تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب0%

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 493

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
تصنيف: الصفحات: 493
المشاهدات: 152682
تحميل: 2979


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 493 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 152682 / تحميل: 2979
الحجم الحجم الحجم
تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

( إِذْ قالَ ) :

ظرف لاصطفيناه، أي: اخترناه في ذلك الوقت، أو انتصب بإضمار «اذكر»، استشهادا على ما ذكر، من حاله. كأنّه قيل: اذكر ذلك الوقت، لتعلم أنّه المصطفى الصّالح الّذي لا يرغب عن ملّة مثله.

( لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ) : اخطر ببالك النّظر في الدّلالة المؤدّية إلى المعرفة.

( قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ) (١٣١)، أي: فنظر وعرف.

وقيل: أسلم، أي: أذعن وأطع(١) .

وقيل: يحتمل(٢) أن يكون المراد: أثبت على الانقياد.

( وَوَصَّى بِها ) ، أي: بالملّة، أو الكلمة. وهي( أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ) .

وقرئ: وأوصى.

( إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ) :

عطف على إبراهيم. داخل في حكمه.

والمعنى: ووصّى بها يعقوب بنيه ـ أيضا.

وقرئ بالنّصب، عطفا على بنيه.

والمعنى: ووصّى بها إبراهيم بنيه ونافلته يعقوب.

[وفي كتاب علل الشّرائع(٣) ، بإسناده إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال: كان يعقوب وعيص توأمين. فولد عيص، ثمّ ولد يعقوب. فسمّي يعقوب، لأنّه خرج بعقب أخيه عيص.

والحديث طويل. أخذت منه موضوع الحاجة].(٤)

( يا بَنِيَ ) :

على إضمار القول، عند البصريّين، وعند الكوفيّين، يتعلّق بوصيّ. لأنّه في معنى القول.

وفي قراءة أبيّ وابن مسعود: أن يا بنيّ.

( إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ ) : أعطاكم الدّين الّذي هو صفوة الأديان. وهو دين

__________________

(١ و ٢) ليس في أ.

(٣) علل الشرائع ١ / ٤٣، ح ١.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

١٦١

الإسلام. ووفّقكم الأخذ به،( فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (١٣٢): لا يكن موتكم على حال إلّا على حال كونكم ثابتين على الإسلام.

فالنّهي راجع إلى كونهم على خلاف الإسلام، في حال الموت. والنّكتة في إدخال النّهي على الموت، إظهار أنّ الموت على غير الإسلام، كلا موت. والموت الحقيقيّ هو موت السّعداء. وهو الموت على الإسلام.

[وفي أصول الكافي(١) : عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرّحمن، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال: إنّ أبي استودعني ما هناك. فلمّا حضرته الوفاة، قال لي: «ادع لي شهودا.» فدعوت له أربعة من قريش.

فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر.

قال: اكتب! هذا ما أوصى به يعقوب بنيه: يا بنيّ إنّ الله اصطفى لكم الدّين.

فلا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون. وأوصى محمّد بن عليّ، إلى جعفر بن محمّد أمره، أن يكفّنه في برده الّذي كان يصلّي فيه الجمعة. (الحديث).

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة(٢) ، بإسناده إلى محمّد بن الفضل، عن أبي حمزة الثّماليّ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر ـ عليهما السّلام. حديث طويل. ذكره في باب اتّصال الوصيّة من لدن آدم ـ عليه السّلام. يقول فيه ـ عليه السّلام: وقال الله ـ عزّ وجلّ(٣) :( وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ) وقوله(٤) :( وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا ) لنجعلها في أهل بيته( وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ ) لنجعلها في أهل بيته.

وفي شرح الآيات الباهرة(٥) : روي صاحب شرح الأخبار، بإسناد يرفعه. قال: قال أبو جعفر الباقر ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ ـ( وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ، يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ. فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) بولاية عليّ ـ عليه السّلام.

ويؤيّده ما رواه الشّيخ محمّد بن يعقوب الكليني ـ رحمه الله(٦) ـ عن أحمد بن

__________________

(١) الكافي ١ / ٣٠٧، ح ٨.

(٢) كمال الدين وتمام النعمة ١ / ٢١٦، ح ٢.

(٣) البقرة / ١٢٧.

(٤) الانعام / ٨٤.

(٥) تأويل الآيات الباهرة، مخطوط / ٢٣.

(٦) نفس المصدر ونفس الموضع.

١٦٢

محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرّضا ـ عليه السّلام.

قال: ولاية عليّ مكتوبة في صحف الأنبياء. ولم يبعث الله نبيّا إلّا عرّفه نبوّة محمّد ووصيّه عليّ ـ صلوات الله عليهما].(١)

( أَمْ كُنْتُمْ ) :

«أم» هي المنقطعة. ومعنى الهمزة فيها الإنكار، أي: ما كنتم.

( شُهَداءَ ) : جمع شهيد. بمعنى الحاضر.

قيل(٢) : إنّ اليهود قالوا لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: ألست تعلم أنّ يعقوب أوصى بنيه باليهوديّة يوم مات؟ فنزلت ردّا عليهم، أي: ما كنتم حاضرين.

( إِذْ حَضَرَ ) :

وقرئ حضر (بكسر الضّاد.) وهي لغة.

( يَعْقُوبَ الْمَوْتُ ) . فالخطاب لليهود.

وقيل(٣) : الخطاب للمؤمنين، يعني: ما شاهدتم ذلك.

وإنّ ما حصل لكم العلم به، من طريق الوحي.

( إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي ) :

تقريرا لهم على التوحيد والإسلام.

و «ما» عامّ في كلّ شيء. فإذا علم، فرّق «بما» و «من» ويمكن أن يقال:( ما تَعْبُدُونَ ) سؤال عن صفة المعبود، كما تقول: ما زيد تريد؟ أفقيه أم طبيب أم غير ذلك من الصّفات؟

( قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ ) :

وقرأ أبيّ بطرح آبائك. وقرئ أبيك، إمّا بالإفراد وكون إبراهيم وحده عطف بيان له، أو بالجمع بالياء والنّون.

( إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ ) :

عطف بيان لآبائك.

وعدّ إسماعيل من ابائه. لأنّ العرب تسمّي العمّ، أبا، كما تسمّي الخالة، أمّا ،

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٨٣، باختلاف في بعض الألفاظ.

(٣) نفس المصدر ونفس الموضع.

١٦٣

لانخراطهم(١) في سلك واحد. وهو الأخوّة، ووجوب تعظيمها. وفي الحديث(٢) : عمّ الرّجل صنو أبيه، أي: لا تفاوت بينهما، كما لا تفاوت بين صنوي النّخلة.

( إِلهاً واحِداً ) :

بدل من «إله آبائك»، كقوله(٣) :( بِالنَّاصِيَةِ. ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ ) ، أو على الاختصاص، أي: نريد بإله آبائك إلها واحدا.

( وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) (١٣٣) :

حال من فاعل «نعبد»، أو من مفعوله، لرجوع الهاء إليه في له.

ويجوز أن يكون جملة معطوفة على «نعبد»، وأن يكون جملة اعتراضيّة مؤكّدة إن جاز وقوع الاعتراض في الآخر، كما هو مذهب البعض، أي: ومن حالنا إنّا له مسلمون مخلصون بالتّوحيد، أو مذعنون.

وروى العيّاشيّ(٤) ، عن الباقر ـ عليه السّلام: أنّها جرت في القائم ـ عليه السّلام.

وقال بعضهم(٥) في توجيه الحديث: لعلّ مراده ـ عليه السّلام ـ إنها جارية في قائم آل محمّد: فكل قائم منهم يقول حين موته ذلك لبنيه ويجيبونه بما أجابوا به.

أقول: ويمكن أن يكون مراده ـ عليه السّلام ـ بكون الآية جارية في القائم ـ عليه السّلام ـ كون الوصيّة والتّقرير بالقائم ـ عليه السّلام ـ داخلين في وصيّة يعقوب وتقريره لبنيه، أي: وصّى بنيه وقرّرهم بالإقرار بالقائم ـ عليه السّلام ـ فيما أوصاه وقرّره.

ويؤيّد هذا التّوجيه ما كتبه صاحب نهج الإمامة، قال: روى صاحب شرح الأخبار، بإسناده يرفعه. قال: قال أبو جعفر الباقر ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ ـ ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنيّ إنّ الله اصطفى لكم الدّين فلا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون بولاية عليّ ـ عليه السّلام. [على ما مرّ في شرح الآيات الباهرة].(٦)

( تِلْكَ ) أي: الأمّة المذكورة الّتي هي إبراهيم ويعقوب وبنوهما والموحّدون،( أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ) : قد مضت.

( لَها ما كَسَبَتْ ) : لا ينفعهم إلّا ما كسبوا من أعمال الخير.

__________________

(١) أ: لانحزاطهما. وهو الظاهر.

(٢) الكشّاف ١ / ١٩٣.

(٣) العلق / ١٦.

(٤) تفسير العيّاشي ١ / ٦١، ح ١٠٢.

(٥) هو الفيض الكاشاني في تفسير الصافي ١ / ١٩٢.

(٦) ليس في أ.

١٦٤

( وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ ) : لا ينفعكم إلّا ما كسبتم منها.

( وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ ) (١٣٤): لا تؤاخذون بسيّئاتهم(١) ، كما لا تثابون بحسناتهم.

والمقصود نفي الافتخار(٢) بالأوائل ونحوقول رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله(٣) : يا بني هاشم! لا يأتي النّاس بأعمالهم وتأتوني(٤) بأنسابكم.

( وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا ) ، أي: قالت اليهود: كونوا هودا، تهتدوا.

وقالت النصارى: كونوا نصارى، تهتدوا.

( قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ ) ، اي: بل نكون(٥) ملّة إبراهيم، أي: أهل ملّته.

وقيل(٦) : بل نتّبع ملّة إبراهيم. وقرئ بالرّفع، أي: ملّته ملّتنا، أو أمرنا ملّته، أو نحن ملّته، بمعنى أهل ملّته.

( حَنِيفاً ) : حال من المضاف إليه، كقولك: رأيت وجه هند قائمة.

«والحنيف»: المائل من كلّ دين باطل، إلى دين الحقّ. و «الحنف»: الميل في القدمين. و «تحنّف»، إذا مال.

روى العيّاشيّ(٧) ، عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ قال: الحنيفيّة، هي الإسلام.

وعن الباقر ـ عليه السّلام(٨) ـ قال: ما أبقت الحنيفيّة شيئا حتّى أنّ منها قصّ الشّارب وقلم الأظفار والختان.

( وَما كانَ ) إبراهيم،( مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (١٣٥): تعريض بأهل الكتاب وغيرهم. لأنّ كلّا منهم يدّعي اتّباع إبراهيم. وهو على الشّرك.

( قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ ) : خطاب بالكافرين، أي: قولوا لتكونوا على الحقّ. وإلّا فأنتم على الباطل. وكذا قوله( بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ ) يجوز أن يكون على معنى «بل اتّبعوا أنتم ملّة إبراهيم وكونوا أهل ملّته». والأظهر أنّ الخطاب للمؤمنين.

__________________

(١) أ: بشأنهم.

(٢) أ: الأنهار.

(٣) الكشاف ١ / ١٩٤.

(٤) أ: فأتونا. ر: تأتونا.

(٥) أ: تكون.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ٨٤.

(٧) تفسير العياشي ١ / ٦١، ح ١٠٣.

(٨) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٠٤.

١٦٥

ويؤيّده ما نرويه في تأويله. وهوما رواه محمّد بن يعقوب(١) ، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن النّعمان، عن سلام بن عمرة، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ(٢) ـ( قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا ) قال: إنّما عنى بذلك عليّا وفاطمة والحسن والحسين ـ عليهم السّلام. وجرت بعدهم في الأئمّة.

