تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب0%

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 493

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
تصنيف: الصفحات: 493
المشاهدات: 152647
تحميل: 2975


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 493 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 152647 / تحميل: 2975
الحجم الحجم الحجم
تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فلم يستجب له فأتى عيسى بن مريم ـ عليه السّلام ـ يشكو إليه ما هو فيه. ويسأله الدّعاء له.

قال: فتظهّر عيسى ـ عليه السّلام. ثمّ دعا الله. فأوحى الله إليه. يا عيسى! إنّه أتانى من غير الباب الّذي يؤتى(١) منه. إنّه دعاني وفي قلبه شكّ منك. فلو دعاني حتّى ينقطع عنقه وتنتشر أنامله، ما استجبت له.

قال: فالتفت عيسى ـ عليه السّلام ـ [اليه].(٢) وقال [له]:(٣) تدعو ربك وفي قلبك شكّ من نبيّه؟

فقال: يا روح الله وكلمته! قد كان ما قلت. فأسال الله أن يذهب به عنّي.

فدعا له عيسى ـ عليه السّلام. فتقبّل الله فيه(٤) . وصار الرّجل من جملة اهل بيته. وكذلك نحن أهل البيت. لا يقبل الله عمل عبد(٥) ، وهو يشك فينا.

( وَاتَّقُوا اللهَ ) في تغيير أحكامه،( لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (١٨٩): لكي تظفروا بالهدى والبرّ.

( وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ) : جاهدوا لإعلاء كلمته وإعزاز دينه.

( الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ ) :

قيل(٦) : كان ذلك قبل أن أمروا بقتال المشركين كافّة المقاتل منهم والمحاجز.

وقيل(٧) : معناه الّذين يناصبونكم القتال ويتوقّع منهم القتال، دون غيرهم، من المشايخ والصبيان والرهبان والنّساء، او الكفرة كلهم. فإنّهم بصدد قتال المسلمين وعلى قصده.

وفي مجمع البيان(٨) : المرويّ عن أئمتنا ـ عليهم السّلام ـ أنّ هذه الآية ناسخة(٩) لقوله تعالى(١٠) :( كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ) . وكذلك قوله(١١) :( وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ) ، ناسخ لقوله(١٢) :

__________________

(١) النسخ: اتوى.

(٢ و ٣) يوجد في المصدر.

(٤) المصدر: منه.

(٥) المصدر: عبده.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ١٠٥.

(٧) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٨) مجمع البيان ١ / ٢٨٥.

(٩) ر: منسوخة.

(١٠) النساء / ٧٧.

(١١) البقرة / ١٣٠.

(١٢) الأحزاب / ٤٨.

٢٦١

( وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ ) .

( وَلا تَعْتَدُوا ) بابتداء القتال، أو بقتال المعاهد، أو المفاجأة، من غير دعوة، أو المثلة، أو قتل من نهيتم عن قتله من النّساء والصّبيان.

( إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) (١٩٠): لا يريد بهم الخير.

( وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ) : حيث وجدتموهم، في حلّ أو حرم.

وأصل الثّقف، الحذق في إدراك الشّيء، علما كان أو عملا. فهو يتضمّن معنى الغلبة. ولذلك استعمل فيها.

قال(١) :

فأمّا تثقفوني فاقتلوني

فمن أثقف فليس إلى خلود

( وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ) ، أي: مكّة. وقد فعل ذلك لمن لم يؤمن يوم الفتح.

( وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ) ، أي: المحنة الّتي يفتتن بها الإنسان كالإخراج من الوطن، أصعب من القتل، لدوام تعبها وتألّم النّفس بها.

وقيل(٢) : معناه شركهم في الحرم، وصدّهم إيّاكم عنه، أشدّ من قتلكم إيّاهم فيه.

( وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ ) ، أي: لا تفاتحوهم بالقتال وهتك حرمة المسجد.

( فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ) : فلا تبالوا بقتالهم ثمّة. فإنّهم الّذين هتكوا حرمته.

وقرأ حمزة والكسائيّ(٣) : ولا تقتلوهم حتّى يقتلوكم فإن قتلوكم. والمعنى: حتّى يقتلوا بعضكم(٤) .

( كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ ) (١٩١): مثل ذلك جزاؤهم. يفعل بهم، مثل ما فعلوا.

( فَإِنِ انْتَهَوْا ) عن القتال والكفر،( فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (١٩٢): يغفر لهم ما قد سلف.

( وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ) : شرك.

( وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ) خالصا ليس للشّيطان فيه نصيب.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ١٠٥.

(٢) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٣) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٤) أ: بعضهم.

٢٦٢

وفي مجمع البيان(١) : وفي الآية دلالة على وجوب إخراج الكفّار من مكّة، لقوله :( حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ) . والسّنّة، أيضا، قد وردت بذلك. وهو قوله ـ عليه السّلام: لا يجتمع في جزيرة العرب دينان.

( فَإِنِ انْتَهَوْا ) عن الشرك،( فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ) (١٩٣) أي: لا تعتدوا عليهم إذ لا يحسن الظّلم، إلّا على من ظلم. فوضع العلّة موضع الحكم. وسمّى جزاء الظّلم باسمه، للمشاكلة. أو إنّكم إن تعرّضتم للمنتهين، صرتم ظالمين ويحسن العدوان عليكم.

و «الفاء» الأولى، للتّعقيب، والثّانية، للجزاء.

وفي تفسير العيّاشيّ(٢) : عن الحسن بياع(٣) الهرويّ، يرفعه عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ في قوله:( فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ) ، قال: إلّا على ذرّيّة قتلة الحسين ـ عليه السّلام.

عليّ بن ابراهيم(٤) قال: أخبر من رواه عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال: قلت: لا عدوان إلّا على الظّالمين.

قال: لا يعتدي الله على أحد إلّا على نسل(٥) ولد قتلة الحسين ـ عليه السّلام.

وفي هذا الخبر، إشكال بحسب المعنى. لأنّه إن أريد بالاعتداء الزّيادة في العذاب.

