تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب12%

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 493

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 493 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 183278 / تحميل: 5544
الحجم الحجم الحجم
تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

٣ - ابن خلكان ( وفيات الأعيان ١ / ٣٠١ ).

٤ - أبو الفداء في ( المختصر - حوادث: ٥٦٢ ).

٥ - ابن الوردي في ( تتمة المختصر - حوادث: ٥٦٢ ).

٦ - الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣١٦ ) و ( العبر ٤ / ١٧٨ ).

٧ - اليافعي في ( مرآة الجنان ٤ / ٣٧١ ).

٨ - السبكي في ( طبقات الشافعية ٧ / ١٨٠ ).

٩ - الأسنوي في ( طبقات الشافعية ٢ / ٥٥ ).

١٠ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٤٧١ ).

١١ - الدياربكري في ( الخميس - حوادث ٥٦٢ ).

١٢ - القنوجي في ( التاج المكلل ٧٦ ).

وغيرهم. قال في ( تذكرة الحفاظ ) ما ملخصه: « السّمعاني: الحافظ البارع العلّامة تاج الاسلام، أبو سعد عبد الكريم التميمي السّمعاني المروزي صاحب التصانيف، ولد في شعبان سنة ست وخمسمائة، ورحل إلى الأقاليم النائية، وكان ذكيّاً فهماً سريع الكتابة مليحها، درّس وأفتى ووعظ وأملى، وكتب عمن دبّ ودرج، وكان ثقة حافظاً حجة واسع الرّحلة عدلاً ديّناً جميل السّيرة حسن الصحبة كثير المحفوظ.

قال ابن النجّار: وسمعت من يذكر أنّ عدد شيوخه سبعة آلاف شيخ وهذا شيء لم يبلغه أحد، وكان مليح التصانيف كثير الشيء والأسانيد لطيف المزاج ظريفاً حافظاً واسع الرّحلة ثقة صدوقاً ديناً، سمع منه مشايخه وأقرانه، وحدّث عنه جماعة.

مات في ربيع الأول سنة اثنتين وستين وخمسمائة بمرو، وله ست وخمسون سنة ».

١٤١

(٤٥)

رواية الخطيب الخوارزمي

قال أبو المؤيد الموفق بن أحمد بن إسحاق الخوارزمي المكّي المعروف بأخطب خوارزم والخطيب الخوارزمي، في ألقاب عليعليه‌السلام :

« الألقاب له، هو: أمير المؤمنين، ويعسوب الدين والمسلمين، ومبير الشرك والمشركين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، ومولى المؤمنين، وشبيه هارون، والمرتضى، ونفس الرسول، وأخوه، وزوج البتول، وسيف الله المسلول وأبو السبطين، وأمير البررة، وقاتل الفجرة، وقسيم الجنة والنار، وصاحب اللواء، وسيد العرب، وخاصف النعل، وكاشف الكرب، والصديق الأكبر، وأبو الريحانتين، وذو القرنين، والهادي، والفاروق، والواعي، والشاهد، وباب المدينة، وبيضة البلد، والولي، والوصي، وقاضي دين الرسول، ومنجز وعده »(١) .

وقال في الفصل السابع: في بيان غزارة علمه وأنه أقضى الأصحاب: -

« أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي قال أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، قال أخبرنا أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي، قال أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلويرحمه‌الله ، قال أخبرنا محمد بن محمد بن سعد الهروي الشعراني، قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن النيسابوري، قال حدّثنا أبو الصلت الهروي، قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب »(٢) .

____________________

(١). المناقب للخوارزمي: ٨.

(٢). نفس المصدر: ٤٠.

١٤٢

وقال في الفصل السادس عشر ما نصه: « روى أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أرسل إلى معاوية رسله: الطرماح وجرير بن عبد الله البجلي وغيرهما قبل مسيره إلى صفين، وكتب إليه مرّة بعد أخرى يحتج عليه ببيعة أهل الحرمين له وسوابقه في الإسلام، لئلا يكون بين أهل العراق وأهل الشام محاربة، ومعاوية يعتل بدم عثمان ويستغوي بذلك جهال أهل الشام وأجلاف العرب، ويستميل طلبة الدنيا والولايات، وكان يشاور في أثناء ذلك ثقاته وأهل مودته وعشيرته في قتال عليعليه‌السلام ، فقال له أخوه عتبة: هذا أمر عظيم لا يتم إلّا بعمرو بن العاص فإنه قريع زمانه في الدهاء والمكر، يخدع ولا يخدع، وقلوب أهل الشام مائلة إليه، فقال معاوية: صدقت ولكنه يحب علياً فأخاف أن لا يجيبني، فقال: إخدعه بالأموال ومصر.

فكتب إليه معاوية: من معاوية بن أبي سفيان - خليفة عثمان بن عفان إمام المسلمين وخليفة رسول رب العالمين ذو النورين، ختن المصطفى على ابنتيه وصاحب جيش العسرة وبئر دومة، المعدوم الناصر الكثير الخاذل المحصور في منزله المقتول عطشاً وظلماً في محرابه المعذب بأسياف الفسقة - إلى عمرو بن العاص صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وثقته وأمير عسكره بذات السلاسل، المعظّم رايه المفخم تدبيره:

أمّا بعد فلن يخفى عليك احتراق قلوب المؤمنين وما أصيبوا به من الفجيعة بقتل عثمان، وما ارتكب به جاره حسداً وبغياً بامتناعه من نصرته وخذلانه إياه، وإشلائه الغاغة عليه [ واشياً العامة عليه ] حتى قتلوه في محرابه، فيا لها من مصيبة عمّت المسلمين وفرضت عليهم طلب دمه من قتلته، وأنا أدعوك إلى الحظ الأجزل من الثواب والنصيب الأوفر من حسن المآب، بقتال من آوى قتلة عثمانرضي‌الله‌عنه وأحلّه جنة المأوى.

فكتب إليه عمرو: من عمرو بن العاص صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى معاوية بن أبي سفيان: أما بعد فقد وصل كتابك فقرأته وفهمته، فأمّا

١٤٣

ما دعوتني إليه من خلع ربقة الاسلام من عنقي والتهور في الضّلالة معك وإعانتي إياك على الباطل واختراط السيف على وجه علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه - وهو أخو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووصيّه ووارثه وقاضي دينه ومنجز وعده وزوج ابنته سيدة نساء أهل الجنة وأبو السبطين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة - [ فلن يكون ].

وأمّا ما قلت من أنك خليفة عثمان فقد صدقت، ولكن تبيّن اليوم عزلك عن خلافته، وقد بويع لغيره وزالت خلافتك.

وأمّا ما عظمتني ونسبتني إليه من صحبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأني صاحب جيشه فلا أغتر بالتزكية ولا أميل بها عن الملة.

وأمّا ما نسبت أبا الحسن أخا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووصيّه إلى الحسد والبغي على عثمان، وسمّيت الصّحابة فسقه، وزعمت أنه أشلاهم على قتله، فهذا غواية، ويحك يا معاوية: أما علمت أن أبا حسن بذل نفسه بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبات على فراشه، وهو صاحب السبق إلى الإِسلام والهجرة وقد قال فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هو منّي وأنا منه، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي، وقد قال فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم: ألا من كنت مولاه فعليّ مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله، وهو الذي قال فيهعليه‌السلام يوم خيبر: لأعطينَّ الرّاية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وهو الذي قال فيهعليه‌السلام يوم الطير: اللهم ايتني بأحبّ خلقك إليك، فلما دخل إليه قال: وإليَّ وإليَّ، وقد قال فيه يوم النظير: علي إمام البررة وقاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله، وقد قال فيه: علي وليّكم من بعدي، وآكد القول عليك وعليّ وعلى جميع المسلمين وقال: إني مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي وقد قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها.

وقد علمت يا معاوية ما أنزل الله تعالى من الآيات المتلوّات في فضائله التي

١٤٤

لا يشترك فيها أحد كقوله تعالى:( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) و( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) .( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) وقال الله تعالى لرسولهعليه‌السلام ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) وقد قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن يكون سلمك سلمي وحربك حربي وتكون أخي ووليي في الدنيا والآخرة، يا أبا الحسن من أحبّك فقد أحبّني ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن أحبّك أدخله الله الجنة، ومن أبغضك أدخله الله النار.

وكتابك يا معاوية الذي كتبت هذا جوابه، ليس مما ينخدع به من له عقل أو دين، والسلام»(١) .

ترجمته:

والخطيب الخوارزمي من أعيان علماء أهل السنة، ومن أساطين محدّثيهم الثقات المعتمدين، وقد أثنى عليه ونقل عنه كبار علمائهم ومشاهير حفاظهم أمثال:

أبي حامد محمود بن محمد الصالحاني.

وعماد الدين الكاتب الاصفهاني.

وأبي الفتح ناصر بن عبد السيد المطرزي.

ومحبّ الدين ابن النجار البغدادي.

وجمال الدين القفطي.

وأبي المؤيد الخوارزمي.

وأبي عبد الله الكنجي الشافعي.

وشمس الدين الذهبي.

وجمال الدين الزرندي.

____________________

(١). المناقب للخوارزمي: ١٢٨.

١٤٥

وصلاح الدين الصفدي.

وعبد القادر القرشي.

ومحمد بن أحمد الفارسي.

وأحمد بن إبراهيم الصنعاني المعروف بابن الوزير.

وشهاب الدين أحمد صاحب توضيح الدلائل.

ونور الدين ابن الصباغ المالكي.

وجلال الدين السيوطي.

ونور الدين السمهودي.

والشمس الدمشقي الصالحي.

وشهاب الدين ابن حجر المكي.

وأحمد بن باكثير المكي.

وعبد الله بن محمد المطيري.

وولي الله اللكهنوي.

و ( الدهلوي نفسه )

فراجع أسفارهم، وقد أوردنا طرفاً من كلماتهم في بعض المجلدات.

