الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٥

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل0%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 606

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

مؤلف: آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
تصنيف:

الصفحات: 606
المشاهدات: 207463
تحميل: 3649


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 606 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 207463 / تحميل: 3649
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء 5

مؤلف:
العربية

الآية

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28) )

التّفسير

لا يحقّ للمشركين أن يدخلوا المسجد الحرام :

قلنا : إن واحدا من الأمور الأربعة التي بلّغها الإمام عليعليه‌السلام في موسم الحج في السنة التاسعة للهجرة ، هو أنّه لا يحق لأحد من المشركين دخول المسجد الحرام ، أو الطواف حول البيت ، فالآية محل البحث تشير إلى هذا الموضوع وحكمته ، فتقول أوّلا :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا ) .

وهل الآية هذه دليل على نجاسة المشرك بالمفهوم الفقهي ، أو لا؟!

هناك كلام بين الفقهاء والمفسّرين ، ومن أجل تحقيق معنى الآية يلزمنا التحقيق في كلمة «نجس» قبل كل شيء «النجس» على زنة «الهوس» كلمة ذات معنى مصدري ، وتأتي للتأكيد والمبالغة والوصف.

يقول الراغب في مفرداته : إنّ النجاسة والنجس يطلقان على كل قذارة ، وهي

٥٨١

على نوعين : قذارة حسية ، وقذارة باطنية.

ويقول الطبرسي في مجمع البيان : كل ما ينفر منه الإنسان يقال عنه : إنّه نجس.

فلذلك فإنّ كلمة نجس تستعمل في موارد كثيرة ـ حتى في ما لا مفهوم للنجاسة الظاهرية فيه ـ فمثلا يسمّي العرب الأمراض الصعبة المزمنة أو التي لا علاج لها بـ «النجس» كما يطلق على الشخص الشّرير ، أو الساقط خلقيا ، أو الشيخ الهرم ، أنّه نجس.

ومن هنا يتّضح أنّه مع ملاحظة ما جاء في الآية ـ محل البحث ـ لا يمكن الحكم بأنّ إطلاق كلمة نجس على المشركين تعني أن أجسامهم قذرة كقذارة البول والدم والخمر وما إلى ذلك أو لعقيدتهم «الوثنية» فهي قذارة باطنية ، ومن هنا لا يمكن الاستدلال بهذه الآية على نجاسة الكفار ، بل ينبغي البحث عن أدلة أخرى.

ثمّ تعقب الآية على ذوي النظرة السطحية الذين كانوا يزعمون بأن المشركين إذا انقطعوا عن المسجد الحرام ذهبت تجارتهم وغدوا فقراء معوزين فتقول( وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ ) .

كما فعل ذلك سبحانه على خير وجه ، فباتساع رقعة الإسلام في عصر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ سيل الزائرين يتجه نحو بيت الله في مكّة ، وما زال هذا الأمر مستمرا حتى عصرنا الحاضر حيث أصبحت مكّة في أحسن الظروف فهي بين سلسلة جبال صخرية لا ماء فيها ولا زرع ، لكنّها مدينة عامرة ، وقد صارت بإذن الله مركزا مهما للبيع والشراء التجارة.

ويضيف القرآن في نهاية الآية قائلا :( إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) فكل ما يأمركم به الله فهو وفق حكمته ، وهو عليم بما سيؤول إليه أمره من نتائج مستقبلية ، وهو خبير بذلك.

* * *

٥٨٢

الآية

( قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ (29) )

التّفسير

مسئوليتنا إزاء أهل الكتاب :

كان الكلام في الآيات السابقة عن وظيفة المسلمين إزاء المشركين ، أمّا الآية ـ محل البحث (وما يليها من الآي) ـ فتبيّن تكليف المسلمين ووظيفتهم إزاء أهل الكتاب.

وفي هذه الآيات جعل الإسلام لأهل الكتاب سلسلة من الأحكام تعدّ حدّا وسطا بين المسلمين والكفار ، لأنّ أهل الكتاب من حيث اتّباعهم لدينهم السماوي لهم شبه بالمسلمين ، إلّا أنّهم من جهة أخرى لهم شبه بالمشركين أيضا.

