الكافي الجزء ١٥

الكافي0%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الكافي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي
تصنيف: الصفحات: 909
المشاهدات: 72512
تحميل: 3263


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 72512 / تحميل: 3263
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء 15

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أنهم قالوا حين دخلوا عليه : إنما(١) أحببناكم لقرابتكم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولما أوجب الله ـعزوجل ـ من حقكم ما أحببناكم للدنيا(٢) نصيبها منكم إلا لوجه الله والدار الآخرة ، وليصلح لامرى(٣) منا دينه.

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «صدقتم صدقتم»(٤) ثم قال : «من أحبنا كان معنا ـ أو جاء معنا(٥) ـ يوم القيامة هكذا» ثم جمع بين السبابتين ، ثم قال : «والله لو أن رجلا صام النهار وقام الليل ، ثم لقي الله ـعزوجل ـ بغير ولايتنا أهل البيت ، للقيه وهو عنه غير راض أو ساخط عليه»(٦) .

ثم قال : «وذلك قول الله(٧) عزوجل :( وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ ) ».(٨)

ثم قال : «وكذلك الإيمان لايضر معه العمل ، وكذلك(٩) الكفر لاينفع معه العمل»(١٠) .

__________________

(١) في «ع ، ل ، ن ، بح ، بف ، بن» وحاشية «د». والوافي : «إنا».

(٢) في «ع ، ل ، ن ، بح ، بف ، بن ، جت» وتفسير العياشي : «لدنيا».

(٣) في «بح» : «المرء». وفي الوافي : «امرئ». وفي المرآة : «قوله : وليصلح لامرئ ، أي لكل امرئ».

(٤) في «ن» : ـ «صدقتم».

(٥) في المرآة : «قوله : أوجاء معنا ، الترديد من الراوي».

(٦) في المرآة : «قوله : أو ساخط ، الترديد من الراوي».

(٧) في «بن» : «قوله».

(٨) التوبة (٩) : ٥٤ و ٥٥.

(٩) في الوافي : «وكذا».

(١٠) في شرح المازندراني : «لعل المراد بالعمل الأول العمل الحقير القليل ، وبالعمل الثاني العمل العظيم الكثير ؛ فإن قليل العمل مع الإيمان مقبول ، وكثير العمل مع الكفر غير مقبول. ويحتمل أن يراد بالضرر الضرر الموجب للخلود في النار ، وبالنفع النفع الموجب للدخول في الجنة».

وفي المرآة : «قوله عليه‌السلام : لا يضر معه العمل ، أي بحيث يصير سببا لخلوده في النار ، أو لعدم استحقاق الشفاعة والرحمة. قوله عليه‌السلام : لا ينفع معه العمل ، أي نفعا يوجب خلاصه عن العذاب ، أو استحقاقه للشفاعة والمغفرة. ويحتمل أن يكون المراد بالعمل هنا العبادات ؛ لاشتراطها بالإيمان».

٢٦١

ثم قال : «إن تكونوا وحدانيين(١) ، فقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحدانيا ، يدعو الناس فلا يستجيبون له ، وكان أول من استجاب له علي بن أبي طالبعليه‌السلام وقد(٢) قال(٣) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدي».(٤)

١٤٨٩٦ / ٨١. علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، قال :

قال(٥) أبو عبد اللهعليه‌السلام لعباد بن كثير البصري الصوفي : «ويحك يا عباد ، غرك(٦) أن عف بطنك وفرجك ، إن الله ـعزوجل ـ يقول في كتابه :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ ) (٧) اعلم أنه لايتقبل(٨) الله ـعزوجل ـ منك شيئا حتى تقول قولا عدلا».(٩)

١٤٨٩٧ / ٨٢. يونس(١٠) ، عن علي بن شجرة :

__________________

(١) الوحداني : المفارق للجماعة ، المنفرد بنفسه ، وهو منسوب إلى الوحدة ، أي الانفراد بزيادة الألف والنون للمبالغة. النهاية ، ج ٥ ، ص ١٦٠ (وحد). هذا في اللغة ، وأما المراد به في الحديث ففي المرآة : «قولهعليه‌السلام : وحدانيين ، أي منفردين في هذا الأمر ، لايشارككم فيه الناس ، فقد كان رسول الله في كثير من الأزمنة متفردا بالحق ، ما كان معه إلاقليل».

(٢) في «بن» : «ولقد».

(٣) في «بح ، بن» : + «له».

(٤) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب أن الإيمان لا يضر معه سيئة ، ح ٣٠٥٩ ، بسنده عن ابن فضال ، عن ثعلبة ، عن أبي امية يوسف بن ثابت بن أبي سعدة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وتمام الرواية فيه : «الإيمان لا يضر معه عمل وكذلك الكفر لا ينفع معه عمل». المحاسن ، ص ١٥٩ ، كتاب الصفوة ، ح ٩٧ ، عن الحسن بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن أبي امية يوسف بن ثابت بن أبي سعيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، من قوله : «إن تكونوا وحدانيين». تفسير العياشي ، ج ٢ ، ص ٨٩ ، ح ٦١ ، عن يوسف بن ثابت ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، إلى قوله : «الكفر لا ينفع معه العمل» مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٥ ، ص ٨٢٧ ، ح ٣٠٩٧.

(٥) في «بح» : ـ «قال».

(٦) في «م ، جد» والوافي : «عزك» بتقديم المهملة.

(٧) الأحزاب (٣٣) : ٧٠ و ٧١.

(٨) في «د ، جت» : «لا يقبل».

(٩) الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٥٥ ، ح ٢٣٣٩ ؛ البحار ، ج ٤٧ ، ص ٣٥٩ ، ح ٦٨.

(١٠) السند معلق على سابقه. ويروي عن يونس ، علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد.

٢٦٢

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «لله ـعزوجل ـ في بلاده خمس حرم(١) : حرمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحرمة آل الرسول(٢) عليهم‌السلام ، وحرمة كتاب اللهعزوجل ، وحرمة كعبة الله ، وحرمة المؤمن».(٣)

١٤٨٩٨ / ٨٣. عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نجران ، عن محمد بن القاسم ، عن علي بن المغيرة :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : «إذا بلغ المؤمن(٤) أربعين سنة ، آمنه الله(٥) من الأدواء الثلاثة : البرص ، والجذام ، والجنون ؛ فإذا بلغ الخمسين(٦) ، خفف الله ـعزوجل ـ حسابه ؛ فإذا بلغ ستين(٧) سنة(٨) ، رزقه الله الإنابة(٩) ؛ فإذا بلغ السبعين(١٠) ، أحبه أهل السماء ؛ فإذا بلغ الثمانين(١١) ، أمر الله ـعزوجل ـ بإثبات حسناته وإلقاء سيئاته(١٢) ؛ فإذا بلغ التسعين(١٣) ، غفر الله ـ تبارك وتعالى ـ له ما تقدم من ذنبه وما

__________________

(١) الحرم : جمع الحرمة ، وهي ما لايحل انتها كه. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٣٧٣ ؛ المصباح المنير ، ص ١٣١ (حرم).

(٢) هكذا في «د ، ع ، ل ، م ، بح ، بف ، بن ، جد» والوافي والبحار. وفي «ن ، جت» والمطبوع : «آل رسول الله».

(٣) الوافي ، ج ٣ ، ص ٩٤٤ ، ح ١٦٣٩ ؛ البحار ، ج ٢٤ ، ص ١٨٦ ، ح ٤.

(٤) في ثواب الأعمال والخصال ، ص ٥٤٦ ، ح ٢٥ : «المرء».

(٥) قولهعليه‌السلام : «آمنه الله» أي غالبا ، وقال العلامة المجلسي : «أو مخصوص بالمؤمن الكامل».