(٤٦)

رواية ابن عساكر

لقد روى أبو القاسم علي بن الحسن المعروف بابن عساكر الدمشقي حديث مدينة العلم بطرق عديدة كما قال الكنجي وهذا نصّ عبارته:

« أخبرنا العلامة قاضي القضاة أبو نصر محمد بن هبة الله ابن قاضي القضاة ومحمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي، أخبرنا الحافظ أبو القاسم أخبرنا أبو القاسم ابن [ محمد ] السمرقندي، أخبرنا أبو القاسم بن مسعدة، أخبرنا حمزة بن يوسف

١٤٦

أخبرنا أبو أحمد ابن عدي، حدثنا النعمان بن هارون البلدي ومحمد بن أحمد بن المؤمل الصيرفي وعبد الملك بن محمد قالوا: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد المؤدب حدثنا عبد الرزاق عن سفيان عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن بهمان قال سمعت جابراً يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم الحديبية - وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب وهو يقول -: هذا أمير البررة وقاتل الفجرة منصور من نصره ومخذول من خذله، ثم مدّ بها صوته وقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب.

قلت: هكذا رواه ابن عساكر في تاريخه وذكر طرقه عن مشايخه »(١) .

ترجمته:

١ - ياقوت الحموي في ( معجم الأدباء ١٣ / ٧٣ ).

٢ - الخوارزمي في ( أسماء رجال جامع مسانيد أبي حنيفة ).

٣ - ابن خلكان في ( وفيات الأعيان ١ / ٣٣٥ ).

٤ - أبو الفداء في ( المختصر - حوادث: ٥٧١ ).

٥ - ابن الوردي في ( تتمة المختصر - حوادث: ٥٧١ ).

٦ - الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٨ ) و ( العبر ٤ / ٢١٢ ) و ( دول الاسلام حوادث ٥٧١ ).

٧ - اليافعي في ( مرآة الجنان ٣ / ٣٩٣ ).

٨ - السبكي في ( طبقات الشافعية ٧ / ٢١٥ ).

٩ - الأسنوي في ( طبقات الشافعية ٢ / ٢١٦ ).

١٠ - ابن قاضي شهبة في ( طبقات الشافعية ١ / ٣٤٥ ).

١١ - جلال الدين السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٤٧٤ ).

١٢ - الدياربكري في ( الخميس - حوادث: ٥٧١ ).

____________________

(١). كفاية الطالب: ٢٢٠.

١٤٧

١٣ - القنوجي في ( التاج المكلل ٨٤ ).

قال ابن خلكان ما ملخصه: « الحافظ أبو القاسم ابن عساكر الدمشقي الملقّب ثقة الدين، كان محدّث الشام في وقته، ومن أعيان الفقهاء الشافعية، غلب عليه الحديث فاشتهر به وبالغ في طلبه إلى أنْ جمع منه ما لم يتفق لغيره، ورحل وطوف وجاب البلاد ولقي المشايخ، وكان حافظاً ديّناً جمع بين معرفة المتون والأسانيد وكان حسن الكلام على الأحاديث، محفوظاً في الجمع والتأليف، صنّف التاريخ الكبير لدمشق في ثمانين مجلدة أتى فيه بالعجائب، وهذا الذي ظهر هو الذي اختاره وما صحّ له هذا إلّا بعد مسودّات ما يكاد ينضبط حصرها، وله غيره تواليف حسنة وأجزاء ممتعة ».

وفي ( العبر ): « الحافظ ابن عساكر صاحب التاريخ الثمانين مجلّداً، محدّث الشام، ثقة الدين، ساد أهل زمانه في الحديث ورجاله، وبلغ في ذلك الذروة العليا، ومن تصفح تاريخه علم منزلة الرجل في الحفظ ».

(٤٧)

إثبات أفضل الدين الخاقاني

لقد أرسله أفضل الدين إبراهيم بن علي المعروف بالخاقاني إرسال المسلّم، وأثبته جازماً به في كتابه ( تحفة العراقين ) حيث قال في قصيدةٍ له في مدح محمد بن مطهر العلوي:

« اين قدر وصفا كه خاطرم راست

از خدمت سيد اجل خاست

اين مايه كه طبع را قوام است

هم همت سيد امام است

ذو الفضل محمد مطهر

آن عرق محمد پيمبر

آن مردم ديده مصطفى را

وان وارث صدق مصطفى را

قدرش زدو كون بر گذشته

يك موى زمصطفى نگشته

١٤٨

إلى أن قال:

در شهر علم حيدر

وين سيد دين كليد آن در

وقف ابديست بر زبانش

هر خانه كه داشت شهر دانش

جاى شرفست وبحر علم است

استاد سراى شهر علم است

بيش كرمش زروى تسليم

بيش قلمش ببوى تعليم

شهرى كه خراجش آورد دهر

او ميوه باغ آن چنان شهر »

هذا، وقد ذكر كتاب ( تحفة العراقين ) في ( كشف الظنون ) بقوله: « تحفة العراقين، فارسي، منظومة لأفضل الدين إبراهيم بن علي الخاقاني الشاعر المتوفى سنة ٥٨٢، وزنه من مزاحفات المسدس »(١) .

ترجمته:

١ - دولت شاه السمرقندي في ( تذكرة الشعراء: ٨٨ ).

٢ - عبد الرحمن الجامي في ( نفحات الأنس: ٦٠٧ ).

(٤٨)

إثبات ابن الشيخ البلوي

لقد ذكر أبو الحجاج يوسف بن محمد البلوي الأندلسي المعروف بابن الشيخ حديث مدينة العلم في مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، جازماً بصحته وقاطعاً بثبوته وذلك حيث قال في كتابه ( ألف با ) بعد أن أورد كلماتٍ لابن عباس في أعلميّة الامامعليه‌السلام ما نصه: « وإذ قد وقع ذكر علي وابن عباس رضي

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٣٦٩.

١٤٩

الله عنهما فلنذكر بعض فضائلهما، ولنبدأ بمفاخر علي الزكي العلي ابن عم النبي، ولنثن بالثناء على ابن عباس العدل الرضي ابن عم النبي أيضاً:

قال أبو الطفيل: شهدت علياً يخطب وهو يقول: سلوني، فو الله لا تسألوني عن شيء إلاّ أخبرتكم به، وسلوني عن كتاب الله فو الله ما من آية إلّا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار، أم في سهل أم في جبل، ولو شئت لأوقرت سبعين بعيراً من تفسير فاتحة الكتاب.

وسيأتي قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه، وقول ابن عباس فيه: لقد أعطي على تسعة أعشار العلم وأيم الله لقد شاركهم في العشر العاشر ...»(١) .

وأورده مرة أخرى في كتابه المذكور - بعد أن ذكر حكاية فيها قول الحجاج الثقفي في أمير المؤمنينعليه‌السلام « فإنه المرء يرغب عن قوله » - قائلاً:

« قلت: ولمـّا رأيت هذه الحكاية في الكامل وقول الحجاج في عليرضي‌الله‌عنه هذا الجفا لم أملك نفسي، وحملتني الغيرة على حبيبي عليرضي‌الله‌عنه أن كتبت في طرة الكتاب:

حجاج فيما قلته تكذب

في قول من فيه الورى يرغب

ذاك علي ابن أبي طالب

من مثله أو منه من يقرب

يكفيه أن كان ابن عم الذي

في جاهه تطمع يا مذنب

صلّى عليه الله من سيد

ما تطلع الشمس وما تغرب

وقلت أيضاً: أنظر إلى الحجاج وقلّة جدّه مع سطاحة خده، يقول في مولانا علي هذه المقالة ويرغب عما قاله، تالله ما حمله على هذا القول الردي إلّا الحسد المردي، وإلّا فقد علم الغوي أن مكان علي في العلم المكان العلي، كيف لا؟ و النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول فيه: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم

____________________

(١). كتاب الالف باء ١ / ١٢٢.

١٥٠

فليأته من بابه. وابن عباسرضي‌الله‌عنه يقول: والله لقد أعطي علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه تسعة أعشار العلم، وأيم الله لقد شاركهم في العشر العاشر. وقال عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه : أقضانا علي. وقال ابن مسعودرضي‌الله‌عنه : أعلم أهل المدينة بالفرائض ابن أبي طالب »(١) .

كتاب ألف باء

هذا، وقد ذكر كتابه ( ألف باء ) في ( كشف الظنون ) بقوله: « ألف با في المحاضرات للشيخ أبي الحجاج يوسف بن محمد البلوي الأندلسي المعروف بابن الشيخ، وهو مجلد ضخم، أوله: إن أفصح كلام سمع وأعجز وأوضح نظام وأوجز حمد الله تعالى نفسه إلخ، ذكر فيه أنه جمع فوائد بدائع العلوم لابنه عبد الرحيم ليقرأه بعد موته، إذ لم يلحق بعد لصغره إلى درجة النبلاء، وسمى ما جمعه لهذا الطفل بكتاب ألف با وهو تأليف غريب لكن فيه فوائد كثيرة »(٢) .

(٤٩)

رواية أبي السعادات ابن الأثير

لقد روى أبو السعادات المبارك بن محمد المعروف بابن الأثير الجزري حديث مدينة العلم حيث قال: « علي: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها. أخرجه الترمذي »(٣) .

وفي ( توضيح الدلائل ) « عن علي رضي الله تعالى عنه: إن رسول الله صلّى

____________________

(١). الالف باء.

(٢). كشف الظنون ١ / ١٥٠.

(٣). جامع الاصول ٩ / ٤٧٣.

١٥١

الله عليه وآله وبارك وسلّم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها. رواه في جامع الأصول وقال: أخرجه الترمذي »(١) .

ترجمته:

١ - أبو الحسن ابن الأثير في ( الكامل - حوادث: ٦٠٦ ).

٢ - ابن المستوفي في ( تاريخ إربل - مخطوط ).

٣ - ابن خلكان في ( وفيات الأعيان ١ / ٤٤١ ).

٤ - ابو الفداء في ( المختصر - حوادث: ٦٠٦ ).

٥ - إبن الوردي في ( تتمة المختصر - حوادث: ٦٠٦ ).

٦ - الذهبي في ( العبر حوادث ٦٠٦ ) و ( دول الاسلام - حوادث ٦٠٦ ).