ولهذا فإنّ الإسلام لا يجيز قتلهم ، مع أنّه يجيز قتل المشركين الذين يقفون بوجه المسلمين ، لأنّ الخطة تقضي بقلع جذور الشرك والوثنية من لكرة الأرضية ، غير أنّ الإسلام يسمح بالعيش مع أهل الكتاب في صورة ما لو احترم

٥٨٣

أهل الكتاب الإسلام ، ولم يتآمروا ضده ، أو يكون لهم إعلام مضاد.

والعلامة الأخرى لموافقتهم على الحياة المشتركة السلمية مع المسلمين هي أن يوافقوا على دفع الجزية للمسلمين ، بأن يعطوا كل عام إلى الحكومة الاسلامية مبلغا قليلا من المال بحدود وشروط معينة سنتناولها في البحوث المقبلة إن شاء الله.

وفي غير هذه الحال فإنّ الإسلام يصدر أمره بمقاتلتهم ، ويوضح القرآن دليل شدة هذا الحكم في جمل ثلاث في الآية محل البحث : إذ تقول الآية أوّلا :( قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) .

لكن كيف لا يؤمن أهل الكتاب ـ كاليهود والنصارى ـ بالله وباليوم الآخر ، مع أننا نراهم في الظاهر يؤمنون بالله ويقرون بالمعاد أيضا؟

والجواب : لأنّ إيمانهم مزيج بالخرافات والأوهام ، أمّا في مسألة الإيمان بالمبدأ وحقيقة التوحيد ، فلأنّه :

أوّلا : يعتقد طائفة من اليهود ـ كما سنرى ذلك في الآيات المقبلة ـ أن عزيرا ابن الله ، كما يتعقد المسيحيون عامّة بألوهية المسيح والتثليث [الله والابن وروح القدس].

وثانيا : كما يشار إليه في الآيات المقبلة ، فانّ كلّا من اليهود والنصارى مشركون في عبادتهم ، ويعبدون أحبارهم ـ عمليّا ـ ويطلبون منهم العفو والصفح عن الذنب ، وهذا ممّا يختصّ به الله ، مضافا إلى تحريف الأحكام الإلهية بصورة رسمية.

وأمّا إيمانهم بالمعاد فإيمان محرّف ، لأنّ المعاد كما يستفاد من كلامهم منحصر بالمعاد الروحاني ، فبناء على ذلك فإنّ إيمانهم بالمبدأ مخدوش ، وإيمانهم بالمعاد كذلك.

ثمّ تشير الآية إلى الصفة الثّانية لأهل الكتاب ، فتقول :( وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ

٥٨٤

اللهُ وَرَسُولُهُ ) .

ومن الممكن أن يكون المراد من كلمة «رسوله» نبيّهم موسى أو عيسىعليهما‌السلام ، لأنّهم لم يكونوا أوفياء لأحكام دينهم ، وكانوا يرتكبون كثيرا من المحرمات الموجودة في دين موسى أو عيسى ، ولا يقتصرون على ذلك فحسب ، بل كانوا يحكمون بحليتها أحيانا.

ويمكن أن يكون المراد من «رسوله» نبيّ الإسلام محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أي إنّما أمرالمسلمون بمقاتلة اليهود والنصاري وجهادهم إيّاهم ، لأنّهم لم يذعنوا لما حرّمه الله على يد نبيّه ، وارتكبوا جميع أنواع الذنوب.

وهذا الاحتمال يبدو أقرب للنظر ، والشاهد عليه الآية (33) من هذه السورة ذاتها ، وسنقف على تفسيرها قريبا ، إذ تقول :( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ ) .

أضف إلى ذلك حين ترد كلمة (رسوله) في القرآن مطلقة فالمراد منها النّبي (محمّد)صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولو سلّمنا بأنّ المراد من (رسوله) هنا نبيّهم ، فكان ينبغي أن تكون الكلمة (تثنية) أو جمعا ، كما جاء في الآية (13) من سورة يونس( وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ ) ونظير هذا التعبير في القرآن ملحوظ ويمكن أن يقال : إنّ الآية في هذه الصورة ستكون من باب تحصيل الحاصل أو توضيح الواضح ، لأن من البديهي أن غير المسلمين لا يحرمون ما حرمه الإسلام.

لكن ينبغي الالتفات إلى أنّ المراد من هذه الصفات هو بيان علة جواز جهاد المسلمين اليهود ومقاتلتهم إيّاهم. أي يجوز أن تجاهدوا اليهود والنصارى ـ لأنّهم لا يحرمون ما حرم الإسلام ارتكبوا كثيرا من الآثام ـ إذا واجهوكم وخرجوا عن كونهم أقلية مسالمة.

