تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب0%

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 493

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
تصنيف: الصفحات: 493
المشاهدات: 152666
تحميل: 2978


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 493 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 152666 / تحميل: 2978
الحجم الحجم الحجم
تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: إذا طلّق الرّجل امرأته قبل أن يدخل بها، فلها نصف مهرها. وإن لم يكن سمّى لها مهرا، فمتاع بالمعروف( عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ) .

وليس لها عدّة(١) . تتزوّج من شاءت من ساعتها.

وفي رواية البزنطي(٢) : ان متعة المطلّقة، فريضة.

وروى(٣) : أنّ الغنيّ، يمتّع بدار أو خادم. والوسط، يمتّع بثوب. والفقير، بدرهم أو خاتم.

وروى(٤) : أنّ أدناه الخمار وشبهه.

وفي مجمع البيان(٥) :( عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ ) والمتعة خادم، أو كسوة، أو ورق. وهو المرويّ عن الباقر والصّادق ـ عليهما السّلام. ثمّ اختلف في ذلك فقيل: إنّما يجب المتعة للّتي لم يسمّ لها صداق خاصّة. وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام. وقيل: المتعة لكلّ مطلّقة سوى المطلّقة المفروض لها إذا طلّقت قبل الدّخول. فإنّما لها نصف الصّداق. ولا متعة لها. وهو رواه أصحابنا ـ أيضا.

وذلك محمول على الاستحباب.

وفي الكافي(٦) ، بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن عبد الكريم، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: لا تمتّع المختلعة.

عليّ بن إبراهيم(٧) ، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: لا تمتع المختلعة(٨) .

( مَتاعاً ) ، أي: تمتيعا،( بِالْمَعْرُوفِ ) : بالوجه الّذي يستحسنه الشّرع، كما سبق في الأخبار،( حَقًّا ) : صفة لمتاعا، أو مصدر مؤكّد، أي: حقّ حقّا.

( عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) (٢٣٦): الّذين يحسنون إلى أنفسهم بالمسارعة إلى الامتثال وبالتّقوى(٩) والاجتناب عمّا يسخط الرّبّ، أو(١٠) إلى المطلقات بالتّمتيع.

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ: أن.

(٢) نفس المصدر ٣ / ٣٢٧، ح ١٥٨١.

(٣) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٥٨٢.

(٤) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٥٨٣.

(٥) مجمع البيان ١ / ٣٤٠.

(٦) الكافي ٦ / ١٤٤، ح ٢.

(٧) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣.

(٨) المصدر: المختلعة لا تمتّع.

(٩) ر: التقوى.

(١٠) ليس في ر.

٣٦١

وسمّاهم «محسنين» للمشارفة، ترغيبا وتحريصا.

وفي الكافي(١) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن النجرىّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في الرّجل يطلّق امرأته أيمتّعها؟

قال: نعم. أما يحبّ أن يكون من المحسنين؟ أما يحبّ أن يكون من المتّقين؟

( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ ) ، أي: فلهنّ نصف ما فرضتم لهن، أو فالواجب.

( إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ ) ، أي: المطلّقات. فلا يأخذن شيئا.

( أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) :

في مجمع البيان(٢) : قيل: هو الوليّ. وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام. وقيل: الزّوج، ورواه أصحابنا.

غير أنّ الأوّل أظهر، وعليه المذهب. (انتهى)

[وفي تفسير العيّاشيّ(٣) :](٤) عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ:( أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) قال: هو الأخ والأب والرّجل(٥) يوصى إليه والّذي يجوز أمره في مال(٦) يتيمة.

قلت: أرأيت إن قالت: «لا أجيز» ما يصنع؟

قال: ليس لها ذلك. أتجيز بيعه في مالها ولا تجيز هذا؟

وعن إسحاق بن عمّار(٧) قال: سألت جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ عن قول الله:( إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ ) قال: المراة تعفو عن نصف الصّداق.

قلت:( أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) .

قال: أبوها، إذا عفا، جاز له. وأخوها إذا كان يقيم بها. وهو القائم عليها. فهو بمنزلة الأب. يجوز له، وإذا كان الأخ لا(٨) يهتمّ ولا يقيم(٩) عليها، لم يجز عليها أمره.

وعن رفاعة(١٠) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال:( الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) وهو

__________________

(١) نفس المصدر ٦ / ١٠٤ ـ ١٠٥، ح ١.

(٢) مجمع البيان ١ / ٣٤١ ـ ٣٤٢.

(٣) تفسير العياشي ١ / ١٢٥، ح ٤٠٨.

(٤) ليس في أ.

(٥) ليس في ر.

(٦) المصدر: ماله.

(٧) نفس المصدر ١ / ١٢٦، ح ٤١٠.

(٨) المصدر: لا يهتمّ بها.

(٩) المصدر: لا يقوم. (١٠) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٤٠٩.

٣٦٢

الوليّ الّذي أنكح. يأخذ بعضا ويدع بعضا. وليس له أن يدع كلّه.

وفي تهذيب الأحكام(١) : روى ابن أبي عمير(٢) ، عن غير واحد من أصحابنا، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال: ومتى طلّقها قبل الدّخول بها، فلأبيها أن يعفو عن بعض الصّداق، ويأخذ بعضا. وليس له أن يدع كلّه. وذلك قول الله ـ عزّ وجلّ:( إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) ، يعني: الأب والّذي توكّله المراة وتوليه أمرها، من أخ أو قرابة وغيرهما.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

وفي الكافي(٣) : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، جميعا، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) قال: هو الأب، أو الأخ، أو الرّجل الّذي يوصى إليه. والّذي يجوز أمره في مال المرأة. فيبتاع لها. فيتّجر(٤) . فإذا عفا، فقد جاز.