ثمّ رجع(٣) القول من الله في النّاس. فقال:( فَإِنْ آمَنُوا ) ، يعني: النّاس( بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ ) ، يعني: عليّا وفاطمة والحسن والحسين ـ عليهم السّلام ـ والأئمّة،( فَقَدِ اهْتَدَوْا. وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ ) ، يعني: النّاس. (انتهى).

ومعناه أنّ الله سبحانه أمر الأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ أن يقولوا آمنا بالله (وما بعدها) لأنّهم المؤمنون بما أمروا به حقّا وصدقا. ثمّ قال مخاطبا للأئمّة، يعني: النّاس:( فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا ) بكم وبما آمنتم به.( وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ ) ومنازعة ومحاربة لك، يا محمّد!( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) .

( وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا ) وهو القرآن.

( وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ ) : جمع سبط. وهو الحافد. وهم حفدة يعقوب، ذراريّ أبنائه الاثني عشر.

روى العيّاشيّ(٤) ، عن الباقر ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل: هل كان ولد يعقوب أنبياء؟

قال: لا! ولكنّهم كانوا أسباطا أولاد الأنبياء(٥) . لم(٦) يكونوا يفارقوا(٧) الدّنيا إلّا سعداء. تابوا وتذكّروا ما صنعوا.

والمراد بما أنزل على هؤلاء الصّحف.

( وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى ) : التوراة والإنجيل،( وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ ) : جملة المذكورين وغيرهم،( مِنْ رَبِّهِمْ ) : متعلّق بالإيتاء. وكلمة «من»، ابتدائيّة.

__________________

(١) الكافي ١ / ٤١٥، ح ١٩.

(٢) البقرة / ١٣٦.

(٣) المصدر: يرجع.

(٤) تفسير العياشي ١ / ٦٢، ح ١٠٦.

(٥) أ: الأبناء.

(٦) أ: كم.

(٧) أ: يشارع.

١٦٦

( لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ ) : لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض، كما فعلت اليهود والنّصارى، ولوقوع أحد في سياق النّفي وعمومه أضيف إليه «بين». وقيل(١) : لأنّه في معنى الجماعة.

( وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) (١٣٦): منقادون في جميع ما أمر به ونهى عنه.

وفي الخصال(٢) ، فيما علّم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أصحابه: إذا قرأتم «( قُولُوا آمَنَّا ) فقولوا: أمنا «إلى قوله» مسلمون.

وفي الفقيه(٣) ، في وصاياه لابنه محمّد بن الحنفيّة: وفرض على اللّسان الإقرار والتعبير [عن القلب](٤) بما عقد عليه. فقال ـ عزّ وجلّ:( قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا ) .

(الآية.)( فَإِنْ آمَنُوا ) ، أي: سائر النّاس،( بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ ) من باب التّبكيت. لأنّ دين الحقّ واحد. لا مثل له. ولو فرض أنّهم حصلوا دينا آخر، مثل دينكم في الصّحّة والسّداد، فقد اهتدوا. ونظيره قولك للرّجل الّذي تشير عليه: هذا هو الرّأي الصّواب. فإن كان عندك رأي أصوب منه. فاعمل به. وقد علمت أنّه لا أصوب من رأيك. والمراد تبكيته.

ويجوز أن يكون الباء، للاستعانة، أي: فإن دخلوا في الإيمان بشهادة مثل شهادتكم الّتي آمنتم بها، أو المثل مقحم كما في قوله(٥) :( وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ ) ، أي: عليه.

وقرئ بحذفه. وقرأ أبيّ: بالّذي آمنتم به.

( فَقَدِ اهْتَدَوْا ) إلى الحقّ.

( وَإِنْ تَوَلَّوْا ) عمّا أنتم عليه،( فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ ) : في كفر، على ما رواه الطّبرسيّ، عن الصّادق ـ عليه السّلام(٦) .

وأصله المخالفة والمناوأة. فإنّ كلّ واحد من المتخالفين، في شقّ غير شقّ الآخر.

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ٢١٧.

(٢) الخصال ٢ / ٦٢٩، ح ٤٠٠.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٣٨٢.

(٤) يوجد في المصدر.

(٥) الأحقاف / ١٠.

(٦) مجمع البيان ١ / ٢١٨.

١٦٧

( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ ) : تسلية للمؤمنين. ووعد لهم بالحفظ والنّصر.

( وَهُوَ السَّمِيعُ ) لأقوالكم،( الْعَلِيمُ ) (١٣٧) بنيّاتكم.

( صِبْغَةَ اللهِ ) :

مصدر منتصب عن قوله «آمنا به». وهي فعلة من صبغ، كالجلسة من جلس.

وهي الحالة الّتي يقع عليها الصّبغ.

والمعنى: تطهير الله. لأنّ الإيمان يطهّر النّفوس.

والأصل فيه أنّ النّصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر. يسمّونه المعموديّة.(١) ويقولون هو تطهير لهم. فإذا فعل الواحد منهم بولده ذلك، قال الآن صار نصرانيّا حقّا. فأمر المسلمون بأن يقولوا لهم: قولوا آمنا. وصبَغَنا الله بالإيمان، صبغةً لا مثل صبْغَتَنا. وطهّرنا به لا مثْل تطهيرنا، أو يقولوا أصبَغَنا الله بالإيمان صبغته ولم يصبغ صبغتكم.

فهو من باب المشاكلة. كما تقول لمن يغرس الأشجار: أغرس كما يغرس فلان. تريد رجلا يصطنع الكرام.(٢) [( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً ) : لا أحسن من صبغته.

وفي كتاب معاني الأخبار(٣) : أبي ـ رحمه الله ـ قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن فضالة، عن أبان، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله( صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً ) ، فقال: هي الإسلام.

