تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب12%

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 493

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 493 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 183526 / تحميل: 5562
الحجم الحجم الحجم
تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

قوما قتلوك ، ما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة الرسول ، على الدنيا بعدك العفاء ، قال الراوى وخرجت زينب بنت علىعليه‌السلام تنادى يا حبيباه يا ابن أخاه وجاءت فاكبّت عليه فجاء الحسينعليه‌السلام فاخذها وردّها الى النساء ، ثمّ جعل أهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم يخرج الرجل منهم بعد الرجل حتّى قتل القوم منهم جماعة ، فصاح الحسينعليه‌السلام فى تلك الحال صبرا يا بنى عمومتى صبرا يا أهل بيتى فو الله لا رأيتم هو انا بعد هذا اليوم أبدا(١)

٦ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف حدّثنى زهير بن عبد الرحمن بن زهير الخثعمى ، قال : كان آخر من بقى مع الحسين من أصحابه سويد بن عمرو بن أبى المطاع الخثعمى ، قال : وكان أوّل قتيل من بنى أبى طالب يومئذ علىّ الأكبر بن الحسين بن علىّ ، وأمّه ليلى ابنة أبى مرّة بن عروة بن مسعود الثقفى ، وذلك أنّه أخذ يشدّ على الناس وهو يقول :

أنا علىّ بن حسين بن علىّ

نحن وربّ البيت أولى بالنبىّ

تالله لا يحكم فينا ابن الدّعى

قال : ففعل ذلك مرارا ، فبصر به مرّة بن منقذ بن النعمان العبدىّ ثمّ الليثىّ ، فقال : علىّ آثام العرب إن مرّ بى يفعل مثل ما كان يفعل إن لم أثكله أباه ، فمرّ يشدّ على الناس بسيفه ، فاعترضه مرّة بن منقذ ، فطعنه فصرع ، واحتوله الناس فقطّعوه بأسيافهم(٢) .

٧ ـ عنه قال أبو مخنف حدّثنى سليمان بن أبى راشد ، عن حميد بن مسلم الأزدى ، قال : سماع أذنى يومئذ من الحسين يقول : قتل الله قوما قتلوك يا بنىّ! ما أجرأهم على الرحمن ، وعلى انتهاك حرمة الرسول! على الدنيا بعدك العفاء ، قال :

__________________

(١) اللهوف : ٤٩.

(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٦.

١٠١

وكأنّى أنظر الى امرأة خرجت مسرعة كأنّها الشمس الطالعة تنادى : يا أخيّاه! ويا ابن أخيّاه! قال : فسألت عنها ، فقيل هذه زينب ابنة فاطمة ابنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فجاءت حتّى اكبّت عليه.

فجاءها الحسين فأخذ بيدها فردّها إلى الفسطاط ، وأقبل الحسين إلى ابنه ، وأقبل فتيانه إليه ، فقال : احملوا أخاكم ، فحملوه من مصرعه حتّى وضعوه بين يدى الفسطاط الّذي كانوا يقاتلون أمامه(١) .

٨ ـ قال أبو الفرج الاصفهانى : على بن الحسين وهو علىّ الأكبر ولا عقب له يكنى أبا الحسن ، وأمّه ليلى بنت أبى مرّة بن عروة بن مسعود الثقفى وأمّها ميمونة بنت أبى سفيان بن حرب بن أميّة وتكنى أم شيبة ، وأمها بنت أبى العاص ابن أميّة ، وهو أوّل من قتل فى الواقعة ، وإيّاه عنى معاوية فى الخبر الذي حدّثنى به محمّد بن محمّد بن سليمان ، قال : حدّثنا يوسف بن موسى القطان ، قال : حدّثنا جرير ، عن مغيرة قال : قال معاوية : من أحقّ الناس بهذا الامر؟ قالوا : أنت.

قال لا ، أولى الناس بهذا الأمر علىّ بن الحسين بن على ، جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه شجاعة بنى هاشم ، وسخاء بنى أميّة وزهو ثقيف ، وقال يحيى بن الحسن العلوى : وأصحابنا الطالبيّون يذكرون أن المقتول لأمّ ولد وأنّ الّذي أمّه ليلى هو جدّهم حدّثنى بذلك أحمد بن سعيد عنه(٢) .

٩ ـ عنه حدّثنى أحمد بن سعيد عن يحيى ، عن عبيد الله بن حمزة ، عن الحجّاج بن المعتز الهلالى ، عن أبى عبيدة وخلف الأحمر ، أنّ هذه الابيات قيلت فى علىّ بن الحسين الأكبر :

لم تر عين نظرت مثله

من محتف يمشى ومن ناعل

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٧.

(٢) مقاتل الطالبيين : ٥٢.

١٠٢

يغلى نئىّ اللّحم حتّى إذا

انضج لم يغل على الآكل

كان إذا شبّت له ناره

أوقدها بالشرف القابل

كيما يراها بائس مرمل

أو فرد حىّ ليس بالآهل

أعنى ابن ليلى ذا السدى الندى

أعنى ابن بنت الحسب الفاضل

لا يؤثر الدنيا على دينه

ولا يبيع الحقّ بالباطل

ولد علىّ بن الحسينعليه‌السلام فى خلافة عثمان ، وقد روى عن جدّه علىّ بن أبى طالبعليه‌السلام ، وعن عائشة احاديث كرهت ذكرها فى هذا الموضع لأنّها ليست من جنس ما قصدت له(١) .

١٠ ـ عنه قال المدائنى عن العبّاس بن محمّد بن رزين ، عن علىّ بن طلحة ، وعن أبى مخنف ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن حميد بن مسلم ، وقال عمر بن سعد البصرى ، عن أبى مخنف ، عن زهير بن عبد الله الخثعمى ، وحدثنيه أحمد بن سعيد ، عن يحيى بن الحسن العلوى ، عن بكر بن عبد الوهاب ، عن إسماعيل ابن أبى إدريس ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه دخل حديث بعضهم فى حديث الآخرين : انّ أوّل قتيل قتل من ولد أبى طالب مع الحسين ابنه علىعليه‌السلام قال : فأخذ يشدّ على الناس وهو يقول :

أنا علىّ بن الحسين بن على

نحن وبيت الله أولى بالنبى

من شبث ذاك ومن شمر الدنيّ

أضربكم بالسيف حتّى يلتوى

ضرب غلام هاشمى علوى

ولا أزال اليوم أحمى عن أبى

والله لا يحكم فينا ابن الدعى

ففعل ذلك مرارا فنظر إليه مرّة بن منقذ العبدى ، فقال : علىّ آثام العرب إن

__________________

(١) مقاتل الطالبيين : ٥٢.

١٠٣

هو فعل مثل ما أراه يفعل ومرّ بى أن أثكله أمّه ، فمرّ يشدّ على الناس ويقول ، كما كان يقول ، فاعترضه مرّة وطعنه بالرمح فصرعه واعتوره الناس فقطعوه بأسيافهم(١) .

١١ ـ عنه قال أبو مخنف : عن سليمان بن أبى راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال : سماع أذنى يومئذ الحسين وهو يقول : قتل الله يوما قتلوك ، يا بنىّ ما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ قال : على الدنيا بعدك العفاء ، قال حميد : وكأنّى انظر الى امرأة خرجت مسرعة كأنّها الشمس الطالعة تنادى : يا حبيباه يا ابن أخاه فسألت عنها.

فقالوا : هذه زينب بنت علىّ بن أبى طالب ، ثمّ جاءت حتّى انكبّت عليه فجاء الحسين فأخذ بيدها الى الفسطاط ، وأقبل إلى ابنه ، وأقبل فتيانه إليه فقال : احملوا أخاكم فحملوه من مصرعه ذلك ثمّ جاء به حتّى وضعه بين يدى فسطاطه(٢) .

١٢ ـ حدّثنى أحمد بن سعيد ، قال : حدّثنى يحيى بن الحسن العلوى ، قال : حدّثنا غير واحد ، عن محمّد بن عمير ، عن أحمد بن عبد الرحمن البصرى ، عن عبد الرحمن بن مهدى ، عن حمّاد بن سلمة ، عن سعيد بن ثابت قال : لمّا برز على بن الحسين إليهم أرخى الحسين ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ عينيه فبكى ثمّ قال : اللهمّ كن أنت الشهيد عليهم فبرز إليهم غلام أشبه الخلق برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فجعل يشدّ عليهم ثمّ يرجع الى أبيه فيقول : يا أبه العطش ، فيقول له الحسين : اصبر حبيبى فانّك لا تمسى حتّى يسقيك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكأسه ، وجعل يكرّ كرّة بعد كرّة حتّى رمى بسهم فوقع فى حلقه فخرقه وأقبل ينقلب فى دمه ، ثمّ نادى. يا ابتاه عليك السلام ، هذا جدّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقرئك السلام ويقول : عجل القوم

__________________

(١) مقاتل الطالبيين : ٧٦.

(٢) مقاتل الطالبيين : ٧٦.

١٠٤

إلينا وشهق شهقه فارق الدنيا(١) .

١٣ ـ قال الدينورى : فلم يزل أصحاب الحسين يقاتلون ويقتلون ، حتّى لم يبق معه غير أهل بيته ، فكان أوّل من تقدّم منهم ، فقاتل علىّ بن الحسين ، وهو علىّ الأكبر ، فلم يزل يقاتل حتّى قتل ، طعنه مرّة بن منقذ العبدى ، فصرعه ، وأخذته السيوف فقتل(٢) .

١٤ ـ قال المقرم : ولما لم يبق مع الحسين إلّا أهل بيته عزموا على ملاقاة الحتوف ببأس شديد وحفاظ حر ونفوس أبية وأقبل بعضهم يودّع بعضا وأوّل من تقدم أبو الحسن على الأكبر وعمره سبع وعشرون سنة ، فانّه ولد فى الحادى عشر من شعبان سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة ، وكان مرآة الجمال النبوى ومثال خلقه السامى ، وانموذجا من منطقه البليغ واذا كان شاعر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول فيه :

وأحسن منك لم تر قطّ عينى

وأجمل منك لم تلد النساء

خلقت مبرّءا من كلّ عيب

كأنّك قد خلقت كما تشاء

فعلىّ الأكبر هو المتفرّع من الشجرة النبوية الوارث للمآثر الطيبة وكان حريا بمقام الخلافة ، لو لا انّها منصوصة من إله السماء وقد سجل سبحانه أسماءهم فى الصحيفة النازل بها جبرئيلعليه‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولما يمّم الحرب عزّ فراقه على مخدّرات الامامة لأنّه عماد أخبيتهنّ وحمى أمنهنّ ومعقد آمالهنّ بعد الحسين فكانت هذه ترى هتاف الرسالة فى وشك الانقطاع عن سمعها ، وتلك تجد شمس النبوّة فى شفا الانكساف وأخرى تشاهد الخلق المحمّدى قد آذن بالرحيل فأحطن به وتعلقن بأطرافه وقلن : ارحم غربتنا لا طاقة لنا على فراقك فلم يعبأ بهنّ لأنّه يرى حجّة الوقت. مكثورا قد اجتمع أعداؤه

__________________

(١) مقاتل الطالبيّين : ٧٧.

