الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٠

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل0%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 550

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

مؤلف: آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
تصنيف:

الصفحات: 550
المشاهدات: 176791
تحميل: 3823


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 550 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 176791 / تحميل: 3823
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء 10

مؤلف:
العربية

والشقاء أن يعزل نفسه عن تيار نهر عالم الخلقة العظيم ، والذي يسير كلّه ببرنامج منظّم؟

ألا تجعلنا مشاهدة الوضع العام للعالم نفكّر في أنّ البشر أيضا يجب أن يخضعوا لنظام عالم الوجود ، شاؤوا أم أبوا ، ويقبلوا القوانين المنتظمة العادلة ، ويعودوا إلى مسيرهم الأصيل ويكونوا منسجمين وهذا النظام.

إذا ألقينا نظرة على بناء أجهزة بدن الإنسان المختلفة المعقّدة ، ابتداء من القلب والمخ إلى العين والاذن واللسان ، إلى بصيلة الشعر ، سنراها جميعا خاضعة لقوانين وأنظمة وحسابات دقيقة ، وإذا كان الأمر كذلك في البدن ، فكيف تقدر البشرية أن تستقرّ بدون اتّباع ضوابط ومقرّرات ونظام صحيح وعادل؟

إنّنا نريد بقاء البشرية ، ونسعى لذلك ، غاية ما في الأمر أنّ مستوى وعي مجتمعنا لم يصل إلى ذلك الحدّ بحيث نعلم أنّ استمرارنا في هذا الطريق الحالي سينتهي إلى فنائنا ، ولكن سنثوب إلى عقولنا تدريجيّا ، ويحصل لنا هذا الإدراك والرشد الفكري.

نحن نريد منافعنا ومصالحنا ، ولكنّنا إلى الآن لا نعلم أنّ استمرار الوضع الحالي سيدمّر مصالحنا ويجعلها هباء منثورا ، ولكنّا نضع نصب أعيننا الأرقام والإحصائيات الحيّة الناطقة عن سباق التسلّح مثلا ، وسنرى أنّ نصف القوى الفكرية والجسمية للمجتمع البشري ، ونصف الثروات ورؤوس الأموال الضخمة تهدر في هذا المجال! ولا تهدر فحسب ، بل إنّها تسعى إلى فناء وإتلاف النصف الثّاني!

وتزامنا مع ارتفاع سطح وعينا سنرى بوضوح أنّنا يجب أن نعود إلى نظام عالم الوجود العام ، ونضمّ صوتنا إليه ، ونتّحد معه.

وكما أنّنا جزء من هذا الكلّ فعلا ، فيجب أن نكون كذلك من الناحية العملية

٢٦١

حتّى نستطيع أن نصل إلى أهدافنا في جميع المجالات.

والنتيجة هي : إنّ نظام الخلقة سيكون دليلا واضحا على قبول نظام اجتماعي صحيح في المستقبل ، في عالم الإنسانية ، وهذا هو الذي يستفاد من الآية مورد البحث ، والأحاديث المرتبطة بقيام المصلح العالمي العظيم ، المهدي الموعود(1) .

* * *

__________________

(1) ممّا يستحقّ الانتباه أنّ هذا البحث قد كتب في ليلة الخامس عشر من شعبان سنة 1402 ، والمصادف للميلاد السعيد للإمام المهدي صاحب الزمانعليه‌السلام ، فالحمد لله على هذا التقارن.

٢٦٢

الآيات

( وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (107) قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (111) قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (112) )

التّفسير

النّبي رحمة للعالمين :

لمّا كانت الآيات السابقة قد بشّرت العباد الصّالحين بوراثة الأرض وحكمها ، ومثل هذه الحكومة أساس الرحمة لكلّ البشر ، فإنّ الآية الأولى أشارت إلى رحمة وجود النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العامّة ، فقالت :( وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ) فإنّ عامّة البشر في الدنيا ، سواء الكافر منهم والمؤمن ، مشمولون لرحمتك ، لأنّك تكفّلت بنشر الدين الذي ينقذ الجميع ، فإذا كان جماعة قد انتفعوا به وآخرون لم ينتفعوا ، فإنّ

٢٦٣

ذلك يتعلّق بهم أنفسهم ، ولا يخدش في عموميّة الرحمة.

