١٢) الحق فلربما(١٣) ولعل ، ولقلما أدبر شيء فأقبل ، ولئن رد عليكم أمركم أنكم سعداء ، وما علي إلا الجهد ، وإني لأخشى أن تكونوا على فترة(١٤) ، ملتم عني ميلة كنتم فيها عندي(١٥) غير محمودي(١٦) الرأي ، ولو أشاء لقلت ، عفا الله

__________________

(١) في «ن» : ـ «من».

(٢) في «د» : ـ «له منه». وفي «ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بف ، بن ، جد» : ـ «منه».

(٣) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي والمرآة. وفي «جت» وحاشية «د ، م ، جت ، جد» : «ثوبة». وفي «د» : «ثوبه». وفي المطبوع وشرح المازندراني والمرآة عن بعض النسخ : «نوبة». وفي شرح المازندراني عن بعض النسخ : «ثوية» بالثاء المثلثة والياء المثناة من تحت.

(٤) في «جت» والبحار : «نبي». ونقله في المرآة عن أكثر النسخ ، ثم قال : «ولعله من تصحيف النساخ».

(٥) في شرح المازندراني : «أشرف منه ، أي من أجل هذا الأمر». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : أشرف منه ، أي بسبب غصبه الخلافة».

(٦) الشفا : الجانب ، وشفا كل شيء : حرفه. الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٩٣ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٨٩ (شفا).

(٧) الجرف ، مثل عسر وعسر : ما تجرفته السيل وأكلته من الأرض. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٣٣٦ (جرف).

(٨) الهار : الساقط الضعيف ، ويقال : هار البناء يهور وتهور وانهار ، أي سقط. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٨١ ؛ لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٢٦٧ (هور).

(٩) في «د ، ع ، ن» وحاشية «بح» : + «كثر».

(١٠) في الوافي : «أمر الباطل بكسر الميم ، أي كثر ، كذا فسره جماعة. ولا يبعد أن يكون بفتح الميم من الأمر ، وأن يكون مثلثة الميم من الإمارة ، أو على البناء للمفعول من التأمير ، أي صار أميرا».

(١١) في حاشية «بح ، جت» والوافي : «فلقديما». وفي «بف» والوافي : + «ما».

(١٢) في «بف» : «قبل». وفي حاشية «م ، جد» والوافي : «قيل».

(١٣) في «بن» : «لربما».

(١٤) الفترة : السكون والفتور ، وما بين الرسولين من رسل الله تعالى من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة. وترجمه العلامة المجلسي بالمعنى الأول والعلامة المازندراني والفيض بالثاني. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٠٨ (فتر).

(١٥) في «ل ، م ، بن» : «عندي فيها». وفي شرح المازندراني : ـ «عندي».

(١٦) في «ن ، بف» : «محمود».

١٧١

عما سلف ، سبق فيه الرجلان ، وقام الثالث كالغراب(١) همه(٢) بطنه ، ويله لو قص جناحاه وقطع رأسه كان خيرا له ، شغل عن(٣) الجنة والنار أمامه ، ثلاثة واثنان(٤) خمسة ليس لهم سادس ، ملك يطير بجناحيه ، ونبي أخذ الله بضبعيه(٥) ، وساع مجتهد ، وطالب يرجو ، ومقصر في النار ، اليمين والشمال مضلة ، والطريق الوسطى هي الجادة ، عليها باقي(٦) الكتاب وآثار النبوة ، هلك من ادعى ، وخاب(٧) من افترى ، إن الله أدب هذه الأمة بالسيف والسوط ، وليس لأحد عند الإمام فيهما هوادة(٨) ، فاستتروا في بيوتكم ، وأصلحوا ذات بينكم ، والتوبة من ورائكم ، من أبدى صفحته للحق(٩) هلك».(١٠)

__________________

(١) في الوافي : «كالغراب ؛ يعني في الحرص والشره ؛ فإن الغراب يقع على الجيفة وعلى الثمرة وعلى الحية ، وفي المثل : أحرص من الغراب».