وفي اصول الكافي(٤) ، بإسناده إلى عبد الرّحمن بن كثير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله( صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً ) ، قال: صبَغ المؤمنين بالولاية في الميثاق.

وبإسناده. إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام(٥) ـ في الحسن، في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً ) ، قال: الإسلام.

__________________

(١) كذا في أ. وفي الأصل ور: العمودية.

(٢) يوجد في أ: بعد هذه العبارة: «وفسّرها الصادق ـ عليه السّلام ـ بالإسلام.» وهي مشطوب في الأصل.

(٣) معاني الأخبار / ١٨١، ح ١.

(٤) الكافي ١ / ٤٢٢، ح ٥٣.

(٥) نفس المصدر ٢ / ١٤، ح ١.

١٦٨

حميد بن زياد(١) ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً ) قال: الصّبغة هي الإسلام.

والحديثان طويلان. أخذت منهما موضع الحاجة.

وبإسناده(٢) إلى حمران، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله( صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً ) قال: الصّبغة هي الإسلام].(٣)

وفي شرح الآيات الباهرة: وروى الشيخ محمّد بن يعقوب(٤) ، عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرّحمن بن كثير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ ـ( صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً ) قال صبغ المؤمنين(٥) بالولاية في الميثاق.

وأقول: يظهر من تلك الأخبار(٦) ، أنّ الإسلام لا يتحقّق بدون الولاية. وقد ذكرنا لك مرارا، ما يدلّك على هذا.

( وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ ) (١٣٨) :

معطوف على( آمَنَّا بِاللهِ ) وتعريض بهم، أي: لا نشرك به كشرككم.

وقيل(٧) :( صِبْغَةَ اللهِ ) ، بدل من( مِلَّةِ إِبْراهِيمَ ) ، أو نصب على الإغراء. بمعنى: عليكم صبغة الله. ويردّهما هذا العطف، للزوم فكّ(٨) النّظم وإخراج الكلام عن التئامه.

( قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ ) :

قرئ: أتحاجّونا (بإدغام النّون)، يعني: تحاجّونا في شأن الله واصطفائه النّبيّ من العرب دونكم؟ وتقولون: لو أنزل الله على أحد، لأنزل علينا. لأنّا أهل الكتاب والعرب عبدة الأوثان. ونحن أسبق في النّبوّة. لأنّ الأنبياء كلّهم كانوا منّا.

( وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ ) لا اختصاص له بقوم دون قوم. يصيب برحمته من يشاء.

( وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ ) فلا يبعد أن يكرمنا بأعمالنا.

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣.

(٢) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٢.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٤) الكافي ١ / ٤٢٢، ح ٥٣.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ: المؤمنون.

(٦) أ: الخبرين.

(٧) مجمع البيان ١ / ٢١٩، باختلاف في اللفظ.

(٨) أ: قلت.

١٦٩

( وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ ) (١٣٩): موحّدون. نخلصه بالإيمان والطّاعة، دونكم.

والحاصل، أنّ إعطاء الكرامة إمّا بالتّفضّل وكونه ربّا، أو بالعمل، أو بالإخلاص. والأوّلان مشتركان بيننا وبينكم. والأخير مختصّ بنا. فدعواكم الأحقّيّة، ساقطة. لا وجه لها. بل نحن أحقّ.

( أَمْ تَقُولُونَ ) : يحتمل على قراءة التّاء، أن تكون «أم»، معادلة للهمزة، في «أتحاجّوننا» بمعنى أي الأمرين تأتون المحاجّة في حكم الله؟ أم ادّعاء اليهوديّة والنّصرانيّة على الأنبياء؟ والمقصود إنكارهما والتّوبيخ عليهما معا. وأن تكون منقطعة بمعنى «بل أتقولون».

والهمزة على قراءة الياء، لا تكون إلّا منقطعة.

( إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى ) ولم يكونوا مسلمين؟

( قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ ) وأنّه شهد لهم بالإسلام، في قوله(١) ( ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً ) .

( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ ) ، أي: شهادة الله لإبراهيم بالحنيفيّة.

و «من» فيه، كما في قولك: «هذه شهادة منّي لفلان»، إذا شهدت له.

والمعنى أنّ أهل الكتاب، لا أحد أظلم منهم. لأنّهم كتموا هذه الشّهادة وهم عالمون بها. أو أنّا لو كتمنا هذه الشّهادة، لم يكن أحد أظلم منّا. فلا نكتمها. أو الأعمّ من المعنيين. وفي الأخيرين تعريض بكتمانهم شهادة الله لمحمّد ـ عليه السّلام ـ بالنّبوّة، في كتبهم.

والآية تدلّ على كفر من كتم شهادة الله بالولاية، وعلى كفر أهل الخلاف.

تقريره أنّ نصّ النّبيّ على شيء، شهادة الله عليه. فكتمان نصّ النّبيّ، كتمان شهادة الله وكتمان شهادة الله، أشدّ الظّلم. فهو إمّا الكفر، أو أشدّ منه. وعلى كلا التّقديرين، يلزم المدّعي. ويدلّ عليه – أيضا ـ ما رواه في الفقيه(٢) ، عن الحسن بن محبوب [عن أبى أيّوب ،](٣) عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في أثناء خبر. قال :

__________________

(١) آل عمران / ٦٧.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٧٦، ح ٢٣٦.

(٣) يوجد في المصدر.

١٧٠

فقلت له: أرأيت من جحد الإمام منكم ما له(١) ؟

فقال: من جحد اماما من الله(٢) وبرئ منه ومن دينه، فهو كافر مرتدّ عن الإسلام.

لأنّ الإمام من الله ودينه دين الله. ومن برئ من دين الله، فهو كافر. ودمه مباح في تلك الحال، إلّا أن يرجع ويتوب إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ ممّا قال.

[وفي عيون الأخبار(٣) ، بإسناده إلى أبي الحسن موسى ـ عليه السّلام ـ حديث طويل، يقول فيه: وإن سئلت عن الشّهادة فأدّها. فإنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ يقول:( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) . وقال الله ـ عزّ وجلّ:( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ ) ].(٤)

( وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) (١٤٠): وعيد لهم. وقرئ بالتّاء.

( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ ) (١٤١): قيل(٥) : التّكرير للمبالغة في التّحذير، والزّجر عمّا استحكم في الطّبائع، من الافتخار بالآباء والاتّكال عليهم، أو الخطاب فيما سبق لهم. وفي هذه الآية لنا، تحذيرا عن الاقتداء بهم، أو المراد بالأمّة في الأوّل، الأنبياء، وفي الثّاني، أسلاف اليهود والنّصارى.

( سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ) الّذين خفّ أحلامهم واستمهنوها بالتّقليد والإعراض عن النّظر ـ يريد المنكرين لتغيير القبلة من المنافقين واليهود والمشركين.

وفائدة تقديم الإخبار، توطين النّفس وإعداد الجواب. وفي المثل قبل الرّمي يراش السّهم.

( ما وَلَّاهُمْ ) : ما صرفهم،( عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها ) وهي بيت المقدس.

( قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) : بلاد المشرق والمغرب(٦) ، أو الأرض كلّها.

( يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (١٤٢): وهي ما توجبه الحكمة والمصلحة، من توجيههم تارة إلى بيت المقدس وأخرى إلى الكعبة.

__________________

(١) المصدر: ما حاله له. أ: ما حاله.

(٢) المصدر: برئ من الله.

(٣) عيون أخبار الرضا ١ / ٢٥ ،

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٨٦.

(٦) أ: الشرق والغرب.

١٧١

وفي تفسير الإمام ـ عليه السّلام(١) ـ عند قوله ـ عزّ وجلّ ـ( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها ) وفي الاحتجاج(٢) عنه ـ عليه السّلام ـ أيضا. قال: لـمّا كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بمكّة، أمره الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يتوجّه نحو بيت المقدس، في صلاته ويجعل الكعبة بينه وبينها، إذا أمكن، وإذا لم يمكن، استقبل بيت المقدس، كيف كان. وكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يفعل ذلك، طول مقامه بها ثلاث عشرة سنة. فلمّا كان بالمدينة وكان متعبّدا(٣) باستقبال بيت المقدس استقبله وانحرف عن الكعبة سبعة عشر شهرا(٤) .

وجعل قوم من مردة اليهود يقولون: والله ما يدري(٥) محمّد كيف صلّى(٦) حتّى يتوجّه(٧) إلى قبلتنا في صلاته بهدينا ونسكنا؟

فاشتدّ ذلك على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لما اتّصل به عنهم. وكره قبلتهم. وأحبّ الكعبة. فجاءه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ فقال له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: يا جبرئيل! لوددت لو صرفني الله عن بيت المقدس، إلى الكعبة. ولقد(٨) تأذّيت(٩) بما يتّصل بي من قبل اليهود، من قبلتهم.

فقال جبرئيل ـ عليه السّلام: فسل(١٠) ربّك أن يحوّلك إليها. فإنّه لا يردّك عن طلبتك، ولا يخيّبك من بغيتك.

فلمّا استتمّ(١١) دعاءه، صعد جبرئيل ـ عليه السّلام. ثمّ عاد من ساعته. فقال: اقرأ، يا محمّد!( قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ ) . (الآيات).

فقالت اليهود عند ذلك: ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها؟

فأجابهم الله بأحسن جواب. فقال:( قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) وهو يملكهما.

وتكليفه التّحوّل(١٢) إلى جانب، كتحويله لكم إلى جانب آخر.

__________________

(١) ر: تفسير العسكري / ٢٢٥ ـ ٢٢٧.

(٢) الاحتجاج ١ / ٤٣.

(٣) «وكان متعبدا» ليس في أ.

(٤) أ: وكان متعبدا سبعة عشر شهرا. المصدر: سبعة عشر شهرا أو سنة عشر شهرا.

(٥) المصدر: درى.

(٦) المصدر: يصلى. وهو الظاهر.

(٧) أ: حتى صار يتوجه.

(٨) المصدر: فقد. وهو الظاهر.

(٩) أ: ناديت.

(١٠) المصدر فاسأل.

(١١) أ: استقيم.

(١٢) المصدر: التحويل. وهو الظاهر.

١٧٢

( يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) هو مصلحهم(١) ومؤدّيهم بطاعته(٢) إلى جنّات النعيم.

وجاء(٣) قوم من اليهود إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقالوا: يا محمّد! هذه القبلة بيت المقدس. قد صلّيت إليها أربع عشرة سنة. ثمّ تركتها(٤) . أفحقّا كان ما كنت عليه، فقد تركته إلى باطل؟ فإنّ ما يخالف الحق فهو(٥) باطل. أو كان(٦) باطلا(٧) ، فقد كنت عليه طول [هذه](٨) المدّة؟ فما(٩) يؤمننا أن تكون الآن على باطل.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: بل ذلك كان حقّا. وهذا حقّ يقول الله تعالى:( قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ. يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) وإذا عرف صلاحكم، يا أيّها العباد! في استقبال(١٠) المشرق أمركم به، وإذا عرف صلاحكم في استقبال المغرب أمركم به، وإن(١١) عرف صلاحكم في غيرهما، أمركم به. فلا تنكروا تدبير الله تعالى في عباده وقصده إلى مصالحكم.

ثمّ قال لهم(١٢) رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: لقد تركتم العمل يوم السّبت. ثمّ عملتم به في سائر الأيام(١٣) . ثمّ تركتموه في السّبت. ثمّ عملتم بعده. أفتركتم الحقّ إلى باطل؟

أو الباطل إلى حقّ؟ او الباطل إلى باطل؟ أو الحقّ إلى الحقّ؟ قولوا: كيف شئتم؟ فهو قول محمّد وجوابه لكم.

قالوا: بل ترك العمل في السّبت، حقّ. والعمل بعده، حقّ.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: فكذلك قبلة بيت المقدس في وقته، حقّ.