وهذا يشبه تماما أن يؤسّس جماعة مستشفى مجّهزة لعلاج كلّ الأمراض ، وفيها الأطباء المهرة ، وأنواع الأدوية ، ويفتحوا أبوابها بوجه كلّ الناس بدون تمييز ، أليست هذه المستشفى رحمة لكلّ أفراد المجتمع؟ فإذا امتنع بعض المرضى العنودين من قبول هذا الفيض العام ، فسوف لا يؤثّر في كون تلك المستشفى عامّة.

وبتعبير آخر فإنّ كون وجود النّبي رحمة للعالمين له صفة المقتضى وفاعلية الفاعل ، ومن المسلّم أنّ فعلية النتيجة لها علاقة بقابلية القابل.

إنّ التعبير بـ «العالمين» له إطار واسع يشمل كلّ البشر وعلى امتداد الأعصار والقرون ، ولهذا يعتبرون هذه الآية إشارة إلى خاتمية نبي الإسلام ، لأنّ وجوده رحمة وإمام وقدوة لكلّ الناس إلى نهاية الدنيا ، حتّى أنّ هذه الرحمة تشمل الملائكة أيضا :

ففي حديث شريف مروي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يؤيّد هذه العمومية ، إذ نلاحظ فيه إنّ هذه الآية لمّا نزلت سأل النّبي جبرئيل فقال : «هل أصابك من هذه الرحمة شيء؟» فقال جبريل : «نعم إنّي كنت أخشى عاقبة الأمر ، فآمنت بك لمّا أثنى الله عليّ بقوله : عند ذي العرش مكين»(1) .

وعلى كلّ حال ، ففي دنيا اليوم حيث ينتشر الفساد والظلم والاستبداد في كلّ جانب ، ونيران الحروب مستعرة في كلّ جهة ، وأخذت قبضات الجبّارين العتاة بأنفاس المستضعفين المظلومين في الدنيا الغارقة في الجهل وفساد الأخلاق والخيانة والظلم والجور أجل في مثل هذه الدنيا سيتّضح أكثر فأكثر معنى كون النّبي رحمة للعالمين ، وأي رحمة أسمى من أنّه أتى بدين إذا عمل به فإنّه يعني نهاية كلّ المآسي والنكبات والأيّام السوداء؟

__________________

(1) مجمع البيان ، ذيل الآية محل البحث.

٢٦٤

أجل ، إنّه هو وأوامره ، ودينه وأخلاقه كلّها رحمة ، رحمة للجميع ، وستكون عاقبة استمرار هذه الرحمة حكم الصالحين المؤمنين في كلّ أرجاء المعمورة.

ولمّا كان أهمّ مظهر من مظاهر الرحمة ، وأثبت دعامة لذلك هي مسألة التوحيد وتجليّاته ، فإنّ الآية التالية تقول :( قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ؟

وهذه الآية في الواقع تشير إلى ثلاث نقاط مهمّة :

الأولى : إنّ التوحيد هو الدعامة الأساسيّة للرحمة ، وحقّا كلّما فكّرنا أكثر فستتّضح هذه العلاقة أقوى ، التوحيد في الإعتقاد ، وفي العمل ، والتوحيد في الكلمة ، وتوحيد الصفوف ، وفي القانون وفي كلّ شيء.

الثّانية : إنّه بمقتضى كلمة (أنّما) الدالّة على الحصر ، فإنّ كلّ دعوات الأنبياء تتلخّص في أصل التوحيد ، والمطالعات الدقيقة تبيّن أيضا أنّ الأصول ، بل وحتّى الفروع والأحكام ترجع أخيرا إلى أصل التوحيد ، ولذلك فإنّ التوحيد ـ وكما قلنا سابقا ـ ليس أصلا من الأصول وحسب ، بل إنّه كالخيط القوي الذي يربط خرز المسبحة ، أو الأصحّ أنّه كالروح السارية في البدن.