٧ - الخطيب التبريزي في ( أسماء رجال المشكاة ٣ / ٨٠٨ ).

٨ - اليافعي في ( مرآة الجنان - حوادث: ٦٠٦ ).

٩ - السبكي في ( طبقات الشافعية ٥ / ١٥٣ ).

١٠ - الأسنوي في ( طبقات الشافعية ١ / ١٣٠ ).

١١ - ابن شحنة في ( روضة المناظر - حوادث: ٦٠٦ ).

١٢ - ابن قاضي شهبة في ( طبقات الشافعية ١ / ٣٩٢ ).

١٣ - السيوطي في ( بغية الوعاة: ٣٨٥ ).

١٤ - القنوجي في ( التاج المكلل ١٠٠ ).

وغيرهم، وقد ذكرنا ذلك في مجلد ( حديث الطير ) قال السبكي ما ملخصه « المبارك بن محمد الشيباني العلّامة مجد الدين أبو السعادات الجزري ابن الأثير، صاحب جامع الأصول وغريب الحديث وشرح مسند الشافعي وغير ذلك، كان فاضلاً رئيساً مشاراً اليه، توفي سنة ست وستمائة».

____________________

(١). توضيح الدلائل - مخطوط.

١٥٢

(٥٠)

إثبات فريد الدين العطّار

لقد أثبت الشيخ فريد الدين محمد بن إبراهيم الهمداني المعروف بالعطار حديث مدينة العلم في مواضع من ديوانه ( مظهر العجائب ) منها قوله في قصيدة له:

هيج ميدانى كه معجز آن كيست

وين همه مدح وثنا در شأن كيست

كه نهاده پاى بر كتف رسول

مصطفى كرده ومعراجش قبول

كه بده خود تاجدار انما

كه بده در ملك معنى هل اتى

كه بده قرآن ناطق در عيان

كه شده در لو كشف اسرار دان

كيست باب علم از گفت رسول

خود كرا بودست در علم قبول

وقال في ديوانه ( اسرار نامه ):

اگر فرمانبرى فرمان شه بر

وگرنه اوفتادى خود به چه در

اگر فرمانبرى فرمان حيدر

چو باب است آن بعلم مصطفى در »

وقال في ديوانه ( الهى نامه ):

« پيمبر گفت با آن نور ديده

زيك نوريم هر دو آفريده

على چون با نبى باشد زيك نور

يكى باشند هر دو از دوى دور

چنان در شهر دانش باب آمد

كه جنت را بحق بواب آمد

١٥٣

ترجمته:

ترجم له كبار علماء أهل السنة وعدوّه من مشاهير عرفائهم، كما سيأتي في بعض مجلدات الكتاب بالتفصيل إن شاء الله تعالى، وقد نص ( الدهلوي ) على أنه من الأكابر المقبولين لدى أهل السنة، كما استشهد هو والكابلي بكلام له، قال الكابلي: قال الشيخ الجليل فريد الدين أحمد بن محمد النيسابوري: من آمن بمحمد ولم يؤمن بأهل بيته فليس بمؤمن، أجمع العلماء والعرفاء على ذلك ولم ينكره أحد » أنظر: ( الصواعق للكابلي ) و ( التحفة الاثنا عشرية ).

(٥١)

رواية أبي الحسن ابن الأثير

لقد روى أبو الحسن علي بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير حديث مدينة العلم في كتابه ( أسد الغابة في معرفة الصحابة ) حيث قال: « أنبأنا زيد بن الحسن بن زيد أبو اليمن الكندي وغيره كتابةً قالوا: أنبأنا أبو منصور زريق أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت، أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق، أنبأنا أبوبكر بن مكرم بن أحمد بن مكرم القاضي، حدثنا القاسم بن عبد الرحمن الأنباري، حدثنا أبو الصّلت الهروي حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت بابه »(١) .

ترجمته:

١ - ابن خلكان في ( وفيات الأعيان ١ / ٣٤٧ ).

____________________

(١). أسد الغابة ٤ / ٢٢.

١٥٤

٢ - الذهبي في ( دول الاسلام - حوادث: ٦٣٠ ) و ( العبر ٥ / ١٢٠ ).

٣ - اليافعي في ( مرآة الجنان - حوادث: ٦٣٠ ).

٤ - السبكي في ( طبقات الشافعية ٥ / ١٢٧ ).

٥ - الاسنوي في ( طبقات الشافعية ١ / ١٣٢ ).

٦ - ابن شحنة في ( روضة المناظر حوادث ٦٣٠ ).

٧ - ابن قاضي شهبة في ( طبقات الشافعية ١ / ٤١٢ ).

٨ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ: ٤٩٢ ).

وغيرهم من كبار العلماء في كتبهم المعتبرة، قال الذهبي ما ملخصه بلفظه: « ابن الأثير: الامام العلامة الحافظ فخر العلماء، عز الدين أبو الحسن علي بن الأثير الجزري المحدّث اللغوي صاحب التاريخ ومعرفة الصحابة والأنساب وغير ذلك، كانت داره مجمع الفضلاء، وكان مكملاً في الفضائل، علامةً نسابة أخبارياً عارفاً بالرجال وأنسابهم، لا سيّما الصحابة مع الأمانة والتواضع والكرم. مات في أواخر شهر شعبان سنة ثلاثين وستمائة »(١) .

(٥٢)

إثبات محيي الدين ابن عربي

لقد أرسله محيي الدين ابن عربي الطائي إرسال المسلّم حيث قال في كتابه ( الدر المكنون والجوهر المصون ) - على ما نقل عنه البلخي القندوزي - ما نصه: « والامام عليرضي‌الله‌عنه ورث علم الحروف من سيدنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإليه الإِشارة بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب »(٢) .

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٩٩.

(٢). ينابيع المودة ٤١٤.

١٥٥

ترجمته:

وقد ترجم لابن عربي جمع من أعلام المؤرخين والرجاليين، ونقل عنه كبار المحدثين والعرفاء، وفيهم من وصفه بالأوصاف الجليلة وعزاه إلى المقامات العالية، وممن ترجم له وأثنى عليه أو نقل عنه في كتابه واعتمد عليه:

١ - ابن النجار في ( ذيل تاريخ بغداد ).

٢ - إبن نقطة في ( تكملة الاكمال ).

٣ - ابن العديم في ( تاريخ حلب ).

٤ - المنذري في ( الوفيات ).

٥ - ابن الأبار في ( التاريخ ).

٦ - ابن الزبير في ( التاريخ ).

٧ - ابن الدبيثي في ( ذيل تاريخ بغداد ).

٨ - أبو العلاء الفرضي في ( مشتبه النسبة ).

٩ - قطب الدين اليونيني في ( تاريخ مصر ).

١٠ - سبط ابن الجوزي في ( مرآة الزمان ).

١١ - القطب اليونيني في ( ذيل مرآة الزمان ).

١٢ - ابن فضل الله في ( المسالك ).

١٣ - الاسكندري في ( لطائف المنن ).

١٤ - اليافعي في ( مرآة الجنان ).

١٥ - الصفدي في ( الوافي بالوفيات ).

١٦ - ابن شاكر الكتبي في ( فوات الوفيات ).

١٧ - الشعراني في ( لواقح الأنوار ).

١٨ - الجامي في ( نفحات الأنس ).

١٩ - الكفوي في ( كتائب أعلام الأخيار ).

١٥٦

٢٠ - الأزنيقي في ( مدينة العلوم ).

٢١ - البرزنجي في ( الاشاعة ).

٢٢ - السهالوي في ( الصبح الصادق ).

٢٣ - صديق حسن في ( الجنة في اتباع السنة ).

٢٤ - ( الدهلوي ) في ( رسالة الرؤيا ).

ومنهم من ألّف في مناقبه كتاباً مفرداً كالجلال السيوطي، له ( تنبيه الغبي في مناقب ابن عربي).

واليك بعض مصادر ترجمته: الوافي بالوفيات ٤ / ١٧٣، البداية والنهاية ١٣ / ١٥٦، سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤٨، مرآة الجنان ٤ / ١٠٠، طبقات المفسرين ٣٨، النجوم الزاهرة ٦ / ٣٣٩ فوات الوفيات ٢ / ٢٤١، شذرات الذهب ٥ / ١٩٠ نفح الطيب ٧ / ٩٠، تاريخ ابن الأبار ١ / ٣٥٦، التكملة لوفيات النقلة ٣ / ٥٥٥.

(٥٣)

رواية محب الدين ابن النجار

ورواه محب الدين محمد بن محمود البغدادي المعروف بابن النجار باسناده عن سيدنا الامام الرضاعليه‌السلام إذ قال: « أنبأتنا رقيّة بنت معمر بن عبد الواحد أنبأتنا فاطمة بنت محمد بن أبي سعد البغدادي، أنا سعيد بن أحمد النيسابوري أنا علي بن الحسن بن بندار بن المثنى، أنا علي بن محمد مهرويه ثنا داود بن سليمان الغازي ثنا علي بن موسى الرضا عن آبائه عن علي مرفوعاً: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب »(١) .

____________________

(١). ذيل تاريخ بغداد - مخطوط.

١٥٧

ترجمته:

١ - الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٢٨ ) و ( العبر ٥ / ١٨٠ ).

٢ - الصفدي في ( الوافي بالوفيات ٥ / ٩ ).

٣ - اليافعي في ( مرآة الجنان ٤ / ١١١ ).

٤ - الأسنوي في ( طبقات الشافعية ٢ / ٥٠٢ ).

٥ - الكتبي في ( فوات الوفيات ٢ / ٥٢٢ ).

٦ - ابن قاضي شهبة في ( طبقات الشافعية ١ / ٤٥٤ ).

٧ - صديق حسن القنوجي في ( التاج المكلل ١٨٠ ).

ترجمة علي بن محمد بن مهرويه

ولا يخفى أن: « علي بن محمد بن مهرويه » الواقع في سند الحديث في رواية ابن النجار والعاصمي من كبار المحدثين الموثّقين، فقد قال السمعاني: « وأبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني حدّث في القرية ببغداد والجبال. عن يحيى بن عبدك القزويني، وداود بن سليمان الغازي، ومحمد بن المغيرة، والحسن ابن علي بن عفان.

