الكافي الجزء ١٥

الكافي6%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 82392 / تحميل: 4840
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

ظهور(١) الفسخ في حياتهما ، وللعامل البيع هنا حيث كان له البيع هناك ، ولا يحتاج إلى إذن الوارث ؛ اكتفاءً بإذن مَنْ يتلقّى الوارث الملك منه ، بخلاف ما إذا مات العامل حيث لا يتمكّن وارثه من البيع دون إذن المالك ؛ لأنّه لم يرض بتصرّفه.

وللشافعيّة وجهٌ آخَر : إنّ العامل أيضاً لا يبيع إلّا بإذن وارث المالك(٢) .

والمشهور عندهم : الأوّل(٣) . ولا بأس بالثاني.

ويجري الخلاف في استيفائه الديون بغير إذن الوارث(٤) .

أمّا لو أراد العامل الشراء ، فإنّه ممنوع منه ؛ لأنّ القراض قد بطل بموت المالك.

مسألة ٢٩٠ : إذا مات المالك وأراد هو والوارث الاستمرار على العقد ، فإن كان المال ناضّاً ، لم يكن لهما ذلك إلّا بتجديد عقدٍ واستئناف شرطٍ بينهما ، سواء وقع العقد قبل القسمة أو بعدها ، وسواء كان هناك ربح أو لا ؛ لجواز القراض على المشاع ، ويكون رأس المال وحصّته من الربح رأس المال ، وحصّة العامل من الربح شركة له مشاع ، كما لو كان رأس المال مائةً والربح مائتين وجدّد الوارث العقد على النصف ، فرأس مال الوارث مائتان من ثلاثمائة ، والمائة الباقية للعامل ، فعند القسمة يأخذها وقسطها من الربح ، ويأخذ الوارث مائتين ، ويقتسمان ما بقي.

وهذه الإشاعة لا تمنع القراض عندنا وعند العامّة(٥) .

____________________

(١) الظاهر : « حصول » بدل « ظهور ».

(٢ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.

(٥) المغني ٥ : ١٨١ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

١٤١

أمّا عندنا : فلجواز القراض بالمشاع.

وأمّا عندهم : فلأنّ الشريك هو العامل ، وذلك لا يمنع التصرّف(١) .

وكذلك يجوز القراض مع الشريك بشرط أن لا يشاركه في اليد عندهم(٢) ، ويكون للعامل ربح نصيبه خاصّةً ، ويتضاربان في ربح نصيب الآخَر.

إذا ثبت هذا ، فإنّه لا بدّ فيه من عقدٍ صالحٍ للقراض بألفاظه المشترطة ؛ لأنّه عقد مبتدأ ، وليس هو تقريراً لعقدٍ ماضٍ ؛ لأنّ العقد الماضي قد ارتفع ، فلا بدّ من لفظٍ صالحٍ للابتداء ، والتقرير يشعر بالاستدامة ، فلا ينعقد بلفظ الترك والتقرير بأن يقول الوارث أو وليُّه : « تركتُك ، أو : أقررتُك على ما كنتَ عليه » - وهو أحد قولَي الشافعيّة(٣) - لأنّ هذه العقود لا تنعقد بالكنايات.

والثاني - وهو الأظهر عند الجويني - : إنّه ينعقد بالترك والتقرير ؛ لفهم المعنى ، وقد يستعمل التقرير لإنشاء عقدٍ على موجب العقد السابق(٤) .

وإن كان المال عروضاً ، لم يصح تقرير الوارث عليه ، وبطل القراض عندنا وارتفع - وهو أظهر وجهي الشافعيّة وإحدى الروايتين عن أحمد(٥) - لارتفاع القراض الأوّل بموت المالك ، فلو وُجد قراضٌ آخَر لكان عقداً

____________________

(١) المغني ٥ : ١٨١ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

(٢) الوسيط ٤ : ١٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.

(٣ و ٤) الوسيط ٤ : ١٢٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.

(٥) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٥ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٠ ، الوسيط ٤ : ١٢٩ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٧ ، البيان ٧ : ٢٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠ ، المغني ٥ : ١٨١ و ١٨٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

١٤٢

مستأنفاً فيرد على العروض ، وهو باطل.

والثاني : إنّه يجوز تقرير الوارث عليه ؛ لأنّه استصحاب قراضٍ ، فيظهر فيه جنس المال وقدره ، فيجريان على موجبه ، وهذا الوجه هو منصوص الشافعي(١) .

والرواية الثانية عن أحمد : إنّ القراض إنّما منع منه في العروض ؛ لأنّه يحتاج عند المفاصلة إلى ردّ مثلها أو قيمتها ، ويختلف ذلك باختلاف الأوقات ، وهذا غير موجودٍ هنا ؛ لأنّ رأس المال غير العروض ، وحكمه باقٍ ، فإنّ للعامل أن يبيعه ليسلّم رأس المال ويقسّم الباقي(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّ المظنّة لا يناط الحكم بها ، بل بالوصف الضابط لها ، ولا ريب في أنّ هذا ابتداء قراضٍ ، ولهذا لو كان المال ناضّاً كان ابتداء قراضٍ إجماعاً ، وكانت حصّة العامل من الربح شركةً له يختصّ بربحها ، ويضارب في الباقي ، وليس لربّ المال في حصّة العامل شركة في ربحها ، ولو كان المال ناقصاً بخسارةٍ أو تلفٍ كان رأس المال الموجودَ منه حال ابتداء القراض ، فلو جاز ابتداء القراض هنا وبناؤها على القراض الأوّل لصارت حصّة العامل من الربح غير مختصّةٍ [ به ] وحصّتها من الربح مشتركة بينهما ، وحُسب عليه العروض بأكثر من قيمتها فيما إذا كان المال ناقصاً ، وهذا لا يجوز في القراض بلا خلافٍ ، ويلزم أيضاً أن يصير بعض رأس المال ربحاً ، وذهاب بعض الربح في رأس المال.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٥ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٠ ، الوسيط ٤ : ١٢٩ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٧ ، البيان ٧ : ٢٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠ ، المغني ٥ : ١٨١ و ١٨٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

(٢) المغني ٥ : ١٨١ - ١٨٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

١٤٣

مسألة ٢٩١ : لو مات العامل ، فإن كان المال ناضّاً ولا ربح أخذه المالك ، وإن كان فيه ربح أخذ المالك المالَ وحصّته من الربح ، ودفع إلى الوارث حصّته.

ولو كان متاعاً واحتيج إلى البيع والتنضيض ، فإن أذن المالك لوارث العامل فيه جاز ، وإلّا تولّاه شخص ينصبه الحاكم.

ولا يجوز تقرير الوارث على القراض ؛ لأنّه لا يصحّ القراض على العروض ، والقراض الأوّل قد بطل بموت العامل أو جنونه ، وبه قال الشافعيّة(١) .

ولا يُخرّج على الوجهين المذكورين عندهم في موت المالك حيث قالوا هناك : إنّه يجوز - في أحد الوجهين - تقرير العامل على القراض ؛ لأنّ الفرق واقع بين موت المالك وموت العامل ؛ لأنّ ركن القراض من جانب العامل عمله وقد فات بوفاته ، ومن جانب المالك المال ، وهو باقٍ بعينه انتقل إلى الوارث ، ولأنّ العامل هو الذي اشترى العروض ، والظاهر أنّه لا يشتري إلّا ما يسهل عليه بيعه وترويجه ، وهذا المعنى لا يؤثّر فيه موت المالك ، وإذا مات العامل فربما كانت العروض كلاًّ على وارثه ؛ لأنّه لم يشترها ولم يخترها(٢) .

وعند أحمد : إنّه يجوز القراض بالعروض ، فيجوز هنا في كلّ موضعٍ يجوز ابتداء القراض فيه بالعروض بأن تُقوّم العروض ويجعل رأس المال‌

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢١٠ ، الوسيط ٤ : ١٣٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٧ ، البيان ٧ : ٢٠١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٤ ، وراجع : الحاوي الكبير ٧ : ٣٣١ ، والبيان ٧ : ٢٠١.

١٤٤

قيمتها يوم العقد(١) .

ولو كان المال ناضّاً وقت موت العامل ، جاز أن يبتدئ المالك القراضَ مع وارثه بعقدٍ جديد ، ولا يصحّ بلفظ التقرير.

وللشافعيّة الوجهان السابقان(٢) .

فإن لم يرض ، لم يجز للوارث شراء ولا بيع.

إذا عرفت هذا ، فالوجهان المذكوران في التقرير للشافعيّة كالوجهين في أنّ الوصيّة بالزائد على الثلث إذا جعلناها ابتداء عطيّةٍ هل تنفذ بلفظ الإجازة؟ ويجريان أيضاً فيما إذا انفسخ البيع الجاري بينهما ثمّ أرادا إعادته ، فقال البائع : قرّرتُك على موجب العقد الأوّل ، وقَبِل صاحبه(٣) .

وفي مثله من النكاح لا يعتبر ذلك عندهم(٤) .

وللجويني احتمال فيه ؛ لجريان لفظ النكاح مع التقرير(٥) .

مسألة ٢٩٢ : إذا مات العامل وعنده مال مضاربةٍ لجماعةٍ متعدّدين ، فإن عُلم مال أحدهم بعينه كان أحقَّ به ، وإن جُهل كانوا فيه سواءً ، وإن جُهل كونه مضاربةً قضي به ميراثاً.

ولو سمّى الميّت واحداً بعينه قضي له به ، وإن لم يذكر كان أُسوة الغرماء ؛ لما رواه السكوني عن الصادقعليه‌السلام عن الباقر عن آبائه عن عليٍّعليهم‌السلام أنّه كان يقول : « مَنْ يموت وعنده مال مضاربةٍ - قال - إن سمّاه بعينه قبل موته فقال : هذا لفلانٍ ، فهو له ، وإن مات ولم يذكر فهو أُسوة الغرماء »(٦) .

____________________

(١) المغني ٥ : ١٨٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٣.

(٢) الوسيط ٤ : ١٢٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.

(٣ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٤.

(٦) التهذيب ٧ : ١٩٢ / ٨٥١.

١٤٥

مسألة ٢٩٣ : إذا استردّ المالك بعضَ المال من العامل بعد دورانه في التجارة ولم يكن هناك ربح ولا خسران ، رجع رأس المال إلى القدر الباقي ، وارتفع القراض في القدر الذي أخذه المالك.

وإن كان بعد ظهور ربحٍ في المال ، فالمستردّ شائع ربحاً على النسبة الحاصلة من جملتي الربح ورأس المال ، ويستقرّ ملك العامل على ما يخصّه بحسب الشرط ممّا هو ربح منه ، فلا يسقط بالنقصان الحادث بعده.

وإن كان الاسترداد بعد ظهور الخسران ، كان الخسران موزَّعاً على المستردّ والباقي ، فلا يلزم جبر حصّة المستردّ من الخسران ، كما لو استردّ الكلّ بعد الخسران لم يلزم العامل شي‌ء ، ويصير رأس المال الباقي بعد المستردّ وحصّته من الخسران.

مثال الاسترداد بعد الربح : لو كان رأس المال مائةً وربح عشرين ، ثمّ استردّ المالك عشرين ، فالربح سدس المال ، فالمأخوذ يكون سدسه ربحاً : ثلاثة وثلث ، ويستقرّ ملك العامل على نصفه إذا كان الشرط المناصفةَ ، وهو واحد وثلثا واحدٍ ، ويبقى رأس المال ثلاثة وثمانين وثُلثاً ؛ لأنّ المأخوذ سدس المال ، فينقص سدس رأس المال ، وهو ستّة عشر وثلثان ، وحظّهما من الربح ثلاثة وثلث ، فيستقرّ ملك العامل على درهمٍ وثلثين ، حتى لو انخفضت السوق وعاد ما في يده إلى ثمانين لم يكن للمالك أن يأخذ الكلّ ويقول : كان رأس المال مائةً وقد أخذتُ عشرين أضمّ إليها هذه الثمانين لتتمّ لي المائة ، بل يأخذ العامل من الثمانين واحداً وثلثي واحدٍ ، ويردّ الباقي ، وهو ثمانية وسبعون وثلث واحدٍ.