والنقطة الثّالثة : إنّ المشكلة الأساسيّة في جميع المجتمعات هي التلوّث بالشرك بأشكال مختلفة ، لأنّ جملة( فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) توحي بأنّ المشكلة الأساسيّة هي الخروج من الشرك ومظاهره ، ورفع اليد عن الأصنام وتحطيمها ، ليس الأصنام الحجرية والخشبية فحسب ، بل كلّ الأصنام ، وفي أي شكل كانت ، وخاصّة طواغيت البشر!

ثمّ تقول الآية التالية : إنّهم إذا لم يذعنوا ويهتّموا لدعوتنا ونداءاتنا هذه( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ ) .

«آذنت» من مادّة الإيذان ، أي الإعلان المقترن بالتهديد ، وجاء أحيانا بمعنى إعلان الحرب ، لكن لمّا كانت هذه السورة قد نزلت في مكّة ، ولم تكن هناك أرضية

٢٦٥

للجهاد ، ولم يكن حكم الجهاد قد نزل ، فيبدو من البعيد جدّا أن يكون معنى هذه الجملة هنا إعلان الحرب ، والظاهر أنّ النّبي أراد بهذا الكلام أن يعلن تنفّره وابتعاده عن أولئك ، ويبيّن بأنّه قد يئس منهم تماما.

وتعبير «على سواء» إمّا أن يكون إشارة إلى أنّي قد أنذرتكم جميعا وحذّرتكم من العذاب الإلهي على حدّ سواء ، لئلّا يتصوّروا أنّ أهل مكّة أو قريشا يختلفون عن الآخرين ، وأنّ لهم عند الله فضلا أو كرامة. أو أنّه إشارة إلى أنّ النّبي قد بلّغهم جميعا وبدون استثناء.

ثمّ يبيّن هذا التهديد بصورة أوضح ، فيقول بأنّي لا أعلم هل أنّ موعد عذابكم قريب أم بعيد :( وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ ) فلا تظنّوا أنّ هذا الوعيد بعيد ، فربّما كان قريبا وقريبا جدّا.

قد يكون المراد من العذاب والعقوبة هنا عذاب القيامة ، أو عذاب الدنيا ، أو كليهما ، ففي الصورة الأولى هو مختص بعلم الله ، ولا يعلم أي أحد تاريخ وقوع القيامة بدقّة حتّى أنبياء الله ، وفي الصورة الثّانية والثّالثة يمكن أن يكون إشارة إلى جزئياته وزمانه ، وأنا لا أعلم بجزئياته ، لأنّ علم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمثل هذه الحوادث ليس له صفة فعليّة دائما ، بل له صفة إرادية أحيانا ، أي ما دام لم يرد فهو لا يعلم(1) .

ثمّ إنّكم لا ينبغي أن تتوهّموا أنّ عقوبتكم إذا تأخّرت فهذا يعني أنّ الله غير مطّلع على أعمالكم وأقوالكم ، فهو يعلم كلّ شيء ، فـ( إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ ) فإنّ الجهر والإخفاء له معنى بالنسبة لكم حيث أنّ علمكم محدود عادة ، أمّا بالنسبة لمن لا حدود لعلمه ، فإنّ الغيب والشهادة ، والسرّ والعلن سواء لديه.

__________________

(1) كما ورد في كتاب الكافي في باب يتعلّق بهذا الشأن أيضا.

٢٦٦

وكذلك إذا رأيتم أنّ العقوبة الإلهيّة لا تحيط بكم فورا ، فلا تظنّوا أنّ الله سبحانه غير عالم بعملكم ، فلا أعلم لعلّه إمتحان لكم :( وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ ) ثمّ يأخذكم أشدّ مأخذ ويعاقبكم أشدّ عقاب!