روى عنه: عمر بن محمد بن سنبك، وأبوبكر محمد بن عبد الله الأبهري، ومحمد بن عبيد الله بن الشخير، وأبو حفص ابن شاهين الواعظ وغيرهم.

ذكره أبو الفضل صالح بن محمد بن أحمد الحافظ في طبقات أهل همدان وقال: أبو الحسن القزويني قدم علينا سنة ثمان عشرة، روى عن هارون بن هزاري وداود بن سليمان الغازي نسخة علي بن موسى الرضا، ومحمد بن الجهم السمري والعباس بن محمد الدوري ويحيى بن أبي طالب وأبي حاتم الرازي، سمعت منه مع أبي، وكان يأخذ على نسخة علي بن موسى الرضا، وكان شيخاً مسنّاً ومحلّه الصدق »(١) .

____________________

(١). الانساب - القزويني.

١٥٨

وكذا ذكره الرافعي(١) ، وذكر عن الخطيب أنّه حدّث ببغداد سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.

ترجمة داود بن سليمان الغازي

و « داود بن سليمان الغازي القزويني » أيضاً من مشاهير الرواية وأئمة الحديث، فقد ذكر الرافعي ما نصه: « داود بن سليمان بن يوسف الغازي أبو أحمد القزويني، شيخ اشتهر بالرواية عن علي بن موسى الرضا، ويقال: إنّ علياً كان مستخفياً في داره مدة مكثه بقزوين، وله نسخة عنه يرويها أهل قزوين عن داود، كاسحاق بن محمد وعلي بن محمد بن مهرويه وغيرهما »(٢) .

وفي ( إيضاح لطافة المقال للرشيد الدهلوي ) في ذكر الامام الرضاعليه‌السلام « وقد روى عنه أكثر أئمة الحديث، قال في مفتاح النجا بترجمته: روى عنه إسحاق ابن راهويه، ويحيى بن يحيى، وعبد الله بن عباس القزويني، وداود بن سليمان، وأحمد بن حرب، ومحمد بن أسلم وخلق غيرهم، روى له ابن ماجة ».

(٥٤)

إثبات ابن طلحة الشافعي

وقد أثبته ابن طلحة الشافعي جازماً بصحته، مستشهداً به، في كلام له في الفصل الرابع حول صفة أمير المؤمنينعليه‌السلام بـ « الأنزع البطين ». وهذا نص بعض كلامه:

____________________

(١). التدوين بذكر علماء قزوين ٣ / ٤١٧.

(٢). التدوين ٣ / ٣.

١٥٩

« ولم يزل بملازمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يزيده الله تعالى علماً حتى قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم -: فيما نقله الترمذي في صحيحه بسنده عنه - أنا مدينة العلم وعلي بابها. فكان من غزارة علمه يذلّل جوامع القضايا، ويوضح مشكلات الوقائع، ويسهل مستصعب الأحكام، فكلّ علم كان له فيه أثر، وكلّ حكمة كان له عليها استظهار، وسيأتي تفصيل هذا التأصيل في الفصل السادس المعقود لبيان علمه وفضله إنْ شاء الله تعالى ».

وقال في الفصل السادس الذي أشار اليه: « ومن ذلك ما رواه الامام الترمذي في صحيحه بسنده وقد تقدم ذكره في الاستشهاد في صفة أمير المؤمنين بالانزع البطين: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها ، و نقل الامام أبو محمد الحسين بن مسعود القاضي البغوي في كتابه الموسم بالمصابيح إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها لكنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خص العلم بالمدينة والدار بالحكمة لما كان العلم أوسع أنواعا وأبسط فنونا، وأكثر تشعبا، وأغزر فائدة، وأعم نفعاً من الحكمة، خص الأعم بالأكبر والأخص بالأصغر. إلى آخر ما سيأتي إن شاء الله تعالى فيما بعد ».

كتاب مطالب السئول

وكتاب ( مطالب السئول ) يعدّ في الكتب الجليلة والأسفار المعتبرة، وقد اعتمد عليه كبار العلماء في شتى كتبهم، ولقد استند إليه واستشهد بمواضيعه محمد محبوب العالم في مواضع من تفسيره الذي أثنى عليه ( الدهلوي ) وتلميذه الرشيد وأشادوا بعظمته ووثاقته.

كما صرح ابن طلحة نفسه في صدر كتابه المذكور بثقته بأحاديث هذا الكتاب، وقد أوردنا نص كلامه في مجلّد ( حديث الطير ).

بل صرّح في الفصل السادس - حيث أورد فيه حديث مدينة العلم - بقوله:

« لم أورد فيه ما يصل إليه وارد الاضطراب، ولا أودعته ما يدخل عليه رائد الارتياب، ولا ضمّنته غثّاً تمجّه أصداف الأسماع، ولا غثاء تقذفه أصناف

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

فكتب: كلّ ما قومر به فهو الميسر. وكلّ مسكر حرام.

وعن عامر بن السبط(١) ، عن عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ قال: الخمر من ستّة أشياء: التّمر والزّبيب والحنطة والشّعير والعسل والذرة.

وفي الكافي(٢) : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمّر بن خلّاد، عن أبي الحسن ـ عليه السّلام ـ قال: النّرد والشّطرنج، بمنزلة واحدة. وكل ما قومر عليه فهو ميسر.

عدّة من أصحابنا(٣) ، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن مثنى الحنّاط(٤) ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام: الشّطرنج والنّرد هما الميسر.

محمّد بن يحيى(٥) عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عبد الملك القمي قال: كنت أنا وإدريس أخي عند أبي عبد الله ـ عليه السّلام. فقال إدريس: جعلنا الله فداك! ما الميسر؟

فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام. هي الشّطرنج.

قال: فقلت عندهم(٦) يقولون: إنّها النّرد.

قال: والنّرد أيضا.

قال البيضاويّ(٧) : روى أنّه نزل بمكّة، قوله(٨) ( وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً ) .(٩) فأخذ المسلمون يشربونها. ثمّ أنّ عمر ومعاذا في نفر من الصّحابة، قالوا: أفتنا، يا رسول الله! في الخمر؟ فإنّها مذهبة للعقل(١٠) فنزلت هذه الآية. فشربها قوم وتركها آخرون. [ثمّ دعا عبد الرّحمن بن عوف ناسا منهم. فشربوا. فسكروا. فأمّ أحدهم.

فقرأ: «أعبد ما تعبدون.» فنزلت:( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) (١١) . فقلّ من

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣١٣.

(٢) الكافي ٦ / ٤٣٥، ح ١.

(٣) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣.

(٤) أ: الخيّاط.

(٥) نفس المصدر ٦ / ٤٣٦، ح ٨.

(٦) المصدر: أما أنتم.

(٧) أنوار التنزيل ١ / ١١٥ ـ ١١٦.

(٨) النحل / ٦٧.

(٩) المصدر: سكرا ورزقا حسنا.

(١٠) مذهبة للعقل مسلبة للمال.

(١١) النساء / ٤٣.

٣٢١

يشربها].(١) ثمّ دعا عتبان بن مالك، سعد بن أبي وقّاص في نفر. فلمّا سكروا افتخروا وتناشدوا. فأنشد سعد شعرا، فيه هجاء الأنصار. فضربه أنصاريّ بلحى بعير. فشجّه.

فشكى إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله. فقال عمر: «اللهمّ بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا.» فنزلت:( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ) ـ إلى قوله ـ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) . فقال عمر: انتهينا يا ربّ.

وهذا النّقل منه يدلّ على عدم حرمة الخمر في أوّل الإسلام وعدم انتهاء عمر عن الخمر قبل نزول «إنّما الخمر» (إلى آخره.) والصّحيح أنّ الخمر كان حراما وهذا أوّل آية نزلت في التّحريم.

روى في الكافي(٢) : عن بعض أصحابنا ـ مرسلا ـ قال: إنّ أوّل ما نزل في تحريم الخمر، قول الله ـ عزّ وجلّ:( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما ) . فلمّا نزلت الآية أحسّ القوم بتحريم الخمر. وعلموا أنّ الإثم ينبغي(٣) اجتنابه. ولا يحمل الله ـ عزّ وجلّ ـ عليهم من كلّ طريق. لأنه قال:( وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ ) . ثمّ أنزل ـ عزّ وجلّ ـ آية أخرى. (الحديث).

ويدلّ عليه أيضا الأخبار السّابقة وقوله :

( قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ ) من حيث أنّه يؤدّي إلى الانتكاب عن المأمور به وارتكاب المنهيّ عنه.

( وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ ) من كسب المال والطّرب والالتّذاذ ومصادفة الفتيان.

( وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما ) ، أي: المفاسد الّتي تنشأ منهما أعظم من المنافع المتوقّعة منهما. والمفسدة إذا ترجّحت على المصلحة، اقتضت تحريم الفعل.

[وفي أصول الكافي(٤) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الرّيّان بن الصّلت قال: سمعت الرّضا ـ عليه السّلام ـ يقول: ما بعث الله نبيّا إلّا بتحريم الخمر، وأن يقرّ لله بالبداء.

( وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ ) قيل: سائله عمرو بن الجموح. سأل أوّلا عن المنفق والمسرف، وثانيا عن كيفيّة

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) الكافي ٦ / ٤٠٦، ح ٢.

(٣) المصدر: فما ينبغي.

(٤) الكافي ١ / ١٤٨، ح ١٥.

٣٢٢

الإنفاق.

( قُلِ الْعَفْوَ ) ، أي: الوسط، لا إقتار ولا إسراف. والعفو» ضدّ الجهد. ومنه يقال للأرض السّهلة: العفو].(١)

وفي الكافي(٢) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير(٣) ، عن رجل(٤) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ) قال: العفو، الوسط.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٥) : قوله:( وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ) قال :لا إقتار ولا إسراف.