على قدر(٦) العمل، لا يجوز إسناده إلى الله ـ عزّ وجلّ. لأنّه عدل. لا يجوز. وإن أريد مجازاة العمل القبيح، لا يختصّ بذرّيّة قتلة الحسين ـ عليه السّلام. وأيضا الإشكال في مؤاخذة ذرّيّة قتلة الحسين ـ عليه السّلام ـ بأعمال آبائهم.

ويمكن أن يقال: المراد بالاعتداء، العذاب الغليظ المتجاوز عمّا يحيط به العقل.

وذلك بسبب شدّة قبح أعمال آبائهم. والقبيح منهم الرّضا بفعال أسلافهم. وعدم(٧) اللّعن عليهم في ليلهم ونهارهم وقبيح عمل غيرهم ليس بهذه المثابة وإن كان ملحقا بهم ومن جملتهم. فيحسن الاعتداء بهذا المعنى عليه، أيضا.

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ٢٨٦.

(٢) تفسير العيّاشي ١ / ٨٦، ح ٢١٤.

(٣) كذا في المصدر وفي النسخ. والظاهر أنّه «البياع».

(٤) نفس المصدر ١ / ٨٧، ح ٢١٦.

(٥) ليس في أ.

(٦) ر: بقدر.

(٧) أ: وعدهم.

٢٦٣

( الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ ) :

قيل(١) : قاتلهم المشركون عام الحديبية، في ذي القعدة. واتّفق خروجهم لعمرة القضاء فيه. فكرهوا أن يقاتلوهم فيه، لحرمته. فقيل لهم: هذا الشّهر بذاك. وهتكه بهتكه.

فلا تبالوا به.

( وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ ) ، أي: كلّ حرمة يجرى فيها القصاص: فلمّا هتكوا حرمة شهركم بالصّدّ، فافعلوا مثله.

وفي مجمع البيان(٢) : والحرمات قصاص، قيل(٣) : [فيه قولان: أحدهما ـ أنّ الحرمات قصاص بالمراغمة](٤) بدخول البيت في الشّهر الحرام.

قال(٥) مجاهد: لأنّ قريشا فخرت بردّها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عام الحديبية، محرما في ذي القعدة، عن البلد الحرام. فأدخله الله ـ عزّ وجلّ ـ مكّة في العام المقبل، في ذي القعدة. فقضى عمرته. واقتصّه(٦) بما حيل بينه وبينه.

قال(٧) : وروى عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ مثله.

وفي تفسير العيّاشيّ(٨) : عن العلا بن فضيل قال: سألته عن المشركين، أيبتدئهم(٩) المسلمون بالقتال في الشّهر الحرام؟

فقال: إذا كان المشركون ابتدؤوهم باستحلالهم، ثمّ رأى المسلمون انّهم يظهرون عليهم فيه. وذلك قوله( الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ ) .

( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) في الحرم،( فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) في الحرم.

وفي تهذيب الأحكام(١٠) : موسى بن القسم، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: قلت له: رجل قتل رجلا في الحرم. وسرق في الحرم.

فقال: يقام عليه الحدّ وصغار له. لأنّه لم ير للحرم حرمة. وقد قال الله تعالى :

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ١٠٦.

(٢) مجمع البيان ١ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨.

(٣) ليس في ر.

(٤) ليس في أ.

(٥) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٦) أ: أقتضاه. المصدر: أقصه.

(٧) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٨) تفسير العياشي ١ / ٨٦، ح ٢١٥.

(٩) أو المصدر: أيبتدء بهم.

(١٠) تهذيب الأحكام ٥ / ٤١٩، ح ١٤٥٦.

٢٦٤

[( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ ]) (١) ( فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) ، يعني: في الحرم. وقال:( فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ) .

( وَاتَّقُوا اللهَ ) في الانتصار. ولا تعتدوا إلى(٢) ما لم يرخّص لكم.

( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) . (١٩٤): فيحرسهم ويصلح شأنهم.

( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ) . ولا تمسكوا كلّ الإمساك.

( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) بالإسراف وتضييع وجه المعاش، أو بالكفّ عن الغزو والإنفاق فيه. فإنّه يقوّي العدوّ ويسلّطهم على إهلاككم، أو بالإمساك وحبّ المال. فإنّه يؤدّى إلى الهلاك المؤبّد. ولذلك سمّي البخل، هلاكا. وهو في الأصل انتهاء الشّيء في الفساد والإلقاء طرح الشّيء.

وعدّي بإلى، لتضمّن معنى الانتهاء.

والباء مزيدة.

والمراد بالأيدي، الأنفس.

والتّهلكة والهلاك والهلك، واحد فهي مصدر، كالتّضرّة والتّسرّة، أي: لا توقعوا أنفسكم في الهلاك.

وقيل(٣) : معناه لا تجعلوها أخذة بأيديكم. أو لا تلقوا بأيديكم أنفسكم إليها. فحذف المفعول.

[( وَأَحْسِنُوا ) أعمالكم وأخلاقكم. وتفضّلوا على المحاويج.

( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (١٩٥) ويجازيهم أحسن جزاء على الإحسان].(٤)

وفي الكافي(٥) : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن حمّاد اللّحّام، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: لو أنّ رجلا أنفق ما في يديه في سبيل من سبيل الله، ما كان أحسن ولا أوفق. أليس يقول الله ـ عزّ وجلّ:( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) ؟ يعني: المقتصدين.

__________________

(١) ليس في أ.

(٢) الظاهر: على.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ١٠٦.

(٤) ما بين المعقوفتين يوجد في أ، فقط.

(٥) الكافي ٤ / ٥٣، ح ٧.

٢٦٥

وفي عيون الأخبار(١) ، في باب ذكر مولد الرّضا ـ عليه السّلام: ملك عبد الله المأمون عشرين(٢) سنة وثلث وعشرين يوما. فأخذ في(٣) البيعة في ملكه لعليّ بن موسى الرّضا ـ عليه السّلام ـ بعهد المسلمين من غبر رضاه. وذلك بعد أن تهدّده(٤) بالقتل وألحّ عليه مرّة بعد أخرى، في كلّها يأتى(٥) عليه من(٦) يأتيه(٧) حتى أشرف على الهلاك. فقال ـ عليه السّلام: أللّهمّ إنّك قد نهيتني عن الإلقاء بيدي إلى التّهلكة. وقد أكرهت واضطررت كما أشرفت من قبل عبد الله المأمون على القتل متى(٨) لم أقبل ولاية عهده. وقد أكرهت واضطررت كما اضطرّ يوسف ودانيال ـ عليهما السّلام ـ إذ قبل كلّ واحد منهما الولاية من طاغية زمانه.