لقد أوضحت الآية في الواقع حكمتين لتأخير العذاب الإلهي :

الأولى : مسألة الامتحان والاختبار ، فإنّ الله سبحانه لا يعجّل في العذاب أبدا حتّى يمتحن الخلق بالقدر الكافي ، ويتمّ الحجّة عليهم.

والثّانية : إنّ هناك أفرادا قد تمّ اختبارهم وحقّت عليهم كلمة العذاب حتما ، إلّا أنّ الله سبحانه يوسّع عليهم النعمة ليشدّد عليهم العذاب ، فإذا ما غرقوا في النعمة تماما ، وغاصوا في اللذائذ ، أهوى عليهم بسوط العذاب ليكون أشدّ وآلم ، وليحسّوا جيدا بألم وعذاب المحرومين والمضطهدين.

وتتحدّث آخر آية هنا ـ وهي آخر آية من سورة الأنبياء ـ كالآية الأولى من هذه السورة عن غفلة الناس الجهّال ، فتقول حكاية عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عبارة تشبه اللعن ، وتعكس معاناتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كلّ هذا الغرور والغفلة ، وتقول : إنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد مشاهدة كلّ هذا الإعراض( قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ ) (1) . وفي الجملة الثّانية يوجّه الخطاب إلى المخالفين ويقول :( وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ ) .

إنّه في الحقيقة ينبّه هؤلاء بكلمة (ربّنا) إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّنا جميعا مربوبون ومخلوقون ، وهو ربّنا وخالقنا جميعا.

والتعبير بـ «الرحمن» ، والذي يشير إلى الرحمة العامّة ، يعيد إلى أسماع هؤلاء أنّ الرحمة الإلهية قد عمّت كلّ وجودنا ، فلما ذا لا تفكّروا لحظة في خالق كلّ هذه النعمة والرحمة؟

وتعبير( الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ ) يحذّر هؤلاء بأن لا تظنّوا أنّا وحيدون أمام

__________________

(1) لا شكّ أنّ حكم الله سبحانه بالحقّ دائما ، وعلى هذا فإنّ ذكر كلمة (بالحقّ) هنا له صبغة التوضيح.

٢٦٧

جمعكم وكثرته ، ولا تتصوّروا أنّ كلّ اتهاماتكم وأكاذيبكم ، سواء كانت على ذات الله المقدّسة أو علينا ، ستبقى بدون جواب وجزاء ، كلّا مطلقا ، فإنّه تعالى سندنا ومعتمدنا جميعا ، وهو قادر على أن يدافع عن عباده المؤمنين أمام كلّ أشكال الكذب والافتراء والاتّهام.

نهاية سورة الأنبياء

اللهمّ لا تدعنا وحدنا قبال الشرق والغرب اللذين صمّما جميعا على إبادتنا ، بل نسألك أن تنصرنا كما نصرت نبيّكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه وهم قلّة ولم تدعهم وحدهم قبال كثرة الأعداء.

اللهمّ إنّك قد بيّنت في هذه السورة المباركة رحمتك الخاصّة على الأنبياء في الشدائد والأزمات وعند تقلّبات الحياة ومصاعبها.

اللهم وإنّنا مبتلون في عصرنا وزماننا بمثل تلك الشدائد والأزمات ، وانّا لنرجو رحمتك التي خصّصت بها أنبياءك وعبادك الصالحين ، فارحمنا وفرّج عنّا

آمين ربّ العالمين

* * *

٢٦٨

سورة الحجّ

مدنيّة

وعدد آياتها ثمان وسبعون آية

٢٦٩
٢٧٠

«سورة الحجّ»

مضمون سورة الحجّ :

سمّيت هذه السورة بـ «سورة الحجّ» لأنّ جزءا من آياتها تحدّث عن الحجّ.

وهناك اختلاف بين المفسّرين وكتّاب تأريخ القرآن حول مكّيتها أو مدنيّتها.

