الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٥

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل0%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 606

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

مؤلف: آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
تصنيف:

الصفحات: 606
المشاهدات: 207479
تحميل: 3652


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 606 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 207479 / تحميل: 3652
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء 5

مؤلف:
العربية

أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى ) (1) .

وهو إشارة إلى أن وعد الله قد تحقق عمليا في إتيان العباس خيرا ممّا أخذ منه.

ويعرف من هذا الحديث أنّ النّبي كان في صدد أن يعوض الأسرى الذين أسلموا عمّا أخذ منهم ، ترغيبا وتشويقا ، وأن يعيد إليهم أموالهم المأخوذة منهم بصورة أحسن.

* * *

__________________

(1) تفسير نور الثقلين ، ج 2 ، ص 168.

٥٠١

الآيات

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ (73) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(75) )

٥٠٢

التّفسير

أربع طوائف مختلفة :

تبحث هذه الآيات التي تختتم بها سورة الأنفال ـ وتعدّ آخر فصل من فصولها ـ عن طوائف المهاجرين والأنصار والطوائف الأخرى من المسلمين وبيان قيمة هؤلاء جميعا ، فتعطي كل طائفة قيمة ، وتستكمل ما تناولته الآيات السابقة في شأن الجهاد والمجاهدين.

وبتعبير آخر : إنّ هذه الآيات عالجت نظام المجتمع الإسلامي من حيث العلائق المختلفة ، لأنّ خطة الحرب وخطة الصلح كسائر الخطط والمناهج العامّة ، لا يمكن أن يتمّ أيّ منها دون تكوين علاقة اجتماعية صحيحة ، وأخذها بنظر الإعتبار.

وقد تناولت هذه الآيات خمس طوائف ، أربع منها من المسلمين ، وواحدة من غير المسلمين ، والطوائف الأربع هي :

1 ـ المهاجرون السابقون.

2 ـ الأنصار في المدينة.

3 ـ المؤمنون الذين لم يهاجروا.

4 ـ الذين آمنوا من بعد وهاجروا.

فتقول الآية الأولى من الآيات محل البحث( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) .

فقد أشير في هذا القسم من الآية إلى الطائفتين ، الأولى والثّانية [المهاجرون ، والأنصار] أي الذين آمنوا في مكّة ثمّ هاجروا منها إلى المدينة ، والذين آمنوا في المدينة ثمّ آزروا النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونصروه ودافعوا عنه وعن المهاجرين ، وقد وصفتهم الآية بأنّهم بعضهم أولياء بعض ، وبعضهم حماة بعض.

٥٠٣

والذي يسترعي النظر أنّ الآية وصفت الطائفة الأولى بأربع صفات هي : الإيمان ، والهجرة والجهاد المالي والاقتصادي «وذلك عن طريق الإعراض عن أموالهم في مكّة ، وما بذلوه من أموال في غزوة بدر» ، والصفة الرّابعة جهادهم بأنفسهم ودمائهم وأرواحهم.

أمّا الأنصار فقد وصفتهم الآية بصفتين هما : الإيواء ، والنصرة.

وقد جعلت هذه الآية الجميع مسئولين بعضهم عن بعض ، ويتعهد كلّ بصاحبه بقولها( بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) .

فهاتان الطائفتان ـ في الحقيقة ـ كانتا تمثلان مجموعتين متلازمتين لا يمكن لأحدهما الاستغناء عن الأخرى ، إذ منهما يتكون نسيج المجتمع الإسلامي ، فهما بمثابة «المغزل والخيط».

ثمّ تشير الآية إلى الطائفة الثّالثة فتقول :( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا ) .

ثمّ استثنت في الجملة التي بعدها مسئولية واحدة فحسب ، وأثبتتها في شأن هذه الطائفة ، فقالت :( وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ ) .

وبتعبير آخر : يلزم الدفاع عن أولئك في صورة ما لو أصبحوا قبال عدوّ مشترك ، أمّا إذا واجهوا كفارا بينكم وبينهم عهد وميثاق ، فإنّه يجب الوفاء بالعهد والميثاق ، وهي مقدمة على الدفاع في هذه الصورة.