(٦) في «ن» : «خمسين».

(٧) في «بف» والوافي : «الستين».

(٨) في «بف» : ـ «سنة».

(٩) في «بح» والوافي : + «إليه».

وفي شرح المازندراني ، ج ١٢ ، ص ٤١ : «رزقه الله الإنابة ، أي الرجوع إلى الله فيرغب في الطاعة ويندم من المعصية ويداوم ذكر الله تعالى قيل : معناه من عمره الله تعالى ستين سنة لم يبق له عذر في الرجوع إلى الله سبحانه بطاعته في مدة هذه المهلة وما يشاهد من الآيات والعبرة مع ما ارسل من الإنذار والتذكير».

(١٠) في «ن» : «سبعين».

(١١) في «ن» : «ثمانين».

(١٢) في شرح المازندراني : «لعل هذا في بعض الأشخاص أو في بعض السيئات ، وإلا فقد مر في كتاب الاصول : أن الله تعالى لا ينظر يوم القيامة إلى شيخ زان».

(١٣) في «ن» : «تسعين».

٢٦٣

تأخر(١) ، وكتب أسير الله(٢) في أرضه».

وفي رواية أخرى : «فإذا بلغ المائة ، فذلك أرذل العمر(٣) ».(٤)

١٤٨٩٩ / ٨٤. محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن داود ، عن سيف ، عن أبي بصير ، قال :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «إن العبد لفي فسحة(٥) من(٦) أمره ما بينه وبين أربعين سنة ، فإذا بلغ أربعين سنة ، أوحى الله ـعزوجل ـ إلى ملكيه(٧) : قد(٨) عمرت عبدي هذا عمرا(٩) ، فغلظا وشددا وتحفظا واكتبا عليه قليل عمله وكثيره ، وصغيره وكبيره(١٠) ».(١١)

__________________

(١) في شرح المازندراني : «كأن المراد بالذنوب الصغائر من حق الله تعالى ، مع احتمال الكبائر أيضا ، وبالمتأخر الذنب الذي يفعله في هذا السن».

(٢) في شرح المازندراني : «سمي أسيرا لأنه أسره قضاء الله فأخرجه من موطنه الأصلي ، وحبسه في دار الغربة مدة طويلة ، وعذبه بهواء النفس وإغواء الشيطان ، فهو محل الترحم».

(٣) في شرح المازندراني : «لأن العمر حال الطفولية وإن كان ضعيفا لكنه في مقام الترقي لقبول الكمال ، بخلاف مائة سنة ؛ فإنه في غاية الضعف ومقام التنزل حتى تبلغ حدا لا يدري ما يقول وما يفعل».

(٤) ثواب الأعمال ، ص ٢٢٤ ، ح ١ ؛ والخصال ، ص ٥٤٦ ، أبواب الأربعين وما فوقه ، ح ٢٥ ، بسندهما عن ابن أبي نجران. وفيه ، ص ٥٤٤ ، نفس الباب ، ح ٢١ ، بسند آخر عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع اختلاف يسير. وفيه ، ص ٥٤٦ ، نفس الباب ، ح ٢٨ ، بسند آخر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٥ ، ص ٨١٢ ، ح ٣٠٧٩ و ٣٠٨٠.

(٥) الفسحة ، بالضم : السعة ، قال العلامة المجلسي : «قولهعليه‌السلام : لفي فسحة ، أي في عفو الله وغفرانه». راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٢٥ (فسح).

(٦) في «بح» : «في».

(٧) في «بح ، جت» وحاشية «د» والخصال : «ملائكته». وفي الأمالي للصدوق والخصال : + «إني».

(٨) في حاشية «ن ، بح» : «أني».

(٩) في الخصال : + «وقد طال».

(١٠) في «ل» : ـ «وصغيره وكبيره».

(١١) الأمالي للصدوق ، ص ٣٦ ، المجلس ١٠ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن داود بن النعمان ، عن سيف التمار ، مع زيادة في آخره. الخصال ، ص ٥٤٥ ، أبواب الأربعين وما فوقه ، ح ٢٤ ،

٢٦٤

١٤٩٠٠ / ٨٥. علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (١) ، قال :

سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام (٢) عن الوباء يكون في ناحية المصر ، فيتحول الرجل إلى ناحية أخرى ، أو يكون في مصر ، فيخرج منه إلى غيره؟

فقال(٣) : «لا بأس ، إنما نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك لمكان ربيئة(٤) كانت(٥) بحيال العدو(٦) ، فوقع فيهم الوباء فهربوا منه ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الفار منه كالفار من الزحف كراهية أن يخلو(٧) مراكزهم».(٨)

١٤٩٠١ / ٨٦. علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي مالك الحضرمي ، عن حمزة بن حمران :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «ثلاثة لم ينج منها نبي فمن دونه : التفكر في الوسوسة(٩) في الخلق ،

__________________

بسنده عن داود بن النعمان عن سيف ، مع زيادة في آخره الوافي ، ج ٤ ، ص ٣١٦ ، ح ٢٠٠٣ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٠٠ ، ح ٢١٠٨٧.

(١) في «بن» : ـ «عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ».

(٢) في «م ، بح» : ـ «قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ». وفي الوافي : «قال : سألته» بدلها.

(٣) في «بف» والوافي : + «له».

(٤) في «د ، ع ، م ، بف ، بن ، جت» وحاشية «جت» : «ريبة». وفي شرح المازندراني : «ربئة». وفي الوسائل : «ربية». وفي المرآة : «ربيئة ، على وزن فعيلة بالهمزة ، وهي العين ، والطليعة الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو. وفي أكثر النسخ : الربية ، وهو تصحيف».

(٥) في «د» : «كان».

(٦) «بحيال العدو» أي بإزائه وبتلقاء وجهه. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٧٩ (حول) ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٤٧٠ (حيل).

(٧) في «د» بالتاء والياء معا. وفي الوافي والوسائل : «أن تخلوا».

(٨) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٥٥٦ ، ح ٢٥٦٩٠ ؛ الوسائل ، ج ٢ ، ص ٤٢٩ ، ح ٢٥٥٢.

(٩) «الوسوسة» : الأفكار ، وحديث النفس والشيطان بما لانفع فيه ولا خير. وقال العلامة المجلسي : «الظاهر

٢٦٥

والطيرة(١) ، والحسد(٢) ، إلا أن المؤمن لايستعمل حسده».(٣)

١٤٩٠٢ / ٨٧. محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة :

عن أبي إبراهيمعليه‌السلام ، قال : قال لي : «إني لموعوك(٤) منذ سبعة أشهر ، ولقد وعك ابني اثني عشر شهرا وهي تضاعف علينا ، أشعرت(٥) أنها لاتأخذ في الجسد كله ، وربما أخذت في أعلى الجسد ، ولم تأخذ في أسفله ، وربما أخذت في أسفله ، ولم

__________________

أن المراد التفكر في ما يحصل في نفس الإنسان من الوساوس في خالق الأشياء وكيفية خلقها وخلق أعمال العباد ، والتفكر في الحكمة في خلق بعض الشرور في العالم من غير استقرار في النفس ، وحصول شك بسببها وقيل : المراد بالخلق المخلوقات ، وبالتفكر فيهم بالوسوسة التفكر وحديث النفس بعيوبهم وتفتيش أحوالهم. والأول أصوب ، كما عرفت». راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١٨٦ (وسوس) ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧٩٢ (وسس).