(٢) في «ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بف ، جد» وحاشية «د» وشرح المازندراني : «همته».

(٣) في «بن» : «من».

(٤) في شرح المازندراني : «ثلاثة واثنان خمسة ليس لهم سادس ، أي هم ثلاثة واثنان ، وإنما قال ذلك ولم يقل : خمسة ابتداء ؛ للتنبيه على أن ثلاثة من أصحاب العصمة والاثنين صنف آخر».

وفي مرآة العقول : «قوله عليه‌السلام : الحاصل أن أحوال المخلوقين المكلفين تدور على خمسة ، وإنما فصل الثلاثة عن الاثنين. لأنهم من المقربين المعصومين الناجين من غير شك ، فلم يخلطهم بمن سواهم».

(٥) الضبع ـ بسكون الباء ـ : وسط العضد ، أو هو ما تحت الإبط ، قال العلامة المازندراني : وأخذه كناية عن تطهيره من الأرجاس ورفع قدره بين الناس» ، وقيل غير ذلك. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٧٣ (ضبع) ؛ شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٣٩٤ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ١٥٧.

(٦) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي. وفي المطبوع والمرآة : «يأتي». وفي حاشية «ن ، بح» : «ما في».

(٧) «خاب» من الخيبة ، وهو الحرمان والخسران. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٩٠ (خيب).

(٨) قال ابن الأثير : «فيه : لا تأخذه في الله هوادة ، أي لا يسكن عند وجوب حد لله تعالى ولا يحابي أحدا ، والهوادة : السكون والرخصة والمحاباة». النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٨١ (هود).

(٩) في الوافي : «من أبدى صفحته للحق ؛ يعني من كاشف الحق مخاصما له هلك هلاكا اخرويا ، وهي كلمة جارية مجرى المثل. وفي رواية : هلك عند جهلة الناس ، فيكون المراد : من أبدى صفحته لنصرة الحق غلبه أهل الجهل ؛ لأنهم العامة وفيهم الكثرة فهلك هلاكا دنيويا».

(١٠) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب البغي ، ح ٢٦٤٠ ، من قوله : «أيها الناس فإن البغي يقود أصحابه إلى

١٧٢

حديث علي بن الحسينعليهما‌السلام

١٤٨٣٩ / ٢٤. محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية(١) ، عن أبي حمزة :

عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال : كان يقول : «إن أحبكم إلى الله ـعزوجل ـ أحسنكم عملا(٢) ، وإن أعظمكم(٣) عند الله(٤) عملا(٥) أعظمكم فيما عند الله رغبة ، وإن أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشية لله ، وإن أقربكم من الله أوسعكم خلقا ، وإن(٦) أرضاكم عند الله أسبغكم(٧) على عياله ، وإن أكرمكم على(٨) الله أتقاكم لله».(٩)

__________________

النار» إلى قوله : «على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا» ؛ وفيه ، كتاب الحجة ، باب التمحيص والامتحان ، ح ٩٤٨. الغيبة للنعماني ص ٢٠١ ، ح ١ ، عن الكليني ، وفيهما من قوله : «ألا وإن بليتكم قد عادت» إلى قوله : «ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم». نهج البلاغة ، ص ٥٧ ، الخطبة ١٦ ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، من قوله : «ألا وإن بليتكم قد عادت» إلى قوله : «فلربما ولعل ولقلما أدبر شيء فأقبل» مع اختلاف يسير وزيادة في أوله الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٤١ ، ح ٢٥٣٦٧ ؛ البحار ، ج ٢٩ ، ص ٥٨٤.

(١) هكذا في «بف ، بن» وحاشية «ن ، بح ، جت». وفي «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بح ، جت ، جد» والمطبوع : «هلال بن عطية».

ولم نجد ذكرا لهلال بن عطية في شيء من الأسناد والطرق وكتب الرجال ، وقد روى الحسن بن محبوب كتاب مالك بن عطية ، وتوسط مالك بينه وبين أبي حمزة في عدد من الأسناد. راجع : الفهرست للطوسي ، ص ٤٧٠ ، الرقم ٧٥٣ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ١٤ ، ص ٣٧٥.