اللهمّ لا عهد إلّا عهدك ولا ولاية(٩) إلّا من قبلك. فوفّقني لإقامة دينك وإحياء سنّة نبيّك.

فإنّك أنت المولى(١٠) والنّصير. ونعم المولى أنت ونعم النّصير.

ثمّ قبل ولاية العهد من المأمون وهو باك حزين على أن لا يوالي أحدا، ولا يعزل أحدا، ولا يغيّر رسما(١١) ولا سنّة. وأن يكون في الأمر مشيرا(١٢) من بعيد.

وفي خبر آخر طويل(١٣) ، قال له المأمون، بعد أن أبى من قبول العهد: فبالله أقسم، لئن قبلت ولاية العهد. وإلّا أجبرتك على ذلك. فإن فعلت وإلّا ضربت عنقك.

فقال الرّضا ـ عليه السّلام: قد نهاني الله ـ عزّ وجلّ ـ أن ألقي بيدي الى التّهلكة.

فإن كان الأمر على هذا، فافعل ما بدأك. فأنا(١٤) أقبل على أن(١٥) لا أوالي أحدا ولا أعزل أحدا ولا أنقض رسما ولا سنّة. وأكون في الأمر من بعيد مشيرا.

فرضي منه بذلك فجعله(١٦) وليّ عهده على كراهة منه ـ عليه السّلام ـ لذلك(١٧) .

__________________

(١) عيون أخبار الرضا ١ / ١٦، ح ١.

(٢) ليس في ر.

(٣) ليس في المصدر. (ظ)

(٤) المصدر: هدّده.

(٥) المصدر: يأبي. (ظ)

(٦) المصدر: حتّى أشرف من.

(٧) المصدر: تأبيه.

(٨) المصدر: منى إن.

(٩) المصدر: ولاية لي.

(١٠) المصدر: وأنت.

(١١) ر: رسم. (١٢) ر: بشير.(١٣) نفس المصدر ونفس الموضع.

(١٤) المصدر: وإنّا. (ظ) (١٥) المصدر: أنّي. (١٦) المصدر: وجعله. (ظ) (١٧) المصدر: بذلك.

٢٦٦

وفي من لا يحضره الفقيه(١) ، في الحقوق المرويّة عن عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام: وحقّ السّلطان، أن تعلم أنّك جعلت له فتنة. وأنّه مبتلى فيك بما جعله الله ـ عزّ وجلّ ـ له عليك من السّلطان. وأنّ عليك أن لا تتعرّض لسخطه، فتلقى بيدك إلى التّهلكة. وتكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء.

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة(٢) ، بإسناده إلى سلمان الفارسيّ ـ رحمه الله ـ عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ في حديث طويل. يقول فيه لعليّ ـ عليه السّلام: يا أخي! أنت سيفي(٣) من بعدي وستلقى من قريش شدّة. ومن تظاهرهم عليك وظلمهم لك. فإن وجدت عليهم أعوانا، فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك.

وإن لم تجد أعوانا، فاصبر وكفّ يدك ولسانك. ولا تلق بها إلى التّهلكة.

وفي أصول الكافي(٤) : عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن الحسن بن الجهم قال: قلت للرّضا ـ عليه السّلام: أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ قد عرف قاتله واللّيلة التي يقتل فيها والموضع الّذي يقتل فيه. وقوله لـمّا سمع صياح الإوزّ في الدّار: «صوائح تتبعها نوائح.» وقول أمّ كلثوم: «لو صلّيت اللّيلة داخل الدّار. وأمرت غيرك يصلّي بالنّاس.» فأبى عليها. وكثر دخوله وخروجه تلك اللّيلة بلا سلاح. وقد عرف ـ عليه السّلام ـ أنّ ابن ملجم ـ لعنه الله ـ قاتله بالسّيف. كان هذا ممّا لا يحسن(٥) تعرّضه.

فقال: ذلك كان ولكنّه جبن(٦) في تلك اللّيلة لتمضي مقادير الله ـ عزّ وجلّ.

وفي أمالي الصّدوق ـ رحمه الله(٧) ـ بإسناده إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال: طاعة السّلطان، واجبة. ومن ترك طاعة السّلطان، فقد ترك طاعة الله. ودخل في نهيه. إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) .

[وأحسنوا أعمالكم وأخلاقكم. وتفضّلوا على المحاويج. إنّ الله يحبّ المحسنين.

ويجازيهم أحسن جزاء على الإحسان.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٣٧٧، ح ١٦٢٦.

(٢) كمال الدين وتمام النعمة ١ / ٢٦٤، ح ١٠.

(٣) المصدر: ستبقى. (ظ)

(٤) الكافي ١ / ٢٥٩، ح ٤.

(٥) المصدر: لم يجز.

(٦) المصدر: خيّر. (ظ)

(٧) أمالى الصدوق / ٢٧٧، مجلس ٥٤، ح ٢٠.

٢٦٧

وفي محاسن البرقيّ(١) ، عنه، عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد. قال: سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول: إذا أحسن المؤمن عمله، ضاعف الله عمله بكلّ حسنة سبعمائة. وذلك قول الله ـ تبارك وتعالى:( يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ ) . فأحسنوا أعمالكم الّتي يعملونها لثواب الله.

فقلت له: وما الإحسان؟

قال: فقال: إذا صلّيت، فأحسن ركوعك وسجودك. وإذا صمت، فتوقّ كلّ ما فيه فساد صومك. وإذا حججت، فتوقّ ما يحرم عليك في حجّك وعمرتك.

قال: وكلّ عمل يعمله لله، فليكن نقيّا من الدّنس(٢) .]

( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) ، أي ائتوا بهما تأمين لوجه الله. وهو يدلّ على وجوبهما.