٥٨٥

وتذكر الآية الصفة الثّالثة التي كانوا يتصفون بها فتقول :( وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِ ) .

ويوجد احتمالان في هذه الجملة أيضا ، إلّا أنّ الظاهر أنّ المراد من دين الحق هو دين الإسلام المشار إليه بعد بضع آيات.

وذكر هذه الجملة بعد عدم اعتقادهم بالمحرمات الإسلامية ، هو من قبيل ذكر العام بعد الخاص ، أي أن الآية أشارت أوّلا إلى ارتكابهم لمحرمات كثيرة ، وهي محرّمات تلفت النظر كشرب الخمر والربا وأكل لحم الخنزير ، وارتكاب كثير من الكبائر التي كانت تتسع يوما بعد يوم.

ثمّ تقول الآية : إن هؤلاء لا يدينون بدين الحق أساسا ، أي أن أديانهم منحرفة عن مسيرها الأصيل ، فنسوا كثيرا من الحقائق والتزموا بكثير من الخرافات مكانها ، فعليهم أن يتقبلوا الإسلام ، وأن يعيدوا بناء أفكارهم من جديد على ضوء الإسلام وهداه ، أو يكونوا مسالمين ـ على الأقل ـ فيعيشوا مع المسلمين ، وأن يقبلوا شروط الحياة السلمية مع المسلمين.

وبعد ذكر هذه الأوصاف الثلاثة ، التي هي في الحقيقة المسوغ لجهاد المسلمين لأهل الكتاب ، تقول الآية( مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ) .

وكلمة «من» في الآية بيانية لا تبعيضية ، وبتعبير آخر : إنّ القرآن يريد أن يقول : إن أهل الكتاب السابقين ـ وللأسف ـ لا يدينون بدين الحق وانحرفوا عن المعتقدات الصحيحة ، وهذا الحكم يشملهم جميعا.

ثمّ تبيّن الآية الفرق بين أهل الكتاب والمشركين في مقاتلتهم ، بالجملة التالية( حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ ) .

«والجزية» مأخوذة من مادة الجزاء ، ومعناها المال المأخوذة من غير المسلمين الذين يعيشون في ظلّ الحكومة الإسلامية ، وهذه التسمية لأنّها جزاء حفظ أموالهم وأرواحهم (هذا ما يستفاد من كلام الراغب في مفرداته فلا بأس

٥٨٦

بمراجعتها).

«والصاغر» مأخوذ من «الصغر» على زنة «الكبر» وخلاف معناه ، ومعناه الراضي بالذلة. والمراد من الآية أن الجزية ينبغي أن تدفع في حال من الخضوع للإسلام والقرآن.

وبتعبير آخر : هي علامة الحياة السلمية ، وقبول كون الدافع للجزية من الأقلية المحفوظة والمحترمة بين الأكثرية الحاكمة.

وما ذهب إليه بعض المفسّرين من أنّ المراد من الجزية في الآية هو تحقير أهل الكتاب وإهانتهم والسخر منهم ، فلا يستفاد ذلك من المفهوم اللغوي لكلمة الآية ، ولا ينسجم وروح تعاليم الإسلام السمحة ، ولا ينطبق مع سائر التعاليم أو الدستور الذي وصلنا في شأن معاملة الأقليات.

وما ينبغي التنويه به هنا هو أنّ الآية وإن ذكرت شرط «الجزية» من بين شروط الذمة فحسب ، إلّا أن التعبير ب( هُمْ صاغِرُونَ ) إشارة إجمالية إلى سائر شروط الذمّة ، لأنّه يستفاد من هذه الجملة بأنّهم ـ مثلا ـ يعيشون في محيط إسلامي ، فليس لهم أن يظاهروا أعداء الإسلام ، ولا يكون لهم إعلام مضاد للإسلام ، ولا يقفوا حجر عثرة في رقيه وتقدمه ، وما إلى ذلك ، لأنّ هذه الأمور تتنافى وروح الخضوع والتسليم للإسلام والتعاون مع المسلمين.

ما هي الجزية؟!

تعدّ الجزية ضريبة مالية «إسلامية» وهي تتعلق بالأفراد لا بالأموال ولا بالأراضي ، أو بتعبير آخر : هي ضريبة مالية سنوية على الرؤوس.