ثم إن الخبر ورد في الفقيه ، ج ٤ ، ص ٤٠٨ ، ح ٥٨٨٤ ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن عائذ الأحمسي ، عن أبي حمزة الثمالي. والظاهر زيادة «عن عائذ الأحمسي» في سند الفقيه ؛ فإنا لم نجد رواية عائذ الأحمسي ، عن أبي حمزة في موضع.

(٢) في «ن» : + «لله».

(٣) في «ن» : + «فيما».

(٤) في شرح المازندراني : ـ «عند الله».

(٥) في الفقيه : «حظا».

(٦) في شرح المازندراني : ـ «إن».

(٧) «أسبغكم» أي أوسعكم ، يقال : سبغت النعمة تسبغ سبوغا ، أي اتسعت ، وأسبغ الله عليه النعمة ، أي أكملها وأتمها ووسعها. راجع : لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٤٣٣ (سبغ).

(٨) في «ن» والفقيه : «عند».

(٩) الكافي ، أبواب الصدقة ، باب كفاية العيال والتوسع عليهم ، ح ٦٠٣٦ ، عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن

١٧٣

١٤٨٤٠ / ٢٥. عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن موسى بن عمر الصيقل ، عن أبي شعيب المحاملي ، عن عبد الله بن سليمان :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ليأتين على الناس زمان يظرف(١) فيه الفاجر ، ويقرب فيه الماجن(٢) ، ويضعف فيه المنصف».

قال : «فقيل(٣) له : متى ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال : إذا اتخذت(٤) الأمانة مغنما ، والزكاة مغرما ، والعبادة استطالة(٥) ، والصلة منا».

قال(٦) : «فقيل(٧) : متى ذلك(٨) يا أمير المؤمنين(٩) ؟ فقال : إذا تسلطن(١٠) النساء ،

__________________

زياد وأحمد بن محمد جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة الثمالي ، وتمام الرواية فيه : «أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله». الفقيه ، ج ٤ ، ص ٤٠٨ ، ح ٥٨٨٤ ، معلقا عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن عائذ الأحمسي ، عن أبي حمزة. الجعفريات ، ص ٢٣٨ ، بسند آخر عن جعفر بن محمد ، عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع اختلاف. تحف العقول ، ص ٢٧٩ الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٢٥٢ ، ح ٢٥٤٠٦.

(١) في «د ، م ، ن ، بح ، بن» وشرح المازندراني : «يطرف» بالطاء المهملة. و «يظرف فيه الفاجر» أي يعد ظريفا ، أي كيسا ؛ من الظرافة بمعنى الكياسة. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٣٩٨ ؛ لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٢٣٠ (ظرف).

(٢) في شرح المازندراني والمرآة عن بعض النسخ : «الماحل». وقال الجوهري : «المجون : أن لايبالي الإنسان ما صنع ، وقد مجن بالفتح يمجن مجونا ومجانة فهو ماجن ، والجمع : المجان». وقال الفيروزآبادي : «مجن مجونا : صلب ، وغلظ ، ومنه الماجن لمن لا يبالي قولا وفعلا ، كأنه صلب الوجه». الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٠٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٢٠ (مجن).

(٣) في شرح المازندراني : «قيل».

(٤) في «د ، بف» : «اتخذ».

(٥) الاستطالة : العلو والترفع ، يقال : طال عليه واستطال وتطاول ، إذا علاه وترفع عليه. النهاية ، ج ٣ ، ص ١٤٥ (طول). وفي شرح المازندراني : «والعبادة استطالة على الناس يستطيلون بها».

(٦) في الوافي : ـ «قال».

(٧) في «د ، بف» والوافي : «فقال». وفي البحار : + «له».

(٨) في «بف» والوافي : «ذاك».

(٩) في «ع ، ل ، م ، ن ، بن ، جت» : ـ «فقال إذا اتخذت ـ إلى ـ يا أميرالمؤمنين».