فالبعض يرى أنّها مكيّة باستثناء عدد من آياتها. في الوقت الذي يرى آخرون أنّها مدنية عدا بعض آياتها. وآخرون يرون أنّها مزيجا من الآيات المكيّة والمدنيّة. إلّا أنّنا لو أخذنا بنظر الإعتبار استنتاجاتنا من السور المكية والمدنيّة ، أو بتعبير آخر : أجواء هاتين المدينتين وحاجات المسلمين وكيفية صدور تعاليم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليهم في كلّ من هاتين المنطقتين ، لوجدنا أنّ آيات هذه السورة تشبه السور المدنيّة ، فالتعاليم الخاصّة بالحجّ ، وكذلك التعاليم الخاصة بالجهاد تناسب أوضاع المسلمين في المدينة ، مع أنّ تأكيد آيات في هذه السورة للمبدأ والمعاد لا تستبعد ملاءمتها للسور المكيّة.

يقول مؤلّف «تأريخ القرآن» استنادا إلى «فهرست ابن النديم ونظم الدرر» :

إنّ سورة الحجّ نزلت في المدينة ، باستثناء آيات منها والتي نزلت بين مكّة والمدينة ، ويضيف : إنّها السورة السادسة بعد المائة التي نزلت على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وتقع بعد سورة النور. وقبل سورة المنافقين.

وعلى أي حال فإنّ كون هذه السورة مدنيّة أقوى.

هذا ويمكن تقسيم مواضيعها إلى عدّة أقسام هي :

٢٧١

1 ـ تضمّنت آيات منها موضوع «المعاد» وأدلّته المنطقية ، وإنذار الغافلين عن يوم القيامة ونظائر ذلك التي تبدأ هذه السورة بها لتضمّ جزءا كبيرا منها.

2 ـ يتضمّن جزء ملحوظ من هذه الآيات جهاد الشرك والمشركين ، وجلب انتباه الناس إلى عظمة الخالق بواسطة معاجز الخلق في عالم الوجود.

3 ـ دعا جزء آخر من هذه السورة الناس إلى الإعتبار بمصير الأقوام البائدة ، وما لاقت من عذاب إلهي ، ومن هذه الأقوام قوم نوح ، وعاد وثمود ، وقوم إبراهيم ولوط ، وقوم شعيب وموسى.

4 ـ وتناول جزء آخر منها مسألة الحجّ وتاريخه منذ عهد إبراهيمعليه‌السلام ، ومسألة القربان والطواف وأمثالها.

5 ـ وتضمّن الجزء الآخر مقاومة الظالمين والتصدّي لأعداء الإسلام المحاربين.

6 ـ واحتوى قسم آخر نصائح في مجالات الحياة المختلفة.

7 ـ التشجيع على أعمال الصلاة والزكاة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتوكّل والتوجّه إلى الله (سبحانه وتعالى).

فضيلة تلاوة سورة الحجّ :

جاء في حديث للرسول الأكرم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «من قرأ سورة الحجّ اعطي من الأجر كحجّة حجّها ، وعمرة اعتمرها ، بعدد من حجّ واعتمر فيما مضى وفيما بقي»(1) !

وهذا الثواب والفضل العظيم ليس لمجرد التلاوة اللفظيّة فقط ، وإنّما لتلاوة تنير الفكر ، وتفكّر يتبعه عمل وتطبيق.

__________________

(1) مجمع البيان بداية سورة الحجّ.

٢٧٢

ومن يجعل هذه السورة ومضمونها من مبدأ ومعاد وتعليمات تعبّدية أخلاقية ومسائل خاصّة بالجهاد ومقارعة الظالمين ، مصباحا لبصيرته ومنهاجا لحياته ، سيجد نفسه قد ارتبط بجميع المؤمنين السابقين واللاحقين ـ معنويا وروحيّا ـ ارتباطا يشعره بأنّه شريك في أعمالهم ، وهم شركاء في أعماله ، دون أن ينقص من أجرهم. وأنّه سيكون همزة وصل بين جميع المؤمنين عبر التاريخ.