وممّا يدلّ على أنّ المراد من( الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) الزّوج ما رواه في من لا يحضره الفقيه(٥) ، عن الحسن بن محبوب، عن حمّاد النّاب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: سألته عن رجل تزوّج امرأة على بستان له معروف. وله غلّة كثيرة. ثمّ مكث سنين لم يدخل بها. ثمّ طلقها.

قال: ينظر إلى ما صار إليه من غلّة البستان من يوم تزوجها. فيعطيها نصفه. ويعطيها نصف البستان، إلّا أن يعفو، فيقبل(٦) ، و (يصلحا(٧) ) [ن] على شيء يرضى(٨) به منه. فهو(٩) أقرب للتّقوى.

ويمكن حمل عبارة الآية، على إرادة كلا المعنيين. فإنّ الزّوج والوليّ كليهما بيدهما عقدة النّكاح، للجمع بين الأخبار.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٦ / ٢١٥ ـ ٢١٦، ذيل ح ٥٠٧.

(٢) المصدر: محمد بن أبي عمير.

(٣) الكافي ٦ / ١٠٦، ح ٢. وفيه: صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، وعليّ، عن أبيه وعدة من أصحابنا

(٤) المصدر: فتجيز. (ظ)

(٥) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٧٢، ح ١٢٩٢.

(٦) المصدر: تعفو فتقبل. (ظ)

(٧) كذا في المصدر وفي النسخ.

(٨) المصدر: ترضى. (ظ)

(٩) المصدر: فانّه. (ظ)

٣٦٣

فالمراد بعفو الزّوج، العفو عن استرداد النّصف، وبعفو الوليّ، العفو عن بعض ما تستحقّه المرأة من النّصف.

( وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ) ، أي: عفوكم عن الاسترداد، أقرب إلى التقوى.

وفي الكافي(١) : محمّد [بن يحيى](٢) ، عن أحمد بن محمّد، عن (القسم) بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن نجيّة العطّار قال: سافرت مع أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ إلى مكّة فأمر غلامه بشيء. فخالفه إلى غيره.

فقال أبو جعفر ـ عليه السّلام: والله لأضربنّك، يا غلام! قال: فلم أره ضربه؟

فقلت: جعلت فداك! إنّك حلفت لتضربنّ غلامك. فلم أرك ضربته.

قال: أليس الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ) .

( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ) ، أي: لا تتركوا أن يتفضّل بعضكم على بعض.

( إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (٢٣٧): لا يضيع تفضّلكم(٣) .

وفي: الكافي(٤) عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن معاوية بن وهب، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ قال: يأتي على النّاس زمان عضوض، يعضّ كلّ امرئ على ما في يديه. وينسى الفضل. وقد قال الله ـ عزّ وجلّ:( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ) . ينبري في ذلك الزّمان قوم يعاملون المضطرّين. هم شرار الخلق.

وفي نهج البلاغة(٥) . قال ـ عليه السّلام: يأتي على النّاس زمان عضوض. يعضّ المؤمن(٦) فيه على ما في يديه. ولم يؤمر بذلك، قال الله سبحانه:( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ) .

تنهدّ فيه الأشرار. وتستذلّ الأخيار. ويباع المضطرّون. وقد نهى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عن بيع المضطرين.

وفي عيون الأخبار(٧) ، في باب ما جاء عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ من الأخبار

__________________

(١) الكافي ٧ / ٤٦٠، ح ٤.

(٢) يوجد في المصدر وأ.

(٣) أ: لفضلكم.

(٤) نفس المصدر ٥ / ٣١٠، ح ٢٨.

(٥) نهج البلاغة / ٥٥٧، حكمة ٤٦٨.

(٦) المصدر: الموسر.

(٧) عيون أخبار الرضا ٢ / ٤٥، ح ١٦٨.

٣٦٤

المجموعة، وبإسناده عن الحسين بن عليّ ـ عليه السّلام ـ أنّه قال: خطبنا أمير المؤمنين ـ عليه السّلام. فقال: سيأتي على النّاس زمان عضوض. يعضّ المؤمن على ما في يده. ولم يؤمر(١) بذلك. قال تعالى:( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ. [إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) .

وفي تفسير العيّاشيّ(٢) : عن بعض بني عطيّة، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في مال اليتيم، يعمل به الرّجل(٣) .

قال: يقبله من الرّبح شيئا. إنّ الله يقول:( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ) ].(٤)

( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ ) بالأداء لوقتها والمداومة عليها. ولعلّ الأمر بها في تضاعيف أحكام الأولاد والأزواج، لئلّا يلهيهم الاشتغال بها عنها.

وفي الكافي(٥) : عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرّحمن، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبان بن تغلب قال: كنت صلّيت خلف أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ بالمزدلفة. فلمّا انصرف التفت إليّ. فقال: يا أبان! الصّلوات الخمس المفروضات. من أقام حدودهنّ وحافظ على مواقيتهنّ، لقى الله يوم القيامة وله عنده عهده(٦) ، يدخله به الجنّة. ومن لم يقم حدودهنّ ولم يحافظ على مواقيتهنّ، لقى الله ولا عهد له. إن شاء عذّبه. وإن شاء غفر له.

عليّ بن محمّد(٧) ، عن سهل بن زياد، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: لا يزال الشّيطان ذعرا من المؤمن، ما حافظ على الصّلوات الخمس. فإذا ضيّعهنّ، تجرأ عليه. فأدخله في العظائم.

جماعة(٨) ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حسين بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول: إنّ الصّلوة إذا ارتفعت في وقتها(٩) ، رجعت إلى صاحبها، وهي بيضاء مشرقة، تقول: «حفظتني.