ومثال الاسترداد بعد الخسران : كان رأس المال مائةً ، وخسر عشرين ، ثمّ استردّ المالك عشرين ، فالخسران موزَّع على المستردّ والباقي ،

١٤٦

تكون حصّة المستردّ خمسةً لا يلزمه جبرها ، حتى لو ربح بعد ذلك فبلغ المال ثمانين ، لم يكن للمالك أخذ الكلّ ، بل يكون رأس المال خمسةً وسبعين ، والخمسة الزائدة تُقسّم بينهما نصفين ، فيحصل للمالك من الثمانين سبعة وسبعون ونصف.

ولو كان رأس المال مائةً فخسر عشرةً ثمّ أخذ المالك عشرةً ثمّ عمل الساعي فربح ، فرأس المال ثمانية وثمانون وثمانية أتساع ؛ لأنّ المأخوذ محسوب من رأس المال ، فهو كالموجود ، والمال في تقدير تسعين ، فإذا بسط الخسران - وهو عشرة - على تسعين أصاب العشرة المأخوذة دينار وتُسْع دينار ، فيوضع ذلك من رأس المال ، وإن أخذ نصف التسعين الباقية بقي رأس المال خمسين ؛ لأنّه أخذ نصف المال ، فسقط نصف الخسران ، وإن أخذ خمسين بقي أربعة وأربعون وأربعة أتساع.

ولو كان رأس المال مائةً فربح عشرين ثمّ أخذ المالك ستّين ، بقي رأس المال خمسين ؛ لأنّه أخذ نصف المال ، فبقي نصفه ، وإن أخذ خمسين بقي رأس المال ثمانية وخمسين وثلثاً ؛ لأنّه أخذ ربع المال وسدسه ، فبقي ثلثه وربعه ، فإن أخذ منه ستّين ثمّ خسر فصار معه أربعون فردّها كان له على المالك خمسة ؛ لأنّ الذي أخذه المالك قد انفسخت فيه المضاربة ، فلا يجبر ربحه خسران الباقي ؛ لمفارقته إيّاه ، وقد أخذ من الربح عشرة ؛ لأنّ سدس ما أخذه ربح ، ولو ردّ منها عشرين لا غير بقي رأس المال خمسة وعشرين.

مسألة ٢٩٤ : حكم القراض الفاسد استحقاق المالك جميعَ الربح ؛ لأنّ المال له ، ونماؤه تابع ، والعامل إنّما يستحقّ شيئاً من الربح بالشرط ، فإذا بطل الشرط لم يستحق العامل شيئاً.

١٤٧

ويجب للعامل أُجرة المثل ، سواء كان في المال ربح أو لم يكن.

ولا يستحقّ العامل قراضَ المثل ، بل أُجرة المثل عندنا وعند الشافعي(١) ؛ لأنّ عمل العامل إنّما كان في مقابلة المسمّى ، فإذا لم تصح التسمية وجب ردّ عمله عليه ، وذلك يوجب له أُجرة المثل ، كما إذا اشترى شيئاً شراءً فاسداً وقبضه وتلف ، فإنّه يجب عليه قيمته.

وقال مالك : يجب للعامل قراض المثل ، يعني أنّه يجب ما يقارضه به مثله ؛ لأنّ شبهة كلّ عقدٍ وفاسده مردود إلى صحيحه ، وفي صحيحه لا يستحقّ شيئاً من الخسران ، وكذلك في الفاسد ، والصحيح يستحقّ فيه المسمّى ، سواء كانت أُجرته دونه أو أكثر(٢) .

والتسمية إنّما هي من الربح ، وفي مسألتنا بطلت التسمية ، وإنّما تجب له الأُجرة ، وذلك لا يختصّ بالربح ، فافترقا ، فبطل القياس.

إذا عرفت هذا ، فإنّ القراض الفاسد له حكمٌ آخَر ، وهو صحّة تصرّف العامل ونفوذه ؛ لأنّه أذن له فيه ، فوقع بمجرّد إذنه ، فإن كان العقد فاسداً - كما لو وكّله وكالةً فاسدة - وتصرّف فإنّه يصحّ تصرّفه.

لا يقال : أليس إذا باع بيعاً فاسداً وتصرّف المشتري لم ينفذ؟

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ١٩٨ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٨ - ٣٤٩ ، البيان ٧ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٥ ، المغني ٥ : ١٨٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٦٥ / ١٧٤٠ ، الاستذكار ٢١ : ١٥١ / ٣٠٨٥١ و ٣٠٨٥٢ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٦ / ١٢٥٠.

(٢) الاستذكار ٢١ : ١٥١ / ٣٠٨٥٠ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤١ / ١١١٤ ، التفريع ٢ : ١٩٦ - ١٩٧ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٥ / ١٢٥٠ ، المعونة ٢ : ١١٢٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٦٥ / ١٧٤٠ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٩ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠ ، المغني ٥ : ١٨٨ - ١٨٩.

١٤٨

لأنّا نقول : الفرق ظاهر ؛ لأنّ تصرّف المشتري إنّما لم ينفذ لأنّه يتصرّف من جهة الملك ولم يحصل له ، وكذلك إذا أذن له البائع أيضاً ؛ لأنّ إذنه كان على أنّه ملك المأذون فيه ، فإذا لم يملك لم يصح ، وهنا أذن له في التصرّف في ملك نفسه ، وما شرطه من الشروط الفاسدة ، فلم يكن مشروطاً في مقابلة الإذن ؛ لأنّه أذن في تصرّفٍ يقع له ، فما شرطه لا يكون في مقابلته.

مسألة ٢٩٥ : لو دفع إليه مالاً قراضاً وقال : اشتر به هرويّاً أو مرويّاً بالنصف ، قال الشافعي : يفسد القراض(١) . واختلف أصحابه في تعليله.

فمنهم مَنْ قال : إنّما فسد ؛ لأنّه قال بالنصف ، ولم يبيّن لمن النصف؟ فيحتمل أن يكون شرط النصف لربّ المال ، وإذا ذكر في القراض نصيب ربّ المال ولم يذكر نصيب العامل ، كان القراض فاسداً(٢) .

وليس بشي‌ءٍ ؛ لأنّ الشرط إذا أُطلق انصرف إلى نصيب العامل ؛ لأنّ ربّ المال يستحقّ الربح بالمال ، ولا يحتاج إلى شرطٍ ، كما لا يحتاج في شركة العنان إلى شرط الربح ، فإذا شرط كان الظاهر أنّه شرط ذلك للعامل.

وقال بعضهم : إنّما فسد ؛ لأنّه أذن له في الشراء ، دون البيع(٣) .

____________________

(١) مختصر المزني : ١٢٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٣ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٢ ، البيان ٧ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٦.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٣ ، البيان ٧ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٦.

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٢ ، البيان ٧ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٦.

١٤٩

وفيه نظر ؛ لأنّ إطلاق المضاربة يقتضي تسويغ التصرّف للعامل بيعاً وشراءً ، والتنصيص على الإذن في شراء جنسٍ لا يقتضي عدم الإذن في البيع ، فيبقى على الإطلاق.

وقال بعضهم : إنّه يفسد ؛ للتعيين(١) .

وليس بشي‌ءٍ.

وقال آخَرون : إنّما يفسد ؛ لأنّه لم يعيّن أحد الجنسين(٢) .

وليس بشي‌ءٍ ؛ لأنّه يجوز أن يخيّره بما يشتريه.

والمعتمد : صحّة القراض.

مسألة ٢٩٦ : لا يجوز للعامل أن يبيع الخمر ولا يشتريه ، وكذا الخنزير وأُمّ الولد ، سواء كان العامل مسلماً أو نصرانيّاً إذا كان ربّ المال مسلماً أو كان العامل مسلماً ، ولو كانا ذمّيّين جاز - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه وكيل المالك ، ولا يدخل ذلك في ملك المالك ، فيكون منهيّاً عنه ؛ لما فيه من خروج الملك عن ملكه.

وقال أبو حنيفة : إذا كان العامل نصرانيّاً فباع الخمر أو اشتراها ، صحّ ذلك(٤) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٦.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٣ - ٣٤٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٣ ، البيان ٧ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٦.

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٣٥٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٢ ، البيان ٧ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٣ ، المغني ٥ : ١٦٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٥.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ٣٥٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٢ ، البيان ٧ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨ ، المغني ٥ : ١٦٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٥.

١٥٠

وقال أبو يوسف ومحمّد : يصحّ منه الشراء ، ولا يصحّ منه البيع ، وفرّقوا بينهما بأنّ الوكيل يدخل ما يشتريه أوّلاً في ملكه ، فإذا باع ملك غيره لم يدخل في ملكه ، وكان العامل كأنّ في يده عصيراً فصار خمراً ، فيكون ذلك لربّ المال ، ولا يكون بيعه إلّا من جهته ، ولا يصحّ من المسلم بيع الخمر(١) .

إذا عرفت هذا ، فلو خالف العامل واشترى خمراً أو خنزيراً أو أُمَّ ولدٍ ودفع المال في ثمنه ، فإن كان عالماً كان ضامناً ؛ لأنّ ربّ المال لا يملك ذلك ، فكأنّه قد دفع ثمنه بغير عوضٍ ، فكان ضامناً.

وإن كان جاهلاً ، فكذلك - وهو الأشهر للشافعيّة(٢) - لأنّ حكم الضمان لا يختلف بالعلم والجهل.

وقال القفّال من الشافعيّة : يضمن في الخمر ، دون أُمّ الولد ؛ لأنّه ليس لها أمارة تُعرف بها(٣) .

وقال بعضهم : لا يضمن فيهما(٤) .

وقال آخَرون : لا يضمن في العلم أيضاً ؛ لأنّه اشترى ما طلب فيه الفضل بحسب رأيه(٥) .

وهو خطأ ؛ لأنّ ربّ المال لا يملك ذلك ، فلا يجوز له دفع المال في عوضه.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٢ ، المغني ٥ : ١٦٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٥.

(٢) البيان ٧ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨.

١٥١

مسألة ٢٩٧ : قد بيّنّا أنّه إذا قال للعامل : قارضتك على أن يكون لك شركة في الربح ، أو شركة ، فإنّه لا يصح ؛ لأنّه لم يعيّن مقدار حصّة العامل ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال محمّد بن الحسن : إنّه إذا قال : شركة ، صحّ ، وإذا قال : شرك ، لم يصح(٢) .

وقال أصحاب مالك : يصحّ ، ويكون له مضاربة المثل(٣) .

وقد بيّنّا غلطهم.

ولو قال : خُذْه قراضاً على النصف أو الثلث أو غير ذلك ، صحّ ، وكان ذلك تقديراً لنصيب العامل ؛ قضيّةً للظاهر من أنّ الشرط للعامل ؛ لأنّ المالك يستحقّه بماله ، والعامل يستحقّه بالعمل ، والعمل يكثر ويقلّ ، وإنّما تتقدّر حصّته بالشرط فكان الشرط له.

فإن اختلفا فقال العامل : شرطتَه لي ، وقال المالك : شرطتُ ذلك لنفسي ، قُدّم قول العامل ؛ لأنّ الظاهر معه.

مسألة ٢٩٨ : لو دفع إليه ألفين قراضاً فتلف أحدهما قبل التصرّف ، فقد قلنا : إنّ الأقرب : احتساب التالف من الربح.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، البيان ٧ : ١٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٢) بدائع الصنائع ٦ : ٨٥ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، البيان ٧ : ١٦٥ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٥ ، المنتقى - للباجي - ٥ : ١٥٢.

(٣) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٥ ، المنتقى - للباجي - ٥ : ١٥٢ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٤ ، البيان ٧ : ١٦٥.

١٥٢

وقال الشافعي : يكون من رأس المال(١) .

فإن كان التلف بعد أن باع واشترى ، فالتلف من الربح قولاً واحداً.

ولو اشترى بالألفين عبدين فتلف أحدهما ، فللشافعيّة وجهان :

أحدهما : إنّه يكون من الربح ؛ لأنّه تلف بعد أن ردّ المال في التجارة.

والثاني : يكون من رأس المال ؛ لأنّ العبد التالف بدل أحد الألفين ، فكان تلفه كتلفها(٢) .