ويعتقد بعضهم أنّها ليست من أصل عربي ، بل هي فارسية قديمة وأصلها «كزيت» ومعناها الأموال التي تؤخذ للدعم العسكري ، أو ما يصطلح عليه في عصرنا بـ «المجهود الحربي». لكن الكثير يعتقدون أن هذه الكلمة «الجزية»

٥٨٧

عربية خالصة.

وكما ذكرنا آنفا فهي مأخوذة من الجزاء ، لأنّ الضريبة التي تدفع ، إنّما هي جزاء الأمن الذي توفره الحكومة الإسلامية للأقليات المذهبية.

والجزية ، كانت قبل الإسلام ، ويعتقد بعضهم أن أوّل من أخذ الجزية هو كسرى أنوشروان الملك الساساني ، ولو لم نسلّم بأنّه الأوّل فلا أقل من أن أنوشروان كان يأخذ من أبناء وطنه الجزية ، وكان يأخذ ممن لم يكن موظفا في الدولة وعمره أكثر من عشرين عاما وأقل من خميس عاما ، مبلغا سنويا يتراوح بين 12 و 8 و 6 و 4 درهم ، على أنّه ضريبة سنوية على كل فرد.

وذكروا أن فلسفة هذه الضرائب أو حكمتها هي الدفاع عن موجودية الوطن واستقلاله وأمنه ، وهي وظيفة عامّة على جميع الناس ، فبناء على ذلك متى ما قام جماعة فعلا بالمحافظة على الوطن ولم يستطع الآخرون أن يجندوا أنفسهم للدفاع عن الوطن ، لأنّهم يكتسبون ويتّجرون ـ مثلا ـ فإن على الجماعة الثّانية أن تقوم بمصارف المقاتلين فتدفع ضرائب سنوية للدولة.

وما لدينا من القرائن يؤيد فلسفة الجزية سواء قبل الإسلام أو بعده.

فمسألة السنّ في من يعطي الجزية في عصر أنوشروان الذي ذكرناه آنفا «وهي أنّ الجزية تقع على من عمره عشرون عاما إلى خميس عاما» دليل واضح على هذا المطلب ، لأنّ أصحاب هذه المرحلة ، من العمر كانوا قادرين على حمل السلاح والمساهمة في الحفاظ على أمن البلاد ، إلّا أنّهم كانوا يدفعون الجزية لأعمالهم وكسبهم.

والشاهد الآخر على ذلك أنّه لا تجب الجزية «في الإسلام» على المسلمين ، لأنّ الجهاد واجب عليهم جميعا ، وعند الضرورة يجب على الجميع أن يتجهوا نحو ساحات القتال ليقفوا بوجه العدوّ ، إلّا أنّه لما كانت الأقليات المذهبية في حلّ من أمر الجهاد ، فعليها أن تدفع المال مكان الجهاد ، ليكون لهم نصيب في

٥٨٨

الحفاظ على أمن الوطن الذي يتمتعون بالحياة فيه.

ثمّ إن سقوط الجزية عن الأطفال والشيوخ والمقعدين والنساء والعمي ، دليل آخر على هذا الموضوع.

ممّا ذكرناه يتّضح أن الجزية إعانة مالية فحسب ، يقدمها أهل الكتاب إزاء ما يتحمله المسلمون من مسئولية في الحفاظ عليهم وعلى أموالهم.

فبناء على ذلك فإنّ من يزعم أنّ الجزية نوع من أنواع حق التسخير ، لم يلتفت إلى روحها وحكمتها وفلسفتها ، وهي أن أهل الكتاب متى دخلوا في أهل الذمة فإنّ الحكومة الإسلامية يجب عليها أن ترعاهم وتحافظ عليهم وتمنعهم من كل أذى أو سوء. وهكذا فإنّ أهل الذمة عند دفعهم الجزية ، بالإضافة إلى التمتع بالحياة مع المسلمين في راحة وأمان فليس عليهم أي تعهد من المساهمة في القتال مع المسلمين وفي جميع الأمور الدفاعية ـ ويتّضح أن مسئوليتهم إزاء الحكومة الإسلامية أقل من المسلمين بمراتب.

أي أنّهم يتمتعون بجميع المزايا في الحكومة الإسلامية بدفعهم مبلغا ضئيلا ، ويكونون سواء هم والمسلمون. في حين أنّهم لا يواجهون الأخطار ومشاكل الحرب.