وحضّت الآية على رعاية العهود والمواثيق والدقة في أداء هذه المسؤولية ، ومنبهة إلى علم الله بكل الأمور ، فقالت :( وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) .

فهو يرى جميع أعمالكم ويطلع على ما تفعلون من جهاد ، أو أداء للوظيفة الملقاة على عاتقكم ، أو إحساس بالمسؤولية ، كما يعلم بمن لم يعتن بالأمر ، وكذلك بالوهن والضعف وعدم الإحساس بالمسؤولية إزاء هذه الوظائف

٥٠٤

الكبيرة.

أمّا الآية الثّانية فتشير إلى النقطة المقابلة للمجتمع الإسلامي ، أي مجتمع الكفر وأعداء الإسلام ، فتقول :( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) .

أي أنّ علاقاتهم منحصرة فيما بينهم ، ولا يحق لكم أن تتعاهدوا معهم ، أو تحاموا عنهم ، أو تطلبوا منهم النصرة لأنفسكم ، أو تلجؤوهم وتؤووهم إليكم ، أو تأووا وتلتجئوا إليهم.

وبعبارة موجزة : لا يحق للكفار أن يدخلوا في نسيج المجتمع الإسلامي ، ولا يحق للمسلمين أن يدخلوا في نسيج الكفار.

ثمّ تنبه الآية المسلمين وتحذرهم من مخالفة هذا التعليم ، فتقول :( إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ ) .

وأي فتنة وفساد أكبر من تهميش انتصاركم ، وسريان دسائس الأعداء في مجتمعكم ، وتخطيطهم لهدم دينكم دين الحق والعدل.

أمّا في الآية التالية فنجد تأكيدا على مقام المهاجرين والأنصار مرّة أخرى ، وما لهما من موقع وأثر في تحقق أهداف المجتمع الإسلامي ، فتثني عليهم الآية بقولها :( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ) .

لأنّهم هبوا لنصرة الإسلام في الأيام الصعبة الشديدة وفي الغربة والمحنة وقد اشترك كل فرد منهم بنوع من النصرة لله ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) .

فهم فائزون بثواب الله والنعمة الأخروية ، كما أنّهم يتمتعون في هذه الدنيا بالعزة ورفعة الرأس والكرامة.

أمّا الآية الأخيرة فتشير إلى الطائفة الرّابعة من المسلمين ، أي أولئك الذين آمنوا وهاجروا من بعد ، فتقول :( وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا

٥٠٥

مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ ) .

أي أنّ المجتمع الإسلامي ليس مجتمعا منغلقا ومحصورا على نفسه ، بل أبوابه مفتوحة لجميع المؤمنين والمهاجرين والمجاهدين ، وإن كان للمهاجرين الأوائل مقام خاص ومنزلة كريمة ، إلّا أنّ ذلك لا يعني أن المؤمنين الجدد والمهاجرين في المستقبل لا يعدّون جزاء من المجتمع الإسلامي ولا يكونون من نسيجه.

وتشير الآية في ختامها إلى ولاية الأرحام بعضهم لبعض ، وأوليتها فيما جعله الله في عبادة من أحكام ، فتقول :( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) .

وفي الحقيقة فإنّ الآيات السابقة تتكلم عن ولاية المؤمنين والمسلمين العامّة «بعضهم إلى بعض» أمّا هذه الآية محل البحث فتؤكّد هذا الموضوع في شأن الأرحام والأقارب ، فهم إضافة إلى ولاية الإيمان والهجرة يتمتعون بولاية الأرحام أيضا ، ومن هنا فهم يرثون ويورثون بعضهم بعضا ، إلّا أنّه لا إرث بين غيرهم من المؤمنين الذين لا علاقة قربى بينهم.

فبناء على ذلك فإنّ الآية الأخيرة لا تتكلم عن الإرث ، بل تتكلم عن موضوع واسع من ضمنه موضوع الإرث.