(١) قال ابن الأثير : «الطيرة ، بكسر الطاء وفتح الياء وقد تسكن : هي التشاؤم بالشيء ، وهو مصدر تطير ، يقال : تطير طيرة ، وتخير خيرة ، ولم يجئ من المصادر هكذا غيرهما ، وأصله في ما يقال التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغير هما ، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم ، فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه وأخبر أنه ليس له تأثير في جلب نفع ، أو دفع ضر ، ثم نقل حديثا فيه : الطيرة شرك وقال : «وإنما جعل الطيرة من الشرك لأنهم كانوا يعتقدون أن التطير يجلب لهم نفعا ، أو يدفع عنهم ضرا إذا عملوا بموجبه ، فكأنهم أشركوه مع الله في ذلك». وقال العلامة المجلسي : «أقول : فالمراد بها هاهنا إما انفعال النفس عما يتشاءم به ، أو تأثيرها واقعا وحصول مقتضاها. ويظهر من الأخبار أنها إنما تؤثر مع تأثر النفس بها وعدم التوكل على الله».

(٢) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : والحسد ، ظاهره أن الحسد المركوز في الخاطر إذا لم يظهره الإنسان ليس بمعصية ، وإلا فلا يمكن اتصاف الأنبياء به. ويمكن أن يكون المراد به ما يعم الغبطة. وقيل : المراد أن الناس يحسدونهم ، وكذا في الاوليين. وظواهر الأخبار تأبى عنه ، كما لا يخفى».

(٣) الخصال ، ص ٨٩ ، باب الثلاثة ، ح ٢٧ ، بسند آخر ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٥٥٦ ، ح ٢٥٦٩١ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٣٦٦ ، ح ٢٠٧٦١ ؛ البحار ، ج ٥٨ ، ص ٣٢٣ ، ح ١٢.

(٤) الموعوك ، من الوعك ، وهو الحمى ، أو ألمها ووجعها وأذاها ومغثها في البدن. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٠٧ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٦٧ (وعك).

(٥) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : أشعرت ، على البناء للمجهول ، أو على صيغة الخطاب المعلوم مع همزة الاستفهام ، أي هل أحسست بذلك؟ ولعل مرادهعليه‌السلام أن الحرارة قد تظهر آثارها في أعالي الجسد ، وقد تظهر في أسافلها».

٢٦٦

تأخذ في أعلى الجسد كله(١) ؟».

قلت : جعلت فداك ، إن أذنت لي حدثتك بحديث عن أبي بصير عن جدك أنه كان إذا(٢) وعك استعان بالماء البارد ، فيكون له ثوبان : ثوب في(٣) الماء البارد(٤) ، وثوب على جسده(٥) يراوح بينهما(٦) ، ثم ينادي حتى يسمع(٧) صوته على باب الدار : يا فاطمة بنت محمد.

فقال : «صدقت»(٨) .

قلت(٩) : جعلت فداك ، فما وجدتم للحمى عندكم دواء؟

فقال : «ما وجدنا لها(١٠) عندنا دواء إلا الدعاء والماء البارد ؛ إني(١١) اشتكيت(١٢) ، فأرسل إلي محمد بن إبراهيم بطبيب له ، فجاءني بدواء فيه قيء ، فأبيت أن أشربه ؛ لأني إذا قيئت(١٣) زال كل مفصل مني(١٤) ».(١٥)

__________________

(١) في «بف» : ـ «كله».

(٢) في شرح المازندراني : «إذا كان» بدل «كان إذا».

(٣) في «م ، ن ، جد» : «على».

(٤) في «ع ، بح» : ـ «البارد».

(٥) في «م ، ن ، جد» : «جسده وثوب في الماء البارد» بدل «الماء البارد وثوب على جسده». وفي «بف» والوافي : «جسده وثوب في الماء» بدلها.

(٦) «يراوح بينهما» أي يتقلب ، يقال : راوح الرجل بين جنبيه ، إذا تقلب من جنب إلى جنب. راجع : لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٤٦٦ (روح).

(٧) في «بن» : «حتى تسمع».

(٨) في «ع ، بف» وحاشية «د» والوافي : «صدق».

(٩) في «جت» والوافي : «فقلت».

(١٠) في «د ، جت» : ـ «لها».

(١١) في «د» : «وإني».

(١٢) «اشتكيت» أي مرضت ، من الاشتكاء بمعنى المرض. راجع : لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٤٣٩ (شكا).

(١٣) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : قيئت ، على بناء المجهول من باب التفعيل ، يقال : قاء الرجل وقيأه غيره. قولهعليه‌السلام : زال كل مفصل مني ، أي لا أقدر لكثرة الضعف على القيء. أقول : هذا الخبر يدل على أن بيان كيفية المرض ومدته وشدته ليس بشكاية».

(١٤) في الوافي : «عني».

(١٥) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٥٣٩ ، ح ٢٥٦٥٨ ؛ الوسائل ، ج ٢ ، ص ٤٣١ ، ح ٢٥٥٧ ، ملخصا ؛ البحار ، ج ٦٢ ، ص ١٠٢ ، ح ٣١.

٢٦٧

١٤٩٠٣ / ٨٨. الحسين بن محمد الأشعري ، عن أحمد بن إسحاق الأشعري(١) ، عن بكر بن محمد الأزدي ، قال :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «حم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأتاه جبرئيلعليه‌السلام فعوذه(٢) ، فقال : بسم الله أرقيك(٣) يا محمد(٤) ، وبسم الله أشفيك(٥) ، وبسم(٦) الله من كل داء يعييك(٧) ، بسم(٨) الله والله شافيك ، بسم(٩) الله خذها(١٠) فلتهنيك(١١) ، بسم الله الرحمن الرحيم(١٢) ، فلا أقسم بمواقع النجوم لتبرأن بإذن الله».

__________________

(١) هكذا في حاشية «بح» والبحار. وفي «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بف ، بن ، جت ، جد» والمطبوع : «محمد بن إسحاق الأشعري». وهو سهو ؛ فإنه مضافا إلى أن أحمد بن إسحاق روى كتاب بكر بن محمد الأزدي ، تكررت رواية الحسين بن محمد عن أحمد بن إسحاق في الأسناد ، وقد وقع أحمد بن إسحاق في بعضها متوسطا بين الحسين بن محمد وبين بكر بن محمد. راجع : رجال النجاشي ، ص ١٠٨ ، الرقم ٢٧٣ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ٢ ، ص ٤٢٣ ـ ٤٢٤ ؛ وج ٦ ، ص ٣٣٩ ـ ٣٤٠.

(٢) في الوافي : ـ «فعوذه». ويقال : عوذت فلانا بالله وأسمائه وبالمعوذتين ، إذا قلت : اعيذك بالله وأسمائه من كل ذي شر وكل داء وحاسد وحين. والتعويذ أيضا : الرقية التي يرقى بها الإنسان من فزع أو جنون ؛ لأنه يعاذ بها ، كالعوذة والمعاذاة. راجع : لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٤٩٩ (عوذ).

(٣) يقال : رقى الراقي رقية ورقيا ، إذا عوذه ونفث في عوذته ، وهو من باب ضرب. والرقية : العوذة التي يرقى بهاصاحب الآفة ، كالحمى والصرع وغير ذلك من الآفات. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٥٤ ؛ المغرب ، ص ١٩٦ (رقي).

(٤) في الوافي : ـ «يا محمد».

(٥) في شرح المازندراني : «وبسم الله أشفيك ، أي ابرئك من المرض ، أو اعالجك بهذا الاسم ، فوضع الشفاء موضع العلاج والمداواة».

(٦) في «بف» والبحار : «بسم» بدون الواو.

(٧) في «ع ، بح ، جت» وحاشية «بن» وشرح المازندراني والوافي والمرآة والبحار وقرب الإسناد : «يعنيك». و «يعييك» أي يعجزك ، يقال : أعياه ، أي أعجزه وحيره ، من الإعياء ، وهو من العي بمعنى العجز وعدم الاهتداء لوجه المراد. راجع : لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ١١١ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٢٥ (عيي).