وعلى هذا ، فلا عجب من مقدار الثواب والأجر الذي نصّ عليه هذا الحديث.

* * *

٢٧٣

الآيتان

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ )

( يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ (2) )

التّفسير

زلزلة البعث العظيمة :

تبدأ هذه السورة بآيتين تشيران إلى يوم البعث ومقدّماته ، وهما آيتان تبعدان الإنسان ـ دون إرادته ـ عن هذه الحياة المادية العابرة ، ليفكّر بالمستقبل المخيف الذي ينتظره المستقبل الذي سيكون جميلا وسعيدا إن فكّرت فيه اليوم ، ولكنّه مخيف حقّا إن لم تعدّ العدّة له ، والآية المباركة :( يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) . خطاب للناس جميعا بلا استثناء ، فقوله تعالى :( يا أَيُّهَا النَّاسُ ) دليل واضح على عدم التفريق بينهم من ناحية العنصر ، واللغة ، والزمان ، والأماكن الجغرافية ، والطوائف ، والقبائل. فهو موجّه للجميع : المؤمن والكافر ،

٢٧٤

والكبير والصغير ، والشيخ والشابّ ، والرجل والمرأة ، على امتداد العصور.

وعبارة( اتَّقُوا رَبَّكُمْ ) خلاصة لجميع برامج السعادة ، فهي تبيّن التوحيد في «ربّكم» من جهة والتّقوى من جهة أخرى. وبهذا جمعت البرامج الاعتقادية والعمليّة.

وجملة( إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) التي جاءت في عدد من الآيات القرآنية ، تكرّر هنا الحديث عنها بشكل مختصر ، هو أنّ البعث يحدث ثورة وتبدّلا حادّا في عالم الوجود ، الجبال تقتلع من مكانها ، وتموج البحار ، وتنطبق السّماء على الأرض ، ثمّ يبدأ عالم جديد وحياة جديدة ، ويسيطر ذعر شديد على الناس يفقدهم صوابهم.

ثمّ بيّنت الآية التالية في عدّة جمل انعكاس هذا الذعر الشديد ، فقالت :( يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ ) من شدّة الوحشة والرعب.

( وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها ) .

وثالث انعكاس لهذا الذعر الشديد :( تَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى ) وعلّة ذلك هو شدّة العذاب في ذلك اليوم( وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ ) هذا العذاب الذي أرعب الناس وأفقدهم صوابهم.

مسائل مهمّة

1 ـ تحدث هذه الظواهر المذكورة آنفا بشكل يسير في الزلازل الدنيويّة والأحداث المرعبة ، حيث تنسى الامّهات أطفالهنّ ، وتسقط الحوامل حملهنّ ، وترى آخرين كالسكارى قد فقدوا صوابهم ، إلّا أنّ هذا لا يتّخذ طابعا عاما. أمّا زلزال البعث فإنّه يصيب الناس جميعا دون استثناء.

2 ـ قد تكون هذه الآيات إشارة إلى خاتمة العالم التي تعتبر مقدّمة للبعث ، وفي هذه الحالة ستأخذ عبارة «كلّ ذات حمل وتذهل كلّ مرضعة» مفهومها

٢٧٥

الحقيقي ، إلّا أنّه يحتمل أنّها تشير إلى زلزال يوم البعث ، بدلالة قوله سبحانه :( لكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ ) والعبارات السابقة تكون كأمثلة. أي إنّ الموقف مرعب لدرجة أنّه لو فرض وجود ذات حمل لوضعت حملها ، وتغفل الامّهات عن أطفالهنّ ـ تماما ـ إن شهدن هذا الموقف.