وإذا وجدنا في الرّوايات الإسلامية ، وفي الكتب الفقهية ، استدلالا بهذه الآية والآية المشابهة لها في سورة الأحزاب على الإرث ، فلا يعني ذلك أن الآي الذي استدل به على الإرث منحصر بهذا الشأن فحسب ، بل توضح قانونا كليّا ، والإرث جزء منه. ولهذا نجد أنّه استدل بهذه الآية محل البحث على موضوع خلافة النّبي مع أنّها غير داخلة في موضوع الإرث المالي.

واستدل بها على أولوية غسل الميت ، كما صرّحت به الرّوايات الإسلامية.

وبملاحظة ما ذكرناه آنفا يتّضح أنّه لا دليل على ما أصر عليه جماعة من

٥٠٦

المفسّرين على انحصار هذه الآية بمسألة الإرث ، وإذا أردنا أن نختار مثل هذه التّفسير فإنّ السبيل الوحيد له أن نعده مستثنيا الإرث من الولاية المطلقة ، التي بيّنتها الآيات السابقة لعامّة المهاجرين والأنصار ، فنقول : إنّ الآية الأخيرة تقول بأنّ ولاية المسلمين العامّة بعضهم لبعض لا تشمل الإرث.

وأمّا الاحتمال بأنّ الآيات السابقة تشمل الإرث أيضا ثمّ نسخت الآية الأخيرة هذا الحكم منها ، فيبدو بعيدا جدّا ، لأنّ الترابط في المفهوم بين هذه الآيات جميعا من الناحية المعنوية ، بل حتى التشابه اللفظي ، كل ذلك يدل على أنّ الآيات نزلت معا في وقت واحد. وبهذا لا يمكن القول بالتناسخ بين هذه الآيات.

وعلى كل حال فإنّ التّفسير الأكثر تناسبا لهذه الآيات هو ما بيناه آنفا.

وفي آخر جملة من هذه الآية ـ التي هي آخر جملة من سورة الأنفال أيضا ـ يقول الله سبحانه :( إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) .

فما نزل في هذه السّورة من أحكام تتعلق بالأنفال وغنائم الحرب ، وتعاليم الجهاد والصلح ، وأحكام الأسرى والحرب ، وما يتعلق بالهجرة وغيرها ، كل ذلك كان وفق حساب دقيق يتلاءم وروح المجتمع الإنساني ، والعواطف والبشرية ، والمصالح العامّة في جميع جوانبها المختلفة.

* * *

ملاحظات

1 ـ الهجرة والجهاد

إنّ دراسة التاريخ الإسلامي تدلّ على أن هذين الموضوعين كانا من عوامل انتصار المسلمين الرئيسية قبال عدوّهم ، فلولا الهجرة لتمّ دفن الإسلام في مكّة ، ولولا الجهاد لما اتسعت رقعة الإسلام ، فالهجرة أخرجت الإسلام من منطقة

٥٠٧

خاصّة إلى مداه الرحب وصيرته عالميّا ، والجهاد علّم المسلمين أنّهم إذا لم يعتمدوا على قدراتهم فإنّ عدوّهم الذي لا يلتزم بأيّة مقررات سوف لا يعترف لهم بأدنى حقّ. سوف لا يعطيهم حقوقهم المشروعة ، ولا يصيخ لهم سمعا أبدا.

واليوم إذا أردنا انقاذ الإسلام من الطرق المسدودة ، وإزاحة الموانع التي جعلها الأعداء في طريقه من كل جهة ، فلا سبيل إلى ذلك إلّا باحياء هذين الأصلين : الهجرة والجهاد.

فالهجرة توصل صوت المسلمين إلى أسماع العالم كله ، وتروي ظمأ القلوب المتعطشة للحق والعدل ومن هو في شوق إلى معرفة الحقيقة.

والجهاد يهب المسلمين التحرك والحياة ، ويبعد أعداءهم الذين لا ينفعهم إلّا منطق القوة عن قارعة الطريق ويبيدهم.

وقد حدثت الهجرة في الإسلام مرارا. فكانت هجرة المسلمين من مكّة إلى الحبشة حيث غرسوا بها الإسلام خارج الجزيرة العربية وبنوا فيها حصنا للمسلمين الأوائل قبال ضغوط أعدائهم.