وفي مجمع البيان(٣) :( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) ، أي: أتمّوهما بمناسكهما وحدودهما وتأدية كلّ ما فيهما.

وقيل: أقيموهما إلى آخر ما فيهما. وهو المرويّ عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وعلي بن الحسين ـ عليهما السّلام.

والظّاهر أنّ ما ذكره من المعنيين، مع ما أوردنا، متّحد.

وفي عيون الأخبار(٤) ، في باب ما كتبه الرّضا ـ عليه السّلام ـ للمأمون، من محض الإسلام وشرائع الدّين: ولا يجوز القرآن والإفراد الّذي يستعمله العامّة إلّا لأهل مكّة وحاضريها. ولا يجوز الإحرام دون الميقات. قال الله ـ عزّ وجلّ:( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) .

وفي كتاب الخصال(٥) : عن الأعمش، عن جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ قال: هذه شرائع الدّين ـ إلى أن قال عليه السّلام ـ ولا يجوز القرآن والإفراد إلّا لمن كان أهله حاضري المسجد الحرام. ولا يجوز الإحرام قبل بلوغ الميقات ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلّا لمرض أو تقيّة. وقد قال الله تعالى:( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) . وتمامهما اجتناب الرّفث والفسوق والجدال، في الحجّ.

وفي كتاب علل الشّرائع(٦) : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضى الله

__________________

(١) المحاسن / ٢٥٤، ح ٢٨٣.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) مجمع البيان ١ / ٢٩٠.

(٤) عيون أخبار الرضا ٢ / ١٢٢، ح ١.

(٥) الخصال ٢ / ٦٠٦، ح ٩.

(٦) علل الشرائع ٢ / ٤٠٨، ح ١.

٢٦٨

عنه. قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن العبّاس بن معروف، عن عليّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير. وحمّاد وصفوان بن يحيى وفضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: العمرة واجبة على الخلق، بمنزلة الحجّ من استطاع. لأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) . وإنّما نزلت العمرة بالمدينة. وأفضل العمرة، عمرة رجب.

حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضى الله عنه(١) ـ قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصّفّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن حمّاد بن عيسى، عن أبان بن عثمان، عمّن أخبره، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: قلت له: لم سمّي الحجّ، حجّا؟

قال: حجّ فلان، أي: أفلح فلان.

وفي الكافي(٢) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة.

قال: كتبت إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ بمسائل بعضها مع ابن بكير وبعضها مع أبي العبّاس فجاء الجواب بإملائه: سألت عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) ، يعني به: الحجّ والعمرة، جميعا. لأنّهما مفروضان.

وسألته عن قول الله تعالى:( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) . قال: يعني بتمامهما أداءهما واتّقاء ما يتّقى المحرم فبهما.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

الحسين بن محمّد(٣) عن معلّى بن محمّد، عن الحسين بن عليّ، عن أبان(٤) ، عن الفضل [بن شاذان، عن](٥) أبي العبّاس، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) ، قال: هما مفروضان.

عدّة من أصحابنا(٦) ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، في قول الله تعالى:( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) ، قال: إتمامهما أن لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحجّ.

__________________

(١) نفس المصدر ٢ / ٤١١، ح ١.

(٢) الكافي ٤ / ٢٦٤، ح ١.

(٣) نفس المصدر ٤ / ٢٦٥، ح ٢.

(٤) المصدر: أبان بن عثمان.

(٥) ليس في المصدر.

(٦) نفس المصدر ٤ / ٣٧٧، ح ٢.

٢٦٩

ابن أبي عمير(١) ، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحجّ على من استطاع. لأنّ الله تعالى يقول:( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) . وإنّما نزلت العمرة بالمدينة.

قال: قلت له: فمن تمتّع بالعمرة إلى الحجّ أيجزي ذلك عنه؟

قال: نعم.

وفي تهذيب الأحكام(٢) : روى موسى بن القسم، عن حمّاد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام. قال: العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحجّ. لأنّ الله تعالى يقول:( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) . وإنّما نزلت العمرة بالمدينة.

وفي الكافي(٣) : محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن جابر، عن أبي جعفر(٤) ـ عليه السّلام ـ قال: تمام الحجّ لقاء الإمام.

عليّ بن إبراهيم(٥) ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير. ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى. وابن أبي عمير، جميعا، عن معاوية بن عمّار ـ قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: إذا أحرمت فعليك بتقوى الله، وذكر الله كثيرا، وقلّة الكلام، إلّا بخير. فإنّ من تمام الحجّ والعمرة أن يحفظ المرء لسانه، إلّا من خير، كما قال الله تعالى. فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ، فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ ) . (الحديث).

وفي عيون الأخبار(٦) ، بإسناده إلى إسماعيل بن مهران، عن جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ قال: إذا حجّ أحدكم، فليختم حجّه بزيارتنا. لأنّ ذلك من تمام الحجّ.

( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ ) : منعتم.

يقال: حصره العدوّ، وأحصره، إذا حبسه ومنعه عن المضيّ، مثل: صدّ وأصدّ.

قيل(٧) : المراد حصر العدوّ، لقوله تعالى( فَإِذا أَمِنْتُمْ ) ، ولنزوله في الحديبية، ولقول

__________________

(١) نفس المصدر ٤ / ٢٦٥، ح ٤.

(٢) تهذيب الأحكام ٥ / ٤٣٣، ح ١٥٠٢.

(٣) الكافي ٤ / ٥٤٩، ح ٢.

(٤) ر: أبي عبد الله ـ عليه السّلام.

(٥) نفس المصدر ٤ / ٣٣٧، ح ٣.

(٦) عيون أخبار الرضا ٢ / ٢٦٢، ح ٢٨.

(٧) مجمع البيان / ٢٩٠.

٢٧٠

ابن عبّاس: لا حصر إلّا حصر العدوّ.

وقيل(١) : وكلّ من منع من عدوّ ومرض. أو غيرهما لما روي عنه ـ عليه السّلام(٢) ـ من كسر أو عرج، فقد حلّ. فعليه الحجّ من قابل.