حفظك الله.» وإذا ارتفعت في غير وقتها، بغير حدودها، رجعت إلى صاحبها، وهي سوداء

__________________

(١) كذا في النسخ. وفي المصدر: لم يؤمن.

(٢) تفسير العيّاشي ١ / ١٢٦، ح ٤١٣.

(٣) ر: الرجال.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) الكافي ٣ / ٢٦٧، ح ١.

(٦) المصدر: عهد. (ظ)

(٧) نفس المصدر ٣ / ٢٦٩، ح ٨.

(٨) نفس المصدر ٣ / ٢٦٨، ح ٤. (٩) المصدر: في أوّل وقتها.

٣٦٥

مظلمة. تقول: «ضيّعتني ضيّعك الله.»

( وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) ، أي: الوسطى بينها. وهي صلاة الظّهر، كما في بعض الأخبار، أو العصر، كما في بعض آخر. ويمكن الحمل على الكلّ، جمعا بين الأخبار.

وقرئ بالنّصب، على الاختصاص.

في الكافي(١) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل، يقول فيه ـ عليه السّلام: وقال تعالى:( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) . وهي صلاة الظهر. وهي أوّل صلاة صلّاها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله. وهي وسط النّهار. ووسط صلاتين بالنهار، صلاة الغداة وصلاة العصر.

وفي بعض القراءة: حافظوا على الصلوات والصّلوة الوسطى صلاة العصر. وقوموا لله قانتين.

قال: ونزلت هذه الآية يوم الجمعة، ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في سفر، فقنئت(٢) فيها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله. وتركها على حالها في السّفر والحضر. وأضاف للمقيم ركعتين. وإنّما وضعت الرّكعتان اللّتان أضافهما النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ يوم.

الجمعة للمقيم، لمكان الخطبتين مع الإمام. فمن صلّى الجمعة(٣) في غير جماعة، فليصلّها أربع ركعات، كصلاة الظّهر في سائر الأيّام.

وفي تهذيب الأحكام(٤) : أحمد بن محمّد بن عيسى، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ مثله.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٥) : حدّثني أبي، عن النّضر بن سويد، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قرأ: حافظوا على الصّلوات والصّلوة الوسطى صلاة العصر.

وقوموا لله قانتين.

وقوله:( قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) قال: إقبال الرّجل على صلاته. ومحافظته حتّى لا يلهيه ولا يشغله عنها شيء.

__________________

(١) نفس المصدر ٣ / ٢٧١ ـ ٢٧٢، ضمن ح ١.

(٢) المصدر: في سفره فقنت.

(٣) المصدر: يوم الجمعة.

(٤) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٤١، ح ٩٥٤.

(٥) تفسير القمي ١ / ٧٩.

٣٦٦

وفي تفسير العيّاشيّ: عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: قلت له: الصلاة الوسطى.

فقال: حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى. [وصلاة العصر وقوموا لله قانتين.

والوسطى هي الظّهر. وكذلك كان يقرؤها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله.

عن زرارة ومحمّد بن مسلم(١) ، أنّهما سألا أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله:( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) .

قال: صلاة الظّهر].(٢)

عن محمّد بن مسلم(٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: الصّلاة الوسطى، هي الوسطى من صلاة النّهار. وهي الظّهر، وإنّما يحافظ أصحابنا على الزّوال، من أجلها.

وفي كتاب علل الشّرائع(٤) ، بإسناده إلى الحسن بن عبد الله، عن آبائه، عن جدّه الحسن بن عليّ بن أبي طالب ـ عليهما السّلام ـ عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ في حديث طويل يقول فيه ـ صلّى الله عليه وآله: وقد سأله بعض اليهود عن مسائل: وأما صلاة العصر فهي السّاعة الّتي أكل آدم فيها من الشّجرة. فأخرجه الله من الجنّة. فأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ ذرّيّته بهذه الصّلاة، إلى يوم القيامة. واختارها لأمتي. فهي من أحب الصّلوات(٥) إلى الله ـ عزّ وجلّ. وأوصاني أن أحفظها من بين الصّلوات(٦) .

وبإسناده(٧) إلى عبيد الله بن عليّ الحلبيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام: أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال: الموتور أهله وماله من ضيّع صلاة العصر.

قلت: ما الموتور أهله وماله؟

قال: لا يكون له في الجنّة أهل ولا مال. يضيّعها. فيدعها(٨) متعمّدا، حتّى تصفرّ الشّمس وتغيب.

[( وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) (٢٣٨)، أي: في الصّلاة قانتين، أي: ذاكرين داعين في القيام.

وروى سماعة(٩) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام: أنّ القنوت هو الدّعاء.

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٤١٧.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) تفسير العياشي ١ / ١٢٨، ح ٤١٩.

(٤) علل الشرائع ٢ / ٣٣٧، ح ١.

(٥ و ٦) ر: الصلاة.

(٧) نفس المصدر ٢ / ٣٥٦، ح ٤.

(٨) ليس في المصدر. (٩) تفسير العياشي ١ / ١٢٨، ح ٤٢٠.

٣٦٧

وفي تفسير العيّاشيّ(١) :](٢) ، عن عبد الرّحمن بن كثير عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله:( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) .

قال: الصّلوات رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين ـ عليهم السّلام. والوسطى أمير المؤمنين ـ عليه السّلام.( وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) طائعين للأئمة. وقد سبق، أيضا، أنّ المراد به طائعين الأئمة.

( فَإِنْ خِفْتُمْ ) من عدوّ أو غيره،( فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً ) : فصلّوا رجالا أو ركبانا.

«رجال»: جمع راجل، كقيام وقائم.

و «ركبان»: جمع راكبا، كشابّ وشبّان.