(٢) الاخبار الطوال : ٢٥٦.

١٠٥

على إراقة دمه الطاهر.

فاستأذن أباه وبرز على فرس للحسين يسمّى «لاحقا» ومن جهة أنّ ليلى أمّ الأكبر بنت ميمونة ابنة أبى سفيان صاح رجل من القوم : يا على إنّ لك رحما بأمير المؤمنين يزيد ونريد أن نرعى الرحم ، فان شئت آمنّاك قالعليه‌السلام : إنّ قرابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحقّ أن ترعى ، ثمّ شدير تجز معرّفا بنفسه القدسية وغايته السامية ولم يتمالك الحسينعليه‌السلام دون أن أرخى عينيه بالدموع.

صاح بعمر بن سعد مالك : قطع الله رحمك ، كما قطعت رحمى ، ولم تحفظ قرابتى من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلّط عليك من يذبحك على فراشك ، ثمّ رفع شيبته المقدّسة نحو السماء وقال : اللهمّ اشهد على هؤلاء فقد برز إليهم أشبه الناس برسولك محمّد وكنّا إذا اشتقنا الى رؤية نبيّك نظرنا إليه اللهمّ فامنعهم بركات الارض وفرّقهم تمزيقا واجعلهم طرائق قددا ولا ترض الولاة عنهم أبدا فانّهم دعونا لينصرونا ثمّ عدوا علينا يقاتلوننا.

تلا قوله تعالى :( إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ولم يزل يحمل على الميمنة ويعيدها على الميسرة ويغوص فى الأوساط ، فلم يقابله جحفل إلّا ردّه ولا برز إليه شجاع إلّا قتله ، فقتل مائة وعشرين فارسا وقد اشتدّ به العطش ، فرجع إلى أبيه يستريح ويذكر ما أجهده من العطش فبكى الحسين وقال : وا غوثاه ما أسرع الملتقى بجدّك فيسقيك بكأسه شربة لا تظمأ بعدها وأخذ لسانه فمصّه ودفع إليه خاتمه ليضعه فى فيه(١)

__________________

(١) مقتل الحسين : ٢٩٤ ـ ٢٩٨.

١٠٦

٢ ـ شهادة قاسم بن الحسنعليه‌السلام

١٥ ـ قال المفيد : قال حميد بن مسلم : فبينا كذلك إذ خرج علينا غلام كانّ وجهه شقّة قمر فى يده سيف وعليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع إحداهما فقال لى عمر بن سعد بن نفيل الأزدى : والله لأشدّنّ عليه فقلت سبحان الله وما تريد بذلك دعه يكفيكه هؤلاء القوم الذين ما يبقون على أحد منهم ، فقال والله لأشدّنّ عليه ، فشدّ عليه فما ولىّ حتّى ضرب رأسه بالسيف ففلقه ووقع الغلام لوجهه فقال يا عمّاه.

فجلا الحسينعليه‌السلام كما يجلى الصّقر ، ثمّ شدّ شدّة ليث أغضب فضرب عمر بن سعد بن نفيل بالسيف فاتّقاها بالساعد فقطعها من لدن المرفق فصاح صيحة سمعها أهل العسكر ، ثمّ تنحى عنه الحسينعليه‌السلام وجعلت خيل الكوفة لتستنقذوه ، فتوطأته بأرجلها حتّى مات وانجلت الغبرة فرأيت الحسين قائما على رأس الغلام وهو يفحص برجليه والحسينعليه‌السلام يقول : بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدّك.

ثمّ قالعليه‌السلام عزّ والله على عمّك ان تدعوه فلا يجيبك ، أو يجيبك فلا ينفعك ، صوت ، والله كثر واتره وقلّ ناصره ثمّ حمله على صدره وكانّى أنظر إلى رجلى الغلام يخطّان الأرض فجاذبه حتّى ألقاه مع ابنه علىّ بن الحسينعليهما‌السلام والقتلى من أهل بيته فسئلت عنه فقيل لى : هو القاسم بن الحسن بن علىّ بن أبى طالبعليهم‌السلام (١) .

__________________

(١) الارشاد : ٢٢٣.

١٠٧

١٦ ـ قال الفتال : برز من بعده القاسم بن الحسن بن علىعليهم‌السلام ، وهو يقول :

لا تجزعى نفسى وكلّ فان

اليوم تلقين ذرى الجنان

فقتل منهم ثلاثة ثمّ رمى عن فرسهعليه‌السلام (١) .

١٧ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز القاسم وعليه ثوب وإزار ونعلان فقط ، وكأنّه فلقة قمر وأنشأ يقول :

إنّى أنا القاسم من نسل علىّ

نحن وبيت الله أولى بالنبىّ

من شمر ذى الجوشن أو ابن الدّعى

فقتله عمرو بن سعيد الازدى فخرّ وصاح يا عمّاه ، فحمل الحسينعليه‌السلام فقطع يده وسلبه أهل الشام من يد الحسين ، فوقف الحسين على رأسه وقال : عزّ على عمّك ان تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا تنفعك إجابته(٢)

١٨ ـ قال ابن طاوس : قال الراوى وخرج غلام كأنّ وجهه شقّة قمر فجعل يقاتل ، فضربه ابن فضيل الأزدى على رأسه ففلقه فوقع الغلام لوجهه وصاح يا عمّاه فجلى الحسينعليه‌السلام كما يجلى الصقر ، ثمّ شدّ شدّة ليث أغضب فضرب ابن فضيل بالسيف ، فاتّقاها بالساعد ، فأطنّه من لدن المرفق ، فصاح صيحة سمعه أهل العسكر وحمل أهل الكوفة يستنقذوه ، فوطأته الخيل حتّى هلك.

قال وانجلت الغبرة فرأيت الحسينعليه‌السلام قائما على رأس الغلام وهو يفحص برجليه والحسينعليه‌السلام يقول بعد القوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدّك وأبوك ، ثمّ قال : عزّ والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك ، فلا ينفعك ، صوته هذا يوم والله كثر واتره ، وقلّ ناصره ، ثمّ حمل صلوات الله عليه الغلام على

__________________

(١) روضة الواعظين : ١٦١.

(٢) المناقب : ٢ / ٢٢١.

١٠٨

صدره حتّى ألقاه بين القتلى من أهل بيته(١) .

١٩ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : حدّثنى سليمان بن أبى راشد عن حميد بن مسلم ، قال : خرج إلينا غلام كأنّ وجهه شقة قمر ، فى يده السيف عليه قميص وإزار ، ونعلان قد انقطع شسع أحدهما ما أنسى أنّها اليسرى ، فقال لى عمرو بن سعد بن نفيل الأزدى : والله لأشدّنّ عليه ، فقلت له : سبحان الله وما تريد ذلك يكفيك قتل هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه ، قال : فقال : والله لأشدّنّ عليه ، فشدّ عليه فما ولى حتّى ضرب رأسه بالسيف.

فوقع الغلام لوجهه ، فقال يا عماه قال : فجلى الحسين كما يجلى الصقر ثمّ شدّ شدّة ، ليث إذا غضب فضرب عمرا بالسيف فاتقاه بالساعد ، فأطنّها من لدن المرفق فصاح ثمّ تنحى عنه وحملت خيل لأهل الكوفة ليستنقذوا عمرا من حسين ، فاستقبلت عمرا بصدورها فحرّكت حوافرها وجالت الخيل بفرسانها عليه فوطئته حتّى مات ، وانجلت الغبرة ، فاذا بالحسين قائم على رأس الغلام والغلام يفحص برجليه وحسين يقول :

بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدّك ، ثمّ قال عزّ والله على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك ثمّ لا ينفعك صوت والله كثر واتره وقلّ ناصره ، ثمّ احتمله فكأنّى انظر إلى رجلى الغلام يخطّان فى الأرض وقد وضع حسين صدره على صدره ، قال فقلت فى نفسى ما يصنع به فجاء به حتّى ألقاه مع ابنه علىّ ابن الحسين ، وقتلى قد قتلت حوله من أهل بيته فسألت عن الغلام فقيل : هو القاسم ابن الحسن بن على بن أبى طالب(٢) .

٢٠ ـ قال أبو الفرج : والقاسم بن الحسن بن علىّ بن أبى طالبعليه‌السلام ، وهو

__________________

(١) اللهوف : ٥٠.

(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٧.

١٠٩

أخو أبى بكر بن الحسن المقتول قبله لأبيه وامّه(١)

٢١ ـ حدّثنى أحمد بن عيسى قال : حدّثنا الحسين بن نصر قال حدّثنا أبى قال حدّثنا عمر بن سعيد عن أبى مخنف : عن سليمان بن أبى راشد ، عن حميد بن مسلم قال : خرج إلينا غلام كأنّ وجهه شقّة قمر فى يده السيف وعليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع أحدهما ما أنس أنّه اليسرى فقال عمرو بن سعيد بن نفيل الازدى : والله لأشدّنّ عليه ، فقلت له : سبحان الله وما تريد إلى ذلك يكفيك قتله هؤلاء الّذين تراهم قد احتوشوه من كلّ جانب.

قال : والله لأشدنّ عليه فما ولى وجهه حتّى ضرب رأس الغلام بالسيف فوقع الغلام لوجهه وصاح : يا عماه ، قال : فو الله لتجلى الحسين كما يتجلّى الصقر ، ثمّ شدّ شدّة الليث إذا غضب فضرب عمرا بالسيف فاتقاه بساعده فأطنّها من لدن المرفق ، ثمّ تنحّى عنه وحملت خيل عمر بن سعد ، فاستنقذوه من الحسين ولما حملت الخيل استقبله بصدورها وجالت فتوطأته فلم يرم حتّى مات.

فلمّا تجلت الغبرة اذا بالحسين على رأس الغلام وهو يفحص برجليه وحسين يقول : بعد القوم قتلوك خصمهم فيك يوم القيامة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ قال : عزّ على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك ، ثمّ لا تنفعك اجابته يوم كثر واتره وقلّ ناصره ، ثمّ احتمله على صدره وكأنّى أنظر إلى رجلى الغلام تخطّان فى الأرض حتّى ألقاه مع ابنه علىّ بن الحسين فسألت عن الغلام ، فقالوا : هو القاسم بن الحسن بن علىّ بن أبى طالب صلوات الله عليهم أجمعين(٢)

__________________

(١) مقاتل الطالبيين : ٥٨.