ثمّ قبلة الكعبة في وقتها، حقّ.

فقالوا: يا محمّد! فبدا(١٤) لربّك فيما كان أمرك به بزعمك من الصّلاة إلى بيت المقدس، حين نقلك إلى الكعبة؟

__________________

(١) أور: مصلحتهم.

(٢) المصدر: وهو أعلم بمصلحتهم وتؤدّيهم طاعتهم.

(٣) المصدر: قال أبو محمد: وجاء.

(٤) المصدر: تركتها الآن.

(٥ و ٦ و ١٢) ليس في المصدر.

(٧) المصدر: باطلا كان ذلك.

(٨) يوجد في المصدر.

(٩) أ: فلا يؤمننا.

(١٠) المصدر: استقبالكم.

(١١) ر: وإذا.

(١٣) المصدر: ثم عملتم بعده سائر الأيّام.

(١٤) المصدر: أفبدا. وهو الظاهر.

١٧٣

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: ما بدا له عن ذلك. فإنّه العالم بالعواقب والقادر على المصالح. لا يستدرك على نفسه. غلطا. ولا يستحدث رأيا، بخلاف المتقدّم.

جلّ عن ذلك. ولا يقع عليه ـ أيضا ـ مانع يمنعه عن(١) مراده. وليس يبدو إلّا لمن كان هذا صفته(٢) . وهو ـ عزّ وجلّ ـ يتعالى عن هذه الصّفات، علوّا كبيرا.

ثمّ قال لهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: أيها اليهود! أخبروني عن الله، أليس يمرض ثمّ يصحّ ويصحّ ثمّ يمرض؟ أبدا له في ذلك؟ أليس يحيي ويميت؟ أبدا له في كلّ واحد من ذلك؟

قالوا: لا! قال: فكذلك الله تعبّد نبيّه محمّدا بالصّلاة إلى الكعبة، بعد أن كان تعبّد بالصّلاة إلى بيت المقدس. وما بدا له في الأوّل.

[ثم](٣) قال: أليس الله يأتي بالشّتاء في أثر الصّيف والصّيف بعد الشّتاء(٤) ؟ أبدا له في كلّ واحد من ذلك؟

قالوا: لا! قال: فكذلك لم يبد له في القبلة.

ثمّ قال: أليس قد ألزمكم في الشّتاء أن تحترزوا من البرد بالثّياب الغليظة، وألزمكم في الصّيف [أن تحترزوا من الحرّ. فبدا له في الصّيف](٥) حتى(٦) أمركم بخلاف ما كان أمركم به في الشّتاء؟

قالوا: لا! فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: فكذلكم الله في(٧) تعبّدكم في وقت، لصلاح يعلمه بشيء. ثم تعبده(٨) في وقت آخر، لصلاح آخر(٩) ، يعلمه بشيء اخر فإذا أطعتم الله في الحالين استحققتم ثوابه. وأنزل(١٠) الله( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ. فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ )

__________________

(١) المصدر: من.

(٢) أ: صفته. المصدر: وصفه.

(٣) يوجد في المصدر.

(٤) والصيف في أثر الشتاء.

(٥) ليس في أ.

(٦) المصدر: حين. وهو الظاهر.

(٧) ليس في ر والمصدر.

(٨) المصدر: تعبّدكم. وهو الظاهر.

(٩) ليس في المصدر.

(١٠) المصدر: فأنزل.

١٧٤

إذا(١) توجّهتم بأمره، فثمّ الوجه الّذي تقصدون منه الله وتأملون ثوابه.

ثمّ قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: يا عباد الله! أنتم المرضى(٢) والله ربّ العالمين كالطّبيب. وصلاح المريض(٣) فيما يعلمه الطّبيب ويدبّره. لا فيما يشتهيه(٤) ويقترحه.

ألا فسلّموا لله أمره، تكونوا من الفائزين (انتهى)

وهذا الخبر، كما تراه، يدل على نفي البداء لله تعالى.

وقد روى محمّد بن يعقوب(٥) ، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الرّيّان بن الصّلت. قال: سمعت الرّضا ـ عليه السّلام ـ يقول: ما بعث الله نبيّا إلّا بتحريم الخمر وأن يقرّ لله بالبداء.

فوقع(٦) التّنافي بين الخبرين.

وقد روى عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال(٧) : «لو علم النّاس ما في القول بالبداء من الأجر، ما فتروا(٨) عن الكلام فيه.»

فينبغي التّكلّم في الجمع بين الخبرين :

فأقول: البداء له معنيان :

الأوّل ـ أن يبدو له رأي غير الرّأي الأوّل لمفسدة في الرّأي الأوّل، أو لمحمدة في الرّأي الثّاني، لم يعلم به سابقا. وهو بهذا المعنى، منفيّ عنه تعالى عن ذلك علوّا كبيرا.

وهو المراد في الخبر الأوّل.

والثّاني ـ أن يكون في علمه السّابق أنّ الصّلاح في وقت معيّن، في الفعل الفلانيّ. وإذا جاز ذلك الوقت، فالمصلحة في الشيء الفلاني. وكان في علمه السّابق تغيير(٩) ذلك الشيء، إذا جاء وقته. أو كان مقرّرا في علمه السّابق أنّ زيدا(١٠) إن لم يعمل بالخيرات، مات في وقت كذا، وإن عمل، مات في وقت بعده، مع علمه بوقوع أحدهما. لكن كان ذلك العلم مخزونا عنده، لا يبديه لأحد من ملائكته وأنبيائه وأئمّته. والبداء إنّما يكون بهذا المعنى.

__________________

(١) المصدر: يعنى إذا.

(٢) المصدر: كالمرضى. وهو الظاهر.

(٣) المصدر: فصلاح المرضى.

(٤) المصدر: ويدّبره به. لا فيما يشتهيه المريض.

(٥) الكافي ١ / ١٤٨، ح ١٥.

(٦) أ: فرفع.