وفي الكافي(٣) : أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن عبد الرّحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ:( فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً ) كيف يصلّي(٤) ؟ وما يقول إذا خاف من سبع أو لصّ، كيف يصلّي؟

قال: يكبّر. ويؤمئ إيماء برأسه.

وفي تفسير العيّاشيّ(٥) : عن زرارة عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: قلت له: [أخبرني عن](٦) صلاة المواقفة.

فقال: إذا لم يكن(٧) الضّعف من عدوّك، صلّيت إيماء، راجلا كنت، أو راكبا.

فإنّ الله يقول:( فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً ) . تقول في الرّكوع: «لك ركعت وأنت ربّي.» وفي السّجود: «لك سجدت وأنت ربّي» أينما توجّهت بك دابّتك، غير أنّك تتوجّه(٨) حين تكبّر أوّل تكبيرة.

[وعن أبان(٩) ،](١٠) عن منصور(١١) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: فات أمير المؤمنين

__________________

(١) نفس المصدر والموضع، ح ٤٢١.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) الكافي ٣ / ٤٥٧، ح ٦.

(٤) أ: أصلّى. ر: نصلّى.

(٥) تفسير العياشي ١ / ١٢٨، ح ٤٢٢.

(٦) يوجد في المصدر.

(٧) المصدر: لم نكن.

(٨) المصدر: توجّه.

(٩) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٤٢٣.

(١٠) ليس في أ.

(١١) في المصدر: «أبان بن منصور» بدل أبان عن منصور.

٣٦٨

ـ عليه السّلام ـ والنّاس يوم صفّين(١) صلاة الظّهر(٢) والعصر والمغرب والعشاء. فأمرهم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أن يسبّحوا ويكبّروا ويهلّلوا.

قال: وقال الله:( فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً ) . فأمرهم عليّ ـ عليه السّلام ـ فصنعوا ذلك ركبانا ورجالا.

وفي مجمع البيان(٣) : ويروى أنّ عليّا ـ عليه السّلام ـ صلّى ليلة الهرير خمس صلوات بالإيماء. وقيل: بالتّكبير. وأنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ صلّى يوم الأحزاب بايماء(٤) .

وفي من لا يحضره الفقيه:(٥) روى عبد الرّحمن بن أبي عبد الله، عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ في صلاة الزّحف قال: تكبير وتهليل(٦) .

يقول الله ـ عزّ وجلّ:( فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً ) .

وروى(٧) عن أبي بصير أنّه قال: سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول: إن كنت في أرض مخوفة، فخشيت لصّا أو سبعا (في الفريضة، فصلّ(٨) ) وأنت على دابّتك.

وفي رواية زرارة(٩) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: الّذي يخاف اللّصوص، يصلّي إيماء على دابته.

( فَإِذا أَمِنْتُمْ ) من الخوف،( فَاذْكُرُوا اللهَ ) : صلّوا صلاة الأمن، أو اشكروه على الأمن.

( كَما عَلَّمَكُمْ ) ذكرا مثل ما علّمكم.

و «ما» مصدريّة، أو موصولة، أو موصوفة.

( ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) (٢٣٩): مفعول علّمكم.

( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ ) :

التّقدير على قراءة النّصب: «ليوصوا وصيّة»، أو «كتب الله عليهم وصيّة»، أو

__________________

(١) المصدر: يوما بصفين. (ظ)

(٢) المصدر: يعنى صلاة الظهر.

(٣) مجمع البيان ١ / ٣٤٤.

(٤) المصدر: إيماء. (ظ)

(٥) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٩٥، ح ١٣٤٤.

(٦) المصدر: تكبّر وتهلّل.

(٧) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٣٤٥.

(٨) المصدر ور: فصلّ الفريضة. (ظ)

(٩) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٣٤٦.

٣٦٩

«ألزموا وصيّة»، وعلى قراءة الرّفع: «وصيّة الّذين»، أو «حكمهم»، أو «هم أهل وصيّة»، أو «كتب عليهم وصيّة»، أو «عليهم وصيّة.» وقرئ «متاع» بدلها( مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ ) ، نصب بليوصوا، إن أضمرت، وإلّا فبالوصيّة، أو بمتاع على قراءة من قرأ. لأنّه بمعنى التّمتيع.

( غَيْرَ إِخْراجٍ ) : بدل منه، أو مصدر مؤكّد، كقولك: «هذا القول غير ما تقول»، أو حال من «أزواجهم»، أي: غير مخرجات.

والمعنى: أنّه يجب على الّذين يتوفّون أن يوصّوا قبل أن يحتضروا لأزواجهم بأن يمتّعن بعدهم حولا بالسّكنى.

وكان ذلك أوّل الإسلام. فنسخت المدّة بقوله:( أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) . لأنّه متأخّر عنه في النّزول.

وفي تفسير العيّاشيّ(١) : عن أبي بصير، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: سألته عن قوله:( مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ ) .

قال: منسوخة. نسختها آية( يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) ، أو نسختها آيات الميراث.

عن ابن أبي عمير(٢) ، عن معاوية بن عمّار قال: سألته عن قول الله:( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ ) قال: منسوخة ـ وذكر كما سبق، سواء.

( فَإِنْ خَرَجْنَ ) عن منزل الأزواج،( فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ ) ممّا لم ينكره الشّرع غير الخروج. وأمّا فيه، فعليكم الجناح في ترك كفّهنّ.

( وَاللهُ عَزِيزٌ ) : غالب على الانتقام ممّن خالفه.( حَكِيمٌ ) (٢٤٠): بمصالحهم.

( وَلِلْمُطَلَّقاتِ ) ، سواء المفوّضة وغيرها، سوى المختلعة، كما مرّ إلّا أنّ للمفوّضة على سبيل الوجوب ولغيرها على الاستحباب.