(٨) في قرب الإسناد : «وبسم».

(٩) في قرب الإسناد : «وبسم».

(١٠) في شرح المازندراني : «لعل ضمير التأنيث راجع إلى هذه الكلمات الشريفة ، أو العوذة». وفي الوافي : «خذها ، أي خذ هذه الرقية ، أو العوذة».

(١١) يقال : هنأني الطعام ، أي كان هنيئا بغير تعب ومشقة ، وكل أمر يأتيك من غير تعب فهو هنيء. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٧٧ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ١٨٤ (هنأ).

(١٢) في «ع» : ـ «الرحيم».

٢٦٨

قال بكر : وسألته عن رقية(١) الحمى ، فحدثني بهذا.(٢)

١٤٩٠٤ / ٨٩. أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر :

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : «قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قال : " بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" ثلاث مرات ، كفاه الله ـعزوجل ـ تسعة وتسعين نوعا من أنواع البلاء ، أيسرهن(٣) الخنق(٤) ».(٥)

١٤٩٠٥ / ٩٠. حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن نعمان الرازي :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «انهزم الناس يوم أحد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فغضب غضبا شديدا» قال : «وكان إذا غضب انحدر عن جبينه(٦) مثل اللؤلو من العرق».

قال : «فنظر فإذا عليعليه‌السلام إلى جنبه(٧) ، فقال له : الحق ببني أبيك(٨) مع من انهزم

__________________

(١) في «ل» : «رقى».

(٢) قرب الإسناد ، ص ٤٢ ، ح ١٣٤ ، عن أحمد بن إسحاق بن سعد ، عن بكر بن محمد الأزدي الوافي ، ج ٩ ، ص ١٦٥٢ ، ح ٨٩٠٤ ؛ البحار ، ج ٩٥ ، ص ٣٥ ، ح ٢٠.

(٣) في الوافي : «أيسرها».

(٤) في الوافي : «الجنون». والخنق : مصدر ، وهو الموت بالخناق ، وهو بكسر الخاء ما يخنق به من حبل وغيره ، يقال : خنقه ، أي عصر حلقه حتى يموت ، وبضم الخاء : داء أوريح يأخذ الإنسان والدواب في الحلوق. راجع : لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٩٢ ؛ المصباح المنير ، ص ١٨٣ (خنق).

(٥) المحاسن ، ص ٤١ ، كتاب ثواب الأعمال ، ح ٥٠ ، بسنده عن أحمد بن النضر. ثواب الأعمال ، ص ١٩٤ ، ح ١ ، بسند آخر عن أبي عبد الله ، عن أبيهعليهما‌السلام من دون الإسناد إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع اختلاف يسير. الكافي ، كتاب الدعاء ، باب من قال : ما شاء الله لا حول ولا قوة إلابالله ، ح ٣٢٧٧ ، بسند آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مع اختلاف وزيادة في آخره الوافي ، ج ٩ ، ص ١٦٥٤ ، ح ٨٩٠٥ ؛ البحار ، ج ٩٣ ، ص ١٩٢ ، ح ٣٥.

(٦) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي. وفي «ن» والمطبوع : «جبينيه».

(٧) في «بح» : «جانبه».

(٨) في شرح المازندراني : «هذا الأمر إما للرخصة ، أو للاختبار».

٢٦٩

عن رسول الله ، فقال : يا رسول الله ، لي بك أسوة» فقال(١) : «فاكفني هؤلاء ، فحمل فضرب أول من لقي منهم ، فقال جبرئيلعليه‌السلام : إن هذه لهي المواساة يا محمد ، فقال : إنه مني وأنا منه ، فقال(٢) جبرئيلعليه‌السلام : وأنا منكما يا محمد».

فقال(٣) أبو عبد اللهعليه‌السلام : «فنظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى جبرئيلعليه‌السلام على كرسي من ذهب بين السماء والأرض وهو يقول : لاسيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي(٤) ».(٥)

١٤٩٠٦ / ٩١. حميد بن زياد ، عن عبيد الله بن أحمد الدهقان ، عن علي بن الحسن الطاطري ، عن محمد بن زياد بن عيسى بياع السابري ، عن أبان بن عثمان ، قال : حدثني فضيل البرجمي(٦) ، قال :

كنت بمكة وخالد بن عبد الله(٧) أمير ، وكان في المسجد عند زمزم ، فقال :

__________________

(١) هكذا في «ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بف ، بن ، جد» وحاشية «جت» وشرح المازندراني والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : «قال».

(٢) في «جت» وحاشية «بح» : «قال».

(٣) في «ع ، م ، ن ، جد» والوافي : «قال».

(٤) قال في مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ٢٦٧ : «أقول : مضمون تلك الرواية من المشهورات بين الخاصة والعامة» ، ثم ذكر رواية تقرب منها نقلها ابن أبي الحديد وقال : «قلت : وقد روى هذا الخبر جماعة من المحدثين ، وهو من الأخبار المشهورة ، وقفت عليه في بعض نسخ مغازي محمد بن إسحاق ، ورأيت بعضها خاليا عنه وسألت شيخي عبد الوهاب بن سكينة عن هذا الخبر ، فقال : خبر صحيح ، فقلت له : فما بال الصحاح لم تشتمل عليه؟ قال : أو كل ما كان صحيحا تشتمل عليه كتب الصحاح؟ كم قد أهمل جامعو الصحاح من الأخبار الصحيحة». وراجع : شرح نهج البلاغة لا بن أبي الحديد ، ج ١٤ ، ص ٢٥١.

(٥) الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٣١ ، ح ١٣٤٣ ؛ البحار ، ج ٢٠ ، ص ١٠٧ ، ح ٣٣ ؛ وفيه ، ج ١٦ ، ص ١٩٣ ، ح ٣٢ ، إلى قوله : «مثل اللؤلؤ من العرق».

(٦) في الوافي : «الرحمي». وفي البحار : «البراجمي» ، وهو سهو ، كما يعلم ذلك من الإكمال لا بن ماكولا ، ج ١ ، ص ٤١٦ ؛ والأنساب للسمعاني ، ج ١ ، ص ٣٠٨ ؛ وتوضيح المشتبه ، ج ١ ، ص ٤٢٧ وص ٤٣٠.

(٧) في «جت» والبحار : + «القسري». وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «قوله : خالد بن عبد الله القسري ، كان رجلا ناصبيا مبغضا لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، قتله يوسف الثقفي ، ابن عم الحجاج بأمر هشام بن عبد الملك».

٢٧٠

ادعوا لي قتادة(١) ، قال : فجاء شيخ أحمر الرأس واللحية ، فدنوت(٢) لأسمع ، فقال خالد :

يا قتادة ، أخبرني بأكرم وقعة كانت في العرب ، وأعز وقعة كانت في العرب ، وأذل وقعة كانت في العرب.

فقال : أصلح الله الأمير ، أخبرك بأكرم وقعة كانت في العرب ، وأعز وقعة كانت في العرب ، وأذل وقعة كانت في العرب واحدة؟

قال خالد : ويحك واحدة؟

قال : نعم ، أصلح الله الأمير ، قال : أخبرني ، قال : بدر ، قال : وكيف(٣) ذا؟ قال : إن بدرا أكرم وقعة كانت في العرب ، بها أكرم الله ـعزوجل ـ الإسلام وأهله(٤) ، وهي أعز وقعة كانت في العرب ، بها أعز الله الإسلام وأهله ، وهي أذل وقعة كانت في العرب ، فلما(٥) قتلت قريش يومئذ ، ذلت(٦) العرب.