(١٠) في شرح المازندراني : «قوله : إذا تسلطن النساء ، بخذف إحدى التاءين من مضارع التفعل ، والظاهر : تسلط

١٧٤

وسلطن الإماء ، وأمر الصبيان».(١)

١٤٨٤١ / ٢٦. عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن جعفر العقبي رفعه ، قال :

خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «أيها الناس ، إن آدم لم يلد عبدا ولا أمة ، وإن الناس كلهم أحرار ، ولكن الله خول(٢) بعضكم بعضا ، فمن كان له بلاء فصبر(٣) في الخير ، فلا يمن به على اللهعزوجل ، ألا وقد حضر شيء ونحن مسوون فيه بين الأسود والأحمر(٤) ».

فقال مروان لطلحة والزبير : ما أراد بهذا غيركما.

قال(٥) : فأعطى كل واحد ثلاثة دنانير ، وأعطى رجلا من الأنصار ثلاثة دنانير ، وجاء بعد غلام أسود فأعطاه ثلاثة دنانير ، فقال الأنصاري : يا أمير المؤمنين ، هذا غلام أعتقته(٦) بالأمس تجعلني وإياه سواء؟

__________________

بدون النون ، وكذا الظاهر من قوله : سلطن ، أو تسلطن على اختلاف النسخ ؛ لوجوب إفراد الفعل إذا اسند إلى الظاهر ، وحمل النون على التأكيد غير مناسب ، سيما في نسخة الأصل ، وهي سلطن بلفظ المضي ، فلابد من ارتكاب إحدى التأويلين : إما بأن يجعل النون حرفا دالة على جمعية الفاعل قبل ذكره ، أو بأن يجعل الفعل خبرا مقدما على المبتدأ ، وهو اسم الظاهر».

(١) نهج البلاغة ، ج ٤٨٥ ، الحكمة ١٠٢ ؛ وخصائص الأئمةعليهم‌السلام ، ص ٩٦ ، مرسلا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٤٥٨ ، ح ٢٥٥٤٣ ؛ البحار ، ج ٥٢ ، ص ٢٦٥ ، ح ١٥١.

(٢) يقال : خوله الله تعالى الشيء ، أي ملكه إياه. وخوله الله تعالى المال ، أي أعطاه إياه متفضلا. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٩٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣١٧ (خول).

(٣) في «ن» والمرآة : «فصير».

(٤) قال ابن الأثير : «فيه : بعثت إلى الأحمر والأسود ، أي العجم والعرب ؛ لأن الغالب على ألوان العجم الحمرة والبياض ، وعلى ألوان العرب الادمة والسمرة. وقيل : أراد الجن والإنس. وقيل : أراد بالأحمر الأبيض مطلقا ؛ فإن العرب تقول : امرأة حمراء ، أي بيضاء». النهاية ، ج ١ ، ص ٤٣٧ (حمر).

(٥) في «جت» : ـ «قال».

(٦) في المرآة : «قوله : أعتقته ، يحتمل التكلم والخطاب».

١٧٥

فقال : إني نظرت في كتاب الله ، فلم أجد لولد إسماعيل على ولد إسحاق فضلا(١) .(٢)

حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حين عرضت عليه الخيل

١٤٨٤٢ / ٢٧. أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ؛ وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن أحمد بن النضر ؛ ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن الحسين بن أبي قتادة جميعا ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر :

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : «خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعرض(٣) الخيل ، فمر بقبر أبي أحيحة ، فقال أبو بكر : لعن الله صاحب هذا القبر ، فو الله إن(٤) كان ليصد عن سبيل الله ، ويكذب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال خالد ابنه : بل(٥) لعن الله أبا قحافة ، فو الله ما كان يقري الضيف(٦) ، ولا يقاتل العدو ، فلعن الله أهونهما على العشيرة فقدا ، فألقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خطام(٧) راحلته على