ومن الادلة التي تؤيد فلسفة هذا الموضوع ، أنّه في المعاهدات التي كانت ـ في صدر الإسلام بين المسلمين وأهل الكتاب في شأن الجزية ، تصريح بأنّ على أهل الكتاب أن يدفعوا الجزية ، وفي قبال ذلك على المسلمين أن يمنعوهم (أي يحفظوهم) وأن يدافعوا عنهم إذا داهمهم العدو الخارجي.

وهذه المعاهدات كثيرة ، ونورد مثلا منها ، وهي المعاهدة التي تمت بين خالد بن الوليد مع المسيحيين الذين كانوا يقطنون حول «الفرات» :

٥٨٩

نص كتاب المعاهدة :

«هذا كتاب من خالد بن الوليد لصلوبا بن نسطونا وقومه ، إني عاهدتكم على الجزية والمنعة ، فلك الذّمة والمنعة ، وما منعناكم فلنا الجزية وإلّا فلا ، كتب سنة اثنتى عشرة في صفر»(1) .

والذي يسترعي النظر هو أننا نقرأ في هذه المعاهدة وأمثالها أنّه متى ما قصّر المسلمون في الحفاظ على أهل الذمة أو لم يمنعوهم ، فالجزية تعاد إليهم أو لا تؤخذ منهم عندئذ أصلا.

وينبغي الالتفات إلى أنّ الجزية ليس لها مقدار معين وميزانها بحسب استطاعة من تجب عليهم ، غير أنّ المستفاد من التواريخ أنّها عبارة عن مبلغ ضئل قد لا يتجاوز الدينار(2) في السنة ، وربّما قيد في المعاهدة أن على دافعي الجزية أن يدفعوا بمقدار استطاعتهم جزية.

ومن جميع ما تقدم ذكره يتّضح أنّ جميع ما أثير من شبهات أو إشكالات في هذا الصدد ، باطل لا اعتبار له ، ويثبت أن هذا الحكم الإسلامي حكم عادل ومنصف.

* * *

__________________

(1) نقلا عن تفسير المنار ، ج 10 ، ص 294.

(2) من المناسب أن أشير إلى أن المقصود بالدينار ليس هو الدينار المتعارف بينا كالدينار العراقي أو الدينار الأردني أو الدينار الكويتي وهلّم جرا ، بل هو الدينار الذهبي الذي يعادل مثقالا ونصف أو أدنى من ذلك بقليل.