( مَتاعٌ ) : متعة،( بِالْمَعْرُوفِ ) : بما يعرفه الشّرع ،

__________________

(١) تفسير العياشي ١ / ١٢٩، ح ٤٢٧.

(٢) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٤٢٦.

٣٧٠

( حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) (٢٤١): الكاملين الّذين يتّقون في ترك الواجبات والمندوبات. وقال قوم: المراد بالمتاع، نفقة العدّة.

وفي الكافي(١) : أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ، عن عبد الكريم، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) قال: متاعها بعد ما تنقضي عدّتها( عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ) . وكيف يمتّعها(٢) وهي في عدّتها ترجوه ويرجوها؟ ويحدث الله ـ عزّ وجلّ ـ بينهما ما يشاء.

وقال: إذا كان الرّجل موسعا، عليه متّع امرأته بالعبد والأمة. والمقتر يمتّع بالحنطة(٣) والزّبيب والثّوب والدّراهم. وإنّ الحسن بن عليّ ـ عليه السّلام ـ متّع امرأة له بأمة. ولم يطلّق امرأة إلّا متّعها.

حميد بن زياد(٤) ، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن عبد الله بن سنان، وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى(٥) ، عن سماعة، جميعا، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) قال: متاعا(٦) بعد ما تنقضي عدّتها( عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ) .

قال: فكيف يمتّعها في عدّتها؟ وهي ترجوه. ويرجوها. ويحدث الله ما يشاء. أما إنّ الرّجل الموسر يمتّع المرأة بالعبد والأمة. ويمتّع الفقير بالحنطة(٧) والزّبيب والثّوب والدّراهم، وإنّ الحسن بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ متّع امرأة طلقها بأمة. ولم يكن يطلّق امرأة إلّا متّعها.

حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ مثله، إلّا أنّه قال: وكان الحسن بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ يمتّع نساءه، بالأمة.

عدّة من أصحابنا(٨) ، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام: أخبرني عن قول الله ـ عزّ وجلّ :

__________________

(١) الكافي ٦ / ١٠٥، ح ٣.

(٢) المصدر: لا يمتّعها.

(٣) المصدر: بالحنطة والشعير.

(٤) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٤.

(٥) هكذا في النسخ. وفي المصدر: عثمان بن عيسى.

(٦) المصدر: متاعها.

(٧) المصدر: بالحنطة والتمر.

(٨) نفس المصدر ٦ / ١٠٥ ـ ١٠٦، ح ٥.

٣٧١

( وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) ، ما أدنى ذلك، المتاع إذا كان معسرا لا يجد؟

قال: خمار وشبهه.

( كَذلِكَ ) : إشارة إلى ما سبق من أحكام الطّلاق والعدد.

( يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ ) :

وعد بأنّه سيبيّن لعباده ما يحتاجون إليه في المعاش والمعاد.

( لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (٢٤٢)، أي: تستعملون العقل في فهمها.

( أَلَمْ تَرَ ) :

تعجيب وتقرير لمن سمع بقصتهم من أهل الكتاب وأرباب التّواريخ. وقد يخاطب به من لم ير ولم يسمع، فإنّه صار مثلا في التّعجيب.

( إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ ) :

قيل(١) : يريد أهل داوردان قرية قبل واسط.

وسيجيء في الحديث: أنّ هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشّام.

( وَهُمْ أُلُوفٌ ) ، أي: ألوف كثيرة. أعني سبعين ألف بيت.

وقيل(٢) : متآلفون جمع ألف وألف، كقاعد وقعود.

والأوّل هو الصّحيح.

و «الواو»، للحال.

( حَذَرَ الْمَوْتِ ) : مفعول له.

( فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ) :

قال لهم: موتوا. فماتوا، كقوله: كن فيكون.

والمعنى: أنّهم ماتوا ميتة رجل واحد من غير علّة بمشيئة الله وأمره.

( ثُمَّ أَحْياهُمْ ) حين مرّ عليهم حزقيل.

( إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ) حيث أحياهم للاعتبار والفوز بالسّعادات.

( وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ) (٢٤٣)، اي: لا يشكرونه كما ينبغي، أو لا يعتبرون.

وفي عيون الأخبار(٣) ، في باب مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع أهل الأديان

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ٣٤٧.

(٢) نفس المصدر ١ / ٣٤٦.

(٣) عيون أخبار الرضا / ١٣١، ح ١.

٣٧٢

والمقالات في التّوحيد، في كلام للرّضا ـ عليه السّلام ـ مع النّصارى. قال ـ عليه السّلام: فمتى اتّخذتم عيسى ربّا، لجاز لكم أن تتّخذوا اليسع وحزقيل. لأنّهما قد صنعا مثل ما صنع عيسى بن مريم ـ عليهما السّلام ـ من إحياء الموتى وغيره. إنّ قوما من بني إسرائيل أخرجوا(١) من بلادهم من الطّاعون وهم ألوف حذر الموت. فأماتهم الله في ساعة واحدة. فعمد أهل تلك القرية. فحظروا عليهم حظيرة. ولم يزالوا فيها حتّى نخرت عظامهم. وصاروا رميما.

فمرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل. فتعجّب منهم ومن كثرة العظام البالية.

فأوحى الله إليه: أتحبّ أن أحييهم لك فتنذرهم؟

قال: نعم. يا ربّ! فأوحى الله إليه أن نادهم.

فقال: أيّتها العظام البالية! قومي بإذن الله تعالى.

فقاموا أحياء أجمعون. ينفضون(٢) التّراب عن رؤوسهم.