__________________

(١) في شرح المازندراني : «قال الفاضل الأمين الإسترآبادي : يعني مع أن النبي والأئمة وبني هاشم وقريشا من ولد إسماعيل ، واليهود من ولد إسحاق إذا كانوا مسلمين ، سواء في الغنائم وشبهها بمقتضى كتاب الله ، فثبت المساواة بين غيرهما من باب الأولوية». وفي مرآة العقول : «قوله : على ولد إسحاق ، لعل العبد كان من بني إسرائيل ، كما هو الأغلب فيهم ، ويحتمل أن يكون المراد عدم الفضل في القسمة لا مطلقا ، مع أنه لا استبعاد في أن لا يكون بينهما فضل مطلقا إلابالفضائل».

(٢) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٧٧ ، ح ٢٥٣٧٣ ؛ البحار ، ج ٣٢ ، ص ١٣٣ ، ح ١٠٧.

(٣) في «د ، ل ، م ، ن ، بف ، بن» وحاشية «جد» وشرح المازندراني : «يعرض». وفي «جد» وحاشية «د ، م» : «لمعرض».

(٤) في «بح» : «إنه».

(٥) في «بف» : ـ «بل».

(٦) قال الجوهري : «قريت الضيف قرى ، مثال قليته قلى ، وقراء : أحسنت إليه ؛ إذا كسرت القاف قصرت ، وإذا فتحت مددت». الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٦١ (قرا).

(٧) في حاشية «د» : «زمام». وقال ابن الأثير : «خطام البعير : أن يؤخذ حبل من ليف أو شعر أو كتان ، فيجعل

١٧٦

غاربها(١) ، ثم قال : إذا أنتم(٢) تناولتم المشركين ، فعموا ولا تخصوا فيغضب ولده ، ثم وقف فعرضت عليه الخيل ، فمر به فرس ، فقال عيينة بن حصن(٣) : إن من أمر هذا الفرس كيت وكيت(٤) ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ذرنا ، فأنا أعلم بالخيل منك ، فقال عيينة : وأنا أعلم بالرجال منك ، فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى ظهر الدم في وجهه ، فقال له : فأي(٥) الرجال أفضل؟ فقال(٦) عيينة بن حصن(٧) : رجال يكونون بنجد يضعون سيوفهم على عواتقهم(٨) ، ورماحهم على كواثب(٩) خيلهم ، ثم يضربون بها قدما قدما(١٠) ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كذبت ، بل رجال أهل اليمن أفضل ، الإيمان يماني(١١) ،

__________________

في أحد طرفيه حلقة ، ثم يشد فيه الطرف الآخر حتى يصير كالحلقة ، ثم يقاد البعير ، ثم يثنى على مخطمه. وأما الذي يجعل في الأنف دقيقا فهو الزمام». وقال الفيروزآبادي : «الخطام ، ككتاب : كل ما وضع في أنف البعير ليقتاد به». النهاية ، ج ٢ ، ص ٥٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٥٥ (خطم).

(١) الغارب : الكاهل ، أو ما بين السنام والعنق ، والجمع : غوارب. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٠٧ (غرب).

(٢) في شرح المازندراني : ـ «أنتم».

(٣) في «م ، ن ، بح ، بف» والوافي : «حصين». وعيينة هذا ، هو عيينة بن حصن بن حذيفة الفزاري. راجع : الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، ج ٣ ، ص ٣١٦ ، الرقم ٢٠٧٨ ؛ اسد الغابة في معرفة الصحابة ، ج ٤ ، ص ٣١٨ ، الرقم ٤١٦٦.

(٤) «كيت وكيت» : هي كناية عن الأمر ، نحو كذا وكذا. قال أهل العربية : إن أصلها : كية بالتشديد ، والتاء فيها بدل من إحدى الياءين ، والهاء التي في الأصل محذوفة ، وقد تضم التاء وتكسر. قاله ابن الأثير في النهاية ، ج ٤ ، ص ٢١٦ (كيت).

(٥) في «د» : «وأي».

(٦) في «بن» : + «له».

(٧) في «م ، ن ، بح ، بف» والوافي : «حصين».