والتّحقيق: أنّ المحصور، هو المحصور بالمرض. والمصدود بالعدوّ. وإن كان المراد بالحصر بالقرينة، هو العموم هنا.

( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) ، أي: فعليكم ما استيسر، فالواجب ما استيسر، أو فاهدوا ما استيسر.

والمعنى: إن أحصر المحرم وأراد أن يتحلّل، تحلّل بذبح هدي يسر عليه من بدنة، أو بقرة، أو شاة.

وفي الكافي(٣) : عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن عبد الله بن فرقد، عن حمران، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ حين صدّ بالحديبية، قصّر وأحلّ ونحر. ثمّ انصرف منها. ولم يجب عليه الحلق حتّى يقضي النّسك. فأمّا المحصور، فإنّما يكون عليه التقصير.

عليّ بن إبراهيم(٤) ، عن أبيه، عن ابن أبى عمير. ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، وصفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: سمعته يقول: المحصور غير المصدود المحصور المريض. والمصدود الّذي يصدّه المشركون، كما رووا عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ(٥) ليس من مرض. والمصدود تحلّ له النّساء. والمحصور لا تحلّ له النّساء.

قال: وسألته عن رجل أحصر وبعث بالهدى.

قال: يواعد أصحابه ميعادا، إن كان في الحجّ، فمحلّ الهدي يوم النّحر. فإذا كان يوم(٦) النّحر، فليقصّ من رأسه. ولا يجب عليه الحلق، حتّى يقضي المناسك. وإن كان في عمرة، فلينتظر مقدار دخول أصحابه مكّة والسّاعة الّتي يعدهم فيها. فإذا كان تلك

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ٢٩٠.

(٢) ر. أنوار التنزيل ١ / ١٠٦.

(٣) الكافي ٤ / ٣٦٨، ح ١.

(٤) نفس المصدر ٤ / ٣٦٩، ح ٣.

(٥) المصدر: كما ردّوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأصحابه. (ظ)

(٦) «فإذا كان يوم النحر» ليس في ر.

٢٧١

السّاعة، قصّر وأحلّ. وإن كان مرض في الطّريق، بعد ما يخرج(١) فأراد الرّجوع رجع إلى أهله ونحر بدنة أو أقام مكانه، حتّى يبرأ إذا كان في عمرة. وإذا برئ، فعليه العمرة واجبة.

وإن كان عليه الحجّ، رجع أو أقام(٢) ففاته الحجّ، فإنّ عليه الحجّ من قابل. فإنّ الحسين بن عليّ ـ صلوات الله عليه ـ خرج معتمرا. فمرض في الطّريق. فبلغ عليّا ـ عليه السّلام ـ ذلك وهو في المدينة. فخرج في طلبه. فأدركه بالسّقيا(٣) . وهو مريض بها.

فقال: يا بنيّ! ما تشكي؟

فقال: أشتكي رأسي.

فدعا عليّ ـ عليه السّلام ـ ببدنة. فنحرها. وحلق رأسه. وردّه إلى المدينة. فلمّا برئ من وجعه، اعتمر.

قلت: أرأيت حين برئ من وجعه قبل أن يخرج إلى العمرة حلّ له النّساء؟

قال: لا تحلّ له النّساء حتّى يطوف بالبيت وبالصّفا والمروة.

قلّت: فما بال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ حين رجع من الحديبية حلّت له النّساء ولم يطف بالبيت؟

قال: ليسا سواء كان النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ مصدودا والحسين ـ عليه السّلام ـ محصورا.

عدّة من أصحابنا(٤) ، عن أحمد بن محمّد. وسهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب(٥) ، عن زرارة، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: إذا أحصر الرّجل بعث بهديه.

فإذا أفاق ووجد من نفسه خفّة، فليمض إن ظنّ أنّه يدرك النّاس. فإن قدم مكّة قبل أن ينحر الهدي، فليقم على إحرامه، حتّى يفرغ من جميع المناسك ولينحر هديه. ولا شيء عليه.

وإن قدم مكّة وقد نحر هديه، فإنّ عليه الحجّ من قابل أو(٦) العمرة.

قلت: فإن مات وهو محرم قبل أن ينتهي إلى مكّة؟

قال: يحجّ عنه، إن كانت حجّة الإسلام. ويعتمر. إنّما هو شيء عليه.

عليّ بن إبراهيم(٧) ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن

__________________

(١) المصدر: أحرم. (ظ)

(٢) أ: وأقام. ر: أو قام.

(٣) أ: بالسفيار. ر: بالسقيار.

(٤) نفس المصدر ٤ / ٣٧٠، ح ٤.

(٥) أ: ابن رقاب.

(٦) أ: و.

(٧) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٥.

٢٧٢

أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في المحصور ولم يسق الهدي، قال: ينسّك. ويرجع. فإن لم يجد ثمن هدي، صام.

عدّة من أصحابنا(١) ، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن مثنّى، عن زرارة، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: إذا أحصر الرّجل، فبعث بهديه، فآذاه رأسه قبل أن ينحر هديه، فإنّه يذبح ستّة مساكين. الّذي أحصر(٢) فيه، أو يصوم، أو يتصدّق. والصّوم ثلاثة أيّام. والصّدقة(٣) على ستّة مساكين. ونصف صاع لكلّ مسكين.

سهل(٤) ، عن ابن أبي نضر، عن رفاعة، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال: سألته عن الرّجل يشترط وهو ينوي المتعة، فيحصر، هل يجزئه أن لا يحجّ من قابل؟

قال: يحجّ من قابل. والحاجّ مثل ذلك إذا أحصر.

قلت: رجل ساق الهدى ثمّ أحصر.

قال: يبعث بهديه.

قلت: هل يتمتّع(٥) من قابل؟

قال: لا. ولكن يدخل في مثل ما خرج منه.

حميد بن زياد(٦) ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن المثنّى، عن أبان، عن زرارة، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: المصدود(٧) يذبح حيث صدّ. ويرجع صاحبه. فيأتي النّساء. او المحصور: يبعث بهديه. ويعدهم يوما. فإذا بلغ الهدي، أحلّ هذا في مكانه.