٥٩٠

فهرس الموضوعات

تفسيرالآیات : 26 ـ 27 5

إنذار إلى كل أبناء آدم 5

نزول اللباس 7

اللباس في الماضي والحاضر 8

ما هو المقصود من الفحشاء 15

تفسيرالآیتان : 29 ـ 30 16

بحثان

1 ـ ما المقصود من «أقيموا وجوهكم» 17

2 ـ أقصرالأدلة على المعاد 18

تفسيرالآیتان : 31 ـ 32 20

الزّینة والتّجمل من وجهة نظرالإسلام 23

توصية صحية هامّة 25

تفسيرالآیة : 33 27

المحرمات الإلهية 27

تفسيرالآیة : 34 30

لكل أمّة أجل 30

٥٩١

الرّد على الخطأ 31

تفسيرال آیتان : 35 ـ 36 33

تعلیم آخرلأبنا ء آدم 33

رد على سف ّسطة أخرى 34

تفسيرال آی ة : 37 35

تفسيرال آیتان : 38 ـ 39 38

تنازع القا دة والاتباع في جهنم 38

تفسيرال آیتان : 40 ـ 41 42

تفسیرال أيتان : 42 ـ 43 45

الطّمأنينة الكاملة والسّعادة الخالدة 45

لماذا عبّربالإرث................................00 48

تفسيرال آیتان : 44 ـ 45 50

من هوالمُؤذّن والمنادي 52

تفسيرالآیات : 46 ـ 49 55

الآعراف معبر مهم إلى الجنّة 55

من هم أصحاب الأعراب 58

تفسيرال آیتان : 50 ـ 51 63

ن ِعَم الجنّة حرام على أهل النّار 63

بحوث

تفسيرال آیتان : 52 ـ 53 66

تفسیرالآی ة : 54 69

هل خلق العالم في ستّة أيّام 69

لماذا لم يخلق الله العالم في لحظة واحدة 72

٥٩٢

ما هو العرش 73

ما هو «الخلق» و «الأمر» 75

تفسيرال آیتان : 55 ـ 56 78

شرو ط استجابة الدعاء 78

تفسيرال آیتان : 57 ـ 58 82

لابد من المربی والقابلی ّة 82

تفسيرال آیات : 59 ـ 64 85

رسال ة نوح أوّل الرّسل من أولي العزم 85

تفسيرال آیات : 65 ـ 72 91

لمح ة عن قصّة قوم هود 92

تفسيرال آیات : 73 ـ 79 98

قص ة قوم صالح وما فيها من عبر 99

بأيّ شيء أهلك قوم ثمود 103

تفسيرالآیات : 80 ـ 84 105

مصیر قوم لوط المؤلم 105

تفسيرال آیات : 85 ـ 87 110

رسال ة شعيب في مدين 110

تفسيرال آیات : 88 ـ 89 115

تفسیرالآیات : 90 ـ 93 118

تفسیرالآیات : 94 ـ 95 121

إذ لم تنفع المواعظ 121

تفسيرال آیات : 96 ـ 100 124

التق ّ دم والعمران فی ظل الإيمان والتقوى 124

٥٩٣

بحوث

1 ـ بركات الأرض والسماء 125

2 ـ معنى «البركات» 126

3 ـ ماذا يعني «الأخذ» 126

4 ـ المفهوم الواسع لل آی ة 127

جواب على سؤال 131

تفسيرال آیتان : 101 ـ 102 134

تفسیرالآیات : 103 ـ 108 137

المواجه ة بين موسى وفرعون 137

هل يمكن قلب العصا إلى حية عظيمة 142

تفسيرال آیات : 109 ـ 112 145

بد ء المواجهة 145

تفسيرال آیات : 113 ـ 122 148

کیف انتصرالحق فی النهای ة 148

بحوث

1 ـ المشهد العجيب لسحرالسّاحرين 151

2 ـ الإستفادة من السلاح المشابه 152

تفسيرال آیات : 123 ـ 126 157

الت ّهديدات الفرعونية الجوفاء 157

الاستقامة الواعية 162

تفسيرال آیات : 127 ـ 129 164

س ؤال 166

٥٩٤

جواب 166

تفسيرال آیتان : 130 ـ 131 170

العقوبات التنبیهی ة 170

التفاؤل والتشاؤم (الفأل والطيرة) 173

تفسيرال آیتان : 132 ـ 133 176

النوائب المتنوعة 176

تفسيرال آیات : 134 ـ 136 176

نقض العه د المتكرر 180

تفسيرال آی ة : 137 184

قوم فرعون والمصيرالمؤلم 184

تفسيرال آیات : 138 ـ 141 187

الاقتراح عل ى موسى يصنع الوثن 187

بحوث

1 ـ الجهل منشأ الوثنية 188

2 ـ أرضية الوثنية عند بني إسرائيل 190

3 ـ الكفرة بالنعم في بني إسرائيل 190

تفسيرال آی ة : 142 193

المعياد الكبير 193

بحوث

1 ـ لماذا التفكيك بين الثلاثين والعشر 194

2 ـ كيف نصب موسى عليه السلام هارون قائداً وإماما 195

3 ـ لماذا طلب موسى عليه السلام من أخيه الإصلاح وعدم اتّباع المفسدين 195

4 ـ ميقات واحد أومواقيت متعددة 196

٥٩٥

5 ـ حديث المنزلة 197

أسانيد حديث المنزلة 197

حديث المنزلة في سبعة مواضع 200