(٧) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٢.

(٨) أ: ما قروا ر: وما مروا.

(٩) بغير.

(١٠) أ: أنّ الصلاح في وقت معيّن في الفعل الفلاني أنّ زيدا.

١٧٥

فالبداء في الحقيقة في علم الملك أو النّبيّ أو الإمام، بمعنى الظّهور، لأحدهم، غير ما ظهر لهم أوّلا، لا في علمه تعالى بذلك المعنى. وهو المراد حيث أثبت له البداء ـ تعالى الله عمّا يقول الظّالمون.

يؤيّد هذا المعنى مارواه محمّد بن يعقوب(١) ، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار. قال: سمعت أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول: العلم علمان: فعلم عند الله مخزون. لم يطّلع عليه أحد من خلقه. وعلم علّمه ملائكته ورسله. فما علّمه ملائكته ورسله، فإنّه سيكون لا يكذّب نفسه ولا ملائكته ولا رسله. وعلم عنده مخزون، يقدّم منه ما يشاء ويثبت ما يشاء.

وأيضا، قد روى عن الصّادق ـ عليه السّلام(٢) ـ أنّه قال: إنّ لله علمين: علم مكنون مخزون لا يعلمه إلّا هو. من ذلك يكون البداء وعلم علّمه ملائكته ورسله وأنبياءه فنحن نعلمه.

( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً ) ، أي: مثل ذلك الجعل العجيب، جعلناكم أمّة.

وروى الصّدوق، يعني: أئمّة(٣) .

( وَسَطاً ) ، أي: خيارا.

وقيل(٤) . للخيار وسط. لأنّ الاطراف يتسارع إليها الخلل.

وقال الصّدوق(٥) : أي: عدلا وواسطة بين الرّسول والنّاس.

( لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ) ، يعني: يوم القيامة.

( وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) :

روى في التفاسير(٦) : أنّ الأمم يوم القيامة يجحدون تبليغ الأنبياء. فيطالب الله الأنبياء بالبيّنة على أنّهم قد بلغوا وهو أعلم. فيؤتى بأمّة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله.

فيشهدون. فتقول الأمم: من أين عرفتم؟

فيقول علمنا ذلك بإخبار الله، في كتابه النّاطق، على لسان نبيّه الصّادق.

__________________

(١) الكافي ١ / ١٤٧، ح ٦.

(٢) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٨.

(٣) بل القمي في تفسيره ١ / ٦٣.

(٤) الكشاف ١ / ١٩٨.

(٥) بل القمي في تفسيره ١ / ٦٣.

(٦) ر. تفسير القمي ١ / ١٩١+ الكشاف ١ / ١٩٩+ نور الثقلين ١ / ٤٨٢.

١٧٦

فيؤتى بمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله. فيسأل عن حال أمّته. فيزكيّهم. ويشهد بعدالتهم. وذلك قوله:( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ) .

[وفي كتاب بصائر الدّرجات(١) : عبد الله بن محمّد، عن إبراهيم بن محمّد الثّقفيّ.

قال: في كتاب بندار بن عاصم، عن الحلبيّ، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ تبارك وتعالى ـ( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ) قال: نحن الشّهداء على النّاس، بما عندهم من الحلال والحرام، وبما صنعوا(٢) منه.

وفي أصول الكافي(٣) : الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن(٤) بن عليّ الوشا، عن أحمد بن عائذ، عن عمر بن أذينة، عن يزيد العجليّ. قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ) . فقال: نحن الأمّة الوسط. ونحن شهداء الله على خلقه وحجّته في أرضه.

عليّ بن إبراهيم(٥) ، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن يزيد العجليّ. قال: قلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ تبارك وتعالى ـ( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) .

قال: نحن الأمّة الوسط].(٦) ونحن شهداء الله ـ تبارك وتعالى ـ على خلقه وحجته في أرضه وسمائه.

[والحديثان طويلان. أخذت منهما موضع الحاجة.

وبإسناده الى أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ حديث طويل يقول فيه ـ عليه السّلام(٧) :](٨)

__________________

(١) بصائر الدرجات / ٨٢، ح ١.

(٢) المصدر: ضيعوا.

(٣) الكافي ١ / ١٩٠، ح ٢.

(٤) كذا في المصدر. وفي الأصل ور: الحسين.

(٥) نفس المصدر ١ / ١٩١، ح ٤.

(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٧) الكافي ١ / ٢٥١، ح ٧.

(٨) ما بين المعقوفتين ليس في أ. وفيه بعد «عليه السّلام» توجد عبارة. والظاهر زائدة. وهي: وفي حديث ليلة القدر عنه ـ عليه السّلام.

١٧٧

لقد قضى(١) أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف. ولذلك جعلهم شهداء على الناس.

ليشهد محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ علينا. ولنشهد على شيعتنا. وليشهد شيعتنا على الناس.

[وفي مجمع البيان(٢) ، بعد ان نقل رواية يزيد بن معاويه، قال وفي رواية أخرى قال: إلينا يرجع الغالي. وبنا يلحق المقصر.

وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني(٣) ، في كتاب شواهد التنزيل بقواعد التفضيل.

بإسناده عن سليم بن قيس الهلالي، عن عليّ ـ عليه السّلام: إنّ الله تعالى إيّانا عنى بقوله:( لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ) [ويكون الرسول عليكم شهيدا](٤) فرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ شاهد علينا ونحن شهداء الله على خلقه. وحجّته في أرضه. ونحن الّذين قال الله تعالى:( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ) .

وفي تفسير العيّاشيّ(٥) : عن أبي بصير. قال: سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول: نحن نمط الحجاز.

فقلت: وما نمط الحجاز؟

قال: أوسط الأنماط. إنّ الله يقول:( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ) .» ثمّ قال: إلينا يرجع الغالي. وبنا يلحق المقصّر.