قال أبو حامد : هذا خلاف مذهب الشافعي ؛ لأنّ المزني نقل عنه أنّه إذا ذهب بعض المال قبل أن يعمل ثمّ عمل فربح وأراد(٣) أن يجعل البقيّة رأس المال بعد الذي هلك ، فلا يُقبل قوله ، ويوفى رأس المال من ربحه حتى إذا وفاه اقتسما الربح على شرطهما ؛ لأنّ المال إنّما يصير قراضاً في يد العامل بالقبض ، فلا فرق بين أن يهلك قبل التصرّف أو بعده ، فيجب أن يحتسب من الربح(٤) .

وهذا كما اخترناه نحن.

مسألة ٢٩٩ : لو دفع المالك إلى العامل مالاً قراضاً ثمّ دفع إليه مالاً آخَر قراضا ، فإن كان بعد تصرّف العامل في الأوّل بالبيع والشراء كانا قراضين ، وإلّا كانا واحداً ، فلو دفع إليه ألفاً قراضاً فأدارها العامل في التجارة بيعاً‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٣ ، بحر المذهب ٩ : ٢٣١ ، الوسيط ٤ : ١٢٤ ، البيان ٧ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٣١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٣ ، البيان ٧ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ - ٣٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

(٣) في « ث ، خ ، ر » : « فأراد ».

(٤) راجع : بحر المذهب ٩ : ٢٣١.

١٥٣

وشراءً ثمّ دفع إليه ألفاً أُخرى قراضاً ، تعدّد القراضان على معنى أنّ ربح كلّ واحدةٍ منهما لا يجبر خسران الأُخرى ، بل تختصّ كلٌّ منهما بربحها وخسرانها ، وجبر خسرانها من ربحها خاصّةً.

فإن قال المالك : ضمّ الثانية إلى الأُولى ، بعد أن اشتغل العامل بالتجارة ، لم يصح القراض الثاني ؛ لأنّ ربح الأوّل قد استقرّ ، فكان ربحه وخسرانه مختصّاً به ، فإذا شرط ضمّ الثانية إليه ، اقتضى أن يجبر به خسران الأُولى إن كان فيه خسران ، ويجبر خسران الثانية بربح الأوّلة ، وهو غير جائزٍ ؛ لأنّ لكلّ واحدٍ من العقدين حكماً منفرداً ، فإذا شرط في الثاني ما لا يصحّ ، فسد.

وإن كان قبل أن يتصرّف في الأُولى(١) وقال له : ضمّ الثانية إلى الأُولى ، جاز ، وكان قراضاً واحداً.

ولو كان المال الأوّل قد نضّ وقال له المالك : ضمّ الثانية إليه ، جاز - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّه قد أمن فيه المعنى الذي ذكرناه ، وصار كأنّه لم يتصرّف.

ولما رواه محمّد بن عذافر عن أبيه قال : أعطى الصادقعليه‌السلام أبي ألفاً وسبعمائة دينار فقال له : « اتّجر لي بها » ثمّ قال : « أما إنّه ليس لي رغبة في ربحها وإن كان الربح مرغوباً فيه ، ولكن أحببتُ أن يراني الله تعالى متعرّضاً لفوائده » قال : فربحتُ فيها مائة دينار ثمّ لقيته فقلت له : قد ربحتُ لك فيها مائة دينار ، قال : ففرح الصادقعليه‌السلام بذلك فرحاً شديداً ثمّ قال لي : « أثبتها‌

____________________

(١) في « ث » ، خ ، ر » : « الأوّلة » بدل « الأُولى ».

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٢٧.

١٥٤

لي في رأس مالي »(١) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه إذا دفع إليه ألفاً قراضاً ثمّ دفع إليه ألفاً أُخرى قراضاً ولم يأمره بضمّ إحداهما إلى الأُخرى ، بل جعل الألف الأُولى قراضاً بعقدٍ ثمّ دفع إليه الثانية قراضاً بعقدٍ آخَر ، لم يجز له ضمّ الثانية إلى الأُولى ومزجها به ؛ لأنّهما قراضان بعقدين على مالين ، فلا يجوز مزجهما إلّا بإذن المالك ، كما لو قارضه اثنان بمالين منفردين ، فإن ضمّ إحداهما إلى الأُخرى ومزجهما ضمن ، وبه قال الشافعي(٢) ، خلافاً لأبي حنيفة(٣) .

وقال إسحاق : يجوز ضمّ الثانية إلى الأُولى إذا لم يتصرّف في الأُولى(٤) .

وكذا لو ضمّ مال أحد المالكين إلى مال الآخَر ومزجه به ضمن ، إلّا أن يأذن كلّ واحدٍ منهما ، ولا يكفي إذن الواحد في عدم ضمان مال الآخَر ، بل في مال الآذن خاصّةً.

مسألة ٣٠٠ : إذا دفع إليه ألفاً قراضاً وقال له : أضف إليها ألفاً أُخرى من عندك ويكون الربح لك منه الثلثان ولي الثلث ، أو قال : لك الثلث ولي الثلثان ، فالأقرب عندنا : الصحّة ؛ للأصل.

وقال الشافعي : لا يصحّ ؛ لأنّه إن شرط لنفسه الأكثر فقد فسد ؛ لتساويهما في المال ، وذلك يقتضي تساويهما في الربح ، فإذا شرط عليه‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٧٦ / ١٢ ، التهذيب ٦ : ٣٢٦ - ٣٢٧ / ٨٩٨.

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.

(٣) بحر المذهب ٩ : ٢٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩.

(٤) المغني ٥ : ١٧٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٨.

١٥٥

العمل ونصيبه من الربح كان باطلاً ، وإن شرط للعامل الأكثر فسد أيضاً ؛ لأنّ الشركة إذا وقعت على مالٍ كان الربح تابعاً له دون العمل ، فتكون الشركة فاسدةً ، ويكون هذا قراضاً فاسداً ؛ لأنّه عقد بلفظ القراض(١) .

ولو كان قد دفع إليه ألفين وقال له : أضف إليهما ألفاً من عندك فتكون الألف بيننا شركةً والألف الأُخرى قارضتك عليها بالنصف ، جاز عنده(٢) أيضاً ؛ لأنّ أكثر ما فيه أنّ مال القراض مشاع ، والإشاعة إذا لم تمنع التصرّف لم تمنع الصحّة.

وقال أصحاب مالك : لا يجوز أن يضمّ إلى القراض الشركة(٣) ؛ لأنّه لا يجوز أن يضمّ إليه عقد إجارةٍ ، فلا يجوز أن يضمّ إليه عقد شركةٍ(٤) .

والأصل ممنوع ، ولأنّ أحد العقدين إذا لم يجعلاه شرطاً في الآخَر لم يمنع من جمعهما ، كما لو كان المال متميّزاً ، والإجارة إن كانت متعلّقةً بزمانٍ نافت القراض ؛ لأنّه يمنعه من التصرّف ، وإن كانت متعلّقةً بالذمّة جاز.

ولو دفع إليه ألفاً قراضاً فخلطها بألف له بحيث لا تتميّز ، فقد تعدّى بذلك ، فصار ضامناً ، كالمودع إذا مزج الوديعة بغيرها من ماله أو غير ماله.

ولأنّه صيّره بمنزلة التالف.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢٧ ، البيان ٧ : ١٦٦ - ١٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤ ، المغني ٥ : ١٣٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٤٣.

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٢٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٠ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٥ / ١١٢٣ ، المغني ٥ : ١٣٦ - ١٣٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٤٢ - ١٤٣.

(٣) في « ث ، خ ، ر » : « شركة ».

(٤) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٥ / ١١٢٣ ، التفريع ٢ : ١٩٥ ، المعونة ٢ : ١١٢٤ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٨٦ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٧ ، المغني ٥ : ١٣٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٤٣.

١٥٦

مسألة ٣٠١ : إذا دفع إليه مالاً قراضاً وشرط عليه أن ينقل المال إلى موضع كذا ويشتري من أمتعته ثمّ يبيعها هناك أو يردّها إلى موضع القراض ، جاز ذلك ؛ للأصل ، بل لو خالف ضمن ؛ لما رواه الكناني عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن المضاربة يعطى الرجل المال يخرج به إلى الأرض ونهي(١) أن يخرج به إلى أرض غيرها فعصى فخرج به إلى أرض أُخرى فعطب المال ، فقال : « هو ضامن ، فإن سلم فربح فالربح بينهما »(٢) .

وقال أكثر الشافعيّة : يفسد القراض ؛ لأنّ نقل المال من قُطْرٍ إلى قُطْرٍ عمل زائد على التجارة ، فأشبه شرط الطحن والخبز ، ويخالف ما إذا أذن له في السفر ؛ فإنّ الغرض منه رفع الحرج(٣) .

وقال جماعة من محقّقيهم : إنّ شرط المسافرة لا يضرّ ، فإنّها الركن الأعظم في الأموال والبضائع الخطيرة(٤) .

والأصل عندنا ممنوع.

ولو قال : خُذْ هذه الدراهم قراضاً وصارِف بها مع الصيارفة ، لم يجز له أن يصارف مع غيرهم ؛ لأنّه قد خالف ما عيّنه له ، وهو أحد وجهي الشافعيّة ، والثاني : إنّه يصحّ ؛ لأنّ الغرض من مثله أن يصرفه صرفاً لا قوام بأعيانهم(٥) .

مسألة ٣٠٢ : لو دفع إليه زيد مالاً قراضاً ودفع إليه عمرو كذلك ، فاشترى بكلّ واحدٍ من المالين عبداً ثمّ اشتبها عليه ، بِيع العبدان ، وبسط الثمن بينهما على النسبة - ولو ربح فعلى ما شرطاه له ، فإن اتّفق خسران ،

____________________

(١) في الفقيه و « ر » : « وينهى ».

(٢) الفقيه ٣ : ١٤٣ - ١٤٤ / ٦٣١ ، التهذيب ٧ : ١٨٩ - ١٩٠ / ٨٣٧.

(٣ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.

١٥٧

فإن كان لتقصيره ضمن ، وإن كان لانخفاض السوق لم يضمن ؛ لأنّ غايته أن يكون كالغاصب ، والغاصب لا يضمن نقصان السوق - وهو أحد قولَي الشافعيّة(١) ؛ لأنّ قضيّة المال الممتزج هذا.

ولما رواه إسحاق بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال في الرجل يبضعه الرجل ثلاثين درهماً في ثوبٍ وآخَر عشرين درهماً في ثوبٍ ، فبعث الثوبين فلم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه ، قال : « يباع الثوبان ، فيعطى صاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن ، والآخَر خُمسي الثمن » قال : قلت : فإنّ صاحب العشرين قال لصاحب الثلاثين : اختر أيّهما شئت ، قال : « قد أنصفه »(٢) .

وللشافعيّة قولٌ بأنّ شراء العبدين ينقلب إلى العامل ، ويغرم لهما ؛ للتفريط حيث لم يفردهما حتى تولّد الاشتباه(٣) .

ثمّ المغروم عند الأكثرين الألفان(٤) .

وقال بعضهم : يغرم قيمة العبدين وقد تزيد على الألفين(٥) .

ولهم قولٌ غريب ثالث : إنّه يبقى العبدان على الإشكال إلى أن‌

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٣٢ ، الوسيط ٤ : ١٣١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٥ ، البيان ٧ : ١٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٥.

(٢) الكافي ٧ : ٤٢١ - ٤٢٢ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٢٣ / ٦٢ ، التهذيب ٦ : ٢٠٨ / ٤٨٢ و ٣٠٣ - ٣٠٤ / ٨٤٧.

(٣) بحر المذهب ٩ : ٢٣٢ ، الوسيط ٤ : ١٣١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٥ ، البيان ٧ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤ - ٢٢٥.

١٥٨

يصطلحا(١) .

مسألة ٣٠٣ : إذا تعدّى المضارب وفَعَل ما ليس له فعله أو اشترى شيئاً نهاه المالك عن شرائه ، ضمن المال في قول أكثر أهل العلم(٢) ، وروي ذلك عن أهل البيتعليهم‌السلام (٣) ، وبه قال أبو هريرة وحكيم بن حزام وأبو قلابة ونافع وأياس والشعبي والنخعي والحكم ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي(٤) .