وفي هذا المجلس، يقول الرّضا ـ عليه السّلام: ولقد صنع حزقيل النّبي ـ عليه السّلام ـ مثل ما صنع عيسى بن مريم: فأحيى خمسة وثلاثين ألف رجل بعد موتهم، بستّين سنة. ثمّ التفت إلى رأس الجالوت. فقال له: يا رأس الجالوت! أتجد هؤلاء في شباب بني إسرائيل في التوراة اختارهم بخت نصر من بني إسرائيل(٣) حين غزا بيت المقدس؟

ثمّ انصرف بهم إلى بابل. فأرسله الله ـ عزّ وجلّ ـ إليهم. فأحياهم. هذا في التوراة.

لا يدفعه إلّا كافر منكم.

وفي روضة الكافي(٤) : عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد وغيره، عن بعضهم، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وبعضهم عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ:( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ ) فقال: إنّ هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشّام.

وكانوا سبعين ألف بيت. وكان الطّاعون يقع فيهم في كلّ أوان. فكانوا إذا أحسّوا به خرج من المدينة الأغنياء لقوّتهم وبقي فيها الفقراء لضعفهم. فكان الموت يكثر في الّذين أقاموا ويقلّ في الّذين خرجوا.

__________________

(١) ر: خرجوا. (ظ)

(٢) أ: ينقضون.

(٣) المصدر: صبي بني إسرائيل.

(٤) الكافي ٨ / ١٩٨، ح ٢٣٧.

٣٧٣

فيقول الّذين خرجوا: لو كنّا أقمنا لكثر فينا الموت.

ويقول الّذين أقاموا: لو كنّا خرجنا لقلّ فينا الموت.

قال: فاجتمع رأيهم جميعا أنّه إذا وقع الطّاعون فيهم وأحسّوا به، خرجوا كلّهم من المدينة. فلمّا أحسّوا بالطّاعون خرجوا جميعا. وتنحّوا عن الطّاعون حذر الموت. فساروا في البلاد ما شاء الله. ثمّ أنّهم مرّوا بمدينة خربة قد خلا أهلها عنها وأفناهم الطّاعون. فنزلوا بها.

فلمّا حطّوا رحالهم فاطمأنّوا [بها](١) قال لهم الله ـ عزّ وجلّ: موتوا جميعا.

فماتوا من ساعتهم. وصاروا رميما يلوح إذ ماتوا على طريق المارّة. فكنستهم المارّة.

فنحّوهم وجمعوهم في موضع. فمرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل، يقال له حزقيل.

فلمّا رأى تلك العظام، بكى واستعبر. وقال: يا ربّ! لو شئت لأحييتهم السّاعة، كما أمتّهم. فعمروا بلادك وولدوا عبادك وعبدوك مع من يعبدك من خلقك.

فأوحى الله تعالى إليه: أفتحبّ ذلك؟

قال: نعم، يا ربّ! فأحياهم الله.

قال: فأوحى الله أن: قل كذا وكذا.» فقال الّذي أمر الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يقوله.

فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: وهو الاسم الأعظم، فلمّا قال حزقيل ذلك الكلام، نظر إلى العظام: يطير بعضها إلى بعض. فعادوا أحياء. ينظر بعضهم إلى بعض.

يسبّحون الله عزّ ذكره. ويكبّرونه. ويهلّلونه. فقال حزقيل عند ذلك: أشهد أنّ الله على كلّ شيء قدير.

قال عمر بن يزيد: فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: فيهم نزلت هذه الآية(٢) .

وفي مجمع البيان(٣) وسأل زرارة بن أعين(٤) أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن هؤلاء القوم الّذين قال لهم الله موتوا ثمّ أحياهم. فقال: أحياهم حتّى نظر النّاس إليهم، ثمّ أماتهم، أم ردّهم إلى الدّنيا حتّى سكنوا الدّور وأكلوا الطّعام؟

قال: لا. بل ردّهم الله حتّى سكنوا الدّور وأكلوا الطّعام ونكحوا النّساء ومكثوا

__________________

(١) يوجد في المصدر.

(٢) المصدر: فأحيهم. بدل «فأحياهم الله.»

(٣) مجمع البيان ١ / ٣٤٣.

(٤) المصدر: حمران. وأيضا في هامش الأصل (خ ل.)

٣٧٤

بذلك ما شاء الله ثمّ ماتوا بآجالهم.

وفي غوالي اللّئالئ(١) ، عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ حديث طويل، يذكر فيه نيروز الفرس. وفيه: ثمّ أنّ نبيّا من أنبياء بني إسرائيل، سأل ربّه أن يحيي القوم الّذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت. فأماتهم الله. فأوحى إليه أن صبّ الماء في مضاجعهم. فصبّ عليهم الماء في هذا اليوم. فعاشوا. وهم ثلاثون ألفا. فصار صبّ الماء في اليوم النّيروز سنّة ماضية. لا يعرف سببها إلّا الرّاسخون في العلم.

( وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ) :

لمّا بيّن أنّ الفرار من الموت غير منج، أمرهم بالقتال، إذ لو جاء أجلهم ففي سبيل الله، وإلّا فبالنّصر(٢) والثّواب.

( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ ) لما يقول المتخلّف والسّابق،( عَلِيمٌ ) (٢٤٤) بما يضمرانه ومجاز عليهما.

( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ ) :

«من»، استفهاميّة مرفوعة المحلّ بالابتداء. و «ذا»، خبره و «الّذي» صفة «ذا»، أو بدله. و «إقراض الله» مثل لتقديم العمل الّذي يطلب به ثوابه.

( قَرْضاً حَسَناً ) : مقرونا بالإخلاص وطيب النّفس، أو مقرضا حلالا طيّبا.

وقيل(٣) : القرض الحسن، المجاهدة والإنفاق في سبيل الله. [وفي الخبر أنّه صلة الإمام(٤)

،](٥)

وفي من لا يحضره الفقيه(٦) : سئل الصّادق ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ:( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) قال: نزلت في صلة الإمام ـ عليه السّلام.