قلت له: أرأيت أن ردوا(٨) عليه دراهمه ولم يذبحوا عنه وقد أحكّ فأتى النّساء؟

قال: فليعد وليس عليه شيء. وليمسك العام عن النّساء، إذا بعث.

وفي عيون الأخبار(٩) ، في باب العلل الّتي ذكر الفضل بن شاذان، أنّه سمعها من الرّضا ـ عليه السّلام: فإن قال فلم أمروا بحجّة واحدة لا أكثر من ذلك؟ قيل له: لأنّ الله

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٦.

(٢) أ: حصر.

(٣) أ: أو صدقة.

(٤) نفس المصدر ٤ / ٣٧١، ح ٧.

(٥) المصدر: يستمتع. (ظ)

(٦) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٩.

(٧) ليس في ر.

(٨) ليس في ر.

(٩) عيون أخبار الرضا ٢ / ١١٨، ح ١.

٢٧٣

تعالى وضع الفرائض على أدنى القوم قوّة(١) . كما قال ـ عزّ وجلّ:( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) ، يعني: بشاة ليسع القويّ والضّعيف. وكذلك سائر الفرائض. إنّها وضعت على أدنى القوم قوّة(٢) .

( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) .، أي: لا تحلقوا حتّى تعلموا أنّ الهدي المبعوث بلغ محلّه، أي: حيث يحلّ ذبحه فيه.

والمحلّ (بالكسر) يطلق للمكان والزّمان.

والهدي، جمع هدية، كجدي وجدية وقرئ الهدي جمع هديّة، كمطيّ ومطيّة.

وفي الكافي(٣) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه. ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ حين حجّ حجّة الوداع(٤) ، خرج في أربع بقين من ذي القعدة، حتّى أتى الشّجرة. فصلّى بها. ثمّ قاد راحلته حتّى أتى البيداء. فأحرم منها.

وأهلّ بالحجّ وساق مائة بدنة. وأحرم(٥) النّاس كلّهم بالحجّ، لا ينوون عمرة(٦) ، ولا يدرون ما المتعة، حتّى إذا قدم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ مكّة، طاف بالبيت. وطاف النّاس معه. ثمّ صلّى ركعتين عند المقام. واستلم الحجر ثم قال: «أبدأ بما بدأ الله به.

فأتى الصّفا. فبدأ بها ثمّ طاف بين الصّفا والمروة، سبعا. فلمّا قضى طوافه عند المروة، قام خطيبا. فأمرهم أن يحلّوا ويجعلوها عمرة. وهو شيء أمر الله تعالى به. فأحلّ النّاس.

وقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: لو كنت استقبلت من أمري، ما استدبرت لفعلت كمّا أمرتكم. ولم يكن(٧) يستطيع ان(٨) يحلّ من أجل الهدي الّذي معه(٩) .

إنّ الله تعالى يقول:( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) .

فقال سراقة بن مالك بن خثعم(١٠) : يا رسول الله! علّمنا ديننا. كأنّنا خلقنا اليوم.

__________________

(١) ليس في أور. وفي المصدر: مرّة.

(٢) ليس في ر.

(٣) الكافي ٤ / ٢٤٨، ح ٦.

(٤) المصدر: الإسلام.

(٥) ر: إحرام.

(٦) أ: لا ينوون عمرة ولا يدرون عمرة.(٧) «يكن» ليس في أ.

(٨) ر: من أن.(٩) المصدر: كان معه.

(١٠) المصدر: جعشم.

٢٧٤

أرأيت هذا الّذي أمرتنا به لعامنا هذا أو لكلّ عام؟

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: بل(١) لأبد الأبد.

وإنّ رجلا قام. فقال: يا رسول الله! نخرج حجّاجا ورؤوسنا تقصر.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: انك(٢) لن تؤمن بها أبدا.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

وفي كتاب علل الشرائع(٣) : حدّثنا محمّد بن الحسن ـ رحمه الله ـ قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصّفّار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في حجّة الوداع، لـمّا فرغ من السّعي، قام عند المروة، فخطب النّاس، فحمد الله، وأثنى عليه. ثمّ قال: يا معشر النّاس! هذا جبرئيل ـ وأشار بيده إلى خلفه ـ يأمرني أن آمر من لم يسق هديا، أن يحلّ. ولو استقبلت من أمري ما استدبرت. لفعلت كما أمرتكم.

ولكنّي سقت الهدي. وليس لسائق الهدي أن يحلّ، حتّى يبلغ الهدى محلّه.

فقام إليه سراقة بن مالك بن خثعم(٤) الكنانيّ. فقال: يا رسول الله! علّمنا ديننا.

فكأنّنا خلقنا اليوم. أرأيت هذا الّذي أمرتنا به لعامنا(٥) ؟

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: لا بل لأبد الأبد.

وإنّ رجلا قام. فقال: يا رسول الله! نخرج حجّاجا ورؤوسنا تقصر.

فقال له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: إنّك لن تؤمن بها أبدا.

حدّثنا أبي(٦) ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضى الله عنه ـ قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن القسم بن محمّد الأصفهانيّ، عن سليمان بن داود المنقريّ، عن فضيل بن عياض قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن اختلاف النّاس في الحجّ.

فبعضهم يقول: خرج رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ محلّا بالحجّ، وقال بعضهم: محلّا بالعمرة، وقال بعضهم: خرج قارنا، وقال بعضهم: خرج ينتظر أمر الله ـ عزّ وجلّ.

فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: علم الله ـ عزّ وجلّ ـ أنّها حجّة لا يحجّ رسول الله ـ

__________________

(١) المصدر: لا بل.

(٢) أ: بل إنّك.

(٣) علل الشرائع ٢ / ٤١٣، ح ٢.

(٤) المصدر: جشعم.

(٥) المصدر: لعامنا أو لكلّ عام.

(٦) نفس المصدر ٢ / ٤١٤، ح ٣.