وروى العامّة عن عليٍّعليه‌السلام أنّه قال : « لا ضمان على مَنْ شُورك في الربح »(٥) ونحوه عن الحسن والزهري(٦) .

والمعتمد : الأوّل ، والرواية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام نحن نقول بموجبها ؛ فإنّه لا ضمان بدون التفريط.

والأصل فيه أنّه قد تصرّف في مال غيره بدون إذنه ، فلزمه الضمان ، كالغاصب. وقد تقدّم أنّه يشارك في الربح.

إذا عرفت هذا ، فلو اشترى شيئاً نهاه المالك عن شرائه فربح ، فالربح على الشرط ، وبه قال مالك(٧) ؛ لما تقدّم(٨) من الرواية عن أهل البيتعليهم‌السلام ، ولأنّه تعدٍّ ، فلا يمنع كون الربح لهما على ما شرطاه ، كما لو لبس الثوب وركب دابّةً ليس له ركوبها.

وقال أحمد : الربح بأسره لربّ المال - وعن أحمد رواية أُخرى :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٥.

(٢) كما في المغني ٥ : ١٦٥ ، والشرح الكبير ٥ : ١٥٨.

(٣) التهذيب ٧ : ١٩٣ / ٨٥٣.

(٤ - ٦) المغني ٥ : ١٦٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٨.

(٧) المنتقى - للباجي - ٥ : ١٧٠ ، المغني ٥ : ١٦٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٨.

(٨) آنفاً.

١٥٩

إنّهما يتصدّقان بالربح على سبيل الورع ، وهو لربّ المال في القضاء - لأنّ عروة بن [ الجعد ](١) البارقي قال : عرض للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جلب فأعطاني ديناراً فقال : « يا عروة ائت الجلب فاشتر لنا شاةً » فأتيتُ الجلب فساومتُ صاحبه فاشتريتُ شاتين بدينارٍ ، فجئتُ أسوقهما - أو أقودهما - فلقيني رجل بالطريق فساومني ، فبعتُ منه شاةً بدينار ، فجئتُ بالدينار والشاة فقلت : يا رسول الله هذا ديناركم وهذه شاتكم ، فقال : « وكيف صنعتَ؟ » فحدّثته الحديث ، فقال : « اللّهمّ بارك له في صفقة يمينه »(٢) .

ولأنّه نماء عينه بغير إذن مالكه ، فكان لمالكه ، كما لو غصب حنطةً فزرعها(٣) .

والخبر لا يدلّ على المتنازع ، والفرق ظاهر بين الغاصب والمضارب المأذون له.

إذا عرفت هذا ، فهل يستحقّ العامل الأُجرة ، أم لا؟ عن أحمد روايتان :

إحداهما : إنّه لا يستحقّ ، كالغاصب.

والثانية : إنّه يستحقّ ؛ لأنّ ربّ المال رضي بالبيع وأخذ الربح ، فاستحقّ العامل عوضاً ، كما لو عقده بإذنٍ(٤) .

وفي قدر الأُجرة عنه روايتان :

إحداهما : أُجرة مثله ما لم يحط بالربح ؛ لأنّه عمل ما يستحقّ به‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « لبيد ». والصحيح ما أثبتناه.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٨٦ ، الهامش (٢)

(٣) المغني ٥ : ١٦٥ - ١٦٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٨ - ١٥٩.

(٤) المغني ٥ : ١٦٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٩.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

فقال رجل : يا رسول الله ، أيوجد رجل يلعن(١) أبويه؟

فقال : نعم(٢) ، يلعن آباء الرجال وأمهاتهم ، فيلعنون أبويه ؛ لعن الله رعلا وذكوان وعضلا(٣) ولحيان والمجذمين(٤) من أسد وغطفان وأبا سفيان بن حرب وشهبلا(٥) ذا الأسنان وابني مليكة(٦) بن جزيم(٧) ومروان(٨) وهوذة(٩) وهونة».(١٠)

١٤٨٤٣ / ٢٨. علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن بعض أصحابه :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «إن مولى لأمير المؤمنينعليه‌السلام سأله مالا ، فقال : يخرج عطائي فأقاسمك هو(١١) ، فقال : لا أكتفي ، وخرج(١٢) إلى معاوية ، فوصله ، فكتب إلى

__________________

(١) في شرح المازندراني : «لعن».

(٢) في «بح» : ـ «نعم».

(٣) «عضل» : قبيلة ، وهو عضل بن الهون بن خزيمة أخو الديش ، وهما القارة. الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٧٦٦ (عضل).

(٤) في «ع» : «والمجدمين». وفي حاشية «بح» : «والجذميين».

وفي شرح المازندراني : «والمجذمين من أسد وغطفان ، أي المسرعين منهم إلى قطع المودة والصلة ؛ من الإجذام وهو الإسراع. والمجذام : رجل سريع القطع للمودة ، وغطفان بالتحريك : حي من قيس».

وفي المرآة : «قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : والمجذمين ، لعل المراد المنسوبين إلى الجذيمة ، ولعل أسدا وغطفان كلتيهما منسوبتان إليها. قال الجوهري : جذيمة : قبيلة من عبد القيس ، ينسب إليهم جذمي بالتحريك ، وكذلك إلى جذيمة أسد. وقال الفيروزآبادي : غطفان ـ محركة ـ : حي من قيس». وراجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٨٣ (جذم) ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٢١ (غطف).

(٥) في «ع ، ل ، بف ، بن ، جت» والوافي : «وسهيلا». وفي «م ، جد» والبحار ، ج ٢٢ : «وشهيلا».

(٦) في «بح ، جد» وحاشية «م» : «مليلة».

(٧) في «ع ، ل» : «حريم». في «م ، ن ، بن ، جد» : «جريم». وفي «بف» : «حزيم».

(٨) في «ع ، ل ، بن ، جد» : «ومران».

(٩) في شرح المازندراني : «في بعض النسخ بالدال المهملة ، وقيل : هو تصحيف».

(١٠) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٨١ ، ح ٢٥٤٧٤ ؛ البحار ، ج ٢٢ ، ص ١٣٦ ، ح ١٢٠ ؛ وفيه ، ج ٦٠ ، ص ٢٣١ ، ح ٧٤ ، ملخصا.

(١١) في «بف ، بن» والوافي : ـ «هو». وفي البحار : «فاقاسمكه» بدل «فاقاسمك هو». وفي المرآة : «قوله : فاقاسمك هو ، الظاهر : فاقاسمكه ، ولعله تصحيف».

(١٢) في «ن» : «فخرج».

١٨١

أمير المؤمنينعليه‌السلام يخبره بما أصاب من المال ، فكتب إليه أمير المؤمنينعليه‌السلام :

أما بعد ، فإن ما في يدك من المال(١) قد كان له أهل قبلك وهو صائر إلى أهل(٢) بعدك ، وإنما لك منه ما مهدت لنفسك ، فآثر نفسك على صلاح ولدك ، فإنما أنت جامع لأحد رجلين : إما رجل عمل فيه بطاعة الله ، فسعد بما شقيت ، وإما رجل عمل فيه بمعصية الله ، فشقي بما جمعت له ، وليس من هذين أحد بأهل أن تؤثره على نفسك ، ولا تبرد(٣) له على ظهرك ، فارج لمن مضى رحمة الله ، وثق لمن بقي برزق الله».(٤)

كلام علي بن الحسينعليهما‌السلام

١٤٨٤٤ / ٢٩. حدثني محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ؛ وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن غالب الأسدي ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب ، قال :

كان علي بن الحسينعليهما‌السلام يعظ الناس ، ويزهدهم في الدنيا ، ويرغبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كل جمعة في مسجد رسول الله(٥) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحفظ عنه وكتب ، كان يقول :

__________________

(١) في نهج البلاغة : «من الدنيا».

(٢) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والبحار ونهج البلاغة. وفي المطبوع والوافي : «أهله».

(٣) في نهج البلاغة : «لا أن تحمل» بدل «لا تبرد».

وفي الوافي : «لا تبرد له على ظهرك ؛ يعني لا تحمل له على ظهرك التعب والمشقة ، أراد بالتبريد إيصال الخفض والدعة وإزالة المشقة».

وفي المرآة : «قوله : فلا تبرد ، قال الجوهري : يقال : ما برد لك على فلان ، أي ما ثبت ووجب. انتهى. أي لا تثبت له وزرا على ظهرك». وراجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٤٦ (برد).

(٤) نهج البلاغة ، ص ٥٤٩ ، ذيل الحكمة ٤١٦ ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، من قوله : «فإن ما في يدك من المال» مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٢٢٤ ، ح ٢٥٣٩٥ ؛ البحار ، ج ٣٣ ، ص ٢٨٥ ، ح ٥٤٨.

(٥) في «ع ، ل ، ن ، بح ، بف ، بن ، جد» وحاشية «د ، جت» والوافي : «الرسول».

١٨٢

«أيها الناس ، اتقوا الله ، واعلموا أنكم إليه ترجعون ، فتجد كل نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير محضرا ، وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ، ويحذركم الله نفسه ، ويحك يا ابن آدم الغافل وليس بمغفول عنه.

ابن(١) آدم ، إن أجلك أسرع شيء إليك ، قد أقبل نحوك حثيثا(٢) يطلبك ، ويوشك أن يدركك ، وكأن(٣) قد أوفيت أجلك(٤) ، وقبض الملك روحك ، وصرت إلى قبرك وحيدا ، فرد إليك فيه روحك ، واقتحم عليك(٥) فيه(٦) ملكان ناكر(٧) ونكير لمساءلتك(٨) وشديد امتحانك.

ألا وإن أول ما يسألانك عن ربك الذي كنت تعبده ، وعن نبيك الذي أرسل إليك ، وعن دينك الذي كنت تدين به ، وعن كتابك الذي كنت تتلوه ، وعن إمامك الذي كنت تتولاه(٩) ، ثم عن عمرك فيما(١٠) أفنيته ، ومالك من أين اكتسبته وفيما(١١) أنفقته(١٢) ، فخذ حذرك(١٣) ، وانظر لنفسك ، وأعد الجواب قبل الامتحان والمساءلة والاختبار ، فإن

__________________

(١) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والأمالي وشرح المازندراني. وفي «بح» والمطبوع والوافي : «يا ابن آدم».

(٢) الحثيث : السريع. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٦٦ (حثث).

(٣) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : كأن قد أوفيت ، مخفف كأن ، أو هو من الأفعال الناقصة».

(٤) في شرح المازندراني : «وكان قد أوفيت أجلك ، وفى الشيء : تم وكمل ، وأوفى فلانا حقه ، إذا أعطاه وافيا تاما ، وأوفى فلانا ، إذا أتاه ، ف «أوفيت» إما مبني للمفعول أو للفاعل ، وفيه تحريك على فرض ما هو قريب الوقوع واقعا ، والغرض منه هو الحث على الاستعداد له قبل نزوله». وراجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٢٦ (وفي).

(٥) «اقتحم عليك» : دخل ووقع ، يقال : اقتحم الإنسان الأمر العظيم وتقحمه ، إذا رمى نفسه فيه من غير روية وتثبت. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٠٦ ؛ النهاية ، ج ٤ ، ص ١٨ (قحم).

(٦) في «ع ، ل ، م ، بف ، بن ، جت ، جد» وتحف العقول : ـ «فيه».

(٧) في الأمالي وتحف العقول : «ملكاك منكر» بدل «ملكان ناكر».

(٨) في «د ، جت» : «بمساءلتك».

(٩) في «م ، بح ، جت ، جد» وحاشية «د» : «تتوالاه». وفي حاشية «م ، بح ، جد» : «تولاه».

(١٠) هكذا في أكثر النسخ التي قوبلت والوافي. وفي «بن» : «فيم». وفي «ن ، جت» والمطبوع : + «كنت».

(١١) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي وتحف العقول والأمالي. وفي المطبوع : + «أنت».

(١٢) في الأمالي للصدوق : «أتلفته».