( فَيُضاعِفَهُ لَهُ ) : فيضاعف جزاءه له أخرجه على صورة المغالبة للمبالغة.

وقرأ عاصم بالنّصب، على جواب الاستفهام، حملا على المعنى. فإنّ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ ) في معنى «أيقرض الله أحد.» وقرأ ابن كثير يضعفه (بالرّفع.) وابن عامر ويعقوب، بالنّصب.

__________________

(١) غوالي اللئالى ٣ / ٤١، ح ١١٦.

(٢) هكذا في النسخ. والظاهر: النصر.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ١٢٨.

(٤) ر تفسير العياشي ١ / ١٣١.

(٥) يوجد في أ، فقط.

(٦) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٤٢، ح ١٨٩.

٣٧٥

( أَضْعافاً كَثِيرَةً ) :

أضعاف، جمع ضعف. ونصبه على الحال من الضّمير المنصوب، أو المفعول الثّاني لتضمّن المضاعفة معنى التّصيير، أو المصدر على أنّ الضّعف اسم المصدر وجمع للتّنويع.

والكثرة من الله. لا يقدّرها إلّا الله.

في كتاب معاني الأخبار(١) حدّثنا [محمد بن](٢) موسى بن المتوكّل قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن أيّوب الخزّاز قال: سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول: لـمّا نزلت(٣) هذه [الآية](٤) على النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله:(٥) ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ) . قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: أللّهمّ زدني.

فأنزل الله ـ عزّ وجل(٦) .( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ) .

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: أللّهمّ زدني.

فأنزل الله ـ عزّ وجلّ:( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً ) . فعلم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّ الكثير من الله لا يحصى وليس له منتهى.

وفي أصول الكافي(٧) : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن عيسى بن سليمان النّخّاس، عن المفضّل بن عمر، عن الخيبريّ ويونس بن ظبيان قالا: سمعنا أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول: ما من شيء أحبّ إلى الله من إخراج الدّراهم إلى الإمام. وأنّ الله ليجعل له الدّرهم في الجنّة مثل جبل أحد. ثمّ قال: إنّ الله يقول في كتابه:( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً ) . قال: هو والله في صلة الإمام، خاصّة.

عدّة من أصحابنا(٨) ، عن سهل بن زياد، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعا، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ

__________________

(١) معاني الأخبار / ٣٩٧ ـ ٣٩٨، ح ٥٤.

(٢) يوجد في المصدر.

(٣) المصدر: إنّما أنزلت.

(٤) يوجد في المصدر.

(٥) النمل / ٨٩.

(٦) الأنعام / ١٦٠.

(٧) الكافي ١ / ٥٣٧، ح ٢.

(٨) نفس المصدر ٢ / ٢٦، ح ٥.

٣٧٦

قال: قلت: فهل للمؤمن فضل على المسلم في شيء من الفضائل والأحكام والحدود وغير ذلك؟

فقال: لا. هما يجريان في ذلك مجرى واحد. ولكنّ للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما وما يتقرّبان به إلى الله ـ عزّ وجلّ.

قلت: أليس الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ) ؟

وزعمت أنّهم مجتمعون على الصّلاة والزكاة والصوم والحجّ مع المؤمن.

قال: أليس قد قال الله ـ عزّ وجلّ:( فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً ) ؟ فالمؤمنون هم الّذين يضاعف الله ـ عزّ وجلّ ـ لهم حسناتهم، لكلّ حسنة سبعون ضعفا. فهذا فضل المؤمن. ويزيده الله في حسناته على قدر صحّة إيمانه، أضعافا كثيرة. ويفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

والمسلم والمؤمن(١) ، كلاهما من أهل الولاية. لكنّ المؤمن أعلى مرتبة. وهو من دخل الإيمان في قلبه بالبرهان. واعتقاده أكمل. وإخلاصه أوفر.

وفي كتاب ثواب الأعمال(٢) : أبي ـ رضي الله عنه ـ قال: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن عمران(٣) بن موسى، عن يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت للصّادق ـ عليه السّلام: ما معنى قول الله ـ تبارك وتعالى:( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً ) ؟

قال: صلة الإمام.

أبي ـ رحمه الله ـ قال(٤) : حدّثنا محمّد بن أحمد، عن عليّ بن الفضل، عن أبي طالب عبد الله بن الصّلت، عن يونس بن عبد الرّحمن، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ مثله.

( وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ ) ، أي: يقتر على بعض ويوسع على بعض، حسب ما اقتضته حكمته.

وقرئ «يبسط»، بالصّاد.

__________________

(١) ر: والمسلم والمؤمن والكافر. (!؟)

(٢) ثواب الأعمال / ١٢٤، ح ١.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ: حمران.

(٤) نفس المصدر / ١٢٥، ذيل ح ١.

٣٧٧

( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (٢٤٥) فيجازيكم على ما قدّمتم.

في كتاب التّوحيد(١) ، بإسناده إلى سليمان بن مهران، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل، يقول ـ عليه السّلام: والقبض من الله تعالى، في موضع آخر المنع. والبسط منه، الإعطاء والتّوسّع(٢) ، كما قال ـ عزّ وجلّ:( وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) ، يعني: يعطي. ويوسّع. ويمنع. ويقبض(٣) .

( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ ) : «الملأ»: جماعة يجتمعون للتّشاور، لا واحد له، كالقوم.

و «من»، للتّبعيض.

( مِنْ بَعْدِ مُوسى ) ، أي: من بعد وفاته.

و «من»، للابتداء.

( إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ) :

قيل(٤) : هو يوشع. وقيل(٥) : شمعون.