ثمّ هجرة النّبي والمسلمين الأولى إلى المدينة ، ولهؤلاء المهاجرين الذين يطلق عليهم (مهاجرو بدر) أهمية قصوى في تأريخ الإسلام ، لأنّهم اتّجهوا ظاهرا نحو مستقبل مجهول مظلم ، وغضوا ابصارهم عن جميع ما ملكوه في سبيل الله ، وأعرضوا عن حطام الدنيا.

هؤلاء المهاجرين أي : «المهاجرون الأوّلون» مثلوا في الحقيقة الحجر الأساس لصرح الإسلام العظيم ، والقرآن يثني عليهم بالتكريم والتعظيم ، ولوليهم عناية خاصّة ، لأنّهم كانوا من أشد المسلمين تضحية.

«الهجرة الثّانية» أطلقت على هجرة طائفة أخرى من المسلمين إلى المدينة ، وذلك بعد صلح الحديبية والحصول على محيط آمن نسبيا بعد هذا الصلح ، وقد تطلق الهجرة على كل مهاجر من مكّة إلى المدينة حتى بعد واقعة

٥٠٨

بدر ، وإلى زمان فتح مكّة.

أمّا بعد فتح مكّة فقد انتفت الهجرة من مكّة إلى المدينة ، لأنّ مكّة أصبحت مدينة إسلامية أيضا ، والحديث النبوي المشهور «لا هجرة بعد الفتح» يشير إلى هذا المعنى.

لكن هذا الكلام لا يعني أن مفهوم الهجرة زاك من قاموس مبادئ الإسلام كليّا كما يتصور بعضهم ، بل الهجرة من مكّة إلى المدينة انتفى موضوعها ، وإلّا فمتى ما حدثت ظروف كظروف المسلمين الأوائل فقانون الهجرة باق على قوته ، وسوف يبقى ما دام الإسلام يتسع حتى يستوعب العالم أجمع.

ومع الأسف الشديد فإنّ أغلب المسلمين لنسيانهم هذا الأصل الإسلامي المهم انغلقوا على أنفسهم ، بينما نرى المبشرين المسيحيين والفرق الضالة والاستعمار يهاجرون إلى أنحاء المعمورة كلها ، ويذهبون حتى إلى القبائل أو الطوائف المتوحشة ممن يأكلون لحوم البشر في مجاهيل أفريقيا ، ويجوبون القطبين المتجمدين الشمالي والجنوبي في سبيل تحقيق أهدافهم ، مع أن هذه مهمّة المسلمين في الواقع ، إلّا أن العمل أضحى من الآخرين!

والأعجب من ذلك وجود الكثير من القرى في جوار المدن الإسلامية الكبرى ، وبمسافة لا تبعد كثيرا عنها ، إلّا أن أهلها لا يعرفون عن الإسلام شيئا ، ولا يعرفون أحكامه ، وربّما لم يروا وجه مبلغ إسلامي هناك أبدا. لهذا فإنّ محيطهم مستعد لنشوء جراثيم الفساد والمذاهب المختلقة والبدع التي يفتعلها «الاستعمار» ولا ندري بماذا يجيب المسلمون ربّهم يوم القيامة ـ وهم ورثة المهاجرين الأوائل ـ إزاء هذه الحال المزرية؟!

وبالرغم من مشاهدة تحرك في هذا الصدد أخيرا ، إلّا أنّه محدود وغير كاف ابدا.

وعلى أية حال ، فإن موضوع الهجرة وأثرها في تاريخ الإسلام ومصير

٥٠٩

المسلمين أكبر من أن نأتي على جميع جوانبه بهذا الاختصار (ولنا كلام بهذا الشأن لدى تفسير الآيات التي تتناول هذا الموضوع إن شاء الله ...).