وفي مجمع البيان(٦) :( قُلِ الْعَفْوَ ) فيه أقوال ـ إلى قوله ـ وثالثها أنّ العفو ما فضل عن قوت السّنة

ـ عن الباقر ـ عليه السّلام. قال: ونسخ ذلك بآية الزّكاة.

( كَذلِكَ ) ، أي: مثل ما بيّن أنّ العفو أصلح، أو ما ذكر من الأحكام.

والكاف في موضع النّصب، صفة لمصدر محذوف، أي: تبيينا مثل هذا التّبيين. ووحدّ العلامة. والمخاطب جمع على تأويل القبيل والجمع.

( يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ ) الدّالّة على ما فيه إرشادكم.

( لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ) (٢١٩) في الدّلائل والأحكام.

( فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ) : في أمور الدّارين، فتأخذون بالأصلح وتتركون المضرّ.

( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى ) :

في تفسير عليّ بن إبراهيم(٧) : حدّثني أبي، عن صفوان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام: أنّه لـمّا أنزلت(٨) ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ) أخرج كلّ من كان عنده يتيم، وسألوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في إخراجهم. فأنزل الله ـ تبارك وتعالى:( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) .

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) الكافي ٤ / ٥٢، ح ٣.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ: ابن أبي بصير.

(٤) المصدر: عن بعض أصحابه.

(٥) تفسير القمي ١ / ٧٢.

(٦) مجمع البيان ١ / ٣١٦.

(٧) تفسير القمي ١ / ٧٢.

(٨) المصدر: أنزلت. (ظ)

٣٢٣

وفي مجمع البيان(١) ، عند قوله( وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ ) (الآية) :

روى أنّه لـمّا نزلت هذه الآية، كرهوا مخالطة اليتامى. فشقّ ذلك عليهم فشكوا ذلك إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله. فأنزل الله سبحانه وتعالى( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ) . (الآية) ـ عن الحسن. وهو المرويّ عن السّيدين الباقر والصّادق ـ عليهما السّلام.

( قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ) ، أي: مداخلتهم لإصلاحهم خير من مجانبتهم.

قال الصّادق ـ عليه السّلام(٢) : لا بأس بأن تخالط طعامك بطعام اليتيم. فإنّ الصّغير يوشك أن يأكل كما يأكل الكبير.

وأمّا الكسوة وغيره، فيحسب على رأس كلّ صغير وكبير وكم يحتاج إليه.

( وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ) : حثّ على المخالطة، أي: أنّهم إخوانكم في الدّين.

ومن حقّ الأخ أن يخالط الأخ.

وقيل(٣) : المراد بالمخالطة المصاهرة.

( وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) : وعيد ووعد لمن خالطهم لإفساد وإصلاح، أي: يعلم أمره فيجازيه عليه.

وفي الكافي(٤) : عثمان، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ) .

قال: يعني اليتامى. إذا كان الرّجل يلي الأيتام»(٥) . في حجره، فليخرج من ماله على قدر ما يخرج لكلّ إنسان منهم. فيخالطهم. ويأكلون جميعا. ولا يرز أنّ من أموالهم شيئا. إنّما هي النّار.

أحمد بن محمّد(٦) ، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: قلت: أرأيت قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ) ؟

قال: تخرج من أموالهم بقدر ما يكفيهم. وتخرج من مالك قدر ما يكفيك. ثمّ شفّعه(٧) .

__________________

(١) مجمع البيان ٢ / ٣ ـ ٤.

(٢) تفسير القمي ١ / ٧٢.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ١١٦ ـ ١١٧.

(٤) الكافي ٥ / ١٢٩، ح ٢.

(٥) المصدر: لا يتام.

(٦) الكافي ٥ / ١٣٠، ح ٥.

(٧) المصدر: تنفقه. (ظ)

٣٢٤

قلت: أرأيت إن كانوا يتامى صغارا وكبارا وبعضهم أعلى كسوة من (بعضهم(١) ) وبعضهم آكل من بعض وما لهم جميعا؟

فقال: أمّا الكسوة، فعلى كلّ إنسان منهم ثمن كسوته. وأمّا الطّعام(٢) فاجعلوه [جميعا].(٣) فإنّ الصّغير يوشك أن يأكل مثل الكبير.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

محمّد بن يحيى(٤) ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهليّ قال: قيل لأبي عبد الله ـ عليه السّلام: إنّا ندخل على أخ لنا في بيت أيتام، ومعهم خادم لهم، فنقعد على بساطهم، ونشرب من مائهم، ويخد منا خادمهم. وربّما طعمنا فيه الطّعام من غير صاحبنا. وفيه من طعامهم. فما ترى في ذلك؟ فقال: إن كان في دخولكم عليه(٥) منفعة لهم، فلا بأس. وإن كان فيه ضرر، فلا.

وقال ـ عليه السّلام:( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) .(٦) فأنتم لا يخفى عليكم.

وقد قال الله ـ عزّ وجلّ:( وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) (٧) .

وفي تفسير العيّاشي(٨) : عن أبي حمزة، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: جاء رجل إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال: يا رسول الله! إنّ أخي هلك وترك أيتاما ولهم ماشية. فما يحلّ لي منها؟

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: إن كنت تليط حوضها وترد نادتها(٩) وتقوم على رعيتها، فاشرب من ألبانها غير مجتهد للحلب ولا ضارّ بالولد.( وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) .

عن عليّ(١٠) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: سألته عن قول الله في اليتامى:( وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ )

__________________

(١) المصدر: بعض. (ظ)

(٢) المصدر: أكل الطعام.

(٣) يوجد في المصدر.

(٤) الكافي ٥ / ١٢٩، ح ٤.

(٥) المصدر: عليهم.

(٦) القيامة / ١٤.

(٧) المصدر: وقد قال الله ـ عزّ وجلّ:( وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ) في الدين( وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) .

(٨) تفسير العيّاشي ١ / ١٠٧ ـ ١٠٨، ح ٣٢١.

(٩) المصدر: فاديتها.

(١٠) نفس المصدر ١ / ١٠٨، ح ٣٢٤.

٣٢٥

قال: يكون له التّمر واللّبن. ويكون لك مثله على قدر ما يكفيك ويكفيهم.

ولا يخفى على الله المفسد من المصلح.

عنه(١) ، عن عبد الله بن حجّاج، عن أبي الحسن موسى ـ عليه السّلام ـ قال: قلت له: يكون لليتيم عندي الشّيء. وهو في حجري، أنفق عليه منه. وربّما أصيب بما(٢) يكون له من طعام(٣) . وما يكون منّى إليه أكثر.

فقال: لا بأس بذلك.( وَاللهُ ) (٤) ( يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) .

( وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ ) ، أي: ولو شاء الله إعناتكم لأعنتكم، أي: كلّفكم ما يشقّ عليكم من العنت وهي المشقّة ولم يجوز(٥) لكم مداخلتهم.

( إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ) : غالب يقدر على الإعنات.

( حَكِيمٌ ) (٢٢٠): يحكم ما تقتضيه الحكمة ويتّسع له الطّاقة.

( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) ، أي: ولا تتزوجهنّ.

وقرئ بالضّمّ، أي: ولا تزوجوهنّ من المسلمين.

روى(٦) أنّه ـ عليه السّلام ـ بعث مرشد الغنويّ إلى مكّة، ليخرج أناسا من المسلمين. فأتته عناق. وكان يهوديّا في الجاهليّة.

فقالت: ألا تخلو؟

فقال: إنّ الإسلام حال بيننا.

فقالت: لك أن تتزوّج بي؟

فقال: نعم. ولكن أستأمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله.

فاستأمره. فنزلت. والمشركات تعمّ الكتابيّات وغيرهم.

وفي مجمع البيان(٧) ، عند قوله:( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ) : روى أبو الجارود، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ أنّه منسوخ بقوله:( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) وبقوله(٨) :( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) .

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٢٥.

(٢) المصدر: ربّما أصبت ممّا.

(٣) المصدر: الطعام.

(٤) المصدر: إن الله.

(٥) كذا في أ. وفي الأصل ور: لم تجوز.

(٦) مجمع البيان ١ / ٣١٧.

(٧) نفس المصدر ٢ / ١٦٢.

(٨) الممتحنة / ١٠.

٣٢٦

وفي الكافي(١) : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم قال: قال لي أبو الحسن الرّضا ـ عليه السّلام: يا أبا محمّد! ما تقول في رجل يتزوّج نصرانيّة على مسلمة؟

قلت: جعلت فداك! وما قولي بين يديك؟

قال: لتقولنّ فإنّ ذلك يعلم به قولي.

قلت: لا يجوز تزويج النّصرانيّة على مسلمة ولا غير مسلمة.

قال: لم؟

قلت: لقول الله ـ عزّ وجلّ:( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) ؟

قال: فما تقول في هذه الآية:( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) ؟

قلت: قوله( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) نسخت هذه الآية.

فتبسّم ثمّ سكت.

والمراد بالنّكاح، العقد الدّائم.

وروى جواز التّمتّع باليهوديّة والنّصرانيّة، في من لا يحضره الفقيه(٢) : وسأل الحسن التّفليسيّ الرّضا ـ عليه السّلام: يتمتّع الرّجل من اليهوديّة والنّصرانيّة؟

قال أبو الحسن الرّضا ـ عليه السّلام: يتمتّع من الحرة المؤمنة. وهي أعظم حرمة منها.

( وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ ) ، أي: لأمرأة مؤمنة حرّة كانت، أو مملوكة. فإنّ النّاس عبيد الله وإماؤه.

( وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) بحسنها وشمائلها.

و «الواو» للحال. و «لو» بمعنى «إن» و «هو» كثير.

( وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ) : ولا تزوّجوا منهم المؤمنات حتّى يؤمنوا. وهو على عمومه.

( وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ) : تعليل للنّهي عن مواصلتهم. وترغيب في مواصلة المؤمنين.

( أُولئِكَ ) : إشارة إلى المذكورين من المشركين والمشركات.

__________________

(١) الكافي ٥ / ٣٥٧، ح ٦.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٩٣، ح ١٣٩٠.

٣٢٧

( يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) : إلى الكفر المؤدّي إلى النّار. فلا يجوز مصاهرتهم.