وفي مجمع البيان(٦) : اختلف فيه فقيل: إشمويل. وهو بالعربيّة: إسماعيل. (عن أكثر المفسّرين. وهو المرويّ عن أبي جعفر ـ عليه السّلام.)

( ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) : أقم لنا أميرا لننهض معه للقتال.

و «نقاتل» مجزوم على الجواب.

وقرئ بالرّفع، على أنّه حال، أي: مقدّرين القتال. ويقاتل (بالياء) مجزوما على الجواب، ومرفوعا على الوصف لملكا.

( قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا ) :

وقرأ نافع: عسيتم. (بالكسر) و «ألّا تقاتلوا» خبر «عسى.» فصل بينه وبين خبره بالشّرط.

وإدخال «هل» على الفعل المتوقّع، للتّقرير والتّثبيت.

( قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا ) ، أي: أيّ

__________________

(١) التوحيد / ١٦١، ح ٢.

(٢) المصدر: التوسيع.

(٣) المصدر: يضيق. (ظ)

(٤ و ٥) أنوار التنزيل ١ / ١٢٩.

(٦) مجمع البيان ١ / ٣٥٠.

٣٧٨

غرض لنا في التّخلف عن القتال وقد عرض ما يوجبه من الإخراج عن الأوطان والإفراد عن الأولاد؟ وذلك أنّ جالوت ومن معه من العمالقة، كانوا يسكنون ساحل بحر الرّوم، بين مصر وفلسطين. فظهروا على بني إسرائيل. فأخذوا ديارهم. وسبوا أولادهم.

قيل(١) : وأسروا من أبناء الملوك، أربعمائة وأربعين.

( فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ ) :

في كتاب معاني الأخبار(٢) : أبي ـ رحمه الله ـ قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النّعمان، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ:( فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ ) قال: كان القليل ستّين ألفا.

( وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) (٢٤٦): وعيد لهم بترك الجهاد.

( وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً ) :

«طالوت» علم عبريّ، كداود. وجعله فعلوتا من الطّول، يدفعه منع صرفه.

نقل(٣) أنّ نبيّهم ـ عليه السّلام ـ لـمّا دعى الله أن يملّكهم، أتى بعصى يقاس بها من يملك عليهم. فلم يساوها إلّا طالوت.

( قالُوا: أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا ) . [وكانت النّبوّة في ولد لاوي ابن يعقوب والملك في ولد يوسف. وكان طالوت] من ولد بنيامين(٤) ، أخي يوسف لأمّه لم يكن من بيت النبوّة ولا من بيت المملكة.

( وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ ) : وراثة.

( وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ ) لأنّ طالوت كان فقيرا. فنحن أحقّ بالملك منه.

( قالَ ) : النّبيّ ـ عليه السّلام:( إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) (٢٤٧) :

الأوّل أنّ المعتبر اصطفاء الله. وقد اصطفاه عليكم، الثّاني ـ أنّ الشّرط فيه وفور العلم، ليتمكّن من السّياسة وجسامة البدن، ليكون

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ١٢٩.

(٢) معاني الأخبار ١٥١، ح ١.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ١٢٩.

(٤) النسخ: ابن يامين.

٣٧٩

له خطر في القلوب وقوّة على مقاومة العدوّ. وقد زاده الله فيهما.

الثّالث ـ أنّ الله مالك الملك، يؤتي ملكه من يشاء.

الرّابع ـ أنّه واسع الفضل. فيغني الفقير عليم بمن يليق بالملك.

وفي كتاب الاحتجاج(١) ، للطّبرسيّ ـ ره ـ من كلام لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام: اسمعوا ما أتلو عليكم من كتابه المنزل على نبيّه المرسل، لتتّعظوا. فإنّه، والله! [أبلغ](٢) عظة لكم. فانتفعوا بمواعظ الله. وانزجروا عن معاصي الله. فقد وعظكم الله بغيركم، فقال لنبيّه ـ عليه السّلام:( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ ) ـ إلى قوله ـ( وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) . أيّها النّاس! إنّ لكم في هذه الآيات عبرة، لتعلموا أنّ الله جعل الخلافة والأمر من بعد الأنبياء في أعقابهم. وأنّه فضّل طالوت، وقدّمه على الجماعة باصطفائه إيّاه وزيادة بسطة في العلم والجسم. فهل تجدون [أنّ](٣) الله اصطفى بني أميّة على بني هاشم وزاد معاوية عليّ بسطة في العلم والجسم؟

وفي أمالي شيخ الطّائفة(٤) ـ قدس سره ـ بإسناده إلى عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ قال: قلت أربع أنزل الله تعالى تصديقي بها في كتابه ـ إلى قوله عليه السّلام ـ وقلت: قدرا. وقال: قيمة كلّ امرئ ما يحسن. فأنزل الله تعالى في قصّة طالوت:( إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ) .

وفي عيون الأخبار(٥) ، في باب ما جاء عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ في وصف الإمامة والإمام: أنّ الأنبياء والأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ يوفّقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم. فيكون علمهم فوق كلّ علم أهل زمانهم، في قوله عزّ وجلّ(٦) :( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٧) ، وقوله ـ عزّ وجلّ(٨) ـ في طالوت:( إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) .

__________________

(١) الاحتجاج ١ / ٢٥٣.

(٢) يوجد في المصدر.

(٣) يوجد في المصدر.

(٤) أمالي الشيخ ٢ / ١٠٨.

(٥) عيون أخبار الرّضا ١ / ١٧٤، ح ١.

(٦) يونس / ٣٥.

(٧) يوجد في المصدر بعد ذكر هذه الآية: وقوله ـ عزّ وجلّ:( وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) .(البقرة / ٢٦٩)

(٨) البقرة / ٢٤٧.

٣٨٠