فقال له خالد : كذبت ، لعمر الله إن كان في العرب يومئذ من هو أعز منهم(٧) ، ويلك يا قتادة أخبرني ببعض أشعارهم.

__________________

(١) في شرح المازندراني : «فقال : ادعوا لي قتادة ، كأنه قتادة بن النعمان من أصحاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ». وفي المرآة : «هومن أكابر محدثي العامة من تابعي العامة [في] البصرة ، روى عن أنس وأبي الطفيل وسعد بن المسيب والحسن البصري».

(٢) في «د ، بح» وحاشية «جت» : + «منه».

(٣) في «جت» : «كيف» بدون الواو.

(٤) في «بف» : «أنزل الله الملائكة بإمداد الإسلام» بدل «أكرم الله ـعزوجل ـ الإسلام وأهله».

(٥) في «بف» : ـ «فلما».

(٦) في «بف» : «وذلت».

(٧) في شرح المازندراني : «إن كان في العرب ، إن مخففة من المثقلة. يومئذ هو أعز منهم ، زعم أن قبيلة القسرية أعز من قريش تعصبا وحمية».

وفي المرآة : «قوله : إن كان في العرب يومئذ من هو أعز منهم ، لعله ـ لعنه الله ـ حملته الحمية والكفر على أن يتعصب للمشركين بأنهم لم يذلوا بقتل هؤلاء ، بل كان فيهم أعز منهم ، أو غرضه الحمية لأبي سفيان وسائر بني امية وخالد بن الوليد ؛ فإنهم كانوا يومئذ بين المشركين. ويحتمل أن يكون مراده أن غلبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو سيد العرب كان يكفي لعز هم ولم يذلوا بفقد هؤلاء».

٢٧١

قال : خرج أبو جهل يومئذ(١) وقد أعلم ليرى مكانه(٢) ، وعليه عمامة حمراء ، وبيده ترس(٣) مذهب وهو يقول :

ما تنقم الحرب الشموس مني

بازل عامين حديث السن

لمثل هذا ولدتني أمي(٤)

__________________

(١) في «بح» : ـ «يومئذ».

(٢) في شرح المازندراني : «وقد أعلم ليرى مكانه ، أي أعلم فرسه بأن علق على عنقه ثوبا ملونا ، أو أعلم نفسه بأن وسمها بسيماء الحرب وزينها بآلاته ليرى مكانه ومنزلته بين الأبطال والشجعان». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٠١ (علم).

(٣) الترس من السلاح : المتوقى بها ، معروف ، وجمعه : أتراس وتراس وترسة وتروس. لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٣٢ (ترس).

(٤) القائل : أبوجهل ، وهو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي ، أشد الناس عداوة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأحد سادات قريش وأبطالها ودهاتها في الجاهلية ، وكان يقال له «أبوالحكم» فدعاه المسلمون «أباجهل». شهد بدرا مع المشركين وقتل فيها. (الأعلام للزركلى ، ج ٥ ، ص ٨٧).

ونسب نحو هذا الرجز لأميرالمؤمنين عليه‌السلام وقد ارتجز به في بدر. وفي البداية والنهاية : «أن أباجهل قاله متمثلا» وهو يدل على أنه ليس له. (البداية والنهاية ، ج ٣ ، ص ٣٤٦. وانظر : الفائق ، ج ١ ، ص ٩٥ «بزل» ؛ لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٥٩٠ «نعم» ؛ شرح شواهد المغني ، ج ١ ، ص ١٤٨ عن ابن عساكر ؛ المناقب ، ج ٣ ، ص ١٢٠ ؛ مرآة العقول ، ج ١٢ ، ص ٢٧٠).

أخرجه ابن هشام في السيرة ، وابن كثير ، وابن دريد ، والبغدادي والسيوطي وغيرهم. (السيرة النبوية لابن هشام ، ج ٢ ، ص ٢٨٧ ؛ البداية والنهاية ، ج ٣ ، ص ٢٨٣ و ٢٨٧ ؛ جمهرة اللغة ، ج ١ ، ص ٦١٦ «خلف» ؛ خزانة الأدب ، ج ١١ ، ص ٣٢٥ ؛ الأمالي الشجرية ، ج ١ ، ص ٢٧٦).

شرح الغريب :

قوله : «ما تنقم». قال العلامة المجلسي في المرآة : «الظاهر أن كلمة «ما» للاستفهام ، ويحتمل على بعد أن تكون نافية ، ومآلهما واحد. أي لايقدر عليها بسهولة ولا تطيع المرء في ما يريد منها أن تنتقم مني أو أن تعيبني أو تظهر عيبي.

وقوله : «حرب الشموس». قال الجوهري : «شمس الفرس شموسا وشماسا ، أي منع ظهره ، فهو فرس شموس وبه شماس». وقال ابن الأثير : «الشموس : النفور من الدواب الذي لايستقر لشغبه وحدته». ووصف الحرب به من باب التشبيه في الصعوبة ، أو الإهلاك ، أو الاضطراب ، أو الشدة ، أو عدم أمن صاحبه من المكاره. (الصحاح ، ج ٣ ، ص ٩٤٠ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٥٠١ «شمس» ؛ شرح المازندراني ، ج ١٢ ، ص ٤٨ ؛

٢٧٢

فقال : كذب عدو الله ، إن كان ابن أخي(١) لأفرس(٢) منه ـ يعني خالد بن الوليد وكانت أمه قشيرية(٣) ـ ويلك يا قتادة من الذي يقول : «أوفي بميعادي وأحمي عن حسب»؟

فقال : أصلح الله الأمير ليس هذا يومئذ ، هذا يوم أحد خرج طلحة بن أبي طلحة(٤) وهو ينادي : من يبارز(٥) ؟ فلم يخرج إليه أحد ، فقال : إنكم تزعمون أنكم

__________________

الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٦٧).

قوله : «باذل عامين». قال ابن الأثير : «البازل من الإبل الذي تم ثماني سنين ودخل في التاسعة وحينئذ يطلع نابه وتكمل قوته. ثم يقال له بعد ذلك : بازل عام وبازل عامين ، أي مستجمع الشباب ، مستكمل القوة». (النهاية ، ج ١ ، ص ١٢٥ «بزل»).

(١) في شرح المازندراني : «اختي».

(٢) في شرح المازندراني : «فلان أفرس من فلان : أشجع منه ؛ من فرس الأسد فريسته ، إذا دق عنقها. وجعله للمبالغة والزيادة في الفارس بمعنى راكب الفرس ، فيرجع مآله إلى ما ذكر ، بعيد ، كما يبعد جعله للمبالغة في الفراسة بالكسر ، وهي تعرف أحوال الشخص والامور بالظن الصائب والرأي الثاقب ، ليكون إشارة إلى كمال معرفته بأحوال الأبطال وامور الحرب ، فليتأمل». وفي الوافي : «الأفرس ، كأنه من الفروسة بمعنى الحذاقة بركوب الخيل». وراجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ٩٥٨ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٢٨ (فرس).

(٣) في حاشية «د» : «قرشية». وفي حاشية «بح» : «قشر». وفي شرح المازندراني : «كانت امه قسرية ، قال الجوهري : قسر : بطن من بجيلة ، وهم رهط خالد بن عبد الله القسري. وهو بتلك النسبة تفاخر بخالد. وفي بعض النسخ : قشرية ، بالشين المعجمة منسوبة إلى قشير بوزن رجيل ، أبو قبيلة ، وهو قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ، والظاهر أنها تصحيف». وراجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٩١ (قسر). وفي الوافي : «القشير ، كزبير : أبو قبيلة» ، وقال المحقق الشعراني في هامشه : «الصحيح : القسر بالسين المهملة مكبرا ؛ لأن خالدا كان قسريا وكانت ام خالد الوليد أيضا قسرية ، ولذلك قال : ابن اختي. ويوهم لفظ الخبر أن خالدا كان أمير الحجاز ، ولكن ذكر أهل التاريخ أنه كان أمير العراق بأمر هشام بن عبد الملك ، فلابد أن يكون في مكة حاجا ، أو مجتازا».