(٢) مقاتل الطالبيين : ٥٨.

١١٠

٣ ـ شهادة عبد الله بن الحسنعليه‌السلام

٢٢ ـ قال المفيد : فخرج إليهم عبد الله بن الحسن بن علىعليهما‌السلام ، وهو غلام لم يراهق من عند النساء ، فشدّ حتّى وقف إلى جنب عمّه الحسينعليه‌السلام فلحقته زينب بنت علىّعليه‌السلام لتحبسه ، فقال لها الحسينعليه‌السلام : احبسه يا اختى فأبى وامتنع عليهما امتناعا شديدا ، وقال : والله لا أفارق عمّى وأهوى أبجر بن كعب الى الحسينعليه‌السلام بالسيف ، فقال له الغلام : ويلك يا ابن الخبيثة أتقتل عمّى فضربه أبجر بالسيف فاتقاها الغلام بيده وأطنّها الى الجلد فاذا يده معلّقة ونادى الغلام يا امّاه.

فأخذه الحسينعليه‌السلام فضمّه إليه وقال : يا ابن أخى اصبر على ما نزل بك واحتسب فى ذلك الخير ، فانّ الله يلحقك بآبائك الصالحين ثمّ دفع الحسينعليه‌السلام يده وقال : اللهم فان متّعتم إلى حين ففرّقهم فرقا واجعلهم طرائق قددا ولا ترض الولاة منهم أبدا فانّهم دعونا لينصرونا ، ثمّ عدوا علينا فقتلونا وحملت الرجالة يمينا وشمالا على من كان بقى مع الحسينعليه‌السلام فقتلوهم حتّى لم يبق معه الّا ثلاثة نفر أو أربعة(١) .

٢٣ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز عبد الله بن الحسن بن علىعليهما‌السلام ، وهو يقول:

ان تنكرونى فأنا بن الحسن

سبط النبيّ المصطفى المؤتمن

هذا الحسين كالأسير المرتهن

بين اناس لا سقوا صوب المزن

فقتل أربعة عشر رجلا قتله هانى بن شبيب الحضرمى فاسودّ وجهه(٢) .

__________________

(١) الارشاد : ٢٢٥.

(٢) المناقب : ٢ / ٢٢٠.

١١١

٢٤ ـ قال ابن طاوس فخرج عبد الله بن الحسن بن علىعليهما‌السلام وهو غلام لم يراهق من عند النساء يشتدّ حتّى وقف إلى جنب الحسين فلحقته زينب بنت علىّعليه‌السلام لتحبسه فأبى وامتنع امتناعا شديدا ، فقال لا والله لا افارق عمّى ، فأهوى بحر ابن كعب وقيل حرملة بن كاهل الى الحسينعليه‌السلام بالسيف فقال له الغلام ويلك يا ابن الخبيثة أتقتل عمّى فضربه بالسيف.

فاتقا الغلام بيده ، فاطنّها الى الجلد فاذا هى معلّقة فنادى الغلام يا اماه فأخذ الحسينعليه‌السلام وضمّه إليه وقال يا ابن أخى اصبر على ما نزل بك واحتسب فى ذلك الخير ، فانّ الله يلحقك بآبائك الصالحين ، قال فرماه حرملة بن كاهل بسهم فذبحه وهو فى حجر عمه الحسينعليه‌السلام (١) .

٢٥ ـ قال أبو الفرج : عبد الله بن الحسن بن على بن أبى طالبعليهما‌السلام ، امّه بنت السليل بن عبد الله أخى جرير بن عبد الله البجلى ، وقيل : ان أمه أمّ ولد ، وكان أبو جعفر محمّد بن على ـ فيما رويناه عنه ـ يذكر أن حرملة بن كاهل الأسدي قتله(٢) .

٢٦ ـ عنه ذكر المدائنى فى أسناده عن جناب بن موسى ، عن حمزة بن بيض ، عن هانى بن ثبيت الفائضى أنّ رجلا منهم قتله(٣) .

٢٧ ـ قال الطبرى : قال هشام : حدّثنى أبو الهذيل ـ رجل من السكون ـ عن هانى بن ثبيت الحضرمى ، قال : رأيته جالسا فى مجلس الحضرميّين فى زمان خالد بن عبد الله وهو شيخ كبير ، قال فسمعته وهو يقول : كنت ممّن شهد قتل الحسين قال : فو الله انى لواقف عاشر عشرة ليس منا رجل إلّا على فرس وقد جالت الخيل و

__________________

(١) اللهوف : ٥٣.

(٢) مقاتل الطالبيين : ٥٨.

(٣) مقاتل الطالبيين : ٥٩.

١١٢

تصعصعت اذ خرج غلام من آل الحسين وهو ممسك بعود من تلك الأبنية عليه إزار وقميص وهو مذعور يلتفت يمينا وشمالا.

فكأنّى انظر الى درّتين فى اذنيه تذبذبان كلما التفت إذ اقبل رجل يركض حتّى إذا دنا منه مال عن فرسه ، ثمّ اقتصد الغلام فقطعه بالسيف قال هشام : قال السكونى هانى بن ثبيت ، هو صاحب الغلام فلمّا عتب عليه كنى عن نفسه(١) .

٢٨ ـ عنه عن أبى مخنف : ، ثمّ انّ شمر بن ذى الجوشن أقبل فى الرجالة نحو الحسين فاخذ الحسين يشدّ عليهم فيكشفون عنه ، ثمّ انّهم أحاطوا به إحاطة ، وأقبل الى الحسين غلام من أهله ، فأخذته أخته زينب ابنة على لتحبسه فقال لها الحسين : احبسيه فأبى الغلام وجاء يشتدّ إلى الحسين فقام الى جنبه قال : وقد أهوى بحر بن كعب بن عبيد الله ـ من بنى تيم الله بن ثعلبة بن عكابة ـ الى الحسين بالسيف.

فقال الغلام يا ابن الخبيثة أتقتل عمّى فضربه بالسيف فاتّقاه الغلام بيده فأطنّها إلى الجلدة فاذا يده معلّقة فنادى الغلام يا أمّاه فأخذه الحسين فضمّه إلى صدره وقال يا ابن أخى اصبر على ما نزل بك ، واحتسب فى ذلك الخير فانّ الله يلحقك بآبائك الصالحين برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلىّ بن أبى طالب وحمزة وجعفر والحسن بن على صلّى الله عليهم أجمعين(٢) .

٢٩ ـ عنه قال أبو مخنف : حدّثنى سليمان بن أبى راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال: سمعت الحسين يومئذ وهو يقول : اللهمّ أمسك عنهم قطر السماء وامنعهم بركات الأرض اللهمّ فان متّعتهم الى حين ففرّقهم فرقا واجعلهم طرائق قددا ، ولا ترض عنهم الولاة أبدا ، فانّهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا ، قال : وضارب

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٩.

(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٥٠.

١١٣

الرجالة حتّى انكشفوا عنه(١) .

٤ ـ شهادة عبد الله بن مسلم

٣٠ ـ قال الفتال : قد برز عبد الله بن مسلم بن عقيل وأنشأ يقول :

أقسمت لا أقتل إلّا حرّا

وقد وجدت الموت شيئا نكرا

أكره أن أدعا جبانا فرّا

ان الجبان من عصى وفرّا

فقتل منهم ثلاثة ثمّ قتل رحمة الله عليه(٢) .

٣١ ـ قال أبو الفرج : عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبى طالبعليه‌السلام امّه رقية بنت علىّ بن أبى طالب وأمّها أمّ ولد ، قتله عمرو بن صبيح فيما ذكرناه عن على بن محمّد المدائنى ، وعن حميد بن مسلم وذكر أن السهم أصابه وهو واضع يده على جبينه فأثبته فى راحته وجبهته(٣) .

٣٢ ـ روى الطبرى عن أبى مخنف : قال : ثمّ إنّ عمرو بن صبيح الصدائى رمى عبد الله بن مسلم بن عقيل بسهم فوضع كفه على جبهته فأخذ لا يستطيع أن يحرّك كفيه ثمّ انتحى له بسهم آخر فغلق قلبه فاعتورهم الناس من كلّ جانب(٤)

٣٣ ـ قال ابن شهرآشوب : برز من بنى هاشم عبد الله بن مسلم وهو يقول :

اليوم ألقى مسلما وهو أبى

وفتية بادوا على دين النبيّ

من هاشم السادات أهل الحسب

فقاتل ، حتّى قتل ثمانية وتسعين رجلا بثلاث حملات ثمّ قتله عمرو بن صبيح

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٥١.

(٢) روضة الواعظين : ١٦١.

(٣) مقاتل الطالبيين : ٦٢.

(٤) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٧.

١١٤

الصيداوى وأسد بن مالك(١) .

٦ ـ شهادة جعفر بن عقيل

٣٤ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز جعفر بن عقيل قائلا :

أنا الغلام الأبطحى الطالبى

من معشر فى هاشم من غالب

ونحن حقّا سادة الذوائب

هذا حسين أطيب الأطايب

فقتل رجلين وفى قول خمسة عشر فارسا قتله بشير بن سوط الهمدانيّ(٢) .

٣٥ ـ قال أبو الفرج : جعفر بن عقيل بن أبى طالب امّه أمّ الثغر بنت عامر بنت الهضاب العامرى من بنى كلاب قتله عروة بن عبد الله الخثعمى فيما رويناه عن أبى جعفر محمّد بن على بن حسين وعن حميد بن مسلم ، ويقال امّه الخوصاء بنت الثغرية واسمه عمرو بن عامر بن الهضاب بن كعب بن عبد بن أبى بكر بن كلاب العامرى(٣) .

٣٦ ـ روى الطبرى عن أبى مخنف : أنّ عبد الله بن عزرة الخثعمى رمى جعفر ابن عقيل بن أبى طالب فقتله(٤) .

٧ ـ شهادة عبد الرحمن بن عقيل

٣٧ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز عبد الرحمن بن عقيل وهو يرتجز :

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢٢٠.

(٢) المناقب : ٢ / ٢٢٠.

(٣) مقاتل الطالبيين : ٦١.

(٤) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٧.

١١٥

أبى عقيل فاعرفوا مكانى

من هاشم وهاشم إخوانى

كهول صدق سادة الأقران

هذا حسين شامخ البنيان

وسيّد الشّيب مع الشبّان

فقتل سبعة عشر فارسا قتله عثمان بن خالد الجهنى(١) .

٣٨ ـ قال الطبرى : وشدّ عثمان بن خالد بن أمير الجهنى وبشر بن سوط الهمدانيّ على عبد الرحمن بن عقيل بن أبى طالب فقتلاه(٢) .