2 ـ المبالغة والإغراق في تنزيه الصحابة

حاول بعض إخواننا أهل السنة أن يستنتج من ما أولاه القرآن للمهاجرين السابقين «الأوائل» من اهتمام واحترام ، أنّهم لن يرتكبوا ذنبا إلى آخر عمرهم وحياتهم. وذهبوا إلى إكرامهم واحترامهم جميعا دون استثناء ، ودون الاعتراض على هذا وذاك ، وكيف ذلك؟! ثمّ عمموا هذا القول على جميع الصحابة ـ فضلا عن المهاجرين ـ وذلك لثناء القرآن عليهم في بيعة الرضوان وغيرها ، وذهبوا عملا إلى أنّ الصحابة ـ دون النظر إلى اعمالهم ـ أفراد متميزون. فلا يحق لأيّ شخص توجيه النقد لهم والتحقيق في سلوكهم. يجوز بأيّ وجه أن يوجه النقد إليهم.

ومن جملة هؤلاء المفسّر المعروف صاحب المنار ، إذ حمل في ذيل الآيات محل البحث حملة شعواء على الشيعة ، لأنّهم ينتقدون المهاجرين الأولين ، ولم يلتفت إلى أن مثل هذا الإعتقاد لا يتضاد وروح الإسلام وتاريخه!!

فلا ريب أنّ للصحابة ـ وعلى الخصوص المهاجرين منهم ـ حرمة خاصّة ، إلّا أنّ هذه الحرمة كانت قائمة ما داموا في طريق الحق ويضحّون من أجل الحق ، لكن من المقطوع به أن نظرة القرآن إلى بعضهم أو حكمه قد تغير منذ انحرف عن النهج القويم والصراط المستقيم.

فمثلا ، كيف يمكننا أن نبرئ طلحة والزبير من نقضهما بيعة إمامهما الذي انتخبه المسلمون «بغض النظر عن تصريح النّبي بمقامه وشأنه» وكانا من ضمن المسلمين الذين بايعوه؟ وكيف يمكن تبرأتهما من دماء سبعة عشر ألف مسلم قتلوا في حرب الجمل ، مع أنّه لا عذر لمن يسفك دم إنسان واحد أمام الله مهما

٥١٠

كان ، فكيف بهذا العدد الهائل الذين سفكت دماؤهم؟

ترى هل يمكن أن نعدّ عليّاعليه‌السلام وأصحابه في حرب الجمل على الحق كما نعدّ أعداءه فيها على الحق أيضا؟! ونعد طلحة والزبير ومن معهما من الصحابة على الحق كذلك؟! وهل يقبل العقل والمنطق هذا التضاد الفاضح؟

وهل يمكننا أن نغض النظر من أجل عنوان «تنزيه الصحابة» ولا نلتفت إلى التأريخ وننسى كل ما حدث بعد النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونضرب عرض الجدار قاعدة( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) ؟

مالكم كيف تحكمون؟!

وما يمنع أن يكون الإنسان من أهل الجنّة ومؤيدا للحق يوما ، ويكون من أهل النّار ومؤيدا للباطل ومن أعداء الحق يوما آخر؟ فهل الجميع معصومون؟ألسنا نرى التغييرات في أحوال الأشخاص بأم أعيننا؟!

قصة «اصحاب الردّة» وارتداد جمع من المسلمين بعد رحلة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مذكورة في كتب أهل السنّة والشّيعة ، وأن الخليفة الأوّل تصدى لهم وقاتلهم ، فهل يعقل أنّ أحدا من «اصحاب الردّة» لم ير النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يكونوا في عدّة الصحابة؟

والأعجب من ذلك أنّ بعضا تشبث بالاجتهاد للتخلص من الطريق المسدود والتناقض في ذلك ، وقالوا : إن أمثال طلحة والزبير ومعاوية ومن لفّ لفهم قد اجتهدوا فأخطأوا وليسوا مذنبين ، بل هم مثابون مأجورون بأعمالهم من قبل الله! فما أفضح هذا المنطق؟!

فهل الثورة على خليفة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونقض البيعة وهدر دماء الآلاف من الأبرياء من أجل رئاسات دنيوية وحب المال ، موضوع معقد ومبهم ولا يعرف أحد ما فيه من سوء؟!

ترى هل في سفك كل تلك الدماء البريئة أجر وثواب عند الله؟!