وفي المرآة : «قوله : وكانت امه قشيرية ، أي لذلك قال : ابن أخي ؛ لأن خالدا كانت امه من قبيلته ، والأصوب ما في بعض النسخ : قسيرية ؛ لأن خالد بن عبد الله مشهور بالقسري ، كما مر في صدر الحديث أيضا».

(٤) في شرح المازندراني : «قيل : هو طلحة بن أبي طلحة العبدري من بني عبد الدار ، قتله أمير المؤمنينعليه‌السلام يوم احد. والمبارزة في القتال : الظهور من الصف».

(٥) في «بح» : «يبارزني».

٢٧٣

تجهزونا(١) بأسيافكم إلى النار ، ونحن(٢) نجهزكم بأسيافنا إلى الجنة ، فليبرزن(٣) إلي رجل يجهزني بسيفه إلى النار ، وأجهزه بسيفي إلى الجنة ، فخرج إليه علي بن أبي طالبعليه‌السلام وهو يقول :

أنا ابن ذي الحوضين(٤) عبد المطلب

وهاشم المطعم في العام السغب(٥)

أوفي بميعادي وأحمي عن حسب(٦)

فقال خالد لعنه الله(٧) : كذب ، لعمري(٨) والله أبو تراب ما كان كذلك.

فقال الشيخ(٩) : أيها الأمير ، ائذن لي(١٠) في الانصراف.

قال(١١) : فقام الشيخ(١٢) يفرج الناس بيده ، وخرج وهو يقول : زنديق(١٣) ورب

__________________

(١) في المرآة : «قوله : إنكم تجهزونا ، التجهيز : إعداد ما يحتاج إليه المسافر ، أو العروس ، أو الميت. ويحتمل أن يكون من قولهم : أجهز على الجريح ، أي أثبت قتله وأسرعه وتمم عليه». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٩٩ و ٧٠٠ (جهز).

(٢) في «بن» : ـ «نحن».

(٣) في «بف ، بن» : «فليبرز».

(٤) في «جت» : «ذو الحوضين». وقال الفيروزآبادي : «ذو الحوضين : عبد المطلب ، واسمه شيبة ، أو عامر بن هاشم». وقال العلامة المجلسي : «قولهعليه‌السلام : أنا ابن ذي الحوضين ؛ يعني اللتين صنعهما عبد المطلب عند زمزم لسقاية الحاج». القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٨٦٨ (حوض).

(٥) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : في العام السغب ، الظاهر أنه بكسر الغين ، أي عام القحط والمجاعة ، قال الفيروزآبادي : سغب ، كفرح ونصر : جاع ، أو لا يكون إلامع تعب ، فهو ساغب وسغبان وسغب». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٧٨ (سغب).

(٦) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : اوفي بميعادي ، أي مع الرسول في نصره. قولهعليه‌السلام : وأحمي عن حسب : أدفع العار عن أحسابى وأحساب آبائي. ويحتمل على بعد أن يقرأ بكسر السين ، أي عن ذي حسب هو الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٧) في «بن» : ـ «لعنه الله».

(٨) في «د ، ن ، بن ، جت» : «لعمر». وفي «جت» : + «والله». وفي البحار : «لعمر الله».

(٩) في «بف» والوافي : + «فالأمير أعلم».

(١٠) في «ل» : «ائذن لي أيها الأمير» بدل «أيها الأمير ائذن لي».

(١١) في «بح ، بف» : ـ «قال».

(١٢) في «بح» : ـ «الشيخ».

(١٣) الزنديق : من الثنوية ، أو القائل ببقاء الدهر ، أو القائل بالنور والظلمة ، أو من لا يؤمن بالآخرة وبالربوبية ،

٢٧٤

الكعبة(١) ، زنديق ورب الكعبة.(٢)

حديث آدمعليه‌السلام مع الشجرة

١٤٩٠٧ / ٩٢. علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمد بن الفضيل(٣) ، عن أبي حمزة :

عن أبي جعفر(٤) عليه‌السلام ، قال : «إن(٥) الله ـ تبارك وتعالى ـ عهد إلى آدمعليه‌السلام أن لا يقرب(٦) هذه الشجرة(٧) ، فلما بلغ الوقت الذي كان في علم الله أن يأكل منها ،

__________________

أو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان ، ويقال عند العرب لكل ملحد ودهري. وقيل غير ذلك. راجع : لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٤٧ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٨٤ ؛ تاج العروس ، ج ١٣ ، ص ٢٠١ (زندق).

(١) قال المحقق الشعراني في هامش شرح المازندراني : «زنديق ورب الكعبة ؛ يعني خالد بن عبد الله القسري زنديق ؛ لأنه لو كان مسلما لاستبشر بذكر بدر وغلبة المسلمين على قريش وذل قريش بهم ، ولم يتبجح بشعر أبي جهل ولم يستحسنه.

وقال أيضا في هامش الوافي : «قوله : زنديق ورب الكعبة ، صدق قتادة في كلامه هذا ، وفهم كونه زنديقا من بغضه لعلي عليه‌السلام ، وقد صح الحديث عند العامة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يحبه إلامؤمن ، ولا يبغضه إلامنافق. ونقل عن خالد أنه قال في هشام تملقا : إنه خليفة الله ، والخليفة أكرم وأعز من الرسول ، ولكن هشاما لم يرتض منه امورا وأمر يوسف الثقفي ـ وكان بالطائف ـ أن يأتي العراق ويأخذ على خالد ويقع به ، فجاء وأخذه وعذبه أشد تعذيب حتى مات سنة ١٢٦».

(٢) راجع : تفسير القمي ، ج ١ ، ص ١١٢ الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٦٦ ، ح ٢٥٤٦٤ ؛ البحار ، ج ١٩ ، ص ٢٩٨ ، ح ٤٤.

(٣) في «د ، ع ، ل ، بن ، جد» : «محمد بن الفضل». والمتكرر في الأسناد رواية محمد بن الفضيل عن أبي حمزة [الثمالي] ، ومحمد بن الفضيل روى عن أبي حمزة رسالة الحقوق لعلي بن الحسينعليهما‌السلام . راجع : رجال النجاشي ، ص ١١٥ ، الرقم ٢٩٦ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ١٧ ، ص ٤٠٠ ـ ٤٠٢.

(٤) في «جت» : «أبي عبد الله».

(٥) في «ع» : ـ «إن».

(٦) في «جد» : «أن لا تقرب». وفي «م» بالتاء والياء معا.

(٧) في شرح المازندراني ، ج ١٢ ، ص ٥٠ : «نهى عن القرب للمبالغة في ترك التناول منها ، وللتنبيه على أن القرب من المنهي عنه قد يوجب الدخول فيه. واختلفت الامة في هذا النهي ، فقال علماؤنا : إنه نهي تنزيه ، فيكون لتناوله منها فاعلا لما يكون تركه أولى ، ولا ينافيه نسبة العصيان والغواية إليه بقولهعزوجل :( عَصى آدَمُ رَبَّهُ

٢٧٥

نسي فأكل منها(١) ، وهو قول اللهعزوجل :( وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) (٢) .

فلما أكل آدمعليه‌السلام من الشجرة أهبط إلى الأرض ، فولد له هابيل وأخته توأم ، وولد له قابيل وأخته توأم.