٢٧٥

صلّى الله عليه وآله ـ بعدها أبدا. فجمع الله ـ عزّ وجلّ ـ له ذلك كلّه في سفرة واحدة، ليكون جميع ذلك سنّة لأمّته فلمّا طاف بالبيت وبالصّفا والمروة، أمره جبرئيل ـ عليه السّلام ـ أن يجعلها عمرة إلّا من كان معه هدى، فهو محبوس على هديه، لا يحلّ قوله(١) ـ عزّ وجلّ:( حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) فجمعت له العمرة والحجّ. وكان خرج على خروج العرب الأوّل. لأنّ العرب كانت لا تعرف الا الحجّ. وهو في ذلك ينتظر أمر الله ـ عزّ وجلّ.

وهو يقول ـ عليه السّلام: النّاس على أمر جهالتهم(٢) ، إلّا ما غيّره الإسلام. وكانوا لا يرون العمرة في أشهر الحجّ. فشقّ على أصحابه حين قال: «اجعلوها عمرة.» لأنّهم كانوا لا يعرفون العمرة في أشهر الحجّ. وهذا الكلام من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إنّما كان في الوقت الّذي أمرهم فيه بفسخ الحجّ. وقال: «دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة.» وشبك بين أصابعه، يعني: في أشهر الحجّ(٣) .

قلت: فيتعبّا(٤) بشيء من امر الجاهليّة؟

قال إنّ الجاهليّة(٥) ضيّعوا كلّ شيء من دين(٦) ابراهيم ـ عليه السّلام ـ إلّا الختان والتّزويج والحجّ. فإنّهم تمسّكوا به. ولم يضيّعوها.

( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً ) مرضا يحوجه إلى الحق،( أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ ) من جراحة وقمل.

( فَفِدْيَةٌ ) : فعليه فدية إن حلق،( مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) : بيان لجنس الفدية.

وأمّا قدرها، ففي الكافي(٧) : عليّ عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: مرّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ على كعب بن عجرة والقمل يتناثر من رأسه وهو محرم. فقال له: أتؤذيك هو امّك؟ فقال: نعم.

فأنزلت هذه الآية:( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) .

__________________

(١) المصدر: لقوله. (ظ)

(٢) كذا في النسخ. وفي المصدر: جاهليتهم. (ظ)

(٣) بعد هذه العبارة توجد في أ: وهذا الكلام من رسول الله ـ صلى الله عليه وآله.

(٤) المصدر: أفيعتد.

(٥) فقال: إن أهل الجاهلية.

(٦) المصدر وأ: دون.

(٧) الكافي ٤ / ٣٥٨، ح ٢.

٢٧٦

فأمره رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن يحلق وجعل الصّيام ثلاثة أيّام. والصّدقة على ستّة مساكين، لكلّ مسكين مدّين. والنّسك، شاة.

قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: وكلّ شيء من القرآن أو فصاحبه بالخيار. يختار ما شاء. وكلّ شيء(١) في القرآن. فمن لم يجد كذا، فعليه كذا. فالأولى بالخيار.

عدّة من أصحابنا(٢) ، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن مثنّى، عن زرارة، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: إذا أحصر الرّجل، فبعث بهديه، فآذاه رأسه قبل أن ينحر هديه، فإنّه يذبح شاة في المكان الّذي أحصر فيه، أو يصوم، أو يتصدّق. والصّوم ثلاثة أيّام. والصّدقة على ستّة مساكين، نصف صاع لكلّ مسكين.

وفي من لا يحضره الفقيه(٣) : ومرّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ على كعب بن عجرة الأنصاريّ وهو محرم وقد أكل القمل رأسه وحاجبيه وعينيه. فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: ما كنت أرى أنّ الأمر يبلغ ما أرى.

فأمره. فنسك عنه، نسكا. وحلق رأسه. يقول الله:( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ، فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) . فالصّيام ثلاثة أيّام. والصّدقة على ستّة مساكين، لكلّ مسكين صاع من تمر والنّسك، شاة. لا يطعم(٤) منها أحد إلّا المساكين.

وما وقع في الأحاديث الثّلاثة من الاختلاف في إعطاء المسكين، فإنّه في الأوّل مدّان، وفي الثّاني نصف صاع، وفي الثّالث صاع، فإنّه لا اختلاف بين الأوّلين في المعنى.

فإن نصف الصّاع، هو المدّان. فإنّ الصّاع أربعة أمداد. ويحتمل في الخبر الأخير أن يكون سقط لفظ «نصف.» وأن يكون محمولا على الأفضل.

( فَإِذا أَمِنْتُمْ ) الإحصار، أو كنتم في حال أمن وسعة،( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ ) : الحاجّ على ثلاثة وجوه: المتمتّع. وهو الّذي يحجّ في أشهر الحجّ. ويقطع التّلبية إذا نظر إلى بيوت مكّة. فإذا دخل مكّة طاف بالبيت سبعا، وصلّى ركعتين عند مقام إبراهيم ـ عليه السّلام ـ وسعى بين الصّفا والمروة سبعا، وقصّر، وأحلّ فهذه عمرة يتمتّع بها من الثّياب والجماع والطّيب

__________________

(١) المصدر: من.

(٢) نفس المصدر ٤ / ٣٧٠، ح ٦.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٢٢٨، ح ١٠٨٣.

(٤) أ: لا يطعمها.

٢٧٧

وكلّ شيء يحرم على المحرم، إلّا الصّيد. لأنّه حرام على المحلّ في الحرم وعلى المحرم في الحلّ والحرم. ويتمتّع بما سوى ذلك إلى الحجّ.

والحجّ ما يكون بعد يوم التّروية، من عقد الإحرام الثّاني بالحجّ المفرد والخروج إلى منى، ومنها إلى عرفات، وقطع التّلبية عند زوال الشّمس يوم عرفة. ويجمع فيها بين الظّهر والعصر، بأذان واحد وإقامتين والبيتوتة بها إلى غروب الشّمس والإفاضة إلى المشعر الحرام والجمع بين المغرب والعشاء بها بأذان واحد وإقامتين والبيتوتة بها والوقوف بها بعد الصّبح، إلى أن تطلع الشّمس على جبل ثبير، والرّجوع إلى منى والذّبح والحلق والرّمي ودخول المسجد الحصباء والاستلقاء فيه على القفا وزيارة البيت وطواف الحجّ ـ وهو طواف الزّيارة ـ وطواف النّساء. فهذه صفة المتمتّع بالعمرة إلى الحجّ. والمتمتّع عليه، ثلاثة أطواف بالبيت: طواف العمرة، وطواف للحجّ، وطواف للنّساء، وسعيان بين الصّفا والمروة، كما ذكرناه.