٥١١

فإذا أردنا تبرئة جماعة من الصحابة ممّا ارتكبوه من جرائم ، فسوف لا نرى مجرما أو مذنبا في الدنيا ، وسنبرئ بهذا المنطق جميع القتلة والمجرمين والجبابرة.

إنّ مثل هذا الدّفاع غير المنطقي ـ عن الصحابة ـ سيسبب النظرة السيئة إلى أصل الإسلام.

والخلاصة ، أنّنا لا سبيل لنا إلّا احترام الجميع خاصّة أصحاب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما داموا لم ينحرفوا عن مسير الحق والعدل ومناهج الإسلام ، وإلّا فلا.

3 ـ الإرث في قوانين الإسلام

كما أشرنا سابقا في تفسير سورة النساء ، فإنّ الناس في زمان الجاهلية كانوا يتوارثون عن ثلاث طرق :

1 ـ عن طريق النسب «وكان منحصرا بالأولاد الذكور ، أمّا الأطفال والنساء فهؤلاء محرومون من الإرث».

2 ـ وعن طريق «التبني» بأن يجعل ولد غيره ولده.

3 ـ وعن طريق العهد الذي يعبر عنه بالولاء(1) .

وفي بداية الإسلام كان العمل جاريا بهذه الطرق قبل نزول قانون الإرث ، إلّا أنّه سرعان ما حلّت الأخوة الإسلامية مكان ذلك ، وورث المهاجرون الأنصار فحسب ، وهم الذين تآخوا وعقدوا عهد الأخوة الإسلامية ، وبعد أن اتسع الإسلام أكثر فأكثر شرّع حكم الإرث النسبي والسببي ، ونسخ حكم الأخوة الإسلامية في الإرث.

وقد أشارت إليه الآيات ـ محل البحث ـ والآية (6) من سورة الأحزاب ، إذ

__________________

(1) بحثنا موضوع الإرث بالولاء في الجزء الثّالث بصورة مفصلة.

٥١٢

تقول :( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) .

كل هذا مقطوع به من حيث التاريخ ، إلّا أنّه ـ كما قلنا من قبل ـ فإن جملة( وَأُولُوا الْأَرْحامِ ) الواردة في الآيات محل البحث لا تختص بمسألة الإرث ، بل هي ذات معنى واسع ، والإرث جزء منه.

4 ـ ما المراد من الفتنة والفساد الكبير

احتمل المفسّرون في تفسير هاتين الكلمتين الواردتين في الآيات محل البحث احتمالات كثيرة ، إلّا أنّ ما ينسجم أكثر مع مفهوم هذه الآية هو أنّ المراد من «الفتنة» هو الاختلاف والتفرق وتزلزل مباني العقيدة الإسلامية على أثر وسوسة الأعداء ، و «الفساد» يشمل كل إخلال وتخريب للنظم الاجتماعية المختلفة وخاصّة سفك الدماء البريئة والإرهاب وأمثال ذلك.

وفي الحقيقة فإنّ القرآن المجيد ينذر المسلمين إذا لم يحكموا علائق الأخوة والتعاون فيها بينهم ، ولم يقطعوا ارتباطهم بالعدوّ ، فإنّ جماعتهم تزداد تشتتا يوما بعد يوم ، وبنفوذ الأعداء داخل المجتمع الإسلامي ووساوس إغواءاتهم تزلزل أسس الإيمان وقواعده ، ويبتلى المسلمون عن هذا الطريق بفتنة عظيمة.

وكذلك إذا لم تكن علائق اجتماعية قوية ، فإنّ العدو سرعان ما ينفذ إلى المجتمع وتحدث أنواع المفاسد من إرهاب وسفك الدماء ، وتضيع الأموال وإغواء الأولاد ، ويبدو الضعف والنقص واضحا في المجتمع ، ويعم الفساد الكبير كل مكان.