٨ ـ شهادة عبد الله بن عقيل

٣٩ ـ قال ابن شهرآشوب : روى انّ عبد الله بن عقيل الأكبر قاتل فقتله عثمان بن خالد الجهنى(٣) .

٤٠ ـ قال أبو الفرج : عبد الله الأكبر بن عقيل بن أبى طالبعليه‌السلام ، أمّه أمّ ولد قتله ـ فيما ذكره المدائنى ، عثمان بن خالد بن أشيم الجهنى ورجل من همدان(٤) .

٩ ـ شهادة محمّد بن عبد الله بن جعفر

٤١ ـ قال أبو الفرج : محمّد بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالبعليه‌السلام ، أمّه الخوصاء بنت حفصة بن ثقيف بن ربيعة بن عثمان بن ربيعة بن عائذ بن ثعلبة بن الحارث بن تيم اللات بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن على بن بكر بن وائل وامها

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢٢٠.

(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٤٧.

(٣) المناقب : ٢ / ٢٢٠.

(٤) مقاتل الطالبيين : ٦١.

١١٦

هند بنت سالم بن عبد الله بن عبد الله بن مخزوم بن سنان بن مولة بن عامر بن مالك بن تيم اللات بن ثعلبة ، وأمّها ميمونة بنت بشر بن عمرو بن الحارث بن نهل بن شيبان بن ثعلبة بن الحصين بن عكابة بن صعب بن على بن بكر بن وائل.

قتله عامر بن نهشل التميمى فيما روى عن سليمان بن أبى راشد عن حميد بن مسلم بالإسناد الذي قدمناه ، وإيّاه عنى سليمان بن قتة بقوله :

وسمى النبيّ غودر فيهم

قد علوه بصارم مصقول

فاذا ما بكيت عينى فجودى

بدموع تسيل كلّ مسيل(١)

٤٢ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز محمّد بن عبد الله بن جعفر وهو ينشد :

اشكو الى الله من العدوان

فعال قوم فى الردى عميان

قد بدّلوا معالم القرآن

ومحكم التنزيل والتبيان

واظهروا الكفر مع الطغيان

فقتل عشرة أنفس ، قتله عامر بن نهشل التميمىّ(٢) .

٤٣ ـ قال الطبرى : وحمل عامر بن نهشل التيمىّ على محمّد بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب فقتله(٣) .

١٠ ـ شهادة عون بن عبد الله بن جعفر

٤٤ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز أخوه عون قائلا :

ان تنكرونى فانا بن جعفر

شهيد صدق فى الجنان أزهر

__________________

(١) مقاتل الطالبيين : ٦٠.

(٢) المناقب : ٢ / ٢٢٠.

(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٧.

١١٧

يطير فيها بجناح أخضر

كفى بهذا شرفا فى المحشر

فقتل ثلاثة فوارس وثمانية عشر راجلا ، قتله عبد الله بن قطة الطائى(١) .

٤٥ ـ قال أبو الفرج : وعون بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب الأكبر ، أمه زينب العقيلة بنت علىّ بن أبى طالب ، وأمها فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإيّاه عنى سليمان بن قتة بقوله :

واندبى إن بكيت عونا أخاه

ليس فيما ينو بهم بخذول

فلعمرى لقد أصبت ذوى القر

بى فبكى على المصاب الطويل

والعقيلة هى التي روى ابن عباس عنها كلام فاطمة فى فدك ، فقال : حدثتنى عقيلتنا زينب بنت علىعليه‌السلام (٢) .

٤٦ ـ عنه حدّثنى أحمد بن عيسى قال : حدثنا الحسين بن ، نصر عن أبيه ، عن عمر بن سعد ، عن أبى مخنف ، عن سليمان بن أبى راشد ، عن حميد بن مسلم : أنّ عبد الله بن قطنة التيهانى التميمى قتل عون بن عبد الله بن جعفر(٣) .

١١ ـ شهادة أبو بكر بن علىعليه‌السلام

٤٧ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز أبو بكر بن علىعليه‌السلام قائلا :

شيخى علىّ ذو الفخار الأطول

من هاشم الخير الكريم المفضل

هذا حسين ابن النبيّ المرسل

نفديه نفسى من أخى مبجّل

فلم يزل يقاتل حتّى قتله زجر بن بدر الجحفى ويقال عقبة الغنوى(٤)

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢٢٠.

(٢) مقاتل الطالبيين : ٦٠.

(٣) مقاتل الطالبيين : ٦٠.

(٤) المناقب : ٢ / ٢٢١.

١١٨

٤٨ ـ قال الطبرى ورمى عبد الله بن عقبة الغنوى أبا بكر بن علىّ بسهم فقتله فلذلك يقول الشاعر ، وهو ابن أبى عقب :

وعند غنىّ قطرة من دمائنا

وفى أسد اخرى تعدّ وتذكر

٤٩ ـ قال أبو الفرج : أبو بكر بن علىّ بن أبى طالبعليه‌السلام ، لم يعرف اسمه ، وأمّه ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعى بن سلم بن جندل بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم ، وأمّ ليلى بنت مسعود عميرة بنت قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر سيّد أهل الوبر بن عبيد بن الحارث وهو مقاعس وأمها عناق بنت عصام بن سنان بن خالد بن منقر ، وأمّها بنت سفيان بن خالد بن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. ولسلمى يقول الشاعر :

تسوّد أقوام وليسوا بسادة

بل السيد الميمون سلم بن جندل(١)

٥٠ ـ عنه ذكر أبو جعفر محمّد بن علىّ بن الحسين فى الاسناد الّذي تقدّم : أن رجلا من همدان قتله(٢) .

٥١ ـ عنه ذكر المدائنى أنه وجد فى ساقية مقتولا لا يدرى من قتله(٣) .

٥٢ ـ عنه وقد ذكر محمّد بن على بن حمزة : أنّه قتل يومئذ إبراهيم بن على بن أبى طالبعليه‌السلام وأمه أم ولد ، وما سمعت بهذا من غيره ، ولا رأيت لإبراهيم فى شيء من كتب الانساب ذكرا(٤)

__________________

(١) مقاتل الطالبيين : ٥٦.

(٢) مقاتل الطالبيين : ٥٧.

(٣) مقاتل الطالبيين : ٥٧.

(٤) مقاتل الطالبيين : ٥٧.

١١٩

١٢ ـ شهادة عمر بن علىعليه‌السلام

٥٣ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز أخوه عمر وهو يرتجز :

خلّوا عداة الله خلّوا من عمر

خلّوا عن اللّيث الهصور المكفهر

يضربكم بسيفه ولا يفرّ

يا زجر يا زجر تدان من عمر

وقتل زجرا قاتل أخيه ثمّ دخل حومة الحرب(١)

١٣ ـ شهادة عثمان بن علىعليه‌السلام .

٥٤ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز أخوه عثمان وهو ينشد :

انّى أنا عثمان ذو المفاخر

شيخى علىّ ذو الفعال الطاهر

هذا حسين سيّد الأخاير

وسيّد الصغار والأكابر

رماه خولى بن يزيد الأصبحى على جنبه فسقط عن فرسه ، وجز رأسه رجل من بنى أبان بن حازم(٢) .

٥٥ ـ قال أبو الفرج : عثمان بن على بن أبى طالبعليه‌السلام ، وأمه أم البنين أيضا ، قال يحيى بن الحسن عن على بن ابراهيم ، عن عبيد الله بن الحسن ، وعبد الله بن العبّاس ، قالا : قتل عثمان بن على وهو ابن إحدى وعشرين سنة ، وقال الضحاك المشرقى : أن خولى بن يزيد رمى عثمان بن على بسهم فأوهطه وشدّ عليه رجل من بنى أبان بن دارم ، فقتله ، وأخذ رأسه ، وعثمان بن علىّ الذي روى عن على أنّه قال :

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢٢١.

(٢) المناقب : ٢ / ٢٢١.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

فكتب: كلّ ما قومر به فهو الميسر. وكلّ مسكر حرام.

وعن عامر بن السبط(١) ، عن عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ قال: الخمر من ستّة أشياء: التّمر والزّبيب والحنطة والشّعير والعسل والذرة.

وفي الكافي(٢) : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمّر بن خلّاد، عن أبي الحسن ـ عليه السّلام ـ قال: النّرد والشّطرنج، بمنزلة واحدة. وكل ما قومر عليه فهو ميسر.

عدّة من أصحابنا(٣) ، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن مثنى الحنّاط(٤) ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام: الشّطرنج والنّرد هما الميسر.

محمّد بن يحيى(٥) عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عبد الملك القمي قال: كنت أنا وإدريس أخي عند أبي عبد الله ـ عليه السّلام. فقال إدريس: جعلنا الله فداك! ما الميسر؟

فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام. هي الشّطرنج.

قال: فقلت عندهم(٦) يقولون: إنّها النّرد.

قال: والنّرد أيضا.

قال البيضاويّ(٧) : روى أنّه نزل بمكّة، قوله(٨) ( وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً ) .(٩) فأخذ المسلمون يشربونها. ثمّ أنّ عمر ومعاذا في نفر من الصّحابة، قالوا: أفتنا، يا رسول الله! في الخمر؟ فإنّها مذهبة للعقل(١٠) فنزلت هذه الآية. فشربها قوم وتركها آخرون. [ثمّ دعا عبد الرّحمن بن عوف ناسا منهم. فشربوا. فسكروا. فأمّ أحدهم.

فقرأ: «أعبد ما تعبدون.» فنزلت:( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) (١١) . فقلّ من

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣١٣.

(٢) الكافي ٦ / ٤٣٥، ح ١.

(٣) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣.

(٤) أ: الخيّاط.

(٥) نفس المصدر ٦ / ٤٣٦، ح ٨.

(٦) المصدر: أما أنتم.

(٧) أنوار التنزيل ١ / ١١٥ ـ ١١٦.

(٨) النحل / ٦٧.

(٩) المصدر: سكرا ورزقا حسنا.

(١٠) مذهبة للعقل مسلبة للمال.

(١١) النساء / ٤٣.

٣٢١

يشربها].(١) ثمّ دعا عتبان بن مالك، سعد بن أبي وقّاص في نفر. فلمّا سكروا افتخروا وتناشدوا. فأنشد سعد شعرا، فيه هجاء الأنصار. فضربه أنصاريّ بلحى بعير. فشجّه.

فشكى إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله. فقال عمر: «اللهمّ بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا.» فنزلت:( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ) ـ إلى قوله ـ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) . فقال عمر: انتهينا يا ربّ.