3 ـ نعلم أنّ كلمة «المرضع» تطلق في اللغة العربية على المرأة التي ترضع ولدها(1) ، إلّا أنّ مجموعة من المفسّرين وبعض اللغويين يقولون : إنّ هذه الكلمة تستخدم بصيغة مؤنثة «مرضعة» لتشير إلى لحظة الإرضاع ، أي يطلق على المرأة التي يمكنها إرضاع طفلها كلمة المرضع ، وكلمة المرضعة خاصة بالمرأة التي هي في حالة إرضاع طفلها(2) .

ولهذا التعبير في الآية أهميّة خاصّة ، فشدّة زلزال البعث ، ورعبه بدرجة كبيرة ، يدفعان المرضعة إلى سحب ثديها من فم رضيعها ونسيانه دون وعي منها.

4 ـ إنّ عبارة( تَرَى النَّاسَ سُكارى ) إشارة إلى أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو المخاطب فيها فيقول له : سترى الناس هكذا ، أمّا أنت فلست مثلهم ، ويحتمل أن يكون الخطاب للمؤمنين الراسخين في الإيمان الذين ساروا على خطى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بأنّهم في أمان من هذا الخوف الشديد.

5 ـ نقل كثير من المفسّرين ورواة الحديث في خاتمة هذه الآيات حديثا عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو أنّ الآيتان من بداية السورة نزلتا ليلا في غزاة بني المصطلق(3) ـ وهم حي من خزاعة ـ والناس يسيرون ، فنادى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحثّوا المطي حتّى كانوا حولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقرأها عليهم. فلم ير أكثر باكيا من تلك الليلة ، فلمّا

__________________

(1) يؤتى بعلامة التأنيث في حالة أن يكون للكلمة تذكير وتأنيث ، إلّا أنّ الحمل والإرضاع خاصين بالنساء ، لهذا لا حاجة لهما بتاء التأنيث وأمثالها.

(2) يراجع قاموس اللغة ، وتفسير الكشّاف ، والتّفسير الكبير للفخر الرازي ، وتفسير الميزان.

(3) وقعت هذه الغزوة في شهر شعبان في السنة السادسة للهجرة.

٢٧٦

أصبحوا لم يحطّوا السرج عن الدواب ولم يضربوا الخيام ، والناس بين باك حزين أو جالس يتفكّر ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أتدرون أي يوم ذاك؟» قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : «ذاك يوم يدخل الناس من كلّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النّار ، وواحد إلى الجنّة»! فكبر ذلك على المسلمين وبكوا بشدّة! وقالوا : فمن ينجو يا رسول الله؟ فأجابهم بأنّ المذنبين الذين يشكّلون الأكثرية هم غيركم. ثمّ قال : «إنّي لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنّة» فكبّروا ، ثمّ قال : «إنّي لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنّة» فكبّروا ، ثمّ قال : «إنّي لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنّة ، وإنّ أهل الجنّة مائة وعشرون صفّا ، ثمانون منها أمّتي»(1) .

* * *

__________________

(1) بتلخيص عن تفسير مجمع البيان ، وتفسير نور الثقلين ، وتفاسير أخرى.

٢٧٧

الآيتان

( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (4) )

التّفسير

أتباع الشيطان!

بعد أن أعطت الآيات السابقة صورة لرعب الناس حين وقوع زلزلة القيامة ، أوضحت الآيات اللاحقة حالة أولئك الذين نسوا الله ، وكيف غفلوا عن مثل هذا الحدث العظيم ، فقالت :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) .

نجد هؤلاء الناس يجادلون مرّة في أساس التوحيد ووحدانيّة الحقّ تبارك وتعالى ، وفي إنكار وجود شريك له. ومرّة يجادلون في قدرة الله على إحياء الموتى ، وفي البعث والنشور ، ولا دليل لهم على ما يقولون.

قال بعض المفسّرين : إنّ هذه الآية نزلت في «النضر بن الحارث» الذي كان من المشركين المعاندين ، وكان يصرّ على القول بأنّ الملائكة بنات الله ، وأنّ القرآن مجموعة من أساطير السلف تنسب إلى الله ، كما كان ينكر الحياة بعد الموت.