وعلى القارن والمفرد طوافان بالبيت وسعيان بين الصّفا والمروة. ولا يحلّان بعد العمرة يمضيان على إحرامهما الأوّل ولا يقطعان التّلبية، إذا نظرا إلى بيوت مكّة، كما يفعل المتمتّع. ولكنّهما يقطعان التّلبية يوم عرفة، عند زوال الشّمس. والقارن والمفرد صفتهما واحدة، إلّا أنّ القارن يفضّل على المفرد بسياق الهدي.

( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) : فعليه ما استيسر من الهدي بسبب التّمتّع وهو هدي التّمتّع.

وفي كتاب علل الشّرائع(١) ، في العلل الّتي ذكر الفضل بن شاذان، أنّه سمعها عن الرّضا ـ عليه السّلام: فإن قال(٢) : فلم أمروا بالتّمتّع في الحجّ؟

قيل: ذلك تخفيف من ربّكم ورحمة لأن يسلم النّاس(٣) من إحرامهم. ولا يطول ذلك عليهم فيدخل عليهم الفساد. وأن يكون الحجّ والعمرة واجبتين(٤) ، جميعا. فلا تعطّل العمرة وتبطل. فلا يكون(٥) الحجّ مفردا من العمرة. ويكون بينهما فصل وتمييز. وأن لا يكون الطّواف بالبيت محظورا. لان المحرم إذا طاف بالبيت قد أحل إلا لعلّة. فلو لا التّمتّع، لم يكن

__________________

(١) علل الشرائع ١ / ٢٧٤.

(٢) المصدر: قيل.

(٣) المصدر: في.

(٤) أو المصدر: واجبين. (ظ)

(٥) المصدر: ولا يكون. (ظ)

٢٧٨

للحاجّ أن يطوف. لأنّه إذا طاف أحلّ وفسد إحرامه. ويخرج منه قبل أداء الحجّ. ولأن يجب على النّاس الهدي والكفّارة، فيذبحون وينحرون ويتقرّبون إلى الله ـ جلّ جلاله. فلا تبطل هراقة الدّماء والصّدقة على المساكين(١) .

حدّثنا أبي ـ رضى الله(٢) ـ قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الله بن عليّ الحلبيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: إنّ الحجّ متّصل بالعمرة. لأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) . فليس ينبغي لأحد إلّا أن يتمتّع. لأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ أنزل ذلك في كتابه وسنّة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله.

وفي الكافي(٣) : عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمّد، جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله تعالى( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) قال: شاة(٤) .

محمّد بن يحيى(٥) عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن سعيد الأعرج قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: من(٦) تمتّع في أشهر الحجّ، ثمّ أقام بمكّة، حتّى يحضر الحجّ، من قابل، فعليه شاة. ومن تمتّع في غير أشهر الحجّ، ثمّ جاوز حتّى يحضر الحجّ، فليس عليه دم. إنّما هي حجّة مفردة. وإنّما الأضحيّة(٧) على أهل الأمصار.

( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ ) : أي: الهدى.

وروى في معنى عدم الوجدان [في التهذيب(٨) ، عن](٩) أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر. قال: سألت أبا الحسن ـ عليه السّلام ـ عن المتمتّع يكون له فضول من الكسوة بعد الّذي يحتاج إليه، فتستوي(١٠) تلك الفضول بمائة درهم، يكون ممّن يجب عليه.

فقال: له بدّ من كراء ونفقة؟

__________________

(١) أو المصدر: المسلمين.

(٢) نفس المصدر ٢ / ٤١١، ح ١.

(٣) الكافي ٤ / ٤٨٧، ح ٢.

(٤) أ: ابن رقاب. ر: ابن رباب. الأصل والمصدر: ابن رئات.

(٥) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ: في من.

(٧) المصدر: الأضحى.

(٨) تهذيب الأحكام ٥ / ٤٨٦، ح ١٧٣٥.

(٩) ليس في أ.

(١٠) أور: فيستوى. المصدر: فتسوّى. (ظ)

٢٧٩

قلت: له كراء وما يحتاج إليه بعد هذا الفضل من الكسوة.

قال: وأي شيء بمائة درهم؟ هذا ممّن قال الله:( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ ) .

[وفي الكافي(١) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن الرّضا ـ عليه السّلام. قال: قلت له: رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ في عيبة ثياب له يبيع من ثيابه ويشتري هديه.

قال: لا. هذا يتزيّن المؤمن(٢) . يصوم ولا يأخذ شيئا من ثيابه].(٣)

( فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ ) : في أيّام الاشتغال به.

في الكافي(٤) : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد، جميعا، عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن المتمتّع لا يجد الهدى.

قال: يصوم قبل التّروية بيوم، ويوم التّروية ويوم عرفة.

قلت: فإنّه قدم يوم التّروية.

قال: يصوم ثلاثة أيّام بعد التّشريق.

قلت: لم يقم عليه جماله.

قال: يصوم يوم الحصبة وبعده يومين.

قال: قلت: وما الحصبة؟

قال: يوم نفره.

قلت: يصوم وهو مسافر؟

قال: نعم أليس هو يوم عرفة مسافرا(٥) ؟ إنّا أهل بيت نقول ذلك لقول(٦) الله تعالى:( فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ ) . يقول: في ذي الحجّة.

أحمد بن محمّد بن أبي نصر(٧) ، عن عبد الكريم بن عمرو، عن زرارة، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال: من لم يجد هديا وأحبّ أن يقدّم الثّلاثة أيّام(٨) في أوّل العشر ،

__________________

(١) الكافي ٤ / ٥٠٨، ح ٥.

(٢) المصدر: به المؤمن.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٤) الكافي ٤ / ٥٠٦، ح ١.

(٥) ر: مسافر.

(٦) أ: بقول.

(٧) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٢.

(٨) المصدر والنسخ: الأيام.

٢٨٠