وهذا النّقل منه يدلّ على عدم حرمة الخمر في أوّل الإسلام وعدم انتهاء عمر عن الخمر قبل نزول «إنّما الخمر» (إلى آخره.) والصّحيح أنّ الخمر كان حراما وهذا أوّل آية نزلت في التّحريم.

روى في الكافي(٢) : عن بعض أصحابنا ـ مرسلا ـ قال: إنّ أوّل ما نزل في تحريم الخمر، قول الله ـ عزّ وجلّ:( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما ) . فلمّا نزلت الآية أحسّ القوم بتحريم الخمر. وعلموا أنّ الإثم ينبغي(٣) اجتنابه. ولا يحمل الله ـ عزّ وجلّ ـ عليهم من كلّ طريق. لأنه قال:( وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ ) . ثمّ أنزل ـ عزّ وجلّ ـ آية أخرى. (الحديث).

ويدلّ عليه أيضا الأخبار السّابقة وقوله :

( قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ ) من حيث أنّه يؤدّي إلى الانتكاب عن المأمور به وارتكاب المنهيّ عنه.

( وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ ) من كسب المال والطّرب والالتّذاذ ومصادفة الفتيان.

( وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما ) ، أي: المفاسد الّتي تنشأ منهما أعظم من المنافع المتوقّعة منهما. والمفسدة إذا ترجّحت على المصلحة، اقتضت تحريم الفعل.

[وفي أصول الكافي(٤) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الرّيّان بن الصّلت قال: سمعت الرّضا ـ عليه السّلام ـ يقول: ما بعث الله نبيّا إلّا بتحريم الخمر، وأن يقرّ لله بالبداء.

( وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ ) قيل: سائله عمرو بن الجموح. سأل أوّلا عن المنفق والمسرف، وثانيا عن كيفيّة

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) الكافي ٦ / ٤٠٦، ح ٢.

(٣) المصدر: فما ينبغي.

(٤) الكافي ١ / ١٤٨، ح ١٥.

٣٢٢

الإنفاق.

( قُلِ الْعَفْوَ ) ، أي: الوسط، لا إقتار ولا إسراف. والعفو» ضدّ الجهد. ومنه يقال للأرض السّهلة: العفو].(١)

وفي الكافي(٢) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير(٣) ، عن رجل(٤) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ) قال: العفو، الوسط.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٥) : قوله:( وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ) قال :لا إقتار ولا إسراف.

وفي مجمع البيان(٦) :( قُلِ الْعَفْوَ ) فيه أقوال ـ إلى قوله ـ وثالثها أنّ العفو ما فضل عن قوت السّنة

ـ عن الباقر ـ عليه السّلام. قال: ونسخ ذلك بآية الزّكاة.

( كَذلِكَ ) ، أي: مثل ما بيّن أنّ العفو أصلح، أو ما ذكر من الأحكام.

والكاف في موضع النّصب، صفة لمصدر محذوف، أي: تبيينا مثل هذا التّبيين. ووحدّ العلامة. والمخاطب جمع على تأويل القبيل والجمع.

( يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ ) الدّالّة على ما فيه إرشادكم.

( لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ) (٢١٩) في الدّلائل والأحكام.

( فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ) : في أمور الدّارين، فتأخذون بالأصلح وتتركون المضرّ.

( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى ) :

في تفسير عليّ بن إبراهيم(٧) : حدّثني أبي، عن صفوان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام: أنّه لـمّا أنزلت(٨) ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ) أخرج كلّ من كان عنده يتيم، وسألوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في إخراجهم. فأنزل الله ـ تبارك وتعالى:( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) .

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) الكافي ٤ / ٥٢، ح ٣.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ: ابن أبي بصير.

(٤) المصدر: عن بعض أصحابه.

(٥) تفسير القمي ١ / ٧٢.

(٦) مجمع البيان ١ / ٣١٦.

(٧) تفسير القمي ١ / ٧٢.

(٨) المصدر: أنزلت. (ظ)

٣٢٣

وفي مجمع البيان(١) ، عند قوله( وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ ) (الآية) :

روى أنّه لـمّا نزلت هذه الآية، كرهوا مخالطة اليتامى. فشقّ ذلك عليهم فشكوا ذلك إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله. فأنزل الله سبحانه وتعالى( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ) . (الآية) ـ عن الحسن. وهو المرويّ عن السّيدين الباقر والصّادق ـ عليهما السّلام.

( قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ) ، أي: مداخلتهم لإصلاحهم خير من مجانبتهم.

قال الصّادق ـ عليه السّلام(٢) : لا بأس بأن تخالط طعامك بطعام اليتيم. فإنّ الصّغير يوشك أن يأكل كما يأكل الكبير.

وأمّا الكسوة وغيره، فيحسب على رأس كلّ صغير وكبير وكم يحتاج إليه.

( وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ) : حثّ على المخالطة، أي: أنّهم إخوانكم في الدّين.

ومن حقّ الأخ أن يخالط الأخ.

وقيل(٣) : المراد بالمخالطة المصاهرة.

( وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) : وعيد ووعد لمن خالطهم لإفساد وإصلاح، أي: يعلم أمره فيجازيه عليه.

وفي الكافي(٤) : عثمان، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ) .

قال: يعني اليتامى. إذا كان الرّجل يلي الأيتام»(٥) . في حجره، فليخرج من ماله على قدر ما يخرج لكلّ إنسان منهم. فيخالطهم. ويأكلون جميعا. ولا يرز أنّ من أموالهم شيئا. إنّما هي النّار.

أحمد بن محمّد(٦) ، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: قلت: أرأيت قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ) ؟

قال: تخرج من أموالهم بقدر ما يكفيهم. وتخرج من مالك قدر ما يكفيك. ثمّ شفّعه(٧) .

__________________

(١) مجمع البيان ٢ / ٣ ـ ٤.

(٢) تفسير القمي ١ / ٧٢.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ١١٦ ـ ١١٧.

(٤) الكافي ٥ / ١٢٩، ح ٢.

(٥) المصدر: لا يتام.

(٦) الكافي ٥ / ١٣٠، ح ٥.

(٧) المصدر: تنفقه. (ظ)

٣٢٤

قلت: أرأيت إن كانوا يتامى صغارا وكبارا وبعضهم أعلى كسوة من (بعضهم(١) ) وبعضهم آكل من بعض وما لهم جميعا؟

فقال: أمّا الكسوة، فعلى كلّ إنسان منهم ثمن كسوته. وأمّا الطّعام(٢) فاجعلوه [جميعا].(٣) فإنّ الصّغير يوشك أن يأكل مثل الكبير.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

محمّد بن يحيى(٤) ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهليّ قال: قيل لأبي عبد الله ـ عليه السّلام: إنّا ندخل على أخ لنا في بيت أيتام، ومعهم خادم لهم، فنقعد على بساطهم، ونشرب من مائهم، ويخد منا خادمهم. وربّما طعمنا فيه الطّعام من غير صاحبنا. وفيه من طعامهم. فما ترى في ذلك؟ فقال: إن كان في دخولكم عليه(٥) منفعة لهم، فلا بأس. وإن كان فيه ضرر، فلا.

وقال ـ عليه السّلام:( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) .(٦) فأنتم لا يخفى عليكم.

وقد قال الله ـ عزّ وجلّ:( وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) (٧) .

وفي تفسير العيّاشي(٨) : عن أبي حمزة، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: جاء رجل إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال: يا رسول الله! إنّ أخي هلك وترك أيتاما ولهم ماشية. فما يحلّ لي منها؟

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: إن كنت تليط حوضها وترد نادتها(٩) وتقوم على رعيتها، فاشرب من ألبانها غير مجتهد للحلب ولا ضارّ بالولد.( وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) .

عن عليّ(١٠) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: سألته عن قول الله في اليتامى:( وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ )

__________________

(١) المصدر: بعض. (ظ)

(٢) المصدر: أكل الطعام.

(٣) يوجد في المصدر.

(٤) الكافي ٥ / ١٢٩، ح ٤.

(٥) المصدر: عليهم.

(٦) القيامة / ١٤.

(٧) المصدر: وقد قال الله ـ عزّ وجلّ:( وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ) في الدين( وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) .

(٨) تفسير العيّاشي ١ / ١٠٧ ـ ١٠٨، ح ٣٢١.

(٩) المصدر: فاديتها.

(١٠) نفس المصدر ١ / ١٠٨، ح ٣٢٤.

٣٢٥

قال: يكون له التّمر واللّبن. ويكون لك مثله على قدر ما يكفيك ويكفيهم.

ولا يخفى على الله المفسد من المصلح.

عنه(١) ، عن عبد الله بن حجّاج، عن أبي الحسن موسى ـ عليه السّلام ـ قال: قلت له: يكون لليتيم عندي الشّيء. وهو في حجري، أنفق عليه منه. وربّما أصيب بما(٢) يكون له من طعام(٣) . وما يكون منّى إليه أكثر.

فقال: لا بأس بذلك.( وَاللهُ ) (٤) ( يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) .

( وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ ) ، أي: ولو شاء الله إعناتكم لأعنتكم، أي: كلّفكم ما يشقّ عليكم من العنت وهي المشقّة ولم يجوز(٥) لكم مداخلتهم.

( إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ) : غالب يقدر على الإعنات.

( حَكِيمٌ ) (٢٢٠): يحكم ما تقتضيه الحكمة ويتّسع له الطّاقة.

( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) ، أي: ولا تتزوجهنّ.

وقرئ بالضّمّ، أي: ولا تزوجوهنّ من المسلمين.

روى(٦) أنّه ـ عليه السّلام ـ بعث مرشد الغنويّ إلى مكّة، ليخرج أناسا من المسلمين. فأتته عناق. وكان يهوديّا في الجاهليّة.

فقالت: ألا تخلو؟

فقال: إنّ الإسلام حال بيننا.

فقالت: لك أن تتزوّج بي؟

فقال: نعم. ولكن أستأمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله.

فاستأمره. فنزلت. والمشركات تعمّ الكتابيّات وغيرهم.

وفي مجمع البيان(٧) ، عند قوله:( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ) : روى أبو الجارود، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ أنّه منسوخ بقوله:( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) وبقوله(٨) :( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) .

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٢٥.

(٢) المصدر: ربّما أصبت ممّا.

(٣) المصدر: الطعام.

(٤) المصدر: إن الله.

(٥) كذا في أ. وفي الأصل ور: لم تجوز.

(٦) مجمع البيان ١ / ٣١٧.

(٧) نفس المصدر ٢ / ١٦٢.

(٨) الممتحنة / ١٠.

٣٢٦

وفي الكافي(١) : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم قال: قال لي أبو الحسن الرّضا ـ عليه السّلام: يا أبا محمّد! ما تقول في رجل يتزوّج نصرانيّة على مسلمة؟

قلت: جعلت فداك! وما قولي بين يديك؟

قال: لتقولنّ فإنّ ذلك يعلم به قولي.