عن أبي عمرو الزّبيريّ(٦) عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال: قال الله:( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) . فإن ظننت أنّ الله عنى بهذه الآية جميع أهل القبلة من الموحّدين، أفترى. إنّ من لا يجوز شهادته في الدّنيا على صاع من تمر، يطلب الله شهادته يوم القيامة ويقبلها منه بحضرة جميع الأمم الماضية؟ كلا لم يعن الله مثل هذا من خلقه، يعني: الأمّة الّتي وجبت لها دعوة إبراهيم:( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) . وهم الأمّة الوسطى. وهم خير أمّة أخرجت للنّاس](٧)

[وفي كتاب المناقب، لابن شهر آشوب(٨) : أبو الورد، عن أبي جعفر

__________________

(١) أ: قضى الأمر.

(٢) مجمع البيان ١ / ٢٢٤.

(٣) نفس المصدر والموضع.

(٤) يوجد في أ.

(٥) تفسير العياشي ١ / ٦٣، ح ١١١.

(٦) نفس المصدر، ح ١١٤.

(٧) ما بين المعقوفتين ليس في أ. (٨) المناقب ٤ / ١٧٩.

١٧٨

ـ عليه السّلام ـ](١) ( لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ) [قال: نحن.

وفي رواية حمدان بن أعين(٢) ، عنه ـ عليه السّلام: إنّما أنزل الله:( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ) ، يعني: عدولا( لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ) ](٣) ويكون الرسول شهيدا عليكم.» قال: ولا يكون شهداء على النّاس إلّا الأئمة ـ عليهم السّلام ـ والرسول. فاما الأمّة فانّه غير جائز أن يستشهدها الله وفيهم من لا تجوز شهادته في الدنيا على حزمة بقل.

[وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفيّ(٤) ، قال: حدّثنا محمّد بن عليّ. قال: حدّثنا الحسن بن جعفر بن إسماعيل الأفطس. قال: حدّثنا أبو موسى المسرقانيّ(٥) عمران بن عبد الله. قال: حدّثنا عبد الله بن عبيد(٦) القادسيّ. قال حدّثنا: محمّد بن عليّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله تعالى:( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) ، قال: نحن الأمّة الوسط. ونحن شهداء الله على خلقه وحجّته في أرضه].(٧)

( وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها ) : هي بيت المقدس، أي: غيّرناه إلى الكعبة.

وقيل(٨) : هي الكعبة. لأنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كان يصلّي بمكّة إلى الكعبة. ثمّ أمر بالصّلاة إلى صخرة بيت المقدس، بعد الهجرة، تآلفا لليهود. ثمّ حوّل الى الكعبة. وينافيه ما رويناه سابقا، من أنّه ـ عليه السّلام ـ كان يصلّي بمكّة إلى بيت المقدس.

( إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ ) : يرتدّ عن دينه، إلفا لقبلة آبائه.

وذلك أنّ هوى أهل المدينة كان في بيت المقدس. فأمرهم بمخالفه(٩) ليبيّن من يوافق محمّدا فيما يكرهه؟ وقال: «لنعلم.» ولم يزل عالما بذلك؟ إمّا لأنّ المراد ليعلم رسول الله

__________________

(١) ليس في أ.

(٢) نفس المصدر والموضع.

(٣) ليس في أ.

(٤) تفسير الفرات / ١٣.

(٥) المصدر: المرقانىّ.

(٦) المصدر: جيد.

(٧) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٨) تفسير البحر المحيط ١ / ٤٢٣.

(٩) أ: بمخالفة. ولعل الصواب: بمخالفته.

١٧٩

والمؤمنون والإسناد إلى ذاته لأنّهم خواصّه. أو لأنّ المراد ليتميّز التّابع من النّاكص، بوضع العلم موضع التّميّز. لأنّ العلم يقع به التّميّز. أو لأنّ المراد لنعلم علما يتعلّق به الجزاء. وهو(١) أن يعلمه موجودا حاصلا. والأخير روى في التّفسير المنسوب إلى الإمام ـ عليه السّلام(٢) ـ وفي الاحتجاج(٣) ـ أيضا.

[وفي تهذيب الأحكام(٤) : الطّاطريّ، عن محمّد بن أبي حمزة، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال: سألته عن قوله ـ عزّ وجلّ ـ( وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ ) ، أمره به؟

قال: نعم! إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كان يتقلّب(٥) وجهه في السّماء.

فعلم الله ـ عزّ وجلّ. ـ ما في نفسه. فقال:( قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ. فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها ) ](٦)

( وَإِنْ كانَتْ ) :

«إن» هي المخفّفة الّتي تلزمها الّلام الفارقة. والضّمير في «كانت» للصّلاة إلى بيت المقدس، أو لما دلّ عليه قوله «وما جعلنا القبلة» من الرّدّة، أو التّحويلة، أو الجعلة.

( لَكَبِيرَةً ) لثقلية شاقّة،( إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ ) وعرف أن الله يتعبّد بخلاف ما يريده المرء، ليبتلى طاعته في مخالفة هواه.

وفي الكشّاف(٧) ، أنّه يحكى عن الحجّاج، أنّه قال للحسن: ما رأيك في أبي تراب؟

فقرأ قوله.

( إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ ) ثمّ قال: وعليّ منهم وهو ابن عمّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله. وختنه على ابنته. وأقرب النّاس إليه، وأحبّهم.

[وفي كتاب الاحتجاج(٨) ، للطّبرسيّ ـ ره ـ متّصلا باخر الكلام السّابق، أعني :قوله ـ عليه السّلام ـ «وقصده إلى مصالحكم» فقيل: يا بن رسول الله! فلم أمر بالقبلة

__________________

(١) أ: الخبر او هو.

(٢) تفسير العسكري / ٢٢٧.

(٣) الاحتجاج ١ / ٤٥.

(٤) تهذيب الأحكام ٢ / ٤٣.

(٥) ر: تقلّب. المصدر: ينقلب.

(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٧) الكشاف ١ / ٢٠١. (٨) الاحتجاج ١ / ٤٦.

١٨٠