ربّنا ، أيقظ مجتمعنا الإسلامي بلطفك. ونبّهنا إلى أخطار التعاون مع الأعداء وتكوين العلاقة وإياهم. ونزّه مجتمعنا من الفتنة والفساد الكبير بنور المعرفة ووحدة الكلمة ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

* * *

٥١٣
٥١٤

سورة التّوبة

وهي مدنيّة

وعدد آياتها مائة وتسع وعشرون آية فحسب

٥١٥
٥١٦

سورة التّوبة

ينبغي الالتفات إلى الأمور التالية قبل الشروع في تفسير السورة

1 ـ أسماء هذه السّورة

ذكر المفسّرون لهذه السّورة أسماء عديدة تبلغ العشرة ، غير أنّ المشهور منها هو ما يلي : سورة البراءة ، وسورة التوبة ، والسورة الفاضحة. ولكلّ من التسميات سبب جلي.

فالبراءة ، لأنّها تبتدأ بإعلان براءة الله من المشركين ، والذين ينقضون عهدهم. والتوبة ، لما ورد من مزيد الكلام عن التوبة في هذه السورة.

والفاضحة ، لما فيها من الآيات التي تكشف النقاب عن أعمال المنافقين لتعريتهم وخزيهم وفضيحتهم.

2 ـ متى نزلت هذه السورة

هذه السورة هي آخر سورة نزلت على النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو من أواخر السور النازلة عليه في المدينة ، وهي كما قلنا ذات 129 آية فحسب.

والمعروف أن بداية نزول هذه السورة كانت في السنة التاسعة للهجرة ، ويدلّ تتبع آياتها على أنّ قسما منها نزل قبل معركة تبوك ، وقسما منها نزل عند الاستعداد للمعركة أو «الغزوة» ، وقسما منها نزل بعد الرجوع من المعركة والفراغ منها.

٥١٧

ومن بداية السورة حتى الآية (28) نزل قبيل موسم الحج ، كما سنبيّن ذلك بعون الله ، والآيات الأولى ـ هذه ـ والتي تتعلق بمن بقي من المشركين بلّغها أمير المؤمنينعليه‌السلام في موسم الحج.

3 ـ محتوى السّورة

لمّا كان نزول هذه السورة إبّان انتشار الإسلام في الجزيرة العربية ، وتحطيم آخر مقاومة للمشركين فقد كان لما حوته من مفاهيم أهمية بالغة ومواضيع حساسة. إذ يتعلق قسم منها بالبقية الباقية من عبدة الأوثان والمشركين ، وقطع العلاقات معهم ، وإلغاء المعاهدات والمواثيق التي كانت بينهم وبين المسلمين ، لنقضهم لها مرارا ، ليتم تطهير المحيط الإسلامي من رجس الوثنية إلى الأبد.

وحيث إن بعض الأعداء عند انتشار رقعة الإسلام وتحطيم قوى الشرك غيّر مظهره بغية النفوذ بين المسلمين ، ولتوجيه ضربة قاضية للإسلام من قبل المنافقين فإنّ قسما مهما من آيات هذه السورة تتحدّث عن المنافقين وعاقبهم ، وتحذر المسلمين منهم.

وبعض آيات هذه السورة تتحدّث عن الجهاد في سبيل الله وأهميته ، لأنّ الغفلة عن هذا الأمر الحياتي في ذلك الظرف الحساس تبعث على ضعف المسلمين وتقهقرهم أو انكسارهم.

كما أنّ قسما منه يكمل البحوث السابقة التي تناولت انحراف أهل الكتاب «اليهود والنصارى» عن حقيقة التوحيد ، وتتكلم عن انصراف علمائهم عن واجبهم في التبليغ وقيادة المجتمع.

وفي بعض آيات هذه السورة حثّ للمسلمين على الاتحاد ورص الصفوف ـ تعقيبا على ما جاء آنفا في الحث على الجهاد ـ وتوبيخ للمتخاذلين المتحرّفين أو الضعاف الذين يتذرعون بذرائع واهية للتخلص من هذا الواجب ، ثمّ إنّ فيها

٥١٨

ثناء على المهاجرين السابقين إلى الهجرة ، والصفوة من المؤمنين الصادقين.