(١٣) قال الجوهري : «الحذر والحذر : التحرز». وقال الزمخشري ذيل قوله تعالى :( خُذُوا

١٨٣

تك مؤمنا(١) عارفا بدينك ، متبعا للصادقين ، مواليا لأولياء الله ، لقاك الله حجتك(٢) ، وأنطق لسانك بالصواب ، وأحسنت الجواب ، وبشرت بالرضوان والجنة من اللهعزوجل (٣) ، واستقبلتك الملائكة بالروح(٤) والريحان(٥) ، وإن لم تكن كذلك تلجلج(٦) لسانك ، ودحضت حجتك(٧) ، وعييت(٨) عن الجواب(٩) ، وبشرت بالنار(١٠) ، واستقبلتك ملائكة العذاب بنزل(١١) من حميم ،

__________________

حِذْرَكُمْ ) [النساء (٤) : ٧١] : «الحذرو الحذر بمعنى ، كالأثر والإثر ، يقال : أخذ حذره ، إذا تيقظ واحترز من المخوف ، كأنه جعل الحذر آلته التي يقي بها نفسه ويعصم بها روحه ، والمعنى : احذروا واحترزوا من العدو ولا تمكنوه من أنفسكم». وقال العلامة المازندراني : «فخذ حذرك ، الحذر ـ بالكسر ويحرك ـ : الاحتراز ، ولا يحصل ذلك إلابمحاسبة النفس قبل الموت وحملها على فعل ما ينبغي وترك ما لا ينبغي ، كما أشار إليه بقوله : وانظر لنفسك ...». الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٢٦ ؛ الكشاف ، ج ١ ، ص ٥٤١ ؛ شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٤٠٧.

(١) في الأمالي : + «تقيا».

(٢) في شرح المازندراني : «لقاك الله حجتك ، أي أفاضها عليك وألهمك إياها». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : لقاك الله حجتك ، أي يرسلها إليك قبال وجهك ، كناية عن التلقين والإفهام والإلهام ، قال الفيروزآبادي : لقاه الشيء : ألقاه إليه». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٤٤ (لقي).

(٣) في الأمالي : + «والخيرات الحسان».

(٤) «الروح» : الراحة ، والسرور ، والفرح ، والرحمة ، ونسيم الريح. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٣٥ ؛ تاج العروس ، ج ٢ ، ص ١٤٨ (روح).

(٥) «الريحان» : نبت طيب الرائحة ، أو كل نبت كذلك ، أو أطرافه ، أو ورقه ، والولد ، والرزق. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٣٥ (ريح).

(٦) التلجلج : التردد في الكلام. النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٣٤ (لجلج).

(٧) «دحضت حجته» أي بطلت ، ومنه قوله تعالى :( حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ ) [الشورى (٤٢) : ١٦] أي باطلة. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٧٦ ؛ تاج العروس ، ج ١٠ ، ص ٥١ (دحض).

(٨) في الأمالي للصدوق : «وعميت».

(٩) «عييت عن الجواب» أي عجزت عنه ولم تطق إحكامه ، أو لم تهتد لوجه المراد ؛ من العي ، وهو العجز ، وعدم الاهتداء لوجه المراد ، والجهل ، وعدم البيان. راجع : لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ١١١ و ١١٣ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٢٥ (عيي).

(١٠) في شرح المازندراني : «وبشرت بالنار ، في لفظ البشارة تهكم واستهزاء».

(١١) النزل ، بضمتين : ما هيئ للضيف قبل أن ينزل ، قال العلامة المجلسي : «اطلق هنا على سبيل التهكم».

١٨٤

وتصلية(١) جحيم(٢) .

واعلم يا ابن آدم ، أن من وراء هذا(٣) أعظم وأفظع(٤) وأوجع للقلوب يوم القيامة ، ذلك يوم مجموع له الناس ، وذلك يوم مشهود يجمع(٥) الله ـعزوجل ـ فيه الأولين والآخرين ، ذلك(٦) يوم ينفخ في الصور ، وتبعثر(٧) فيه القبور ، وذلك يوم الآزفة(٨) إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ، وذلك يوم لاتقال(٩) فيه عثرة(١٠) ، ولا يؤخذ(١١) من أحد

__________________

راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٠٢ (نزل).

(١) قال العلامة المازندراني : التصلية : الإحراق والإدخال في النار ، قال القاضي : وذلك ما يجد في القبر من سموم النار ودخانها». وقال العلامة المجلسي : «وتصلية جحيم ، إما بإدخال نار البرزخ ، أو بشارة نار الخلد». وراجع : تفسير البيضاوي ، ج ٥ ، ص ٢٩٤ ، ذيل الآية ٩٤ من سورة الواقعة (٥٦).

(٢) قال ابن الأثير : «وفيه ذكر الجحيم في غير موضع ، هو اسم من أسماء جهنم ، وأصله ما اشتد لهبه من النيران». وقال الفيروزآبادي : «الجحيم : النار الشديدة التأجج ، وكل نار بعضها فوق بعض ، كالجحمة ويضم ، وكل نار عظيمة في مهواة ، والمكان الشديد الحر». النهاية ، ج ١ ، ص ٢٤١ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٣٢ (جحم).

(٣) في الأمالي : + «ما هو».

(٤) في الأمالي : «وأقطع». و «أفظع» أي أشد شناعة. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٠٢ (فظع).

(٥) في «ن» : «ويجمع».

(٦) في «بف» : «ذاك».

(٧) قال الجوهري : «الفراء : يقال : بعثر الرجل متاعه وبعثره ، إذا فرقه وبدده وقلب بعضه على بعض ، ويقال : بعثرت الشيء وبعثرته ، إذا استخرجته وكشفته. وقال العلامة المازندراني : «الفعل إما ماض معلوم من باب التفعلل على تشبيه القبر بإنسان أكل طعاما فلم يستقر في معدته فرده ، أو مضارع مجهول من الرباعي المجرد». الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٩٣ (بعثر).

(٨) قال العلامة المازندراني : «أزف الوقت ، كفرح : دنا وقرب ، والأزف محركة : الضيق وسوء العيش. سميت القيامة آزفة لقرب حضورها ، أو لضيق عيش أكثر الناس فيها». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٥٦.

(٩) في «ع ، ن ، بف» والأمالي : «لا يقال». وفي «جت» بالتاء والياء معا.

(١٠) في شرح المازندراني : «أقاله الله عثرته : وافقه في نقض العهد ، وأجابه إليه ؛ إذ وقع العهد بين العبد وبينه ـ تعالى ـ في أنه إذا عصاه يعاقب ، فإذا استقال العاصي في ذلك اليوم وندم من ذلك العهد وطلب منه ـ تعالى ـ أن ينقضه ليتخلص من العقاب ، لا يقال ولا يجاب ؛ لأن العهد مبرم لا ينقض بالإقالة». وراجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ١٣٤ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٨٨ (قيل).

(١١) في شرح المازندراني : «ولا تؤخذ».

١٨٥

فدية ، ولا تقبل(١) من أحد معذرة ، ولا لأحد فيه مستقبل توبة ، ليس إلا الجزاء بالحسنات والجزاء بالسيئات ، فمن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من خير وجده ، ومن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من شر وجده.

فاحذروا أيها الناس من الذنوب والمعاصي(٢) ما قد نهاكم الله عنها ، وحذركموها في كتابه الصادق ، والبيان الناطق ، ولا تأمنوا(٣) مكر الله(٤) وتحذيره(٥) وتهديده(٦) عند ما يدعوكم الشيطان اللعين إليه من عاجل الشهوات واللذات في هذه الدنيا ، فإن الله ـعزوجل ـ يقول :( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ ) (٧) .

وأشعروا(٨) قلوبكم(٩) خوف الله ، وتذكروا ما قد وعدكم الله في مرجعكم إليه من حسن ثوابه كما قد خوفكم من شديد العقاب ، فإنه من خاف شيئا حذره ، ومن حذر شيئا تركه(١٠) ، ولا تكونوا من الغافلين(١١) المائلين إلى زهرة(١٢)

__________________

(١) في «د ، ع ، م ، بف ، جد» : «ولا يقبل».

(٢) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : من الذنوب والمعاصي ، بيان للموصول بعده ، أو الموصول بدل من الذنوب».

(٣) في «د» : «فلا تأمنوا».

(٤) في شرح المازندراني : «المكر من الناس الخديعة ، وهي أن يوهم غيره خلاف ما يخفيه من المكروه وإيصال السوء ، وإذا نسب إليه ـ تعالى ـ يراد به لازمه ، وهو العقوبة وإيصال المكروه كناية. وقيل : هو استعارة لاستدراج العبد وأخذه من حيث لا يحتسب. وقيل : هو إيصال المكروه إلى الغير على وجه يخفى ، فيجوز صدوره منه تعالى».

(٥) في «بف» : + «وتحديده».

(٦) في «د ، بح» : ـ «وتهديده». وفي الأمالي : «وشدة أخذه» بدل «وتحذيره وتهديده». وفي تحف العقول : «تدميره» بدلها.

(٧) الأعراف (٧) : ٢٠١.

(٨) في «بن» والأمالي : «فأشعروا».

(٩) في المرآة : «الشعار : الثوب الملاصق للجلد والشعر ، أي اجعلوا خوف الله شعار قلوبكم ملازما لها غير مفارق عنها». وراجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٨٠ (شعر).

(١٠) في الأمالي للصدوق : «نكله».

(١١) في حاشية «م ، بح ، جد» : «الفاعلين».

(١٢) في حاشية «بح ، جت» وشرح المازندراني وتحف العقول والأمالي : + «الحياة».

١٨٦

الدنيا(١) الذين مكروا السيئات ، فإن الله يقول في محكم كتابه :( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ ) (٢) .

فاحذروا ما حذركم الله(٣) بما فعل بالظلمة في كتابه ، ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما تواعد(٤) به القوم الظالمين في الكتاب(٥) ، والله(٦) لقد وعظكم الله في كتابه بغيركم ، فإن السعيد من وعظ بغيره ، ولقد أسمعكم الله في كتابه ما(٧) قد فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم حيث قال :( وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً ) وإنما عنى بالقرية أهلها حيث يقول :( وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ ) (٨) فقال(٩) عزوجل :( فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ ) ؛ يعني يهربون ، قال :( لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ ) فلما أتاهم العذاب( قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ ) (١٠) .

وايم الله إن هذه(١١) عظة لكم وتخويف إن اتعظتم وخفتم.

ثم رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب ، فقالعزوجل :( وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ ) .(١٢)

فإن قلتم أيها الناس : إن الله ـعزوجل ـ إنما عنى بهذا أهل الشرك ، فكيف ذلك وهو يقول :( وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ

__________________

(١) في الأمالي : + «فتكونوا من».

(٢) النحل (١٦) : ٤٥ ـ ٤٧.

(٣) في الأمالي : + «واتعظوا».

(٤) في «بن» وحاشية «جت» والوافي : «توعد».

(٥) في «ن» : «كتاب الله» بدل «الكتاب».

(٦) في «ن» : «تالله». وفي حاشية «جت» : «وتالله».

(٧) في الوافي : «بما».

(٨) الأنبياء (٢١) : ١١.

(٩) في شرح المازندراني : «وقال».

(١٠) الأنبياء (٢١) : ١٢ ـ ١٥.

(١١) في «بح» : «هذا».

(١٢) الأنبياء (٢١) : ٤٦.

١٨٧

خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ ) .(١)

اعلموا(٢) عباد الله(٣) ، أن أهل الشرك لاينصب(٤) لهم الموازين ، ولا ينشر(٥) لهم الدواوين ، وإنما يحشرون إلى جهنم زمرا(٦) ، وإنما نصب الموازين ونشر(٧) الدواوين لأهل الإسلام.

فاتقوا الله عباد الله ، واعلموا أن الله ـعزوجل ـ لم يحب(٨) زهرة(٩) الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه ، ولم يرغبهم فيها وفي عاجل زهرتها وظاهر بهجتها ، وإنما خلق الدنيا وخلق أهلها ليبلوهم فيها أيهم أحسن عملا لآخرته ، وايم الله لقد ضرب لكم(١٠) فيه(١١) الأمثال ، وصرف الآيات(١٢) لقوم يعقلون(١٣) ، ولا قوة إلا بالله.