ثم إن آدمعليه‌السلام أمر هابيل وقابيل أن يقربا قربانا ، وكان هابيل صاحب غنم ، وكان قابيل صاحب زرع ، فقرب هابيل كبشا من أفاضل غنمه ، وقرب قابيل من زرعه ما لم ينق(٣) ،

__________________

فَغَوى ) [طه (٢٠) : ١٢١] بناء على أن المتصف بهما من فعل كبيرة أو صغيرة بدليل قوله تعالى :( وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ ) [الجن (٧٢) : ٢٣] وقوله تعالى :( إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ ) [الحجر (١٥) : ٤٢] ؛ فإن متابعة الشيطان كبيرة أو صغيرة ؛ لأن حصر العصيان والغواية في الكبيرة والصغيرة ممنوع ؛ إذ كما أنهما يتحققان بفعل القبيح والحرام ، كذلك يتحققان بترك الأولى والمندوب ، وأما العصيان والغواية في الآية فإنما يراد بهما ما حصل بفعل محرم ، ألاترى أنك إذا قلت لرجل على سبيل التنزيه : لا تفعل كذا فإن الخير في خلافه ، ففعله ، صح لك أن تقول : عصاني وخالفني فغوى ، أي خاب عن ذلك الخير. وقال بعض أصحابنا : إن الغواية المنسوبة إلى آدم بمعنى الخيبة عن الثواب العظيم المترتب على ترك التناول».

(١) إن العلامة المجلسي بعد ما حرر محل النزاع وعدد الأقوال في المسألة في مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ٢٧١ ـ ٢٧٤ قال : «والجواب مجملا عما استدل به المخطؤون من إطلاق لفظ العصيان والذنب في ما صدر عن آدمعليه‌السلام هو أنه لما قال الدليل على عصمتهم نحمل هذه الألفاظ على ترك المستحب والأولى ، أو فعل المكروه مجازا ، والنكتة فيه كون ترك الأولى ومخالفة الأمر الندبي وارتكاب النهي التنزيهي منهم مما يعظم موقعه ؛ لعلو درجتهم وارتفاع شأنهم ، وأما النسيان الوارد في هذه الآية فقد ذكر جماعة من المفسرين أن المراد به الترك ، وقد ورد في كثير من الأخبار أيضا وقال الجزري : وأصل النسيان الترك». وراجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٥٠ (نسا).

وقال المحقق الشعراني في هامش شرح المازندراني : «النسيان هنا بمعنى الترك ، وإن كان ظاهر الرواية أنه بالمعنى المعروف وأن آدم كان معذورا بنسيانه ، ولو كان معذورا لم يعاتب على الأكل من الشجرة ، ولا يجوز عندنا النسيان والسهو على الأنبياء بحيث يوجب ترك الواجب وفعل الحرام سهوا ، والأمر سهل ؛ فإن الرواية قاصرة عن الحجية ، لا يعتمد في أمثالها إلاعلى ما علم صحته من دليل آخر ، عقلى أو نقلى».

(٢) طه (٢٠) : ١١٥.

(٣) التنقية : إفراد الجيد من الرديء. النهاية ، ج ٥ ، ص ١١١ (نقا). هذا ، وقد قرأه العلامة المازندراني من

٢٧٦

فتقبل(١) قربان هابيل ، ولم يتقبل قربان قابيل ، وهو قول اللهعزوجل (٢) :( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ ) (٣) إلى آخر(٤) الآية ، وكان القربان(٥) تأكله النار(٦) ، فعمد قابيل إلى النار ، فبنى لها بيتا وهو أول من بنى بيوت النار ، فقال : لأعبدن هذه النار حتى تتقبل(٧) مني قرباني.

ثم إن إبليس لعنه الله(٨) أتاه ـ وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق(٩) ـ فقال له : يا قابيل ، قد تقبل قربان هابيل ، ولم يتقبل قربانك ، وإنك إن تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك ، ويقولون : نحن أبناء الذي تقبل قربانه(١٠) ، فاقتله كيلا يكون له عقب يفتخرون على عقبك ، فقتله ، فلما رجع قابيل إلى آدمعليه‌السلام ، قال له : يا قابيل ، أين هابيل؟ فقال(١١) : اطلبه حيث قربنا القربان(١٢) ، فانطلق آدم ، فوجد هابيل قتيلا(١٣) ،

__________________

باب المجرد ؛ حيث قال : «في المصباح : نقي الشيء ، من باب علم نقاء بالفتح والمد : نظف ، فهو نقي على فعيل ، ويعدى بالهمزة». وفيه : «ويعدى بالهمزة والتضعيف».

(١) في شرح المازندراني : «فقبل».

(٢) في الوافي : «قوله تعالى».

(٣) المائدة (٥) : ٢٧.

(٤) في الوافي : ـ «إلى آخر».

(٥) في كمال الدين : + «إذا قبل».

(٦) في الوافي : «تأكله النار ، كان هذا في ذلك الزمان علامة قبول القربان».

(٧) في «د ، ع ، ن ، بح ، بف» : «يتقبل».

(٨) في تفسير العياشي ، ح ٧٨ وكمال الدين : «عدو الله».

(٩) في شرح المازندراني : «مثله مروي من طرق العامة أيضا ، قال الأزهري : معناه أن الشيطان لا يفارق ابن آدم مادام حيا ، كما لا يفارقه دمه ، وقال : هذا على طريق ضرب المثل. والأكثر أجروه على ظاهره وقالوا : إن الشيطان جعل له هذا المقدار من التطرق إلى باطن الآدمي بلطافة هيئته فيجري في العروق ...».

وفي الوافي : «مجرى الدم ؛ يعني أنه مصاحب له يدور معه أينما دار ، كما قال الله ـ تعالى ـ حكاية عنه : ( ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ ) [الأعراف (٧) : ١٧] وإنما شبهه بالدم لانبعاث سلطانه من الشهوة والغضب المنبعثين من الدم».

(١٠) في تفسير العياشي ، ح ٧٨ : + «وأنتم أبناء الذين ترك قربانه».

(١١) في «بح ، جت» : + «له».

(١٢) في كمال الدين : «ما أدري وما بعثتني له راعيا» بدل «اطلبه حيث قربنا القربان».

(١٣) في الوافي : «فوجد هابيل قتيلا ، كأنه كان هذا قبل دفنه إياه ، أو بعده وقد وجده في التراب».

٢٧٧

فقال آدمعليه‌السلام : لعنت من أرض(١) كما قبلت دم هابيل ، وبكى آدم(٢) عليه‌السلام على هابيل أربعين ليلة ، ثم إن آدم سأل ربه(٣) ولدا ، فولد له غلام ، فسماه هبة الله ؛ لأن الله ـعزوجل ـ وهبه له وأخته توأم(٤) .

فلما انقضت نبوة آدمعليه‌السلام واستكمل أيامه ، أوحى الله ـعزوجل (٥) ـ : أن يا آدم ، قد انقضت(٦) نبوتك واستكملت أيامك ، فاجعل العلم الذي عندك(٧) والإيمان(٨) والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم(٩) النبوة في العقب من ذريتك عند(١٠) هبة الله(١١) ، فإني لن أقطع(١٢) العلم والإيمان والاسم الأكبر(١٣) وآثار(١٤) النبوة من العقب من ذريتك إلى يوم القيامة ، ولن أدع الأرض إلا وفيها عالم يعرف به ديني ، ويعرف(١٥) به طاعتي ، ويكون نجاة لمن يولد فيما بينك وبين نوح ، وبشر آدم بنوحعليه‌السلام فقال : إن الله

__________________

(١) في شرح المازندراني : «لعنت ، بكسر التاء خطاب مع القطعة التي قتل فيها هابيل ، وبسكونها مسند إلى ضميرها ، و «من» على التقديرين للتفسير والبيان لها ، أو للتبعيض».