قلت: لا يجوز تزويج النّصرانيّة على مسلمة ولا غير مسلمة.

قال: لم؟

قلت: لقول الله ـ عزّ وجلّ:( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) ؟

قال: فما تقول في هذه الآية:( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) ؟

قلت: قوله( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) نسخت هذه الآية.

فتبسّم ثمّ سكت.

والمراد بالنّكاح، العقد الدّائم.

وروى جواز التّمتّع باليهوديّة والنّصرانيّة، في من لا يحضره الفقيه(٢) : وسأل الحسن التّفليسيّ الرّضا ـ عليه السّلام: يتمتّع الرّجل من اليهوديّة والنّصرانيّة؟

قال أبو الحسن الرّضا ـ عليه السّلام: يتمتّع من الحرة المؤمنة. وهي أعظم حرمة منها.

( وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ ) ، أي: لأمرأة مؤمنة حرّة كانت، أو مملوكة. فإنّ النّاس عبيد الله وإماؤه.

( وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) بحسنها وشمائلها.

و «الواو» للحال. و «لو» بمعنى «إن» و «هو» كثير.

( وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ) : ولا تزوّجوا منهم المؤمنات حتّى يؤمنوا. وهو على عمومه.

( وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ) : تعليل للنّهي عن مواصلتهم. وترغيب في مواصلة المؤمنين.

( أُولئِكَ ) : إشارة إلى المذكورين من المشركين والمشركات.

__________________

(١) الكافي ٥ / ٣٥٧، ح ٦.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٩٣، ح ١٣٩٠.

٣٢٧

( يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) : إلى الكفر المؤدّي إلى النّار. فلا يجوز مصاهرتهم.

( وَاللهُ ) ، أي: أولياؤه المؤمنون. حذف المضاف. وأقيم المضاف إليه مقامه، تفخيما لشأنهم، أو الله.

( يَدْعُوا ) بهذا التّكليف.

( إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ ) ، أي: أسبابهما من الاعتقاد والعمل الموصلين إليهما.

( بِإِذْنِهِ ) : بتوقيفه أو بقضائه.

( وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) (٢٢١)، أي: لكي يتذكّروا، أو ليكونوا بحيث يرجى منهم التّذكّر لما ركز(١) في العقول من ميل الخير ومخالفة الهوى.

( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ) : هو مصدر كالمجيء والمبيت.

قيل: ولعلّه سبحانه إنّما ذكر يسألونك بغير واو ثلاثا ثمّ بها ثلاثا، لان السؤالات الاول كانت في أوقات متفرّقة والثلاث الأخيرة كانت في وقت واحد. فلذلك ذكرها بحرف الجمع.

في كتاب علل الشّرائع(٢) ، بإسناده إلى أبي عبيدة الحذّاء، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ ـ عليه السّلام ـ قال: الحيض من النّساء نجاسة. رماهنّ الله بها.

قال: وقد كنّ النّساء في زمان نوح إنّما تحيض المرأة في كلّ سنة حيضة حتّى خرجن نسوة من حجابهن. وهنّ سبعمائة امرأة. فانطلقن. فلبسن المعصفر(٣) من الثّياب.

وتحلّين وتعطّرن. ثمّ خرجن. فتفرّقن في البلاد. فجلسن مع الرّجال. وشهدن الأعياد معهم وجلسن في صفوفهم. فرماهنّ الله بالحيض، عند ذلك، في كلّ شهر. أولئك النسّوة بأعيانهنّ. فسالت دماؤهنّ من بين الرّجال. وكنّ يحضن في كلّ شهر حيضة.

قال: فأشغلهنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ بالحيض. وكسر(٤) شهوتهنّ.

قال: وكان غير حضّ من النّساء اللّواتي، لم يفعلن مثل فعلهنّ. يحضن(٥) في كلّ سنة حيضة.

قال: فتزّوج بنو اللّاتي يحضن في كلّ شهر حيضة، بنات اللّاتي يحضن في كلّ سنة حيضة.

__________________

(١) ر: ذكر.

(٢) علل الشرائع ١ / ٢٩٠، ح ٢.

(٣) هكذا في النسخ. وفي المصدر: المعصفرات.

(٤) المصدر: كثر.

(٥) المصدر: كنّ يحضن.

٣٢٨

قال: فامتزج القوم فحضن بنات هؤلاء وهؤلاء في كلّ شهر حيضة.

قال: وكثر أولاد اللّاتي(١) يحضن في كلّ شهر حيضة، لاستقامة الحيض. وقلّ أولاد اللّاتي(٢) . لا يحضن في السّنة إلّا حيضة لفساد الدّم.

قال: وكثر نسل هؤلاء. وقلّ نسل أولئك.

روى(٣) أنّ أهل الجاهليّة كانوا لم يساكنوا الحيّض ولم يؤاكلوها كفعل اليهود والمجوس. واستمرّ ذلك إلى أن سأل أبو الدّحداء، في نفر من الصّحابة عن ذلك، فنزلت.

( قُلْ هُوَ أَذىً ) ، أي: المحيض مستقذر مؤذ من يقربه.

( فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ ) ، أي: فاجتنبوا مجامعتهن. وهو الاقتصاد بين إفراط اليهود وإخراجهنّ من البيوت، وتفريط النّصارى ومجامعتهنّ في المحيض. وإنّما وصف بأنّه «أذى» ورتّب الحكم عليه بالفاء، إشعارا بأنّه العلّة.

في الكافي(٤) : عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الحسين بن بريد، عن الحسن بن عليّ، عن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: إنّ الله لـمّا أصاب آدم وزوجته الخطيئة، أخرجهما من الجنّة وأهبطهما إلى الأرض. فأهبط آدم على الصّفا. وأهبطت حوّاء على المروة.

فقال آدم: ما فرّق بيني وبينها، إلّا أنّها لا تحلّ لي. ولو كانت تحلّ لي هبطت معي على الصّفا. ولكنّها حرّمت عليّ من أجل ذلك وفرّق بيني وبينها.

فمكث آدم معتزلا حوّاء. فكان يأتيها نهارا. فيحدّث عندها على المروة. فإذا كان اللّيل وخاف أن تغلبه نفسه، يرجع إلى الصّفا. فيبيت عليه. ولم يكن لآدم أنس غيرها ولذلك سمّين «النّساء» من أجل أنّ حوّاء كانت أنسا لآدم. لا يكلّمه الله. ولا يرسل إليه رسولا.

عدّة من أصحابنا(٥) ، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد القلانسيّ، عن عليّ بن حسّان، عن عمّه عبد الرّحمن بن كثير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ مثله.

وفي كتاب علل الشّرائع(٦) ، بإسناده إلى عذافر الصّيرفيّ قال أبو عبد الله

__________________

(١ و ٢) كذا في المصدر. وفي الأصل ور: الذين.

(٣) الكشاف ١ / ٢٦٥+ أنوار التنزيل ١ / ١١٧.

(٤) الكافي ٤ / ١٩٠، ح ١. وله تتمة.

(٥) نفس المصدر ٤ / ١٩١، ح ١. وله تتمة.

(٦) علل الشرائع ١ / ٨٢، ح ١.

٣٢٩

ـ عليه السّلام: ترى هؤلاء المشوّهين(١) ؟

قال: نعم(٢) .

قال: هؤلاء(٣) الذين يأتي آباؤهم نساءهم في الطّمث.

( وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) : تأكيد للحكم وبيان لغايته.

وفي رواية بن عبّاس(٤) : يطّهرن بتشديد الطّاء، أي: يتطهّرن.

والمراد به: إن كان انقطاع الدّم.

فالنّهي، نهي تحريم. وإن كان الغسل بعد الانقطاع، فنهي تنزيه. يدلّ عليه الأخبار.

( فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) ، أي: المأتيّ الّذي حلّله لكم.

( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ) من الذّنوب.

( وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (٢٢٢)، أي: المتنزّهين عن الفواحش والأقذار، كمجامعة الحائض.

في كتاب الخصال(٥) ، عن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال: سئل أبي عمّا حرّم الله تعالى من الفروج في القرآن وعمّا حرمّه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في السّنّة(٦) .

فقال: الّذي حرّم الله تعالى من ذلك(٧) أربعة وثلاثين وجها: سبعة عشر في القرآن وسبعة عشر في السّنّة. فأمّا الّتي في القرآن: فالزّنى ـ إلى قوله ـ والحائض، حتّى تطهر، لقوله تعالى:( وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) .

عن جعفر بن محمّد(٨) عن أبيه، عن عليّ ـ عليهما السّلام ـ قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: إنّ الله كرّه لكم، أيتها الأمّة! أربعا وعشرين خصلة، ونهاكم عنها كرّه لكم: العبث في الصّلاة ـ إلى أن قال ـ وكرّه للرّجل أن يغشى امرأته وهي حائض.

فإن غشيها فخرج الولد مجذوما(٩) أو أبرص(١٠) ، فلا يلومنّ إلّا نفسه.

__________________

(١) المصدر: المشوّهين في خلقهم.

(٢) المصدر: قال: قلت: نعم.

(٣) المصدر: قال: هم هؤلاء.

(٤) أنوار التنزيل: ١ / ١١٨.

(٥) الخصال ٢ / ٥٣٢، ح ١٠.

(٦) المصدر: سنّته.

(٧) «من ذلك» ليس في المصدر.

(٨) نفس المصدر / ٥٢٠، ح ٩.

(٩) أ: مخروما.

(١٠) كذا في المصدر. وفي النسخ: أبرصا.

٣٣٠

عن بعض أصحابنا(١) ، قال: دخلت على أبي الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ.

ـ عليه السّلام ـ يوم الأربعاء. وهو يحتجم، قلت(٢) له: إنّ أهل الحرمين يروون عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال: من احتجم يوم الأربعاء فأصابه بياض، فلا يلومنّ إلّا نفسه.

فقال: كذبوا. إنّما يصيب ذلك من حملته أمّه في طمث.

وفي كتاب علل الشرائع(٣) ، بإسناده إلى أبي خديجة، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: كان النّاس يستنجون بثلاثة أحجار لأنّهم كانوا يأكلون البرّ(٤) .

فكانوا يبعرون بعرا. فأكل رجل من الأنصار الدبا فلان بطنه. واستنجى بالماء(٥) .

فقال له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: هل عملت في يومك هذا شيئا؟

فقال: يا رسول الله! ما حملني(٦) على الاستنجاء بالماء إلّا أنّي أكلت طعاما فلان بطني. فلم تغن عنّى الأحجار(٧) شيئا. فاستنجيت بالماء.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: هنيا لك. فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ قد أنزل فيك آية فابشر( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) .