فازهدوا فيما زهدكم الله ـعزوجل ـ فيه من عاجل الحياة الدنيا ، فإن الله ـعزوجل ـ يقول ـ وقوله الحق ـ :( إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ

__________________

(١) الأنبياء (٢١) : ٤٧.

(٢) في «م ، جت» : «واعلموا».

(٣) في «ن» : ـ «عباد الله».

(٤) في «ل ، م ، بف ، بن» والوافي والأمالي وتحف العقول : «لا تنصب».

(٥) في «د ، ل ، م ، بف ، بن ، جت ، جد» والوافي والأمالي وتحف العقول : «ولا تنشر».

(٦) الزمر : جمع الزمرة بالضم بمعنى الفوج ، والجماعة في تفرقة. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٦٥ (زمر).

(٧) في «د» والأمالي وتحف العقول : «وتنشر».

(٨) في حاشية «جت» : «لم يحبب». وفي الأمالي : «لم يختر».

(٩) في «جت» : «زهرتها». وفي الأمالي : «هذه».

(١٠) في «بن» : ـ «لكم».

(١١) في «ن ، بح ، بن ، جت ، جد» والأمالي : «فيها».

(١٢) تصريف الآيات : تبيينها. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٠٣ (صرف).

(١٣) في الأمالي وتحف العقول : + «فكونوا أيها المؤمنون من القوم الذين يعقلون».

١٨٨

يَتَفَكَّرُونَ ) (١) .

فَكُونُوا عِبَادَ اللهِ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَتَفَكَّرُونَ وَلَاتَرْكَنُوا إِلَى الدُّنْيَا ، فَإِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ قَالَ لِمُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) :( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (٣) ولا تركنوا إلى زهرة(٤) الدنيا وما فيها ركون من اتخذها دار قرار ومنزل استيطان ، فإنها دار بلغة(٥) ومنزل قلعة(٦) ودار عمل ، فتزودوا الأعمال الصالحة فيها قبل تفرق أيامها(٧) ، وقبل الإذن من الله في خرابها ، فكان قد أخربها الذي عمرها أول مرة وابتدأها وهو ولي ميراثها ، فأسأل(٨) الله العون لنا ولكم على تزود التقوى والزهد فيها ، جعلنا الله وإياكم من الزاهدين في عاجل زهرة(٩) الحياة الدنيا الراغبين(١٠) لآجل ثواب الآخرة ، فإنما نحن به وله ، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».(١١)

__________________

(١) يونس (١٠) : ٢٤.

(٢) في الأمالي : + «نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه».

(٣) هود (١١) : ١١٣.

(٤) في حاشية «جت» والأمالي للصدوق : + «الحياة». وفي تحف العقول : «هذه».

(٥) البلغة : ما يتبلغ ويكتفى به ولا يفضل ، يقال : في هذا بلغة ، أي كفاية ، والمعنى : أنها دار ينبغي أن يكتفى فيهابقدر الكفاية ، أو ينبغي أن يؤخذ منها ما يبلغ به إلى نعيم الآخرة ودرجاتها. راجع : المصباح المنير ، ص ٦١ (بلغ).

(٦) في الأمالي : «دار قلعة وبلغة». وفي تحف العقول : «دار قلعة ومنزل بلغة». و «منزل قلعة» بالضم وبضمتين وكهمزة ، أي ليست بمستوطنة ، أو معناه : لا تملك ، أو لا يدرى متى يتحول عنها. ويقال : مجلس قلعة ، أي يحتاج صاحبه إلى أن يقوم مرة بعد مرة. والدنيا دار قلعة ، أي انقلاع ، وهو على قلعة ، أي رحلة. وقال العلامة المازندارني : «ومنزل قلعة ، أي تحول وارتحال وتقلع منها إلى الآخرة». راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠١١ (قلع).

(٧) في الأمالي : «منها قبل أن تخرجوا منها» بدل «فيها قبل تفرق أيامها».

(٨) في «بف» : «نسأل».

(٩) في تحف العقول : «هذه».

(١٠) في «بف» : «والراغبين». وفي الأمالي : «والراغبين العاملين».

(١١) الأمالي للصدوق ، ص ٥٠٣ ، المجلس ٧٣ ، ح ١ ، بسنده عن الحسن بن محبوب. تحف العقول ، ص ٢٤٩ ، من قوله : «أيها الناس اتقو الله واعلموا أنكم إليه ترجعون» وفيهما مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٢٤٨ ، ح ٢٥٤٠٥.

١٨٩

حديث الشيخ مع(١) الباقرعليه‌السلام

١٤٨٤٥ / ٣٠. محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن إسحاق بن عمار(٢) ، قال : حدثني رجل من أصحابنا ، عن الحكم بن عتيبة ، قال :

بينا أنا مع أبي جعفرعليه‌السلام ـ والبيت غاص بأهله ـ إذ(٣) أقبل شيخ يتوكأ على عنزة(٤) له(٥) حتى وقف(٦) على باب البيت ، فقال : السلام عليك يا ابن رسول الله ورحمة الله وبركاته ، ثم سكت.

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «وعليك السلام ورحمة الله وبركاته».

ثم أقبل الشيخ بوجهه على أهل البيت ، وقال : السلام عليكم ، ثم سكت حتى أجابه القوم جميعا ، وردواعليه‌السلام .

ثم أقبل بوجهه على أبي جعفرعليه‌السلام ، ثم قال(٧) : يا ابن رسول الله ، أدنني منك جعلني الله فداك ، فو الله إني لأحبكم ، وأحب من يحبكم ، ووالله(٨) ما أحبكم وأحب(٩) من يحبكم لطمع في دنيا(١٠) ، وإني(١١) لأبغض عدوكم وأبرأ منه ، وو الله(١٢) ما أبغضه وأبرأ منه لوتر(١٣) كان بيني وبينه ، والله إني لأحل حلالكم وأحرم حرامكم ، وأنتظر أمركم ،

__________________

(١) في «جت» : + «الإمام محمد».

(٢) في الوسائل : ـ «عن إسحاق بن عمار».

(٣) في «ع ، بح» : «إذا».

(٤) العنزة : عصا أقصر من الرمح ، ولها زج من أسفلها. والزج : الحديدة التي في أسفل الرمح ، ويقابله السنان ، وهو نصل الرمح. راجع : المصباح المنير ، ص ٢٥١ (زجج) ، وص ٤٣٢ (عنز).

(٥) في الوسائل : ـ «يتوكأ على عنزة له».

(٦) في حاشية «بح ، جت» : «قام».

(٧) في «جت» : «فقال» بدل «ثم قال».

(٨) في «ع ، ل ، بن» : «والله» بدون الواو.

(٩) في الوافي : «وما احب».

(١٠) في شرح المازندراني : «في الدنيا».

(١١) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والبحار والوافي. وفي المطبوع : «والله إني».

(١٢) في «ل ، بن» : «والله» بدون الواو.

(١٣) الوتر : الجناية التي يجنيها الرجل على غيره من قتل أو نهب أو سبي. النهاية ، ج ٥ ، ص ١٤٨ (وتر).

١٩٠

فهل ترجو لي(١) جعلني الله فداك؟

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «إلي(٢) إلي» حتى أقعده إلى جنبه ، ثم قال : «أيها الشيخ ، إن أبي علي بن الحسينعليهما‌السلام أتاه رجل ، فسأله عن مثل الذي سألتني عنه ، فقال له أبيعليه‌السلام : إن تمت ترد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلى علي والحسن والحسين وعلي(٣) بن الحسينعليهم‌السلام ، ويثلج قلبك(٤) ، ويبرد فؤادك(٥) ، وتقر عينك ، وتستقبل بالروح والريحان(٦) مع الكرام الكاتبين ، لو قد بلغت نفسك(٧) هاهنا ـ وأهوى(٨) بيده إلى حلقه ـ وإن تعش ترى ما يقر الله(٩) به عينك ، وتكون(١٠) معنا في السنام(١١) الأعلى».

قال(١٢) الشيخ : كيف قلت(١٣) يا أبا جعفر(١٤) ؟ فأعاد عليه الكلام ، فقال الشيخ : الله أكبر ، يا أبا جعفر(١٥) ، إن أنا مت أرد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلى علي والحسن والحسين

__________________

(١) في شرح المازندراني : «مفعول ترجو محذوف ، وهو النجاة والرحمة أو نحو هما».

(٢) في «د» : ـ «إلي».

(٣) في «بح» والبحار : «وعلى علي».

(٤) يقال : ثلج قلبي بالأمر ، إذا اطمأن إليه وسكن وثبت فيها ووثق به. النهاية ، ج ١ ، ص ٢١٩ (ثلج).

(٥) في شرح المازندراني : «برد الفؤاد برودة ، مثل سهل سهولة ، إذا سكنت حرارته. وهو كناية عن زوال كل مكروه يوجب غيظ القلب وحرارته». وراجع : المصباح المنير ، ص ٤٢ (برد).

(٦) مر شرح الروح والريحان في الحديث السابق.

(٧) في شرح المازندراني : «النفس بالتسكين : الروح ، وبالتحريك معروف ، والأول أنسب».

(٨) في «بن» : «وأومى».

(٩) في المرآة : «تقر به» بدل «يقر الله به».

(١٠) في «ن» : «فتكون».

(١١) سنام كل شيء : أعلاه ، واستعار لفظ السنام لأعلى درجات الجنان وأشرف من المراتب الإنسانية وأرفع درجة من درجات الكرامة الربانية ، ثم وصفها بالأعلى ترشيحا لها وتصريحا بعلوها. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٠٩ (سنم).

(١٢) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والبحار. وفي «بن» والمطبوع وشرح المازندراني والوافي : «فقال».

(١٣) في البحار : «قلت : كيف» بدل «كيف قلت».

(١٤) في «ع ، ل ، بح ، بن ، جت ، جد» والوافي : «يا با جعفر».

(١٥) في «ع ، ل ، ن ، بح ، بف ، بن ، جت ، جد» والوافي : «يا با جعفر».

١٩١

وعلي بن الحسينعليهم‌السلام ، وتقر عيني ، ويثلج قلبي ، ويبرد فؤادي ، وأستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغت نفسي إلى(١) هاهنا(٢) ، وإن أعش أرى ما يقر(٣) الله(٤) به(٥) عيني ، فأكون(٦) معكم في السنام الأعلى؟

ثم أقبل الشيخ ينتحب(٧) وينشج(٨) ها ها ها حتى لصق بالأرض ، وأقبل(٩) أهل البيت ينتحبون وينشجون(١٠) لما يرون من حال الشيخ ، وأقبل أبو جعفرعليه‌السلام يمسح بإصبعه(١١) الدموع من حماليق(١٢) عينيه وينفضها.

ثم رفع الشيخ رأسه ، فقال لأبي جعفرعليه‌السلام : يا ابن رسول الله ، ناولني يدك جعلني الله فداك ، فناوله يده ، فقبلها ووضعها على عينيه وخده ، ثم حسر(١٣) عن بطنه وصدره ، فوضع يده على بطنه وصدره(١٤) ، ثم قام ، فقال : السلام عليكم.

__________________

(١) في «د ، ع ، ل ، ن ، بف ، بن ، جت» والبحار : ـ «إلى».

(٢) في «جت» : «هنا».

(٣) في «جت» : «ما تقر».

(٤) في «ل ، جت» : ـ «الله».

(٥) في «ل» : ـ «به».

(٦) في «بن» : «وأكون».

(٧) النحب والنحيب والانتحاب : البكاء بصوت طويل ومد. النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٧ (نحب).

(٨) هكذا في «ن ، بف ، بن ، جت». وفي الوافي : «بنشج». وفي سائر النسخ والمطبوع : «ينشج» بدون الواو. وقال الجوهري : «نشج الباكي ينشج نشجا ونشيجا ، إذا غص بالبكاء في حلقه من غير انتحاب». وقال ابن الأثير : «النشيج : صوت معه توجع وبكاء ، كما يردد الصبي بكاءه في صدره ، وقد نشج ينشج». الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٤٤ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٥٢ (نشج).

(٩) في الوافي : «فأقبل».

(١٠) في «د ، ع ، ل ، ن» : «ينشجون» بدون الواو.

(١١) في «بح ، جت» : «بأصابعه».