وحيث سبّب انتشار الإسلام واتساع رقعة مجتمعه آنئذ ظهور حاجات مختلفة ينبغي توفيرها ، فقد عرضت بقية الآيات من هذه السورة موضوع الزكاة وتحريم تراكم الثروات واكتنازها ، ووجوب طلب العلم أو التعلّم وتعليم الجهلة ، وتناولت بحوثا متنوعة أخرى كقصة هجرة النّبي ، والأشهر الحرم التي يحرم فيها القتال ، وأخذ الجزية من الأقليات الدينية غير الإسلامية كاليهود والنصارى ، وما إلى ذلك.

4 ـ لم لم تبدأ هذه السورة بالبسملة؟

يجيب استهلال السورة على السؤال آنف الذكر فقد بدئت بالبراءة ـ من قبل الله ـ من المشركين ، وإعلان الحرب عليهم ، واتباع أسلوب شديد لمواجهتهم ، وبيان غضب الله عليهم ، وكل ذلك لا يتناسب والبسملة( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) الدالة على الصفاء والصدق والسلام والحب ، والكاشفة عن صفة الرحمة واللطف الإلهي.

وقد ورد هذا التعليل عن عليعليه‌السلام (1) .

ويعتقد بعض المفسّرين أن سورة براءة ـ في الحقيقة ـ تتمة لسورة الأنفال ، لأنّ الأنفال تتحدث عن العهود ، وبراءة تتحدث عن نقض تلك العهود ، فلم تذكر البسملة بين هاتين السورتين لارتباط بعضهما ببعض. وقد ورد عن الإمام الصادق هذا المعنى أيضا(2) .

ولا مانع أن يكون السبب في عدم ذكر البسملة مجموع الأمرين آنفي الذكر

__________________

(1)جاء في مجمع البيان عن الشيخ الطبرسي عن علي عليه‌السلام أنّه قال «لم تنزل ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) على رأس سورة «براءة» لأنّ بسم الله للأمان والرحمة ونزلت براءة لرفع الأمان والسيف فيه!».

(2) قال الطبري نقلا عن الإمام الصادقعليه‌السلام «الأنفال وبراءة واحدة!».

٥١٩

ـ معا ـ فالأوّل ناظر إلى الرواية الأولى «رواية الإمام علي» والثّاني يشير إلى رواية الإمام الصادقعليه‌السلام .

5 ـ فضيلة هذه السورة وآثارها

أولت الرّوايات الإسلامية أهميّة خاصّة لتلاوة سورتي براءة والأنفال ، وممّا جاء في شأنهما عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال «من قرأ براءة والأنفال في كل شهر لم يدخله نفاق أبدا ، وكان من شيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام حقّا».

وقد قلنا مرارا : إنّ ما ورد من أهمية قصوى في الرّوايات الإسلامية في قراءة مختلف السور لا يعني ظهور آثار تلك القراءة من دون تفكّر وتطبيق لمضامينها ، فنقول مثلا : من قرأ سورتي براءة والأنفال دون إدراك لمعانيهما فسيدرأ عنه النفاق ، ويكون من شيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، بل المراد في الحقيقة أن يكون مضمون السورة مؤثّرا في بناء شخصية الفرد والمجتمع ، ولا يتحقق ذلك إلّا بإدراك مغزى السورة واستيعاب معناها ، والاستعداد والتهيؤ لتطبيقها.

وحيث أن السورتين قد أوضحتا الخطوط العريضة العامّة في حياة المؤمنين الصادقين ومن في قبالهم من المنافقين ، وأنارتا الطريق للعاملين لا للمدّعين فحسب ، فستكون ثمرة تلاوتهما والإعتبار بمضمونيهما هو ما ذكرته الرواية وبهذا تكون التلاوة مؤثرة بنّاءة.

وأمّا من ينظر إلى القرآن وآياته الشريفة بشكل آخر ، فهو أبعد ما يكون عن روح هذا الكتاب التربوي الذي جاء لبناء الإنسانية وهدايتها.

وقد ورد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيان الأهمية القصوى لما نوهنا عنه من لطائف ، أنّه قال «نزلت عليّ براءة والتوحيد في سبعين ألف صف من صفوف الملائكة ، وكان كل صف منهم يوصيني بأهمية هاتين السورتين».

٥٢٠