فكنت أنت أوّل من صنع هذا أوّل التّوّابين وأوّل المتطهّرين.

وفي أصول الكافي(٨) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعا، عن ابن محبوب، عن محمّد بن النّعمان الأحول، عن سلام بن المستنير قال: قال أبو جعفر ـ عليه السّلام: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لأصحابه في حديث طويل: ولو لا أنكم تذنبون فتستغفرون الله، لخلق الله خلقا حتّى يذنبوا ثمّ يستغفروا الله. فيغفر لهم. إنّ المؤمن مفتن توّاب. أما سمعت قول الله ـ عزّ وجلّ:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) وقال(٩) : استغفروا ربكم

__________________

(١) نفس المصدر / ٣٨٦، ح ٧٠.

(٢) المصدر: فقلت. (ظ)

(٣) علل الشرائع / ٢٨٦، ح ١.

(٤) المصدر: البسر.

(٥) المصدر: واستنجى بالماء. بعث [فبعث. ظ] إليه النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال: فجاء الرجل وهو خائف ـ يظن أن يكون قد نزل فيه أمر سوؤه في استنجائه بالماء.

(٦) المصدر: فقال: نعم، يا رسول الله. إني، والله ما حملني.

(٧) المصدر الحجارة.

(٨) الكافي ٢ / ٤٢٣ ـ ٤٢٤، ح ١.

(٩) هود / ٩٠.

٣٣١

ثم توبوا إليه.

محمّد بن يحيى(١) ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل، عن عبد الله بن عثمان، عن أبي جميلة قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: إنّ الله يحبّ المفتن التّوّاب. ومن لا يكون ذلك منه، كان أفضل.

عليّ بن إبراهيم(٢) ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، رفعه، قال: إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ أعطى التّائبين ثلاث خصال، لو أعطى خصلة منها جميع أهل السّماوات والأرض لنجوا بها: قوله ـ عزّ وجلّ:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) .

فمن أحبّه الله لم يعذّبه.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

عليّ بن إبراهيم(٣) ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن أبي عبيدة قال: سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول: إنّ الله تعالى أشدّ فرحا بتوبة عبده من رجل أضلّ راحلته ومزاده(٤) في ليلة ظلماء، فوجدها. فالله أشدّ فرحا بتوبة عبده، من ذلك الرّجل براحلته حين وجدها.

وفي الكافي(٥) : محمّد بن إسماعيل، عن الفضل وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج قال: قال في قول الله ـ عزّ وجلّ:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) ، قال: وكان النّاس يستنجون بالكرسف والأحجار. ثمّ أحدث الوضوء. وهو خلق كريم. فأمر به رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وصنعه. فأنزل الله في كتابه:( إِنَّ )

( اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) .

وفي كتاب الخصال(٦) ، فيما علّم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أصحابه: توبوا إلى الله ـ عزّ وجلّ. وادخلوا في محبّته. ف( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) . والمؤمن توّاب.

وفي مصباح الشّريعة(٧) : قال الصّادق ـ عليه السّلام: خلق القلب طاهرا صافيا.

__________________

(١) نفس المصدر ٢ / ٤٣٥، ح ٩.

(٢) نفس المصدر ٢ / ٤٣٢، ح ٥.

(٣) نفس المصدر ٢ / ٤٣٥، ح ٨.

(٤) المصدر: وزاده.

(٥) نفس المصدر ٣ / ١٨، ح ١٣.

(٦) الخصال ٢ / ٦٢٣، ح ١٠.

(٧) شرح فارسى لمصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة / ٦٩.

٣٣٢

وجعل (غذاءه) الذّكر والفكر والهيبة والتّعظيم. فإذا شيب القلب الصّافي في التّغذية(١) بالغفلة والكدر، صقل بمصقل(٢) التوبة [ونظّف](٣) بماء الإنابة، ليعود على حالته الأولى وجوهريّته الأصليّة الصّافية. قال الله تعالى:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) .

( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) : مواضع حرث لكم. شبّهن بها تشبيها لما يلقى في أرحامهنّ من النّطف بالبذور.

( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ ) ، أي: فأتوهنّ كما تأتون المحارث. وهو كالبيان لقوله(٤) :( فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) .

( أَنَّى شِئْتُمْ ) : من أي جهة شئتم.

روى(٥) أنّ اليهود كانوا يقولون: من جامع امرأته من دبرها في قبلها كان ولدها أحول. فذكر ذلك لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله. فنزلت.

( وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ ) :

قيل(٦) : ما يدّخر لكم الثّواب.

وقيل(٧) : هو طلب الولد.

وقيل(٨) : التّسمية على الوطء.

( وَاتَّقُوا اللهَ ) بالاجتناب عن معاصيه،( وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ ) : فتزوّدوا ممّا لا تفضحون به عنده.

( وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) (٢٢٣)، الكاملين في الإيمان(٩) بالكرامة والنّعيم الدّائم.

أمر الرّسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن يبشّر من صدّقه وامتثل أمره.

واعلم! أنّ الوطء في دبر المرأة جائزة إذا رضى(١٠) . مكروه. وليس بحرام. وفي الآية دلالة عليهما.

وفي تهذيب الأحكام(١١) : أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن

__________________

(١) المصدر: تغذيته.

(٢) المصدر: بمصقلة. (ظ)

(٣) يوجد في المصدر.

(٤) البقرة / ٢٢٢.

(٥) مجمع البيان ١ / ٣٢٠.

(٦ و ٧ و ٨) أنوار التنزيل ١ / ١١٨.

(٩) ر: بالايمان. (ظ)

(١٠) هكذا في جميع النسخ. ولعله الصواب: جائز إذا رضيت.

(١١) تهذيب الأحكام ٧ / ٤١٤، ح ١٦٥٧.

٣٣٣

حمران، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن الرّجل يأتى المرأة في دبرها.

قال: لا بأس إذا رضيت. [قلت :](١) فأين قول الله:( فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) ؟

قال: هذا في طلب الولد. فاطلبوا الولد من حيث أمركم الله. إنّ الله يقول:( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) .

وفي تفسير العيّاشيّ(٢) : عن عبد الله بن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن إتيان النّساء في أعجازهنّ.

قال: لا بأس. ثمّ تلا هذه الآية:( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) .

وعن زرارة(٣) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله:( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) قال: حيث شاءوا

وأمّا ما رواه :

عن صفوان بن يحيى(٤) ، عن بعض أصحابنا قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله:( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) . فقال: من قدامها ومن خلفها في القبل.

وعن معمر بن خلّاد(٥) ، عن أبي الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال: أي شيء تقولون في إتيان النّساء في أعجازهن؟

قلت: بلغني أنّ أهل المدينة لا يرون به بأسا.

قال: إنّ اليهود كانت تقول: «إذا أتى الرّجل من خلفها خرج ولده أحول.» فأنزل الله:( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) ، يعني: من قدّام وخلف(٦) ، خلافا لقول اليهود. ولم يعن في أدبارهنّ.

وعن الحسن بن عليّ(٧) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ مثله.

__________________

(١) يوجد في المصدر.

(٢) تفسير العياشي ١ / ١١٠، ح ٣٣٠.

(٣) نفس المصدر ١ / ١١١، ح ٣٣١.

(٤) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٣٢.

(٥) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٣٣.

(٦) المصدر: خلف أو قدّام.

(٧) نفس المصدر ونفس الموضع.

٣٣٤

وعن زرارة(١) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ [قال سألته عن قول الله:( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) .

قال: من قبل.

عن أبي بصير(٢) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام].(٣) قال: سألته عن الرجل يأتي اهله في دبرها. فكره ذلك. وقال: وإيّاكم ومحاش النّساء.

قال: إنّما معنى( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) ، أي: ساعة شئتم.

وعن الفتح بن يزيد الجرجانيّ(٤) قال: كتبت إلى الرّضا ـ عليه السّلام ـ في مسألة(٥) فورد منه الجواب: سألت عمّن أتى جاريته في دبرها والمرأة: لعبه(٦) لا تؤذي. وهي حرث كما قال الله.

محمولة على الكراهية، بقرينة الأخبار السّابقة. وفي بعض ألفاظ تلك الأخبار، أيضا، دلالة على ذلك.

( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ) : «العرضة»، فعله بمعنى المفعول، كالقبضة بمعنى المقبوض. يطلق لما يعرض دون الشيء وللمعرض للأمر.

ومعنى الآية على الأوّل: لا تجعلوا الله حاجزا لما حلفتم عليه من أنواع الخير. فيكون المراد بالإيمان الأمور المحلوف عليها، يعني: إن حلفتم على الأمور الّتي تركها مرجوح شرعا، لا ينعقد يمينكم. فأتوا بما هو الرّاجح شرعا منها. وحينئذ أن مع صلتها عطف بيان «للإيمان.» و «اللّام» صلة «عرضة»، لما فيها من معنى الاعتراض. ويجوز أن يكون للتّعليل، ويتعلّق «أن» بالفعل، أو بعرضة، أي: ولا تجعلوا الله عرضة لأنّ تبرّوا لأجل: أيمانكم به.

وعلى الثّاني: ولا تجعلوه متعرّضا لأيمانكم. فتتبدّلوه بكثرة الحلف به. و «أن تبرّوا» علّة النّهي، أي: أنهاكم عنه إرادة برّكم تقواكم وإصلاحكم بين النّاس. فإنّ الحلّاف مجترئ على السرّ. والمجترئ عليه لا يكون برّا متّقيا ولا موثوقا به في إصلاح ذات البين.

والآية ـ قيل(٧) ـ نزلت في أبي بكر، لـمّا حلف أن لا ينفق على مسطح لافترائه على

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٣٤.

(٢) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٣٥.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٤) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٣٦.

(٥) المصدر: مثله.

(٦) المصدر: لعبة الرجل. (٧) أنوار التنزيل ١ / ١١٨.

٣٣٥

عائشة.

وقيل(١) : في عبد الله بن رواحة حين حلف أن لا يكلّم ختنة بشير بن النعمان ولا يصلح بينه وبين أخته(٢) .

في أصول الكافي(٣) : عليّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن إسماعيل، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ) ، قال: إذا دعيت لصلح بين اثنين، فلا تقل: عليّ يمين أن لا أفعل(٤) .

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٥) : قوله:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ) قال: هو قول الرّجل في كلّ حالة «لا والله» و «بلى والله.»

وفي الكافي(٦) : عدّة من أصحابنا [عن سهل بن زياد](٧) ، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيّوب الخزّاز قال: سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول: لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين. فإن الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ) .