(١٢) الحماليق : جمع حملاق العين بالضم والكسر وكعصفور ، وهو باطن أجفانها الذي يسود بالكحلة ، أو ما غطته الأجفان من بياض المقلة ، أو باطن الجفن الأحمر الذي إذا قلب للكحل رأيت حمرته ، أو ما لزق بالعين من موضع الكحل من باطن. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٦٥ (حملق).

(١٣) في المرآة : «قوله : ثم حسر ، أي كشف الشيخ الثوب عن بطنه وصدره فوضع يدهعليه‌السلام عليهما للتيمن والبركة والتخلص من العذاب». وراجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٣٨٣ (حسر).

(١٤) في «بح» : «صدره وبطنه».

١٩٢

وأقبل أبو جعفرعليه‌السلام ينظر في قفاه وهو مدبر ، ثم أقبل بوجهه على القوم ، فقال : «من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة ، فلينظر إلى هذا».

فقال الحكم بن عتيبة : لم أر مأتما(١) قط يشبه ذلك المجلس.(٢)

قصة صاحب الزيت(٣)

١٤٨٤٦ / ٣١. عنه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «كان رجل يبيع الزيت ، وكان يحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حبا شديدا ، كان إذا أراد أن يذهب في حاجته(٤) ، لم يمض(٥) حتى ينظر إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد(٦) عرف(٧) ذلك منه ، فإذا جاء تطاول له(٨) حتى ينظر إليه ، حتى إذا كان(٩) ذات يوم دخل(١٠) ، فتطاول له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى نظر إليه ، ثم مضى في حاجته ، فلم يكن

__________________

(١) المأتم في الأصل : مجتمع الرجال والنساء في الغم والفرح ، ثم خص به اجتماع النساء للموت ، أو هو للشواب من النساء لا غير. النهاية ، ج ١ ، ص ٢١ (أتم).

(٢) الوافي ، ج ٥ ، ص ٧٩٩ ، ح ٣٠٦٣ ؛ الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٧٠ ، ح ١٥٦٦٨ ، إلى قوله : «حتى أجابه القوم جميعا وردواعليه‌السلام » ؛ البحار ، ج ٤٦ ، ص ٣٦١ ، ح ٣.

(٣) في أكثر النسخ : ـ «قصة صاحب الزيت».

(٤) في الوافي : «حاجة».

(٥) في الوافي : «لم يذهب».

(٦) في «د ، ع ، ل ، ن ، بن ، جت» والوافي : «قد» بدون الواو.

(٧) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : قد عرف ، على المعلوم ، أي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو على المجهول ، أي صار بذلك معروفا بين الناس».

(٨) في «ع» : «تتطاول له». وفي «بح ، جد» وحاشية «م» : «يتطاول له». والتطاول : التمدد إلى الشيء للنظر نحوه ، أي كان إذا جاء هذا الرجل تطاول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ورفع رأسه ومد عنقه من بين الناس ؛ ليراه الرجل. راجع : لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٤١٢ (طول).

(٩) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والبحار والوافي. وفي المطبوع : «كانت».

(١٠) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والبحار والوافي. وفي المطبوع : + «عليه».

١٩٣

بأسرع من أن رجع ، فلما رآه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد فعل ذلك ، أشار إليه بيده اجلس ، فجلس بين يديه ، فقال : ما لك فعلت اليوم شيئا لم تكن تفعله قبل ذلك؟

فقال : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق نبيا لغشي(١) قلبي شيء من ذكرك حتى ما استطعت أن أمضي في حاجتي حتى رجعت إليك.

فدعا له ، وقال(٢) له خيرا.

ثم مكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أياما لايراه ، فلما فقده سأل عنه ، فقيل(٣) : يا رسول الله ، ما رأيناه منذ أيام ، فانتعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وانتعل معه أصحابه ، وانطلق(٤) حتى أتى(٥) سوق الزيت ، فإذا دكان الرجل ليس فيه أحد ، فسأل عنه جيرته(٦) ، فقالوا : يا رسول الله ، مات ولقد كان عندنا أمينا صدوقا إلا أنه قد كان فيه خصلة ، قال : وما هي؟ قالوا : كان يرهق(٧) يعنون يتبع النساء.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :رحمه‌الله ، والله(٨) لقد كان يحبني حبا(٩) لو كان نخاسا(١٠)

__________________

(١) في المرآة : «قال الجوهري : غشيه شيء : جاءه ، والمعنى أنه ورد على قلبي شيء من ذكرك وحبك حتى تركت حاجتي ورجعت إليك». وراجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٤٧ (غشا).

(٢) في «بح» : «فقال».

(٣) في «م» وحاشية «جت» والوافي : + «له».

(٤) في الوافي : «فانطلق».

(٥) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والبحار والوافي. وفي المطبوع : «أتوا». وفي حاشية «بح ، جت» : «انتهى».

(٦) في «بف» : «جيرانه».

(٧) الرهق يجيء لعدة معان ، منها غشيان المحارم ، ذكرها العلامة المازندراني ، ثم قال : «ولما كان الرهق يجيء ، لهذه المعاني بينهعليه‌السلام بقوله : يعنون : يتبع النساء ، لعل المراد أنه كان مائلا إلى ملامستهن ، ولا يلزم أن يكون ذلك على وجه الحرام مع احتماله». راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٨٠ (رهق).

(٨) في الوسائل : ـ «رحمه‌الله ، والله».

(٩) في «ن» : + «حتى». وفي «د ، م» : + «شديدا».

(١٠) في الوافي : «بخاسا». والنخاس : بياع الدواب والرقيق. قال العلامة المازندراني : «النخاس : بياع الرقيق ، وهو فظ غليظ القلب فاجر فاسق ، لا يبالي بالفسوق والتدليس والمكر ، وقد وردت في ذمه روايات كثيرة». وقال العلامة المجلسي : «قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو كان نخاسا لغفر الله له ، فيه ذم عظيم للنخاس ، ولعل المراد من يبيع الأحرار عمدا». راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧٨٨ (نخس).

١٩٤

لغفر الله له».(١)

١٤٨٤٧ / ٣٢. علي بن محمد ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عثمان بن عيسى ، عن ميسر ، قال :

دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقال : «كيف أصحابك؟».

فقلت : جعلت فداك(٢) لنحن عندهم أشر(٣) من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا(٤) .

قال : وكان متكئا ، فاستوى جالسا ، ثم قال : «كيف قلت؟».

قلت : والله لنحن عندهم أشر(٥) من اليهود والنصارى والمجوس(٦) والذين أشركوا(٧) .

فقال : «أما والله لايدخل(٨) النار منكم اثنان ، لاوالله ولا واحد ؛ والله إنكم الذين قال اللهعزوجل :( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ) »(٩) .

ثم قال : «طلبوكم والله في النار(١٠) ، فما وجدوا منكم أحدا».(١١)

__________________

(١) الوافي ، ج ٥ ، ص ٨٢٥ ، ح ٣٠٩٥ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٣٦ ، ح ٢٢١٨٨ ، من قوله : «فسأل عنه جيرته» ؛ البحار ، ج ٢٢ ، ص ١٤٣ ، ح ١٣١.

(٢) في «ن» : + «والله».

(٣) في «بف» والوافي : «شر».

(٤) في «ع ، ل ، بف ، جد» والوافي : ـ «والذين أشركوا».

(٥) في «بف» والوافي : «شر».

(٦) في البحار : ـ «والمجوس».

(٧) في «بح» : ـ «قال : وكان متكئا ـ إلى ـ والذين أشركوا».

(٨) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي والبحار. وفي المطبوع : «تدخل».

(٩) ص (٣٨) : ٦٢ ـ ٦٤.

(١٠) في «د ، ل ، م ، بح ، بف ، بن ، جت ، جد» : + «والله».

(١١) تفسير فرات ، ص ٣٦٠ ، ح ٤٩٠ ، بسند آخر ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٥ ، ص ٨٠٩ ، ح ٣٠٧٥ ؛ البحار ، ج ٨ ، ص ٣٥٤ ، ح ٤.

١٩٥

وصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنينعليه‌السلام

١٤٨٤٨ / ٣٣. محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن النعمان ، عن معاوية بن عمار ، قال :

سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : «كان في وصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام أن قال : يا علي ، أوصيك في نفسك بخصال احفظها(١) عني ، ثم قال : اللهم أعنه : أما الأولى فالصدق ، ولا تخرجن(٢) من فيك كذبة أبدا ؛ والثانية الورع ، ولا تجترئ على خيانة(٣) أبدا ؛ والثالثة الخوف من الله ـ عز ذكره ـ كأنك تراه ؛ والرابعة كثرة البكاء من خشية الله يبنى لك بكل دمعة ألف(٤) بيت في الجنة ؛ والخامسة بذلك مالك ودمك دون دينك ؛ والسادسة الأخذ بسنتي في صلاتي وصومي وصدقتي.

أما الصلاة فالخمسون ركعة(٥) ؛ وأما الصيام فثلاثة أيام في الشهر : الخميس في أوله ، والأربعاء في وسطه ، والخميس في آخره(٦) ؛ وأما الصدقة فجهدك حتى تقول(٧) : قد أسرفت ولم تسرف.

وعليك بصلاة الليل(٨) ، وعليك بصلاة الزوال ، وعليك بصلاة الزوال ، وعليك بصلاة الزوال(٩) ، وعليك بتلاوة القرآن على كل حال ، وعليك برفع يديك في صلاتك

__________________

(١) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي ، ح ٥٢٢١. وفي «بن» والمطبوع والوافي ، ح ٢٥٣٩١ : «فاحفظها».

(٢) في «د ، ع ، ل ، م ، بف ، بن» والوافي ، ح ٢٥٣٩١ : «ولا يخرجن».

(٣) في «د ، م ، بح ، جد» : «جناية».

(٤) في الزهد والمحاسن والفقيه : ـ «ألف».

(٥) في الزهد : «فأما صلاتي فالإحدى وخمسون» بدل «أما الصلاة فالخمسون ركعة».

(٦) في الزهد : «من كل شهر في أوله ووسطه وآخره» بدل «في الشهر : الخميس في أوله ، والأربعاء في وسطه ، والخميس في آخره».

(٧) في «بن» : «يقال».

(٨) في «م» والوافي ، ح ٢٥٣٩١ : + «وعليك بصلاة الليل». وفي «بن ، جت» وحاشية «بح ، بف» والبحار والفقيه والتهذيب والزهد : + «وعليك بصلاة الليل ، وعليك بصلاة الليل». وفي المحاسن : + «يكررها أربعا».

(٩) في «بح» والفقيه والمحاسن : ـ «وعليك بصلاة الزوال ، وعليك بصلاة الزوال».

١٩٦

وتقليبهما(١) ، وعليك بالسواك عند كل وضوء(٢) ، وعليك بمحاسن الأخلاق فاركبها(٣) ، ومساوي الأخلاق فاجتنبها ، فإن لم تفعل فلا تلومن إلا نفسك».(٤)

١٤٨٤٩ / ٣٤. عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الله بن المغيرة(٥) ، قال : حدثني جعفر بن إبراهيم(٦) :

عن أبي عبد الله ، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال : «قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : حسب(٧)

__________________

(١) في الزهد : «دعائك وتقليبها» بدل «صلاتك وتقليبهما». وفي الوافي ، ح ٥٢٢١ : + «يا علي». وفي الوافي ، ح ٢٥٣٩١ : «وتقلبهما». وفي المحاسن : «إلى ربك وكثرة تقلبها» بدل «في صلاتك وتقليبهما». وفي الفقيه : + «بكلتيهما».

(٢) في التهذيب : + «وكل صلاة». وفي الزهد : + «صلاة». وفي الفقيه : + «كل صلاة».

(٣) في الوافي : «فارتكبها».