وفي الوافي : «لعنت ، دعاء منه عليه‌السلام على الأرض بالبعد عن رحمة الله على سبيل الخطاب ، ثم تفسير للمخاطب بحرف البيان. كما قبلت ، لقبولك».

(٢) في «ن» : ـ «آدم».

(٣) في كمال الدين : + «أن يهب له».

(٤) في كمال الدين : «فأحبه آدم حبا شديدا» بدل «واخته توأم».

(٥) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي. وفي «جد» والمطبوع : + «إليه».

(٦) في «د ، ل ، م ، ن ، بح ، بف ، بن ، جت» والوافي والمرآة وتفسير العياشي ، ح ٧٨ : «قد قضيت».

(٧) في شرح المازندراني : «واعلم أن المقصود من هذا الحديث أن الرسالة والنبوة والوصاية والولاية من لدن آدمعليه‌السلام إلى آخر الدهر إنما كانت بنص الله تعالى وأمره ، ولم يفوضها إلى الرسل والأنبياء والأوصياء مع كمال عقولهم ، وهكذا كانت سنة الله دائما ، فكيف يفوضها إلى الجملة من هذه الامة؟! ولن تجد لسنة الله تحويلا».

(٨) في «بف» وحاشية «م» : «والآيات».

(٩) في «ن» وكمال الدين : ـ «علم».

(١٠) في كمال الدين : + «ابنك».

(١١) في تفسير العياشي ، ح ٧٨ : + «ابنك».

(١٢) في تفسير العياشي ، ح ٧٨ : «لم أقطع».

(١٣) في كمال الدين : + «وميراث العلم». وفي تفسير العياشي ، ح ٧٨ : «والاسم أعظم».

(١٤) في تفسير العياشي ، ح ٧٨ : + «علم».

(١٥) في «د ، ل ، بن ، جت» : «وتعرف». وفي «ع ، بح ، جت» بالتاء والياء معا.

٢٧٨

ـ تبارك وتعالى ـ باعث نبيا اسمه نوح ، وإنه يدعو إلى الله ـ عز ذكره ـ ويكذبه قومه ، فيهلكهم(١) الله بالطوفان(٢) ، وكان بين آدم وبين نوحعليه‌السلام عشرة آباء أنبياء وأوصياء كلهم(٣) ، وأوصى آدمعليه‌السلام إلى هبة الله أن من أدركه منكم فليؤمن به وليتبعه وليصدق به ، فإنه ينجو من الغرق.

ثم إن آدمعليه‌السلام (٤) مرض المرضة التي مات فيها ، فأرسل(٥) هبة الله ، وقال له : إن لقيت جبرئيل(٦) أو من لقيت من الملائكة ، فأقرئه مني السلام ، وقل له : يا جبرئيل ، إن أبي يستهديك من ثمار الجنة(٧) ، فقال له جبرئيل : يا هبة الله ، إن أباك قد قبض ، وإنا نزلنا للصلاة عليه ، فارجع ، فرجع ، فوجد آدمعليه‌السلام (٨) قد قبض ، فأراه جبرئيل كيف يغسله ، فغسله حتى إذا بلغ الصلاة(٩) عليه(١٠) ، قال هبة الله : يا جبرئيل ، تقدم فصل على آدم ، فقال له جبرئيل(١١) : إن الله ـعزوجل ـ أمرنا أن نسجد لأبيك آدم وهو في الجنة(١٢) ، فليس لنا أن يؤم شيئا(١٣) من ولده ، فتقدم هبة الله ، فصلى على أبيه وجبرئيل خلفه وجنود(١٤) الملائكة ، وكبر عليه ثلاثين تكبيرة ، فأمر جبرئيلعليه‌السلام ، فرفع(١٥)

__________________

(١) في «جد» : «ويهلكهم». وفي كمال الدين : «فيقتلهم».

(٢) في «ن» : + «قال».

(٣) في كمال الدين : «كلهم أنبياء الله» بدل «أنبياء وأوصياء كلهم».

(٤) في كمال الدين : + «لما».

(٥) في كمال الدين : «أرسل إلى». وفي شرح المازندراني : + «آدم».

(٦) في شرح المازندراني : «دل على أنه كان للملائكة مقام معلوم يراهم آدم ووصيه فيه ، وإلا لما احتاج إلى الإرسال».

(٧) في كمال الدين : + «ففعل».

(٨) في كمال الدين : + «لما».

(٩) في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بف» : «للصلاة».

(١٠) في «بن» : ـ «عليه».

(١١) في كمال الدين : + «يا هبة الله».

(١٢) في الوافي : «وهو في الجنة ؛ يعني حيث كان لم يبلغ بعد رتبة الخلافة والاصطفاء ، فحيث بلغها كان أولى بأن نتواضع له ، فلا نتقدم على من نسب إليه».

(١٣) في كمال الدين : «أحدا».

(١٤) في كمال الدين : «وحزب من».

(١٥) في كمال الدين : + «من ذلك».

٢٧٩

خمسا وعشرين تكبيرة ، والسنة اليوم فينا خمس تكبيرات ، وقد كان(١) يكبر على أهل بدر تسعا وسبعا(٢) .

ثم إن هبة الله لما دفن أباه ، أتاه قابيل ، فقال : يا هبة الله ، إني قد(٣) رأيت أبي آدم قد خصك من العلم بما لم أخص(٤) به أنا ، وهو العلم الذي دعا به أخوك هابيل ، فتقبل قربانه ، وإنما قتلته لكيلا يكون له عقب ، فيفتخرون(٥) على عقبي ، فيقولون(٦) :

نحن أبناء الذي تقبل قربانه ، وأنتم أبناء الذي ترك قربانه ، فإنك(٧) إن أظهرت من العلم الذي اختصك به أبوك شيئا ، قتلتك كما قتلت أخاك هابيل.

فلبث هبة الله والعقب منه مستخفين بما عندهم من العلم والإيمان والاسم الأكبر وميراث النبوة وآثار علم النبوة حتى بعث الله نوحاعليه‌السلام ، وظهرت(٨) وصية هبة الله حين نظروا في وصية آدمعليه‌السلام ، فوجدوا نوحاعليه‌السلام نبيا قد بشر به آدمعليه‌السلام ، فآمنوا به واتبعوه وصدقوه.

وقد كان آدمعليه‌السلام وصى هبة الله أن يتعاهد هذه الوصية(٩) عند رأس كل سنة ، فيكون يوم عيدهم ، فيتعاهدون نوحا وزمانه الذي يخرج(١٠) فيه ، وكذلك جاء(١١) في وصية كل نبي حتى بعث الله محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنما عرفوا نوحا بالعلم الذي عندهم

__________________

(١) في «بح» : + «رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٢) في كمال الدين : «سبعا وتسعا».

(٣) في «بن ، جد» : ـ «قد».

(٤) في «بف» : «لم يخص».

(٥) في «بن» : «يفتخرون».

(٦) في حاشية «بح» والوافي : «ويقولون».

(٧) في «بف ، بن» : «وإنك».

(٨) في «بح» : «فظهرت».

(٩) في شرح المازندراني : «تعاهده : تفقده وطلبه عند غيبته ، أي أمره أن يطلب هذه الوصية ويتجدد العهد بهاوينظر ما فيها من نوح وصفته ويطلبوه هل وجد أم لا؟».

وفي المرآة : «التعاهد : المحافظة ، وتجديد العهد ، والمواظبة». وراجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٢ ، ص ١٣٠٢ ؛ لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٣١٤ (عهد).

(١٠) في «بح» : «خرج».

(١١) في كمال الدين : «جرى».

٢٨٠