محتوى حديث المنزلة 202

أسئلة حول حديث المنزلة 202

تفسيرال آی ة : 143 206

المطالبة برؤية الله 206

بحوث

1 ـ لماذا طلب موسى رؤية الله 207

2 ـ هل يمكن رؤية الله أساساً 208

3 ـ ما هو المراد من تجلّي الله 209

4 ـ مم تاب موسى عليه السلام 211

5 ـ الله غيرقابل للرؤية مطلقاً 211

تفسيرال آیتان : 144 ـ 145 213

ألواح التوراة 213

بحوث

1 ـ نزول الألواح على موسى 214

2 ـ كيف كلّم الله موسى 215

3 ـ عدم وجوب جميع تعاليم الألواح 215

4 ـ هل في الألواح تعاليم حسنة وأخرى غيرحسنة 216

تفسيرال آیتان : 146 ـ 147 218

مصیرالمتکبرین 218

تفسیرالآیتان : 148 ـ 149 221

٥٩٦

اليهود وعبادتهم للعجل 221

كيف كان للعجل الذهبي خوار 223

تفسيرالآیتان : 150 ـ 151 226

ر دة فعل شديدة تجاه عبادة العجل 226

مقاربة بين تواريخ القر آن والتورا ة الحاضرة 230

تفسيرال آیات : 152 ـ 154 223

جواب عل ى سؤالين 234

تفسيرال آیتان : 155 ـ 156 236

من دوبو بني إسرائيل في الميقات 236

تفسيرال آی ة : 157 243

اتبعوا هذا النّبي 243

بحوث

1 ـ خمسة أدلة على النبّوة في آی ة واحدة 246

2 ـ كيف كان النبّي أميّا 247

3 ـ البشارات بظهورالنبّي في العهدين 250

تفسيرال آی ة : 158 253

دعوة النّبي العالميّة 253

تفسيرال آیتان : 159 ـ 160 256

جانب من نعم الله عل ى بني إسرائيل 256

تفسيرال آیتان : 161 ـ 162 260

ماهی «ح طّة» وماذا تعني 261

تفسيرال آیات : 163 ـ 166 263

قص ّة فيها عبرة 263

٥٩٧

بحوث

1 ـ كيف ارتكبوا هذه المعصية 267

2 ـ من هم الذين نجوا 268

3 ـ هل أن كلا الفريقين عوقبوا بعقاب واحد 269

4 ـ هل المسخ كان جسمانياً أو روحانياً 269

5 ـ المخالفة تحت غطاء الحيلة الشّرعية 272

6 ـ أنواع الإبتلاء الإلهي المختلفة 273

تفسيرال آیتان : 167 ـ 168 274

تفرق الیهود وتشتتهم 274

تفسیرالآیتان : 169 ـ 170 274

تفسيرالآی ة : 171 282

آخرکلام حول الیهو د 282

أسئلة وأجوبة 283

تفسيرال آیات : 172 ـ 174 286

العه د الأول وعالم الذّر 286

عالم الذر في الرّوايات الإٍسلامية 291

تفسيرال آیات : 175 ـ 178 293

العالم المنحرف «بلعم بن باعورا ء» 295

تفسيرال آیات : 179 ـ 181 299

علا ئم أهل النّار 299

لماذا هم كالأنعام 302

بحوث

1 ـ ما هي الأسماء الحسنى 304

٥٩٨

2 ـ الأمة الهداة 308

3 ـ اسم الله الأعظم 309

تفسيرال آیتان : 182 ـ 183 311

ال إستدراج 311

تفسيرال آیات : 184 ـ 186 315

سبب الن زول 315

التهم والأباطيل 316

تفسيرال آی ة : 187 319

سبب النزول 319

أيّان يوم القيامة 319

تفسيرال آیة : 188 322

سبب النزول 322

لايعلم الغيب إلا الله 322

ملاحظة 325

ألم يكن النّبي صلى الله عليه و آله یعلم الغیب 325

تفسیرالآیات : 189 ـ 193 327

جحد نعم ة عظمى 327

الجواب على سؤال مهم 328

رواية مجمولة 331

تفسيرال آیتان : 194 ـ 195 333

تفسیرال أيات : 196 ـ 198 336

المعبودات التي لا قيمة لها 336

تفسيرال آیات : 199 ـ 203 338

٥٩٩

وساوس الشی طان 338

أجمع آی ة أخلاقية 340

تفسيرال آیات : 204 ـ 206 345

وا ذا قرىء القر آن فاستمعوا وانصتوا 345

سور ة الأنفال

نظرة خاطفة إلى محتويات هذه السورة 353

تفسيرال آی ة : 1 355

سبب النزول 355

ماهي الأنفال 356

ملاحظات

تفسيرال آیات : 2 ـ 4 361

خمس صفات خاص ّة بالمؤمنين 361

تفسيرال آیتان : 5 ـ 6 364

تفسیرالآیتان : 7 ـ 8 366

غزو ة بدرأول مواجهة مسلحة بين الإسلام والكفر 366

تفسيرال آیات : 9 ـ 14 375

دروس مفيدة من ساحة المعركة 376

هل قاتلت الملائكة 377

تفسيرال آیات : 15 ـ 18 381

الفرارمن الجهاد ممنوع 381

تفسیرال أية : 19 387

تفسيرال آیات : 20 ـ 23 389

٦٠٠