(٤) التهذيب ، ج ٩ ، ص ١٧٥ ، ح ٧١٣ ، بسنده عن معاوية بن عمار. المحاسن ، ص ١٧ ، كتاب القرائن ، ح ٤٨ ، بسند آخر. وفي الفقيه ، ج ٤ ، ص ١٨٨ ، ح ٥٤٣٢ ؛ والزهد ، ص ٢١ ، ح ٤٧ ، بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام ، وفي كل المصادر مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢٦ ، ص ١٦٧ ، ح ٢٥٣٩١ ؛ وفيه ، ج ٦ ، ص ٦٧٢ ، ح ٥٢٢١ ، قطعة منه ؛ الوسائل ، ج ٢ ، ص ١٦ ، ح ١٣٤٣ ؛ وج ٤ ، ص ٤٥ ، ح ٤٤٧٣ ؛ وص ٩١ ، ح ٤٥٩٢ ؛ وج ٨ ، ص ١٤٥ ، ح ١٠٢٦٢ ؛ وج ٩ ، ص ٣٧٨ ، ح ١٢٢٨٤ ، قطعة منه ؛ البحار ، ج ٧٧ ، ص ٦٨ ، ح ٨.

(٥) لم نجد رواية عبد الله بن المغيرة عن جعفر بن إبراهيم هذا ، في موضع. والمتكرر في الأسناد رواية عبد الله بن إبراهيم الغفاري بعناوينه المختلفة من عبد الله بن إبراهيم وعبد الله بن إبراهيم الغفاري وعبد الله الغفاري ، عن جعفر بن إبراهيم. وعبد الله هذا ، هو عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري المذكور في رجال النجاشي ، ص ٢٢٥ ، الرقم ٥٩٠. راجع : الكافي ، ح ١٩٦٣ و ٣٢٤٨ و ٤١٢٩ ؛ مصادقة الإخوان ، ص ٤٦ ، ح ١ ؛ كمال الدين ، ص ٢٢٨ ، ح ٢٢.

والمظنون قويا أن يكون عبد الله بن المغيرة في ما نحن فيه ، محرفا من «عبد الله الغفاري».

ثم إنه تبين مما مر أن ما ورد في المحاسن ، ص ٣٦٢ ، ح ٩٦ ، من رواية عبد الله بن إبراهيم عن أبي عمرو الغفاري عن جعفر بن إبراهيم الجعفري ، لا يخلو من تحريف ، والصواب فيه «عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري».

(٦) هكذا في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بف ، بن ، جت» وحاشية «بح». وفي «بح ، جد» وحاشية «م» والمطبوع : «جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر الطيار».

(٧) الحسب في الأصل : الشرف بالآباء ما يعده الناس من مفاخرهم. وقال ابن السكيت : «الحسب والكرم يكونان

١٩٧

المرء(١) دينه ، ومروءته وعقله(٢) وشرفه جماله(٣) ، وكرمه تقواه».(٤)

١٤٨٥٠ / ٣٥. عنهم ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبة وثعلبة بن ميمون وغالب بن عثمان وهارون بن مسلم(٥) ، عن بريد بن معاوية ، قال :

كنت عند أبي جعفرعليه‌السلام في فسطاط له(٦) بمنى ، فنظر إلى زياد الأسود منقطع(٧) الرجلين(٨) فرثى له(٩) ، فقال له : «ما لرجليك هكذا؟».

قال : جئت على بكر(١٠) لي نضو(١١) ، فكنت أمشي عنه عامة الطريق ، فرثى له.

__________________

في الرجل وإن لم يكن له آباء لهم شرف ، والشرف والمجد لا يكونان إلابالآباء». راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١١٠ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٣٨١ (حسب).

(١) في «بن» : «الرجل».

(٢) في «د ، م ، جت» : «وعقله ومروءته». وفي «بن» : «وعقله مروءته». وفي «ن ، بف» والوافي : «ومروءته عقله». في المرآة : «يحتمل أن يكون الواو في قوله : وعقله ، زيد من النساخ. وفي بعض النسخ «وعقله» مقدم على قوله : «ومروته» فيحتمل أن يكون معطوفا على دينه».

(٣) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي. وفي «جت» والمطبوع : «وجماله».

(٤) الكافي ، كتاب الروضة ، ضمن ح ١٥٠١٨ ؛ والأمالي للطوسي ، ص ١٤٧ ، المجلس ٥ ، ضمن ح ٥٤ ، بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله . الجعفريات ، ص ١٥٠ ، بسند آخر عن جعفر بن محمد ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . الزهد ، ص ٥٧ ، ح ١٥١ ، بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام ، من دون الإسناد إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله . الأمالي للطوسي ، ص ٥٩٠ ، المجلس ٢٥ ، ذيل ح ١٢ ، بسند آخر عن الرضا ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي كل المصادر مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ٣٠٥ ، ح ١٩٨٤.

(٥) لم يثبت رواية الحسن بن علي بن فضال عن هارون بن مسلم ، كما لم يثبت رواية هارون بن مسلم عن بريد بن معاوية. والظاهر أن هارون بن مسلم محرف من «مروان بن مسلم». لا حظ ما قدمناه ذيل الكافي ، ح ٩٤٩٣ و ١٢٤٤١.

(٦) في «بف» : ـ «له». وفي «جت» : «فسطاطه» بدل «فسطاط له».

(٧) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وحاشية «بح». وفي «بح» والمطبوع وشرح المازندراني والوافي : «منقلع».

(٨) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : «الرجل». وفي المرآة : «قوله : منقطع الرجلين ، أي انقطع بعض أجزائهما عن بعض ، ولعله كان : متقطع الرجلين بالتاء».

(٩) «فرثى له» أي رحمه ورق له. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٨٨ (رثي).

(١٠) البكر : الفتي من الإبل ، والانثى : بكرة ، والجمع : بكار وبكارة. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٩٥ (بكر).

(١١) قال الجوهري : «النضو بالكسر : البعير المهزول ، والناقة نضوة». وقال ابن الأثير : «النضو : الدابة التي

١٩٨

وقال له(١) عند ذلك زياد(٢) إني ألم بالذنوب(٣) حتى إذا ظننت أني قد هلكت ذكرت حبكم ، فرجوت النجاة ، وتجلى عني(٤) .

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «وهل الدين إلا الحب(٥) ؟ قال الله تعالى :( حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) (٦) وَقَالَ :( إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) (٧) وقال :( يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ) (٨) إن رجلا أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا رسول الله ، أحب المصلين ولا أصلي(٩) ، وأحب الصوامين ولا أصوم ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت مع من أحببت ، ولك ما اكتسبت ، وقال : ما تبغون وما تريدون ، أما إنها لو كانت(١٠) فزعة(١١) من السماء ، فزع(١٢) كل قوم إلى مأمنهم ، وفزعنا إلى نبينا ، وفزعتم إلينا».(١٣)

__________________

أهزلتها الأسفار وأذهبت لحمها». الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥١١ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٧٢ (نضا).

(١) في «جت» : ـ «له». وفي «بح» : + «ناد».

(٢) في «بح» : ـ «زياد».

(٣) «الم بالذنوب» أي انزل به ، أو اقار به. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٣٢ ؛ النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٧٢ (لمم).

(٤) في المرآة : «قوله : وتجلى عني ، أي ارتفع وانكشف عني الهم الحاصل بسبب ذلك الظن».

(٥) في الوافي : + «وهل الدين إلا الحب».

(٦) الحجرات (٤٩) : ٧.

(٧) آل عمران (٣) : ٣١.

(٨) الحشر (٥٩) : ٩.

(٩) في شرح المازندراني : «الظاهر أن الرجل كان مؤمنا ، وأن المراد بالصلاة والصيام المندوبات مع احتمال الأعم ، وأن المراد بقوله : «أنت مع من أحببت» أن المحبة سبب للنجاة ، وأن قوله : «ولك ما اكتسبت» إشارة إلى أن أعمال الخير سبب لرفع الدرجات ، والله أعلم».

وفي المرآة : «قوله : ولا اصلي ، لعل المراد النوافل».

(١٠) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي. وفي المطبوع : «كان».

(١١) في شرح المازندراني : «الفزعة بالضم : ما يفزع منه ويخاف ، كالضحكة بالضم : ما يضحك منه ، ولعل المراد بها الصور أو زلزلة الساعة». وفي الوافي : «الفزعة ، بالضم : ما يخاف منه». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٠١ (فزع).

(١٢) في الوافي : «فزع كل قوم : استغاث ولجأ ؛ فإن الفزع جاء بمعنى الخوف ، ويعدى بمن ، وبمعنى الاستغاثة ويعدى بإلى». وراجع : لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٢٥٢ (فزع).

(١٣) تفسير فرات ، ص ٤٢٨ ، ح ٥٦٧ ، بسنده عن بريد بن معاوية العجلي وإبراهيم الأحمري ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ،

١٩٩

١٤٨٥١ / ٣٦. سهل(١) ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة وعبد الله بن بكير ، عن سعيد بن يسار ، قال :

سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : «الحمد لله(٢) صارت فرقة مرجئة(٣) ، وصارت فرقة حرورية(٤) ، وصارت فرقة قدرية(٥) ، وسميتم الترابية(٦) وشيعة(٧) علي ، أما والله ما هو

__________________

مع اختلاف يسير. تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ١٦٧ ، ح ٢٧ ، عن بريد بن معاوية العجلي. وفيه ، ص ١٦٧ ، ح ٢٥ ، عن زياد ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، وفيهما مع اختلاف. راجع : الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الحب في الله والبغض في الله ، ح ١٨٨١ ؛ والمحاسن ، ص ٢٦٢ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٣٢٧ ؛ والخصال ، ص ٢١ ، باب الواحد ، ح ٧٤ الوافي ، ج ٥ ، ص ٨٢٦ ، ح ٣٠٩٦.

(١) السند معلق على سابقه ، كما هو واضح.

(٢) في شرح المازندراني : «الحمد لوجود الفرقة الناجية ، وهم الترابية الآتية ، لا بوجود الفرق الضالة المضلة ؛ لأن وجود الناجية مع افتراق الامة نعمة عظيمة من الله تعالى يستحق الحمد بها».

(٣) المرجئة تطلق على فرقتين : فرقة مقابلة للشيعة ، من الإرجاء بمعنى التأخير ؛ لتأخير هم علياعليه‌السلام عن مرتبته. وفرقة مقابلة للوعيدية ، إما من الإرجاء بمعنى التأخير ؛ لأنهم يؤخرون العمل عن النية والقصد ، وإما بمعنى إعطاء الرجاء ؛ لأنهم يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، أو بمعنى تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة. راجع : الملل والنحل للشهرستاني ، ج ١ ، ص ١٣٩.

(٤) الحرورية : طائفة من الخوارج ، نسبوا إلى حروراء بالمد والقصر ، وهو موضع قريب من الكوفة ، كان أول مجتمعهم وتحكيمهم فيها ، وهم أحد الخوارج الذين قاتلهم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكان عندهم من التشدد في الدين ما هو معروف. النهاية ، ج ١ ، ص ٣٦٦ (حرر).

(٥) في شرح المازندراني : «وصارت فرقة قدرية ، هم الجبرية الذين ذهبوا إلى أن أفعال العباد خيرها وشرها صادرة عنه تعالى ، وهما صنفان : صنف يقولون : ليس للعبد قدرة على الفعل أصلا ، وصنف يقولون : له قدرة عليه ، وإذا توجهت قدرتهم إلى الفعل بادرت القدرة الإلهية إليه فتوجده».

وفي المرآة : «قد تطلق القدرية على القائلين بقدرة العبد واستقلاله وأن لا مدخل لله في أفعال العباد بوجه ، وهم أكثر المعتزلة. وقد تطلق على الأشاعرة القائلين بضد ذلك وأن أفعال العباد مخلوقة لله وتقع بتقديره تعالى بلا مدخلية لقدرة العبد أصلا ، والأول أكثر استعمالا في أخبارنا ، وهما باطلان ، والواسطة التي هي الأمر بين الأمرين هي الحق».

(٦) في الوافي : «الترابية منسوبة إلى أبي تراب ، وهو كنية أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كناه به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين رآه نائما لاصقا بالتراب ، فنفض عنه التراب وقال له : قم ، قم يا أبا تراب ، فصار كنية لهعليه‌السلام وكانعليه‌السلام يحب أن يكنى به».

(٧) في «ع ، ل ، ن ، بف» والوافي : «شيعة» بدون الواو.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909