( وَاللهُ ) ، أي: أولياؤه المؤمنون. حذف المضاف. وأقيم المضاف إليه مقامه، تفخيما لشأنهم، أو الله.

( يَدْعُوا ) بهذا التّكليف.

( إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ ) ، أي: أسبابهما من الاعتقاد والعمل الموصلين إليهما.

( بِإِذْنِهِ ) : بتوقيفه أو بقضائه.

( وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) (٢٢١)، أي: لكي يتذكّروا، أو ليكونوا بحيث يرجى منهم التّذكّر لما ركز(١) في العقول من ميل الخير ومخالفة الهوى.

( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ) : هو مصدر كالمجيء والمبيت.

قيل: ولعلّه سبحانه إنّما ذكر يسألونك بغير واو ثلاثا ثمّ بها ثلاثا، لان السؤالات الاول كانت في أوقات متفرّقة والثلاث الأخيرة كانت في وقت واحد. فلذلك ذكرها بحرف الجمع.

في كتاب علل الشّرائع(٢) ، بإسناده إلى أبي عبيدة الحذّاء، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ ـ عليه السّلام ـ قال: الحيض من النّساء نجاسة. رماهنّ الله بها.

قال: وقد كنّ النّساء في زمان نوح إنّما تحيض المرأة في كلّ سنة حيضة حتّى خرجن نسوة من حجابهن. وهنّ سبعمائة امرأة. فانطلقن. فلبسن المعصفر(٣) من الثّياب.

وتحلّين وتعطّرن. ثمّ خرجن. فتفرّقن في البلاد. فجلسن مع الرّجال. وشهدن الأعياد معهم وجلسن في صفوفهم. فرماهنّ الله بالحيض، عند ذلك، في كلّ شهر. أولئك النسّوة بأعيانهنّ. فسالت دماؤهنّ من بين الرّجال. وكنّ يحضن في كلّ شهر حيضة.

قال: فأشغلهنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ بالحيض. وكسر(٤) شهوتهنّ.

قال: وكان غير حضّ من النّساء اللّواتي، لم يفعلن مثل فعلهنّ. يحضن(٥) في كلّ سنة حيضة.

قال: فتزّوج بنو اللّاتي يحضن في كلّ شهر حيضة، بنات اللّاتي يحضن في كلّ سنة حيضة.

__________________

(١) ر: ذكر.

(٢) علل الشرائع ١ / ٢٩٠، ح ٢.

(٣) هكذا في النسخ. وفي المصدر: المعصفرات.

(٤) المصدر: كثر.

(٥) المصدر: كنّ يحضن.

٣٢٨

قال: فامتزج القوم فحضن بنات هؤلاء وهؤلاء في كلّ شهر حيضة.

قال: وكثر أولاد اللّاتي(١) يحضن في كلّ شهر حيضة، لاستقامة الحيض. وقلّ أولاد اللّاتي(٢) . لا يحضن في السّنة إلّا حيضة لفساد الدّم.

قال: وكثر نسل هؤلاء. وقلّ نسل أولئك.

روى(٣) أنّ أهل الجاهليّة كانوا لم يساكنوا الحيّض ولم يؤاكلوها كفعل اليهود والمجوس. واستمرّ ذلك إلى أن سأل أبو الدّحداء، في نفر من الصّحابة عن ذلك، فنزلت.

( قُلْ هُوَ أَذىً ) ، أي: المحيض مستقذر مؤذ من يقربه.

( فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ ) ، أي: فاجتنبوا مجامعتهن. وهو الاقتصاد بين إفراط اليهود وإخراجهنّ من البيوت، وتفريط النّصارى ومجامعتهنّ في المحيض. وإنّما وصف بأنّه «أذى» ورتّب الحكم عليه بالفاء، إشعارا بأنّه العلّة.

في الكافي(٤) : عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الحسين بن بريد، عن الحسن بن عليّ، عن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: إنّ الله لـمّا أصاب آدم وزوجته الخطيئة، أخرجهما من الجنّة وأهبطهما إلى الأرض. فأهبط آدم على الصّفا. وأهبطت حوّاء على المروة.

فقال آدم: ما فرّق بيني وبينها، إلّا أنّها لا تحلّ لي. ولو كانت تحلّ لي هبطت معي على الصّفا. ولكنّها حرّمت عليّ من أجل ذلك وفرّق بيني وبينها.

فمكث آدم معتزلا حوّاء. فكان يأتيها نهارا. فيحدّث عندها على المروة. فإذا كان اللّيل وخاف أن تغلبه نفسه، يرجع إلى الصّفا. فيبيت عليه. ولم يكن لآدم أنس غيرها ولذلك سمّين «النّساء» من أجل أنّ حوّاء كانت أنسا لآدم. لا يكلّمه الله. ولا يرسل إليه رسولا.

عدّة من أصحابنا(٥) ، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد القلانسيّ، عن عليّ بن حسّان، عن عمّه عبد الرّحمن بن كثير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ مثله.

وفي كتاب علل الشّرائع(٦) ، بإسناده إلى عذافر الصّيرفيّ قال أبو عبد الله

__________________

(١ و ٢) كذا في المصدر. وفي الأصل ور: الذين.

(٣) الكشاف ١ / ٢٦٥+ أنوار التنزيل ١ / ١١٧.

(٤) الكافي ٤ / ١٩٠، ح ١. وله تتمة.

(٥) نفس المصدر ٤ / ١٩١، ح ١. وله تتمة.

(٦) علل الشرائع ١ / ٨٢، ح ١.

٣٢٩

ـ عليه السّلام: ترى هؤلاء المشوّهين(١) ؟

قال: نعم(٢) .

قال: هؤلاء(٣) الذين يأتي آباؤهم نساءهم في الطّمث.

( وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) : تأكيد للحكم وبيان لغايته.

وفي رواية بن عبّاس(٤) : يطّهرن بتشديد الطّاء، أي: يتطهّرن.

والمراد به: إن كان انقطاع الدّم.

فالنّهي، نهي تحريم. وإن كان الغسل بعد الانقطاع، فنهي تنزيه. يدلّ عليه الأخبار.

( فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) ، أي: المأتيّ الّذي حلّله لكم.

( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ) من الذّنوب.

( وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (٢٢٢)، أي: المتنزّهين عن الفواحش والأقذار، كمجامعة الحائض.

في كتاب الخصال(٥) ، عن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال: سئل أبي عمّا حرّم الله تعالى من الفروج في القرآن وعمّا حرمّه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في السّنّة(٦) .

فقال: الّذي حرّم الله تعالى من ذلك(٧) أربعة وثلاثين وجها: سبعة عشر في القرآن وسبعة عشر في السّنّة. فأمّا الّتي في القرآن: فالزّنى ـ إلى قوله ـ والحائض، حتّى تطهر، لقوله تعالى:( وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) .

عن جعفر بن محمّد(٨) عن أبيه، عن عليّ ـ عليهما السّلام ـ قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: إنّ الله كرّه لكم، أيتها الأمّة! أربعا وعشرين خصلة، ونهاكم عنها كرّه لكم: العبث في الصّلاة ـ إلى أن قال ـ وكرّه للرّجل أن يغشى امرأته وهي حائض.

فإن غشيها فخرج الولد مجذوما(٩) أو أبرص(١٠) ، فلا يلومنّ إلّا نفسه.

__________________

(١) المصدر: المشوّهين في خلقهم.

(٢) المصدر: قال: قلت: نعم.

(٣) المصدر: قال: هم هؤلاء.

(٤) أنوار التنزيل: ١ / ١١٨.

(٥) الخصال ٢ / ٥٣٢، ح ١٠.

(٦) المصدر: سنّته.

(٧) «من ذلك» ليس في المصدر.

(٨) نفس المصدر / ٥٢٠، ح ٩.

(٩) أ: مخروما.

(١٠) كذا في المصدر. وفي النسخ: أبرصا.

٣٣٠

عن بعض أصحابنا(١) ، قال: دخلت على أبي الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ.

ـ عليه السّلام ـ يوم الأربعاء. وهو يحتجم، قلت(٢) له: إنّ أهل الحرمين يروون عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال: من احتجم يوم الأربعاء فأصابه بياض، فلا يلومنّ إلّا نفسه.

فقال: كذبوا. إنّما يصيب ذلك من حملته أمّه في طمث.

وفي كتاب علل الشرائع(٣) ، بإسناده إلى أبي خديجة، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: كان النّاس يستنجون بثلاثة أحجار لأنّهم كانوا يأكلون البرّ(٤) .

فكانوا يبعرون بعرا. فأكل رجل من الأنصار الدبا فلان بطنه. واستنجى بالماء(٥) .

فقال له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: هل عملت في يومك هذا شيئا؟

فقال: يا رسول الله! ما حملني(٦) على الاستنجاء بالماء إلّا أنّي أكلت طعاما فلان بطني. فلم تغن عنّى الأحجار(٧) شيئا. فاستنجيت بالماء.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: هنيا لك. فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ قد أنزل فيك آية فابشر( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) .

فكنت أنت أوّل من صنع هذا أوّل التّوّابين وأوّل المتطهّرين.

وفي أصول الكافي(٨) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعا، عن ابن محبوب، عن محمّد بن النّعمان الأحول، عن سلام بن المستنير قال: قال أبو جعفر ـ عليه السّلام: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لأصحابه في حديث طويل: ولو لا أنكم تذنبون فتستغفرون الله، لخلق الله خلقا حتّى يذنبوا ثمّ يستغفروا الله. فيغفر لهم. إنّ المؤمن مفتن توّاب. أما سمعت قول الله ـ عزّ وجلّ:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) وقال(٩) : استغفروا ربكم

__________________

(١) نفس المصدر / ٣٨٦، ح ٧٠.

(٢) المصدر: فقلت. (ظ)

(٣) علل الشرائع / ٢٨٦، ح ١.

(٤) المصدر: البسر.

(٥) المصدر: واستنجى بالماء. بعث [فبعث. ظ] إليه النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال: فجاء الرجل وهو خائف ـ يظن أن يكون قد نزل فيه أمر سوؤه في استنجائه بالماء.