(٨) العواتق : جمع العاتق ، وهو موضع الرداء من المنكب ، يذكر ويؤنث. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٢١ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٠٣ (عتق).

(٩) الكواثب : جمع كاثبة ، وهي من الفرس مجتمع كتفيه قدام السرج. النهاية ، ج ٤ ، ص ١٥٢ (كثب).

(١٠) القدم ـ محركة وبالضم وبضمتين ـ : الشجاع ، وقد يكون بمعنى المتقدم في الحرب ، يقال : مضى قدما ، إذا تقدم ولم يعرج ولم ينثن ولم يقم ولم ينعطف. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٠٧ ؛ لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٤٦٨ (قدم).

(١١) في حاشية «ن» : «يمان».

١٧٧

والحكمة يمانية(١) ، ولو لا الهجرة لكنت امرأ من أهل اليمن ، الجفاء والقسوة في الفدادين(٢) أصحاب(٣) الوبر(٤) ربيعة ومضر(٥) من حيث يطلع قرن الشمس(٦) ، ومذحج(٧) أكثر قبيل يدخلون الجنة ، وحضرموت(٨) خير من عامر بن

__________________

(١) قال الجوهري : «اليمن : بلاد للعرب ، والنسبة إليها : يمني ويمان مخففة ، والألف عوض من ياء النسب فلايجتمعان. قال سيبويه : وبعضهم يقول : يماني بالتشديد».

وقال ابن الأثير : «فيه : الإيمان يمان والحكمة يمانية ، إنما قال ذلك لأن الإيمان بدأ من مكة وهي من تعامة ، وتعامة من أرض اليمن ، ولهذا يقال : الكعبة اليمانية. وقيل : أنه قال هذا القول وهو بتبوك ، ومكة والمدينة يومئذ بينه وبين اليمن ، فأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد مكة والمدينة. وقيل : أراد بهذا القول الأنصار لأنهم يمانون ، وهم نصروا الإيمان والمؤمنين وآووهم ، فنسب الإيمان إليهم».

وقال الفيومي : «في الياء مذهبان : أحدهما وهو الأشهر تخفيفها والثاني التثقيل ؛ لأن الألف زيدت بعد النسبة فيبقى التثقيل الدال على النسبة تنبيها على جواز حذفها».

وقال العلامة المازندراني : «وهذه الوجوه تجري في قوله : والحكمة يمانية». راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢١٩ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٣٠٠ ؛ المصباح المنير ، ص ٦٨٢ (يمن).

(٢) قال ابن الأثير : «فيه : إن الجفاء والقسوة في الفدادين ، الفدادون بالتشديد : الذين تعلو أصواتهم في خروشهم ومواشيهم ، واحدهم : فداد ، يقال : فدد الرجل يفد فديدا ، إذا اشتد صوته. وقيل : هم المكثرون من الإبل. وقيل : هم الجمالون والبقارون والحمارون والرعيان. وقيل : إنما هو «الفدادين» مخففا ، واحدها : فدان ، مشدد ، وهي البقر التي يحرث بها ، وأهلها أهل جفاء وغلظة». النهاية ، ج ٣ ، ص ٤١٩ (فدد).

(٣) في حاشية «بح» : «وأصحاب».

(٤) «أصحاب الوبر» أي أهل البوادي والمدن والقرى ، وهو من وبر الإبل ، وهو صوفها ؛ لأن بيوتهم يتخذونها منه. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١٤٥ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٧٨ (وبر).

(٥) «ربيعة» و «مضر» أبوا قبيلتين ، كانا أخوين ابني يزار بن معد بن عدنان ، معروفان في كثرة العدد وغلبته وفي الكفر وعداوة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وكانا ساكنين في النجد ، وهو شرقي المدينة وتبوك.

(٦) قال الجوهري : «قرن الشمس : أعلاها ، وأول ما يبدو منها في الطلوع». والمراد مطلع الشمس وجانب المشرق ، أي شرقي المدينة وتبوك ، وهو النجد. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢١٨٠ (قرن).