٢٧٨

والبعض الآخر من المفسّرين يعتقد أنّ هذه الآية إشارة إلى جميع المشركين الذين يجادلون في التوحيد وفي قدرة الله.

إلّا أنّ سبب النّزول لا يمكنه أن يضيّق مفهوم هذه الآية ، فهذان القولان يصبّان في معنى واحد ، يشمل جميع الذين يشتركون في جدال مع الله تعالى ، إمّا عن تقليد أعمى ، وإمّا عن عصبية ، أو لإتّباع الخرافات ، أو الأهواء النفسية.

ثمّ تضيف هذه الآية( وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ ) فهؤلاء الأشخاص الذين لا يتّبعون منطقا أو علما ، وإنّما يتّبعون كلّ شيطان عنيد ومتمرّد ، ولا يخضعون لشيطان واحد ، بل لجميع الشياطين! شياطين الإنس والجنّ ، الذين لكلّ منهم برنامجه وأحابيله وشراكه.

وكلمة «مريد» مشقّة من «مرد» وأصلها الأرض المرتفعة التي لا نبت فيها.

وتطلق أيضا كلمة «أمرد» على الشجرة الجرداء ، ولهذا تطلق أيضا على كلّ صبي لم ينبت الشعر في وجهه ، وهنا يقصد بـ «المريد» الشخص الذي خلا من أي خير وسعادة. وطبيعي أن يكون مثل هذا الشخص عنيدا وظالما وعاصيا. وبهذا يتّضح مصير الإنسان الذي يتّبع الشيطان الخالي من كلّ خير!!

ومن هنا كانت الآية اللاحقة( كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ ) (1) .

* * *

ملاحظات

1 ـ الجدال في الحقّ والباطل

رغم أنّ كلمة «المجادلة» تعني في عرف الناس البحث غير المنطقي ، فإنّ

__________________

(1) «السعير» مشتقّة من «سعر» بمعنى لهب النّار ، وتعني هنا نار جهنّم الحارقة. التي تمتاز بأنّها أكثر حرقا من أي نار.

٢٧٩

أصلها اللغوي ليس كذلك. بل تعني أي نقاش كان. لهذا نرى القرآن يوصي النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله :( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (1) أي جادل مخالفيك بأفضل أسلوب.

2 ـ جدال الباطل سبيل الشيطان

يرى بعض كبار المفسّرين أنّ عبارة( يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) إشارة إلى أقوال المشركين التي تفتقد السند والدليل. وعبارة( وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ ) إشارة إلى أفعال المشركين الخاطئة.

ويرى آخرون أنّ العبارة الأولى تشير إلى اعتقاداتهم الفاسدة والخرافية. أمّا العبارة الثّانية فتشير إلى سلوكياتهم الخاطئة والمنحرفة.

وبما أنّ الآية السابقة والتالية هذه الآية ، تناولتا الأسس الاعتقادية ، فلا يستبعد أن تشير هاتان الجملتان إلى حقيقة واحدة ، أو بتعبير آخر : تتضمنّان طرفي موضوع واحد ـ نفيه وإثباته ـ فالعبارة الأولى تقول :( يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) أي يجادل في الله وقدرته تقليدا لأحد ، أو عصبيّة ، أو هوى نفس ، والعبارة الثّانية تشير إلى أن من لا يتّبع العلم والمعرفة ، فمن الطبيعي أنّه يتّبع كلّ شيطان طاغ عنيد.

3 ـ لماذا أي شيطان كان؟

إنّه ممّا يلفت النظر أنّ القرآن لم يقل أنّ هذا الشخص يتّبع الشيطان ، بل ذكر.

أنّه يتّبع أي شيطان عنيد كان ، وهذا يشير إلى تعدّد مناهج ومكائد الشياطين ، فكلّ منهم اختار لنفسه مكيدة خاصّة ، وهذه المكائد والفخاخ متنوّعة ومتكثّرة إلى حدّ

__________________

(1) النحل ، 125.

٢٨٠