(٦) المصدر: فقال: نعم، يا رسول الله. إني، والله ما حملني.

(٧) المصدر الحجارة.

(٨) الكافي ٢ / ٤٢٣ ـ ٤٢٤، ح ١.

(٩) هود / ٩٠.

٣٣١

ثم توبوا إليه.

محمّد بن يحيى(١) ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل، عن عبد الله بن عثمان، عن أبي جميلة قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: إنّ الله يحبّ المفتن التّوّاب. ومن لا يكون ذلك منه، كان أفضل.

عليّ بن إبراهيم(٢) ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، رفعه، قال: إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ أعطى التّائبين ثلاث خصال، لو أعطى خصلة منها جميع أهل السّماوات والأرض لنجوا بها: قوله ـ عزّ وجلّ:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) .

فمن أحبّه الله لم يعذّبه.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

عليّ بن إبراهيم(٣) ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن أبي عبيدة قال: سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول: إنّ الله تعالى أشدّ فرحا بتوبة عبده من رجل أضلّ راحلته ومزاده(٤) في ليلة ظلماء، فوجدها. فالله أشدّ فرحا بتوبة عبده، من ذلك الرّجل براحلته حين وجدها.

وفي الكافي(٥) : محمّد بن إسماعيل، عن الفضل وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج قال: قال في قول الله ـ عزّ وجلّ:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) ، قال: وكان النّاس يستنجون بالكرسف والأحجار. ثمّ أحدث الوضوء. وهو خلق كريم. فأمر به رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وصنعه. فأنزل الله في كتابه:( إِنَّ )

( اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) .

وفي كتاب الخصال(٦) ، فيما علّم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أصحابه: توبوا إلى الله ـ عزّ وجلّ. وادخلوا في محبّته. ف( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) . والمؤمن توّاب.

وفي مصباح الشّريعة(٧) : قال الصّادق ـ عليه السّلام: خلق القلب طاهرا صافيا.

__________________

(١) نفس المصدر ٢ / ٤٣٥، ح ٩.

(٢) نفس المصدر ٢ / ٤٣٢، ح ٥.

(٣) نفس المصدر ٢ / ٤٣٥، ح ٨.

(٤) المصدر: وزاده.

(٥) نفس المصدر ٣ / ١٨، ح ١٣.

(٦) الخصال ٢ / ٦٢٣، ح ١٠.

(٧) شرح فارسى لمصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة / ٦٩.

٣٣٢

وجعل (غذاءه) الذّكر والفكر والهيبة والتّعظيم. فإذا شيب القلب الصّافي في التّغذية(١) بالغفلة والكدر، صقل بمصقل(٢) التوبة [ونظّف](٣) بماء الإنابة، ليعود على حالته الأولى وجوهريّته الأصليّة الصّافية. قال الله تعالى:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) .

( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) : مواضع حرث لكم. شبّهن بها تشبيها لما يلقى في أرحامهنّ من النّطف بالبذور.

( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ ) ، أي: فأتوهنّ كما تأتون المحارث. وهو كالبيان لقوله(٤) :( فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) .

( أَنَّى شِئْتُمْ ) : من أي جهة شئتم.

روى(٥) أنّ اليهود كانوا يقولون: من جامع امرأته من دبرها في قبلها كان ولدها أحول. فذكر ذلك لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله. فنزلت.

( وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ ) :

قيل(٦) : ما يدّخر لكم الثّواب.

وقيل(٧) : هو طلب الولد.

وقيل(٨) : التّسمية على الوطء.

( وَاتَّقُوا اللهَ ) بالاجتناب عن معاصيه،( وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ ) : فتزوّدوا ممّا لا تفضحون به عنده.

( وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) (٢٢٣)، الكاملين في الإيمان(٩) بالكرامة والنّعيم الدّائم.

أمر الرّسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن يبشّر من صدّقه وامتثل أمره.

واعلم! أنّ الوطء في دبر المرأة جائزة إذا رضى(١٠) . مكروه. وليس بحرام. وفي الآية دلالة عليهما.

وفي تهذيب الأحكام(١١) : أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن

__________________

(١) المصدر: تغذيته.

(٢) المصدر: بمصقلة. (ظ)

(٣) يوجد في المصدر.

(٤) البقرة / ٢٢٢.

(٥) مجمع البيان ١ / ٣٢٠.

(٦ و ٧ و ٨) أنوار التنزيل ١ / ١١٨.

(٩) ر: بالايمان. (ظ)

(١٠) هكذا في جميع النسخ. ولعله الصواب: جائز إذا رضيت.

(١١) تهذيب الأحكام ٧ / ٤١٤، ح ١٦٥٧.

٣٣٣

حمران، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن الرّجل يأتى المرأة في دبرها.

قال: لا بأس إذا رضيت. [قلت :](١) فأين قول الله:( فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) ؟

قال: هذا في طلب الولد. فاطلبوا الولد من حيث أمركم الله. إنّ الله يقول:( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) .

وفي تفسير العيّاشيّ(٢) : عن عبد الله بن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن إتيان النّساء في أعجازهنّ.

قال: لا بأس. ثمّ تلا هذه الآية:( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) .

وعن زرارة(٣) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله:( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) قال: حيث شاءوا

وأمّا ما رواه :

عن صفوان بن يحيى(٤) ، عن بعض أصحابنا قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله:( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) . فقال: من قدامها ومن خلفها في القبل.

وعن معمر بن خلّاد(٥) ، عن أبي الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال: أي شيء تقولون في إتيان النّساء في أعجازهن؟

قلت: بلغني أنّ أهل المدينة لا يرون به بأسا.

قال: إنّ اليهود كانت تقول: «إذا أتى الرّجل من خلفها خرج ولده أحول.» فأنزل الله:( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) ، يعني: من قدّام وخلف(٦) ، خلافا لقول اليهود. ولم يعن في أدبارهنّ.

وعن الحسن بن عليّ(٧) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ مثله.

__________________

(١) يوجد في المصدر.

(٢) تفسير العياشي ١ / ١١٠، ح ٣٣٠.

(٣) نفس المصدر ١ / ١١١، ح ٣٣١.

(٤) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٣٢.

(٥) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٣٣.

(٦) المصدر: خلف أو قدّام.

(٧) نفس المصدر ونفس الموضع.

٣٣٤

وعن زرارة(١) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ [قال سألته عن قول الله:( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) .

قال: من قبل.

عن أبي بصير(٢) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام].(٣) قال: سألته عن الرجل يأتي اهله في دبرها. فكره ذلك. وقال: وإيّاكم ومحاش النّساء.

قال: إنّما معنى( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) ، أي: ساعة شئتم.

وعن الفتح بن يزيد الجرجانيّ(٤) قال: كتبت إلى الرّضا ـ عليه السّلام ـ في مسألة(٥) فورد منه الجواب: سألت عمّن أتى جاريته في دبرها والمرأة: لعبه(٦) لا تؤذي. وهي حرث كما قال الله.

محمولة على الكراهية، بقرينة الأخبار السّابقة. وفي بعض ألفاظ تلك الأخبار، أيضا، دلالة على ذلك.

( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ) : «العرضة»، فعله بمعنى المفعول، كالقبضة بمعنى المقبوض. يطلق لما يعرض دون الشيء وللمعرض للأمر.

ومعنى الآية على الأوّل: لا تجعلوا الله حاجزا لما حلفتم عليه من أنواع الخير. فيكون المراد بالإيمان الأمور المحلوف عليها، يعني: إن حلفتم على الأمور الّتي تركها مرجوح شرعا، لا ينعقد يمينكم. فأتوا بما هو الرّاجح شرعا منها. وحينئذ أن مع صلتها عطف بيان «للإيمان.» و «اللّام» صلة «عرضة»، لما فيها من معنى الاعتراض. ويجوز أن يكون للتّعليل، ويتعلّق «أن» بالفعل، أو بعرضة، أي: ولا تجعلوا الله عرضة لأنّ تبرّوا لأجل: أيمانكم به.

وعلى الثّاني: ولا تجعلوه متعرّضا لأيمانكم. فتتبدّلوه بكثرة الحلف به. و «أن تبرّوا» علّة النّهي، أي: أنهاكم عنه إرادة برّكم تقواكم وإصلاحكم بين النّاس. فإنّ الحلّاف مجترئ على السرّ. والمجترئ عليه لا يكون برّا متّقيا ولا موثوقا به في إصلاح ذات البين.

والآية ـ قيل(٧) ـ نزلت في أبي بكر، لـمّا حلف أن لا ينفق على مسطح لافترائه على

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٣٤.

(٢) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٣٥.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٤) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٣٦.

(٥) المصدر: مثله.

(٦) المصدر: لعبة الرجل. (٧) أنوار التنزيل ١ / ١١٨.

٣٣٥

عائشة.

وقيل(١) : في عبد الله بن رواحة حين حلف أن لا يكلّم ختنة بشير بن النعمان ولا يصلح بينه وبين أخته(٢) .

في أصول الكافي(٣) : عليّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن إسماعيل، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ) ، قال: إذا دعيت لصلح بين اثنين، فلا تقل: عليّ يمين أن لا أفعل(٤) .

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٥) : قوله:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ) قال: هو قول الرّجل في كلّ حالة «لا والله» و «بلى والله.»

وفي الكافي(٦) : عدّة من أصحابنا [عن سهل بن زياد](٧) ، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيّوب الخزّاز قال: سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول: لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين. فإن الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ) .

عدّة من أصحابنا(٨) ، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن يحيى بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي سلام المتعبّد، أنّه سمع أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول لسدير: يا سدير! من حلف بالله كاذبا، كفر. ومن حلف بالله صادقا، أثم. إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ) .

وفي تفسير العيّاشيّ(٩) : عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ) قالا: هو الرجل يصلح [بين الرجل].(١٠) فيحمل ما بينهما من الإثم.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ١١٨.

(٢) يوجد في أ، بعد هذه الفقرة: «والله سميع لايمانكم، عليم بنياتكم.» وهو مشطوب في الأصل.

(٣) الكافي ٢ / ٢١٠، ح ٦.