(٧) «مذحج» مثال مسجد : أبو قبيلة من اليمن ، وهو مذحج بن يحابر بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ، قال سيبويه : الميم من نفس الكلمة. الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٤٠ (مذحج).

(٨) «حضرموت» : اسم بلد وقبيلة أيضا ، وهما اسمان جعلا واحدا ، وإن شئت بنيت الاسم على الفتح وأعربت الثاني إعراب مالا ينصرف فقلت : هذا حضر موت ، وإن شئت أضفت الأول إلى الثاني فقلت : هذا حضر موت ، أعربت حضرا ، وخفضت موتا. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٣٤ (حضر).

١٧٨

صعصعة(١) ـ وروى بعضهم : خير من الحارث بن معاوية ـ وبجيلة(٢) خير من رعل وذكوان(٣) ، وإن يهلك لحيان(٤) فلا أبالي».

ثم قال : «لعن الله الملوك الأربعة : جمدا ، ومخوسا ، ومسوحا(٥) ، وأبضعة ، وأختهم العمردة(٦) ؛ لعن الله المحلل(٧) والمحلل له(٨) ، ومن

__________________

(١) «عامر» : أبو قبيلة ، وهو عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٥٩ (عمر).

(٢) «بجيلة» ، كسفينة : حي من اليمن ، والنسبة إليهم : بجلي بالتحريك ، وإنهم من معد. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٣٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٧٧ (بجل).

(٣) في شرح المازندراني : «رعل وذكوان : قبيلتان من سليم ، وهم الذين قتلوا أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بئر معونة ، وكان الأصحاب أربعين رجلا على ما في السير ، وسبعين رجلا في كتاب مسلم ، ولم ينج منهم إلاعمرو بن امية الضمري فجاء فأخبرهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد أخبره جبرئيلعليه‌السلام قبل وروده ، فتوجع بقتلهم وأقام شهرا يدعو في صلاة الغداة على قاتليهم». وراجع : صحيح مسلم ، ج ٢ ، ص ١٣٦ ، باب استحباب القنوت ؛ الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٧١٠ (رعل) ؛ وج ٦ ، ص ٢٣٤٧ (ذكا) ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ٩ ، ص ٣٢٦ و ٣٢٧.

(٤) في «ع ، ل ، بف» : «الخنان». وفي الوافي : «الحيان». ولحيان : أبو قبيلة ، وهو لحيان بن هذيل بن مدركة. الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٨٠ (لحي).

(٥) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي «جت» والمطبوع وشرح المازندراني والوافي والمرآة : «مشرحا».

(٦) قال الفيروزآبادي : «مخوس ، كمنبر ، ومشرح وجمد وأبضعة : بنو معد بن كرب ، الملوك الأربعة الذين لعنهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولعن اختهم العمردة ، وفدوا مع الأشعت ، فأسلموا ، ثم ارتدوا ، فقتلوا يوم النجير ، فقالت نائحتهم : يا عين بكي لي الملوك الأربعة». وضبط «جمدا» بسكون وتحريكها ، و «العمردة» بفتحتين وتشديد الراء». راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٠٣ (جمد) ، وص ٤٣٩ (عمرد) ، وص ٧٤٥ (خوس).

(٧) في شرح المازندراني : «المحل».

(٨) قال ابن الأثير : «فيه : لعن الله المحلل والمحلل له ، وفي رواية : المحل والمحل له ، وفي حديث بعض الصحابة : لا اوتى بحال ولا محلل إلارجمتهما ، جعل الزمخشري هذا الأخير حديثا لا أثرا ، وفي هذه اللفظة ثلاث لغات : حللت ، وأحللت ، وحللت والمعنى في الجميع : هو أن يطلق الرجل امرأته ثلاثا فيتزوجها رجل آخر على شريطة أن يطلقها بعد وطئها لزوجها الأول. وقيل : سمي محللا بقصده إلى التحليل ، كما يسمي مشتريا إذا قصد الشراء».

وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «قال المجلسي رحمه‌الله : مع الاشتراط ذهب أكثر العامة إلى بطلان النكاح ، فلذا فسروا التحليل بقصد التحليل ، ولا يبعد القول بالبطلان على اصول أصحابنا أيضا. أقول : وذلك لأن

١٧٩

يوالي(١) غير مواليه(٢) ، ومن ادعى نسبا لايعرف(٣) ، والمتشبهين من الرجال بالنساء(٤) ، والمتشبهات من النساء بالرجال ، ومن أحدث حدثا في الإسلام أو آوى محدثا(٥) ، ومن قتل غير قاتله(٦) ، أو ضرب غير ضاربه ، ومن لعن أبويه.

__________________

العقود تابعة للقصود ؛ ولم يقصد المطلقة ولا المحلل دوام النكاح ، وشرط التحليل العقد الدائم ، وإنما يحمل اللفظ على ظاهره إذا لم يعلم خلافه قطعا ، ثم احتملرحمه‌الله معنيين آخرين للتحليل : أحدهما : تحليل الشهر الحرام بالنسيء ، والثاني : مطلق تحريم ما حرم الله تعالى ، وكلاهما بعيد ، والأول أشهر وأظهر في تفسير الحديث». راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٤٣١ (حلل).

(١) في «د ، ع ، جت» والبحار ، ج ٢٢ : «توالى». وفي «بن» : «تولى». وفي «ن» بالتاء والياء معا.

(٢) في المرآة : «قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن يوالي غير مواليه ، فسر أكثر العامة بالانتساب إلى غير من انتسب إليه من ذي نسب أو معتق ، وبعضهم خصه بولاء العتق فقط ، وهو هنا أنسب ؛ لعطف «من ادعى نسبا» عليه. وفسر في أخبارنا بالانتساب إلى غير أئمة الحق وتركهم واتخاذ غيرهم أئمة».

(٣) في المرآة : «قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يعرف ، يحتمل البناء للفاعل والمفعول».

(٤) قال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «التشبه إما أن يكون طبعا ، ولا مؤاخذة عليه ؛ فإن بعض الرجال يشبهون النساء في مشيهم وتكلمهم وأخلاقهم وصوتهم ، وقد يكون اختياريا ، كرجل يحب أن يكون كالنساء ، وهذا يصح المؤاخذة عليه ، وقد كثر الأسانيد في لعن المتشبهين والمتشبهات في روايات العامة أيضا ، وأفتى كثير من علمائنا بحرمة لبس الثياب والحلي المختصة بجنس على الآخر ، ولكن ينبغي أن يخصص ذلك بما قصد فيه التشبه ، لا إذا لبس لغرض آخر غير التشبه ، كالحفظ من البرد والتستر ممن يرى مصلحته في التستر عنه والمزاح ، أورده في كتاب الصلاة والاقتصاد في المعيشة إذا لم يكن مؤديا إلى ترك تلك المروءة والوقاحة ، ومثله النهي عن التشبه بالكفار. وبالجملة التشبه دليل نقيصة في الشخص لا حرام ، نظير الضحك الكثير والمشي عريانا في السوق».

(٥) قال ابن الأثير : «في حديث المدينة : من أحدث فيها حدثا ، أو آوى محدثا الحدث : الأمر الحادث المنكرالذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة. والمحدث يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول ، فمعنى الكسر : من نصر جانيا ، أو آواه وأجاره من خصمه وحال بينه وبين أن يقتص منه. والفتح : هو الأمر المبتدع نفسه ، ويكون معنى الإيواء فيه الرضا به والصبر عليه ؛ فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكر عليه فقد آواه». النهاية ، ج ١ ، ص ٣٥١ (حدث).

(٦) في شرح المازندراني : «ضمير «قاتله» للموصول باعتبار أنه قاتل مورثه». وفي المرآة : «قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن قتل غير قاتله ، أي غير مريد قتله ، أو غير قاتل من هو ولي دمه ، فكأنما قتل نفسه. قولهعليه‌السلام : أو ضرب غير ضاربه ، أي مريد ضربه ، أو من يضر به».

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909