عدّة من أصحابنا(٨) ، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن يحيى بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي سلام المتعبّد، أنّه سمع أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول لسدير: يا سدير! من حلف بالله كاذبا، كفر. ومن حلف بالله صادقا، أثم. إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ) .

وفي تفسير العيّاشيّ(٩) : عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ) قالا: هو الرجل يصلح [بين الرجل].(١٠) فيحمل ما بينهما من الإثم.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ١١٨.

(٢) يوجد في أ، بعد هذه الفقرة: «والله سميع لايمانكم، عليم بنياتكم.» وهو مشطوب في الأصل.

(٣) الكافي ٢ / ٢١٠، ح ٦.

(٤) المصدر: ألّا أفعل.

(٥) تفسير القمي ١ / ٧٣.

(٦) نفس المصدر ٧ / ٤٣٤، ح ١.

(٧) ليس في المصدر.

(٨) نفس المصدر ٧ / ٤٣٤ ـ ٤٣٥، ح ٤.

(٩) تفسير العياشي ١ / ١١٢، ح ٣٣٨.

(١٠) يوجد في المصدر.

٣٣٦

عن منصور بن حازم(١) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ [في قول الله:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ) ].(٢) قال: يعني الرّجل يحلف أن لا يكلّم أخاه. وما أشبه ذلك. ولا يكلّم أمّه.

وعن أيّوب(٣) : قال سمعته يقول: لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين. فإنّ الله يقول:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ) قال: إذا استعان رجل برجل على صلح بينه وبين رجل، فلا يقولن(٤) «إنّ عليّ يمينا أن لا أفعل.» وهو قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ) .

وفي من لا يحضره الفقيه(٥) : وروى محمّد بن إسماعيل، عن سلام بن سهم الشّيخ المتعبّد، أنّه سمع أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول ـ وذكر مثله.

[( وَاللهُ سَمِيعٌ ) لأيمانكم،( عَلِيمٌ ) (٢٢٤) بنيّاتكم].(٦) ( لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ ) : «اللّغو»: السّاقط، الّذي لا يعتدّ به من كلام وغيره. ولغو اليمين، ما لا عقد معه كما سبق به اللّسان، أو تكلّم به جاهلا بمعناه.

( وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) ، أي: بما قصدتم من الأيمان وواطأت فيها قلوبكم ألسنتكم.

( وَاللهُ غَفُورٌ ) حيث لا يؤاخذكم باللّغو،( حَلِيمٌ ) (٢٢٥) حيث لم يعاجل بالمواخذة على يمين الجدّ، تربّصا للتّوبة.

( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ) ، أي: يحلفون على أن لا يجامعوهنّ مطلقا، أو مقيّدا بالدّوام، أو بأكثر من أربعة أشهر، إذا كنّ مدخولا بهنّ.

و «الإيلاء»: الحلف. وتعديته بعلى ولكن لـمّا ضمّن هذا القسم معنى البعد، عدّى بمن.

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٣٩.

(٢) ليس في أ.

(٣) ر: عن أبي. والحديث في نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣٤٠.

(٤) المصدر: تقولنّ.

(٥) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥، ح ١١٠٨.

(٦) ليس في أ.

٣٣٧

( تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) :

مبتدأ، ما قبله خبره، أو فاعل الظّرف.

و «التّربّص»: التّوقف. أضيف إلى الظّرف، على الاتّساع، أي: للمولى حقّ التّربّص في هذه المدّة، لا يطالب بفيء، ولا طلاق.

( فَإِنْ فاؤُ ) ، أي: رجعوا في اليمين بالحنث والكفّارة،( فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (٢٢٦): للمولى إثم حنثه إذا كفّر، أو ما توخّى بالإيلاء من إضرار المرأة.

( وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ ) ، أي: همّموا(١) قصده،( فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ ) لطلاقهم،( عَلِيمٌ ) (٢٢٧) بغرضهم ونيّاتهم.

في كتاب علل الشّرائع(٢) ، بإسناده إلى أبي خالد(٣) الهيثم قال: سألت أبا الحسن الثّاني ـ عليه السّلام: كيف صار(٤) عدّة المطلّقة ثلاث حيض، أو ثلاثة أشهر وعدّة المتوفّى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيّام(٥) ؟

قال: أمّا عدّة المطلّقة ثلاث حيض، أو ثلاثة أشهر فلاستبراء الرّحم من الولد.

وأمّا عدة(٦) المتوفى عنها زوجها، فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ شرط للنّساء شرطا، فلم يكملهن(٧) فيه.

وفيما شرط عليهنّ، بل شرط عليهنّ مثل ما شرط لهم فأمّا ما شرط لهنّ: فإنّه جعل لهنّ في الإيلاء أربعة أشهر. لأنّه علم أنّ ذلك غاية صبر النّساء. فقال ـ عزّ وجلّ:( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) . فلا يجوز(٨) للرّجل.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٩) : حدّثني أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: «الإيلاء» هو أن يحلف الرّجل على امرأته

__________________

(١) أور: صمّموا.

(٢) علل الشرائع / ٥٠٧ ـ ٥٠٨، ح ١.

(٣) «خالد» ليس في المصدر.

(٤) المصدر: صارت.

(٥) المصدر: أربعة أشهر وعشرا.

(٦) ليس في أو في المصدر.

(٧) المصدر: فلم يحلّهن. (ظ)

(٨) المصدر: فلم يجز.

(٩) تفسير القمي ١ / ٧٣.

٣٣٨

أن لا يجامعها. فإن صبرت عليه فلها أن تصبر. وإن(١) رفعته إلى الإمام، أنظره أربعة أشهر.

ثمّ يقول له بعد ذلك: إمّا أن ترجع إلى المناكحة، وإمّا أن تطلقه. فان أبى جئته أبدا(٢) .

وروى عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام(٣) ـ أنّه من(٤) بنى حظيرة من قصب. وجعل فيها رجلا آلى من امرأته بعد أربعة أشهر. فقال(٥) : إمّا أن ترجع إلى المناكحة، وإمّا أن تطلّق وإلا أحرقت عليك الحظيرة.

وفي الكافي(٦) : أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، وأبو العبّاس محمّد بن جعفر، عن أيّوب بن نوح، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وحميد بن زياد، عن ابن سماعة، جميعا، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: سألته عن الإيلاء، ما هو؟

قال: هو أن يقول الرّجل لامرأته: «والله لا أجامعك كذا وكذا.» ويقول: «والله لأغيظنّك.» فيتربّص بها أربعة أشهر. ثمّ يؤخذ فيوقف بعد الأربعة أشهر. فإن فاءوا. وهو أن يصالح أهله.( فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) . وإن لم يفئ جبر على أن يطلق ولا يقع طلاق فيما بينهما، ولو كان بعد الأربعة الأشهر، ما لم ترفعه(٧) إلى الإمام.

عليّ(٨) ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن عمر بن أذينه، عن بكر بن أعين، وبريد بن معاوية، عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ أنّهما قالا: إذا آلى الرجل أن لا يقرب امرأته، فليس لها قول ولا حقّ في الأربعة الأشهر. ولا إثم عليه في كفّه عنها في الأربعة الأشهر. فإن مضت الأربعة الأشهر قبل ان يمسّها فسكنت(٩) ورضيت، فهو في حلّ وسعة. فإن رفعت أمرها قيل له: إمّا أن تفيء فتمسّها، وإمّا أن تطلّق. وعزم الطّلاق أن يخلّى عنها. فإذا حاضت وطهرت طلّقها وهو أحقّ برجعتها، ما لم تمض ثلاثة قروء فهذا الإيلاء الّذي أنزل(١٠) الله ـ تبارك وتعالى ـ في كتابه وسنّة رسول الله(١١) ـ صلّى الله عليه وآله

__________________

(١) المصدر: فان.

(٢) المصدر: وإمّا أن تطلق وإلّا جئتك أبدا.

(٣) نفس المصدر ١ / ٧٤.

(٤) ليس في ر. (ظ)

(٥) المصدر: وقال له: (ظ)

(٦) الكافي ٦ / ١٣٢، ح ٩.

(٧) المصدر: لم يرفعه.

(٨) نفس المصدر ٦ / ١٣١، ح ٤.

(٩) المصدر: فسكتت.

(١٠) المصدر: أنزله. (ظ)

(١١) المصدر: سنة.

٣٣٩

محمّد بن يحيى(١) ، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيّ قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن رجل آلى من امرأته بعدها دخل بها.

قال(٢) : إذا مضت أربعة أشهر وقف، وإن كان بعد حين. فإن فاء فليس بشيء.

فهي امرأته. وإن عزم الطّلاق، فقد عزم.

وقال: «الإيلاء» أن يقول الرّجل لامرأته: «والله لأغيظنك(٣) ولأسوءنك.» ثمّ يهجرها ولا يجامعها، حتّى تمضى أربعة أشهر. فإذا مضت أربعة أشهر، فقد وقع الإيلاء وينبغي للإمام أن يجبره على أن يفيء أو يطلّق. فإن فاء( فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) . وإن عزم الطّلاق،( فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) . وهو قول الله ـ تبارك وتعالى ـ في كتابه.

( وَالْمُطَلَّقاتُ ) : يريد بها المدخول بهنّ، من ذوات الأقراء، لما دلّت الآيات والأخبار على أنّ حكم غيرهنّ خلاف ما ذكر.

( يَتَرَبَّصْنَ ) :

خبر، صورة. وأمر، معنى.

وتغيير العبارة للتأكيد والإشعار بأنّه ممّا يجب أن يسارع إلى امتثاله. وكأنّ المخاطب قصد أن يمتثل الأمر فيخبر عنه.

وبناؤه على المبتدأ، يفيد فضل تأكيد.

( بِأَنْفُسِهِنَ ) : تهييج(٤) وبعث لهنّ على التّربّص. فإنّ نفوس النّساء طوامح إلى الرّجال. فأمرن بأن يقمعنها ويحملنها على التّربّص.

( ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) : نصب على الظّرف، أو المفعول به، أي: يتربّصن مضيّها.

و «القروء»، جمع قرء. كأنّ القياس أن يذكر بصيغة القلّة الّتي هي الأقراء. ولكنّهم يتّسعون في ذلك، فيستعملون كل واحد من البناءين مكان الآخر.

ولعلّ الحكم لـمّا عمّ المطلّقات ذوات الأقراء، تضمّن معنى الكثرة. فحسن بناؤها.

و «القرء» يطلق للحيض، وللطهر الفاصل بين حيضتين. وهو المراد هاهنا.

__________________

(١) نفس المصدر ٦ / ١٣٢، ح ٧.

(٢) المصدر: فقال.

(٣) المصدر: لأغيضنّك.

(٤) ر: يهتج.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493