(٤) المصدر: ألّا أفعل.

(٥) تفسير القمي ١ / ٧٣.

(٦) نفس المصدر ٧ / ٤٣٤، ح ١.

(٧) ليس في المصدر.

(٨) نفس المصدر ٧ / ٤٣٤ ـ ٤٣٥، ح ٤.

(٩) تفسير العياشي ١ / ١١٢، ح ٣٣٨.

(١٠) يوجد في المصدر.

٣٣٦

عن منصور بن حازم(١) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ [في قول الله:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ) ].(٢) قال: يعني الرّجل يحلف أن لا يكلّم أخاه. وما أشبه ذلك. ولا يكلّم أمّه.

وعن أيّوب(٣) : قال سمعته يقول: لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين. فإنّ الله يقول:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ) قال: إذا استعان رجل برجل على صلح بينه وبين رجل، فلا يقولن(٤) «إنّ عليّ يمينا أن لا أفعل.» وهو قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ) .

وفي من لا يحضره الفقيه(٥) : وروى محمّد بن إسماعيل، عن سلام بن سهم الشّيخ المتعبّد، أنّه سمع أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول ـ وذكر مثله.

[( وَاللهُ سَمِيعٌ ) لأيمانكم،( عَلِيمٌ ) (٢٢٤) بنيّاتكم].(٦) ( لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ ) : «اللّغو»: السّاقط، الّذي لا يعتدّ به من كلام وغيره. ولغو اليمين، ما لا عقد معه كما سبق به اللّسان، أو تكلّم به جاهلا بمعناه.

( وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) ، أي: بما قصدتم من الأيمان وواطأت فيها قلوبكم ألسنتكم.

( وَاللهُ غَفُورٌ ) حيث لا يؤاخذكم باللّغو،( حَلِيمٌ ) (٢٢٥) حيث لم يعاجل بالمواخذة على يمين الجدّ، تربّصا للتّوبة.

( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ) ، أي: يحلفون على أن لا يجامعوهنّ مطلقا، أو مقيّدا بالدّوام، أو بأكثر من أربعة أشهر، إذا كنّ مدخولا بهنّ.

و «الإيلاء»: الحلف. وتعديته بعلى ولكن لـمّا ضمّن هذا القسم معنى البعد، عدّى بمن.

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٣٩.

(٢) ليس في أ.

(٣) ر: عن أبي. والحديث في نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٤٠.

(٤) المصدر: تقولنّ.

(٥) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥، ح ١١٠٨.

(٦) ليس في أ.

٣٣٧

( تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) :

مبتدأ، ما قبله خبره، أو فاعل الظّرف.

و «التّربّص»: التّوقف. أضيف إلى الظّرف، على الاتّساع، أي: للمولى حقّ التّربّص في هذه المدّة، لا يطالب بفيء، ولا طلاق.

( فَإِنْ فاؤُ ) ، أي: رجعوا في اليمين بالحنث والكفّارة،( فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (٢٢٦): للمولى إثم حنثه إذا كفّر، أو ما توخّى بالإيلاء من إضرار المرأة.

( وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ ) ، أي: همّموا(١) قصده،( فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ ) لطلاقهم،( عَلِيمٌ ) (٢٢٧) بغرضهم ونيّاتهم.

في كتاب علل الشّرائع(٢) ، بإسناده إلى أبي خالد(٣) الهيثم قال: سألت أبا الحسن الثّاني ـ عليه السّلام: كيف صار(٤) عدّة المطلّقة ثلاث حيض، أو ثلاثة أشهر وعدّة المتوفّى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيّام(٥) ؟

قال: أمّا عدّة المطلّقة ثلاث حيض، أو ثلاثة أشهر فلاستبراء الرّحم من الولد.

وأمّا عدة(٦) المتوفى عنها زوجها، فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ شرط للنّساء شرطا، فلم يكملهن(٧) فيه.

وفيما شرط عليهنّ، بل شرط عليهنّ مثل ما شرط لهم فأمّا ما شرط لهنّ: فإنّه جعل لهنّ في الإيلاء أربعة أشهر. لأنّه علم أنّ ذلك غاية صبر النّساء. فقال ـ عزّ وجلّ:( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) . فلا يجوز(٨) للرّجل.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٩) : حدّثني أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: «الإيلاء» هو أن يحلف الرّجل على امرأته

__________________

(١) أور: صمّموا.

(٢) علل الشرائع / ٥٠٧ ـ ٥٠٨، ح ١.

(٣) «خالد» ليس في المصدر.

(٤) المصدر: صارت.

(٥) المصدر: أربعة أشهر وعشرا.

(٦) ليس في أو في المصدر.

(٧) المصدر: فلم يحلّهن. (ظ)

(٨) المصدر: فلم يجز.

(٩) تفسير القمي ١ / ٧٣.

٣٣٨

أن لا يجامعها. فإن صبرت عليه فلها أن تصبر. وإن(١) رفعته إلى الإمام، أنظره أربعة أشهر.

ثمّ يقول له بعد ذلك: إمّا أن ترجع إلى المناكحة، وإمّا أن تطلقه. فان أبى جئته أبدا(٢) .

وروى عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام(٣) ـ أنّه من(٤) بنى حظيرة من قصب. وجعل فيها رجلا آلى من امرأته بعد أربعة أشهر. فقال(٥) : إمّا أن ترجع إلى المناكحة، وإمّا أن تطلّق وإلا أحرقت عليك الحظيرة.

وفي الكافي(٦) : أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، وأبو العبّاس محمّد بن جعفر، عن أيّوب بن نوح، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وحميد بن زياد، عن ابن سماعة، جميعا، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: سألته عن الإيلاء، ما هو؟

قال: هو أن يقول الرّجل لامرأته: «والله لا أجامعك كذا وكذا.» ويقول: «والله لأغيظنّك.» فيتربّص بها أربعة أشهر. ثمّ يؤخذ فيوقف بعد الأربعة أشهر. فإن فاءوا. وهو أن يصالح أهله.( فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) . وإن لم يفئ جبر على أن يطلق ولا يقع طلاق فيما بينهما، ولو كان بعد الأربعة الأشهر، ما لم ترفعه(٧) إلى الإمام.

عليّ(٨) ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن عمر بن أذينه، عن بكر بن أعين، وبريد بن معاوية، عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ أنّهما قالا: إذا آلى الرجل أن لا يقرب امرأته، فليس لها قول ولا حقّ في الأربعة الأشهر. ولا إثم عليه في كفّه عنها في الأربعة الأشهر. فإن مضت الأربعة الأشهر قبل ان يمسّها فسكنت(٩) ورضيت، فهو في حلّ وسعة. فإن رفعت أمرها قيل له: إمّا أن تفيء فتمسّها، وإمّا أن تطلّق. وعزم الطّلاق أن يخلّى عنها. فإذا حاضت وطهرت طلّقها وهو أحقّ برجعتها، ما لم تمض ثلاثة قروء فهذا الإيلاء الّذي أنزل(١٠) الله ـ تبارك وتعالى ـ في كتابه وسنّة رسول الله(١١) ـ صلّى الله عليه وآله

__________________

(١) المصدر: فان.

(٢) المصدر: وإمّا أن تطلق وإلّا جئتك أبدا.

(٣) نفس المصدر ١ / ٧٤.

(٤) ليس في ر. (ظ)

(٥) المصدر: وقال له: (ظ)

(٦) الكافي ٦ / ١٣٢، ح ٩.

(٧) المصدر: لم يرفعه.

(٨) نفس المصدر ٦ / ١٣١، ح ٤.

(٩) المصدر: فسكتت.

(١٠) المصدر: أنزله. (ظ)

(١١) المصدر: سنة.

٣٣٩

محمّد بن يحيى(١) ، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيّ قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن رجل آلى من امرأته بعدها دخل بها.

قال(٢) : إذا مضت أربعة أشهر وقف، وإن كان بعد حين. فإن فاء فليس بشيء.

فهي امرأته. وإن عزم الطّلاق، فقد عزم.

وقال: «الإيلاء» أن يقول الرّجل لامرأته: «والله لأغيظنك(٣) ولأسوءنك.» ثمّ يهجرها ولا يجامعها، حتّى تمضى أربعة أشهر. فإذا مضت أربعة أشهر، فقد وقع الإيلاء وينبغي للإمام أن يجبره على أن يفيء أو يطلّق. فإن فاء( فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) . وإن عزم الطّلاق،( فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) . وهو قول الله ـ تبارك وتعالى ـ في كتابه.

( وَالْمُطَلَّقاتُ ) : يريد بها المدخول بهنّ، من ذوات الأقراء، لما دلّت الآيات والأخبار على أنّ حكم غيرهنّ خلاف ما ذكر.

( يَتَرَبَّصْنَ ) :

خبر، صورة. وأمر، معنى.

وتغيير العبارة للتأكيد والإشعار بأنّه ممّا يجب أن يسارع إلى امتثاله. وكأنّ المخاطب قصد أن يمتثل الأمر فيخبر عنه.

وبناؤه على المبتدأ، يفيد فضل تأكيد.

( بِأَنْفُسِهِنَ ) : تهييج(٤) وبعث لهنّ على التّربّص. فإنّ نفوس النّساء طوامح إلى الرّجال. فأمرن بأن يقمعنها ويحملنها على التّربّص.

( ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) : نصب على الظّرف، أو المفعول به، أي: يتربّصن مضيّها.

و «القروء»، جمع قرء. كأنّ القياس أن يذكر بصيغة القلّة الّتي هي الأقراء. ولكنّهم يتّسعون في ذلك، فيستعملون كل واحد من البناءين مكان الآخر.

ولعلّ الحكم لـمّا عمّ المطلّقات ذوات الأقراء، تضمّن معنى الكثرة. فحسن بناؤها.

و «القرء» يطلق للحيض، وللطهر الفاصل بين حيضتين. وهو المراد هاهنا.

__________________

(١) نفس المصدر ٦ / ١٣٢، ح ٧.

(٢) المصدر: فقال.

(٣) المصدر: لأغيضنّك.

(٤) ر: يهتج.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493